|
|
الصفحة السابقةالإغماء علی السيّد جمال الدين وأعضاء الجمعيّة إثر خطبة حول القرآنثمّ نزل السيّد بعد هذه الخطبة من منصّة الخطابة وقد أُغمي علی ثلث أعضاء الجمعيّة وتضعضع حال الباقين، وكان السيّد الجليل يبكي ويردّد: إي وَحَقِّكَ اللَهُمَّ، نَسَيْنَاكَ فَأَنْسَيْتَنَا، يردّدها حتّي يسقط مغميً علیه. وقد ظلّت حالة الإغماء والنحيب حاكمة علی الجمعيّة طوال ساعات ثلاث قام بعدها حسن عطا بك صهر خديوي مصر باستعمال العطور لإعادة السيّد وأعضاء الجمعيّة إلی الوعي. ثمّ يقوم السيّد بتشكيل جمعيّة مع مقرّرات للعمل بالقرآن كانت مؤثِّرة بشكل محيّر، ودام الامر مدّة تسعة أشهر وأيّام عدّة، قام بعدها الإنجليز وأُمراء مصر بإغلاق الجمعيّة وإخراج السيّد من مصر. [113] ترجمة حياة السيّد جمال الدين الاسدآباديّ ومؤلّفاتهثمّ يعقّب مؤلّف « شرح حال وآثار سيّد... » بعد ذلك فيقول: نعم، لقد أبعدوا السيّد مع تلميذه وخادمه أبي تراب عن مصر سنة 1296 هجريّة قمريّة، فذهب إلی الهند وكتب سنة 1297 ه. ق الرسالة النيشريّة (المذهب الطبيعيّ) في ردّ الدهريّين، طُبعت في بمبي. ثمّ سافر سنة 1300 ه. ق من الهند إلی لندن، ثمّ إلی باريس حيث بقي هناك ثلاث سنوات، وأسّس سنة 1301 ه. ق صحيفة « العروة الوثقي » التي كان محـرّرها الشـيخ محمّد عبـده ضدّ سياسـة الإنجليـز والاُوروبّيّين، وكان يرسلها مجّاناً إلی جميع نقاط الشرق، لكنّها للاسف أوقفت عن الصدور ولم ينشر منها سوي ثمانية عشر عدداً. [114] وفي حدود سنة 1303 ه. ق عزم السيّد علی السفر من باريس إلی بلاد الشرق، فدعاه ناصر الدين شاه بواسطة صنيع الدولة للقدوم إلی طهران، فوصلها السيّد سنة 1304 ه. ق وعرض علیه ناصر الدين شاه منصب رئاسة الوزراء ورئاسة دار الشوري فرفض السيّد ذلك قائلاً: لم أكن ولستُ طالب دنيا ورئاسة، بل إنّ هدفي ينحصر في إصلاح أُمور المسلمين. ويذهب السيّد سنة 1304 ه. ق من طهران إلی روسيا فيقيم سنتَين في مدينة بطرسبورج، ثمّ يذهب إلی النمسا فيلتقي به ناصر الدين شاه في سفره الاخير إلی بلاد الغرب في فيينا ويدعوه مجدّداً إلی طهران ويعقد له العهود والمواثيق أ نّه سيعمل بقول السيّد، فيجيء السيّد إلی طهران، ويُخلف الشاه عهده فلا يوافق علی إجراء اقتراحات السيّد في الاُمور. ويعلن السيّد مخالفته لناصر الدين شاه علناً، فيعتصم في صحن السيّد الشاه عبد العظيم لمدّة سبعة أشهر، ثمّ يصدر ناصر الدين شاه أخيراً في سنة 1308 ه. ق أمراً إلی الميرزا علی أصغر خان الصدر الاعظم باعتقال السيّد، فيعتقله ويبعده في الشتاء مع مرضه وسوء حاله إلی كرمانشاه وخانقين راكباً علی بغل، ثمّ يرسله حاكم بغداد إلی البصرة. ويكتب السيّد في البصرة رسالة مفصّلة حول تسلّط الإنجليز علی إيران وقيامهم بشراء أراضي إيران واستحكاماتها، وامتياز التنباكو وعواقبه الوخيمة، وغفلة ناصر الدين شاه وجرمه في هذه المسألة، فيبعث بها إلی المرحوم آية الله مرجع التقليد آنذاك: الحاجّ الميرزا محمّد حسن الشيرازيّ في سامرّاء، ثمّ يتّجه السيّد من البصرة ميمّماً صوب لندن. [115] وقد أُثبت في كتابَي « تاريخ سامرّاء » و « أعيان الشيعة » بالادلّة الوافرة كون السيّد جمال الدين إيرانيّاً وشيعيّاً، وأنّ تسمية بعض الغربيّين والمصريّين له بالافغانيّ ليس إلاّ خطأً محضاً. [116] ويورد كتاب « تاريخ سامرّاء » بالتفصيل رسالة السيّد جمال الدين من البصرة إلی الإمام المجدِّد المرحوم الحاجّ الميرزا محمّد حسن الشيرازيّ بشأن مسألة التنباكو وعن احتلال دولة إنجلترا للاراضي الإيرانيّة، ثمّ يقول المؤلّف المذكور: يقـول شـكيب أرسـلان فـي ت علیقتـه علـي كتـاب « حَاضِـرُ العَالَـمِ الإسْلاَمِيّ»: فَكَانَ هَذَا النِّدَاءُ مِنَ السَّيِّدِ الحُسَيْنِيِّ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الفَتْوَي الَّتِي أَفْتَاهَا ذَلِكَ الإمَاَمُ بِبُطْلاَنِ هَذَا الامْتِيَازِ وَاضْطَرَّتِ الحُكُومَةُ الفَارِسِيَّةُ خَوْفُ انْتِقَاضِ العَامَّةِ إلَي إلْغَائِهِ انتهي. لكنّ السيّد محسن العامليّ يقول: إنّ الإمام المجدِّد الشيرازيّ أصدر فتواه بشأن تحريم التنباكو حين اطّلع علی منح الامتياز إلی دولة بريطانيا، وكان ذلك قبل وصـول رسـالة السـيّد. ثـمّ يـورد المرحـوم العامليّ متنها بكامله. [117] الدعوة إلی الجهاد تتأ لّق مضيئة في معالم القرآننعم، منذ وضع المسلمون السيف في غمده، أي حين أودعوا القرآن في صندوق مقفل، فقد بدّلوا عصر عزّتهم وفخرهم إلی زمن الذلّ والعار؛ القرآن القائل: إِنَّ اللَهَ اشْـتَرَي' مِـنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَـهُمْ وَأَمَـوَ لَهُـم بِأَنَّ لَهُـمُ الْجَنَّةَ يُقَـ'تِلُـونَ فِي سَـبِيلِ اللَهِ فَيَقْتُلُـونَ وَيُقْتَلُـونَ وَعْـدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّـوْرَب'ةِ وَالاْءنجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَي' بِعَهْدِهِ مِنَ اللَهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَ لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّــ'نءِبُونَ الْعَـ'بِدُونَ الْحَـ'مِدُونَ السَّـ'´نءِحُونَ الرَّ كِعُونَ السَّـ'جِدُونَ الاْمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَـ'فِظُونَ لِحُدُودِ اللَهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ. [118] القرآن القائل: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـ'كِنَّ الْمُنَـ'فِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ. [119] وكم أبدعت (نيم تاج خانم رشتي) حين وقفت تخاطب الرجال وتوبّخهم؛ وقد تدفّقت الجيوش الروسيّة في گيلان واعتدت علی أعراض الناس ونواميسهم وأموالهم وشرفهم؛ وتلومهم علی ضعفهم وتواكلهم، وتدعوهم إلی الجهاد والدفاع: شد پاره پردة عجم از غيرت شما اينك بياوريد كه زنها رفو كنند نوحي بيايد وطوفان وي ز نو تا لكّههاي ننگ شما شستشو كنند نِسوان رشت، زلف پريشان گشاده مو تشريح عيبهاي شما مو به مو كنند اندر طبيعت است كه بايد شود ذليل هر ملّتي كه راحتي وعيش خو كنند مرد بزرگ بايد وعزم بزرگتر تا حلّ مشكلات به نيروي او كنند [120] ايوانِ پي شكسته مرمّت نميشود صد بار اگر به ظاهر وي رنگ ورو كنند آزاديت به دستة شمشير بستهاند مردان هميشه تكية خود را بدو كنند [121] نعم، فحين يذهب السيّد جمال إلی لندن يقوم هناك سنه 1309 بتأسيس جريدة عربيّة وإنجليزيّة باسم «ضياء الخافقين»، لكنّ الإنجليز يوقفون صدورها. ثمّ يدعوه سفير تركيا آنذاك نيابة عن السلطان عبد الحميد للسفر إلی تركيا، فتنشأ بينه وبين السلطان علاقة حميمة ومودّة شديدة، ويبذل السيّد في مسألة وحدة الدول الإسلاميّة مساعٍ حثيثة ويوافقه السلطان علی ذلك، لكنّ العلاقة بينه وبين السلطان تتعكّر في عاقبة الامر، فيرحل عن الدنيا سنة 1314 أو 1315 في شهر شوّال بعد عمليّة جراحيّة أُجريت له في حلقه، أو بسمّ جري سقيه