الصفحة السابقة
عبور النبي‌ّ الحجر وديار ثمود وأمره بعدم التوقّف وعدم شرب الماء
لمّا توجّه النبي‌ّ الاكرم صلّي الله علیه وآله وسلّم إلی تبوك، مرّ بالحِجر[1] . والحجر محلّ ديار ثَمُود والنبي‌ّ صالح علی نبيّنا وآله وعلیه الصلاة والسلام. وتقع هناك بئر صالح التي شربت منها الناقة فلاحقوها. وفي الخبر أنّ الناس كانوا يمرّون بالحجر، ويستقون من مائها ويعجنون. فنادي منادي رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم: لاتشربوا من مائها، ولاتتوضّؤوا منه للصلاة. وما كان من عجين فاعلفوه الإبل!
قال سَهْلُ بنُ سَعْد السَّاعِدي‌ّ: كنت أصغر من في القافلة، وكنت مقرئهم القرآن في تبوك. فلمّا نزلنا بالحجر، عجنتُ لاصحابي، وبعد أن اختمر العجين، ذهبت أطلب حطباً، فإذا منادي النبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم ينادي: إنّ رسول‌الله يأمركم ألاّ تشربوا من ماء بئرهم! فجعل الناس يهرقون ما في أسقيتها؛ وقالوا: يا رسول الله! قد عجنّا. قال رسول‌الله: اعلفوه الإبلَ! قال سهل: فأخذت ما عجنت فعلفت نِضوَين كانا أضعف ركابنا [2]. وأمر رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم أن لايدخل أحد من المسلمين بيوتهم إلاّ باكين، وقال: لاَ تَدْخُلُوا علی هَؤُلاَءِ القَوْمِ المُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ. فَإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا علیهِمْ فَيُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ [3].
قال أبو سعيد الخُدري‌ّ: جاء رجل إلی النبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم بخاتم وجده في الحجر في بيوت المعذّبين. فأعرض عنه، واستتر بيده أن ينظر إلیه، وقال: ألْقِهِ! فألقاه فما أدري أين وقع حتّي الساعة. وعندما حاذي رسول‌الله أهل الحجر وديارهم قال: هذا وَادِي النَّفْرِ. أي: الارض التي ينبغي أن ينتقل عنها. فعجّل الناس بإخراج ركابهم منه. ورأيت رسول‌الله قد أسرع بناقته، وترك ذلك الوادي وراءه [4].
وعندما كان رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم في تبوك، عقد -قبل رجوعه- صلحاً بينه وبين ملك إيلَه، وأهل جِرْبَاء، وَأَذْرُح [5]. وبعث خالدبن الوليد إلی دَوْمَةِ الجَنْدَلِ للظفر بالاُكَيْدِر بْنِ عَبْدِ المَلِكِ رجل من بني كنانة، وكان ملكاً علیها وكان نصرانيّاً. وقال رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم لخالد: « إنّك ستجده يصيد البقر »!
فخرج خالد مع جنوده حتّي بلغ من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة. وكان الاُكيدر علی سطح له ومعه امرأته. وباتت البقر تحكّ بقرونها باب القصر. فقالت له امرأته: هل رأيت مثل هذا ( الصيد ) قطّ ؟!
قال: لاوالله! قالت: فمن يترك هذا ؟!
قال: لا أحد. فنزل، فأمر بفرسه فأُسرج له، وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له: حسّان، فركب وخرجوا ( من القصر بأسباب الصيد والنبال والاقواس ).
فلمّا خرجوا، تلقّتهم خيل النبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم فأخذته. ( بَيدَ أنّ أخاه حسّاناً قاومهم ) وقتلوا أخاه. وكان علیه قباء من ديباج مخوص بالذهب. فاستلبه خالد، فبعث به إلی رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم قبل قدومه علیه. ولمّا وصل القباء، جعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجّبون منه.
فقال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: أتعجبون من هذا ؟! فو الذي نفسي بيده، لمناديل سَعد بن مَعَاذ في الجنّة أحسن من هذا.
ولمّا قدم ( خالد بن الوليد ) بأُكيدر علی رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم حقن له دمه، فصالحه علی الجزية، ثمّ خلّي سبيله. فرجع إلی قريته. وذُكر أنّ رسول‌الله بعث خالداً في أربعمائة وعشرين فارساً[6] .
قصّة العقبة وعزم المنافقين علی قتل رسول الله
وحدثت واقعة العقبة في منتصف الطريق عند الرجوع من تبوك إلی المدينة وفيما يأتي قصّة العقبة:
لمّا كان رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم ببعض الطريق، ( وكان علیه أن يجتاز العقبة ( المرقي الصعب من الجبال أو الطريق في أعلی الجبال )، مكر به أُناس من المنافقين وائتمروا أن يَطرحوه من عقبة في الطريق. فلمّا بلغ رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم تلك العقبة، أرادوا أن يسلكوها معه، فأُخبر رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم خبرَهم، فقال للناس: اسلكوا بطنَ الوادي، فإنّه أسهل لكم وأوسع. فسلك الناس كلّهم بطنَ الوادي، وسلك رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم العقبة. وأمر عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ أن يأخذ بزمام الناقة يقودها. وأمر حُذَيْفَةَ بْنَ إلیمَانِ يسوق من خلفه.
فبينا رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم في العقبة، إذ سمع حِسّ القوم قد غَشوه. فغضب رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم، وأمر حذيفة أن يردّهم.
فرجع حذيفة إلیهم، وقد رأوا غضب رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم، فجعل يضرب وجوه رواحلهم بمِحجَنٍ في يده. وظنّ القوم أنّ رسول‌الله قد أُطلع علی مكرهم، فانحطّوا من العقبة مسرعين حتّي خالطوا الناس ( وضاعوا بينهم).
معرفة عمّار بن ياسر وحُذيفة بن إلیمان بأسماء منافقي العقنة
وأقبل حذيفة حتّي أتي رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم، فساق به. فلمّا خرج رسول‌الله صلّي الله علیه وآله وسلّم من العقبة، نزل الناس. فقال النبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم: ياحذيفة! هل عرفت أحداً من الركب الذين رددتهم ؟! قال: يا رسول الله! عرفت راحلة فلان وفلان. وكان القوم مُتَلَثِّمِين، لم أُبصرهم من أجل ظلمة الليل!
ولمّا مضي الليل، وجاء الصبح، قال أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ [7]: يَارَسُـولَاللَهِ! ما منعك البارحة من سـلوك الوادي ؟! فقد كان أسـهل من العقبة!
قال ( رسول الله صلّي اللّه علیه وآله وسلّم ) : يَا أَبَا يَحْيَي! أتدري ما أراد البارحة المنافقون، وما اهتمّوا به ( ونووه) ؟! قالوا: نتبعه في العقبة. فإذا أظلم الليل علیه، قطعوا أنساع [8] راحلتي ونَخَسوها حتّي يطرحوني من راحلتي.
