بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب رسالة بدیعة / القسم السابع: لا يجوز التَّصرُّف‌ في‌ حقوق‌ النّاس‌ بجميع‌ شؤونهم‌ إلاّ بإذن‌ إلهيٍّ، وجوب‌ الكفِّ عند ...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

18 ـ و منها: ما رواه‌ في‌ «العِلَل‌» بإسناده‌ عن‌ الفَضل‌ بن‌ شَاذَان‌ عن‌ أبي‌ الحسن‌ الرِّضا عليه‌ السّلام‌ في‌ حديثٍ طويلٍ إلي‌ أن‌ قال‌ عليه‌ السّلام‌: فَإن‌ قَالَ: فَلِمَ جَعَلَ اُولِي‌ الامْرِ وَ أمَرَ بِطَاعَتِهِم‌؟

 قِيلَ: لِعِلَلٍ كَثِيرَةٍ، مِنْها: أنَّ الْخَلْقَ لَمَّا وُقِفُوا عَلَي‌ حَدٍّ مَحْدُودٍ وَ اُمِرُوا أنْ لاَ يَتَعَدَّوا ذَلِكَ الحَدِّ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسادِهِمْ، لَمْ يَكُنْ يَثْبُتُ ذَلِكَ وَ لاَ يَقُومُ إلاَّ بِأنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ فِيهِ أمِيناً يَمْنَعُهُمْ مِنَ التَّعَدِّي‌ وَالدُّخُولِ فِيمَا حَظَرَ عَلَيْهِمْ؛ لانَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَكَانَ أحَدٌ لاَ يَتْرُكُ لَدَّتَهُ وَ مَنْفَعَتَهُ لِفَسَادِ غَيْرِهِ؛ فَجَعَلَ عَلَيْهِمْ قَيِّماً يَمْنَعُهُمْ مِنَ الفَسَادِ، وَ يُقِيمُ فِيهِمُ الحُدُودَ وَ الاحْكَامَ.

 وَ مِنْها: أنّا لاَ نَجِدُ فِرْقَةً مِنَ الفِرَقِ وَ لاَ مِلَةً مِنَ المِلَلِ بَقُوا وَ عَاشُوا إلاَّ بِقَيِّمٍ وَ رَئِيسٍ لِمَا لاَبُدَّ لَهُمْ مِنْ أمْرِ الدِّينِ وَ الدُّنْيَا. فَلَمْ يَُجْزفي‌ حِكْمَةِ الحَكيمِ أنْ يَتْرُكَ الخَلْقَ مِمَّا يَعْلَمُ أنَّهُ لاَبُدَّ لَهُمو مِنْهُ وَ لاَ قِوَامَ لَهُمْ إلاَّ بِهِ، فَيُقَاتِلُونَ بِهِ عَدُوَّهُمْ، وَ يَقْسِمُونَ بِهِ فَيْئَهُمْ، وَ يُقِيمُ لَهُمْ جَمْعَهُمْ (جَماعَتَهُمْ ـ خ‌) وَ يَمْنَعُ ظَالِمَهُمْ مِنْ مَظْلُومِهِمْ.

 وَ مِنْهَا: أنَّهُ لَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إمَاماً قَيِّماً أمِيناً حَافِظاً مَسْتَوْدَعاً لَدَرَسَتِ المِلَّةُ، وَ ذَهَبَ الدِّينُ، وَ غُيِّرَتِ السُّنَّةُ وَ الاحْكَامُ، وَ لَزَادَ فِيهِ المُبْتَدِعُونَ، وَ نَقَصَ مِنْهُ المُلْحِدُونَ، وَ شَبَّهُوا ذَلِكَ عَلَي‌ المُسْلِمِينَ؛ لانَّا قَدْ وَجَدْنَا الخَلْقَ مَنقُوصِينَ مُحْتَاجِينَ غَيْرَ كَامِلِينَ مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ وَ اخْتِلاَفِ أهْوَائِهِمْ وَ تَشَتُّتِ أنْحَائِهِم‌؛ فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ قَيِّماً حَافِظاً لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ لَفَسَدُوا عَلَي‌ نَحْوِما بَيَّنَّا، وَ غُيِّرَتِ الشَّرَائِعُ وَالسُّنَنَ وَ الاحْكَامُ وَالاءيمَانُ، وَ كَانَ فِي‌ ذَلِكَ فَسَادُ الخَلْقِ أجْمَعِينَ. [1]

 أقول‌: الاولي‌ جعل‌ هذه‌ الرّواية‌ الشّريفة‌ من‌ أدلّة‌ ولاية‌ الاءمام‌ عليه‌ السَّلام‌، حيث‌ إنّها وَرَدَت‌ في‌ بيانِ عِلَل‌ احتياج‌ النّاس‌ إلي‌ أولي‌ الامر؛ و قد عرفتَ أنَّ الائِمَّة‌ عليهم‌ السّلام‌ هم‌ المخصوصون‌ بهذا العنوان‌.

 اللّهمَ إلاّ أن‌ يقال‌: العِلَل‌ الّتي‌ ذُكِرَت‌ في‌ هذه‌ الرِّواية‌ حيث‌ إنَّها موجودةٌ في‌ زمن‌ الغيبة‌ بعين‌ ما هي‌ موجودةٌ في‌ زمن‌ الحضور، فلابدَّ للاءمام‌ عليه‌ السّلام‌ أن‌ يُعيِّن‌ علي‌ نحو التَّنصيص‌ الخاصِّ أو علي‌ نحو العموم‌ أفراداً من‌ الامَّة‌ يلي‌ اُمورَهم‌، و ليسُوا إلاّ فُقهاءَ عُدولاً مأمونينَ علي‌ الدِّين‌ و الدُّنيا، حافظينَ للشَّريعةِ الغرَّاءِ؛ خبيرينَ بالحوادث‌، بصيرين‌ بالامور.

 19 ـ ما هو المرويّ في‌ «المستند» في‌ كتاب‌ القَضاء عن‌ «غَوالِي‌ اللَّئالي‌»:النَّاسُ أربَعَةٌ: رَجُلٌ يَعْلَمُ وَ هُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ يَعْلَمُ، فَذاكَ مُرْشِدٌ حاكِمٌ فَاتَّبِعُوهُ. [2]

 و الاءنصاف‌ أنَّ لهذه‌ الرّواية‌ اطلاقاً بالنِّسبة‌ إلي‌ باب‌ القَضاءِ و الحكومة‌ و الاءفتاء و لا وَجه‌ لاختصاصها بالقَضاء؛ و هي‌ في‌ المفاد نظيرةُ قول‌ إبراهيم‌ عليه‌ السّلام‌ لابيه‌ آزر:

 يَا أَبَتِ إِنِّي‌ قَدْ جَائَنِي‌ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي‌ أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًا. [3]

 و هذه‌ بخلاف‌ الرّوايات‌ الّتي‌ دلّت‌ علي‌ أن‌ القضاء أربعةٌ: لانّ القاضي‌ في‌ الاصطلاح‌ منصرفٌ إلي‌ من‌ هو منصوبٌ للقَضاء لا الحكومة‌ و الاءفتاء؛ فتدلُّ علي‌ لزوم‌ كون‌ القاضي‌ فقيهاً عالِماً.

 روي‌ الكللينيّ في‌ «الكافي‌» عن‌ عدَّة‌ من‌ أصحابنا، عن‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ خالد، عن‌ أبيه‌ رفعه‌ عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السّلام‌ قال‌: القُضاةُ أربَعَةٌ، ثَلاَثَةٌ فِي‌ النَّارِ وَ وَاحِدٌ فِي‌ الجَنَّةِ: رَجُلٌ قَضَي‌ بِجَوْرٍ وَ هُوَ يَعْلَمُ فِي‌ النَّارِ، وَ رَجُلٌ قَضَي‌ بِجَوْرٍ وَ هُوَ لاَ يَعولَمُ فَهُوَ فِي‌ النَّارِ، وَ رَجُلٌ قَضَي‌ بِالْحَقِّ وَ هُوَ لاَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي‌ النَّارِ، وَ رَجُلٌ قَضَي‌ بِالحَقِّ وَ هُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي‌ الجَنَّةِ. و قال‌ عليه‌ السّلام‌: الحُكْمُ حُكْمَانِ: حُكْمُ اللَهِ وَ حُكْمُ الجَاهِلِيَّةِ، فَمَنْ أَخْطَأ حُكْمَ اللَهِ حَكَمَ بِحُكْمِ الجَاهِلِيَّة‌. [4]

 و رواه‌ الشَّيخ‌ في‌ «التَّهذيب‌» عن‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ خالد مثلَه‌. [5]

 و رواه‌ الصَّدوق‌ في‌ «الفقيه‌» عن‌ الصَّادق‌ عليه‌ السّلام‌ مثلَه‌؛ ثمَّ ذَكَر له‌ ذَيلاً و هو: إنَّ مَنْ حَكَمَ بِدِرْهَمَيْنِ بِغَيْرِ مَا أنزَلَ اللَهُ عَزَّوَجَلَّ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَهِ تَعَالَي‌. [6]

 و في‌ «الخصال‌» عن‌ محمَّد بن‌ موسي‌ بن‌ المتوكّل‌ قال‌: حدَّثنا عليُّ بن‌ الحسين‌ السَّعد آباديٌ قال‌: حدَّثنا أحمد بن‌ أبي‌ عبدالله‌ البرقيُّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ محمَّد بن‌ أبي‌ عمير رفعه‌ إلي‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السّلام‌ قال‌: اَلْقُضَاةُ أرْبَعَةٌ: قَاضٍ قَضَي‌ بِالْحَقِّ وَ هُوَ لاَ يَعْلَمُ أنَّهُ حَقُّ فَهُوَ فِي‌ النَّارِ؛ وَ قَاضٍ بِالبَاطِلِ وَ هُوَ لاَ يَعْلَمُ أنَّهُ بَاطِلٌ فَهُوَ فِي‌ النَّارِ؛ وَ قَاضٍ قَضزي‌ بِالبَاطِلِ وَ هُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ بَاطِلٌ فَهُوَ فِي‌ النَّارِ؛ وَ قَاضٍ قَضَي‌ بِالْحَقِّ وَ هُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ حَقٌ فَهُوَ فِي‌ الجَنَّةِ.[7]

 هذا تمام‌ كلامنا في‌ البحث‌ عن‌ ولاية‌ الفقيه‌.

