بيان العلاّمة: لقاء الله لا ينحصر في القيامة
وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ.[1]
وقيل: المراد بلقاء الله هو البعث. وقيل: الوصول إلی العاقبة من لقاء مَلَك الموت والحساب والجزاء. وقيل: المراد ملاقاة جزاء الله من ثواب أو عقاب. وقيل: ملاقاة حكمة يوم القيامة، والرجاء علی بعض هذه الوجوه بمعني الخوف.
وهذه وجوه مجازيّة بعيدة لا موجب لها إلاّ أن يكون من التفسير بلازم المعني.
وقوله: فَإِنَّ أَجَلَ اللَهِ لاَتٍ، الاجل هو الغاية التي ينتهي إليها زمان الدين ونحوه، وقد يطلق علی مجموع ذلك الزمان والغالب في استعماله هو المعني الاوّل.
و أَجَلَ اللَهِ: هو الغاية التي عيّنها الله تعالي للقائه، وهو آت لا ريب فيه وقد أكّد القول تأكيداً بالغاً، ولازم تحتّم إتيان هذا الاجل وهو يوم القيامة أن لا يسامح في أمره ولا يستهان بأمر الإيمان بالله حقّ الإيمان والصبر عليه عند الفتن والمحن من غير رجوع وارتداد، وقد زاد في تأكيد القول بتذييله بقوله: وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، إذ هو تعالي لمّا كان سميعاً لاقوالهم عليماً بأحوالهم فلا ينبغي أن يقول القائل: آمنت بالله إلاّ عن ظهر القلب ومع الصبر علی كلّ فتنة ومحنة.
ومن هنا يظهر أنّ ذيل الآية: فَإِنَّ أَجَلَ اللَهِ لاَتٍ من قبيل وضع السبب موضع المسبّب كما كان صدرها: مَن كَانَ يَرْجُوا لِقَآءَ اللَهِ أيضاً، والاصل من قال: آمَنْتُ بِاللَهِ. فليقله مستقيماً صابراً عليه مجاهداً في ربّه.
وقوله: وَمَن جَـ'هَدَ فَإِنَّمَا يُجَـ'هِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَـ'لَمِينَ، المجاهدة والجهاد مبالغة من الجهد بمعني بذل الطاقة، وفيه تنبيه لهم أنّ مجاهدتهم في الله بلزوم الإيمان والصبر علی المكاره دونه ليست ممّا يعود نفعه إلی الله سبحانه حتّي لا يهمّهم ويُلغوه لغِناهم عنه، بل إنّما يعود نَفعُهُ إليهم أنفسهم، لغناهُ تعالي عن العالمين، فعليهم أن يلزموا الإيمان ويصبروا علی المكاره دونه.
فقوله: وَمَن جَـ'هَدَ فَإِنَّمَا يُجَـ'هِدُ لِنَفْسِهِ تأكيد لحجّة الآية السابقة. وقوله: إِنَّ اللَهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَـ'لَمِينَ تعليل لما قبله.
والالتفات من سياق التكلّم بالغير إلی اسم الجلالة في الآيتين نظير ما مرّ من الالتفات في قوله: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَهُ الَّذِينَ صَدَقُوا.
وقوله: وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّـَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ. بيان لعاقبة إيمانهم حقّ الإيمان المقارن للجهاد ويتبيّن به أنّ نفع إيمانهم يعود إليهم لا إلی الله سبحانه وأ نّه عطيّة من الله وفضل.
وعلي هذا فالآية لا تخلو من دلالة ما علی أنّ الجهاد في الله هو الإيمان والعمل الصالح، فإنّها في معني تبديل قوله في الآية السابقة: «ومن جاهد» من قوله في هذه الآية: «والذين آمنوا وعملوا الصالحات».
وتكفير السيّئات هو العفو عنها، والاصل في معني الكفر هو الستر، وقيل: تكفير السيّئات هو تبديل كفرهم السابق إيماناً ومعاصيهم السابقة طاعات، وليس بذاك.
وجزاؤهم بـ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ هو رفع درجتهم إلی ما يناسب أحسن أعمالهم أو عدم المناقشة في أعمالهم عند الحساب إذا كانت فيها جهات رداءة وخسّة فيعاملون في كلّ واحد من أعمالهم معاملة من أتي بأحسن عمل من نوعه فتحتسب صلاتهم أحسن الصلاة وإن اشتملت علی بعض جهات الرداءة وهكذا » [2].
وعموماً، فإنّ هذه الآية الشريفة التي نحن بصددها، وبالنظر إلی ما أوردناه من تفسير العلاّمة قدّس الله سرّه تبيّن بوضوح أنّ لقاء الله هو أمر حتمي‌ّ، وللوصول إلی ذلك، لزم أن يعمل الراغبون للقائه علی حزم أمرهم وأن يتهيّأوا لذلك ويخطوا بخطوات ثابتة وبعزم راسخ للمضي‌ّ في هذا الطريق، وألاّ يخشوا أيّة آفة أو عاهة في هذا السبيل، وألاّ يردعهم رادع أو مانع يصادفهم، وعليهم إزالة كلّ تلك الموانع بالاستعانة بالله، ولا يستوحشوا ممّا يلاقيهم من محن واختبارات مفروضة في هذا الطريق، حتّي ينعموا بوصاله سبحانه وبمدد منه. إنّ هذا ليس حِكراً علی أُمّة خاتم الانبياء، فهذه السنّة مع جميع الاُمم السالفة، وكلّ الاقوام المؤمنة بأنبيائها.
إنّ الاعذار لن تجدي شيئاً، وتأجيل العمل إلی الغد، لن يُثمر، وإسدال ستار الجهل والحُمق علی البصيرة يحول دون ورود النور إلی القلوب.
فكيف للّه أن يُفهم عباده، وبأيّة وسيلة أو طريقة، فيعقل السفهاء، ويفيق النائمون، وينتبه الغافلون؟
فوالله وتالله وبالله، لو لم تكن في القرآن كلّه إلاّ هذه الآيات الاخيرة المذكورة في أوّل سورة العنكبوت، والتي تمّ تفسيرها إجمالاً من قبل الاُستاذ العلاّمة فقيد الفقه والعلم والعرفان والبصيرة والشهود، فنقرأها ونفهمها، لكفي بها من عِبرة، فما بالك مع باقي الآيات في القرآن التي تبحث جلّها وحدة الحقّ، ووجود واجب الوجود، والتي تبيّن لنا بوضوح وصريح البيان لقاءه سبحانه.