فقال أُسيد: يا رسول الله! قد اجتمع الناس، ونزلوا، فَمُرْ كلّ بطن و ( قبيلة ) أن تقتل الرجل الذي همّ بهذا ( وهو منها ). فيكون الرجل من عشيرته هو الذي يقتلْه! وإن أحببت -والذي بعثك بالحقّ- فنبّئني بهم، فلاتبرح حتّي آتيك برؤوسهم، وإن كانوا في النَّبِيت[9] ، فكفيتُكم ( شرّهم )! ومُر سيّد الخزرج، يكفك شرَّ مَن في ناحيته!
فإنّ مثل هؤلاء يُتركون يا رسول الله ؟! حتّي متي نُداهنهم! وقد صاروا إلیوم في القلّة والذلّة؛ وضرب الإسلام بجِرانه، فما يُستبقي من هؤلاء!
قال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم لاُسيد: إنّي أكره أن يقول الناس: إنّ محمّداً لمّا انقضت الحرب بينه وبين المشركين ( اطمأنّ و ) وضع يده في قتل أصحابه! قال أُسيد: يا رسول الله! هؤلاء ليسوا بأصحاب!
قال رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم: إلیس يُظهرون شهادة أن لااله إلاّ الله ؟! قال: بلي، ولا شهادة لهم!
قال ( رسول الله ) : إلیس يظهرون أ نّي رسول الله؟ قال: بلي، ولاشهادة لهم.
قال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: فَقَدْ نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ أُولَئِكَ[10] .
وعن أبي سعيد الخُدري‌ّ قال كان أهل العقبة الذين أرادوا بالنبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم ثلاثة عشر رجلاً، قد سمّاهم رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم لحُذَيفة وعَمّار [11].
وعن جابر بن عبد الله الانصاري‌ّ إنّ عَمَارَبْنَ يَاسِرٍ تنازع ورجل من المسلمين في شي‌ءٍ فاستبّا. فلمّا كاد الرجل يعلو عمّاراً في السِّباب، قال عمّار: كم كان أصحاب العقبة؟ قال: اللَهُ أَعْلَمُ! قال عمّار: أخبرني عن علمك بهم! فسكت الرجل.
فقال من حضر لعمّار: بيّن له ما سألته عنه! وأراد عمّار من سؤاله شيئاً قد خفي علی الحاضرين. وكره الرجل أن يحدّثه. وأقبل القوم علی الرجل ليقل! فقال: كنّا نتحدّث أ نّهم كانوا أربعة عشر رجلاً.
قال عمّار: فإنّك إن كنت منهم، فهم خمسة عشر رجلاً ؟!
فقال الرجل: مهلاً! أذكّرك الله أن تفضحني!
قال عمّار: والله ما سمّيت أحداً، ولكنّي أشهد أنّ الخمسة‌عشر رجلاً، اثنا عشر منهم حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ «فِي الحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الاْشْهَـ'دُ* يَوْمَ لاَيَنفَعُ الظَّـ'لِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُو´ءُ الدَّارِ» [12].
وعن الزهري‌ّ قال: لمّا نزل رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم عن راحلته، وهي باركة، أُوحي‌َ إلیه. فلهذا قامت راحلته تجرّ زمامها. حتّي لقيها حُذيفة‌بن إلیمان، فأخذ بزمامها، فاقتادها. وحين رأي رسول‌الله جالساً، أناخها ثمّ جلس عندها حتّي قام رسول‌الله، فأتاها، وقال: من هذا ؟ قلتُ: أنا حذيفة يارسول‌الله!
فقال الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله وسلّم: ياحذيفة! إنّي مسرٌّ إلیك أمراً فلاتذكرنّه! إنّي نُهيت أن أُصلّي علی فلان، وفلان: رهط من المنافقين! وسمّاهم لحذيفة [13] ، ولم يُعلم أحداً غيره. فلمّا توفّي رسول‌الله، كان عمر إذا مات رجل ممّن يظنّ أ نّه من رهط العقبة، أخذ بيد حذيفة، فقاده إلی الصلاة علیه. فإن مشي معه حذيفة، صلّي علیه عمر. وإن انتزع يده من يد عمر وأبي أن يمشي، انصرف من الصلاة علیه [14].
أحاديث الخاصّة في واقعة العقبة عند الرجوع من غدير خمّ
وروي المجلسي‌ّ رضوان الله علیه عن « الاحتجاج » للطبرسي‌ّ، « والتفسير المنسوب إلی الإمام العسكري‌ّ علیه السلام » قائلاً: لقد رام الفجرة الكفرة ليلة العقبة قتل رسول الله، ورام من بقي من المنافقين بالمدينة قتل أميرالمؤمنين؛ فما قدروا علی مغالبة ربّهم. حملهم علی ذلك حسدهم لرسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم في أمير المؤمنين علیه السلام، لما فخم من أمره، وعظم من شأنه علیه السلام. بالاخص أ نّه خرج من المدينة وقد كان خلفه علیها وقال له: إنّ جبرائيل أتاني وقال لي:
يَامُحَمَّدُ! إَنَّ العلی‌َّ الاَعلی يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ لَكَ: يَا مُحَمَّدُ! إَمَّا أَنْتَ تَخْرُجُ وَيُقِيمُ علی‌ٌّ، أَوْ تُقِيمُ أَنْتَ وَيَخْرُجُ علی‌ٌّ، لاَبُدَّ مِنْ ذَلِكَ -الحديث[15] .
ثمّ نقل هذه الحادثة مفصّلاً. وقد أحجمنا عن ذكرها كلها خشية الإطالة.
وذكر المفسّرون في تفسير الآية الكريمة: يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْيَنَالُوا، وقد أوردنا تفسيرها أنّ أحد الاحتمالات في قوله: وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا: هو همّهم بقتل رسول‌الله في العقبة [16].
ونصّ علی‌ّ بن إبراهيم، والشيخ الطبرسي‌ّ علی هذا الموضوع. وقال الشيخ الطبرسي‌ّ أيضاً: قيل: نزلت في عَبْدِ اللَهِ بْنِ أُبَي‌ّبْنِ سَلُولٍ، وكان قد ذهب مع رسول‌الله في غزوة بني المُصْطَلَق. قال لاصحابه: لَنءِن رَّجَعْنَآ إلی المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاْعَزُّ مِنْهَا الاَذَلَّ [17]. ويقصد من الاعزّ نفسه، والاذلّ رسول‌الله ( والعياذ بالله )! سمع ذلك منه زَيْدُ بْنُ أَرْقَمٍ ، وأخبر رسول‌الله بالمدينة. وأنكر عبدالله‌بن أُبي‌ّ. وعنّف الانصار زيدبن أرقم الذي كان صغيراً علی إخباره النبي‌ّ. وحلف عبدالله‌بن أُبي إنّه لم يقل، وإنّ زيدبن أرقم يكذب، فنزلت الآية وفضحت عبدالله [18].
