|
|
قوّة العشق الحقيقيّ هي وحدها التي تفتح سبيل الوصول إلی الله تعاليإنّ الطريق الاقوم والسبيل الارشد، هما ما سار فيه الانبياء والنخبة من الاولياء. وهو جدّ خطير ودقيق، إنّه عشق للّه، الحيّ ذي الجلال والواحد القهّار. وما أخطره وما أعظمه، وما أكثر ما يحمل من معاني الشوق والحبّ، حتّي غدا خلاصة أعمال الكائنات ورجح علی عبادة الثقلينِ. إنّها قوّة الحبّ التي تزيل الموانع وتدكّ الحصون وتعين علی اجتياز العقبات والسير في غمرة الظُّلمة، وتعبر بالمرء بحار الحسرة وصحاري الحيرة، وعوالم التيه والضلال، ولولا ذلك ما استطاعت جميع قوي الدنيا أن تخطو بالإنسان شبراً إلی الامام بدون إرادة الله. إنّ الحبّ حلاّل المشاكل ومفتاح سرّ النجاح. اي رُخت چون خلد و لعلت سلسبيل سلسبيلت كرده جان و دل سبيل سبز پوشان خطت بر گرد لب همچو مورانند گرد سلسبيل ناوك چشم تو در هر گوشهاي همچو من افتاده دارد صد قتيل يا رب اين آتش كه بر جان من است سرد كن زانسان كه كردي بر خليل من نمييابم مجال اي دوستان گرچه دارد او جمالي بس جميل [1] پاي ما لنگ است و منزل بس دراز دست ما كوتاه و خرما بر نخيل شاه عالم را بقا و عزّ و ناز باد و هر چيزي كه باشد زين قبيل[2] حافظ از سرپنجة عشق نگار همچو مور افتاده شد در پاي پيل [3] عشق قدوة العاشقين: سيّد الشهداء عليه السلامروي العلاّمة المجلسيّ رحمه الله عن كتاب « الخرائج والجرائح » للقطب الراونديّ رحمه الله عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام عن أبيه عليه السلام أ نّه قال: مَرَّ علی عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِكَرْبَلاَءَ فَقَالَ: لَمَّا مَرَّ بِهِ أَصْحَابُهُ وَقَدِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ يَبْكِي وَيَقُولُ: هَذَا مُنَاخُ رِكَابِهِمْ، وَهَذَا مُلْقَي رِحَالِهِمْ، هَا هُنَا مُرَاقُ دِمَائِهِمْ؛ طُوبَي لَكِ مِنْ تُرْبَةٍ عَلَيْهَا تُرَاقُ دِمَاءُ الاَحِبَّةِ! وَقَالَ البَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: خَرَجَ علی يَسِيرُ بِالنَّاسِ، حَتَّي إذَا كَانَ بِكَرْبَلاَءَ عَلَی مِيلَيْنِ أَوْ مِيلٍ، تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّي طَافَ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ: المِقْدَفَانِ. فَقَالَ: قُتِلَ فِيهَا مِائَتَا نَبِيٍّ وَمِائَتَا سِبْطٍ كُلُّهُمْ شُهَدَاءُ. وَمَنَاخُ رِكَابٍ وَمَصَارِعُ عُشَّاقٍ شُهَدَاءَ. لاَ يَسْبِقُهُمْ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ؛ وَلاَ يَلْحَقُهُمْ مَنْ بَعْدَهُمْ. [4] رواية ابن عبّاس في كربلاء عند الحركة باتّجاه صفّينروي العالم الكبير والمحقّق العظيم المرحوم الحاجّ الشيخ جعفر الشوشتريّ عن مجاهد، عن ابن عبّاس أ نّه قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام عندما خرج إلی صفّين، فلمّا وصل إلی نينوي علی شطّ الفرات، ناداني بأعلي صوته وقال: يَابْنَ عَبَّاسٍ! أَتَعْرِفُ هَذَا المَوْضِعَ؟! أجبته: كلا يا أمير المؤمنين، لا أعرفه. قال عليه السلام: لَوْ عَرَفْتَهُ كَمَعْرِفَتِي، لَمْ تَكُنْ تَجُوزُهُ حَتَّي تَبْكِيَ كَبُكَائِي! يقول