بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد العاشر/ القسم السادس: تباهی زیاد ببنوته أبی سفیان من الزنا، وصیة رسول الله للانصار، الخطبة الطا...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

حكم‌ الإسلام‌ الضروري‌ّ في‌ عدم‌ تحقّق‌ النسب‌ بالزنا

 ذلك‌ أنّ النسب‌ لا يتحقّق‌ في‌ الشرع‌ الإسلامي‌ّ بالزنا. ولاتوجد علاقات‌ بُنُوَّة‌ بين‌ الطفل‌ وبين‌ الاب‌ أو الاُمّ الزانية‌. ولابدّ من‌ مواقعة‌ شرعيّة‌ لتحقّق‌ البنوّة‌. وهذا الامر من‌ الاُمور المعلومة‌ بل‌ من‌ ضروريّات‌ الإسلام‌، ولاشبهة‌ ولاتردّد فيه‌ أبداً.

 قال‌ صاحب‌ كتاب‌ « جواهر الكلام‌ »: وكيف‌ كان‌ فلا يثبت‌ النسب‌ مع‌ الزنا إجماعاً بقسميه‌، بل‌ يمكن‌ دعوي‌ ضروريّته‌ فضلاً عن‌ دعوي‌ معلوميّته‌ من‌ النصوص‌ أو تواترها فيه‌. فلو زني‌ ] رجل‌ [ فانخلق‌ من‌ مائه‌ ولد علی‌ الجزم‌، لم‌ ينسب‌ إلیه‌ شرعاً علی‌ وجه‌ يلحقه‌ الاحكام‌؛ وكذا بالنسبة‌ إلی‌ أُمّه‌.[1]

 وعبّرت‌ الروايات‌ عن‌ هذه‌ النطفة‌ المنعقدة‌ من‌ الزنا المسلّم‌ باللُّغْيَة‌ أي‌: إنّ هذا الطفل‌ المولود من‌ الزنا ملغي‌ وباطل‌. وقال‌ في‌ « مجمع‌ البحرين‌ »: لُغْيَة‌ بضمّ اللام‌، وسكون‌ الغين‌ المعجمة‌ وفتح‌ إلیاء التحتانيّة‌ هو المُلْغي‌، أي‌: الطفل‌ المولود من‌ الزنا.[2]

 يقول‌ محمّد بن‌ الحسن‌ القمّي‌ّ: كتب‌ بعض‌ أصحابنا علی‌ يدي‌ إلی‌ أبي‌ جعفر الباقر علیه‌ السلام‌ يسأله‌ عن‌ هذه‌ المسألة‌ بقوله‌:

 ما تقول‌ في‌ رجل‌ فجر بامرأة‌، فحبلت‌؛ ثمّ إنّه‌ تزوّجها بعد الحمل‌ فجاءت‌ بولد، وهو أشبه‌ خلق‌ الله‌ به‌ ؟!

 فكتب‌ بخطّه‌ وخاتمه‌: الوَلَدُ لُغْيَةٌ لا يُورَثُ. [3]

وفي‌ ضوء ذلك‌، لا يتحقّق‌ النسب‌ الشرعي‌ّ للطفل‌ المولود من‌ الزنا سواءً كان‌ من‌ طرف‌ الاب‌، أم‌ من‌ طرف‌ الاُمّ. كما لايتحقّق‌ عنوان‌ النسبيّات‌ السبع‌، من‌ الاُمّ، والبنت‌، والاُخت‌، والعمّة‌، والخالة‌، وبنت‌ الاخ‌، وبنت‌ الاُخت‌ بينه‌ وبين‌ هؤلاء، ولا توارث‌ بينه‌ وبينهم‌. وبصورة‌ عامّة‌، لاينطبق‌ أي‌ّ حكم‌ من‌ الاحكام‌ الواردة‌ في‌ النسب‌ الصحيح‌ علی‌ ولد الزنا إلاّ في‌ نكاح‌ هذه‌ العناوين‌ السبعة‌ الثابتة‌ حرمتها، وذلك‌ لا من‌ منطلق‌ صدق‌ عنوان‌ الاُبُوَّة‌ وَالبُنُوَّة‌ والاُخُوَّة‌ وأمثالها، بل‌ من‌ منطلق‌ الصدق‌ اللُّغوي‌ للولد، الذي‌ يتبعه‌ في‌ النكاح‌؛ فَالإنسان لاَ يَنْكَحُ بَعْضُهُ بَعْضَاً.

 إذَنْ، ينبغي‌ أن‌ نقول‌ بصورة‌ عامّة‌: لا يتحقّق‌ أي‌ّ حكم‌ من‌ أحكام‌ النسب‌ إلاّ حرمة‌ نكاح‌ المحارم‌؛ ولا يبعد جواز النظر إلی‌ المحارم‌ أيضاً، لانّ حرمة‌ نكاح‌ المحارم‌، وجواز النظر إلیها شي‌ء واحد.[4]

 ويمكن‌ استفادة‌ عدم‌ تحقّق‌ النسبة‌ أيضاً من‌ عنوان‌: وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ لانّ قضيّة‌ الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ وإن‌ كانت‌ تحوم‌ حول‌ تنازع‌ وتخاصم‌ صاحب‌ الفراش‌ والزاني‌، بَيْدَ أنّ كلّ فقرة‌ من‌ هاتين‌ الفقرتين‌ مستقلّة‌، وتفيد حكماً منفرداً وحدها، ولها معني‌ يخصّها نفسها. وتشعر عبارة‌ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ أنّ الزاني‌ لا حظّ له‌ من‌ النَّسَب‌ والولد، وينبغي‌ أن‌ يرجم‌ بالحجر في‌ مقابل‌ ادّعائه‌، ولا جواب‌ له‌ إلاّ الحجر بديلاً عن‌ الولد.

 وخال‌ البعض‌ أنّ المراد من‌ الحَجَر هو الرجم‌ الذي‌ يستحقّه‌ الزاني‌ الذي‌ زني‌ محصناً. أي‌: أنّ جوابه‌ وجزاءه‌ الرجم‌، والقتل‌ والدفن‌ تحت‌ وابل‌ الحجارة‌. إلاّ أنّ هذا الظنّ ضعيف‌.

 ذلك‌ أنّ الزنا حينئذٍ يتخصّص‌ بالزنا المحصن‌، ويكون‌ القصد من‌ العاهر: العاهر المُحْصن‌؛ وينبغي‌ تخصيص‌ الفراش‌ بالفراش‌ الذي‌ تحقّق‌ فيه‌ نزاع‌ الزنا المحصن‌، بالاستفادة‌ من‌ قرينة‌ المقابلة‌. وهذا التخصيص‌ بلاوجه‌ ولامُخَصِّص‌. فالفراش‌ باقٍ علی‌ إطلاقه‌، والعاهر يشمل‌ كلّ عاهرٍ محصناً كان‌ أو غيرمحصن‌.

 واستبان‌ من‌ محصّل‌ البحث‌ في‌ هذا القسم‌ أيضاً عدم‌ تحقّق‌ أي‌ّ رابطة‌ من‌ روابط‌ النَّسَب‌ بين‌ زياد وأبي‌ سفيان‌ حتّي‌ لو فرضنا فقدان‌ فراش‌ عبيد، وتيّقنا ولادة‌ زياد من‌ أبي‌ سفيان‌. وحينئذٍ لا يكون‌ معاوية‌ أخاً لزياد.

 وأنّ إعلان‌ معاوية‌ بنوّة‌ زياد لابيه‌ أبي‌ سفيان‌ تمرّد مكشوف‌ علی‌ حكم‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌، بل‌ تمرّد مكشوف‌ علی‌ الإسلام‌، وعلی‌ شخص‌ الرسول‌ المبارك‌. ولهذا جُوبِهَ باحتجاج‌ المسلمين‌ كافّة‌.

 ولم‌ يعبأ معاوية‌ الصفيق‌ المتهتّك‌ بهذا الاحتجاج‌. إذ ظلّ يدعو زياداً بابن‌ أبي‌ سفيان‌ حتّي‌ آخر عمره‌، وطلب‌ في‌ الخطب‌ أن‌ يُدعي‌ بابن‌ أبي‌ سفيان‌. وكان‌ يكتب‌ في‌ رسائله‌: زياد بن‌ أبي‌ سفيان‌. وأدّي‌ إلحاق‌ معاوية‌ زياداً بأبي‌ سفيان‌ إلی‌ شهرة‌ الحديث‌ القائل‌: الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ. وكان‌ هذا الكلام‌ كسائر كلام‌ رسول‌الله‌ قد صدر في‌ قضيّة‌ شخصيّة‌ كانت‌ بين‌ سَعْد بن‌ أبي‌ وقّاص‌ وابن‌ زَمْعَة‌. وينبغي‌ أن‌ يكون‌ في‌ عداد أخبار الآحاد ككثير من‌ كلامه‌، لكنّه‌ صار من‌ الاحاديث‌ المستفيضة‌ والمشهورة‌ بين‌ المحدّثين‌ والمؤرّخين‌. ذلك‌ أنّ قضيّة‌ الإلحاق‌، وهي‌ من‌ الاعمال‌ العجيبة‌ لمعاوية‌، قد وقعت‌ في‌ حياة‌ كثير من‌ الصحابة‌. وقد طعنوا كلّهم‌ علیه‌، لا نّهم‌ كانوا قد سمعوا هذا النصّ الصريح‌ من‌ رسول‌الله‌، وهذا الطعن‌ أحد الطعون‌ الاربعة‌، المعروفة‌ بين‌ جميع‌ المسلمين‌، علی‌ معاوية‌. وهي‌:

 1- ظلمه‌ وبغيه‌ علی‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ االسلام‌.

 2- قتله‌ حجرَ بن‌ عَدِي‌ّ وأصحابه‌ في‌ مرج‌ عذراء بدمشق‌، وكان‌ حجر من‌ صحابة‌ النبي‌ّ الابرار.

 3- إلحاق‌ زياد بأبي‌ سفيان‌.

 4- نصب‌ يزيد حاكماً علی‌ المسلمين‌.

