|
|
الصفحة السابقةإخبار الإمام عليه السلام ببقاء معاوية بعدهوروي ابن شـهرآشوب عن عبد الرزّاق، عن أبيـه، عن مينا مولي عبدالرحمنبن عوف، قال: سمع علی عليه السلام ضوضاء في عسكره، فقال: ما هذا؟ فقيل: قُتِل معاوية، فقال: كَلاَّ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، لاَيُقْتَلُ حَتَّي تَجْتَمِعَ عَلَيْهِ الاُمَّةُ. قالوا له: يا أمير المؤمنين! فلم نقاتله؟ قال: أَلْتَمِسُ العُذْرَ بَيْنِي وَبَيْنَ اللَهِ. [1] وروي ابن شهرآشوب أيضاً عن النضر بن شميل، عن عوف، عن مروان الاصفر، قال: قدم راكب من الشام وعليّ عليه السلام بالكوفة، فنعي معاوية. فأُدخل علی عليّ عليه السلام، فقال له: أنت شهدتَ موته؟ قال: نعم، وحثوته عليه. قال: إنّه كاذب. قيل: وما يدريك يا أمير المؤمنين أ نّه كاذب؟ قال: إنّه لايموت حتّي يعمل كذا وكذا أعمالاً عملها في سلطانه. فقيل له: فَلِمَ تقاتله؟ قال: لِلْحُجَّةِ. [2] وذكر ابن شهرآشوب أيضاً عن « المحاضرات » للراغب الإصفهانيّ أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال: لاَ يَمُوتُ ابْنُ هِنْدٍ حَتَّي يُعَلِّقَ الصَّلِيبَ فِي عُنِقِهِ. وقد رواه الاحنف بن قيس، والاعثم الكوفيّ، وأبو حيّان التوحيديّ، وأبو الثلاّج، وجماعة آخرون. فكان كما قال عليه السلام. [3] * * * إخبار الإمام عليه السلام ببيعة ثمانية نفر ضبّاًوروي ابن شهرآشوب أيضاً عن إسحاق بن حسّان، بإسناده عن الاصبغ بن نُباتة، قال: أمرنا أمير المؤمنين عليه السلام بالمسير من الكوفة إلی المدائن. فسرنا يوم الاحد، وتخلّف عنّا عمرو بن حريث، والاشعث ابنقيس، وجريربن عبدالله البَجَلِيّ مع خمسة نفر، فخرجوا إلی مكان بالحيرة يقال له: الخورنق [4] والسدير. [5] فبينا هم جلوس وهم يتغدّون، إذ خرج عليهم ضبّ، فاصطادوه. فأخذه عمرو بن حريث؛ فبسط كفّه، فقال: بايعوا هذا أميرالمؤمنين. فبايعه الثمانية ثمّ أفلتوه وارتحلوا وقالوا: إنّ عليّبن أبيطالب يزعـم أ نّه يعلم الغيب، فقد خلعنـاه وبايعنا مكانه ضبّاً. فقدموا المدائن يوم الجمعة، فدخلوا المسجد، وأميرالمؤمنين عليه السلام يخطب علی المنبر، فقال عليه السلام: إنّ رسولالله صلّيالله عليه وآله أسـرّ إلی حديثاً كثيـراً في كلّ حديث باب يفتـح كلّ باب ألف باب. إنّ الله تعالي يقول في كتابه العزيز: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَـ'مِهِمْ. [6] وأنا أُقسم بالله ليبعثنّ يوم القيامة ثمانية نفر من هذه الاُمّة إمامهم ضبّ. ولو شئتُ أن أُسمّيهم لفعلتُ. فتغيّرت ألوانهم، وارتعدت فرائصهم، وكان عمروبن حريث ينتفض كما تنتفض السعفة جبناً وفرقاً. [7] * * * وروي عن الحسن بن علی عليه السلام في خبر أنّ الاشعثبن قيس الكنديّ بني في داره مئذنة، فكان يرقي إليها إذا سمع الاذان في أوقات الصلوات في مسجد جامع الكوفة، فيصيح من علی مئذنته: يَا رَجُلُ! إنَّكَ لَكَاذِبٌ سَاحِرٌ. وكان أبي يسمّيه: عُنُقُ النَّارِ. وفي رواية: عُرْفُ النَّارِ. فسئل عن ذلك، فقال: إنّ الاشعث إذا حضرته الوفاة، دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء، فتحرقه، فلا يدفن إلاّ وهو فحمة سوداء. فلمّا توفّي، نظر سائر من حضر إلی النار، وقد دخلت عليه كالعنق الممدود من السماء إلی الارض حتّي أحرقته وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور. [8] * * * وروي أبو الجوايز الكاتب عن عليّ بن عثمان، عن المظفّربن حسن الواسطي السلاّل، عن الحسن بن ذكردان، وكان ابن ثلاثمائة وخمس وعشرين سنة قال: رأيتُ عليّاً عليه السلام في النوم، وأنا في بلدي، فخرجتُ إليه إلی المدينة، فأسلمتُ علی يده، وسمّاني الحسن. وسمعتُ منه أحاديث كثيرة، وشهدتُ معه مشاهده كلّها. فقلتُ له يوماً من الايّام: يا أميرالمؤمنين! ادعُ الله لي. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا فارسيّ! إنّك ستُعمِّر، وتُحملُ إلی مدينة يبنيها رجل من بني عمّي العبّاس تُسـمّي في ذلك الزمـان: بغداد، ولاتصل إليها. تموت بموضع يقال له: المدائن. فكان كما قال ليلة دخل المدائن مات. [9] روي مسـعدةبن اليسـع عن الصـادق عليه السـلام في خبـر أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام مرّ بأرض بغداد، فقال: ما تُدعي هذه الارض؟ فقالوا: بغداد. قال: نعم، تبني ها هنا مدينة وذكر وصفها. [10] ويقال: إنّه وقع من يده سوط، فسأل عن أرضها، فقالوا: بغداد. فأخبر أ نّه يبني ثمّ مسجد يقُال له: مسجد السَّوْط. [11] إخبار الإمام عليه السلام بطول عمر أبي الدنياوجاء في « تاريخ بغداد » أ نّه قال المفيد أبو بكر الجرجانيّ: ولد أبو الدُّنيا في أيّـام أبي بكـر، وأ نّه قال: إنّـي خـرجت مـع أبـي للقـاء أميرالمؤمنين عليه السلام. فلمّا صرنا قريباً من الكوفة، عطشنا عطشاً شديداً. فقلتُ لوالدي: اجلس حتّي أدور لك الصحراء فلعلّي أقدر علی ماء. فقصدتُ إليه، فإذا أنا ببئر شبه الركيّة أو الوادي ( بئر واسعة الفوهة أو حفرة بين جبلين ). فاغتسلتُ وشربت منه حتّي رويت. ثمّ جئتُ إلی أبي، فقلتُ: قم، فقد فرّج الله عنّا، وهذه عين ماء قريب منّا. ومضينا، فلمنر شيئاً. فلميزل يضطرب حتّي مات ودفنتُه. وجئتُ إلی أمير المؤمنين عليه السلام، وهو خارج إلی صفّين، وقد أُخرِجَتْ له البغلة. فجئتُ ومسكتُ له بالركاب، والتفتَ إليَّ. فانكببتُ أُقبِّل الركاب، فشجّت في وجهي شجّة، قال أبو بكر المفيد: ورأيتُ الشجّة في وجهه واضحة. ثمّ سألني ( أميرالمؤمنين عليه السلام ) عن خبري، فأخبرته بقضيّتي. فقال: عين لم يشرب منها أحد إلاّ وعمَّر عمراً طويلاً. فأبشر، فإنّك ستعمّر، وسمّاني المُعَمَّر. وهو الذي يُدعي بالاشَجّ. وذكر الخطيب: أ نّه قدم بغداد في سنة ثلاثمائة، وكان معه شيوخ من بلده، فسألوا عن هذا الرجل. فقالوا: هو مشهور عندنا بطول العمر، وقد بلغني أ نّه مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. ونحو ذلك ذكر شيخنا في « الامالي » ( أمالي الطوسيّ ) وفاته. [12] * * * وروي ابن شهرآشوب عن الاعمش بروايته عن رجل من هَمْدان، قال: كنّا مع علی عليه السلام بصفّين، فهزم أهل الشام ميمنة العراق. فهتف بهم مالك الاشتر ليتراجعوا. فجعل أميرالمؤمنين عليه السلام يقول لاهل الشام: يَا أَبَا مُسْلِمٍ خُذْهُمْ، ثلاث مرّات. فقال الاشتر: أوَ ليس أبومسلم معهم؟ قال: لستُ أُريد الخولانيّ. وإنّما أُريد رجلاً يخرج في آخر الزمان من المشرق يهلك الله به أهل الشام، ويسلب عن بني أُميّة ملكهم. [13] ومن الواضح أنّ مراد الإمام عليه السلام هو أبومسلم الخراسانيّ الذي نهض في خراسان بدعم العلويّين وأهل بيت رسول الله. وقضي علی الامويّين. إخبار الإمام عليه السلام عن أهل إصفهان، وتحدّثه بلغتهموروي في « الخرائج والجرائح » لابن الراونديّ، عن ابن مسعود أ نّه قال: كنتُ قاعداً عند أميرالمؤمنين عليه السلام في مسجد رسول الله، إذ نادي رجل: من يدلّني علی من آخذ منه علماً؟ قلتُ له: يا هذا، هل سـمعت قول النبيّ صلّي الله عليـه وآله: أَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا؟ فقال: نعم. قلتُ: وأين تذهب وهذا عليّبن أبيطالب؟! فانصرف الرجل، وجثا بين يديه، فقال له الإمام: من أيّ البلاد أنتَ؟ قال: من إصفهان. قال له: اكتب: أَمْلَي علی بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ أَهْلَ إصْفَهَانَ لاَ يَكُونُ فِيهِمْ خَمْسُ خِصَالٍ: السَّخَاوَةُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالاَمَانَةُ، وَالغيرَةُ، وَحُبُّنَا أهْلَ البَيْتِ. قال الرجل: زدني يا أمير المؤمنين. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام بلسان إصفهان: « اروت اين وِسِ » أي: اليوم حسبك هذا. قال المجلسيّ بعد ذكر هذا الحديث: كان أهل إصفهان في ذلك الزمان إلی أوّل استيلاء الدولة القاهرة الصفويّة أدام الله بركاتهم من أشدّ النواصب. والحمد للّه الذي جعلهم أشدّ الناس حبّاً لاهل البيت عليهم السلام، وأطوعهم لامرهم، وأوعاهم لعلمهم، وأشدّهم انتظاراً لفرجهم. حتّي أ نّه لا يكاد يوجد من يتّهم بالخلاف في البلد. ولا في شيء من قراه القريبة أو البعيدة. وببركة هذه الدولة تبدّلت الخصال الاربع فيهم أيضاً. رزقنا الله وسائر أهل هذه البلاد نصر قائم آل محمّد عليه السلام، والشهادة تحت لوائه. وحشرنا معهم في الدنيا والآخرة. [14] إخبار الإمام عليه السلام عن مسجد براثاوروي ابن شهرآشوب عن الحارث الاعور ( الهمدانيّ )، وعمروبن الحريث، وأبي أيّوب عن أمير المؤمنين عليه السلام أ نّه لمّا رجع من وقعة الخوارج، نزل يُمْنَي السواد ( القسم الايمن من أرض العراق ). فقال له راهب ] كان هناك [: لاينزل هاهنا إلاّ وصيّ نبيّ يقاتل في سبيل الله. فقال علی عليه السلام: فَأَنَا سَيِّدُ الاَوْصِيَاءِ، وَصِيُّ سَيِّدِ الاَنْبِيَاءِ. قال ] الراهب [: فَإذاً أَنْتَ أَصْلَعُ قُرَيْشٍ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ. خُذ علی الإسلام فإنّي وجدتُ في الإنجيل نعتك، وأنت تنزل مسجد براثا ببيت مريم وأرض عيسي. قال أمير المؤمنين عليه السلام: فاجلس يا حُباب! قال ] الراهب [: وهذه دلالة أُخري. ثمّ قال ] أمير المؤمنين عليه السلام [: فانزل ياحُباب من هذه الصومعة. وابن هذا الدير مسجداً. فبني حُباب الدير مسجداً. ولحق أميرالمؤمنين ] عليه السلام [ إلی الكوفة، فلم يزل بها مقيماً، حتّي قتل أميرالمؤمنين ] عليه السلام [، فعاد حُباب إلی مسجده ببراثا. وفي رواية أنّ الراهب قال: قرأتُ أ نّه يصلّي في هذا الموضع إيليا وصيّ البار قُليطا محمّد نبيّ الاُمّيين الخاتم لمن سبعة من أنبياء الله ورسله ـفي كلام كثيرـ: فَمَنْ أَدْرَكَهُ فَلْيَتَّبِعِ النُّورَ الَّذِي جَاءَ بِهِ. ( القصد من النور المذكور هو أميرالمؤمنين عليه السلام ). ألا وإنّه يغرس في آخر الايّام بهذه البقعة شجرة لايفسد ثمرها. وفي رواية زاذان قال أميرالمؤمنين عليه السلام: ومن أين شُربك؟ قال: من دجلة. قال: ولِمَ لَمْ تحفر عيناً تشرب منها؟ قال: قد حفرتها وخرجت مالحة. قال: فاحتفر الآن بئراً أُخري. فاحتفرَ الراهب، فخرج ماؤها عذباً. فقال: ياحُباب! ليكن شربُك من هاهنا. ولايزال هذا المسجد معموراً. فإذا خرّبوه وقطعوا ] الـ [ نخلة، حلّت بهم ( أو بالناس ) داهية. وفي رواية محمّد بن القيس: فأتي أمير المؤمنين عليه السلام موضعاً من تلك الملبّة [15] فركلها برجله، فانبجست عين خرّارة فقال: هذه عين مريم. ثمّ قال: فاحتفِروا ها هنا سبعة عشر ذراعاً ( قُرابة ثمانية أمتار ونصف )، فاحتفَروا، فإذا صخرة بيضاء، فقال: ها هنا وضعت مريم عيسي من عاتقها، وصلّت هاهنا. فنصب أمير المؤمنين عليه السلام الصخرة، وصلّي إليها، وأقام هناك أربعة أيّام. وفي رواية الباقر عليه السلام ] أنّ أمير المؤمنين عليه السلام [ قال: هذه عين مريم التي أُنبعت لها. واكشفوا ها هنا سبعة أذرع، فكشف، فإذا صخرة بيضاءـالخبر. وفي رواية: هذا الموضع المقدّس صلّي فيه الانبياء. وقال أبوجعفر ] الباقر [ عليه السلام: ولقد وجدنا أ نّه صُلّي فيه قبل عيسي. وفي رواية: صلّي فيه ] إبراهيم [ الخليل. وروي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام صاح: يا بئر! ـبالعبرانيّـ قرب إليّ. فلمّا عبر ] الإمام [ من المسجد، وكان فيه عوسج وشوك عظيم، فانتضي سيفه، وكسح ذلك كلّه، وقال: إنّ هاهنا قبر نبيّ من أنبياءالله. وأمر الشمـس أن ارجعي، فرجعتْ. وكان معه ثلاثة عشـر رجلاً من أصحابه. فأقام القبلة بخطّ الاستواء وصلّي إليها. وأنشد العونيّ في وصف مسجد براثا وخصوصيّاته قائلاً: وَقُلْتَ: بَرَاثَا كَانَ بَيْتاً لِمَرْيَمٍ وَذَاكَ ضَعِيفٌ فِي الاَسَانِيدِ أَعْوَجُ وَلَكِنَّهُ بَيْتٌ لِعِيسَي ابْنِ مَرْيَمٍ وَلِلاْنْبِيَاءِ الزُّهْرِ مَثْوَيً وَمَدْرَجُ وَلِلاْوْصِيَاءِ الطَّاهِرِينَ مَقَامُهُمْ عَلَي غَابِرِ الاَيَّامِ وَالحَقُّ أَبْلَجُ بِسَبْعِينَ مُوصيً بَعْدَ سَبْعِينَ مُرْسَلٍ جِبَاهُهُمْ فِيهَا سُجُوداً تَشَحَّجُ وَآخِرُهُمْ فِيهَا صَلاَةً إمَامُنَا علی بِذَا جَاءَ الحَدِيثُ المُنَهَّجُ [16] * * * أخبار غيبيّة في شقّ الارض وانبجاس الماء في طريق صفینومن جملة إخبار الإمام عليه السلام بالغيب حادثة وقعت مع راهب نصرانيّ في طريق صفّين إذ فلق الإمام صخرة فانبجس منها الماء. ونقل كبار أهل السير والتأريخ والحديث هذه القضيّة، كما ذكرها الخطيب في « تأريخ بغداد ». ونحن ذكرناها أيضاً في الجزء الرابع، الدرس 46 إلي51 من كتابنا هـذا: « معرفة الامـام ». [17] وننقلها فيما يأتي بنحـو مفصّل عن « الإرشاد » للمفيد رحمه الله تعالي: قال المرحوم المفيد: فصلٌ: ومن ذلك ( أي من إخباره عليه السلام بالغائبات ) ما رواه أهل السير، واشتهر الخبر به في العامّة والخاصّة، حتّي نظمه الشعراء، وخطب به البلغاء، ورواه الفهما ء والعلماء من حديث الراهب بأرض كربلاء، والصخرة. وشهرته تُغني عن تكلّف إيراد الإسناد له. وذلك أنّ الجماعة روت أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لمّا توجّه إلی صفّين، لحق أصحابه عطش شديد ونفد ما كان عندهم من الماء. فأخذوا يميناً وشمالاً يلتمسون الماء، فلم يجدوا له أثراً. فعدل بهم أميرالمؤمنين عليه السلام عن الجادّة، وسار قليلاً، فَلاحَ لهم دَيْرٌ في وسط البرّيّة، فسار بهم نحوه، حتّي إذا صار في فِنائه، أمر من نادي ساكنه بالاطّلاع إليهم. فنادوه، فاطّلع. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هل قُرب قائمك هذا ماء يتغوّث به هؤلاء القوم؟ فقال ] الراهب [: هيهات. بيني وبين الماء أكثر من فرسخين، وما بالقرب منّي شيء من الماء، ولولا أ نّني أُوتي بماء يكفيني كلّ شهر علی التقصير، لتلفتُ عطشاً. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أسمعتم ما قال الراهب؟ قالوا: نعم، أفتأمرنا بالمسير إلی حيث أومأ إليه لعلّنا ندرك الماء وبنا قوّة! فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: لا حاجة بكم إلی ذلك. ولو عنق بغلته نحو القبلة، وأشار لهم إلی مكان يقرب من الدير، فقال: اكشفوا الارض في هذا المكان. فعدل منهم جماعة إلی الموضع فكشفوه بالمساحي، فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع. فقالوا: يا أمير المؤمنين، هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي. فقال لهم: إنّ هذه الصخرة علی الماء. فإن زالت عن موضعها، وجدتم الماء، فاجتهدوا في قلعها فاجتمع القوم وراموا تحريكها، فلميجدوا إلی ذلك سبيلاً، واستصعبت عليهم. فلمّا رآهم عليه السلام قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة، فاستعصبت عليهم، لوي عليه السلام رجله عن سرجه حتّي صار علی الارض، ثمّ حَسَرَ عن ذراعيه، ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحرّكها، ثمّ قلعها بيده ودحا بها أذرعاً كثيرة. فلمّا زالت عن مكانها، ظهر لهم بياض الماء، فبادروا إليه فشربوا منه. فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه. فقال لهم ] الإمام [: تزوّدوا وارتووا. ففعلوا ذلك. ثمّ جاء إلی الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانت. وأمر أن يعفي أثرها بالتراب. والراهب ينظر من فوق ديره. فلمّا استوفي علم ما جري، نادي: أَيُّهَا النَّاسُ! أَنْزِلُونِي فاحتالوا في إنزاله. فوقف بين يدي أميرالمؤمنين عليه السلام، فقال له: يا هذا أَنْتَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؟ قال: لا. قال: فَمَلَكٌ مُقَرَّبٌ؟ قال: لا. قال: فَمَنْ أَنْتَ؟ قال: وَصِيُّ رَسُولِ اللَهِ مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللَهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ. قال: ابسُطْ يدكَ أُسلمُ للّه تبارك وتعالي علی يديك. فبسط أميرالمؤمنين عليه السلام يده، وقال له: اشهَدِ الشَّهادتين. إسلام الراهب لمشاهدته معجزات الإمام عليه السلامفقال ] الراهب [: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَشْهَدُ أَ نَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَهِ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالاَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ. فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام عليه شرائط الإسلام، ثمّ قال: مَا الَّذِي دَعَاكَ إلی الإسلام بَعْدَ طُولِ مُقَامِكَ فِي هَذَا الدَّيْرِ علی الخِلاَفِ؟ فقال: أُخْبرك يا أميرالمؤمنين إنّ هذا الدير بُني علی طلب قالع هذه الصخرة ومُخرج الماء من تحتها. وقد مضي عالَم قبلي فلم يدركوا ذلك. وقد رزقنيه الله عزّ وجلّ. إنّا نجد في كتاب من كتبنا ونأثُرُ عن علمائنا أنّ في هذا الصقع عيناً عليها صخرة لا يعرف مكانها إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ. وأ نّه لابدّ من وليّ للّه يدعو إلی الحقّ آيته معرفة مكان هذه الصخرة وقدرته علی قلعها. وإنّي لمّا رأيتُكَ قد فعلتَ ذلك، تحقّقتُ ما كنّا ننتظره وبلغتُ الاُمنية منه. فأنا اليوم مسلم علی يدك، ومؤمن بحقّك، ومولاك ( أي: أُقِرّ بولايتك علی نفسي وشؤوني ). ولمّا سمع ذلك أميرالمؤمنين عليه السلام بكي حتّي اخضلّت لحيته من الدموع، وقال: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ أكُنْ عِنْدَهُ مَنْسِيّاً. الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كُنْتُ فِي كُتُبِهِ مَذْكُوراً. ثمّ دعا الناس فقال لهم: اسمعوا ما يقول أخوكم هذا المسلم. فسمعوا حالته، وكثر حمدهم للّه وشكرهم علی النعمة التي أنعم بها عليهم في معرفتهم بحقّ أميرالمؤمنين عليه السلام. ثمّ ساروا والراهب بين يديه في جملة أصحابه حتّي لقي أهل الشام. وكان الراهب من جملة من استشهد معه. فتولّي عليه السلام الصلاة عليه، ودفنه، وأكثر من الاستغفار له. وكان إذا ذكره يقول: ذَاكَ مَوْلاَيَ ( أي مَن عندي ولايته، فلاحجاب بيني وبينه إلاّ من ماهيّة وأنيّت ذاتي وذاته ). [18] ذكر الشـيخ المفيد هذا الخبر بنفـس الالفاظ التي نقلناها، ثمّ قال: وفي هذا الخبر ضروب من المعجز: أحدها: علم الغيب، والثاني: القوّة التي خرق العادة بها، وتميّز بخصوصيّتها من الانام، مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الاُولي. وذلك مصداق قوله تعالي: ذَ ' لِكَ مَثَلَهُمْ فِي التَّوْرَب'ةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ. [19] قصيدة الحميريّ في القصّة الماضيةوفي ذلك قال إسماعيل بن محمّد الحميريّ رحمه الله في قصيدته البائيّة المذهّبة: وَلَقَدْ سَرَي فِيمَا يَسِيرُ بِلَيْلَة بَعْدَ العِشَاءِ بِكَرْبِلاَ فِي مَوْكِبِ حَتَّي أَتي مُتَبتِّلاً فِي قَائِمٍ أَلْقَي قَوَاعِدَهُ بِقَاعٍ مُجْدِبِ يَأْتِيهِ لَيْسَ بِحَيْثُ يَلْقَي عَامِراً غَيْرَ الوُحُوشِ وَغَيْرِ أَصْلَعَ أَشْيَبِ فَدَنَي فَصَاحَ بِهِ فَأَشْرَفَ مَاثِلاً كَالنَّسْرِ فَوْقَ شَظِيَّةٍ مِنْ مَرْقَبِ هَلْ قُرْبَ قَائِمِكَ الَّذِي بَوَّأْتَهُ مَاءٌ يُصَابُ فَقَالَ: مَا مِنْ مَشْرَبِ إلاَّ بِغَايَةِ فَرْسَخَيْنِ وَمَنْ لَنَا بِالمَاءِ بَيْنَ نُقيً وَرِقيٍّ سَبْسَبِ فَثَنَي الاَعِنَّةَ نَحْوَ وَعْثٍ فَاجْتَلَي مَلْسَاءَ تَبْرُقُ كَاللُّجَيْنِ المَذْهَبِ قَالَ اقْلِبُوهَا إنَّكُمْ إِنْ تَقْلِبُوا تُرْوَوْا وَلاَ تُرْوَوْنَ إِنْ لَمْ تُقْلَبِ فَاعْصَوْ صَبُوا فِي قَلْعِهَا فَتَمنَّعَتْ مِنْهُمْ تَمَنُّعَ صَعْبَةٍ لَمْ تُرْكَبِ حَتَّي إِذَا أَعيَتْهُمُ أَهْوَي لَهَا كَفَّاً مَتَي تَرِدِ المَغَالِبَ تُغْلَبِ فَكَأَ نَّهَا كُرَةٌ بِكَفِّ حِزَوَّرٍ عَبَلَ الذِّرَاعِ دَحَي بِهَا فِي مَلْعَبِ فَسَقَاهُمُ مِنْ تَحْتِهَا مُتَسَلْسِلاً عَذْباً يَزِيدُ علی الاَلَذِّ الاَعْذَبِ حَتَّي إِذَا شَرِبُوا جَمِيعاً رَدَّهَا وَمَضَي فَخَلَتْ مَكَانَهَا لَمْ يُقْرَبِ [20] لمّا سار أمير المؤمنين عليه السلام من الكوفة إلی صفّين اختار طريقاً يَبَساً، لا طريقاً مائيّاً بمحاذاة شطّ الفرات. فلهذا عطش جنوده. هذا من جهة، ومن جهة أُخري لمّا كان طريق الكوفة إلی الشام يمرّ من كربلاء، لذلك حدثت قصّة الراهب والصخرة وعين الماء في هذا المكان. وفي ضوء هذا كلّه، نظم السيّد الحميريّ قصيدته. وقال السيّد الحميريّ بعد هذه الابيات: أعْنِي ابْنَ فَاطِمَةَ الوَصِيَّ وَمَنْ يَقُلْ فِي فَضْلِهِ وَفَعَالِهِ لَمْ يَكْذِبِ لَيْسَتْ بِبَالِغِةٍ عَشِيرَ عَشِيرِ مَا قَدْ كَانَ أُعْطَيهُ مَقَالَةُ مُطْنِبِ صِهْرُ الرَّسُولِ وَجَارُهُ فِي مَسْجِدٍ طُهْرٍ بِطَيْبَةَ لِلرَّسُولِ مُطَيَّبِ [21] قال الشيخ المفيد في « الإرشاد » بعد نقله أبياتَ الحميريّ: وزاد فيها ابنميمون قوله: وَآيَاتُ رَاهِبَهَا سَرِيرَةُ مُعْجِزٍ فِيهَا وَآمَنَ بِالوَصِيِّ المُنْجِبِ وَمَضَي شَهِيداً صَادِقَاً فِي نَصْرِهِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ رَاهِبٍ مُتَرَهِّبِ أَعْنِي ابْنَ فَاطِمَةَ الوَصِيَّ وَمَنْ يَقُلْ فِي فَضْلِهِ وَفَعَالِهِ لَمْ يَكْذِبِ رَجُلاً كِلاَ طَرَفَيْهِ مِنْ سَامٍ وَمَا حَامٌ لَهُ بَأَبٍ وَلاَ بَأَبِ أَبِ مَنْ لاَ يَفِرُّ وَلاَ يُرَي فِي مَعْرَكٍ إلاَّ وَصَارِمُهُ الخَضِيبُ المَضْرَبِ [22] * * * إخبار الإمام بمشاركة حبيب بن جمار في حرب الحسين عليه السلاموكذلك قال الشيخ المفيد: وممّا رواه الحسن بن محبوب، عن ثابت الثماليّ، عن أبي إسحاق السبيعيّ، عن سويد بن غفلة أنّ رجلاً جاء إلی أميرالمؤمنين عليه السلام، فقال: يا أميرالمؤمنين! إنّي مررت بوادي القُرَي فرأيتُ خالد بن عُرفُطَة قد مات بها. [23] فاستغفر له. فقال عليه السلام: إنّه لميمت، ولا يموت حتّي يقود جيش ضلالة، صاحب لوائه حبيببن جمار. [24] فقام إليه رجل من تحت المنبر، فقال: يا أمير المؤمنين، والله إنّي لك شـيعة، وإنّي لك محبّ. قال الإمام: وَمَنْ أَنْتَ؟ قال: أَنَا حَبِيبُ بْنُ جمار. قال: إيَّاكَ أَنْ تَحْمِلَهَا، وَلَتَحْمِلَنَّهَا فَتَدْخُلَ بِهَا مِنْ هَذَا البَابِ ـوَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إلی بَابِ الفِيلِ ( أحد أبواب مسجد الكوفة ) ـ. فلمّا مضي أمير المؤمنين عليه السلام، ومضي ] الإمام [ الحسن عليه السلام بعده، وكان من أمر ] الإمام [ الحسين عليه السلام ومن ظهوره ما كان، بعث ابن زياد بعمربن سعد إلی الحسين عليه السلام، وجعل خالدبن عُرفطة علی مقدّمته، وحبيببن جمار صاحب رايته. فسار بها ] خالد [ حتّي دخل المسجد من باب الفيل. وهذا أيضاً خبر مستفيض لا يتناكره أهل العلم والرواة للاثار. وهو منتشر في أهل الكوفة، ظاهر في جماعتهم لا يتناكره منهم اثنان. وهو من المعجز الذي ذكرناه. [25] ورواه بهذا المضمون ابن شهرآشوب في مناقبه عن أبي الفرج الإصفهانيّ في « أخبار الحسن »، [26] وأيضاً رواه المجلسيّ في « بحار الانوار » عن الاعمش، وابن محبوب عن الثماليّ والسبيعيّ، وكلّهم عن سويدبن غفلة، وكذلك رواه أبو الفرج الإصفهانيّ في « أخبارالحسن».[27] ورواه المجلسيّ أيضاً في « بحار الانوار » بمضمونآخرعن«الاختصاص» للشيخ المفيد، و « بصائر الدرجات » للصفّار، فقد روي عن هذين العالمين الجليلين، عن عبدالله بن محمّد، عن ابن محبوب، عن أبيحمزة، عن سويدبن غفلة أ نّه قال: أنا عند أميـر المؤمنين عليـه السـلام إذ أتـاه رجـل، فقال: يا أميرالمؤمنين! جئتك من وادي القري، وقد مـات خالدبن عرفطة. فقالأميرالمؤمنين عليه السـلام: إنّه لم يمت. فأعادها عليه. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: لم يمت. والذي نفسي بيده لايموت. فأعادها عليه الثالثة. وأجابه الإمام نفس الجواب. فقال الرجل: سبحان الله! أُخبرك أ نّه مات وتقول: لميمت. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: والذي نفسي بيده لايموت حتّي يقود جيش ضلالة يحمل رايته حبيب بن جمار. فسمع بذلك حبيب، فأتاه، فقال له: أُناشـدك فيّ وأ نّي لك شـيعة، وقد ذكرتني بأمـر، لا والله ما أعرفه من نفسي. فقال له: إنْ كُنْتَ حَبِيبَ بْنَ جَمارٍ لَتَحْمِلَنَّهَا. فولّي حبيب. وقال الإمام مرّة أُخري: إنْ كُنْتَ حَبِيبَ بْنَ جمارٍ لَتَحْمِلَنَّهَا. قال أبوحمزة الثماليّ راوي هذا الخبر عن سويد بن غفلة: والله ما مات حتّي بعث عمر بن سـعد إلی الحسـين بن علی عليه السـلام، وجعل خالدبن عرفطة علی مقدّمته، وحبيب صاحب رايته. وقال المجلسيّ بعد بيان هذا الخبر: رواه ابن أبي الحديد في « شرح نهج البلاغة » عن كتاب « الغارات » لابن هلال الثقفيّ، عن ابن محبوب، عن الثماليّ، عن سويدبن غفلة.