بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد العاشر/ القسم الثانی: تحریف علماء العامة مناصب علی علیه السلام، تحریف علماء الیهود لکلام الله، ...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

تحريف‌ علماء العامّة‌ وإسقاطهم‌ مناصب‌ علی‌ّ في‌ يوم‌ العشيرة‌

أجل‌ إنّ العامّة‌ ومتعصّبيهم‌ جهدوا في‌ إخفاء الحقائق‌، وإظهار الاباطيل‌ ما استطاعوا إلی‌ ذلك‌ سبيلاً، وعَضَوا هذا الحديث‌ المبارك‌ الذي‌ يمثّل‌ نصّاً صريحاً علی‌ إمامة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ وخلافته‌ بلافصل‌، إذ ذكروا بعض‌ فقراته‌ في‌ كتبهم‌، وأحجموا عن‌ ذكر فقراته‌ الاُخري‌.

 وذكرنا في‌ الدرس‌ الخامس‌ من‌ دروس‌ الجزء الاوّل‌ من‌ كتابنا هذا « معرفة‌ الإمام‌ » أنّ الحلبي‌ّ الذي‌ روي‌ هذا الحديث‌ في‌ سيرته‌، قد بلغ‌ به‌ إلی‌ قوله‌: قَالَ علی‌ٌّ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَهِ؛ وَأَنَا أَحْدَثُهُمْ سِنَّاً، وَسَكَتْ القَوْمُ.

 ولم‌ يقل‌ شيئاً عن‌ سؤال‌ النبي‌ّ، وجوابه‌ المتعلّق‌ بمقامات‌ أميرالمؤمنين‌، وحذف‌ قوله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: علی‌ أَنْ يَكُونَ أَخِي‌ وَوَصِيِّي‌ وَخَلِيفَتِي‌ مِنْ بَعْدِي‌ وكذلك‌ جوابه‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: فَأَنْتَ أَخِي‌ وَوَصِيِّي‌ وَخَليِفَتِي‌ مِنْ بَعْدِي‌. وبلغ‌ به‌ الخزي‌ أن‌ قال‌: أضاف‌ بعضهم‌ كلمة‌ أَخِي‌ وَوَصِيِّي‌ وَوَارِثِي‌، وَوَزِيرِي‌، وَخَلِيفَتِي‌ مِنْ بَعْدِي‌.[1]

 وعلی‌ الرغم‌ من‌ أنّ الطبري‌ّ ذكر في‌ تاريخه‌ جملة‌: وَصِيِّي‌ وَخَلِيفَتِي‌ فِيكُمْ [2]بَيْدَ أ نّه‌ أورد هذا الحديث‌ بحذافيره‌ سنداً ومتناً في‌ تفسيره‌؛ ونقل‌ جميع‌ القصّة‌ بنحو مفصّل‌، إلاّ أ نّه‌ وضع‌ لفظ‌ كذا وكذا مكان‌ وَصِيِّي‌ وَخَليِفَتِي‌ فِيْكُمْ[3]، فمسخ‌ الحديث‌ وشوّه‌ صورته‌ بهذا العمل‌.

 وعبارته‌ هي‌: قَالَ: فَأَيُّكُمْ يُوَازِرُنِي‌ علی هَذا الاَمْرِ علی‌ أَنْ يَكُونَ أَخِي‌ وَكَذَا وَكَذا. وقال‌ أيضاً في‌ كلام‌ رسول‌ الله‌ الاخير: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا أَخِي‌ وَكَذَا وَكَذَا.

 وتبعاً لهذه‌ الجناية‌ والخيانة‌، أورد ابن‌ كثير الدمشقي‌ّ أيضاً في‌ « البداية‌ والنهاية‌ »[4] وكذلك‌ في‌ تفسيره‌ [5]لفظ‌ كَذَا وَكَذَا بدل‌ لفظ‌ وَصِيِّي‌ وَخَلِيفَتِي‌ فِيكُمْ.

 لاحظوا هؤلاء الاعلام‌ في‌ التأريخ‌، والحديث‌، والتفسير كيف‌ تجنّوا علی‌ الاجيال‌ البشريّة‌ وأعقابها وأخلافها عبر هذه‌ السرقات‌ المكشوفة‌ ؟ وكيف‌ حجبوا وجه‌ الحقيقة‌ ؟ إنّهم‌ أرادوا وضع‌ مذهب‌ مزيّف‌ في‌ مقابل‌ مذهب‌ أهل‌ البيت‌ عبر الاسإلیب‌ الملتوية‌ المتمثّلة‌ بالتزوير والخداع‌ والحيلة‌.

 ورأينا جنايات‌ محمّد حسنين‌ هيكل‌، وزير المعارف‌ السابق‌ في‌ مصر ورئيس‌ تحرير صحيفة‌ « الاهرام‌ » في‌ الطبعة‌ الاُولي‌ من‌ كتابه‌: «حياة‌ محمّد» وكذلك‌ في‌ الطبعة‌ الثانية‌.[6]

 ونستخلص‌ من‌ هنا أنّ أهل‌ السنّة‌ يعتقدون‌ بحكّام‌ الجور. والتثريب‌ علی‌ هؤلاء الرجال‌ من‌ حملة‌ لواء العلم‌، وهؤلاء الرؤساء الدينيّين‌ والوطنيّين‌ الذين‌ قلّدوا أُولئك‌ الجانين‌ في‌ أفكارهم‌ وآرائهم‌ وفقاً للقانون‌ الطبيعي‌ّ: النَّاسُ علی‌ دِينِ مُلُوكِهِمْ. [7]

 الرجوع الي الفهرس

تحريف‌ علماء إلیهود لكلام‌ الله‌

وهنا تنطبق‌ الآيات‌ الواردة‌ في‌ ذمّ علماء إلیهود والنصاري‌ -الذين‌ حرّفوا التوراة‌ والإنجيل‌، وسحقوا الحقّ والحقيقة‌ من‌ أجل‌ الرئاسة‌ والتحكّم‌ في‌ رقاب‌ عوامّ الناس‌- علی‌ علماء العامّة‌ تماماً.

 ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ عن‌ إلیهود قوله‌ تعإلی‌:

 وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَـ'ذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـ'يَـ'كُمْ وَسَنَزيدُ الْمُحْسِنيِنَ* فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَولاً غَيْرَ الَّذي‌ قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا علی‌ الَّذِينَ ظَلَموا رِجْزًا مِّنَ السَّمَآءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ.[8]

 « واذكر عندما قلنا ادخلوا هذه‌ القرية‌ ( بيت‌ المقدس‌ )! وكلوا ما شئتم‌ من‌ نعمها الكثيرة‌ الطيّبة‌! وادخلوا الباب‌ سجّداً! وقولوا: اللهمّ اغفر ذنوبنا، حتّي‌ نغفر خطاياكم‌ ونزيد المحسنين‌!

 وبعد خطابنا هذا، بدّل‌ الظالمون‌ كلام‌ الله‌ وحكمه‌ غير ما قيل‌ لهم‌، فأنزلنا علیهم‌ من‌ السماء أشياء قد أزعجتهم‌ وآذتهم‌ بسبب‌ ظلمهم‌ وعصيانهم‌ ومخالفتهم‌ وانحرافهم‌ وفسقهم‌!»

