بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس / القسم الاول: معنی الولایة، شرط ولایة المؤمنین

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الرجوع الی المجلد الرابع

الدرس‌ الحادي‌ والستّون‌ والثاني‌ والستّون‌:

 دراسة‌ لغويّة‌ لمعني‌ الولاية‌

 بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌  إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العلی العظيم‌

  قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 هُنَالِكَ الْوَلَـ'يَةُ لِلَهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا . [1]

 معني‌ الولاية‌ في‌ الكتب‌ اللغويّة‌

جاءت‌ كلمة‌ الولاية‌ ـ مصدراً كانت‌ أو اسم‌ مصدر ـ في‌ القرآن‌ المجيد بمشتقّات‌ كثيرة‌ نحو: الوليّ، وتَوَلّي‌، ووَ إلی‌، وأَوْلِيآء، وَمَو إلی، وَمُوَلِّي‌، وتوليّ، وتَوْلِيَتْ، وغيرها من‌ المشتقّات‌ . والآن‌ ينبغي‌ لنا أن‌ نري‌ ما هو المعني‌ اللغوي‌ّ للولاية‌، ثمّ نتحدّث‌ عن‌ تفسير الآية‌ المباركة‌ .

 الرجوع الي الفهرس

بحث‌ لغوي‌ّ حول‌ معني‌ الولاية‌

 أمّا معني‌ الكلمة‌ لغويّاً، فهو كمايلي‌:

 يقول‌ في‌ «المصباح‌ المنير»: الْوَلْي‌ُ مِثْلُ فَلْسِ: الْقُرْبُ . وفي‌ الفعل‌ لغتان‌ ] أكثرهما [ وَلِيَهُ يَلِيهِ بكسرتين‌ ] من‌ باب‌ حَسِبَ ـ يَحْسِبُ [ ؛ والثانية‌ من‌ باب‌ وَعَدَ ] يَعِدُ [، وهي‌ قليلة‌ الاستعمال‌ ... ووَلِيتُ علی الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فالفاعل‌ والٍ والجمعُ وُلاَةٌ . والصبيّ والمرأة‌ مَوْلِي‌ٌّ علی هِ ... والوِلاَيَةُ بالفتح‌ والكسر النُّصْرَةُ . واسْتَوْلَي‌ علی هِ غلب‌ عليه وتمكّن‌ منه‌ .

 وجاء في‌ «صِحاح‌ اللغة‌»: الْوَلْي‌ُ ـ القرب‌ والدنوّ . يقال‌: تباعَدَ بَعْدَ
 وَلْي‌ٍ؛ وكُلْ مِمّا يَليكَ، أَي‌ْ: مِمّا يُقَاربُكَ ؛  إلی‌ أن‌ يقول‌: و الوَلِي‌ّ ضدّ العدو، يقال‌ منه‌ تولّوه‌ . و المَوْلَي‌ المعتِق‌، والمتَق‌، وابن‌ العمّ، والناصر، والجار. و الوَلي‌ّ الصهر؛ و كُلُّ مَنْ وَلِي‌َ أَمْرَ واحِدٍ فَهُوَ وَلِيُّهُ .  إلی‌ أن‌ يقول‌:

 والوِلاَية‌ بالكسر السلطان‌ ؛ والوِلاَية‌ بالكسر والفتح‌: النصرة‌ ؛ وقال‌ سيبويه‌: الوَلاَية‌ بالفتح‌ المصدر ؛ وبالكسر الاسم‌ مثل‌: الإمارة‌ والنِقابَة‌؛ لانـّه‌ اسم‌ لما تولّيَته‌ وقمتَ به‌ ؛ فإذا أرادوا المصدر فتحوا .

 وجاء في‌ « أقرب‌ الموارد »: وَلاَهُ وَ وَلِيَهُ يَلِيهِ، من‌ باب‌ ضَرَبَ يَضْرِبُ وَحَسِبَ يَحْسِبُ، والاوّل‌ قليل‌ الاستعمال‌ ؛ ] والمصدر [ وَلِي‌، أي‌ دنا منه‌ وقرب‌ يقال‌: جَلَسْتُ مِمَّا يَلِيهِ ؛ أي‌ يقاربه‌ ؛ ويقال‌: الْوَلِيُ حُصُولُ الثَّانِي‌ بَعْدَ الاوَّلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ .

 وَلِي‌َ الشَّي‌ءِ وَ علی هِ وِلاَيَةً وَوَلاَيَةً: ملك‌ أمره‌، وقام‌ به‌ . أو الوِلاَيَة‌ بالفتح‌ والكسر الخِطَّة‌ والإمارة‌ والسلطان‌ ؛ ووَلِيَ فلاَناً و علی هِ: نصره‌، و وَلِيَ فُلاَناً وَلاَيةً: أَحبّه‌ ؛ و وَلِي‌َ الْبَلَدَ: تسلّط‌ عليه .

 و الو إلی‌ اسم‌ فاعل‌، ومنه‌: و إلی‌ البَلَد للمتسلّط‌ علی ها و حاكمها، لانـّه‌ يلي‌ القوم‌ بالتدبير والامر والنهي‌ ؛ والجمع‌ وُلاَة‌ . و الوَلاَءُ كسماء: الملك‌، والمحبّة‌، والنصرة‌، والقرب‌، والقرابة‌ .

 و الوَلاءَةُ بالفتح‌: القرابة‌، و الوَلاَيةُ بالفتح‌: مصدر ؛ وهي‌ أيضاً بمعني‌ البلاد التي‌ يتسلّط‌ علی ها الو إلی‌، والجمع‌: وَلاَيَاتٌ.

 و الوِلاَيَةُ بالكسر: الخِطّة‌، والإمارة‌ والسلطان‌ ؛ والبلاد التي‌ يتسلّط‌ علی ها الو إلی‌، وهذه‌ مولَّدة‌ .

 و الوَلِيّ كغنيّ: المطر يسقط‌ بعد المطر، أو المطر بعد الوسمي‌، والجمع‌: أَوْلِيَةٌ، والنسبة‌  إلیه‌: وَلَويّ. وفي‌ « المصباح‌ »: «الوَلِيُّ فعيل‌ بمعني‌ فاعل‌ من‌ ولِيَهُ إذا قام‌ به‌ ؛ ومنه‌: «اللَهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا»، والجمع‌: أَوْلِيآء؛ قال‌ ابن‌ فارس‌: كُلُّ مَنْ وَلِي‌َ أَمْرَ أَحَدٍ فَهُوَ وَلِيُّهُ ؛ وقد يطلق‌ الولي‌ّ علی (المُعْتِق‌)، و(المُعْتَق‌)، وابن‌ العمّ، والناصر، وحافظ‌ النسب‌، والصديق‌، ذكراً كان‌ أو أُنثي‌ . وقد يؤنّث‌ بالهاء فيقال‌: هي‌ وَلِيَّةٌ ؛ قال‌ أبو زيد: سمعتُ بعض‌ بني‌ عقيل‌ يقول‌: هُنَّ وَلِيّاتُ اللَهِ وَ عَدُوّاتُ اللَهِ وَ أَوْلِيَاؤُهُ وَ أَعْداؤُهُ. ويكون‌ الولي‌ّ بمعني‌ مَفعول‌ في‌ حقّ المطيع‌ فيقال‌: «الْمُؤمِنُ وَلِيُّاللهِ».

 وجاء في‌ « مجمع‌ البحرين‌ »: أَوْلَي‌ النَّاسِ بِإِبْرَ ' هِيمَ [2] يَعْني‌: أَحَقَّهُمْ بِهِ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ، مِنَ الْوَلِيّ ؛ وَ هُوَ الْقُرْبُ .

 وقوله‌ تعالی‌: هُنَالِكَ الوَلَـ'يَةُ لِلَهِ [3] هي‌ بالفتح‌: الربوبيّة‌ . يعني‌: يومئذٍ يتولّون‌ الله‌ ويؤمنون‌ به‌ ويتبرّأون‌ ممّا كانوا يعبدون‌ .

 و الوَلاَية‌ بالفتح‌ أيضاً: النصرة‌ ؛ وبالكسر: الإمارة‌، مصدر وَلِيتُ؛ ويقال‌: هما لغتان‌ بمعني‌ الدولة‌ . وفي‌ « النهاية‌ »: هي‌ بالفتح‌: المحبّة‌، وبالكسر: التولية‌ والسلطان‌ . ومثله‌ الوِلاء بالكسر ـ عن‌ ابن‌ السكّيت‌ .

 و الوَلِي‌ّ و الو إلی‌: وكلّ من‌ ولي‌ أمر أحد فهو وليّه‌ .

 والوَلِي‌ّ: هو الذي‌ له‌ النصرة‌ والمعونة‌ .

 و الوَلِي‌: الذي‌ يدبّر الامر . يقال‌: فُلاَنٌ وَلِيُّ الْمَرأَةِ إذا كان‌ يريد نكاحها.

 و وَلِي‌ُّ الدم‌: من‌ كان‌  إلیه‌ المطالبة‌ بالقِوَد .

 والسلطان‌ وليّ أمر الرعيّة‌، و منه‌ قول‌ الكُمَيْت‌ الشاعر في‌ حقّ أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه السلام:

 وَنِعْمَ وَلِيُّ الاْمْرِ بَعْدَ وَلِيِّهِ                       وَمُنْتَجَعُ التَّقْوَي‌ وَنِعْمَ الْمُقَرَّبُ

 وقوله‌ تعالی‌: اِءنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ. [4] نزلت‌ في‌ حقّ علی (بن‌ أبي‌ طالب‌) عليه السلام‌. عند المخالف‌ والمؤالف‌ حين‌ سأله‌ سائل‌ و هو راكع‌ في‌ صلاته‌ فأومأ  إلیه‌ بخنصره‌  إلیمني‌، فأخذ السائل‌ الخاتم‌ من‌ خنصره‌؛ ورواه‌ الثعلبي‌ّ في‌ تفسيره‌ .

 قال‌ الشيخ‌ أبو علی ‌ّ: والحديث‌ طويل‌، و فيه‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه و آله وسلّم‌ قال‌: اَللَهُمَّ اشْرَحْ لِي‌ صَدْرِي‌، وَيَسِّرْ لِي‌ أَمْرِي‌، وَاجْعَلْ لِي‌ وَزِيراً مِنْ أَهْلِي‌، علی اً أَخِي‌، أُشْدُدْ بِهِ ظَهْرِي‌.

 قال‌ أبو ذرّ: فوالله‌ ما استتمّ الكلام‌ حتّي‌ نزل‌ جبرئيل‌ عليه السلام فقال‌: يامحمّد! إقرأ:

 اِءنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ .

 قال‌ ] أبو علی [: المعني‌: الذي‌ يتولّي‌ تدبيركم‌ ويلي‌ أُموركم‌، الله‌ ورسوله‌ والذين‌ آمنوا، الذين‌ هذه‌ صفاتهم‌، الذين‌ يقيمون‌ الصلاة‌ ويؤتون‌ الزكاة‌ وهم‌ راكعون‌ . قال‌ الشيخ‌ أبو علی: قال‌ جار الله‌ [5]: إنّما جي‌ء به‌ علی لفظ‌ الجمع‌ ـوإن‌ كان‌ السبب‌ فيه‌ رجلاً واحداً ـ ليرغّب‌ الناس‌ في‌ مثل‌ فعله‌، ولينبّه‌ أنّ سجيّة‌ المؤمن‌ يجب‌ أن‌ تكون‌ علی هذه‌ الغاية‌ من‌ الحرص‌ علی البرّ والإحسان‌ . ثمّ قال‌ الشيخ‌ أبو علی ‌ّ: وأقول‌: قد اشتهر في‌ اللغة‌ العبارة‌ عن‌ الواحد بلفظ‌ الجمع‌ للتعظيم‌، فلا يحتاج‌  إلی‌ الاستدلال‌ عليه (من‌ قِبل‌ جارالله‌ ).

 فهذه‌ الآية‌ من‌ أوضح‌ الدلائل‌ علی صحّة‌ إمامة‌ علی (بن‌ أبي‌طالب‌) عليه السلام بعد النبيّ (الاكرم‌) صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ بلا فصل‌ .

 ونقل‌ أنـّه‌ اجتمع‌ جماعة‌ من‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ في‌ مسجد المدينة‌، فقال‌ بعضهم‌ لبعض‌: إن‌ كفرنا بهذه‌ الآية‌، كفرنا بسائرها! وإن‌ آمنّا، صارت‌ فيما يقول‌، ولَكِنَّا نَتَوَلّي‌ وَلاَنُطِيعُ علی اً فيما أَمَرَ، فَنَزَلَتْ: يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا .

 وقوله‌ تعالی‌: النَّبِيُّ أَوْلَي‌ بِالْمُؤمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [6] روي‌ عن‌ الإمام‌ الباقر عليه السلام أنـّها نزلت‌ في‌ الإمرة‌ . يعني‌ في‌ الإمارة‌ أي‌: هو صلّي‌الله‌ عليه و آله وسلّم‌ أحقّ بهم‌ من‌ أنفسهم‌ حتّي‌ لو احتاج‌  إلی‌ مملوك‌ لاحد هو محتاج‌  إلیه‌، جاز أخذه‌ منه‌ .

 ومنه‌ الحديث‌: النَّبِيُّ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَوْلَي‌ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ وَكَذَا علی ‌ٌّ مِنْ بَعْدِهِ .

 وقوله‌ تعالی‌: لَمْ يَكُن‌ لَّهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ . [7] الولي‌ّ ما يقوم‌ مقامه‌ في‌ أُمور تختصّ به‌ لعجزه‌، كولي‌ّ الطفل‌ والمجنون‌ .

 ] و بناءً علی هذا [ فيلزم‌ أن‌ يكون‌ محتاجاً  إلی‌ الوليّ، وهو محال‌ لكونه‌ غنيّاً مطلقاً .

 وأيضاً إن‌ كان‌ الوليّ محتاجاً  إلیه‌ تعالی‌ لزم‌ الدور المحال‌، وإلاّ كان‌ مشاركاً له‌ ] وكلاهما محال‌ [ .

 وقوله‌ تعالی‌: أَنتَ وَلِيِّ فِي‌ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ [8] أي‌: أنت‌ تتولّي‌ أمري‌ في‌ ال إلی‌ والعُقبي‌، وأنت‌ القائم‌ به‌ .

 وقوله‌ تعالی‌: اللَهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم‌ مِّنَ الظُّلُمَـ'تِ  إلی‌ النُّورِ [9].

 قال‌ الصادق‌ عليه السلام: يَعْنِي‌ مِنْ ظُلُمَاتِ الذُّنُوبِ  إلی‌ نُورِ التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ لِولاَيَتِهمْ كُلَّ إمامٍ عادِلٍ مِنَ اللَهِ .

 وَالَّذِينَ كَفَرُو´ا أَوْلِيآؤُهُمُ الطَّـ'غُوتُ يُخْرِجُونَهُم‌ مِّنَ النُّورِ  إلی‌ الظُّلُمَـ'تِ[10] .

 قال‌: « إنّما عني‌ بهذا أنـّهم‌ كانوا علی نور الإسلام‌، فلمّا تولّوا كلّ إمام‌ جائر ليس‌ من‌ الله‌، خرجوا بولايتهم‌ إيّاه‌ من‌ نور الإسلام‌  إلی‌ ظلمات‌ الكفر، فأوجب‌ لهم‌ النار مع‌ الكفّار » .

 وجاء في‌ «النهاية‌» لابن‌ الاثير قوله‌: « في‌ أسماء الله‌ تعالی‌ الَولِي‌ّ، وهو الناصر. وقيل‌: المتولي‌ّ لاُمور العالم‌ والخلائق‌ القائم‌ بها .

 ومن‌ أسمائه‌ عزّ وجلّ الو إلی‌، و هو مالك‌ الاشياء جميعها المتصرّف‌ فيها. و الوِلاَية‌ تشعر بالتدبير والقدرة‌ والفِعل‌ . وما لم‌ يجتمع‌ ذلك‌ فيها، لم‌ينطلق‌ علی ها اسم‌ الو إلی‌ ]  إلی‌ أن‌ يقول‌: [

 وقد تكرّر ذكر المَوْلَي‌ في‌ الحديث‌: وهو اسم‌ يقع‌ علی جماعة‌ كثيرة‌، فهو ا لرَّبُّ، والمالِكُ، والسَيِّد، والمنْعِم‌، والمُعْتِق‌، والناصِر، والمُحِبّ، والتابع‌، والجار، وابنُ العَمّ، والحَلِيف‌، والعَقيد، والصِهْر، والعَبد، والمُعْتَق‌، والمُنْعَمُ علی هِ، وأكثرها قد جاءت‌ في‌ الحديث‌، فيضاف‌ كلّ واحد  إلی‌ ما يقتضيه‌ الحديث‌ الوارد فيه‌ .

 وكلّ من‌ ولي‌ أمراً أو قام‌ به‌ فهو مَوْلاَهُ وَوَلِيُّهُ .

 وقد تختلف‌ مصادر هذه‌ الاسماء . فالوَلاَية‌ بالفتح‌ في‌ النَسَب‌، و النُصْرَةَ، والمُعْتِق‌. و الوِلاَية‌ بالكسر في‌ الإمارَةَ، و المُعْتَق‌ . و المُوالاة‌ من‌ الفعل‌ و إلی‌ الْقَوْمَ . ومنه‌ الحديث‌ ] عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ [: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی ‌ُّ مَوْلاَهُ . ويحمل‌ ] المَوْلَي‌ في‌ هذا الحديث‌ [ علی أكثر الاسماء المذكورة‌ . قال‌ الشافعي‌ّ: يعني‌ بذلك‌ ولاء الإسلام‌، كقوله‌ تع إلی‌: ذَ ' لِكَ بِأَنَّ اللَهَ مَوْلَي‌ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَأَنَّ الْكَـ'فِرِينَ لاَ مَوْلَي‌ لَهُمْ .