أشعار المغربي‌ّ في ضرورة المجاهدة للوصول إلی لقاء الله تعالي
نخست ديده طلب كن، پس آنگهي ديدار از آنكه يار كند جلوه بر اُولو الابصار
ترا كه ديده نباشد كجا تواني ديد به گاه عرض تجلّي جمال چهرة يار
اگر چه جملة پرتو، فروغ حُسن وي است ولي چو ديده نباشد كجا شود نَظّار
ترا كه ديده نباشد چه حاصل از شاهد ترا كه گوش نباشد چه سود از گفتار [3]
ترا كه ديده بود پر غبار، نتواني صفاي چهرة او ديد با وجود غبار
اگر چه آينه داري براي حسن رخش ولي چه سود كه داري هميشه آينه تار
بيا به صيقل توحيد، آينه بزداي غبار شرك، كه تا پاك گردد از زنگار
اگر نگار تو آئينه‌اي طلب دارد روان تو ديدة دل را به پيش او مي‌دار
جمال حسن ترا صد هزار زيب افزود از آنكه حسن ترا مغربي است آينه دار [4]
أبيات من لاميّة ابن الفارض في ضرورة المجاهدة للقاء الله تعالي
هُوَ الحُبُّ
هُوَ الحُبُّ فَاسْلَمْ بِالحَشَا مَا الهَوَي سَهْلُ فَمَا اخْتارَهُ مُضْنيً بِهِ، وَلَهُ عَقْلُ
وَعِشْ خالِياً، فَالحُبُّ راحَتُهُ عَنَا وَأوَّلُهُ سُقْمٌ، وَآخِرُهُ قَتْلُ
وَلَكِنْ لَدَي‌َّ المَوْتُ فِيهِ صَبَابَةً حَيَاةٌ لِمَنْ أَهْوَي، عَلَی بِهَا الفَضْلُ
نَصَحْتُكَ عِلْماً بِالهَوَي وَالَّذِي أَرَي مُخَالَفَتِي، فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ مَا يَحْلُو
فَإنْ شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيداً، فَمُتْ بِهِ شَهِيداً وَإلاَّ فَالغَرَامُ لَهُ أَهْلُ
فَمَنْ لَمْ يَمُتْ فِي حُبِّهِ لَمْ يَعِشْ بِهِ وَدُونَ اجْتِنَاءِ النَّحْلِ مَا جَنَتِ النَّحْلُ
تَمَسَّكْ بأَذْيَالِ الهَوَي، وَاخْلَعِ الحَيَا وَخَلِّ سَبِيلَ النَّاسِكِينَ، وَإنْ جَلُّوا
وَقُلْ لِقَتِيلِ الحُبِّ: وَفَّيْتَ حَقَّهُ وَلِلْمُدَّعِي: هَيْهَاتَ مَا الكَحِلُ الكَحَلُ[5]
تَعَرَّضَ قَوْمٌ لِلْغَرَامِ وَأَعْرَضُوا بِجانِبِهِمْ عَنْ صِحَّتِي فِيهِ وَاعْتَلُّوا
رَضُوا بِالاَمَانِي، وَابْتُلُوا بِحُظُوظِهِمْ وَخَاضُوا بِحَارَ الحَبِّ دَعْويً فَمَا ابْتَلُّوا
فَهُمْ فِي السُّرَي لَمْ يَبْرَحُوا مِنْ مَكَانِهِمْ وَمَا ظَعَنُوا فِي السَّيْرِ، عَنْهُ وَقَدْ كَلُّوا
وَعَنْ مَذْهَبي، لَمَّا اسْتَحَبُّوا العَمَي عَلَی الـ ـهُدَي حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ضَلُّوا
أَحِبَّةَ قَلْبِي، وَالمَحَبَّةُ شَافِعِي لَدَيْكُمْ، إذَا شِئْتُمْ بِهَا اتَّصَلَ الحَبْلُ
عَسَي عَطْفَةٌ مِنْكُمْ عَلَی بِنَظْرَةٍ فَقَدْ تَعِبَتْ بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الرُّسْلُ
أَحِبَّاي‌َ أَنْتُمْ، أَحْسَنَ الدَّهْرُ أَمْ أَسَا فَكُونُوا كَمَا شِئْتُمْ، أَنَا ذَلِكَ الخِلُّ
إذَا كَانَ حَظِّي الهَجْرُ مِنْكُمْ وَلَمْ يَكُنْ بِعَادٌ فَذَاكَ الهَجْرُ عِنْدِي هُوَ الوَصْلُ
وَمَا الصَّدُّ إلاَّ الوُدُّ مَا لَمْ يَكُنْ قِليً وَأَصْعَبُ شَي‌ءٍ غَيْرَ إعْرَاضِكُمْ سَهْلُ
وَتَعْذيبُكُمْ عَذْبٌ لَدَي‌َّ وَجَوْرُكُمْ عَلَی بِمَا يَقْضِي الهَوَي لَكُمُ عَدْلُ
وَصَبْرِي‌َ صَبْرٌ عَنْكُمُ، وَعَلَيْكُمُ أَرَي أَبَداً عِنْدِي مَرَارَتُهُ تَحْلُو
أَخَذْتُمْ فُوَادِي وَهْوَ بَعْضِي فَمَا الَّذي يَضُرُّكُمُ لَوْ كانَ عِنْدَكُمُ الكُلُّ
نَأَيْتُمْ فَغَيْرَ الدَّمْعِ لَمْ أَرَ وَافِياً سِوَي زَفْرَةٍ مِنْ حَرِّ نَارِ الجَوَي تَغْلُو
فَسُهْدِي‌َ حَي‌ٌّ فِي جُفُونِي مُخَلَّدٌ وَنَوْمِي بِهَا مَيْتٌ وَدَمْعِي لَهُ غُسْلُ
هَويً طَلَّ مَا بَيْنَ الطُّلُولِ دَمِي فَمِنْ جُفُونِي جَرَي بِالسَّفْحِ مِنْ سَفْحِهِ وَبْلُ
تَبَالَهَ قَوْمِي، إذْ رَأَوْنِي مُتَيَّماً وَقَالُوا: بِمَنْ هَذَا الفَتَي مَسَّهُ الخَبْلُ؟
وَمَاذَا عَسَي عَنِّي يُقَالُ سِوَي: غَدَا بِنُعْمٍ لَهُ شُغْلٌ، نَعَمْ لِي بِهَا شُغْلُ
وَقَالَ نِسَاءُ الحَي‌ِّ: عَنَّا بِذِكْرِ مَنْ جَفَانَا، وَبَعْدَ العِزِّ لَذَّ لَهُ الذُّلُّ
إذَا أَنْعَمَتْ نُعْمٌ عَلَی بِنَظْرَةٍ فَلاَ أَسْعَدَتْ سُعْدَي وَلاَ أَجْمَلَتْ جُمْلُ
وَقَدْ صَدِئَتْ عَيْنِي بِرُوْيَةِ غَيْرِهَا وَلَثْمُ جُفُونِي تُرْبَهَا لِلصَّدَا يَجْلُو
وَقَدْ عَلِمُوا أَ نِّي قَتِيلُ لِحَاظِهَا فَإنَّ لَهَا فِي كُلِّ جارِحَةٍ نَصْلُ