 وورد قريب‌ من‌ هذا المضمون‌ أيضاً:

 وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَـ'ذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِي´ئَـ'تِكُمْ وَسَنَزِيِدُ الْمُحْسِنيِنَ* فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي‌ قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا علیهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَآءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ.[9]

 وورد أيضاً عن‌ تغيير وتبديل‌ الكلمات‌ والعبارات‌ التي‌ تخلّ بالمعني‌ الاصلي‌ّ والمقصود الحقيقي‌ّ قوله‌:

 مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن‌ مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا.[10]

 وقال‌ في‌ بني‌ إسرائيل‌ الذين‌ جعل‌ لهم‌ اثني‌ عشر نقيباً، وأمرهم‌ بالصلاة‌ والزكاة‌ والإيمان‌ بالانبياء، ثمّ وعدهم‌ بالجنّة‌، وعدّ كفران‌ هذه‌ النعم‌ ضلالة‌ عن‌ الصراط‌ المستقيم‌، إذ نقضوا الميثاق‌:

 فَبِمَا نَقْضِهِم‌ مِّيثَـ'قَهُمْ لَعَنَّـ'هُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَـ'سِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن‌ مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ علی‌' خَآنءِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.[11]

 ولمّا نقض‌ بنو إسرائيل‌ ميثاقهم‌، لعنّاهم‌ وأبعدناهم‌ من‌ رحمتنا، وجعلنا قلوبهم‌ قاسية‌ ( بحيث‌ إنّ المواعظ‌ والوعد والوعيد لم‌ تؤثّر فيهم‌ ) إنّهم‌ يحرّفون‌ كلام‌ الله‌ عن‌ موضعه‌. ونسوا قسطاً مهمّاً من‌ الحظّ الذي‌ ذكّروا به‌ علی‌ أثر كلمات‌ التوراة‌ وكلام‌ الله‌؛ ولا تزال‌ تطّلع‌ علی‌ الخونة‌ منهم‌ إلاّ قليلاً منهم‌.

 فاعف‌ عنهم‌! واصفح‌ عن‌ خطاياهم‌ إنّ الله‌ يحبّ المحسنين‌.

 وقال‌ في‌ بني‌ إسرائيل‌ أيضاً:

 أَفَتَطْمَعُونَ أَن‌ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَـ'مَ اللَهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ و مِن‌ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.[12]

 هل‌ تنتظرون‌ معاشر المسلمين‌ أن‌ يعتنق‌ إلیهود دينكم‌، ويؤمنوا بالله‌ لمصلحتكم‌، وقد كان‌ فريق‌ منهم‌ قد سمعوا كلام‌ الله‌ ثمّ حرّفوه‌ من‌ بعد ما عقلوه‌ وهم‌ يعلمون‌ حقيقة‌ معناه‌.

 إنّ هذه‌ الآيات‌ وإن‌ كانت‌ نزلت‌ في‌ إلیهود، ولكنّ روحها تشمل‌ جميع‌ الذين‌ يحرّفون‌ آيات‌ الله‌ مهما كان‌ دينهم‌ وقوميّتهم‌. وتعمّ العلماء والرؤساء الذين‌ يغيّرون‌ في‌ كلمات‌ الله‌ والقوانين‌ والآداب‌ والتقإلید الإلهيّة‌؛ أو يحاولون‌ إسقاط‌ لفظ‌ خَلِيفَتِي‌ مِنْ بَعْدِي‌ أو خَلِيفَتِي‌ فِيكُمْ أو خَلِيفَتِي‌ وأمثالها من‌ أجل‌ تغيير الإمارة‌ والخلافة‌ عن‌ مقرّها المُستقرّ ومكانها المكين‌: قطب‌ العالم‌ وإمام‌ زمانه‌: مولي‌ الموإلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ أفضل‌ صلوات‌ المصلّين‌، ثمّ تحويلها إلی‌ أمثال‌ أبي‌بكر، وعمر، وعثمان‌، ومعاوية‌، وهلّم‌ جرّاً إلی‌ سلسلة‌ ملوك‌ بني‌ أُميّة‌ وبني‌ العبّاس‌.

 ما أعظمها من‌ خيانة‌! وما أشدّه‌ من‌ ذنب‌ لا يغتفر! أي‌ّ استباق‌ هذا في‌ القرآن‌ للقرآن‌ نفسه‌ ؟ وأي‌ّ ضرب‌ هذا من‌ النفع‌ للدين‌ والشريعة‌ ؟ وما هو هذا النمط‌ من‌ حماية‌ البشر والبشريّة‌ ؟

 الرجوع الي الفهرس

 كلام‌ أبي‌ جعفر الإسكافي‌ّ في‌ تحريف‌ الروايات‌ الواردة‌ في‌ علی‌ّ

ينقل‌ الشارح‌ المعتزلي‌ّ ابن‌ أبي‌ الحديد كلاماً لاُستاذه‌ وشيخه‌ أبي‌ جعفر الإسكافي‌ّ في‌ تفضيل‌ مولي‌ الموإلی‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ صلوات‌الله‌ الملك‌ القيّوم‌ ردّاً علی‌ كتاب‌ « العثمانيّة‌ » للجاحظ‌. وهو جدير بالإمعان‌ والتدقيق‌. وبعد أن‌ أبطل‌ ابن‌ أبي‌ الحديد -علی‌ لسان‌ الإسكافي‌ّ- أدلّة‌ الجاحظ‌ في‌ أفضليّة‌ أبي‌بكر وسبقه‌ إلی‌ الإسلام‌، وأثبت‌ أنّ الروايات‌ الواردة‌ في‌ هذا المجال‌ موضوعة‌، نقل‌ في‌ ختام‌ حديثه‌ مطلباً هو كالآتي‌:

 قال‌ شيخنا أبو جَعْفَر الإسْكَافِي‌ّ: لولا ما غلب‌ علی‌ الناس‌ من‌ الجهل‌ وحبّ التقليد، لم‌ نحتج‌ إلی‌ نقض‌ ما احتجّت‌ به‌ العثمانيّة‌، فقد علم‌ الناس‌ كافّة‌ أنّ الدولة‌ والسلطان‌ لارباب‌ مقالتهم‌؛ وعرف‌ كلّ أحد علوّ أقدار شيوخهم‌ وعلمائهم‌ وأمرائهم‌، وظهور كلمتهم‌، وقهر سلطانهم‌ وارتفاع‌ التقيّة‌ عنهم‌ والكرامة‌؛ والجائزة‌ لمن‌ روي‌ الاخبار والاحاديث‌ في‌ فضل‌ أبي‌بكر.

 وما كان‌ من‌ تأكيد بني‌ أُميّة‌ لذلك‌؛ وما ولّده‌ المحدّثون‌ من‌ الاحاديث‌ طلباً لما في‌ أيديهم‌، فكانوا لا يألون‌ جهداً في‌ طول‌ ما ملكوا أن‌ يخملوا ذكر علی‌ّ علیه‌ السلام‌ وولده‌، ويطفئوا نورهم‌، ويكتموا فضائلهم‌، ومناقبهم‌، وسوابقهم‌، ويحملوا علی‌ شتمهم‌ وسبّهم‌ ولعنهم‌ علی‌ المنابر، فلم‌يزل‌ السيف‌ يقطر من‌ دمائهم‌، مع‌ قلّة‌ عددهم‌ وكثرة‌ عدوّهم‌.

 فكانوا بين‌ قتيل‌، وأسير، وشريد، وهارب‌، ومتخفٍّ ذليل‌، وخائف‌ مترقّب‌، حتّي‌ أنّ الفقيه‌ والمحدّث‌ والقاضي‌ والمتكلّم‌ ليتقدّم‌ ويتوعّد بغاية‌ الإيعاد وأشدّ العقوبة‌، ألاّ يذكروا شيئاً من‌ فضائلهم‌.

 ولا يرخّصوا لاحد أن‌ يُطيف‌ بهم‌، وحتّي‌ بلغ‌ من‌ تقيّة‌ المحدّث‌ أ نّه‌ إذا ذكر حديثاً عن‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، كنّي‌ عن‌ ذكره‌، فقال‌: قال‌ رجل‌ من‌ قريش‌، وفعل‌ رجل‌ من‌ قريش‌، ولا يذكر علیاً علیه‌ السلام‌ ولايتفوّه‌ باسمه‌.

 ثمّ رأينا جميع‌ المختلفين‌ قد حاولوا نقض‌ فضائله‌، ووجّهوا الحيل‌ والتأويلات‌ نحوها، من‌ خارجي‌ّ مارق‌، وناصب‌ حَنِق‌، وثابت‌ علی‌ مسبّتهم‌، وناشي‌ معاند، ومنافق‌ مكذّب‌، وعثماني‌ّ حسود، يعترض‌ فيها ويطعن‌، ومعتزلي‌ّ قد نقض‌ في‌ الكلام‌، وأبصر علم‌ الاختلاف‌، وعرف‌ الشبه‌، ومواضع‌ الطعن‌، وضروب‌ التأويل‌. قد التمس‌ الحيل‌ في‌ إبطال‌ مناقب‌ علی‌ّ؛ وتأوّل‌ مشهور فضائله‌. فمرّة‌ يتأوّل‌ فضائل‌ علی‌ّ بما لا يحتمل‌؛ ومرّة‌ يقصد أن‌ يضع‌ من‌ قدرها بقياس‌ منتقض‌.