 و إنّما اقتصرنا فيه‌ علي‌ شرائط‌ الوالي‌ و القاضي‌ و المفتي‌ بالرّوايات‌ الواردة‌ في‌ المقام‌، و لم‌ نذكر حدودَ ولايتهم‌ و شرائط‌ المُولَّي‌ عليهم‌؛ لانّه‌ خارجٌ عن‌ موضوع‌ هذه‌ الرِّسالة‌ الّتي‌ صُنِّفَتْ في‌ حقُوق‌ النِّساء.

 و لعلَّ الله‌ يُوَفِّقنا بعدُ لِعَمَلِ رسالةٍ بديعة‌ في‌ هذا المرام‌؛ و من‌ أراد الاطّلاع‌ علي‌ الشرائط‌ و الحدود فعلاً فعليه‌ المراجعة‌ بكتاب‌ «عوائد الايّام‌» للمولي‌ أحمد النَّراقيِّ، و «بُلْغَةِ الفقيه‌» للسَّيِّد محمّد آل‌ بَحر العلوم‌، و «عناوين‌ الاصول‌» للسَّيِّد عبدالفتّاح‌ المراغيِّ الحسينيِّ رحمة‌ الله‌ عليهم‌.

نتيجة‌ لمقدَّمات‌ المذكورة‌

 إذا عرفت‌ هذه‌ المقدَّمات‌، علمتَ أنَّ القضاء و الحكومة‌ من‌ أعظم‌ اُمور النّاس‌ بل‌ أعظم‌ اُمورهم‌ علي‌ الاءطلاق‌، و لا شي‌ أعظمُ منهما في‌ الجامعة‌ المَدَنيَّة‌؛ لانَّهما الرُّوح‌ في‌ المُجتمع‌، و بالولاية‌ قِوامُهُم‌ و قِيَامُهُم‌؛ و هي‌ منصبٌ إليهٌ من‌ قِبَل‌ الله‌ تعالي‌ من‌ غير واسطةٍ أو بواسطة‌ المنصوب‌، لا غير. [8]

 و لا يجوز التَّصرُّف‌ في‌ حقوق‌ النّاس‌ بجميع‌ شؤونهم‌ إلاّ بإذن‌ إلهيٍّ، لانّه‌ تصرُّف‌ في‌ حقِّ الغَير، و لا يجوز إلاّ بإجازة‌ وَليِّه‌، و هو اللهُ تبارك‌ و تعالي‌.

 فإذا دلَّ الدَّليل‌ علي‌ شرطيَّة‌ شي‌ فيها فيؤخذ به‌ لا محالة‌؛ و إذا لم‌ يدلَّ علي‌ شرطيَّته‌ أو علي‌ عدم‌ شرطيّته‌ من‌ دليلٍ اجتهاديّ نتمسَّك‌ به‌، من‌ ظهور آيةٍ أو روايةٍ أئو انعقاد إجماعٍ أو سِيَرةٍ متَّبَعةٍ، فالاصل‌ يقتضي‌ عدمَ جوازِ الولاية‌ و القضاء عندئذٍ؛ لانَّ التَّصرُف‌ في‌ حقِّ الغير لابدَّ و أن‌ ينتهيَ إلي‌ العلم‌ الوجدانيِّ أو التَّعبُّديِّ، و لا يجوز عند الشَّكَّ، و إنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي‌ مِنَ الْحَقِّ شَيئًا.[9]

 الرجوع الي الفهرس

 وجوب‌ الكفِّ عند الشُّبهات‌ الحقوقيّة‌

و قد دلَّت‌ روايتٌ علي‌ وجوب‌ الكفِّ عند الشُّبُهات‌، و أظهر مصاديقها ما يكون‌ في‌ المسائل‌ الحقوقيَّة‌ الّتي‌ يقتضي‌ الاصلُ العقليُ فيها أيضاً التَّوقُف‌.

 و قد وَرَدت‌ روايات‌ كثيرةٌ دالَّة‌ علي‌ أنَّ الوقوفَ عند الشُّبهة‌ خيرٌ من‌ الاقتحام‌ في‌ الهَلَكة‌؛ مثل‌ ما رَوي‌ الحرُّ العامليُّ في‌ «الوسائل‌» عن‌ الكُلينيِّ، عن‌ محمَّد بن‌ يحيي‌، عن‌ محمِّد بن‌ الحسين‌، عن‌ محمَّد بن‌ عيسي‌، عن‌ صفوان‌ بن‌ يحيي‌، عن‌ داود بن‌ الحصين‌، عن‌ عُمَر بن‌ حَنظَله‌، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ عليه‌ السّلام‌ في‌ حديثٍ، قال‌: وَ إنَّمَا الاُمورُ ثَلاَثَةٌ: أمْرُ بَيِّنٌ رُشْدُهُ فَيُتَّبَعُ؛ وَ أمْرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ فَيُجْتَنَبُ؛ وَ أَمْرٌ مُشْكِلٌ يُرَدُّ عِلْمُهُ إلَي‌ اللَهِ وَ رَسُولِهِ. قالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلَّم‌: حَلاَلٌ بَيِّنٌ، وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ، وَ شُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ. فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهاتِ نَجَي‌ مِنَ المُحَرَّمَاتِ؛ وَ مَنْ أخَذَ بِالشُّبُهاتِ ارْتَكَبَ المُحَرَّمَاتِ وَ هَلَكَ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ ـ ثُمّ قال‌ في‌ آخر الحديث‌ ـ فَإنَّ الوُقُوفَ عِنْدَ الشُّبَهاتِ خَيْرٌ مِنَ الاقْتِحَامِ فِي‌ الهَلَكَاتِ.[10]

 و رواه‌ الصَّدوق‌ بإسناده‌ عن‌ داود بن‌ الحصين‌ مثلَه‌.[11]

 و رواه‌ الشَّيخ‌ بإسناده‌ عن‌ محمّد بن‌ عليِّ بن‌ محبوب‌، عن‌ محمَّد بن‌ عيسي‌ مثلَه‌.[12]

 و ما رواه‌ الحرُّ أيضاً عن‌ محمَّد بن‌ يحيي‌، عن‌ أحمد بن‌ محمَّد، عن‌ الحسين‌ بن‌ سعيد، عن‌ الحسين‌ (الحسن‌ ـ خ‌) بن‌ الجارود، عن‌ موسي‌ بن‌ بكر بن‌ داب‌، عمَّن‌ حدَّثه‌، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السّلام‌ في‌ حديث‌ أنّه‌ قال‌ لِزيد بن‌ عليّ: إنَّ اللَهَ أحَلَّ حَلاَلاً، وَ حَرَّمَ حَرَاماً، وَ فَرَضَ فَرائِضَ، وَ ضَرَبَ أمثَالاً، وَ سَنَّ سُنَناً ـ إلي‌ أن‌ قال‌ عليه‌ السّلام‌ ـ فَإن‌ كُنتَ عَلَي‌ بَيِّنَةٍ مِن‌ رَبِّكَ وَ يَقِينٍ مِن‌ أمْرِكَ وَ تِبْيَانٍ مِن‌ شَأْنِكَ فَشَأْنَكَ، وَ إلاَّ فَلاَ تَرُومَنَّ أمْراً أنتَ مِنْهُ فِي‌ شَكٍ وَ شُبْهَةٍ.[13]

 و غير ذلك‌ من‌ الرّوايات‌ الكثيرة‌ المستفيضة‌ جدّاً الدّالّة‌ علي‌ النَّهي‌ الوكيد عن‌ الاقتحام‌ في‌ موارد الشُّبهة‌.

 و عليهذا إذا شككنا في‌ شرطيّة‌ الذُّكورة‌ في‌ القضاء و الولاية‌ و الاءفتاء، علي‌ فرض‌ عدم‌ قيام‌ دليلٍ اجتهاديٍّ، فالاصل‌ يقتضي‌ الذُّكوريّة‌، لا انّه‌ يقتضي‌ عدَمها. فيترتّب‌ عليه‌ حرمةُ تصدِّي‌ الامور الوِلائيّة‌ للمرأة‌ بتّاً.

