|
|
خطبته عليه السلام صبيحة يوم عاشوراء * ثمّ دعا الحسينُ عليه السلام براحلته فركبها ونادي بأعلي صوته بحيث يسمعه الجميع فقال : أَيُّهَا النَّاسُ ! اسْمَعُوا قَوْلِي ، وَلاَ تَعْجَلُوا حَتَّي أَعِظَكُمْ بِمَا يَحِقُّ عَلَيَّ لَكُمْ ؛ وَحَتَّي أُعْذِرَ إلَيْكُمْ ! فَإنْأَعْطَيْتُمُونِي النِّصْفَ كُنْتُمْ بِذَلِكَ أَسْعَدَ ! وَإنْ لَمْتُعْطُونِي النِّصْفَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَأَجْمِعُوا رَأْيَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُو´ا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ ! إنَّ وَلِــِّيَ اللَهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَـ'بَ وَهُوَ يَتَوَلَّي الصَّـ'لِحِينَ . ثُمَّ حمد الله وأثني عليه ، وذكر الله تعالي بما هو أهله ، وصلّي علي النبيّ وآله وعلي ملائكته وأنبيائه ، فلميُسمع متكلّم قطّ قبله و لا بعده أبلغ في منطق منه . ثمّ قال : أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا مَن أنا ، ثمّ ارجعوا إلي أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! ألستُ ابن بنت نبيّكم وابن وصيّه وابن عمّه وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله صلّي الله عليه وآله بما جاء به من عند ربّه ؟! أو ليس حمزة سيّد الشهداء عمّي ؟ أو ليس جعفر الطيّار في الجنّة بجناحين عمّي ؟! أولم يبلغكم ما قال رسول الله صلّي الله عليه وآله لي ولاخي : هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ فإن صدّقتموني بما أقول ـ وهو الحقّ ـ واللهِ ماتعمّدتُ كذباً منذ علمتُ أنَّ اللَه يمقت عليه أهله ، وإنْكذّبتموني فإنّ فيكم من إنْ سألتُموه عن ذلك أخبركم . سَلوا جابر بن عبد الله الانصاريّ وأبا سعيد الخدريّ وسهل بن سعد الساعديّ وزيد بن أرقم وأنس ابن مالك ، يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسولالله صلّي الله عليه وآله لي ولاخي . أما في هذا حاجزٌ لكم عن سفك دمي ؟! فقال له شمر بن ذي الجوشن : هو يعبد اللهَ عليحَرْفٍ إنْ كان يدري ما تقول . فقال له حبيب بن مظاهر : واللهِ إنّي لاراك تعبدُ اللهَ علي سبعين حرف ، وأنا أشهد أنّك صادق ما تدري مايقول ، قد طبع اللهُ علي قلبك . ثمّ قال لهم الحسين عليهالسلام : فإنْ كنتم في شكٍّ من هذا أفتشكّون أَنّي ابنبنت نبيّكم ؟ فواللهِ ما بينَ المشرقِ والمغربِ ابنُبنتِ نَبيٍّ غَيري ، فيكم ولا في غيركم . وَيْحَكُمْ أتطلبوني بقتيلٍ منكمْ قتلتُه ؟ أو مالٍ لكم استهلكتُه ؟ أو بقصاصِ جراحةٍ ؟ فأخذوا لا يكلّمونه ؛ فنادي : يا شبث بن ربعيّ ! ويا حجّار بن أبجر! ويا قيس بن الاشعث ! ويا يزيد بن الحارث ! ألم تكتبوا إليّ : أنْ قدْ أينعت الثمارُ واخضرَّ الجنابُ ، وإنّما تَقْدَمُ عَلي جُندٍ لَكَ مُجَنَّدَةٍ ؟! فقال له قيسُ بن الاشعثِ : ما ندري ما تقول ؛ ولكن انْزِل علي حُكم بَني عمّكَ ، فَإنّهم لن يُرُوك إلاّ ما تحبّ . فَقَالَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ وَاللَهِ لاَ أُعْطِيكُمْ بِيَدِي إعْطَاءَ الذَّلِيلِ؛ وَلاَ أُقِرُّ لَكُمْ إقْرَارَ الْعَبِيدِ [1] ؛ ثُمَّ نَادَي: يَا عِبَادَ اللَهِ ! إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنتَرْجُمُونِ ؛ وَأَعُوذُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَيُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ.[2] خطبة الإمام الغرّاء يوم عاشوراء * وروي ابن طاووس الخطبة الغرّاء التالية عن سيّدالشهداء عليه السلام خطبها يوم عاشوراء ، بهذا المضمون : قالَ الرَّاوي : وَرَكِبَ أَصْحَابُ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُمُ اللَهُ ، فَبَعَثَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بُرَيْرَ بْنَ خُضَيْرٍ فَوَعَظَهُمْ ؛ فَلَمْ يَسْتَمِعُوا وَذَكَّرَهُمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا . فَرَكِبَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَاقَتَهُ ـ وَقِيلَ فَرَسَهُ ـ فَاسْتَنْصَتَهُمْ فَأَنْصَتُوا. فَحَمِدَاللَهَ ، وَأَثْنَي عَلَيْهِ ، وَذَكَرَهُ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ؛ وَصَلَّي عَلَي مُحَمَّدٍ وَعَلَي الْمَلاَئِكَةِ وَالاْنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ ؛ وَأَبْلَغَ فِي الْمَقَالِ ؛ ثُمَّ قَالَ: تَبّاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْجَمَاعَةُ وَتَرَحاً حِينَ اسْتَصْرَخْتُمُونَا وَالِهِينَ ، فَأَصْرَخْنَاكُمْ مُوجِفِينَ ؛ سَلَلْتُمْ عَلَيْنَا سَيْفاً لَنَا فِي أَيْمَانِكُمْ ! وَحَشَشْتُمْ عَلَيْنَا نَاراً اقْتَدَحْنَاهَا عَلَيعَدُوِّنَا وَعَدُوِّكُمْ ! فَأَصْبَحْتُمْ ألْباً لاِعْدَائِكُمْ عَلَيأَوْلِيَائِكُمْ بِغَيْرِ عَدْلٍ أَفْشَوْهُ فِيكُمْ ، وَلاَ أَمَلٍ أَصْبَحَ لَكُمْ فِيهِمْ ! فَهَلاَّ ـ لَكُمُ الْوَيْلاَتُ ـ تَرَكْتُمُونَا ؛ وَالسَّيْفُ مَشِيمٌ ، وَالجَأْشُ طَامِنٌ ، وَالرَّأْيُ لَمَّا يُسْتَحْصَفْ ؟! وَلكِنْ أَسْرَعْتُمْ إلَيْهَا كَطَيْرَةِ الدَّبَي ! وَتَدَاعَيْتُمْ إلَيْهَا كَتَهَافُتِ الْفَرَاشِ ! فَسُحْقاً لَكُمْ يَا عَبِيدَ الاْمَّةِ ! وَشُذَّاذَ الاْحْزَابِ ! وَنَبَذَةَ الْكِتَابِ ! وَمُحَرِّفِي الْكَلِمِ ! وعُصْبَةَ الآثَامِ ! وَنَفَثَةَ الشَّيْطَانِ! وَمُطْفِئِي السُّنَنِ ! أَهَؤُلاَءِ تَعْضُدُونَ ؟! وَعَنَّا تَتَخَاذَلُونَ ؟! أَجَلْ وَاللَهِ غَدْرٌ فِيكُمْ قَدِيمٌ ! وَشَجَتْ إلَيْهِ أُصُولُكُمْ ! وَتَأَزَّرَتْ عَلَيْهِ فُرُوعُكُمْ ! فَكُنْتُمْ أَخْبَثَ ثَمَرٍ شَجاً لِلنَّاظِرِ ! وَأُكْلَةً لِلْغَاصِبِ ! أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ [3] قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ : بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ ! يَأْبَي اللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ ، مِنْ أَنْنُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِئَـامِ عَلَي مَصَـارِعِ الْكِرَامِ . أَلاَ وَإنِّي زَاحِفٌ بِهَذِهِ الاْسْرَةِ مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ ، وَخَذْلَةِ النَّاصِرِ . ثُمَّ أَوصَلَ كَلاَمَهُ بِأَبْيَاتِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ الْمُرَادِيِّ : فَإنْ نَهْزِمْ فَهَزَّامُونَ قِدْماً وَإنْ نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلَّبِينَا [4] وَمَا إنْ طِبُّنَا جُبْنٌ وَلَكِنْ مَنَايَانَا وَدَوْلَةُ آخَرِينَا [5] إذَا مَا الْمَوْتُ رَفَّعَ عَنْ أُنَاسٍ كَلاَكِلَهُ أَنَاخَ بِآخَرِينَا فَأَفْنَي ذَلِكُمْ سُرَوَاءَ قَوْمِي كَمَا أَفْنَي الْقُرُونَ الاْوَّلِينَا فَلَوْ خَلَدَ الْمُلُوكُ إذاً خَلَدْنَا وَلَوْ بَقِيَ الْكِرَامُ إذاً بَقِينَا فَقُلْ لِلشَّامِتِينَ بِنَا أَفِيقُوا سَيَلْقَي الشَّامِتُونَ كَمَا لَقِينَا ثُمَّ أَيْمُ اللَهِ لاَ تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إلاَّ كَرَيْثِمَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ ، حَتَّي تَدُورَ بِكُمْ دَوْرَ الرَّحَي ! وَ تَقْلَقَ بِكُمْ قَلَقَ الْمِحْوَرِ ! عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِي عَنْ جَدِّي ؛ فَأَجْمِعُو´ا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُو´ا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ ! إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَي اللَهِ رَبِّي وَ رَبِّكُم مَا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءَاخِذُ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَي' صِرَطٍ مُسْتَقِيمٍ . اللَهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ ؛ وَابْعَـثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِني يُوسُفَ ؛ وَسلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلاَمَ ثَقِيفٍ ! فَيَسُومَهُمْ كَـأْساً مُصَبَّرَةً ؛ فإنَّهُمْ كَذَّبُونَا وَخَذَلُونَا وَأَنْتَ رَبُّنَا ! عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإلَيْكَ أَنَبْنَا وَإلَيْكَ الْمَصِيرُ ! [6] أشعاره الرجزيّة يوم عاشوراء * وجاء في كتاب «كشف الغمّة» عن كتاب «الفتوح» أنـّه عليه السلام لمّا أحاطت به جموع ابن زياد وقتلوا من قتلوا من أصحابه ومنعوهم الماء كان له عليهالسلام ولدٌ صغير فجاءه سهمٌ منهم فقتله ، فزمّله الحسين عليه السلام وحفر له بسيفه وصلّي عليه ودفنه ، (ووقف أمام جيش الاعداء وَحمل عليهم مرتجزاً) : غَدَرَ [7] الْقَوْمُ وَ قِدْماً رَغِبُوا عَنْ ثَوابِ اللَهِ رَبِّ الثَّقَلَيْن قَتَلُوا قِدْماً [8] عَلِيّاً وَابْنَهُ حَسَنَ الْخَيْرِ كَرِيمَ الطَّرَفَيْن حَسَداً مِنْهُمْ وَ قَالُوا أَجْمِعُوا نُقْبِلِ الآنَ جَمِيعاً بِالْحُسَيْن يَا لَقَوْمٍ لاِنَاسٍ رُذَّلٍ جَمَعُوا الْجَمْعَ لاِهْلِ الْحَرَمَيْن [9] ثُمَّ سَارُوا وَ تَوَاصَوْا كُلُّهُمْ لاِجْتِيَاحِي لِلرِّضَا بِالْمُلْحِدَيْن [10] لَمْ يَخَافُوا اللَهَ فِي سَفْكِ دَمِي لِعُبَيْدِ اللَهِ نَسْلِ الْفَاجِرَيْن وَابْنُ سَعْدٍ قَدْ رَمَانِي