 الرجوع الي الفهرس

سبّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ المنابر ثمانين‌ سنة‌

 ولا يزداد مع‌ ذلك‌ إلاّ قوّة‌ ورفعة‌، ووضوحاً واستنارة‌. وقد علمت‌ أنّ معاوية‌ ويزيد ومن‌ كان‌ بعدهما من‌ بني‌ مروان‌ أيّام‌ ملكهم‌ -وذلك‌ نحو ثمانين‌ سنة‌- لم‌ يَدَعُوا جهداً في‌ حمل‌ الناس‌ علی‌ شتمه‌ ولعنه‌، وإخفاء فضائله‌، وستر مناقبه‌ وسوابقه‌.

 الرجوع الي الفهرس

اللعن‌ والتحريف‌ جعلا مقام‌ أمير المؤمنين‌ أسطع‌ وألمع‌ من‌ ذي‌ قبل‌

 روي‌ خالد بن‌ عبد الله‌ الواسطي‌ّ، عن‌ حصين‌ بن‌ عبدالرحمن‌، عن‌ هلال‌بن‌ يَسَاف‌، عن‌ عبد الله‌ بن‌ ظالم‌، قال‌: لمّا بويع‌ لمعاوية‌، أقام‌ المغيرة‌بن‌ شعبة‌ خطباء يلعنون‌ علیاً علیه‌ السلام‌. فقال‌ سعيدبن‌ زيدبن‌ عمروبن‌ نُفَيْل‌: ألا ترون‌ إلی‌ هذا الرجل‌ الظالم‌ يأمر بلعن‌ رجل‌ من‌ أهل‌ الجنّة‌ ؟!

 روي‌ سليمان‌ بن‌ داود، عن‌ شُعْبة‌، عن‌ الحُرّ بن‌ الصبّاح‌، قال‌: سمعت‌ عبدالرحمن‌بن‌ الاخنس‌ يقول‌: شهدت‌ المُغِيرة‌ بن‌ شعبة‌ خطب‌ فذكر علیاً علیه‌ السلام‌، فنال‌ منه‌.

 روي‌ أبو كُرَيب‌، قال‌: حدّثنا أبو أُسامة‌، قال‌: حدّثنا صدقة‌بن‌ المثنّي‌ النخعي‌ّ، عن‌ رياح‌ بن‌ الحارث‌، قال‌: بينما المغيرة‌بن‌ شعبة‌ بالمسجد الاكبر، وعنده‌ ناس‌ إذ جاءه‌ رجل‌ يقال‌ له‌: قَيْس‌بن‌ عَلْقَمَة‌، فاستقبل‌ المغيرة‌، فسبّ علیاً علیه‌ السلام‌.

 روي‌ محمّد بن‌ سعيد الإصفهاني‌ّ، عن‌ شريك‌، عن‌ محمّدبن‌ إسحاق‌، عن‌ عمروبن‌ علی‌ّ بن‌ الحسين‌، عن‌ أبيه‌ علی‌ّ بن‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌، قال‌: قال‌ لي‌ مروان‌ بن‌ الحكم‌:

 مَا كَانَ فِي‌ الْقَوْمِ أَدْفَعُ عَنْ صَاحِبِنَا ( عثمان‌ ) مِنْ صَاحِبِكُمْ! ( علی‌ّ ) قُلْتُ: فَمَا بَالُكُمْ تَسُبُّونَهُ علی‌ الْمَنَابِرِ ؟! قال‌ إنَّهُ لاَيَسْتَقيُمُ لَنَا الاَمْرُ إلاَّ بِذَلِكَ.[13]

 روي‌ مالك‌ بن‌ إسماعيل‌ أبو غَسَّان‌ النَهْدِي‌ّ، عن‌ ابن‌ أبي‌ سَيْف‌، قال‌: خطب‌ مروان‌، والحسن‌ علیه‌ السلام‌ جالس‌ فنال‌ من‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌. فقال‌ الحسن‌ علیه‌ السلام‌: وَيْلَكَ يَا مَرْوَانُ! أَهَذَا الَّذِي‌ تَشْتُمُ، شَرُّ النَّاسِ؟! قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ.

 وروي‌ أبو غسّان‌ أيضاً، قال‌: قال‌ عمر بن‌ عبد العزيز: كَانَ أَبِي‌ يَخْطُبُ فَلاَيَزَالُ مُسْتَمِرَّاً فِي‌ خُطْبَتِهِ؛ حَتَّي‌ إذَا صَارَ إلی‌ ذِكْرِ علی‌ٍّ وَسَبِّهِ تَقَطَّعَ لِسَانُهُ وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَتْ حَالُهُ، فَقُلْتُ لَهُ فِي‌ ذَلِكَ.

 فَقَالَ: أَوَ قَدْ فَطَنْتَ لِذَلِكَ! إنَّ هَؤُلاَءِ لَوْ يَعْلَمُونَ مِنْ علی‌ٍّ مَا يَعْلَمُهُ أَبُوكَ مَا تَبِعَنَا مِنْهُمْ رَجُلٌ.

 وروي‌ أبو عثمان‌، قال‌: حدّثنا أبو إلیقظان‌، قال‌: قام‌ رجل‌ من‌ ولد عثمان‌ إلی‌ هشام‌بن‌ عبد الملك‌ يوم‌ عَرَفة‌، فقال‌: إنَّ هَذَا يَوْمٌ كَانَتِ الخُلَفَاءُ تَسْتَحِبُّ فِيهِ لَعْنَ أَبِي‌ تُرَابٍ.

 وروي‌ عمروبن‌ القنّاد، عن‌ محمّدبن‌ فُضَيل‌،أنّ أشعث‌بن‌ سَوّار، قال‌: سبّ عدي‌ّ بن‌ أرطاة‌ علیاً علیه‌ السلام‌ علی‌ المنبر، فبكي‌ الحسن‌ البصري‌ّ وقال‌: لَقَدْ سُبَّ هَذَا إلیوْم‌ رَجُلٌ إِنَّهُ لاَخُو رَسُولِاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي‌ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ.

 وروي‌ عدي‌ّ بن‌ ثابت‌، عن‌ إسماعيل‌ بن‌ إبراهيم‌، قال‌: كنت‌ أنا وإبراهيم‌بن‌ يزيد جالسين‌ في‌ الجمعة‌ ممّا يلي‌ أبواب‌ كندة‌، فخرج‌ المغيرة‌ فخطب‌، فحمد الله‌، ثمّ ذكر ما شاء أن‌ يذكر، ثمّ وقع‌ في‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌، فضرب‌ إبراهيم‌ علی‌ فخذي‌ أو ركبتي‌، ثمّ قال‌: أَقْبِلْ علی‌َّ! فحدّثني‌! فإنّا لسنا في‌ جمعة‌! ألا تسمع‌ مايقول‌ هذا ؟! وروي‌ عبد الله‌ بن‌ عثمان‌ الثَّقفي‌ّ، قال‌: حدّثنا ابن‌ أبي‌ سيف‌، قال‌: قال‌ ابن‌ لعامربن‌ عبدالله‌ بن‌ الزبير لولده‌: لاَ تَذْكُرْ يَا بُنَي‌َّ علیاً إلاَّ بِخَيْرٍ فَإنَّ بَني‌ أُمَيَّةَ لَعَنُوهُ علی‌ مَنَابِرِهِمْ ثَمانِيْنَ سَنَةً فَلَمْ يَزِدْهُ اللَهُ بِذَلِكَ إلاَّ رِفْعَةً. إنَّ الدُّنْيَا لَمْتَبْنِ شَيْئَاً قَطُّ إلاَّ رَجَعَتْ علی‌ مَا بَنَتْ فَهَدَمَتْهُ. وَإنَّ الدِّينَ لَمْيَبْنِ شَيْئَاً قَطُّ وَهَدَمَهُ.[14]

 وروي‌ عثمان‌ بن‌ سعيد، قال‌: حدّثنا مُطّلب‌ بن‌ زياد، عن‌ أبي‌بكربن‌ عبدالله‌ الإصبهاني‌ّ، قال‌: كان‌ دعي‌ّ لبني‌ أُميّة‌ لا يزال‌ يشتم‌ علیاً علیه‌ السلام‌، فلمّا كان‌ يوم‌ جمعة‌، وهو يخطب‌ الناس‌، قال‌: وَاللَهِ إنْ كَانَ رَسُول ُاللَهِ لَيَسْتَعْمِلُهُ وَإنَّهُ لَيَعْلَمُ مَا هُوَ؛ وَلَكِنَّهُ كَانَ خَتَنَهُ.