حَدِيثِي قَدِيمٌ فِي هَوَاهَا وَمَا لَهُ كَمَا عَلِمَتْ بَعْدٌ، وَلَيْسَ لَهُ قَبْلُ
وَمَا لِي‌َ مِثْلٌ فِي غَرَامِي بِهَا، كَمَا غَدَتْ فِتْنَةً فِي حُسْنِهَا مَا لَهَا مِثْلُ
حَرَامٌ شِفَا سُقْمِي لَدَيْهَا رَضِيتُ مَا بِهِ قَسَمَتْ لِي فِي الهَوَي وَدَمِي حِلُّ
فَحَالِي وَإنْ سَاءَتْ فَقَدْ حَسُنَتْ بِهَا وَمَا حَطَّ قَدْرِي فِي هَوَاهَا بِهِ أَعْلُو
وَعِنْوَانُ مَا فِيهَا لَقِيتُ وَمَا بِهِ شَقِيتُ وَفِي قَوْلِي اخْتَصَرْتُ وَلَمْ أَغْلُ
خَفِيتُ ضَنيً حَتَّي لَقَدْ ضَلَّ عَائِدِي وَكَيْفَ تَرَي العُوَّادُ مَنْ لاَ لَهُ ظِلُّ
وَمَا عَثَرَتْ عَيْنٌ عَلَی أَثَرِي وَلَمْ تَدَعْ لِي‌َ رَسْماً فِي الهَوَي الاَعْيُنُ النُّجْلُ
وَلِي هِمَّةٌ تَعْلُو إذَا مَا ذَكَرْتُهَا وَرُوحٌ بِذِكْرَاهَا إذَا رَخُصَتْ تَغْلُو
جَرَي حُبُّهَا مَجْرَي دَمِي فِي مَفَاصِلِي فَأَصْبَحَ لِي عَنْ كُلِّ شُغْلٍ بِهَا شُغْلُ
فَنَافِسْ بِبَذْلِ النَّفْسِ فِيهَا أَخَا الهَوَي فَإنْ قَبِلَتْهَا مِنْكَ يَا حَبَّذَا البَذْلُ
فَمَنْ لَمْ يَجُدْ فِي حُبِّ نُعْمٍ بِنَفْسِهِ وَلَوْ جَادَ بِالدُّنْيَا إلَيْهِ انْتَهَي البُخْلُ
وَلَوْلاَ مُرَاعَاةُ الصِّيَانَةِ غَيْرَةً وَلَوْ كَثُرُوا أَهْلُ الصَّبَابَةِ أَوْ قَلُّوا
لَقُلْتُ لِعُشَّاقِ المَلاَحَةِ أَقْبِلُوا إلَيْهَا عَلَی رَأْيِي وَعَنْ غَيْرِهَا وَلُّوا
وَإنْ ذُكِرَتْ يَوْماً فَخِرُّوا لِذِكْرِهَا سُجُوداً وَإنْ لاَحَتْ، إلَی وَجْهِهَا صَلُّوا
وَفِي حُبِّهَا بِعْتُ السَّعَادَةَ بِالشَّقَا ضَلاَلاً وَعَقْلِي عَنْ هُدَاي‌َ بِهِ عَقْلُ
وَقُلْتُ لِرُشْدِي وَالتَّنَسُّكِ والتُّقَي تَخَلَّوْا، وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الهَوَي خَلُّوا
وَفَرَّغْتُ قَلْبِي عَنْ وُجُودِي‌َ مُخْلِصاً لَعَلِّي‌َ فِي شُغْلِي بِهَا مَعَهَا أَخْلُو
وَمِنْ أَجْلِهَا أَسْعَي لِمَنْ بَيْنَنا سَعَي وَأَعْدُو، وَلاَ أَغْدُو لِمَنْ دَأْبُهُ العَذْلُ
فَأَرْتَاحُ لِلْوَاشِينَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا لِتَعْلَمَ مَا أَلْقَي وَمَا عِنْدَهَا جَهْلُ
وَأَصْبُو إلَی العُذَّالِ حُبَّاً لِذِكْرِهَا كَأَ نَّهُمُ مَا بَيْنَنَا فِي الهَوَي رُسْلُ
فَإنْ حَدَّثُوا عَنْهَا فَكُلِّي مَسَامِعٌ وَكُلِّي‌َ إنْ حَدَّثْتُهُمْ، أَلْسُنٌ تَتْلُو
تَخَالَفَتِ الاَقْوَالُ فِينَا تَبَايُناً بِرَجْمِ ظُنُونٍ بَيْنَنَا مَا لَهَا أَصْلُ
فَشَنَّعَ قَوْمٌ بِالوِصَالِ وَلَمْ تَصِلْ وَأَرْجَفَ بِالسِّلْوَانِ قَوْمٌ وَلَمْ أَسْلُ
فَمَا صَدَقَ التَّشْنِيعُ عَنْهَا لِشِقْوَتِي وَقَدْ كَذَبَتْ عَنِّي الاَرَاجِيفُ وَالنَّقْلُ
وَكَيْفَ أُرَجِّي وَصْلَ مَنْ لَوْ تَصَوَّرَتْ حِمَاهَا المُنَي وَهْماً، لَضاقَتْ بِهِ السُّبْلُ
وَإنْ وَعَدَتْ لَمْ يَلْحَقِ الفِعْلُ قَوْلَهَا وَإنْ أَوْعَدَتْ فَالقَوْلُ يَسْبِقُهُ الفِعْلُ
عِدِينِي بِوَصْلٍ وَامْطُلِي بِنَجَازِهِ فَعِنْدِي إذَا صَحَّ الهَوَي حَسُنَ المَطْلُ
وَحُرْمَةِ عَهْدٍ بَيْنَنَا عَنْهُ لَمْ أَحُلْ وَعَـقْـدٍ بِـأَيْـدٍ بَـيْـنَـنَـا مَـا لَـهُ حَـلُّ
لاَنْتِ عَلَی غَيْظِ النَّوَي وَرِضَي الهَوَي لَدَي‌َّ وَقَلْبِي سَاعَةً مِنْكِ مَا يَخْلُو
تُرَي مُقْلَتِي يَوْماً تَرَي مَنْ أُحِبُّهُمْ وَيُعْتِبُنِي دَهْرِي وَيَجْتَمِعُ الشَّمْلُ
وَمَا بَرِحُوا مَعْنيً أَرَاهُمْ مَعِي فَإنْ نَأَوْا صُورَةً فِي الذِّهْنِ قَامَ لَهُمْ شَكْلُ
فَهُمْ نُصْبُ عَيْنِي ظَاهِراً حَيْثُمَا سَرَوْا وَهُمْ فِي فُوَادِي بَاطِناً أَيْنَمَا حَلُّوا
لَهُمْ أَبَداً مِنِّي حُنُوٌّ وَإنْ جَفَوْا وَلِي أَبَداً مَيْلٌ إلَيْهِمْ وَإنْ مَلُّوا [6]
اتّحاد المحبوب والمحبّ وتقارنهما في كلّ حال من الاحوال
فتوي پير مغان دارم و قولي است قديم كه حرام است مي آنجا كه نه يارست نديم [7]
چاك خواهم زدن اين دلق ريائي چكنم روح را صحبت ناجنس عذابي است اليم
تا مگر جرعه فشاند لب جانان بر من سالها شد كه منم بر در ميخانه مقيم
مگرش خدمت ديرين من از ياد برفت اي نسيم سحري ياد دهش عهد قديم