أجل، ذكر أصحابنا رضوان الله تعإلی علیهم قصّة الفتك[19] برسول‌الله والعزم علی اغتياله بالتفصيل، وذلك عند رجوعه من حجّة الوداع ونصب أميرالمؤمنين علیه السلام إماماً وخليفة في غدير خمّ. وإن كانوا قد ذكروا ذلك أيضاً عند الرجوع من غزوة تبوك. بَيدَ أ نّه موجز جدّاً. والمهمّ محاولة اغتيال رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم التي اتّفق علیها أربعة عشر رجلاً من المنافقين كان يعرفهم عمّار بن ياسر وحذيفة‌بن إلیمان في ضوء روايات الشيعة. وذلك عند رجوع رسول الله من الجحفة إلی المدينة في عقبة الابواء. وكان هدف أُولئك من تلك المحاولة الإخلال بخلافة مولي الموحدّين وإمامته. وترك خطبة الغدير ناقصة، مع عدم‌البيعة المجدّدة من قبل رسول‌الله بالمدينة.
وبعد أن روي الشيخ العيّاشي‌ّ حديث الغدير في الحجفة وخطبة رسول‌الله هناك مفصّلاً عن جابر بن أرقم، عن أخيه زيدبن أرقم، قال في ذيله: وكان إلی جانب خبائي ( في الجحفة ) خباء لنفر من قريش، وهم ثلاثة، ومعي حذيفة بن إلیمان، فسمعنا أحد الثلاثة وهو يقول: والله إنّ محمّداً لاحمق، إن كان يري أنّ الامر يستقيم لعلی‌ّ بعده. وقال آخر: أتجعله أحمق ؟ ألم تعلم أ نّه مجنون ؟ قد كاد أن يصرع عند امرأة ابن أبي كبشة [20]. وقال الثالث: دعوه إن شاء أن يكون أحمق. وإن شاء أن يكون مجنوناً! والله ما يكون ما يقول أبداً.
فغضب حذيفة من مقالتهم؛ فرفع جانب الخباء، فأدخل رأسه إلیهم، وقال: فعلتموها ورسول‌الله صلّي الله علیه وآله وسلّم بين أظهركم، ووحي الله ينزل علیكم ؟! والله لاخبرنّه بكرة بمقالتكم!
فقالوا له: يا أبا عبد الله! إنّك لها هنا؛ وقد سمعت ما قلنا؛ اكتم علینا؛ فإنّ لكلّ جوار أمانة! قال حذيفة: ما هذا من جوار الامانة، ولامن مجالسها. ما نصحت الله ورسوله إن أنا طويت عنه هذا الحديث!
فقالوا له: يا أبا عبد الله! فاصنع ما شئت! فو الله لنحلفنّ أ نّا لم‌نقل، وأ نّك قد كذبت علینا! أفتراه يصدّقك، ويكذّبنا، ونحن ثلاثة ؟ فقال لهم حذيفة: أمّا أنا فلا أُبإلی إذا أدّيت النصيحة إلی الله وإلی رسوله، فقولوا ما شئتم أن تقولوا! ثمّ مضي حتّي أتي رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم، وعلی‌ّ علیه السلام إلی جانبه محتب بحمائل سيفه، فأخبره بمقالة القوم.
فبعث إلیهم رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم، فأتوه. فقال لهم: ماذا قلتم ؟
فقالوا: وما الله ما قلنا شيئاً. فإن كنت بُلِّغتَ عنّا شيئاً، فمكذوب علینا! فهبط جبرائيل بهذه الآية: يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَـ'لُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا.
وقال علی علیه السلام عند ذلك: ليقولوا ما شاؤوا! والله إنّ قلبي بين أضلاعي؛ وإنّ سيفي لفي عنقي. ولئن همّوا، لاهمّنّ.
فقال جبرائيل للنبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم: اصبر للامر الذي هو كائن! فأخبر النبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم علیاً علیه السلام بما أخبره به جبرائيل، فقال: إذاً أصبر للمقادير.
قال ( الإمام الصادق ) أبو عبد الله علیه السلام: وقال رجل من الملا شيخ: لَئِنْ كُنَّا بَيْنَ أَقْوَامِنَا كَمَا يَقُول هَذَا، لَنَحْنُ أَشَرُّ مِنَ الحَمِيرِ. وقال شابّ إلی جنبه: لَئِنْ كُنْتَ صَادِقَاً لَنَحْنُ أَشَرُّ مِنَ الحَمِيرِ [21].
وروي الشيخ العيّاشي‌ّ أيضاً عن جعفر بن محمّد الخزاعي‌ّ، عن أبيه، قال: سمعت الإمام الصادق علیه السلام يقول: لمّا قال النبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم في غدير خمّ، مرّ المقداد بجماعة منهم وهم يقولون: وَاللَهِ إنْ كُنَّا وَقَيْصَرَ لَكُنَّا فِي الخَزِّ وَالوَشْي وَالدِّيبَاجِ وَالنَّسَاجَاتِ؛ وَإنَّا مَعَهُ فِي الاَخْشَنَيْنِ: نَأْكُلُ الخَشِنَ وَنَلْبَسُ الخَشِنَ حَتَّي إِذَا دَنَا مَوْتُهُ وَفَنِيَتْ أَيَّامُهُ وَحَضَرَ أجَلُهُ، أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَها علیاً مِنْ بَعْدِهِ أَمَا وَاللَهِ لَيَعْلَمَنَّ.
قال: فمضي المقداد وأخبر النبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم فقال صلّي‌الله علیه وآله: الصَّلاَةُ جَامِعَةً، قال: فقالوا: قد رمانا المقداد. ( وقالوا مع أنفسهم ): نحلف علیه. قال: فجاؤوا حتّي جثوا بين يدي رسول‌الله، وقالوا: بآبائنا وأُمهاتنا يا رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم! والذي بعثك بالحقّ، وأكرمك بالنبوّة، ما قلنا ما بلغك؛ لاوالذي اصطفاك علی البشر، ( ما قلنا )!
فقال النبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم: بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِكَ يَا مُحَمَّدُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَهُ مِن فَضْلِهِ [22]، كَانَ أَحَدُهُمْ يَبِيعُ الرُّؤُوسَ؛ وَآخَرُ يَبِيعُ الكُرَاعَ، وَيَفْتِلُ القَرَامِلَ، فَأَغْنَاهُمُ اللَهُ بِرَسُولِهِ؛ ثُمَّ جَعَلُوا حَدَّهُمْ وَحَدِيدَهُمْ علیهِ [23].
وذكر علی‌ّ بن إبراهيم في تفسيره في ذيل الآية المباركة: يَـ'´أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن رَّبِّكَ [24] خطبة رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم في غدير خمّ مفصّلاً، إلی أن قال: أَلاَ وَإِنَّهُ سَيَرِدُ علی‌َّ الحَوْضَ مِنْكُمْ رِجَالٌ يَدْفَعُونَ عَنِّي! فَأَقُولُ: رَبِّ أَصْحَابِي! فَيُقَالُ:
يَا مُحَمَّدُ! إِنَّهُمْ أَحْدَثُوا بَعْدَكَ؛ وَغَيَّرُوا سُنَّتَكَ؛ فَأَقُولُ: سُحْقَاً سُحْقاً [25].
ثمّ عرض حوادث مسجد الخيف والغدير مفصّلاً. وذكر قول رسول‌الله: أَلاَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا علی‌ٌّ مَوْلاَهُ، اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ. ثمّ قال: اللَهُمَّ اشْهَدْ علیهِمْ وَأَنَا مِنَ الشَّاهِدِينَ.
فاستفهمه عمر من بين أصحابه، فقال: يا رسول الله! هذا من الله ومن رسوله ؟! فقال رسول‌الله: نعم من الله ورسوله! إنَّهُ أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ وَإِمَامُ المُتَّقِينَ وَقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ، يُقْعِدُهُ اللَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ علی الصِّرَاطِ فَيُدْخِلُ أَوْليِاءَهُ الجَنَّةَ وَأَعْدَاءَهُ النَّارَ.
فقال أصحابه الذين ارتدّوا بعده: قد قال محمّد في مسجد الخيف ما قال، وقال ها هنا ما قال وإن رجع إلی المدينة يأخذنا بالبيعة له.
فاجتمعوا أربعة عشر رجلاً، وائتمروا علی قتل رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم وقعدوا له في العقبة. وهي عقبة أرْشَي بين الجحفة والابواء. فقعدوا سبعة عن يمين العقبة، وسبعة عن يسارها لينفّروا ناقة رسول‌الله.
ولمّا جنّ الليل، تقدّم رسول الله في تلك الليلة العسكر، فأقبل ينعس علی ناقته؛ فلمّا دنا من العقبة، ناداه جبرائيل: يامحمّد! إنّ فلاناً و فلاناً قعدوا لك. فنظر رسول‌الله خلفه، فقال: مَن هذا خلفي ؟ فقال حذيفة‌بن إلیمان: أنا يارسول‌الله، حذيفة بن إلیمان!
قال ( رسول الله ) : سمعتَ ما سمعتُ ؟ قال: بلي. قال: فاكتم!
ثمّ دنا رسول الله منهم فناداهم بأسمائهم. فلمّا سمعوا نداء رسول الله ، مرّوا ودخلوا في غمار الناس، وقد كانوا عقلوا رواحلهم، فتركوها. ولحق الناس برسول‌الله، وطلبوهم. وانتهي رسول الله إلی رواحلهم، فعرفهم. فلمّا نزل ( من العقبة )، قال: مَا بَالُ أَقْوَامٍ تَحَالَفُوا فِي الكَعْبَةِ إِنْ مَاتَ مُحَمَّدٌ أَوْ قُتِلَ أَنْ لاَ يَرُدُّوا هَذَا الاَمْرَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ أَبَدَاً.
فجاؤوا إلی رسول الله، فحلفوا إنّهم لم يقولوا من ذلك شيئاً، ولم‌يريدوه، ولم‌يهمّوا بشي‌ء في رسول الله. فأنزل الله ( هذه الآية ): يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا ( أن لا يردّوا هذا الامر عن أهل بيت رسول‌الله ) وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْيَنَالُوا ( من قتل رسول‌الله ) وَمَا نَقَمُو´ا إِلآ أَنْ أَغَنَـ'هُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَهُ عَذَابًا إلیمًا فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الاْرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [26].
فرجع رسول الله إلی المدينة؛ وبقي بها المحرّم والنصف من صفر، لايشتكي شيئاً. ثمّ ابتدأ به الوجع الذي توفّي فيه[27] .
وروي السيّد ابن طاووس عن أبي سعيد السمّان بإسناده أنّ إبليس أتي رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم في صورة شيخ حسن السمت، فقال: يامحمّد! ما أقلّ من يبايعك علی ما تقول في ابن عمّك: علی‌ّ؟! فأنزل‌الله ( هذه الآية ):
وَلَقَدْ صَدَّقَ علیهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ و فَاتَّبِعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ المُؤْمِنِينَ [28].
( ويومئذٍ ) اجتمع جماعة من المنافقين الذين نكثوا عهد النبي‌ّ، فقالوا: قد قال محمّد بالامس في مسجد الخيف ما قال: وقال هاهنا ما قال. فإن رجع إلی المدينة، يأخذ البيعة لعلی‌ّ؛ والرأي أن نقتل محمّداً قبل أن يدخل المدينة.
ثمّ ذكر ابن طاووس مضمون هذه الرواية التي نقلناها آنفاً عن « تفسير القمّي‌ّ ». ذكرها برواية أبي سعيد السمّان؛ وختمها بهذه التتمّة [29].
وعقد فصلاً مستقلاّ بعد هذه الرواية في كلام الزمخشري‌ّ، وقال: فصل فيما ذكر الزَّمَخْشَرِي‌ُّ في كتاب «الكَشَّاف». وهو: ممّن لايتّهم ( بالتشيّع أو التحيّز لاهل البيت ) عند أهل الخلاف ( من العامّة ). فقال ( ما هذا لفظه ) في تفسير قوله تعإلی: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الاْمُورَ [30]: عن ابن جريح ( إنّ المنافقين ) وقفوا لرسول الله ليلة الثنيّة[31] علی العقبة، وهم اثنا عشر رجلاً لِيَفْتِكُوا بِهِ مِنْ قَبْلِ غَزَاةِ تَبُوكَ وَقَلَّبُوا لَكَ الاُمُورَ وَدَبَّرُوا لَكَ الحِيَلَ وَالمَكائِدَ وَ دَوَّرُوا الآرَاءَ فِي إِبْطَالِ أَمْرِكَ.
وقري: وقلّبوا لك الاُمور ( بتخفيف الراء ) حَتَّي' جَآءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَهِ [32].
وكذلك قال الزمخشري‌ّ في كتاب « الكشّاف » في تفسير قوله تعإلی: وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَـ'مِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا[33] ما هذا لفظه: « وهو الفَتْكُ برسول‌الله. وذلك عند مرجعه من تبوك؛ توافق خمسة عشر منهم علی أن يدفعوه عن راحلته إلی الوادي إذا تسنّم العقبة بالليل. وأخذ عمّاربن ياسر رضي‌الله عنه بزمام راحلته يقودها، وحذيفة خلفه يسوقها. فبينا هو كذلك إذ سمع حذيفة توقّع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح، فالتفت فإذا قوم متلثّمون، فقال: إلیكم أعداء الله فهربوا [34].
ونستخلص ممّا تقدّم أنّ محاولتين كانتا قد جرتا لاغتيال رسول‌الله في العقبة. الاُولي في غزوة تبوك، والاُخري عند الرجوع من حجّة الوداع. وأنّ وجه الشبه بين المحاولتين سواء في العقبة، أم عند قيادة عمّار وسياقة حُذَيفة أم في عدد المنافقين أربعة عشر كانوا أم خمسة عشر، لايمكن الحكم بوحدتهما من منظار تأريخي‌ّ إذ اتّخذا طابعين وصورتين، وإنّما هما حادثتان متّسمتان بمواصفات متميّزة.