 وقد نعس‌ سعيد بن‌ المسيّب‌ ففتح‌ عينيه‌، ثمّ قال‌: ويحكم‌! ما قال‌ هذا الخبيث‌! رأيت‌ القبر انصدع‌ ورسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ يقول‌: كَذِبْتَ يَا عَدُوَّ اللَهِ.

 وروي‌ القَنَّاد قال‌: حدّثنا أسباط‌ بن‌ نَصْر الهَمْداني‌ّ، عن‌ السُّدّي‌ّ، قال‌: بينما أنا بالمدينة‌ عند أحجار الزيت‌، إذ أقبل‌ راكب‌ علی‌ بعير؛ فوقف‌، فسبّ علیاً علیه‌ السلام‌؛ فخفّ به‌ الناس‌ ينظرون‌ إلیه‌، فبينما هو كذلك‌ إذ أقبل‌ سعد بن‌ أبي‌ وقّاص‌، فقال‌: اللهمّ إن‌ كان‌ سبّ عبداً لك‌ صالحاً، فَأَرِ المسلمين‌ خزيه‌، فما لبث‌ أن‌ نَفَرَ به‌ بعيره‌ فسقط‌، فاندقّت‌ عنقه‌.

 وروي‌ عثمان‌ بن‌ أبي‌ شيبة‌، عن‌ عبد الله‌ بن‌ موسي‌، عن‌ فُطْربن‌ خليفة‌، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ الجدلي‌ّ، قال‌: دخلت‌ علی‌ أُمّ سلمة‌ رحمهاالله‌ فقالت‌ لي‌: أيُسَبُّ رسول‌ الله‌ فيكم‌ وأنتم‌ أحياء ؟!

 قلت‌: وأ نّي‌ يكون‌ هذا ؟!

 قالت‌: إلیس‌ يسبّ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ ومن‌ يحبّه‌ ؟!

 وروي‌ العبّاس‌ بن‌ بكّار الضبّي‌ّ، قال‌: حدّثني‌ أبو بكر الهُذَلي‌ّ، عن‌ الزُّهري‌ّ، قال‌: قال‌ ابن‌ عبّاس‌ لمعاوية‌: أَلاَ تَكُفُّ عَنْ شَتْمِ هَذَا الرَّجُلِ؟!

 قال‌ معاوية‌: مَا كُنْتُ لاِفْعَلَ حَتَّي‌ يَرْبُوَ علیهِ الصَّغِيرُ وَيَهْرَمُ فِيهِ الكَبِيرُ.

 فلمّا وُلِّي‌َ عُمَرُ بن‌ عبد العزيز كفّ عن‌ شتمه‌؛ فقال‌ الناس‌: تَرَكَ السُّنَّةَ.

 وقد روي‌ ابن‌ مسعود ( إمّا موقوفاً علیه‌ أو مرفوعاً [15]) قال‌: كَيْفَ أَنْتُمْ إذَا شَمَلَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَرْبُو علیهَا الصَّغِيرُ وَيَهْرَمُ فِيهَا الكَبِيرُ، يَجْرِي‌ علیهَا النَّاسُ فَيَتَّخِذُونَهَا سُنَّةً، فَإِذَا غُيِّرَ مِنْهَا شَي‌ءٌ، قيلَ: غُيِّرَتِ السُّنَّةُ!

 الرجوع الي الفهرس

إذا وضع‌ الحكّام‌ بدعة‌ بين‌ الناس‌ ، فإنّها تَصبح‌  سنّة‌ تدريجيّاً

 بعد ذلك‌ قال‌ أبو جعفر الإسكافي‌ّ: وقد تعلمون‌ أنّ بعض‌ الملوك‌ ربّما أحدثوا قولاً، أو ديناً لهوي‌ فيحملون‌ الناس‌ علی‌ ذلك‌؛ حتّي‌ لايعرفوا غيره‌، كنحو ما أخذ الناس‌ الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌ الثقفي‌ّ بقراءة‌ عثمان‌، وترك‌ قراءة‌ عبدالله‌بن‌ مسعود، وأُبي‌ّ بن‌ كعب‌، وتوعّد علی‌ ذلك‌ بدون‌ ما صنع‌ هو وجبابرة‌ بني‌ أُميّة‌ وطغاة‌ مروان‌ بِوِلْد علی‌ّ علیه‌ السلام‌ وشيعته‌، وإنّما كان‌ سلطانه‌ نحو عشرين‌ سنة‌. فما مات‌ الحجّاج‌، حتّي‌ اجتمع‌ أهل‌ العراق‌ علی‌ قراءة‌ عثمان‌، ونشأ أبناؤهم‌ ولايعرفون‌ غيرها، لإمساك‌ الآباء عنها؛ وكفّ المعلّمين‌ عن‌ تعلیمها؛ حتّي‌ لو قرأت‌ علیهم‌ قراءة‌ ابن‌ مسعود، وأُبي‌ّ ما عرفوها، ولظنّوا بتإلیفها الاستكراه‌ والاستهجان‌، لإلف‌ العادة‌ وطول‌ الجهالة‌، لا نّه‌ إذا استولت‌ علی‌ الرعيّة‌ غلبة‌ الحكّام‌ والرؤساء، وطالت‌ علیهم‌ أيّام‌ التسلّط‌، وشاعت‌ فيهم‌ المخافة‌، وشملتهم‌ التقيّة‌، اتّفقوا علی‌ التخاذل‌ والتساكت‌. فلهذا لاتزال‌ الايّام‌ تأخذ من‌ بصائرهم‌ وتنقص‌ من‌ ضمائرهم‌، وتنقض‌ من‌ مرائرهم‌، حتّي‌ تصير البدعة‌ التي‌ أحدثوها غامرة‌ للسنّة‌ التي‌ كانوا يعرفونها.

 ولقد كان‌ الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌، ومن‌ ولاّه‌ كعَبد الملك‌ بن‌ مَرْوان‌، والوليد، ومن‌ كان‌ قبلهما وبعدهما من‌ فراعنة‌ بني‌ أُميّة‌ علی‌ إخفاء محاسن‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ وفضائله‌ وفضائل‌ ولده‌ وشيعته‌، وإسقاط‌ أقدارهم‌، أحرص‌ منهم‌ علی‌ إسقاط‌ قراءة‌ ابن‌ مَسْعُود وابن‌ كعب‌، لانّ تلك‌ القراءات‌ لاتكون‌ سبباً لزوال‌ ملكهم‌، وفساد أمرهم‌، وانكشاف‌ حالهم‌؛ وفي‌ اشتهار فضل‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ وولده‌ وإظهار محاسنهم‌ بوارُهم‌، وتسليط‌ حكم‌ الكتاب‌ المنبوذ علیهم‌؛ فحرصوا واجتهدوا في‌ إخفاء فضائله‌ علیه‌ السلام‌ وحملوا الناس‌ علی‌ كتمانها وسترها.

 ومع‌ ذلك‌ أبي‌ الله‌ أن‌ يزيد أمره‌ وأمر ولده‌ إلاّ استنارة‌ وإشراقاً، وحبّهم‌، إلاّ شغفاً وشدّة‌، وذكرهم‌ إلاّ انتشاراً وكثرة‌، وحجّتهم‌ إلاّ وضوحاً وقوّة‌، وفضلهم‌ إلاّ ظهوراً، وشأنهم‌ إلاّ علوّاً، وأقدارهم‌ إلاّ إعظاماً، حتّي‌ أصبحوا بإهانتهم‌ إيّاهم‌ أعزّاء؛ وبإماتتهم‌ ذكرهم‌ أحياء، وما أرادوا به‌ وبهم‌ من‌ الشرّ تحوّل‌ خيراً.