 الرجوع الي الفهرس

 

الفصل‌ الرّابع‌

 الرّوايات‌ الدّالّة‌ علي‌ عدم‌ جواز تولّي‌ المرأة‌ القضاء و الاءفتاء و الحكومة

 

 وَ أمَّا الروايات‌ الواردة‌ في‌ المقام‌، أي‌ في‌ عدم‌ جواز القضاء و الحكومة‌ للمرأة‌؛

 1 ـ فمنها صحيحة‌ أبي‌ خديجة‌ المتقدِّمة‌: أنظُرُوا إلي‌ رَجُلٍ مِنكُمْ يَعْلَمُ شَيئاً مِنْ قَضَائِنا (قَضَايَانَا ـ خ‌) فَاجْعَلُوهُ بَيْنَكُمْ، فَإنِّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ قاضِياً. فَتَحاكَمُوا إلَيْهِ.

 و صحيحته‌ الاخري‌: إجْعَلُوا بَيْنَكُمْ رَجُلاً مِمَّن‌ عَرَفَ حَلاَلَنَا وَ حَرَامَنَا، فَإنِّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ قَاضِياً. حيث‌ إنَّ الاءمام‌ عليه‌ السّلام‌ جعل‌ الرَّجل‌ فيها قاضياً. فمورد النَّصب‌ عنوان‌ الرَّجل‌، فهو الموضوع‌ لهذا المنصب‌؛ و أمّا المرأة‌ فغير منصوبة‌، و الاصل‌ فيها يقتضي‌ العدم‌.

 و هكذا التَّوقيع‌ الشَّريف‌: وَ أمَّا الحَوَادِثُ الوَاقِعَة‌ذ فَارْجِعُوا فِيهَا إلَي‌ رُوَاةِ أحَادِيثَنَا فَإنَّهُمْ حُجَّتِي‌ عَلَيْكُمْ وَ أنَا حُجَّةُ اللَهِ. لانَّ الرُّواة‌ جمع‌ للرَّاوي‌ و هو مذكَّرٌ.

 و بهما يقيّد ما كان‌ ظاهره‌ الاءطلاق‌ من‌ الرّوايات‌ مثل‌ مقبولة‌ عمر بن‌ حنظلة‌: يَنظُرَانِ مَنْ كَانَ مِنكُمْ مِمَّن‌ قَدْ رَوَي‌ حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي‌ حَلاَلِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أحْكَامَنَا فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً، فَإنِّي‌ قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً، لو لم‌ نقل‌ بانصرافها إلي‌ الرّجال‌ من‌ حيث‌ عدم‌ تعارف‌ تصدِّي‌ النّساء القضاء في‌ تلك‌ الاعصار، و إلاّ لما كان‌ فيها إطلاقٌ من‌ بَدءِ الامر حتَّي‌ تحتاج‌ إلي‌ التَّقييد.

 و أمّا الآيات‌ نظير قوله‌ تعالي‌: إِنَّ اللَهَ يَأْمُرُكُمْ أَن‌ تُوَّدُّوا الاْمَنَـ'تِ إِلي‌ أَهْلِهَا وَ إِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن‌ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.[14]

 و قوله‌ تعالي‌: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَي‌ أَنْ لاَ تَعْدِلُوا إِعْدِلُوا. [15]

 و قوله‌ تعالي‌: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَ لَوْ عَلَي‌ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدِينَ وَ الاْقْرَبِينَ إِن‌ يَكُن‌ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَهُ أَوْلَي‌ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَي‌ أَنْ تَعْدِلُوا وَ إِن‌ تَلَوْوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا. [16]

 و المفهوم‌ المستفاد من‌ قوله‌ تعالي‌: وَ مَن‌ لَمْ يَحْكُم‌ بِمَا أَنزَلَ اللَهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَـ'فِرُونَ،[17] و في‌ آخر: هُمُ الظَـ'لِمُونَ[18]، و في‌ آخر: هُمُ الْفَـ'سِقُونَ. [19]

 فلا يستفاد منها الاءطلاق‌، لعدم‌ كونها في‌ مقام‌ بيان‌ حدود الحكم‌ و شرائطه‌ حتّي‌ يتمسّك‌ به‌؛ كما أفيد في‌ آية‌ الجمعة‌: يـَأيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوةِ مِن‌ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَي‌ ذِكْرِ اللَهِ وَ ذَرُوا الْبَيْعَ، النَّاظِرة‌ إلي‌ الحكم‌ وقت‌ وقوع‌ النِّداء لا إلي‌ أصل‌ الصّلاة‌.

 و كذا الآية‌ في‌ باب‌ الصَّيد، أي‌ صيد الكلاب‌: فَكُلُوا مِمَّا أمْسَكْنَ؛ لا إطلاق‌ لها من‌ حيثيَّة‌ أنواع‌ اللُّحوم‌، حتّي‌ يتمسّك‌ بها لحلِّيّة‌ اللُّحوم‌ الّتي‌ لم‌ يَرد فيها دليلٌ.

 و في‌ المقام‌ أنّ الآيات‌ ناظرة‌ إلي‌ لزوم‌ الحكم‌ بالعدل‌، و عدم‌ مانعيَّة‌ شنآن‌ قوم‌ عنه‌ و عدم‌ مانعيَّة‌ القرابة‌ من‌ الوَالِدَين‌ و الاقربينَ عن‌ الحكم‌ بالقِسط‌، سواء كانوا فقراء أو أغنياءَ؛ فإذن‌ لا إطلاق‌ لها.

 و علي‌ فرض‌ وجوده‌ يقيَّد بالصَّحيحتين‌.

 لا يقال‌: الدَّليلان‌ مثبتان‌، فلا تنافي‌ بينهما حتّي‌ يكون‌ المرجع‌ التَّقييد.

 لانّه‌ يقال‌: أظهريَّة‌ دليل‌ المقيَّد في‌ التّقييد تُقدرمه‌ علي‌ إطلاق‌ دليل‌ المطلق‌، فيقيِّده‌ بعد وحدة‌ الموضوع‌، كما في‌ «أعتق‌ رقبة‌» و «أعتق‌ رقبةً مؤمنَة‌».

 و سرُّ الاظهريَّة‌ لغويَّة‌ ورود الحكم‌ علي‌ القيد علي‌ فرض‌ عدم‌ دخالته‌.

 لا يقال‌: إنَّ الحكم‌ بنفي‌ القضاء عن‌ المرأة‌ استناداً إلي‌ الصَّحيحتين‌ الدالَّتين‌ علي‌ لزوم‌ المراجعة‌ إلي‌ الرّجل‌، منوط‌ بحجِّيَّة‌ مفهوم‌ القيد و اللَّقب‌، و قد ثبت‌ عدمها.

 لانّه‌ يقال‌: إنَّ عنوان‌ الرَّجل‌ في‌ الدَّليل‌ كان‌ موضوعاً للحكم‌؛ و التمسُّك‌ بالموضوعيّة‌ أمرٌ، و التمسُّك‌ بمفهوم‌ اللَّقب‌ أمر آخر.

 لانّ المفهوم‌ معناه‌ النَّفي‌ عن‌ المرأة‌، و ليس‌ بحجَّةٍ كما اُفيد؛ و لكنَّ الموضوعيّة‌ مفادها عدم‌ الدَّليل‌ علي‌ صحَّة‌ الرُّجوع‌ إليها، لمكان‌ عدم‌ شمول‌ اللَّفظ‌ لها إلاّ بإلغاة‌ء الخصوصيّة‌.

 و لا وجه‌ لاءلغائها بعد ما تقرِّر في‌ محلِّه‌ من‌ أنَّ دليل‌ اشتراك‌ التّكليف‌ لا يأتي‌ في‌ الموضوعات‌ و المناصِب‌.

 و المحصَّل‌ أن‌ القضاءَ منصبٌ، و لابدَّ من‌ إحراز موضوعه‌ بالدَّليل‌، ففي‌ الرَّجل‌ قام‌ الدَّليل‌؛ و أمّا في‌ المرأة‌ فجريان‌ الاصل‌ يحكم‌ بالعدم‌.

 و مفهوم‌ اللَّقب‌ علي‌ فرض‌ حجِّيّة‌ هو ظهور الدَّليل‌ في‌ النَّفي‌ عن‌ المرأة‌، و هو دليلٌ اجتهاديٌ، و حيث‌ لا حجَّيّة‌ له‌، فلا دليل‌ لنا اجتهاديّاً علي‌ النَّفي‌ عنها؛ بل‌ الدَّليل‌ هو جريان‌ الاصل‌ التعبُّديِّ.

 نَعَم‌ من‌ نَهَض‌ لاءثبات‌ عدمه‌ في‌ المرأة‌ بالدَّليل‌ الاجتهاديِّ من‌ الرِّواية‌ فلابدَّ من‌ التمسُّك‌ بمفهوم‌ اللَّقب‌؛ و حيث‌ لا حجِّيَّة‌ له‌ بل‌ لا مفهوم‌ له‌ فليس‌ النَّاهضُ بناهِضٍ.