إيّاه، أو حتف أنفه. [122] وكان السيّد يجلس علی مائدته في إسلامبول، والتي كانت تبسط علی مائدة عالية وتنسّق وفق الطراز الإفرنجيّ، ومع أنّ جميع ضيوفه كانوا يتناولون طعامهم بالشوكة والملعقة، لكنّه وهو المضيّف كان ينفرد من بينهم بتناول الطعام بأصابع يده مُعرضاً عن آداب ذلك الزمن وعاداته. [123] لقد اتّضح ممّا أوردنا أنّ هدف إنجلترا هو بثّ التفرقة بين المسلمين وتشتيت صفوفهم، وهو الهدف الذي عملت من أجله بمختلف الصور والاشكال في جميع الازمان، ولقد أدرك السيّد جمال الدين هذه الحقيقة جيّداً، ولم يكن يري طريقاً وعلاجاً لمواجهتها غير اتّحاد المسلمين وفتح جبهات الحرب عند الضرورة لحفظ كيان الإسلام وإعادة عزّة المسلمين إلی مركزها الاصليّ ومحورها الحقيقيّ. و علیه، فإنّ ما يجري هذه الايّام بين الاُمم المختلفة من شيوع الافكار القوميّة والشعوبيّة التي يدعونها الوطنيّة في أشكال وقوالب: وحدة الشعب الإيرانيّ، الوحدة العربيّة، الوحدة التركيّة، الوحدة الهنديّة، وغيرها من الاقطار الإسلاميّة بترغيب وتحريض من الاستعمار والترويج الإعلاميّ لاياديه وأبواقه، وكذلك تشديد وتقوية الصراعات المذهبيّة بين الشيعة والسنّة، وتجزئة الارض الإسلاميّة والدولة العثمانيّة الواسعة إلی دول صغيرة متنافسة بينها، كلّ ذلك من منطلق محاربة الفكر الهادف لاستئصال الاستعمار، أي محاربة الوحدة الإسلاميّة وعودة القرآن ليأخذ موقعه الرياديّ. مقولة محمّد عبده في عداء السيّد جمال الدين لإنجلتراينقل صاحب « أعيان الشـيعة » بعد بحث مفصّـل عن هويّة السـيّد جمال الدين الاسدآباديّ وشخصيّته؛ عن تلميذه الشيخ محمّد عبده، قوله: أَمَّا مَقْصَدُهُ السِّيَاسِيُّ الَّذِي قَدْ وَجَّهَ إلَيْهِ أَفْكَارَهُ وَأَخَذَ عَلَی نَفْسِهِ السَّعْيَ إلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، وَكُلُّ مَا أَصَابَهُ مِنَ البَلاَءِ، أَصَابَهُ فِي سَبِيلِهِ؛ فَهُوَ إنْهَاضُ دَوْلَةٍ إسْلاَمِيَّةٍ مِنْ ضَعْفِهَا وَتَنْبِيهِهَا لِلْقِيامِ عَلَی شُؤُونِهَا حَتَّي تَلْحَقَ الاُمَّةُ بِالاُمَمِ العَزِيزَةِ، وَالدَّوْلَةُ بِالدُّوَلِ القَوِيَّةِ. فَيَعُودِ لِلإسْلاَمِ شَأْنُهُ؛ وَلِلدِّينِ الحَنِيفِ مَجْدُهُ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا تَنْكِيسُ دَوْلَةِ بِرِيطَانِيَا فِي الاَقْطَارِ الشَّرْقِيَّةِ، وَتَقْلِيصِ ظِلِّهَا عَلَی رُؤوسِ الطَّوَائِفِ الإسْلاَمِيَّةِ، وَلَهُ فِي عَدَاوَةِ الإنْجِلِيزِ شُؤُونٌ يَطُولُ بَيَانْهَا. [124] فتن الإنجليز في المستعمرات تنفّذ علی يد عملائهم الماسونيّينإنّ أحد الطرق التي يتّبعها الإنجليز في سياستهم في إيران وفي سائر الدول الاُخري، بل الطريق الوحيد لهم، هو تأسيس محافل ماسونيّة داخل الدولة علی يد صنائعهم وأذنابهم تبثّ أنواع الفساد والخراب باسم الحرّيّة في كلّ مكان، بما يتناسب وأوضاع البلد ومحيطه، وتقفو أثر ما تختطّه لها السياسة الإنجليزيّة. يقول في كتاب « تاريخ روابط سياسي ايران وانگليس » (= تأريخ العلاقات السياسيّة بين إيران وانجلترا): حين تظهر الحرّيّة في أيّة أُمّة، فإنّها ستسوقها للموت والخراب وتدفعها إلی الفناء والهلاك، وستوجد طغياناً من الفتنة في تلك المملكة يحرق الاخضر واليابس، ومن سوء الحظّ أنّ هذه النار قد امتدّت إلی بيدرنا أيضاً وأفنت وجودنا وكياننا. إنّ أحد أسباب نشر شعار (الحرّيّة، الاُخوّة والمساواة) هو المحافل السرّيّة الماسونيّة، ولقد كتبتُ في الفصل الستّين موجزاً عن تأريخ هذه المحافل السرّيّة. فمنذ أوائل القرن التاسع عشر لم تطأ قدم أيّة شخصيّة إيرانيّة أرض أُوروبّا، ولندن بوجه خاصّ، إلاّ ودعوه إلی هذا المحفل السرّيّ وحصلوا علی إمضاء منه بالانتماء إليه، ونعتوه بالاُخوّة والمساواة لهم، ثمّ ألجموا فمه فصار هذا الإنسان بعد ذلك طوع أيدي دعاة الحرّيّة، يعدّ نفسه تابعاً مطيعاً لتعاليمهم. وربّما سيأتياليوم الذي يُنشر فيه علی يد عالم ومتتبّع إيرانيّ التأريخ الصحيح لظهور هذا المحفل في إيران، لكنّ هذا الامر ظلّ مستتراً حتّي الآن وربّما نُشرت قصّة عنه بين الفينة والفينة، لكنّ جذوره لم تتّضح بعد. [125] وكان لممثّلي الدولة الإنجليزيّة الذين يُعيّنون في إيران إخوة من هؤلاء في كلّ مكان، ينشدون عن بعضهم البعض، ويتبادلون الالغاز والاحاجي ويبذلون لبعضهم كلّ شيء. ولم يمتلك الإنجليز هذه المحافل في إيران وحدها، بل امتدّ الامر ليضمّ جميع ممالك آسيا وأفريقيا وسائر البلاد الاُخري. ولم يكن مأمورو دولة الإنجليز الرسميّون غرباء في هذه الممالك، فقد كان لهم أصدقاء كثيرون يعشقون الحرّيّة ويحبّون الإنجليز ولا يعدّونهم غرباء عنهم، وكانوا ما إن يقابل أحدهم الآخر حتّي يتعارفوا ويبذلوا لبعضهم كلّ شيء. [126] وينبغي القول إنّ حكومة لندن كانت بلا شكّ من أوّل دعاة المحفل الماسونيّ حين قامت بإدارة محفل ماسونيّ في إيران. التدخّل المقيت لدولة إنجلترا في تعيين مصير الشعب الإيرانيّوحين يتأمّل الإنسان أعمال وسيرة رجال بلاط فتح علی شاه، محمّد شاه وناصر الدين شاه ويطالعها بتمعّن، يلاحظ أنّ هؤلاء جميعاً كانوا أشخاصاً متداعين متهالكين ومهملين بطّالين لا يمتلكون حماساً ولا رغبة في العمل، لَكَأنَّ مقدّراتهم ليست في أيديهم، فلم يكونوا يتصرّفون وفق إرادتهم، ولم يكونوا بأنفسهم حكّامَ إيران، بل كان لإيران حاكم آخر غير الشاه والصدر الاعظم. فحين يشاهد هؤلاء أنّ اعتماد الدولة الرجل القويّ الوحيد في إيران يحكم يوماً ثمّ يُقتل وجميع أعوانه وأنصاره وأولاده في يومٍ آخر، ويُؤتي بالميرزا شفيع ليجلس مكانه، فإنّ رجال البلاط سيغرقون في التفكير بأنّ الشاه ليس هو الذي أزاله فأتي بآخر مكانه؛ وحين لا يتركون الميرزا أبا القاسم قائم مقام في مقام الصدر الاعظم سنة واحدة، بينما يحفظون الحاجّ الميرزا آقاسي في ذلك المقام أربع عشرة سنة، فإنّ من الواضح أنّ ذلك لم يكن من عمل الشاه. وكذلك الامر للميرزا تقي خان أمير كبير حين يقتلونه في قدرته وقوّته تلك ويُجلِسون الميرزا آقا خان نوري علی مسند الصدارة، يفهم الجميع أنّ ذلك لم يكن عمل الشاه، فهناك يدٌ أُخري قتلت الميرزا تقي خان وأجلست الميرزا آقا خان مكانه. إنّ المراسم والتشريفات التي وضعت لدخول المحفل تُذهل كلّ وارد جديد للمحفل وتصيبه بالدهشة، فيفقد إرادته، ويري نفسه أمام أشياء تخرجه عن طوره وسيطرته، وحينذاك يأخذون منه تعهّداً، فيري نفسه مرتبطاً بذلك المحفل إلی آخر عمره، لا رجعة بيده في أمره، بل ينبغي تنفيذ أوامر المحفل بلا مناقشة للوصول إلی الجنّة الموعودة، وهي الحرّيّة التامّة التي يرتع فيها جميع سكّان العالم، وحينذاك تطبّق الحرّيّة والمساواة والاُخوّة في أرجاء العالم أجمع. [127] ثمّ يورد شرحاً مفصّلاً للتخريب والإفساد الإنجليزيّ لاُمور فرنسا قبل الثورة علی يد صنائعهم من أفراد الماسونيّة الذين أعدّوهم لذلك، والذين نشروا الفوضي هناك ليدمّروا فرنسا باسم