 ( ومن‌ هذا المنطلق‌ )، انتهي‌ إلینا من‌ ذكر فضائله‌ وخصائصه‌ ومزاياه‌ وسوابقه‌ ما لم‌ يتقدّمه‌ السابقون‌، ولا ساواه‌ فيه‌ القاصدون‌، ولايلحقه‌ الطالبون‌. ولولا أ نّها كانت‌ كالقبلة‌ المنصوبة‌ في‌ الشُّهرة‌، وكالسُّنن‌ المحفوظة‌ في‌ الكثرة‌، لم‌ يصل‌ إلینا منها في‌ دهرنا حرف‌ واحد، إذا كان‌ الامر كما وصفناه‌.[16]

 لقد أسهبنا في‌ الحديث‌ نوعاً ما عن‌ تجبّر حكّام‌ الجور وتفرعنهم‌ وسلطتهم‌ القاهرة‌ التي‌ فُرضت‌ علی‌ الناس‌ من‌ قبل‌ العلماء والخطباء، وجهد أصحابها في‌ تحريف‌ فضائل‌ ومناقب‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ وعلی‌ آله‌ أفضل‌ صلوات‌ المصلّين‌. وذلك‌ كي‌ يتّضح‌ لقرّاء العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌، والباحثين‌ عن‌ سبل‌ السلام‌ مدي‌ المحاولات‌ المحمومة‌ التي‌ بذلت‌ في‌ إخفاء اسم‌ الإمام‌ وأثره‌. حتّي‌ أ نّهم‌ لم‌ يكتفوا بمحو فضائل‌ ومناقب‌ أميرالمؤمنين‌ وأهل‌ البيت‌ علیهم‌ السلام‌، بل‌ اختلقوا فضائل‌ ونسبوها إلی‌ أبي‌بكر، وعُمَر، وعثمان‌، ومعاوية‌. وكان‌ الخطباء يقرأون‌ ذلك‌ علی‌ المنابر في‌ الجُمَع‌ والاعياد، ويغسلون‌ أدمغة‌ الناس‌ كي‌ لا تدرك‌ الحقائق‌.

 ولنتطرّق‌ الآن‌ إلی‌ وزارة‌ الإمام‌ علیه‌ السلام‌ وولايته‌ وخلافته‌ المستفادة‌ من‌ الآية‌ الشريفة‌.

 الرجوع الي الفهرس

الروايات‌ الواردة‌ في‌ تطبيق‌ الآية‌ وَاجْعَل‌ لِّي‌ وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي‌

 نقل‌ الحكام‌ الحسكاني‌ّ في‌ كتابه‌ المناقبي‌ّ النفيس‌: « شواهد التنزيل‌ » ثماني‌ روايات‌ تحت‌ عنوان‌ ما نزل‌ في‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ الآية‌: وَاجْعَل‌ لِّي‌ وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي‌ هَـ'رُونَ أَخِي‌´ أُشْدُدْ بِهِ أَزْري‌ وَأَشْرِكْهُ فِي‌ أَمْري‌. وفيما يأتي‌ بعضها:

 روي‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ حُذَيفة‌ بن‌ أُسيد قال‌: أَخَذَ النَّبِي‌ُّ بِيَدِ علی‌ِّبْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ؛ فَقَالَ: أَبْشِرْ وَأَبْشِرْ! إنَّ مُوسَي‌ دَعَا رَبَّهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ وَزيِرَاً مِنْ أَهْلِهِ هَارُونَ؛ وَإِنِّي‌ أَدْعُو رَبِّي‌ أَنْ يَجْعَلَ لِي‌ وَزيرَاً مِنْ أَهْلِي‌ علی‌ٍّ أَخِي‌! أشْدُدَ بِهِ ظَهْرِي‌ وَأُشْرِكْهُ فِي‌ أَمْرِي‌! [17]

وروي‌ بسنده‌ المتّصل‌ الآخر عن‌ أسماء بنت‌ عُمَيْس‌ قالت‌: سمعت‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ يقول‌: اللَهُمَّ إِنِّي‌ أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي‌ مُوسَي‌: اللَهُمَّ اجْعَلْ لِي‌ وَزِيرَاً مِنْ أَهْلِي‌ علیاً أَخِي‌ أُشْدُدْ بِهِ أَزْري‌ وَأشْرِكْهُ فِي‌ أَمْرِي‌ كَي‌ نُسَبِّحَكَ كَثيرَاً وَنَذْكُرَكَ كَثِيرَاً إنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرَاً!

 ورواه‌ أيضاً الصبّاح‌ بن‌ يحيي‌ المزني‌ّ عن‌ الحرث‌ كما في‌ كتاب‌ العيّاشي‌ّ، وكتاب‌ فرات‌. ورواه‌ أيضاً حصين‌ عن‌ أسماء.[18]

 وروي‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ أنس‌ بن‌ مالك‌ أنّ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: إنَّ أَخِي‌، وَوَزيِرِي‌، وَخَلِيفَتِي‌ فِي‌ أَهْلِي‌، وَخَيْرَ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِي‌، يَقْضِي‌ دَيْنِي‌، وَيُنْجِزُ مَوعُودِي‌ علی‌ُّ بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ.[19]

 وروي‌ ابن‌ المغازلي‌ّ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ عِكْرَمَة‌، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ قال‌: أخذ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ بيدي‌ وأخذ بيد علی‌ّ، فصلّي‌ أربع‌ ركعات‌، ورفع‌ يده‌ إلی‌ السماء، فقال‌: اللَهُمَّ سَأَلَكَ مُوسَي‌ بْنُ عِمْرانَ وَإنَّ مُحَمَّدَاً سَأَلَكَ أَنْ تَشْرَحَ لِي‌ صَدْرِي‌ وَتُيَسِّرَ لِي‌ أَمْرِي‌ وَتَحَلِّلَ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي‌ يَفْقَهُوا قَوْلِي‌ وَاجْعَلْ لِي‌ وَزِيرَاً مِنْ أَهْلِي‌ علیاً أُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‌ وَأَشْرِكْهُ فِي‌ أَمْرِي‌!

 قال‌ ابن‌ عبّاس‌: سمعت‌ منادياً ينادي‌: يا أحمد! قد أُوتيت‌ ما سألتَ![20]

 فقال‌ النبي‌ّ: يا أبا الحسن‌! ارفع‌ يدك‌ إلی‌ السماء وادع‌ ربّك‌ وسله‌، يعطيك‌!

 فرفع‌ علی‌ّ يده‌ إلی‌ السماء وهو يقول‌: اللَهُمَّ اجْعَلْ لِي‌ عِنْدَكَ عَهْدَاً وَاجْعَلْ لِي‌ عِنْدَك‌ وُدَّاً.

 فأنزل‌ الله‌ علی‌ نبيّه‌: إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمـ'نُ وُدَّا.[21]

 فتلاها النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ علی‌ أصحابه‌ فعجبوا من‌ ذلك‌ عجباً شديداً، فقال‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: مِمَّ تعجبون‌ ؟! إنّ القرآن‌ أربعة‌ أرباع‌: فربع‌ فينا أهل‌ البيت‌ خاصّة‌ ] وربع‌ في‌ أعدائنا [، وربع‌ حلال‌ وحرام‌، وربع‌ فضائل‌ وأحكام‌ وَاللَهُ أَنْزَلَ فِي‌ علی‌ٍّ كَرَائِمَ القُرْآنِ.[22]

 الرجوع الي الفهرس

 أشعار الشعراء في‌ فضل‌ وزارة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌

وقال‌ ديك‌ الجنّ في‌ « الكاملة‌ »:

 إنَّ النَّبِي‌َّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ                            وَالخَيْرُ مَا فَاهَ بِهِ الرَّسُولُ

 إنَّكَ مِنَّي‌ يَا أَخِي‌ وَيَا علی                                  ‌ بِحَيْثُ مِنْ مُوسَي‌ وَهَارُونَ النَّبِي‌ّ

 لَكِنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي‌                             فَأنْتَ خَيْرُ العَالَمِينَ عِنْدِي‌ [23]

 وقال‌ ابن‌ مكّي‌ّ:

 أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ النَّبِي‌َّ مُحَمَّداً                                بِحَيْدَرَةٍ أوْصَي‌ وَلَمْ يَسْكُنِ الرَّمْسا

 وَقَالَ لَهُمْ وَالقَوْمُ فِي‌ خُمِّ حُصَّرَاً             وَيَتْلُوا الَّذِي‌ فِيهِ وَقَدْ هَمَسُوا هَمْسا

 علی‌ٌّ كَزِرِّي‌ مِنْ قَمِيصِي‌ وَإنَّهُ                 نَصِيرِي‌وَمَنِّي‌مِثْلُ هَارُونَ مِن‌ مُوسَي‌ [24]

 وقال‌ العوني‌ّ:

 هَذَا أَخِي‌ مَوْلاكُمُ وَإمَامُكُمْ                                 وَهُوَ الخَليفَةُ إنْ لَقيْتُ حِمَامَا

 مِنِّي‌ كَمَا هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌                              فَلاَ تَأْلُوا لِحَقِّ إمَامِكُمْ إعْظَامَا

 إنْ كَانَ هَارُونُ النَّبِي‌ُّ لِقَوْمِهِ                                مَا غَابَ مُوسَي‌ سَيِّداً وَإمَامَا

 فَهُوَ الخَليفَةُ وَالإمام وَخَيْرُ مَنْ                            أَمْضَي‌ القَضَاءَ وَخَفَّفَ الاقَلاَمَا [25]

 وقال‌ العوني‌ّ أيضاً:

أَمَا رُوِيتَ يَا بَعيدَ الذِّهْنِ                            مَا قَالَهُ أَحْمَدُ كَالمُهَنِّي‌

 أَنْتَ كَهَارُونَ لِمُوسَي‌ مِنِّي‌                                 إذْ قَالَ مُوسَي‌ لاِخِيهِ اخْلُفْنِي‌

 فَاسْأَلْهُمُ لِمْ خَالَفُوا الوَصِيَّا [26]

 وقال‌ ابن‌ الاطْيَس‌:

مَنْ قَالَ فِيهِ المُصْطَفَي‌ مُعْلِنَا                              أَنْتَ لَهُ الحَوْضُ لَدَي‌ الحَشْرِ

 أَنْتَ أَخِي‌ أَنْتَ وَصِيِّي‌ كَمَا                                   هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ فِي‌ الاَمْرِ [27]

 وقال‌ منصور النمري‌ّ

 رَضِيتُ حُكْمَكَ لاَ أَبْغِي‌ بِهِ بَدَلاً                             لاِنَّ حُكْمَكَ بِالتَّوْفِيقِ مَقْرُونُ

 آلُ الرَّسُولِ خِيَارُ النَّاسِ كُلِّهِم‌                              وَخَيْرُ آلِ رَسُولِ اللَهِ هَارُونُ [28]

 وقال‌ أبان‌ اللاحقي‌ّ:

 أشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ                                  الخَالِقُ الرَّازِقُ الكَبِيرُ

 مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَرَسُولُ                              جَاءَ بِحَقٍّ علیهِ نُورُ

 وَإنَّ هَارُونَ مُرْتَضَانَا                                فِي‌ العِلْمِ مَا إنَّ لَهُ نَظِيرُ [29]

 

                         وقال‌ الصاحب‌ بن‌ عبَّاد:

 وَصَيَّرَهُ هَارُونَهُ بَيْنَ قَوْمِهِ                                                كَهَارُونَ مُوسَي‌ فَابْحَثُوا وَتَتَدَلُّوا [30]

 وقال‌ الصاحب‌ أيضاً:

 حَـالُــهُ حَـالُــهُ هَــارُونَ                                      لِمُـوسَــي‌ فَافْـهَـمَـاهـا [31]

 وقال‌ زيد بن‌ علی‌ّ بن‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌:

 وَمِنْ شَرَفِ الاقْوَامِ يَوْماً ترَابه                 ٍ فَإنَّ علیاً شَرَّفَتْهُ المَنَاقِبُ

 وَقَولُ رَسُولِ اللَهِ وَالحَقُّ قَوْلُهُ                            وَإنْ رَغَمَتْ مِنْهُ أُنُوفٌ كَوَاذِبُ

 بِأَ نَّكَ مِنِّي‌ يَا علی‌ُّ! مَعَالُنا                                   كَهَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ أَخٌ لِي‌ وَصَاحِبُ [32]

 وقال‌ الصنوبري‌ّ:

 إلیسَ مَنْ حَلَّ مِنْهُ في‌ أُخُوَّتِهِ                             مَحَلَّ هَارُونَمِنْ مُوسَي‌ بْنِ عِمْرَانِ [33]

وقال‌ ابن‌ شهر آشوب‌ أيضاً: أورد أبو بكر الشيرازي‌ّ في‌ كتابه‌ المسمّي‌ «فيما نَزَلَ مِنَ القُرآنِ في‌ أمير المؤمنين‌» عن‌ مقاتل‌، عن‌ عطاء في‌ تفسير الآية‌: وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَي‌ الْكِتَـ'بَ، قال‌:

 كَانَ فِي‌ التَّورَاةِ: يَا مُوسَي‌ إنِّي‌ اخْتَرْتُكَ، وَوَزِيرَاً هُوَ أَخُوكَ يَعْنِي‌ هَارُونَ لاِبِيكَ وَأُمِّكَ! كَمَا اخْتَرْتُ لِمُحَمَّدٍ إلیا هُوَ أَخُوهُ وَوَزِيرُهُ وَوَصِيُّهُ والخَلِيفَةُ مِنْ بَعْدِهِ. طُوبَي‌ لَكُمَا مِنْ أَخَوَيْنِ! وَطُوبَي‌ لَهُمَا مِنْ أَخَوَيْنِ؛ إلیا أَبُوالسِّبْطَينِ الحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَمُحْسِنٍ الثَّالِثِ مِنْ وُلْدِهِ كَمَا جَعَلْتُ لاِخِيكَ هَارُونَ شُبَّرَاً وَشُبَّيْرَاً وَمُشَبِّرَاً.[34]

 وورد في‌ تفسير القطّان‌، ووكيع‌ بن‌ الجَرّاح‌، وعطاء الخراساني‌ّ، وأحمد في‌ « الفضائل‌ » أنّ ابن‌ عبّاس‌ قال‌: سمعت‌ أسماء بنت‌ عُمَيْس‌ تقول‌: سمعتُ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ يقول‌:

 اللَهُمَّ إنِّي‌ أَقُولُ كَمَا قَالَ مُوسَي‌ بْنُ عِمْرَانَ: اللَهُمَّ اجْعَلْ لِي‌ وَزيِرَاً مِنْ أَهْلِي‌ يَكُونُ لِي‌ صِهْرَاً وَخَتَنَاً.

 وروي‌ السَّمعَاني‌ّ في‌ « فضائل‌ الصحابة‌ » بإسناده‌ عن‌ مَطَر، عن‌ أنَس‌ أنَّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: إنَّ خَلِيلِي‌ وَوَزِيرِي‌ وَخَليفَتِي‌ فِي‌ أَهْلِي‌ وَخَيْرَ مَنْ أَتْرُكَ بَعْدِي‌، مَنْ يُنْجِزُ مَوْعِدِي‌، وَيَقْضِي‌ دَيْنِي‌ علی‌ُّبْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ.[35]

 وفي‌ أمإلی‌ أبي‌ الصَّلْت‌ الاهوازي‌ّ بإسناده‌ عن‌ أنس‌ أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌: إنَّ أَخِي‌، وَوَزِيرِي‌، وَوَصِيِّي‌، وَخَلِيفَتِي‌ فِي‌ أَهْلِي‌ علی‌ُّ بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ. وفي‌ خبرٍ: أَنْتَ الإمام بَعْدِي‌، وَالاَمِيرُ، وَأَنْتَ الصَّاحِبُ بَعْدِي‌، وَالوَزِيرُ، وَمَا لَكَ فِي‌ أُمَّتِي‌ مِنْ نَظِيرٍ.[36]

 وَالوَزِيرُ مِنَ الوَزَرِ، وَهُوَ المَلْجَأُ، وَبِهِ سُمِّي‌َ الجَبَلُ العَظِيمُ. وَمِنَ الاَوْزَارِ، وَهِي‌َ الاَمْتِعَةُ وَالاَسْلِحَةُ، لاَ نَّهُ مُقَلِّدُ خَزَائِنِ المَلِكِ. وَمِنَ الوِزْرِ الَّذِي‌ هُوَ الذَّنْبُ، لاَ نَّهُ يَتَحَمَّلُ أَثْقَالَ المَلِكِ. وَمِنَ الاَزْرِ، وَهُوَ الظَّهْرُ مَعْنَاهُ اشْدُدْ بِهِ ظَهْرِي‌.[37]

 وقال‌ ابن‌ الحجّاج‌:

 أَنَا مَوْلَي‌ مُحَمَّدٍ وَعلی‌ٍّ                           والإماميْنِ شُبَّرٍ وشُبَيْرِ

 أَنَا مَوْلَي‌ وَزِيرَ أحْمَدَ يَا مَنْ                                  قَدْ حَبَا مُلْكَهُ بِخَيْرِ وَزِيرِ [38]

 وقال‌ الحميري‌ّ:

 وَكَانَ لَهُ أَخَاً وَأَمِينَ غَيْبٍ                                     علی‌ الوَحْي‌ِ المُنَزَّل‌ حِينَ يُوحَي‌

 وَكَانَ لاِحْمَدَ الهَادِي‌ وَزِيرَاً                                   كَمَا هَارُونَ كَانَ وَزِيرَ مُوسَي‌ [39]

 وقال‌ الاُستاذ أبو العبّاس‌ الضَّبِّي‌ُّ:

 لِعلی‌ٍّ الطُّهْرِ الشَّهِيرِ مَجْدٌ أنَافَ علی‌ ثَبيرِ                         صِنْوُ النَّبِي‌ِّ مُحَمَّدٍ وَوَصِيُّهُ يَوْمَ الغَدِيرِ [40]

 وقال‌ شاعر آخر:

 مَنْ كَانَ صَاهَرَهُ وَكَانَ وَزِيرَهُ                                وَأَبَا بَنِيهِ مُحَمَّدَاً مُخْتَارا [41]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] - «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 1، ص‌ 312.

[2] - «تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 62 و 63، طبعة‌ مطبعة‌ الاستقامة‌.

[3] - «تفسير الطبري‌ّ» ج‌ 19، ص‌ 74.

[4] - «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 3، ص‌ 40.

[5] - «تفيسر ابن‌ كثير الدمشقي‌ّ» ج‌ 3، ص‌ 351.

[6] - «حياة‌ محمّد» ص‌ 104. أورد في‌ الطبعة‌ الاُولي‌ جملة‌: فأيّكم‌ يوازرني‌ هذا الامر وأن‌ يكون‌ أخي‌ ووصيِّي‌ وخَليفَتي‌ فيكُم‌، بَيْدَ أ نّه‌ حذف‌ كلام‌ النبي‌ّ: فَأَنْتَ أَخِي‌ وَوَصِيِّي‌ وَوَارِثِي‌ وَخَلِيفَتِي‌ فِيكُمْ في‌ جواب‌ أمير المؤمنين‌. أمّا في‌ الطبعة‌ الثانية‌ فقد أسقط‌ كلّ ما يتعلّق‌ بأمير المؤمنين‌ بصورة‌ عامّة‌. وهو كما في‌ المأثور: لَكِنَّ عَلِيَّاً نَهَضَ وَمَا يَزَالُ صَبِيَّاً دُونَ الحُلُمِ، وَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَهِ عَونُكَ؛ أَنَا حَرْبٌ عَلَي‌ مَنْ حَارَبْتَ، فَابْتَسَمَ بَنُو هَاشِم‌ وَقَهْقَهَ بَعْضهُمْ وَجَعَلَ نَظَرَهَمْ يَنْتَقِلُ مِنْ أَبِي‌ طَالِبٍ إلَي‌ ابْنِهِ.

[7] - إنّ الناس‌ يجعلون‌ دينهم‌ تبعاً لدين‌ حكّامهم‌ وملوكهم‌ حسب‌ السنّة‌ الطبيعيّة‌، واتّباعاً للاهواء لا لمنطق‌ التفكير السليم‌.

[8] - الآيتان‌ 58 و 59، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[9] - الآيتان‌ 161 و 162، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[10] - الآية‌ 46، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[11] - الآية‌ 13، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[12] - الآية‌ 75، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[13] - رواه‌ ابن‌ عساكر بهذا السند في‌ «تاريخ‌ دمشق‌» كتاب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، ج‌ 3، ص‌ 98 و 99، رقم‌ 1139 عن‌ محمّد بن‌ سعيد الاءصفهاني‌ّ. ورواه‌ أحمد بن‌ يحيي‌ البلاذري‌ّ في‌ ترجمة‌ «أميرالمؤمنين‌ وغرر مناقبه‌ عليه‌ السلام‌» ص‌ 184، الحديث‌ رقم‌ 220، طبعة‌ الاعلمي‌ّ بيروت‌ في‌، عن‌ المدائني‌ّ، عن‌ شريك‌، بهذا السند نفسه‌.

[14] - روي‌ ابن‌ عبد البّر هذا الحديث‌ في‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1118، عن‌ ابن‌ وهب‌، عن‌ حفص‌بن‌ مَيْسرة‌، عن‌ عامر بن‌ عبد الله‌ بن‌ الزبير أ نّه‌ لمّا سمع‌ ابنه‌ يذكر علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ بسوء، قال‌: إيَّاكَ والعَوْدَة‌ إلَي‌ ذَلِكَ.

[15] - اصطلاح‌ خاصّ لارباب‌ الدراية‌ والرجال‌، إذ يطلقون‌ علي‌ بعض‌ الروايات‌: موقوفاً عليه‌، وعلي‌ البعض‌ الآخر: مرفوعاً.

[16] - «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، الطبعة‌ ذات‌ الاجزاء الاربعة‌، أُوفسيت‌ بيروت‌، ج‌ 3، ص‌ 258 إلي‌ 260؛ ومن‌ طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌، مصر، ج‌ 13، ص‌ 219 إلي‌ 224.

[17] - «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، ص‌ 368، حديث‌ رقم‌ 510.

[18] - «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، ص‌ 369 و 370، الحديث‌ رقم‌ 511. وفي‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 295، طبعة‌ الكمباني‌ّ، عن‌ كتاب‌ «العمدة‌» لابن‌ بطريق‌، عن‌ عبدالله‌بن‌ أحمدبن‌ حنبل‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ عبد الله‌ بن‌ عامر، عن‌ عبادة‌ بن‌ يعقوب‌، عن‌ علي‌ّ بن‌ عابس‌، عن‌ الحرث‌بن‌ حصيرة‌، عن‌ القاسم‌ قال‌: سمعت‌ رجلاًً من‌ خثعم‌ يقول‌: سمعت‌ أسماء بنت‌ عميس‌.

وقال‌ في‌ «دلائل‌ الصدق‌» ج‌ 2، ص‌ 223: قال‌ السيوطي‌ّ في‌ تفسير «الدرّ المنثور»: أخرج‌ ابن‌ مردويه‌، والخطيب‌، وابن‌ عساكر عن‌ أسماء بنت‌ عميس‌ قالت‌: رَأِيْتُ رَسُولَاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِإزَاءِ ثَبِيرٍ وَهُوَ يَقُولُ: أَشْرَقَ ثَبِير، أَشْرَقَ ثَبِير؛ اللَهُمَّ إنِّي‌ أَسْأَلُكَ بِمَا سَأَلَكَ أَخِي‌ مُوسَي‌ أَنْ تَشْرَحَ لِي‌ صَدْرِي‌، وَأَنْ تُيَسِّرَ لِي‌ أَمْرِي‌، وَأَنْ تَحِلَّ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي‌ يَفْقَهُوا قَوْلِي‌ وَاجْعَلْ لِي‌ وَزيرَاً مِنْ أَهْلي‌ عَلِيَّاً أَخِي‌، أُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‌، وَأُشْرَكَهُ فِي‌ أَمْرِي‌ كَي‌ نُسَبِّحُكَ كَثِيرَاً وَنَذْكُرُكَ كَثِيرَاً إنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرَاً.

 وقال‌ السيوطي‌ّ أيضاً: وأخرج‌ السَّلَفي‌ُّ في‌ «الطيورات‌» بسند رواه‌ عن‌ أبي‌ جعفر محمّدبن‌ علي‌ّ عليه‌ السلام‌ قال‌: لمّا نزلت‌: وَاجْعَل‌ لِّي‌ وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي‌ هَـ'رُونَ أَخِي‌'´ أُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‌، كان‌ رسول‌ الله‌ علي‌ جبل‌ ثمّ دعا به‌ وقال‌: اللَهُمَّ اشْدُدْ أَزْرِي‌ بِأَخِي‌ عَلِي‌ٍّ، (فاستجاب‌ الله‌ دعاءه‌). ونقل‌ العلاّمة‌ نحوه‌ في‌ كتاب‌ «منهاج‌ الكرامة‌» عن‌ مسند أحمد بن‌ حنبل‌، ونقل‌ أيضاً نحوه‌ صاحب‌ «ينابيع‌ المودّة‌» في‌ الباب‌ السابع‌ عشر، عن‌ أحمد في‌ مسنده‌. وفي‌ الباب‌ السادس‌ والخمسين‌ عن‌ «ذخائر العقبي‌» للطبري‌ّ، عن‌ أحمد في‌ «الفضائل‌». وكذا نقله‌ سبط‌بن‌ الجوزي‌ّ في‌ «تذكرة‌ الخواصّ» عن‌ أحمد في‌ «الفضائل‌».

[19] - «شواهد التنزيل‌» ج‌ 1، ص‌ 373، الحديث‌ رقم‌ 515.

[20] - الحديث‌ إلي‌ هذه‌ الجملة‌ ورد في‌ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 549، الطبعة‌ الحجريّة‌، عن‌ كتاب‌ «منقبة‌ المطَهَّرين‌» وكتاب‌ «فيما نزل‌ من‌ القرآن‌ في‌ أمير المؤمنين‌»، وكلاهما لابي‌ نعيم‌ الاءصفهاني‌ّ. ونقله‌ النطنزي‌ّ في‌ كتاب‌ «خصائص‌ العلويّة‌» عن‌ شعبة‌بن‌ الحكم‌. ورواه‌ أيضاً في‌ «دلائل‌ الصدق‌» ج‌ 2، ص‌ 223، عن‌ «منهاج‌ الكرامة‌» للعلاّمة‌ الحلّي‌ّ، عن‌ أبي‌ نعيم‌ الاءصفهاني‌ّ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌.

[21] - الآية‌ 96، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[22] - «المناقب‌» لابن‌ المغازلي‌ّ، ص‌ 328 و 329. وكذا أورده‌ البحراني‌ّ في‌ «غاية‌ المرام‌»، القسم‌ الثاني‌، ص‌ 373، الحديث‌ 13 عن‌ ابن‌ المغازلي‌ّ مرفوعاً. ورواه‌ أيضاً فرات‌بن‌ إبراهيم‌ الكوفي‌ّ في‌ تفسيره‌ ص‌ 89 بنفس‌ السند والعبارة‌.

[23] - «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 523 و 524 الطبعة‌ الحجريّة‌. ووردت‌ أبيات‌ ابن‌ مكّي‌ّ في‌ «الغدير» ج‌ 4، ص‌ 392. وذكر العلاّمة‌ الاميني‌ّ ترجمة‌ له‌. وجاء البيت‌ الثاني‌ في‌ «الغدير»: والقوم‌ حُضّراً بدلاً من‌: والقوم‌ حصّراً.

[24] - «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 524، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[25] - «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 524، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[26] - «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 524 و 525. وذكر العلاّمة‌ الاميني‌ّ ترجمة‌ العوني‌ّ مفصّلاً في‌ كتاب‌ «الغدير» ج‌ 4، ص‌ 127 و 131. كان‌ العوني‌ّ من‌ الشعراء الكبار ومن‌ أئمّة‌ القريض‌ في‌ مدائح‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌. وكان‌ يعيش‌ في‌ القرن‌ السادس‌. وهو أحد المتفانين‌ في‌ محبّة‌ أهل‌ البيت‌. وله‌ قصيدة‌ ذات‌ واحد وخمسين‌ فصلاً (كلّ فصل‌ خماسي‌ّ الاشطر) في‌ مناقب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ومثالب‌ أعدائه‌. وهي‌ رفيعة‌ جدّاً بحيث‌ لانكاد أن‌ نجد مثيلاً لها في‌ سلاستها وملاحتها. وتقع‌ القصيدة‌ في‌ واحد وخمسين‌ فصلاً (خماسي‌ّ الاشطر). وذكرنا منها هنا خمسة‌ مصاريع‌ فحسب‌ بمناسبة‌ الحديث‌ عن‌ وزارة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، وذلك‌ نقلاً عن‌ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌. ولمّا كان‌ اسم‌ الشاعر: طلحة‌بن‌ عبيدالله‌بن‌ أبي‌ عون‌ الغسّاني‌ّ، لذلك‌ ختم‌ أبياته‌ الاخيرة‌ بتوجيه‌ الخطاب‌ إلي‌ (طلح‌) وهو منادي‌ مرخّم‌:

 يا ربِّ ما لي‌ عملٌ سِوَي‌ الولا                                               لاحمدَ وآلهِ أهلُ العُلا

 صنو الرسول‌ والوصي‌ّ المبتلي‌                                            وفاطم‌ والحسنين‌ في‌ الملا

 غرّاً تزين‌ العرش‌ والكرسيّا

 ثمّ علي‌ٍّ وابنهِ محمّدٍ                                              وجعفر الصدق‌ وموسي‌ المهتدي‌

 ثمّ علي‌ٍّ والجواد الاجودِ                                         محمّدٍ ثمّ علي‌ِّ الامجدِ

 والحسن‌ الذي‌ جلا المهديّا

 فأعطني‌ بهم‌ جمال‌ الدنيا                                      وراحة‌ القبر زمان‌ البقيا

 والامن‌ والستر بحشر المَحْيا                                                والري‌ّ من‌ كوثر أهل‌ السقيا

 والحشر معهم‌ في‌ العلي‌ سويّا

 يا طلحُ إن‌ تختم‌ بهذا في‌ العمل‌                                            لم‌ يدن‌ منك‌ فزع‌ ولا وجل‌

 وأنت‌ طَلْحُ الخير إنْ جاء الاجل‌                                              بالاجر من‌ ربّ الوري‌ عَزَّ وجل‌

 كفي‌ بربّي‌ راحماً كفيّا

[27] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 525، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[28] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 525، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[29] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 525، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[30] «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 525، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[31] «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 525، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[32] «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 525، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[33] «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 525، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[34] - «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 1، ص‌ 525. ووردت‌ هاتان‌ الروايتان‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 38، ص‌ 145 و 146، الطبعة‌ الحديثة‌؛ وفي‌ طبعة‌ الكمباني‌ّ، ج‌ 9، ص‌ 294 نقلاً عن‌ «المناقب‌».

 قال‌ في‌ «القاموس‌» ج‌ 2، ص‌ 55: شُبَّر كبُقَّم‌، وشُبَّيْر كقُمَّيْر، ومُشَبِّر كمحدِّث‌ أبناء هارون‌ عليه‌ السلام‌، قيل‌: وبأسمائهم‌ سمّي‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ الحسن‌ والحسين‌ والمحسن‌.

[35] - «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌ ج‌ 1، ص‌ 549 و 550.

[36] - وردت‌ رواية‌ أبي‌ الصلت‌ الاهوازي‌ّ إلي‌ هنا في‌ «بحار الانوار» ج‌ 38، ص‌ 136، الطبعة‌ الحديثة‌، وفي‌ ج‌ 9، ص‌ 294 و 295، طبعة‌ الكمباني‌ّ.

[37] - «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 549 و 550.

[38] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 550.

[39] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 550.

[40] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 550.

[41] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 550.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com