 2 ـ و منها رواية‌ جابر عن‌ الباقر عليه‌ السّلام: وَ لاَ تَوَلَّي‌ المَرأةُ القَضَاءَ وَ لاَ تَوَلَّي‌ الاءمَارَةَ. و استدلّ بها في‌ «المستند». [20]

 و رواية‌ حمّاد بن‌ عَمرو الطّويلة‌ و مُرْسَلَتا المطلَّب‌ بن‌ زياد و عَمرو بن‌ عثمان‌. [21]

 رواية‌ حمَّاد هي‌ ما رواه‌ الصَّدوق‌ في‌ باب‌ النّوادر من‌ كتابه‌: «مَن‌ لا يحضُرهُ الفقيه‌» و هي‌ وصيَّةٌ كاملةٌ تامَّةٌ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ واله‌ وسلّم‌ إلي‌ عليِّ بن‌ أبيطالب‌ عليه‌ السّلام‌.

 با7سناد الصَّدوق‌ إلي‌ حمَّاد بن‌ عَمرو و أنس‌ بن‌ محمَّد، عن‌ أبيه‌ جميعاً عن‌ جعفر بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌، جدِّه‌، عن‌ عليِّ بن‌ أبيطالب‌ عليهم‌ السّلام‌، عن‌ النبيِّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، أنّه‌ قال‌:

 يَا عَلِيُّ ! أوصِيكَ بِوَصِّيةٍ فَاحْفَظْهَا، فَلاَ تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا حَفِظْتَ وَصِيَّتِي‌. ثُمَّ عدَّ أشياءَ كثيرةً إلي‌ أن‌ قال‌:

 يَا عَلِيُّ ! لَيْسَ عَلَي‌ النِّساءِ جُمْعَةٌ، وَ لاَ جَمَاعَةٌ، وَ لاَ أَذَانٌ، وَ لاَ إقَامَةٌ، وَ لاَ عِيَادَةٌ مَرِيضٍ، وَ لاَ أتِّباعُ جِنَازَةٍ، وَ لاَ هَرْوَلَةٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَ لاَ اسْتِلاَمُ الحَجَرِ، وَ لاَ حَلْقٌ، وَ لاَ تَوَلَّي‌ القَضَاءَ، وَ لاَ تُستَشَارُ، وَ لاَ تَذْبَحُ إلاّ عِنْدَ الضَّرِورَةِ، وَ لاَ تَجْهَرُ بِالتَّلبِيةِ، وَ لاَ تُقِيمُ عِنْدَ قَبرٍ، وَ لاَ تَسْمَعُ الخُطْبَةَ، وَ لاَ تَتَوَلَّي‌ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهَا، وَ لاَ تَخْرُجُ مِن‌ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلاَّ بِإذْنِهِ؛ فَإنْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَعَنَهَا اللَهُ وَ جَبْرِيئلُ وَ مِيكَائِيلُ، وَ لاَ تُعْطِي‌ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا شَيْئاً إلاَّ بِإذْنِهِ، وَ لاَ تَبِيتُ وَ زَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَ إن‌ كَانَ ظَالِماً لَهَا. الحديث‌.

 و رواها في‌ «الوسائل‌» عنه‌ بهذا الاءسناد: وَ لاَ تَوَلَّي‌ القَضَاءَ. [22]

 ذكر الصَّدوق‌ في‌ المشيخة‌: «و ما كان‌ فيه‌ عن‌ حمّاد بن‌ عمرو و أنس‌ بن‌ محمّد في‌ وصيَّة‌ النَّبيِّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السّلام‌ فقد رويتُه‌ عن‌ محمّد بن‌ عليّ الشّاه‌ بمرو الرُّود قال‌: حدَّثنا أبو حامد أحمد بن‌ محمّد بن‌ أحمد بن‌ الحسين‌، قال‌: حدَّثنا أبو يزيد أحمد بن‌ خالد الخالديُّ، قال‌: حدَّثنا محمّد بن‌ أحمد بن‌ صالح‌ التَّميميُّ، قال‌: أخبرنا أبي‌: أحمد بن‌ صالح‌ التَّميميُّ، قال‌: أخبرنا محمّد بن‌ حاتم‌ القطّان‌، عن‌ حمّاد بن‌ عَمرو، عن‌ جعفر بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدِّه‌، عن‌ عليّ بن‌ أبيطالب‌ عليهم‌ السّلام‌.

 الرجوع الي الفهرس

 و رويتُه‌ أيضاً عن‌ محمّد بن‌ عليّ الشّاه‌، قال‌: حدَّثنا أبو حامد، قال‌: أخبرنا أبو يزيد، قال‌: أخبرنا محمّد بن‌ أحمد بن‌ صالح‌ التَّميميُّ، قال‌: حدَّثنا أبي‌، قال‌: حدَّثني‌ أنس‌ بن‌ محمّد أبو مالك‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جعفر بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدِّه‌، عن‌ عليّ بن‌ أبيطالب‌ عليهم‌ السّلام‌، عن‌ النَّبيِّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌ له‌: يَا عَلِيُّ أوصيكَ بوَصيَّة‌» و ذكر الحديثَ بطوله‌.

 أقول‌: إنّ حمَّاد بن‌ عمرو يمكن‌ أن‌ يكون‌ هو النَّصيبيّ، و هو غير مذكور؛ و هكذا أنس‌ بن‌ محمّد. و في‌ الطّريق‌ إليهما مجاهيل‌ كأنّهم‌ من‌ العامّة‌.

 لكنَّ الفقهاء ـ رضوانُ الله‌ عليهم‌ ـ ذكروا هذه‌ الفصول‌ من‌ الوصيَّة‌ في‌ كُتُبهم‌، و بَثَّوها في‌ أبواب‌ الفقه‌، و استشهدوا بها في‌ غير موضعٍ.

 و أورد الصِّدوق‌ هذه‌ الفقرات‌ المتعلِّقة‌ بالنِّساء في‌ كتاب‌ «الخصال‌» عندَ عدِّه‌ الابواب‌ التِّسعة‌ عشر بالاءسناد الاوّل‌ فقط‌؛ ؤ أوردها الشيخ‌ الطبرسيُّ في‌ كتابه‌ «مكارم‌ الاخلاق‌».

 و قوله‌: لَيْس‌ عَلَيْهِنَّ ظاهر في‌ عدم‌ وضع‌ هذه‌ الامور علي‌ عهدتهنَّ، فلا تصحُّ منهنَّ. و ما قيل‌ من‌ أنَّ الاءقامة‌ للصَّلوة‌ و عيادة‌ المريض‌ و الجماعة‌ مرغوب‌ فيها بالنِّسبة‌ إليهنَّ، و إنّما تتكفَّل‌ الرِّواية‌ لرفع‌ الاءلزام‌ فقطّ، مع‌ أنّه‌ قابلٌ للمناقشة‌ و الذَّهاب‌ إلي‌ عدم‌ المرغوبيّة‌ بالنِّسبة‌ إليهنَّ كما هو الظَّاهر، لا ينافي‌ إبقاءَ ساير الفقرات‌ علي‌ حالها من‌ عدم‌ الوضع‌ في‌ حقِّهنَّ، فلا تكون‌ مطلوبة‌ بحال‌.

 قال‌ في‌ «الجواهر» بعد نقل‌ الاءجماع‌ علي‌ عدم‌ جواز تولِّيها القضاءَ: «لما سمعتَ من‌ النَّبويِّ: لاَ يُفْلِحُ قَوْمٌ وَلِيَّتُهُمْ امْرَأةٌ؛ و في‌ آخر: لاَ تَتَولَّي‌ المَرْأَةُ القَضَاءَ؛ و وصيَّة‌ النَّبِيِّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلَّم‌ المرويَّة‌ في‌ «الفقيه‌» بإسناده‌ عن‌ حمَّاد: يَا عَلِيُّ لَيْسَ علَي‌ المَرأةِ جُمْعَةٌ وَ لاَ جَماعَةٌ ـ إلي‌ أن‌ قال‌: ـ وَ لاَ تَوَلَّي‌ القَضَاءَ؛ مؤيّداً بنقصها عن‌ هذا المنصب‌ و إنَّها لا يليق‌ لها مجالسة‌ الرِّجال‌ و رفع‌ الصَّوت‌ بينهم‌، و بأنَّ المُنساقَ من‌ نصوص‌ النصب‌ في‌ الغيبة‌ و غيرها بل‌ في‌ بعضها التّصريح‌ بالرِّجل‌، لا أقلّ و الاصل‌ عدم‌ الاءذن‌». انتهي‌. [23]

 و قال‌ في‌ «مفتاح‌ الكرامة‌»: «و أمّا المرأة‌ فلما ورد في‌ خير جابر عن‌ الباقر عليه‌ السّلام‌: وَ لاَ تَوَلَّي‌ القَضَاءَ المْرَأةٌ. و قد أنكر الدَّليل‌ المقدَّس‌ الاردبيليُّ ـ ره‌ ـ ا ءن‌ لم‌ يكن‌ إجماع‌؛ و هذا خبر منجيز بالشُّهرة‌ العظيمد إن‌ أنكر الاءجماع‌؛ مع‌ ما ورد من‌ نقصان‌ عقلها و دينها و عدم‌ صلاحيّتها في‌ الصَّلوة‌ للرَّجل‌، و إنَّ شهادتها نصفُّ شهادة‌ غالباً». انتهي‌. [24]

 أقول‌: ما ذكره‌ ـ رحمه‌ الله‌ ـ من‌ جُبران‌ الخبر بالشُّهرة‌، غير ما سبق‌ منَّا من‌ قيام‌ السيرة‌ المحقَّقة‌ في‌ المقام‌؛ لانَّ السِّيرة‌ بنفسها دليلٌ تامٌ لما نحن‌ بصدده‌؛ و أمّا انجبار الخبر بالشُّهرة‌ فالحُجَّة‌ هو الخبر و لكنَّ ضعفَه‌ ينجبر بها.