ابن عبّاس: فبكي عليه السلام حتّي اخضلَّتْ لحيته الشريفة وجرت دموعه علی صدره. وبكينا نحن أيضاً معه، وكان يقول: أَوَّهْ! أَوَّهْ! مَا لِي وَلآلِ أَبِي سُفْيَانَ؟! مَا لِي وَلآلِ حَرْبٍ حِزْبِ الشَّيْطَانِ وَأَوْلِيَاءِ الكُفْرِ؟! يَا أَبَا عَبْدِ اللَهِ! فَقَدْ لَقِيَ أَبُوكَ مِثْلَ الَّذِي تَلْقَي مِنْهُمْ! ثمّ طلب ماءً ليتوضّأ، وصلّي قدراً، ولمّا فرغ من صلاته، أخذته غفوة لساعة فلمّا أفاق نادي: يابن عبّاس! فأجبته: لبيك. قال عليه السلام: أَلاَ أُحَدِّثُكَ بِمَا رَأَيْتُ فِي مَنَامِي آنِفاً عِنْدَ رَقْدَتِي؟! فقلت: قد رقدت عيناك، أبشر يا أمير المؤمنين، إنّها رؤيا خير! فقال عليه السلام: كَأَ نِّي بِرِجَالٍ قَدْ نَزَلُوا مِنَ السَّمَاءِ؛ وَمَعَهُمْ أَعْلاَمٌ بِيضٌ، وَقَدْ تَقَلَّدُوا سُيُوفَهُمْ وَهِيَ بِيضٌ تَلْمَعُ، وَقَدْ خَطُّوا حَوْلَ هَذِهِ الاَرْضِ خَطَّةً. ثُمَّ رَأَيْتُ كَأَنَّ هَذَا النَّخِيلَ قَدْ ضَرَبَتْ بِأَغْصَانِهَا الاَرْضَ، تَضْطَرِبُ بِدَمٍ عَبِيطٍ. وَكَأَ نِّي بِالحُسَيْنِ سَخْلَتِي وَفَرْخِي وَمُضْغَتِي وَمُخِّي، قَدْ غَرَقَ فِيهِ يَسْتَغِيثُ فِيهِ فَلاَ يُغَاثُ. وَكَأَنَّ الرِّجَالَ البِيضَ قَدْ نَزَلُوا مِنَ السَّمَاءِ يُنَادُونَهُ وَيَقُولُونَ: صَبْراً آلَ الرَّسُولِ! فَإنَّكُمْ تُقْتَلُونَ عَلَی أَيْدِي شِرَارِ النَّاسِ وَهَذِهِ الجَنَّةُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَهِ إلَيْهِ مُشْتَاقَةٌ. ثُمَّ يَعُزُّونَنِي وَيَقُولُونَ: يَا أَبَا الحَسَنِ! أَبْشِرْ فَقَدْ أقَرَّ اللَهُ بِهِ عَيْنَكَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ! ثُمَّ انْتَبَهْتُ هَكَذَا! وَالَّذِي نَفْسُ علی بِيَدِهِ، لَقَدْ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ المُصَدَّقُ: أَبُو القَاسِمِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي خُرُوجِي إلَی أَهْلِ البَغْيِ عَلَيْنَا! وَهَذِهِ أَرْضُ كَرْبٍ وَبَلاَ، يُدْفَنُ فِيهَا الحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَسَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي وَوُلْدِ فَاطِمَةَ. وَإنَّهَا لَفِي السَّمَاوَاتِ مَعْرُوفَةٌ تُذْكَرُ أَرْضُ كَرْبٍ وَبَلاَ كَمَا تُذْكَرُ بُقْعَةُ الحَرَمَيْنِ وَبُقْعَةُ بَيْتِ المَقْدِسِ- إلی آخره. [5] وأيضاً يروي آية الله الشوشتريّ أعلي الله مقامه: أ نّه لمّا سار الحسين عليه السلام نحو المدينة حضر جماعة من الجنّ عنده، وكان عليه السلام ينوح ويقرأ المراثي في حين كانوا يستمعون له. وتفصيل الرواية أ نّه لمّا حضرت مواكب الجنّ المسلمين عند الإمام عليه السلام قالوا: يَا سَيِّدَنَا! نَحْنُ شِيعَتُكَ وَأَنْصَارُكَ، فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ وَمَا تَشَاءُ! وَلَوْ أَمَرْتَنَا بِقَتْلِ كُلِّ عَدُوٍّ لَكَ وَأَنْتَ بِمَكَانِكَ، لَكَفَيْنَاكَ ذَلِكَ! فَجَزَاهُمُ الحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَيْراً وَقَالَ لَهُمْ: أَوَ مَا قَرَأْتُمْ كِتَابَ اللَهِ المُنْزَلَ عَلَی جَدِّي رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ»؟ [6] ويقول الله سبحانه: لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ إِلَي' مَضَاجِعِهِمْ. [7] وَإذَا أَقَمْتُ بِمَكَانِي فَبِمَاذَا يُبْتَلَي هَذَا الخَلْقُ المَتْعُوسُ [8] وَبِمَاذَا يُخْتَبَرُونَ؟! وَمَنْ ذَا يَكُونُ سَاكِنَ حُفْرَتِي بِكَرْبَلاَ؟ وَقَدِ اخْتَارَهَا اللَهُ يَوْمَ دَحَي الاَرْضَ وَجَعَلَهُ مَعْقِلاً لِشِيعَتِنَا، وَيَكُونُ لَهُمْ أَمَاناً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ! وَلَكِنْ تَحْضُرُونَ يَوْمَ السَّبْتِ وَهُوَ يَوْمُ عَاشُورَا الَّذِي فِي آخِرِهِ أُقْتَلُ، وَلاَ يَبْقَي بَعْدِي مَطْلُوبٌ مِنْ أَهْلِي! وَتُسْبَي أَخَوَاتِي وَأَهْلُ بَيْتِي، وَيُسَارُ بِرَأْسِي إلَی يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَهُ! فقالت جماعة الجنّ: يا حبيب الله وابن حبيب الله، لو لم تكن طاعتك مفروضة ولم تجز مخالفتك، لجعلنا أعداءك هباءً منثوراً قبل أن تصل أيديهم إليك. فقال الإمام الحسين صلوات الله عليه لهم: نَحْنُ وَاللَهِ أَقْدَرُ عَلَيْهِمْ مِنْكُمْ، وَلَكِنْ «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَي' مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ».[9] لقاء عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير مع الحسينوذكر أيضاً آية الله الشوشتريّ كلاماً حول مراثي سيّد الشهداء عليه السلام، واستماع عبد الله بن عمر أحياناً، وعبد الله بن الزبير أحياناً أُخري لها خارج مكّة، وهذا الكلام هو: إنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ مَكَّةَ، جَاءَ عَبْدُ اللَهِ بْنُ العَبَّاسِ وَعَبْدُ اللَهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَشَارَا عَلَيْهِ بِالإمْسَاكِ. فَقَالَ لَهُمَا: إنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَدْ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ وَأَنَا مَاضٍ فِيهِ. قَالَ: فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَقُولُ: وَا حُسَيْنَاهْ! عبد الله بن عمر ينصح الإمام الحسين عليه السلام بالصلح!ثُمَّ جَاءَ عَبْدُ اللَهِ بْنُ عُمَرَ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِصُلْحِ أَهْلِ الضَّلاَلِ، وَحَذَّرَهُ مِنَ القَتْلِ وَالقِتَالِ. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مِنْ هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَی اللَهِ تَعَالَي أَنَّ رَأْسَ يَحْيَي بْنِ زَكَرِيَّا أُهْدِيَ إلَی بَغِيٍّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إسْرَائِيلَ؟! أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانُوا يَقْتُلُونَ بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إلَی طُلُوعِ الشَّمْسِ سَبْعِينَ نَبِيَّاً ثُمَّ يَجْلِسُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ كَأَنْ لَمْ يَصْنَعُوا شَيْئَاً! فَلَمْ يُعَجِّلِ اللَهُ عَلَيْهِمْ بَلْ أَخَذَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذَ عَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ؟! يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! وَلاَ تَدَعْ نُصْرَتِي! [10] إلاَّ أَنَّ سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ عَلَيهِ سَلاَمُ الاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَالإمام إلَی قِيَامِ يَوْمِ الدِّينِ، رُوحِي وَأَرْوَاحُ العَالَمِينَ لَهُ الفِدَاء، لم ينثنِ عن رأيه وتصميمه، وسار قُدُماً بأمر الله الجليل وسنّة رسوله الكريم، وطبقاً لنظريّته وإرادته في تحقيق هذا الامر بالتمام والكمال، بل إنّه كان مسروراً ومغتبطاً في قيامه وثورته ضدّ ظلم بني أُميّة ويزيد، وأمسي مثلاً يُقتدي به إلی أبد الآبدين، ملخّصاً حقّه وحقّ أخيه وأُمّه وجدّه في أُرجوزته المدوّية يوم عاشوراء: كَفَرَ الْقَوْمُ وَقِدْمًا رَغِبُوا عَنْ ثَوَابِ اللَهِ رَبِّ الثَّقَلَيْنْ وأثبت أنّ الوصاية تختصّ بأمير المؤمنين عليه السلام وأنّ إمامته هي الإمامة الحقّة، وأنّ حكومة يزيد المبنيّة علی أساس حكومة معاوية، وعلي أساس حكومة عثمان وعلي أساس حكومة عمر، وعلي أساس حكومة أبي بكر، إنّما هي باطلة وجوفاء. واعلموا يا خلق الله! واسمعوا أيّها الناس! إنّ أبي وصيّ المصطفي، وهو المرتضي خليفة الحقّ. وأنا الإمام الناطق بالحقّ، ومَن له حقّ مسك زمام الاُمور الظاهريّة والباطنيّة والمادّيّة والمعنويّة وسوق البشر نحو الهداية وسُبل السلام. وقيادة الناس إلی شاطي الامن والامان، ويخلفني ابني علی من بعدي وهكذا حتّي آخر الائمّة المعصومين عليهم السلام، الطاهر الطهر المتمسّك بحبل الله، المعرض عن هوي النفس الامّارة بالسوء، وحبّ الجاه، والمستند إلی عزّة صاحب العزّة، الإمام المهديّ محمّد بن الحسن العسكريّ عجّل الله تعالي فرجه الشريف. أُفٍّ، أُفٍّ لهذه الدنيا وحكومتها! أُفٍّ أُفٍّ لعالم الشهوات والتوابع! أرمي الوصول إلی مأمنه، إنّ ربّي ومحبوبي الازليّ، الذي بذلت له مهجتي مذ كنت في حجر النبيّ قال لي: يا حسين! عليك بهذا الامر هذا طريقك وهذا مسلكك. فالنفس عزيزة علی الذليل الذي يقبل بظلم دول الطغيان سابقاً وحاضراً. لكنّي أنا الحسين، ونفسي عزيزة إذا بذلتها لتحرير بني البشر من براثن هؤلاء الوحوش، عندئذٍ، سأستطعم لذّة الفداء حينما أري نفسي وأهل بيتي علی هذا الطريق. هذا هو منهجي فمن أراد أن يكون حسيناً فليسلك هذا المنهج. لقاء الفرزدق مع سيّد الشهداء عليه السلام في طريق الكوفةوذكر آية الله الشيخ الشوشتريّ قدّس الله تربته أنّ السيّد رحمه الله قال: وصل خبر استشهاد مسلم بن عقيل إلی الإمام في منزل « زُبالة » إلاّ أنّ الإمام واصل سيره حتّي التقي بالفرزدق فسلّم عليه وقال: يَابْنَ رَسُولِ اللَهِ! كَيْفَ تَرْكَنُ إلَی أَهْلِ الكُوفَةِ وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ عَمِّكَ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ وَشِيعَتَهُ؟! يقول الراوي: فَاسْتَعْبَرَ الحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَاكِياً. ثُمَّ قَالَ: رَحِمَ اللَهُ مُسْلِماً! فَلَقَدْ صَارَ إلَی رَوْحِ اللَهِ وَرَيْحَانِهِ وَتَحِيَّتِهِ وَرِضْوَانِهِ! أَمَا إنَّهُ قَدْ قَضَي مَا عَلَيْهِ، وَبَقِيَ مَا عَلَيْنَا. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: فَإنْ تَكُنِ الدُّنْيَا تُعَدُّ نَفِيسَةً فَدَارُ ثَوَابِ اللَهِ أَعْلَي وَأَنْبَلُ وَإنْ تَكُنِ الاَبْدَانُ لِلْمَوْتِ أُنْشِئَتْ فَقَتْلُ امْرِيٍ بِالسَّيْفِ فِي اللَهِ أَفْضَلُ وَإنْ تَكُنِ الاَرْزَاقُ قِسْماً مُقَدَّراً فَقِلَّةُ حِرْصِ المَرْءِ للِرِّزْقِ أَجْمَلُ وَإنْ تَكُنِ الاَمْوَالُ لِلتَّرْكِ جَمْعُهَا فَمَا بَالُ مَتْرُوكٍ بِهِ الحُرُّ يَبْخَلُ[11] وقد أنشد الميرزا سروش أبياتاً كذلك في كيفيّة استشهاد وتضحية الإمام، نقتطف منها ما يلي: گفت شاها من فرشتة نصرتم كآمده سوي تو از آن حضرتم آمدم از ذِروة گردون به سطح كه منم نَصْرٌ مِنَ اللَهِ وَفَتْحْ [12] حكم كن اي أحمد معراج عشق تا نه كوفه باز ماند نه دمشق حكم كن اي أحمد روز اُحُد تا بلا باريم بر اين قوم لُدّ گفت: رو رو عاجزان را يار باش با كهاي هان؟ خفتهاي، بيدار باش اي فرشته رو بخوان لَوْلاَكْ را تا بداني صانع افلاك را اي فرشته هرچه آيد بر سرم هيچ آوخ از درون برناورم اي فرشته حال عشق اندر تو نيست تا بداني عاشقان را حال چيست تو همي بيني سپاه اندر سپاه من نميبينم كسي غير از إله [13] تو همي بيني سنان اندر سنان من همي بينم جنان اندر جنان من دوئيّت از ميان برداشتم من علَم بر بام عشق افراشتم كيستم من آفتاب شرق عشق غرق عشقم غرق عشقم غرق عشق كِي درنگد كي شكيبد اي كيا عاشقي كه گفت معشوقش بيا عون آن خواهد كه جان خواهد به تن نه كسيكه عاشق جان باختن عاشقانه رفته اندر مهلكه حكم لاَ تُلْقُوا به ايشان نامده حكم لاَ تُلْقُوا بود مر خام را نه كه خاصانِ بلا آشام را[14] مرغ آبي را بود آتش ممات مرغ آتش را حيات اندر حيات از سمندر دور ران احراق را هين مترسان از بلا عشّاق را شوق سر دادن ربوده خوابشان انتظار صبح صبر و تابشان[15] ... حتّي آخر القصيدة. [16] توجّه سيّد الشهداء عليه السلام إلی كعبة العشّاقوفي هذا الصدد، قام الشاعر الجوديّ الخراسانيّ بنظم قصيدة صوّرت هذه الواقعة أروع تصوير حين قال: باشد به سوي كعبة مقصود روي ما كآنجا برآيد آنچه بود آرزوي ما ما را خيال يك سر مو نيست غير دوست بر حال ما گواه بود مو به موي ما تخمي فشاندهايم و خوريم آنگهش ثمر كآبش دهد زمانه ز خون گلوي ما گشتيم ما مسافر كوئي كه اندر او جز تير و تيغ و ني نكند جستجوي ما كرديم رو به سوي دياري كه هر قدم باشد بلا مقابل، اجل رو به روي ما در كعبهاي مقام نمائيم كز صفا مسجود كائنات بود خاك كوي ما بر قبلهاي براي نماز آوريم روي كآنجا بود ز خون سر ما وضوي ما [17] السَّلامُ عَليْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَهِ وَعَلَي المُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَهِ وَبَرَكَاتُهُ. يَا لَيْتَنَا كُنَّا مَعَكَ فَنَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً. اللَهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ شِيعَتِهِ وَحَرَمِهِ وَالذَّابِّينَ عَنْهُ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الفَائِزِينَ بِإدْرَاكِ ثَارِهِ مَعَ الإمام المُنْتَظَرِ حُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ العَسْكَريِّ عَجَّلَ اللَهُ تَعَالَي فَرَجَهُ. للّه الحمد وله المنّة علی إتمام الجزء الاوّل من « معرفة الله » من القسم الاوّل من سلسلة ( العلوم والمعارف الإسلاميّة ) بتوفيق من الربّ الودود ورعاية الإمام الحيّ الرؤوف صاحب العصر أرواحنا فداه، وذلك في صبيحة يوم الخميس الثامن والعشرين من شهر جمادي الاُولي سنة 1415 ه في مدينة مشهد المقدّسة، عَلَی ثَاوِيهَا وَسَاكِنِهَا وَشَاهِدِهَا آلاَفُ التَّحِيَّةِ وَالإكْرَامِ وَالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ، بتحرير الحقير الفقير السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ غفر الله له ولوالديه. بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَلَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أَعْدَائِهِمْ أَجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيَامِ يَوْمِ الدِّينِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ. إرجاعات [1] ـ يقول: «يا مَن وجهه كجَنّة الخُلد وشفتاه (تنبعان) ماءً سلسبيلاً، لقد أباحَ لك لُماكَ العَذب أرواح العاشقين وقلوبهم. إنّ الشَّعْرَ الاخضر اللون الذي يعلو شفتك العُليا كأ نّه نَملٌ مُصطَفٌّ أمام عين السلسبيل (الذي هو فَمُك). إنّ سهام عينيك قد أطاحت بالمئات من القتلي من أمثالي في كلّ زاوية وركن. إلهي! أطفِي النار المستعرة في داخلي واجعلها برداً وسلاماً كما جعلتها كذلك علی (إبراهيم) خليلك. إنّه لا سبيل ولا إذن لي (للوصول إلی جمال حبيبي وحسنه)، بالرغم من أنّ جماله وحُسنه لا يضاهيهما شيء». [2] ـ وجاء في التعليقة أنّ البيت التالي هو من ضمن الغزليّة أعلاه كذلك: عقل در حسنت نمي يابد بَدل طبع در لطفت نمي بيند بديل يقول: «لم يَرَ (أو لم يَشهد) العقل لحُسنكَ نظيراً، ولم يجد (أو ما وَجدَ) الطبعُ بديلاً أو مِثالاً للُطفِكَ». [3] ـ يقول: «إنّ رِجلايَ عَرجاوان والمُقام جَدّ بعيد، ويَدايَ قصيرتان في حين أنّ البَلَحَ عالٍ (لا يمكن الوصول إليه). فليَعِشْ سلطان العالَم وليَدُمْ بقاؤه وعزّه ودلاله، وكلّ ما يَمتُّ له بصلة أو يختصّ به. لقد صار حافظ كنملة موطوءة بأقدام الفيل، وذلك لجبروت العشق وقدرته عليه وهيمنته لقواه». ديوان «الخواجة شمس الدين حافظ الشيرازيّ» ص 416، الغزليّة رقم 308، طبعة منشورات صفيّ عليشاه. [4] ـ «بحار الانوار» طبعة الكمبانيّ: ج 9، ص 580؛ وطبعة آخوندي: ج 41، ص 295، الرواية رقم 18، وذكر المرحوم الشيخ جعفر الشوشتريّ القسم الاوّل من الرواية في كتاب «خصائص الحسين» عليه السلام، ص 115 و 116، الطبعة الحجريّة. [5] ـ «خصائص الحسين» ص 112 و 113، الطبعة الحجريّة، سنة 1303 ه. [6] ـ صدر الآية 78، من السورة 4: النساء. [7] ـ مقطع من الآية 154، من السورة 3: آل عمران. [8] ـ جاء في «أقرب الموارد»: تَعِسَ (ل) تَعْساً: لغةٌ فهو تَعِسٌ مثل تَعِب. وتَتعدَّي هذه بالحركة وبالهمزة فيُقال: تَعَسَه اللهُ و أتعَسَه. ومنه: هو منحوسٌ متعوسٌ، تَعْساً له، أي ألزَمه اللهُ هلاكاً، وهو مفعول مطلقٌ عاملُه محذوفٌ. [9] ـ «خصائص الحسين» ص 119 و 120؛ وهذه الآية هي مقطع من الآية 42، من السورة 8: الانفال. [10] ـ «خصائص الحسين» ص 121 