|
|
الصفحة السابقةو رواه أيضاً الشّيخ الحسن بن عليّ بن الحسين بن شعبة الحرّانيُّ في «تُحف العقول» من قوله عليه السّلام: إنَّ هذه القلُوبَ أوْعِيَةٌ فَخَيرُهَا أوْعَاهَا إلي آخر الحكمة بعين ما رواه في «الخصال»، إلاّ أنّه زاد لفظ: و رواهُ كِتابِهِ عقيبَ لئلاّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَ بَيِّنَاتُهُ، و في الآخر قال: يَا كُمَيْلُ أُولئِكَ أُمَنآءُ اللَهِ فِي خَلْقِهِ، وَ خُلَفَاؤُهُ فِي أرْضِهِ، وَ سُرُجُهُ فِي بِلاَدِهِ، و الدُّعَاةُ إلي دِينِهِ؛ واشَوْقَاهُ إلَي رُؤيَتِهِمْ؛ أسْتَغْفِرُو اللَهَ لِي وَ لَكَ. [1] و رواه أيضاً الشّيخ الاقدم أبو إسحق إبراهيم بن محمّد الثَّقفيُّ الكوفيّ في كتاب «الغارات» بإسناده عن محمّد، عن الحسن، عن إبراهيم، عن أبي زكريّا، عن الثّقة،[2] عن كميل بن زياد، بعين ما في «الخصال» من العبارة. [3] و رواه أيضاً المفيد في أماليه في المجلس التّاسع و العشرين [4]. و رواه جَدُّنا العلاّمة محمّد باقر المجلسيّ ـ رضوان الله عليه[5] ـ في المجلَّد الاوّل من «البحار» في باب «أصناف النّاس في العلم و فضل حبِّ العلماء»، عن «الخصالِ» و «تحفِ العقول» و «الغارات» و «نهج البلاغة» و شَرزحَه شرحاً نافعاً و قال في آخره: «و إنّما بيّنا هذا الخبر قليلاً من التَّبيين لكثرة جَدواه للطّالبين، و ينبغي أن ينظروا فيه كلَّ يومٍ بنظر اليقين، و سَنُوضح بعضَ فوائده في كتاب الاءمامة إن شاء الله تعالي». [6] و قال بعد نقله هناك أي في المجلَّد السَّابع من «البحار» في باب «الاضطرار إلي الحجّة» بعد أن نقله عن الصّدوق في «إكمال الدِّين» بأسانيدَ متعدِّدة: «قد مَرَّ هذا الخبر بشرحه بأسانيدَ في باب فضلِ العلم». و أشار إلي وجوده في بعض الكُتُب الاخر ك «المحاسن» و «السَّرائر» مع بيانه لبعض الفقرات. [7] أقول: أمّا البحث عن سند هذه الرّواية فنحن في غنيً عنه، خصوصاً بملاحظة ما ذكرناه من كثرة طُرقها بحيث يمكن أن يُدَّعي فيها اًلاستفاضة؛ علي أنَّ احتواءَ متنه علي المباني الرَّشيقة، و المعاني البديعة، و الحقائق العالية، و الدَّقائق السّامية ممَّا لا يمكن أن يخطر علي قلب أحدٍ إلاّ من كان في معدن الولاية، و علي دَوحة الاءمامة ـ صَلوات الله عليه ـ. و أمّا عن دلالتها فقد قال المجلسيُّ ـ قُدَّس سرُّه ـ «لمّا كانت سلسلة العلم و العرفان لا تنقطع بالكلّيّة مادام نوع الاءنسان، بل لابدَّ من إمام حافظ للدّين في كلِّ زمان، استدرك أميرالمؤمنين عليه السّلام كلامه هذا بقوله: اللُّهمَّ بَلَي. و في «النَّهج»: لاَ تَخْلُوا الارضُ مِن قائِمٍ لِلّه بِحُجَّةٍ إمَّا ظاهراً مَشهُوراً أو خائفاً مغُموراً؛ و في «تحف العقول»: مِن قائمٍ بِحُجَّتِه إمّا ظاهراً مَكْشُوفاً أو خائفاً منفَرداً لِئلاَّ تُبطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَ بَيِّنَاتُهُ وَ رُوَاةُ كِتابِهِ. و الاءمام الظّاهر المشهور كأميرالمؤالمؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ و الخائف المغمور كالقائم في زماننا، و كباقي الائِمَّةِ المستورين للخوف و التَّقيّة. و يحتمل أن يكون في الائمّة عليهم السّلام داخلين في الظّاهر المشهور... و علي الثاني يكون الحافظون و المُودِعون الائمّة عليهم السّلام. و علي الاوّل يحتمل أن يكون المرادُ شيعَتَهم الحافظين لاديانهم في غيبتهم». [8] أقول: إنّ لزوم بقاء العِلم و العرفان في نوع الاءنسان، و لزوم إمامٍ حافظٍ للدِّين في كلِّ زمان ممَّا لا إشكال فيه؛ إنّما الكلام في أنَّ محطز سياق هذا الخبر هل هو للدّلالة علي لزوم إمام بالخصوص في كلِّ زمان، أو للدّلالة علي لزوم طائفةٍ من العلماء الرَّبَّانيّين، و منهم بل و علي فوقهم الاءمام في كلِّ حين؟ ليس في هذا الخبر لفظُ الاءمام و ما شابَهَه؛ و إنَّما فيه: لاَ تَخْلُو الارضُ مِن قَائِمٍ لِلّهِ بِحُجَّةٍ إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً أوْ خَائفاً مغُموراً. و هذه عناوين كُلِّية تنطبق في كلِّ برهةٍ و زمان علي جمع من العلماء الرَّبَّانيّين الحافظينَ للبيِّنات و الحجج، و المُودعون للعلومِ و الاسرار للنُّظَراء، و الزَّارعون للحقائق و المعارف في قلوب الاشباه. و معلومٌ أنَّ الاءمام أعلي مصداق لانطباق هذه العناوين، لا أنّها مُختصَّةٌ به. و ممَّا يُؤيِّد ذلك أنَّ هذه الحكمة من البيان كانت بصدد تقسيم النّاس علي اختلاف أصنافهم و طبقاتهم الي ثلاث طوائف: عالم ربّاني، و متعلّم علي سبيل نجاةٍ و هَمَج رَعاع؛ و ما فصَّله في ذيل هذه الجملة إنّما هو تفسيرُّ لها. و الاءمام نفسُه أيضاً داخلٌ في هذا التّقسيم، فهو من العلماء الرَّبَّانيّين. و هذا دليل علي أنَّ القائِمَ لله بحجَّةٍ، المشهورَ منه و المغمور ليس خارجاً عن هذا التَّقسيم. و احتمال حصر العالم الرَّبانيِّ فيهم مع أنّه لا شاهد له، يخالفه ما نقله المجلسيُّ عن أئمَّة اللُّغة و الادب بقوله: «و الرَّبانيذ المتألِّه العارفُ بالله تعالي» و كذا قال الفيروزآباديُّ؛ و قال في «الكشّاف»: «الرَّباني هو شديد التَّمسُّك بالله تعالي و طاعته»، و قال في «مجمع البيان»: «هو الّذي يَرُبُّ أمر النّاس بتدبيره و إصلاحه إيَّاه». انتهي.