 3 ـ رواياتُ أبناء نُباتَة‌ و أبي‌ المِقدام‌ و كَثير: لاَ تُمَلِّكِ المَرْأةَ (لاَ تَمْلِكُ المَرأةُ خ‌ ل‌) مِنَ الامْرِ ما يُجاوِزُ نَفْسَهَا. [25]

 و كذلك‌ قول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السّلام‌ لابنه‌ الحسن‌ عليه‌ السّلام‌ في‌ الوصيّة‌ الّتي‌ كَتَبها بحاضِرَين‌، و هي‌ من‌ أحسن‌ وصاياه‌؛ قال‌ فيها:

 وَ لاَ تُمَلِّكِ المَرْأةَ مَا جَاوَزَ نَفْسَهَا؛ فَإنَّ المَرأةَ رَيْحَانَةٌ، وَ لَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ [26]

 الرجوع الي الفهرس

 و الامور الّتي‌ جاوَزَت‌ نفسها تحتمل‌ أحدَ معنيين‌:

 الاوّل‌: الامور الخارجة‌ عن‌ شؤونها و ما تختصُّ بها من‌ الاُمور الرَّاجعة‌ إلي‌ النِّساء.

 الثّاني‌: الامور الخارجة‌ عن‌ سَعَتها و عن‌ حِيطَة‌ قدرتها و التَّمكُن‌ عليها.

 و هذا أقوي‌ لمكان‌ التَّعليل‌ بأنَّها ريحانةٌ و لَيست‌ بقهرمانة‌؛ و يُحتمل‌ أن‌ يُراد كلا المعنيين‌ باستعمال‌ «ما جاوز» في‌ الجامع‌ الاعمِّ؛ و لا ينافيه‌ التَّعليل‌ أيضاً بل‌ يناسبه‌.

 و معلوم‌ أنّ الحكومةَ و القضاء من‌ الامور الصَّعبة‌، بل‌ من‌ أصعب‌ الامور تحمُّلاً، و تَحتاجان‌ إلي‌ بسطةٍ في‌ العلم‌ والجسم‌، و سَعةٍ في‌ الاءدراك‌، و بصيرةٍ عميقةٍ، و ذكاء دقيقٍ، و صبر جميلٍ، و إرادة‌ كافيةٍ، و قوَّةٍ فعلٍ بلا انفعالٍ، و تأثيرٍ بلا تأثُّرٍ؛ و إلاّ لا نجرِّ إلي‌ خلافِ المطلوب‌، و لادِّي‌ إلي‌ نقيض‌ المقصود من‌ الكَسَل‌ و الفَشَل‌ و الوَهْنِ و الافْنِ. [27]

 و لعلَّ ما أشار إليه‌ ـ صلوات‌ الله‌ عليه‌ ـ في‌ الفقرة‌ السَّابقة‌ من‌ هذه‌ الوصيّة‌ و هو قوله‌: وَ إيَّاكَ وَ مُشَاوِرَةَ النِّساء فإنَّ رَأيَهُنَّ إلَهي‌ أفْنٍ، وَ عَزْمَهُنَّ إلَي‌ وَهْنٍ، يدلُّنا علي‌ هذا الاصل‌.

 هذا مضافاً إلي‌ أنَّ الحكومة‌ و القضاء لا تَخلوان‌ غالباً من‌ المُشاورة‌؛ فإذا لم‌ تكن‌ نفوس‌ النِّساء قابلةً لان‌ تُشاوَرَ فكيف‌ تُجعل‌ مركزاً للحكم‌ و القضاء و تَستدعي‌ غيرَها للمشاورة‌؟

 قال‌ الشَّيخ‌ محمّد عبدُه‌ عند شرح‌ قوله‌ عليه‌ السّلام‌: فإنَّ المَرأةَ رَيْحَانَةٌ وَ لَيَسْتَ بِقَهْرِمَانَةٍ: «أين‌ هذه‌ الوصيَّة‌ من‌ حال‌ الّذين‌ يَصِرفون‌ النِّساءَ في‌ مصالح‌ الامَّة‌ بل‌ و من‌ يختصُّ بخدمتهنَّ كَرامةً لهنَّ». [28]

 أقول‌: و بالتَّامُّل‌ الدَّقيق‌ أيضاً في‌ قوله‌ عليه‌ السّلام‌ بعد ذلك‌: وَ لاَ تَعْدُ بِكَرَامَتِهَا نَفْسَهَا، وَ لاَ تُطِمْعْهَا فِي‌ أنْ تَشفَعَ بِغَيْرِهَا،[29] ما يدلّنا علي‌ المقصود.

 و بالجملة‌ إنَّ في‌ المرأة‌ حالة‌ رقَّةٍ و لطفٍ و إحساس‌ و انفعال‌ مرتكزٍ في‌ النَّفس‌، كما أنَّ خلقَتها الطَّبيعيَّة‌ جُعلت‌ للانفعال‌ بالتَّثُّر من‌ النُّطفة‌ و قبولها.

 و هذه‌ الرُّوحيّة‌ الانفعاليّة‌ تُنافي‌ و تُخالف‌ ما هو محتاج‌ إلي‌ فعلٍ قويٍّ و تأثيرٍ شديدٍ؛ كما في‌ الحاكم‌ و القاضي‌؛ و قد عرفتَ وصيَّة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السّلام‌ للاشتر في‌ كتابه‌ إليه‌:

 ثُمَّ اخْتَرْ لِلْحُكمِ بَيْنَ النَّاسِ أفضَلَ رَعِيَّتِكَ فِي‌ نَفْسِكَ مِمَّن‌ لاَ تَضِيقُ بِهِ الاُمورُ، وَ لاَ تُمْحِكُهُ الخُصُومُ، وَ لاَ يَتَمادِي‌ فِي‌ الزَّلَّةِ، وَ لاَ يَحْصَرُ مِنَ الْفَي‌ء إلَي‌ الحَقِّ إذَا عَرَفَهُ، وَ لاَ تُشْرِفُ نَفْسُهُ عَلَي‌ طَمَعٍ، وَ لاَ يَكْتَفِي‌ بِأدْنَي‌ فَهْمٍ دُونَ الخَصْمِ، وَ أصْبَرَهُمْ عَلَي‌ تَكَشُّفِ الاُمورِ، وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتِّضَاحِ الحُكْمِ، مِمَّنْ لاَ يَزْدهيِهِ إطْرَاءٌ، وَ لاَ يَسْتَمِيلُهُ إغْرَءٌ؛ وَ أُولَئِكَ قَلِيلٌ.

 و لعمري‌ هذه‌ الوصيَّة‌ تليق‌ أن‌ تُكتب‌ بالنُّور علي‌ أحداق‌ الحُور، لا بِالحبر علي‌ الاوراق‌، و لا بالتِّبرِ علي‌ الاشفَاقِ.

 لطيفةٌ: إنَّ في‌ استعارته‌ عليه‌ السّلالا بأنَّ المرأة‌ ريحانةٌ سِرّاً عجبيباً يَحوي‌ جميع‌ ما أسلفناه‌ من‌ لطافة‌ المرأة‌ و رقَّتها و إحساسها و سائر صفاتها؛ لانَّ الرَّيحان‌ بمعني‌ النَّبات‌ الطَّيِّب‌ الرّائحة‌ مثل‌ الوَرد، و الرَّيحانة‌ باقَة‌ الرَّيحان‌ و هي‌ الحُزمة‌ من‌ الزُّهور و البقل‌ الطَّيِّب‌ الرائِحة‌. و حيث‌ إنّ الرَّيحان‌ حياته‌ و تحقُّقه‌ ببقائِه‌ في‌ الحدائق‌ و البَساتين‌، متَّصلةً بتُخُومِه‌ و مَباديه‌ تحت‌ ظلال‌ الاشجار؛ و منه‌ نهاية‌ لطافتِه‌ إذا هَبَّتْ ريح‌ شديد تناثَرَت‌ أوراقُه‌ و ذَهَبت‌ لطافته‌ و رائحته‌، فيسرع‌ إلي‌ مرتبة‌ البَوار و الهلاك‌؛ فكذلك‌ المرأة‌ حيث‌ لم‌ تخلق‌ قهرمانةً حتّي‌ تتحمَّل‌ الشَّدائد، و تحكم‌ في‌ الامور، و تتصرَّف‌ فيها بأمرها، فلابدّ من‌ أن‌ تحفظ‌ في‌ حَديقة‌ المعارف‌ و الكرامات‌، و تشتغل‌ بأمر نفسها و لا تتجاوز عنها.