بعد صد سال اگر بر سر خاكم گذري سر بر آرد ز گِلم رقص‌كنان عظم رميم
دلبر از ما به صد امّيد ستد اوّل دل ظاهراً عهد فرامُش نكند خلق كريم
غنچه گو تنگدل از كار فروبسته مباش كز دم صبح مدد يابي و انفاس نسيم [8]
فكر بهبود خود اي دل ز دري ديگر كن درد عاشق نشود به، به مداواي حكيم
گوهر معرفت اندوز كه با خود ببري كه نصيب دگران است نِصاب زر و سيم
دام سخت است مگر يار شود لطف خدا ور نه آدم نبرد صرفه ز شيطان رجيم
حافظ ارسيم و زرت نيست چه شد شاكر باش چه به از دولت لطف سخن و طبع سليم [9]
عشّاق لقاء الله تعالي لا يخافون ممّا يصيبهم
وهنا يحكم العقل السليم بأن يكون القلب كلّه ملكاً للّه، بغضّ النظر عن الطقوس والعادات والتقاليد التي تشغل الإنسان عن ربّه بغيره؛ وأن يواصل الإنسان السير منفرداً في طريق الصدق، ولقاء ربّه الودود ومرضاته، منفرداً، ولو وقف بوجهه جميع العالمين، وأن ينهجَ منهج الرسول الكريم: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَهَ وَالْيَوْمَ الاْخِرَ وَذَكَرَ اللَهَ كَثِيرًا. [10] وينصت لنداء الحقّ القائل: قُلِ اللَهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ. [11]
ولا يكتفي بقدميه، بل زحفاً علی صدره، وصولاً إلی بارئه، وأن ينطق بكلّ جوارحه ملبّياً ذلك النداء. وأن يخرج من زمرة المرتدّين، وينضوي تحت لواء يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، وَلاَ يَخافونَ فِي اللَهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ:
يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ و´ أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُوْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْكَـ'فِرِينَ يُجَـ'هِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآنءِمٍ ذَ لِكَ فَضْلُ اللَهِ يُوْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَهُ وَ ' سِعٌ عَلِيمٌ. [12]
وهكذا تظلّ قصيدة الغزل التي نظمها حكيم شيراز عن عالَم الغيب تَعزف نشيد الباري سبحانه ليظلّ صوته وصداه علی الدوام في أسماع أُولي البصائر.
دست از طلب ندارم تا كام من برآيد يا جان رسد به جانان يا جان ز تن برآيد
بگشاي تربتم را بعد از وفات و بنگر كز آتش درونم دود از كفن برآيد [13]
بنماي رخ كه خلقي واله شوند و حيران بگشاي لب كه فرياد از مرد و زن برآيد
جان بر لب است و حسرت در دل كه از لبانش نگرفته هيچ كامي جان از بدن برآيد
از حسرت دهانش آمد به تنگ جانم خود كام تنگدستان كي زان دهن برآيد
بر بوي آنكه در باغ يابد گلي چو رويت آيد نسيم و هر دم گِرد چمن برآيد
گويند ذكر خيرش در خيل عشقبازان هرجا كه نام حافظ در انجمن برآيد [14]
خبر يونس بن ظبيان في صفات أُولي الالباب
نقل السيّد هاشم البحراني‌ّ رواية لطيفة وظريفة عن يونس بن ظَبيان، عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام حول منهج وسلوك أُولي الالباب، وكيفيّة محبّتهم للّه، والاعمال التي يتقرّبون بها إلی الله فتوصلهم إلی لقائه ومعرفته، حتّي يصل في نهاية الامر إلی أنّ علی كلّ من يروم الوصول إلی مقام الكمال، أن يسير علی نهج الائمّة عليهم السلام حتّي يتسنّي له اجتياز كلّ العقبات والطرق الصعبة والتخلّص من حبائل الشيطان والنفس الامّارة بالسوء، وبذلك يتمّ له الوصول إلی علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين. وقد ذكر روايات عدّة في تفسير الآية الكريمة:
يَـ'´إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ.[15]
منها هذه الرواية:
عن ابن بابويه، عن علی بن الحسين، عن أبي محمّد هارون بن موسي، عن محمّد بن همام، عن عبد الله بن جعفر الحميري‌ّ، عن عمر بن علی العبدي‌ّ، عن داود بن كثير الرقّي‌ّ، عن يونس بن ظبيان أ نّه قال: دخلتُ علی الصادق عليه السلام، فقلتُ: يابن رسول الله! إنّي دخلتُ علی مالك وأصحابه فسمعتُ بعضهم يقول إنّ الله له وجه كالوجوه، وبعضهم يقول: له يـدان، واحتجّـوا لذلك قـول الله تعالي: بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ. وبعضهم يقول: هو كالشـابّ من أبنـاء ثلاثين سـنة، فمـا عندك في هذا يابن رسول الله؟
قال يونس: وكان متّكِئاً فاستوي جالساً وقال: اللَهُمَّ عَفْوَكَ! عَفْوَكَ!
