|
|
الصفحة السابقةدار الآخرة دار الحيوان، كأ نّها حياة تغلي وتفوروعلی هذا، فيكون ما أوردناه من الكلام المختصر حول تبيان عظمة هذا الامر والاُمور الاُخري كافياً، ولذا فإذا أردت أن تتصوّر لذّة وسعادة هذا الامر، فقد وصف أهل المعرفة درجة واحدة من درجات لذّات العالم الآخر بما يلي: أنّ دار الحيوان والحياة الحقيقية كَأَ نَّهُ حَيَاةٌ تَغْلِي وَتَفُورُ، قد هيّأت لاهلها في كلّ لحظة ما طاب من اللذّات من غير أن تتداخل مع بعضها أو يطرأ علیها الكسر والانكسار فتتبدّل كيفيّتها: فمثلاً، قد أتاحت لكلّ الافراد من اللذّات من أطايب الاطعمة، وهكذا المرئيّات والمسموعات والمشمومات والملموسات في أيّة لحظة من دون أن تؤثّر الواحدة علی الاُخري أو تُبطلها. هذا، في حين أنّ هذه اللذّات وهي لذّات حسّيّة تشكّل جَنَّةُ النَّعِيم، فكيف بنا إذا اتّخذنا ذلك ميزاناً لمقارنتها مع لذّات وبهجات تجلّيات أنوار الجمال والجلال لصاحب الجمال والجلال سبحانه وتعالي، فقد يكون ذلك كافياً لدفع الاءنسان لبذل ما في وسعه من الجدّ والاجتهاد. وفي الاخبار عن الائمّة صلوات الله وسلامه علیهم أجمعين. وردت إشارات إلي هذه العوالم. ففي الخبر، مثلاً، أنّ في الجنّة ماءً يحوي مذاق جميع المشروبات والمأكولات. وكذلك في حديث المعراج الآنف الذكر، حيث يجيب علی مقالة الحقّ جلّ جلاله: هَذِهِ جَنَّتِي فَتَبَحْبَحْ فِيهَا! بقوله: عندما عرّفتني نفسك، استغنيتُ عن كلّ شيء! وما جاء كذلك في حديث الضيافة الذي مرّ ذكره، حيث يغيبون عن وعيهم لتجلّي الحقّ تعالي، ولا يستعيدونه أبداً حتّي تشتكي بالتالي الحور العين من ذلك فيُعيد لهم الربّ الجليل وعيهم. فيا عزيزي! ثابر حتّي تُمسك بعصمة الاءيمان بالله ورسوله والائمّة صلوات الله وسلامه علیهم، وحتّي لا تعتبر الثواب والعقاب، والجنّة والجحيم، والقرب والبُعد كما هو حال ملاحدة هذا الزمان ضربٌ من الوهم. وهذا الذي تمّ عرضه هو من باب ما خطر علی قلب بشر، وأمّا وَلاَ خَطَرَ عَلَی قَلْبِ بَشَرٍ فاستنتجه من كلّ ما سبق! نعم: ديوانه كني هر دو جهانش بخشي ديوانة تو هر دو جهان را چه كند؟ [1] * * * از دَرِ خويش خدايا به بهشتم مفرست كه سر كوي تو از كون ومكان ما را بس [2] * * * خاك درت بهشت من، مهر رخت سرشت من عشق تو سرنوشت من، راحت من رضاي تو [3] وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَمَا عَبَدْتُكَ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَلاَ طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ، بَلْ وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ! [4] فقد سمعتَ في حديث النبيّ شعيب علی نبيّنا وآله وعلیه السلام، حيث قال: لا أشكو من خوف النار ولا من حبّ الجنّة ولكنّي أشكو من البُعد عنك، فها أنذا أصبر حتّي أنعم بلقائك! وأنت قد سمعتَ من سيّد العارفين ورئيس المناجين، حيث يقول في دعاء كميل علیه الرحمة: وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلَی عَذَابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَی فِرَاقِكَ! وأمّا أنتِ، يا نفسي الوقحة! وأنتَ أيّها السامع البائس! إذا كنتَ تُسلّم بهذه العوالم، فأين أثر ذلك؟! ولِمَ أنت ساكن ؟! لماذا لا تصعد إلي الجبال ؟! أو تهيمُ في البراري ؟! لماذا لا تلهج بـ: وَا حَسْرَتَا عَلَی مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَهِ في صباحك ومسائك ؟! ولو كانت لك خطرات الظنون من ذلك، لكان علیك أن تموت من الحسرة ؟! بل لو كنتَ تحتمل ذلك وتشكّ فيه، للزِمَ أن يقضّ هذا الاحتمال مضجعك ؛ ويقطع عنك اللذّة بمباهج هذه الدنيا الدنيّة الفانية. ردّد: وَا حَسرَتَاهُ! وَا حَسْرَتَاهُ! وَا حَسْرَتَاهُ! وَا ثُبُورَاهُ! وَا حَيْرَتَاهُ! يَا وَيْلَي! يَا دَمَارَي! يَا عَوْلِي! يَا شِقْوَتَي! نعم! فالاءيمان ضعيف، وزد علی ذلك أنّ القلوب بحبّ الدنيا سقيمة، وإلاّ فإنّه يكفي الشكّ مع غياب الاءيمان وحتّي مجرّد الاحتمال يفي بالغرض. نَعُوذُ بِاللَهِ، وَالمُشْتَكَي إلی اللَهِ، وَإلی حَضْرَةِ رَسُولِ اللَهِ وَحَضْرَةِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَآلِهِمَا الطَّاهِرِينَ، لاَ سِيَّمَا إلی خَلِيفَةِ عَصْرِنَا، وَإمَامِ زَمَانِنَا، وَسُلْطَانِنَا، وَسَيِّدِنَا، وَمَعَاذِنَا، وَمَلاَذِنَا، وَعِصْمَتِنَا، وَنُورِنَا، وَحَيَاتِنَا، وَغَايَةَ آمَالِنَا، أَرْوَاحُنَا وَأَرْوَاحُ العَالَمِينَ فِدَاهُمْ صَلَوَاتُ اللَهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِينَ. [5] البحث السادس عشر إلی الثامن عشر: إنّ الطرق المختلفة في معرفة الله غير طريق لقاء الله كلّها معوّجة ومظلمة
أَعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمَ بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحيم وَصَلَّي اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ وَلَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائِهِمْ أجْمَعينَ مِنَ الآنَ إلی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَليِّ العَظِيم قَالَ اللَهُ الحَكِيمُ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ: وَإِذَا تُتْلَي' عَلَیْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَـ'تٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَـ'ذَآ أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي´ أَنْ أُبَدِّلَهُ و مِن تِلْقَآيءِ نَفْسِي´ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَي'´ إِلَيَّ إِنِّي´ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ. ( الآية 15، من السورة 10: يونس ). وجاء في الآيات التي تسبق هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ءَايَـ'تِنَا غَـ'فِلُونَ * أُولَـئكَ مَأْوَيـ'هُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. وكذلك وردت الآية 11 بعد ذكر الآيتين السابقتين: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ ( جزاءً لاعمالهم ) [6] اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَـ'نِهِمْ يَعْمَهُونَ. نعم، فنري في هذه الآيات الثلاث وقد ورد في كلّ منها كلام حول لقاء الله تعالي، وعن الذين لا رجاء لهم في ذلك ولا يفكّرون فيه، وبالنتيجة فهم الذين رضوا بأحطّ الحياة وقنعوا بعيش البهائم، والذين هم غافلون عن آيات الله التي هي علائم ومرآة الله، والتائهون المتحيّرون في خضمّ الغفلة والشهوة، أُولئك يهيمون في شكّ وريب وتردّد. فأحياناً يقولون: لا نريد هذا القرآن الذي يحوي علی آيات اللقاء والقيامة، ائتنا بقرآن غير هذا أو بدّل هذه الآيات وغيّرها! وأحياناً يغوصون في أوهام ويعتقدون أن هذه الحياة الدنيا هي الاصل فيركنون إليها، فيحيط بهم الموت ويُخلّدون في النار بما كسبت أيديهم، وأحياناً أُخري يسيرون في الارض في حيرة وضلال كبيرَين ويتّبعون مصالحهم الضيّقة، ويتقلّبون في الغفلة والجهالة، فلو أُريد التعجيل بعذابهم نتيجة أعمالهم لماتوا جميعاً ولاحاط بهم العذاب الاءلهيّ ولتعرّضوا للدمار والهلاك. والواقع أنّ هذه الحالات لا تتحقّق جزئيّاً لهم وحسب، بل إنّها تتحقّق بصورة مجتمعة، وقد تتداخل هذه الالفاظ وكلمة «أحياناً » فتشملهم بأجمعها. مقتطفات من تفسير«الميزان»للعلاّمة الطباطبائيّ للآيات الثلاث في سورة يونس في لقاء اللهوقال حضرة أُستاذنا الاعظم العلاّمة الطباطبائيّ قدس الله نفسه في بيانه عند تفسير هذه الآيات الواردة في أوّل سورة يونس: السورة ـ كما يلوح من آياتها مكّيّة من السور النازلة في أوائل البعثة وقد نزلت دفعة للاتّصال الظاهر بين كرائم آياتها... وغرض السورة وهو الذي أُنزلت لاجل بيانه هو تأكيد القول في التوحيد من طريق الاءنذار والتبشير كأ نّها أُنزلت عقيب إنكار المشركين الوحي النازل علی النبيّ صلّي الله علیه وآله وتسميتهم القرآن بالسحر، فردّ الله سبحانه علیهم ببيان أنّ القرآن كتاب سماويّ نازل بعلمه تعالي، وأنّ الذي يتضمّنه من معارف التوحيد كوحدانيّته بأعمالهم التي سيجزون بها خيراً أو شرّاً كلّ ذلك ممّا تدلّ علیه آيات السماء والارض ويهتدي إليه العقل السليم، فهي معان حقّة ولا يدلّ علی مثلها إلاّ كلام حكيم لا سحر مزوّق باطل. وفي تفسير الآية الثالثة: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَـ'وَ تِ وَ الاْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَي' عَلَی الْعَرْشِ ( عالم المشيئة والاءرادة ) يُدَبِّرُ الاْمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَ لِكُمُ اللَهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ. قال العلاّمة: لمّا ذكر في الآية السابقة عجبهم من نزول الوحي وهو القرآن علی النبيّ صلّي الله علیه وآله، وتكذيبهم له برميه بالسحر، شرع تعالي في بيان ما كذّبوا به من الجهتين، أعني من جهة أنّ ما كذّبوا به من المعارف المشتمل علیها القرآن حقّ لا ريب فيه، ومن جهة أنّ القرآن الذي رموه بالسحر كتاب إلهيّ حقّ وليس من السحر الباطل في شيء. فقوله: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ إلي آخره، شروع في بيان الجهة الاُولي وهي أنّ ما يدعوكم إليه النبيّ صلّي الله علیه وآله ممّا يعلمكم القرآن حقّ لا ريب فيه ويجب علیكم أن تتّبعوه. والمعني معاشر الناس! إنّ ربّكم هو الله الذي خلق هذا العالم المشهود كلّه ـ سماواته وأرضه في ستّة أيّام، ثمّ استوي علی عرش قدرته وقام مقام التدبير الذي إليه ينتهي كلّ تدبير وإدارة، فشرع يدبّر أمر العالم، وإذا انتهي إليه كلّ تدبير من دون الاستعانة بمعين أو الاعتضاد بإعضاد، لم يكن لشيء من الاشياء أن يتوسّط في تدبير أمر من الاُمور ـ وهو الشفاعة إلاّ من بعد إذنه تعالي، فهو سبحانه السبب الاصليّ الذي لا سبب بالاصالة دونه، ومن دونه من الاسباب أسباب بتسبيبه وشفعاء من بعد إذنه. وإذا كان كذلك كان الله تعالي هو ربّكم الذي يدبّر أمركم لا غيره ممّا اتّخذتموها أرباباً من دون الله وشفعاء عنده، وهو المراد بقوله: ذَ لِكُمُ اللَهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ. أي هلاّ انتقلتم انتقالاً فكريّاً إلي ما يستنير به أنّ الله هو ربّكم لا ربّ غيره، بالتأمّل في معني الاُلوهيّة والخلقة والتدبير. وقد تقدّم