 فإذا اُدخلت‌ في‌ أندية‌ الرِّجال‌، أو جُعلت‌ متصدِّيةً لِمَهامِّ الامور، هَبَّت‌ عليها ريحٌ عقيمٌ فَكَسَّرتها، و سَلَبت‌ عنها ما أودعه‌ اللهُ في‌ فطرتها من‌ الغرائز اللطيفة‌ المناسبة‌ لها، و أذهبت‌ رائحتَها الطَّيِّبةَ النَّفسانيّة‌؛ و في‌ ذلك‌ إبطالٌ لوجودها و صفاتِها؛ فظلمٌ لا يُغفر.

 4 ـ ما رواه‌ البُخاريُّ في‌ موضعين‌ من‌ كتابه‌: الاوّل‌ في‌ كتاب‌ المَغازي‌، و الثَّاني‌ في‌ كتاب‌ الفِتَن‌، قال‌: حدَّثنا عثمانُ بن‌ الهَيْثَم‌، حدَّثنا عَوف‌، عن‌ الحَسَن‌، عن‌ أبي‌ بكرة‌، قال‌: لَقَدْ نَفَعَنِيَ اللَهُ بِكَلَمِةٍ سَمِعْتُهَا مِن‌ رَسُولِ اللَهِ صَلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلَّم‌، أيَّامَ جَمَلٍ فَاُقَاتِلُ مَعَهُمْ. قالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَهِ صَلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلَّم‌، أنَّ أهْلَ فَارسٍ[30] قَدْ مَلَّكوا عَلَيْهِم‌ بِنْتَ كِسْرَي‌، قَالَ: لَن‌ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَ لَّوا أمْرَهُمُ امْرَأةً. [31]

 و هذا الحديث‌ موجودٌ في‌ جميع‌ نسخ‌ البخاريِّ، القديمة‌ منها و الحديثة‌، و في‌ جميع‌ شروحه‌ ك «إرشاد السَّاري‌» و «عُمدةِ القَاري‌» و غيرهما.

 و رواه‌ أيضاً النِّسائيُّ بسند آخر في‌ كتاب‌ القَضاء عن‌ أبي‌ بَكرة‌، قال‌: عَصَمَنِيَ اللَهُ بِشَي‌ءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلَّم‌؛ لَمَّا هَلزكَ كِسْرَي‌ قالَ: مَنِ اسْتَخْلَفُوا؟

 قَالُوا: بِنْتَهُ. قَالَ: لَنْ يُفْلِحُ قَوْمٌ وَلَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً.[32]

 و رواه‌ أيضاً أبو عيسي‌ الترمذيُّ في‌ باب‌ 75 من‌ كتاب‌ الفتن‌ بعين‌ ما رواه‌ النِّسائيُّ، و في‌ ذيله‌ قال‌ (أي‌ أبوبكرة‌): فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ تَعْنِي‌ البَصرَةَ ذَكَرْتَ قَولُ رَسُولِ اللَهِ صلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وَسلّم‌ فَعَصَمَنِيَ اللَهُ بِهِ. قال‌ أبو عيسي‌: هذا حَديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. [33]

 و اللّفظ‌ أيضاً مختلف‌، فقد ورد أيضاً لَن‌ يُفْلِحَ قَوْمٌ أسْنَدُوا أمْرَهُمْ إلي‌ امْرَأةً. و رواه‌ في‌ «تحف‌ العقول‌» بعين‌ هذه‌ العبارة‌. [34] و لكن‌ لمّا رواه‌ في‌ «البحار» عن‌ «تحف‌ العقول‌» اُبدل‌ لفظةُ أسْنَدُوا إلي‌ أسْدَوْا.[35]

 و في‌ «نهاية‌ ابن‌ الاثير أورده‌ في‌ مادَّة‌ قَيَمَ: مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمُهُمُ امْرَأةٌ. [36]

 و حكي‌ في‌ تعليقتها عن‌ الهَرويِّ و اللِّسان‌: مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَيِّمَتُهُمْ امْرَأةٌ. [37]

 و في‌ «الجواهر»: لاَ يُفْلِحُ قَوْمٌ وَلِيَّتْهُمْ امْرَأةٌ. [38]

 و في‌ «المستند»: لاَ يَصْلَحُ قَوْمٌ وَلِيتْهُمُ امْرَأةٌ. [39]

 اعلم‌ أنَّ هذا الحديث‌ مشهورٌ عند العامّة‌ مستفيضٌ، ذكروه‌ في‌ كتبهم‌ من‌ التَّفسير و الحديث‌ و التاريخ‌ و السِّيرة‌، و حكي‌ عنهم‌ علماؤنا و ذكروه‌ في‌ كُتبهم‌ الفقهيَّة‌، و استدلُّوا به‌ في‌ غير موضعٍ بحيث‌ يمكن‌ أن‌ يُدَّعي‌ انجبار ضَعف‌ سَنَدِهِ بالشُّهرة‌ العظيمة‌ المحققَّة‌ البالغة‌ حدَّ الاءجماع‌.

 لا يقال‌: إنَّ انجبار السَنَد بالشُّهرة‌ إنّما هو فيما يعلم‌ استناد العُلماء بالخَبَر؛ و في‌ المقام‌ غيرُ معلوم‌.

 لانّه‌ يقال‌: كفي‌ في‌ الاستناد إليه‌ ذِكره‌ في‌ الكُتُب‌ و الاستشهاد به‌، بل‌ الاستدلال‌ بعنوان‌ الحديث‌ النَّبويِّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، و كثيرٌ من‌ ضِعاف‌ رواياتنا المعمولِ بها بانجبار سَنَدها بالشُّهرة‌ لم‌ يكن‌ أزيد من‌ هذه‌ المثابَة‌؛ فللمتأمِّل‌ البَصير و الفقيه‌ الخبير غنيً و كفايةٌ.

 و امّا أبوبكره‌ الرَّاوي‌ لهذا الحديث‌ فهو من‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، و سكن‌ البصرة‌ و أقام‌ بها و كان‌ من‌ رجالها المعروفين‌ بالعبادة‌ و الصِّدق‌، و لم‌ يظهر لنا قدح‌ له‌ في‌ كتب‌ الرِّجال‌ بل‌ تَنَحِّيه‌ عن‌ أصحاب‌ الجَمل‌ يدلُّ علي‌ بصيرته‌ و إن‌ لم‌ تكن‌ علي‌ حدٍّ يلحقه‌ بأصحاب‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السّلام‌ و الجِهاد بين‌ يديه‌ كأصحابه‌ و شيعته‌ المُوالين‌ ـ رضوان‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌ ـ.

 الرجوع الي الفهرس

 ذكر ترجمته‌ العلماءُ من‌ أهل‌ السُّنّة‌. قال‌ ابن‌ حجر العسقلانيُّ الشَّافعيُّ في‌ «الاءصابة‌»: «نُفيْع‌ بن‌ الحَرث‌ و يقال‌: ابن‌ مسروج‌، و به‌ جَزَم‌ ابنُ سعد، و أخرج‌ أبو أحمد من‌ طريق‌ أبي‌ عثمان‌ النَّهديِّ عن‌ أبي‌ بَكرة‌ أنّه‌ قال‌: «أنا مولي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلَّم‌ فأبي‌ النّاس‌ إلاّ أن‌ يَنسبوني‌، فأنا نُفيع‌ بن‌ مَسروح‌». و قيل‌ اسمه‌ مَسروح‌، و به‌ جَزَم‌ ابنُ إسحق‌. مشهورٌ بكُنيته‌ و كان‌ من‌ فُضلاء الصَّحابة‌ و سَكَنَ البَصرة‌، و أنجب‌ أولاداً لهم‌ شهردٌ. و كان‌ تَدَلَّي‌ إلي‌ النبيِّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ من‌ حِصن‌ الطّائف‌ ببَكرة‌ فاشْتَهَر بأبي‌ بَكرة‌. و رَوي‌ عن‌ النبيِّ صلّي‌ الله‌ تعالي‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌؛ و رَوَي‌ عنه‌ أولاده‌». [40]

 و ذكر ابنُ عبدالبرِّ في‌ «الاستيعاب‌»: «أبو بكرة‌ الثَّقَفي‌ اسمه‌ نُفي‌يع‌ بن‌ مَسروح‌، و قيل‌: نُفَيع‌ بن‌ الحارث‌... و اُمّ أبي‌ بكرة‌ سُمَيَّة‌ جاريةُ الحارث‌ بن‌ كَلدَة‌؛ و قد ذكرنا خبرها في‌ باب‌ «زياد» لانئها اُمُّها؛ و كان‌ أبوبَكرة‌ يقول‌: «أنا مولي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلّم‌ من‌ حصن‌ الطّائف‌، فأسلم‌ في‌ غلمانٍ من‌ غلمان‌ أهل‌ الطّائف‌، فأعتقهم‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلّم‌؛ فكان‌ يقول‌: «أنا مولي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلَّم‌». و قد عُدَّ في‌ مواليه‌. ـ ثمّ قال‌... ـ قال‌ أحمد بن‌ زُهير: إنَّ أبابكرة‌ كان‌ من‌ فضلاء الصَّحابة‌، و هو الّذي‌ شَهِدَ علي‌ المُغيرة‌ بن‌ شَعبة‌، فَبَتَّ الشَّهادة‌، و جَلِّده‌ عُمر حَدِّ القَذْف‌ إذ لم‌ تتمّ الشّهادةُ؛ ثمّ قال‌ له‌ عُمر: تُبْ تُقْبَلْ شَهادَتُكَ.