ثمّ قال: يَا يُونُسُ! مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ وَجْهاً كَالوُجُوهِ فَقَدْ أَشْرَكَ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ جَوَارِحَ كَجَوَارِحِ المَخْلُوقِينَ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَهِ، فَلاَ تَقْبَلُوا شَهَادَتَهُ! وَلاَ تَأْكُلُوا ذَبِيحَتَهُ! تَعَالَي اللَهُ عَمَّا يَصِفُهُ المُشَبِّهُونَ بِصِفَةِ المَخْلُوقِينَ. فَوَجْهُ اللَهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ.
وَقَوْلُهُ: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ، فَالْيَدُ: القُدْرَةُ ] كَقَوْلِهِ: [ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ ( لانّ « أيَّدَ » من مادّة « يد ». أي أنّ الله تعالي قوّاكم بنصره ). فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَهَ فِي شَي‌ءٍ، أَوْ عَلَی شَي‌ءٍ، أَوْ تَحَوَّلَ مِنْ شَي‌ءٍ إلَی شَي‌ءٍ، أَوْ يَخْلُو مِنْهُ شَي‌ءٌ، وَلاَ يَخْتَلِي [16] مِنْهُ مَكَانٌ، أَوْ يَشْغَلُ بِهِ شَي‌ءٌ؛ فَقَدْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ المَخْلُوقِينَ.
وَاللَهُ خَالِقُ كُلِّ شَي‌ءٍ. لاَ يُقَاسُ بِالمِقْيَاسِ، وَلاَ يُشْبِهُ بِالنَّاسِ. وَلاَ يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلاَ يَشْتَغِلُ بِهِ مَكَانٌ. قَرِيبٌ فِي بُعْدِهِ، بَعِيدٌ فِي قُرْبِهِ. ذَلِكَ اللَهُ رَبُّنَا لاَ إلَهَ غَيْرُهُ.
فَمَنْ أَرَادَ اللَهَ وَأَحَبَّهُ بِهَذِهِ الصِّفَهِ فَهُوَ مِنَ المُوَحِّدِينَ. وَمَنْ أَحَبَّهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّفَةِ فَاللَهُ مِنْهُ بَرِي‌ءٌ وَنَحْنُ مِنْهُ بُرَاءُ.
ثمّ قال عليه السلام: إنَّ أُولِي الاَلْبَابِ الَّذِينَ عَمِلُوا بِالفِكْرَةِ حَتَّي وَرِثُوا مِنْهُ حُبَّ اللَهِ. فَإنَّ حُبَّ اللَهِ إذَا وَرِثَتْهُ القُلُوبُ اسْتَضَاءَ بِهِ وَأَسْرَعَ إلَيْهِ اللُطْفُ، [17] فَإذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ اللُّطْفِ ( ونزل عليه الاسم الإلهي‌ّ اللطيف ) صَارَ مِنْ أَهْلِ الفَوَائِدِ.
فَإذَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الفَوَائِدِ تَكَلَّمَ بِالحِكْمَةِ. وَإذَا تَكَلَّمَ بِالحِكْمَةِ صَارَ صَاحِبَ فِطْنَةٍ. [18] فَإذَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ الفِطْنَةِ عَمِلَ بِهَا فِي القُدْرَةِ، فَإذَا عَمِلَ بِهَا فِي القُدْرَةِ عَمِلَ فِي الاَطْبَاقِ السَّبْعَةِ.
فَإذَا بَلَغَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ صَارَ يَتَقَلَّبُ فِي لُطْفٍ وَحِكْمَةٍ وَبَيَانٍ.
فَإذَا بَلَغَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ جَعَلَ شَهْوَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ فِي خَالِقِهِ.
فَإذَا فَعَلَ ذَلِكَ نَزَلَ المَنْزِلَةَ الكُبْرَي؛ فَعَايَنَ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ، وَوَرِثَ الحِكْمَةَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَتْهُ الحُكَمَاءُ، وَوَرِثَ العِلْمَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَتْهُ العُلَمَاءُ، وَوَرِثَ الصِّدْقَ بِغَيْرِ مَا وَرِثَهُ الصِّدِّيقُونَ.
إنَّ الحُكَمَاءَ وَرِثُوا الحِكْمَةَ بِالصَّمْتِ. وَإنَّ العُلَمَاءَ وَرِثُوا العِلْمَ بِالطَّلَبِ. وَإنَّ الصِّدِّيقِينَ وَرِثُوا الصِّدْقَ بِالخُشُوعِ وَطُولِ العِبَادَةِ.
فَمَنْ أَخَذَهُ بِهَذِهِ السِّيرَةِ إمَّا أَنْ يَسْفَلَ وَإمَّا أَنْ يُرْفَعَ. وَأَكْثَرُهُمُ الَّذِي يَسْفُلُ وَلاَ يَرْفُعُ إذَا لَمْ يَرْعَ حَقَّ اللَهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ.
فَهَذِهِ صِفَةُ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَلَمْ يُحِبُّهُ حَقَّ مَحَبَّتِهِ.
( يا يونس! ) فَلاَ يَغُرَّنَّكَ صَلاَتُهُمْ وَصِيَامُهُمْ وَرِوَايَاتُهُمْ وَعُلُومُهُمْ؛ فَإنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ. [19]
الحجج الإلهيّة منحصرة في الائمّة الاثني عشر
ثمّ قال الإمام: يَا يُونُسُ! إذَا أَرَدْتَ العِلْمَ الصَّحِيحَ فَعِنْدَنَا أَهْلَ البَيْتِ! فَإنَّا وَرِثْنَاهُ، وَأُوتِينَا شَرْحَ الحِكْمَةِ وَفَصْلَ الخِطَابِ.
يقول يونس: قلتُ: يَابْنَ رَسُولِ اللَهِ!
وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ وَرِثَ كَمَا وَرِثْتُمْ مِنْ علی وَفَاطِمَةَ؟!
قال عليه السلام: مَا وَرِثَهُ إلاَّ الاَئِمَّةُ الاِثْنَا عَشَرَ!
يقول يونس: قلت يابن رسول الله سمّهم لي!
قال عليه السلام: أَوَّلُهُمْ علی بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَبَعْدَهُ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ، وَبَعْدَهُ علی بْنُ الحُسَيْنِ، وَبَعْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ علی، وَبَعْدَهُ أَنَا، وَبَعْدِي مُوسَي وَلَدِي، وَبَعْدَ مُوسَي علی ابْنُهُ، وَبَعْدَ علی مُحَمَّدٌ، وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ علی، وَبَعْدَ علی الحَسَنُ، وَبَعْدَ الحَسَنِ الحُجَّةُ؛ اصْطَفَانَا اللَهُ وَطَهَّرَنَا، وَآتَانَا مَا لَمْ يُوْتِ أَحَداً مِنَ العَالَمِينَ.