الحرّيّة والثورة فيُسقطوا بذلك اعتبار منافسهم الوحيد في أُوروبّا، وقد قاموا بذلك فعلاً، ثمّ يقول: ويمكن القول إنّ تأريخ إيران في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجريّ يُماثل تماماً تأريخ فرنسا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلاديّ، فإيران كان لها خصمٌ، بعد حكم طويل لناصر الدين شاه لما يقرب من خمسين سنة والمماثل لملك فرنسـا لويـس الخامس عشر؛ هو نفسـه خصـم فرنسـا، وقد تصـرّمت أيّام سـلطنة ناصـر الدين شـاه في الملذّات والمتع. ونتيجة لدسائس الإنجليز، فقد فُصلت عن إيران ـ أيّام حكم هذا الملك جميع أفغانستان، نصف منطقة سيستان ونصف منطقة بلوجستان، وحين توفّي ناصر الدين شاه ترك هو الآخر شعباً متخلّفاً يفتقر إلی جميع مستلزمات المدنيّة والرقيّ. ولم تترك جارتا إيران القويّتان طيلة فترة الخمسين سنة هذه أيّة فرصة لتقدّم إيران، فقضتا علی كلّ من كان يفكّر بتقدّم إيران ورقيّها، وكان حكّام إيران من عملائهما. وقد أحسّ ناصر الدين شاه والصدر الاعظم في السنوات الاخيرة لسلطنته مدي احتيال هؤلاء ومكرهم، فأبعدا من كان في البلاط منهم، وأغلقا محافلهم وقطعا السبل أمام دعاة الفتنة، لكنّ ذلك لم يدم طويلاً، ففي هذه الايّام القصيرة سقط ناصر الدين شاه قتيلاً برصاصة الميرزا رضا الكرمانيّ بتحريك من السيّد جمال الدين. وخلف ناصر الدين شاه علی الحكم شخص كان أسوأ ممّن سبقوه وأضعف عزماً وإرادة، وأقلّ حماساً لمملكته وسلطنته، وكان من أهل البذل والعطاء، ولم يكن مختاراً في نفقاته ومصاريفه، فاستحال في حكم ملك كهذا إجراء أيّ نوع من الإصلاحات في شؤون المملكة. وكانت هذه المحافل والجمعيّات تهيّي أسباب الفوضي والفتنة والفساد في إيران، وكانوا يطلقون علی هذه الفوضي نهضة قوميّة، ولقد صنعوا انقلاباً مزيّفاً لم يكن نابعاً من روح الشعب الإيرانيّ. تدخّل الإنجليز في فتنة إيران تحت اسم النهضة الدستوريّةوينبغي تسمية هذه الفوضي بفوضي مثيري الفتنة التي أقامتها المحافل السرّيّة في إيران لحساب السادة الجالسين في المقصورات علی ضفاف نهر التايمس لإخافة الروس وتحذيرهم من النفوذ الإنجليزيّ في إيران، وسأورد فيما بعد في فصل خاصّ تفاصيل التدفّق الذي حصل علی السفارة الإنجليزيّة المقارن لسفر جورج تشرشل إلی قم متنكّراً في لباس الزهد والتقوي باسم الآخوند الطالقانيّ. لقد أغلق ناصـر الديـن شـاه هـذه المحافل وشـتّت أتباعها بعد بليّة رِجي، فلم يكن لاحد في زمنه الجـرأة في إظهار هـذه الشـعارات، وإذا ما كان هناك أتباع لهذه المحافل فإنّهم كانوا مختفين تماماً، لكنّ هذه المحافل استعادت رونقها في زمن مظفّر الدين شاه وخاصّة بعد عزل أتابك إلی مدينة قم، لكنّها بقيت في طور السرّيّة والجديّة، حتّي وجدوا فرصة للفوضي بضعف الدولة ودعوة أمين الدولة إلی التحرّر ومجيء الميرزا أبي القاسم خان ناصر الملك إلی الحكم، وكان من أركان الماسونيّة في إيران، حيث جري إعادة محفل هؤلاء السادة من جديد، وكانت الاوضاع مهيّئة لنشرهم شعاراتهم وبثّهم دعوتهم. [128] ولقد سعت إنجلترا ـ كلّما أحسّت أنّ خطر الروس يتهدّدها إلی مواجهته عبر وسائل أُخري، ففي حرب كِريمه كانت فرنسا في عون الإنجليز، وفي سنة 1878 م كان مؤتمر برلين هو المغيث لإنجلترا، وفي سنة 1904 م كانت اليابان هي المنقذة لإنجلترا من الخطر الروسيّ المحدق بها، فأعطت الإنجليز الحرّيّة في إنهاء الوجود الروسيّ في إيران، وفي إذلال أتابك والهيمنة علی دولة إيران. ولقد أنهوا إلی الابد نظام السلطنة القاجاريّة، وأقاموا في أرجاء إيران حكماً لن يُفلح معه الشعب الإيرانيّ أبداً، هذا الحكم الذي لا يزال موجوداً منذ خمس وأربعين سنة، ولا يعلم إلاّ الله وحده متي سيمكن للشعب الإيرانيّ النجاة من هذا الفخّ. و علی إيران أن تتحمّل المحنة وتتجرّع عذاب الصبر حتّي تمتدّ يدٌ من الغيب فتنقذها. وما أجمل قول من قال: إنَّ الحُرِّيَّةَ هِيَ السُّمُّ الإنْجِلِيزِيِّ المُهْلِكَ. [129] وكان تأريخ كتابة ونشر هذا الكلام حسبما ورد في أوّل الكتاب سنة 1345 هجريّة شمسيّة، وكان قد مرّ علی مجيء رضا خان إلی الحكم ـ بانقلاب عسكريّ دبّره نِرْمان الوزير الإنجليزيّ المفوّض بواسطة السيّد ضياء مدّة خمس وأربعين سنة، فقد وقع ذلك الانقلاب العسكريّ في الثالث من برج الحوت (الثالث من إسفند) سنة 1299 هجريّة شمسيّة، (وعُرف في التأريخ باسم انقلاب نِرْمان)، ويوافق ذلك حسب التأريخ الإسلاميّ، أي التأريخ القمريّ سنة 1341 هجريّة قمريّة. ولكن وللّه الحمد وله الشكر، فقد أُنهي ذلك الحكم الاستعماريّ البغيض في شهر بهمن لسنة 1357 هجريّة شمسيّة الموافق لربيع الثاني 1399 هجريّة قمريّة، وقد انقضي علی تأريخ نشر الكتاب خمس وعشرون سنة، وذلك بحركة وانتفاضة الشعب الإيرانيّ المجاهد والمثابر، ولاذ محمّد رضا خان ابن رضا خان بالفرار من إيران وتحطّم إلی الابد ذلك النظام الفاسد. ولقد أثمر بحول الله وقوّته الصبر علی المحن والمصائب، واستشهاد مئات الآلاف من الإيرانيّين بيد نظام الشاه الطاغوتيّ وبيد نظام صدّام العفلقيّ وحربه الظالمة المفروضة، أثمر ذلك في إيصال الثورة إلی هدفها وغايتها، ولكن يبقي علی عاتق الشعب الإيرانيّ المسلم أن يسجدوا للّه شكراً علی نعمائه، وأن يكفّوا عن الانتقادات والكلام الذي لا طائل وراءه، وأن يبادروا إلی تقوية ودعم النقاط الإيجابيّة في الحكومة، ويرمّموا النقاط السلبيّة، وأن يكونوا بصدد الإصلاح، فبحمد الله صار الوطن وطنهم والارض أرضهم، وأنّ من أهمّ الواجبات علی كلّ فرد غيور أن يحفظ بيته الذي يمثّل الصائن والحافظ لعرضه وناموسه، وأن يصونه من عبث أيادي الاجانب. وَلَنءِن شَكَرْتُمْ لاَزِيدَنَّكُمْ وَلَنءِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ. [130] إنّ التبعيّة لولاية الفقيه لازمة، والحضور في صلاة الجمعة واجب، وحفظ وصيانة الحكومة الإسلاميّة من أهمّ الفرائض. يقول مؤلّف « تاريخ روابط... » في ذكره لمقدّمات السلطنة البهلويّة: وكان الميرزا أبو القاسم خان مهرّج ناصر الملك في هذا التأريخ نائب السلطنة، وهو الشخص الذي تلقّي درس السياسة في إنجلترا وتخرّج من نفس المدرسة التي درس فيها اللورد كُرزون المعروف بالحيلة والتزوير والمكر، وكان الذين يتّصلون به تلك الايّام يعلمون أيّ طبيعة وذوق خاصّ كان يمتلك، وكان علی وجه خاصّ من أُولئك الذين يتحدّثون تلك الايّام عن إنشاء السكك الحديديّة في إيران، كلّ ما في الامر أ نّه لم يكن يمتلك الجرأة كالآخرين ليعزف مثلهم علی هذه النغمة. [131] وكان اللورد كرزون يشغل في ذلك الوقت منصب وزارة الخارجيّة الإنجليزيّة، وكان له عداء للإيرانيّين والمسلمين، ليس لكونه مسيحيّاً تابعاً للسيّد المسيح ـ فمثل هؤلاء، لا يملكون أساساً ديناً ومذهباً ولكن لا نّه مثل غلادستون ـ رئيس الوزراء الإنجليزيّ الاسبق كان الفارس الاوحد لمعركة السياسة، وكان يدرك جيّداً أنّ الإسلام هو المانع