|
|
الصفحة السابقةاعرفوا الله باللهومن هنا تأتي دلالة العين الفيّاضة للاحاديث والروايات علی أ نّه يجب معرفة الله بالله: اعْرِفُوا اللَهَ بِاللَهِ. روي محمّد بن يعقوب الكلينيّ بسند متّصل عن الاءمام جعفر الصادق علیه السلام حيث قال: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ: اعْرِفُوا اللَهَ بِاللَهِ! وَالرَّسُولَ بِالرِّسَالَةِ وَأُولِي الاَمْرِ بِالاَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالعَدْلِ وَالاءحْسَانِ.[1] وروي كذلك بسنده عن علیّ بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولي رسول الله صلّي الله علیه وآله أ نّه قَالَ: سُئِلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ: بِمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ ؟! قَالَ: بِمَا عَرَّفَنِي نَفْسَهُ! قِيلَ: وَكَيْفَ عَرَّفَكَ نَفْسَهُ ؟! قَالَ: لاَ يُشْبِهُهُ صُورَةٌ وَلاَ يُحَسُّ بِالحَوَاسِّ وَلاَ يُقَاسُ بِالنَّاسِ. قَرِيبٌ فِي بُعْدِهِ بَعِيدٌ فِي قُرْبِهِ. فَوْقَ كُلِّ شَيءٍ وَلاَ يُقَالُ: شَيءٌ فَوْقَهُ، أَمَامَ كُلِّ شَيءٍ وَلاَ يُقَالُ: لَهُ أَمَامٌ. دَاخِلٌ فِي الاَشْيَاءِ لاَ كَشَيءٍ دَاخِلٍ فِي شَيءٍ ؛ وَخَارِجٌ مِنَ الاَشْيَاءِ لاَ كَشَيءٍ خَارِجٍ مِنْ شَيءٍ. سُبْحَانَ مَنْ هُوَ هَكَذَا وَلاَ هَكَذَا غَيْرُهُ وَلِكُلِّ شَيءٍ مُبْتَدِيٌ. [2] وروي بسنده أيضاً عن منصور بن حازم أ نّه قال: قُلْتُ لاِبِي عَبْدِ اللَهِ عَلَیْهِ السَّلاَمُ: إنِّي نَاظَرْتُ قَوْماً فَقُلْتُ لَهُمْ: إنَّ اللَهَ جَلَّ جَلاَلُهُ أَجَلُّ وَأَعَزُّ وَأَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ بِخَلْقِهِ، بَلِ العِبَادُ يُعْرَفُونَ بِاللَهِ. فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَهُ. [3] كلام أمير المؤمنين علیه السلام: لَمْ أَكُ بِالَّذِي أَعْبُدُ مَنْ لَمْ أَرَهُوروي الشيخ هادي كاشف الغطاء قائلاً: سَأَلَهُ سَائِلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! خَبِّرْنِي عَنِ اللَهِ تَعَالَي ؛ أَرَأَيْتَهُ حِينَ عَبَدْتَهُ ؟! فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ: لَمْ أَكُ بِالَّذِي أَعْبُدُ مَنْ لَمْ أَرَهُ! فَقَالَ لَهُ: فَكَيْفَ رَأَيْتَهُ حِينَ رَأَيْتَهُ ؟! فَقَالَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ: وَيْحَكَ! لَمْ تَرَهُ العُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الاَبْصَارِ، وَلَكِنْ رَأَتْهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الاءيمَانِ. مَعْرُوفٌ بِالدِّلاَلاَتِ، مَنْعُوتٌ بِالعَلاَمَاتِ، لاَ يُقَاسُ بِالنَّاسِ وَلاَ تُدْرِكُهُ الحَوَاسُّ. [4] وروي الكلينيّ هذا المضمون بسند متّصل عن سنان أ نّه قال: حضرتُ أبا جعفر علیه السلام فدخل علیه رجل من الخوارج فقال له: يا أبا جعفر! أَيَّ شَيءٍ تَعْبُدُ ؟! قال: اللَهَ تَعَالَي. قال ( الخارجيّ ): رَأَيْتَهُ ؟! قَالَ: بَلْ لَمْ تَرَهُ العُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الاَبْصَارِ، وَلَكِنْ رَأَتْهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الاءيمَانِ. لاَ يُعْرَفُ بِالقِيَاسِ وَلاَ يُدْرَكُ بِالحَوَاسِّ وَلاَ يُشْبِهُ بِالنَّاسِ. مَوْصُوفٌ بِالآيَاتِ، مَعْرُوفٌ بِالعَلاَمَاتِ، لاَ يَجُورُ فِي حُكْمِهِ ؛ ذَلِكَ اللَهُ لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ. قَالَ: فَخَرَجَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ». [5] ورأيتُ في بعض الكتب إضافة ما يلي في ذيل هذه الرواية: إنّ الله لا يجور في حكمه. ذلك الله لا معبود إلاّ هو. يقول الشيخ نجم الدين الرازيّ: وأمّا الطائفة التي تنأي بوجهها عن الاغراض البشريّة والمقاصد النفسانيّة وتقع في حبائل جذبات الاُلوهيّة وتصل إلي عالم الربوبيّة خلال سيرها في طريق العبوديّة فتكون مستعدّة لقبول الفيض دون واسطة فهي علی صنفين: الاوّل هو الذي كان في الصفّ الاوّل في عالم الارواح من صفوف الاَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فأصبح مستعدّاً لتقبّل فيض الاُلوهيّة دون واسطة، والانبياء علیهم السلام هم من هذا الصنف فهم مستقلّون هنا في قبول نور الهداية. وأمّا الصنف الثاني فيمثّل أرواح الاولياء الذين كانوا هناك مستعدّين لقبول فيض الحقّ من سماء أرواح الانبياء علیهم السلام، وهم مستعدّون لتقبّل ذلك الفيض هنا كذلك في ظلّ اتّباعهم علیهم السلام، ولا نّه رُشّ علی طينة روحانيّتهم خميرته، ثُمَّ رَشَّ عَلَیْهِمْ مِنْ نُورِهِ، فلمّا أعرضوا بوجههم عن الزخارف الدنيويّة بفعل حبائل الجذبة، فهم هنا كذلك يشاهدون ذلك النور من وراء آلاف الحُجُب من حجب عزّة جمال الوحدانيّة، كما قال أمير المؤمنين علیّ رضوان الله علیه: لاَ أَعبُدُ رَبَّاً لَمْ أَرَهُ، وهنا تكمن مبادي الحبّ. اصل همه عاشقي ز ديدار افتد چون ديده بديد آنگهي كار افتد [6] خطبة أمير المؤمنين في وصف الله تعالي في جواب ذعلبروي الشيخ الصدوق بسند متّصل عن عبد الله بن يونس، عن الاءمام جعفر الصادق علیه السلام أ نّه قال: بَيْنَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ يَخْطُبُ عَلَی مِنْبَرِ الكُوفَةِ، إذْ قَامَ إلیهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ذِعْلَبٌ، ذَرِبُ اللِسَانِ بَلِيغٌ فِي الخِطَابِ شُجَاعُ القَلْبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟! فَقَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلَبُ! مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبَّاً لَمْ أَرَهُ! قَالَ: يَا أَميِرَ المُؤْمِنِينَ! كَيْفَ رَأَيْتَهُ ؟! قَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلَبُ! لَمْ تَرَهُ العُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الاَبْصَارِ، وَلَكِنْ رَأَتْهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الاءيمَانِ. وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ! إنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَطَافَةِ فَلاَ يُوصَفُ بِاللُطْفِ، عَظِيمُ العَظَمَةِ لاَ يُوصَفُ بِالعِظَمِ، كَبِيرُ الكِبْرِيَاءِ لاَ يُوصَفُ بِالكِبَرِ، جَلِيلُ الجَلاَلَةِ لاَ يُوصَفُ بِالغِلَظِ. قَبْلَ كُلِّ شَيءٍ فَلاَ يُقَالُ: شَيءٌ قَبْلَهُ ؛ وَبَعْدَ كُلِّ شَيءٍ فَلاَ يُقَالُ: شَيءٌ بَعْدَهُ. شَائِي الاَشْيَاءِ لاَ بِهِمَّةٍ، دَرَّاكٌ لاَ بِخَدِيعَةٍ. هُوَ فِي الاَشْيَاءِ كُلِّهَا غَيْرُ مُتَمَازِجٍ بِهَا وَلاَ بَائِنٍ عَنْهَا. ظَاهِرٌ لاَ بِتَأْوِيلِ المُبَاشَرَةِ، مُتَجَلٍّ لاَ بِاسْتِهْلاَلِ رُؤْيَةٍ، بَائِنٌ لاَ بِمَسَافَةٍ، قَرِيبٌ لاَ بِمُدَانَاةٍ، لَطِيفٌ لاَ بِتَجَسُّمٍ، مَوْجُودٌ لاَ بَعْدَ عَدَمٍ، فَاعِلٌ لاَ بِاضْطِرَارٍ، مُقَدِّرٌ لاَ بِحَرَكَةٍ، مُرِيدٌ لاَ بِهَمَامَةٍ، سَمِيعٌ لاَ بِآلَةٍ، بَصِيرٌ لاَ بِأَدَاةٍ. لاَ تَحْوِيهِ الاَمَاكِنُ، وَلاَ تَصْـحَبُهُ الاَوْقَاتُ، وَلاَ تَحُـدُّهُ الصِّـفَاتُ، وَلاَ تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ. سَبَقَ الاَوْقَاتَ كَوْنُهُ، وَالعَدَمَ وُجُودُهُ، وَالاِبْتِدَاءَ أَزَلُهُ. بِتَشْعِيرِهِ المَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ، وَبِتَجْهِيرِهِ الجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ جَوْهَرَ لَهُ، وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الاَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ ضِدَّ لَهُ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الاَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ. ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَالجَسْوَ بِالبَلَلِ، وَالصَّرْدَ بِالحَرُورِ. مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا، دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَی مُفَرِّقِهَا، وَبِتَأْلِيفِهَا عَلَی مُؤَلِّفِهَا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ». [7] فَفَرَّقَ بِهَا بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ قَبْلَ لَهُ وَلاَ بَعْدَ، شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا عَلَی أَنْ لاَ غَرِيزَةَ لِمُغَرِّزِهَا، مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لاَ وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا. حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ غَيْرُ خَلْقِهِ. كَانَ رَبَّاً إذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَإلَهاً إذْ لاَ مَأْلُوهٌ، وَعَالِماً إذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَسَمِيعاً إذْ لاَ مَسْمُوعٌ. ثُّمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: وَلَمْ يَـزَلْ سَـيِّدِي بِالحَـمْـدِ مَـعْـرُوفَا وَلَمْ يَـزَلْ سَـيِّدِي بِالجُـودِ مَـوْصُـوفَا وَكُنْتَ [8] إذْ لَـيْـسَ نُـورٌ يُـسْـتَضَـاءُ بِهِ وَلاَظَـلاَمٌعَـلَـي الآفَــاقِ مَـعْـكُـوفَا وَرَبُّـنَـا بِـخِــلاَفِ الـخَـلْـقِ كُـلِّـهِـمِ وَكُلِّ مَا كَـانَ فِـي الاَوْهَـامِ مَـوْصُـوفَا فَـمَـنْ يُـرِدْهُ عَلَی التَّـشْـبِيـهِ مُمْتَـثِـلاً يَرْجِـعْ أَخَـا حَصَـرٍ بِالعَـجْـزِ مَكْتُـوفَا وَفِي المَـعَـارِجِ يَلْقَـي مَـوْجُ قُـدْرَتِـهِ مَوْجاً يُعَارِضُ طَـرْفَ الرُّوحِ مَكْفُـوفَا فَاتْـرُكْ أَخَا جَـدَلٍ فِي الدِّيـنِ مُنْعَمِقـاً قَدْ بَاشَـرَ الشَّـكُّ فِـيـهِ الرَّأْيَ مَـأْوُوفَا وَاصْـحَـبْ أَخَـا ثِقَـةٍ حُـبَّـاً لِـسَـيِّـدِهِ وَبِالـكَـرَامَـاتِ مِـنْ مَـوْلاَهُ مَـحْـفُـوفَا أَمْسَي دَلِيلَ الهُدَيَ فِي الاَرْضِ مُنْتَشِراً وَفِي السَّـمَـاءِ جَمِيلَ الحَـالِ مَعْـرُوفَا قَالَ: فَخَرَّ ذِعْلَبٌ مَغْشِيَّاً عَلَیْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، وَقَالَ: مَا سَمِعْتُ بِهَذَا الكَلاَمِ، وَلاَ أَعُودُ إلی شَيءٍ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الكِتَابِ: فِي هَذَا الخَبَرِ أَلفَاظٌ قَدْ ذَكَرَها الرِّضَا عَلَیْهِ السَّلاَمُ فِي خُطْبَتِهِ، [9] وَهَذَا تَصْدِيقُ قَوْلِنَا فِي الاَئِمَّةِ عَلَیْهِمُ السَّلاَمُ: إنَّ عِلْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَأْخُوذٌ عَنْ أَبِيهِ حَتَّي يَتَّصِلَ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. [10] نعم، فمضافاً