وعبارة الزمخشري‌ّ في « الكشّاف » كما رأينا علی التعدّد، بَيدَ أ نّها ليسـت كما اسـتظهرها ابن طـاووس وقال: في الرجـوع من الغديـر؛ والزمخشري‌ّ غير متّهم بالتشيّع.
ذلك أنّ ما جاء في عبارة الزمخشري‌ّ هو أنّ إحدي الواقعتين كانت قبل غزوة تبوك؛ مع أ نّنا نعلم أنّ واقعة الغدير كانت بعد غزوة تبوك. وكانت غزوة تبوك في شهر رجب إلی شهر رمضان سنة 9ه، ومن الطبيعي‌ّ أنّ واقعة العقبة التي حدثت عند رجوعه صلّي الله علیه وآله وسلّم كانت في أوائل شهر رمضان؛ لكنّ واقعة الغدير كانت في السنة العاشرة من الهجرة، ولابدّ أن تكون واقعة العقبة قد حدثت بعد إلیوم الثامن عشر إلی أيّام تلتها .
بَيدَ أ نّا لمّا كنّا نعلم أنّ قصّة ثالثة لم تقع في العقبة، بحيث أراد المنافقون فتك رسول‌الله في العقبة، ينبغي أن نقول: إنّ تغييراً قد حصل في كيفيّة بيان الواقعتين في كلام رواة « الكشّاف »، أي: الرواة الذين نقل الزمخشري‌ّ عنهم.
ونعود إلی أصل قصّة تبوك، وسرد بقيّة الحوادث الواقعة عند دخول رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم المدينة. قال الواقدي‌ّ في تفسير الآية الكريمة: وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا:
هم الذين همّوا بقتل النبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم في العقبة. كانوا يقولون مع أنفسهم: إذا رجعنا إلی المدينة، وتخلّصنا من محمّد، « نضع التاج علی رأس عبدالله‌بن أُبي‌ّ فنتوّجُهُ »[35]. فأنزل الله هذه الآية: فلم‌ينالوا ما قصدوه.
قصّة مسجد ضرار وإثارة النفاق والكفر بين المسلمين
ولمّا نزل رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم بذي أوان ( التي لاتبعد أكثر من ساعة عن المدينة، أنبأه الله بقصّة مسجد ضرار وبُناته: إذ بنوا ذلك المسجد حسب ميثاق كانوا قد اتّفقوا علیه، ويأتيهم أبو عامر الراهب الفاسق من الشام، ويتحدّث لهم. ويتكلّمون معه في موضوعات متنوّعة. لانّ أبا عامر كان قد قال: أنا لا أستطيع أن آتي المسجد الذي بناه بنو عمروبن عوف بقبا. إنّما أصحاب محمّد يلحظوننا بأبصارهم، ويشتموننا ويعيبون علینا[36] . فلهذا إنّ بني غنم‌بن عوف الذين كانوا إخوة بني عمروبن عوف، وكانوا يحسدون إخوتهم علی بناء مسجد قبا، ويقولون: نصلّي في مكان كان مربطاً للحمير ( إذ كان مسجد قبا لامرأة كانت تربط فيه حميرها )، بنوا مسجداً في محلّتهم ليكون مستقّلاً لهم، ويأتيهم أبوعامر الراهب من الشام فيؤمّهم. ويكون لهم بما يصطلح علیه نادياً أو مقرّاً لاتّخاذ القرار ضدّ صحابة رسول‌الله.
وكان المسلمون في تلك الناحية كلّهم يصلّون في مسجد قبا قبل بناء هذا المسجد؛ ولمّا بُني هذا المسجد، صُرف عن مسجد قبا جماعة، وكانوا يصلّون في هذا المسجد. وأدّي هذا العمل إلی أن يتضرّر بنو عمروبن عوف ضرراً معنويّاً، وتتفرّق جماعة المسلمين وتتشتّت وحدتهم، ويجلسون في ذلك المسجد ويعيبون النبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم، ويستهزؤون به.
ذلك أنّ الذي أمرهم ببناء هذا المسجد هو أبو عامر -الذي سمّاه رسول‌الله فاسقاً - وقال للمنافقين: ابنوا مسجد ضرار، مسجداً جديداً، واستمّدوا ما استطعتم من قوّة وسلاح! فإنّي ذاهب إلی قيصر ملك الروم، فآتي بجند كثيرين من الروم، ونخرج محمّداً وأصحابه من المدينة. ولهذا، فإنّ عملهم المذكور وجه رابع من أوصاف هذا المسجد، وهو الإرصاد. أي: أ نّه أُعدّ لمن حارب الله ورسوله، وهو أبوعامر الراهب الفاسق.
أجل، لمّا قدم رسول الله ذي أوان، أتاه بانو مسجد ضرار، وطلبوا منه أن يأتيهم، ويفتتح مسجدهم بالصلاة فيه كما صلّي في مسجد قبا!
فأنبأه الله بهذا الخبر من السماء:
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَهَ وَرَسُولَهُ ( أبو عامر ) مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَآ إِلاَّ الْحُسْنَي' ( نشر الإسلام ومساعدة الضعفاء والشيوخ الكبار في الليلة المطيرة وغيرها ) وَاللَهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَـ'ذِبُونَ* ( يا أيّها النبي‌ّ ) لاَتَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ ( قبا ) أُسِّسَ علی التَّقْوَي' مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ * أَفَمَنْ [37] أَسَّسَ بُنْيَـ'نَهُ و علی' تَقْوَي' مِنَ اللَهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَـ'نَهُ و علی' شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ( من حيث لا يشعر ) ؟! وَاللَهُ لاَيَهْدِي الْقَوْمَ الظَّـ'لِمِينَ* لاَيَزَالُ بُنْيَـ'نُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رَيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ ( ولن‌يبلغوا مرحلة إلیقين والاطمئنان ) إِلآ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ( ويزول ذلك الشكّ والريب فيقطّع قلوبهم ) وَاللَهُ علیمٌ حَكيِمٌ. ( يرفع تلك الجماعة، ويذلّ هذه الجماعة ) [38] .
ولمّا نزلت هذه الآية: استدعي رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم عاصم‌بن عوف العجلاني‌ّ، ومالك بن دُخْشُمْ من بني عمروبن عوف، وقال لهما: انطلقا إلی هذا المسجد الظالم أهله، فاهدماه، وحرّقاه. وروي أ نّه بعث عمّاربن ياسر، ووحشيّاً فحرّقاه. وأمر بأن يتّخذ كناسة يلقي فيها الجيف [39].
وجاء في تفسير علی‌ّ بن إبراهيم: بعث رسول‌الله مالك‌بن الدُّخْشَمْ الخزاعي‌ّ وعامربن عدي‌ّ أخا بني عمرو بن عوف. قال مالك لعامر: انتظرني حتّي أُخرج ناراً من منزلي! فدخل ( منزله )، فجاء بنار، وأشتعل في سعف النخل، ثمّ أشعله في المسجد، فتفرّقوا، إلاّ زيدَبن جَارِيَة‌بن عَامِر [40] فإنّه قعد ( في المسجد ) حتّي احترقت البُنْية، ثمّ أمر بهدم حايطه [41].
