|
|
الصفحة السابقةالوهّابيّون والحنابلة يعتقدون بجسمانيّة الله تعإلیوقد قال بعض العامّة بالقول الاوّل، في حين ذهب بعض الخاصّة ممّن فتحوا باب التأويل إلی انتخاب المعني الثاني. فالمجموعة الاُولي تعتقد بأنّ الله هو جسم ولا إشكال في كون واقعه نوراً مادّيّاً. والثانية تعتقد بأنّ الله سبحانه ليس مادّة ولا مادّيّاً، وعلی هذا فنور السماوات والارض الذي هو نورٌ مادّيّ لا يمكن أن يكون هو الله. لذا، لا محالة من تأويل الآية الشريفة واعتبار النور بمعني المُنَوِّر، حتّي نخرج من هذا المأزق وهو القول بجسميّة الله سبحانه، ممّا يستلزم الشِّرك ونسبته تعإلی إلی المحدوديّة والإمكان. وأمّا القول بالمنوِّر فلا إشكال فيه، ذلك بأنّ الله هو الخالق والموجِد لجميع الموجودات المجرّدة والمادّيّة، وخلقته وتنويره للسماوات والارض بالنور المادّيّ لا يستلزم الإشكال، فينتج عن ذلك معنيً معقول ومقبول. و الحنابلة(أتباع أحمد بن حنبل) هم الطائفة الوحيدة من بين طوائف المسلمين الذين يقولون بالمعني الاوّل، ويُصرّون علی ذلك. ويؤكّد ابن تيميّة الحنبليّ أيضاً، علی هذا الرأي ويصرّ عليه بقوله: إنّ المراد من آيات القرآن في العبارات والالفاظ المستعملة فيه، هو هذه المعاني المعروفة المادّيّة والطبيعيّة والجسمانيّة. ولا يجوز حَمل ألفاظه وكلماته علی غير هذه المعاني. وتُصرّ الوهّابيّة(وهم أتباع محمّد بن عبد الوهّاب ويعتقدون بالمذهب الحنبليّ) علی المبدأ المذكور وتؤكّد عليه. يقول الحنابلة: إنّ المراد من العرش والكرسيّ واليد والنور والاستواء والنزول ومجيء الربّ، وأمثال ذلك ممّا ورد ذِكرهُ في القرآن الكريم واستُخدِمَ في كثير من الآيات، هو هذه المعاني المستعملة والمتعارف عليها، ولا يجوز بأيّ شكل من الاشكال التصرُّف في الآيات المذكورة أو تغييرها، أو حَمل تلك الالفاظ والكلمات علی مَعانٍ أُخري أوسع وأكثر تجرّداً. وكان ابن تيميّة يقول صراحةً بأنّ المراد من نزول الله هو هذا النزول المُشاهَد والمحسوس. وإنّ ما رُويَ في الاحاديث النبويّة من نزول الله سبحانه في ليإلی الجمعة، يُقصَد به هذا الشكل من النزول. وقد كان يقول بصريح العبارة حين يعتلي المنبر ويقوم بإلقاء خُطَبِه: إنّ النزول المراد به هو هذا النزول المعروف، فالله ينزل تماماً كما أنزِل أنا! انظروا، هكذا! فكان ينزل دَرَجةً من علی المنبر ويُمثِّل ويُشَبِّه للناس كيفيّة نزول الله سبحانه بصورة محسوسة. اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ، أي أنّ الله سبحانه هو هذا النور المحسوس. الرَّحْمَـ'نُ عَلَی الْعَرْشِ اسْتَوَي'،[1] معناه أنّ الله جلس واستقرَّ علی عرشه. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضَ[2]، تعني أنّ حجم كرسيِّه الذي يجلس عليه واتّساعه هو بقَدر حجم واتّساع السماوات والارض. وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا[3]، معناه أنّ الله سبحانه يأتي في اليوم الآخِر مع ملائكته علی شكل صفوفٍ مُتراصّة أو جماعات منظّمة. وتقول هذه الطائفة كذلك: إنّ العرش هو بمعني كرسيّ وعرش السُّلطان والمُلك؛ وكما أنّ السُّلطان يجلس علی كرسيّه وعرشه أثناء حُكمه، ويتّكيُ عليه ويستقرّ فوقه، فإنّ هذه الآية تُفيد معني أنّ الله كذلك يجلس ويستقرُّ علی كرسيِّه(المناسب في سعته وعظمته له تعالي). و إنّ مجلس الله وكرسيّه الذي يستقرّ عليه يوازيان حجم و وسع السماوات و الارض. و إنّ ربّك، يأتي يوم القيامة في صفوف مع ملائكته صفّاً بعد آخر، تماماً كما يتقدّم الناس رافعين أرجُلَهُم من مكان ليضعوها في مكان آخر. و في تعليقهم علی آية يَدُ اللَهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ[4] يقولون: أي أنّ الله سبحانه يملك يداً أقوي و أكبر و أعظم و أعلی من سائر الايدي. وتعتقد هذه الجماعة كذلك: أنّ الله لا يمكن رؤيته في الدنيا بحاسّة البصر، إلاّ أ نّه يمكن رؤيته في الآخرة بهذه العين الباصرة الظاهريّة الحسّيّة التي يملكها البصير. وسيأتي الله بجسم وأُذُن ويد وأرجل نحو الناس تماماً كمجيء الفرد العاديّ في الدنيا، وسيجلس علی عرشه، تماماً كالجلوس المتعارف لدينا نحن البشر، كلّ ما في الامر، أنّ الله سيبدو أعظم وأكبر وأقوي، لا غير. معني النور: الظاهر بذاته، المُظهر لغيرهوأمّا حُكماء الإسلام والفلاسفة اللاهوتيّون العِظام فكلّهم متّفقون علی أنّ الاَلْفَاظَ إنَّمَا وُضِعَتْ لِلْمَعْنَي العَامِّ. وعلی هذا فإنّ أيّة كلمة وَضعها الإنسان أو يضعها في المستقبل بأيّ لسان وأيّة لغة، فهي إنّما تُوضَع للمعني العامّ، وليس لخصوصيّة ذلك المعني المحدود الحسّيّ والطبيعيّ والمادّيّ والمُقَيَّد بالزمان أو المكان الفلانيّ. فإذا أخذنا مثلاً كلمة«مصباح» بنظر الاعتبار، فإنّ هذه الكلمة مصداق للمصباح الموجود في غرفتنا في الليلة الفلانيّة، دون أن يكون لغرفتنا دَخلٌ في ذلك أو أن يكون للّيلة الفلانيّة أثرٌ علی معني المصباح. ولذا فإنّنا نري صِدق هذه الكلمة كذلك علی مصباح غرفة صديقنا في ليلة أُخري. ومن هنا يتبيَّن أنّ مفهوم ومعني لفظة«مصباح» لم يكن لهما أثر أو دَخل في خصوصيّة هذا الزمان أو ذاك، أو في خصوصيّة هذا المكان أو غيره، بل يَصدُقان علی جميع أنواع المصابيح دون استثناء. ولذلك فلو أعطينا المفهوم السابق بُعداً آخر أوسع، لشاهدنا أ نّه لا دَخلَ هنا مثلاً لكون مِزيَتة المصباح مصنوعة من النحاس أو من البلَّور أو الخَزَف وما إلی ذلك، بل تُطلَق لفظة مصباح علی جميع تلك الانواع من المصابيح. وإذن، فلا أثر لخصوصيّة المِزيَتة في مفهوم المصباح عموماً. ففي الازمنة الاُولي كانت لفظة مصباح تَصدُق علی كلّ إناء يحتوي علی زيت وفيه فتيل وعليه زجاجة تُهيمن علی شِدّة وتصاعد شعلته. ولمّا استُبدِلَ الزيت الذي كان يُستخدَم في تلك المصابيح ـ وكان زيت الخِرْوَع في أغلب الاحيان أو زيت الزيتون بالنفط المعروف لدينا اليوم، لم يكن ذلك مدعاةً لتغيّر دلالة لفظة مصباح عمّا كانت تعنيه في السابق. وكذلك الحال مع اختراع المصباح الغازيّ حيث ظلّت تُطلَق عليه لفظة مصباح. وها نحن اليوم نطلق كلمة مصباح حتّي علی المصابيح الكهربائيّة المنتشرة في عالمنا الحاضر. وستظلّ كلمة مصباح تُطلَق علی الاشكال الجديدة من المصابيح، والتي قد تُستَحدَث في المستقبل سواء كانت تعمل علی الطاقة الكهربائيّة أو كانت قُدْرة الإنارة فيها بشكل لا تُقاس بما نستخدمه في عصرنا الحاضر. وكلّ ذلك كان ولا يزال دون أدني تصرُّف أو تدخّل في معني كلمة مصباح أو المفهوم الموضوع له، فقد استخدمها السابقون وها هم اللاحقون يستخدمونها كما هي عليه