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: قال‌ الحسن‌ البصري‌ّ: ثَلاَثٌ كُنَّ في‌ مُعَاوِيَةَ لَوْ لَمْتَكُنْ فيهِ إلاَّ واحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَكَانَتْ مُوبِقَةً: انْتِزاؤُهُ علی‌ هَذِهِ الاُمَّةِ بِالسُّفَهاءِ حَتَّي‌ ابْتَزَّها أَمْرَهَا، وَاسْتِلْحَاقُهُ زِيَادَاً مُرَاغَمَةً لِقَوْلِ رَسُولِاللَهِ: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ»، وَقَتْلُهُ حُجْرَبْنَ عَدِي‌ٍّ؛ فَيَاوَيْلَهُ مِنْ حُجْرٍ وَأَصْحابِ حُجْرٍ.[5]

 الرجوع الي الفهرس

 تباهي‌ زياد ببنوّته‌ أبي‌ سفيان‌ من‌ الزنا

ومن‌ هنا يتّضح‌ أي‌ّ أشخاص‌ رَقوا منبر النبي‌ّ. ذلك‌ المنبر الذي‌ ينبغي‌ أن‌ يرتقيه‌ علی‌ٌّ وأولاده‌، وأن‌ يكون‌ مناراً لتعريف‌ القرآن‌، وأحكام‌ الإسلام‌، وترويج‌ الحقّ، والقضاء علی‌ الباطل‌. وإذا هو محلّ لإلحاق‌ أولاد الزنا بحكّام‌ الجور والظلم‌، ويصعد علیه‌ أمثال‌ معاوية‌ ليدعوا الناس‌ إلی‌ إضفاء الطابع‌ الرسمي‌ّ علی‌ الزنا؛ وتحقّقت‌ رؤيا النبي‌ّ الاكرم‌ المتمثّلة‌ بنزو القردة‌ علی‌ منبره‌، وهذه‌ القردة‌ هم‌ بنو أُميّة‌. وهم‌ الشجرة‌ الملعونة‌ الوارد ذكرها في‌ القرآن‌ الكريم‌:

 وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالْنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي‌ أَرَيْنَـ'كَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي‌ الْقُرْءَانِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيْدُهُمْ إِلاَّ طُغْيـ'نًا كَبِيرًا.[6]

 أجمعت‌ الروايات‌ في‌ تفسير هذه‌ الآية‌ المباركة‌ علی‌ أنّ المراد من‌ الشجرة‌ الملعونة‌ -أي‌: المغضوب‌ علیها، البعيدة‌ من‌ رحمة‌الله‌- بنو أُميّة‌ الذين‌ صعدوا علی‌ منبر النبي‌ّ ثمانين‌ سنة‌، ودعوا الناس‌ إلی‌ الضلالة‌.

 وليعلم‌ ثانياً أنّ زياد بن‌ عُبَيد -مع‌ ما كان‌ يتمتّع‌ به‌ من‌ الشجاعة‌ والمتانة‌ والرزانة‌ والدراية‌- قد رضي‌ أن‌ يدعو نفسه‌ ابن‌ أبي‌ سفيان‌ من‌ الزنا، ويتباهي‌ بذلك‌ حبّاً للرئاسة‌؛ ذلك‌ أنّ العصر كان‌ عصر الامويّين‌. وكان‌ معاوية‌بن‌ أبي‌ سفيان‌ يُذكَر في‌ الخطب‌ والرسائل‌ في‌ أرجاء العالم‌ الإسلامي‌ّ علی‌ أ نّه‌ أمير المؤمنين‌. وكان‌ لابي‌ سفيان‌، والد مثل‌ هذه‌ الشخصيّة‌، مقام‌ سامق‌ وكريم‌ عند عامّة‌ الناس‌. وكان‌ الفخر ببنوّة‌ مثل‌ هذا الرجل‌ أخ‌ السلطان‌ والحاكم‌ يومئذٍ -وإن‌ كان‌ فيه‌ وصمة‌ عار الزنا- نقطة‌ انعطاف‌ في‌ حياة‌ زياد المتهافت‌ علی‌ الدنيا، الطالب‌ إيّاها، من‌ أجل‌ بروز وظهور ما يخفيه‌ في‌ ضميره‌، وما تنطوي‌ علیه‌ نفسه‌.

 وزياد هذا هو الذي‌ قال‌ لابي‌ مريم‌ السَّلولي‌ّ من‌ علی‌ المنبر: لاتشتم‌ أُمّهات‌ الرجال‌! وقال‌ في‌ أبيه‌ عُبَيْد: أبٌ مَبرُورٌ وَوَالٍ مَشْكُور. وهو الذي‌ كان‌ يكتب‌ في‌ رسائله‌: مِنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي‌ سُفْيَانَ إلی‌ فُلاَنٍ... وبلغ‌ تعدّيه‌ وانتهاكه‌ المنطلِق‌ من‌ حبّ الحكومة‌ والرئاسة‌ أ نّه‌ سمّي‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فاسقاً، وخاطب‌ الإمام‌ الحسن‌ بالحسن‌ ابن‌ فاطمة‌ امتهاناً له‌. وأساء الادب‌ في‌ رسالة‌ بعثها إلی‌ الإمام‌ حتّي‌ أنّ معاوية‌ تعجّب‌ وغضب‌ لمّا أرسل‌ إلیه‌ الإمام‌ تلك‌ الرسالة‌، فأرسل‌ إلی‌ زياد رسالة‌ نابية‌ يعنّفه‌ فيها علی‌ ما كتب‌ به‌ إلی‌ الإمام‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌.[7]

 ويتحصّل‌ ممّا ذكرنا أنّ الإنسان‌ ينبغي‌ أن‌ يراقب‌ أعماله‌ دائماً، ويواظب‌ علی‌ محاسبة‌ نفسه‌ الامّارة‌، ذلك‌ أنّ الاختبار يكشف‌ الذهب‌ الخالص‌ من‌ الزائف‌. وَعِنْدَ الامْتِحَانِ يُكْرَمُ الرَّجُلُ أَوْ يُهَانُ.

 خوش‌ بود گر محك‌ تجربه‌ آيد به‌ ميان‌                       تا سيه‌ روي‌ شود هر كه‌ در او غشّ باشد [8]

 إنّ قصّة‌ طلحة‌ والزبير مع‌ سوابقهما، وحربهما أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ كلّ أُولئك‌ يدعو إلی‌ التفكّر والتأمّل‌ والتمعّن‌. ونقل‌ المؤرّخون‌ ما آل‌ إلیه‌ عبدالله‌بن‌ عبّاس‌ الذي‌ كان‌ وإلیاً علی‌ البصرة‌ من‌ قبل‌ أميرالمؤمنين‌ سـرق‌ المجـوهـرات‌ من‌ بيت‌ المال‌، وفرّ إلی‌ الحجـاز، واشتري‌ ثلاث‌ جوارٍ حِسان‌ بثلاثة‌ آلاف‌ دينار. وذكر المؤرّخون‌ تعنيف‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ إيّاه‌ ومؤاخذته‌ له‌، وأجوبته‌ التافهة‌ بل‌ المسيئة‌ عن‌ رسائل‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌. كلّ ذلك‌ نقله‌ المؤرّخون‌ في‌ كتبهم‌.[9]

 ونفهم‌ من‌ هذا أنّ التشيّع‌ ليس‌ مجرّد كلام‌ لفظي‌ّ واعتراف‌ لساني‌ّ. وإلاّ فقد كان‌ طلحة‌، والزبير، وزياد، وابن‌ عبّاس‌ من‌ شيعة‌ الإمام‌ وأنصاره‌ ولكن‌ عندما انهالت‌ الصفراء، وطرق‌ الاسماع‌ صهيل‌ الخيول‌، وهمهمة‌ الغزاة‌، وقعقعة‌ رايات‌ الرئاسة‌ والحكومة‌، فإنّهم‌ تغيّروا، وعند ذاك‌ يُعْرَفُ من‌ يثبت‌ ممّن‌ ينهار، وتغور قدمه‌ في‌ حفرة‌ الشهوات‌، ويلقي‌ في‌ جهنّم‌. وأنّ حبّ الرئاسة‌، وحسّ الاستعلاء، والخيلاء، والتعلّق‌ بالمال‌ والذهب‌ الاحمر، واجتماع‌ الغواني‌، وسماع‌ الاغاني‌، كلّ ذلك‌ يُعمي‌ ويُصمّ. حُبُّ الشَّي‌ءِ يُعْمي‌ وَيُصِمُّ.

 وكم‌ هو لطيف‌ وجميل‌ تعبير القرآن‌ الكريم‌ عن‌ هذه‌ الحقيقة‌ بصورة‌ عامّة‌.

 لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي‌ سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ.[10]

 « وحياتك‌ أيّها النبي‌ّ! إنّ قوم‌ لوط‌ وأهل‌ الدنيا ضالّون‌ في‌ سكرة‌ الحيرة‌ والغفلة‌ وأهوائهم‌ النفسانيّة‌ ».

 الرجوع الي الفهرس

سجود معاوية‌ عندما نُعي‌ إلیه‌ الإمام‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌

 يقول‌ ابن‌ عبد ربّه‌ الاندلسي‌ّ: لمّا بلغ‌ معاوية‌ موت‌ ( الإمام‌ ) الحسن‌ ( المجتبي‌ ) بن‌ علی‌ّ ( بن‌ أبي‌ طالب‌ )، خرّ ساجداً للّه‌؛ ثمّ أرسل‌ إلی‌ ابن‌عبّاس‌ و ( مَن‌ ) كان‌ معه‌ في‌ الشام‌، فعزّاه‌ وهو مستبشر ( بموت‌ الإمام‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌ ).

 وقال‌ ( معاوية‌ لابن‌ عبّاس‌ ): ابن‌ كم‌ سنة‌ مات‌ أبو محمّد ( الإمام‌ الحسن‌ ) ؟ فقال‌ ( ابن‌ عبّاس‌ ) له‌: سنّه‌ كان‌ يسمع‌ في‌ قريش‌؛ فالعجب‌ من‌ أن‌ يجهله‌ مثلك‌.

 قال‌ ( معاوية‌ ): بلغني‌ أ نّه‌ ترك‌ أطفالاً صغاراً.

 قال‌ ( ابن‌ عبّاس‌ ): كلّ ما كان‌ صغيراً يكبر؛ وإنّ طفلنا لكهل‌؛ وإنّ صغيرنا لكبير. ثمّ قال‌: ما لي‌ أراك‌ يا معاوية‌ مستبشراً بموت‌ الحسن‌بن‌ علی‌ّ ؟ فو الله‌ لاينسأ في‌ أجلك‌! ولا يسدّ حفرتك‌! وما أقلّ بقاءك‌ وبقاءنا بعده‌! ثمّ خرج‌ ابن‌ عبّاس‌، فبعث‌ إلیه‌ معاوية‌ ابنه‌ يزيد، فقعد بين‌ يديه‌، فعزّاه‌ واستعبر لموت‌ الحسن‌؛ فلمّا ذهب‌ أتبعه‌ ابن‌ عبّاس‌ ببصَره‌ وقال‌: إذا ذهب‌ آل‌ حرب‌، ذهب‌ الحلُم‌ من‌ الناس‌.[11]

 أجل‌، إنّ حديث‌ المنزلة‌ الذي‌ نقلنا بعض‌ رواياته‌ في‌ هذا البحث‌ يمنح‌ مقام‌ الوزارة‌ والخلافة‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بالنصّ الصريح‌، ويجعله‌ كالنبي‌ّ. ولو لم‌ تُخْتَم‌ النبوّة‌ برسول‌ الله‌، لحاز أميرالمؤمنين‌ منصب‌ النبوّة‌ أيضاً بلاشكّ وشبهة‌. بَيدَ أنّ كافّة‌ المناصب‌ من‌ خلافة‌ وإمارة‌ وإمامة‌ ووصاية‌ وأُخوّة‌ ثابتة‌ للإمام‌ بمقتضي‌ هذا الحديث‌.

 ونقل‌ المرحوم‌ السيّد هاشم‌ البَحْراني‌ّ في‌ « غاية‌ المرام‌ » عن‌ ابن‌ أبي‌الحديد عين‌ الاستدلال‌ الذي‌ أتي‌ به‌ الشيعة‌ علی‌ ولاية‌ الإمام‌ مستنبَطاً من‌ الآية‌ القرآنيّة‌ وحديث‌ المنزلة‌، وقد نقله‌ بحذافيره‌ قائلاً:

 قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: « والذي‌ يدلّ علی‌ أنّ علیاً علیهِ السَّلاَمُ وزير رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ من‌ نصّ الكتاب‌ والسنّة‌ قول‌ الله‌ تعإلی‌:

 وَاجْعَل‌ لِّي‌ وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي‌ * هَـ'رُونَ أَخِي‌ * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‌* وَأَشْرِكْهُ فِي‌´ أَمْرِي‌.[12]

 وقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ الخبر المجمع‌ علی‌ روايته‌ بين‌ سائر فرق‌ الإسلام‌:

 أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَ نَبِي‌َّ بَعْدِي‌.