إلي أنّ هذه الحديث المبارك يدلّ علی أنّ رؤية الله بعين القلب أمر ممكن بل ولازم، فإنّه كذلك وبعد التمحيص جيّداً في عباراته يمكن أن نتحسّس من خلاله وحدة وجود الحقّ تعالي بشكل واضح ومبرهن، وخصوصاً تلك العبارة التي يقول فيها: حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ غَيْرُ خَلْقِهِ. فإذا كان المقصود من هذه العبارة أنّ العلّة في حجب بعض الخلائق عن بعضها هي أن يُعلَم أن لا حجاب بينه وبين مخلوقاته، فعبارة غَيْرُ خَلْقِهِ تبدو زائدة، لا نّه كما قال: بتشعيره المشاعر ( للخلق ) عُرف أنّ الله لا مشعر له، وبتجهيره الجواهر عُرف أن لا جوهر له، وخلق الغرائز شاهدة علی أن لا غريزة للّه (بِتَشْعِيرِهِ المَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ مَشْعَرَ لَهُ، وَبَتَجْهِيرِهِ الجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لاَ جَوْهَرَ لَهُ.... شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا عَلَی أَنْ لاَ غَرِيزَةَ لِمُغَرِّزِهَا)، فكان لزاماً أن يقول هنا كذلك: حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ لِيُعْلَمَ أَنْ لاَ حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ. إلاّ أ نّنا نشاهد هنا أ نّه أضاف عقيب تلك الكلمة قائلاً: غَيْرُ خَلْقِهِ، والغرض من ذلك تفهيم السامع أنّ لا توجد بين الحقّ المتعال وبين مخلوقاته فاصلة أو بعد أو حجاب غير نفس تعيّن المخلوقات. فإذا أزلت التعيّن من وجود المتعيّن فلن يبقي هنالك شيء غير الوجود المطلق، وهو عبارة عن وجود الحقّ سبحانه وتعالي. ولانّ مرجع التعيّن أمر عدميّ واعتباريّ لهذا: لَيْسَ فِي العَالَمِ إلاَّ الوُجُودُ المُطْلَقُ وَالبَسِيطُ وَالبَحْتُ وَالصِّرْفُ وَهُوَ الحَقُّ تَعَالَي شَأْنُهُ وَعَلاَ مَجْدُهُ. وجود اندر همه اشياء ساري است تعيّنها امور اعتباري است [11] أبيات الملاّ الروميّ في عظمة لقاء أمير المؤمنين للّه تعاليوقد بيّن الملاّ الرومي مسألة رؤية أمير المؤمنين علیه السلام الله تعالي ومشاهدته بعين الوحدانيّة والفناء في ذاته واسمه وصفته والنظر إلي جميع العوالم باعتبارها ظهوراً له تعالي من خلال قصّة مشوقّة موضّحاً حقيقة ذلك. فمن خلال عرض الملاّ الروميّ لبيان توحيد مولانا أمير المؤمنين علیه السلام يقوم بوصف حالة إشهاره السيف بوجه الكافر لقتله، وقيام الكافر بالبصق علی وجهه وإعراضه علیه السلام عن قتله في تلك اللحظة، وسؤال الكافر عن علّة ذلك، وإسلامه دونما حاجة إلي السيف والقتال والمبارزة، في الابيات التالية: از علیّ آموز اخلاص عمل شير حقّ را دان منزّه از دغل در غزا بر پهلواني دست يافت زود شمشيري بر آورد وشتافت [12] او خدو انداخت بر روي علیّ افتخار هر نبيّ وهر وليّ او خدو انداخت بر روئي كه ماه سجده آرد پيش او در سجده گاه در زمان انداخت شمشير آن علی كرد او اندر غزايش كاهلي گشت حيران آن مبارز زين عمل از نمودن عفو ورحم بي محل گفت بر من تيغ تيز افراشتي از چه افكندي مرا بگذاشتي آن چه ديدي بهتر از پيكار من تا شدي تو سست در اشكار من آن چه ديدي كه چنين خشمت نشست تا چنين برقي نمود وباز جست [13] آن چه ديدي كه مرا ز آن عكس ديد در دل وجان شعلهاي آمد پديد آن چه ديدي بهتر از كون ومكان كه به از جان بود وبخشيديم جان در شجاعت شير ربّانيستي در مروّت خود كه داند كيستي در مروّت ابر موسائي به تيه كامد از وي خوان ونان بي شبيه [14] ثمّ يواصل الملاّ رحمة الله علیه شعره علی هذا المنوال، حتّي يصل إلي حيث يقول: اي علی كه جمله عقل وديدهاي شمّهاي واگو از آن چه ديدهاي تيغ حلمت جان ما را چاك كرد آب علمت خاك ما را پاك كرد بازگو دانم كه اين اسرار هوست زانكه بيشمشير كشتن كار اوست [15] صانع بي آلت وبي جارحه واهب اين هديهها بي رابحه صد هزاران ميچشاند روح را كه خبر نبود دل مجروح را صد هزاران روح بخشد هوش را كه خبر نبود دو چشم وگوش را [16] عظمة المقام التوحيديّ لامير المؤمنين علیه السلاميقول الملاّ: سأل الكافر علیّاً: يا علی المرتضي! يا أمير المؤمنين! يا من يفيض وجوده بالعقل والدراية، أُناشدك أن تبيّن لي قليلاً ممّا حصل وجعلك تعرض عن قتلي والذي منحني الحياة الخالدة ومُنّ عَلَیّ بالاءسلام. أنت ذلك الشخص الذي قتل بصبره وحلمه اللذين هما أمضي من السيف البتّار شركي ووثنيّتي وأحييتني علی عالم التوحيد واليقين والعرفان ووهبتني حياة جديدة! أنت ذلك الشخص الذي أسجد لنا الملائكة بماء حياته وعلمه ومعرفته، وطهّر طينة خلقتنا من دنس الشرك والجهل وسار بنا نحو النور وضياء العلم بـ عَلَّمَ ءَادَمَ الاْسْمَآءَ كُلَّهَا منتشلاً إيّانا من دياجير الظلمة وشوائب الجهل! والآن قل لي أليس قتل نفسي الامّارة بالسوء من دون حسام أو سيف هو من عمل الله علاّم الغيوب، فهو الذي يُحدث الاُمور بلا أسباب ووسائل ومقدّمات ومعدّات ولا يحتاج إلي مساعد ومعين ورفيق. هو الذي يعمل دون آلة أو جوارح، ويسخّر لنا كلّ هذه العطايا والهبات مجّاناً ودون مقابل ولا يبتغي من وراء ذلك منفعة أو فائدة. هو الذي يسقي أرواحنا آلافاً مؤلّفة من المعاني السامية والمسائل الرفيعة دون أن تطّلع علی ذلك قلوبنا ومهجنا التي تمسك الروح بزمامها. هو الذي يوصل إلي