|
|
الشكوي المرفوعة إلی رسول الله ضدّ أمير المؤمنينوقد نقل كبار المؤرّخين والمحدّثين وكتّاب السير هذه القصّة بألفاظ مختلفة. وذكرها ابن سعد في طبقاته. [1] ونقل ابن كثير أنّ رسولالله قال لبريدة: يا بُرَيدة! تبغض عليّاً؟! فقلت: نعم! فقال: لا تبغضه! فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك. وذكر في رواية أُخري أنّ: في السبي وصيفة من أفضل السبي. قال فخمّس ] علی الغنائم [ وقسّم فخرج ورأسه يقطر. فقلنا: ياأباالحسن! ما هذا؟ فقال: ألم تروا إلی الوصيفة التي كانت في السبي فإنّي قسّمت وخمّست فصارت في الخمس، ثمّ صارت في أهل بيت النبيّ صلّيالله عليه ] وآله [ وسلّم، ثمّ صارت في آل علی، ووقعت بها. قال: فكتب الرجل ] خالد بن الوليد [ إلی نبيّ الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم، فقلت: ابعثني فبعثني مصدّقاً فجعلت أقرأ الكتاب وأقول: صَدَقَ. فأمسك رسول الله يدي والكتاب، فقال: أتبغض عليّاً؟! قال: قلتُ: نعم! قال: فلا تبغضه، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّاً. فوالذي نفس محمّد بيده، لنصيبُ آل علی في الخمس أفضل من وصيفة. [2] قال: فما كان من الناس أحد بعد قول النبيّ صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم أحبّ إلیّ من علی. [3] غضب رسول الله علی الشاكي ضدّ أمير المؤمنينوذكر الشيخ المفيد هذه القصّة في « الإرشاد » وأضاف قائلاً: فسار بُرَيدة حتّي انتهي إلی باب رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم فلقيه عمربن الخطّاب، فسأله عن حال غزوتهم، وعن الذي أقدمه؟! فأخبره: أنـّه إنّما جاء ليوقع في علی عليه السلام وذكر له اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه. فقال له عمر: امْضِ لِمَا جِئتَ لَهُ فَإنَّهُ سَـيَغضِبُ لابْنَتِهِ مِمَّا صَـنَعَ علی! فدخل بريدة علی النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم ومعه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة، فجعل يقرأ ووجه رسول الله صلّي الله عليه وآله يتغيّر، فقال بريدة: يا رسول الله! إنّك إن رخّصت للناس في مثل هذا ذهبت فيئهم! فقال له النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم: ويحك يابريدة! أحدثت نفاقاً؟! إنّ علی بن أبي طالب عليه السلام يحلّ له من الفيء، ما يحلّ لي؛ إنّ علی بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك وخير من أُخلّف بعدي لكافّة أُمّتي... [4] ويقول الشيخ الطوسيّ في « الامإلی » بعد نقله المفصّل لهذه الواقعة: قال بُرَيدة: دخلت علی رسول الله صلّي الله عليه وآله ] وسلّم [ وأخذ الكتاب فأمسكه بشماله. وكان كما قال الله عزّ وجلّ لايكتب ولايقرأ. وكنت رجلاً إذا تكلّمت طأطأت رأسي حتّي أفرغ من حاجتي، فطأطأتُ وتكلّمت فوقعت في علی حتّي فرغت، ثمّ رفعت رأسي فرأيت رسولالله صلّيالله عليه وآله وسلّم قد غضب غضباً شديداً لم أره غضب مثله قطّ إلاّ يوم قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ. فَنَظَرَ إلیَّ، فَقَالَ: يَا بُرَيْدَةَ! إنَّ عَلِيَّاً وَلِيُّكُمْ بَعْدِي! فَأحِبَّ عَلِيَّاً فَإنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُؤْمَرُ! قال: ] بريدة [ فقمت وما أحد من الناس أحبّ إلیّ منه. وقال عبد الله بن عطاء ] و هو الذي روي ذلك [: حدّثت بذلك أباحَرْثِبن سُوَيد بن غَفْلَةَ، فقال: كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث إنّ رسول الله صلّي الله عليه وآله قال له: أَنَافَقْتَ بَعْدِي يَابُرَيْدَةُ. [5] روايات ابن عساكر عن بُريدة حول أمير المؤمنين عليه السلامونقل ابن عساكر في « تاريخ دمشق » ترجمة الإمام أميرالمؤمنين علیبن أبي طالب عليه السلام خمسة وعشرين حديثاً برواية بُرَيْدَةَ الاسلميّ وغيره، وهي تحت عنوان: طرق حديث الولاية... وتبدأ الاحاديث من رقم 458 إلی رقم 482. نقل في الحديث الاوّل المرقّم 458 بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن بُريدة قال غزوت مع علی إلی إلیمن فرأيت منه حفوة فقدمت علی رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم فذكرت عليّاً فتنقّصته فَرَأيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ يَتَغَيَّرُ: فَقَالَ: يَابُرَيْدَةُ! أَلَسْتُ أَوْلَي بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟! فَقُلْتُ: بَلَي يَارَسُولَاللَهِ! فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. [6] ونقل في الحديث الثاني المرقّم ( 459 ) بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن بريدة، قال: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: علی مَوْلَي مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ. [7] ونقل في الحديث الثالث المرقّم ( 460 ) بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن بريدة، قال: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. [8] والحديث الرابع المرقّم ( 461 ) يحمل نفس المضمون بسند آخر. [9] ونقل في الحديث الخامس المرقّم ( 462 ) بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن بُرَيدة، قال: قال رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. [10] ونقل في الحديث السادس المرقّم ( 463 ) بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن بُرَيدة، قال: قال رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم: مَنْ كُنْتُ وَلِيُّهُ فَعلی وَلِيُّهُ. [11] وجاء في الحديث المرقّم ( 464 ) بسند آخر عن ابن عبّاس أنّ رسولالله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم قال: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ. [12] وجاء في الحديث المرقمّ ( 465 ) بسنده عن عبد الله بن عطاء، عن عبداللهبن بُرَيدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم: علی بنُ أبِي طَالِبٍ مَوْلَي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ وَهُوَ وَليُّكُمْ بَعْدِي. [13] وذكر في الحديث ( 466 ) بسنده عن الاجلح، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قصّة حرب خالد بن الوليد وأمير المؤمنين عليه السلام وظهور المسلمين، واصطفاء أمير المؤمنين جارية من الفيء. قال: فكتب معي خالد يقع في علی وأمرني أن أنال منه. قال: فلمّا أتيت رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم رأيت الكراهة في وجهه، فقلت: هذا مكان العائذ بك يا رسول الله، بعثتني مع رجل ] خالد [ وأمرتني بطاعته، فبلّغتُ ما أرسلني ] به [. قَالَ: يَا بُرَيْدَةُ! لاَ تَقَعْ فِي علی، علی مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي. [14] وذكر ابن عساكر نصّ ما نقلناه في الحديث السابق، وذلك في الحديث المرقّم ( 467 ) بسنده عن الاجلح، عن عبد الله بن بُرَيدة، ( عن أبيه ) برواة آخرين. [15] ونقل المضمون نفسه بسند آخر في الحديث المرقّم ( 468 ) أيضاً. [16] وذكر في الحديث المرقّم ( 469 ) بسنده عن عبد الله بن عطاء، عن عبداللهبن بريدة، عن أبيه بعد نقل مقدّمات القضيّة، أنّ بريدة قال: وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعلی، وقد علم ذلك خالد بن الوليد. فأتي رجل خالداً فأخبره أنـّه أخذ جارية من الخمس. فقال: ما هذا؟ ثمّ جاء ] رجل [ آخر، ثمّ أتي آخر، ثمّ تتابعت الاخبار علی ذلك، فدعاني خالد، فقال: يا بُرَيدة! قد عرفتَ الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلی رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم وأخبره. فكتب إلیه فانطلقت بكتابه حتّي دخلت علی رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم، فأخذ الكتاب فأمسكه بشماله. وكان كما قال الله عزّ وجلّ لايكتب ولايقرأ. وكنت رجلاً إذا تكلّمتُ طأطأت رأسي حتّي أفرغ من حاجتي. فطأطأت رأسي فتكلّمت، فوقعت في علی حتّي فرغت. ثمّ رفعت رأسي فرأيت رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم قد غضب غضباً لمأره غضب مثله قطّ إلاّ يوم ] بَني [ قُرْيَظَةَ وَالنَّضير، فنظر إلیّ، فَقالَ: يَابُرَيْدَةُ! إنَّ عَلِيَّاً وَلِيُّكُمْ بَعْدي، فَأحِبَّ عَلِيَّا فَإنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُؤْمَرُ. [17] قال ] بُريدة [: فقمت وما أحدٌ من الناس أحبُّ إلیّ منه. وقال عبد الله بن عطاء: حدّثت بذلك أبا حرب ابن سُوَيد بن غَفَلَة، فقال: كتمك عبد الله بن بُرَيْدَةَ بعض الحديث، ] وهو [ أنّ رسولالله صلّيالله عليه ] وآله [ وسلّم قال له: أَنَافَقْتَ بَعْدِي يَابُرَيْدَةُ؟! وذكر في الاحاديث المرقّمة ( 470 ) و ( 471 ) و ( 473 ) و ( 474 ) و ( 475 ) و ( 476 ) و ( 477 ) أنّ بريدة قال: قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَعلی وَلِيُّهُ. [18] وذكر في الحديث المرقّم ( 472 ) أنّ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم قال: مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَإنَّ عَلِيَّاً وَلِيُّهُ. [19] ونقل في الحديث ( 478 ) عن بُرَيدةَ أنّ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم قال: مَنْ كُنتُ مَولاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ (وَلِيُّهُ ـ خ). [20] وذكر في الحديث ( 479 ) أنّ رسول الله قال لبُرَيْدَة: أتبغض عليّاً؟ قال: قلتُ: نعم. قال: فلا تبغضه! وقال روح مرّة ] من رواة هذه الرواية [ فأحبّه، فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك. وذكر في الحديث ( 480 ) المضمون نفسه بسند آخر. ونقل ذلك في الحديث ( 481 ) بسنده عن عمرو بن عطيَّة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه ـبُرَيدةـ إلی أن قال بُرَيدة: أتيت رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم وهو يغسل رأسله، فنلت من علی عنده ] قال: [ و ] كنّا [ إذا قعدنا عند رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم، لم نرفع أبصارنا إلیه. فقال رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم: مه يا بريدة بعض قولك! قال بريدة: فرفعت بصري إلی رسولالله صلّيالله عليه ] وآله [ وسلّم فإذا وجهه يتغيّر! فلمّا رأيت ذلك قلتُ: أَعُوذُ بِاللَهِ مِنْ غَضَبِ اللَهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ! قَالَ بُرَيْدَةُ: وَاللَهِ لاَ أُبْغِضُهُ أَبَدَاً بَعْدَ الذي رَأيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ. [21] وذكر في الحديث ( 482 ) أنّ رسول الله قال: فَلاَ تُبْغِضْهُ وَإنْ كُنْتَ تُحِبُّهُ فَازْدَدْ لَهُ حُبَّاً، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَنَصِيبُ آلِ علی فِي الْخُمْسِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيفَةٍ. قَالَ: فَمَا كَانَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ أَحَبَّ إلیَّ مِنْ علی. [22] غضب رسول الله علی جماعة انتقصت علی عليه السلامونقل الحافظ أبو بكر الهيتميّ هذا الحديث عن بُرَيدة، إلی أن قال: قال بريدة: فقدمتُ المدينة ودخلت المسجد، ورسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم في منزله، وناس من أصحابه علی بابه، فقالوا: ما الخبر يابُرَيْدة؟! فقلت: خيراً، فتح الله علی المسلمين. فقالوا: ما أقدمك؟ قلت: جارية أخذها علی من الخمس فجئت لاُخبر النبيّ صلّيالله عليه ] وآله [ وسلّم. فقالوا: فأخبر النبيّ صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم فإنّه يسقط من عين النبيّ صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم، ورسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم يسمع الكلام، فخرج مغضباً، فقال: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَقَّصُونَ عَلِيَّاً؟! مَنْ تَنَقَّصَ عَلِيَّاً فَقَدْ تَنَقَّصَنِي؛ وَمَنْ فَارَقَ عَلِيَّاً فَقَدْ فَارَقَنِي؛ إنَّ عَلِيَّاً مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ؛ خُلِقَ مِنْ طِينَتِي وَخُلِقْتُ مِنْ طِينَةِ إبْرَاهِيمَ؛ وَأَنَا أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ؛ «ذُرِّيـَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ». يَا بُرَيْدَةُ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِعلی أَكْثَرَ مِنَ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَخَذَ؛ وَإنَّهُ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي؟! فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَهِ! بِالصُّحْبَةِ إلاَّ بَسَطْتَ يَدَكَ فَبَايَعْتَنِي علی الإسلام جَدِيداً! قَالَ: فَمَا فَارَقْتُهُ حَتَّي بَايَعْتُهُ علی الإسلام. رواه الطبرانيّ في « الاوسط ». [23] ولابدّ من العلم بأنّ بعض كتب التأريخ [24] والحديث تفيد أنّ رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم أرسل أمير المؤمنين عليه السلام مرّتين إلی إلیمن أميراً علی السريَّة. الاُولي: لملاحقة عمرو بنِ مَعْدِي كَرَبْ وإسلام نَجْرَان. وفيها أشخص خالد بن الوليد إلی بني جُعْفِيّ، وأمر أن يكون علی بن أبي طالب أميراً علی السريّتين إذا اجتمعا. وفي تلك السريَّة أناب أميرالمؤمنين عليه السلام خالد بن سعيد بن العاص أميراً عليها. وأناب خالد بن الوليد أباموسي الاشعريّ أميراً علی سريّته. وفي هذه السفرة خالف خالدبن الوليد وعوتب علی ذلك. وفيها أيضاً كتب إلی رسول الله كتاباً وأرسله مع بُرَيْدَةِبنِ الحُصَيْبِ الاسْلَمِيّ يشكو فيه أمير المؤمنين عليه السلام إلی رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم. ودخل بريدة المدينة وبلّغ ما أُرسل به وغضب عليه رسول الله وأمره باتّباع علی، في وقت كانت سريّتا