 وعلی‌ هذا ثبت‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ جميع‌ مراتب‌ هارون‌ ومنازله‌ من‌ موسي‌، فإذَاً علی‌ٌّ وَزِيرُ رَسُولِ اللَهِ. ولولا أ نّه‌ خاتم‌ النبيّين‌، لكان‌ شريكاً له‌ في‌ أمره‌-انتهي‌ كلام‌ ابن‌ أبي‌ الحديد.

 ثمّ قال‌ المحدّث‌ البحراني‌ّ رحمة‌ الله‌ علیه‌: انظر إلی‌ ما رواه‌ المخالفون‌ في‌ النصّ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ علی‌ خلافة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بعده‌ بالنصّ المجمع‌ علی‌ روايته‌ بين‌ فرق‌ الإسلام‌ كما ذكره‌ ابن‌ أبي‌ الحديد، وذكره‌ غيره‌ أيضاً. وهذا صريح‌ من‌ المخالفين‌ أنّ رسول‌الله‌ ما مات‌ حتّي‌ نصّ علی‌ علی‌ّ بأ نّه‌ الإمام‌ والخليفة‌ والوزير. وهذا عين‌ ما تقوله‌ الشيعة‌.

 لذلك‌ نجد أنّ إنكار النصّ من‌ بعض‌ المخالفين‌ كابن‌ أبي‌ الحديد في‌ بعض‌ المواضع‌ من‌ شرحه‌ علی‌ نهج‌ البلاغة‌ باطل‌، لقيام‌ البرهان‌ علی‌ خلافه‌، واعترافه‌ بالنصّ كما ذكرناه‌ نحن‌ من‌ كلامه‌ هذا من‌ أنّ جميع‌ مراتب‌ هارون‌ ومنازله‌ من‌ موسي‌ هي‌ ثابتة‌ لعلی‌ّ علیه‌ السلام‌، ماعدا النبوّة‌. لانّ رسول‌الله‌ خاتم‌ الانبياء، وإلاّ كان‌ شريكاً له‌ في‌ النبوّة‌. وهذا يقتضي‌ بالصريح‌ من‌ النصّ علی‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ بالإمامة‌ والخلافة‌ والوزارة‌ التي‌ هي‌ مراتب‌ هارون‌ من‌ موسي‌. وهذا واضح‌ بيّن‌ لاخفاء فيه‌ وَاللَهُ يَهْدِي‌ مَنْ يَشَاءُ إلی‌ صِرَاطٍ مُسْتَقيمٍ وَأَعُوذُ بِاللَهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَإلی مِنَ الضَّلاَلَةِ بَعْدَ تَبَيُّنِ الهُدَي‌ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.[13]

 الرجوع الي الفهرس

وصيّة‌ رسول‌ الله‌ للانصار ، وبيان‌ حديث‌ المنزلة‌

 وروي‌ في‌ « غاية‌ المرام‌ » أيضاً عن‌ السيّد الاجلّ أبي‌ القاسم‌ علی‌ّبن‌ موسي‌بن‌ جعفربن‌ طاووس‌ في‌ « الطرائف‌ الثلاث‌ والثلاثين‌ » في‌ النصّ علی‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ بالإمامة‌ والخلافة‌ والوصيّة‌. قال‌: الطرفة‌ العاشرة‌ في‌ تصريح‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ عند الوفاة‌ بخلافة‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ علی‌ الصغار والكبار، وجميع‌ أهل‌ الامصار بمحضر الانصار، عن‌ أبي‌ الحسن‌ موسي‌ بن‌ جعفر، عن‌ أبيه‌ علیهما السلام‌، قال‌: لمّا حضرت‌ رسول‌ الله‌ الوفاة‌ دعا الانصار، وقال‌:

 يَا مَعَاشِرَ الاَنْصَارِ! قد حان‌ الفراق‌؛ وقد دُعيت‌، وأنا مجيب‌ الداعي‌! وقد جاورتم‌ فأحسنتم‌ الجوار! ونصرتم‌ فأحسنتم‌ النصر! وواسيتم‌ في‌ الاموال‌، ووسعتم‌ في‌ المسكن‌! وبذلتم‌ للّه‌ مهج‌ النفوس‌! والله‌ مجزيكم‌ بما فعلتم‌ الجزاء الاوفي‌.

 وبقيت‌ واحدة‌، وهي‌ تمام‌ الامن‌، وخاتمة‌ العمل‌، العمل‌ معها مقرون‌ جميعاً.

 إنّي‌ أري‌ أن‌ لا أفرّق‌ بينهما جميعاً. لو قيس‌ بينهما بشعرة‌ ما انقاست‌.

 من‌ أتي‌ بواحدة‌، وترك‌ الاُخري‌، كان‌ جاحداً للاُولي‌. ولايقبل‌الله‌ منه‌ عملاً من‌ الاعمال‌.

 قال‌ الانصار: يا رسول‌ الله‌! أَبِنْ لنا نعرفها؛ ولا نمسك‌ عنها فنضلّ، ونرتدّ عن‌ الإسلام‌، والنعمة‌ من‌ الله‌ ورسوله‌ علینا؛ فقد أنقذناه‌ الله‌ بك‌ من‌ الهلكة‌! يارسول‌الله‌! قد بلّغتَ! ونصحتَ! وأدّيتَ! وكنتَ بنا رؤوفاً رحيماً شفيقاً مشفقاً! فما هي‌ يا رسول‌الله‌ ؟!

 قَالَ لَهُمْ: كِتَابُ اللَهِ وَأَهْلُ بَيْتِي‌! فَإنَّ الكِتَابَ هُوَ القُرْآنُ؛ فَفِيهِ الحُجَّةُ وَالنُّورُ وَالبُرْهَانُ؛ كَلاَمُ اللَهِ جَدِيدٌ غَضٌّ طَرِي‌ٌّ وَشَاهِدٌ وَحَاكِمٌ عَادِلٌ قَائِدٌ بِحَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ وَأَحْكامِهِ يَقُومُ بِهِ غَدَاً فَيُحَاجُّ بِهِ أَقْوَامَاً فَتَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ عَنِ الصِّرَاطِ.

 فَاحْفَظُوا مَعاشِرَ الاَنْصَارِ فِي‌َّ أَهْلَ بَيْتِي‌ فَإنَّ اللَّطِيفَ الخَبِيِرَ قَالَ: إنَّهُمَا لَنْيَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی‌َّ الحَوْضَ. أَلاَ وَإنَّ الإسلام سَقْفٌ تَحْتَهُ دِعَامَةٌ؛ وَلاَيَقُومُ المُسَقَّفُ إلاَّ بِهَا فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَتَي‌ بِذَلِكَ السَّقْفِ مَمْدُودَاً لاَدِعَامَةَ تَحْتَهُ، لاَوْشَكَ أَنْ يَخِرَّ علیهِ سَقْفُهُ لَهَوَي‌ فِي‌ النَّارِ.

 أَيُّهَا النَّاسُ! الدِّعَامَةُ دِعامَةُ الإسلام، وَذلِكَ قَوْلُ اللَهِ تَعَإلی‌: «إلیهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّـ'لِحُ يَرْفَعُهُ». فَالعَمَلُ الصَّالِحُ طاعَةُ الإمام وَلِي‌ِّ الاَمْرِ وَالتَّمَسُّكُ بِحَبْلِ اللَهِ!

 أَلاَ فَهِمْتُمْ ؟! اللَهَ اللَهَ فِي‌ أَهْلِ بَيْتِي‌! مَصَابِيحُ الظَّلاَمِ، وَمَعَادِنُ العِلْمِ، وَيَنَابِيعُ الحِكَمِ، وَمُسْتَقَرُّ المَلاَئِكَةِ؛ مِنْهُمْ وَصِيِّي‌، وَأَمِينِي‌، وَوَارِثِي‌ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟!

 وَاللَهِ يَا مَعاشِرَ الانْصَارِ! أَلاَ اسْمَعُوا! أَلاَ إنَّ بَابَ فَاطِمَةَ بَابِي‌؛ وَبَيْتُهَا بَيْتِي‌! فَمَنْ هَتَكَهُ هَتَكَ حِجابَ اللَهِ!

 يقول‌ عيسي‌ راوي‌ هذا الحديث‌ عن‌ موسي‌ بن‌ جعفر علیهما السلام‌: فَبَكَي‌ أَبُو الحَسَنِ صَلَوَاتُ اللَهِ علیهِ طَوِيلاَ وَقُطِعَ عَنْهُ بَقِيَّةُ الحَدِيثِ؛ وَأَكْثَرَ البُكَاءَ، وَقَالَ: هُتِكَ حِجَابُ اللَهِ؛ هُتِكَ وَاللَهِ حِجَابُ اللَهِ؛ هُتِكَ وَاللَهِ حِجَابُ اللَهِ؛ يَا أُمّةَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ.[14]

 بَيدَ أنّ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ بيّن‌ كيفيّة‌ هتك‌ الحجاب‌، ولم‌يُقْطَع‌ الحديث‌.

 روي‌ الطبري‌ّ في‌ « دلائل‌ الإمامة‌ » عن‌ محمّدبن‌ هارون‌بن‌ موسي‌ التلعكبري‌ّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ محمّد بن‌ همّام‌، عن‌ أحمد البرقي‌ّ، عن‌ أحمدبن‌ محمّدبن‌ عيسي‌، عن‌ عبد الرحمن‌ بن‌ أبي‌ نجران‌، عن‌ ابن‌ سنان‌، عن‌ ابن‌ مُسكان‌، عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ جعفربن‌ محمّد علیهما السلام‌، قال‌:

 قُبِضَتْ فَاطِمَةُ فِي‌ جُمَادَي‌ الآخِرَةِ يَوْمَ الثَلاَثَاءِ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنْهُ سَنَةَ إحْدَي‌ عَشَرَ مِنَ الهِجْرَةِ؛ وَكَانَ سَبَبُ وَفَاتِهَا أَنَّ قُنْفُذَ مَوْلَي‌ عُمَرَ نَكَزَها [15]بِنَعْلِ[16] السَّيْفِ بِأَمْرِهِ؛ فَأَسْقَطَتْ مُحْسِنَاً وَمَرِضَتْ مِنْ ذَلِكَ مَرَضَاً شَدِيدَاً وَلَمَيَدَعْ أحَدَاً مَمَّنْ آذَاهَا يَدْخُلُ علیها -الحديث‌.[17]

 وذكر سليم‌ بن‌ قيس‌ أنّ عمر عندما ضفط‌ الباب‌ علی‌ الجدار للمرّة‌ الثانية‌ نَادَتْ يَاأَبَتَاهْ! هَكَذَا يَفْعَلُ بِحَبِيبَتِكَ! وَاسْتَعَانَتْ (بِفِضَّةَ) جَارِيَتِها، وَقَالَتْ: لَقَدْ قُتِلَ مَا فِي‌ بَطْنِي‌ مِنْ حَمْلٍ.[18]