و 122. انظرْ أيّها القاري! فهذا عبد الله بن عمر بن الخطّاب الذي ذكر العامّة له ما استطاعوا من مناقب وآثار حميدة؛ فعبد الله هذا يُبايع يزيد بن معاوية لعنة الله عليهما ويدع نُصرة سيّد الشهداء عليه السلام؛ وبهذا، فإنّ عبد الله بن عمر لم يُبايع لا أمير المؤمنين علی بن أبي طالب عليه السلام ولا ولده الحسين عليه السلام، بينما بايعَ الحجّاج بن يوسف الثقفيّ للخليفة الامويّ عبد الملك بن مروان، بطريقة مزرية ومهينة؛ إذ قال له الحجّاج عندما أراد عبد الله بن عمر مبايعته طالباً منه مدّ يده: لا تبايع يَدي! هاك إصبع قدمي اليُسري وبايعني عليها...! هذا، وقد كانت عاقبة عبد الله بن عمر في نهاية الامر أن مات مسموماً علی يَد الحجّاج نفسه في حال يُرثي لها. فقارن بينه وبين أصحاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام، أيّها القاري الكريم، الذين أحلّهم الإمام عليه السلام ليلة عاشوراء من بيعته وخيّرهم بين البقاء معه والقتال إلی جانبه، وبين الرحيل إلی ديارهم وأوطانهم مستعينين بظلمة الليل، قائلاً لهم: إنّ القوم إنّما يطلبونني ولو أصابوني لذهلوا عن طلب غيري! ونذكر جواب بني هاشم والانصار في إظهار وفائهم وفدائهم كما عبّر عنها الميرزا محمّد تقي حجّة الإسلام النيّر التبريزيّ في ديوان «آتشكده»: گفت ياران: كاي حيات جان ما دردهاي عشق تو درمان ما رشتة جانهاي ما در دست توست هستي ما را وجود از هست توست سايه از خور چون تواند شد جدا يا خود از صوتي جدا افتد صَدا زنده بيجان كي تواند كرد زيست زندگي را بي تو خون بايد گريست ما به ساحل خفته و تو غرق خون لا و حقِّ البَيتِ هَذا لا يَكون كاش ما را صد هزاران جان بدي تا نثار جلوة جانان بدي يقول: قال الانصار: يا حياة قلوبنا، إنّ آلام حبّك ترياقنا. وإنّ نسيج أرواحنا في يدك، فوجودنا نابع من وجودك. فأ نّي يمكن للظلّ الانفصال عن الشمس، أو للصدا أن ينفصل عن الصوت. وكيف للحيّ أن يعيش بلا روح؟ فحياةً بدونك ينبغي أن يُذرف عليها بدل الدمع دما. أنغفوا علی الساحل بينما تغرق أنت في بحر الدماء. لا وحقّ البيت هذا لا يكون. فليت لنا مائة ألف روح لننثرها أمامك فداءً لروحك يا حبيبنا». در به روي ما مبند اي شهريار خلوت از اغيار بايد، ني ز يار جان كلافه، ما عجوز عشق كيش يوسفا از ما مگردان روي خويش يقول: «فلا تصفق الباب في وجوهنا أيّها الملك، فالخلوة ينبغي أن تكون من الاجانب لا الاحبّاء. أرواحنا حيري، ونحن كالعجوز العاشقة، فلا تعرض عنّا يا يوسف». ما به آه خشك و چشم تر خوشيم يونس آب و خليل آتشيم اندرين دشت بلا تا پا زديم پاي بر دنيا و ما فيها زديم يقول: «نحن سعداء بآهاتنا الحَرَّي وأعيننا المخضلّة بالدموع، كيونس في الماء، وكالخليل في النار. لقد سرنا قُدُماً في صحراء البلوي، وسحقنا بأقدامنا علی الدنيا وما فيها». [11] ـ «خصائص الحسين» ص 123. [12] ـ يقول: «قال: ياسلطان (الدنيا والآخرة)! أنا المَلاك الذي جاء من لَدن الحقّ تعالي لنُصرتكَ. قد جئتُكَ من أعلي عِلّيّين إلی هنا، فأنا نَصرٌ من الله والفتح». [13] ـ يقول: «فاحكُم (بِما تشاء) يا أحمد معراج الحبّ والعشق، حتّي لا أُبقي (علي هذه الارض) لا الكوفة ولا دمشق. احكُمْ يا أحمدَ يوم أُحد، حتّي نُمطر البلاء علی هؤلاء القوم المعتدين. قال: ماذا تقول؟ هل أنتَ نائم أم صاح؟ اذهَبْ، وأعِنِ الضعفاء. يا أيّها المَلاك! اذهَبْ ورَدِّد عبارة (لولاك)، حتّي تَعلمَ مَن هو صانع الافلاك. أيّها المَلاك! إنّ ما ينزل بي من بلاء، لن يجعلني أصرخُ أو أقول: آهٍ. أيّها المَلاك! (يبدو) أنّ العشق لمّا يدخلك بعد، لتَعلمَ حال العاشقين وحالتهم. أنتَ تري جيشاً وعساكر لا غير، في حين لا أري إلاّ الاءله». [14] ـ يقول: «أنت لا تري إلاّ تصادم الاسنّة وتزاحم الرماح، وأنا لا أري إلاّ جناناً وجنّات. لقد أزلتُ عن نفسي الثنويّة، ورفعتُ الراية فوق صرح العشق. أنا لستُ إلاّ شروق العشق (لا غروبه)، فأنا غارقٌ في بحر العشق ويَمّه ولُججه. يا عَظيم! أيّ عاشقٍ تَوقّفَ وانتظر، وقال لمعشوقه: تَعالْ؟ إنّ الذي يُريد بقاء روحه داخل جسده هو الذي يحتاج إلی العَون، وليس العاشق الذي يشتهي إزهاق روحه (في سبيل معشوقه). ذلك العاشق الذي رمي بنفسه وسط المهالك، فأطلِقْ عليه لَقَبَ (لا تُلقوا). فإنّ حُكم ( لا تُلقوا ) يخصّ الاغرار (الذين لا خبـرة لهم في الحبّ)، ولا يسـري حُكمه علی الخواصّ المشتاقين إلی احتساء البلايا». [15] ـ يقول: «إنّ النار لتُحرقُ وتُميتُ الطائر المائيّ وحسب، لكنّ حياة طائر النار مرهونة بالنار (وبقاؤه منوط ببقائها). أبعِدِ النار عن السمندر، ولا تُرهِب العشّاق أو تُخوّفهم بالبلايا. إنّ هَوي الفداء والتضحية قد أقلقَ منام هؤلاء العشّاق، وضاقت صدورهم لفرط انتظارهم إلی الصباح». [16] ـ لقد دوّن الحقير هذه القصيدة في كرّاسي الخطّيّ السادس ص 59 و 60 نقلاً عن بعض المخطوطات. وقد أورد المرحوم الحاجّ ملاّ علی آقا واعظ التبريزيّ الخيابانيّ ثلاثة أبيات من شعر الميرزا سروش في كتاب «وقائع الايّام» المجلّد الخاصّ بمحرّم الحرام، من طبعة الدار الإسلاميّة، سنة 1354، ص 453، وهي: تير بگذشت از گلوي نازكش شاه را بشكافت بازو، ناوكش بازوي دست خدا را كرد چاك گفت هم جنّ و ملك: تبّت يداكْ رفت از وي هوش در آغوش باب شه ز ديده ريخت بر رويش گلاب يقول: «اخترقَ السهم نحره الرقيق، فقَطعَ شريانه (أي شريان الطفل الرضيع) وأصاب سَهمٌ آخر ذراعه (أي ذراع الاب). لقد مَزّقَ ذراع الله (بعمله هذا)، فصاحت الملائكة والجنّ معاً: تبّتْ يداك! ففقدَ الطفلُ وعيه في حجر أبيه، فأراقَ سلطان الدنيا والآخرة من دموعه التي تُشبه ماء الورد علی مُحيّاه». وقال المرحوم المؤلّف نفسه في تعليقه: وهذا مذكور في بعض تواريخ العامّة وفي «مصائب المعصومين». [17] ـ يقول: «فلتبقَ أنظارنا مُتوجّهة نحو كعبة المقصود، حتّي تتحقّق أُمنياتنا هناك. فلا شيء يشغل بالنا قَيد شعرة إلاّ الحبيب، وعلي هذا تَشهد كلّ شعرة فينا. لقد بذرنا حَبّاً سنأكُل ثمره بعد حين، إذ سيرويه الزمان من دماء حناجرنا. وقد سِرنا في طريق تُلاحقنا فيه الرماح والسهام والنبال. وتوجّهنا إلی ديار لا نري أمامنا إليه إلاّ أجلنا في كلّ حين. إنّنا نُقيم في مُقام أضحي ثَراه مسجداً لكلّ الكائنات». «وإنّنا نتوجّه في صلاتنا إلی قبلة ليس فيها من ماء لوضوئنا إلاّ دم رؤوسنا». «وقائع الايّام» المجلّد الخاصّ بمحرّم الحرام، ص 78.
|
|
|