|
|
الصفحة السابقةاحتجاج أمير المؤمنين علیه السلام مع طلحة وفي صفّينالمورد الرابع ومن احتجاجات الإمام علیه السلام احتجاجه مع طلحة كما ورد في « غاية المرام » ص 226، الحديث 29، عن الخاصّة، عن سُليم بن قيس، عن أمير المؤمنين علیه السلام، ضمن حديث طويل خاطب به طلحة، وقال فيه: قال لي رسول الله صلّي الله علیه وآله: «أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي غَيْرَ النُّبُوَّةِ» فَلَوْ كَانَ غَيْرُ النُّبُوَّةِ لاَسْتَثْنَاهَا رَسُولُ اللَهِ. وَقَوْلُهُ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي، لاَ تَقَدَّمُوهُمْ، وَلاَ تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ، وَلاَ تُعَلِّمُوهُمْ فَإنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ. وجاءت هذه الفقرات من خطابه علیه السلام لطلحة في « كتاب سُلَيم » ص 118. * * * المورد الخامس: احتجاج أمير المُؤمنين علیه السلام في صفّين بحضور أبي هريرة وأبي الدرداء وتوضيح ذلك: جاء في « كتاب سُلَيم بن قيس » أنّ معاوية حمّل أبا هريرة وأبا الدرداء رسالة إلی الإمام علیه السلام قبل واقعة صفّين. ولمّا بلّغاه، تحدّث علیه السلام عن فضائله أمام عسكره من المهاجرين والانصار. ونقل منها حديث الغدير عن رسول الله صلّي الله علیه وآله، فبلغ قوله: علیٌّ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَارِثِي وَخَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي وَوَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي. وَأَحَدَ عَشَرَ إماماً مِنْ وُلْدِهِ: الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْنِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، القُرآنُ مَعَهُمْ وَهُمْ مَعَ القُرآنِ، لاَ يُفارِقُونَهُ حَتَّي يَرِدُوا عَلَیَّ الحَوْضَ، إلی آخره. وقال صلّي الله علیه وآله أيضاً في ذيل ما يلي هذا الحديث: وَأَمَرَنِي فِي كِتَابِهِ بِالوِلاَيَةِ، وَإنِّي أُشْهِدُكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَ نَّهَا خَاصَّةٌ لِعلیِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالاَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي وَوُلْدِ أَخِي وَوَصِيِّي، علیٌّ أَوَّلُهُمْ ثُمَّ الحَسَنُ ثُمَّ الحُسَيْنُ ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْنِ، لاَ يُفَارِقُونَ الكِتَابَ حَتَّي يَرِدُوا عَلَیَّ الحَوْضَ. وحدّث أيضاً في هذه الخطبة والاحتجاج عن رسول الله فقال: أُنْشِدُكُم اللَهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ قَامَ خَطِيباً وَلَمْ يَخْطُبْ بَعْدَهَا وَقَالَ: إنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَهِ وَأَهْلَ بَيْتِي، فَإنَّهُ قَدْ عَهِدَ إلَی اللَّطِيفُ الخَبِيرُ أَ نَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ ؟! فَقَالُوا: اللَهُمَّ نَعَمْ، قَدْ شَهِدْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ، فَقَالَ: حَسبِيَ اللَهُ. [1] * * * احتجاج الإمام الحسن المجتبي علیه السلام بعد صلحه مع معاويةالمورد السادس: احتجاج الإمام المجتبي علیه السلام بعد بيعته بالخلافة روي الشيخ المفيد في أماليه بسنده المتّصل عن هِشام بن حسَّان أ نّه قال: سمعتُ أبا محمّد الحسن بن علیّ علیهما السلام يخطب الناس بعد البيعة له بالامر، فقال: نَحْنُ حِزْبُ اللَهِ الغَالِبُونَ، وَعِتْرَةُ رَسُولِهِ الاَقْرَبُونَ، وأهْلُ بَيْتِهِ الطَّيِّبُونَ الطَّاهِرُونَ، وَأَحَدُ الثَّقَلَيْنِ اللَّذَيْنِ خَلَّفَهُمَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ فِي أُمَّتِهِ، وَالتَّإلی كِتَابَ اللَهِ فِيهِ تَفْصِيلُ كُلِّ شَيءٍ، لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ، فَالمُعَوَّلُ عَلَینَا فِي تَفْسِيرِهِ، لاَ نَتَظَنَّي تَأْوِيلَهُ بَلْ نَتَيَقَّنُ حَقَائِقَهُ، فَأَطِيعُونَا فَإنَّ طَاعَتَنَا مَفْرُوضَةٌ، إذْ كَانَتْ بِطَاعَةِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ مَقْرُونَةً. قَالَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاْمْرِ مِنكُمْ، فإن تَنَـ'زَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَی اللَهِ وَالرَّسُولِ»[2]، «وَلَوْ رَدُّوهُ إلَی الرَّسُولِ وَإلَی'´ أُولِي الاْمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ و مِنْهُمْ». [3] وَأُحَذِّرُكُمُ الإصْغَاءَ لِهُتَافِ الشَّيْطَانِ بِكُمْ، فَإنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ فَتَكُونُوا كَأَولِيَائِهِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ: «لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَآءَتِ ا لْفِئَتَانِ نَكصَ عَلَی' عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِي´ءٌ مِّنكُمْ إِنِّي´ أَرَي' مَا لاَ تَرَوْنَ». [4] فَتُلْقَوْنَ إلَی الرِّمَاحِ وَزَراً، وَإلَی السُّيُوفِ جَزَراً، وَلِلعُمُدِ حَطَماً، وَلِلسِّهَامِ غَرَضاً ثُمَّ «لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَـ'نُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي´ إِيمَـ'نِهَا خَيْرًا». [5] أورده الشيخ الطوسيّ في أماليه بسنده المتّصل عن هشام بن حسّان، عن الإمام المجتبي علیه السلام، ورواه السيّد هاشم البحرانيّ في « غايةالمرام» عن الشيخ المفيد في أماليه، وعن الشيخ الطوسيّ في أماليه. [6] ونقل القندوزيّ بسنده عن هشام بن حسّان أنّ أحمد بن حنبل ذكر هذا الاحتجاج في مناقبه عن الإمام المجتبي علیه السلام إلی قوله: وَاحْذَرُوا الإصْغَاءَ لِهُتَافِ الشَّيْطَانِ فَإنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. [7] * * * المورد السابع: احتجاج الإمام الحسن المجتبی علیه السلام علی منبر الكوفة أمام الناس بعد صلحه مع معاوية قال سبط بن الجوزيّ شمس الدين أبو المظفّر في كتاب « تذكرة الخواصّ »: ثمّ سار معاوية فدخل الكوفة، فأشار علیه عمرو بن العاص أن يأمر ] الإمام [ الحسن علیه السلام ] فيصعد المنبر و [ يخطب ليظهر عَيُّه. فقال له: قم فاخطب ! فقام ] الإمام [ وخطب فقال: أيُّهَا النَّاسُ ! إنَّ اللهَ هَدَاكُمْ بِأَوَّلِنَا، وَحَقَنَ دِمَاءَكُمْ بِآخِرِنَا، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ أَذْهَبَ اللَهُ عَنَّا الرِّجْسَ وَطَهَّرَنَا تَطْهِيراً، وَإنَّ لِهَذَا الاَمْرِ مُدَّةً، وَالدُّنْيَا دُولٌ، وَقَدْ قَالَ اللَهُ لِنَبِيِّهِ: «وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ و فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَـ'عٌ إلَی' حِينٍ» [8] فَضَجَّ النَّاسُ بِالبُكَاءِ. فالتفت معاوية إلی عمرو بن العاص وقال له: هذا رأيك. والتفت إلی ] الإمام [ الحسن وقال له: حَسْبُكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ. وفي رواية أ نّه قال: نَحْنُ حِزْبُ اللَهِ المُفْلِحُونَ، وَعِتْرَةُ رَسُولِهِ المُطَهَّرُونَ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ الطَّيِّبُونَ الطَّاهِرُونَ وَأَحَدُ الثَّقَلَيْنِ اللَّذَيْنِ خَلَّفَهُمَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ فِيكُمْ، فَطَاعَتُنَا مَقْرُونَةٌ بِطَاعَةِ اللَهِ، فَإنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيءٍ فَرُدُّوهُ إلَی اللَهِ وَالرَّسُولِ. وَإنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَانَا إلَی أَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ عِزٌّ وَلاَ نَصَفَةٌ، فَإنْ وَافَقْتُمْ رَدَدْنَا عَلَیهِ وَخَاصَمْنَاهُ إلَی اللَهِ تعالی بِظُبَي السُّيُوفِ، وَإنْ أَبَيْتُمْ قَبِلْنَاهُ. فَنَادَاهُ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: البَقِيَّةَ البَقِيَّةَ. [9] * * * احتجاج سيّد الشهداء علیه السلام في مِنَیالمورد الثامن: احتجاج سيّد الشهداء علیه السلام بحديث الثقلين في مِنَي ذكر سُليم بن قيس الهلإلی في كتابه أنّ سيّد الشهداء علیه السلام حجّ قبل موت معاوية بسنة. [10] وتوضيح ذلك أ نّه لمّا استشهد الإمام الحسن علیه السلام سنة 49 ه بسمّ دسّه معاوية علی يد جُعْدَة بنت الاشعث بن قيس زوجة الإمام، [11] لم تزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدّان، فلم يبق وليّ الله إلاّ خائفاً علی دمه، وإلاّ طريداً، وإلاّ شريداً. ولم يبق عدوّ للّه إلاّ مظهراً حجّته، غير مستتر ببدعته وضلالته. فلمّا كان قبل موت معاوية بسنة، حجّ الحسين بن علیّ علیه السلام، وعبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن جعفر معه. فجمع الحسين علیه السلام بني هاشم، رجالهم، ونساءهم، ومواليهم، ومن الانصار ممّن يعرفه الحسين علیه السلام، وأهل بيته. ثمّ أرسل رسلاً لا تدعو أحداً ممّن حجّ العام من أصحاب رسول الله صلّي الله علیه وآله المعروفين بالصلاح والنسك إلاّ اجمعهم لي فاجتمع إليه بمِني أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه، عامّتهم من التابعين، ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبيّ صلّي الله علیه وآله. فقام فيهم خطيباً، وبيّن سوابقه وسوابق أبيه وجرائم الطاغية معاوية مناشداً محتجّاً إلی أن بلغ قوله: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: إنِّي تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَأَهْلَ بَيْتِي، فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا ؟! قَالُوا: اللَهُمَّ نَعَمْ ! وواصل الإمام هذه المناشدة، وكلّهم يقولون: اللهُمّ نعم، قد سمعنا، وتفرّقوا علی ذلك. [12] * * * شهادة ابن عبّاس، وعمرو بن العاص، والحسن البصريّ المورد التاسع: شهادة ابن عبّاس علی التمسّك بحديث الثَّقلين روي موفّق بن أحمد الخوارزميّ أخطب خوارزم بسنده عن مجاهد أ نّه قال: قيل لابن عبّاس: ما تقول في علیّ بن أبي طالب ؟! فقال: ذَكَرْتَ وَاللَهِ أَحَدَ الثَّقَلَيْنِ، سَبَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَصَلَّي القِبلَتَيْنِ، وَهُوَ أَبُو السِّبْطَيْنِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ، وَرُدَّتْ عَلَیهِ الشَّمْسُ مَرَّتَيْنِ بَعْدَمَا غَابَتْ عَنِ القِبْلَتَيْنِ، وَجَرَّدَ السَّيْفَ تَارَتَيْنِ، وَهُوَ صَاحِبُ الكَرَّتَيْنِ، فَمَثَلُهُ فِي الاُمَّةِ مَثَلُ ذِي القَرْنَيْنِ، ذَاكَ مَوْلاَيَ علیُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَیهِ السَّلاَمُ. [13] * * * المورد العاشر: شهادة عمرو بن العاص علی التمسّك بحديث الثقلين ذكر موفّق بن أحمد الخوارزميّ الذي يسمّيه المخالفون: صدر الائمّة حديث مكاتبة معاوية عمرو بن العاص في استدعاء عمرو بن العاص إلی المعونة علی أمير المؤمنين علیه السلام، وأورد جواب عمرو بن العاص الذي شرح فيه مناقب أمير المؤمنين علیه السلام وفضائله وسوابقه، وممّا جاء فيه، قوله: وَأَكَّدَ القَوْلَ عَلَیكَ وَعَلَی وَعَلَی جَمِيعِ المُسْلِمِينَ، وَقَالَ: إنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي. [14] * * * المورد الحادي عشر: شهادة الحسن البصريّ علی لزوم التمسّك بحديث الثقلين قال ابن أبي الحديد في « شرح نهج البلاغة »: روي الناقديّ، قال: سُئِلَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ عَنْ علی عَلَیهِ السَّلاَمُ وَكَانَ يَظُنُّ بِهِ الانْحِرَافَ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ كَمَا ظُنَّ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيمَنْ جَمَعَ الخِصَالَ الارْبَعَ: ايتِمَانُهُ عَلَی بَرَاءَةٍ، وَمَا قَالَ لَهُ مِنْ غَزَاةِ تَبُوكَ، فَلَو كَانَ غَيْرُ النُّبُوَّةِ لاَسْتَثْنَاهُ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: الثَّقَلاَنِ: كِتَابُ اللَهِ وَعِتْرَتِي ؛ وَإنَّهُ لَمْ يُؤَمَّرْ عَلَیهِ أَمِيرٌ قَطُّ وَقَدْ أُمِّرَتِ الاُمَرَاءُ عَلَی غَيْرِهِ. [15] أجل، كان كلامنا في هذا البحث حتّي الآن يحوم حول جمع الموارد العديدة في صدور هذا الحديث المبارك، والمواضع الكثيرة للاحتجاج والاستشهاد به. وما علینا في كلامنا الآتي إلاّ البحث موجزاً في سنده ودلالته ومفاده، وبعبارة أُخري، لابدّ لنا من حديثٍ حوله من منطلق البحث الكلامي. البحث في سند حديث الثقلين ودلالته استبان لنا من كيفيّة صدور الحديث، وروايته علی لسان جمع غفير من الصحـابة والتابعين، وتخـريجه مـن قبل مائة وسـبعة وثمانيـن عالماً من علماء العامّة، وضـبطـه في صحاحهم وسـننهم وسِـيَرهم وتواريخـهم وتفاسيرهم، ونصّهم علی توثيق وتصحيح كثير من طرقه أ نّه من الاحاديث المستفيضة المتواترة الصحيحة السَّنَد، بل من الاحاديث التي فاقت التواتر، إذ ليس هناك أدني شبهة وشكّ وتأمّل في صدوره عن خاتم الانبياء صلّي الله علیه وآله. وورد هذا الحديث في « صحيح مسلم »، و « خصائص النسائيّ »، و « مسند أحمد بن حَنْبَل »، و « صحيح الترمذيّ ». وانفرد البخاريّ في عدم ذكره في صحيحه، [16] وذكره ابن الجوزيّ في كتابه « العلل المتناهية » [17]. ردّ صاحب «عبقات الانوار» علی كلام البخاريّ في إنكار الحديثأمّا كلام البخاريّ وبطلانه، فقد ذكر العلاّمة آية الله مير حامد حسين الهنديّ في كتابه النفيس الثمين « عبقات الانوار » مائة وستّين