 وقول‌ عمر ل علی بن‌ أبي‌ طالب‌: أَصْبَحْتَ مَوْلَي‌ كُلِّ مَؤْمِنٍ، أَي‌ وَلِيَّ كُلِّ مُؤْمِنٍ.

 وقيل‌: سبب‌ ذلك‌ أنّ أُسامَةَ قال‌ ل علی ‌ّ: لَسْتَ مَوْلاَي‌َ، إنَّما مَوْلاَي‌َ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ! فَقَالَ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی ‌ٌّ مَوْلاَهُ .

 وذكر الزمخشري‌ّ في‌ « أساس‌ البلاغة‌ » هذا الكلام‌ نفسه‌، أعني‌ أنـّه‌ تحدّث‌ حول‌ الولي‌ْ، والوَلاَءَ، والوَلِيّ، والمَوْلَي‌ .

 وجاء في‌ « تاج‌ العروس‌ »: للوَلِي‌ّ معان‌ كثيرة‌ منها: المُحِبّ ؛ وهو ضدّ العدوّ؛ اسم‌ من‌ وَالاَهُ إذا أحبّه‌ . ومنها: الصديق‌، ومنها: النصير من‌ وَالاَهُ إذا نصره‌.

 و (وَلِيَ الشَّي‌ء) ووَلِيَ ( علی هِ وِلاَيَةً وَوَلاَيَةً) بالكسر والفتح‌؛ أو هي‌، أي‌: بالفتح‌، المصدر ؛ وبالكسر: الاسم‌، مثل‌: الإمارة‌، والنِقابَةَ؛ لانـّه‌ اسم‌ لما تولّيته‌ وقمت‌ به‌ . فإذا أرادوا المصدر فتحوا، هذا نصّ سيبويه‌ .

 وقيل‌: الوِلاَية‌ بالكسر: الخِطَّةُ، والإمارَة‌ . ونصّ «المُحْكَم‌» كالإمارة‌. قال‌ ابن‌ السكّيت‌: الوِلاَية‌ بالكسر: السلطان‌ .

 وبعد أن‌ يذكر معاني‌ متنوّعة‌ للمَوْلَي‌ كما قلنا، يقول‌: المَوْلَي‌ وكذلك‌ الولي‌ّ: الَّذي‌ يَلَي‌ علی كَ أَمْرَكَ . وهما ] المَوْلَي‌ و الوَلِي‌ّ [ بمعني‌ واحد. ومنه‌ الحديث‌: أَيُّما امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاَهَا . ورواه‌ بعضهم‌: بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا.

 وروي‌ ابن‌ سلام‌ عن‌ يونس‌ أنـّه‌ قال‌: إنَّ المَوْلَي‌ فِي‌ الدِّينِ هُوَ الْوَلِي‌ُّ؛ وذلك‌ قوله‌ تعالی‌: ذَ ' لِكَ بِأَنَّ اللَهَ مَوْلَي‌ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَأَنَّ الْكَـ'فِرِينَ لاَ مَوْلَي‌ لَهُمْ . أي‌: لاَ وَلِي‌َّ لَهُمْ . ومنه‌ الحديث‌: مَن‌ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی ‌ٌّ مَوْلاَهُ؛ أَي‌: مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ.

  إلی‌ أن‌ يقول‌: ] ومن‌ معاني‌ الولي‌ّ التي‌ جاءت‌ في‌ أسمائه‌ تعالی‌ [: الناصر. وقيل‌: اَلْمُتَوَلِّي‌ لاِمُورِ الْعَالَمِ الْقَائِمُ بِهَا . وقيل‌: معني‌ الوَلِي‌ّ هنا الو إلی‌، وَهُوَ مالِكُ الاشْيَاءِ جَميعها الْمُتَصَرِّفُ فِيها .

 وقال‌ ابن‌ الاثير: وكأنّ الوَلاَية‌ تشعر بالتدبير، والقدرة‌، والفِعل‌، ومالم‌ يجتمع‌ فيها ذلك‌، لم‌ يطلق‌ علی ها اسم‌ الو إلی‌ .

 ويقال‌: وَلِي‌ّ  إلیتِيم‌ لمن‌ يقوم‌ بشؤونه‌ ويتكفّله‌ ؛ و وَلِي‌ّ المرأة‌ لمن‌ يجري‌ نكاحها بإشرافه‌ ولا يقبل‌ أن‌ تنكح‌ بإذنها وبدون‌ إرادته‌ ؛ وجمع‌ الوَلِي‌ّ: أَوْلِيَآءِ .

 الوَلِي‌ّ أو فعيل‌ بمعني‌ الفاعل‌ ؛ أي‌: من‌ توالت‌ وتتابعت‌ طاعاته‌ لله‌ دون‌ أن‌ يفصل‌ بينها معصية‌ وإثم‌ ؛ أو بمعني‌ المفعول‌، أي‌: من‌ انصبّت‌ عليه نعم‌ الله‌ متو إلیة‌ متتابعة‌ بلا فصل‌ .

 وذكر «لسان‌ العرب‌» ما نقلناه‌ بذاته‌ هنا عن‌ «النهاية‌» لابن‌ الاثير، وعن‌ «تاج‌ العروس‌»، لذلك‌ نتجنّب‌ تكراره‌ هنا .

 ويقول‌ الراغب‌ الإصفهاني‌ّ في‌ « المفردات‌ » اَلْوَلاءُ والتَّو إلی‌ أَنْ يَحْصُلَ شَيْئانِ فَصَاعِداً حُصُولاً لَيْسَ بَيْنَهُما ما لَيْسَ مِنْهُمَا .

 ويستعار ذلك‌ للقرب‌ من‌ حيث‌ المكان‌، ومن‌ حيث‌ النِّسبة‌، ومن‌ حيث‌ الدِّين‌، ومن‌ حيث‌ الصَّداقة‌، والنُّصرة‌، والاعتقاد .

 و الوِلاَية‌ (بالكسر): النُّصْرَة‌ ؛ و الوَلاَية‌ (بالفتح‌): تولّي‌ الامر ؛ وقيل‌: الوِلاَية‌، والوَلاَية‌ نحو الدِّلالة‌ والدَّلالة‌، وحقيقته‌ تَولِّي‌ الامر .

 و الوَلِي‌ُّ و المَوْلَي‌ يستعملان‌ في‌ ذلك‌ كلُّ واحد منهما يُقال‌ في‌ معني‌ الفاعل‌، أي‌: المُو إلی‌، وفي‌ معني‌ المفعول‌، أي‌، المُو إلی‌ .

 يقال‌ للمؤمن‌: هُوَ وَلِي‌ُّ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ، ولم‌ يَرِدْ مَوْلاَهُ ؛ وقد يُقال‌: اللَهُ تعالی‌ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ وَمَوْلاَهُمْ .

 فمن‌ الاوّل‌ (يعني‌ معني‌ الفاعل‌) قال‌ الله‌ تعالی‌: 1 ـ اللَهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا . 2 ـ إِنَّ وَلِيِّيَّ اللَهُ . 3 ـ وَاللَهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ . 4 ـ ذَ ' لِكَ بِأَنَّ اللَهَ مَوْلَي‌ الَّذِينَ ءَامَنُوا. 5 ـ نِعْمَ الْمَوْلَي‌ وَنِعْمَ النَّصِيرِ . 6 ـ وَاعْتَصِمُوا بِاللَهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَي‌. 7 ـ قُلْ يَـ'´ـأَيُّهَا الَذَِينَ هَادُوا إِن‌ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيآءُ لِلَهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ. 8 ـ وَإِن‌ تَظَاهَرَا علی هِ فَإِنَّ اللَهَ هُوَ مَوْلاَهُ . 9 ـ ثُمَّ رُدُّو´ا  إلی‌ اللَهِ مَوْلاَهُمْ الْحَقِّ.

 و الو إلی‌ الذي‌ في‌ قوله‌: وَ مَا لَهُم‌ مِّن‌ دُونِهِ مِن‌ وَّالٍ بمعني‌ الولي‌ّ .

 ثمّ ذكر الراغب‌ كثيراً من‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ التي‌ جاء فيها اسم‌ الولي‌، ونفت‌ الولاية‌ عن‌ غير الله‌، ونهت‌ عن‌ اتّخاذ  إلیهود والنصاري‌ أوليآء، واتّخاذ أعداء الله‌ أوليآء . ونقل‌ كثيراً من‌ الآيات‌ التي‌ وردت‌ فيها مشتقّات‌ هذه‌ المادّة‌ مع‌ معانيها المناسبة‌ . [11]

 الرجوع الي الفهرس

 المعني‌ الاصلي‌ّ والحقيقي‌ّ للولاية‌

حقّاً فقد نقلنا هنا ما كان‌ ضروريّاً من‌ كتب‌ اللغة‌ حول‌ معني‌ الولاية‌ ومشتقّاتها لكي‌ يطّلع‌ الخبير البصير علی خصوصيّات‌ المعاني‌ ومواضع‌ استعمالها . و يستوعبها بالتدبير والتأمّل‌، ويفهم‌ أنّ هذه‌ المعاني‌ المتنوّعة‌ للولاية‌، والوَليّ، والمَوْلَي‌ وغيرها جميعها ـ حيث‌ قال‌ في‌ « تاج‌ العروس‌ » بأنّ للوليّ واحداً وعشرين‌ معني‌ ـ تحوم‌ حول‌ معني‌ واحد هو أصل‌ معني‌ الولاية‌ وجذره‌، ونقلت‌ المعاني‌ الاُخري‌ أيضاً مستعارة‌ من‌ ذلك‌ المعني‌؛ أو أنّ أصل‌ معني‌ الولاية‌ في‌ هذه‌ المواضع‌ جميعها محفوظ‌ ؛ وغـايـة‌ الامـر إنّهم‌ لاحظوا ـ لسبب‌ من‌ الاسباب‌ ـ المعني‌ الاصلي‌ّ بانضمام‌ خصوصيّة‌ أخذوها بنظر الاعتبار في‌ الاستعمال‌ .