[28] ومن هنا نفهم ما ورد في السِيَر والتواريخ والاحاديث من أنّ قاتلي سيّدالشهداء عليه السلام كانوا من شيعة أميرالمؤمنين عليه السلام الكوفيّين كحجّاربن أبجُر، وشَبَثبن رِبعي، ومحمّدبن الاشعث، وغيرهم. وكان كلّ منهم يقود أربعة آلاف جنديّ. وتحرّكوا بجيشهم البالغ ثلاثين ألفاً لحرب الحسين صلوات الله عليه، وعبّأوا أنفسهم من أجل حطام الدنيا، وجوائز يزيد، وابن زياد، ورئاسة مؤقّتة زائلة في مصر من الامصار، وأمثال ذلك. وأراقوا دم بضعة المصطفي في صحراء كربلاء ظالمين له، وناهضين بوجه الحقّ والتوحيد والعدالة. وأعمتهم زخارف الدنيا الخدّاعة وطبعت علی سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم حتّي نسوا جميع الخطب التي خطبها إمام المتّقين وسيّد الاوّلين والآخرين أميرالمؤمنين عليه السلام، وإخباره بالغائبات، وجهاده للّه ودينه. حقّاً حُبُّ الشَّيءِ يُعْمِي وَيُصِمُّ. فمن أحبّ شيئاً، فإنّ عينه تعمي عن رؤية غيره، وأُذُنَه تصمّ عن سماع سواه، ولا يعد يدرك إلاّ مطلوبه ومقصوده، ويختم بيده علی قلبه وبصيرته، ويحبس نفسه في غار الشيطان المظلم الدامس، ومطمورة الجنّ، وهوي النفس الامّارة. ولعلّ حبيب بن جمار الذي جاء عند أميرالمؤمنين عليه السلام كان يومئذٍ صادقاً فيما ادّعاه من تشيّعه، ولم يدر في خلده، ولميَجُل في ظنّه أ نّه سيحمل يوماً علی كتفه راية يزيد وعمربن سعد. بَيدَ أنّ الربّ الحكيم يفتن الناس ويبتليهم حتّي تظهر بواطنهم، وتنكشف خفيّاتهم وما يخبّأون في سويداء قلوبهم، ممّا قد يعزب عنهم أنفسهم. وعندئذٍ يُساق إلی الجنّة من كان أهلاً لها، ويساق إلی جهنّم من كان أهلاً لها. وكان البراء بن عازب من صحابة رسول الله صلّي الله عليه وآله، ومن أنصار أميرالمؤمنين عليه السلام، وكان حيّاً يوم استشهد أبوعبدالله الحسين عليه السلام بَيدَ أ نّه لم يرفده ولم ينصره، فعاش متحسّراً حتّي مماته، ولكن هل يغني التحسّر شيئاً! وما علی المؤمن إلاّ أن يكون بصيراً واعياً مغتنماً للفرصة في المواقف المطلوبة. روي الشيخ المفيد، وابن شهر آشوب عن إسماعيلبن صبيح، عن يحييبن المساور العابد، عن إسماعيل بن زياد أنّ عليّاً عليه السلام قال للبراءبن عازب يوماً: يَا بَرَاءُ! يُقْتَلُ ابْنِيَ الحُسَيْنُ وَأَنْتَ حَيٌّ لاَ تَنْصُرُهُ. فلمّا قُتِل الحسين عليه السلام، كان البراء بن عازب يقول: صدق والله أميرالمؤمنين علی بن أبي طالب. قُتل الحسين، ولمأنصره. ثمّ يظهر الحسرة علی ذلك والندم. [29] * * * وكذلك روي الشـيخ المفيد في « الإرشـاد » عن عثمانبن قيـس العامريّ، عن جابربن الحرّ، عن جُوَيْرية بن مسهر العبديّ، [30] أ نّه قال: لمّا توجّهنا مع أميرالمؤمنين عليه السلام إلی صفّين فبلغنا طفوف كربلاء، وقف عليه السلام ناحيةً من المعسكر، ثمّ نظر يميناً وشمالاً واستعبر، ثمّ قال: هَذَا وَاللَهِ مُنَاخُ رِكَابِهِمْ وَمَوْضِعُ مَنِيَّتِهِمْ. فقيل له: يا أميرالمؤمنين! ما هذا الموضع؟ قال: هَذَا كَرْبَلاَءُ، يُقْتَلُ فِيهِ قَوْمٌ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ. ثمّ سار. وكان الناس لا يعرفون تأويل ما قال حتّي كان من أمر ] أبي عبد الله [ الحسينبن علی عليهما السلام وأصحابه بالطفِّ ما كان، فعرف حينئذٍ من سمع مقاله مصداق الخبر فيما أنبأهم به. وكان ذلك من علم الغيب والخبر بالكائن قبل كونه. وهو المعجز الظاهر والعلم الباهر حسب ما ذكرناه.[31] وكان جويرية بن مُسهر العَبْديّ من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام. وهو رجل عظيم الشأن جليل القدر. علّمه الإمام علم المنايا والبلايا. وكان له قلب نيّر وضمير متأ لّق تنعكس فيه مخبّآت المستقبل. وكان أميرالمؤمنين عليه السلام يحبّه كثيراً حتّي بلغ مبلغاً كان فيه من أخصّ خواصّه. وارتفع الحجاب والبينونيّة بينه وبين الإمام. استشهد قبل واقعة كربلاء إذ قطعت يده ورجله، وصُلب في حُبّ وولاية سيّدالاحرار أميرالمؤمنين عليه السلام. وقال المفيد في « الإرشاد » وهو يتحدّث عن معجزات الإمام وإخباره بالغائبات: إخبار الإمام عليه السلام بمقتل جويريةومن ذلك ما رواه العلماء أنّ جويرية بن مسهر وقف علی باب القصر ( قصر الإمارة ) بالكوفة. فقال: أين أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقيل له: نائم. فنادي: أَيُّهَا النَّائِمُ اسْتَيْقِظْ! فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُضْرَبَنَّ ضَرْبَةً علی رَأْسِكَ تُخْضَبُ مِنْهَا لِحْيَتُكَ، كَمَا أَخْبَرْتَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَبْلُ. فسمعه أمير المؤمنين عليه السلام، فنادي: أَقْبِلْ يَا جُوَيْرِيَةُ حَتَّي أُحَدِّثَكَ بِحَدِيثِكَ. فأقبل جويرية. فقال عليه السلام: وَأَنْتَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُعْتَلَنَّ إلی العُتُلِّ الزَّنِيمِ وَلَيَقْطَعَنَّ يَدَكَ وَرِجْلَكَ ثُمَّ لَتُصْلَبَنَّ تَحْتَ جِذْعِ كَافِرٍ. [32] فمضي علی ذلك الدهر، حتّي وُلِّي زياد ] بن أبيه [ في أيّام معاوية، فقطع يده ورجله، ثمّ صلبه إلی جذع ابن مُكَعْبَر، وكان جذعاً طويلاً، فكان جويرية تحته. ] فلهذا عبّر عنه الإمام بقوله: ليصلبنّك تحت جذع... [.[33] * * * إخبار الإمام عليه السلام بواقعة كربلاءوروي ابن شهرآشوب عن أبي حفص عمر بن محمّد الزيّات في خبر أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال للمسيِّب بن نجيّة: يَأْتِيكُمْ رَاكِبُ الدَّغِيلَةِ يَشُدُّ حَقْوَهَا بِوَضِينِها، لَمْ يَقْضِ تَفَثاً مِنْ حَجٍّ وَلاَ عُمْرَةٍ فَيَقْتُلُوهُ. يُرِيدُ الحُسَيْنَ عَلَيهِ السَّلاَمُ. [34] قال المجلسيّ في شرح هذه العبارة: الدغيلة: الدغل والمكر والفساد. أي: يركب مكر القوم ويأتي لما وعدوه خديعة. ويحتمل أن يكون تصحيف الرعيلة، وهي القطعة من الخيل القليلة، والوضين بطان منسوج يشدّ به الرحل علی البعير كالحزام للسرج. وشَدَّ حَقْوَهَا به كناية عن الاهتمام بالسير والاستعجال فيه. و عَدَمُ قَضَاءُ التَّفَث إشارة إلی أنّ الحسين عليه السلام لميتيسّر له الحجّ، بل أحلّ وخرج من مكّة يوم التروية. [35] وذكر ابن شهرآشوب أيضاً عن أمير المؤمنين عليه السلام أ نّه خاطب أهل الكوفة فقال لهم: كَيْفَ أَنْتُـمْ إذَا نَـزَلَ بِكُـمْ ذُرِّيَّـةُ نَبِيِّكُـمْ فَعَمْـدتُـمْ إلَيْـهِ فَقَتَلْتُمُـوهُ؟ قَالُـوا: مَعَـاذَ اللَهِ لَئِنْ أَتَانَا اللَهُ فِي ذَلِـكَ لَنَبْلُـوَنَّ عُـذْراً. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّـلاَمُ: هُمْ أَوْرَدُوهُ فِي الغُرُورِ وَغَرَّرُوا أَرَادُوا نَجَاةً لاَ نَجَاةٌ وَلاَ عُذْرُ [36] وكذلك روي ابن شهرآشوب عن « المُسنَد » للموصليّ، عن عبدالله ابنيحيي، عن أبيه أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام لمّا حاذي نينوي وهو منطلق إلی صفّين، نادي: اصْبِرْ أَبَا عَبْدِاللَهِ بِشَطِّ الفُرَاتِ. فَقُلْتُ: وَمَاذَا؟ فَذَكَرَ مَصْرَعَ الحُسَيْنِ عَلَيهِ السَّلاَمُ بِالطَّفِّ. [37] وجاء في كتاب « الشافي في الانساب » أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لمّا قال هذا الكلام بأرض نينوي، قال أحد أصحابه: فطلبتُ ما أُعلِمُ به الموضعَ، فما وجدتُ غير عظم جمل. فرميتُه في الموضع. فلمّا استُشهد الحسين عليه السلام، وجدتُ العظم في مصارع أصحابه.[38] وذكر المجلسيّ في « بحار الانوار » ج 9، ص 592، طبعة الكمبانيّ، عن « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد، عن نصربن مزاحم بسنده المتّصل عن عروة البارقيّ أ نّه قال: جئت إلی سعدبن وهب فسألته عن حديث حدّثناه عن عليّبن أبي طالب عليه السلام. قال: نعم، بعثني مخنفبن سليم إلی علی عليه السلام عند توجّهه إلی صفّين. فأتيته بكربلاء، فوجدته يشير بيده ويقول: هَا هُنَا هَا هُنَا. فقال له رجل: وما ذاك يا أميرالمؤمنين؟ فقال: ثَقَلُ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ تَنْزِلُ هَاهُنَا، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِنْكُمْ وَوَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ. فقال له الرجل: ما معني هذا الكلام يا أميرالمؤمنين؟ فقال: ويل لهم منكم: تقتلونهم؟ وويل لكم منهم: يدخلكم الله بقتلهم إلی النار. قال نصر: وقد رُوي هذا الكلام علی وجه آخر، أ نّه قال: فَوَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ، وَوَيْلٌ لَكُمْ عَلَيْهِمْ. فقال الرجل: أمّا ويلٌ لكم منهم، فقد عرفناه، فويل لكم عليهم ما معناه؟ قال: ترونهم يُقتلون لا تستطيعون نصرتهم! وكذلك روي نصر بن مزاحم عن سعيد بن حكيم العبسيّ، عن الحكم الحسنبن كثير، عن أبيه أنّ عليّاً عليه السلام أتي كربلاء، فوقف بها. فقيل له: يا أميرالمؤمنين هذه كربلاء. فقال: ذاتُ كربٍ وبَلا. ثمّ أومأ بيده إلی مكان فقال: هَاهُنَا مَوْضِعُ رِحَالِهِمْ وَمُنَاخُ رِكَابِهِمْ. ثمّ أومأ بيده إلی مكان آخر فقال: هَاهُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ. ثمّ مضي إلی سَابَاطَ. [39] وروي ابن أبي الحديد أيضاً في « شرح نهج البلاغة » عن نصربن مزاحم في كتاب « صفّين » بسنده عن هرثمة بن سليم أ نّه قال: غزونا مع علی صفّين. فلمّا نزل بكربلاء، صلّي بنا. فلمّا سلّم، رفع إليه من تربتها فشمّها، ثمّ قال: وَاهَاً لَكِ يَا تُرْبَةُ! ليُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ. [40] فلمّا رجع هرثمة من غزاته إلی امرأته جرداء بنت سمير ـوكانت من شيعة علی عليه السلامـ حدّثها هرثمة فيما حدّث، فقال لها: ألا أُعجبك من صديقكِ أبيحسن؟ قال: لمّا نزلنا كربلاء، أخذ حفنة من تربتها وشمّها وقال: وَاهاً لَكِ أَيَّتُهَا التُّرْبَةُ لَيُحْشَرَنَّ مِنْكِ قَوْمٌ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ. وما علمه بالغيب؟ فقالت المرأة له: دَعْنَا مِنْكَ أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَإنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَمْيَقُلْ إلاَّ حَقَّاً. قال سمير: فلمّا بَعثَ عبيدُاللهبن زياد البعث الذي بعثه إلی الحسين عليه السلام، كنت في الخيل التي بعث إليهم. فلمّا انتهيتُ إلی الحسين عليه السلام وأصحابه، عرفت المنزل الذي نزلنا فيه مع علی عليه السلام، والبقعة التي رفع إليه من تربتها والقول الذي قاله. فكرهت مسيري، فأقبلتُ علی فرسي حتّي وقفتُ علی الحسين عليه السلام وسلّمت عليه وحدّثته بالذي سمعتُ من أبيه في هذا المنزل. فقال الحسين عليه السلام: أَمَعَنَا أَمْ عَلَيْنَا؟ قلتُ: يابن رسول الله! لا معك ولا عليك. تركتُ ولدي وعيالي أخاف عليهم من ابن زياد. فقال الحسين عليه السلام: فَتَوَلَّ هَرَباً حَتَّي لاَ تَرَي مَقْتَلَنَا. فَوَ الَّذِي نَفْسُ الحُسَيْنِ بِيَدِهِ لاَ يَرَي اليَوْمَ مَقْتَلَنَا أَحَدٌ ثُمَّ لاَ يُعِينُنَا إلاَّ دَخَلَ النَّارَ. قال هرثمة: فأقبلتُ في الارض اشتدّ هرباً حتّي خفي علی مقتلهم. [41] روي الراوندي في « الخرائج والجرائح » عن الإمام الباقر عليه السلام، عن أبيه أ نّه قال: مرّ علی عليه السلام بكربلاء. فقال لمّا مرّ به أصحابه وقد اغرورقت عيناه يبكي: هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ، وَهَذَا مُلْقَي رِحَالِهِمْ، هَاهُنَا مُرَاقُ دِمائِهِمْ. طُوبَي لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَيْهَا تُرَاقُ دِمَاءُ الاَحِبَّةِ. [42] قال الباقر عليه السلام: خرج علی عليه السلام يسير بالناس حتّي إذا كان بكربلاء علی ميلين أو ميل، تقدّم بين أيديهم حتّي طاف بمكان يقال له المقذفان فقال: قُتِلَ فِيهَا مِائَتَا نَبِيٍّ وَمِائَتَا سِبْطٍ كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ، وَمُنَاخُ رُكَّابٍ وَمَصَارِعُ عُشَّاقٍ، شُهَدَاءُ لاَ يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ، وَلاَ يَلْحَقُهُمْ مَنْ بَعْدَهُم. [43] وروي عن « عيون أخبار الرضا » بالاسانيد الثلاثة عن الإمام الرضا عليه السلام عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أ نّه قال: كَأَ نِّي بِالقُصُورِ قَدْ شُيِّدَتْ حَوْلَ قَبْرِ الحُسَيْنِ. وَكَأَ نِّي بِالمَحَامِلِ تَخْرُجُ مِنَ الكُوفَةَ إلی قَبْرِ الحُسَيْنِ. وَلاَ تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالاَيَّامُ حَتَّي يُسَارُ إلَيْهِ مِنَ الآفَاقِ. وَذَلِكَ عِنْدَ انْقِطَاعِ مُلْكِ بَنِي مَرْوانَ. [44] ولا غرو من بكاء أمير المؤمنين عليه السلام عند مروره بكربلاء ونينوي، فقد بكي قبله رسولالله صلّي الله عليه وآله علی الحسين عليه السلام، ودفع إلی أُمِّ سلمة قارورة فيها تربة الحسين، وقال لها: إذا صار ما في القارورة دماً عبيطاً، فاعلمي أنّ ولدي الحسين قد قتل. وسبق رسولالله في البكاء علی الحسين عليه السلام أنبياء الله الماضون كآدم، ونوح، وإبراهيم، وموسي، وعيسي عليهم السلام. كما بكت عليه ملائكة السماء. قصيدة القاضي الجليس في واقعة كربلاءوقال القاضي الجليس أحد شعراء القرن السادس، واسمه أبوالمعالي عبدالعزيزبن حسين بن حُباب الاغلبيّ، في قصيدة له: لَهْـفِـي لِقَتْـلَـي الطَّـفِّ إذْ خَذَلَ المُصَاحِبُ وَالعَشِيـرُ وَافَـاهُـمُ فِـي كَـرْبَــلاَ يَـوْ مٌ عَـبُــوسٌ قَـمْـطَــرِيـرُ دَلَفَتْ لَهُمْ عُصَبُ الضَّلاَلِ كَـأَ نَّـمَــا دُعِـيَ الـنَّـفِـيـرُ عَجَبـاً لَهُـمْ لَـمْ يَلْقَهَـمْ مِنْ دُونِـهِــمْ قَــدْرٌ مُـبِـيــرُ أَيُمَارُ فَـوْقَ الاْرْضِ فَيْضٌ دَمِ الحُـسَـيْنِ وَلاَ تَمُـورُ؟ أَتَـرَي الجِبَـالَ دَرَتْ وَلَـمْ تَقْـذِفْهُـمُ مِنْهَـا صُخُـورُ؟ أَمْ كَـيْـفَ إذْ مَـنَـعُـوهُ وِرْدَ المَـاءِ لَـمْ تَغُـرِ البُحُـورُ؟ حَـرُمَ الزُّلاَلُ عَـلَـيْـهِ لَـمَّـا حُـلِّـلَـتِ لَهُـمُ الخُـمُـورُ [45] وله قصيدة ذات عشرين بيتاً، منها الابيات الآتية التي نتبرّك بذكرها ونختم عندها بحثنا: حُبِّـي لآلِ رَسُـولِ اللَـهِ يَعْصِـمُنِـي مِنْ كُلِّ إثْمٍ وَهُمْ ذُخْرِي وَهُمْجَاهِي يَا شِـيعَةَ الحَقِّ قُولِي بِالـوَفَـاءِ لَهُـمْ وَفَاخِـرِي بِهِـمُ مَنْ شِـئْتِ أَوْ بَاهِي إذَا عَلَقْـتِ بِحَبْـلٍ مِـنْ أَبِـي حَسَـنٍ فَقَـدْ عَلَـقْـتِ بِحَبْـلٍ فِـي يَـدِ اللَـهِ حَمَـي الإله بِـهِ الإسلام فَهُـوَ بِهِ يُـزْهَـي علی كُـلِّ دِيـنٍ قَـبْـلَـهُ زَاهِ بَـعْـلُ البَـتُـولِ وَمَـا كُـنَّـا لِتَهْـدِيَنَـا أَئِـمَّـةٌ مِـنْ نَـبِـيِّ الـلَـهِ لَـوْلاَ هِـي نَـصَّ النَّبِـيُّ عَلَيْـهِ فِي الغَدِيـرِ فَمَـا زَوَاهُ إلاَّ ظَـنِـيـنٌ دِيـنُـهُ وَاهِ [46] ارجاعات [1] ـ «المناقب» ج 1، ص 418، الطبعة الحجريّة. [2] ـ «المناقب» ج 1، ص 419، الطبعة الحجريّة: وورد الحديث في «بحار الانوار» ج 9، ص 583، طبعة الكمبانيّ، عن «المناقب» و«الخرائج والجرائح». [3] ـ «المناقب» ج 1، ص 419، الطبعة الحجريّة؛ وذكره في «بحار الانوار» ج 9، ص 583 عن «المحاضرات». [4] ـ قال في «القاموس»: الخورنق قصر للنعمان الاكبر معرّب خورنگاه. أي: موضع الاكل. [5] ـ وقال: السدير كزُبير قاع بين البصرة والكوفة، وموضع بديار غطفان. وكأمير نهر بناحية الحيرة. [6] ـ الآية 71، من السورة 17: الإسراء. [7] ـ «المناقب» ج 1، ص 420 و 421 الطبعة الحجريّة؛ وذكره المجلسيّ في «بحار الانوار» ج 9، ص 578، طبعة الكمبانيّ، نقلاً عن «الخصال» للصدوق، كما ذكره نقلاً عن «الخرائج والجرائح» للراونديّ، و«بصائر الدرجات»، و«الفضائل» لابن شاذان. [8] ـ «المناقب» ج 1، ص 422، الطبعة الحجريّة. [9] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب، ج 1، ص 422. [10] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب، ج 1، ص 422. [11] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب، ج 1، ص 422. [12] ـ «المناقب» ج 1، ص 422 و 423 الطبعة الحجريّة؛ و«بحار الانوار» ج 9، ص 584 و 585، طبعة الكمبانيّ، عن «المناقب» لابن شهرآشوب. [13] ـ «المناقب» ج 1، ص 421؛ و«بحار الانـوار» ج 9، ص 584، عن «المناقب» ابنشهرآشوب. [14] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 582، في باب معجزات كلامه وإخباره بالغائبات وعلمه باللغات، طبعة الكمبانيّ. [15] ـ الملبّة: اسم مكان من اللب: ما استرق من الرمل.(م) [16] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب، ج 1، ص 423 و 424 الطبعة الحجريّة. وبراثا مسجد بين الكاظميّة وبغداد. وهو مسجد ذو أجواء روحيّة ومعنويّة عظيمة. وهناك تعاليم في الاخبار حول الصلاة فيه. [17] ـ ذكرناها نقلاً عن الخطيب في «تاريخ بغداد» ج 12، ص 305؛ و«ديوان الحميريّ» ص 278؛ كما رواها المجلسيّ أيضاً في «بحار الانوار» ج 9، ص 576، طبعة الكمبانيّ، عن «المناقب» لابن شهرآشوب. [18] ـ «الإرشاد» ص 184 إلی 186. وروي ابن أبي الحديد مختصرها في «شرح نهج البلاغة» ج 1، ص 288 و 289، طبعة أُوفسيت، بيروت، دار المعرفة، عن كتاب «وقعة صفّين» لنصربن مزاحـم عن عبدالعزيـز بن سـباع، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سـعيد التيميّ المعـروف بعقيصـاء. وذكر المجلسـيّ عين هذا الخبـر في «بحار الانوار» عن شـرح ابنأبيالحديد (طبعة الكمبانيّ، ج 9، ص 594 ). ونقله النباطيّ البياضيّ العامليّ في «الصراط المستقيم إلی مستحقّي التقديم» ج 2، ص 37، وقال: اشتهرت هذه القصّة في الامصار والاعصار شهرة أغنتنا عن ذكر سندها. ذلك أنّ جميع العباد تلقّوها بالقبول. [19] ـ وسط الآية 29، من السورة 48: الفتح. [20] ـ «الإرشاد» للشيخ المفيد، ص 186 و 187، الطبعة الحجريّة وتبلغ أبيات القصيدة مائة وثلاثة عشر بيتاً كما جاء في «ديوان الحميريّ» ص 83 إلی 114، ومطلعها: هَلاَّ وَقَفْتَ علی المَكَانِ المُعْشِبِ بَيْنَ الطَّوَيْلِعِ فَاللّوي مِنْ كَبْكَبِ وقال العلاّمة الامينيّ في «الغدير» ج 2، ص 214: هذه القصيدة ذات 112 بيتاً. تسمّي بالمذهّبة لاهمّيّتها. شرحها الشريف المرتضي علم الهدي. وطبع شرحه بمصر سنة 1313. وشرحها أيضاً الحافظ النسّابة الاشرف بن الاغرّ المعروف بتاج العلي الحسينيّ المتوفّي سنة 610 هـانتهي. وكذلك ذكرها برّمتها العلاّمة السيّد محسن الامين العامليّ في «أعيان الشيعة» ج 2، ص 222 إلی 236، الطبعة الاُولي سنة 1358. وذكر شرحها في الهامش. والبيت الاخير فيها هو قوله: يَمْحَـوْ وَيُثْبِتُ مَا يَشَـاءُ وَعِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ وَعِلْمُ مَا لَمْ يُكْتَبِ والابيات التي نقلناها هنا موجودة في ديوان الشاعر، ص 90 إلی 92. [21] ـ «ديوان الحميريّ» ص 92 و 93. [22] ـ «الإرشاد» ص 187. [23] ـ ذكر ابن حجر العسقلانيّ الشافعيّ ترجمته في كتابه: «الإصابة» ج 1، ص 409 وقال: عُرفُطة بضمّ العين المهملة والفاء بينهما راء ساكنة. قال عمرو بن شبّة في «أخبار مكّة»: «قدم خالد بن عرفطة مكّة صغيراً فحالف بني زهرة... ولاّه سعد بن أبي وقّاص يوم القادسيّة. وكان معه في فتوح العراق. وكتب إليه عمر يأمره أن يؤمّره، واستخلفه سعد علی الكوفة. ولمّا بايع الناس معاوية، ودخل معاوية الكوفة، خرج عليه عبد اللهبن أبيالحوساء بالنخيلة. فوجّه إليه معاوية خالداً هذا فحاربه حتّي قتله. وعاش خالد إلی سنة 60 أو 61. وذكر ابن المعلّم المعروف بالشيخ المفيد الرافضيّ في «مناقب عليّ» من طريق ثابت الثماليّ، عن أبي إسحاق، عن سويد بن غفلة أنّ رجلاً جاء إلی علی فقال: إنّي مررت بوادي القري فرأيت خالد بن عرفطة قد مـات بها، فاسـتغفر له. فقال عليّ: إنّه لميمت». ونقل ابنحجر هنا قصّة خالد بن عرفطة وحبيب بن جمار كلّها بهذه