قال يونس ثمّ قلتُ له: يابن رسول الله! دخل عليك ابن عبد الله بن مسعود وسألك ما سألت فأجبته بغير ما أجبتني به.
قال: يَا يُونُسُ! كُلُّ امْرِي‌ٍ مَا يَحْتَمِلُهُ! وَلِكُلِّ وَقْتٍ حَدِيثُهُ! وَإنَّكَ لاَهْلٌ لِمَا سَأَلْتَهُ! فَاكْتُمْهُ إلاَّ عَنْ أَهْلِهِ! [20]
رواية «مصباح الشريعة»: وَإنَّ المُوقِنِينَ لَعَلَي خَطَرٍ عَظِيمٍ
يروي العلاّمة المجلسي‌ّ رحمه الله في « بحار الانوار » عن « مصباح الشريعة »:
قَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: الإخْلاَصُ يَجْمَعُ حَوَاصِلَ [21] الاَعْمَالِ. وَهُوَ مَعْنيً مِفْتَاحُهُ القَبُولُ، وَتَوْقِيعُهَا الرِّضَا.
فَمَنْ تَقَبَّلَ اللَهُ مِنْهُ وَرَضِي‌َ عَنْهُ فَهُوَ المُخْلِصُ وَإنْ قَلَّ عَمَلُهُ. وَمَنْ لاَ يَتَقَبَّلِ اللَهُ مِنْهُ فَلَيْسَ بِمُخْلِصٍ وَإنْ كَثُرَ عَمَلُهُ؛ اعْتِبَاراً بِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَإبْلِيسَ. ( إذ تُقبّل عمل آدم مع قلّته، ولم يُتقبّل عمل إبليس مع كثرته ).
وَعَلاَمَةُ القَبُولِ وُجُودُ الاسْتِقَامَةِ بِبَذْلِ كُلِّ المُحَابِّ، مَعَ إصَابَةِ عِلْمِ[22]
كُلِّ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ.
فَالمُخْلِصُ ذَائِبٌ رُوحُهُ، بَاذِلٌ مُهْجَتَهُ فِي تَقْوِيمِ مَا بِهِ العِلْمُ وَالاَعْمَالُ وَالعَامِلُ وَالمَعْمُولُ بِالعَمَلِ. لاِ نَّهُ إذَا أَدْرَكَ ذَلِكَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْكُلَّ. وَإذَا فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الكُلُّ. وَهُوَ تَصْفِيَةُ مَعَانِي التَّنْزِيهِ فِي التَّوْحِيدِ. [23]
كَمَا قَالَ الاَوَّلُ: هَلَكَ العَامِلُونَ إلاَّ العَابِدُونَ؛ وَهَلَكَ العَابِدُونَ إلاَّ العَالِمُونَ؛ وَهَلَكَ العَالِمُونَ إلاَّ الصَّادِقُونَ؛ وَهَلَكَ الصَّادِقُونَ إلاَّ المُخْلِصُونَ؛ وَهَلَكَ المُخْلِصُونَ إلاَّ المُتَّقُونَ؛ وَهَلَكَ المُتَّقُونَ إلاَّ المُوقِنُونَ؛ وَإنَّ المُوقِنِينَ لَعَلَي خَطَرٍ عَظِيمٍ.
قَالَ اللَهُ تَعَالَي لِنَبِيِّهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّي' يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ».
وَأَدْنَي حَدِّ الإخْلاَصِ بَذْلُ العَبْدِ طَاقَتَهُ، ثُمَّ لاَ يَجْعَلَ لِعَمَلِهِ عِنْدَ اللَهِ قَدْراً فَيُوجِبَ بِهِ عَلَی رَبِّهِ مُكَافَاةً بِعَمَلِهِ. لِعِلْمِهِ أَ نَّهُ لَوْ طَالَبَهُ بِوَفَاءِ حَقِّ العُبُودِيَّةِ لَعَجَزَ.
وَأَدْنَي مَقَامِ المُخْلِصِ فِي الدُّنْيَا السَّلاَمَةُ مِنْ جَمِيعِ الآثَامِ، وَفِي الآخِرَةِ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَالفَوْزُ بِالجَنَّةِ. [24]
نعم رأينا في رواية أُولي الالباب أنّ الإمام عليه السلام صرّح بمعاينة الله ومشاهدته في القلب (فَعَايَنَ رَبَّهُ فِي قَلْبِهِ)، وهذه إنّما تكون بجهاد النفس والروح التي شرحها الإمام قبل هذا وأكّد أنّ نتيجة ذلك وثمرته هو الورود في المنزلة الكبري ولقاء ربّ العزّة.
وقد لاحظنا في هذه الرواية الاخيرة عن « مصباح الشريعة » أنّ النجاة إنّما تكون بالإخلاص في العمل، مؤكّدة أنّ البذل في سبيل المحبوب بشكل صحيح وأصيل مع العلم بصواب كلّ حركة وسكنة يؤدّيها، وصهر الروح وبذل المهجة والنفس في سبيل الله، واعتبار ذلك ميزاناً ومعياراً لقبول الاعمال والافعال.
إرجاعات
[1] ـ ذيل الآية 25، من السورة 24: النور.
[2] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 16، ص 101 إلی 107، طبعة الآخوندي‌ّ.
[3] ـ يقول: «في البِدء اطلُبْ عينين، ثمّ اسأل عن اللقاء والموعد، حتّي يتجلّي الحبيب لاُولي الابصار.
فإذا لم تكن لك عينان فأ نّي لك أن تُبصر مكان تجلّي جمال مُحَيّا الحبيب؟
إنّه وإن كان النور كلّه هو شعاع حسنه (أي الحبيب)، لكن لا يمكنك أن تكون ناظراً ما لم تكن لديك عينان تبصر بِهما.
إذا لم تكن لديك عينان فما الفائدة من حضور الحبيب عندك، وإذا لم تكن لديك أُذُنان فما فائدة التحدّث (معه)».
[4] ـ يقول: «وإذا كانت عيناك مليئة بالغبار، لن تستطيع معاينة صفاء وجهه (أي الحبيب) مع وجود ذلك الغبار.
إنّك وإن كنت تملك مرآة لحسن محيّاه، لكن لا فائدة منها إذا كانت لا تُظهر الاشياء فيها بوضوح.