وجهاً [18] فضح بها البخاريّ وأخزاه وحيّره حتّي أ نّه لم يدع له حيلةً يلوذ بها. يقول: فمن الجدير ذكره أنّ البخاريّ قال في تاريخه الصغير الذي أحتفظ منه بنسخة وللّه الحمد: « قال أحمد في حديث عبد الملك عن عطيّة، عن أبي سعيد، قال النبيّ صلّي الله علیه وآله: تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ. أحاديث الكوفّيين هذه مناكير ». لمّا كان هذا الكلام الغريب الذي صدر عن البخاريّ الجليل مدعاةً لإخجال أنصار هذا الإمام الكبير، لانّ الحقيقة واضحة كالشمس في رائعة النهار لمن له أدني تتبّع في مصنَّفات المحقّقين وهي أنّ الإمام أحمد روي حديث الثقلين بطرق عديدة، وأسانيد سديدة، وروايات متكثّرة، وسياقات متوافرة. وضاعف تأييده وتشييده وتوكيده وتوطيده ؛ فكيف يقدح في هذا الحديث الشريف العياذ بالله مثل هذا الجهبذ الجليل والناقد العديم المثيل الذي ينظر إليه أهل السُّنّة أ نّه جُهَينة الاخبار وعيبة الاسرار وحافظ الاحاديث والآثار ونافي الكذب عن النبيّ المختار علیه وآله الاطهار آلاف السلام من الملك الغفّار ؟ فيقحم نفسه في زمرة الناصبين الجاحدين الهالكين ويدخل في مصافّ المنكرين المعاندين الضالّين ! وكيف لم يسمع هذا الكلام السديد، في حين أنت علمتَ سابقاً بحمد الله تعالی أنّ الإمام أحمد ذكر طرقه العديدة خاصّة في مسنده الكريم الذي لا تكفي الطوامير الطويلة لتبيين جلالة رتبته وعظمة منزلته حسب ما أفاده الاعلام. ونقله عن زيد بن أرقم بطريقين، وأخرجه عن زيد بن ثابت بسندين، ورواه من حديث أبي سعيد الخُدريّ بأربعة وجوه. فافتراء القدح في هذا الحديث الشريف وتجريحه علی مثل هذا الثبت المؤيّد والمؤسّس المشيّد عجيب صدوره من أصحاب البخاريّ مع يقظتهم وفطنتهم وحزمهم ووعيهم، بل جدّ عجيب. وأ نّه ليبعث علی الامتعاض بالنسبة إلی أتباعه وأشياعه الذين شمّروا عن ساعد الجدّ في إصلاح فاسده وترويج كاسده، ورتق فتقه، ورفو خرقه. [19] وأمّا القول في بطلان كلام ابن الجوزيّ فقد ورد مفصّلاً، وأورد شهادات علماء العامّة دليلاً علی بطلان كلامه، منها كلام السمهوديّ الذي قال: « ومن العجيب ذكر ابن الجوزيّ له في « العلل المتناهية »، فإيّاك أن تغترّ به، وكأ نّه لم يستحضره حينئذٍ إلاّ عن هذه الطرق الواهية. [20] وهو لم يبيّن بقيّة طرق الحديث، إذ روي في « صحيح مسلم » وغيره عن زيد بن أرقم أ نّه... وأخرجه الحاكم في مستدركه من ثلاثة طرق، وقال كلّ منهم: هذا الحديث صحيح علی شرط الشيخين ولم يخرجاه ». [21] ومنه أ نّه قال: ومن الصنائع الشنيعة والبدائع الفظيعة والغرائب البادية العوار والعجائب الواضحة الشَّنار أنّ ابن الجوزيّ تعامي تعامياً صريحاً عن جميع الطرق والاسانيد الكثيرة المنيرة لهذا الحديث الشريف مع طول باعه وسعة اطّلاعه، وغزارة علومه الدينيّة، ومهارته في الفنون اليقينيّة، وتقدّمه في علم الحديث والاثر، وتفوّقه علی الناقدين من أهل النظر، إلی غير ذلك من المفاخر الباهرة والمآثر الزاهرة التي ثبّتها له أهل السنّة بمبالغة وإغراق، وروي هذا الخبر المنيف بسند طريف، وأدرجه في كتاب « العلل المتناهية في الاحاديث الواهية » من وحي نصبه وعدوانه وغاية بغضه وشنآنه لاهل بيت سيّد الإنس والجانّ علیه وعلیهم آلاف السلام من الملك المنّان علماً أنّ موضوع كتابه المذكور بيان الاحاديث الواهية المتزلزلة الكثيرة الزلل، الجمّة العلل. وأعلن عن مشاقّته ومخالفته بزعمه عدم صحّة الحديث، وقدحه في رجال سنده، بل رفع راية المنابذة والمعاندة للإسلام وأهله كما قال ذلك في كتابه....[22] ردّ صاحب «عبقات الانوار» علی ابن الجوزيّ في هذا الشأنومن الاشخاص الذين ضعّفهم ابن الجوزيّ: عطيّة العَوْفيّ الكوفيّ الذي روي الحديث عن أبي سعيد. وذنبه هو تشيّعه وولاؤه لاهل البيت ! يضاف إلی ذلك أنّ كثيراً من أعلام العامّة وثّقوه. [23] يقول العلاّمة مير حامد حسين: ورد هذا الحديث الشريف في « مسند إسحاق بن راهَوَيه »، و « مسند أحمد »، و « مسند عبد حميد »، و « مسند الدارميّ »، و « صحيح مسلم »، و « صحيح الترمذيّ »، و « فضائل القرآن » لابن أبي الدُّنيا، و « نوادر الاُصول » للحكيم الترمذيّ، و « كتاب السُّنَّة » لابن أبي عاصم، و « مسند البزّاز »، وكتاب « الخصائص » للنسائيّ، و « مسند أبي يَعلی »، و « الذُّرِّيَّة الطاهرة » للدولابيّ، و « صحيح ابن خُزَيمة »، و « صحيح أبي عوانة »، وكتاب « المصاحف » لابن الانباريّ، و « أمإلی المَحاملي »، وكتاب « الولاية » لابن عقدة، وكتاب « الطالبيّين » للجُعابيّ، والمعاجم الثلاثة للطبرانيّ،[24] و « المستدرك » للحاكم، و « شرف النبوّة » للخركوشيّ، و « منقبة المطهَّرين »، و « حلية الاولياء » لابي نُعيم الإصفهانيّ، وكتاب « طُرُق حديث الثقلين » لابن طاهر، وغيرها من الكتب الاُخري. ألم يكن في هذه الكتب غير الطريق الذي ذكره ابن الجوزيّ ؟! نعم كان، إلاّ أ نّه شاء أن يخدع ناظر كتابه بأنّ روايته منحصرة بهذا الطريق، وبما أنّ رجاله ضعفاء بزعمه فالحديث إذاً لا يصحّ. هكذا شاء وَلَكِنَّ اللَهَ كَشَفَ سِرَّهُ وَهَتَكَ سِتْرَهُ بِأَيْدِي أَهْلِ نِحْلَتِهِ وَإنْ كَانُوا أَصْحَابَ الإخمَالِ وَكَفَي اللهُ المؤمِنِينَ القِتَالَ. [25] وأنا أُشبّه أُسلوب ابن الجوزيّ في بحثه حول مسألة الثقلين بالمثال الآتي: نفترض أنّ حريقاً شبّ في حيٍّ من أحياء المدينة، وتصاعد دخانه حتّي يراه الإنسان من بعيد، وتحرّكت سيّارات الإطفاء بصفّاراتها وفرقها نحو مكان الحريق، وأعلن المذياع عنه، وكتبت الصحف عن كيفيّة حدوثه، وسبب نشوبه، وطريقة إطفائه، وتحدّث عنه ثقات يسكنون قريباً منه لا يُحْصَون، فشرحوا مواصفاته كلّها من بدايته إلی نهايته، وذكروا الخسائر الناجمة عنه، بَيدَ أنّ أحد الناس يقول: لمّا كان أحد المخبرين فلاناً المجنون، أو فلاناً السفيه، أو فلاناً غير الموثّق، فإنّ هذا الحريق لم يحدث قطّ، وخبره مفتري من أساسه. وهكذا يحاول إنكاره بكلّ صلافة ووقاحة. فهل هذا الاُسلوب صحيح ؟! وهل هذا الإنكار عقلائيّ ؟! أو نفترض أنّ القمر انشقّ في السماء فأصبح نصفين، وأخبر عنه القرآن الكريم، وتحدّث عنه أهإلی المدينة في الازقّة والشوارع والاحياء، وتعجّب من وقوعه المسافرون الذين دخلوا المدينة وكانوا قد رأوه ليلاً، فهل يتسنّي لاحد أن ينكره ولا يقرّ به لانّ أحد المخبرين ـ مثلاً يهوديّ، وقوله ليس حجّة ؟! وهل يسعه أن يزعم أ نّه ليس من القضايا المسلّمة الواقعة في التأريخ ؟ من الطبيعي أ نّه لا يمكنه أن يزعم ذلك، ولا يقرّ بالحادثة، لانّ قول اليهوديّ لا دور له هنا، ونحن لا نذكره استناداً واستشهاداً فريداً علی الحادثة المعهودة. ذلك أنّ القرائن كثيرة والادلّة المتيقّنة الاعتبار جمّة إلی درجة أ نّنا لا نرتاب في حُجّيّة الحادثة سواء أخبر عنها اليهوديّ أم لم يخبر. وبلغت خيانة ابن الجوزيّ عند أولي العلم والدراية حدّاً أ نّه أثار الجميع فذمّوه وعابوه، وكأنّ لسان حالهم يقول له: هَبْ أنّ عطيّة ضعيف ومرفوض، وأنّ أحاديث الكوفيّين مناكير، فما عساك أن تفعل بالاحاديث الصحيحة السند المأثورة عن غير طريق عطيّة والكوفيّين ؟ وما تقول في الاحاديث التي صرّحوا بصحّتها علی شرط الشيخين؟!26] لقد أحسن العلاّمة آية الله مير حامد حسين الهنديّ أعلی الله مقامه في ردّه كلام ابن الجوزيّ والبخاريّ، إذ وفّي الموضوع حقّه. وقال فيما يخصّ البخاريّ: وجملة القول أنّ إعراض البخاريّ عن إخراج حديث الثقلين عامّة، وبالسياق الذي نقله مُسلم خاصّة خيانة عظمي وخُبث كبير. اللهمّ إلاّ إذا سوّغنا ذلك الإعراض بأنّ السياق المذكور لم يسلم من تحريف زيد بن أرقم. وكلامه المشتمل علی بيان ابتلائه بكِبَر السنّ وقِدَم العهد، والنسيان في أوّل الحديث دليل علی ذلك، لهذا تركه البخاريّ رعاية لمزيد الاحتياط و تَحَرُّجاً مِنْ أَنْ يَرْوِي حَدِيثاً مُحَرَّفاً ! بَيدَ أ نّا لا نتوقّع من أهل السنّة المتعلّقين بأمثال زيد بن أرقم من الصحابة الكرام، يبادرون إلی هذا التسويغ مقابلةً لاهل الحقّ، إلاّ إذا لم نجد لهذا التسويغ ـ مع تسليمنا به وجهاً للإعراض عن الالفاظ والطرق التي أوردها الحاكم النيسابوريّ في كتاب « المستدرك »، واستبانت صحّتها علی شرط البخاريّ ومسلم غير كتمان الحقّ وغمط الصدق. ومن هذا وأمثاله يمكن أن نعرف أنّ مسلماً المسكين ينطق أحياناً بطرفٍ من الحقّ، ولا يعرض عن مثل هذه الاحاديث إعراضاً تامّاً كالبخاريّ. ولهذا السبب لا يبلغ كتابه كتابَ البخاريّ رُتبةً عند المتعصّبين من أهل السنّة، [27] كما أنّ عناده دون عناد ابن الجوزيّ. [28] بحث في مفاد حديث الثقلين والمعني اللغويّ للثقلينوبعد أن بان لنا ثبوت هذا الحديث المبارك كالشمس في رائعة النهار، ندخل الآن في متنه: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أنْ يَأْتِي رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ ( أو ألفاظ تماثلها ): إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ ـ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاء إلی اًلارض وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. ( أو بألفاظ تماثلها ). ويستفاد من قوله: إنّي تارك فيكم أو إنّي مخلّف فيكم، أو إنّي لاحقٌ بربّي، وأُجيب رسول ربّي. وقد خلّفت فيكم، أنّ القرآن والعترة بمنزلة نفسه المقدّسة من حيث الاهمّيّة. وعلی الاُمّة أن تنظر إليهما نظرة تكريم وتعظيم وتفخيم لا من منظار التشريف فحسب، بل من منظار إشرافهما علیها أيضاً. كما أنّ علیها أن تعتبرهما ولِيَّين واليَين مسيطرَين مهيمنَين علیها بمنزلة رسول الله صلّي الله علیه وآله، إذ كان وليّاً والياً مسيطراً مهيمناً. ويستفاد من قوله: فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا الذي مرّ في كثير من المصادر أنّ القرآن والعترة خليفتا رسول الله. ولسان حاله يقول: يا أُمّتي ! ها أنا راحل عنكم، فانظروا كيف ترعون وجودي المستمرّ المتمثّل بالقرآن والعترة، وكيف تحفظونني، وتحفظون حقيقتي وأمري ونهيي وحقوقي وجميع شؤوني وآثاري في ذينك الشيئين ؟! ومن هنا قال بصوت عالٍ: اللَهَ اللَهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ! أُذَكِّرُكُمُ اللَهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، مكرّراً ذلك ثلاث مرّات. المعني اللغويّ للثقلين الثَّقَلين ـ بفتح الثاء والقاف: مثنّي ثَقَل. وهو الشيء النفيس الخطير المحفوظ المصون. كما جاء في « لسان العرب »، و « تاج العروس »، و « القاموس »، وغيرها من كتب اللغة. قال في « تاج العروس » مادّة ثقل: الثَّقَلُ مُحَرَّكَةً: مَتَاعُ المُسَافِرِ وَحَشَمُهُ، [29] وَالجَمْعُ أَثْقَالٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَطِيرٍ نَفِيسٍ مَصُونٍ لَهُ قَدْرٌ وَوَزْنٌ ثَقَلٌ عِنْدَ العَرَبِ. ثمّ قال الزبيديّ مؤلّف الكتاب: قيل لبيض النعام: ثَقَل، لانّ آخذه يفرح به وهو قوت. وكذلك في الحديث: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي جعلهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لهما. وقال ثعلب: سمّاهما ثَقَلين لانّ الاخذ بهما والعمل بهما ثقيل. [30] وجاء في « النهاية » لابن الاثير: وفي الحديث: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي. سَمَّاهُمَا ثَقَلَيْنِ لاَنَّ الاَخْذَ بِهِمَا ثَقِيلٌ. وَيُقَالُ لِكُلِّ خَطِيرٍ ] نَفيسٍ [ ثَقَلٌ. فَسَمَّاهُمَا ثَقَلَيْنِ إعْظَاماً لِقَدْرِهِمَا وَتَفْخِيماً لِشَأْنِهِمَا. [31] وقال في « صحاح اللُّغَة »: وَالثَّقَلُ بِالتَّحْرِيكِ: مَتَاعَ المُسَافِرِ وَحَشَمُهُ. [32] وقال في « المصباح المنير »: والثَّقَلُ: المَتَاعُ، وَالجَمْعُ أَثْقَالٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ. قَالَ الفَارَابِيُّ: الثَّقَلُ: مَتَاعُ المُسَافِرِ وَحَشَمُهُ. [33] وقال في « أقرب الموارد »: وَالثَّقَلُ وِزَانَ سَبَبٍ مَتَاعُ المُسَافِرِ وَحَشَمُهُ. يُقَالُ: لِلْمُسَافِرِ ثَقَلٌ كَثِيرٌ. وَكُلُّ شَيءٍ نَفِيسٍ مَصُونٍ، وَمِنْهُ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: القُرْآنَ وَعِتْرَتِي. جَ أَثْقَالٌ. وَأَصْلُ الثَّقَلِ مَا يَكُونُ مَعَ الإنْسَانِ مِمَّا يُثقِلُهُ. [34] وقال في « الصواعق المحرقة »: (تنبيهٌ): سمّي رسول الله صلّي الله علیه ] وآله [ القرآن وعترته، وهي الاهل والنسل والرهط الادنون: ثَقَلَين، لانّ الثَّقَل كلّ نفيس خطير مصون. وهذان كذلك، إذ كلّ منهما معدن للعلوم اللدنيّة والاسرار والحكم العلیة، والاحكام الشرعيّة، ولذا حثّ صلّي الله علیه وآله علی الاقتداء والتمسّك بهم والتعلّم منهم وقال: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِينَا الحِكْمَةَ أَهْلَ البَيْتِ. وقيل: سمّيا: ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما. ثمّ الذين وقع الحثّ علیهم منهم إنّما العارفون بكتاب الله وسنّة رسوله، إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلی الحوض. ويؤيّده الخبر السابق: وَلاَ تُعَلِّمُوهُمْ فَإنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ. وتميّزوا بذلك عن بقيّة العلماء، لانّ الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. وشرّفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة. [35] وقال فيه أيضاً بعد بيان عدد من الاحاديث النبويّة الداعية إلی التمسّك بالثقلين: كتاب