وقال الواقدي‌ّ بعد هذا الموضوع: خرج مالك بن الدخشم،وعاصم ابن‌عدي‌ّ، بعد إشعال النار، سريعين يعدُوَان حتّي انتهيا إلی المسجد بين المغرب والعشاء، وهم فيه، وإمامهم يومئذٍ مُجَمَّع‌بن جَارِيَة. فقال عاصم: ماأنسي تشرّفهم إلینا كأَنَّ آذانهم آذان السِّرحان. فأحرقناه حتّي احترق. وكان الذي ثبت فيه من بينهم زيدبن جارية حتّي احترقت إلیتُهُ[42] . فهدمناه حتّي وضعناه بالارض، وتفرّقوا[43] .
قال الشيخ الطبرسي‌ّ في تفسير قوله: وَإِرْصادًا لِّمَن حَارَبَ اللَهَ وَرَسُولَهُ: هو أبو عامر الراهب. وكان من قصّته أ نّه كان قد ترهّب في الجاهليّة، ولبس المسوح. فلمّا قدم النبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم المدينة، حسده، وحزّب علیه الاحزاب. ثمّ هرب بعد فتح مكّة إلی الطائف. فلمّا أسلم أهل الطائف، لحق بالشام. وخرج إلی الروم وتنصّر وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة الذي قُتل مع النبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم يوم أُحد. وكان جنباً فغسلته الملائكة.
وسمّي رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم أبا عامر الفاسق. وكان قد أرسل إلی المنافقين أن استعدّوا، وابنوا مسجداً. فإنّي أذهب إلی قيصر، وآتي من عنده بجنود، وأُخرج محمّداً من المدينة. فكان هؤلاء المنافقون يتوقّعون أن يجيئهم أبو عامر. فمات قبل أن يبلغ ملك الروم. وجاء خبر موته إلی المدينة[44] .
وقال الواقدي‌ّ: سئل عاصم بن عدي‌ّ عمّا حمل المنافقين علی بناء مسجد ضرار ؟! فقال: « كان المنافقون يجتمعون في مسجدنا ( مسجد قبا )، فإنّما هم لايَتناجَون فيما بينهم، ويَلتفت بعضهم إلی بعض، فيَلحظَهم المسلمون بأبصارهم، فشقّ ذلك علی المنافقين. ( ولهذا ) أرادوا مسجداً يكونون فيه، لايغشاهم فيه إلاّ مَن يريدون ممّن هو علی مثل رأيهم.
وكان أبو عامر يقول: لا أقدر أن أدخل مربدكم [45] هذا! وذاك أنّ أصحاب محمّد يلحظونني وينالون منّي ما أكره. قال المنافقون: نحن نبني مسجداً تتحدّث فيه عندنا[46] .
وورد في « مجمع البيان » في تفسير الآية: يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا، أنّ المراد هو التطهّر بالماء عن البول والغائط، وهو المروي‌ّ عن السيّدين الباقر والصادق علیهما السلام.
وروي عن النبي‌ّ صلّي‌الله علیه وآله وسلّم أ نّه قال لاهل قبا: ماذا تفعلون في طهركم، فإنّ الله قد أحسن علیكم الثناء ؟! قالوا: نغسل أثر الغائط. فقال ( رسول‌الله صلّي‌الله علیه وآله وسلّم ): أنزل الله فيكم: وَاللَهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [47].
وجاء في تفسير « العيّاشي‌ّ » عن الحلبي‌ّ، عن الإمام الصادق علیه السلام أنّ المراد من قوله: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ علی التَّقْوَي' مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، هو مسجد قبا [48].
وكذلك عن زُرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي‌عبدالله علیهما السلام في قوله: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ علی التَّقْوَي' مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، قالا: مسجد قبا. وأمّا قوله: أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ ( فالمراد منه أنّ الصلاة فيه أحقّ من الصلاة ) في مسجد النفاق. وكان علی طريقه إذا أتي مسجد قبا. فقام فينضح بالماء والسدر، ويرفع ثيابه عن ساقيه. ويمشي علی حجر في ناحية الطريق، ويسرع في المشي، ويكره أن يصيب ثيابه منه شي‌ء.
( قال الراوي ) سألته هل كان النبي‌ّ صلّي الله علیه وآله وسلّم يصلّي في مسجد قبا ؟!
قال: نعم! كان منزله علی سَعدبن خَيْثَمة الانصاري‌ّ ( عند هجرته من مكّة إلی المدينة ).
فسألته: هل كان لمسجد رسول الله سقف ؟ فقال: لا. وقد كان بعض أصحابه قال: ألاَ تسقف مسجدنا يارسول‌الله ؟!
قال: عَرِيشٌ كَعَريشِ مُوسَي[49] .
ارجاعات
[1] - قال في «معجم البلدان» ج 2، ص 221: الحجر بكسر الحاء: اسم ديار ثمود بوادي القري بين المدينة والشام. قال الاصطخري‌ّ: الحجر قرية صغيرة قليلة السكّان، وهو من وادي القري علي يوم بين جبال. وبها كانت منازل ثمود. قال الله تعالي: وتنحتون من الجبال بيوتًا فارهين. قال: ورأيتها بيوتاً مثل بيوتنا في أضعاف جبال، وتسمّي تلك الجبال الاثالث. وهي جبال إذا رآها الرائي‌ّ من بُعد ظنّها متّصلة. فإذا توسّطها، رأي كلّ قطعة منها منفردة بنفسها، يطوف بكلّ قطعة منها الطائف. وحواليها الرمل لاتكاد تُرتقي. كلّ قطعة قائمة بنفسها، لايصعدها أحد إلاّ بمشقّة شديدة. وهناك بئر ثمود التي قال الله فيها، وفي الناقة: لها شِربٌ ولكم شرب يوم معلوم.
[2] - «المغازي» ج 3، ص 1006 و 1007؛ و«الكامل في التاريخ» ج 2، ص 281؛ و«حبيب السير» ج 1، ص 400؛ و«سيرة ابن هشام» ج 4، ص 948؛ وكتاب «حياة محمّد» ص 428.
[3] - «المغازي» 1008؛ و «السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 152؛ و «الكامل في التاريخ» ج 2، ص 279.
[4] - «المغازي» ص 1008.
[5] - «البداية والنهاية» ج 5، ص 16؛ و «أعيان الشيعة» ج 2، ص 199، الطبعة الرابعة؛ وكتاب «حياة محمّد» ص 429؛ و«إعلام الوري» ص 29.
[6] - «البداية والنهاية» ج 5، ص 16 و 17؛ و«بحار الانوار» ج 6، ص 632 عن «إعلام الوري» للشيخ الطبرسي‌ّ؛ و«بحار الانوار» ج 6، ص 634 و 635 عن «تفسير الاءمام»؛ و«أعيان الشيعة» ج 2، ص 199، الطبعة الرابعة؛ وكتاب «حياة محمّد» ص 430؛ و«إعلام الوري» ص 130.