علی وخالد مشغولتين في مهمّتيهما. أمّا الثانية: فكانت بعد بقاء خالد بن الوليد ستّة أشهر في إلیمن وإخفاقه في دعوة أهلها إلی الإسلام. فأوفد رسول الله عليّاً إلی إلیمن، وأمره بعزل خالد، وكلّ مَن رغب مِن سريّة خالد، فإنّه يلتحق بسريّة أميرالمؤمنين عليه السلام. وفي هذه السريّة فوّض أميرالمؤمنين عليه السلام إلی بُرَيْدَة بن حُصَيب المحافظة علی الغنائم. وبعد فراغه من مهمّته رجع مع جنده إلی مكّة، وقد انفصل عن السريّة والتحق برسولالله صلّيالله عليه وآله وسلّم للحجّ. وفي غيابه هذا قسّم نائبه علی السريّة الحلل إلیمانيّة علی الجند. وعندما قفل أمير المؤمنين راجعاً من مكّة، وشاهد جنده علی تلك الحال، أمر بخلع الحلل التي هي من الصدقات، وإرجاعها إلی أعدالها، والمجيء بها إلی رسول الله، ممّا أدّي إلی امتعاض الجند وانزعاجهم، حتّي إذا دخلوا مكّة بدأوا بالانتقاص من أميرالمؤمنين والنيل منه. فأعلن رسول الله للناس أنّ عليّاً ليس من أهل المداهنة والمجاملة في سبيل الله، وأنـّه لا يخاف فيه لومة لائم، وأنـّه ذائب وفان في ذاتالله. من الطبيعيّ أنّ هذه المهمّة التي ذهب بها أمير المؤمنين عليه السلام إلی إلیمن، وإرسال السريَّتين وقعت في السنة العاشرة من الهجرة؛ وعاد أميرالمؤمنين من مكّة إلی المدينة بصحبة رسول الله. وفي الجُحفة عند غدير خُمّ، ألقي رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم خطبته الغرّاء حول ولاية الإمام الإلهيّة الكلّيّة والمطلقة. ونقل أبو بكر الهيتَميّ عن عمرو بن شاس الاَسْلَميّ وهو من أصحاب الحديبيّة، قال: خرجت مع علی عليه السلام، إلی إلیمن فجفاني في سفري ذلك حتّي وجدتُ في نفسي عليه. فلمّا قدمت المدينة أظهرت شكايته في المسجد حتّي سمع بذلك رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم. فدخلتُ المسجد ذات غدوة، ورسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم جالس في ناس من أصحابه: فلمّا رآني، حدّد إلیّ النظر، حتّي إذا جلست قال: يَا عَمْرُو! وَاللَهِ لَقَدْ آذَيْتَنِي! قُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَهِ مِنْ أذَاكَ يَارَسُولَاللَهِ! قَالَ: بَلَي مَنْ آذَي عَلِيَّاً فَقَدْ آذَانِي! [25] وروي الهَيْتَميّ أيضاً عن أبي رافع، قال: بعث رسول الله صلّيالله عليه ] وآله [ وسلّم عليّاً أميراً علی إلیمن، وخرج معه رجل من أسْلَم يقال له: عمرو بن شاس. فرجع وهو يذمّ عليّاً ويشكوه. فَبَعَثَ إلیهِ رَسُولُاللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اخْسَأ يَا عَمْرُو! هَلْ رَأَيْتَ مِنْ علی جَوْرَاً فِي حُكْمِهِ أَوْ أَثَرَةً فِي قَسْمِه؟! قَالَ: اللَهُمَّ: لاَ! فقال النبيّ: فعلامَ تقول الذي بلغني؟ قال: بعضه لا أملك. قال: فغضب رسول الله حتّي عُرف ذلك في وجهه، ثمّ قال: مَنْ أَبْغَضَهُ فَقَدْ أَبْغَضَنِي؛ وَمَنْ أَبْغَضَنِي فَقَدْ أَبْغَضَ اللَهَ! وَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي فَقَدْ أحَبَّ اللَهَ تَعَإلی. [26] أجل، فلنعد إلی أصل البحث الذي استعرضناه عن حجّ التمتّع. وأنّ حجّ التمتّع واجب علی من كان هو وأهله بعيدين عن المسجد الحرام، وهذه الفريضة واجبة إلی يوم القيامة، وتركها معصية وموبقة كبيرة. وقد حذّر القرآن من ذلك وأوعد التاركين لها بالعقاب الشديد. الحجّ سنّة من شريعة ابراهيم عليه السلام. وعلی الرغم من أنّ تعإلیمه وأحكامه الإلهيّة قد ضعفت بعده بين عرب الحجاز، وضاع أكثرها، إلاّ أنّ الحجّ ظلّ قائماً، مع تغييرات طرأت علی أصله بكرور الايّام. الفرق بين حجّ التمتّع وحجّ الإفراد والقرانوكان الحجّ يقام في فترة معيّنة، وكان الحجّاج يُحْرِمُونَ من مكان خاصّ يدعي الميقات. ويتوجّهون إلی مكّة وأطرافها لاداء المناسك؛ فإن ساقوا معهم الهدي ونحروه في مِني، كان حجّهم حجّ قِران، وأمّا إن لميسوقوا معهم الهدي، فيكون حجّهم حجّ إفراد. وأمّا حجّ التمتّع فلميعهده المسلمون ولم يألفوه من قبل. فهو ممّا جاء به الإسلام، إذ نزل جبرئيل بوحي من الباري تعإلی ليبيّن حدوده ومواصفاته. وهو ممّا نطق به القرآن. و لذلك أدّي إلی استغراب كثير من المسلمين ودهشتهم إذ تساءلوا قائلين: كيف يمكن التمتّع أيّام الحجّ؟ ومن الطبيعيّ أنّ هذا الاستغراب ناتج عن ما ألفته نفوسهم من حجّ القرآن وحجّ الإفراد، إذ يحرم الحاجّ من الميقات ويأتي مكّة، فيبقي علی الإحرام واجتناب مخيط الثياب، وعدم استعمال العطر، وعدمالتمتّع بالنساء والمحرّمات الاُخري. حتّي يذهب إلی عرفات والمَشْعر في مني، ويؤدّي المناسك. بَيدَ أنّ المسألة تختلف تماماً في حجّ التمتّع، إذ يدخل الحاجّ مكّة، ويؤدّي العمرة، ثمّ يُحِلّ؛ أي: يخرج من لباس الإحرام، ويستعمل العطر، ويتمتّع بالنساء، ويرتكب محرّمات الإحرام الاُخري، إلی أن يحين وقت الحجّ، فينوي لاداء الفريضة، ويحرم لها ويلبّي، ويعود إلی الإحرام مرّة ثانية ويمتنع عن اللذّات والمشتهيات المحظورة. وأمّا في حجّ القِران والإفراد فإنّ المحرم يبقي أشعث الشعر، مغبرّ الجسم طيلة فترة الإحرام، ولكنّه يحلّ في حجّ التمتّع. ويستمتع بجميع التمتّعات مدّة في مكّة وهو في حالة اعتياديّة؛ ثمّ يحرم مرّة أُخري. ولهذا فإنّ العرب الذين دأبوا علی السنن السابقة ظنّوا أنّ التمتّع الواقع بين الإحرامين صدعاً في الحجّ، وكأنـّهم خالوه نقصاً وخللاً في أركانه. وتوهّموا هذا التمتّع مغايراً لحقيقة الحجّ، وذلك علی أساس ما عرفوه عن الحجّ أيّام الجاهليّة، ولهذا أعلنوا عن اعتراضهم. ونحن نعلم أنّ هذا الاعتراض ليس في موضعه، لانّ تشريع العبادات وكيفيّة المناسك، وإقحام الظروف، أو تحديد الحواجز والعقبات، كلّ ذلك بِيَدِ الله الذي عيّنه للناس بواسطة الوحي وإنزال الكتاب، وإرسال النبيّ. وأساساً فإنّ الإنسان أيّاً كان، ومهما كان علمه وقدرته لا يستطيع أن يضع للناس أحكاماً ما لم يتّصل بعالم الغيب، ويتلقّ الاحكام الإلهيّة من المصادر العإلیة بقلبه وبلا شائبة وتدخّل نفسانيّ من لدنه، ولاسيّما إذا كانت تلك الاحكام مرتبطة بالعبادات والعلاقات القلبيّة للناس بربّ العالمين. الاحكام بِيَدِ الله، وتُبيَّن للناس علی لسان نبيّه؛ ونَسْخ الاحكام بِيَدِالله أيضاً؛ لانّ نسخ الحكم هو حكم جديد لابدّ أن يضعه الله. وحكم الإسلام يستهدي بسنّة إبراهيم الخليل حتّي حانت السنة التي كانت فيها حجّة الوداع، أعني بذلك أنّ الحجّ كان مقتصراً علی حجّ القران وحجّ الإفراد، بَيدَ أنّ هذا الحكم في حجّة الوداع كان خاصّاً بمن كانوا قريبين من المسجد الحرام، ولهم حكم أهله، ويعتبرون مع قبائلهم في حكم حاضري المسجد الحرام. ويقصد منهم أهإلی مكّة نفسها والحرم والقري والقصبات القريبة حتّي ستّة عشر فرسخاً المعادلة لثمانية وأربعين ميلاً، فهؤلاء علی ما كانوا عليه سابقاً. وأمّا البعيدون عن هذه المسافة، فقد تغيّر الحكم في الحجّ الواجب