تعال وأزِلْ غبار الشرك عن المرآة بمصقلة التوحيد حتّي تتطهّر وتتخلّص من كلّ صدأ (بها).
إذا كان معشوقك وحبيبك يتطلّب مرآة، لزم أن تضع عينَي فؤادك أمامه.
لقد أضفي الجمال والحسن عليك ألف نوع من الزينة، لانّ «المغربي‌ّ» هو الحامل للمرآة التي تري فيها نفسك».
«ديوان شمس المغربي‌ّ» ص 67 و 68، طبعة الإسلاميّة، سنة 1348 شمسيّة هجريّة،1389ق).
[5] ـ الكَحِل: عينٌ مكحولةٌ؛ الكَحَل: سوادُ العين خِلقة.
[6] ـ «ديوان ابن الفارض المصري» ص 38 إلی 42، اللاميّة، الطبعة الاُولي، 1372 ه.ق، دار العلم للجميع؛ ومن طبعة سنة 1382، دار صادر دار بيروت: ص 134 إلی 139؛ وفي «شرح الديوان الكامل لابن الفارض» تصنيف الشيخين: حسن البوريني‌ّ وعبد الغني النابلسي‌ّ، (من طبعة دار التراث بيروت) ج 2، ص 108 إلی 136، ولاجل التركيب الادبي‌ّ لهذه اللاميّة، أو للمعاني العرفانيّة الراقية التي تحملها، فقد جاء شرحها بشكل كامل ووافٍ.
[7] ـ يقول: «إنّ لدي‌ّ فتوي من شـيخ الحانة وقول قديم له كذلك (مفادهما)، أنّ احتساء الخمرة حرام إذا لم يكن الحبيب موجوداً يشاركك الشراب.
[8] ـ يقول: «سأُمزّق ثوب الرياء إرباً إرباً، إذ لا حيلة لي غير ذلك، لانّ التحدّث إلی روح العاشق الطاهرة لا تتناسب والرياء أو الخداع، لانّ ذلك تعذيب مُؤلِمٌ للروح.
ليتَ شفتَي الحبيب تُريق علی ولو جرعة، فإنّي مُقيم عند باب الحانة سنين طوالاً.
هل نَسي‌َ خِدمتي له في السابق؟ يا نسيم السَّحَر! ذَكِّره بالعهد القديم.
(وقل له:) لو مررتَ علی رفاتي بعد مضي‌ّ مائة عام علی موتي، فإنّ عظامي النخرة ستخرج من التراب وترقص لك.
إنّ الذي شغف حُبُّه قلبي كان يُمَنّينا بألف أمل وأُمنية للوصال، فليس حَري‌ّ بمَن كان ذا خُلُق كريم (وسجايا حميدة) أن يَنسَ (أو يَتَناسي) العهود (التي قطعها لنا).
قل للبراعم أن لا تحزن ولا تكتئب لانغلاقها، لا نّه ستصلك من نسيم الصباح ما يُمدّك بأسباب الحياة (وستتَفتّحين بواسطة نسيم الربيع)».
[9] ـ يقول: «أيّها الفؤاد! إن كنتَ تبغي مداواة نفسك ففكِّر وابحث عن وسيلة أُخري، فإنّ آلام الصَّبّ لا يشفيها دواء الحكيم.
اكتَنِزْ لئالي العرفان وكشف الحقيقة حتّي تتمكّن من حملها معك (إلي العالَم الآخر)، في حين أ نّه يتوجّب علی المرء إعطاء زكاة الذهب والفضّة إذا ما وَصَلا حدّ النصاب.
إنّ الشرَكَ والمصيدة (التي نصبها الشيطان لنا) مُحكَمة ولا يمكننا الفرار منها إلاّ لُطف إلهي‌ّ، ولولا ذلك اللطف لما استطاع آدم (أبو البشر) من التغلّب علی الشيطان الرجيم.
يا حافظ! إن لم تكن غنيّاً ولم تكن تملك الذهب والفضّة فلا تأبَه لذلك وكن شاكراً، فلا أفضل من كونك صاحب لسانٍ ذَرب وطبع سليم وقريحة جيّدة».
«ديوان الخواجة شمس الدين حافظ الشيرازي‌ّ» ص 499 و 500، الغزلية رقم 367، طبعة منشورات صفي‌ّ عليشاه.
[10] ـ الآية 21، من السورة 33: الاحزاب.
[11] ـ آخر الآية 91، من السورة 6: الانعام.
[12] ـ الآية 54، من السورة 5: المائدة.
[13] ـ يقول: «لن أكُفَّ عن البحث (عمّا أبحث) حتّي أصل إلی مرادي وهدفي، وهو: إمّا أن أصل إلی حبيبي أو أهلك دون ذلك.
انبِشْ قبري بعد وفاتي وانظُرْ، إلی الدخان الصاعد من كَفَني بسبب النار التي تستعر في داخلي».
[14] ـ يقول: «أظهِرْ مُحيّاكَ فالخَلقُ كلّه مُتيّمٌ وحيران، وافتَحْ ثغركَ حتّي تصعد صرخات الرجال والنساء وتتعالي أصواتهم.
لقد ملّ بدني وضاق قلبي بسبب الغَمّ والحسرة لعدم حصولي علی قُبلة (من الحبيب).
متي سيُلبّي الحبيب مطلبنا ويمنّ علينا برشفة من لُمي شفتيه؟
لقد هبّ النسيم وطاف بالمرج كلّ لحظة علی أمل أن يصافح وردة جميلة كطلعتك؟
متي ذُكِرَ اسم حافظ في أي‌ّ جمع للعشّاق، فإنّه يُذكَرُ بالخير والحسني».
ديوان «الخواجة شمس الدين حافظ الشيرازي‌ّ» ص 315 و 316، الغزلية رقم 233، طبعة منشورات صفي‌ّ عليشاه، سنة 1376 شمسيّة، 1418ق. يبدأ عجز البيت الاوّل في هذه المجموعة، بعبارة «يا تن رسد به جانان»، ولكن ركاكة المعني التي تُسبّبها هذه العبارة في هذه الحالة، جعلتنا نستعيض عنها بـ «يا جان رسد به جانان» التي وردت في بعض النسخ من «ديوان حافظ» وهي الاصحّ.
[15] ـ الآيات 71 إلی 76، من السورة 38: ص، وهي: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـ'´نءِكَةِ إِنِّي خَـ'لِقُ بَشَرًا مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ و وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ و سَـ'جِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلَـ'´ئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلآ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَـ'فِرِينَ * قَالَ يَـ'´إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ و مِن طِينٍ.
