|
|
الدرسان الحادي والخمسون بعد المائة والثاني والخمسون بعد المائة:العلم بالله ومعرفته هو الشرط الوحيد للقائد من أجل القيادة
بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ وصلَّي اللهُ علی محمّد وآله الطَّاهرين ولعنة اللَه علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين ولا حول ولا قوّة إلاّ باللَه العلیّ العظيم العلم والعرفان الإلهيّ من الشروط الاُولي للقيادة قال الله الحكيم في كتابه الكريم: شَهِدَ اللَهُ أَ نَهُ و لآ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَـ'ئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَآئِمًا بِالْقِسْطِ لآإِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. [1] نجد أنّ هذه الآية المباركة قد عدّت الموجود الوحيد القائم بالقسط والعدل الذي شهد علی وحدانيّة ذاته المقدّسة. ويحقّ للملائكة وأُولي العلم وحدهم دون غيرهم أن يشهدوا علی وحدانيّته أيضاً. وعلی هذا لايستطيع أحد من مخلوقات العالم السفليّ من جماد، ونبات، وحيوان، وجنّ، وكذلك جميع أفراد البشر أن يشهدوا علی وحدانيّته. وليسلاحد قدرة علی ذلك ما عدا ذاته المقدّسة، والملائكة الذين هم من العالم العلويّ. ولميعرفه حقّ معرفته إلاّ أُولو العلم والمتلمّسون سبل السلام والبالغون درجات التوحيد والمعرفة. إنّ أُولي العلم هم الذين هُدوا إلی معرفته، وظفروا بمنهل عرفانه العذب الهاني الحلو بلا شائبة كدورة ومرارة وقلق. وهم الذين يستطعيون أن يقودوا العالم الإنسانيّ تلقاء ذلك المكان المطمئن والمحلّ الآمن المستقرّ، ويكونوا حملة للواء القافلة البشريّة، ويحذّروا من أخطار الطريق، ويعلّموه شروط السفر ومعدّاته ولوازمه، ويرغّبوه في ذلك، وينقذوه من النزغات والوساوس، ويرشدوه إلی الحرم الإلهيّ حيث الهدوء المطلق والسكون المفعم بالبهجة والسرور. إنّ الدين عبارة عن مجموعة الاحكام والقوانين والتعإلیم التي تدعو الإنسان إلی هذا الهدف. ومن الواضح أنّ حملة راية النهضة الإلهيّة ينبغي أن يكونوا من أُولي البصيرة والعلم والمعرفة بالهدف والمقصود، ومن الملمّين بالمقدّمات وطرق السلوك، وأن يكونوا أنفسهم قد طووا هذا الطريق حتّي يتسنّي لهم إيصال هذه القافلة إلی بغيتها في الصراط المستقيم سليمة من أدني خطأ وانحراف. ولابدّ للحكومة الدينيّة ـأي الحكومة الدنيويّة والاُخرويّة، أي الحكومة الإلهيّةـ أن ترتكز علی أساس العلم والمعرفة، وإلاّ تصبح كحكومة الغاب، وتُمضي الحياة في عالم التوحّش والبهيميّة والسبعيّة، وتقوم علی قاعدة القدرة المإلیة، والاعتباريّة، والقوّة الطبيعيّة، والمُخَطَّطَات المفتعلة، وواضح أ نّها ستسوق القافلة إلی جهنّم، لا إلی الجنّة. إنّ سبب تأسيس الحكومة في المجتمع البشري هو لتنظيم وهداية الاشخاص إلی المسير المستقيم والخطّ الصحيح القويم فيستمتعوا جميعهم بالمواهب الإلهيّة في أحسن شكل وأتمّ صورة. وينعموا بالثروات الموجودة في طريق الكمال. ويطبّقوا عمليّاً ما عندهم من استعدادات وقابليّات بأفضل وجه. يستطيع القائد والمرشد بما يتمتّع به من قدرة وإمكانيّات تامّة أن يحرّك هذه الجماعة. ولابدّ له ـحتّي يتمكّن من قطع دابر المخالفين وقطّاع الطرق وقيادة حركة الجماعة بهدوء وسكينةـ أن يكون عالماً بالاُمور القياديّة ومتمكّناً من إيجاد سبل النجاة، وعارفاً بالاسباب واللوازم، وخبيراً بالمقامات المعنويّة والسير الروحانيّ. وإن لم يكن عالماً وعارفاً، فإنّه لايستطيع أن يصبح قائداً، حيث سيأخذ بيد الناس إلی طريق الخلاف والفساد، بل ويصبح من المناوئين وقطّاع الطرق، وبالنتيجة سيقف أمام التقدّم والتكامل، شاء أم أبي؛ لا نّه سيقود المجتمع وفقاً لهواه ورغبته، وبذلك سيدمّر الاستعدادات الكامنة عند أشخاص معيّنين، ويسلّمهم إلی الحرمان والإفلاس. ومَثَل