[9] و معلوم أنّ في كلِّ خَلَفٍ عُدولاً من الفقهاء يُؤيِّدون الدِّين المبين و يُشيِّدون النَّهج القويم، يُنَحُّون عنه تحريفَ الغالين و بِدَعَ الضَّالِين؛ و ينطبق عليهم الرَّبّاني في كلِّ من هذه المعاني، حيث إنَّهم بتعلُق قلوبهم بالاسرار الاءلهيّة صارُوا متألِّهين، و المتمسِّكين بدين الله، وَ مُربيِّ النَّاس بتدبير اُمورهم و إصلاحهم إيَّاهم. علي أنّه صَرَّح في الخبر الشَّريف بأنَّ الله يَحفظ بهم حُجَجه و بيِّناتِهِ حتي يُودعوها نُظَراءَهم و يزرعوها في قلوب أشباهِهِم؛ و معلومٌ أن لا نظيرَ للاءمام و لا شبيهَ من الامَّة حَتَّي يصّح إيداع النَّظير و زرعُ الشَّبيه. فالمراد من النظراء و الاشباه جَماعةٌ من العلماء الرَّبَّانيّين العامِلين تَدارَسوا و تعلَّموا و تتَلمَّذُوا في مكتب العُلماء الرَّبَّانيِّين تحت رعايتهم و حفظهم و كَلاءَتهم في كلتا مَرحَلتيِ العلم و العمل حتّي صَعدوا من سُلَّم العلم و المعرفة إلي أقصي مدارجه، و بَلغوا من منازل اليقين و التَّفويض و التَّسليم أعلي معارجه؛ فصاروا مثلَ المودُعين الزَّارعين علمآء ربّانيّين فَجَلسوا علي مَسند التَّعليم، و أخذوا بأيديهم أزمَّة الهداية، و قادُوا النَّاس إلي مصالحهم، و حَفِظُوا بَيِّناتِ الله و حُجزجَه في الارض، و هكذا كلُّ خَلَفٍ عن سَلَفٍ. و يُويِّده أيضاً أنّه روي في «تحف العقول»: لِئلا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَ بَيِّنَاتُهُ وَ رُوَاةُ كِتَابِهِ؛ و رواةُ الكتاب هم العلماءُ المشتغلون المربوبون بتربية الرّبّانيّين في كلِّ زمان. و هذه الرّواية صريحةٌ في ولاية العلماء الفقهاء حيث إنَّه عليه السلام حَصَر الولاية فيهم بقوله: أُولئك أُمَنَاءُ اللَهِ في خَلقِهِ؛ و خُلَفَآؤُه في أرضِهِ، وَ سُرُجُهُ في بِلاَدِهِ، وَ الدُّعَاةُ إلي دِينِه، فعناوين الامناء و الخلفاءِ و السُّرج و الدُّعاة تستلزم الخِلافة و الولاية الاءلهيّة في جميع شؤونها الحقيقيّة و السيّاسيّة من الاءفتاء و القَضاء و الحكومة بمراحلها و أنواعها. و لعمري أنّ هذه الرّواية العالية الغالية الّتي نصَّ المجلسيُّ في شرحها بأنّها كثيرة الجدوي للطّالبين و ينبغي أن يَظنروا فيها كلَّ يوم بنظر اليقين، من أدلِّ الرّوايات الواردة علي ولاية الفقيه العادل الجامع للشّرائط. و ما أدري لايِّ جَهةٍ لم يُشر إليها الاعلام في باب القضاء و الحكومة، و لم يستند إليها الشيخ الانصاريُّ في «المكاسب» و النَّراقي في «المستند»، و لم يذكروها منجملة أدلَّة ولاية الفقيه، مع أنّها من أدلِّها و أصرَحها و أقواها سَنداً و متناً. فإن قلت: لعلَّه لمكان بعض الخواصِّ و الآثار المذكورة فيها مثل قوله عليه السّلام: هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ عَلَي حَقيقَةِ البَصيرَةِ، وَ بَاشَرُوا رُوحَ اليَقِينِ... وَ صَحِبُوا الدُّنيَِا بأبدانٍ أرواحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالمَلاَءِ الاعلَي، حملوها علي طائفةٍ من أهل اليقين، خارجين عن الدِّراسة و التَّعليم من المشتغلين. قلت: لا وجه لهذا الحمل أصلاً، لانَّه بعد أن حَصَر عليه السّلام خلافة الله في أرضه و دعوته إلي دينه فيهم، لا مناص من أن يكون الدَّاعي الرَّبّانيُّ و الخليفةُ الاءلهيَّة متّصفاً بهذه الصِّفات، و إلاّ لا يكون خليفتَه و داعياً ا7ليه، بل يكون غاصباً لهذا المنصب العظيم، مَطروداً عن زُمرة عباد الله الصّالحين و أوليائه المقرَّبين. فالفقيهُ المنصوب من قِبَل الاءمام و صاحب الولاية الكلِّيَّة الاءلهيّة، القائِمُ بالامور و الحاكمُ علي النُّفوس و الاعراض و الاموال، و المُرَبِّي للبشر نيابةً عن الاءمام لابدَّ من أن يكون واجداً لهذه الصِّفات كما يدلُّ عليه الاخبار الكثيرة المستفيضة بل المتواترة بتقارن العلم و العمل، و النَّهي الوكيد عن تصدِّي الامور العامَّة من القضاء و الحكومة لغير العالم الرَّبانيّ الخارج عن طَوع الهوي و المُطيع لامر المولي؛ نعوذ بالله تعالي. 5 ـ روي الشّيخ الثَّقة أبو محمَّد الحسن بن عليِّ بن الحسين بن شُعبة الحرَّانيُّ في كتاب «تُحف العقول» في باب «ما رُوي عن الاءمام التَّقيِّ السِّبط الشَّهيد أبي عبدالله الحسين بن عليِّ عليهما السّلام» في ضمن خطبته في الامر بالمعروف و النّهي عن المنكر: اعْتَبِرُوا أيُّهَا النَّاسُ بِمَا وَعَظَ اللَهُ برهِ أوْلِيَاءَهُ مِنْ سُوءِ ثَنائِهِ عَلَي الاحْبَارِ... ـ إلي أن قال عليه السّلام ـ.[10] ؤ أنتُم أعظَمُ النَّاسِ مُصِيبَةً لِمَا غَلَسْتُم عَلَيْهِ مِن مَنَازِلِ العُلَمَاءِ لَوْ كُنتُمْ تَسَعُونَ ذَلِكَ بِأنَّ مَجَارِيَ الاُمُورِ وَ الاحْكَامِ عَلَي أيدِي العُلَمَاءِ بِاللَهِ الامَنَاءِ عَلَي حَلاَلِهِ وَ حَرَامِهِ. و ذكَر ـ رحمه الله ـ أنَّ هذه الخطبة يروي عن أميرالمؤمنين عليه السّلام. و لتوضيح هذه الرّواية نقول: قال الشَّهيد الثّاني في كتاب «منية المريد»: «إنّ العلومَ كلرها ترجع إلي أمرين، علم معاملة و علم معرفة. فعلم الماملة هو معرفة الحلال و الحرام و نظائرهما من الاحكام، و معرفة أخلاق النَّفس المذمومة و المحمودة و كيفيَّة علاجها و الفرار منها. و علم المعرفة كالعلم بالله تعالي و صفاته و أسمائه. و ما عداهما من العلوم إمّا آلات لهذه العلوم، أو يراد بها عملٌ من الاعمال في الجملة كمالا يخفي علي من تتبَّعها؛ و ظاهر أنّ علوم المعاملة لا تراد إلاّ للعمل، بل لو لا الحاجة إليه لم يكن لها قيمةٌ. و حينئذٍ فنقول: المُحكِم للعلوم الشَّرعيّة و نحوها ا7ذا أهمل تفقُّدَ جوارِحِه و حفظها عن المعاصي و إلزامها اطّاعات، و ترقِّيها من الفرائض إلي النَّوافل، و من الواجبات إلي السُّنن، اتّكالاً علي اتّصافه بالعلم و أنّه في نفسه هو المقصود، مغرورٌ في نفسه، مخدوعٌ عن دينه، يلبيس عليه عاقبة أمره». ثمَّ مثَّل هذه المغرور بالمريض و شَرحه شرحاً نافعاً بما لا مزيد عليه. [11] أقول: فإذن العلماء ثلاثةٌ؛ عالمٌ بالله، و هو الّذي تشرَّف بلقائه تعالي، و أدرك توحبدَه الذَّاتيَّ و الصِّفاتيَّ و الافعاليَّ. و عالمٌ بأمر الله، و هو الّذي تعلَّم من العلوم الرَّسميّة التَّفكيريَّة قدراً يعلم به الاحكامَ الجزئيّة في العبادات و المعاملات و السِّياسات و غيرها. و عالمٌ بالله و بأمرالله و هو الّذي تجلِّي في قلبه أنوار الملكوت، فخرج عن حبِّ الدُّنيا في حضيضِ النَّاسوت، و انشرح صدره للاءسلام، و اتَّسعٍ قلبه للقَبول، و تلقيَّ النَّفخات السُّبحانيَّة من عالم الجبروت، فصار من أهل التّوحيد في ذِروة اللاّهوت، و عرف ربّه بربّه، و عرف الخلقَ بربِّه؛ فصار فانياً في ذاته تعالي باقياً ببقائه؛ فسار في الخلق بالحقّ، و تمَّ له الاسفار الاربعة؛ و هو العالم بالله و بأمر الله؛ و هذا هو الّذي أشار إليه الحُسين ـ صلوات الله عليه ـ: بأنَّ مَجارِيَ الاُمورِ وَ الاحْكَامِ عَلَي أيدِي العُلَماءِ بِاللَهِ الامَناء عَلي حَلاَلِهِ وَ حَرَامِهِ. فالعلماءُ بالله و بأمر الله هم المخصوصون بمزيد لطفه، بإدخاله ايّاهم في حرم قدسه، و إشرابهم من صافي زلال علمه، و إفهامهم العلمَ الاصطلاحيّة بنورٍ إلهيّ منه عن تحقيقٍ و شهودٍ. قال الله تعالي: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَهُ صَدْرَهُ لِلاءسْلَـ'مِ فَهُوَ عَلَي نُورٍ مِن رَبِّهِ. [12] و قال تعالي: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَهَ وَ ءَامِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ. [13] و قال تعالي: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَهَ يَجْعَلْ لَّكُمْ فُرْقَانًا. [14] فهم المأمونون علي حلاله و حرامه، لا كلُّ من يَدرُس أيًّاماً قلائِلَ و حفظ صفحاتٍ من الكُتُب بلا دِراية و لا رِعاية، و لا توحيد و لا معرفة، ثمَّ يجلس علي كرسيِّ التَّدريس و يُفتي عوام النَّاس العُميان، و يخاطبهم بما ضَبَطه و قرَّره في ذهنه، لا يَدري ما هو يقول و لا يُدري، فَضَلَّ و أضلَّ عن سواء السَّبيل. فأولي لهذه الطّائفة المُتسمِّين بالفقه و الجالسين في منصب الحكم أن يُعرَض عنهم لقوله تعالي: فَأَعْرِض عَمَّن تَوَلَّي عَن ذِكْرِنَا وَ لَمْ يُرِدْ إِلاَّ اْلحَيَوةَ الدُّنيَا ذَلِكَ مَبلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبِّكَ هُو أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَي. [15] قال شيخنا الاستاذ المحقِّق المدقِّق العلاّمة الفهَّامة الشَّيخ حسين الحِّليّ ـ تغمَّده اللهُ برحمته ـ في مجلس الدَّرس عند بحثه عن ولاية الفقيه: «و قال بعضُ العلماء: المراد من العلماء بالله في هذه الرّواية قومٌ من أهل المعرفة رفضوا الدُّنيا عن قلوبهم، و ءامِنوا من وساوس الشّيطان و النَّفس الامارّة بإخلاصهم للّه عزَّ وجلّ و تفويضهم الامر إليه كما قال مولانا و إمامنا أميرالمؤمنين ـ سلام الله عليه ـ في خطبته: وَ مَا بَرِحَ لِلّهِ ـ عَزَّتْ آلآؤهُ ـ في البُرهَةِ وَ فِي أزْمانِ الفَتَراتِ عِبَادٌ نَاجَاهُمْ فِي فِكْرِهِمْ، وَ كَلَّمَهُمْ فِي ذَاتِ عُقُولِهِمْ، فَاسْتَصْبَحُوا بِنُورِ يَقَظَةٍ فِي الاسْمَاعِ وَ الابْصَارِ وَ الافئِدَةِ، يُذَّكِّرُونَ بِأَيَّامِ اللَهِ، وَ يُخَوِّفُونَ مَقَامَهُ، بِمَنزِلَةِ الادِلَّةِ فِي الفَلَواتِ. مَنْ أَخَذَ القَصْدَ حَمِدُوا إلَيْهِ طَرِيقَهُ، وَ بَشِّرُوهُ بِالنَّجَاةِ، وَ مَنْ أَخَذَ يَمِيناً وَ شِمَالاً ذَمُّوا إلَيْهِ الطَّرِيقَ، وَ حَدَّرُوهُ مِنَ الهَلَكَةِ، وَ كَانُوا كَذَلِكَ مَصَابِيحَ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ، وَ أدِلَّةَ تِلْكَ الشُّبُهَات. وَ إنَّ لِلذِّكْرِ لاهْلاً أخَذُوهُ مِنَ الدُّنيَا بَدَلاً، فَلَمْ تَشْغَلْهُمْ تِجَارَةٌ وَ لاَ بِيَعٌ عَنْهُ؛ يَقْطَعُونَ بِهِ أَيَّامَ الحَيَاةِ، وَ يَهْتِفُونَ بِالزَّواجِرِ عَنْ مَحَارِمِ اللَهِ فِي أسْمَاعِ الغَافِلِينَ. وَ يَأْمُرُونَ بِالقِسْطِ وَ يأْتَمِرُونَ بِهِ، وَ يَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْهُ؛ فَكَأنَّمَا قَطَعُوا الدُّنيَا إلي الآخِرَةِ وَ هُمْ فِيهَا فَشَاهَدُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ؛ فَكَأنَّمَا اطَّلَعُوا عُيُوبَ أهْلِ الْبَرْزَخِ فِي طُولِ الاءقَامَةِ فِيهِ، وَ حَقَّقَتِ القِيَامَةُ عَلَيْهِمْ عِدَاتِهَا؛ فَكَشَفُوا غِطَاءَ ذَلِكَ لاهْلِ الدُّنْيَا حَتَّي كَأَنَّهُم يَرَوْنَ مَا لاَ يَرَي النَّاسُ، وَ يَسْمَعُونَ مَا لاَ يَسْمَعُونَ... ـ إلي أن قال عليه السّلام ـ: يَعِجُّونَ إلَي رَبِّهِمْ مِن مَقَاوِمِ نَدَمٍ وَاعْتِرَافً، لَرَأيْتَ أعْلاَمَ هُديً، وَ مَصَابِيحَ دُجَيً، قَدْ حَقَّتْ بِهِمُ المَلاَئِكَةُ، وَ تَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَ فُتِحَتْ لَهُمو أَبوَابُ السَّمَاءِ، وَ أُعِدَّتْ لَهُمْ مَقَاعِدُ الكَرَامَاتِ فِي مَقَامٍ اطَّلَعَ اللَهُ عَلَيْهِمْ فِيهِ فَرَضِيَ سَعْيُهُمْ، وَ حَمِدَ مَقَامَهُمْ ـ إلي آخر الخطبة. [16] فهؤلاء هُم العُلماءُ بالله حقّاً؛ و هذا المقام منزلٌ رفيع و شأنٌ جليل لا تَصِلُ أيدينا إليه. نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و نتمسَّك بلطفه و كَرَمه. ثمّ قال قُدِّس سرُّه: واحتمل بعض العلمائ أن يكون المراد من العلماء بالله في قوله عليه السّلام: مَجَارِيَ الاُمورِ و الاحْكامِ عَلي أيْدِي العُلَماءِ بِاللَهِ، العارفين به بقرينة إضافتهم إليه سبحانه؛ والمراد من المَجاري مجاري الامور التَّكوينيّة حتَّي تدلّ هذه الرّواية علي الولاية التكوينيّة للعلماء بالله؛ لكن يُبعِّده ما ورد في ذيله: الاُمَنَاءِ عَلَي حَلاَلِهِ وَ حَرَامِهِ». انتهي كلامهُ رفع مقامُه. 6 ـ روي الشَّيخ الطَّبرسيُّ في «الاحتجاج» عن التّفسير المنسوب إلي العسكريّ عليه السّلام عن الصّادق عليه السّلام في تفسير قوله تعالي: وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَـ'بَ[17] في جواب سأله عن علّة الفرق بين عوامّ اليهود و عوامّنا: فَأَمَّا مَن كَانَ مِن الفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ، حَافِظاً لِدِينِهِ، مُخَالِفاً عَلَي هَوَاهُ، مُطِيعاً لامْرِ مَوْلاَهُ، فَلِلْعَوَامِّ أنْ يُقَلِّدُوهُ. وَ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ إلاَّ بَعْضَ فُقَهَاءِ الشِّيعَةِ لاَ جَمِيعُهُمْ؛ فَأمَّا مَنْ رَكِبَ مِنَ القَبَائِحِ وَ الْفَوَاحِشِ مَرَاكِبَ فَسَقَهِ فُقَهَاءِ العَامَّةِ فَلاَ تَقْبَلُوا مِنْهُمْ شَيئاً، وَ لاَ كَرَامَةَ. الحديث. [18] و هذه روايةٌ مفصَّلة ذاتُ دقائق و لطائف، ذكر العسكريّ عليه السّلام فيها مطالبَ نفيسةً في تفسير الآية، و لكنَّ الشَّيخ في «رسائل» ه لم يذكرها بل اكتفي منها ببيان ما قاله الصّادق في جواب الرّجل السَّائل. و التفسير المنسوب إلي العسكريّ عليه السّلام و إن كان محتوياً علي مَطالبَ غير حَقِّةٍ و تناقضاتٍ واضحة لا يمكن أن تنسب إلي عالم فضلاً إلي عليه السّلام، و لكن بعض ما فيه في غاية المَتانة و الدِّقَّة، و منه هذه الرِّواية. و قد اعترف الشَّيخ ـ رحمه الله ـ بدلالة هذا الخبر الشَّريف اللاّئحة منه آثار الصّدق علي جواز قبول قول من عرف بالتحرُّز عن الكذب و إن كان ظاهره اعتبار العدالة بل مافوقها. و ذهب السَّيِّد محمَّد كاظم الطّباطبائي ـ قدّه ـ في «عروت» ه بأنّه لابدَّ للمفتي مضافاً إلي كونه عادلاً، «أن لا يكون مُقبلاً علي الدُّنيا و طالباً لها، مُكِبّاً عليها، مُجدّاً في تحصيلها»، استناداً إلي هذه الرّواية الشَّريفة. [19] و اعترض عليه السَّيِّد أبوالحسن الاءصفهانيّ ـ قدّّه ـ في حاشيته، بأنَّ «الاءقبال علي الدُّنيا و طلبها إن كان علي الوجه المحرَّم فهو يوجب الفسق النَّافي للعدالة فيُغني عنه اعتبارها، و إلاّ فليس بنفسه مانعاً من جواز التَّقليد؛ و الصِّفات المذكورة في الخبر ليست إلاّ عبارة أخري عن صفة العدالة». انتهي. و تبعه جمعٌ من الاعلام و اكتفوا بالعدالة. و فيه نظر، لانَّ الرِّواية بظاهرها تدلُّ علي لزوم ملكةٍ صالحةٍ في المُفتي، لا يقبل بها علي الدُّنيا، و لا يطيع إلاّ أمر المولي، لا مجرَّد الملكةِ الّتي لا يصدر بها مجرَّد حرامٍ في الخارج و إن لم تكن السّلامة الباطنيَّة محقَّقةً فيه، و بينهما بونٌ بعيد. فالعدالة و هي ملكة الاجتناب عن المحرَّم بلا وصولٍ إلي درجة التَّقوي القلبيِّ و الصَّفاء الباطنيّ لا تُجوز التَّقليد. و لعلَّه إلي هذه الدَّرجة من النّور الاءلهيّ المُشرق أشار الشَّهيد الثّاني في آخر كتابه: «مُنية المريد»، بعد أن ذكر القَدر اللاَّزم من العُلوم الّتي يجب تحصيلُه لمن أراد التَّفقُّه في الدِّين بقوله: «و لا يكون ذلك كلُّه إلاّ بهبةٍ من الله تعالي إلهيّةٍ و قوّةٍ منه قدسيَّةٍ توصله ا7لي هذه البغية، و تُبلِّغه هذه الرُّتبة؛ و هي العمدة في فقه دين الله تعالي، و لا حيلة للعبد فيها بل منحةٌ إلهيَّةٌ و نفحةٌ ربَّانيّة يختصُّ بها من يشاء من عباده إلاّ أنّ للجدِّ و المجاهدة و التوجُّه إلي الله تعالي و الانقطاع إليه أثراً بيِّناً في إفاضتها من الجناب القدسيِّ، وَ الَّذِينَ جَـ'هَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللَهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. [20] 7 ـ ما رواه الرَّضيُّ ـ رحمة الله عليه ـ في «نهج البلاغة» ضمن عهدٍ لاميرالمؤمنين عليه السّلام، كتبه للاشترَ النَّخعيِّ لمّا ولاَّه مِصْرَ، عنه عليه السّلام بقوله: ثُمَّ اختَر لِلْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ أفْضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي نَفْسِكَ مِمَّنْ لاَ تَضِيقُ بِهِ الاُمورُ، وَ لاَ تُمْحِكُهُ الخُصُومُ، وَ لاَ يَتَمَادَي فِي الزَّلَّةِ، وَ لاَ يَحْصَرُ مِنَ الفَي إلَي الحَقِّ إذَا عَرَفَهُ، وَ لاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَي طمَعٍ، وَ لاَ يَكْتَفِي بِأدْنَي فَهْمٍ دُونَ أقْصَاهُ، وَ أوْقَفَهُمْ فِي الشُّبُهَاتِ، وَ آخَذَهُمْ بِالحُجَجِ، وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّماً بِمُرَاجَعَةِ الخَصْمِ، وَ أصْبَرَهُمْ عَلَي تَكْشُفِ الاُمورِ، وَ أصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الحُكْمِ، مِمَّنْ لاَ يَزْدَهِيهِ إطْرَاءٌ، وَ لاَ يَسْتَمِيلُهُ إغْرَاءٌ، وَ أولئِكَ قَلِيلٌ. [21] 8 ـ في كتاب سُليم بن قَيس الهِلاليّ ص 148 في خطبةٍ طويلةٍ خطب بها عليُّ أميرالمؤمنين عليه السّلام العبّاس عمَّه في مسجد رسول الله: (قال أبان عن سُلَيم) قال: إِنْتَهَيْتُ إلَي حَلْقَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسلَّم لَيْسَ فِيهَا إلاَّ هَاشِميُّ غَيْرُ سَلْمَانَ وَ أبي ذَرٍ وَالْمِقْدَادِ وَ مُحَمَّدِبْنِ أبي بَكْرٍ وَ عُمَرَبْنِ أبي سَلَمَةَ وَ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ. فَقَالَ العَبَاسُ لِعَليٍّ ـ صَلَواتُ اللَهِ عَليه ـ مَا تَري عُمَرَ مَنَعَهُ مِنْ أنْ يُغْرِمَ قُنفُذاً كَما أغْرَمَ جَميعَ عُمَّالِهِ؟ فَنَظَرَ عَليُّ عليه السّلام إلي مَن حَوْلَهُ، ثُمَّ اغْرَوْ رَقَتْ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: نَشْكُو لَهُ ضَرْبَةً ضَرَبَها فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ فَمَاتَتْ وَ في عَضُدِهَا أثَرَةٌ كَأنَّهُ الدُّمْلُجُ. ثُمَّ قَالَ عَلَيه السَّلاَمُ: اَلْعَجَبُ مِمّا أشرِبَتْ قُلوبُ هَذِهِ الامَّةِ مِنْ حُبر هَذَا الرَّجُلِ وَ صاحِبِه مِنْ قَبْلِهِ وَ التَّسْلِيمِ لَهُ في كُلِّ شَيء أحْدَثَهُ ـ إلي أن قال: عليه السّلام: إنَّ العَجَبَ كُلَّ العَجَبِ مِنْ جُهّالِ هَذِهِ الامَّةِ وَ ضُلاَلِهَا وَ قادَتِها وَ سَاقَتِهَا إلي النَّار، إنَّهُمْ قَد سَمِعُوا رَسُولَ اللَهِ صَلّي الله عليه وآله وسلّم يَقُولُ عَوْداً وَ بَدءًا: «مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ رَجُلاً قَطُّ أمْرَهَا وَ فِيهِمْ أعْلَمُ مِنْهُ إلاّ لَمْ يَزَلْ أمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفالاً حَتَّي يَرْجِعُوا إلي مَا تَرَكوا». و اوّل من استدلّ بهذه العبارة ردّاً علي من شاغَلَ منصَب الاعْلم و هو غيره سلمانُ الفارسيُّ علي ما فحصناه و وجدناه، لانّه من جملة اثنَي عشَرَ رجلاً ردُّوا علي أبي بكر لمّا صعد المنبر و يريد الخطبة يوم الجمعة خلافةً عن رسول الله بعد البَيْعة، و قام كلُّ واحدٍ منهم واحداً بعد الآخر و استدلّوا علي إمامة الاءمام أميرالمؤمنين عليه السلام ردّاً علي خمفة الخليفة الانتخابي، و إنكاراً علي تشاغله منصب الرّسول صلّي الله عليه وآله وسلّم. أورد هذه القضيّة أحمد بن خالد البرقيّ في «رجال» ه؛ و عبدالجليل القزوينيّ في «النَّقض»؛ و الشَّيخ الصّدوق في «الخصال»؛ و أبو منصور أحمد بن أبي طالب الطَّبرسيّ في «الاحتجاج»؛ و السَّيِّد الاجلُّ عليُّ بن طاووس في «كشف اليقين»؛[22] و أورده المجلسيّ في البحار[23]؛ و كذلك المامقاني في «تنقح المقال»[24]، عن الثّلاثة الاخيرة، بلا إشارة إلي روايتهما هذه القضيّة. و من جملة البراهين الّتي اتّكأ عليه سلمانٌ هو عدم جواز تصدّي غير الاعلم مع وجوده، و ها نحن نأتي بعبارته. فأمّا في «رجال» البَرقيّ أتي بهذه العبارة: ثُمَّ قَامَ سَلْمَانٌ؛ وَ قَالَ: يَا أبَابَكرٍ ! إلَي مَن تَسْتَنِدُ أمْرَكَ إذَا المَوْتُ نَزَلَ بِكَ؟ وَ إلَي مَن تَفْزَعُ إذَا سُئِلَتْ عَنْ أحْكَامِ الامَّةِ عَمّا لاَ تَعْلَمُ؟! أَتَكُونُ إِمَاماً لِمَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قَدِّمْ مَنْ قَدَّمَهُ اللَهُ وَ قَدَّمَهُ رَسُولُ اللَهِ فِي حَياتِهِ. [25] و أمّا في «النَّقض» فقد أتي بهذه العبارة: يَا أبَابكرٍ ! إلَي مَن تَسْتَنِدُ أمْرَكَ إذَا نَزَلَ بِكَ القِضَاءُ؟ وَ إلَي مَن تَفْزَعُ إذَا سُئِلْتَ عَمّا لاَ تَعْلَمُ (وَ مَا عُذْرُكَ فِي التَّقَدُّمِ) وَ في القَوْمِ مَنْ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ. [26] و في «الخصال»؛ أتي بعين عبارة «النَّقض» بدون جملة: وَ مَا عُذُرُكَ فِي التَّقَدمِ الّتي أتينا بها في الهلالين. [27] و في «الاحتجاج» أتي بهذه العبارة: يَا أبَابَكرٍ إلَي مَن تَسْتَنِدُ أمْرَكَ إذَا نَزَلَ بِكَ مَا لاَ تَعْرِفُهُ؟ وَ إلَي مَن تَفْزَعُ إذَا سُئِلْتَ عَمَّا لاَ تَعْلَمُهُ؟ وَ مَا عُذرُكَ في تَقَدُّمِكَ عَلَي مَن هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ، وَ أَقْرَبُ إلَي رَسُولِ اللَهِ، وَ أَعْلَمُ بِتَأْويلِ كِتابِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ؟! [28] و روي السَّيِّد هاشم البَحرانيُّ في «غاية المرام» عن الشَّيخ في «مجالس»: قال أخبرنا جماعةٌ عن أبي المفضَّل قال: حدَّثني أبوالعبَّاس أحمد بن محمَّد بن سعيد بن عبدالرحمن الهَمدانيُّ بالكوفة، و قال: حدَّثنا محمَّد بن المفضَّل بن إبراهيم بن قَيسٍ الاشعريُّ، قال: حدَّثنا عليُّ بن حسَّان الواسطيُّ، قال: حدَّثنا عبدالرّحمن بن كثير، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن الحسين عليهم السّلام، قال: لَمَّا أجْمَعَ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ عليهم السّلام عَلَي صُلْحِ مُعَاوِيَةَ، خَرَجَ حَتَّي لَقِيَهُ، فَلَمَّا اجْتَمَعَا قَامَ مُعَاوِيَةُ خَطِيباً... إلي أن قال: فَخَطَبَ الحَسَنُ عليه السَّلام فَقَالَ: الحَمْدُ لِلّه المُسْتحْمِدِ بِالآلآء وَ نَتَائِعُ النَّعْمَاءِ ـ إلي آخر خطبته الطَّويلة الجامعة. و قال عليه السّلام في ضمن خطبته: قَالَ رَسُولُ الله صلَّي الله عليه وآله وسلّم: مَا وَلَّتْ اُمَّة أمْرَهَا رَجُلاً قَطُّ وَ فِيهِمْ مَن هُو أعْلَمُ م.....