[16] ـ هكذا وردت في‌النسخة المسجّلة، والصحيح هو أو يختلي، وجاء في «أقرب الموارد»: الخلوة: المكان الذي يختلي فيه الرجل.
[17] ـ جـاء في «أقرب الموارد»: لَطَفَ به وـ له (ن) لُطفـاً: رفَـق به، وـ الله للعبـد وبالعبد: رفَق به وأوصلَ إليه ما يُحبّ برفقٍ، و-: وعصمه فهو لطيف به، والاسم: اللطف، وـ الشي‌ء: دنا.
[18] ـ جاء في «أقرب الموارد»: الفِطْنةُ بالكسر: الحِذق والفهم، وقد تُفسَّر بجودة تهيّؤِ النفسِ لتصوّر ما يرِدُ عليها مِن الغير؛ ويُقابلُها الغَباوة. ج: فِطَن.
[19] ـ مقتبس من الآيتَيْن 50 و 51، من السورة 74: المدثّر: كَأَ نَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ.
[20] ـ «البرهان في تفسير القرآن» ج 2، ص 930، الطبعة الحجريّة،سنة 1302 ه؛ وقد روي هذه الرواية شيخنا الاقدم علی بن محمّد الخزّاز القمّي‌ّ الرازي‌ّ مع اختلاف طفيف في الالفاظ وبنفس السند دون واسطة ابن بابويه بل عن علی بن الحسين (أبيه) مباشرة، في كتاب «كفاية الاثر في النصّ علی الائمّة الاثني عشر» ص 255 إلی 259، طبعة انتشارات بيدار، سنة 1401 ه.
[21] ـ جاء في «أقرب الموارد»: الحاصلُ مِن كلّ شي‌ء: ما بقي وثبت وذهب ما سِواه، يكونُ من الحساب والاعمال ونحوها. وحاصل الشي‌ء: بقيّته؛ ج: حواصل. الحاصل أيضاً: ما خلَص من الفضّة من حجارة المعدن، ويقال للذي يُخلِّصُه: مُحصِّل.
وجاء في النسخة المصحّحة والمطبوعة للشيخ المصطفوي‌ّ (مركز نشر كتاب طهران) سنة 1379، ص 52 و 53، باب 76: يَجْمَعُ فَوَاضِلَ الاَعْمَالِ.
وفي نسخة الملاّ عبد الرزّاق الجيلاني‌ّ الشارح لـ «مصباح الشريعة» الذي صحّحه السيّد جلال الدين المحدّث الاُرمَوي‌ّ وطبعته (انتشارات دانشگاه طهران) سنة 1344، ج 2، ص 136: فَوَاضِل.
[22] ـ لا وجود لكلمة عِلم في «المستدرك».
[23] ـ في نسخة «البحار» و«مصباح الشريعة» لحجّة الإسلام المصطفوي‌ّ كذا: فِي تَقْوِيمِ مَا بِهِ العِلْمُ وَالاَعْمَالُ، وَالعَامِلُ وَالمَعْمُولِ بِالعَمَلِ. وأمّا في نسخة «شرح المصباح» للملاّ عبد الرزّاق الجيلاني‌ّ، وتصحيح الاُرموي‌ّ، ج 2، ص 137، فقد وردت العبارة الآنفة كذا: فِي تَقْوِيمِ مَا بِهِ العِلْمُ وَالاَعْمَالُ وَالعَامِلُ وَالمَعْمُولُ وَالعَمَلُ.
ولهذا نقلنا العبارات التي تَلَت العبارة المذكورة هنا عن نسخة الملاّ عبد الرزّاق الجيلاني‌ّ.
[24] ـ «بحار الانوار» ج 70، ص 245، طبعة الدار الإسلاميّة؛ وفي طبعة الكمباني‌ّ القديمة: ج 15، من القسم الثاني، ص 86، باب الاءخلاص ومعني قُربه تعالي؛ وفي «مستدرك الوسائل» ج 1، ص 10، الطبعة الحجريّة، مقدّمة العبادات، باب وجوب الاءخلاص في العبادة والنيّة، من «مصباح الشريعة»؛ وكتاب «أسرار الصلاة» للشهيد الثاني، ص 125، الطبعة الحجريّة، طهران سنة 1312، ضمن بيان أسرار النيّة من «مصباح الشريعة»؛ و«مصباح الشريعة» ص 52 و 53، الباب 76، من طبعة مركز نشر كتاب، بتصحيح وتعليق حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ الشيخ حسن المصطفوي‌ّ.
وقد أضاف الملاّ عبد الرزّاق الجيلاني‌ّ هنا شرحاً وهذه ترجمته: «ونسبَ الاءتيان إلی الموت لا إلی المخاطب بسبب مرارة الموت وأنّ الموت ليس ممّا يمكن للاءنسان أن يصله فيرضي به، إذن ففي قصّة الموت نري وصول الموت إليه لا وصوله هو إلی الموت. أو هو إشارة إلی عِظَمِ منزلة الموت باعتبار الاهوال التي تسبقه وتخلفه. أي أ نّه بسبب كون الموت مخيفاً ومهولاً فإنّ وصول العبد الضعيف إليه مُتعسّر أو قل مُتعذِّر، فإذا وقع (الموت) فإنّ ذلك مُتصوّر من قِبَل الموت لا من قِبَل العبد؛ ] كما نُقِلَ [ عن الخواجة جمال الدين محمود الشيرازي‌ّ والذي كان من جملة تلاميذ الملاّ جلال الدواني‌ّ أ نّه قال لاُستاذه يوماً: يا شيخنا! هل سـيأتي علينا يوم يمكن لنا أن نصل فيه إلی الفضـيلة وبالجملة نرتقي فيه درجـات العِلم فنكون في عداد الفضلاء؟! فقال أُستاذه: لن تصلوا إلی الفضل أبداً، لكنّ الفضل نفسه سيصلكم! أي أنّ الفضيلة والعِلم سينزلان تدريجيّاً ويصلان إليكم.
ويفسّر الصوفيّة اليقين بمرتبة الوصول إلی الحقّ. أي أنّ مَن وصل الحقَّ عن طريق الرياضات والمجاهدات وهجر المتعلّقات البدنيّة ورفض الغواشي الهيوليّة سقطت عنه العبادات ورُفعَ عنه التكليف؛ وهذا ممّا لا معني له علی الاءطلاق؛ إذ إنّه لو كان الوصول إلی أعلي مراتب الرياضة وأقصي درجاتها ينتج عنه سقوط التكاليف لكان سقوطها أوجب للانبياء والاوصياء».