الله والعترة: وفي رواية: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: أُخْلُفُونِي فِي أَهْلِي. وسمّاهما ( الكتاب وأهل البيت ) ثقلين إعظاماً لقدرهما، إذ يقال لكلّ خطير شريف ثقلاً، أو لانّ العمل بما أوجب الله من حقوقهما ثقيل جدّاً. ومنه قول تعالی: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَیكَ قَوْلاً ثَقِيلاً. [36] أي: له وزن وقدر، لا نّه لا يؤدّي إلاّ بتكليف ما يثقل. وسمّي الإنس والجنّ ثقلين [37] لاختصاصهما بكونهما يقطنان الارض، وبكونهما فضلاً بالتمييز علی سائر الحيوان. وفي هذه الاحاديث سيّما قوله صلّي الله علیه وآله: انظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا ؟! وَأُوصِيكُمْ بِعِتْرَتِي خَيْراً ! وَأُذَكِّرُكُمُ اللَهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ! الحثّ الاكيد علی مودّتهم ومزيد الإحسان إليهم، واحترامهم وإكرامهم وتأدية حقوقهم الواجبة والمندوبة. وكيف وهم أشرف بيت وُجِد علی وجه الارض فخراً وحسباً ونسباً. [38] قال ابن أبي الحديد: وإنّما سمّي النبيّ صلّي الله علیه وآله الكتاب والعترة الثقلين، لانّ الثقل في اللغة متاع المسافر وحشمه. فكان صلّي الله علیه وآله لمّا شارف الانتقال إلی جوار ربّه جعل نفسه كالمسافر الذي ينتقل من منزل إلی منزل. وجعل الكتاب والعترة كمتاعه وحَشَمه، لا نّهما أخصّ الاشياء به. [39] روي السيّد هاشم البحرانيّ حديث الثقلين عن محمّد بن عبّاس بسنده المتّصل عن هجام ابن عطيّه، عن أبي سعيد الخدريّ، وجاء فيه أنّ أبا سعيد قال في آخره: وَإنَّمَا سَمَّاهُمَا الثَّقَلَيْنِ لِعِظَمِ خَطَرِهِمَا وَجَلاَلَةِ قَدْرِهِمَا. [40] المعني اللغويّ لاهل البيت والعترةلمّا عرفنا معني الثقلين، علینا أن نعرف الآن معني أهل البيت والعترة. ويتحقّق هذا البحث في مرحلتين: الاُولي: المعني اللغوي لهما واستعمالهما في لسان العرب علی سبيل الحقيقة أو المجاز. الثانية: المراد والمقصود منهما في الحديث الشريف خاصّة. أمّا الاُولي، فنقول: جاء في « تاج العروس »: الآل أهل الرجل وعياله، وأيضاً أتباعه وأولياؤه. ومنه الحديث: سَلْمَانُ مِنَّا آلَ البَيْتِ. قال الله عزّ وجلّ: كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ. [41] وقال ابن عرفة: يعني مَن آل إليه بدين أو مذهب أو نسب. ومنه قوله تعالی: أَدْخِلُو´ا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ. [42] وقول النبيّ صلّي الله علیه وآله: لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَلاَ لآلِ مُحَمَّدٍ. قال الشافعيّ: دلّ هذا علی أنّ النبيّ وآله هم الذين حرمت علیهم الصدقة، وعوّضوا منها الخمس. وهم صليبة بني هاشم وبني عبد المطّلب. وسئل النبيّ صلّي الله علیه وآله: مَن آلُكَ ؟! فقال: آلُ علیٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ عَبَّاسٍ. وكان الإمام الحسن علیه السلام إذا صلّي علی النبيّ الاكرم صلّي الله علیه وآله، قال: اللَهُمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَی آلِ أَحْمَدَ. يريد نفسه. ألا تري أنّ المفروض من الصلاة ما كان علیه خاصّة لقوله تعالی: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَیهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا. [43] وما كان الحسن علیه السلام ليُخِلّ بالفرض. [44] وذكر صاحب « تاج العروس » أيضاً: أهل الرجل عشيرته وذوو قرباه، ومنه قوله تعالی: فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَآ. [45] إن خفتم شقاقاً بين الرجل والمرأة، فابعثوا... إن يريدا إصلاحاً يوفّق الله بينهما.... والاهل للمذهب من يدين به ويعتقده. ومن المجاز: الاهل للرجل زوجته، ويدخل فيه الاولاد. وبه فُسِّر قوله تعالی: وَسَارَ بِأَهْلِهِ [46]. وقيل: أهل النبيّ الرجال الذين هم آله، ويدخل فيه الاحفاد والذرّيّات، ومنه قوله تعالی: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَو'ةِ وَاصْطَبِرْ عَلَیهَا. [47] وقوله تعالی: إنَّمَا يُرِيدُ اللَهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ، [48] وقوله تعالی: رَحْمَتُ اللَهِ وَبَرَكَـ'تُهُ و عَلَیكُمْ أَهْلَ البَيْتِ إِنَّهُ و حَمِيدٌ مَّجِيدٌ. [49] وأورد في « تاج العروس » أيضاً: العِترة نسل الرجل وأقرباؤه من ولد وغيره. وقيل: عترة الرجل رهطه وعشيرته الادنون، أي: الاقربون ممّن مضي وغبر. ومنه قول أبي بكر: نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا، وَبَيْضَتُهُ الَّتِي تَفَقَّأَتْ عَنْهُ، وَإنَّمَا جِيبَتِ [50] العَرَبُ عَنَّا كَمَا جِيبَتِ الرَّحَي عَنْ قُطْبِهَا. قال ابن الاثير: لا نّهم من قريش. والعامّة تظنّ أ نّها ولد الرجل خاصّة، وأنّ عترة رسول الله صلّي الله علیه وآله ولد فاطمة علیها السلام. هذا قول ابن سِيدَة. وقال أبو عُبيدة وغيره: عترة الرجل وأُسرته وفصيلته رهطه الادنون. وقال ابن الاثير: عترة الرجل أخصّ أقاربه. وقال ابن الاعرابيّ: عترة الرجل ولده وذرّيّته وعقبه من صلبه. قال: فعترة النبيّ صلّي الله علیه وآله ولد فاطمة البتول علیها السلام. وروي عن أبي سعيد قال: العترة ساق الشجرة. قال: وعترة النبيّ صلّي الله علیه وآله عبد المطّلب وولده. وقيل: عترته أهل بيته الاقربون وهم أولاده، وعلیّ وأولاده. وقيل: عترته الاقربون والابعدون منهم. وقيل: عترة الرجل أقرباؤه من ولد عمّه دنيا. ومنه حديث أبي بكر قال للنبيّ صلّي الله علیه وآله حين شاور أصحابه في أُساري بدر: عِتْرَتُكَ وَقَوْمُكَ. أراد بعترته العبّاس ومن كان فيهم من بني هاشم، وبقومه قريشاً. والمشهور المعروف أنّ عترته أهل بيته. وهم الذين حُرِمت علیهم الزكاة والصدقة المفروضة. وهم ذوو القربي الذين لهم الخمس المذكور في سورة الانفال.