دون تغيّر يُذكَر. ومن هنا يتبيّن لنا أنّ أيّاً من الخصوصيّات المتفاوتة والاشكال المختلفة لا دَخل لها ولا أثر علی معني كلمة المصباح ومراده ومفهومه الذي وُضِع له هذا اللفظ منذ بداية وجوده واختراعه وعلی اختلاف أشكاله، ولا زال كذلك إلی يومنا هذا. والمصباح في الحقيقة هو كلّ شيء وُضِعَ في مكان أو حيّز محدود لاستخدامه في إنارة الاشياء وإضاءتها. وكذا كلمة النور، فهي في أصل لفظتها ووضعها أوّل مرّة لم توضع للإشارة إلی النور الحسّيّ المحسوس بحاسّة الباصرة وحسب. بل إنّ معني النور هو ذلك الشيء الذي يكون ظاهراً بنفسه وذاته، وقادراً علی إظهار الاشياء الاُخري. وأحد مصاديق هذه اللفظة هو النور المحسوس المادّيّ والظاهريّ، كنور الشمس مثلاً ونور القمر والمصباح، ذلك أنّ هذه الانوار لا تحتاج بوجودها وذاتها إلی مُظهِرٍ لها، فهي ظاهرة بذاتها ونفسها. إنّنا لا نري نور الشمس ولا ضوء القمر بمعيّة أشياء أُخري، بل هي مُنيرة ومُضيئة بذاتها، وأمّا بالنسبة إلی الاشياء الاُخري، فإنّنا نراها ونتحسّسها بواسطة نور الشمس وضوء القمر. إنّنا نلاحظ الصحراء والبحر والجبال والبراري والبساتين وأشياء كثيرة أُخري ونتعامل معها في أوقات مختلفة وأزمان متباينة، وهي لا تَظهر لنا ولا نتمكّن من إدراكها إلاّ بواسطة النور، فتصدق هنا المقولة القائلة النُّورُ هُوَ الظَّاهِرُ بِذاتِهِ، المُظْهِرُ لِغَيْرِهِ، ولهذا فإنّنا نُطلقُ عليه كلمة نور. ولكنّ كلمة نور لا تقتصر علی النور المادّيّ الحسّيّ، فنور الفكر والعقل، والنور النفسيّ والقلبيّ، ونور عالَم الملكوت، ونور الاسماء والصفات الإلهيّة، ونور الجمال والجلال، ونور ذات الحقّ تعإلی وتقدّس، كلّ ذلك من أمثال النور. فقد نتكلّم عن فلان قائلين إنّ له فكراً نورانيّاً، أو عقلاً نورانيّاً، أو نفساً نورانيّة، أو قلباً نورانيّاً، دون أدني تصرُّف في معني ما نقصده من إطلاق كلمة النور. وإنّ أنوار عالَم المثال وعالَم العقل، ونور صفة الجمال أو صفة الجلال للحقّ تعإلی هي من الاُمور المعروفة لدي العرفاء. وأعجب من ذلك كلّه وأوضحه نور ذات الحقّ تعالي. وعموماً فإنّ أهل العرفان يتعاملون بلفظة النور عند تكلّمهم وتحدّثهم عن الصفات المختلفة للحقّ سبحانه وتعالي، بِدءاً بأوضحها وهو نور القمر وضوؤه، وانتهاءً بنور الذات السوداء اللون. وعلی هذا الاساس وتلك القاعدة فإنّ ذات الله سبحانه نور، لا نّه لا يحتاج في ذاته ونفسه إلی مُنوِّر، وكلّ ما سوي ذلك من العقل الاوّل إلی العقل العاشر، ومن أعلی رتبة للاسم والصفة وحتّي أوطئها، كلّها محتاجة إلی نور الله سبحانه. الله سبحانه هو أصل الوجود، والموجودات إنّما موجودة بوجوده، وعلی هذا فإنّ هويّته هي النور الذي هو الظَّاهِرُ بِنَفْسِهِ المُظْهِرُ لِغَيْرِهِ. اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ، أي أنّ الله هو أصل وجود السماوات والارض، وأصل حقيقتهما وتكوينهما وهو المُوجِدُ لهما. الله هو الاوّل، وبعده تأتي الموجودات؛ وهو لا يحتاج إلی مُعرِّف، وكلّ الموجودات محتاجة اليه ليُعرّفها؛ هو أصل الوجود وباقي الموجودات موجودة بوجوده؛ هو الظاهر بهُويّته وبقيّة الاشياء ظاهرة بظهوره؛ هو النور، وبقيّة الموجودات مُنوَّرَةٌ بنوره. هو أصل الحقيقة، وبقيّة الموجودات إنّما هي مجاز وعارية. إنّ البحث في عموميّة وشموليّة وضع اللفظ للمعني العامّ هو بحث شيِّق. وبحمد الله وحُسنِ توفيقه قد بحثنا بشكل وافٍ في معني وحقيقة الصراط في المجالس 51 إلی 53، وفي معني وحقيقة الميزان في المجلسينِ 54 و55 من الجزء الثامن من كتاب«معرفة المعاد» من سلسلة العلوم والمعارف الإسلاميّة. الموارد التي أُطلق فيها لفظ النور في القرآن والاخبار علی الانوار المعنويّةكثيرة هي حالات إطلاق لفظة النور في القرآن والاخبار علی الانوار المعنويّة، ولبيان بعض تلك الحالات نكتفي هنا بذِكْر بعض الامثلة. فأمّا في القرآن الكريم فقد وردت الآيات التالية: اللَهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَـ'تِ إلَی النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُو´ا أَوْلِيَآوُهُمُ الطَّـ'غُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَی الظُّلُمَـ'تِ أُولَـ'نءِكَ أَصْحَـ'بُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـ'لِدُونَ. [5] ففي هذه الآية الشريفة أُطلِقت لفظة النور علی الهُدي وأُطلقت الظُّلمة علی الكفر. يَـا أَهْلَ الْكِتَـ'بِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَـ'بِ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُم مِّنَ اللَهِ نُورٌ وَكِتَـ'بٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَ نَهُ و سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَی النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَي' صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.[6] هنا أُطلِقَت كلمة النور علی القرآن الكريم الذي أنزلَه الله علی رسوله. وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَهُ لَهُ و نُورًا فَمَا لَهُ و مِن نُّورٍ[7]. في هذه الآية شُبِّهت البصيرة بالنور. أَفَمَن شَرَحَ اللَهُ صَدْرَهُ و لِلإسْلَـ'مِ(كالغافل الذي قسي قلبه عن ذكر الله تعالي) فَهُوَ عَلَي' نُورٍ مِن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَـ'سِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَهِ أُولَـئک فِي ضَلَـ'لٍ مُّبِينٍ [8]. وأُطلِقت هنا لفظة النور علی قبول دين الإسلام وتَبنّيه، في مقابل القاسية قلوبهم والرافضين له. الموارد التي أُطلق فيها النور في «نهج البلاغة» والاخبار علی النور المعنويّوأمّا ما ورد في الاخبار، ففي «نهج البلاغَة» قال مولي الموحّدين وأمير المُؤمنين عليه أفضل صلوات المصلّين: وَنَوَّرَ فِي قَلْبِهِ اليَقِينُ. [9] أَحْيِ قَلْبَكَ بِالمَوْعِظَةِ، وَأَمِتْهُ بِالزَّهَادَةِ، وَقَوِّهِ بِاليَقِينِ، وَنَوِّرْهُ بِالحِكْمَةِ، وَذَلِّلْهُ بِذِكْرِ المَوْتِ، وَقَرِّرْهُ بِالفَنَاءِ، وَبَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا، وَحَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ وَفُحْشَ تَقَلُّبِ اللَيَإلی وَالاَيَّامِ.