 فقال‌ له‌: إنّما تَستتِسبني‌ لِتَقْبَلَ شَهادَتي‌؟

 قال‌: أجَلْ.

 قال‌: لاَ جَرَمَ أنِّي‌ لاَ أَشْهَدُ بَيْنَ اثْنينِ أبَداً مَا بَقيتُ فِي‌ الدُّنيا.

 و روي‌ ابن‌ عُيَيْنَة‌ و ابنُ مسلم‌ الطّائِفي‌، عن‌ إبراهيم‌ بن‌ مَيْسَرة‌، عن‌ سعيد بن‌ المَسَيِّب‌، قال‌: شَهِدَ علي‌ المُغِيرَة‌ ثَلاثةٌ، و نَكَلَ زيادٌ، فَجَلَّد عُمَرُ الثَّلاَثَة‌؛ ثُمَّ اسْتَتَابَهُمْ، فَتَابَ اثْنانِ فَجَازَتْ شَهادتُهما؛ و أبي‌ أبوبَكرة‌ أن‌ يَتُوبَ. و كان‌ مِثْل‌ النَّصل‌ في‌ العبادة‌ حتّي‌ ماتَ.

 قيل‌: إنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلّم‌ كَنَّاه‌ بأبي‌ بكرة‌، لانّه‌ تَعَلَّق‌ بِبَكْرَةٍ مِن‌ حِصْنِ الطَّائِف‌، فَنزل‌ إلي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلّم‌.

 و كان‌ أولاده‌ أشرافاً بالبَصرة‌ بالولايات‌ و العلم‌، و له‌ عَقِبٌ كثيرٌ. و تُوفَّي‌ أبوبَكرة‌ بالبَصْرَة‌ سنةَ إحدي‌، و قيل‌: سنةَ اثنتين‌ و خمسين‌، و أوصي‌ أن‌ يُصلِّي‌ عليه‌ أبو بَرزة‌ الاسْلَميُّ، فصلِّي‌ عليه‌. قال‌ الحَسن‌ البَصريُّ: لم‌ يَنزِل‌ البَصرة‌ من‌ الصَّحابة‌ ممَّن‌ سَكَنَها أفضلَ من‌ عِمْرانَ بن‌ الحَصين‌ و أبي‌ بَكرَة‌».[41]

 5 ـ روي‌ أبو عيسي‌ محمّد بن‌ عيسي‌ بن‌ سَوْرة‌ التِّرمذيُّ في‌ «صحيحـ» ه‌ في‌ باب‌ 78 من‌ كتاب‌ الفتن‌، قال‌: حدَّثنا أحمد بن‌ سعيد الاشقَر، حدَّثنا يونس‌ بن‌ محمّد و هاشِم‌ بن‌ القَاسِم‌ قالا، حدَّثنا صَالِح‌ المُرِّيُّ، عن‌ سَعيدٍ الجُرَيْريِّ، عن‌ أبي‌ عثمان‌ النَّهديِّ، عن‌ أبي‌ هُرَيره‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ (وآله‌) وسلَّم‌:

 إذَا كَانَ اُمَرَاؤكُمْ خِيَارَكُمْ، وَ أغْنِيَاؤكُمْ سُمَحَاءَكُمْ، و اُمُورُكُمْ شُورَي‌ بَيْنَكُمو، فَظَهْرُ الارْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِن‌ بَطْنِهَا، وَ إِذَا كَانَ اُمَرَاؤكُمْ شِرَارَكُمْ، وَ أغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلاَءَكُمْ، و اُمُورُكُمْ إلَي‌ نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الارْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا.

 قال‌ أبو عيسي‌: هذا حديثٌ غريبٌ لا نَعْرِفُه‌ إلاّ مِنْ حديثِ صَالِحٍ المُرِّيِّ في‌ حديثه‌ غرائبُ يَنفَرد بها لا يُتابَعُ عَلَيْها، و هو رجلٌ صَالِحٌ. [42]

6 ـ الرّوايات‌ الواردة‌ في‌ النَّهي‌ عن‌ إطاعة‌ النِّساء علي‌ الاءطلاق‌؛ و مفادها مع‌ فرض‌ وِلايتهنَّ في‌ الامور بالنِّسبة‌ إلي‌ القضاء و الحكومة‌ في‌ طَرَفِي‌ النَّقيض‌.

فمنها: مرسلة‌ من‌ «لايحضره‌ الفقيه‌»: يَا مَعاشِرَ النَّاسِ لاَ تُطِيعُوا النِّساءَ عَلَي‌ حَالٍ، وَ لاَ تَأمَنُوهُنَّ عَلَي‌ مَالٍ. [43]

و منها: رواية‌ الحُسين‌ بن‌ المُختار: اتّقوا شِرارَ النِّساء، وَ كُونوا مِن‌ خِيَارِهِنَّ عَلَي‌ حَذَرٍ؛ وَ إنْ أمَرْنَكُمْ فَخَالِفُوهُنَّ، كَيْلاَ يَطْمَعْنَ مِنكُمْ فِي‌ المُنْكَرِ[44]

و منها: ما يأتي‌ من‌ «نَهج‌ البلاغة‌»: فَاتَّقوا شِرَارَ النِّسَاءِ، وَ كُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَي‌ حَذَرٍ؛ وَ لاَ تُطِيعُوهُنَّ فِي‌ المعَْرُوفِ حَتَّي‌ لاَ يَطْمَعْنَ فِي‌ المُنْكَر[45] 

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «عوائد الايّام‌» ص‌ 187.

[2] ـ «المستند» ج‌ 2، كتاب‌ القضاء، ص‌ 516.

[3] ـ الآية‌ 43، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[4] ـ «الكافي‌» ج‌ 7، ص‌ 218، كتاب‌ القضاء.

[5] ـ «التهذيب‌» ج‌ 6، ص‌ 218، كتاب‌ القضاء.

[6] ـ «الفقيه‌» ج‌ 3، ص‌ 4، كتاب‌ القضاء.

[7] ـ «الخصال‌» الطبع‌ علي‌ الحجر، ص‌ 118.

[8] ـ و ينبغي‌ لنا في‌ المقام‌ أن‌ نذكر كلام‌ العالم‌ الخبير سماحة‌ آية‌ الله‌ الشيخ‌ محمد الحسين‌ آل‌ كاشف‌ الغطاء في‌ كتابه‌ البديع‌: «اصل‌ الشيعة‌ و اُصولها». قال‌ ـ قدّه‌ ـ: «لولاية‌ القضاء و نفوذ الحكم‌ في‌ فصل‌ الحكومات‌ بينا لنّاس‌ منزلة‌ رفيعة‌ و مقام‌ منيع‌ و هي‌ عند الاماميّة‌ شجن‌ من‌ دوحة‌ النبوة‌ و الامامة‌، و مرتبة‌ من‌ الرّياسة‌ العامّة‌ و خلافة‌ الله‌ في‌ الارضين‌؛ يا داود إنّا جعَلَنـ'كَ خَلَيفَةَ فِي‌ الاْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ فَلاَ وَ رَبُّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّي‌ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم‌ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي‌ أنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا. كيف‌ لا و القضاة‌ و الحكّام‌ اُمناء الله‌ علي‌ النّواميس‌ الثّلاثة‌: النّفوس‌ و الاعراض‌ و الاموال‌، و لذا كان‌ خطره‌ عظيماً و عثرته‌ لا تقال‌. و في‌ الاحاديث‌ من‌ تهويل‌ أمره‌ ما تخففّ عنده‌ الجبال‌ مثل‌ قوله‌ عليه‌ السّلام‌: القاضي‌ علي‌ شفير جهنّم‌، و لسان‌ القاضي‌ بين‌ جمرتين‌ من‌ نار. يا شريح‌ قد جلست‌ مجلساً لا يجلسه‌ الاّ نبيّ أو شقيّ. و في‌ الحديث‌ النبوّي‌: من‌ جُعل‌ قاضياً فقد ذبح‌ بغير سكّين‌. إلي‌ كثير من‌ نظائرها. و الحكم‌ الّذي‌ يستخرجه‌ الفقيه‌ و يستنبطه‌ من‌ الادلّة‌ إن‌ كان‌ علي‌ موضوع‌ كلّيّ فهو الفتوي‌ مثل‌: إنَّ مال‌ الغير لا يجوز التّصرف‌ فيه‌ إلاّ بإذن‌ مالكه‌. و انّ وط‌ءَ الزوجة‌ حلال‌ و وط‌ءَ الاجنبيّة‌ حرام‌. و إن‌ كان‌ علي‌ موضوع‌ جزئي‌ فهو القضاء و الحكومة‌. مثل‌: إنّ هذه‌ زوجة‌ و تلك‌ أجنبيّة‌. و هذا مال‌ زيد. و كلّ منهما من‌ وظائف‌ المجتهد العادل‌ الحائز منصب‌ النّيابة‌ العامّة‌ عن‌ الاءمام‌ سوي‌ أنّ القضاء الّذي‌ هو في‌ الحقيقة‌ عبارة‌ عن‌ تشخيص‌ الموضوعات‌ مع‌ المرافعة‌ و الخصومة‌ أو بدونها كالحكم‌ بالهلال‌ و الوقف‌ و النّسب‌ و نحوها يحتاج‌ إلي‌ لفط‌ قريحد و قوّة‌ حدس‌ و عبقريّة‌ ذكاء أكثر ممّا تحتاجه‌ الفتوي‌ و استنباط‌ الاحكام‌ الكلّيّة‌ بكثير. و لو تصدّي‌ له‌ غير الحائز لتلك‌ الصفات‌ كان‌ ضرره‌ أكبر من‌ نفعه‌ و خطاؤه‌ أكثر من‌ صوابه‌. أمّا تصدّي‌ غير المجتهد العادل‌ الّذي‌ له‌ أهليّة‌ الفتوي‌ فهو عندنا معشر الاءماميّة‌ من‌ أعظم‌ الحرمات‌ و أفظع‌ الكبائر، بل‌ هو علي‌ حدّ الكفر بالله‌ العظيم‌، بل‌ رأينا أعاظم‌ علماء الاءماميّة‌ من‌ أساتيذنا الاعلام‌ يتورّعون‌ من‌ الحكم‌ و يفصلون‌ الحكومات‌ غالباً بالصُّلح‌. و نحن‌ لا نزال‌ غالباً علي‌ هذه‌ الوَتيرَة‌ اقتداءً بسلفنا الصَّالح‌» («أصل‌ الشيعة‌ و اُصولها» ص‌ 167 الي‌ ص‌ 169، طبع‌ بيروت‌ سنة‌ 1379 الهجريّة‌).