طبعاً، وتبدّل بحجّ التمتّع. وجاء جبرئيل بالآية القرآنيّة الخاصّة به ورسول الله علی المروة، فتلاها علی الناس بعد السعي. تفسير آية القرآن في الوجوب العينيّ لحجّ التمتّعفَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلی الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ إلی أن قال: ذَ ' لِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. وفي ضوء ذلك فإنّ قوله تعإلی: ذَ ' لِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. يحدّد التكليف اللازم الذي يخصّ الناس البعيدين عن المسجد الحرام علی نحو الوجوب. و هذا الحكم باق إلی يوم القيامة بإطلاق الآية، وبنصّ رسولالله الصريح عندما شبك أصابعه في جواب سُراقة بن مالك وقال ما مضمونه إنّه حكم باق إلی يوم القيامة. والسبب في ذلك: أنّ الشريعة الإسلاميّة السمحاء السهلة رفعت عن الحجّاج التكليف المتمثّل بشهرين أو أكثر من الإحرام الإلزاميّ. وهذا الحكم ـطبعاًـ ليس فيه حرج ومشقّة علی أهإلی مكّة وأطرافها، لانـّهم موجودون هناك؛ ولهم أن يحرموا ويحجّوا في الوقت القريب من أيّام الحجّ. بَيدَ أنّ الناس البعيدين عن المسجد الحرام، والقادمين إلی مكّة من بقاع الارض المختلفة، والذين يجب عليهم أن يحرموا من مواقيت معيّنة، ويتحمّلوا عناء السفر من الميقات إلی مكّة حتّي وقت الحجّ، كان يشقّ عليهم البقاء محرمين خلال تلك الفترة الطويلة. فرفعت هذه المشقّة في الحجّ الواجب بشكل إلزاميّ. وصار بإمكان أُولئكم الاستراحة في الوسط العائليّ خلال الفترة الكائنة بين العمرة والحجّ، وصار لهم التمتّع باللذائذ التي أحلّها الله لهم. والشيء اللطيف في قوله تعإلی: لِمَن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. هو أنّ المسافر يحتاج إلی السكينة والهدوء والاهل. ومن كان معه أهله فإنّه يتمتّع بنعمة الحضور كحاضري المسجد الحرام. ومن لميكن أهله حاضري المسجد، وهو بحاجة إلی السكينة والهدوء، فإنّ السماح له بالتمتّع بما يحرم عليه هو بمنزلة حضور الاهل ووجود السكينة والهدوء في مقابل ذلك. والتمتّع بالنساء والجواري بديل عن حضور الاهل والعائلة. ولمّا كانت أرضيّة الاعتراض علی هذا التشريع السماويّ موجودة بين الناس من قبل، لذلك أمر الله بالتقوي في تتمّة الآية مؤكّداً علی ذلك، وتَرك المخالفين في دهشة وخوف من العذاب الشديد. قال جلّ من قائل: وَاتَّقُوا اللَهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. واستهداءً بالسنّة النبويّة الشريفة يتّفق الجميع دون أدني شكّ علی حجّ التمتّع للبعيدين عن المسجد الحرام، وذلك في حجّة الوداع إذ أحلّ جميع الناس من إحرامهم بأمر رسول الله، وتمتّعوا، ثمّ أحرموا ثانية للحجّ. وكذلك يتّفقون علی بقاء هذا الحكم في عصر أبي بكر، ومدّة من حكومة عمر. ولا خلاف بين الشيعة والسنّة في هذه المسألة، إلاّ أنّ الشيعة تقول إنّ الحكم باق إلی يوم القيامة كما شرّعه الله ورسوله؛ وأمّا العامّة فتقول إنّه نسخ في عصر عمر، وإنّ عمر رفع ذلك. وسنّته واجبة التطبيق كسنّة رسولالله. هذا هو أصل الموضوع الذي يستفاد من المناقشات القائمة بين الطرفين وردودهما ومؤاخذاتهما. ولسنا بحاجة إلی نقل الروايات المتواترة عن الشيعة وأئمّتهم في هذا المجال، لانـّه لا تبقي شبهة قائمة بعد تصريح القرآن وإعلان الرسول المتكرّر في مكّة حتّي نأتي بروايات عن طريق الشيعة تدعم ذلك. إلاّ أنـّنا ننقل هنا نصوص بعض الروايات المعتبرة عن كتب العامّة. وذلك بغية إرشاد وتوجيه إخواننا من العامّة، واستهدافاً للمحافظة علی الرفقة والاُخوّة في البحث عن طريق الجدل. يتلو ذلك بحث وجيز بدور حول هذا الموضوع، آملين أن يكون ذلك مفيداً لهم جميعاً، بشرط تحرّرهم من الروح العدائيّة، ومواكبتهم لنا خطوة خطوة مستضيئين بأصل الحقيقة وحاملين لنظرة الاصالة. إِنَّ فِي ذَ ' لِكَ لَذِكْرَي لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أوْ أَلْقَي السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ. [27] روايات العامّة حول التمتّع في الحجّفقد جاء في « الدرّ المنثور » قوله: أخْرَجَ البُخَارِيُّ وَالبَيْهَقِيُّ عَنِابْنِ عَبَّاسٍ أَنـَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ الحَاجِّ؛ فَقَالَ: أَهَلَّ المُهَاجِرُونَ وَالاَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وآلِهِ [ وَسَلَّمَ فِي حِجَّةِ الوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: اجْعَلُوا إهْلاَلَكُمْ بِالحَجِّ عُمْرَةً إلاَّ مَنْ قَلَّدَ الْهَدْي. فَطُفْنَا بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَأتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ. وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإنَّهُ لاَ يُحِلُّ حَتَّي يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ. ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالحَجِّ؛ فَإذَا فَرَغْنَا مِنَ المَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ كَمَا قَالَ اللَهُ: «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـ'ثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ» إلی أَمْصَارِكُمْ، وَالشَّاةُ تُجْزِيُ، فَجَمَعُوا نُسْكَيْنِ فِي عَامٍ بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإنَّ اللَه أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ. قَالَ اللَهُ تَعَإلی: ذَ ' لِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. وَأَشْهُرُ الحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللَهُ: شَوَّالٌ وَذُو القَعْدَةِ وَذُوالحِجَّةِ؛ فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الاشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ. وَالرَّفَثُ: الجِمَاعُ، وَالفُسُوقُ: المَعَاصِي، وَالجِدَالُ: المِراءُ. [28] وذكر في تفسير « الدرّ المنثور » أيضاً: أخْرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ، فِي حِجَّةِ الوَدَاعِ بِالعُمْرَةِ إلی الحَجِّ، وَأهْدَي فَسَاقَ مَعَهُ الهَدْيَ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُاللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ، فَأهَلَّ بِالعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَّلَمَ بِالعُمْرَةِ إلی الحَجِّ؛ فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَي، فَسَاقَ الهَدْيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْيُهْدِ. فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، قَالَ لِلنَّاسِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَي فَإنَّهُ لاَ يُحِلُّ لِشَيءٍ حُرِّمَ مِنْهُ حَتَّي يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْيَكُنْ أَهْدَي