[10] وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ، فَأَرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي. وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَخَدِيجَةَ؛ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا. أَرَي نُورَ الوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ. [11] الاخبار والروايات الواردة في «أوّل ما خلق الله»وقد وردت روايات كثيرة عن طريق العامّة والخاصّة، وكلُّها تؤكِّد علی أنّ أوّل مخلوق خلقه الله سبحانه كان النور. كما ورد أ نّه أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ الروح والقلم والعقل. روي ال علامه المجلسيّ رضوان الله عليه، عن ثامن الحُجَج الإمام الرضا عليه السلام أ نّه قال في مجلسٍ للمأمون، في تعليقه علی بحثٍ طويل مع عِمران الصابيّ حول بداية الخَلق: وَالنُّورُ فِي هَذَا المَوْضِعِ أَوَّلُ فِعْلِ اللهِ الَّذِي هُوَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ.[12] أوّل ما خلق الله: الحقيقة المحمّديّةورُوي في كتاب«غوإلی اللئالي» أنّ النبيّ صلّي الله عليه وآله قال: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ نُورِي.[13] وفي حديث آخر أنّ الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله قال: أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَهُ العَقْلُ. [14] وروي الصدوق في«الخِصال» بسنده عن سَماعة أ نّه قال: كنتُ عند أبي عبد الله الصادق عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجري ذِكر العقل والجهلِ... حتّي قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنَّ اللَهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَلَقَ العَقْلَ وَهُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ خَلَقَهُ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ العَرْشِ مِنْ نُورِهِ إلی آخره. [15] وورد نظير هذا الكلام في حديث الإمام موسي بن جعفر الكاظم عليهما السلام خلال حديث طويل له مع هشام بن الحكم، حيث قال: يَا هِشَامُ! إنَّ اللَهَ خَلَقَ العَقْلَ وَهُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ خَلَقَهُ اللَهُ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ العَرْشِ مِنْ نُورِهِ. [16] وروي عن عَبادة بن الصامِت قال: سمعتُ رسول الله صلّي الله عليه وآله يقول: إنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَهُ القَلَمُ. فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ! فَجَرَي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إلَی الاَبَدِ. [17] وعن معاوية بن قُرّة عن أبيه أ نّه قال: تلا رسول الله صلّي الله عليه وآله: «ن´ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ». قَالَ: لَوْحٌ مِنْ نُورٍ، وَقَلَمٌ مِنْ نُورٍ، يَجْرِي بِمَا هُوَ كَائِنٌ إلَی يَوْمِ القِيَامَةِ. [18] قال عزيز الدين النسفيّ:«جاء في الحديث أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ العَقْلُ. وجاء في حديث آخر أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ القَلَمُ. وفي آخر أ نّه أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ رُوحِي. وجاء في آخر أيضاً: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ نُورِي. وقد وردت أمثال ذلك في كثير من الاحاديث».[19] وقال في مكان آخر:«جاء في حديث نبويّ أنّ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ العَقْلُ. وورد كذلك أنّ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ القَلَمُ. وفي حديث آخر أنّ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ العَرْشُ. ووردت أحاديث كثيرة بهذا المعني».[20] وقال الشـيخ نجـم الدين الرازي:«اعلَـم أنّ مبـدأ المخلوقـات والموجودات كان الارواح الإنسانيّة، وكان مبدأ الارواح الإنسانيّة الروح المحمّديّة الطاهرة كما قال عليه الصلاة والسلام: أَوَّلُ ما خَلَقَ اللَهُ تَعَإلَی رُوحِي. وفي رواية أُخري نوري. ولا نّه عليه الصلاة والسلام كان زبدة وخلاصة الموجودات وثمرة شجرة الكائنات، إذ لَوْلاَكَ لَمَا خَلَقْتُ الاَفْلاَكَ، فإنّه كان كذلك مبدأ الموجودات ولا يمكن أن يكون غير ذلك، وذلك أنّ الخَلقَ كان علی مثال الشجرة، والمصطفي عليه الصلاة والسلام هو ثمرة تلك الشجرة، والشجرة في الحقيقة لا تكون إلاّ من حَبِّ الثمرة».[21] ويقول في مكان آخر:«هنالك لطيفة عجيبة تُستَشَفُّ من قوله عليه الصلاة والسلام: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ القَلَمُ، أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ العَقْلُ، أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ رُوحِي، وهي أنّ هذه الاقوال الثلاثة كلّها صحيحة، وهي في الحقيقة قول واحد، وقد احتار خَلقٌ كثير في كيفيّة هذه التركيبة. فقوله: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ القَلَمُ. إنّما هو قلم الله لا قلمنا نحن، فذلك القلم يجب أن يتناسب وعظمة الله وجلاله، وتلك هي روح محمّد الطاهرة ونوره. فلمّا خلق الحقّ تعإلی تلك الروح ونظر إليها بالمحبّة، غلبَ عليها الحياء، فانقسمت الروح قسمين حياءً، فكان العقل شعبة من الروح».[22] وقال أيضاً: « لقد قطعتُ نَسبي من الدنيا والآخرة والجنان الثمان في ذلك اليوم، وجعلته أنَا مِنَ اللَهِ. لا جَرم أنّ أيّ نَسبٍ مُتعلّق بالحدوث منقطع، وأمّا نَسبي فباقٍ، إذ كُلُّ حَسَبٍ وَنَسَبٍ يَنْقَطِعُ إلاَّ حَسَبِي وَنَسَبِي، وقال للآخرين: فَلآ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَنءِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ، فقد فُزتُ بالاولويّة والسباق في كلّ ميدان. فإن كان هناك أوّل في الفطرة، فقد كنتُ أوّل برعم طلع علی شجرة الفطرة، إذ أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَهُ نُورِي.. وإن كان الامر يتعلّق بساحة يوم القيامة، فأنا أوّل جوهرة تخرج من لآليء الثري، أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الاَرْضُ يَوْمَ القِيَامَةِ. وإن أردتَ البحثَ في مقام الشفاعة، أَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ. وإن كنتَ تُريد الحديث عن الصراط والتقدّم عليه، أنَا أَوَّلُ مَنْ يَجُوزُ الصِّرَاطَ. وإن أردتَ معرفة صاحب مقام الصدّارة في مجلس الجنان، ف أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ. وإذا رُمْتَ النظر إلی سيّد العاشقين ومقتدي المشتاقين، ف أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَتَجَلَّي لَهُ الرَّبُّ. وأوّل عاشق حقيقيّ يفوز بوصال المعشوق. وما أطرف أن يكون كلُّ ذلك هو أنا، أمّا أنا فلا أكون أنا، أَمَّا أَنَا فَلاَ أَقَولُ أَنَا: شعر: چو آمد روي مهرويم، كه باشم من كه منباشم كه آنگه خوش بوم با او، كه من بيخويشتن باشم مرا گر مايهاي بيني، بدان كان مايه او باشد برو گر سايهاي بيني، بدان كان سايه من باشم [23] إنّ هذا الذي سَمِعتَهُ من أنّ محمّداً عليه السلام لا ظلّ له ناشي من أنّ محمّداً كان هو النّور كلّه، إذ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ نُورٌ مِنْ رَبِّكُمْ [24] ولذا، فلا ظلّ للنور كما تعلم. ولمّا كان عليه السلام قد تخلّص من ظلّه، فقد لاذ جميع الخَلق والعالَم كلّه بنوره، إذ إنّ: آدَمُ وَمَنْ دُونَهَ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ. لقد غمر النور المحمّديّ العالَم والوجود وأحاط بهما، إذ إنّ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ نُورِي، فختم الابدَ بنوره إذ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي. وبعد شروق شمس الدولة المحمّديّة وطلوع نورها، أفلتْ كواكب ولاية الانبياء، فنُسِخَت بذلك آية ليلة الاديان الاُخري، حيث حَلَّت آية مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينِ مَحلّها، إذَا طَلَعَ الصَّبَاحُ اسْتُغْنِيَ عَنِ المِصْبَاحِ. فالمسكين هو ذلك الاعمي الذي حُرِمَ من كلّ ذلك النور والضياء. شعر: خورشيد برآمد اي نگارين ديرست بر بنده اگر نتابد از إدبارست[25] وأورد الشيخ نجم الدين الرازيّ كذلك: خَلَقْتُ المَلاَئِكَةَ مِنْ نُورٍ. [26] وقال أيضاً:«هذه الطائفة هي أصحاب المَيمَنة، حيث مَشرَبهم من عالَم الاعمال، ومَعادُهم درجات جنّات النعيم. مع هذا فإنّ طريقهم ليس طريقاً بحسب معرفة الذات والصفات الربّانيّة، إذ إنّهم ما زالوا أسري آفة حُجُب الصفات الروحانيّة والنورانيّة، إذ إنَّ لِلَّهِ ] تَعَإلَی [ سَبْعِينَ أَلْفَ حِجَابٍ مِنْ نُورٍ وَظُلْمَةٍ». [27] وقال في مكان آخر: حِجابُهُ النُّورُ؛ لَوْ كُشِفَتْ لاَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وَجْهِهِ ما انْتَهَي إلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ. [28] لا جَرم أن قيل لهذه الطائفة: احذَروا من أن تخلطوا بين العقل والعِقال في ميدان التفكُّر في ذات الحقّ جلّ وجلا الذي لا حدّ له، تَفَكَّرُوا فِي آلاَءِ اللَهِ وَلاَ تَتَفَكَّرُوا فِي ذَاتِ اللَهِ! [29] وذكر في مناسبة أُخري:«وأمّا ما قاله من أ نّنا متي ما حصلنا علی عقل أكبر، فإنّنا نجد الحبّ فيه أظرف وأشرف وأثبت، كما أنّ سيّد الكائنات ] صلوات الله عليه [ كان أعقل الموجودات وأعشقها علی الإطلاق. الإنسان الكامل هو من تتجلّي فيه تمام شؤون آية النورواعلَم حقّاً بأنّ نور العقل في كمال وسموِّ مرتبته، هو بمثابة مشكاة الجسد وزجاجة القلب، وزيت المصباح بمثابة صفاء الزيت، إذ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي´ءُ. ومع أنّ الملائكة كانت تمتلك زيت الرُّوحانيّة وصفاءه الذي هو نور العقل، حيث خُلِقَتِ المَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وكان ذلك الزيت مستعدّاً لاكتساب ناريّة النور الإلهيّ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ، إلاّ أ نّهم لم يحصلوا لا علی مشكاة الجسد، ولا زجاجة القلب، ولا مصباح السِّرّ، ولا فتيلَ الخَفيّ، حيث إنّهم لم يستحقّوا اكتساب ناريّة النور الإلهيّ بدون هذه الاسباب. وأمّا الحيوانات فعلی الرغم من حصولها علی مشكاة الجسد وزجاجة القلب، إلاّ أنّ ذلك كان في غياب زيت الروحانيّة وصفاء النور ] الذي هو العقل [ فكانوا في مقام العجز كذلك إذ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا. فأُعطي الإنسان تمام الاستعداد وكمال التَّهيُّؤ لقبول تلك الامانة، التي هي في الحقيقة نور الفيض دون واسطة، إذ لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَـ'نَ فِي´ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، فوُهِبَ جسداً مثله كمثل المشكاة، وقلباً علی صفة الزجاجة، وزيت روحٍ بصفاء العقل الذي أنار زجاجة قلبه بذلك النور الساطِع، فأصبحت الزُّجَاجَةُ كَأَ نَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، ووضعَ زجاجة القلب ومصباح السِّرّ وفتيلَ الخَفيّ، فتجلّت هذه المجموعة ومنها آدمُ بنارِ النور الإلهيّ إذ خُلِقَ آدَمُ فَتَجَلَّي فِيهِ مِصْبَاحٌ، فأصبح فيمن يستحِقُّ ] نار [ النور الإلهيّ حيث وَحَمَلَهَا الإنسَـ'نُ. فكلُّ مصباح كان زيته أصفي، وصفاؤه في النورانيّة أكثر، فهو في النورانيّة نُورٌ عَلَي' نُورٍ واكتمل وظَرُفَ بمجرّد اتّصال نار النور الإلهيّ به. ولمّا لَم يُمنَحْ أيَّ مصباحٍ موهبة قبول النورانيّة وكمال الاستعداد لذلك إلاّ مصباح سيِّد الكائنات صلّي الله عليه، ولمّا كان زيت مصباحه أتمَّ وأكمل وكان صفاء زيته الذي هو العقل لا ألطفَ ولا أظرف منه، فلا جَرَمَ أن يكون قد وصل إلی درجة الكمال لقبول نور الفيض دون واسطة الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي فكان يُردّد ويُكثر من قراءة هذا الدعاء في كلّ صباح وهو: الادعية التي أُطلق فيها لفظ النور علی الله تعإلیاللَهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً وَفِي سَمْعِي نُوراً وَفِي بَصَرِي نُوراً وَفِي لِسَانِي نُوراً، وَعَنْ يَمِينِي نُوراً وَعَنْ يَسَارِي نُوراً ] وَمِنْ فَوْقِي نُوراً [ وَمِنْ تَحْتِي نُوراً ] وَأَمَامِي نُوراً وَخَلْفِي نوُراً [ وَاجْعَلْنِي نُوراً وَأَعْظِمْ لِي نُوراً. ولمّا كان كلّ وجوده هو ذلك النور، حينئذٍ دعاه الحقُّ تعإلی نوراً، حيث قال: ] قَدْ [ جَآءَكُمْ مِّنَ اللَهِ نُورٌ وَكِتَـ'بٌ مُّبِينٌ. [30] وبالجملة فقد أُطلِقَت كلمة النور في كثير من أدعيتنا علی الحقّ المتعال، ففي دعاء الجوشن الكبير وردت الجمل التالية: يَا نُورَ النُّورِ، يَا مُنَوِّرَ النُّورِ، يَا خَالِقَ النُّورِ، يَا مُدَبِّرَ النُّورِ، يَا مُقَدِّرَ النُّورِ، يَا نُورَ كُلِّ نُورٍ، يَا نُوراً قَبْلَ كُلِّ نُورٍ، يَا نُوراً بَعْدَ كُلِّ نُورٍ، يَا نُوراً فَوْقَ كُلِّ نُورٍ، يَا نُوراً لَيْسَ كَمِثْلِهِ نُورٌ.[31] وفي المناجاة الشعبانيّة: إلَهِي هَبْ لِي كَمَالَ الانقِطَاعِ إلَيْكَ، وَأَنِرْ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا بِضِيَاءِ نَظَرِهَا إلَيْكَ، حَتَّي تَخْرِقَ أَبْصَارُ القُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إلَی مَعْدِنِ العَظَمَةِ، وَتَصِيرَ أَرْوَاحُنَا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. [32] حتّي قوله: إلَهِي وَ أَلْحِقْنِي بِنُورِ عِزِّكَ الاَبْهَجِ، فَأَكُونَ لَكَ عَارِفاً وَعَنْ سِوَاكَ مُنْحَرِفاً وَمِنْكَ خَائِفاً مُرَاقِباً، يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَامِ. [33] وورد أيضاً في دعاء ليلة عرفة ما يلي: وَبِاسْمِكَ السُّبُّوحِ القُدُّوسِ البُرْهَانِ الَّذِي هُوَ نُورٌ عَلَی كُلِّ نُورٍ، وَنُورٌ مِنْ نُورٍ يَضِيءُ مِنْهُ كُلُّ نُورٍ؛ إذَا بَلَغَ الاَرْضَ انْشَقَّتْ، وَإذَا بَلَغَ السَّمَاوَاتِ فُتِحَتْ، وَإذَا بَلَغَ العَرْشَ اهْتَزَّ. [34] وبعد الجمل السابقة، تأتي هذه الجمل: أَسْأَلُكَ بِنُورِ وَجْهِكَ الكَرِيمِ الَّذِي تَجَلَّيْتَ بِهِ لِلْجَبَلِ فَجَعَلْتَهُ دَكَّاً وَخَرَّ مُوسَي صَعِقاً. [35] وجاء في آخر الدعاء المذكور(دعاء ليلة عَرَفة) ما يلي: أَنْتَ الَّذِي أَشْرَقْتَ الاَنْوَارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِكَ حَتَّي عَرَفُوكَ وَ وَحَّدُوكَ[36]. هذا وقد أفـرد محمّد بن يعقوب الكلينيّ باباً خاصّـاً في«أُصـول الكافي» وذكر فيه أنّ الائمّة عليهم السلام هم نور الله عزّوجلّ، وقد أورد ستّ روايات بهذا الصدد نورِدُ منها اثنتينِ هنا علی سبيل المثال: الاُولي: روي بسنده المتّصل عن أبي خالد الكابلي أ نّه قال: سألتُ أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزّوجلّ: «فَـَامِنُوا بِاللَهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي´ أَنزَلْنَا».[37] فَقَالَ: يَا أَبَا خَالِدٍ! النُّورُ وَاللَهِ نُورُ الاَئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إلَی يَوْمِ القِيَامَةِ؛ وَهُمْ وَاللَهِ نُورُ اللَهِ الَّذِي أَنْزَلَ، وَهُمْ وَاللَهِ نُورُ اللَهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الاَرْضِ. وَاللَهِ يَا أَبَا خَالِدٍ! لَنُورُ الإمَامِ فِي قُلُوبِ المُوْمِنِينَ أَنْوَرُ مِنَ الشَّمْسِ المُضِيئَةِ بِالنَّهَارِ. وَهُمْ وَاللَهِ يُنَوِّرُونَ قُلُوبَ المُوْمِنينَ، وَيَحْجُبُ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ نُورَهُمْ عَمَّنْ يَشَاءُ فَتَظْلِمُ قُلُوبُهُمْ. وَاللَهِ يَا أَبَا خَالِدٍ! لاَ يُحِبُّنَا عَبْدٌ وَيَتَوَلاَّنَا حَتَّي يُطَهِّرَ اللَهُ قَلْبَهُ، وَلاَ يُطَهِّرُ اللَهُ قَلْبَ عَبْدٍ حَتَّي يُسَلِّمَ لَنَا وَيَكُونَ سِلْماً لَنَا، فَإذَا كَانَ سِلْماً لَنَا سَلَّمَهُ اللَهُ مِنْ شَدِيدِ الحِسَابِ وَآمَنَهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ القِيَامَةِ الاَكْبَرِ. [38] الثانية: روي بسند متّصل آخر منه عن صالح بن سهل الهَمَدانيّ أ نّه قال: قال أبو عبد الله(الصادق) عليه السلام في قول الله تعالي: «اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَو'ةٍ»: فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ «فِيهَا مِصْبَاحٌ». الحَسَنُ «الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ». الحُسَيْنُ «الزُّجَاجَةُ كَأَ نَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ». فَاطِمَةُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ بَيْنَ نِسَاءِ أَهْلِ الدُّنْيَا. «تُوقَدُ مِن شَجَرةٍ مُّبَـ'رَكَةٍ» إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. «زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ» لاَ يَهُودِيَّةٍ وَلاَ نَصْرَانِيَّةٍ. «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِي´ءُ» يَكَادُ العِلْمُ يَنْفَجِرُ بِهَا. «وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَي' نُورٍ» إمَامٌ مِنهَا بَعْدَ إمَامٍ. «يَهْدِي اللَهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ» يَهْدِي اللَهُ لِلاَئَمَّةِ مَنْ يَشَاءُ؛ «وَيَضْرِبُ اللَهُ الاْمْثَـ'لَ لِلنَّاسِ». قُلْتُ: «أَوْ كَظُلُمَـ'ـتٍ»؟ قَالَ: الاَوَّلُ وَصَاحِبُهُ. «يَغْشَب'هُ مَوْجٌ» الثَّالِثُ. «مِن فَوْقِهِ مَوْجٌ، ظُلُمَـ'تٌ» الثَّانِي. «بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ» مُعَاوِيَةُ لَعَنَهُ اللَهُ وَفِتَنُ بَنِي أُمَيَّةَ؛ «إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ» المُوْمِنُ فِي ظُلْمَةِ فِتْنَتِهِمْ «لَمْ يَكَدْ يَرَب'هَا». «وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَهُ لَهُ و نُورًا» إمَاماً مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ، «فَمَا لَهُ و مِن نُّورٍ» إمَامٍ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: «يَسْعَي' نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـ'نِهِمْ»:[39] أَئِمَّةُ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ، تَسْعَي بَيْنَ يَدَيِ المُوْمِنِينَ وَبِأَيْمَانِهِمْ حَتَّي يُنَزِّلُوهُمْ مَنَازِلَ أَهْلِ الجَنَّةِ. [40] وروي الكلينيّ بهذا المضمون بسند آخر عن علی بن جعفر عليه السلام، عن أخيه موسي عليه السلام.[41] أصل طينة الائمّة عليهم السلام من النوروذكر الكلينيّ في باب خَلق الابدان والارواح والقلوب للائمّة عليهم السلام أربع روايات، نكتفي هنا بذكر واحدة منها فقط: روي بسنده المتّصل عن محمّد بن مروان عن أبي عبد الله(الصادق) عليه السلام قال سمعته يقول: إنَّ اللَهَ خَلَقَنَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ، ثُمَّ صَوَّرَ خَلْقَنَا مِنْ طِينَةٍ مَخْزُونَةٍ مَكْنُونَةٍ مِنْ تَحْتِ العَرْشِ، فَأَسْكَنَ ذَلِكَ النُّورَ فِيهِ، فَكُنَّا نَحْنُ خَلْقاً وَبَشَراً نُورَانِيِّينَ لَمْ يَجْعَلْ لاِحَدٍ فِي مِثْلِ الَّذِي خُلِقْنَا مِنْهُ نَصِيباً. وَخَلَقَ أَرْوَاحَ شِيعَتنَِا مِنْ طِينَتِنَا، وَأَبْدَانَهُمْ مِنْ طِينَةٍ مَخْزُونَةٍ مَكْنُونَةٍ أَسْفَلَ فِي ذَلِكَ الطِّينَةِ، وَلَمْ يَجْعَلِ اللَهُ لاِحَدٍ فِي مِثْلِ الَّذِي خَلَقَهُمْ مِنْهُ نَصِيباً إلاَّ لِلاَنْبِيَاءِ. وَلِذَلِكَ صِرْنَا نَحْنُ وَهُمْ: النَّاسَ، وَصَارَ سَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ لِلنَّارِ وَإلَی النَّارِ. [42] وأورد الكلينيّ كذلك في باب ولادة النبيّ صلّي الله عليه وآله ووفاته أربعين رواية نورد منها في هذا المقام ثلاثة: 1- روي بسند متّصل عن جابر بن يزيد قال: قال لي أبو جعفر(الباقر) عليه السلام: يَا جَابِرُ! إنَّ اللَهَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ، خَلَقَ مُحَمَّداً صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعِتْرَتَهُ الهُدَاةَ المُهْتَدِينَ. فَكَانُوا أَشْبَاحَ نُورٍ بَيْنَ يَدَيِ اللَهِ! قُلْتُ: وَمَا الاَشْبَاحُ؟! قَالَ: ظِلُّ النُّورِ، أَبْدَانٌ نُورَانِيَّةٌ بِلاَ أَرْوَاحٍ. وَكَانَ مُوَيَّداً بِرُوحٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ رُوحُ القُدُسِ. فَبِهِ كَانَ يَعْبُدُ اللَهَ وَعِتْرَتُهُ. وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ حُلَمَاءَ، عُلَمَاءَ، بَرَرَةً، أَصْفِيَاءَ؛ يَعْبُدُونَ اللَهَ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، وَالسُّجُودِ، وَالتَّسْبِيحِ، وَالتَّهْلِيلِ؛ وَيُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ، وَيَحُجُّونَ، وَيَصُومُونَ. [43] 2- روي بسند متّصل عن أحمد بن علی بن محمّد بن عبد الله بن عمر بن علی بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي عبد الله(الصادق) عليه السلام أ نّه قال: إنَّ اللَهَ كَانَ إذْ لاَ كَانَ. فَخَلَقَ الكَانَ وَالمَكَانَ. وَخَلَقَ نُورَ الاَنْوَارِ الَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ الاَنْوَارُ. وَأَجْرَي فِيهِ مِنْ نُورِهِ الَّذِي نُوِّرَتْ مِنْهُ الاَنْوَارُ. وَهُوَ النُّورُ الَّذِي خَلَقَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَ عَلِيَّاً. فَلَمْ يَزَالاَ نُورَيْنِ أَوَّلَيْنِ، إذْ لاَ شَيْءَ كُوِّنَ قَبْلَهُمَا. فَلَمْ يَزَالاَ يَجْرِيَانِ طَاهِرَيْنِ مُطَهَّرَيْنِ فِي الاَصْلاَبِ الطَّاهِرَةِ حَتَّي افْتَرَقَا فِي أَطْهَرِ طَاهِرَيْنِ: فِي عَبْدِ اللَهِ وَأَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ [44]. الزهراء عليها السلام من رجال آية النور وفي بيوتها3- وروي كذلك بسند متّصل أيضاً عن مُرازِم عن أبي عبد الله(الصادق) عليه السلام قال: قَالَ اللَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَي: يَا مُحَمَّدُ! إنِّي خَلَقْتُكَ وَعَلِيَّاً نُوراً، يَعْنِي رُوحاً بِلاَ بَدَنٍ، قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَ سَمَاوَاتِي وَأَرْضِي وَعَرْشِي وَبَحْرِي، فَلَمْ تَزَلْ تُهَلِّلُنِي وَتُمَجِّدُنِي. ثُمَّ جَمَعْتُ رُوحَيْكُمَا فَجَعَلْتُهُمَا وَاحِدَةً، فَكَانَتْ تُمَجِّدُنِي وَتُقَدِّسُنِي وَتُهَلِّلُنِي. ثُمَّ قَسَّمْتُهَا ثِنْتَيْنِ وَقَسَّمْتُ الثِّنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَةً: مُحَمَّدٌ وَاحِدٌ، وَعلی وَاحِدٌ، وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ ثِنْتَانِ. ثُمَّ خَلَقَ اللَهُ فَاطِمَةَ مِنْ نُورٍ ابْتَدَأَهَا رُوحاً بِلاَ بَدَنٍ. ثُمَّ مَسَحَنَا بِيَمِينِهِ فَأَفْضَي[45] نُورَهُ فِينَا. [46] أما وإنّنا لنقرأُ في زيارة الجامعة الكبيرة: خَلَقَكُمُ اللَهُ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ حَتَّي مَنَّ عَلَيْنَا بِكُمْ فَجَعَلَكُمْ «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ». [47] وروي في تفسير«نور الثَّقلَيْن»[48] بسند متّصل منه عن جابر، عن الإمام أبي جعفَر(الباقر) عليه السلام في قوله عزَّ وجلّ: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ أ نّه قال: هِيَ بُيُوتُ الاَنْبِيَاءِ، وَبَيْتُ علی مِنْهَا. وروي في تفسير«البرهان»[49] عن الشيخ الحافظ رجب البرسيّ قال: روي ابن عبّاس أ نّه قال: كنتُ في مسجد رسول الله صلّي الله عليه وآله وقد قرأ القاري: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ و يُسَبِّحُ لَهُ و فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْصَالِ. فقلتُ: يا رسول الله! ما البيوت؟! فقال رسول الله صلّي الله عليه وآله: بُيُوتُ الاَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، وَأَوْمَي بِيَدِهِ إلَی بَيْتِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ صَلَوَاتُ اللَهِ عَلَيْهَا ابْنَتِهِ. نعم، لقد تبيّن من هذه الابحاث بصورة لا تقبل الشكّ معني نور الله وأحقّيّة الوِلاية وعظمتها التي هي عين التوحيد، وكذلك طريق إفاضة النور من مقام وحدة الربوبيّة عزَّ وجلّ الذي هو عين النور وأصل الجود والوجود، وطلوعه في المصباح، واستمداد المصباح من زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ، وتلالئه في الزجاجة، وانعكاسه في المشكاة،، وحفظ وصيانة المشكاة للنور، وإفاضة النور ونشره في فضاء الغرفة، وانتفاع الناس بوساطة ذلك في فضائه النيِّر والمتلإلی كلٌّ بحسب رتبته. وعَلِمنا كذلك سرّ الولاية والإمامة اللتين هما معدن النور ومنبعه. وكذا كيفيّة اتّحاد الانوار الخمسة الطيِّبة ووحدتها، والتي من جملتها المقام الاقدس للسيّدة الكبري فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وكيفيّة نشوء نورها المقدّس وإيجاده من نَشء ومبدأ عالَم الإيجاد ونشأة الحياة في سلسلتَي التكوين والتشريع. ومع عدم وجود صفة الذكورة والاُنوثة في عوالم التجرُّد، وأنّ الولاية الحقّة هي ولاية الله، وهي واحدة، فإنّه ومع الاخذ بنظر الاعتبار مسألة نشأة الكثرة فقد دُعيتْ بالرجال ووُضِعَت في بيوت أنوار الوحي والإلهام وذِكْر الله تعالي. وعلی أيّة حال فقد يكون سبب ذِكر نور جلال تلك السيّدة الكبري في الاخبار والآثار بلحاظ صفة الاُنوثة في عالَم الكثرات، ممّا يجعل كلّ ناظر يغضّ النظر عن ذلك ويُمنَع من الاطّلاع علی جمالها الذي هو جمال الله. إنّ نور ذلك الجمال الربّانيّ الازليّ الابديّ السرمديّ يَبرُقُ ويتلالا بشكل يُعمي بصر كلّ عين عاجزة؛ ولهذا صار نور الجلال حجاباً لنور الجمال. وسيملا دويُّ ملائكة القدس: غُضُّوا أبْصَارَكُمْ، أسماع الخَلق وأركان ساحة المحشر الكبري عند عبور سيّدة نساء العالمين، وتعبر تلك السيّدة معدن الولاية ومنجم الإمامة يُغَطّيها حجاب تتدلّي منه آلاف الحُجُزات[50]، ويربط كلّ واحد من شيعتها نفسه بواحدة من تلك الحُجُز ويتمسّك بها. فتتقدّم صلوات الله عليها حتّي تمثل بين يدي الله سبحانه في موقف عظيم ومشهد رهيب، واضعة في كفّها اليمني رأس ولدها الحسين بينما وضعت في كفّها اليسري قميصه الملطَّخ بالدماء، فتقول: ربّاه! لقد ضحّي ولدي الحسين بكلّ ما لديه في سبيلك، فهذا رأسه وهذا قميصه! فما جزاؤه عندك يا ربّ؟! فيتقدّم رِضوان خازن الجنّة و مالِك خازن جهنّم في الحال ويسلّمانها مفتاحي الجنّة والنار، ويضعانه في كفّيّ السيّدة الكبري قائلينِ: إنّ الله يقول: لقد أعطانا ولدك الحسين كلّ ما لديه، فسنعطيه نحن كلّ ما لدينا؛ فخذي مفتاحي الجنّة والنار وأدخلي مَن شئتِ من أحبّائكِ إلی الجنّة، وألقي بمَن شئتِ من أعدائكِ إلی النار، فهذا الموقف موقف العدل لديّ. وَلَها جَلاَلٌ لَيْسَ فَوْقَ جَلاَلِهَا إلاَّ جَلاَلُ اللَهِ جَلَّ جَلاَلُهُ وَلَهَا نَوَالٌ لَيْسَ فَوْقَ نَوَالِهَا إلاَّ نَوَالُ اللَهِ عَمَّ نَوَالُهُ * * * مِشْكَاةُ نورِ اللَهِ جَلَّ جَلاَلُهُ زَيْتونَةٌ عَمَّ الوَرَي بَرَكاتُها هِيَ قُطْبُ دائِرَةِ الوُجودِ وَنُقْطَةٌ لَمَّا تَنَزَّلَتْ أكْثَرَتْ كَثَرَاتُها هِيَ أحْمَدُ الثَّانِي وَأحْمَدُ عَصْرِها هِيَ عُنْصُرُ التَّوْحِيدِ فِي عَرَصاتِها ارجاعات [1] ـ الآية 5، من السورة 20: طه. [2] ـ الآية 255 من السورة 2: البقرة. [3] ـ الآية 22، من السورة 89: الفجر. [4] ـ الآية 10، من السورة 48: الفتح. [5] ـ الآية 257، من السورة 2: البقرة. [6] ـ الا´يتان 15 و 16، من السورة 5: المائدة. [7] ـ الآية 40، من السورة 24: النور. [8] ـ الآية 22، من السورة 39: الزمر. [9] ـ «نهج البلاغة» الحكمة 373، طبعة عيسي البابي الحلبي؛ وفي طبعة مصر مع تعليقة للشيخ محمّد عبده: ج 2، ص 225: أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ! إنَّهُ مَنْ رَأَي عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ وَمُنْكَراً يُدْعَي إلَيْهِ فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ وَبَرِيَ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صاحِبِهِ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَهِ هِيَ العُلْيا وَكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ هِيَ السُّفْلَي فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبِيلَ الهُدَي وَقَامَ عَلَي الطَّرِيقِ وَنَوَّرَ فِي قَلْبِهِ اليَقِينُ. [10] ـ «نهج البلاغة» ج 2، ص 38 و 39، الرسالة 31، طبعة مصر مع تعليقة للشيخ محمّد عبده، وصيّته عليه السلام للاءمام الحسن عليه السلام كتبها إليه بحاضرين، عند انصرافه من صفّين. [11] ـ «نهج البلاغة» الخطبة 190؛ وفي طبعة مصر مع تعليقة للشيخ محمّد عبده: ج1، ص 392. [12] ـ «بحار الانوار» ج 10، ص 314، باب مناظرات الرضا واحتجاجاته، الحديث الاوّل، الطبعة الحديثة. [13] ـ «بحار الانوار» ج 1، ص 97، باب حقيقة العقل وكيفيّته وبدو خلقه، الحديث السابع. [14] ـ «بحار الانوار» ج 1، ص 97، باب حقيقة العقل وكيفيّته وبدو خلقه، الحديث الثامن. [15] ـ «بحار الانوار» ج 1، ص 109، كتاب العقل والجهل، الحديث السابع. [16] ـ «بحار الانوار» ج 1، ص 158، كتاب العقل والجهل، الحديث الثلاثون. [17] ـ «بحار الانوار» ج 57، ص 374، باب القلم واللوح المحفوظ والكتاب المبين، الحديث الرابع والعشرون [18] ـ «بحار الانوار» ج 57، ص 374، الحديث الخامس والعشرون. [19] «الاءنسان الكامل» لعزيز الدين النسفيّ، ص 220 و 398، طبعة طهران، قسم المعهد الاءيرانيّ والفرنسيّ بتصحيح ماريجان موله. [20] «الاءنسان الكامل» لعزيز الدين النسفيّ، ص 220 و 398، طبعة طهران، قسم المعهد الاءيرانيّ والفرنسيّ بتصحيح ماريجان موله. [21] ـ «مرصاد العباد» ص 37، طبعة بنگاه ترجمه ونشر كتاب. [22] ـ «مرصاد العباد» ص 51 و 52. [23] ـ «مرصاد العباد» ص 133 و 134. يقول «إذا أقبل حبيبي بطلعة كالبدر، فمن الذي سأكونه يا تري، لاكون أنا بذاتي؛ وسأُسرُّ به حينئذٍ إذ سأكون بلا «أنا». وإنّ شاهدتَ من جوهرٍ فِيَّ، فاعلم أنّ ذلك جوهره هو، وإنّ شاهدتَ فيه من ظلٍّ، فاعلم أنّ ذلك ظلّي أنا». [24] ـ مقتبس من ذيل الآية 15، من السورة 5: المائدة: قَدْ جَآءَكُم مِّنَ اللَهِ نُورٌ وَكِتَـ'بٌ مُّبِينٌ. [25] ـ «مرصاد العباد» ص 134؛ وكذلك ص 158 و 159. «أشرقت الشمس فالوقت متأخّر أيّها المعشوق، فإذا لم تسطع عَلَيّ فذلك بسبب الاءدبار». [26] ـ رسالة «عشق وعقل» ص 40، منشورات بنگاه ترجمه ونشر كتاب، الطبعة الثانية؛ وفي تعليقة ص 111 يقول: مقتبس من «صحيح مسلم» كتاب الزهد، و«مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 158 و 168، نقلاً عن «المعجم المفهرس». [27] ـ ذُكرت هذه الرواية في «مرصاد العباد» ص 101 و 311. وذكرها كذلك الملاّ عبد الرزّاق الكاشانيّ في شرح «منازل السائرين» ص 7 و 290، منشورات بيدار، وذكرها أيضاً المعلِّق علي الكتاب في ص 415. وقال ال علامه محمّد بن محمود الا´مليّ في كتاب «نفائس الفنون» ج 2، ص 59 و 60، حيث يقول: «الفصل الثامن: في بيان مشاهدات الانوار ومراتبها»: قال الله تعالي: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَي'´ * أَفَتُمَـ'رُونَهُ و عَلَي' مَا يَرَي' * وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَي'. اعلم أ نّه بسبب انصقال مرآة القلب تدريجيّاً بمصقلة الذِّكر، وامّحاء أدران الطبيعة وظلمة البشريّة عنها، يكون ظهور الانوار الغيبيّة فيها أقوي. وتتوهّج تلك الانوار علي غرار توهُّج الشمعة والمصباح والمشعل والنيران، وذلك عندما يكون الخيال لا يزال يشوب تلك الانوار. وبعد ذلك تتراءي للعيان الانوار العلويّة، حيث تكون في البداية علي صورة كواكب متناثرة، وبعد ذلك علي صورة قمر ومن ثمّ تظهر بصورة شمس حتّي تظهر الانوار المجرّدة من المحالّ. وعندما تنسلخ الانوار من الحُجُب تماماً ولا يكون للخيال مجالاً للتصرّف فيها، تنعدم حينئذٍ الالوان والاشكال، فيسود انعدام اللون والشكل والكيفيّة والصورة؛ ذلك أنّ تلوّث الصفات البشريّة هو الذي يجعل الروح تُدرك شكل ولون النور من وراء حجاب الخيال، فعندما تسود الروحانيّة المحضة ويتمّ الخروج من تلك حُجُب الخيال تنتفي الاشكال والالوان. لكن علي الرغم من أنّ الله سبحانه وتعالي هو مظهر جميع الانوار وذلك حسب ما تصرّح به الا´ية: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ وأنّ كثرة هذه الانوار وقلّتها يكون بحسب صفاء القلب وصقالته من ظلمة البشريّة، إلاّ أنّ ظهورها يكون مختلفاً ومتبايناً وذلك بسبب اختلاف وتباين منشأ مشاهداتها. ويقال لهذه الانوار الانوار الارضيّة وذلك عندما تكون علي صورة أُمور سفليّة مثل البروق واللوامع واللوائح والمشاعل والقناديل والمصابيح. أمّا عندما تكون علي صورة أجرام علويّة كالكواكب والاقمار والشموس فيقال لها الانوار السماويّة. وعلي هذا فإنّها تظهر بصورة برق إذا كانت منشأ مشاهدتها الذِّكر، أو بصورة مشكاة أو قنديل إذا كانت منشأ مشاهدتها المعرفة. ومن هنا يقول الحقّ تعالي: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَو'ةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ أي أ نّه تبارك وتعالي مظهر الانوار السماويّة والارضيّة، وأنّ نور عرفانه يظهر علي السالك علي صورة مشكاة، فإذا كانت الروحانيّة منشأ مشاهدتها والتي تنعكس علي القلب السماويّ تبعاً لمقدار صقالته، يكون ظهورها علي مثال