يَزَلَ.... يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّي يَرْجِعُوا إلي مَا تَرَكُوا. [29] و أيضاً في «غاية المرام» ذكر مختصر هذه الخطبة بسندٍ آخر... الشيخ في «مجالس» ه؛ و ورد فيها عين هذه العبارة نقلاً عن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم. [30] 9 ـ روي الشّيخ محمّد بن الحسن الحرّ العامليّ في «الوسائل» في الباب الحادي عشر من أبواب صفات القاضي و ما يجوز أن فتي به، عن الصَّدوق محمَّد بن عليِّ بن الحسين في كتاب «إكمال الدِّين و إتمام النِّعمة»[31] عن محمّد بن محمّد بن عصام، عن محمّد بن يعقوب، عن إسحق بن يعقوب قال: سَألْتُ محمّد بن عثمانَ العُمَريِّ أن يُوصِلَ لي كِتاباً قد سَألْتُ فيه عَن مَسائِلَ أشْكَلَتْ عَلَيَّ؛ فَوَرَد التَّوْقِيعُ بِخَطِّ مَوْلانا صاحِبِ الزَّمان عليه السّلام: أمَّا مَا سَألْتَ عَنْهُ ـ أرْشَدَكَ اللَهُ وَ ثَبَّتَكَ ـ إلي أن قال عليه السّلام: وَ أَمَا الحَوَادِثُ الوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِيهَا إلِي رُواةِ حَدِيثِنَا فَإنَّهُمْ حُجَّتِي عَلَيْكُم وَ أَنا حُجَّةُ اللَهِ. الحديث. و رواه الشّيخ في كتاب «الغَيبة» عن جماعةٍ، عن جعفر بن محمَّد بن قولويه و أبي غالب الزُّراريِّ و غيرهما كلِّهم عن محمَّد بن يعقوب، و رواه الطَّبرسي في «الاحتجاج» مثله. [32] قال سيِّدنا و أستاذنا العلاّمة السيِّد محمود الشاهروديُّ ـ قدّس الله سرَّه ـ: «و كيف كان فلا ينبغي الاءشكال في اعتبار سَنَده لدلالة التَّوقيع علي علوِّ شأن إسحق و سمُّو رتبته، بعد ملاحظة ما في متن التَّوقيع الرَّفيع من شواهد الصِّدق و الصُّدور فتدبّر و لاحظ».[33] 10 ـ الرّوايات الدَّالَّة علي أنَّ العلماء ورثة الانبياء مثل صحيحة أبي البُختريِّ و هي: ما رواه محمَّد بن يعقوب الكلينيّ في «الكافي» عن محمَّد بن الحسين، عن أحمد بن عيسي، عن محمَّد بن خالد، عن أبي البُختريِّ، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: إنَّ العُلَمَاءَ وَرَثةُ الانبياء. و ذَلِكَ أنَّ الانبياءَ لَم يُوَرِّثُوا دِرْهَماً وَ لاَ دِينَاراً وَ إنَّمَا أُورَثُوا أحَادِيثَ مِن أحَادِيثِهِمْ، فَمَنْ أَخَذَ بِشَيءٍ مِنْهَا فَقَدْ أَخَذَ حَظاً وَافِراً. فَانْظُرُوا عِلْمَكُمْ هَذَا عَمَّنْ تأْخُذُونَهُ، فَإنَّ فِينَا أهْلَ البَيْتِ فِي كُلِّ خَلَفٍ عُدولاً يَنفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الغَالِينَ وَ انْتِحَالَ المُبْطِلِينَ وَ تأْوِيلَ الجَاهِلِينَ. [34] و ما رواه الكلينيّ أيضاً عن محمَّد بن الحسن و عليِّ بن محمّد، عن سهل بن زياد و محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمَّد جميعاً عن جعفر بن محمَّد الاشعريِّ، عن عبدالله بن ميمون القدَّاح، و عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمَّاد بن عيسي، عن القدَّاح، عن أبي عبدالله عليه السَّلام قال: قال رسول الله ـ إلي أن قال صلّي الله عليه وآله ـ: وَ إنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الانبِيَاءِ، إنَّ الانبيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَ لاَ دِرْهَماً وَلَكِنْ وَرِّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍ وَافِرٍ. [35] 11 ـ ما دلّ علي أنَّ الفقهاءَ اُمناءُ الرُّسل، و أنَّهم اُمَناءُ؛ مثل ما رواه الكلينيُّ في «الكافي» عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النَّوفليِّ، عن السَّكونيِّ، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: الفُقَهَاءُ اُمَنَاءُ الرُّسُلِ مَا لَمْ يَدْخُلُوا فِي الدُّنيَا. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَهِ ! وَ مَا دُخُولُهِمْ فِي الدُّنيَا؟ قَالَ: اتِّبَاعُ السُّلطَانِ. فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَاحْذَرْهُمو عَلَي دِينِكُمْ. [36] و مَا رواه الكلينيُ أيضاً عن محمَّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، عن محمَّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: العُلَمَاءُ اُمَنَاءُ، وَ الاتقِياءُ حُصُونٌ، و الاوصِيَاءُ سَادَةٌ. [37] 12 ـ ما دلّ علي أنّ المؤمنين الفَقهاءَ حصُونُ الإسلام؛ مثل ما رواه الكلينيُّ عن محمَّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن عليِّ بن أبي حمزه قال: سمعت أبا الحسن موسي بن جعفر عليهما السّلام يقول: إذَا مَاتَ المُؤمِنُ بَكَتْ عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ وَ بِقَاعُ الارضِ الَّتي كَانَ يَعْبُدُ اللَهَ عَلَيْهَا، وَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ الّتي كَانَ يُصْعَدُ فِيهَا بِأعْمَالِهِ، وَ ثُلِمَ فِي الاءسْلاَمِ ثُلْمَةً لاَ يَسُدُّهَا شَيءٌ، لانَّ المُؤمِنينَ الفُقَهَاءَ حُصُونُ الاءسلاَمِ كَحِصْنِ سُورِ الْمَدِينَةِ لَهَا. [38] و ربما يستدلُّ بهذه الفقرة و اللَّتين قبلها علي الوِلاية