فَلْيَطُفْ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحلِّلْ ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالحَجِّ، فَمَن لَمْ يَجِدْ هَدْيَاً فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلی أَهْلِهِ. [29] لا يخلو هذا الحديث من اضطراب وتشويش عند ملاحظة صدره الذي يدلّ علی أنّ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم أدّي حجّ التمتّع، ولكن عندما نلاحظ ذيله، الذي ينصّ علی أنّ الذين لم يسوقوا معهم الهدي يجب أن يحُلّوا ثمّ يُلبّوا للحجّ، فإنّه صريح في استبدال التمتّع بحجّ الإفراد. وجاء في « الدرّ المنثور » أيضاً: أَخْرَجَ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ: قَالَ: كَثُرَتِ القَالَةُ مِنَ النَّاسِ، فَخَرَجْنَا حُجَّاجاً حَتَّي إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَنْ نُحِلَّ إلاَّ لَيَالٍ قَلاَئِلُ أَمَرَنَا بِالإحْلاَلِ. قُلْنَا: أَيَرُوحُ أَحَدُنَا إلی عَرَفَةَ وَفَرْجُهُ يَقْطُرُ مَنِيَّاً؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَاللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ فَقَامَ خَطِيبَاً فَقَالَ: أَبِاللَهِ تُعَلِّمُونِي أَيُّهَا النَّاسُ؟! فَأَنَا وَاللَهِ أَعْلَمُكُمْ بِاللَهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ. وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ هَدْيَاً وَلَحَلَلْتُ كَمَا أَحَلُّوا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلی أَهْلِهِ؛ وَمَنْ وَجَدَ هَدْيَاً فَلْيَنحَرْ. فَكُنَّا نَنْحَرُ الجَزُورَ عَنْ سَبْعَةٍ. قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ قَسَّمَ يَومَئِذٍ فِي أَصحَابِهِ غَنَماً؛ فَأَصَابَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقّاصٍ تَيْسٌ؛ فَذَبَحَهُ عَنْ نَفْسَهِ. [30] وجاء في « الدرّ المنثور » أيضاً: أَخْرَجَ ابنُ أبي شَيْبَةَ وَالبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: نَزَلَتْ آيَةُ المُتعَةِ فِي كِتَابِ اللَهِ؛ وَفَعَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الحَجِّ؛ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّي مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأيِهِ مَا شَاءَ. [31] قال الاُستاذ الاكرم العلاّمة الطباطبائيّ رضوان الله عليه في ذيل هذا الحديث بعد نقله لتلك الاحاديث في « تفسير الميزان »: وقد رُوِيَت الرواية بألفاظ أُخري قريبة المعني ممّا نقله في « الدرّ المنثور ». وفي « صحيح مسلم » و « مسند أحمد » و « سنن النسائيّ » عن مطرف، قال: بعث إلیّ عِمران بن حصين في مرضه الذي توفّي فيه، فقال: إنّي كنت محدّثك بأحاديث لعلّ الله أن ينفعك بها بعدي، فإن عشتُ، فاكتُم علی! وإن مُتُّ، فحدّث بها عنّي! إنّي قد سلم علی. واعلم أنّ نبيّ الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم قد جمع بين حجّ وعمرة، ثمّ لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنه نبيّ الله، قال رجل فيها برأيه ما شاء. [32] وفي « صحيح الترمذيّ » أيضاً و « زاد المعاد » لابن القيّم: سُئِلَ عَبْدُاللَهِ ابْنُ عُمَرَعَنْ مُتْعَةِ الحَجِّ، قَالَ: هِيَ حَلاَلٌ. فَقَالَ السَّائِلُ: إنَّ أَبَاكَ قَدْ نَهَي عَنْهَا! فَقَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ أبي نَهَي وَصَنَعَهَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ؛ أأمْرُ أَبِي مُتَّبَع أَمْ أَمْرُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: بَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: لَقَدْ صَنَعَها رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ. [33] وفي « صحيح الترمذيّ » و « سنن النسائيّ » و « سنن البيهقيّ » و « موطَّأ مالك » وكتاب « الاُمّ » للشافعيّ، عن محمّد بن عبد الله أنـّه سمع سعد بن أبي وقَّاص، والضحّاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان، وهما يذكران التمتّع بالعمرة إلی الحجّ، فقال الضحّاك: لا يصنع ذلك إلاّ من جهل أمرالله. فقال سعد: بئسما قلت يابن أخي! قال الضحّاك: فإنّ عمر بن الخطّاب نهي عن ذلك. قال سعد: قد صنعها رسول الله وصنعناها معه. [34] ] قال: [ وفي « الدرّ المنثور »: أخرَجَ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنسَائِيُّ عَنْ أبي مُوسَي، قَالَ: قَدِمْتُ علی رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالبَطْحَاءِ، فَقَالَ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: أَهَلَلْتَ؟ قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإهْلاَلِ النَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ. قَالَ: هَلْ سُقْتَ مِنْ هَدْي؟! قُلْتُ: لاَ. قَالَ: طُفْ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ ثُمَّ حَلِّ. فَطُفْتُ بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي فَمَشَطَتْنِي رَأَسِي وَغَسَلَتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَإمَارَةِ عُمَرَ، فَإنِّي لَقَائِمٌ بِالمَوسِمِ إِذْ جَاءَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: إنَّكَ لاَتَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُالمؤمِنِينَ فِي شَأْنِ النُّسْكِ؟ فَقُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ بِشَيءٍ فَلْيَتَّئِدَّ! فَهَذَا أَميرُالمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ؛ فِبِهِ فَائتَمُّوا! فَلَمَّا قَدِمَ، قُلْتُ يا أميرَ المُؤْمِنِينَ! مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْتَ فِي شَأْنِ النَّسْكِ؟! قَالَ: إنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَهِ، فَإِنَّ اللَهَ قَالَ: «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ»، وَإنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ، لَمْ يُحِلَّ حَتَّي نَحَرَ الهَدْيَ. [35] والنتيجة الحاصلة في هذا الموضوع وما يستفاد من هذه الروايات والروايات المماثلة التي سيأتي بعضها، وما يفيده النصّ القرآنيّ الصريح هو وجوب التمتّع في الحجّ الواجب لمن كانوا بعيدين عن المسجد الحرام، إذ يحرمون في البداية بإحرام العمرة، ثمّ يحلّون في مكّة بعد الطواف والسعي والتقصير؛ وبعد ذلك يحرمون من مكّة للحجّ ويتمّون حجّهم. فيؤدّون عمرة وحجّة تامّتين بنيّتين وإحرامين مستقلّين وذلك في سفرة واحدة إلی بيت الله الحرام أيّام الحجّ. ودخلت العمرة في الحجّ حتّي كأنّ إحلالاً وتمتّعاً قد تحقّقاً أثناء فريضة الحجّ، ولذلك أطلقوا علی هذا الحجّ: حجّ التمتّع. وقد ألغي عمر هذا الحكم أيّام حكومته، وأمر بترك العمرة في أشهر الحجّ، والإحرام للحجّ من الميقات فقط بلا تمتّع، والإحرام من الميقات، وأداء العمرة مستقلّة في الشهور الاُخري من السنة. فينحصر الحجّ في حجّ الإفراد، وحجّ القران. وفي هذه الحالة يعود الحجّ إلی كيفيّته السابقة التي كانت سائدة بين العرب في العصر الجاهليّ بقيّة من سنّة إبراهيم عليه السلام. وبصورة عامّة، فإنّ حجّ التمتّع، ونسخ الحجّ السابق بالنسبة إلی الاشخاص البعيدين، والتعليمات النبويّة الجديدة في حجّة الوداع، ونزول جبرئيل علی المروة، وإنزال قوله تعإلی: ذَ ' لِكَ لِمَن لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وخطب النبيّ المتكرّرة في مكّة، واعتراضه الشديد علی من خالف تعإلیمه في هذا المجال، كلّ ذلك قد ضاع سديً. ولابدّ لنا هنا أن نخوض في هذا البحث لنري منطلق هذا العمل، وأدلّة الذين لا يتمتّعون أثناء الحجّ تأسّياً بسنّة عمر فقط؟ ردّ المخالفين في الاستدلال بالآية: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِالإشکالات التي أثارها عمر علی حجّ التمتّعفقد استدلّوا علی مدّعاهم من وجهات متعدّدة: الوجهة الاُولي: الآية الكريمة: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ. [36] زاعمين أنّ الحجّ كلّه يتمثّل بالإحرام من الميقات. وأنّ الذين يحرمون من الميقات وبعد ذلك يعتمرون، ويحلّون في مكّة، ثمّ يحرمون للحجّ من مكّة؛ فإنّ هناك في حجّهم نقصاً وخللاً، لانّ العمرة والحجّ في هذه الحالة قد تداخلا، والإحلال بينهما في حكم الإحلال بين الحجّ، وهو ما يستلزم نقصان الحجّ. والجواب علی هذا الادّعاء واضح، لانّ إتمام العمرة والحجّ أداؤهما بجميع الشروط والاجزاء، والاجتناب عن موانعهما؛ ومن يحرم من الميقات بقصد العمرة، ويطوف، ويصلّي، ويسعي، ويقصّر في مكّة، فإنّه يؤدّي عمرة تامّة؛ ومن يحرم من مكّة، ويتوجّه إلی عرفات والمشعر بقصد الحجّ، ويؤدّي مناسك مني والبيت الحرام، فإنّه يؤدّي حجّة تامّة بجميع أجزائها وشروطها متجنّباً موانعها. وعلمنا أنّ تحديد الشروط والاجزاء والموانع في كلّ من العمرة والحجّ يعود إلی الشارع المقدّس. ولمّا قرّر لنا أن نحرم من الميقات بقصد الحجّ في حجّ القران وحجّ الإفراد، وأن نحرم من مكّة في حجّ التمتّع، فإنّ تمام ذلك وكماله أداؤه وفقاً لهذا النهج وهذا الشكل؛ وخلاف ذلك يستلزم النقصان وعدم الإتمام؛ والنتيجة الحاصلة هنا هو أن نأخذ هيكل الحجّ وكيفيّته وأجزاءه وشروطه من الشارع؛ وهذا هو التمام، وغيره هو النقصان. وليسلاحد أن يضيف من عنده جزءاً أو شرطاً؛ أو يرفعهما، ومن ثمّ يحدّد التمام والنقصان تبعاً لما يرتئيه؛ وعلی هذا فإنّ قوله تعإلی: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ لا يعني أكثر من إتمام الحجّ والعمرة للّه. وأمّا تمامه بعدم الإحلال بين العمرة والحجّ، والبقاء في الإحرام حتّي الذهاب إلی عرفات، فلا يمكن استنتاجه من الآية مهما كانت القرائن. ونذكر الآية كلّها فيما يلي بغية الوقوف علی توضيح أكثر لهذه الحقيقة، ثمّ نأتي بالدليل علی أنّ قوله ( وَأتِمُّوا ) لا يعضد مدّعاهم ولايدلّ عليه بل يدلّ علی نقيضه. وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَتَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّي' يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ و فَمَن كَانَ مِنكُمْ مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذيً مِّن رَّأسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلی الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدِيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـ'ثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَهٌ ذَ ' لِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. [37] فقد جاء في صدر هذه الآية أن نتمّ الحجّ والعمرة للّه! وتماميّة كلّ شيء بشيء إذا ألحقناه بأجزائه الاُخري فإنّه يتحقّق، وتترتّب عليه آثاره المطلوبة، فالإتمام هو عبارة عن إلحاق جزء من الاجزاء بعد البدء بشيء تُقَتَطف آثاره المطلوبة بواسطة إلحاق ذلك الجزء. وكمال شيء عبارة عن حالة أو وصف أو أمر إذا وجده ذلك الشيء، فإنّ الآثار المطلوبة منه تُجني بعد تماميّته. وتلك الآثار لاتجني بغيرالكمال. وعلی سبيل المثال، فإنّ انضمام بعض أجزاء الإنسان إلی البعض الآخر يمثّل تماميّته، ولكنّ العالميّة والشجاعة تمثّلان كماله. فضمّ بعض أجزاء المولّد الكهربائيّ، أو آلة الطباعة إلی بعضها الآخر بغية توليد الكهرباء أو الطبع، والتخلّص من النقصان، يمثّل تماميّة ذلك. ولكنّ ترتّب الاثر المطلوب علی ذلك، من توليد كهرباء وطبع بعد فرض التماميّة يمثّل كماله. فقوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ أي: أدّوا جميع الاجزاء المشروطة في الحجّ! ولاتقصّروا في جزء منها! والشاهد علی ذلك ما جاء بعده مباشرة: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدِيِ. فإذا تعذّر عليكم إتمامه بسبب مرض أو منع عدوّ، فعليكم إرسال الهدي! وإذا ما نحر في محلّه، فأحلّوا من إحرامكم! ومن المعلوم أنّ الحصر والإحصار يقتضي النقصان وعدمالتماميّة في أجزاء الحجّ؛ فالآية تفيدنا ـإذاًـ أن نتمّ الحجّ علی أيّ حال كان، ومهما كان نوعه: قراناً أو إفراداً أو تمتّعاً، وأن نتفادي نقصانه بترك جزء أو شرط من شروطه. وفي هذه الآية نفسها يأمر الله تعإلی بحجّ التمتّع، فيقول: فمن تمتّع بالعمرة إلی الحجّ، فما استيسر من الهدي، أي: ينحرون في مني، وتماميّة حجّهم بالهدي والاضحية. وحجّ التمتّع هذا واجب علی من كان أهله غيرحاضري المسجد الحرام. فصدر الآية وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ يأمر بإتمام الحجّ، مهما كان نوعه. وذيلها يقسّم الحجّ إلی قسمين: حجّ التمتّع لمن لم يكونوا حاضري المسجد الحرام؛ وحجّ غير التمتّع لحاضري المسجد الحرام. ويستفاد وجوب التمتّع من هذه الآية المباركة من قوله: ذَ ' لِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لا من قوله: فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلی الْحَجِّ، لانّ قوله: فَمَن تَمَتَّعَ ينبي عن قسمين، وقوله: ذَ ' لِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ يوجب نوعاً واحداً وهو التمتّع للبعيدين؛ وهذا المعني في غاية الوضوح. وبعد أن عرفنا أنّ كيفيّة الحجّ وأجزاءه وشروطه، وأيّ عبادة أُخري غيره ينبغي أن تحدّد من قبل الشارع المقدّس. وأنّ رسول الله أكّد من علی المروة وفي خطبته بمكّة المكرّمة علی كيفيّة الحجّ لمن لم يحضروا المسجد الحرام إلی يوم القيامة وذلك بعد نزول جبرئيل بهذه الآية: ذَ ' لِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِيِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فإتمام الحجّ للبعيدين عن المسجد الحرام يتحقّق علی نحو التمتّع، لا علی نحو الإفراد والقران. وفي ضوء ذلك فإنّ قوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ يدعونا إلی إتمام الحجّ حسب التعإلیم القرآنيّة والنبويّة إذ هو للبعيدين علی نحو التمتّع، ولا يجزي عدمالتمتّع منهم. وأمّا دلالة الآية: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ علی وجوب الفاصلة بين العمرة والحجّ، وإثبات إتمام الحجّ بالإحرام من الميقات في ضوء الآية الكريمة: فَدُونَ إثْبَاتِهِ خَرْطُ الْقَتَادِ، كما نصّ علی ذلك الاُستاذ الاكرم العلاّمة الطباطبائيّ رضوان الله عليه. [38] ويستبين ممّا تقدّم جيّداً أنّ استدلال عمر بقوله تعإلی: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ علی عدم جواز التمتّع كما مرّ بنا في الرواية المأثورة عن أبي موسي الاشعريّ آنفاً، غير صحيح، كما أنّ استدلاله بهذه الآية في رواية أُخري غير صحيح أيضاً. وهذه الرواية هي الواردة في تفسير « الدرّ المنثور » فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ، وَكَانَ ابنُ الزُّبَيْرِ يَنْهَي عَنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَهِ؛ فَقَالَ: علی يَدِي دَارَ الحَدِيثُ؛ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ؛ فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ، قَالَ: إِنَّ اللَهَ كَانَ يُحِلُّ لِرَسُولِ اللَهِ مَا شَاءَ مِمَّا شَاءَ، وَإنَّ القُرآنَ قَدْ نَزَلَ مَنَازِلَهُ؛ فَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَهُ وَافْصِلُوا حَجَّكُم مِنْ عُمْرَتِكُمْ فَإنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ. [39] جواب القائلين بعدم جواز التمتّع في الحجّفجواب عمر بيّن من هذا الكلام، لانّ حجّ التمتّع ـ في ضوء القرآن الكريمـ لم يختصّ برسول الله؛ وبناءً علی خطبة النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم فإنّ الحجّ والعمرة قد تداخلا كتشابك الاصابع إلی يوم القيامة؛ ويتّفق العلماء جميعاً من الفريقين علی أنّ شأن النزول ليس مخصِّصاً؛ أي: أنّ نزول آية في موضوع ما لا يحصر الحكم في ذلك الموضوع؛ ولذلك فإنّ قوله: إنّ القرآن نزل منازله، وقوله: فأتمّوا الحجّ وافصلوا الحجّ من العمرة هما من أغرب الغرائب؛ ويمثّلان استنتاجاً فكريّاً في مقابل النصّ. ومن هنا يستفاد أنّ: الوجهة الثانية من دليل المخالفين، وهي أنّ عدم التمتّع يؤدّي إلی إتمام الحجّ والتأسّي بالسنّة النبويّة؛ لانّ النبيّ لم ينحر هديه، ولم يُحِلّ، ولميتمتّع إلی أن فعل ذلك في مني علی أساس خطبة عمر الواردة في حديث أبي موسي الاشعريّ إذ قَالَ: إن نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَهِ فَإنَّ اللَهَ قَالَ: «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ»؛ وَإن نَأخُذْ بِسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ لَمْ يُحِلَّ حَتَّي نَحَرَ الْهَدْيَ؛ [40] ذلك لانّ اتّباع السنّة النبويّة صحيح عند عدمتصريح النبيّ بخلافه، كالصوم المستحب، وقيام الليل للعبادة؛ وأمّا عند تصريحه بالخلاف كعدم جواز الزواج بأكثر من أربع نساء زواجاً دائميّاً فلا ريب أنّ اتّباعه يعتبر مخالفة لامره وسنّته. وقد صرّح في حجّة الوداع أنّ عدم إحلاله هو بسبب سوق الهدي، وإلاّ لاحلّ كغيره من المسلمين؛ وفي هذه الحالة فإنّ البقاء في الإحرام حتّي مني بالنسبة إلی الاشخاص الذين ليس معهم هدي هو خلاف السنّة، لااتّباع للسنّة. ولمّا كان حكم التمتّع وارداً إلی يوم القيامة، فإنّ أداء حجّ القِران والإفراد بالنسبة إلی البعيدين عن المسجد الحرام هو مخالف للسنّة في الحجّ الواجب. والعجيب هو الزعم باتّباع السنّة، وقد قال رسول الله في خطبته بمكّة معترضاً علی هذا الزعم الباطل: أَبِاللَهِ تُعَلِّمُونِي أَيُّهَا النَّاسُ؟! والإحرام للحجّ لا يتحقّق بمجرّد عدم حلق الرأس إلی أن يبلغ الهدي محلّه بمني؛ والآية تدلّ علی أنّ سائق الهدي الذي ينبغي أن لايحلق رأسه، إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، فإنّ حجّه سيكون حجّ التمتّع ـلامحالةـ. وحاصل الكلام أنّ رسول الله لم يحجّ حجّ التمتّع؛ إلاّ أنـّه أمر أصحابه ومرافقيه وأُمّته جميعاً بالتمتّع إلی يوم القيامة، فكيف يمكننا أن لا نعتبر هذا العمل من السنّة النبويّة؟ وهل يمكن أن نعتبر أمراً يخصّ رسول الله، وهو يأمر أُمّته بغيره، من السنّة النبويّة، فيؤمر به الناس؟! حَاشَا وَكَلاَّ. حجّ التمتّع لا يختصّ بأصحاب رسول اللهومن هنا يمكننا أيضاً أن نفهم بأنّ ما قالوه حول اختصاص الصحابة بحجّ التمتّع واهٍ لا أساس له. جاء في « الدرّ المنثور » قوله: أخْرَجَ ابنُ أبي شَيبَةَ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبي ذَرٍّ، قَالَ: كَانَتِ المُتْعَةُ فِي الحَجِّ لاِصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّياللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ خَاصَّةً. [41] وجاء فيه أيضاً: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبي ذَرٍّ قَالَ: لاَ تَصْلَحُ المُتَعَتَانِ إلاّ لَنَا خَاصَّةً ـيعني مُتْعَةَ النِّساءِ وَمُتْعَةَ الحَجِّ ـ.[42] ووردت في الجزء الاوّل، ص 216 منه أيضاً رواية نصّها: أَخْرَجَ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنـَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُتْعَةِ فِي الحَجِّ، فَقَالَ: كَانَتْ لَنَا، لَيْسَتْ لَكُمْ. ومضمون هاتين الروايتين يخالف كتاب الله القائل: ذَ ' لِكَ لِمَن لَّمْيَكُنْ أَهْلُهُ و حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لانّ إطلاق هذه الآية وعدمتقييدها بوقت خاصّ؛ أو بأشخاص معيّنين يخالف متن الروايتين. ولمّا كانت الروايتان مخالفتين لكتاب الله فهما مطروحتان. وكذلك هما مخالفتان لكلام رسول الله لانـّه شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وقال: دخلت العمرة في الحجّ هكذا ] كأصابعه المتشابكة [ إلی يوم القيامة. مضافاً إلی ذلك، أنـّه يستنتج من إنكار بعض الصحابة، كعمر، وعثمان، وابن الزبير، وأبي موسي الاشعريّ، ومعاوية، ( وأبي بكر في بعض الروايات ) وتركهم حجّ التمتّع أنـّها ليست خاصّة بالصحابة. يقول ابن كثير الدمشقيّ في « البداية والنهاية » ج 5، ص 166: وأمّا الإمام أحمد ] بن حنبل [ فردّ ذلك. وقال: قد رواه أحد عشر صحابيّاً، فأين تقع هذه الرواية من ذلك؟... وأفتي ابن عبّاس بوجوب الفسخ ] التمتّع [ علی كلّ من لم يسق الهدي. وفي « السيرة الحلبيّة » بعد ذكر كلام النبيّ حول تغيير الحجّ إلی حجّ التمتّع وسؤال سراقة بن مالك، وخطبة النبيّ بعد سماعه كلام المخالفين، يعترف قائلاً: إنّ هؤلاء جميعهم يصرّحون أنّ المراد من التمتّع هو الإحلال بين العمرة والحجّ، وهو باق إلی يوم القيامة. لكنّه يقول بعد ذلك: أجاب عنه أئمّتنا بأنّ ذلك، أي فسخ الحجّ إلی العمرة، كان من خصائص الصحابة في تلك السنة