 وخرج‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فألقي‌ علیها مُلاءة‌[19] فأسقطت‌ حملاً لستّة‌ أشهر سمّاه‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ محسناً-الحديث‌.[20]

 ومن‌ كان‌ له‌ اطّلاع‌ علی‌ جوامع‌ الحديث‌، ومعرفة‌ بكتب‌ السير والتواريخ‌، فإنّه‌ لايشكّ أنّ عمر قد حمل‌ الحطب‌ إلی‌ باب‌ فاطمها لإحراق‌ بيتها، وكان‌ عمله‌ هذا منطلقاً إمّا من‌ الجدّ أو من‌ التهديد.[21]

 الرجوع الي الفهرس

خطبة‌ الوسيلة‌ وبيان‌ حديث‌ المنزلة‌ بعد أُسبوع‌ من‌ وفاة‌ رسول‌ الله‌

 وخطب‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ المدينة‌ المنوّرة‌ بعد وفاة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ عندما فعل‌ غاصبو الخلافة‌ ما فعلوا، وأنزلوا بالإسلام‌ وأهل‌ بيت‌ النبوّة‌ ما أنزلوا من‌ المصائب‌. وتعرف‌ تلك‌ الخطبة‌ بـخطبة‌ الوسيلة‌. وهي‌ خطبة‌ مفصّلة‌ وفّي‌ الإمام‌ فيها وأحسن‌ وأجمل‌ بذكر المواعظ‌ والنصائح‌ والحكم‌ وبيان‌ الحقيقة‌، والدلالة‌ علی‌ طريق‌ السعادة‌، والتمتّع‌ بجميع‌ المواهب‌ الإلهيّة‌ الدنيويّة‌ والاُخرويّة‌، الجسميّة‌ والروحيّة‌، الظاهريّة‌ والباطنيّة‌، وبيان‌ منزلته‌ ومرتبته‌ وموقعه‌ ودرجته‌ التي‌ لايبلغها نبي‌ّ مرسل‌ وملك‌ مقرّب‌. ولايمكن‌ أن‌ يدور في‌ مخيّلتهما الوصول‌ إلی‌ تلك‌ الذروة‌ العلیا والسنام‌ الاعلی‌. ولو لم‌ يكن‌ للشيعة‌ غير هذه‌ الخطبة‌، لكفي‌ بها في‌ تعريف‌ مدرسته‌ وبيان‌ عظمتها. ولو عرف‌ أهل‌ المدينة‌ يومذاك‌ معناها ومغزاها وحقيقتها، وتركوا شيطنة‌ رؤسائهم‌، وأنكروا ذواتهم‌ بالتضحية‌ والإيثار، وأجابوا دعوة‌ الإمام‌، ووضعوا حكّام‌ الجور والاُمراء والحكّام‌ المنحرفين‌ والمنتهكين‌ في‌ مواضعهم‌، وولّوا الإمام‌ علیهم‌، لنزلت‌ النعمة‌ والبركة‌ والرحمة‌ والعافية‌ والسعادة‌ علیهم‌ من‌ السماء، وتفجّرت‌ من‌ الارض‌، وغمرتهم‌ من‌ أربع‌ جهات‌. ولاتّخذ التأريخ‌ والإسلام‌ والإمامة‌ والقيادة‌ طابعاً آخر. ولنظر الناس‌ إلی‌ أنفسهم‌ في‌ الجنّة‌. ولكن‌ ياللاسف‌ والخسارة‌ والضياع‌ فإنّ الطبيعة‌ الشرِّيرة‌ للإنسان‌ المتوحّش‌ والظالم‌ لاتدعه‌ يخرج‌ من‌ جهنّم‌، ويضع‌ قدمه‌ في‌ مرحلة‌ الحياة‌ الخالدة‌. وقال‌ أُولئك‌ العرب‌ الضيّقي‌ الاُفق‌ للصدّيقة‌ الكبري‌: إنّ ما تقولينه‌ صحيح‌، وهذه‌ المقامات‌ ثابتة‌ لعلی‌ّ، ولكن‌ مضت‌ بيعتنا لهذا الرجل‌ ( أبو بكر ) ولا يمكننا أن‌ نرجع‌ عنها.[22]

 وروي‌ المرحوم‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكليني‌ّ هذه‌ الخطبة‌ كلّها في‌ « روضة‌ الكافي‌ » عن‌ محمّد بن‌ علی‌ّ بن‌ معمر، عن‌ محمّد بن‌ علی‌ّبن‌ عكاية‌ التميمي‌ّ، عن‌ الحسين‌بن‌ نصر الفهري‌ّ، عن‌ أبي‌ عمرو الاوزاعي‌ّ، عن‌ عمروبن‌ شمر، عن‌ جابر بن‌ يزيد. قال‌: دخلت‌ علی‌ الإمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌ وقلت‌: يا ابن‌ رسول‌ الله‌! قد أوجعني‌ وآلمني‌ اختلاف‌ الشيعة‌ في‌ آرائها ومذاهبها!

 فقال‌ الإمام‌: ألا تحبّ أقفك‌ علی‌ معني‌ اختلافهم‌ من‌ أين‌ اختلفوا، ومن‌ أي‌ّ جهة‌ تفرّقوا ؟! قلت‌: بلي‌ يا ابن‌ رسول‌ الله‌! قال‌: فلاتختلف‌ إذا اختلفوا!

 يَا جَابِرُ! إنَّ الجَاحِدَ لِصَاحِبِ الزَّمَانِ كَالجَاحِدِ لِرَسُولِاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي‌ أَيَّامِهِ.

 ياجابر: اسمع‌ وعِ! قال‌ جابر: إذا شئتَ![23]

 قال‌ الإمام‌: اسمع‌ وعِ وبلّغ‌ حيث‌ انتهت‌ بك‌ راحلتك‌!

 الرجوع الي الفهرس

 خطبة‌ الوسيلة‌ وبيان‌ الانحراف‌ عن‌استخلاف‌ رسول‌ الله‌

إنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ خطب‌ الناس‌ بالمدينة‌ بعد سبعة‌ أيّام‌ من‌ وفاة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ وذلك‌ حين‌ فرغ‌ من‌ جمع‌ القرآن‌ وتإلیفه‌، فقال‌: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ مَنَعَ الاَوْهَامَ أَنْ تَنَالَ إلاَّ وُجُودَهُ وَحَجَبَ العُقُولَ أَنْ تَتَخَيَّلَ ذَاتَهُ. وبعد الحمد البليغ‌ والثناء الجميل‌، والصلوات‌ علی‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌، وبيان‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ الدالّة‌ علی‌ إمامته‌. قال‌:

 فَإنَّ اللَهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ امْتَحَنَ بِي‌ عِبَادَهُ، وَقَتَلَ بِيَدِي‌ أَضْدَادَهُ، وَأَفْنَي‌ بِسَيْفِي‌ حُجَّادَهُ؛ وَجَعَلَنِي‌ زُلْفَةً لِلْمُؤمِنِيْنَ؛ وَحِيَاضَ مَوْتٍ علی‌ الجَبَّارِينَ، وَسَيْفَهُ علی‌ المُجْرِمِينَ؛ وَشَدَّ بِي‌ أَزْرَ رَسُولِهِ؛ وَأكْرَمَنِي‌ بِنَصْرِهِ وَشَرَّفَنِي‌ بِعِلْمِهِ؛ وَحَبَانِي‌ بِأَحْكَامِهِ، وَاخْتَصَّنِي‌ بِوَصِيَّتِهِ؛ وَاصْطَفَانِي‌ بِخَلاَفَتِهِ فِي‌ أُمَّتِهِ، فَقَالَ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ حَشَدَهُ المُهَاجِرُونَ وَالاَنْصَارُ وَانْغَصَّتْ بِهِمُ المَحَافِلُ:

 أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّ علیاً مِنِّي‌ كَهَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌! فَعَقَلَ المُؤمِنُونَ عَنِ اللَهِ نُطْقَ الرَّسُولِ، إذْ عَرَفُونِي‌ أَ نِّي‌ لَسْتُ بِأَخِيهِ لاَبِيهِ وَأُمِّهِ؛ كَمَا كَانَ هَارُونُ أَخَا مُوسَي‌ لاَبِيهِ وَأُمِّهِ؛ وَلاَ كُنْتُ نَبِيَّاً فَاقْتَضَي‌ نُبُوَّةً وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِخْلاَفَاً لِي‌ كَمَا اسْتَخْلَفَ مُوسَي‌ هَارُونَ علیهمَا السَّلاَمُ، حَيْثُ يَقُولُ: «اخْلُفْنِي‌ فِي‌ قَوْمِي‌ وَأَصْلِحْ وَلاَتَتَّبِعْ سَبِيْلَ الْمُفْسِدِينَ».[24]

 ثمّ سرد أمير المؤمنين‌ قصّة‌ حجّة‌ الوداع‌ وغدير خمّ وبيان‌ حديث‌ مَنْ كُنْتُ مَولاَهُ فَعلی‌ٌّ مَوْلاَهُ، ونزول‌ آية‌ إكمال‌ الدين‌ وإتمام‌ النعمة‌. وقال‌ بعد بيان‌ تسلّط‌ الشيطان‌ وإغوائه‌ مفصّلاً:

 حَتَّي‌ إذَا دَعَا اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَرَفَعَهُ إلیهِ لَمْيَكُ ذَلِكَ بَعْدَهُ، إلاَّ كَلَمْحَةٍ مِنْ خَفْقَةٍ، أوْ وَمِيضٍ مِنْ بَرْقَةٍ إلی‌ أَنْ رَجَعُوا علی‌ الاَعْقَابِ؛ وَانْتَكَصُوا علی‌ الاَدْبارِ؛ وَطَلَبُوا بِالاَوْتَارِ؛ وَأَظْهَرُوا الكَتَائِبَ، وَرَدَمُوا البَابَ؛ وَفَلُّوا الدِّيَارَ، وَغَيَّرُوا آثَارَ رَسُولِاللَهِ؛ وَرَغِبُوا عَنْ أحْكَامِهِ؛ وَبَعُدُوا مِنْ أَنْوارِهِ، وَاسْتَبْدَلُوا بِمُسْتَخْلَفِهِ بَدِيلاَ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ.

 وَزَعَمُوا أَنَّ مَنِ اخْتَارُوا مِنْ آلِ أَبِي‌ قُحَافَةَ أَوْلي‌ بِمَقَامِ رَسُولِاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِمَّنِ اخْتَارَ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِمَقَامِهِ؛ وَأنَّ مُهَاجِرَ آلِ أَبِي‌ قُحَافَةَ خَيْرٌ مِنَ المُهَاجِرِي‌ِّ الاَنْصَارِي‌ِّ الرَّبَّانِي‌ِّ نامُوسِ هاشِمِبْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

 أَلاَ وَإنَّ شَهَادَةِ زُورٍ وَقَعَتْ فِي‌ الإسلام شَهَادَتُهُمْ أَنَّ صَاحِبَهُمْ مُسْتَخْلَفُ رَسُولِاللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیه‌ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

 وواصل‌ الإمام‌ خطبته‌ حتّي‌ بلغ‌ قوله‌:

 أَلاَ وَإنِّي‌ فِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ كَهَارُونَ فِي‌ آلِ فِرْعَوْنَ وَكَبَابِ حِطَّةٍ فِي‌ بَنِي‌ إْسرَائِيِلَ وَكَسَفِينَةِ نُوحٍ فِي‌ قَوْمِ نُوحٍ!

 إنِّي‌ النَّبَأُ العَظِيمُ، وَالصِّدِّيقُ الاَكْبَرُ وَعَنْ قَلِيلٍ سَتَعْلَمُونَ مَا تُوعَدُونَ!

 وَهَلْ هِي‌َ إلاَّ كَلُعْقَةِ الآكِلِ، وَمَذْقَةِ الشَّارِبِ، وَخَفْقَةِ الوَسْنَانِ؟! ثُمَّ تَلْزَمُهُمُ المَعَرَّاتُ خِزْيَاً فِي‌ الدُّنْيَا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلی‌ أشَدِّ العَذَابِ؛ وَمَااللَهُ بِغَافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ. فَمَا جَزَاءُ مَنْ تَنَكَّبَ مَحَجَّتَهُ؛ وَأَنْكَرَ حُجَّتَهُ وَخَالَفَ هُدَاتَهُ، وَحَادَ عَنْ نُورِهِ، وَاقْتَحَمَ فِي‌ ظُلَمِهِ، وَاسْتَبْدَلَ بِالمَاءِ السَّرَابَ؛ وَبِالنَّعيمِ العَذَابَ، وَبِالفَوزِ الشَّقَاءَ، وَبِالسَّرَّاءِ الضَّرَّاءِ، وَبِالسَّعَةَ الضَّنْكَ، إلاَّ جَزَاءُ اقْتِرَافِهِ وَسُوْءِ خِلاَفِهِ؛ فَلْيُوقِنُوا بِالوَعْدِ َعلی‌ حَقيقَتِهِ! وَلْيَسْتَيْقِنُوا بِمَا يُوعَدونَ!

 يَوْمَ تَأْتِي‌ الصَّيْحَةُ بِالحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الخُرُوجِ؛ «إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي‌ وَنُمَيتُ وَإلینَا الْمَصِيرُ- يَوْمَ تَشَقَّقُ الاْرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَ'لِكَ حَشْرٌ علینَا يَسِيرٌ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ علیهِم‌ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بالْقُرْءَانِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ».[25]

 الرجوع الي الفهرس

الخطبة‌ الطالوتيّة‌ واستياء أمير المؤمنين‌ من‌ تقاعس‌ الناس‌

 وخطب‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ خطبة‌ أُخري‌ بالمدينة‌ أيّام‌ وفاة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌. وتعرف‌ بالخطبة‌ الطالوتيّة‌ لورود كلمة‌ طالُوت‌ فيها.

 وروي‌ الكليني‌ هذه‌ الخطبة‌ أيضاً بسنده‌ المتّصل‌ الآخر عن‌ أَبِي‌ الهَيْثَمَبْنِ التَّيِّهان‌، قال‌: إنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ خطب‌ الناس‌، فقال‌: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ كَانَ حَيَّاً بِلاَ كَيْفٍ. وواصل‌ خطبته‌ في‌ ذكر صفات‌ الربّ، وهي‌ رائعة‌ جدّاً. ويشهد الإمام‌ فيها علی‌ وحدانيّة‌ الله‌، ورسالة‌ نبيّه‌ محمّد صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌. حتّي‌ بلغ‌ قوله‌:

 أَيَّتُهَا الاُمَّةُ الَّتِي‌ خُدِعَتْ فَانْخَدَعَتْ، وَعَرَفَتْ خَدِيْعَةَ مَنْ خَدَعَهَا؛ فَأَصَرَّتْ علی‌ مَا عَرَفَتْ، وَاتَّبَعَتْ أَهْواءَهَا؛ وَضَرَبَتْ فِي‌ عَشْوَاءِ غَوَائِهَا، وَقَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الحَقُ، فَصَدَّتْ عَنْهُ، وَالطَّرِيقُ الوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ.

 أَمَا وَالَّذِي‌ فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوِ اقْتَبَسْتُمُ العِلْمَ مِنْ مَعْدِنِهِ؛ وَشَرِبْتُمُ المَاءَ بِعُذُوبَتِهِ؛ وَادَّخَرْتُمُ الخَيْرَ مِنْ مَوْضِعِهِ وَأَخَذْتُمُ الطَّرِيقَ مِنْ واضِحِهِ وَسَلَكْتُمْ مِنَ الحَقِّ نَهَجَهُ، لَنَهَجَتْ بِكُمُ السُّبُلُ، وَبَدَتْ لَكُمُ الاَعْلامُ؛ وَأَضَاءَ لَكُمُ الإسلام؛ فَأَكَلْتُمْ رَغَدَاً، وَمَا عَالَ فِيكُمْ عَائِلٌ؛ وَلاَظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَلاَمُعَاهِدٌ؛ وَلكِنْ سَلَكْتُمْ سَبِيلَ الظَّلاَمِ؛ فَأَظْلَمَتْ علیكُمْ دُنْيَاكُمْ بِرَحْبِهَا وَسُدَّتْ علیكُم‌ أَبْوابُ العِلْمِ، فَقُلْتُمْ بِأَهْوائِكُمْ وَاخْتَلَفْتُمْ فِي‌ دِينِكُمْ، فَأَفْتَيْتُمْ فِي‌ دِينِ اللَهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَاتَّبَعْتُمُ الغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ وَتَرَكْتُمُ الاَئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ.

 فََأصْبَحْتُمْ تَحْكُمُونَ بِأَهْوَائِكُمْ، إذَا ذُكِرَ الاَمْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإذَا أَفْتَوْكُمْ قُلْتُمْ هُوَ العِلْمُ بِعَيْنِهِ، فَكَيْفَ وَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ، وَنَبَذْتُمُوهُ، وَخَالَفْتُمُوهُ!

 رُوَيْدَاً عَمَّا قَلِيلٍ تَحْصُدُونَ جَمِيعَ مَا زَرَعْتُمْ! وَتَجِدُونَ وَخِيمَ مَا اجْتَرَمْتُمْ! وَمَا اجْتَلَبْتُمْ! وَالَّذِي‌ فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَ نِّي‌ صَاحِبُكُمْ وَالَّذِي‌ بِهِ أُمِرْتُمْ، وَأَ نِّي‌ عَالِمُكُمْ، وَالَّذِي‌ بِعِلْمِهِ نَجَاتُكُمْ؛ وَوَصِي‌ُّ نَبِيِّكُمْ، وَخِيَرَةُ رَبِّكُمْ، وَلِسَانُ نُورِكُمْ وَالعالِمُ بِمَا يُصْلِحُكُمْ؛ فَعَنْ قَلِيلٍ رُوَيْدَاً يَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ وَمَا نَزَلَ بِالاُمَمِ قَبْلَكُمْ وَسَيَسْأَلُكُمُ اللَهُ عَزَّ وَجلَّ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ؛ مَعَهُم‌ تُحْشَرُونَ وَإلی‌ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ غَدَاً تَصِيرُونَ.

 أَمَا وَاللَهِ لَوْ كانَ لِي‌ عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ؛ أَوْ عِدَّةِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَهُمْ أَعْدَادُكُمْ لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّي‌ تَؤُولُوا إلی‌ الحَقِّ وَتُنِيبُوا لِلصِّدْقِ؛ فَكَانَ أَرْتَقَ لِلْفَتْقِ، وَآخَذَ بِالرِّفْقِ. اللَهُمَّ فَاحْكُم‌ بَيْنَنَا بِالحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ.

 وأتمّ الإمام‌ خطبته‌ حتّي‌ هذا الموضع‌، ثمّ خرج‌ من‌ المسجد، فمرّ بصِيرَة‌ [26]فيها نحو من‌ ثلاثين‌ شاة‌، فقال‌: لو أنّ لي‌ رجالاً ينصحون‌ للّه‌ عزّ وجلّ ولرسوله‌ بعدد هذه‌ الشياه‌، لازلت‌ ابن‌ آكلة‌ الذُّبَّان‌ عن‌ مُلكه‌.[27]

 الرجوع الي الفهرس

وصيّة‌ النبي‌ّ لامير المؤمنين‌ بالصبر وتحمّل‌ أذي‌ قريش‌

 قال‌ أبو هيثم‌ بن‌ التيهان‌ راوي‌ هذه‌ الرواية‌: فلمّا أمسي‌، بايعه‌ ثلاثمائة‌ وستّون‌ رجلاً علی‌ الموت‌، لا يتركون‌ نصرته‌. فقال‌ لهم‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: اغدوا بنا إلی‌ أحجار الزَّيت[28]دارعين‌ أو محلّقين‌ رؤوسكم‌. [29]ولبس‌ الإمام‌ حَلْقته‌ أو حلق‌ رأسه‌. ولم‌ يواف‌ من‌ القوم‌ محلّقاً إلاّ أبوذرّ، والمقداد، وحذيفة‌بن‌ إلیمان‌، وعمّار بن‌ ياسر، وجاء سلمان‌ في‌ آخر القوم‌.

 فقال‌ الإمام‌: اللهمّ اشهد أنّ هؤلاء القوم‌ استضعفوني‌ كما استضعف‌ بنو إسرائيل‌ هارون‌.

 اللَهُمَّ فَإنَّكَّ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي‌ وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَي‌ علیكَ شَي‌ءٌ فِي‌ الاَرْضِ وَلاَ فِي‌ السَّماءِ[30] تَوَفَّنِي‌ مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي‌ بالصَّـ'لِحِينَ.[31]

 أما وربّ البيت‌ الحرام‌، وربّ المفضي‌ إلی‌ البيت‌ -المفضي‌ إلی‌ البيت‌ يعني‌ ماسّه‌ بيده‌ وهو النبي‌ّ الاكرم‌- والخفاف‌ والاقدام‌ إلی‌ التجمير بمني‌، لولا عهد عهده‌ إلی‌ّ النبي‌ّ الاُمّي‌ّ، لاوردتُ المخالفين‌ خِلج‌ المنيّة‌، ولارسلت‌ علیهم‌ شآبيب‌ صواعق‌ الموت‌. وعن‌ قليل‌ سيعلمون‌.[32]

 ومن‌ هنا يستبين‌ جيّداً أنّ سبب‌ عدم‌ قيام‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ لاخذ الولاية‌ بعد وفاة‌ رسول‌ الله‌ يتمثّل‌ في‌ وصيّة‌ رسول‌ الله‌ الاكيدة‌ له‌ إذ أوصاه‌ أن‌ لايشهر سيفه‌ عند عدم‌ وجود الناصر والمعين‌، وعند غلبة‌ العدوّ، ذلك‌ أنّ المعارضين‌ مصرّون‌ علی‌ استلاب‌ حقوقه‌، وعزله‌ عن‌ الإمامة‌ والولاية‌. وإذا ما نشبت‌ الحرب‌ بين‌ الطرفين‌، فسيقتل‌ عدد كبير منهما. وحينئذٍ ينتكس‌ الإسلام‌ لا محالة‌. فلهذا ما علیه‌ إلاّ الصبر والتحمّل‌ عند فقدان‌ الناصر والمعين‌.