فهمنا وإدراكنا آلافاً من الاُمور الغامضة والمشاكل المستعصية، والتي لا سبيل إلي إدراكها بحواسّنا الظاهرة من سمع أو بصر، ومنافذ درك هذه العلوم بوساطة هذه الحواسّ مغلقة. باز گو اي باز عرش خوش شكار تا چه ديدي اين زمان از كردگار چشم تو ادراك غيب آموخته چشمهاي حاضران بر دوخته [17] آن يكي ماهي همي بيند عيان و آن يكي تاريك ميبيند جهان و آن يكي سه ماه ميبيند بهم اين سه كس بنشسته يك موضع نَعَم [18] چشم هر سه باز وچشم هر سه تيز در تو آميزان [19] واز من در گريز سحر عين است اين عجب لطف خفي است بر تو نقش گرگ وبر من يوسفي است عالم ار هجده هزار است وفزون هر نظر را نيست اين هجده زبون [20] يا علیّ المرتضي، أيّها الباز الصيّاد الماهر الاثير عند عرش الله، يا مَن أوقع أفضل وأسمي النفوس في حبائل محبّته وفتوّته وعدله، فأخرجها من نفسها الشهوانيّة وأدخلها في عالم الروح المعنويّة والحياة السرمديّة، فأخرجتها من ذاتها وألحقتها بربّها! والآن أخبرني ما الذي رأيتَ من ربّك حتّي انصرفت عن قتلي وأخذت بيدي عند ربّي ؟! فعينا سرّك وباطنك استقتا علم الغيب في حين أنّ عيون الآخرين قد خيطت وسُدّت. ببين تفاوت ره از كجاست تا بكجا ؟ [21] إنّه لامرٌ عجب، أن يجلس ثلاثة أنفار في مكان واحد: أحدهم موحّد يُبصر الله بالوحدانيّة ويري جميع العوالم متجلّية في ظهور وطلوع وجهه، والثاني مشرك يعبد الاوثان ويُنكر خالق الاكوان مقضيّاً حياته في عبادة المادّة والانتماء إلي الطبيعة، وثالث يقول بالتثليث ( الذات والعلم والروح ). ويؤمن ويعتقد بأنّ الاب والابن والروح القدس هم ثلاثة أقانيم. فهؤلاء الثلاثة لهم أعين وبصر حادّ ولكنّ القمر الذي في السماء له شكل مختلف في عين كلّ منهم. الاوّل يعترف بوحدة القمر والثاني ينكره بالمرّة ويراه الثالث بعينه الرمداء ثلاثاً، والثلاثة هم في حالة تفاعل مع الحقيقة العلويّة التي تمثّل جوهر الوحدة وفي نفس الوقت يعيشون حالة الفرار من ذاتهم وأنانيّتهم، فعجباً: هل ما حدث كان سحراً وخداعاً أغشي أعين الناظرين أم هو من فعل ألطافه الخفيّة سبحانه علیك يا علی إذ كان بإمكانك أن تعاملني معاملة الذئب لفريسته وتقطّعني بسيفك إرباً إرباً، لكن صنيعك هذا معي أنقذني كما أُنقِذ يوسف من غيابت الجبّ ورُفع إلي القمر، ومنحني سلطان الدنيا والآخرة. يا علی! الحقّ أ نّك سيفٌ ذو حدّين: حدّه الاوّل غضب وسطوة وطوفان، وحدّه الآخر حياة خالدة وتوحيد وعرفان. فأيّ شخص أنت! أفعالك إلهيّة يعجز عنها الآخرون، وكلّ عوالم الملك والملكوت هذه مطيعة لك مؤتمرة بأمرك. فعل إيمانك يسخّر له القلوب ويترك آثاره علیها، إنّه سلطان توحيدك وعرفانك الذي تسلّط علی قلبي، أنا الكافر القادم لمبارزتك وقتالك، والذي صيّرني مسلماً في لحظة واحدة. نعم، فالعوالم المادّيّة والمثاليّة والعقليّة كلّها لك مطيعة بحول الله وقوّته، فلو أن عدد العوالم كان ثمان عشرة ألف أو أكثر فإنّها لا تأتمر بأمر أحد إلاّ بأمرك أنت ولا تنقاد إلي رأي إلاّ رأيك. راز بگشا اي علیّ مرتضي اي پس از سوءُ القَضا حُسْنُ القَضا يا تو واگو آنچه عقلت يافته است يا بگويم آنچه بر من تافته است از تو بر من تافت چون داري نهان ميفشاني نور چون مه بيزبان ليك اگر در گفت آيد قرص ماه شبروان را زودتر آرد به راه [22] از غلط ايمن شوند واز ذهول بانگ مه غالب شود بر بانگ غول ماه بيگفتن چو باشد رهنما چون بگويد شد ضيا اندر ضيا چون تو بابي آن مدينة علم را چون شعاعي آفتاب حلم را باز باش اي باب بر جوياي باب تا رسند از تو قُشور اندر لُباب باز باش اي باب رحمت تا ابد بارگاه ما لَهُ كُفْوًا أحَدْ [23] يا علی، أيّها المرتضي، أزح الستار واكشف الاسرار! يا من أبدلت سوء عاقبتي وشركي وهلاكي في سبيل الطاغوت، إلي حسن العاقبة والاءيمان والحياة الخالدة في سبيل الله! ويا من استردّ حقّه في الخلافة وأصبح ملاذاً لجميع خلق الله في حسن القضاء الاءلهيّ، بعد أن غصبه الخليفة الثالث مقامه ومنزلته! والآن تفضّل عَلَیّ وأخبرني ما الذي تناهي إلي عقلك، وجعلك تنصرف عن قتلي وقتالي، أم هل أُخبرك أنا بالذي غمرني من فيض النفحات السبحانيّة والسبحات الرحمانيّة فملا قلبي بالاءيمان وصبّ علی روحي اليقين ؟! إنّ هذه الفيوضات القدسيّة والالطاف القدّوسيّة التي أُغدقت عَلَیّ كلّها نابعة من قلبك المبارك، فكيف لك والحال هذه أن تكتم كلّ ذلك ؟ كالبدر المنير في ليلة تمامه ينير الطريق للناس في ظلمة الليل الحالك دون بيان. فكيف بنا إذا كان هذا البدر يهدي بالبيان مع ما له من نور وضياء، فذاك نور علی نور وسيُحيل العالم المظلم إلي دنيا مضيئة بنور الهداية، بفعله وقوله وتكوينه وتشريعه. «لا نّك باب مدينة العلم، ولا نّك شعاع من شمس الحلم»يا باب مدينة علم النبيّ، وبوّابة معرفتها. فبحقّ ما لك من المنزلة الرفيعة، وما تتّصف به من حلم رسول الله وصبره وجلده دمتَ ذخراً للباحثين عن العلم وطالبي طريق السلامة والعقل والمعرفة، حتّي تنضج الالباب، وتنفذ من القشور إلي اللب والجوهر وينتقل العالم المجرّد والقدرة المحضة إلي الفعلیّة الصرفة. دامت باب مدينة علمك مفتوحة إلي الابد ولا أُغلقت مطلقاً، فأنت الملاذ الذي لا ندّ له ولا نظير، ووحيد معركة الفضيلة والرسالة هذه، وحارس ساحة الواحد الذي لا شريك له