ليخالفوا ما كان عليه الجاهليّة من تحريم العمرة في أشهر الحجّ، ويقولون: إنّه من أفجر الفجور. وبهذا قال أبو حنيفة، ومالك، وإمامنا الشافعيّ وجماهير العلماء من السلف والخلف... وخالف الإمام أحمد ] بن حنبل [ وطائفة من أهل الظاهر، فقالوا: بل هذا ليسخاصّاً بالصحابة في تلك السنة، أي: بل باق لكلّ أحد إلی يوم القيامة. فيجوز لكلّ من أحرم بالحجّ وليس معه هدي أن يقلب إحرامه عمرة ويتحلّل بأعمالها. [43] الثالثة: من حيث إنّ التمتّع لا يلائم وضع الحجّاج. فهيئة الشخص المحرم بإحرام الحجّ هي هيئة مسافر إلی الله، يتكبّد عناء السفر، ويشتري مشقّة الطريق، أشعث أغبر، لم يغتسل ولم يتعطّر، وقد حرّم علی نفسه إتيان النساء والجواري وغير ذلك من اللذائذ المادّيّة. ولو قدّر أن يحلّ الحاجّ من إحرامه في مكّة، ويمشط شعره، ويتعطّر، ويأتي النساء والجواري، ويرتدي صبيغ الثياب ومخيطها، ويصبح كما لو كان في مدينته وبين أهله؛ فلا يبقي للحجّ أيّ احترام، ويضمر بهاؤه وجلاله وعظمته. وفي « مسند » أحمد عن أبي موسي ] الاشعريّ [: إِنَّ عُمَرَ قَالَ: هِيَ سُنَّةُ رَسُولِاللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ ـ يَعْنِي المُتْعَةَ ـوَلَكِنِّي أَخْشَي أَنْ يُعْرِسُوا بِهِنَّ تَحْتَ الاَرَاكِ ثُمَّ يَروحُوا بِهِنَّ حُجَّاجاً. [44] وفي « جَمْع الجَوامِع » للسيوطيّ عن سعيد بن المُسَيِّب: أَنَّ عُمَرَبْنَ الخَطَّابِ نَهَي عَنِ المُتْعَةِ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ وَقَالَ: فَعَلْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْهَي عَنْهَا؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَكُمْ يَأتِي مِنْ أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ شَعِثاً نَصِيباً مُعْتَمِراً فِي أَشْهُرِ الحَجِّ؛ وَإنَّمَا شَعَثُهُ وَنَصَبُهُ وَتَلْبِيَتُهُ فِي عُمْرَتِهِ، ثُمَّ يَقْدِمُ فَيَطُوفُ بِالبَيْتِ وَيُحِلُّ وَيَلْبَسُ وَيَتَطَيَّبُ وَيَقَعُ علی أَهْلِهِ إنْ كَانُوا مَعَهُ حَتَّي إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلَّ بِالحَجِّ وَخَرَجَ إلی مِنَي يُلْبِّي بِحِجَّةٍ لاَ شَعَثَ فِيهَا وَلاَ نَصَبَ وَلاَ تَلْبِيَةَ إلاَّ يَوْماً؛ وَالحَجُّ أفْضَلُ مِنَ العُمْرَةِ؛ لَوْ خَلَّيْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ هَذَا لَعَانَقُوهُنَّ تَحْتَ الاَرَاكِ، مَعَ أَنَّ أَهْلَ البَيْتِ لَيْسَلَهُمْ ضَرْعٌ وَلاَ زَرْعٌ وَإنَّمَا رَبِيعُهُمْ فِيمَنْ يَطْرَأ عَلَيْهِمْ. [45] وجاء في بعض الروايات أيضاً أنّ عمر قال: قد علمت أنّ النبيّ صلّيالله عليه ] وآله [ وسلّم فَعَلَه وأصحابُهُ، ولكنّي كرهت أن يعرسوا بهنّ في الاراك ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم.[46] و [47] ارجاعات [1] ـ «الطبقات الكبري» طبعة دار صادر، بيروت، ج 2، ص 170؛ و «السيرة الحلبيّة» طبعة محمّد علي صبيح بمصر، ج 3، ص 232 و 233. [2] ـ الوصيفة هي الفتاة الشابّة. [3] ـ «البداية والنهاية» ج 5 ص 104. [4] ـ «الاءرشاد» للمفيد، الطبعة الحجريّة. ص 85 إلي 87. [5] ـ «الامالي» للطوسيّ، الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 157. [6] ـ الجزء الاوّل من كتاب ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من «تاريخ دمشق» ص 365 و 366. [7] ـ «تاريخ دمشق» ص 366. [8] ـ «تاريج دمشق» ص 366. [9] ـ «تاريج دمشق» ص 366. [10] ـ نفسه، 366 و 367. [11] ـ «تاريخ دمشق»، ص 367 و 368. [12] ـ الجزء الاوّل من كتاب ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام من «تاريخ دمشق» ص 368. [13] ـ نفسه، ص 368 و 369. [14] ـ «تاريخ دمشق»، ص 369؛ والهيتميّ في «مجمع الزوائد» طبعة دار الكتاب، بيروت، سنة 1967 م، ج 9، ص 127. [15] ـ «تاريخ دمشق»، ص 370. [16] ـ نفسه، ص 370، و 371. [17] ـ «تاريخ دمشق» ص 371. وذكر الهيتميّ في «مجمع الزوائد» طبعة دار الكتاب العربيّ، بيروت، ج 9، ص 128 و 129؛ وكذلك ذكره الشيخ الطوسيّ في «الامالي». [18] ـ «تاريخ دمشق» ص 372 إلي 375. [19] ـ نفس المصدر، ص 373. [20] ـ نفس المصدر، ص 375. [21] ـ «تاريخ دمشق» ص 376 و 377. [22] ـ «تاريخ دمشق» 377 و 378؛ والهيتميّ في «مجمع الزوائد» ج 9، ص 127. [23] ـ «مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» طبعة دار الكتاب العربيّ، بيروت، ج 9، ص 128. [24] ـ «الطبقات» لابن سعد، دار بيروت، سنة 1405 ه، ج 2، ص 169. وذكر ابن الاثير في «الكامل في التاريخ» طبعة بيروت، دار صادر، سنة 1385 ه، ص300 و 301، أنـّه أرسل أميرالمؤمنين عليه السلام إلي اليمن مرّة لدعوة أهلها إلي الاءسلام، ومرّة لجمع الصدقات والجزية. [25] ـ «مجمع الزوائد» للهَيْتَيمِيّ، ج 9، ص 129، وقال: رواه أحمد بن حنبل، والطبرانيّ باختصار، والبزّار أخصر منه؛ و «البداية والنهاية» ج 5، ص 104 و 105، و«تذكرة الخواصّ» الطبعة الحجريّة، ص 26. [26] ـ «مجمع الزوائد» ج 9، ص 129، وقال: رواه البزّار. [27] ـ الا´ية 37، من السورة 50: ق. [28] ـ «تفسير الدرُّ المنثور» ج 1، ص 215. [29] ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج 1، ص 216. [30] ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج 1، ص 217؛ وذكر ابن سعد في طبقاته مثل هذا الحديث عن جابر، ج 2، ص 187. [31] ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج 1، ص 216. [32] ـ «تفسير الميزان» طبعة دار الكتب الاءسلاميّة بطهران، سنة 1393، ج 2، ص 89. [33] ـ «تفسير الميزان» طبعة دار الكتب الاءسلاميّة بطهران، سنة 1393، ج 2، ص 89. [34] ـ «تفسير الميزان» ج 2، ص 89. [35] ـ «تفسير الميزان» ج 2، ص 90؛ وتفسير «الدرّ المنثور» ج 1، ص 216. [36] ـ صدر الا´ية 196، من السورة 2: البقرة. [37] ـ الا´ية 196، من السورة 2: البقرة. [38] ـ «تفسير الميزان» ج 2، ص 92. [39] ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج 1، ص 216؛ وتفسير «الميزان» ج 2، ص 90. [40] ـ «الميزان»، ج 2، ص 90. [41] ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج 1، ص 216؛ وتفسير «الميزان» ج 2، ص 91. [42] ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج 1، ص 216؛ وتفسير «الميزان» ج 2، ص 91. [43] ـ «السيرة الحلبيّة» طبعة مصر مكتبة محمّد علي صبيح، سنه 1353 ه، ج 3، ص 298. [44] ـ تفسير «الميزان» ج 2، ص 90، عن «مسند أحمد». [45] ـ تفسير «الميزان» ج 2، ص 90، عن «مسند أحمد». [46] ـ تفسير «الميزان» ج 2، ص 93. [47] ـ يقول في كتاب «شيعه واسلام» (= الشيعة والاءسلام) للسبط، ج 2، هامش ص 19: نقل أبو الفداء في «التاريخ» ج 2، ص 39، أنّ المأمون العبّاسيّ نسب جملة «متعتان كانتا محلّلتين». كما نسبها له الجاحظ في «البيان والتبيين» ج 2، ص 23. |
|
|