والعائق لنفوذهم وعملهم في الدول المستعمَرة. لقد أدرك هؤلاء ـ خلال سوابقهم الاستعماريّة لثلاثمائة سنة أنّ سبيل نفوذهم وحفظ مستعمراتهم سهلٌ يسير، لكنّ هذا العمل كان يصطدم بسدّ ومانع في الدول الإسلاميّة، سواء في بدء بسط النفوذ والحرب، أو في زمن الحفاظ علیها، فلقد كانت آيات القرآن التي تمثّل برنامج عمل المسلمين تغلق أمامهم سبيل العمل. وكما يُعدّ الذئبُ عدوّ الراعي، لا نّه يمنعه من اختطاف الخراف وقتلها وازدرادها، فقد كانوا كذلك أعداءً للقرآن، لا فرق في الامر أكانوا مسيحيّين صهاينة في مسلكهم، أو يهوداً صهاينة، أو كانوا لا يمتلكون أصلاً عقيدة ومسلكاً خاصّاً. وكان عصر كُرزون عصر إعمال الضغط علی الاُمّة والدولة الإسلاميّة، إلی الحدّ الذي كان يُرهق رجال السياسة والمؤمنين والملتزمين ويصيبهم بالعجز والتداعي، ويسلب منهم القدرة علی العمل والمبادرة، ويُبقي أسيافهم في أغمادها. [132] ففي زمن تصدّي الميرزا حسن خان مشير الدولة لرئاسة الوزراء، وكان معدوداً في الرجال الملتزمين الإيرانيّين من ذوي النزاهة والفكر الصائب، لم يكن خاضعاً لاوامرهم، ولم يكن ينفّذ ت علیماتهم، لذا كانوا يأتون إليه بكلّ سهولة بملاحظات من السفارة الإنجليزيّة ممّا أجبره علی الاستقالة، فخلفته تشكيلة وزاريّة كانت تعمل حسب أوامرهم. [133] يكتب مشير الدولة يوماً إلی الوزير الإنجليزيّ المفوّض: أري نفسي مجبراً لاُذكّركم بهذه الحقيقة: لو نحّوا القوّة العظيمة للبحريّة الإنجليزيّة من ورائكم، وأزاحوا عنّي القوّة الضعيفة لدولة إيران، ثمّ وضعوا آنذاك شخصيّة مشير الدولة ومارلينج في كفّتَي ميزان، فلن يكون أكيداً أن ترجح كفّة الميزان الثقيلة لصالحكم. لذا فإنّ شخص مشير الدولة لا يسمح لشخص مارلينج أن يكون له أُسلوب خشن فظّ كهذا. [134] وقد تزامن عهد اللورد كرزون مع مجيء مارلينج كوزير مفوّض، ومجيء نرمان مدبّر الانقلاب العسكريّ، وإزالة أساس السلطنة القاجاريّة، ومجيء البهلويّ إلی الحكم وتنفيذ المقاصد الإنجليزيّة المشؤومة علی يد رضا خان. وأورد في كتاب « زندگاني سياسي أحمد شاه » تأليف حسين مكّي، أنّ اللورد كرزون وزير الخارجيّة الإنجليزيّة، قال: في الواقع أنّ علی إيران أن تعيّن إلی الابد مقدّراتها ومصيرها بمساعدتنا. [135] ويقول أيضاً: لقد ورد ضمن كلمة اللورد كُرزون وزير الخارجيّة الإنجليزيّة قوله: ولكن من جهة أُخري فإن امتنع البرلمان الإيرانيّ عن الموافقة علی الاتّفاقيّة (اتّفاقيّة آب 1919 م) فإنّ علی دولة إيران أن تمضي لسبيلها. [136] أقول: وردت كلمة كرزون هذا في 17 نوفمبر 1920 م، الموافق للخامس والعشرين من شهر آبان 1299 ه. ش، ولانّ هذه الاتّفاقيّة لم يُصادق علیها من قبل أحمد شاه الذي كان ملكاً لإيران، لذا فقد قدّم مشير الدولة استقالته مدفوعاً بالملاحظات التي أُرسلت إليه من السفارة الإنجليزيّة، وخلفته الحقيبة الوزاريّة للقائد العسكريّ سبهدار تنكابني، ثمّ وقع بعد ثلاثة أشهر من خطاب اللورد (أي في الثاني من إسفند 1299 ه. ش) الانقلاب العسكريّ الإنجليزيّ علی يد نرمان الوزير الإنجليزيّ المفوّض في طهران باسم انقلاب السيّد ضياء الدين ورضا خان القزّاق، وكان لقبه آنذاك مير بنج. ويقول كذلك: يقول الدكتور مصدّق في المجلس في كلامه ضدّ وثوق الدولة بشأن الاتّفاقيّة: إنّ أساس التبعيّة للإسلام هو اليوم في مملكتنا أقوي، لانّ المسلم الحقيقيّ لا يستسلم إلاّ إذا قضوا علی حياته، ولهذا تقوم الدول المسيحيّة في عواصمها ببناء المساجد لكسب المسلمين من هذا القبيل؛ لكنّ دعاة التغيير السطحيّين من عديمي الفكر يمكن أن يستسلموا بمجاملة واحدة. [137] عدم استسلام السلطان أحمد شاه أمام الضغوط الإنجليزيّة القويّةكان أحمد شاه يحسب للعواقب، فلم يجعل المصلحة العامّة فداءً لرئاستهأحمد شاه يطوي تأريخاً مليئاً بالاحداث ولا يرضي بالخيانةويضيف في كلامه: لقد أقصي المجلسُ القاجاريّةَ عن السلطنة زمن حقيبة مستوفي الممالك بعد التاسع من آبان 1304 ه. ش، فقرّر أصحاب المناصـب المهمّة في طهران فيما بينهـم قلب الحكـومة وتغييرها بمجرّد الحصول علی موافقة الشاه (أحمد شاه)، وكان أخو الشاه (السلطان محمود الميرزا) قد جاء إلی طهران هو الآخر، وكانت مقدّمات هذا العمل جاهزة بكلّ معني الكلمة، ولو بادرت طهران في هذا الامر لتابعتها أيضاً سائر الولايات بلا شكّ. لكنّ أحمد شاه ـ الذي كان في الخارج أبدي معارضته من جديد فلم يوافق علی ذلك، ممّا أثار حفيظة الكثير من مريديه، لكن رسالةً وصلت من هذا الملك توضّح جريان الاُمور وتغلق أمام المخالفين طريق الاعتراض، فقد كتب لهم: إنّ مملكة إيران أشبه بمريض جعله ضعف النقاهة المتمادية متهالكاً، فهو بحاجة إلی الراحة والهدوء، ولقد اقترح عَلَی حتّي أصدقائي الذين لن يغيبوا عن خاطري أبداً من الإيرانيّين الطيّبين الاحرار حقّاً أن أعود بالقوّة إلی المملكة، ويبدو أ نّهم كانوا قد أعدّوا مستلزمات ذلك. ولقد وجدتُ بعد دراسة كاملة لهذا الامر أنّ عودتي لن تكون في صالح المملكة، لا نّه ينبغي لهذه العودة أن تحصل عن طريق الصراع، ممّا سينجرّ إلی الانقسام مجموعتين واتّساع رقعة الامر، فالاُمور الداخليّة لإيران لا تحلّ المشكلة لوحدها، ولستُ راغباً بأي شكل في حلّ المشكلة السياسيّة. لذا فإنّ إراقة الدماء أمرٌ لا طائل وراءه، وسيوجب ذهاب شخص ومجيء أشخاص آخرين مكانه. ومع إبداء الامتنان لهؤلاء الاصدقاء، أنصحهم أن يضحّوا لاجل المملكة فيحترزوا عمّا ينجرّ إلی الفوضي الداخليّة. وبالطبع فإنّ أحداً لن يمكنه أن ينسب إلیّ الخوف، لانّ هذا الصراع والثورة المسلّحة ستحصل في غيابي. [138] ويُحضر أتاتورك ـ رئيس الحكومة التركيّة الجديدة أنوشيروان سبهبدي ـ سفير إيران في تركيا فيسلّمه رسالة إلی أحمد شاه يدعوه فيها إلی العودة إلی إيران، ويضع تحت تصرّفه قوات كافية من الاكراد الاتراك والإيرانيّين ليعود من غرب إيران إلی مقرّ سلطنته، فيقول أحمد شاه في جوابه: أبلغه شكري لذلك، فيردّ سبهبدي: ليس هذا ردّاً: أيوافق جلالة الملك علی هذه الدعوة أم لا. فيجيب الشاه: لم يحدث في قاموس سلسلتنا أن استعاد أجدادي أو حفظوا تاجهم وعرشهم بمساعدة دولة خارجيّة، أو أن يكونوا قد خلّفوا لي هذا العار. تشكّر فقط من الطرف المقابل، وقل: لم يوافق! ثمّ يقول لسبهبدي: لو كنتُ راغباً بالعودة إلی إيران بوسائل غير مشروعة لخضعتُ للإنجليز، ولاحنيتُ رأسي أمام طلباتهم. [139] ويكتب الشاه المخلوع محمّد علی الميرزا عدّة مرّات رسائل إلی ابنه ويطلب منه أن يتدخّل في أُمور المملكة، حتّي أ نّه يجتمع بابنه السلطان أحمد شاه في سفره الاوّل إلی أُوروبّا حال وصوله إلی إسلامبول ويرجو منه أن يجيب أباه إلی طلبَين ونصيحتَين فيعمل بهما: أوّلاً: أن يتصرّف مع جارته الجنوبيّة تصرّفاً مناسباً، ويلبّي بعض طلباتهم. و ثانياً: أن يتدخّل شخصيّاً في الاُمور الجارية في الدولة، فيطبّق نظره عمليّاً في جميع القضايا والاُمور. لكن السلطان