الكلام في معني العرش والشفاعة والاءذن وغير ذلك في ذيل قوله: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ ( الاعراف: 54، في الجزء الثامن من الكتاب ). ويقول في تفسيره لكلام الباري تعالي: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَهِ حَقٍّا: تذكير بالمعاد بعد التذكير بالمبدأ، وقوله: وَعْدَ اللَهِ حَقًّا من قيام المفعول المطلق مقام فعله، والمعني: وعده الله وعداً حقّاً. والحقّ هو الخبر الذي لا أصل في الواقع يطابق الخبر، فكون وعده تعالي بالمعاد حقّاً معناه كون الخلقة الاءلهيّة بنحو لا تتمّ خلقة إلاّ برجوع الاشياء ـ ومن جملتهاالاءنسان إليه تعالي، وذلك كالحجر الهابط من السماء، فإنّه يعدّ بحركته السقوط علی الارض، فإنّ حركته سنخ أمر لا يتمّ إلاّ بالاقتراب التدريجيّ من الارض والسقوط والاستقرار علیها. والاشياء علی حال كدح إلي ربّها حتّي تلاقيه، قال تعالي: يَـ'´أَيُّهَا الاْءنسَـ'نُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَي' رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَـ'قِيهِ. الانشقاق: 6. فافهم ذلك! كلام العلاّمة: المعاد قائم علی برهانين: سنّة الخلقة والعدل الاءلهيوفي تفسيره لكلام الباري تعالي: إِنَّهُ و يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ و لِيَجْزِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ بِالْقِسْطِ إلي آخره، يقول: تأكيد لقوله: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وتفصيل لاءجمال ما يتضمّنه من معني الرجوع والمعاد. ويمكن أن يكون في مقام التعلیل لما تقدّمه من قوله: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ إلي آخره، أُشير به إلي حجّتين من الحجج المستعملة في القرآن لاءثبات المعاد: أمّا قوله: إِنَّهُ و يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فلانّ الجاري من سنّة الله سبحانه أ نّه يفيض الوجود علی ما يخلقه من شيء ويمدّه من رحمته بما تتمّ له به الخلقة فيوجد ويعيش ويتنعّم برحمة منه تعالي مادام موجوداً حتّي ينتهي إلي أجل معدود. وليس انتهاؤه إلي أجله المعدود المضروب له فناء منه وبطلاناً للرحمة الاءلهيّة التي كان بها وجوده وبقاؤه وسائر ما يلحق بذلك من حياة وقدرة وعلم ونحو ذلك، بل بقبضه تعالي ما بسطه علیه من الرحمة، فإنّ ما أفاضه الله علیه من عنده هو وجهه تعالي ولن يهلك وجهه. فنفاد وجود الاشياء وانتهاؤها إلي أجلها ليس فناء منها وبطلاناً لها علی ما نتوهّمه، بل رجوعاً وعوداً منها إلي عنده، وقد كانت نزلت من عنده ؛ وَمَا عِندَ اللَهِ بَاقٍ، فلم يكن إلاّ بسطاً ثمّ قبضاً، فالله سبحانه يبدي الاشياء ببسط الرحمة، ويعيدها إليه بقبضها، وهو المعاد الموعود. وأمّا قوله: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ بِالْقِسْطِ إلي آخره، فإنّ الحجّة فيه أنّ العدل والقسط الاءلهيّ ـ وهو من صفات فعله يأبي أن يستوي عنده من خضع له بالاءيمان به وعمل صالحاً ومن استكبر علیه وكفر به وبآياته. والطائفتان لايحسّ بينهما بفرق في الدنيا، فإنّما السيطرة فيها للاسباب الكونيّة بحسب ما تنفع وتضرّ بإذن الله. فلا يبقي إلاّ أن يفرّق الله بينهما بعدله بعد إرجاعهما إليه فيجزي المؤمنين المحسنين جزاءً حسناً والكفّار المسيئين جزاءً سيّئاً من جهة ما يتلذّذون به أو يتأ لّمون. فالحجّة معتمدة علی تمايز الفريقين بالاءيمان والعمل الصالح وبالكفر وعلی قوله: بِالْقِسْطِ هذا، وقوله: لِيَجْزِيَ متعلّق بقوله: إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا علی ظاهر التقرير. ويمكن أن يكون قوله: لِيَجْزِيَ إلي آخره، متعلّقاً بقوله: ثُمَّ يُعِيدُهُ، ويكون الكلام مسوقاً للتعلیل وإشارة إلي حجّة واحدة، وهي الحجة الثانية المذكورة، والاقرب من جهة اللفظ هو الاخير. أساس الدين والشريعة ينهار بإنكار لقاء الله عزّ وجلّوفي تفسيره لكلام الباري تعالي: إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا... حتّي نهاية الآيتين فيقول: هو شروع في بيان ما يتفرّع علی الدعوة السابقة المذكورة بقوله: ذَ لِكُمُ اللَهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ، من حيث عاقبة الامر في استجابته وردّه وطاعته ومعصيته. فبدأ سبحانه بالكافرين بهذا الامر، فقال: إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ءَايَـ'تِنَا غَـ'فِلُونَ، فوصفهم أوّلاً بعدم رجائهم لقائه، وهو الرجوع إلي الله بالبعث يوم القيامة، وقد تقدّم الكلام في وجه تسميته بِلِقَاءَ اللَهِ في مواضع من هذا الكتاب ومنها ما في تفسير آية الرؤية من سورة الاعراف، فهؤلاء هم المنكرون ليوم الجزاء، وبإنكاره يسقط الحساب والجزاء فالوعد والوعيد والامر والنهي، وبسقوطها يبطل الوحي والنبوّة وما يتفرّع علیه من الدين السماويّ. وبإنكار البعث والمعاد ينعطف همّ الاءنسان علی الحياة الدنيا، فإنّ الاءنسان وكذا كلّ موجودٍ ذي حياة له همّ فطريّ ضروريّ في بقائه وطلب لسعادة تلك الحياة، فإن كان مؤمناً بحياة دائمة تسع الحياة الدنيويّة والاُخرويّة معاً فهو، وإن لم يذعن إلاّ بهذه الحياة المحدودة