الالفاظ. وهي التي نقلناها في المتن عن «الإرشاد» للشيخ المفيد. [24] ـ لم نعثر في معاجم الرجال علی شخص باسم حبيب بن جمار، واسم أبيه جمار بالجيم المعجمة. وعندما ذكر صاحب «الإصابة» ترجمة خالد بن عرفطة، نقل اسم حبيب عن الشيخ المفيد علی أ نّه حبيب بن حمار بالحاء المهملة. بَيدَ أنّ مؤلّف «الإصابة» نفسه ضبطه مع حبيببن حمّاد الاسديّ بالحاء والدال المشدّدة وقال في كتابه المذكور، ج 1، ص 305: من أصحاب النبيّ صلّي الله عليه وآله. شهد معه الاسفار. ونقل عنه حديثاً. ولمّا قال صاحب «الإصابة»: وله ذكر في ترجمة خالد بن عرفطة يأتي، فيستبين أنّ صاحب راية خالد كان حبيببن حمّاد نفسه. [25] ـ «الإرشاد»، ص 128. [26] ـ «مناقب آل أبي طالب» ج 1، ص 427، الطبعة الحجريّة. [27] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 585، طبعة الكمبانيّ. أقول: وذكره السيّد ابنطاووس في «الملاحم والفتن» ص 92، طبعة النجف، المطبعة الحيدريّة. [28] ـ «بحار الانوار» طبعة كمبانـي، ج 9، ص 578 و 579، طبعة الكمبانـيّ؛ وذكـره ابنأبيالحديد في شرحه علی النهج طبعة مصر، دار الإحياء، ج 2، ص 286 و 287 عن أبيهـلال الثقفيّ في كتاب «الغارات» عن الحسـن بن محبـوب، عن ثابت الثماليّ، عن سويدبن غفلة. [29] ـ «الإرشاد» ص 183؛ و«المناقب» ج 1، ص 427؛ وروي في «بحار الانوار» ج 9، ص 585، عن «المناقب». [30] ـ جاء في «تنقيح المقال» في ترجمة جويرية أ نّه ابن مُسْهِر علی وزن مُحسن. [31] ـ «الإرشـاد» ص 183، الطبعـة الحجـريّـة؛ وورد مختصـرة في «المناقـب» لابنشهرآشوب، ج 1، ص 428، الطبعة الحجريّة، وكذلك رواه صاحب «بحار الانوار» ï ïج 9،ص 586، وأيضاً في ص 578. [32] ـ روي المجلسيّ هذه الفقرة من الحديث في «بحار الانوار» ج 9، ص 582 عن «الخرائج والجرائح» للراونديّ؛ ونقل أيضاً قصّة جويرية في كتابه المذكور، ج 9، ص 593؛ ومن الطبعة الحديثة ج 41، ص 342، و 343 وذلك عن «شرح نهج البلاغة» لابنأبيالحديد: روي إبراهيمبن ميمون الازديّ عن حبّة العُرَنيّ قال: كان جويريةبن مسهر العبديّ صالحاً، وكان لاميرالمؤمنين عليه السلام صديقاً، وكان عليه السلام يحبّه. نظر يوماً إلی أميرالمؤمنين عليه السلام وهو يسير، فناداه: يَا جُوَيْرِيَةُ! أَلْحِقْ بِي فَإنِّي إذَا رَأَيْتُكَ هَوَيْتُكَ. قال إسماعيل بن أبان: حدّثني الصباح، عن مسلم، عن حبّة العرنيّ قال: سرنا مع علی عليه السلام يوماً، فالتفت فإذا جويرية خلفه بعيداً، فناداه: يَا جُوَيْرِيَةُ! أَلْحِقْ بِي لاَ أَبَاً لَكَ! أَلاَ تَعْلَمْ أَ نِّي أَهْوَاكَ وَأُحِبُّكَ؟ فركض جويرية نحوه، فقال له: إنّي محدّثك بأُمور فاحفظها، ثمّ اشتركا في الحديث سرّاً. فقال له جويرية: إنّي رجل نسيّ. فقال الإمام: أنا أُعيدُ عليك الحديث لتحفظه. ثمّ قال له في آخر ما حدّثه إيّاه: يَا جُوَيْرِيَةُ! أَحْبِبْ حَبِيبَنَا مَا أَحَبَّنَا، فَإذَا أَبْغَضَنَا فَأَبْغِضْهُ، وَأَبْغِضْ بِغَيضَنَا مَا أَبْغَضَنَا فَإذَا أَحَبَّنَا فَأَحْبِبْهُ. فكان ناس ممّن يشكّ في أمر علی عليه السلام يقولون: أنراه جعل جويرية وصيّه كما يدّعي هو من وصيّة رسولالله صلّيالله عليه وآله. يقولون ذلك لشدّة اختصاصه له حتّي دخل علی عليّ عليه السلام يوماً وهو مضطجع وعنده قوم من أصحابه، فناداه جويرية: أَيُّهَا النَّائِمُ! اسْتَيْقِظْ. ثمّ ذكر جميع المطالب التي أوردناها في المتن كالمحاورة، وخضاب اللحية من دم الرأس، وقطع اليد والرجل والصلب، ذكرها كلّها بنفس الالفاظ. («شرح نهج البلاغة» ج 2، ص 290 و 291، طبعة دار الإحياء). [33] ـ «الإرشاد» ص 178، الطبعة الحجريّة. [34] ـ «المناقب» ج 1، ص 427؛ و«بحار الانوار» عن «المناقب» ج 9، ص 585، طبعة الكمبانيّ. [35] ـ نقل المجلسيّ هذه الرواية في «بحار الانوار» ج 9، ص 585، طبعة الكمبانيّ؛ وفي الطبعة الحديثة: ج 41، ص 314، عن «المناقب» لابن شهرآشوب. [36] ـ نقل المجلسيّ هذه الرواية في «بحار الانوار» ج 9، ص 585، طبعة الكمبانيّ؛ وفي الطبعة الحديثة: ج 41، ص 314، عن «المناقب» لابن شهرآشوب. [37] ـ نقل المجلسيّ هذه الرواية في «بحار الانوار» ج 9، ص 585، طبعة الكمبانيّ؛ وفي الطبعة الحديثة: ج 41، ص 314، عن «المناقب» لابن شهرآشوب. [38] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب، ج 1، ص 427 و 428، الطبعة الحجريّة؛ و«بحار الانوار» ج 9، ص 586. [39] ـ إنّ ما نقلناه هنا عن «بحار الانوار»، عن ابن أبي الحديد، عن نصربن مزاحم ï ïموجودفي كتاب «صفّين» الطبعة الثانية بالقاهرة، شرح عبد السلام محمّد هارون، ص 141 و 142. وجاء في «شرح نهج البلاغة» طبعة مصر، دار الإحياء، ج 3، ص 169 إلی 171 عن نصربن مزاحم. [40] ـ روي السيّد ابن طاووس في «الملاحم والفتن» ص 92 و 93، طبعة النجف، عن كتاب «الفتن» للسليليّ بسنده المتّصل عن عطاء بن السائب، عن ميمون، عن شيبان قال: أقبلنا مع عليّبن أبي طالب عليه السلام من صفّين حتّي نزلنا كربلاء، وهو علی بغلة له، فنزل عن البغلة، فأخذ كفّاً من تحت حافر البغلة فشمّها ثمّ قبّلها ووضعها علی عينيه وبكي وقال: وَأَيّ حَبِيب يُقْتَلُ فِي هَذَا المَوضِعِ، كَأَ نِّي أنْظُرُ إلی ثَقَلٍ مِنْ آلِ رَسُولِاللَهِ قَدْ أَنَاخُوا بِهَذَا الوادِي، فَخَرَجْتُمْ إلَيْهِمْ فَقَتَلْتُمُوهُمْ. وَيْلٌ لَكُمْ مِنْهُمْ، وَوَيْلٌ لَهُمْ مِنكُمْ. مَا أَعْلَمُ شُهَدَاء أَفْضَلُ مِنْهُمْ إلاَّ شُهَدَاء خلقهم مَعَ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِبَدْرٍ. ثُمَّ قَالَ: إيتُونِي بِرِجْلِ حِمَارٍ أَوْ فَكِّ حِمَارٍ. قال شيبان: فأتيته برِجل حمار ميّت فأوتده في موضع حافر البغلة. فلمّا قُتِلَ الحسـين صلـوات الله عليه، جئتُ فاسـتخرجتُ رِجل الحمار من موضـع دمه عليه السلام، وإنّ أصحابه لربض حوله. [41] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 591 و 592؛ وجاء هذا الخبر كلّه في كتاب «صفّين» ص 140 و 141، الطبعة الثانية، القاهرة، شرح عبد السلام محمّد هارون. [42] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 580. [43] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 580. [44] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 578. [45] ـ «الغدير» ج 4، ص 386. |
|
|