أحمد شاه لم يخضع لذلك، وقال في جوابه: إنّ القانون الاساسيّ لم يخوّلني ذلك، ولا يمكنني إلاّ أن أمتلك جانباً تشريفيّاً. ويري محمّد علی الميرزا مجبراً في النهاية للاستعانة بالمرحوم احتشام السلطنة ـ سفير إيران الكبير في البلاط العثمانيّ فيطلعه علی الامر ويطلب منه التوسّط من قبله في المباحثة مع ولده السلطان أحمد شاه في الموضوعَين اللذين نصحه بهما وأن يطلب منه تنفيذهما بأيّ نحو ممكن. ويردّ السـلطان أحمد شـاه علی احتشـام السـلطنة في حضـور والده محمّد علی الميرزا: إنّ القانون الاساسيّ بمثابة عقد عمل بين شخصَين، ولستُ أنا الذي نظّم هذا العقد، ولقد أمضيتم علیه كي تنفّذوه! لقد وجدتُ نفسي فعلاً أمام أمر مقضيّ، ولن يمكنني أن اتخطّي هذا العقد والموادّ المذكورة فيه بأدني شيء، فهذا القانون الاساسيّ للمملكة هو عقدُ عمل بين الشعب والشاه. وقد وجدتُ نفسي حين وصلتُ إلی السلطنة أمام أمر قد أُبرم، فلم يمكنني رفضه أو التحايل علیه. ولو تمّت المصادقة علی هذا القانون في زمني لما أمضيته بكيفيّته هذه، ولَوَضَعْتُ حقوقاً لنفسي. والآن إيضاً إن جري إعادة النظر في القانون الاساسيّ فأعطاني الشعب الإيرانيّ صلاحيّات للعمل لتدخّلت بالطبع، وإلاّ فلستُ حاضراً بأيّة صورة أن أعمل أي شيء يُعدّ خلافاً للقانون الاساسيّ وتخطٍّ له. أمّا بشـأن أُسـلوب تعاملـي وسـلوكي مـع الإنجليـز وسـائـر الدول المجاورة، فسأعمل وفق ما تقتضيه مصالح المملكة، ولو انجرّ ذلك إلی إقصائي عن السلطة أو انقراض السلسلة القاجاريّة. [140] وتُبيِّن هذه المسألة بوضوح مدي احترام السلطان أحمد شاه للقانون الاساسيّ للمملكة، فلم يكن مستعدّاً للقيام بإقدام يعاكسه ويخالفه. [141] وقد كتبت عنه الجرائد والمجلاّت في أواخر عهد سلطنته، وخاصّة في سفراته الإجباريّة إلی الخارج، فنسبت إليه التهم بتحريك الماسونيّين الإنجليز، وذكرته بما لا يُستساغ، لكنّ ذلك السلطان طاهر الذيل، كان مصوناً منزّهاً من ساحة هذه التهم والافتراءات. وأورد أيضاً في « تاريخ زندگاني سياسي... »: كان عارف القزوينيّ يمتلك عداءً قديماً للقاجاريّة، لذا فقد كان له دور مهمّ بإعلامه المسموم المضـادّ لسـلطنة أحمد شـاه، ومنشـغلاً بالمسـرحيّات والعـزف والغـناء الجماعيّ وأشعاره الكاذبة التي كان ينشدها لصالح قائد الجيش (رضا خان). وكان مدمناً علی الافيُون، ولقد كوفي علی الخدمات التي قدّمها لرضا خان بأن عيّن له إلی آخر عمره راتباً شهريّاً يعادل راتب نقيب في الجيش، فاختار همدان وسافر إليها، ثمّ ندم هناك ندماً لا يوصف إلی آخر عمره علی ما اجترحه، حتّي مات أخيراً في بؤسه وشقائه. وقد أنشد عارف أشعاراً ضدّ أحمد شاه نورد بعضها هنا: به مردم اين همه بيداد شد ز مركز داد زديم تيشه بر اين ريشه هر چه بادا باد پس از مصيبت قاجار عيد جمهوري يقين بدان بود امروز بهترين أعياد [142] خوشم كه دست طبيعت گذاشت در دربار چراغ سلطنت شاه بر دريچة باد تو نيز فاتحة سلطنت بخوان عارف خداش با همه بد فطرتي بيامرزاد [143] وله كذلك أشعار غزليّة كاذبة معروفة: سُوي بلبل، دم گل باد صبا خواهد بُرد خبر مقدم گل تا همه جا خواهد برد مُژده ده مژدة جمهوري ما تا همه جاي هاتف غيب به تأييد خدا خواهد برد سَر بازار جنون، عشق شه إيران را در أروپا چه خوش انگشت نما خواهد برد كَس نپرسيد كه آن گنج جواهر كز هند نادر آورد، شهنشه به چه جا خواهد برد؟ [144] تا كه آخوند وقجر زنده در ايرانند اين ننگ را كشور دارا به كجا خواهد برد؟ زاهد ار خرقة سالوس به ميخانه بَرَد آبروي همة ميكدهها خواهد بُرد شيخ طرّار به تردستي يك چشم زدن أثر از مصحف وتسبيح ودعا خواهد بُرد تاج كيخسرو وتخت جم اگر آبروئي داشت آن آبرو اين شاه گدا خواهد بُرد باد سردار سپه زنده در ايران عارف كشور رو به فنا را به بقا خواهد بُرد [145] يقول الحقير: يُمكن بالاشعار المذكورة في « ديوان إيرج ميرزا » وبعلاقاته الحميمة مع عارف القزوينيّ استنتاج درجة الفساد في أخلاق عارف، والتي مثّلت في الفساد والغيّ أقصاه ومنتهاه. وجاء كذلك في الكتاب المذكور: أنّ الإنجليز اقترحوا إنشاء شبكة السكك الحديديّة من الجنوب إلی ميناء جَز (گز)، فقام أحمد شاه ببيان عيوب هذا الطريق، وقال: إنّ من الصالح أن تمتد السكك الحديديّة في إيران من الشرق إلی الغرب فتساعد تجارة الهند إلی إيران وترانزيت إيران، في حين أنّ خطوط السكك الممتدة من الجنوب إلی الشمال لها جانب عسكريّ واستراتيجيّ فقط، وليست في صالح الشعب الإيرانيّ، فلا يمكنني أن آخذ أموال الشعب، أو بالاقتراض من الخارج، لاصرف ذلك في سكك حديديّة ليس فيها إلاّ الاهمّيّة العسكريّة للإنجليز. وردّ الوزير الذي كان يحمل الرسالة علی السلطان أحمد شاه قائلاً: لا يمكن إعطاء جواب سلبيّ بهذه الصراحة إلی الوزير الإنجليزيّ المفوّض، وكان الاحري أن يكون الجواب أكثر ليونة. فتأمّل السلطان أحمد شاه هنيهة، ثمّ قال في جوابه: أيّها السيّد! إنّ هؤلاء يعرفونني ويعرفونك أفضل ممّا نعرف أنفسنا، فلو أُعطي لهم غير هذا الجواب لفهموا أ نّه قد كُذب علیهم. فالافضل أن يُقال بهذه الصراحة: إنّني لا أُوافق بأيّة صورة علی هذه الخطّة. [146] وأورد أيضاً تحت عنوان: لِمَاذَا كَانَ السُّلْطَانُ أَحْمَد شَاه مُعَارِضاً لاِغْتِيَال رِضَا خَان؟ لم يكن قد بقي علی انقراض السلسلة القاجاريّة وجلسة التاسع من آبان 1304 ه. ش أكثر من شهرين أو ثلاث، وكان السلطان أحمد شاه آنذاك في سويسرا وقد جاءه شخص أو شخصان من أقاربه والمنسوبين له لوداعه قبل سفرهم إلی إيران، فأخبراه بعزمهما علی السفر إلی إيران وطلبا إذنه لهما بذلك. وقد بدأ كلّ من الطرفين خلال هذا اللقاء بمعاتبة الطرف الآخـر، فعاتبهما الشـاه: لماذا ينـدر أن تأتيا عندي؟ وعتبا بدورهما علی أمر آخر. ثمّ قال الشاه والدموع تنساب من طرفي عينيه: لكم الحقّ أن تفكّروا أ نّني سأكون السبب في انقراض السلسلة القاجاريّة، وأ نّني الباعث لسوء حظّ الاُسرة، لكنّكم تستطيعون امتلاك هذا النمط من التفكير أو النوايا مادمتم لستم في موقع كموقعي. ولو كنتم في مكاني لصدّقتم أنّ ما فعلتُه كان في صالح الشعب والمملكة والاُسرة القاجاريّة. فأجابه أحدهما مُعَرِّضاً: لقد هيّئتم بنفسكم وسائل الانقراض، فلو كنتم قد أعطيتم موافقتكم علی إنهاء أمر رضا خان لما عانينا اليوم من كلّ هذه المشكلات. فقاطعه الشاه قائلاً: لو كنّا قتلنا رضا خان فرضاً لاوجدوا لنا رضا خان آخر! لو كان رضا خان قد قُتل لاوجدوا لنا رضا خان آخر أقسي ألف مرّة، ولاستغلّوا قتل رضا خان ولنسبوا إلينا كلّ ما يريدون ولتقوّلوا علینا الاقاويل، فلم يكن في صالحنا أن نوافق علی اغتيال رضا خان أو إعدامه. فقال الآخر: ليس في الامر من معضلة، فنحن نستطيع ترميم علاقاتكم مع الإنجليز، ولن يكون آنذاك من عائق يعيق عودتكم إلی إيران. أجاب الشاه بلا تأمّل: لو علمتم ماذا كانت طلباتهم لما اقترحتم اقتراحاً كهذا! ولو استسلمتُ لهم لاكتسبت