عَنْوَةً بِجُنُودٍ كَوُكُوفِ الْهَاطِلَيْن لاَ لِشَيْءٍ كَانَ مِنِّي قَبْلَ ذَا غَيْرِ فَخْرِي بِضِيَاءِ الْفَرْقَدَيْن بِعَلِيٍّ خَيْرِ مَنْ بَعْدَ النَّبِيّ وَالنَّبِيِّ الْقُرَشِيِّ الْوَالِدَيْن خَيْرَةُ اللَهِ مِنَ الْخَلْقِ أَبِي ثُمَّ أُمِّي فَأَنَا ابْنُ الْخَيْرَتَيْن فِضَّةٌ قَدْ صُفِيَتْ مِنْ ذَهَبٍ فَأَنَا الْفِضَّةُ وَابْنُ الذَّهَبَيْن مَنْ لَهُ جَدٌّ كَجَدِّي فِي الْوَرَي أَوْ كَشَيْخِي فَأَنَا ابْنُ الْقَمَرَيْن فَاطِمُ الزَّهْرَاءِ أُمِّي وَ أَبِي قَاصِمُ الْكُفْرِ بِبَدْرٍ وَ حُنَيْن وَ لَهُ فِي يَوْمِ أُحْدٍ وَقْعَةٌ شَفَتِ الغِلَّ بِفَضِّ الْعَسْكَرَيْن ثُمَّ بِالاْحْزَابِ وَالْفَتْحِ مَعاً كَانَ فِيهَا حَتْفُ أَهْلِ الْقِبْلَتَيْن فِي سَبِيلِ اللَهِ مَاذَا صَنَعَتْ أُمَّةُ السَّوْءِ مَعاً بِالْعِتْرَتَيْن عِتْرَةِ الْبَرِّ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَي وَ عَلِيِّ الْوَرْدِ [11] بَيْنَ الْجَحْفَلَيْن [12] * قال عبد الله بن عَمّار بن يَغوث : ما رأيتُ مكثوراً قَطّ قد قُتلَ ولده وأهلُ بيته وصحبُهُ أربط جَأشاً منهُ ولاأمْضي جناناً ولا أجرأ مقدماً ، ولقد كانت الرجال تنكشف بين يديه إذا شدّ فيها ، ولم يثبتْ له أحد . [13] فصاح عُمر بن سَعد بالجمع : هذا ابنُ الانْزَعِ البطين [14] ، هذا ابنُ قتّالِ العرب ، احملوا عليه من كلّ جانب! فأتته أربعةُ آلاف نبلة [15] ، وحال الرجال بينه وبين رحله ، فصاح بهم سيّد الشهداء عليه السلام : نداؤه عليه السلام في أتباع آل أبي سفيان يَا شِيعَةَ آلِ أَبِي سُفْيَانَ ! إنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ دِينٌ ، وَكُنْتُمْ لاَ تَخَافُونَ الْمَعَادَ ، فَكُونُوا أَحْرَاراً فِيدُنْيَاكُمْ ! وَارْجِعُوا إلَي أَحْسَابِكُمْ إنْ كُنْتُمْ عُرْباً كَمَا تَزْعُمُونَ ! فناداه شمر : ما تقولُ يا ابنَ فاطمة ! قال : أنا الذي أقاتلكم والنِّساءُ ليس عليهنّ جُناح فامنعوا عُتاتكم عن التعرّض لحرمي ما دمتُ حيّاً . قَالَ اقْصُدُونِي بِنَفْسِي وَاتْرُكُوا حَرَمِي قَدْ حَانَ حِينِي وَقَدْ لاَحَتْ لَوَائِحُهُ فقال شمر : لك ذلك ! وقصده القوم ، واشتدّ القتال وقد اشتدّ به العطش . [16] ثمّ إنّه عليه السلام رجع إلي الخيمة وودّع عياله ثانياً ، فحملوا عليه يرمونه بالسهام ، فحمل عليهم كالليث الغضبان ، ورجع إلي مركزه يُكثر من قول : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ ! [17] * ورماه أبو الحُتوف الجُعْفي بسهم في جبهته ، فنزعه وسالت الدماء علي وجهه فقال : دعاؤه عليه السلام علي أهل الكوفة و مخاطبته لهم اللَهُمَّ إنَّكَ تَرَي مَا أَنَا فِيهِ مِنْ عِبَادِكَ هَؤُلاَءِ الْعُصَاةِ ! اللَهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَداً ! وَاقْتُلْهُمْ بَدَداً ! وَلاَ تَذَرْ عَلَي وَجْهِ الاْرْضِ مِنْهُمْ أَحَداً ! وَلاَ تَغْفِرْ لَهُمْ أَبَداً ! و صاح بصوت عالٍ : يَا أُمَّةَ السَّوْءِ بِئْسَمَا خَلَّفْتُمْ مُحَمَّداً فِي عِتْرَتِهِ ! أَمَا إنَّكُمْ لاَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً بَعْدِي فَتَهَابُونَ قَتْلَهُ ! بَلْ يَهُونُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ عِنْدَ قَتْلِكُمْ إيَّايَ ! وَأَيْمُ اللَهِ إنِّي لاَرْجُو أَنْيُكْرِمَنِيَ اللَهُ بِالشَّهَادَةِ ، ثُمَّ يَنْتَقِمَ لِي مِنْكُمْ مِنْ حَيْثُ لاَتَشْعُرُونَ ! فقال الحُصَيْن : وبماذا ينتقم لك منّا يا ابن فاطمة ؟ قال (عليه السلام) : يُلقي بأسَكم بينكم ويسفك دماءَكُم ثُمّ يصبّ عليكم العذابَ صَبّاً . [18] كيفيّة استشهاده عليه السلام ولمّا ضعف عن القتال وقف يستريح ، فرماه رجلٌ بحجر علي جبهته، فسال الدم علي وجهه ، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن عينيه (فـ) رماه آخر بسهمٍ مُحدَّد له ثلاث شعب وقع علي قلبه ؛ فقال : بِسْمِ اللَهِ وَ بِاللَهِ وَ عَلَي مِلَّةِ رَسُولِ اللَهِ . وَرَفَعَ رَأْسَهُ إلَي السَّمَاءِ وَقَالَ : إلَهِي إنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ رَجُلاً لَيْسَ عَلي وَجْهِ الاْرْضِ ابْنُ نَبِيٍّ غَيْرُهُ ! ثمّ أخرج السهم من قفاه وانبعث الدم كالميزاب [19] ؛ فوضع يده تحت الجرح فلمّا امتلات رمي به نحو السماء وقال : هَوَّنَ عَلَيَّ ما نَزَلَ بي أنَّهُ بِعَيْنِ اللَهِ. فلم يسقط منذلك الدمِ قطرةٌ إلي الارضِ ! ثُمّ وَضَعها ثانياً فلمّا امتلات لطّخ به رأسَه ووجهَه ولحيته وقال : هكذا أكونُ حتّي أَلقي اللهَ وَجدِّي رَسُولَ اللهِ[20] * وأعياه نزفُ الدمِ ؛ فجلسَ علي الارض ينوءُ برقبته ، فانتهي إليه في هذا الحالِ مالكُ بنُ النسر ، فشتمه ثُمَّ ضربه بالسَّيفِ علي رأسه ، وكان عليه بُرْنُسٌ فامتلاَ البرنس دماً ، فألقي البرنسَ واعتمَّ علي القَلَنسُوَةِ [21] . وروي البعض أنّه استدعي بخرقةٍ فشَدَّ بها رأسَهُ . وضربه زُرعة بن شَريك علي كتفه اليُسري [22] ، ورماه الحُصين [23] في حلقه ، وضربه آخرُ علي عاتِقه، وطعنه سِنان بن أنس في ترقوته ثُمّ في بواني صدرهِ ثُمّ رماه بسهم في نَحْره [24] ، وطعَنَه صالح بن وهب فيجنبه. [25] قال هلال بن نافع : كنتُ واقفاً نحوَ الحسينِ وهو يجودُ بنفسه ، فواللهِ ما رأيتُ قتيلاً قطّ مُضمَّخاً بدمه أحسنَ منه وجهاً ولا أنور ! ولقد شغلني نورُ وجهه عنالفكرة في قتله ! [26] ولمّا اشتدّ به الحالُ رفعَ طرفَهُ إلي السماء وتضرَّع إلي ساحة الربِّ ذي الجلال قائلاً : صَبْراً عَلَي قَضَائِكَ يَارَبِّ ، لاَ إلَهَ سِوَاكَ ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ ! [27] وأقبل فرسُه يدور حوله ويمرّغ ناصيتَه بدمه ويشمّه ويصهَل صهيلاً عالياً ، [28] ورُوي عن الإمام أبيجعفر محمّد الباقر عليه السلام أنّه كان يقول : الظَّلِيمَةَ الظَّلِيمَةَ مِنْ أُمَّةٍ قَتَلَتِ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّهَا . [29] وتوجّه نحو المخيّم . ونادت أمّ كلثوم : وَا مُحَمَّدَاهْ ، وَا أَبَتَاهْ ، وَا عَلِيَّاهْ ، وَا جَعْفَرَاهْ ، وَاحَمْزَتَاهْ ! هَذَا حُسَيْنٌ بِالعَرَاءِ صَرِيعٌ بِكَرْبَلاءَ . [30] ونادت زينب : وَا أَخَاهْ ، وَا سَيِّدَاهْ ، وَا أَهْلَ بَيْتَاهْ ، لَيْتَ السَّمَاءَ أَطْبَقَتْ عَلَي الاْرْضِ ؛ وَلَيْتَ الْجِبَالَ تَدَكْدَكَتْ عَلَيالسَّهْلِ . [31] وانتهت نحو الحسين وقد دنا منه عمر بن سعد فيجماعة من أصحابه ، والحُسين يجود بنفسه ! فصاحت : أَيْ عُمَرُ! أَيُقْتَلُ أَبُو عَبْدِ اللَهِ وَأَنْتَ تَنْظُرُ إلَيْهِ؟! فصرفَ بوجهه عنها ودموعُه تسيلُ علي لحيته . [32] فصاحت : وَيْحَكُمْ أَمَا فِيكُمْ مُسْلِمٌ ؟! فلم يجبها أحد ! [33] ثمّ صاح عمر بن سعد بالناس : انزلوا إليه وأريحوه! فبدر إليه شمر فرفسه برجله وجلس علي صدره ، وقبض علي شيبته المقدّسة ، وضربه بالسيف اثنتي عشرة ضربة ، [34] واحتزّ رأسه المقدّس !! أشعار في تصوير حالات سيّد الشهداء عليه السلام وحال جميع المخلوقات وما أروع ما جسّد المرحوم حجّة الإسلام نيّر التبريزيّ حال الموجودات عند شهادة الإمام ، كلاّ بدوره وبقدر سعته واستعداده ، حيث يقول : جان فداي تو كه از حالتِ جانبازي تو در طفِ ماريه از ياد بشد شور نُشور قُدسيان سر بگريبان بحجاب مَلكوت حُوريان دست بگيسوي پريشان ز قُصور گوش خَضرا همه پُر غُلغُلة ديو و پَري سَطح غَبْرا همه پُر ولولة وحش و طُيور غرق درياي تحيّر زلب خشك تو نوح دست حسرت بدل از صبر تو أيّوب صَبور مرتضي با دل افروخته لا حَوْل كنان مصطفي با جگر سوخته حيران و حَصور كوفيان دست بتاراج حرم كرده دراز آهوانِ حَرَم از واهمه در شيوَن و شُور أنبياء محو تماشا و ملائك مَبهوت شمر سرشار تمنّا و تو سرگرم حُضور [35] وما أروع وأبلغ ما حكي آية الله الشعرانيّ رحمهالله في «دَمع السُّجوم» عن حقيقة شهادة ذلك الإمام : شاهان همه بخاك فكندند تاجها تا زيب نيزه شد سر شاه جهان عشق بر پاي دوست سر نتوان سود جز كسي كو را بلند گشت سر اندر سِنان عشق از لا مكان گذشت بيك لحظه بي بُراق اين مصطفي كه رفت سوي آسمان عشق شاه جهان عشق كه جانانش از أَلَسْت گفت اي جهان حُسْن ، فداي تو جان عشق تو كشتة منيّ و منم خون بَهايِ تو بادا فداي خون تو كَوْن و مكان عشق [36] وللّهِ الحمدُ ولهُ المِنّة ، فقد استغرقت كتابة هذه الرسالة أُسبوعاً واحداً ، وحُرّرت أيّام إقامة مراسم العزاء عليه (سلام الله عليه) ، أي في الايّام العشرة الاُولي منالمحرّم لسنة ألف وأربعمائة واثنين هجريّة قمريّة ، واختتمت بعد شروع ليلة تاسوعاء الحسين بساعتين وربع الساعة بمَنّه وَجودِه وكرمِه إنّه أرحمُ الراحمين . رَبَّنَا احْشُرْنَا مَعَ الْحُسَيْنِ وَالْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ ؛ رَبَّنَا وَتَقَبَّلِ الدُّعَاءَ . محفل انس است دو عالم ولي شمع دل افروز حسين است و بس آنكه سُرود اين دُرَرِ پاك را خاك ره كوي حسين است و بس [37] كتبه بيُمناه الداثرةِ العاشقُ المسكين ، والفاني المُستكين ، السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ فيالبلدةِ الطيِّبةِ لِلمشهدِ الرضَويِّ المُقدَّسِ عَلي مُقدِّسِها آلافُ التحيّةِ و الإكرامِ بجاهِ محمّدٍ وآلهِ البَررَةِ الكِرام .