 وأصل‌ ذلك‌ المعني‌ هو الذي‌ أُتي‌ به‌ الراغب‌ في‌ « المفردات‌ » حيث‌ قال‌ في‌ مادّة‌ وَلْي‌ّ . اَلْوَلاَءُ والتَّو إلی‌ أَنْ يَحْصُلَ شَيئانِ فَصَاعِداً حُصُولاً لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا . أي‌: لا حجاب‌، ولا مانع‌، ولا فصل‌، ولاافتراق‌، ولاغيريّة‌، ولابينونة‌ بينهما بحيث‌ لو فرضنا وجود شي‌ء بينهما فهو منهما؛ لامن‌ غيرهما.

 مثلاً، يسمّون‌ مقام‌ الوحدانيّة‌ بين‌ العبد وربّه‌ حيث‌ لا حجاب‌ في‌ أي‌ّ مرحلة‌ من‌ مراحل‌ الطبع‌، والمثال‌، والنفس‌، والروح‌، والسرّ: ولايةً.

 ويسمّون‌ مقام‌ الوحدة‌ بين‌ الحبيب‌ والمحبوب‌، والعاشق‌ والمعشوق‌، والذاكر والمذكور، والطالب‌ والمطلوب‌ حين‌ ينعدم‌ أيّ انفصال‌ بينهما بأيّ وجه‌ من‌ الوجوه‌: ولاية‌ .

 وفي‌ ضوء ذلك‌، فإنّ الله‌ تعالی‌ ولي‌ّ الكائنات‌ جميعها في‌ عالم‌ التكوين‌ بشكل‌ مطلق‌ . وإنّ الكائنات‌ جميعها أيضاً وبلا استثناء وليّة‌ الله‌ تكويناً؛ لانـّه‌ لا حجاب‌ بين‌ الله‌ الربّ وبين‌ المربوبين‌ إلاّ أن‌ يكون‌ ذلك‌ الحجاب‌ منهما ؛ وأمّا في‌ عالم‌ التشريع‌ والعرفان‌، فإنّ ولاية‌ الحقّ تخصّ الذين‌ اجتازوا مراحل‌ الشرك‌ الخفي‌ّ تماماً، واخترقوا الحجب‌ النفسانيّة‌ كلّها، وقرّ قرارهم‌ في‌ النقطة‌ الاصليّة‌ وحقيقة‌ العبوديّة‌ .

 وبهذا الميزان‌ يقال‌ لكلّ واحد من‌ طرفي‌ النسبة‌ والإضافة‌: وليّ، أي‌ّ: زالت‌ البينونة‌ والغيريّة‌ تماماً، وظهرت‌ هُوَ الْهَوِيَّة‌.

 هذه‌ هي‌ حقيقة‌ الولاية‌ ؛ ومن‌ هنا نري‌: أوّلاً: أنّ جميع‌ آثار وخصوصيّات‌ الولي‌ّ بمعني‌ الفاعل‌ مشهودة‌ في‌ الولي‌ّ بمعني‌ المفعول‌، وكالمرآة‌ تعكس‌ وجه‌ صاحب‌ الصورة‌ كلّه‌ دون‌ أدني‌ حبّ للظهور .

 وثانياً: أنّ جميع‌ المشتقّات‌ المنبثقة‌ عن‌ الوليّ، وجميع‌ المعاني‌ المذكورة‌ لهذه‌ الكلمة‌ ترتكز علی هذا الاساس‌، وتقوم‌ علی هذا الميزان‌؛ وذلك‌ لانّ شرط‌ الولاية‌ هو القُرب‌ . وللقرب‌ أشكال‌ متنوّعة‌، حيث‌ لوحظت‌ حقيقة‌ الولاية‌ تلك‌ في‌ كلّ مظهر من‌ مظاهر القرب‌، بكلّ ما للكلمة‌ من‌ معني‌، مع‌ ملاحظة‌ هذه‌ الخصوصيّة‌ .

 و علی هذا لايصحّ أن‌ نقول‌ بأنّ الوَلاية‌، والوَلِي‌ّ، والمَوْلَي‌ وما يتفرّع‌ عنها من‌ مشتقّات‌ تستعمل‌ في‌ معانٍ متنوّعة‌ هي‌ علی نحو الاشتراك‌ اللفظي‌، لا، فالامر ليس‌ كذلك‌، بل‌ هي‌ علی نحو الاشتراك‌ المعنوي‌ّ واستعمال‌ اللفظ‌ في‌ ذلك‌ المعني‌ الواحد، حيث‌ أُخذ بنظر الاعتبار نوع‌ من‌ خصوصيّة‌ القرب‌ من‌ ذلك‌ المعني‌ العامّ بواسطة‌ قرينة‌ ح إلیة‌ أو لفظيّة‌ . وهذا اللون‌ من‌ الاستعمال‌ حقيقي‌ّ في‌ جميع‌ موارد الاستعمال‌ .

 وفي‌ ضوء هذا الكلام‌، فإنّنا حيثما وجدنا مفردات‌ الوَلاية‌، أو الوَلي‌ّ، أو المَوْلَي‌ وغيرها، وليست‌ معها قرينة‌ تدلّ علی خصوص‌ أحد مصاديقها، فلامناص‌ لنا أن‌ نأخذ بعين‌ الاعتبار المعني‌ العامّ دون‌ أي‌ّ قيد، فنعتبره‌ المراد من‌ تلك‌ المفردات‌ . فمثلاً لو قيل‌: الولاية‌ لله‌، فلابدّ أن‌ نقول‌: إنّ المراد هو معيّة‌ الله‌ لجميع‌ الكائنات‌ . ولو قيل‌: بلغ‌ فلان‌ مقامَ الوَلاية‌، فلابدّ أن‌ نقول‌: إنّه‌ بلغ‌ مرحلة‌ من‌ مراحل‌ السير والسلوك‌ والعرفان‌ والشهود الإلهي‌ّ زال‌ معها كلّ حجاب‌ من‌ الحجب‌ النفسانيّة‌ بينه‌ وبين‌ الحقّ جلّ شأنه‌، واضمحلّت‌ شوائب‌ الفرعونيّة‌ والربوبيّة‌ كلّها في‌ وجوده‌، وظفر

 بمقام‌ العبوديّة‌ المطلقة‌ المجرّدة‌ للحقّ جلّ وعزّ .

 ويتّضح‌ في‌ ضوء هذا الكلام‌ الذي‌ ذكرناه‌ أنـّه‌ حيثما استعملت‌ الوَلاية‌، أو الوَلِي‌ّ، فإنّ هناك‌ لوناً من‌ الاتّحاد والوحدة‌ قائم‌ بين‌ شيئين‌، وقد أتوا بهذه‌ المفردة‌ في‌ ضوء ذلك‌ الاصل‌ . فهناك‌ مثلاً نسبة‌ بين‌ المالِك‌ والمَمْلُوك‌، وهذه‌ النسبة‌ قد ربطتهما وشدّت‌ أحدهما بالآخر، لذا يقال‌ لكلّ واحد منهما: ولي‌ّ . وكذلك‌ النسبة‌ بين‌ السيّد وعبده‌، والنسبة‌ بين‌ المُنْعِمِ و المُنْعَمِ عليه . فإنّها جعلتهما تحت‌ عنوان‌ خاصّ، حيث‌ يقال‌ لكلّ واحد من‌ هذين‌ الاثنين‌: وليّ . والنسبة‌ الموجودة‌ بين‌ المُعتِق‌ والمُعتَق‌ أتت‌ بهذا العنوان‌ ت إلیاً لها . وهكذا النسبة‌ القائمة‌ بين‌ الحليفين‌، و العقيدين‌، وبين‌ الحَبيب‌ والمُحِبّ .

 ويسمّي‌ الصِهْرُ وَلِيّاً لانـّه‌ يعتبر أحد أفراد الاُسرة‌ في‌ كثير من‌ شؤونها بسبب‌ القرابة‌ الحاصلة‌ من‌ وراء مصاهرته‌ ؛ ويسمّي‌ الجارُ وَلِيّاً لانّ له‌ أحكاماً واحترامات‌ خاصّة‌ بسبب‌ القرب‌ المكاني‌ّ ؛ ويسمّي‌ ابْنُ العَمِّ وَلِيّاً لانـّه‌ أحد أفراد العاقلة‌، وتقع‌ عليه دية‌ الخطأ، وله‌ في‌ كثير من‌ الحالات‌ حكم‌ الاخ‌، والمعين‌ .

 وحيثما كانت‌ هناك‌ قرينة‌ خاصّة‌ لإرادة‌ أحد المعاني‌، فينبغي‌ أن‌ نحمل‌ اللفظ‌ عليه، وإلاّ تبادر  إلی‌ الذهن‌ معني‌ الولاية‌ العامّة‌ بلا قرينة‌؛ وكان‌ ذلك‌ المعني‌ هو مراد المتكلّم‌ . ومن‌ المعلوم‌ أنّ المالكيّة‌ في‌ التدبير، وولاية‌ الامر، والقيام‌ بمسائل‌ المولّي‌ عليه نتائج‌ متمخّضة‌ عن‌ الولاية‌، وليست‌ أصل‌ حقيقتها ومعناها المطابق‌ لها، وحيثما لوحظ‌ أنـّهم‌ فسّروا الولاية‌ أحياناً بالحكومة‌، والإمارة‌، والسلطان‌، والمراقبة‌ والحراسة‌، فإنّما كان‌ تفسيراً بلوازم‌ المعني‌، لا تبياناً للمعني‌ الحقيقي‌ّ .

 الرجوع الي الفهرس

 بحث‌ الاُستاذ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ حول‌ معني‌ الولاية‌

و علی هذه‌ الوتيرة‌، فإنّ أُستاذنا الكريم‌ سماحة‌ آية‌ الحقّ والعرفان‌ وسند العلم‌ والإيقان‌ المرحوم‌ آية‌ الله‌ الطباطبائي‌ّ أفاض‌ الله‌ علی نا من‌ بركات‌ نفسه‌ وتربته‌ الشريفة‌ قال‌ في‌ رسالة‌ «اَلوِلاَيَة‌» [12] وفي‌ تفسير « الميزان‌ »: الْوَلاَية‌ هِيَ الْكَمالُ الاْخيرُ الْحَقِيقِي‌ُّ لِلإنْسَانِ وَإنَّهَا الْغَرَضُ الاْخِيرُ مِنْ تَشْرِيعِ الشَّرِيعَةِ الْحَقَّةِ الإلَهيَّةِ .

 وقال‌ في‌ التفسير: والولاية‌ وإن‌ ذكروا لها معانٍ كثيرة‌، لكِنَّ الاْصْلَ في‌ مَعْنَاهَا ارْتِفَاعُ الْوَاسِطَةِ الْحَائِلَةِ بَيْنَ الشَّيْئَينِ بِحَيْثُ لاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا. ثمّ استعيرت‌ لقرب‌ الشي‌ء من‌ الشي‌ء بوجه‌ من‌ وجوه‌ القرب‌ كالقرب‌ نسباً، أو مكاناً، أو منزلة‌، أو بصداقة‌، أو غير ذلك‌ .

 ولذلك‌ يطلق‌ الولي‌ّ علی كلّ من‌ طرفي‌ الولاية‌، وخاصّة‌ بالنظر  إلی‌ أنّ كلاّ منهما يلي‌ من‌ الآخر ما لا يليه‌ غيره‌ . فالله‌ سبحانه‌ وَلِي‌ُّ عبده‌ المؤمن‌، لانـّه‌ يلي‌ أمره‌، ويدبّر شأنه‌ فيهديه‌  إلی‌ صراطه‌ المستقيم‌، ويأمره‌ وينهاه‌ فيما ينبغي‌ له‌ أو لا ينبغي‌، وينصره‌ في‌ الحياة‌ الدنيا وفي‌ الآخرة‌ .

 والمؤمن‌ حقّاً وَلِي‌ُّ ربّه‌ لانـّه‌ يلي‌ منه‌ إطاعته‌ في‌ أمره‌ ونهيه‌، ويلي‌ منه‌ عامّة‌ البركات‌ المعنويّة‌ من‌ هداية‌، وتوفيق‌، وتأييد وتسديد، وما يعقّبها من‌ الإكرام‌ بالجنّة‌ والرضوان‌ .

 فأوليآء الله‌ ـ علی أي‌ّ حال‌ـ هم‌ المؤمنون‌، فإنّ الله‌ يعدّ نفسه‌ وليّاًلهم‌
 في‌ حياتهم‌ المعنويّة‌، حيث‌ يقول‌:
وَاللَهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ . [13]

 غير أنّ الآية‌ الت إلیة‌ لهذه‌ الآية‌: أَلآ إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللَهِ لاَ خَوْفٌ علی هِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. [14] وهي‌ قوله‌: الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ المفسّرة‌ لقوله‌: أوليآء الله‌، تأبي‌ أن‌ تكون‌ الولاية‌ شاملة‌ لجميع‌ المؤمنين‌، وفيهم‌ أمثال‌ الذين‌ يقول‌ الله‌ سبحانه‌ فيهم‌: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم‌ بِاللَهِ إِلاَّ وَهُم‌ مُّشْرِكُونَ.[15]

  فإنّ قوله‌ في‌ الآية‌ الت إلیة‌: «الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ» يعرّفهم‌ بالإيمان‌ والتقوي‌ مع‌ الدلالة‌ علی كونهم‌ علی تقوي‌ مستمرّة‌ سابقة‌ علی إيمانهم‌ من‌ حيث‌ الزمان‌ ؛ حيث‌ قيل‌: ءَامَنُوا ثمّ قيل‌ عطفاً عليه: وَكَانُوا يَتَّقُونَ.

 فدلّ علی أنـّهم‌ كانوا يستمرّون‌ علی التقوي‌ قبل‌ تحقّق‌ هذا الإيمان‌ منهم‌. ومن‌ المعلوم‌ أنّ الإيمان‌ الابتدائي‌ّ غير مسبوق‌ بالتقوي‌، بل‌ هما متقاربان‌ أو هو قبل‌ التقوي‌، وخاصّة‌ التقوي‌ المستمرّة‌ ؛ فالمراد بهذا الإيمان‌ مرتبة‌ أُخري‌ من‌ مراتب‌ الإيمان‌ غير المرتبة‌ الاُولي‌ منه‌ . فقد تقدّم‌ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ الكتاب‌ آية‌ 130 من‌ سورة‌ البقرة‌ أنّ لكلّ من‌ الإيمان‌ والإسلام‌، وكذا ا لشِرك‌ والكُفر مراتب‌ مختلفة‌ بعضها فوق‌ بعض‌ .

 فالمرتبة‌ الاُولي‌ من‌ الإسلام‌ إجراء الشهادتين‌ لساناً والتسليم‌ ظاهراً؛ وتليه‌ المرتبة‌ الاُولي‌ من‌ الإيمان‌، وهو الإذعان‌ بمؤدّي‌ الشهادتين‌ قلباً إجمالاً، و إن‌ لم‌ يسر  إلی‌ جميع‌ ما يعتقد في‌ الدين‌ من‌ الاعتقاد الحقّ.

 ولذا كان‌ من‌ الجائز أن‌ يجتمع‌ مع‌ الشرك‌ من‌ بعض‌ الجهات‌، قال‌ تعالی‌: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ.

 ولايزال‌ إسلام‌ العبد يصفو وينمو حتّي‌ يستوعب‌ تسليمه‌ لله‌ سبحانه‌ في‌ كلّ ما يرجع‌  إلیه‌، و إلیه‌ مصير كلّ أمر .

 وكلّما ارتفع‌ الإسلام‌ درجة‌ ورقي‌ مرتبة‌، كان‌ الإيمان‌ المناسب‌ له‌ الإذعان‌ بلوازم‌ تلك‌ المرتبة‌ حتّي‌ يسلم‌ العبد لربّه‌ حقيقة‌ معني‌ إلوهيّته‌، وينقطع‌ عنه‌ السخط‌ والاعتراض‌، فلا يسخط‌ لشي‌ء من‌ أمره‌، من‌ قضاء وقدر وحكم‌، ولايعترض‌ علی شي‌ء من‌ إرادته‌، وبإزاء ذلك‌ الإيمان‌  إلیقين‌ بالله‌ وجميع‌ ما يرجع‌  إلیه‌ من‌ أمر، وهو الإيمان‌ الكامل‌ الذي‌ تتمّ به‌ للعبد عبوديّته‌.

 قال‌ تعالی‌: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّي‌' يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهْمْ ثُمَّ لاَيَجِدُوا فِي‌´ أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .[16]

 والاشبه‌ أن‌ تكون‌ هذه‌ المرتبة‌ من‌ الإيمان‌ أو ما يقرب‌ منه‌ هو المراد بالآية‌، أعني‌: قوله‌: الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ فإنّه‌ الإيمان‌ المسبوق‌ بتقوي‌ مستمرّة‌ دون‌ الإيمان‌ بمرتبته‌ الاُولي‌ كما تقدّم‌ .