و القَضاء، لمكان إطلاق الوراثة من الانبياء فتشمل جميعَ مناصِب المُورِّث، و منها الولاية و القضاءُ؛ و كذا كونهم اُمناءُ و حصونَ الإسلام. و لكنَّ الاءنصافَ عدمُ دلالة روايات الوراثة، لورودها في مقام بيان فضيلة العالم. و الشَّاهد علي أنَّ ذيل الحديثين صريحٌ في أنَّ المراد إرثُ العلوم و الاحاديث حيث قال في الاولي: وَ ذَلِكَ أنَّ الانبياءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِرْهماً و لاَ دِينَاراً وَ إنَّمَا أورَثُّوا أحَادِيثَ مِنْ أحادِيثِهمْ، فَمَنْ أخَذَ بِشَيءٍ مِنْهَا فَقَدْ أخَذَ حَظّاً وَافِراً. و قال في الثَّانية: وَ لَكِنْ وَرِّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ. و أمّا كونهم حصونَ الإسلام و اُماءَ الرُّسُل فلا بأس بالاخذ بإطلاقهما في كلِّ ما يرجع إلي حفظ الإسلام و مناصب الرُّسل من الولاية و القَضاء و الاءفتاء و غيرها كما أنَّ حصنَ المدينة يحفظها علي الاءطلاق، و أنَّ الامينَ أمينٌ في جميع ما يرجع إلي المأمون عنه من مناصب الرِّسالة. 13 ـ ما رَوي الرَّضيُّ ـ رحمة الله عليه ـ في «نهج البلاغة» عن أميرالمؤمنين عليه السّلام أنّه قال: إنَّ أولَي النَّاسِ بِالانبِيَاءِ أعْلَمُهُمْ بِمَا جَاؤُوا بِهِ، ثُمَّ تَلاَ: «إِنَّ أَوْلَي النَّاسِ بِإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هَذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ ءَامَنُوا». [39] ثُمَّ قَالَ: إنَّ وَلِيَّ محَمَّدٍ مَنْ أطَاعَ اللَهَ وَ إنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ؛ وَ إنَّ عَدُوَّ مُحَمَّدٍ مَنْ عَصَي اللَهَ وَ إنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ.[40] واعترض علي دلالتها الشَّيخ في «المتاجر» و علي دلالة نظائرها، بأنَّ «الاءنصاف بعد ملاحظة سياقها أو صدرها أو ذيلها يقتضي الجزم بأنَّها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الاحكام الشَّرعيَّه، لا كونهم كالنَّبيِّ و الائمَّة ـ صَلوات الله عليهم ـ في كونهم أولي النَّاس في أموالهم» إلي آخر ما ذكره. فتأمَّل. و أورد النَّراقيُّ في «عَوائِد الايّام» في البحث عن ولاية الفقيه رواياتٍ اُخر أيضاً، منها: 14 ـ المرويّ في «كنز» الكراجكيِّ عن مولانا الصّادق عليه السّلام أنّه قال: الْمُلُوكُ حُكَّامٌ عَلَي النَّاسِ، وَالعُلَمَاءُ حُكَّامٌ عَلَي المُلُوكِ. [41] فاعترض عليه بأنَّ هذا الحديث ليس ناظراً إلي المدّعي، بل ناظرٌ إلي المتعارف في الازمنة من تبعيَّة السُّلطان لقول عالم الوقت من أيِّ مِلَّةٍ. فأجاب استاذنا الشَّاهردويّ ـ رحمةُ الله عليه ـ بأنَّ «مجرَّد الاءخبار غير مناسب لمقام الاءمام بل اللاّئِق به أن يكون قولُه إنشاءً، فيتفرَّع عليه حينئذٍ أنَّ العلماءَ نُصِبُوا حُكَّاماً شرعيّاً علي الملوك بحيث تَنفُذ أحكامهم عليهم. فحيث إنَّ شأنَ الملوك هو الوِلاية و القضاءُ و إقامة الحدود و تنظيم معاش النّاس، فهذه الامور منوطةٌ شرعاً بالعلمائ، فهم ولاةٌ و حكّامٌ علي من كان مصدرَ هذه الامور». [42] أقول فيه نظر، لانّه علي مذاق الشَّارع ليس لاحَدٍ أن يَحكم علي النّاس إلاّ أن يكون منصوباً من قبل الشَّارع؛ فالتّفريق بين العلماء و الملوك ثمَّ تثبت حكم الملوكُ علي النّاس غيرُ مستقيم. فالاولي تسليمُ الاءشكال و الذَّهاب إلي أنَّ هذا الخبر ناظرٌ إلي بيان عُلُوِّ شأن العلماءِ حيث إنَّ الملوك مه كما قُدرتهم و سَطوتهم خاضعون لمقام عِلمهم و دِرايتهم. 15 ـ و منها: ما روي عن النَّبيِّ صلّي الله عليه وآله وسلّم في كتب الخاصَّة و العامَّة أنّه قال: السُّلْطانُ وَلِيُّ مَن لاَ وَلِيَّ لَهُ. [43] 16 ـ و منها: ما رواه في «جامع الاخبار» عن النَّبيِّ صلّي الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: أَفْتَخِرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بِعُلَمَاءِ أُمَّتِي، فَأقُولُ عُلَمَاءُ اُمَّتِي كَسَايِرِ أنبِياءِ قَبْلِي. [44] و منها: المرويُّ في «الفِقه الرَّضويِّ» أنّه قال: مَنْزِلَةُ الفَقِيهِ فِي هَذَا الوَقْتِ كَمَنْزِلَةِ الانِبِيَاءِ فِي بَنِي إسرائِيلَ. [45] 17 ـ و منها: المرويُّ في «الاحتجاج» في حديثٍ طويلٍ قيل لاميرالمؤمنين عليه السّلام: مَن خَيْرُ خَلْقِ اللَهِ بَعْدَ أئِمَّةِ الهُدَي وَ مَصَابِيحِ الدُّجَي؟ قالَ عليه السّلام: العُلَمَاءُ إذَا صَلُحُوا. [46] و منها: المرويُّ في «المجمع» عن النَّبيِّ صلّي الله عليه واله وسلّم أنّه قال: فَضْلُ العَالِمِ عَلَي النَّاسِ كَفَضْلِي عَلَي أدنَاهُمْ. [47] و منها: المرويُّ في «المُنيَةِ» أنّه تعالي قال لعيسي عليه السلام: عَظِّمِ العُلَماءَ وَ اعْرِف فَضْلَهُمْ، فَإنِّي فَضَّلْتُهُمْ عَلَي جَمِيعِ خَلْقِي إلاّ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ كَفَضْلِ الشَّمْسِ عَلَي الكَوَاكِبِ، وَ كَفَضْلِ الآخِرَةِ عَلي الدُّنيَا، وَ كَفَضْلِي عَلَي كُلِّ شَيْءٍ.