الدنيويّة علقت همّته الفطريّة بها، ورضي بها وسكن بسببها عن طلب الآخرة، وهو المراد بقوله: وَرَضُوا بِالْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا. ومن هنا، يظهر أنّ الوصف الثاني، أعني قوله: وَرَضُوا بِالْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا من لوازم الوصف الاوّل، أعني قوله: لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وهو بمنزلة المفسّر بالنسبة إليه، وأنّ الباء في قوله: وَاطْمَأَنُّوا بِهَا للسببيّة، أي: سكنوا بسببها عن طلب اللقاء وهو الآخرة. وقوله: وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ ءَايَـ'تِنَا غَـ'فِلُونَ في محلّ التفسير لما تقدّمه من الوصف لمكان ما بينهما من التلازم، فإنّ نسيان الآخرة وذكر الدنيا لا ينفكّ عن الغفلة عن آيات الله. والآية قريبة المضمون من قوله تعالي فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّي' عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَو'ةَ الدُّنْيَا * ذَ لِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَي'. ( الآية 30، من سورة النجم ). حيث دلّ علی أنّ الاءعراض عن ذكر الله ـ وهو الغفلة عن آياته يوجب قصر علم الاءنسان في الحياة الدنيا وشؤونها فلا يريد إلاّ الحياة الدنيا، وهو الضلال عن سبيل الله. وقد عرّف هذا الضلال بنسيان يوم الحساب في قوله: إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ. ( الآية 26، من سورة ص ). فقد تبيّن أنّ إنكار اللقاء ونسيان يوم الحساب يوجب رضي الاءنسان بالحياة الدنيا والاطمئنان إليها من الآخرة وقصر العلم علیه وانحصار الطلب فيه، وإذ كان المدار علی حقيقة الذكر والطلب لم يكن فرق بين إنكاره والرضي بالحياة الدنيا قولاً وفعلاً أو فعلاً مع القول الخالي به. وتبيّن أيضاً أنّ الاعتقاد بالمعاد أحد الاُصول التي يتقوّم بها الدين، إذ بسقوطه يسقط الامر والنهي والوعد والوعيد والنبوّة والوحي، وهو بطلان الدين الاءلهيّ من رأس. وقوله: أُولَـئكَ مَأْوَي'هُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ بيان لجزائهم بالنار الخالدة قبال أعمالهم التي كسبوها. شأن ومنزلة أولياء الله تعالي وإفاضة الله علیهموفي تفسيره لكلام الله تعالي: دَعْوَب'هُمْ فِيهَا سُبْحَـ'نَكَ اللَهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـ'مٌ وَءَاخِرُ دَعْوَي'هُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ،[7] قال: أوّل ما يكرّم به الله سبحانه أولياءه ـ وهم الذين ليس في قلوبهم إلاّ الله ولا مدبّر لهم لامرهم غيره أ نّه يطهّر قلوبهم عن محبّة غيره، فلا يحبّون إلاّ الله، ولا يتعلّقون بشيء إلاّ لِلَّهِ وَفِي اللَهِ سُبْحَانَهُ، فهم ينزِّهونه عن كلّ شريك يجذب قلوبهم إلي نفسه عن ذكر الله سبحانه، وعن أيّ شاغل يشغلهم عن ربّهم. وهذا تنزيه منهم لربّهم عن كلّ ما لا يليق بساحة قدسه من شريك في الاسم أو في المعني أو نقص أو عدم، وتسبيح منهم له لا في القول واللفظ فقط، بل قولاً وفعلاً ولساناً وجناناً، وما دون ذلك فإنّ له شوباً من الشرك، وقد قال تعالي: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ. ( الآية 106، من سورة يوسف ) وهؤلاء الذين طهّر الله قلوبهم عن قذارة حبّ غيره الشاغلة عن ذكره وملاها بحبّه فلا يريدون إلاّ إيّاه، وهو سبحانه الخير الذي لا شرّ معه ؛ قال: وَاللَهُ خَيْرٌ. (الآية 73، من سورة طه ). فلا يواجهون بقلوبهم التي هي ملآي بالخير والسلام أحداً إلاّ بخير وسلام، اللهم إلاّ أن يكون الذي واجهوه بقلوبهم هو الذي يبدّل الخير والسلام شرّاً وضرّاً، كما أنّ القرآن شفاء لمن استشفي به لكنّه لا يزيد الظالمين إلاّ خساراً. ثمّ إنّ هذه القلوب الطاهرة لا تواجه شيئاً من الاشياء إلاّ وهي تجده وتشاهده نعمة للّه سبحانه، حاكية لصفات جماله ومعاني كماله، واصفة لعظمته وجلاله، فكلّما وصفوا شيئاً من الاشياء وهم يرونه نعمة من نعم الله ويشاهدون فيه جماله تعالي في أسمائه وصفاته ولا يغفلون ولا يسهون عن ربّهم في شيء، كان وصفهم لذلك الشيء وصفاً منهم لربّهم بالجميل من أفعاله وصفاته، فيكون ثناء منهم علیه وحمداً منهم له. فَلَيْسَ الحَمْدُ إلاَّ الثَّنَاءُ عَلَی الجَمِيلِ مِنَ الفِعْلِ الاِخْتِيَارِيِّ. فهذا شأن أوليائه تعالي وهم قاطنون في دار العمل يجتهدون في يومهم لغد، فإذا لقوا ربّهم فوفي لهم بوعده وأدخلهم في رحمته وأسكنهم دار كرامته، أتمّ لهم نورهم الذي كان خصّهم به في الدنيا، كما قال تعالي: نُورُهُمْ يَسْعَي' بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـ'نِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا. ( الآية 8، من سورة التحريم) فسقاهم ربّهم شراباً طهوراً يطهّر به سرائرهم من كلّ شرك جليّ وخفيّ، وغشيهم بنور العلم واليقين، وأجري من قلوبهم علی ألسنتهم عيون التوحيد فنزّهوا الله وسبّحوه أوّلاً، وسلّموا علی رفقائهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين، ثمّ حمدوا الله سبحانه وأثنوا علیه بأبلغ الحمد وأحسن الثناء. وهذا هو الذي يقبل الانطباق علیه