أشعار المؤلّف في مدح سيّد الشهداء عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَهِ وَعَلَي الْمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ
الثالث
من شعبان المعظّم لسنة العيد السعيد لميلاد سيِّد الشُّهداءِ أَرواحُنا وأرواحُ العالمين له الفِداءُ إنّ نور الإله و مرآة تجلّي الحقّ ونور الهدي نور الحسين لا سواه . وسرّ الولاء ولؤلؤ الحقّ المتوهّج ومظهر الواهب المعطي إنّما هوالحسين . ولقد كان سرّ الهويّة الذي تجلّي ، هو الضوء الساطع لنور الحسين . وروح المشيّة التي ظهر منها الكون والمكان هي الحسين لا سواه . كان تجلّي الذات الاحديّة بلا نقاب هو نور تجلّي الحسين . ولقد كانت السجدة التي سجدتها جمهرة الملائكة لآدم الترابيّ إنّما هي من أجل الحسين لاسواه . وإنّ سلسلة الانبياء المستمرّة ليست إلاّ طلائع جيش الحسين . وهو لا سواه ثمرة الخلقة منذ الازل إلي الابد ، وهدف الخلقة والإيجاد . ومع أنّ العالمين محفلٌ للاُنس ، لكن الشمع الذي يُنير القلوب الحسين لا سواه . وليست النفحة المنعشة لنسيم الجنّة إلاّ شمّة وعبيراً من رائحة الحسين . ومن سجيّة الحسين ولاجله صارت نار نمرود علي الخليل برداً وسلاماً . وسفينة نوح في طوفان اليمّ لم تكن إلاّ كزورق في جدولٍ للحسين . لقد ذهب موسي بن عمران للميقات حين ذهب ، لاجل ميقات الحسين . ولقد كان نور الوادي الايمن علي الدوام شعشعة مُحيّا الحسين لا سواه . والنار المشتعلة في جبل الطور لم تكن إلاّ ضوءاً من نور الحسين . والنفخة التي نفخها عيسي في الجسد فأحياه ، إنّما كانت منأنفاس ورائحة الحسين . وهذه القبّة المرتفعة المنشورة إنّما تدور علي استدارة حاجب الحسين . فما الذي أقول ؟ إذ إنّ كلّ ما في العالم إنّما يبحث عنالحسين . والذي سطع هذه الليلة كالشمس إنّما هو راية التوحيد : الحسين لا سواه . ذلك الذي قبّل الرسول عنقه عطفاً وحبّاً فبكي ، هو الحسين لا سواه . إنّ شمعة محفل سرور حريم اللقاء إنّما هو الرأس الطافح بالانوار للحسين لا سواه . ولقد أحرق الحسين لا سواه فراشة الروح في حرم العشق شوقاً . فالقتيل الذي فدي بروحه في سبيل الحبيب ، و ذو الجسد المُقطَّع إرباً إنّما هو الحسين. والذي نصب خيمته خارج العالمينِ كليهما ليس إلاّ الحسين . ومَن قال في موضع تقديم القرابين للحبيب : رضيً ربِّ ، إنّما هو الحسين لا سواه والذي ضُمِّخَ بدم العنق إنّما هو ناصية ذؤابة الحسين لا سواه . إنّ باب الخلاص من الغمّ ومن بحر البلاء هي سفينة الحسين المنجية دونما سواها . واليد التي تشفع للجميع يوم الحشر ، هي من كرم الحسين وجوده لاسواه . فإن رُمتَ الفوز و الفلاح ، فالسبيل ليس إلاّ ولاية الحسين . وإنّ مُنشد هذه الدرر الطاهرة ترابٌ في مسير درب الحسين .
ربّنا احشُرنا مع الحسين عليه السّلام وأدخـلـنـا فـي زمـرتـه ربـّنـا وتـقـبـّل الـدّعـاء السيِّد محمّد الحُسين الحُسينيّ الطهرانيّ ارجاعات
[1]
ـ وَلا أُقِرُّ لَكُم إقْرَارَ
العَبيد أي لا أعترف بعبوديّتكم ولاأمكّنكم من نفسي كالعبيد ؛
وعلي ذلك فإنّ لفظ أُقرّ ولفظ إقرار كلاهما بالقاف ؛
لكنّ المرحوم الميرزا محمّد تقيّ سبهر أوردهما كليهما بالفاء في
«ناسخ التواريخ» المجلّد الخاصّ بسيّد الشهداء عليهالسلام (الطبعة
الحروفيّة ج
وقد أورده المرحوم السيّد عبد الرزّاق المقرّم في مقتله ص أقول : لا يمكننا تجاهل ورود لفظ لكم في بعض المقاتل والاكتفاء برواية ابن نما ؛ علي أنـّنا لو لفظناه بالقاف لما كان ذلك تكراراً للمعني الاوّل ؛ بل إنّه سينفي عن نفسه تلك الحالة من تمكين العبوديّة ، و علي كلّ تقدير ، فباعتبار ورود اللفظ في بعض المقاتل بالقاف ومع وجود لفظ لكم في بعضها ، فإنّ من الافضل أن يؤخذ بالمعني الذي اخترناه أي أنّني لا أمكّنكم من نفسي تمكين العبيد ولاأتحمّل ثقل ظلمكم.