فأنت الكفء لهذه الحراسة! تصريح «مولانا» بعدم إمكان الوصول بدون شيخ وأُستاذهر هوا وذرّهاي خود منظري است ناگشاده كي بود كآنجا دري است تا نبگشايد دري را ديدهبان در درون هرگز نجنبد اين گمان [24] چون گشاده شد دري حيران شود مرغ اميّد وطمع پرّان شود غافلي ناگه به ويران گنج يافت سوي هر ويرانه زان پس ميشتافت تا زدرويشي نيابي تو گهر كي گهر جوئي ز درويش دگر سالها گر ظنّ دود با پاي خويش نگذرد زاشكاف بينيهاي خويش تا ببيني نايدت از غيب بوي غير بيني هيچ ميبيني بگوي [25] يا علی أيّها المرتضي! أنت شيخ الطريقة! أنت معلّم الاُمّة ودليلها أنت السيّد والمرشد إلي سبل الله! افتح لقلبي باباً! وخذ بيديّ فإنّي لا استطيع الوقوف علی قدمي. فما أكثر المناظر الخلاّبة الموجودة بين السماء والارض، ولكن أ نّي للسجين الذي أُوصدت علیه أبواب السجن أن يُمتّع ناظريه بها ؟! فإن لم يفتح السجّان باباً علی قلوب الاتقياء فلن يستعر أمل اللقاء ورجاء الوصول في قلوب النجباء، وأمّا إذا فتح وليّ الله والسيّد باباً من الحبّ علی قلب السالك، قُدحت في الفؤاد شرارة ونشر طائره جناحيه استعداداً للتحليق نحو عوالم القدس. فلا يصحّ القول بأنّ البعض قد وصل إلي غايته دونما حاجة إلي معلّم وحاز علی كنزه المنشود، هذا ما يقوله الغافلون وينطق به الجاهلون فيكون كمن عثر بالصدفة علی كنز في خربة فيقضي عمره كلّه يجول في الخرائب بحثاً عن كنوز أُخري، فهو مسكين لا يعلم أن ليس كلّ خربة تحوي كنزاً. فلا مناص من اتّخاذ المعلّم وفتح نافذة من فضائله علی قلوبنا من عالم الغيب حتّي يتيسّر فتح الطريق، كالدراويش والعارفين الذين سلكوا الطريق وغنموا، فإن نهلتَ من منهلهم فتوجّه نحو مسحوقي الفؤاد والدراويش، لتنهل منهم كذلك. إذا انطلق السالك نحو هدفه سنوات طوال معتمداً فكره وتصوّره واختياره وظنّه، فقد استند علی رجليه هو لا رجلي معلّم محنّك. وعلی هذا فهو لا يستطيع التقدّم خطوة أبعد من أنانيّته أو التحرّك خارج نطاق نفسه، مادمتَ لا تري إلاّ نفسك فلا أثر لعالم الغيب، ولا أمل في حصولك علی نفحة منه. ففي هذه الحالة، فإنّك ستري دوماً الاغيار وليس الاخيار، فإن كنت قد وصلت بذلك إلي أحبابك فبيّن لنا ذلك حتّي نتّبع طريقتك دونما حاجة إلي إرشاد معلّم أو ولاية شيخ! واعلم أنّ ما أورده الملاّ الروميّ في هذه الابيات له نفس محتوي ومضمون تلك الرواية التي ذكرناها في خطبة أمير المؤمنين علیه السلام في جوابه علی ذعلب، برواية عن الاءمام جعفر الصادق علیه السلام والتي رواها الشيخ الصدوق في « التوحيد » بسند متّصل عن عبد الله بن يونس. وقد بدا من كلام مولانا أمير المؤمنين علیه السلام في تلك الرواية أ نّه لم يشأ أن يقول بأ نّي أنا وحدي الذي رأيت ربّي ولهذا أعبده، بل من الواجب أن يكون هذا حال جميع عباد الله. فإذا دقّقنا في عبارة: مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبَّاً لَمْ أَرَهُ، لظهر جليّاً أ نّه علیه السلام إنّما أراد أن يُشعر كلّ العابدين بأنّ هذا هو واجبهم تجاه معبودهم، واستخدامه لفظة مَا كُنْتُ إنّما كان مثالاً رائعاً في بيانه لتلك الحقيقة المسلّم بها. رواية «كفاية الاثر» في لزوم لقاء الله تعالي برؤية القلبودليلنا علی أنّ وجوب لقاء الله ورؤيته بعين القلب وحقيقة الاءيمان واجب علی جميع البشر يقومون بعبادة وتقديس الله، معبودهم، هو رواية جليلة وغنية، التي ذكرها شيخنا الاقدم: الشيخُ السعيد علیّ بن محمّد بن علیّ الخَزّاز القمّيّ في كتابه القيّم والنفيس الموسوم بـ « كفاية الاثر في النصوص علی الائمّة الاثني عشر » ورواها عنه كذلك العلاّمة المجلسيّ رضوان الله علیه في « بحار الانوار ». فقد رواها المجلسيّ نقلاً عن الكتاب المذكور عن الحسين بن علیّ، عن هارون بن موسي، عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام أ نّه قال: كنتُ عند الاءمام الصادق جعفر بن محمّد علیه السلام فدخل علیه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعيَن. فقال معاوية بن وهب: يَابْنَ رَسُولِ اللَهِ! مَا تَقُولُ فِي الخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ رَأَي رَبَّهُ عَلَی أَيِّ صُورَةٍ رَآهُ ؟ وَعَنِ الحَدِيثِ الَّذِي رَوَوْهُ أَنَّ المُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الجَنَّةِ عَلَی أَيِّ صُورَةٍ يَرَوْنَهُ! فَتَبَسَّمَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ! [26] مَا أَقْبَحَ بِالرَّجُلِ يَأْتِي عَلَیْهِ سَبْعُونَ سَنَةً أَوْ ثَمَانُونَ سَنَةً يَعِيشُ فِي مُلْكِ اللَهِ وَيَأْكُلُ مِنْ نِعَمِهِ، ثُمَّ لاَ يَعْرِفُ اللَهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ! ثُمَّ قَالَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ: يَا مُعَاوِيَةُ! إنَّ مُحَمَّداً صَلَّي اللَهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ لَمْ يَرَ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَي بِمُشَاهَدَةِ العِيَانِ. وَأَنَّ الرُّؤْيَةَ عَلَی وَجْهَيْنِ: رُؤْيَةُ القَلْبِ وَرُؤْيَةُ البَصَرِ ؛ فَمَنْ عَنَي بِرُؤْيَةِ القَلْبِ فَهُوَ مُصِيبٌ، وَمَنْ عَنَي بِرُؤْيَةِ البَصَرِ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَهِ وَبِآيَاتِهِ ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ: مَنْ شَبَّهَ اللَهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ. وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: سُئِلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ فَقِيلَ: يَا أَخَا رَسُولِ اللَهِ! هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟! فَقَالَ: وَكَيْفَ أَعْبُدُ مَنْ لَمْ أَرَهُ ؟! لَمْ تَرَهُ العُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ العِيَانِ ؛ وَلَكِنْ رَأَتْهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الاءيمَانِ. فَإذَا كَانَ المُؤْمِنُ يَرَي رَبَّهُ بِمُشَاهَدَةِ البَصَرِ فَإنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ [27] عَلَیْهِ البَصَرُ وَالرُّؤْيَةُ فَهُوَ مَخْلُوقٌ، وَلاَبُدَّ لِلْمَخْلُوقِ مِنَ الخَالِقِ ؛ فَقَدْ جَعَلْتَهُ إذاً مُحْدَثاً مَخْلُوقاً! وَمَنْ شَبَّهَهُ بِخَلْقِهِ فَقَدِ اتَّخَذَ مَعَ اللَهِ شَرِيكاً. وَيْلَهُمْ! أَوَ لَمْ يَسْمَعُوا يَقُولُ اللَهُ تَعَالَي: «لاَ تُدْرِكُهُ الاْبْصَـ'رُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاْبْصَـ'رَ وَهُوَ اللَطِيفُ الْخَبِيرُ»[28]. وَقَوْلَهُ: «لَن تَرَب'نِي وَلَـ'كِنِ انظُرْ إِلَي الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ و فَسَوْفَ تَرَب'نِي فَلَمَّا تَجَلَّي' رَبُّهُ و لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ و دَكًّا». [29] وَإنَّمَا طَلَعَ مِنْ نُورِهِ عَلَی الجَبَلِ كَضَوْءٍ يَخْرُجُ مِنْ سَمِّ الخِيَاطِ ؛ فَدُكْدِكَتِ الاَرْضُ وَصَعَقَتِ الجِبَالُ فَخَرَّ مُوسَي صَعِقاً أَيْ مَيِّتاً. فَلَمَّا أَفَاقَ وَرُدَّ عَلَیْهِ رُوحُهُ قَالَ: سُبْحَانَكَ تُبْتُ إلیْكَ مِنْ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَ نَّكَ تُرَي، وَرَجَعْتُ إلی مَعْرِفَتِي بِكَ أَنَّ الاَبْصَارَ لاَ تُدْرِكُكَ، وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ وَأَوَّلُ المُقِرِّينَ بِأَ نَّكَ تَرَي وَلاَ تُرَي، وَأَنْتَ بِالمَنْظَرِ الاَعْلَي! ثُمَّ قَالَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ: إنَّ أَفْضَلَ الفَرَائِضِ وَأَوْجَبَهَا عَلَی الاءنْسَانِ مَعْرِفَةُ الرَّبِّ وَالاءقْرَارُ لَهُ بِالعُبُودِيَّةِ. وَحَدُّ المَعْرِفَةِ أَنْ يَعْرِفَ أَ نَّهُ لاَ إلَهَ غَيْرُهُ، وَلاَ شَبِيهَ لَهُ وَلاَ نَظِيرَ، وَأَنْ يَعْرِفَ أَ نَّهُ قَدِيمٌ مُثْبِتٌ مَوْجُودٌ [30] غَيْرُ فَقِيدٍ مَوْصُوفٌ مِنْ غَيْرِ شَبِيهٍ وَلاَ مُبْطَلٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ. وَبَعْدَهُ مَعْرِفَةُ الرَّسُولِ وَالشَّهَادَةُ بِالنُّبُوَّةِ، وَأَدْنَي مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ الاءقْرَارُ بِنُبُوَّتِهِ وَأَنَّ مَا أَتَي بِهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ فَذَلِكَ مِنَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَبَعْدَهُ مَعْرِفَةُ الاءمَامِ الَّذِي بِهِ تُؤْتَمُّ ] يُؤْتَمُّ [ بِنَعْتِهِ وَصِفَتِهِ وَاسْمِهِ فِي حَالِ العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَأَدْنَي مَعْرِفَةِ الاءمَامِ أَ نَّهُ عِدْلُ النَّبِيِّ إلاَّ دَرَجَةَ النُّبُوَّةِ، وَوَارِثُهُ، وَأَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةُ اللَهِ وَطَاعَةُ رَسُولِ اللَهِ، وَالتَّسْلِيمُ لَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَالرَّدُّ إلیْهِ، وَالاَخْذُ بِقَوْلِهِ. وَيَعْلَمَ أَنَّ الاءمَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلاَمُ، وَبَعْدَهُ الحَسَنُ ثُمَّ الحُسَيْنُ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ أَنَا، ثُمَّ بَعْدِي مُوسَي ابْنِي، وَبَعْدَهُ عَلِيٌّ ابْنُهُ، وَبَعْدَ عَلِيٍّ مُحَمَّدٌ ابْنُهُ، وَبَعْدَ مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ ابْنُهُ، وَبَعْدَ عَلِيٍّ الحَسَنُ ابْنُهُ ؛ وَالحُجَّةُ مِنْ وُلْدِ الحَسَنِ. ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ! جَعَلْتُ لَكَ أَصْلاً فِي هَذَا فَاعْمَلْ عَلَیْهِ، فَلَوْ كُنْتَ تَمُوتُ عَلَی مَا كُنْتَ عَلَیْهِ لَكَانَ حَالُكَ أَسْوَأَ الاَحْوَالِ! فَلاَ يَغُرَّنَّكَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَهَ تَعَالَي يُرَي بِالبَصَرِ! قَالَ: وَقَدْ قَالُوا أَعْجَبَ مِنْ هَذَا ؛ أَوَ لَمْ يَنْسِبُوا آدَمَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ إلی المَكْرُوهِ ؟! أَوَ لَمْ يَنْسِبُوا إبْرَاهِيمَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ إلی مَا نَسَبُوهُ ؟! أَوَ لَمْ يَنْسِبُوا دَاوُدَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ إلی مَا نَسَبُوهُ مِنْ حَدِيثِ الطَّيْرِ ؟! أَوَ لَمْ يَنْسِبُوا يُوسُفَ الصِّدِّيقَ إلی مَا نَسَبُوهُ مِنْ حَدِيثِ زُلَيْخَا ؟! أَوَ لَمْ يَنْسِبُوا مُوسَي عَلَیْهِ السَّلاَمُ إلی مَا نَسَبُوهُ مِنَ القَتْلِ ؟! أَوَ لَمْ يَنْسِبُوا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ إلی مَا نَسَبُوهُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ ؟! أَوَ لَمْ يَنْسِبُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَیْهِ السَّلاَمُ إلی مَا نَسَبُوهُ مِنْ حَدِيثِ القَطِيفَةِ ؟! إنَّهُمْ أَرَادُوا بِذَلِكَ تَوْبِيخَ الاءسْلاَمِ لِيَرْجِعُوا عَلَی أَعْقَابِهِم! أَعْمَي اللَهُ أَبْصَارَهُمْ كَمَا أَعْمَي قُلُوبَهُمْ، تَعَالَي اللَهُ عَن ذَلِكَ عُلُوَّاً كَبِيرَّاً. [31] ارجاعات [1] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 85، باب أ نّه لا يعرف إلاّ به، حديث رقم 1. [2] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 86، حديث رقم 2. [3] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 86، حديث رقم 3. [4] ـ «مستدرك نهج البلاغة» ص 157، الباب الثالث، منشورات مكتبة الاندلس بيروت، واستند عبد العلیّ كارنغ مستشهداً بذلك في كتاب «اثبات وجود خدا» (= إثبات وجود الله) في التعلیقة في ص 5، خلال ترجمة مقالة: «هل للعالم خالق ؟» بقلم الدكتور دمرداش عبد المجيد سرحان أخصّائي العلوم التربويّة. وذُكر الحديث أعلاه في «مفاتيح الإعجاز» شرح «گلشن راز» ص 57، طبعة منشورات المحموديّ، علی الصورة التالية: سأل ذعلب اليمانيّ الإمام علیّ المرتضي علیه السلام: أَفَرَأَيْتَ رَبَّكَ ؟! فأجاب: أَفَأَعْبُدُ مَا لاَ أَرَي ؟ ثمّ قال: رَأَيْتُهُ فَعَرَفْتُهُ فَعَبَدْتُهُ؛ لَمْ أَعْبُدْ رَبَّاً لَمْ أَرَهُ! «فَمَن كَانَ يَرْجُـوا لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَـ'لِحًا وَلاَ يُشْـرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا. (الآية الاخيرة، من السورة 18: الكهف). [5] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 97، بابٌ في إبطال الرؤية، الرواية رقم 5. وأمّا الآية التي ذكرها الخارجيّ فهي الآية 124، من السورة 6: الانعام. [6] ـ «رسالة عشق وعقل» (= رسالة العشق والعقل) ص 58 و 59، طبعة بنگاه ترجمه ونشر كتاب. يقول: «إنّ أساس الحبّ وبدايته تكون من نظرة، فإذا رأت العين واكتسبت تلك النظرة وقع ما هو مُقَدَّرٌ ومكتوب». [7] ـ الآية 49، من السورة 51، الذاريات. [8] ـ يقول في التعلیقة: جاء في «بحار الانوار» وفي نسختين من نسخ «التوحيد» للصدوق لفظة «وَكَانَ». [9] ـ كتاب «التوحيد» للصدوق، ص 34 إلي 41، الحديث الثاني من باب التوحيد ونفي التشبيه. [10] ـ «التوحيد» لابن بابويه، ص 308 و 309؛ الباب 43، حديث ذعلب، الخبر رقم 2، منشورات مكتبة الصدوق وروي العلاّمة المجلسيّ هذا الخبر في «بحار الانوار» ج 2، ص 200 و 201، طبعة الكمبانيّ، في كتاب جوامع التوحيد، بنفس هذه العبارات عن «التوحيد» للصدوق. ونقله العلاّمة الطباطبائيّ في تفسير «الميزان» ج 6، ص 104 و 105، عن «التوحيد» للصدوق. وروي العلاّمة المجلسيّ في «بحار الانوار» ج 2، ص 120 و 121 عن نصّ «الكفاية» بسنده عن هشام أ نّه قال: كنتُ عند الإمام جعفر الصادق علیه السلام فدخل علیه معاوية بن وهب وسأل أسئلة تخصّ الرؤية فأجاب الإمام علی ذلك قائلاً: يَا مُعَاوِيَةُ! مَا أَقْبَحَ بِالرَّجُلِ يَأْتِي عَلَیْهِ سَبْعُونَ سَنَةً أَوْ ثَمَانُونَ سَنَةً، يَعِيشُ فِي مِلْكِ اللَهِ وَيَأْكُلُ مِنْ نِعَمِهِ، ثُمَّ لاَ يَعْرِفُ اللَهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ. ثمّ استشهد الإمام برواية عن أبيه، عن الإمام السجّاد، عن الإمام الحسين بحديث أمير المؤمنين علیه السلام: سُئِلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ فَقِيلَ: يَا أَخَا رَسُولِ اللَهِ! هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟! فَقَالَ: وَكَيْفَ أَعْبُدُ مَنْ لَمْ أَرَهُ! لَمْ تَرَهُ العُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ العِيَانِ، وَلَكِنْ رَأَتْهُ القُلُوبُ بِحَقَائِقِ الإيمَانِ. وللإمام الصادق علیه السلام هنا بيان مسهب في أن الله لا يُري بالعين الباصرة: وروي المجلسيّ قدّس سرّه رواية مفصّلة في ج 4، ص 118 و 119 من طبعة الكمبانيّ أيضاً في باب: ما تفضّل صلوات الله علیه به علی الناس بقوله: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، وَفِيهِ بَعْضُ جَوَامِعِ العُلُومِ وَنَوَادِرِهَا، عن «التوحيد» و«الامالي» للصدوق بسند آخر عن أصبغ بن نُباتة، حتّي يصل إلي سؤال ذعلب وجواب الإمام. وقد أشار المرحوم المحدّث القمّيّ إلي هذه الاحاديث ومواضعها في «بحار الانوار» وذلك في «سفينة البحار» في ج 1، ص 484، في كلمة: ذعلب، وفي ص 493، في كلمة رؤية. [11] ـ يقول: «إنّ الوجود سارٍ في كلّ الاشياء، وأمّا التعيُّنات فهي أُمور اعتباريّة». [12] ـ يقول: «تعلَّم الإخلاص في العمل من علیّ الذي عرف ربّه ونزّهه من كلّ دنس. علیُّ هـذا ظفر بُمحاربٍ خـلال معركة له معه فسـارع إلي إخراج سـيفه من غمده». [13] ـ يقول: « فتفل ( الملعون ) بوجـه الإمـام علی الرغـم من كونه فخـر كلّ نبيّ ووصـيّ. لقد تفل اللعين علی وجهٍ يسجد القمر لجلاله وعظم شأنه. فأرجع الإمام سيفه إلي غمده علی أثر ذلك وكأنّ اللعين قد ألزمه حجّة. فأحتار ذلك المقاتل من هذا التصرُّف، ورحمة الإمام وعفوه دونما سببٍ يعقله. فساءله: لِمَ أغمدتّ سيفك البتّار بعد أن شهرته عَلَیَّ وكنت في موضع القوّة والسيطرة ؟ فما الذي رأيت فكان أفضل من محاربتك لي وصار سبب تراجعكَ عن قتلي ؟ وما الذي رأيتَ حتّي سكن غضبك عَلَیّ وسخطكَ تجاهي وخفتا بعد أن كانا كالبرق الخاطف ؟». [14] ـ يقول: «لقد تلظّت النار في قلبي وروحي بفعل عملك هذا؛ أنت حقّاً أسد الله الذي حاز علی كلّ مراتب الشجاعة؛ وأنت من انفرد بالمروءة ولم يُشرك معه أحداً؛ مثلك في المروءة كمثل غمامة موسي التي كانت تُغدق النِّعم الكثيرة علی قومه». [15] ـ يقول: «يا علیّ! يا كلّ العقل ومجموع النواظر، حدِّث ولو قليلاً بما رأيتَ. إنّ حسام حلمك قطّعنا إرباً إرباً، وطهّرَ ماء علمك هذا ترابنا وطينتنا. قُل لي! أكان ذلك من أسرار الله، إذ القتل بدون سيف دأبه وديدنه ؟». [16] ـ يقول: «أعلَم أنّ الذي وهبك هذا إنّما هو الخالق (لكلّ شيء) دون آلة أو جوارح. هو الذي يسقي الروح آلاف الكؤوس (من المعاني)، لكن القلوب المجروحة لا تحسّ بذلك. وهو الذي يمنح الإدراك آلاف الارواح والمعاني التي تجهلها العين والاُذن». [17] ـ جاء في «لغت نامة دهخدا» ج 22، كتاب «دال»، لفظ «دوخته» ص 329، العمود الايسر: «بر دوخته» بمعني الذي خِيط. واستشهد بقول النظاميّ: دهي چون بهشتي برافروخته بهشتي صفت حُلّه بر دوخته يقول: «قريةٌ مُضيئة متلالئة كالجنّة، ترفل في حُلّةٍ (جميلة) كأصحاب الجنّة». [18] ـ يقول في الابيات: «أخبرني، يا صقر العرش الماهر في الصيد، ما الذي رأته عيناك من الغيب ولم تره عيون الحاضرين. فلقد تعلّمت عيونك إدراك الطيب، بينما أعين الحاضرين قد خيطت وأُغلقت. فمنهم من يري القمر عياناً وباستمرار، ومنهم من يري العالم مظلماً. وثالثٌ يري القمر وكأ نّه ثلاثة أقمار؛ وكلُّهم جالسون معاً في مكان واحد». [19] ـ جاء في «لغت نامة دهخدا» ج 2، كتاب «آ» ص 183، العمود الاوسط، لفظ «آويزان»: يعني حال الامتزاج والاختلاط. [20] ـ جاء في «لغت نامة دهخدا» ج 25، كتاب «زاء» ص 202، العمود الايمن، لفظ «زبون»: المُطيع المنقاد. وأورد عدّة شواهد، منها بيت شعر للعطّار يقول فيه: زبون عشق شو تا بر كشندت كه هر گاهي كه كم گشتي فزوني يقول: «كُن مطيعاً للعشق حتّي تُقتل، فإن أنت تنزّلتَ رَفَعَك وزادَك (مقاماً)». كما أورد شاهداً من المولويّ: ما چو مصنوعيم وصانع نيستيم جز زبون وجز كه قانع نيستيم يقول: «نحن مصنوعون لا صانعون، لذا لسنا إلاّ قانعين صاغرين مُنقادين». كما ذكر شاهداً من الملاّ حسين الكاشفيّ: براي يك دمه شهوت كه خاك بر سر آن زبون زن شدن آئين شيرمردان نيست يقول: «إنّ شيم أُسد الرجال لا ترتضي الخضوع لامرأة من أجل لحظة شهوة تعيسة!». يقول في أبيات المتن: «فالثلاثة يمتلكون عيوناً مفتوحة وحادّة النظر، مُحدقين بكَ وفارّين مِنّي. أهذا سِحر أم لُطف خفيّ حيث أُعطيتَ دَور الذئب وأُعطيتُ دَورَ يوسف. ولو كان عدد العوالم ثمانية عشر ألفاً أو أكثر فهي لن تكون مطيعة أو منقادة لرأي أيّ منها؛ لانّ رأيك وأمرك وحده هو الذي جعلها مُنقادة ومطيعة». [21] ـ يقول: «انظر إلي البون الشاسع بين هذا وذاك!». [22] ـ يقول: «اكشـف الاسـرار يا علیّ المرتضي، يا مَن منَّ بحسـن قضائه بعد أن جوبِهَ بسـوء القضـاء. فإمّا أن تقول أنت كلّ ما احتواه عقلك وأحاط به، وإمّا أذكر أنا ما حَلّ بي. فقد سطع من نورك عَلَیّ ما يشبه نور القمر وضيائه. ولا يغرّنّكم ذلك فإنّ ضياء القمر هَدي الكثير في ظلمات الليل وأسعفهم بالوصول». [23] ـ يقول: «فآمنهم (ضياء القمر) من الوقوع في المحذور وطغي سلطانه علی بطش الغيلان في جوف الصحراء. فالقمر هادٍ وقائد مع أ نّه لا ينطق، فإذا ما نطق كان نوراً علی نور. فلا نّكَ باب مدينة العلم، ولا نّكَ شعاع شمس الحلم والرأفة. فلتبقَ مفتوحاً يا باب العلم بوجه مَن يبحثون عن تلك الباب حتّي ينفذون من قشرك إلي لبّك. ولتبقَ مفتوحاً يا باب الرحمة إلي الابد؛ يا ملاذاً، ما له كفواً أحد». [24] ـ يقول: «إنّ لكلّ ذرّة ونَسمة منظرها الخاصّ وشكلها المُمَيَّز. فإن لم تُفتَح باب من الابواب لا يمكن تصوّر ما خلف تلك الباب أبداً». [25] ـ يقول: «فإذا فُتحت باب من تلك الابواب تحيّر طائر الامل وصار يطمع في التحليق والطيران. وقد وجد غافل كنزاً في خربة، فصار يهرع إلي كلّ خربة يراها (فيفتِّشها). وإذ لم يتمكّن المرء من اغتنام جوهرة من درويش صادفه، فإنّه بالتأكيد لن يحصل علی ذلك من درويش غيره. ولو سعي الظنّ إلي الجري برجليه سنوات طوال ما خطا أبعد من أنفه. ولو لم يأتك من الغيب شيء؛ ما كنت تستطيع النظر أبعد من أنفكَ». «مثنوي معنوي» للملاّ محمّد البلخيّ الروميّ، أواخر الجزء الاوّل، ص 96 و 97، طبعة علاء الدولة؛ وص 96 و 97؛ طبعة الميرزا المحموديّ؛ وص 97 و 98، طبعة الميرخاني. [26] ـ وفي «الكفاية» جاء بلفظ: « يَا فُلاَنُ ». [27] ـ جاءت في «الكفاية» كلمة حَازَ، با الحاء المهملة. [28] ـ الآية 103، من السورة 6: الانعام. [29] ـ قسم من الآية 143، من السورة 7: الاعراف. [30] ـ جاء في «الكفاية» مُثْبِتٌ بِوُجُودٍ. [31] ـ «بحار الانوار» ج 2، ص 120 و 121، باب نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، طبعة الكمبانيّ وطبعة المكتبة الحيدريّة، ج 4، ص 54 إلي 56؛ و«كفاية الاثر» ص 256 إلي 260، منشورات بيدار. |
|
|