ـ والله أعلم قوله في الآيتين: تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الاْنْهَـ'رُ فِي جَنَّـ'تِ النَّعِيمِ، وفيه ذكر جنّة الولاية وتطهير قلوبهم، و: دَعْوَب'هُمْ فِيهَا سُبْحَـ'نَكَ اللَهُمَّ، وفيه تنزيه الله تعالي وتسبيحه عن كلّ نقص وحاجة وشريك تنزيهاً علی وجه الحضور، لا نّهم غير محجوبين عن ربّهم وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَـ'مٌ وهو توسيم اللقاء بالامن المطلق، ولا يوجد في غيرها من الامن إلاّ اليسير النسبيّ. وَءَاخِرُ دَعْوَب'هُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ. وفيه ذكر ثنائهم علی الله بالجميل بعد تسبيحهم له وتنزيهم، وهذا آخر ما ينتهي إليه أهل الجنّة في كمال العلم. وقد قدّمنا في تفسير قوله تعالي: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ ( الآية 2، من سورة الحمد ). أنّ الحمد توصيف، ولا يسع وصفه تعالي لاحد من خلقه إلاّ للمخلَصين من عباده الذين أخلصهم لنفسه وخصّهم بكرامة من القرب، لا واسطة فيها بينهم وبينه، قال تعالي: سُبْحَـ'نَ اللَهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ. ( الآية 160، من سورة الصافّات ). ولذلك لم يحك في كلامه حمده إلاّ عن آحاد من كرام أنبيائه كنوح وإبراهيم ومحمّد وداود وسليمان علیهم السلام، كقوله فيما أمر له نوحاً: فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّب'نَا مِنَ الْقَوْمِ الْظَّـ'لِمِينَ. ( الآية 28، من سورة المؤمنون ). وقوله حكاية عن إبراهيم: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَی الْكِبَرِ إِسْمَـ'عِيلَ وَإِسْحَـ'قَ. ( الآية 39، من سورة إبراهيم ). وقوله فيما أمر به محمد صلّي الله علیه وآله في عدّة مواضع: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ. ( الآية 93، من سورة النمل ). وقوله حكاية عن داود وسليمان: وَقَالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ. ( الآية 15، من سورة النمل ). وقد حكي سبحانه حمده عن أهل الجنّة في عدّة مواضع من كلامه كقوله: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَب'نَا لِهَـ'ذَا، ( الآية 43، من سورة الاعراف )، وقوله أيضاً: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي´ أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ. ( الآية 34، من سورة فاطر )، وقوله أيضاً: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ. ( الآية 74، من سورة الزمر )، وقوله في هذه الآية: وَءَاخِرُ دَعْوَب'هُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ. والآية تدلّ علی أنّ اللَهَ سُبْحَانَهُ يلحق أهل الجنّة من المؤمنين بالآخرة بعباده المخلَصين، ففيها وعد جميل وبشارة عظيمة للمؤمنين. وفي تفسيره لكلام الله تعالي: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ إلي آخره، قال: تعجيل الشيء الاءتيان به بسرعة وعجلة، والاستعجال بالشيء طلب حصوله بسرعة وعجلة، والعمه شدّة الحيرة. ومعني الآية: ولو يعجّل الله للناس الشرّ ـ وهو العذاب كما يستعجلون بالخير ـ كالنعمة لانزل علیهم العذاب بقضاء أجلهم، لكنّه تعالي لا يعجّل لهم الشرّ، فيذر هؤلاء المنكرين للمعاد المارقين عن ربقة الدين يتحيّرون في طغيانهم أشدّ التحيّر. وتوضيحه أنّ الاءنسان عجول بحسب طبعه، يستعجل بما فيه خيره ونفعه، أي أ نّه يطلب من الاسباب أن تسرع في إنتاج ما يبتغيه ويريده، فهو في الحقيقة يطلب الاءسراع المذكور من الله سبحانه، لا نّه السبب في ذلك بالحقيقة، فهذه سنّة الاءنسان وهي مبنيّة علی الاهواء النفسانيّة، فإنّ الاسباب الواقعة ليست في نظامها تابعة لهوي الاءنسان، بل العالم الاءنسانيّ هو التابع الجاري علی ما يجريه علیه نظام الاسـباب اضطراراً، أحبّ ذلك أو كرهه. ولو أنّ السنّة الاءلهيّة في خلق الاشياء والاءتيان بالمسبّبات عقيب أسبابها اتّبعت أو شابهت هذه السنّة الاءنسانيّة المبنيّة علی الجهل فعجّلت المسبّبات والآثار عقيب أسبابها لاسرع الشرّ ـ وهو الهلاك بالعذاب إلي الاءنسان، فإنّ سببه قائم معه ـ وهو الكفر بعدم رجاء لقاء الله والطغيان في الحياة الدنيا لكنّه تعالي لا يعجّل الشرّ لهم كاستعجالهم بالخير، لانّ سنّته مبنيّة علی الحكمة، بخلاف سنّتهم المبنيّة علی الجهالة يَذَرُهُمْ فِي طُغْيَـ'نِهِمْ يَعْمَهُونَ. [8] فانظر كيف بيّن الله سبحانه وجلّ شأنه وتعالي مجده في هذه الآيات القليلة والقصيرة الهدف من الخلق، وطريق السعادة والشقاء، وانتفاع بني آدم من الحياة، ونظام الوجود علی أساس من العدل والكمال، والوصول إلي أعلی درجات الاءنسانيّة، وتسنّم أرقي مراتب الآدميّة، واعتبار لقاء الله هو الهدف والمقصود، وجعل اليائسين من ذلك في حيرة وضلال هائمين في وادي الغفلة والشهوات النفسانيّة. وعدّ لقاء الله والفناء في ذاته بعد ملاحظة الآيات والبيّنات الاءلهيّة في عداد السير في مدارج الكمال ومعارجه! بيان: لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَیْكَ! أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَذلك السير الذي يُختم بالفناء المحض