[2]
ـ أورد هذه الخطبة إلي هذا الحدّ
: المفيد في «الإرشاد» ص [3] ـ يقصد عُبيد الله بن زياد . [4] ـ لانّ نيّتنا وإرادتنا علي الصلاح والتقوي ، وهذا أمرٌ لا يُغلب . [5] ـ لذا فلم نأتِ للحرب بداعٍ من حبّنا لانفسنا ، بل إنّنا تهيّأنا للحرب لِرفضنا سيطرة العدوّ الدنس اللئيم علينا ؛ ذلك لانّ منالمحال أن يتغلّب علينا ما دمنا علي قيد الحياة؛ لذا فإنّ دولتهم وحكومتهم لن تكون إلاّ بموتنا .
[6]
ـ وردت هذه الخطبة في «اللهوف»
ص [7] ـ جاء في «الاحتجاج» و«نفس المهموم» و«دمع السجوم» بلفظ كفر القوم .
[8]
ـ ضبطها آية الله الشعرانيّ في
«دمع السجوم» ص [9] ـ أي مكّة و المدينة . [10] ـ يزيد و عُبيد الله بن زياد . [11] ـ والوَرْد هو الورد الاحمر المعروف ، ويمكن أن يكون هنا بمعني الشجاع الجريء .
[12]
ـ «كشف الغمّة» ص
[13]
ـ «مقتل المقرّم» ص [14] ـ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
[15]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[16]
ـ «اللهوف» ص
[17]
ـ «اللهوف» ص
[18]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[19]
ـ «اللهوف» ص [20] ـ «مقتل المقرّم» عن «مقتل الخوارزميّ» و عن «اللهوف» .
[21]
ـ «اللهوف» ص
[22]
ـ «اللهوف» ص
[23]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[24]
ـ «اللهوف» ص
[25]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[26]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[27]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[28]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[29]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[30]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[31]
ـ «اللهوف» ص
[32]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[33]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[34]
ـ «مقتل المقرّم» ص
[35]
ـ «آتشكده نيّر» ص يقول : «بنفسي أنت ! فقد أنسي فداك في طفّ مارية اضطراب القيامة والنشور . فالملائكة تجلس ساهمة واجمة بحجاب الملكوت ، والحور تنشر ذوائبها المشوّشة في القصور . غوغاء الجنّ والشياطين يملا سمع السماء الزرقاء ، وسطح الغبراء يَضجّ بولولة الوحش والطيور . لقد غرق نوح في بحر الحيرة والدهشة من شفتك اليابسة الظمأي ، وتحسّر ـ حيثُ صبرتَ ـ أيّوبُ الصبور . يُتَمتِم المرتضي بـ «لاحَوْل...» بقلبٍ مستعر ، والمصطفي حيران بفؤاد مغموم مسجور. لقد تطاول أهل كوفان لنهب الحرم ، بينما ضجَّ كلُّ ظبيٍ منهنّ وهو ناحبٌ مذعور . كان الانبياء غارقين في التطلّع ، والملائكةُ مبهوتين ، وكان الشمر طافحاً بالاماني ، وكنتَ منهمكاً مشغولاً في الحضور» .
[36]
ـ «دمع السجوم» ، هامش ص يقول : «لقد ألقي الملوك جميعاً بتيجانهم إلي الارض ، حين زيّن الرمحَ رأس ملك عالم العشق . فلن يمكن لاحد أن يُمرّغ جبهته علي قدم الحبيب ، إلاّ ذلك الذي رفعوا رأسه علي سنان العشق . لقد تخطّي اللا مكان بلحظةٍ واحدة دونما بُراق ، هذا المصطفي الذاهب إلي سماء العشق . وملِكُ عالم العشق الذي قال له خالقُه منذ (أَلَسْت) : يا عالم الحُسن ، فِداك روح العشق . أنت قتيلي ، وأنا ديةُ دمك ، ولْيكُن فداء دمك كَوْن وعالم العشق!» [37] ـ يقول : «كلا العالمين محفل للانس ، لكنّ الشمع الذي ينير القلوب هو الحسين لاسواه . وإنّ منشد هذه الدرر الطاهرة ، ترابٌ في مسير درب الحسين» .
|
|
|