[48] و منها: ما في التَّفسير المنسوب إلي الاءمام العسكريِّ عليه السّلام إلي أن قال: وَ قَالَ عَليُّ بنُ محمَّدٍ عليهما السّلام: لَوْ لاَ مَن يُنتَقَي [49] بعد غيبَةِ قاِئِمِنَا مِنَ العُلَمَاءِ الدَّاعِينَ إلَيْهِ وَالدَّالِينَ عَلَيْهِ ـ إلي أن قال ـ لَمَا بَقِيَ أحَدٌ إلاَّ ارْتَدَّ عَنْ دِينِ اللَهِ، اوُلَئِكَ هُمُ الافْضَلُونَ عِندَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ. [50] هذا و لا يخفي عدمُ دلالة هذه الاخبار علي ما نحن بصدده من إثبات الوِلاية لانَّ مَحَطز سياقها إثبات الفضل للعلماء فليس لها اطلاقٌ في ثبوت شؤونهم، بل لها إهمالٌ من هذه الجهة. ارجاعات [1] ـ «تحف العقول» طبع مكتبة الصّدوق، ص 169 إلي ص 171. [2] ـ كأنَّ المراد من الثّقة الفضيل بن خديج بقرينة روايته كثيراً عن كميل بن زياد أو عبدالرحمن بن جندب بقرينة سائر الروايات لهذا المتن. (المحدّث الارمويّ). [3] ـ «الغارات» ج 1، ص 147 إلي ص 154. [4] ـ «أمالي» المفيد، ص 146. [5] ـ إنَّ جدَّتنا من طرف الاب و هي والدة والدي العالم المتظلّع السيّد محمّد الصّادق الحسيني الطّهراني ـ أعلي الله تعالي مقامه ـ كانت أختاً للعلاّمة الخبير الميرزا محمّد الطّهراني الشريف العسكري ـ أعلي اللهُ تعالي مقامه الشريف ـ صاحب كتاب «مستدرك البحار» فهو ـ قدّس سرّه ـ كان خال والدي رحمة الله عليه، و والدتها الّتي كانت جدّتنا العُليا كانت من ذرّيّة العالم المِفضال الامير محمّد صالح الحسيني صهر العلاّمة المجلسي علي ابنته فاطمة بيكم. فإذن يصير العلاّمة المجلسي ـ ره ـ جدَّنا الاعلي من طرف الامّ. ذكر العالم الفاضل ابنُ خال والدي الميرزا أبوالحسن الشريف العسكريّ ابن الميرزا محمّد الخال: انّ والدنا كان في طيلة حياته يذكر مراراً بأنّا من ولد المجلسي ـ ره ـ، و يقول: كان أحد أجدادنا في معيّة القافلة في سفره إلي المشهد الرضوي لزيارة قبر مولانا الرّضا عليه السّلام صُودف بحملة التراكمة فأغير عليه و السّارقون أخذوا منه كلّ ما كان معه و من جملته القرآن المقرّ و بقراءة جدّي المجلسيّ المختصّ به. و المغار عليه كان يذكر تلك الواقعة كراراً و يقول: انّ استلاب هذا القرآن أوقع في نفسي همّاً عظيماً لما كان قرآن جدّي الّذي وهب الله لي بالوراثة. ابن خالنا الميرزا ابوالحسن قال لي يوماً: إن سادات الطّباطبائي في البروجرد أيضاً من أولاد المجلسي الاوّل من آمنة بيكم. و انئي كلمّا زرتُ آية الله البروجرديّ ـ رضوان الله عليه ـ كان يقول: إنّا مِن أقربائكم من طرف الامّ، و أنتم من بني أخوالنا. [6] ـ «البحار» طبع الكمبانيّ، ج 1، ص 59 إلي ص 61. [7] ـ «البحار» طبع الكمباني، ج 7، ص 10 و ص 11. [8] ـ «بحار الانوار» ج 1، ص 61 من طبع الكمباني. [9] ـ «بحار الانوار» طبع الكمباني، ج 1، ص 60. [10] ـ «تحف العقول» طبع مطبعة الحيدري سنة 1376، ص 237 و ص 238. [11] ـ «منية المريد» طبع الرّحلي علي الحجر، ص 16 و ص 17. [12] ـ الآية 22، من السورة 39: الزمر. [13] ـ الآية 28، من السورة 57: الحديد. [14] ـ الآية 29، من السورة 8: الانفال. [15] ـ الآية 30، من السورة 53: النّجم. [16] ـ «النَّهج» الخطبة 220، ص 446 إلي 448، من طبع عبده بمصر. [17] ـ الآية 78، من السورة 2: البقرة. [18] ـ «الاحتجاجش طبع النجف، ص 263 إلي ص 265. [19] ـ «العروة الوثقي» المسألة 22 من أحكام التقليد. [20] ـ «منية المريد» ص 80، و الآية 69، من السورة 29: العنكبوت. [21] ـ «نهج البلاغة» بابُ الرُّسائل، ص 94. [22] علي ما في «بحار الانوار» ج 8، باب كيفيّة غصب لصُوص الخلافة و أهل الجلافة، ص 42 و ص 43، طبع الكمباني. [23] علي ما في «بحار الانوار» ج 8، باب كيفيّة غصب لصُوص الخلافة و أهل الجلافة، ص 42 و ص 43، طبع الكمباني. [24] ـ «تنقيح المقال ج 1، الفائدة الثانية عشرة، ص 198 تا ص 200. [25] ـ «رجال» البرقيِّ ص 64. [26] ـ كتاب «النقض» المعروف به «بعض مثالب النَّواصب في نقض بعض فضائح الرَّوافض»، ص 659. [27] ـ «الخصال»، ص 463. [28] ـ «الاحتجاج» طبع النجف، ج 1، ص 100. [29] ـ «غاية المرام»، الطّبع علي الحجر ص 298، في الحديث السَّادس و العشرين. [30] ـ «غاية المرام» ص 299، في الحديث السَّابع و العشرين. [31] ـ قال العلاّمة آغا بزرگ الطّهرانيّ في «الذريعة الي تصانيف الشيعة» ج 2، ص 283: «إكمال الدّين و إتمام النّعمة» و يقال له «كمال الدين و تمام النعمة» أيضاً في غيبة الحجة المنتظر عليه السلام و ما يتعلّق بها للشيخ الصدوق ابي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القميّ المتوفّي سنة 381 أوله: الحمد لله الواحد الحيّ الفرد الصمد. طبع بطهران سنة 1301. [32] ـ «الوسائل» الطبع البهادريّ، ج 3، ص 385. [33] ـ «كتاب الحج» طبع النجف 1383، الجزء الثالث، ص 348، تقرير الجنّاتي. [34] ـ «الكافي» الاصول، ج 1، كتاب فضل العلم، الباب 2، ص 32 من طبع الحيدري. [35] ـ «اُصول الكافي» ج 1، ص 34. [36] ـ «اُصول الكافي» ج 1، ص 46. [37] ـ «اُصول الكافي» ج 1، ص 38. [38] ـ «اصول الكافي» ج 1، ص 38. [39] ـ الآية 68، من السورة 3: آل عمران. [40] ـ «نهج البلاغة» باب الحكم، ص 157. [41] ـ«عوائد الايّام» ص 186، و ص 187. [42] ـ «كتاب الحجِّ» ج 3، ص 350 و ص 351، تقرير الجنّاتي. [43] ـ«عوائد الايّام» ص 186، و ص 187. [44] ـ «عوائد الايّام» ص 186. [45] ـ «عوائد الايّام» ص 186. [46] ـ «عوائد الايّام» ص 186. [47] ـ «عوائد الايّام» ص 186. [48] ـ «عوائد الايّام» ص 186. [49] ـ و أورد في المحجة البيضاء، ج 1، ص 32 بلفظ: لَوْ لاَ مَن يَبْقَي. [50] ـ «عوائد الايّام» ص 186.
|
|
|