خطّتهم صورتها العمليّة بهذا الشرط: أن تُطبّق جميع مطاليبهم، ولكن علی يدي أنا. وسيكون نصيبي في هذه الحال الفضيحة والسمعة السيّئة، في حين سيكون رضا خان كمثل أهل الجنّة. دعوا رضا خان نفسه يطبّق خطّتهم، فستكون الفضيحة والعار في انتظاره في الخاتمة وسأكون أنا من أهل الجنّة، وَالحُكْمُ فِي هَذَا الاَمْرِ لِلتَّأْرِيخِ الذي سيري الماضي ويشهد المستقبل، وعند ذاك سيقارن بين الاثنين ويقضي بيننا. وليس بيدي فعلاً إلاّ التسليم للقدر. وأمّا من انقراض الاُسرة القاجاريّة، فليكن ذلك، ولكنّي لم أُهيّي أسباب الشقاء لاحد، ولستُ مستعدّاً مطلقاً للتسليم لإرادة الآخرين، فما دامت الدنيا، ومادام التأريخ فلن ألصق السمعة السيّئة لاسمي، ولكم أن تتصوّروا ما تشاؤون. فإن وصموني بالجبن فلهم أن يفعلوا، لكنّهم لن ينسبوني إلی الخيانة، ففي هذا وحده السعادةُ لي ولعائلتي. [147] ولربّما كان كلام بوانكاره رئيس جمهوريّة فرنسا الاسبق مستنداً إلی هذه الاوّليّات حين قال لاحمد شاه ـ وكان صديقه الحميم، وكانا يلتقيان غالباً لقاءات حارّة غير رسميّة كصديقين: أعجبُ كيف تعجزون عن إدارة أجهزتكم مع كلّ الذكاء والفراسة التي نعرفها عنكم، ومع هذه الدراية والصلابة التي تمتلكونها؟! ولربّما لم يكن الشعب الإيرانيّ لائقاً ليكون له ملك قانونيّ يدافع عن الدستور مثلكم! وكان أحري لكم وأنتم بهذه الكيفيّة أن تلوا سـلطنة مملكة كسـويسـرا مثـلاً، ليمكـن لشـعبها الاسـتفادة مـن وجودكم. [148] خطاب أحمد شاه في فرنسا بشأن حقّانيّتهوكان قد انقضي علی جلسة التاسع من آبان 1304 ه. ش (التي أصدر فيها المجلس قراره بانقراض القاجاريّة)، وفي مدينة نيس (في جنوب فرنسا) التي يذهب إليها أغلب اللوردات الإنجليز وسائر أثرياء الدنيا للنزهة؛ وفي دعوة رسميّة من قبل أحمد شاه، وقف شاه إيران المخلوع يدافع عن تاجه وعرشه في خطاب مفصّل، وكانت كلمته تدور حول تأريخ إيران السياسيّ، وقد تكلّم ما يقارب ساعة كاملة ببلاغة، فبحث عن تأريخ إيران ثمّ أورد مطالب مهمّة عن تغيير السلطنة في إيران، ونُعرض لعدّة أسباب عن ذِكر محور ومفهوم هذا الخطاب التأريخيّ. [149] وكان غالباً ما يؤامر رئيس الوزراء الف علیّ في الظروف الحرجة، فتتّخذ الاُمور السياسيّة باستقالتهم شكلاً آخراً، ونتيجة لذلك فلم تكن الحياة السياسيّة للدولة تصاب بالركود والشلل. وكانت وطنيّته هذه واتّخاذه نهجاً سياسيّاً هادئاً قد ادّي إلی قيام أغلب الصحف الخارجيّة بعد عزل المرحوم المذكور بتمجيده وامتداحه، وكتبت إحدي الصحف في مقالتها هذه العبارة: لَمْ يَكُنِ الشَّعْبَ الإيرَانِيَّ لِيَسْتَحِقَّ مَلِكاً دُسْتُورِيَّاً وَقَانُونِيَّاً وَوَطَنِيَّاً كَهَذَا. ولقد دخلت في ذلك الزمن قوّات دولتَين متنازعتَين فاحتلّت إيران، وكانتا دوماً تسعيان إثر نفوذهما وضعف الحكومة المركزيّة لاستحصال وثائق من المشار إليه. وقد تظاهر أحمد شاه بالوسوسة، وتمارض مدّة طويلة بهذه الذريعة وأجاد دوره، وكان يسعي لتمويه الامر، وبذريعة أنّ الاشخاص الموجودين حوله يمكن أن يكونوا ملوّثين بالجراثيم، فقد كان يطلب أدوات إعداد الشاي فيقوم بإعداده بنفسه خوفاً من تلوّثه بأيدي الآخرين! وكان مبرّر هذا التمارض وهذا الامر أن لا يمسك بيده قلماً أبداً، وكان لهذا المبرّر لا يمسك بالقلم بيده ولا يوقّع بإمضائه أيّ شيء، وإذا ما حدث أن التقي بممثّل لدولة أجنبيّة، وكان له طلب معين، فلم يكن أحمد شاه ليأخذ من أحد شيئاً، وكان يقول: ضعوا الورقة علی المنضدة! وسأرسل إلی هيئة الوزراء وآمرهم أن يعطوكم جوابه بسرعة. [150] وكان حين ينصحونه كي يتغلّب علی مخالفيه بـ: شكِّل حزباً! يردّ: حين أكون ملكاً دستوريّاً، فأنا رئيس حزب الشعب، وسيكون كافّة أفراد البلد أعضاء فيه. أمّا إن عزلتُ عدّة قليلة من هذا الحزب وميّزتهم عن الآخرين فقلتُ مُستثنياً إنّ هذا سيكون حزبي الخاصّ بي، فسيلزم من ذلك أن أنظر إلی الآخرين باحتقار وأن أعتبرهم لا ينتمون إلی حزبي. وسيكون ردّ الفعل علی هذا العمل أنّ الناس سيشكّلون مقابل هذا الحزب حزباً آخراً ستكون مقاومته بالنسبة لي غير ممكنة ومستحيلة. [151] تمعّنوا في القصّة التالية التي تبيّن مدي الوقاحة، وفي نفس الوقت مدي قدرة النفوذ الإنجليزيّ في تلك الفترة وتأثير شيطنتهم ومكرهم: قَرَارُ الإنْجِلِيزِ عَلَی خَلْعِ القَاجَارِيَّةِ ... حين أحسّ رؤساء القاجاريّة أنّ الإنجليز في صدد تغيير نظام الحكم وعزل أحمد شاه بسبب مخالفته لهم، عقدوا اجتماعاً بينهم ورأوا أنّ في صالحهم أن يتباحثوا مباشرة مع الإنجليز ويأتوا للحكم بشخص آخر من الاُسرة القاجاريّة. وقد اتّخذ قرار في هذا الاجتماع بأن يقوم نُصرت السلطنة وعضد السلطان عمّا السلطان أحمد شاه بالسفر إلی أُوروبّا مصطحبَين معهما آقا خان المحلاّتيّ الذي كان الإنجليز يثقون به، فيذهبوا إلی لندن ويفاوضوا اللورد كرزون وزير الخارجيّة الإنجليزيّة مباشرةً. وحين وصلت هذه الهيئة إلی لندن، طلب الاشخاص الثلاثة مقابلة وزير الخارجيّة الإنجليزيّة فحُدِّد لهم موعد لمقابلته. وقد أوضحوا في هذا اللقاء هدفهم بصراحة، فقال وزير الخارجيّة الإنجليزيّ في جوابهم: إنّ ملفّ هذه القضيّة في يد المدير العامّ لشؤون الشرق، وقد ذهب فعلاً في إجازة إلی اسكتلندا، وسأكتب له رسالة فابحثوا معه الامر فسيطلعكم علی مسار الاُمور. وقد ذهب هؤلاء الثلاثة إلی اسكتلندا وقرعوا علی باب البيت الصيفيّ للمدير العامّ، ففتح لهم الباب ومنشفة الحمّام علی كتفه؛ وكان قد خرج توّاً من الحمّام؛ وسألهم عمّا لديهم، فسلّموه رسالة وزير الخارجيّة فدعاهم إلی الدخول فدخلوا وجلسوا في غرفة الطعام. وبدأ هناك آقا خان المحلاّتيّ فذكر الغرض من هذا اللقاء وأعقب راجياً: الآن وقد حصلت لديكم النيّة لعزل السلطان أحمد شاه، فالافضل أن يُنتخب للسلطنة أيّ شخص آخر يحظي بقبولكم. سأل المدير العامّ: ألديكم موضوع آخر تطرحونه؟ فأجابوا بالنفي، فدفع بيده ورقة وزير الخارجيّة الموضوعة علی المنضدة أمامه، وقال: لا نستطيع العمل أكثر من هذا مع هذه العائلة التي جعلتنا طوال مائة وخمسين سنة في حرب دائمة مع الروس علی كلّ متر. فنظر الثلاثة إلی بعضهم، وقال أحدهم: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا´ إِلَيْهِ رَجِعُونَ. [152] ثمّ خاطب المدير العامّ لشؤون الشرق نصرت السلطنة وعضد السلطان وأخبرهم أنّ أحداً لن يتصدّي لمزاحمتهم وأنّ سلامتهم مصونة. وقد عاد هذان الشخصان إلی إيران عن طريق روسيا، وكانا وهما في طريقهما من رشت إلی طهران أن داهمهما عدّة أشخاص مقنّعون في منطقة إمام زاده هاشم، فأوقفوا سـيّارتهم ونهبوا كلّ ما لديهم، فراجع نصـرت السلطنة القنصـليّة الإنجليـزيّة في رشـت وأخبرهـم بالامر، فأعـادوا لهم وسـائلهم وأمتعتهم التي نُهبـت منهم بعد 24 سـاعة بدون أن ينقـص منها شيء. [153] وكان المرحوم المدرّس رضوان الله علیه مخالفاً لتغيير السلطنة من القاجاريّة إلی البهلويّ، وقد ألقي عدّة خطابات منطقيّة واستدلاليّة علی رأيه في المجلس، وقد أرسل قبل اجتماع المجلس في التاسع من آبان 1304 ه. ش، من قبله السيّد رحيم زاده الصفويّ إلی باريس ليدعو أحمد شاه للعودة إلی إيران بأيّ شكل، وكانت رسالة المدرّس مؤثِّرة في أحمد شاه، و علی خلاف الردود السلبيّة التي أعطاها للآخرين فقد قبل دعوة المدرّس، لكنّ جملة أُمور جعلته يتلكّأ بالعودة، منها: تساهل مفتاح السلطنة ـ سفير إيران الكبير وإتلافه للوقت في إعداد سفينة للسفر إلی إيران، فكان يتصرّف كلّ مرّة بالمزاح والهزل فيقول: أين يريد صاحب الجلالة الذهاب تاركاً أُوروبّا ذات الجمال الرائع؟ وكان ذلك بإشارة وتوجيه من الإنجليز. ومن تلك الاسباب: مرور الوقت وسوء الظنّ بتلك الرسالة، وسوء الظنّ بوليّ العهد، حتّي انقضي الامر واجتمع المجلس ـ وكان غير قانونيّ لفقدانه رئيس المجلس وكان مستوفي الممالك قد استقال، وسبقه في ذلك الرئيس الاسبق ـ مؤتمن الملك، الذي استقال لنفس السبب فأصدر بلا مشاورة أو علم مُسبق قراره الفوريّ بخلع القاجاريّة وتنصيب رضا خان لرئاسة الحكومة المؤقّتة. [154] ارجاعات [113] ـ «شرح حال وآثار سيّد جمال الدين أسدآبادي» بقلم الميرزا لطف الله الاسدآباديّ، وتقديم حسين كاظم زاده، طبعة إيرانشهر. وبالطبع فقد ذكرنا هذا المقدار الذي أورده من الخطبة، وكان يمثّل جزءاً من خطبة السيّد، وقد أوردها ابن المؤلِّف في الصفحات 28 إلی 30. و علی الراغبين بالاطّلاع علی الخطبة الكاملة للسيّد مراجعة تفصيلها فيكتاب «گفتار خوش يار قُلي» تأليف الشيخ محمّد المحلاّتيّ. [114] ـ يقول أحمد أمين المصريّ في كتاب «يوم الاءسلام» ص 139 و 140: علی المسلمين أن يتحرّكوا ويسيروا حسب شروط النهضة لينتصروا، فالله لا يعبأ بالاسماء مسلماً كان أو نصرانيّاً أو وثنيّاً، إنّما يعبأ بالاسباب، والمثل العربيّ يقول: وَمَنْ سَارَ عَلَی الدَّرْبِ وَصَلْ. حتّي يصل إلی القول: إِنَّ اللَهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي' يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ؛ فتقدّم المسلمين أوّلاً وتأخّرهم أخيراً ثمّ نهضتهم ثالثاً لم تكن مجرّد حوادث ليس لها ت علیل طبيعيّ، وإنّما هي معلّلة ت علیلاً طبيعيّاً يدركه ذوو العقول الراجحة. لهذا، دعا كثيرٌ من المصلحين إلی الجامعة الاءسلاميّة، ويعنون بها الرابطة التي تربط بين المسلمين في مختلف الاقطار من فرس وترك وعرب، وقد كانت كلمة مفزعة لاُوروبّا في القرن الماضي، وليس صحيحاً ما قاله المرحوم سعد زغلول: «إنّ صفراً وصفراً يساوي صفراً»، بل الصحيح أنّ «ناقص خمسة في ناقص خمسة يساوي زائد خمسة وعشرين». فكلّ دولة وحدها قد لا تساوي شيئاً، ولكنّها مع بعضها تستطيع مجتمعة أن تواجه الاستعمار الاُوروبّيّ. ولانّ الاُوروبّيّين يتقدّمون شيئاً فشيئاً في بطء لمحق المسلمين، فإنّ من الحريّ للمسلمين أن يتحرّكوا لدفع الظواهر الاستعماريّة المقيتة. وكان أوّل من نادي بهذا الشعار في العصر الجديد السيّد جمال الدين الافغانيّ... حتّي يقول: ولم تستطع أُوروبّا الصبر علی جريدة «العروة الوثقي» التي كان السيّد جمال الدين يصدرها في باريس، فأوقفوها بعد صدور ثمانية عشر عدداً منها. ثمّ يقول في ص 144: ولقد أشارت إنجلترا علی فرنسا بإيقاف جريدة «العروة الوثقي» للسيّد جمال الدين الافغانيّ، كما انتقدوا في جميع أُوروبّا جامعة الوحدة الاءسلاميّة هذه، وأعلنوا وجوب عدّها من الاُمور القبيحة والمنكرة. ولقد علمت إنجلترا وفرنسا أنّ هذه الوحدة كانت نابعة من الغيرة علی الاءسلام، لذا اعتبروها أمراً غير مقبول، وعدّوها رذيلة من أكبر الرذائل الاخلاقيّة وأخافوا المسلمين من اتّحاد كهذا أملاً في أن يخاف المسلمون منها ويعدّونها أمراً مكروهاً فيعدلون عنها، علی الرغم من أنّ هذه الغيرة والتعصّب فضيلة من أكبر الفضائل مقابل تعصّب النصاري ضدّ المسلمين. [115] ـ «شرح حال وآثار سيّد جمال الدين أسدآبادي» ص 30. [116] ـ «تاريخ سامرّاء» للمؤرِّخ الشهير الشيخ ذبيح الله محلاّتي، ج 2، ص 35؛ و«أعيان الشيعة» للسيّد محسن الامين العامليّ، ج 1، ص 310، نقلاً عن «نقباء البشر في القرن الرابع عشر» للشيخ آغا بزرك الطهرانيّ. [117] ـ «أعيان الشيعة» ج 16، ص 277 إلی 282. ولقد ذكرتُ في رسالة منفصلة ومختصرة عن السيّد جمال الدين أنّ وجهة نظري عنه ليست إيجابيّة، وأنّي لا أعدّه رجلاً إلهيّاً، مع أنّ من المسلّم أ نّه كان من نوابغ الدهر ومن الفلاسفة الاجلاّء، وممتازاً في الخطابة والعربيّة، وامتاز بسعي دؤوب لتشكيل حكومة واحدة مركزيّة للمسلمين. لكنّ هذا لا يمكنه إثبات معنويّته وحتّي إسلامه بالمعني المتداول المعروف. ويُسـتوحي من كلماته وخاصّـة من جوابه علی خطاب أرنسـت رينان أ نّه لم يكن معتقداً بنبوّة الانبياء والاتّصـال بعالم الغيـب. ومع امتـلاكه الرغبة في اتّحاد المسـلمين، ولكنّه كان يسـعي لذلـك في ظلّ رئاسـته وحكمه ومحـوريّته، لذا لم ينل مراده ولفظ أنفاسه في حال الذلّ والهوان في تركيا عند السلطان عبد الحميد العثمانيّ. ومن المشهود والبيّن في كثير من كلماته أ نّه كان يريد تجديد وتغيير الاءسلام، وليس فقط تغيير وتجديـد المسـلمين، وكان يتمنّـي أن يأتي أحـد فيكسـر الاغـلال التي قيّـد بها الاءسـلام المسلمين ويحرّر المسلمين من أسرها. ولا محمل لهذا الكلام غير الغرور والجهل والعمي عن الحقائق والواقعيّات. [118] ـ الآيتان 111 و 112، من السورة 9: التوبة. [119] ـ الآية 8، من السورة 63: المنافقون. وأورد القاضي القضاعي في «شهاب الاخبار» الشرح الفارسيّ للكلمات القصار لخاتم الانبياء صلّي الله علیه وآله وسلّم، ص 41، رقم 103: الجَنَّةُ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ. هست جنّت به زير ساية تيغ شود از تيغ، آب زهرة ميغ يقول: «الجنّة تحت ظِلال السيوف، لانّ السيوف تهطل بقطر غيوم الزهرة». أي السيوف التي يُدعي بها الكفّار إلی الاءسلام، وأفضل السيوف جميعاً سيف ذي الفقار لامير المؤمنين وإمام المتّقين علیّ علیه السلام الذي أرسله الله تعالي من الجنّة، وكان علیه السلام يثبت في الحرب بينما ينهزم الجميع، وهو مُقدمٌ غير معرض يضرب بذي الفقار قُدماً فيقتل به الكفّار، ونادي جبرئيل بين السماء والارض: لاَ فَتَي إلاَّ عَلَيٌّ، لاَ سَيْفَ إلاَّ ذُو الفَقَارِ. وقال المصطفي علیه السـلام: «كلّ لهو المؤمن باطـل إلاّ في ثلاث: في تأديبه الفَرَس ورميه عن قوسه وملاعبته امرأته فإنهنّ حقّ». [120] ـ «كشف الغرور أو مفاسد السفور يا وظيفة زنان» تأليف المؤرِّخ الشهير الشيخ ذبيح الله المحلاّتيّ، ص 258، طبعة 1368 ه. ق. تقول: «لقد تمزّق ستر العجم من فقدانكم الغيرة، فهاتوه لترتقه النساء وتُصلحه. وليأتِ نوح وطوفانه من جديد ليغسل لطخات عاركم وشناركم. ولقد كانت نساء رشت بشعورهن المتناثرة الذعري مظهراً لتشريح عيوبكم واحداً واحداً. فالاُمّة التي تخلد إلی الراحة والدعة ستكون في طبعها ذليلة