[51] وذكر ابن منظور الاندلسيّ في « لسان العرب » مثلَ الذي نقلناه عن الزبيديّ شرحاً وتفصيلاً. [52] وهكذا حذا حذوهما سائر اللغويّين كالجوهريّ، [53] والشرتونيّ، [54] وابن الاثير [55] وغيرهم، [56] فأوردوا ما تقدّم بإيجاز. وليعلم أنّ ما حكاه أهل اللغة في كتبهم موارد استعمال الالفاظ سواء كانت حقيقيّة أم مجازيّة. ولا يتسنّي الحصول علی المعاني الحقيقيّة من خلالها. وأنّ معني العترة كما عُرف مِن فهم العامّة، ونقله اللغويّون في هذه الكتب أهل البيت والاولاد والذرّيّة، لا الاقارب مطلقاً، وإن كانوا من أباعدهم. وكلام أبي بكر: نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَهِ علی سبيل المجاز لا الحقيقة. ولمّا كان معلوماً هنا أنّ أبا بكر يتّصل بالنبيّ صلّي الله علیه وآله عن طريق قرابة بعيدة جدّاً جدّاً، وهي قريش، فإنّ هذه قرينة علی الاستعمال المجازيّ، وإلاّ فلا يمكن حمل العترة علی هؤلاء الرهط البعيدين أبداً عند فقدان القرينة. قال ابن أبي الحديد في شرح كلام أمير المؤمنين علیه السلام: فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ ؟! وَكَيْفَ تَعْمَهُونَ وَبَيْنَكُمْ عِتْرَةُ نَبِيِّكُمْ ؟! وعترة رسول الله صلّي الله علیه وآله أهله ونسله. وليس بصحيح قول من قال: إنّه رهطه وإن بعدوا. وإنّما قال أبو بكر يوم السقيفة أو بعده: نَحْنُ عِتْرَةُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَبَيْضَتُهُ الَّتِي فُقِأَتْ عَنْهُ. علی طريق المجاز، لا نّهم بالنسبة عترة له لا في الحقيقة. ألا تري أنّ العدنانيّ يفاخر القحطانيّ فيقول له: أَنَا ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَهِ صلّي الله علیه وآله. ليس أ نّه يعني أ نّه ابن عمّه علی الحقيقة، لكنّه بالإضافة إلی القحطانيّ إلی ابن عمّه. وإنّما استعمل ذلك ونطق به مجازاً. وإن قدَّر مقدِّر له علی طريق حذف المضافات، أي: ابن ابن عمّ أب أب إلی عدد كثير في البنين والآباء، فلذلك أراد أبو بكر أ نّهم عترة أجداده علی طريق حذف المضاف. وقد بيّن رسول الله صلّي الله علیه وآله مَن عترته لمّا قال: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ، فقال: عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. وبيّن في مقام آخر مَن أهل بيته حين طرح علیهم كساءً وقال حين نزل: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ»: [57] اللَهُمَّ هَؤلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبِ الرِّجْسَ عَنْهُم. فإن قلتَ: فمن هي العترة التي عناها أمير المؤمنين علیه السلام بهذا الكلام: وَفِيكُم عِتْرَةُ نَبِيِّكُمْ. قلتُ: نفسه وولداه. والاصل في الحقيقة نفسه، لانّ ولديه تابعان له. ونسبتهما إليه مع وجوده نسبة الكواكب المضيئة مع طلوع الشمس المشرقة. وقد نبّه النبيّ صلّي الله علیه وآله علی ذلك بقوله: وَأَبُوكُمَا خَيْرٌ مِنْكُمَا. [58] المقصود من أهل البيت والعترةأمّا في المرحلة الثانية فعلینا أن نعرف ما هو مراد رسول الله صلّي الله علیه وآله من أهل البيت والعترة في حديث الثقلين. إنّه صلّي الله علیه وآله أراد من قوله: عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي: أمير المؤمنين، وفاطمة الزهراء، والحسنين علیهم السلام، والتسعة من ولد الحسين علیه السلام واحداً بعد آخر، وخاتمهم بقيّة الله أرواحنا فداه. ودليلنا الاوّل علی ذلك حديث الكساء، إذ جمع النبيّ صلّي الله علیه وآله علیاً، وفاطمة والحسنين علیهم السلام تحت الكساء وقال: اللَهُمَّ هَؤلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي ! ومجموعهم مع نفسه الشريفة خمسة. وهم أهل البيت. ويدخل معهم ولد الحسين علیه السلام حتّي إمام العصر والزمان بدلائل قطعيّة وقرائن شهوديّة. [59] وقد تحدّثنا عن هذه الحقيقة بصورة وافية في سياق البحث في آية التطهير. [60] ارجاعات [1] ـ «كتاب سُليم بن قيس» ص 179 إلي 190، والفقرات المذكورة واردة في ص 187 إلي 189 من الكتاب بالترتيب ؛ ورواه البحرانيّ في «غاية المرام» ص 218، الحديث الرابع، عن الخاصّة، عن محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب «الغيبة» بسنده المتّصل عن سُليم بن قيس، عن أمير المؤمنين عليه السلام ؛ ورواه أيضاً مفصّلاً في ص 230 و 231 من كتابه المذكور، الحديث 51، عن النعمانيّ في «الغيبة» بسنده المتّصل عن سُليم، وبسند آخر أيضاً عن عمر بن أبي سَلِمة ؛ وذكره أيضاً فيه، ص 231، الحديث الثاني والخمسون، عن «غيبة النعمانيّ»، وفيه: قام من الاثني عشر أربعة: الهيثم بن التَّيِّهان، وأبو أيّوب، وعمّار، وخزيمة ذو الشهادتين. وشهدوا كلّ علي حِدة بأشياء وخصوصيّات أُخري كانت تخصّهم أنفسهم. [2] ـ الآية 59، من السورة 4: النساء. [3] ـ الآية 83، من السورة 4: النساء. [4] ـ الآية 48، من السورة 8: الانفال. [5] ـ الآية 158، من السورة 6: الانعام. والمصدر هو: «أمالي المفيد» ص 348 إلي 350، الحديث 4 من المجلس الحادي والاربعين، طبعة جماعة المدرِّسين في الحوزة العلميّة بقم. [6] ـ «غاية المرام» ص 234، الحديث 77، عن الخاصّة، عن المفيد، وص 224، الحديث 15، عن الخاصّة عن الطوسيّ. [7] ـ «ينابيع المودّة» ص 21. وجاء في هذه الرواية قوله: ونحن ثاني كتاب الله مكان قوله: والتالي لكتاب الله. [8] ـ الآية 111، من السورة 21: الانبياء. [9] ـ «تذكرة الخواصّ» ص 113، الطبعة الحجريّة من القطع الرحليّ. [10] ـ وفي بعض النسخ: بسنتين. [11] ـ ذكر ابن الاثير الجزريّ في «الكامل في التاريخ» ج 3، ص 460، حوادث سنة 49 ه، أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام توفّي فيها، سمّته جعدة بنت الاشعث بن قيس الكنديّ. [12] ـ «كتاب سُليم بن قيس» ص 206 إلي 209. ونحن ذكرنا هذه الخطبة مع ترجمتها إلي الفارسيّة في الطبعة الثانية من كتاب «لمعات الحسين عليه السلام» ص 23 إلي 30، الطبعة الفارسيّة. [13] ـ «مناقب الخوارزميّ» ص 230، الطبعة الحجريّة، وفي طبعة النجف الحديثة: ص 236 ؛ و«غاية المرام» ص 214، الحديث 24، عن العامّة، عن الخوارزميّ. [14] ـ «مناقب الخوارزميّ» ص 126، الطبعة الحجريّة، وفي طبعة النجف الاشرف الحديثة: ص 130 ؛ و«غاية المرام» ص 213، الحديث 17، عن العامّة، عن الخوارزميّ. [15] ـ «غاية المرام» ص 217، الحديث 34، عن العامّة. [16] ـ يتّضح ممّا قلناه أنّ كلام أخينا المؤمن العزيز الدكتور السيّد محمّد التيجانيّ السماويّ في ص 111، من كتابه الثمين: «لاكون مع الصادقين» لا يستقيم، إذ قال: إنّ البخاريّ، ومسلم، والترمذيّ، وابن ماجة لم يذكروه في كتبهم. فقد ذكره الثلاثة الواردة أسماؤهم بعد البخاريّ. [17] ـ وطعن ابن تيميّة أيضاً بقوله صلّي الله عليه وآله: لن يفترقا. فتصدّي مير حامد حسين إلي ردّه مفصّلاً. وقال في آخره: كيف يجرؤ مسلم علي القدح في أصل حديث الثقلين سنداً، أو إنكار ثبوت قوله: لن يفترقا وما ماثله، في حين أنّ النواصب اللئام الذين اتّفق أهل الإسلام علي تكفيرهم لم يقولوا بذلك ؟ وقُصاري سعيه اللامشكور وحُمادي جهده اللامبرور ـ شتّان علي ما أفاده مخاطبنا اللبيب في العبارة الماضية من «التحفة» هو أ نّه قدح في صحّة هذا الحديث الشريف وزعم باطلاً أنّ الدليل العقليّ لا يعضده. فأثبت بذلك جهله وسفاهته تماماً. ومن هنا فإنّ قدوة النواصب الاغثام وأُسوة هؤلاء الطغام عمرو بن بحر البصريّ المعروف بالجاحظ، علي شدّة نصبه وعدوانه وكثرة بغيه وطغيانه الوارد مثاله في الجزء الخاصّ بحديث الغدير، والجزء الخاصّ بحديث المنزلة، قد أنطقه الحقّ سبحانه وتعالي إظهاراً للحقّ وإرداءً للباطل فاعترف بالصواب في «رسالة مدح أهل البيت عليهم السلام» إذ استدلّ بحديث الثقلين علي كمال أفضليّة أهل البيت عليهم السلام، وأحرز قصب الاستباق في تسويد وجوه أهل الإنكار والشقاق بإيراده لفظاً أصرح وأوضح يشتمل علي جملة عدم الافتراق أيضاً، فقال في رسالته المذكورة: اعلم أنّ الله تعالي لو أراد أن يسوّي بين بني هاشم وبين الناس لما أبان منهم ذوي القربي ولما قال: «وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِين » وقال تعالي: «وَإنَّهُ لَذِكر لك ولقومك». وإذا كان لقومه في ذلك ما ليس لغيرهم فكلّ من كان أقرب كان أرفع ؛ ولو سوّاهم بالناس لما حرّم عليهم الصدقة ؛ وما هذا التحريم إلاّ لإكرامهم، ولذلك قال للعبّاس حين طلب ولاية الصدقات: لا أُولّيك غسالات خطايا الناس وأوزارهم، بل أُولّيك سقاية الحجّ (الحاجّ ظ) والإنفاق علي زوّار الله ؛ ولهذا كان رباه أوّل ربا وضع، ودم ابن ربيعة بن الحارث اوّل دم هدر، لا نّها القدوة في النفس والمال ؛ ولهذا قال عليّ علي منبر الجماعة: نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد من الناس، وصدق كرّم الله وجهه وكيف يقاس بقوم منهم رسول الله صلّي الله عليه (وآله) وسلّم والاطيبان: عليّ وفاطمة، والسبطان: الحسن والحسين، والشهيدان: أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر، وسيّد الوادي عبد المطّلب، وساقي الحجيج العبّاس، والنجدة والخير فيهم، والانصار أنصارهم، والمهاجر مَن هاجر إليهم ومعهم ؛ والصدِّيق من صدَّقهم، والفاروق من فرّق بين الحقّ والباطل فيهم، والحواريّ حواريّهم، وذو الشّهادتين، لا نّه شهد لهم، ولا خير إلاّ فيهم ولهم ومنهم ومعهم. وقال عليه السلام: إنّي تاركٌ فيكم الخليفتين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الارض، وعترتي أهل بيتي ؛ نبّأني اللطيف الخبير أ نّهما لن يتفرّقا حتّي يَردا عَلَيَّ الحَوضَ. («عبقات الانوار» ج 2، ص 942 و 943 ). [18] ـ «عبقات الانوار» ج 2، ص 824 إلي 905، من حديث الثقلين، طبعة إصفهان. [19] ـ «العبقات» ج 2، ص 824 و 825. [20] ـ أورد آية الله مير حامد حسين في عبقاته، ج 1، ص 220 و 221 نقلاً عن العلاّمة السخاويّ في «استجلاب ارتقاء الغرف» في ذكر هذا الحديث الشريف أ نّه قال: وتعجّبت من إيراد ابن الجوزيّ له في «العلل المتناهية»، بل أعجب من ذلك قوله: «إنّه حديث لا يصحّ» مع ما سيأتي من طرقه التي بعضها في «صحيح مسلم»، لانّ مسلماً أخرج في صحيحه حديث زيد من طريق سعيد بن مسروق، وأبي حيّان يحيي بن سعيد بن حيّان وكلاهما ـ اللفظ للثاني عن يزيد بن حيّان عمّ ثانيهما، عن زيد بن أرقم. ويذكر هنا حديث زيد مفصّلاً الكلام. [21] ـ «العبقات» ج 2، ص 638 و 639، عن نور الدين السمهوديّ في كتاب «جواهر العقدين». [22] ـ «العبقات» ج 2، ص 836. [23] ـ إنّ الإشكال الثاني والاربعين بعد المائة الذي سجّله صاحب «العبقات» علي البخاريّ في الجزء الثاني من كتابه، ص 892 و 893 هو كما يأتي: إنّ قدح ابن الجوزيّ في عطيّة الراوي لهذا الحديث الذي أورده عن أبي سعيد الخُدريّ مرفوض بتوثيق ابن سعد له، فقد قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب»: «قال ابن سعد: خرج عطيّة مع ابن الاشعث، فكتب الحجّاج إلي محمّد بن القاسم أن يعرضه علي سبّ عليّ بن أبي طالب ! فإن لم يفعل فاضربه أربعمائة سوط واحلق لحيته. فاستدعاه، فأبي أن يسبّ، فأمضي حكم الحجّاج فيه، ثمّ خرج إلي خراسان، فلم يزل بها حتّي ولي عمر بن هبيرة العراق. فقدمها فلم يزل بها إلي أن توفّي سنة 110 ه. وكان ثقة إن شاء الله تعالي، وله أحاديث صالحة ومِنَ الناس مَن لا يحتجّ به». وليُعلَم أنّ توثيق ابن سعد ـ مع عداوته الكثيرة وبغضه الشديد لاهل البيت عليهم السلام إلي حدّ ضعّف معه الإمام جعفر الصادق عليه وعلي آبائه وأبنائه المعصومين آلاف التحيّة ما ذرّ شارق، ووصف روايته بالاختلاف والاضطراب، إلي غير ذلك من آيات إعراضه عن أهل البيت والائمّة الطاهرين منهم لعطيّة هذا دليل قاطع علي صحّة روايته، ومَن لم يحتجّ به فأُولئك أشدّ حروريّة واعوجاجاً من ابن سعد، فانتبه ولا تغفل ! [24] ـ لا يخفي علي أهل التحقيق والاطّلاع أنّ جميع الاحاديث التي ذكرها الطبرانيّ في معجمه الكبير أحاديث صحيحة. ذلك أ نّه لم يُخرج فيه إلاّ ما كان صحيح السند. [25] ـ «العبقات» ج 2، ص 905 و 906. [26] ـ بلغت خيانة ابن الجوزيّ الدينيّة وجنايته الفقهيّة والعلميّة من العجب درجة أنّ حفيده أبا المظفّر يوسف بن قزغلي المعروف بسبط بن الجوزيّ قال في كتاب «تذكرة خواصّ الاُمّة» ص 182، الباب الثاني عشر في ذكر الائمّة عليهم السلام، الطبعة الحجريّة: قال أحمد في «الفضائل»: حدّثنا أسود بن عامر، حدّثنا إسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن عليّ بن ربيعة قال: لقيتُ زيد بن أرقم فقلت له: هل سمعتَ رسول الله صلّي الله عليه وآله يقول: تركت فيكم الثقلين، واحـد منهما أكبـر من الآخـر ؟ قال: نعم، سـمعته يقول: تركـت فيكـم الثقلين: كتاب الله حبل ممدود بين السماء، وعترتي أهل بيتي. ألا إنّهما لن يفترقا حتّي يردا علَيَّ الحوض. ألا فانظروا كيف تخلفونّي فيهما. قال سبط بن الجوزيّ هنا: فإن قيل: فقد قال جدّك في كتاب «العلل الواهية»: أنبأنا عبد الوهاب الانماطيّ عن محمّد بن المظفّر، عن محمّد العقيقيّ، عن يوسف بن الدخيل، عن جعفر العقيليّ، عن أحمد الحلوانيّ، عن عبد الله بن داهر، قال: حدّثنا عبد الله بن عبد القدّوس، عن الاعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد، عن النبيّ صلّي الله عليه وآله بمعناه. ثمّ قال جدّك: ضعيف، وابن عبد القدّوس رافضيّ، وابن داهر ليس بشيء. قلتُ: الحديث الذي رويناه أخرجه أحمد في «الفضائل»، وليس في إسناده أحد ممّن ضعّفه جدّي. وقد أخرجه أبو داود في سننه، والترمذيّ أيضاً، وعامّة المحدّثين. وذكره ابن رزين في «الجمع بين الصحاح السِّتَّة». والعجيب كيف خفي عن جدّي ما روي مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم ؟ ويبيّن سبط بن الجوزيّ حديث زيد بن أرقم هنا. ويقول في آخره: الثقلان: الخطران العظيمان. [27] ـ «العبقات» ج 2، ص 933. [28] ـ يقول ابن حجر الهيتميّ في «الصواعق المحرقة» ص 148، طبعة مكتبة القاهرة دار الطباعة المحمّديّة، وقد روي حديث الثقلين عن الترمذيّ، وأحمد بن حنبل مستوعباً ثلثي الصفحة المتقدّمة علي الصفحة المذكورة: وذكر ابن الجوزيّ لذلك في «العلل المتناهية» وهم أو غفلة عن استحضار بقيّة طرقه، بل في « ] صحيح [ مسلم» عن زيد بن أرقم أ نّه صلّي الله عليه ] وآله [ قال ذلك يوم غدير خُمّ ـ وهو ماء بالجحفة ثمّ روي حديث زيد وقال: وفي رواية صحيحة: إنّي تاركٌ فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتّبعتموهما وهما كتاب الله وأهل بيتي وعترتي. وزاد الطبرانيّ: إنِّي سألتُ ذلك لهما، فلا تقدّموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم. وقال بعد ذلك: وفي رواية كتاب الله وسُنَّتي. وهي المراد من الاحاديث المقتصرة علي الكتاب، لانّ السنّة مبيّنة له فأغني ذكره عن ذكرها. والحاصل أنّ الحثّ وقع علي التمسّك بالكتاب وبالسنّة وبالعلماء بهما من أهل البيت. ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الاُمور الثلاثة إلي قيام الساعة. [29] ـ قال في «أقرب الموارد» ج 1، ص 196، مادّة حشم: حَشَمُ الرجل خَدَمُهُ ومن يغضب له. سُمُّوا بذلك لا نّهم يغضبون له أو يغضب هو لهم من أهل وعبيد أو جيرة أو أقرباء. والجمع أحشام. [30] - تاج العروس ج7، ص 245، ماده ثقل. [31] ـ «النهاية» ج 1، ص 216، مادّة ثقل. [32] ـ «صحاح اللغة» ج 2، ص 160، مادّة ثقل، طبعة بولاق سنة 1282. [33] ـ «المصباح المنير» للفيوميّ، مادّة ثقل، الطبعة الحجريّة. [34] ـ «أقرب الموارد» لسعيد الخوريّ الشرتونيّ اللبنانيّ، ج 1، ص 91، مادّة ثقل. [35] ـ «الصواعق المحرقة» ص 90، لابن حجر الهيتميّ. [36] ـ الآية 5، من السورة 73: المزّمّل. [37] ـ وردت كلمة (الثقلين) مرّة واحدة في القرآن الكريم، وذلك في الآية 31، من السورة 55: الرحمن: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ. والخطاب هنا للإنس والجنّ، لورود ذكرهما في السورة قبل ذلك: خَلَقَ الإنسَـ'نَ مِن صَلْصَـ'لٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ. الآيتان 14 و 15، من السورة 55: الرحمن. [38] ـ «الصواعق المحرقة» ص 136. [39] ـ «شرح نهج البلاغة» ج 6، ص 380، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة، في سياق شرح الخطبة 85، حيث يقول عليه السلام: أَلم أعمل فيكم بالثَّقل الاكبر، وأترك فيكم الثَّقل الاصغر ؟ وهذا التفسير الذي أورده ابن أبي الحديد ذكره السيّد البحرانيّ أيضاً في «غاية المرام»، ص 217، ضمن الحديث 39، عن العامّة. [40] ـ «غاية المرام» ص 226، الحديث 33، عن الخاصّة. [41] ـ جاء في ثلاثة مواضع من القرآن: الآية 11، من السورة 3: آل عمران ؛ والآية 52، و 54 من السورة 8: الانفال. [42] ـ الآية 46، من السورة 40: غافر. وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُو´ا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ. [43] ـ الآية 56، من السورة 33: الاحزاب. [44] ـ «تاج العروس» ج 7، ص 216، مادّة آل. وقال في «مجمع البحرين» ج 5، ص 314، طبعة النجف الحديثة: أهل الرجل: آلُهُ وهم أشياعه وأتباعه وأهل ملّته ثمّ كثر استعمال الاهل والآل حتّي سمّي بهما أهل بيت الرجل، لا نّهم أكثر من يتّبعه. وقال الفيّوميّ في «المصباح المنير» مادّة أهل: والاهل أهل البيت، والاصل فيه القرابة. وقد أُطلق علي الاتباع. [45] ـ الآية 35، من السورة 4: النساء. [46] ـ الآية 29، من السورة 28: القصص: فَلَمَّا قَضَي' مُوسَي الاْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ. [47] ـ الآية 132، من السورة 20: طه. [48] ـ الآية 33، من السورة 33: الاحزاب. [49] ـ الآية 73، من السورة 11: هود. والمصدر هو: «تاج العروس» ص 217، مادّة أهل. [50] ـ قال ابن الاثير في «النهاية» ج 1، ص 310، مادّة جوب: ومنه قول أبي بكر للانصار يوم السقيفة: إنّما جيبت العربُ عنّا كما جيبت الرحي عن قطبها. أي: خُرِقَتِ العرب عنّا فكُنّا وسطاً وكانت العرب حوالَينا كالرحي وقطبها الذي تدور عليه. [51] ـ «تاج العروس» ج 3، ص 380. [52] ـ «لسان العرب» ج 4، ص 538، مادّة عتر. [53] ـ «صحاح اللغة» ج 1، ص 258، طبعة بولاق، مصر سنة 1282: عترة الرجل نسله ورهطه الادنون. [54] ـ «أقرب الموارد في فصح العربيّة والشوارد» ج 2، ص 741: العِترة بالكسر: ولد الرجل وذرّيّته وعقبه من صلبه. وقيل: رهطه وعشيرته الادنون ممّن مضي وغبر. [55] ـ «النهاية في غريب الحديث والاثر» ج 3، ص 177: عتر ] ه [ فيه: «خلّفت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي» عترة الرجل أخصّ أقاربه، وعترة النبيّ صلّي الله عليه وآله: بنو عبد المطّلب. وقيل: أهل بيته الاقربون. وهم أولاده وعليّ وأولاده ؛ وقيل: عترته الاقربون والابعدون منهم. [56] ـ كالفيّوميّ الذي قال في «المصباح المنير» الطبعة الحجريّة، مادّة عتر: العترة نسل الإنسان. قال الازهريّ: وروي ثعلب عن ابن الاعرابيّ أنّ العترة ولد الرجل وذرّيّته وعقبه من صلبه، ولا تعرف العرب من العترة غير ذلك ـ إلي آخره. [57] ـ الآية 33، من السورة 33: الاحزاب. [58] ـ «شرح نهج البلاغة» ج 6، ص 375 و 376، الخطبة 85، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة ؛ ونقل البحرانيّ ذلك عنه، عن العامّة مفصّلاً في «غاية المرام» ص 217، الحديث 39. ومن الضروريّ التذكير بأنّ العترة لمّا كانت تعني في اللغة خاصّة الاقارب والاولاد القريبين، فهي تشمل أصحاب الكساء فحسب، ويدخل معهم بقيّة الائمّة عليهم السلام بالمناط القطعيّ والقرائن الخارجيّة النقليّة ؛ روي البحرانيّ في «غاية المرام» ص 232، الحديث 56 عن الخاصّة، عن الشيخ الصدوق بسنده المتّصل عن أبي بصير قال: قلتُ للصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ ؟! قال: ذُرِّيَّتُهُ. قلتُ: مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ ؟! قال: الائِمَّةُ الاَوْصِيَاءُ. قلتُ: مَنْ عِتْرَتُهُ ؟! قال: أَصْحَابُ العَبَاءِ. قلتُ: مَنْ أُمَّتُهُ ؟ قال: المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ صَدّقوا بِما جاء به من عند الله عزّ وجلّ، ليتمسّكوا بالثقلين اللذين أُمروا بالتمسّك بهما: كتاب الله وعترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. وهما الخليفتان علي الاُمّة بعد رسول الله صلّي الله عليه وآله. [59] ـ ذكر البحرانيّ في «غاية المرام» ص 219 و 220، الحديث 9، عن الخاصّة، حديثاً في تفسير الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَـ'بَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا. وفيه أنّ البحث دار حولها في مجلس المأمون، فقال العلماء: أراد الله تعالي بذلك الاُمّة كلّها. فقال الإمام الرضا عليه السلام: أراد الله عزّ وجلّ بذلك العترة الطاهرة. وعندما سأل المأمون عن وجه ذلك أجابه الإمام أجوبة مفصّلة، منها: أ نّه تمسّك بحديث الثقلين. ثمّ أثبت أنّ معني العترة آل محمّد. [60] ـ دورة العلوم والمعارف الإسلاميّة، القسم الثاني: «معرفة الإمام» ج 3، الدرس 40 إلي 45. |
|
|