 علی أنّ توصيفه‌ أهل‌ هذا الإيمان‌ بأنـّهم‌ لاَ خَوْفٌ علی هِمْ وَلاَهُم‌ يَحْزَنُونَ. يدلّ علی أنّ المراد منه‌ الدرجة‌ الع إلیة‌ من‌ الإيمان‌ الذي‌ يتمّ معه‌ معني‌ العبوديّة‌ والمملوكيّة‌ المحضة‌ للعبد الذي‌ يري‌ معه‌ أنّ الملك‌ لله‌ وحده‌ لاشريك‌ له‌، وأن‌ ليس‌  إلیه‌ من‌ الامر شي‌ء حتّي‌ يخاف‌ فوته‌ أو يحزن‌ لفقده‌.

 وذلك‌ أنّ الخوف‌ إنّما يعرض‌ للنفس‌ عن‌ توقّع‌ ضرر يعود  إلیها، والحزن‌ إنّما يطرأ علی ها لفقد ما تحبّه‌ أو تحقّق‌ ما تكرهه‌ ممّا يعود  إلیها نفعه‌ أو ضرره‌. ولايستقيم‌ تحقّق‌ ذلك‌ إلاّ فيما يري‌ الإنسان‌ لنفسه‌ ملكاً أو حقّاً متعلّقاً بما يخاف‌ عليه أو يحزن‌ لفقده‌ من‌ ولد أو مال‌ أو جاه‌ أو غير ذلك‌. وأمّا ما لاعلاقة‌ للإنسان‌ به‌ بوجه‌ من‌ الوجوه‌ أصلاً، فلا يخاف‌ الإنسان‌ علی ه‌، ولايحزن‌ لفقده‌ البته‌ .

 والذي‌ يري‌ كلّ شي‌ء ملكاً طلقاً لله‌ سبحانه‌ لا يشاركه‌ في‌ ملكه‌ أحد، لايري‌ لنفسه‌ ملكاً أو حقّاً بالنسبة‌  إلی‌ شي‌ء حتّي‌ يخاف‌ في‌ أمره‌ أو يحزن‌.

 وهذا هو الذي‌ يصفه‌ الله‌ من‌ أوليائه‌، إذ يقول‌: أَلآ إنَّ أَوْلِيآءَ اللَهِ لاَخَوْفٌ علی هِم‌ وَلاَ هُم‌ يَحْزَنُونَ .

 فهؤلاء لا يخافون‌ شيئاً ولا يحزنون‌ لشي‌ء لا في‌ الدنيا ولا في‌ الآخرة‌ إلاّ أن‌ يشاء الله‌، وقد شاء أن‌ يخافوا من‌ ربّهم‌ وأن‌ يحزنوا لما فاتهم‌ من‌ كرامته‌ إن‌ فاتهم‌ . وهذا كلّه‌ من‌ التسليم‌ لله‌ .

 وبعد بحث‌ بليغ‌ لسماحة‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه حول‌ اتّصاف‌ أوليآء الله‌ بعدم‌ الخوف‌ وعدم‌ الحزن‌، وأنّ القرائن‌ تفيد بأنّ هاتين‌ الصفتين‌ تتحقّقان‌ لهم‌ في‌ هذه‌ الدنيا، وأنّ الآية‌ تبيّن‌ أحوالهم‌ فيها، يقول‌ في‌ ختام‌ بحثه‌:

 والآية‌ تدلّ علی أنّ هذا الوصف‌ إنّما هو لطائفة‌ خاصّة‌ من‌ المؤمنين‌ يمتازون‌ عن‌ غيرهم‌ بمرتبة‌ خاصّة‌ من‌ الإيمان‌ تخصّهم‌ دون‌ غيرهم‌ من‌ عامّة‌ المؤمنين‌، وذلك‌ بما يفسّرها من‌ قوله‌: الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ بما تقدّم‌ من‌ تقرير دلالته‌ .

 وبالجملة‌ فارتفاع‌ الخوف‌ من‌ غير الله‌ والحزن‌ عن‌ الاولياء ليس‌ معناه‌ أنّ الخير والشرّ، والضرر والنجاة‌ والهلاك‌، والراحة‌ والعناء، واللذّة‌ والالم‌، والنعمة‌ والبلاء متساوية‌ عندهم‌ ومتشابهة‌ في‌ إدراكهم‌، فإنّ العقل‌ الإنساني‌ّ، بل‌ الشعور العامّ الحيواني‌ّ لا يقبل‌ ذلك‌ . بل‌ معناه‌ أنـّهم‌ لايرون‌ لغيره‌ تعالی‌ استقلالاً في‌ التأثير أصلاً، ويقصرون‌ الملك‌ والحكم‌ فيه‌ تعالی‌ فلايخافون‌ إلاّ إيّاه‌ أو ما يحبّ الله‌ ويريد أن‌ يحذروا منه‌ أو يحزنوا علی ه‌.

 إنّ التوحيد الكامل‌ يقصر حقيقة‌ الملك‌ في‌ الله‌ سبحانه‌، فلا يبقي‌ لغيره‌ شي‌ء من‌ الاستقلال‌ في‌ التأثير حتّي‌ يتعلّق‌ به‌ لنفسه‌ حبّ أو بغض‌، أو خوف‌ أو حزن‌، أو فرح‌ أو أسي‌، أو غير ذلك‌ .

 وإنّما يخاف‌ هذا الذي‌ غشيه‌ التوحيد ويحزن‌ أو يحبّ أو يكره‌ بالله‌ سبحانه‌ ويرتفع‌ التناقض‌ حينئذٍ بين‌ قولنا: إنّه‌ لا يخاف‌ شيئاً إلاّ الله‌، وبين‌ قولنا: إنّه‌ يخاف‌ كثيراً ممّا يضرّه‌ ويحذر أُموراً يكرهها، فافهم‌ ذلك‌ . [17]

 وذكر صاحب‌ تفسير «بيان‌ السعادة‌» أيضاً مجملاً للتفصيل‌ الذي‌ أتي‌ به‌ العلاّمة‌ في‌ ذيل‌ الآية‌: هُنَالِكَ الْوَلَـ'يَةُ لِلَهِ الْحَقِّ حول‌ معني‌ الولاية‌، وقال‌:

 الوَلاَية‌ بالفتح‌: والتصرّف‌ والنصرة‌ والتربية‌ ؛ وبالكسر: السلطنة‌ والإمارة‌؛ وقري‌ بهما ] بالفتح‌ والكسر [ و هُنَالِكَ اسم‌ إشارة‌ يشار به‌  إلی‌ المكان‌؛ والمراد به‌ مرتبة‌ من‌ النفس‌ لتشبيهها بالمكان‌ ؛ يعني‌ في‌ تلك‌ الحال‌ التي‌ ينقطع‌ آمال‌ النفس‌ من‌ كلّ ما سوي‌ الله‌، يظهر لها أنّ الولاية‌ لله‌، الذي‌ يظهر أنـّه‌ كان‌ حقّاً لا غير . لذلك‌ كانت‌ ولايته‌ باقية‌ وولاية‌ غيره‌ باطلة‌.

 إذن‌، ففائدة‌ التوصيف‌ الإشعار بظهور كونه‌ تعالی‌ حقّاً حينئذٍ وكون‌ غيره‌ باطلاً. [18]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ في‌ تفسير قوله‌ تع إلی‌: هُنَالِكَ الْوَلَـ'يَةُ لِلَهِ الْحَقِّ

 أمّا العلاّمة‌ نفسه‌ فقد قال‌ في‌ مستهلّ كلامه‌ عند تفسير الآية‌ الكريمة‌ المرقّمة‌ 44 من‌ سورة‌ الكهف‌، وهي‌ قوله‌: هُنَالِكَ الْوَلَـ'يَةُ لِلَهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا .

 القراءة‌ المشهورة‌ بفتح‌ الواو، وقري‌ بكسرها، والمعني‌ واحد . وذكر المفسّرون‌ أنّ الإشارة‌ بقوله‌: هُنالِكَ  إلی‌ معني‌ قوله‌: أُحِيطَ بِثَمَرِهِ . أي‌: في‌ ذلك‌ الموضع‌ أو في‌ ذلك‌ الوقت‌، وهو موضع‌ الإهلاك‌ ووقته‌ الولاية‌ لله‌. وأنّ الولاية‌ بمعني‌ النصرة‌ ؛ أي‌: أنّ الله‌ سبحانه‌ وتعالی‌ هو الناصر للإنسان‌ حين‌ يحيط‌ به‌ البلاء، وينقطع‌ عن‌ كافّة‌ الاسباب‌ لا ناصر غيره‌ .

 وهذا معني‌ حقّ في‌ نفسه‌ لكنّه‌ لا يناسب‌ الغرض‌ المسوق‌ له‌ الآيات‌،[19]

 وهو بيان‌ أنّ الامر كلّه‌ لله‌ سبحانه‌ وهو الخالق‌ لكلّ شي‌ء المدبّر لكلّ أمر، وليس‌ لغيره‌ إلاّ سراب‌ الوهم‌ وتزيين‌ الحياة‌ لغرض‌ الابتلاء والامتحان‌.