[7] - جاء في «أُسد الغابة» ج 1، ص 92 و 93: كان أُسَيْدُ بنُ حُضيْر من الانصار ومن الاوس. يكنّي: أبا يحيي. وكان أبوه حضير فارس الاوس في حروبهم مع الخزرج. وكان له حصن واقم. وكان رئيس الاوس يوم بُعاث. وأسلم أُسيد قبل سعد بن معاذ علي يد مصعب‌بن عمير بالمدينة. وآخي النبي‌ّ صلّي الله عليه وآله وسلّم بينه وبين زيدبن حارثة. وكان أحد العقلاء الكلمة أهل الرأي. وكان من أحسن الناس صوتاً بالقرآن. قال: قرأت ليلة سورة البقرة، وفرس لي مربوط، ويحيي ابني مضطجع قريب منّي وهو غلام فجالت الفرس. فقمت وليس‌لي همّ إلاّ ابني (أن تركله الفرس). ثمّ قرأت فجالت الفرس، فقمتُ وليس‌لي همّ إلاّ ابني. ثمّ قرأت فجالت الفرس. فرفعت رأسي، فإذا شي‌ء كهيئة الظلّة في مثل المصابيح مقبل من السماء فهالني، فسكتُّ. فلمّا أصبحتُ، غدوت علي رسول‌الله فأخبرته!
فقال رسول الله: اقرأ يا أبا يحيي.
قلت: قد قرأت فجالت الفرس، فقمت ليس لي همّ إلاّ ابني.
قال: اقرأ يا أبا يحيي!
فقلت: قد قرأت، فجالت الفرس، فقمت ليس همّ لي إلاّ ابني.
قال: اقرأ يا أبا يحيي!
فقلت: قد قرأت، فرفعت رأسي، فإذا كهيئة الظلّة فيها المصابيح فهالني. فقال: تلك الملائكة دنوا لصـوتك. ولو قـرأت حتّي تصـبح، لاصـبح الناس ينظرون إليهم. توفّي أُسيدبن حضير في شعبان سنة عشرين، ودفن بالبقيع.
[8] - الانساع جمع نسعة. وهو سير مضفور يجعل زماماً للبعير. ونخس نخساً الدابّة: غرز جنبها أو مؤخّرها بعود أو دسار، فهاجت.
[9] - النبيت، أي: حتّي لو كانوا من أولاد النبيت. وهو عمرو بن مالك‌بن أوس. «أنساب الاشراف» للبلاذري‌ّ، ج 1، ص 287.
[10] - «المغازي» ج 3، ص 1042 إلي 1044؛ و«السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 162؛ و«بحار الانوار» ج 6، ص 629 عن «الخرايج والجرايح» للراوندي‌ّ. ورواه البيهقي‌ّ في ص 632 من «دلائل النبوّة»؛ و«إعلام الوري» ص 130 و 131 عن «دلائل البيهقي‌ّ».
[11] - «المغازي» ج 3، ص 1044؛ و«السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 162. وقال في «بحار الانوار» ج 6، ص 627 أقول: إنّ رسول الله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن، أحدها يوم حملوا علي رسول‌الله في العقبة، وقصدوا تحريك ناقته وتذليلها. وهم اثنا عشر رجلاً من بني أُميّة وخمسة من سائر الناس. فلعن النبي‌ّ جميع من كان علي العقبة إلاّ نفسه وناقته وقائده وسائقه (القائد أمام الناقة وهو عمّار، والسائق خلفها وهو حذيفة).
[12] - الآيتان 51 و 52، من السورة 40: غافر. وتمام الآية الاُولي: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الاْشْهَـ'دُ. وذكر الواقدي‌ّ هذه الرواية في «المغازي» ج 3، ص 1044 و 1045.
[13] - في «بحار الانوار» ج 6، ص 629 عن تفسير الاءمام، و«الاحتجاج» للطبرسي‌ّ: كان حذيفة أعلم الناس بالمنافقين.
[14] - «المغازي» ج 3، ص 1045. وذكره في «بحار الانوار» ج 6، ص 621 عن تفسير «مجمع البيان» في تفسير الآية: يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم.
[15] - «بحار الانوار» ج 6، ص 626.
[16] - ذكر المجلسي‌ّ في «بحار الانوار» ج 6، ص 621 عن الشيخ الطبرسي‌ّ في تفسير: وهمّوا بما لم ينالوا أنّ المراد قتل رسول الله في العقبة.
[17] - الآية 8، من السورة 63: المنافقون.
[18] - مختصر من ص 293 و 294 من الجزء الخامس «مجمع البيان»، تفسير سورة المنافقون.
[19] - فَتَكَ يَفْتِكُ وَيَفْتُكُ من باب ضَرَبَ يضرب ونصر ينصر. ولها أربعة مصادر: فَتكاً، وفِتكاً، وفُتكاً، وفتوكاً، ومعناها الهجوم علي شخص غفلة وقتله.
قال ابن الاثير الجزري‌ّ في «النهاية»: فَتَكَ فِيهِ «الاءيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ» الفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غارّ غافل فيشُدّ عليه فيقتله، والغيلة أن يَخدعه ثمّ يقتله في موضع خفي‌ّ. وقد تكرّر ذكر الفتك في الحديث. وقال القمّي‌ّ في «سفينة البحار» ج 2، ص 344 في مادّة فتك: ورد عن الصادق عليه السلام: الاءسلامُ قَيَّدَ الفتك. وقال الجزري‌ّ: الاءيمان قَيَّد الفتك. والفتك هو أن يحمل شخص علي آخر غفلة ويقتله.
وروي في «مستدرك الحاكم» ج 4، ص 253 بإسناده عن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم قال: لاَيَفْتُكُ المؤمنُ، الاءيمان قَيَّد الفتك. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم‌يخرجاه.
وجاء في «تاريخ الطبري‌ّ» ج 7، ص 525، طبعة دار المعارف بمصر: أنّ محمّد النفس الزكيّة لم‌يأذن بالفتك بالمنصور الدوانيقي‌ّ. وذكر أنّ أبا جعفر الدوانيقي‌ّ حجّ سنة 140. واختفي عنه محمّد وإبراهيم ابنا عبد الله المحض. واجتمع أعوانهما بمكّة وأرادوا الفتك بالمنصور. وقال ابن محمّد النفس الزكيّة ويدعي الاشتر: أنا أكفيكموه. فقال محمّد: لاوالله، لاأقتله غيلة حتّي أدعوه. فنقض أمرهم ذلك وما كانوا أجمعوا عليه.
وقال ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» ج 1، ص 219 بعد بيان الحوادث التي وقعت بعد وفاة رسول الله: أتي جماعة من المهاجرين مع الزبير وأبي سفيان عند علي‌ّ عليه‌السلام والعبّاس للاستنهاض. فقال العبّاس: والله لولا أنّ الاءسلام قيّد الفتك لتدكدكت جنادل صخر يسمع اصطكاكها من المحلّ الاعلي. وخطب أميرالمؤمنين عليه السلام.