خاضعة. و علی الرجل أن يكون كبيراً وعزمه أكبر، ليُستعان بقوّته في حلّ المشكلات والمعضلات». [121] ـ تقول: «إنّ الطاق حين ينهدم فلن يمكن ترميمه ولو طُلي ظاهره مائة مرّة. لقد عُقدت حرّيّتك بقبضة السيف، و علی الرجال أن يستندوا دوماً علی قبضات سيوفهم». [122] ـ «شرح حال وآثار سيّد جمال الدين أسدآبادي» ص 30. [123] ـ «شرح حال وآثار سيّد جمال الدين أسدآبادي» ص 82. [124] ـ «أعيان الشيعة» ج 16، ص 264. كما أنّ جميع المطالب التي أوردناها هنا بشأن المنهج السياسيّ للسيّد جمال الدين نقلاً عن الشيخ محمّد عبده كان قد أوردها بالفارسيّة الميرزا حسين خان دانش الاءصفهانيّ المقيم في إسلامبول في رسالته ص 86 و 87، الملحقة بكتاب «شرح أحوال وآثار سيّد...» تأليف الميرزا لطف الله. ويقول بعدها: ليس هناك من شكّ أنّ حبّ الشهرة الذاتيّة وغرور النفس الجبلّي كان له الاثر الكبير في هذه الحركات. فقد كان يعجب السيّد أن يواجه عدوّاً أكبر منه ويقاتل خصماً أقوي منه انتهي. [125] ـ لم يكن قد نُشر كتاب مفصّل عن هذا المحفل ـ حسب قول المؤلّف إلی تأريخ نشر هذا الجزء من أجزاء كتاب «تاريخ روابط سياسي إيران وانگليس» الذي طبع الجزء السابع منه سنة 1345 ه. ش الموافق لسنة 1386 ه. ق، ولكن في أوائل الثورة الاءسلاميّة للشعب المجاهد الاءيرانيّ سنة 1357 ه. ش الموافق لسنة 1398 ه. ق، نشر كتاب مفصّل في ثلاثة أجـزاء ضخمة، تأليف إسـماعيل رائين بعنـوان: «فراموشـخانه و فراماسـونـري در إيـران» (= المحافل والماسونيّة في إيران) من قبل مؤسّسة نشر أمير كبير. [126] ـ A. Diplomatiste in the East By: Sir Arhur Hardinge P. 77 [127] ـ يرجع إلی الكتاب التالي لزيادة اطّلاع الراغبين: Roman Catholicism and Freemasonry by: Dudley Wright. London 1922 وانظر: «تاريخ روابط سياسي ايران وانگليس در قرن نوزدهم» ج 7، ص 2 و 4. [128] ـ «تاريخ روابط سياسي ايران وانگليس» ج 7، ص 38 إلی 41. [129] ـ «تاريخ روابط سياسي ايران وانگليس» لمحمود محمود، ج 6، ص 425. [130] ـ الآية 7، من السورة 14: إبراهيم: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ... الآية. [131] ـ «تاريخ روابط سياسي إيران وإنگليس» ج 8، ص 234. [132] ـ علی الراغبين بالاطّلاع علی الاوضاع الداخليّة لاءيران وسير الاُمور فيها ومقدار تسلّط الاءنجليز علی مقدّرات هذا البلد وفي إيجاد الفتن والقلاقل، فليراجع كتاب «تاريخ بيست سالة إيران» (= تاريخ إيران خلال عشرين عاماً) تأليف حسين مكّي بأجزائه الثلاثة، حيث عنون الجزء الاوّل باسم «كودتاي 1299 » (= انقلاب 1299)، والثاني باسم «مقدّمات تغيير السلطنة»، والثالث باسم «انقراض القاجاريّة»، وكذلك كتاب «زندگاني سياسي أحمد شاه» (= الحياة السياسيّة لاحمد شاه) تأليف حسين مكّي، وكتاب «انقراض قاجاريّة تاريخ سياسي إيران» تأليف ملك الشعراء بهار. وقد استعار هذا الحقير قبل أربع وأربعين سنة ـ كنت أدرس حينذاك في الحوزة العلميّة في قم هذه الكتب كأمانة من آية الله العظمي الحاجّ السيّد أحمد الشبيريّ الزنجانيّ رضوان الله علیه عن طريق ولده العزيز آية الله الحاجّ السيّد موسي الزنجـانيّ وهو مـن أعـزّ الاحبّـة الاجـلاّء للحقيـر أدام الله أيّـام بركاتـه وجعلـه ذخـراً لنـا وللمسلمين، ثمّ أعدتها بعد مطالعتها كاملة. [133] ـ أينما لمحنا في التأريخ اسم مشـير الدولة تبادر إلی ذهننا الامانة والاسـتقامة والرأي الصائب، له كتاب «إيران باستان» (= إيران القديمة) وهو كتاب مفصّل في ثلاثة أجزاء، وكتاب «إيران باستاني» (= إيران الاثريّة) في جزء واحد وهو أكثر اختصاراً من الاوّل. ويعدّ هو وأخوه آقا ميرزا حسين خان مؤتمن الملك پير نيا المعروف بإخلاصه وأمانته وتديّنه وفكره، من رجال السياسة الاءيرانيّين النزيهين في الكثير من الادوار، وقد شغلا مناصب وزير ووكيل وزير. [134] ـ مجلّة (خواندنيها)، رقم 10، سنة 39، السبت 27 آبانماه 1357 ه. ش. [135] ـ «زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» تأليف حسين مكّي، الطبعة الثانية، أورده في موضعين من الكتاب: الاوّل ص 11، والثاني ص 124 و 125 ضمن كلمة اللورد كرزون. [136] ـ «زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 123 و 124. [137] ـ «زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» تأليف حسين مكّي، ص 163 و 164، الطبعة الثانية. [138] ـ «زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 213 و 214. [139] ـ «زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 215. [140] ـ «تاريخ زندگاني سياسي أحمد شاه» ص 216 و 217. [141] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 218. [142] ـ يقول: «لقد صُبّ كلّ هذا الظلم علی الناس من مركز العدل، فضربنا بفؤوسنا علی هذه الجذور وليكن ما يكون. ولقد خلف مصيبة القاجار عيد تأسيس الجمهوريّة، فاعلم أنّ هذا اليوم كان أفضل الاعياد». [143] يقول: «ويفرحني بأن أري يد القدر وضعت مصباح سلطنة الشاه في البلاط في مهبّ الريح. فاقرأ فاتحة السلطان يا عارف، وليغفر له الله مع كلّ سجيّته الرديئة». [144] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 222 إلی 226. يقول: «سـينقل النسـيم أنفـاس الوردة إلی البلبل، وسـينقل نبـأ قدوم الوردة إلی كلّ مكان. فهاتِ البشارة، فبُشري جمهوريتنا سينقلها هاتف الغيب بتأييد الله إلی كلّ مكان. من معبده، سوف يشير العارف مستهزيً إلی عشق ملك إيران في أُوروبّا. ولا يسل أحد: أين سيأخذ ملك الملوك ذلك الكنز الذي جاء به نادر شاه من الهند؟». [145] ـ يقول: «مادام هناك قاجار ورجال دين في إيران، فماذا سيفعل حاكمو البلد بهذا العار؟». فالزاهد إن أخذ معه خرقة المكر إلی الخمّارة، فسيريق ماء وجه جميع الخمّارات. وسيجعل الشيخ اللصّ بطرفة عين واحدة، المصحف والمسبحة والدعاء تختفي أثراً بعد عين. وإن كان لتاج كيخسرو و(تخت جم) ماء وجه فإنّ هذا الشاه الشحّاذ كان علی وشك إراقته. فليعش قائد الجيش الاءيرانيّ يا عارف، فهو الذي سيقود البلد المشرف علی الهلاك إلی الاستقرار والبقاء». [146] ـ «تاريخ زندگاني سياسي أحمد شاه» ص 284. [147] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 286. [148] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 218. [149] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 200. [150] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 201. [151] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 203 و 204. [152] ـ الآية 156، من السورة 2: البقرة. [153] ـ «تاريخ زندگاني سياسي سلطان أحمد شاه» ص 242 و 243. [154] ـ «تاريخ بيست سالة إيران» (= تاريخ إيران خلال عشرين عاماً) الجزء الثالث: «انقراض قاجاريّة وتشكيل سلسلة پهلوي» (= انقراض القاجاريّة وتأسيس السلسلة البهلويّة) تأليف حسين مكّي، ص 356 إلی 370 (ملخّصاً). |
|
|