 ولو كان‌ كما ذكروه‌، لكان‌ الانسب‌ توصيفه‌ تعالی‌ في‌ قوله‌: لِلَهِ الْحَقِّ بالقوّة‌، والعزّة‌، والقدرة‌، والغلبة‌ ونحوها، لا بمثل‌ الحقّ الذي‌ يقابل‌ الباطل‌، وأيضاً لم‌ يكن‌ لقوله‌: « هو خير ثواباً وخير عقبا » وجه‌ ظاهر وموقع‌ جميل‌.

 والحقّ ـ والله‌ أعلم‌ ـ أنّ الوَلاية‌ بمعني‌ مالكيّة‌ التدبير، وهو المعني‌ الساري‌ في‌ جميع‌ اشتقاقاتها، كما مرّ في‌ الكلام‌ علی قوله‌ تعالی‌: إِنَّمَا وَليُّكُمُ اللَهُ وَ رَسُولُهُ . [20]

 أي‌: عند إحاطة‌ الهلاك‌، وسقوط‌ الاسباب‌ عن‌ التأثير، وتبيّن‌ عجز الإنسان‌ الذي‌ كان‌ يري‌ لنفسه‌ الاستقلال‌ و الاستغناء ولاية‌ أمر الإنسان‌ وكلّ شي‌ء وملك‌ تدبيره‌ لله‌، لانـّه‌ إله‌ حقّ له‌ التدبير والتأثير بحسب‌ واقع‌ الامر.

 وغيره‌ من‌ الاسباب‌ الظاهريّة‌ المدعوّة‌ شركاء له‌ في‌ التدبير والتأثير باطل‌ في‌ نفسه‌ لا يملك‌ شيئاً من‌ الاثر إلاّ ما أذن‌ الله‌ له‌ وملّكه‌ إيّاه‌، وليس‌ له‌ من‌ الاستقلال‌ إلاّ اسمه‌ بحسب‌ ماتوهّمه‌ الإنسان‌، فهو باطل‌ في‌ نفسه‌ حقّ بالله‌ سبحانه‌، والله‌ هو الحقّ بذاته‌ المستقلّ الغنيّ في‌ نفسه‌ .

 وإذا أخذ بالقياس‌ بينه‌ ـ تعالی‌ عن‌ القياس‌ ـ وبين‌ غيره‌ من‌ الاسباب‌ المدعوّة‌ شركاء في‌ التأثير، كان‌ الله‌ سبحانه‌ خيراً منها ثواباً، فإنّه‌ يثيب‌ من‌ دان‌ له‌ ثواباً حقّاً، وهي‌ تثيب‌ من‌ دان‌ لها وتعلّق‌ بها ثواباً باطلاً زائلاً لايدوم‌؛ وهو مع‌ ذلك‌ من‌ الله‌ وبإذنه‌ . وكان‌ الله‌ سبحانه‌ خيراً منها عاقبة‌، لانـّه‌ سبحانه‌ هو الحقّ الثابت‌ الذي‌ لا يفني‌ ولا يزول‌ ؛ ولا يتغيّر عمّا هو عليه من‌ الجلال‌ والإكرام‌، وهي‌ أُمور فانية‌ متغيّرة‌ جعلها الله‌ زينة‌ للحياة‌ الدنيا، يتولّه‌  إلیها الإنسان‌، ويتعلّق‌ بها قلبه‌ حتّي‌ يبلغ‌ الكتاب‌ أجله‌، وإنّ الله‌ لجاعلها صعيداً جرزاً. [21]

 وينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ الوِلاية‌ بالكسر في‌ هذه‌ القراءة‌ المتداولة‌ لم‌ترد في‌ القرآن‌ الكريم‌ ؛ بَيدَ أنّ الوَلاية‌ بالفتح‌ جاءت‌ في‌ موضعين‌: الاوّل‌: في‌ الآية‌ التي‌ صدّرنا درسنا هذا بها ومرّ تفسيرها ؛ والثاني‌: في‌ الآية‌ 72 من‌ السورة‌ الثامنة‌: الانفال‌:

 إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَـ'هَدُوا بِأَمْوَ ' لِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوا وَّنَصَرُو´ا أُولَـ'´نءِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْيُهَاجِرُوا مَا لَكُم‌ مِّن‌ وَلَـ'يَتِهِم‌ مِّن‌ شَي‌ءٍ حَتَّي‌' يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي‌ الدِّينِ فَ علی كُمُ النَّصْرُ إِلاَّ علی ‌' قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم‌ مِّيثَـ'قٌ وَاللَهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

 الرجوع الي الفهرس

ولاية‌ المؤمنين‌ لبعضهم‌ مشروطة‌ بالهجرة‌

 المراد ب «الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا» الطائفة‌ الاُولي‌ من‌ المهاجرين‌ الذين‌ هاجروا قبل‌ نزول‌ السورة‌ ؛ والمراد من‌ قوله‌: وَالَّذِينَ ءَاوَوا وَّنَصَرُوا هم‌ الانصار الذين‌ أووا النبي‌ّ والمؤمنين‌ المهاجرين‌ ونصروهم‌ ؛ وكان‌ المسلمون‌ ينحصرون‌ يومئذٍ في‌ هاتين‌ الطائفتين‌ إلاّ قليل‌ ممّن‌ آمن‌ بمكّة‌ فبقي‌ فيها ولم‌يهاجر.

 وقد جعل‌ الله‌ في‌ هذه‌ الآية‌ ولاية‌ بين‌ المهاجرين‌ والانصار، وبين‌ المهاجرين‌ أنفسهم‌، وبين‌ الانصار أنفسهم‌ . وهذه‌ الولاية‌ أعمّ من‌ ولاية‌ الميراث‌، وولاية‌ النصرة‌، وولاية‌ الامن‌ .

 فكلّ كافر آمن‌ وهاجر ولايته‌ نافذة‌ عند الجميع‌ . وبناءً علی هذا، فالبعض‌ من‌ الجميع‌ سيكون‌ وَلي‌ّ البعض‌ الآخر ؛ وكلّ مهاجر وليّ كلّ مهاجر؛ وكلّ أنصاري‌ّ وليّ كلّ أنصاري‌ّ ؛ وكلّ مهاجر ولي‌ّ كلّ أنصاري‌ّ؛ وكلّ أنصاري‌ّ ولي‌ّ كلّ مهاجر .

 وكما قال‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه: لا شاهد علی صرف‌ الآية‌  إلی‌ ولاية‌ الإرث‌ بالمؤاخاة‌ التي‌ كان‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ جعلها في‌ بدء الهجرة‌ بين‌ المهاجرين‌ والانصار، وكانوا يتوارثون‌ بها زماناً حتّي‌ نسخت‌ ] بآية‌ وَأُولُوا الاْرْحَامِ [22] [ .

 والشاهد علی عموميّة‌ معني‌ الولاية‌ في‌ هذه‌ الآية‌ هو استثناء النصرة‌؛ لقولة‌: « والذين‌ ءامنوا ولم‌ يهاجروا ما لكم‌ من‌ ولايتهم‌ من‌ شي‌ء حتّي‌ يهاجروا وإن‌ استنصروكم‌ في‌ الدين‌ ف علی كم‌ النصر » !

 و علی كلّ تقدير فلمّا لم‌ يمكننا أخذ الولاية‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بمعناها الحقيقي‌ّ العامّ، وهو رفع‌ الحجاب‌ الكلّي‌ّ، فإنّا مضطرّون‌  إلی‌ أخذها بمعناها العامّ الذي‌ هو أقرب‌  إلی‌ المعني‌ الحقيقي‌ّ، وهو هنا أعمّ من‌ الولاية‌ في‌ الإرث‌، والولاية‌ في‌ النصرة‌، والولاية‌ في‌ الامن‌ من‌ الضرر .