والانصهار الصرف في بقاء الحقّ جلّ وعلا ووجوده، هناك حيث لا يحويه اسم ولا يُحيطه وصف، إذ يرقي علی كلّ فكر ويسمو علی أيّ تصوّر. حيث لا يبلغه وصف الواصفين ولا حمد الحامدين ولا تسبيح المسبّحين ولا تهليل المهلّلين ولا تكبير المكبّرين ولا تمجيد الممجّدين، إذ تضمحلّ عنده وتتلاشي وتفني قبل وصولها إليه. هناك حيث يتربّع رسوله الاعظم ونبيّه الاكرم خاتم الانبياء والمرسلين وسيّد السفراء المكرّمين وأفضل خلق الله أجمعين: محمّد بن عبد الله صلّي الله علیه وآله أبد الآبدين، وقد خلع نعلیه معلناً بكلمته المشهورة: لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَیْكَ! أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَ. [9] وقد أعلن إلي الابد عظمة ذاته اللامتناهية، وأظهر بجلاء من خلال تلك الكلمة تفاهة الخلائق أجمعين في مقابل عظمته. آنجا كه عقاب پر بريزد از پشّة لاغري چه خيزد [10] وقد تطرّق الشيخ نجم الدين الرازيّ في كتاب « مرصاد العباد » إلي مسألة بدء التكوين، حيث عرض هذه الحقيقة بأُسلوب جميل. فقد قال ( ما ترجمته ): وعلی هذا فقد أحاطوا ملكوت أرواحه بتلك اللطيفة القائمة من صفة المحبّة المحمّديّة، ثمّ أجازوها من خلال بوّابة الجوهر علی صورة المُلك والملكوت وصفتهما، حتّي لا تبقي ذرّة من ذرّات المُلك والملكوت لَم تُكَنَّ فيه بشكل سرٍّ من أسرار المحبّة، وحتّي لا تبقي أيّة ذرة من محبّة الخالق خالية وخاوية بحسب استعدادها فتشرع بلسان حالها تقديم الحمد والثناء إلي ربّ العزّة. وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـ'كِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ. [11] گر عرض دهند عاشقانت را هر ذرّه كه هست در شمار آيد طاوس ومگس به يك محلّ باشد چون بازِ غم تو در شكار آيد [12] يا أيّتها الملائكة! لا تفخروا ولا تَغترّوا، ولا تُبيّنوا أنفسكم علی مَسرح الوُجود، مُرَدِّدين: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ. [13] فمن ذا الذي لا يُسبِّحه جلّت عظمته ؟! سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. [14] فالله، جلّت قدرته، أعزّ وأعظم من أن يستطيع أحدنا أداء حقّ حمده وثنائه. إنّ كلّ ما نراه من تسبيح أو تقديس لاهل السماوات والارض ونشهده في كلّ ذرّة من الكائنات، هو من شعاع الثناء لربّنا ( وخالقنا ) ونوره علی سيّدنا (ومولانا )، إذ: سُبحـ'نَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. [15] وبسبب من واسطة مرآة الروح المحمّديّة التي أسدَلتْ ظلالها علی ذرّات الكائنات فقد أضحتْ كلّها مسبِّحة ومقدّسة. وكلٌّ ظنّ أنّ ذلك الثناء إنّما هو من خاصّيّة عبوديّته ؛ ولم يتبيّنوا مصدر هذا الحمد ومنشأه. وما أن جاء دور خلاصة الموجودات وأحاط بالملك والملكوت في التربية والسلوك، وأضحي ثمرة في أعلی شجرة الخلق ( والتكوين ) إذ تمثَّل بـ قَابَ قَوْسَيْنِ واتّسع مدي ناظريه المبصرتينِ بالحقّ، ناداه ربّ العزّة أن: يا محمّد! إثْنِ عَلَیَّ! ( مثلها تفعل ذلك كلّ الموجودات والملائكة )! فعلِمَ صلّي الله علیه وآله أنّ ما حصَّلته كلّ الكائنات من إطراء الثناء ( علی الله عزّ وجلّ ) كان عارية، وأنّ شريعته تقتضي كون: العَارِيَةُ مَرْدُودَةٌ، فردّ الامانة بمقتضي إِنَّ اللَهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الاْمَـ'نَـ'تِ إِلَي'´ أَهْلِهَا [16] فقال: و هل يصحُّ الثناء علی ذات القديم بلسان الحدوث الالكن ؟ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَیْكَ، إنّ الثناء لذاتك يصحّ من صفاتك أنت ؛ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَ. [17] فليست الملائكة الذين هم متعلِّمين مبتدئين في مدرسة آدم وحدهم يجهلون أسماءهم يَـ'´ـَادَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآنءِهِمْ، [18] بل إنّ آدم نفسه وذرّيّته جميعاً هم تحت راية إطراء الثناء من قِبَل محمّد صلّي الله علیه وآله آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الحَمْدِ وَلاَ فَخْرَ. ومن هنا يتّضح أنّ محمّد صلّي الله علیه وآله هو بِزرة الخليقة ( والتكوين )، وهو الثمرة كذلك، وأنّ شجرة الخليقة ( والتكوين ) هي في الحقيقة الوجود المحمّديّ. الحقّ شگرف مرغي كز تو دو كون پر شد نه بال باز كرده نه ز آشيان پريده [19] وتصوَّر أنّ كلّ ما موجود من الملكوتيّات هو جذر تلك الشجرة وأنّ الجسمانيّات كلّها إنّما هي جذع الشجرة، وأنّ الانبياء علیهم الصلاة والسلام هم أغصانها، والمَلَك أوراقها، ولا يمكن بيان ثمرة تلك الشجرة من خلال العبارات أو كتابتها بلسان قلم ثنائيّ اللغة. قصّه ها مينوشت خاقاني قلم اينجا رسيد سر بشكست [20] ويقول شهاب الدين أبو القاسم السمعانيّ في هذا الباب: هَذَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَهِ أَفْصَحَ مِنْ دَبٍّ وَدَرْجٍ، وَأَمْلَحَ مِنْ دَخْلٍ وَخَرْجٍ، يَقُولُ بَعْدَ مَا مَدَّ طَنَابٌ فِي مَدْحِ الجَلاَلِ وَوَصْفِ الجَمَالِ: لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَیْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَ! احتارت