 روي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ في‌ كتاب‌ «كمال‌ الدين‌ وتمام‌ النعمة‌» عن‌ ابن‌ الوليد، عن‌ ابن‌ الحسن‌ الصفّار، عن‌ يعقوب‌ بن‌ يزيد، عن‌ حمّادبن‌ عيسي‌، عن‌ عمربن‌ أُذَيْنَة‌، عن‌ أبان‌ بن‌ أبي‌ عيّاش‌، عن‌ إبراهيم‌بن‌ عمر إلیماني‌ّ، عن‌ سُلَيم‌بن‌ قَيْس‌ الهِلإلی‌ّ، قال‌: سمعت‌ سلمان‌ الفارسي‌ّ يقول‌: كنت‌ جالساً بين‌ يدي‌ رسول‌الله‌ في‌ مرضه‌ الذي‌ قبض‌ فيه‌، فدخلت‌ فاطمة‌ علیها السلام‌، فلمّا رأت‌ ما بأبيها من‌ الضعف‌، بكت‌ حتّي‌ جرت‌ دموعها علی‌ خدّيها.

 فقال‌ لها رسول‌ الله‌: ما يبكيكِ ؟ قالت‌: يا رسول‌الله‌ أخشي‌ علی‌ نفسي‌ وولدي‌ الضيعة‌ بعدك‌! فاغرورقت‌ عينا رسول‌ الله‌ بالبكاء، ثمّ قال‌: يافاطمة‌! أما علمتِ أ نّا أهل‌ بيت‌ اختار الله‌ لنا الآخرة‌ علی‌ الدنيا ؟ وأ نّه‌ حتم‌ الفناء علب‌ جميع‌ خلقه‌.

 ثمّ فصّل‌ الكلام‌ حول‌ خلق‌ أهل‌ البيت‌، ومقاماتهم‌ ودرجاتهم‌. ومقامات‌ فاطمة‌ ودرجاتها وميزاتها التي‌ خصّها الله‌ بها، ومنها وجود الائمّة‌ الاحد عشر من‌ نسلها، وآخرهم‌ مهدي‌ّ هذه‌ الاُمّة‌.

 ثُمَّ أَقْبَلَ علی‌ علی‌َّ علیهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: يَا أَخِي‌! إنَّكَ سَتَبْقَي‌ بَعْدِي‌ وَسَتَلْقَي‌ مِنْ قُرَيْشٍ شِدَّةً مِنْ تَظَاهُرِهِمْ علیكَ وَظُلْمِهِمْ لَكَ! فَإنْ وَجَدْتَ أَعْوَانَاً فَجَاهِدْهُمْ وَقَاتِلْ مَنْ خَالَفَكَ بِمَنْ وَافَقَكَ! وَإنْ لَمْتَجِدْ أَعْوَانَاً فَاصْبِرْ وَكُفَّ يَدَك‌ وَلاَتُلْقِ بِهَا إلی‌ التَّهْلُكَةِ!

 فَإنَّكَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌، وَلَكَ بِهَارُونَ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ إذِ اسْتَضْعَفَهُ قَوْمُهُ وَكادُوا يَقْتُلُونَهُ؛ فَاصْبِرْ لِظُلْمِ قُرَيْشٍ إيَّاكَ وَتَظَاهُرِهِمْ علیكَ فَإنَّكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ وَمَنْ تَبِعَهُ؛ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ العِجْلِ وَمَنْ تَبَعَهُ. إلی‌ آخر الحديث‌.[33]

 يتحصّل‌ من‌ هذه‌ القرائن‌ القطعيّة‌ أنّ مناوئي‌ علی‌ّ والمبادرين‌ إلی‌ سقيفة‌ بني‌ ساعدة‌، الذين‌ نسوا النبي‌ّ ووفاته‌، وتجهيزه‌ وتكفينه‌، وسارعوا إلی‌ السقيفة‌ طلباً للرئاسة‌، لم‌ يتورّعوا عن‌ ارتكاب‌ أي‌ّ جناية‌ وخيانة‌ من‌ أجل‌ تحقيق‌ مآربهم‌، ولو أدّي‌ ذلك‌ إلی‌ قتل‌ عدد كبير من‌ المسلمين‌ وإراقة‌ دمائهم‌؛ وضياع‌ الإسلام‌ والقرآن‌، ومحو اسم‌ الله‌ ورسوله‌.

 فلهذا نري‌ أنّ القوم‌ زحفوا علی‌ بيت‌ النبوّة‌ لاخذ البيعة‌ من‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ ومرافقيه‌ الذين‌ اعتصموا في‌ بيت‌ فاطمة‌ الزهراء. وانتهك‌ المهاجمون‌ حرمة‌ الزهراء، فصفعوا وجهها، وضربوا متنها بالسوط‌، وضغطوها بين‌ الباب‌ والجدار، حتّي‌ انكسر ضلعها، وسقط‌ جنينها، ووقعت‌ علی‌ الارض‌، ثمّ فارقت‌ الحياة‌ بعد مدّة‌. وفعلوا ما فعلوه‌ لانّ السيّدة‌ الصدّيقة‌ حالت‌ بينهم‌ وبين‌ أخذ علی‌ّ إلی‌ المسجد للبيعة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 مرثيّة‌ آية‌ الله‌ الكمباني‌ّ بالفارسيّة‌ في‌ مصيبة‌ فاطمة‌ الزهراء

وما أروع‌ ما أنشده‌ فخر الفلاسفة‌ والحكماء المتأ لّهين‌ وشيخ‌ الفقهاء والعلماء المعاصرين‌، المرحوم‌ الشيخ‌ محمّد حسين‌ الإصفهاني‌ّ المعروف‌ بالكمباني‌ّ طاب‌ ثراه‌، في‌ هذا المجال‌، فقال‌:

 وَلِلسِّياطِ رَنَّةٌ صَدَاها                          فِي‌ مَسْمَعِ الدَّهْرِ فَما أَشْجاهَا

 وَالاَثَرُ البَاقِي‌ كَمِثْلِ الدُّمْلِجِ                     فِي‌ عَضُدِ الزَّهْرَاءِ أَقْوَي‌ الحُجَجِ

 وَمِنْ سَوادِ مَتْنِهَا اسْوَدَّ الفَضَا                 يَا سَاعَدَ اللَهُ الإمام المُرْتَضَي‌

 وَلَسْتُ أَدْرِي‌ خَبَرَ المِسْمَارِ                         سَلْ صَدْرَهَا خَزَانَةَ الاَسْرَارِ

 وَفِي‌ جَنِينِ المَجْدِ مَا يُدْمِي‌ الحَشَا              وَهَلْ لَهُمْ إخْفاءُ أَمْرٍ قَدْ فَشَا

 وَالبَابُ وَالجِدَارُ وَالدِّمَاءُ                                شُهُودُ صِدْقٍ مَا بِهِ خَفَاءُ

 لَقَدْ جَنَي‌ الجَانِي‌ علی‌ جَنِيْنِها                 فَانْدَكَّتِ الجِبَالُ مِنْ حَنِينِهَا

 وَرَضَّ تِلْكَ الاَضْلُعِ الزَّكِيَّهْ                                    رَزِيَّةٌ مَا مِثْلُهَا رَزِيَّهْ

 وَمِنْ نُبُوعِ الدَّمْعِ مِنْ ثَدْيَيْهَا                      يُعْرَفُ عَظْمُ مَا جَرَي‌ علیهَا

 وَجَاوَزَ الحَدَّ بِلَطْمِ الخَدِّ                            شَلَّتْ يَدُ الطُّغْيَانِ والتَّعَدِّي‌

 فَاحْمَرَّتِ العَيْنُ وَعَيْنُ المَعْرِفَهْ                تَذْرِفُ بِالدَّمْعِ علی‌ تِلْكَ الصِّفَهْ

 وَلاَ يُزيِلُ حُمْرَةَ العَيْنِ سِوَي‌                    بِيضِ السُّيُوفِ يَوْمَ يُنْشَرُ اللِّوَا

 فَإنَّ كَسْرَ الضِّلْعِ لَيْسَ يَنْجَبِرْ                           إلاَّ بِصَمْصَامِ عَزِيزٍ مُقْتَدِرْ

 أَهَكَذَا يُصْنَعُ بِابْنَةِ النَّبِي‌                     حِرْصَاً علی‌ المُلْكِ فَيَا لِلْعَجَبِ [34]

 وكذلك‌ نظم‌ آية‌ الله‌ الاءصفهاني‌ّ الكمباني‌ّ قصيدة‌ رائعة‌ في‌ رثاء السيّدة‌ الصدّيقة‌ سلام‌ الله‌ علیها. وهي‌ قصيدة‌ رائعة‌ جدّاً وتحتوي‌ علی‌ حقائق‌ مختلفة‌. وهذه‌ القصيدة‌ مذكورة‌ في‌ ديوان‌ شعره‌ الفارسي‌ّ. ونكتفي‌ هنا بذكر البندين‌ الاوّلين‌ منها:

 

 تا درِ بيت‌ الحرام‌ از آتش‌ بيگانه‌ سوخت‌            كعبه‌ ويران‌ شد، حريم‌ از سوز صاحبخانه‌ سوخت‌

 شمع‌ بزم‌ آفرينش‌ با هزاران‌ اشك‌ وآه‌                   شد چنان‌، كز دودِ آهش‌ سينة‌ كاشانه‌ سوخت‌

 آتشي‌ در بيتِ معمورِ ولايت‌ شعله‌ زد               تا أبد زان‌ شعله‌، هر معمور وهر ويرانه‌ سوخت‌ [35]

 آه‌ از آن‌ پيمان‌ شكن‌ كز كينة‌ خمّ غدير             آتشي‌ افروخت‌ تا هم‌ خمّ وهم‌ پيمان[36]ه‌ سوخت‌

 ليلي‌ حسن‌ قِدَم‌، چون‌ سوخت‌ از سر تا قدم‌            همچو مجنون‌، عقلِ رهبر را دل‌ ديوانه‌ سوخت‌

 گلشن‌ فرّخ‌ فر توحيد، آن‌ دم‌ شد تباه‌                       كز سُمُومِ شرك‌، آن‌ شاخ‌ گل‌ فرزانه‌ سوخت‌

 گنج‌ علم‌ ومعرفت‌ شد طعمة‌ أفعي‌ صفت                      ‌ تا كه‌ از بيداد دونان‌ گوهر يكدانه‌ سوخت‌

 حاصل‌ باغ‌ نبوّت‌، رفت‌ بر باد فنا                                       خرمني‌ در آرزوي‌ خامِ آب‌ ودانه‌ سوخت‌

 كَرْكَسِ دون‌، پنجه‌ زد بر روي‌ طاوس‌ أزل‌                    عالمي‌ از حسرت‌ آن‌ جلوة‌ مستانه‌ سوخت‌ [37]

 آتشي‌ آتش‌ پرستي‌ در جهان‌ أفروخته‌                              خرمن‌ إسلام‌ ودين‌ را تا قيامت‌ سوخته‌

 سينه‌ اي‌ كز معرفت‌ گنجينة‌ أسرار بود                                  كي‌ سزاوار فشارِ آن‌ در وديوار بود ؟

 طور سيناي‌ تجلي‌ّ، مشعلی‌ از نور شد                            سينة‌ سيناي‌ وحدت‌، مشتعل‌ از نار بود

 نالة‌ بانو زد أندر خرمن‌ هستي‌ شَرَرْ                             گوئي‌ اندر طور غم‌، چون‌ نخل‌ آتشبار بود

 آنكه‌ كردي‌ ماهِ تابان‌ پيش‌ او پهلو تهي‌                                     از كجا پهلوي‌ او را تاب‌ آن‌ آزار بود

 گردش‌ گردون‌ دون‌ بين‌، كز جفاي‌ سامري‌                          نقطة‌ پرگار وحدت‌، مركز مسمار بود [38]

 صورتش‌ نيلي‌ شد از سيلي‌، كه‌ چون‌ سيل‌ سياه‌      روي‌ گيتي‌[39] زين‌ مصيبت‌، تا قيامت‌ تار بود

 شهرياري‌ شد به‌ بند بنده‌ اي‌ از بندگان‌                                آنكه‌ جبريل‌ أمينش‌ بندة‌ دربار بود

 از قفاي‌ شاه‌، بانو بانواي‌ جانگداز                                        تا توانائي‌ به‌ تن‌ تا قوّت‌ رفتار بود

 گر چه‌ بازو خسته‌ شد، وز كار دستش‌ بسته‌ شد                   ليك‌ پاي‌ همّتش‌ بر گنبد دوّار بود

 دست‌ بانو گرچه‌ از دامان‌ شه‌ كوتاه‌ شد                       ليك‌ برگردون‌ بلند از دست‌ آن‌ گمراه‌ شد [40]

 جاء في‌ « مروج‌ الذهب‌ » مانصّه‌: وَلَمَّا قُبِضَتْ فَاطِمَةُ، جَزَعَ علیهَا بَعْلُهَا علی‌ٌّ جَزَعَاً شَدِيدَاً وَاشْتَدَّ بُكَاؤهُ، وَظَهَرَ أَنِينُهُ وَحَنِينُهُ، وَقَالَ فِي‌ ذَلِكَ:

 لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَليلَينِ فُرْقَةٌ                 وَكُلُّ الَّذي‌ دُونَ المَمَاتِ قَليلُ

 وَإنَّ افْتِقَادِي‌ فَاطِمَاً بَعْدَ أَحْمِد             دَلِيلٌ علی‌ أَنْ لاَ يَدُومَ خَلِيلُ [41]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] - «جواهر الكلام‌» للشيخ‌ محمّد حسن‌ النجفي‌ّ. وهو من‌ أفضل‌ الكتب‌ الفقهيّة‌ الشيعيّة‌؛ كتاب‌ النكاح‌، باب‌ عدم‌ إثبات‌ النَّسَب‌ بالزنا، ج‌ 29، ص‌ 256 و 257، الطبعة‌ الحديثة‌.

[2] - «مجمع‌ البحرين‌» للطُرَيحي‌ّ، مادّة‌ لَغَا.

[3] - «وسائل‌ الشيعة‌» كتاب‌ النكاح‌، باب‌ 101، من‌ أبواب‌ أحكام‌ الاولاد، الحديث‌ الاوّل‌.

[4] - قال‌ في‌ «جواهر الكلام‌» بعد بحث‌ كافٍ حول‌ عدم‌ تحقّق‌ النسب‌ بالزنا: وعلي‌ كلّ حال‌ فلاينبغي‌ التأمّل‌ في‌ أنّ مدار تحريم‌ النسبيّات‌ السبع‌ علي‌ اللغة‌. ولا يلزم‌ منه‌ إثبات‌ أحكام‌ النسب‌ في‌ غير المقام‌ الذي‌ ينساق‌ من‌ دليله‌ إرادة‌ الشرعي‌ّ لانتفاء ماعداه‌ فيه‌. وهو قاض‌ بعدم‌ ترتّب‌ الاحكام‌ عليه‌، لانّ المنفي‌ّ شرعاً كالمنفي‌ّ عقلاً كما أومأ إليه‌ النفي‌ باللعان‌. وعلي‌ هذا فما في‌ «القواعد» من‌ الاءشكال‌ في‌ العتق‌ أن‌ ملك‌ الفرع‌، والاصل‌، والشهادة‌ علي‌ الاب‌، والقود به‌، وتحريم‌ الحليلة‌، وغيرها من‌ توابع‌ النسب‌، في‌ غير محلّه‌. وفي‌ «كشف‌ اللثام‌»: كالاءرث‌، وتحريم‌ زوج‌ البنت‌ علي‌ أُمّها، والجمع‌ بين‌ الاُختين‌ من‌ الزنا، أو إحداهما منه‌، وحبس‌ الاب‌ في‌ دين‌ ابنه‌ إن‌ منع‌ منه‌... إلي‌ أن‌ قال‌: والاولي‌ الاحتياط‌ فيما يتعلّق‌ بالدماء أو النكاح‌. وأمّا العتق‌ فالاصل‌ العدم‌ مع‌ الشكّ في‌ السبب‌، بل‌ ظهور خلافه‌، وأصل‌ الشهادة‌ القبول‌.

 ثمّ قال‌ صاحب‌ «جواهر الكلام‌»: قلت‌: لا ينبغي‌ التأمّل‌ في‌ أنّ المتّجه‌ عدم‌ لحوق‌ حكم‌ النسب‌ في‌ غير النكاح‌، بل‌ ستعرف‌ قوّة‌ عدم‌ جريان‌ حكمه‌ فيه‌ أيضاً في‌ المصاهرات‌ فضلاً عن‌ غيرالنكاح‌. بل‌ قد يتوقّف‌ في‌ جواز النظر بالنسبة‌ إلي‌ من‌ حرم‌ نكاحه‌ ممّا عرفت‌.

 لكنّ الاءنصاف‌ عدم‌ خلوّ الحِلّ من‌ قوّة‌ بدعوي‌ ظهور التلازم‌ بين‌ الحكمين‌ هنا، خصوصاً بعد ظهور اتّحادهما في‌ المناط‌. ومن‌ ذلك‌ كلّه‌ يظهر لك‌ أ نّه‌ لاوجه‌ لما في‌ «المسالك‌» من‌ التردّد في‌ أمثال‌ هذه‌ المسائل‌، كما هو واضح‌. («جواهر الكلام‌» ج‌ 29، ص‌ 258 و 259 ).

[5] - «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 16، ص‌ 193.

[6] - الآية‌ 60، من‌ السورة‌ 17: الاءسراء.

[7] - ذكر ابن‌ أبي‌ الحديد رسالة‌ زياد المسيئة‌ إلي‌ الاءمام‌ الحسن‌، وجواب‌ الاءمام‌ عنها. وكذلك‌ نقل‌ رسالة‌ معاوية‌ إلي‌ زياد. وذلك‌ في‌ «شرح‌ النهج‌ البلاغة‌» ج‌ 16، ص‌ 194 و 195.

[8] - وتعريبه‌ «ما أحسن‌ المِحَكَّ في‌ الحياة‌ إذ يفضح‌ من‌ كان‌ سيّي‌ء السريرة‌».

[9] - ذكر ابن‌ عبد ربّه‌ الاندُلسـي‌ّ في‌ «العقد الفريد» ج‌ 3، ص‌ 120 إلي‌ 123، من‌ الطبعة‌الاُولي‌سنة‌ 1331 ه، قصّة‌ خروج‌ عبدالله‌بن‌ عبّاس‌علي‌أميرالمؤمنين‌عليه‌السلام‌ والرسائل‌ التي‌ تبودلت‌ بينهما، وأخيراً فراره‌ من‌ البصرة‌ إلي‌ الحجاز.

[10] - الآية‌ 72، من‌ السورة‌ 15: الحجر.

[11] - «العقد الفريد» ج‌ 3، ص‌ 124 و 125، الطبعة‌ الاُولي‌، سنة‌ 1331 ه

[12] - الآيات‌ 29 إلي‌ 32، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[13] - «غاية‌ المرام‌» ص‌ 126، الحديث‌ المائة‌ عن‌ العامّة‌.

[14] - «غاية‌ المرام‌» ص‌ 144 و 145، الحديث‌ 58 عن‌ الخاصّة‌.

[15] - نكزها، أي‌ ضَرَبَها ودَفَعَها ونَكَّصَها.

[16] - نَعْل‌ السَّيف‌ ما يكون‌ في‌ أسفل‌ غِمْده‌ من‌ حَديد ٍأو فضَّةٍ.

[17] - «دلائل‌ الاءمامة‌» لابي‌ جعفر محمّد بن‌ جرير بن‌ رستم‌ الطبري‌ّ، أحد أعاظم‌ علماء الاءماميّة‌ في‌ القرن‌ الرابع‌، ص‌ 45، الطبعة‌ الثانية‌، النجف‌ الاشرف‌؛ ورواه‌ المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 10، ص‌ 49، طبعة‌ الكمباني‌ّ، عن‌ «دلائل‌ الاءمامة‌».

[18] - «بحار الانوار» ج‌ 8، ص‌ 231؛ وروي‌ المجلسي‌ّ هذا المطلب‌ عن‌ بعض‌ الافاضل‌ في‌ مكّة‌، عن‌ الجزء الثاني‌ من‌ كتاب‌ «دلائل‌ الاءمامة‌» ضمن‌ رواية‌ مفصّلة‌.

[19] - «بحار الانوار» ج‌ 13، ص‌ 205. وخروج‌ أمير المؤمنين‌ من‌ داخل‌ الدار محمرّ العين‌ حاسراً حتّي‌ ألقي‌ ملاءته‌ عليها وضمَّها إلي‌ صدره‌. والملاءة‌ لباس‌ يغطّي‌ الفخذين‌. كما يطلق‌ علي‌ قماش‌ ذي‌ شقّين‌ متضامّين‌ كالمعطف‌ والملحفة‌.

[20] - جاء في‌ «بحار الانوار» ج‌ 13، ص‌ 205، طبعة‌ الكمباني‌ّ، ما نصّه‌: ضرب‌ عمر لها بالسوط‌ علي‌ عضدها حتّي‌ صار كالدملج‌ الاسود، ورَكل‌ الباب‌ برجله‌ حتّي‌ أصاب‌ بطنها وهي‌ حاملة‌ بالمحسن‌ لستّة‌ أشهر وأسقطها إيّاه‌. ورواه‌ في‌ باب‌ ما يقع‌ عند ظهور إمام‌ الزمان‌ برواية‌ المفضّل‌بن‌ عمر، عن‌ بعض‌ مؤلّفات‌ أصحابنا، عن‌ الحسين‌بن‌ حمدان‌، عن‌ محمّدبن‌ إسماعيل‌، وعلي‌ّبن‌ عبدالله‌ حسينين‌، عن‌ أبي‌ شعيب‌ محمّد بن‌ نصر، عن‌ عمربن‌ فرات‌، عن‌ محمّدبن‌ مفضّل‌، عن‌ المفضّل‌ بن‌ عمر، عن‌ الاءمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌. و«تلخيص‌ الشافي‌» ص‌ 415، وعن‌ طبعة‌ النجف‌: ج‌ 13، ص‌ 156.