 وإجـمـالاً، فإنّ المعنـي‌ الحقيقـي‌ّ للولايـة‌ ممّا نسـتنتجـه‌ مـن‌ بحثنا هذا، هو أن‌ يحصل‌ شيئان‌ فصاعداً حصولاً ليس‌ بينهما ما ليس‌ منهما؛ وهذا هو المعني‌ الحقيقي‌ّ لها، ثمّ استعاروا ذلك‌ للقُرب‌ من‌ حيث‌ المكان‌، ومن‌ حيث‌ النسبة‌، وسائر صور القُرب‌ ؛ وهذا كلام‌ الراغب‌، بَيدَ أنّ أُستاذنا العلاّمة‌ رضوان‌ الله‌ عليه قال‌ بعد التأكيد والإصرار علی صحّة‌ هذا المعني‌ في‌ مجالات‌ عديدة‌: « والظاهر أنّ القرب‌ الكذائي‌ّ المعبّر عنه‌ بالولاية‌، أوّل‌ ما اعتبره‌ الإنسان‌ إنّما اعتبره‌ في‌ الاجسام‌ و أمكنتها وأزمنتها ؛ ثمّ استُعير لاقسام‌ القرب‌ المعنويّة‌ علی عكس‌ ما ذكره‌ الراغب‌ لانّ هذا هو المحصّل‌ من‌ البحث‌ في‌ حالات‌ الإنسان‌ الاوّليّة‌ . فالنظر في‌ أمر المحسوسات‌ والاشتغال‌ بأمرها أقدم‌ في‌ عيشة‌ الإنسان‌ من‌ التفكّر في‌ المعقولات‌ والمعاني‌ وأنحاء اعتبارها والتصرّف‌ فيها . [23]

 ولسنا هنا بصدد الخوض‌ في‌ الاختلاف‌ بين‌ الاتّجاهين‌ ؛ وإن‌ كانت‌ نظرية‌ أُستاذنا العلاّمة‌ صائبة‌، ومدعومة‌ بالدليل‌ التجريبي‌ّ والحسّي‌ّ، بَيدَ أنّ معني‌ الولاية‌ ـ علی التقديرين‌ ـ واحد ؛ وهو رفع‌ الحجاب‌ بين‌ شيئين‌ بحيث‌ لايفصل‌ بينهما أي‌ّ شي‌ء آخر . وفي‌ ضوء ذلك‌ فأينما قيل‌: لله‌ وَلاية‌، وإنّه‌ وَلي‌ّ ومَوْلي‌، فالقصد هو انعدام‌ أي‌ّ واسطة‌ وحجاب‌ بين‌ ذاته‌ المقدّسة‌ وبين‌ جميع‌ الكائنات‌ المُوَلّي‌ علی ها في‌ عالم‌ الإمكان‌ تكويناً وتشريعاً غيره‌. ولايمكن‌ لموجود أنّ يكون‌ حاجباً بصورة‌ مستقلّة‌ ؛ ويكون‌ واسطة‌ في‌ الاتّصال‌ بين‌ ذاته‌، ونوره‌، وصفاته‌ الجم إلیة‌ والجل إلیة‌، وبين‌ الكائنات‌.

 وكلّ ما يُفرض‌ من‌ حجاب‌ وواسطة‌ فهو منه‌، لا من‌ غيره‌، وله‌ معني‌  إلی‌ّ تبعي‌ّ لامعني‌ استقل إلی‌ّ ؛ وحيثما قلنا علی نحو الإطلاق‌ وبدون‌ قيد وقرينة‌: رسول‌ الله‌ ولي‌ّ الله‌ ؛ و علی ولي‌ّ الله‌، والائمّة‌ الاطهار أوليآء الله‌، ولهم‌ مقام‌ الولاية‌، فمعني‌ ذلك‌ أنـّهم‌ بلغوا في‌ مقام‌ العرفان‌ والشهود درجة‌ لم‌يبق‌ معها أي‌ّ حجاب‌ وفصل‌ بينهم‌ وبين‌ ربّهم‌ غير أنفسهم‌ ووجوداتهم‌؛ ولو كان‌ هناك‌ حجاب‌، فهو وجودهم‌ نفسه‌، وهو الحجاب‌ الاقرب‌، وواسطة‌ الفيض‌ علی الموجودات‌ .

 وليس‌ هناك‌ اختلاف‌ في‌ هذه‌ المسألة‌ سواء في‌ الولاية‌ التكوينيّة‌، أو التشريعيّة‌. وبكلمة‌ بديلة‌، في‌ الولاية‌ الحقّة‌ الحقيقيّة‌، أو الاعتباريّة‌. لانّ من‌ لوازم‌ القرب‌ الحقيقي‌ّ ـ لا القرب‌ المجازي‌ّ والاعتباري‌ّ ـ هو الواسطة‌ في‌ الفيض‌، وتدبير الاُمور في‌ عالم‌ ما وراء الطبيعية‌ . وهذا الامر أمر قسري‌ّ وضروري‌ّ بلغته‌ ذواتهم‌ المقدّسة‌ . وطبيعيّاً فقد جاءتهم‌ الولاية‌ الاعتباريّة‌ والتشريعيّة‌ أيضاً ت إلیة‌ للولاية‌ الحقيقيّة‌ .

 وبعد أن‌ فرغنا من‌ البحث‌ اللغوي‌ّ للولاية‌  إلی‌ هنا بحمد الله‌ ومنّه‌، فإنّنا نعتزم‌ الحديث‌ عن‌ كيفيّة‌ الولاية‌ التي‌ كانت‌ لاُولئك‌ العظام‌، وعن‌ أبعادها وجوانبها، في‌ دروس‌ عديدة‌ قادمة‌، إن‌ شاء الله‌ تعالی‌ .

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 44 ، من‌ السورة‌ 18 : الكهف‌ . 

[2] ـ الآية‌ 68 ، من‌ السورة‌ 3 : آل‌ عمران‌ . 

[3] ـ الآية‌ 44 ، من‌ السورة‌ 18 : الكهف‌ . 

[4] ـ الآية‌ 55 ، من‌ السورة‌ 5 : المائدة‌ . 

[5] ـ جار الله‌ لقب‌ الزمخشري‌ّ صاحب‌ تفسير «الكشّاف‌» المعروف‌ .

[6] ـ الآية‌ 6 ، من‌ السورة‌ 33 : الاحزاب‌ . 

[7] ـ الآية‌ 111 ، من‌ السورة‌ 17 : الإسراء . 

[8] ـ الآية‌ 101 ، من‌ السورة‌ 12 : يوسف‌ . 

[9] ـ الآية‌ 257 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ .  

[10] - نفس المصدر.

[11] ـ «مفردات‌ ألفاظ‌ القرآن‌» للراغب‌ الإصفهاني‌ّ ، ص‌ 533 ، مادّة‌ «ولي‌» . 

[12] ـ و هي‌ من‌ نفائس‌ الرسائل‌ المؤلّفة‌ للعلاّمة‌ التي‌ ألّفها بصورة‌ مستقلّة‌ . وقد استنسختها من‌ خطّ المؤلّف‌ مع‌ رسالة‌ النبوّة‌ والإمامة‌ التي‌ أُلّفت‌ بصورة‌ مستقلّة‌ أيضاً، مع‌ سبع‌ رسائل‌ أُخري‌ أُلّفت‌ مجموعة‌ في‌ مجلّد واحد ، و جلّدتها كلّها في‌ مجلّد واحد، ولم‌تطبع‌ هذه‌ الرسائل‌ أيّام‌ حياة‌ ذلك‌ الفقيد العظيم‌ . ولكن‌ بعد رحيله‌ ، طبعت‌ رسالة‌ «الولاية‌» فقط‌ ضمن‌ رسالة‌ في‌ ذكراه‌ عنوانها : «يادنامة‌ مفسّر كبير اُستاد علاّمه‌ سيد محمّد حسين‌ طباطبائي‌=رسالة‌ في‌ ذكري‌ المفسّر الكبير الاُستاذ العلاّمة‌ السيّد محمّد حسين‌ الطباطبائي‌ّ» من‌ ص‌ 251 إلي‌ ص‌ 305 . 

[13] ـ الآية‌ 68 ، من‌ السورة‌ 3 : آل‌ عمران‌ . 

[14] ـ الآية‌ 62 ، من‌ السورة‌ 10 : يونس‌ . 

[15] ـ الآية‌ 106 ، من‌ السورة‌ 12 : يوسف‌ . 

[16] ـ الآية‌ 65 ، من‌ السورة‌ 4 : النساء . 

[17] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 10 ، من‌ ص‌ 89 إلي‌ ص‌ 93 . مطبعة‌ الحيدري‌ّ بطهران‌ . 

[18] ـ «تفسير بيان‌ السعادة‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 438 . 

[19] ـ هذه‌ الآيات‌ في‌ سورة‌ الكهف‌ ، وهي‌ من‌ الآية‌ 32 إلي‌ الآية‌ 43 . ومفادها إجمالاً: أنّ الله‌ ضرب‌ مثلاً ، رجلين‌ جعل‌ لاحدهما جنّتين‌ من‌ أعناب‌ ونخل‌ لها أثمار مختلفة‌ ، وفجرّ خلالهما نهراً. فتباهي‌ هذا الرجل‌ وغرّ بكثرة‌ ماله‌ ونفره‌ ، وظنّ أنّ القيامة‌ لاتكون‌، وأنّ جنّته‌ لاتبيد. وكان‌ يقول‌ (ما أظنّ إن‌) رُددت‌ إلي‌ ربّي‌ لاجدنّ خيراً من‌ جنّتي‌ هذه‌ . فنصحه‌ صاحبه‌، فلم‌ ينفع‌ نصحه‌ ، حتّي‌ أباد الله‌ جنّته‌ علي‌ حين‌ غفلة‌ ، وأُحيط‌ بثمره‌ فكان‌ يقول‌: الويل‌ لي‌ كم‌ أنفقت‌ فيها ، فياليتني‌ لم‌ أُشرك‌ بربّي‌ أحداً .

[20] ـ الآية‌ 55 ، من‌ السورة‌ 5 : المائدة‌ .

[21] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 13 ، ص‌ 340 و 341 . طبع‌ الآخوندي‌ سنة‌ 1386 ه .

[22] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 9 ، ص‌ 144 و 145 .

[23] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 9

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com