الكواكب والاقمار والشموس. فعلي سبيل المثال، إذا كان صفاء القلب بمقدار الكوكب، يُري نور الروح بمقدار ذلك الكوكب، وإذا كانت مرآة القلب صافية تماماً، يُري القمر كاملاً، وإذا كانت هناك بقيّة من الكدورة، يُري القمر ناقصاً، وعندما يكتمل صفاء مرآة القلب وتقبّلها لنور الروح، تصبح المشاهدة بمقدار الشمس؛ وكلّما كان الصفاء أكثر، كان سطوع الشمس أكبر. وإذا وقعت مشاهدة القمر والشمس في آنٍ واحد، يكون القلب حينئذٍ القمر الذي يعكس النور فيُنير الروح به، وتكون الروح الشمس. وانعكاس إشعاعات الانوار لصفات الحقّ عزّ وعلا من وراء الحُجُب الروحانيّة علي مرآة القلب هو بمقدار صفائها». [28] ـجاء في تعليقة ص 110: «مأخوذ عن حديث نبويّ، «صحيح مسلم» باب الاءيمان، ص 293؛ مقدّمة كتاب ابن ماجة، ص 13؛ «مسند أحمد» ج 4، ص 401 و 405. وأصل الحديث هو: حِجابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لاَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وَجْهِهِ...». أقول: ذكرها كذلك مُؤلِّف «مرصاد العباد» ص 0 31؛ كما ذكرها المعلِّق علي كتاب «شرح المنازل» ص 7 [29] ـ رسالة «عشق وعقل» ص 53 و 54. [30] ـ رسالة «عشق و عقل»، ص 76 إلي 78. [31] ـ «مفاتيح الجنان» ص 93، طبعة الاءسلاميّة،سنة 1379 ه، نقلاً عن «البلدالامين» و«المصباح» للكفعميّ، وهو مرويّ عن الاءمام سيّد الساجدين، عن أبيه، عن جَدّه رسول الله صلّي الله عليه وآله. [32] ـ «مفاتيح الجنان» ص 158، نقلاً عن ابن خالويه، قال: «إنّها مناجاة أمير المؤمنين والائمّة من ولده عليهم السلام، كانوا يدعون بها في شهر شعبان». [33] ـ «مفاتيح الجنان» ص 159. إنّ تشبيه آية النور المباركة لحالات نفس السالك إلي الله هي من أروع التشبيهات في هذا المقام. وليس أجدر من أن ننقل هنا نصّ عبارات أُستاذ السلوك والعرفان آية الحقّ والاءيقان السيّد مهدي بحر العلوم في الرسالة المنسوبة إليه. يقول السيّد بحر العلوم: «وأمّا السالك فإنّه يري آثار وفيوضات ذلك. ومن جملة الا´ثار حصول الانوار في القلب حيث يكون في البدء علي شكل مصباح ثمّ علي شكل شعلة ثمّ كوكب ثمّ قمر ثمّ بعد ذلك علي شكل شمس، ثمّ تنخمد وتزول ألوانها. والكثير منها يكون علي شكل برق وأحياناً تكون بصورة مشكاة وقنديل، وهذان الاثنان يحصلان أكثر ما يحصلان بفعل المعرفة والسبق من الذِّكر. وقد أشار الاءمام أبي جعفر عليه السلام إلي المرتبة الاُولي كما روي ذلك ثقة الاءسلام في «الكافي» أنّ الاءمام عليه السلام قال في بيان أقسام القلوب: وَقَلْبٌ أَزْهَرُ أجْرَدُ. فَقُلْتُ: وَمَا الاَزْهَرُ؟ فَقالَ: فيهِ كَهَيْئَةِ السِّراجِ إلَي أنْ قالَ: وَأَمَّا القَلْبُ الاَزْهَرُ فَقَلْبُ المُؤْمِنِ. وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلي بعض هذه المراتب قائلاً: قَدْ أَحْيَا قَلْبَهُ وَأَمَاتَ نَفْسَهُ حَتَّي دَقَّ جَليلُهُ وَلَطُفَ غَليظُهُ وَبَرَقَ لَهُ لاَمِعٌ كَثِيرُ البَرْقِ. إنّ إحدي المعاني الباطنة للا´ية الشريفة: اللَهُ نُورُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ هي شرح لهذه المراحل حيث يستحيل شخص الاءنسان في هذه الاحوال إلي مشكاة فيها مصباح والذي يمثّل القلب، وفي تلك الزجاجة مصباح والمذكور بالنور، ويتحوّل القلب بعد نشر ذلك إلي ما يُشبه الكَوْكَبٌ الدُّرِّيٌّ فيكون ساطعاً نيّراً مثلُهُ كمثل نور الشجرة المباركة الكثير النفع وهو ما يُمثّل النورانيّة والروحانيّة لذكر الله حيث ليس بشرقيٍّ ولا غربيّ، بل نابع عن الطريق الباطن والذي هو كذلك ليس بشرقيّ ولا غربيّ. وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ أي إذا لم يغفل عن ذكر الله والذي يؤدّي إلي مقارنة الشيطان المخلوق من النار بنصّ الآية الشريفة وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـ'نِ نُقَيِّضْ لَهُ و شَيْطَـ'نًا فَهُوَ لَهُ و قَرِينٌ، ويزيد نُورٌ عَلَي' نُورٍ نوراً علي نوره حتّي يغدو جميع ذلك نوراً. وَهَذِهِ الزُّجاجَةُ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ. وفي بيان مَثَلُ نورِهِ قال عليه السلام: يُسَبِّحُ لَهُ و فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالاْ´صَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـ'رَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَهِ. *(«رسالة السير والسلوك المنسوبة إلي بحر العلوم» ص 194 إلي 197 مع مقدّمة وشرح للسيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ، منشورات حكمت). * أي في بيان تحقّق هذا النور ومصداقيّته فإنّه يقول إنّ رجالاً يُسبّحون الله في الصباح والمساء في تلك البيوت. [34] ـ «مفاتيح الجنان» ص 253، حيث ذُكِرَ أنّ في الرواية أ نّه يُدعي به في ليلة عَرَفة وليالي الجُمَع. [35] ـ «مفاتيح الجنان» ص 253. [36] ـ «مفاتيح الجنان» ص 273. [37] ـ صدر الآية 8، من السورة 64: التغابن. [38] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 194، كتاب الحجّة، باب أنّ الائمّة عليهم السلام نور الله عزّوجلّ، الحديث الاوّل. [39] ـ مقطع من الآية 12، من السورة 57: الحديد. [40] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 195، الحديث الخامس. [41] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 195، كتاب الحجّة، باب أنّ الائمّة عليهم السلام نور الله عزّوجلّ؛ ورواها البحرانيّ في تفسير «البرهان» ج 2، ص 735، الطبعة الحجريّة، عن طريق العامّة عن ابن المغازليّ الشافعيّ في كتاب «المناقب» مرسلاً عن عليّ بن جعفر. [42] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 389، باب خلق أبدان الائمّة وأرواحهم وقلوبهم عليهم السلام، الحديث الثاني [43] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 442، كتاب الحجّة، باب مولد النبيّ صلّي الله عليه وآله ووفاته، الحديث العاشر. [44] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 441 و 442، الرواية التاسعة. [45] ـ جاء في بعض النسخ فَأَضَاءَ.(التعليقة). [46] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 440، الحديث الثالث. [47] ـ «مفاتيح الجنان» ص 547، عن الشيخ الصدوق في «الفقيه» و«العيون»، عن موسي بن عبد الله النخعيّ، عن الاءمام عليّ النقيّ عليه السلام. [48] ـ تأليف الشيخ عبد علي بن جمعة العروسيّ الحويزيّ، ج 3، ص 607. [49] ـ تأليف السيّد هاشم البحرانيّ، ج 2، ص 737، الطبعة الحجريّة. [50] ـ الحُجزة ج حُجَز وحُجُزات وحُجَزات وحُجْزات: مَعقَد الاءزار. ] المنجد [.(م) |
|
|