[9] ـ الآية‌ 36، من‌ السورة‌ 10: يونس‌، و الآية‌ 28، من‌ السورة‌ 53: النَّجم‌.

[10] ـ «الوسائل‌» الطبع‌ البهادريّ، ج‌ 3، ص‌ 387، كتاب‌ القضاء.

[11] ـ «الوسائل‌» الطبع‌ البهادريّ، ج‌ 3، ص‌ 387، كتاب‌ القضاء.

[12] ـ «الوسائل‌» الطبع‌ البهادريّ، ج‌ 3، ص‌ 387، كتاب‌ القضاء.

[13] ـ «الوسائل‌» الطبع‌ البهادريّ، ج‌ 3، ص‌ 387، كتاب‌ القضاء.

[14] ـ الآية‌ 58، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[15] ـ الآية‌ 8، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[16] ـ الآية‌ 135، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[17] ـ آيات‌ 44 و 45 و 47، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[18] ـ آيات‌ 44 و 45 و 47، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[19] ـ آيات‌ 44 و 45 و 47، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[20] ـ «المستند» ج‌ 2، ص‌ 519.

[21] ـ «المستند» ج‌ 2، ص‌ 519.

[22] ـ «الوسائل‌» ج‌ 3، ص‌ 369، كتاب‌ القضاء.

[23] ـ «الجواهر» الطبع‌ الملفّق‌، كتاب‌ القضاء، ص‌ 2.

[24] ـ «مفتاح‌ الكرامة‌» ج‌ 10، ص‌ 9، كتاب‌ القضاء.

[25] ـ «المستند» ج‌ 2، ص‌ 519، كتاب‌ القضاء.

[26] ـ «نهج‌ البلاغة‌» باب‌ الكتب‌ ص‌ 56، من‌ طبع‌ عبده‌ بمصر.

[27] ـ ابن‌ أبي‌ الحديد ضبطه‌ بسكون‌ الفاء بمعني‌ النقص‌، و المتأفّن‌ المتنقَّص‌. قال‌ 5 و من‌ رواه‌ بالتحريك‌ فهو ضعيف‌ الرأي‌. «شرح‌ ابن‌ أبي‌ الحديد» ج‌ 16، ص‌ 123 و ص‌ 124.

[28] ـ تعليقة‌ عبدُه‌ ص‌ 56، من‌ باب‌ الكتب‌ من‌ «النهج‌».

[29] ـ ورد في‌ ضبط‌ ابن‌ أبي‌ الحديد؛ في‌ أن‌ تشفع‌ لغيرها باللاّم‌. «شرح‌ ابن‌ أبي‌ الحديد» ج‌ 16، ص‌ 122، بتحقيق‌ محمّد أبوالفضل‌ إبراهيم‌.

[30] ـ ذكر القسطلانيُّ في‌ «ارشاد الساري‌ الي‌ شرح‌ صحيح‌ البخاريّ» في‌ الجزء العاشر منه‌، كتاب‌ الفتن‌ ص‌ 219: «انّ فارساً بالصَّرف‌ في‌ جميع‌ النسخ‌، نسخ‌ الحفّاظ‌ أبي‌ محمّد الاصيليِّ، و أبي‌ ذرّ الهرويّ، و الاصل‌ المسموع‌ علي‌ أبي‌ الوقت‌. و في‌ اصل‌ أبي‌ القاسم‌ الدّمشقيّ غير مصروف‌، و قال‌ ابن‌ مالك‌: كذا وقع‌ مصروفاً، و الصّواب‌ عدم‌ صرفه‌. و قال‌ في‌ «الكواكب‌» يطلق‌ علي‌ الفُرس‌ و علي‌ بلادهم‌، فعلي‌ الاوّل‌ يجب‌ الصرف‌ إلاّ أن‌ يقال‌ المراد القبيلة‌. و علي‌ الثاني‌ يجوز الامران‌ كسائر البلاد. ـ إلي‌ أن‌ قال‌ ـ و احتجّ به‌ (أي‌ بهذا الحديث‌) من‌ منع‌ قضاء المرأة‌ و هو قول‌ الجمهور. و قال‌ أبو حنيفة‌ تقضي‌ فيما يجوز فيه‌ شهادتهنّ. و زاد الاءسماعيليُّ من‌ طريق‌ التضربن‌ شميل‌ عن‌ عَوف‌ في‌ آخره‌. قال‌ أبوبكرة‌: فعرفت‌ أنّ أصحاب‌ الجمل‌ لن‌ يفلحوا». و ذكر في‌ الجزء السادس‌ من‌ «الارشاد» كتاب‌ المغازي‌ ص‌ 513 عند شرحه‌ لهذا الحديث‌: «و مذهب‌ الجمهور انّ المرأة‌ لاتلي‌ الاءمارة‌ و لا القضاء و أجازه‌ الطبريُّ و هي‌ رواية‌ عن‌ مالك‌. و عن‌ أبي‌ حنيفة‌ تلي‌ الحكم‌ فيما يجوز فيه‌ شهادة‌ النّساء».

[31] ـ «صحيح‌ البخاريّ» ج‌ 3، كتاب‌ المغازي‌، ص‌ 60. و أيضاً في‌ ج‌ 4، كتاب‌ الفتن‌ ص‌ 154، المطبوع‌ في‌ المطبعة‌ العثمانيّة‌ المصرية‌ سنة‌ 1351.

[32] ـ «سنن‌ النّسائي‌» ج‌ 8، كتاب‌ آداب‌ القضاة‌، ص‌ 227، المطبعة‌ المصرية‌ بالازهر.

[33] ـ «الترمذي‌» ج‌ 4، ص‌ 527 و ص‌ 528، مطبعة‌ مصطفي‌ البابي‌.

[34] ـ «تحف‌ العقول‌» مطبعة‌ الحيدري‌، ص‌ 35.

[35] ـ «بحار الانوار» الطبع‌ الجديد، ج‌ 77، ص‌ 138.

[36] ـ «النّهاية‌» ج‌ 4، ص‌ 135.

[37] ـ «النّهاية‌» ج‌ 4، ص‌ 135.

[38] ـ «الجواهر» كتاب‌ القضاء، ص‌ 2، الطبع‌ الملفَّق‌.

[39] ـ «المستند» ج‌ 2، كتاب‌ القضاء، ص‌ 519. و في‌ «كنز العُمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 11 (حديث‌ 94) أسند إلي‌ البخاريّ و الترمذيّ و ابن‌ ماجه‌ و احمد بن‌ حنبل‌ انّهم‌ روّوا عن‌ أبي‌ بكرة‌: لَن‌ يُلفح‌ قومٌ ولَّوا أمرَهم‌ امرأة‌. و فيه‌ أيضاً ج‌ 6، 15 (حديث‌ 137) أسند الي‌ ابن‌ أبي‌ شيبة‌ أنّه‌ روي‌ عن‌ أبي‌ بكرة‌: لن‌ يُلح‌ قوم‌ أسندوا أمرهم‌ إلي‌ امرأةٍ.

[40] ـ «الاءصابة‌» ج‌ 3، حرف‌ النون‌ (نفيع‌) ص‌ 542، مطبعة‌ مصطفي‌ محمّد بمصر سنة‌ 1358.

[41] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ 4، كتاب‌ الكني‌، باب‌ الباء (أبوبكرة‌) ص‌ 1614، مطبعة‌ نهضة‌ مصر.

[42] ـ «الترمذي‌» ج‌ 4، كتاب‌ الفتن‌، ص‌ 529 ئ ص‌ 530، مطبعة‌ مصطفي‌ البابي‌ بمصر.

[43] ـ «المستند» ج‌ 2، ص‌ 519، كتاب‌ القضاء.

[44] ـ «المستند» ج‌ 2، ص‌ 519، كتاب‌ القضاء.

[45] ـ «النّهج‌» الخطبه 78، ص129، طبع عبده بمصر.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com