[21] - ورد في‌ «العقد الفريد» ج‌ 2، ص‌ 197، طبعة‌ سنة‌ 1321 ه: أنّ عمر جاء بقبس‌. والمراد من‌ القبس‌ كما جاء في‌ «القاموس‌» شعلة‌ نار مضرمة‌. ولم‌يشكّ الشريف‌ المرتضي‌ علم‌ الهدي‌ في‌ قضيّة‌ جلب‌ عمر النار إلي‌ باب‌ بيت‌ فاطمة‌ سلام‌ الله‌ عليه‌ كما ذكر ذلك‌ في‌ كتاب‌ «الشافي‌» ص‌ 240 وقال‌: رواها من‌ علماء العامّة‌ من‌ هو غير متّهم‌ عند أهل‌ السنّة‌. كما ذكرها الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ «تلخيص‌ الشافي‌» ج‌ 3، ص‌ 156. ونقلها السيّد ابن‌ طاووس‌ في‌ «الطرائف‌» ص‌ 64، وروي‌ تلك‌ القصّة‌ عن‌ جماعة‌. وذكر ابن‌ طاووس‌ في‌ كتاب‌ «الطرف‌» أحاديث‌ يوصي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فيها بالصبر.

[22] - «الاءمامة‌ والسياسة‌» ص‌ 13، طبعة‌ مطبعة‌ الاُمّة‌ - مصر، سنة‌ 1328 ه

[23] - أي‌ إذا شئتَ يا ابن‌ رسول‌ الله‌ سمعت‌ ووعيت‌، وما أخبرت‌ أحداً من‌ الناس‌. ولمّا ظنّ جابر أنّ مراد الاءمام‌ بقوله‌: وعِ، يعني‌ لا تخبر أحداً من‌ الناس‌، أجابه‌ الاءمام‌ بأن‌ قال‌: اسمع‌ وعِ إلي‌ أن‌ تبلغ‌ بلادك‌. فإذا انتهت‌ بك‌ راحلتك‌ إلي‌ بلادك‌ فبلّغ‌ شيعتنا! وأظهر هذه‌ الحقائق‌!

[24] - الآية‌ 142، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[25] - «روضة‌ الكافي‌» ص‌ 18 إلي‌ 30. وهذه‌ الآيات‌ في‌ آخر الخطبة‌ وهي‌ الآيات‌ الاخيرة‌ من‌ السورة‌ 50: ق‌. ولكن‌ جاء في‌ سورة‌ ق‌ قوله‌: يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ، بدلاً من‌ يوم‌ تأتي‌ الصيحة‌ بالحقّ. وكذلك‌ الآية‌ التي‌ استشهد بها قبل‌ ذلك‌: الآية‌ 85، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌. وما الله‌ بغـ'فل‌ عمّا يعملون‌. ولكن‌ لمّا طبع‌ في‌ نسخة‌ «روضة‌ الكافي‌» عمّا يعلمون‌، وأ نّه‌ لم‌ يرد في‌ القرآن‌: وما الله‌ بغافل‌ عمّا يعملون‌، وأنّ عبارة‌: عمّا يعلمون‌ ليس‌لها معني‌ صحيح‌، فلهذا صحّحناها في‌ المتن‌ كما هي‌ في‌ الآية‌: عمّا يعملون‌.

[26] - صِيرَة‌ بكسر الصاد: حظيرة‌ تتّخذ من‌ الحجارة‌ وأغصان‌ الشجر للغنم‌ والبقر.

[27] - عبّر الاءمام‌ عن‌ أبي‌ بكر بابن‌ آكلةِ الذُّبَّانِ تحقيراً له‌، لا نّهم‌ كانوا في‌ الجاهليّة‌ يأكلون‌ من‌ كلّ خبيث‌.

[28] - أحجار الزيت‌ موضع‌ داخل‌ المدينة‌.

[29] - عبارة‌ الاءمام‌: اغدوا بنا إلي‌ أحْجَار الزَّيت‌ مُحَلِّقين‌. وقال‌ الملاّ صالح‌ المازندراني‌ّ في‌ «شرح‌ أُصول‌ وروضة‌ الكافي‌» ج‌ 11، ص‌ 281: مُحَلِّقِين‌، أي‌: لابسين‌ الحَلْقة‌. والحلقة‌ بسـكون‌ اللام‌ مطلق‌ السـلاح‌ أو الدرع‌ خاصّة‌. ويحتمل‌ أنّ المراد: محلّقين‌ رؤوسـكم‌. ولعلّالاءمام‌ أمرهم‌ بذلك‌ ليصير شعاراً لهم‌، وليخبر مدي‌ طاعتهم‌ وأمتثالهم‌.

[30] - اقتباس‌ من‌ الآية‌ 38، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌: رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي‌ وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَي‌' عَلَي‌ اللَهِ مِن‌ شَيْءٍ فِي‌ الاْرْضِ وَلاَ فِي‌ السَّمَآءِ. وهذا هو دعاء إبراهيم‌ في‌ ساحة‌ القدس‌ الاءلهي‌ّ.

[31] - الآية‌ 101، من‌ السورة‌ 12: يوسف‌. وهذا هو دعاء يوسف‌ في‌ ساحة‌ القدس‌ الاءلهي‌ّ.

[32] - «روضة‌ الكافي‌» ص‌ 31 إلي‌ 33.

[33] - «كمال‌ الدين‌» للصدوق‌، ج‌ 1، ص‌ 262 إلي‌ 264، في‌ فصل‌ نصّ النبي‌ّ علي‌ القائم‌ عليه‌ السلام‌، طبعة‌ مؤسّسة‌ النشر الاءسلامي‌ّ؛ وكتاب‌ «سليم‌بن‌ قيس‌» ص‌ 69 إلي‌ 79 مع‌ اختلاف‌ يسير في‌ اللفظ‌.

[34] - كتاب‌ «وفاة‌ الصدّيقة‌ الزهراء عليها السلام‌» للسيّد عبد الرزّاق‌ الموسوي‌ّ المقرّم‌، ص‌ 36 و 37. واخترت‌ هذه‌ الابيات‌ في‌ هذا الموضع‌ لمناسبة‌ ذكري‌ وفاة‌ الصدّيقة‌ عليها السلام‌. ولكنّ السيّد المقرّم‌ ذكر القصيدة‌ كلّها، وهي‌ مائة‌ وتسعة‌ أبيات‌ في‌ كتابه‌ المشار إليه‌ من‌ ص‌ 126 إلي‌ 131، ومطلعها:

 جوهرة‌ القدس‌ من‌ الكنز الخفي‌ّ بَدَت‌ فأبدت‌ عاليات‌ الاحرفِ

[35] - يقول‌: «احترق‌ باب‌ بيت‌ الله‌ الحرام‌ (بيت‌ فاطمة‌) بنار الاجنبي‌ّ، ودمّرت‌ الكعبة‌ واحترق‌ الحريم‌ بحرقة‌ صاحب‌ الدار (علي‌ّ وفاطمة‌).

 إنّ شمع‌ مجلس‌ الخلق‌ (فاطمة‌) قد ذاب‌ من‌ غزارة‌ الدموع‌ والآهات‌ وبلغ‌ مبلغاً بحيث‌ احترق‌ صدر البيت‌ بفعل‌ دخان‌ آهاته‌.

 تصاعدت‌ ألسنة‌ النار في‌ بيت‌ الولاية‌ المعمور، فاحترق‌ بها كلّ بيت‌ عامر ومخروب‌ إلي‌ الابد».

[36] - جاء في‌ نسخة‌ البدل‌: خمخانه‌.

[37] - يقول‌: «وا لوعتاه‌ من‌ ناكث‌ العهد الذي‌ أو قد ناره‌ حقداً علي‌ غدير خمّ فأحرق‌ الدِّنَّ والصواع‌.

 عندما احترقت‌ ليلي‌ ذات‌ الجمال‌ الازلي‌ّ من‌ رأسها إلي‌ قدمها (بسبب‌ نكث‌ العهد) فإنّها أصبحت‌ كالمجنون‌ (عاشقها) الذي‌ أذهب‌ عقله‌ الموجّه‌ الهادي‌.

 إنّ روضة‌ التوحيد الميمونة‌ قد دُمّرت‌، واحترق‌ غصنها اليانع‌ (الزهراء) بفعل‌ ريح‌ سموم‌ الشرك‌.

 وأصبح‌ كنز العلم‌ والمعرفة‌ فريسة‌ للافاعي‌، واحترقت‌ الجوهرة‌ الفريدة‌ بنار ظلم‌ الطَّغام‌.

 وضاعت‌ ثمرة‌ حديقة‌ النبوّة‌، واحترق‌ البيدر الذي‌ لم‌ تتحقّق‌ أُمنيته‌ في‌ الماء والحبّ.

 وأنشب‌ النسر الوضيع‌ مخالبه‌ في‌ رأس‌ طاووس‌ الازل‌ (الزهراء) واحترق‌ العالم‌ من‌ حسرة‌ ذلك‌ المشهد المدهش‌».

[38] - يقول‌: «لقد أوقد مجوسي‌ّ النار في‌ العالم‌ فأحرق‌ بيدر الاءسلام‌ والدين‌ إلي‌ يوم‌ القيامة‌.

 كيف‌ يُضغط‌ الصدر الذي‌ كان‌ كنزاً لاسرار المعرفة‌ بين‌ الباب‌ والجدار؟

 لقد أصبح‌ طور سينا التجلّي‌ قنديلاً من‌ نور، أمّا صدر سينا الوحدة‌ (الزهراء) فقد اشتعل‌ بالنار.

 إنّ حسرة‌ السيّدة‌ وحرقتها قدحت‌ الشرر في‌ بيدر الوجود، حتّي‌ كأ نّها النخل‌ المشتعل‌ في‌ طور الغمّ.

 إنّ من‌ كان‌ يخجل‌ القمر المنير منه‌ ويستصغر نفسه‌ عنده‌، كيف‌ يطيق‌ ضلعه‌ ذلك‌ الاذي‌؟

 انظر إلي‌ دوران‌ العالم‌ الدني‌ء، وكيف‌ أصبح‌ مدار الوحدة‌ مغرزاً للمسمار بفعل‌ جفاء السامري‌ّ».

[39] - ورد في‌ النسخة‌ البدل‌: گردون‌.

[40] - «ديوان‌ كمپاني‌» ص‌ 42 و 43 - بالفارسيّة‌.

 يقول‌: «ازرقّ وجهها من‌ تلك‌ اللطمة‌، وأظلمّ وجه‌ العالم‌ إلي‌ يوم‌ القيامة‌ من‌ هذه‌ المصيبة‌ فأصبح‌ كالسيل‌ الاسود.

 لقد أصبح‌ الامير أسيراً في‌ قبضة‌ عبد من‌ العباد، وهو الذي‌ كان‌ جبريل‌ الامين‌ عبداً في‌ بلاطه‌.

 وكانت‌ السيّدة‌ خلف‌ الملك‌ بحسرتها الحزينة‌، وظلّت‌ معه‌ ما امتلكت‌ قدرة‌ علي‌ ذلك‌.

 وعلي‌ الرغم‌ من‌ أنّ عضدها كان‌ جريحاً، ويدها كانت‌ مغلولة‌ لكن‌ همّتها كانت‌ عالية‌.

 وإن‌ كانت‌ يد السيّدة‌ قد قصرت‌ من‌ المَلِك‌ (الاءمام‌ أمير المؤمنين‌) لكنّها كانت‌ مرفوعة‌ إلي‌ السماء تدعو علي‌ ذلك‌ الضالّ الذي‌ آذاها».

[41] - «مروج‌ الذهب‌» ج‌ 2، ص‌ 297 و 298، طبعة‌ مطبعة‌ السعادة‌ ـ مصر، 1367 ه

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com