[20] - قال المجلسي‌ّ في «بحار الانوار» ج 9، ص 211 ضمن بيانه: قال الفيروزآبادي‌ّ: كان المشركون يقولون للنبي‌ّ: ابن أبي كبشة، شبّهوه بابن أبي كبشة، وهو رجل من خزاعة. خالف قريشاً في عبادة الاوثان. وهي كنية وهب بن عبد مناف جدّه صلّي‌الله عليه وآله وسلّم من قِبَلِ أُمّه، لا نّه كان نزع إليه في الشبه؛ أو كنية زوج حليمة السعديّة.
[21] - «تفسير العيّاشي‌ّ» ج 2، ص 97 إلي 99، الحديث 89؛ و«بحار الانوار» ج 9، ص 210، عن العيّاشي‌ّ؛ و«تفسير البرهان» ج 2، ص 145. ونقل الشيخ الحرّ العاملي‌ّ مختصر هذه الرواية في «إثبات الهداة» ج 3، ص 546 عن «تفسير العيّاشي‌ّ».
[22] - هذه ليست عبارة الآية، بل هي اقتباس من الآية 74، من السورة 9: براءة.
[23] - «تفسير العيّاشي‌ّ» ج 2، ص 99 و 100؛ و«بحار الانوار» ج 9، ص 211؛ و«تفسير الصافي» ج 1، ص 716؛ و«تفسير البرهان» ج 2، ص 146.
[24] - الآية 67، من السورة 5: المائدة.
[25] - نقل العلاّمة الاميني‌ّ في «الغدير» ج 3، ص 296 و 297 ستّ روايات صحيحة من «صحيح البخاري‌ّ» و«صحيح مسلم» في هذا المضمون. وذكر العلاّمة الطباطبائي‌ّ في تفسير «الميزان» ج 3، ص 420 في رواية صحيحة عن «صحيح البخاري‌ّ» و«مسلم» عن أبي هريرة أنّ رسول‌الله صلّي‌الله عليه وآله وسلّم قال: يَرِدُ عَلَي‌َّ يَوْمَ القِيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أَصْحَابِي (أو قال: مِنْ أُمَّتِي) فَيُحَلَّؤُونَ عَنِ الحوضِ؛ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي؛ فَيَقُولُ: لاَعِلْمَ لَكَ بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ! ارْتَدُّوا عَلَي أَدْبَارِهِمُ القَهْقَرَي فَيُحَلَّؤُونَ. وكذلك في «بحار الانوار» ج 8، ص 7 و 8 روايات كثيرة عن طريق العامّة حول انحراف الصحابة.
وذكر الكليني‌ّ في «روضة الكافي» ص 345 بإسناده عن زرارة، عن الباقر أو الصادق عليهما السلام رواية في رؤيا النبي‌ّ الاكرم القردةَ تنزو علي منبره.
[26] - الآية 74، من السورة 9: التوبة.
[27] - «تفسير علي‌ّ بن إبراهيم القمّي‌ّ» ص 159 إلي 162؛ وذكرها في «بحار الانوار» ج 9، ص 199 و 200 عن «تفسير القمّي‌ّ».
[28] - الآية 20، من السورة 34: سبأ.
[29] - «الاءقبال» ص 458.
[30] - الآية 48، من السورة 9: التوبة.
[31] - الثنيّة: الطريق الذي ينتهي بالعقبة.
[32] - «تفسير الكشّاف» ج 1، ص 545 و 546، طبعة مطبعة ليسي كلكتّا، 1276 ه، وهي أقدم طبعة لـ«الكشّاف»، ومن طبعة مطبعة شرفيّة ج 1، ص 398.
[33] - الآية 74، من السورة 9: التوبة.
[34] - «الاءقبال» ص 458 و 459؛ وتفسير «الكشّاف» ج 1، ص 554 طبعة ليسي كلكتّا، وطبعة مطبعة شرفيّة ج 1، ص 403.
[35] - «المغازي» ج 3، ص 1068.
[36] - «المغازي» ج 3، ص 1046؛ وكتاب «حياة محمّد» ص 432.
[37] - في « المغازي » ج 3، ص 1073 و 1074 إذ يبيّن هذه الآيات، يقول: حدّثنا ابن أبي الزناد، عن شَيبَة‌بن نِصاح، عن الاعرج، قال: إنّما عني الرجلين، ولم‌يعن المسجدين.
[38] - «السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 163 و 164؛ و«الكامل في التاريخ» ج 2، ص 281 و 282. والآيات هي: 107 إلي 110، من السورة 9: التوبة.
[39] - «مجمع البيان» ج 3، ص 73؛ و«الميزان» ج 9، ص 415 عن «مجمع البيان»؛ و«بحار الانوار» ج 6، ص 633 عن «مجمع البيان»، وفي ص 634 عن «تفسير القمّي‌ّ»؛ و«حبيب السير» ج 1، ص 400؛ و«سيرة ابن هشام» ج 4، ص 956 و 957.
[40] - ورد في تفسير القمّي‌ّ، و«الميزان» الذي نقل عن القمّي‌ّ: زيدبن حارثة. ونحن صحّحناه من نسخة الواقدي‌ّ يزيدبن جارية.
[41] - «تفسير القمّي‌ّ» ص 281؛ و«تفسير الميزان» ج 9، ص 414 عن «تفسير القمّي‌ّ»؛ و«المغازي» ج 3، ص 1046؛ و«تفسير نور الثقلين» ج 2، ص 269.
[42] - جاء في «تفسير القمّي‌ّ» حتّي احترقت البُنْيَةُ. وفي «المغازي»: حتّي احترقت إِليَتُهُ. وقد ترجمنا كلاّ منها حسب معناها.
[43] - «المغازي» ج 3، ص 1046.
[44] - «مجمع البيان» ج 3، ص 72 و 73؛ و«الميزان» ج 9، ص 415 عن «مجمع البيان».
[45] - المربد: الموضع الذي تُحبس فيه الاءبل والغنم.
[46] - «المغازي» ج 3، ص 1048 و 1049.
[47] - تفسير «مجمع البيان» ج 3، ص 73؛ وتفسير «الميزان» ج 9، ص 416 عن «مجمع البيان»؛ وتفسير «نور الثقلين» ج 2، ص 268؛ و«بحار الانوار» ج 6، ص 634 عن «تفسير العيّاشي‌ّ».
[48] - «تفسير العيّاشي‌ّ» ج 2، ص 111؛ و«الميزان» ج 9، ص 415؛ و«بحار الانوار» ج 6، ص 632؛ و«تفسير البرهان» ج 2، ص 162؛ و«تفسير الصافي» ج 1، ص 731؛ وتفسير «نور الثقلين» ج 2، ص 267.
[49]
- العريش حجرة تبني من القماش أو الورق وأمثالهما. كالكوخ المبني
في البساتين أو الاراضي الزراعيّة للاستظلال به من الشمس. وكان
العريش معبد موسي علي نبيّنا وآله وعليه السلام. ذكر العيّاشي‌ّ هذه
الرواية في تفسيره: ج 2، ص 111 و 112؛ ووردت في «بحار الانوار» ج
6، ص 632؛ وتفسير «البرهان» ج 2، ص 162؛ و«تفسير الصافي» ج 1، ص
731.