العقول في إدراك جلاله، وانكدرت أمواه وجوه الاعزّة مقابل ماء جماله، وانشده لباب أرباب الالباب في فهم نعوته وصفاته، وتلاشت خواطر أصحاب العلوم في حواشي عزّه. وغرق أرباب البصر والبصيرة والذكاء والفطنة وخواطر الخُطّار والحكمة في قطرة من بحار عظمته، واحترقت أسرار الابرار بنار الاُنس بجلاله ؛ فمسَّ قلوبهم الملتهبة وكأ نّي بالعاشقين جميعاً يحملون مشاعل بأيديهم. واستحيت ألسن أهل الفصاحة من مدح جلاله ووصف جماله فكلَّت وعَيَت، فتري آلاف القتلي والجرحي والشهداء والصبّين منثورين هنا وهناك. [21] تدلّ الفقرة الاُولي من هذا الحديث المبارك علی أ نّه يستحيل للبشر أن يحيط بجميع صفات الواحد الاحد وذاته المقدّسة مادامت فيه شائبة من الانانيّة، ذلك أنّ الـ « أنا » ضمير وإشارة إلي حدود ماهويّة وإنّيّة يفيد التقييد ويعني التحديد، في حين أنّ الذات المقدّسة للحقّ تعالي وصفات وأسماء جلاله وجماله لاتحدّها حدود، لا نّه تعالي «لم يزل» و «لا يزال» و «لا متناه»، ذاتاً ووجوداً وصفةً واسماً. وعلی هذا، فإنّ الاءحاطة بذاته وعدّ صفاته وإحصائها من المحال. وهذا يعني أنّ إحاطة الضمير « أنا » الذي هو محدود بالضمير « هو » الذي هو بالفرض غير محدود وخارج عن دائرة العدّ والحدّ غير ممكنة. وتدلّ الفقرة الثانية من هذا الحديث علی أنّ الله غير متناه وسرمديّ بالنسبة لوجود العالم، ولذلك فهو وحده بإمكانه أن يعرف ذاته وصفاته العلیا وأسمائه الحسني. وكذا عبد الله مثل النبيّ فإنّه إذا وصل مقام الفناء في الله، ولم يبق فيه أثر من بقايا الوجود سواء في عالم الحسّ أم في عالم المثال والملكوت الاسفل وسواء في عالم العقل والملكوت الاعلی، فإنّه هناك لن يكون له وجود متعيّن أو كيان محدود وذلك حتّي يكون عالماً ومدركاً فيعرف الله ويمجّد صفاته ويحمده، فهناك يوجد الله وحده لا غير، ومحال وجود شيء غيره. وعلی هذا، فلا أحد يعرف الله غير الله. و «أَنْتَ» في كلام الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَ، إشارة إلي هو الهويّة المطلقة ومنبع الانوار الماهويّة وإنّيّة الحقّ تعالي وتقدّس، المحيط بجميع عوالم الصفات والاسماء الكلّيّة والجزئيّة، وهو أعلی من حسّ كلّ ذي حسّ وفهم كلّ صاحب شعور وإدراك كلّ ذي فهم وإدراك وأرقي منه. ارجاعات [1] ـ يقول: «إنْ تُعطه الدارين مُلكاً له جَنّ وفسد عقله؛ لكن ما حاجة مَن جُنّ بك إلي تلك الدارين ؟». [2] ـ يقول: «إلهي! لا تُرسلني إلي جنَّتك بعد أن شمل وجودك كلّ شيء وأحاط بجميع ما في الكون». [3] ـ يقول: «إنّ تراب عتبة بابك (الطاهرة) هو جنّتي، ونور وجهك الوضّاح هو ïوجودي، وحبُّك قضائي وقَدَري، ورضاك راحتي وهنائي». [4] ـ «مصباح الفلاح ومفتاح النجاح» للآخوند الملاّ محمّد جواد الصافي الكلبايكانيّ، ص 74، الطبعة الحجريّة. روي في «أُصول الكافي» ج 2، ص 84، الحديث رقم ( 5 )، عن علی بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل، عن هارون بن خارجة، عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام: ] إنَّ [ العُبَّادَ ثَلاَثَةٌ *: قَوْمٌ عَبَدُوا اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ خَوْفاً فَتِلْكَ عِبَادَةُ العَبِيدِ، وَقَوْمٌ عَبَدُوا اللَهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَي طَلَبَ الثَّوَابِ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الاُجَرَاءِ، وَقَوْمٌ عَبَدُوا اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ حُبَّاً لَهُ فَتِلْكَ عِبَادَةُ الاَحْرَارِ؛ وَهِيَ أَفْضَلُ العِبَادَةِ. وجاء في «نهج البلاغة» باب الحِكَم، الحكمة رقم 237، ومن طبعة مصر، مطبعة عيسي البابيّ الحلبيّ بشرح الشيخ محمّد عبده، ج 2، ص 189: وَقالَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ: إنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَإنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ العَبِيدِ، وَإنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الاَحْرَارِ. * ـ جاء في بعض النسخ: ] العِبَادَةُ ثَلاَثٌ [. [5] ـ هذه الفقرات التي أوردها الحقير آنفاً نقلاً عن كتاب «رسالة في لقاء الله» لآية الحقّ وسند العرفان المرحوم آية الله الميرزا جواد آقا الملكيّ التبريزيّ أعلی الله درجاته السامية، هي ما جاء في النسخة الخطّيّة التي استنسخها الحقير أيّام دراستي الدينيّة في البلدة الطيّبة قم في عام 1368 ه حيث إنّنا في العام 1415، أي قد مضي علی ذلك 47 عاماً، والحقّ أنّ هذه العبارات وبقيّة ما تتضمّنه الرسالة والتي تنمّ عن نفس جيّاشة وحسرة حارقة ونيّة أصيلة للفقيد؛ هي ذات دفع وتأثير بليغين، وأنّ مطالعتها والتأمّل في محتوياتها من قبل السالكين في سبيل الله ضروريّ. خلال إقامتي أنا الحقير في النجف الاشرف لغرض الدراسة، كنتُ أُطالع هذه الرسالة، وأغرف من بحرها الواسع. ذات يوم استضفتُ أحد علماء الكاظميّة الذي كانت تربطني به صلة الرحم، وكان قد جاء إلي النجف في زيارة خاصّة، فتباحثنا في مسألة توحيد الحقّ تعالي، فاستشهدتُ أثناء كلامي بحديث: لاَ مُؤَثِّرَ فِي الوُجُودِ إلاَّ اللَهُ. فقال: لا وجود لهذا الحديث! فقلتُ: لا بأس، لا يوجد مثل هذا الحديث، ولكن أليس مضمونه، حيث إنّه من كلام أحد الحكماء، نابعاً من أساس وجذور الآيات والاحاديث ؟ وأضفتُ: يُستحسن أن تقرأ «رسالة في لقاء الله» التي استنسختها ـ أنا الحقير بيديّ حتّي يتسنّي لك إدراك جوهر المسألة! فقال: كثيراً ما بحثتُ عنها ولكن لم أعثر علیها. فأعطيته الرسالة التي في حوزتي علی أن يطالعها في مدّة أُسبوع. فسافر إلي الكاظميّة وبحوزته الرسالة، وفي سفرة أُخري له إلي النجف الاشرف سألته: كيف وجدت الرسالة ؟ فقال: متي ما تصفّحتُ تلك الرسالة، جري الدمع منّي حتّي أنتهي من مطالعتها. نعم، إنّ هذه الرسالة أوّل ما طبعت علی يد السيّد الحاجّ ميرزا خليل الكمرهاي، وقد شابها التحريف والإضافة. وبعد ذلك تمّ تصوير تلك النسخة المطبوعة، وطبعت بعد حذف بعض الملحقات منها وإدخال التحريف في المحتوي؛ وبعد ذلك نشرها السيّد أحمد الفهريّ وذلك بإضافة مقالة آية الله الخمينيّ قدّس سرّه إليها، وذلك في سلسلة منشورات «نهضت زنان مسلمان» (= نهضة النساء المسلمات) ما حوته هذه الطبعة من التحريف يعجز اللسان عن وصفه. وفي عام 1405 ه.ق، قامت مؤسّسة (انتشارات هجرت) بطبعها، ومع كونها أصحّ ممّا سبقها من الطبعات، إلاّ أ نّها لم تخلو من التحريف ويأتي هذا بسبب النسخ المطبوعة التي كان لها تأثير جليّ علی طباعتها. وأرجو من الله أن يوفّقني أو آخرين غيري لطبع النسخة الاصليّة كما هي بدون زيادة أو نقصان. والله المستعان. [6] ـ وهذا التفسير هو أحد النحوينِ اللذين نحاهما القاضي البيضاويّ في تفسيره، ذيل الآية. والنحو الثاني هو الذي سننقله قريباً عن تفسير «الميزان» للعلاّمة قدّس الله سرّه، إن شاء الله تعالي. [7] ـ وهي الآية 10، من السورة 10: يونس؛ أي أ نّها تعقب آية: إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَـ'نِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الاْنْهَـ'رُ فِي جَنَّـ'تِ النَّعِيمِ. [8] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 10، مقتطفات من ص 6 إلي 24. [9] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 6، ص 95. [10] ـ يقول: «ما الذي تستطيع بعوضة صغيرة فعله حيث ينفض النسر ريشه هناك». [11] ـ جزء من الآية 44، من السورة 17: الإسراء. [12] ـ يقول: «لو عُرض عشّاقُك لعُدَّت فيهم كلُّ ذرّات الوجود. وسيكون الطاووس والذبابة في مصافّ بعضهما حين يطير باز عشقك ليصطاد». [13] ـ الآية 30، من السورة 2: البقرة. [14] ـ الآية 1، من السورة 57: الحديد. [15] ـ الآية 180، من السورة 37: الصافّات. [16] ـ آلاية 58، من السورة 4: النساء. [17] ـ ابتدأ آية الله في زمانه وحكيم عصره المرحوم الحاجّ الشيخ محمّد حسين الكمبانيّ الإصفهانيّ قدّس سرّه منظومته «تحفة الحكيم» بالابيات المادحة التالية: يَا مَبْـدَأَ الكُلِّ إلیْـكَ المُنـتَـهَـي لَكَ الجَـلاَلُ وَالجَـمَـالُ وَالبَـهَا يَا مُـبْــدِعَ الـعُـقُــولِ وَالاَرْوَاحِ وَمُـنْـشِـيَ النُّفُـوسِ وَالاَشْــبَاحِ كَلَّ لِـسَـانُ الكُلِّ عَـن ثَـنَـائِـكَ وَضَـلَّ فِـي بَـيْـدَاءِ كِـبْـرِيَائِـكَ أَنْتَ كَـمَـا أَثْنَـيْـتَ يَا رَبِّ عَلَی نَفْـسِـكَ لاَ أُحْصِـي ثَنَـاءً لاَ وَلاَ [18] ـ الآية 33، من السورة 2: البقرة. [19] ـ يقول: «حقّاً ما أعظمك من طائر ملا أركان الكونينِ، ولمّا يفتح جناحيه بعد أو يطير من العشّ». [20] ـ «مرصاد العباد» ص 61 إلي 63، طبعة (بنگاه ترجمه ونشر كتاب)، ويقول: «لقد أ لّف الخاقانيّ القصص، فلمّا وصل إلي هنا (هذه المسألة) انكسر لُبّ قلمه». [21] ـ «روح الارواح في شرح أسماء المَلِك الفتّاح» بتصحيح وشرح نجيب مايل الهرويّ، ص 47. وقال المعلّق علی ذلك في فهرس الاحاديث القدسيّة والنبويّة ص 692 و 693 بعد أن اقتبس ستّة مواضيع نقلاً عن هذا الحديث في هذا الكتاب: «حديث نبويّ مشهور جدّاً. وروي في «الموطّأ» كما يلي: اللَهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ؛ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَیْكَ... إلي آخره. ونسب ابن ماجة سلسلة الرواة لهذا الحديث إلي علی علیه السلام. راجع: «سنن ابن ماجة» ج 1، ص 373 وج 2، ص 1262؛ و«الجامع الصغير» ج 1، ص 229؛ و«كشف المحجوب» للهجويريّ، ص 355، و«عبهر العاشقين» ص 104؛ و«كاشف الاسرار» للاسفرايينيّ، ص 50؛ و«نقد النصوص» ص 26؛ و«التمهيدات» لعين القضاة الهمدانيّ، ص 124 و 200؛ و«مجمع البحرين» للابرقوهيّ، ص 443، حيث نقله هكذا «لاَ أُثْنِي ثَنَاءً عَلَیْكَ...». وقال المعلّق كذلك تحت عنوان: أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَ، في ص 6 و 7 و 9 من الفهرس بعد أن أتي علی ذكر موضعين من الكتاب «حديث نبويّ مشهور». وذُكر في «الجامع الصغير» ج 1، ص 59 هكذا: اللَهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ؛ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَیْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَ. راجع كذلك: «المصباح» للحمويّة، ص 79، ترجمة «الرسالة القشيريّة» ص 544. |
|
|