هؤلاء الحكّام كالصخرة التي تقف حائلاً أمام مجري الماء في النهر، فلاهي تشرب الماء، ولا تدعه يصل إلی الاراضي الزراعيّة، لتعطي محصولها، فَتُقطَف أثمارها المفيدة من بساتينها. أو مثلهم كالمريض الموبوء الذي يجعل من نفسه طبيباً، فلاهو يعالج نفسه، ولا الناس يسلمون منه، إذ سيسري مرضه ويصيب كلّ مَن يتّصل به. عندما تتّكي القيادة والحكومة علی القوّة والسلاح، أو عندما تقوم علی الانتخاب الذي يتحقّق وفقاً لمجموع أصوات المنتخِبين من العوامّ، فلايفضي ذلك إلی المدينة الفاضلة. كانت الحكومة في جميع الاديان السماويّة بيد الانبياء الماسكين بدفّة إدارة شؤون الرعيّة، فيرتّبون أُمورها، وينظّمون معاشها ويهيّئون ما ينفعها في المعاد علی أساس علمهم ومعرفتهم. وهم القائمون بالقسط والعدل. تكليف الانبياء بتأسيس الحكومة، لكونهم أعلم العلماء الربّانيّينقُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ. [2] لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَـ'تِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَـ'بَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَـ'فِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَهُ مَن يَنْصُرُهُ و وَرُسُلَهُ و بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ. [3] نلاحظ في هذه الآية أنّ الله تعإلی جعل سبب إرسال الانبياء بالمعجزات والادلّة الواضحة، وإنزال الكتاب والميزان معهم، هو قيام الناس بالقسط، والحياة علی أساس العدالة الماديّة والروحيّة، وتأسيس المدينة الإلهيّة الفاضلة. فلابدّ لحامل لواء هذه النهضة أن يكون نبيّاً عالماً بالله، عارفاً به وبأمره، بصيراً وخبيراً بالمنجيات والمهلكات وبكيفيّة تقديم الإعانات والمساعدات الشخصيّة والقيام بالنهضات العامّة. فينبغي للنبيّ أن يحمل السيف بيده، ويجاهد في طليعة الاُ مّة، ليطهّر الارض من العناصر المعاندة والمنتهكة، ويمهّد الطريق لعبوديّة الله ومعرفته، والوصول للحياة المفعمة بالقسط والعدل. هذه هي ثمار الحديد القاطع والحادّ ومعطياته، الذي ينبغي أن يتسلّح به حماة الرسل وناصروهم، والمميّز للعاشقين الإلهيّين التوّاقين إلی لقاء الله وزيارته في عرصات الامتحان. وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَـ'تَلَ مَعَهُ و رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَهُ يُحِبُّ الصَّـ'بِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلآ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإسْرَافَنَا فِي´ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا علی الْقَوْمِ الْكَـ'فِرِينَ * فَـَاتَیـ'هُمُ اللَهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الاْخِرَةِ وَاللَهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. [4] نجد في هذه الآيات أنّ الانبياء مع حواريّيهم والمخلِصين المتربّين في نهج الله ينهضون للجهاد في سبيل الله لتطهير الارض من العناصر الفاسدة والمُفْسِدة. وليميّزون العُصاة المتمرّدين والمعتدين، الذين هم كالغدّة السرطانيّة والجمرة والاُكال، ويفرزونهم عن مجتمع التوحيد الطاهر، ويعدّون الارضيّة لتربية وتكامل سائر الاشخاص المؤهّلين للصلاح. وتشير هذه الآيات بوضوح علی أنّ الجهاد في سبيل الله لميقتصر علی الإسلام فقط، بل كان الانبياء السابقون مكلّفين بهذه المهمّة أيضاً، وقد اختلفت أسإلیب جهادهم، حيث قام كلٌّ منهم بدوره حسب مقتضيات زمانه والظروف التي كانت سائدة آنذاك. ولا يمكن تصوّر دعوة النبيّ من دون تأسيس الحكومة ومركز السلطة واتّخاذ القرار، كما لا يمكن إيصال دعوة الانبياء وترسيخها بدون الجهاد والقتال في سبيل الله، لانّ المعارضين من أصحاب المصالح الشخصيّة موجودون في كلّ زمان ومكان وسيقفون بقوّة أمام دعوة الانبياء. غاية الامر، يجب أن يكون قائد ورئيس هؤلاء المقاتلين نبيّاً، وهذا النبيّ هو العالم الربّانيّ في الاُ مّة. ولابدّ أن يكون المحور الاساسيّ لهذا الامر، وقطب الرحي في هذه النهضة، وإذا كان لابدّ للجيش من قائد، فيجب تعيينه من قِبَل النبيّ، كما نقرأ ذلك في الآيات القرآنيّة التي تتحدّث عن طالوت والنبيّ الذي اختاره أميراً علی الجيش؛ قال تعإلی: أَلَمْ تَرَ إلی الْمَلاَء مِن بَنِي´ إِسْرَ '´ ءِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَي'´ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَـ'تِلْ فِي سَبِيلِ اللَهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ علیكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَـ'تِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَـ'تِلَ فِي سَبِيلِ اللَهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَـ'رِنَا وَأَبْنَآنءِنَا فَلَمَّا كُتِبَ علیهِمْ الْقِتَالُ تَوَلُّوا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَهُ علیمٌ بِالْظَـ'لِمِينَ * وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُو´ا أَ نَّي' يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ علینَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَهَ اصْطَفَـ'هُ علیكُمْ وَزَادَهُ و بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ و مَن يَشَآءُ وَاللَهُ وَ ' سِعٌ علیمٌ. [5] نري في هاتين الآيتين ما يأتي: أوّلاً: أنّ تلك الشريحة من بني إسرائيل لم تختر لها حاكماً وسلطاناً، بل راجعت نبيّها، وطلبت منه أن يولّي علیهم حاكماً ليقاتلوا تحت قيادته وفي ظلّ تدبيره. ثانياً: اختار لهم نبيُّهم طالوتَ، فاعترضوا علیه بأ نّه رجل ليس له جاه وشأن وخَدَم وحَشَم ومال كثير، وينبغي للحاكم أن تكون له هذه الاشياء. وقالوا: إنّهم أجدر منه لحكومة الناس، لما يتمتّعون به من هذه المواصفات والميزات الخارجيّة. فلم يهتمّ النبيّ بكلامهم ولميقم لمنطقهم وزناً من منطلق مدرسة العلم والوحي والحقائق. ثالثاً: ذكر القرآن الكريم أنّ من أهمّ ميزات طالوت هي بسطته في العلم والجسم، أي كثير العلم، وقويّ الجسم. فما هو ضروريّ للحكومة يكمن في القابليّة الفكريّة، والفكر النقيّ، والعلم الكثير، والقدرة الطبعيّة والطبيعيّة؛ وما علی الحكومة إلاّ أن تسخّر ذلك العلم لتري الطريق الصحيح والمستقيم، وتستثمر تلك القدرة من أجل المصلحة العامّة. فما أضيق وأسخف رأي القائلين: إنّ النبوّة والحكومة لاتجتمعان! فالنبوّة والعلم الإلهيّ والفقاهة في أمر الدين والبصيرة والمعرفة بالله ونظامه من الشرائط الاوّليّة والمستلزمات العضويّة للحكومة، والفقاهة المذكورة هنا ليست باصطلاح إلیوم التي قد يخالف صاحبها العلم والعرفان الإلهيّ، وقد يري طريق المعرفة موصداً، وقد لا تراه يتقدّم خطوة علی طريق تهذيب النفس وتكامل الروح والوصول إلی ذروة المعراج الإلهيّ. أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ علی' مَآ ءَاتَب'هُمُ اللَهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَ ' هِيمَ الْكِتَـ'بَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَـ'هُمْ مُّلْكًا عَظِيمًا.[6] وعلی هذا الاساس، لمّا عاد بُرَيْدَةَ من سفره بعد وفاة رسولالله ورأي أبابكر يسمّي نفسه خليفة، ويدعو الناس إلی بيعته، وطلب منه البيعة أيضاً، فامتنع، وقال: لِمَ لَم تبايعوا علیاً وصيّ رسولالله؟ وأجابه عمر: لايجتمع النبوّة والملك في بيت واحد. فقال بريدة: خنتم، وغدرتم ومكرتم! ألم يرد في القرآن الكريم قوله: فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إبْرَ ' هِيمَ الْكِتَـ'بَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَـ'هُمْ مُّلْكًا عَظِيمًا. [7] وروي الشريف المرتضي علم الهدي عن إبراهيم الثقفيّ بسنده المتّصل عن سفيان بن فروه، عن أبيه، قال: جَاءَ بُرَيْدَةُ حَتَّي رَكَزَ رَايَتَهُ فِي وَسَطِ (أَسْلَمَ) ( وهو أيضاً كان من تلك القبيلة أسلميّاً ) ثُمَّ قَالَ: لاَأُبَايِعُ حَتَّي يُبَايِعَ علیُّبْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ علی علیهِ السَّلاَمُ: يَا بُرَيْدَةُ! ادْخُلْ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، فَإنَّ اجْتَمَاعَهُمْ أَحَبُّ إلی مِنْ اخْتِلاَفِهِمْ ـ إلیوْمَ ـ.[8] وكـذلك روي عن إبراهيـم الثقفـيّ بسـنده المتّصـل عن موسـيبن عبداللهبن الحسين، [9] قال: إنَّ علیاً علیهِ السَّلاَمُ قَالَ لَهُمْ: بَايِعُوا فَإنَّ هَؤلاَءِخَيَّـرُونِي: أَن يَأْخُـذُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ، أَوْ أُقَاتِلَهُمْ وأُفَرِّقَ أَمْرَ المُسْلِمِينَ. [10] وروي أيضاً عن إبراهيم الثقفيّ بسنده المتّصل عن موسيبن عبداللهبن الحسن قال: أَبَتْ أَسْلَمُ أَن تُبَايِعَ؛ فَقَالُوا: مَا كُنَّا نُبَايِعُ حَتَّي يُبَايِعَ بُرَيْدَةُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّياللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِبُرَيْدَةَ: علیٌّ وَلِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي. قَالَ: فَقَالَ علیٌّ علیهِ السَّلاَمُ: إنَّ هَؤْلاَءِ خَيَّرُونِي أَنْ يَظْلِمُونِي حَقِّي وَأُبَايِعَهُمْ، وَارْتَدَّ النَّاسُ حَتَّي بَلَغَتِ الرِّدَّةُ أَحَداً فَاخْتَرْتُ أَنْ أُظْلَمَ حَقِّي وَإنْ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا.[11] ( إذ إنّ بقاء الدين وعدم تشتّت المسلمين في صبري ). فيالإسلام، شرط القيادة: الاعلميّةأجل، فالمراد هنا أنّ الدين الإسلاميّ قد رجّح العلم علی كلّ شيء تماشياً مع الفطرة، وتبعاً لحكم العقل المستقلّ. ولذلك قد اشترط رجحان علم القائد علی جميع الاُ مّة. ولانّ العلم كالنور في مقابل الظلام؛ فهل يمكن المقارنة بينهما؟ وأيّهما يقود الناس أفضل من غيره: القائد البصير الذي يمسك زمام النهضة أو الاعمي الذي يحتاج إلی من يوجّهه؟ وما أكثر الآيات الجميلة واللطيفة التي تحمل مضامين متنوّعة عن العلم! وفي ضوء ما ذكره معظم المفسّرين، فإنّ الآيات الاُولي التي نزلت علی النبيّ الاكرم صلّي الله علیه وآله وسلّم هي آيات سورة العلق التي جري فيها الحديث عن أكرميّة الله جلّ شأنه، وأثنت علیه بصفة التعلیم بالقلم، وتعلیم الإنسان ما لم يعلم: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق * خَلَقَ الإنسَـ'نَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاْكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنسَـ'نَ مَا لَمْ يَعْلَمْ. [12] ( العلق هو الدم المنعقد أو الخليّة الشبيهة بالدودة وهي النطفة ). نلاحظ هنا أنّ الله ذكر صفة أكرميّته علی جميع الكائنات، ثمّ ذكر صفة تعلیمه بوصفها أفضل نموذج علی عظمته. اللَهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَـ'وَ ' تٍ وَمِنَ الاْرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الاْمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُو´ا أَنَّ اللَهَ علی' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍعِلْمًا.[13] تري هذه الآية أنّ ظهور السماوات والارضين وتنزّل الامر بينهنّ من عالم الملكوت هو من أجل أن يعلم الإنسان قدرة الله الكاملة وإحاطته العلميّة الشاملة. فَتَعَـ'لَي اللَهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَي'´ إلیكَ وَحْيُهُ و ( في تلاوته ) وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا. [14] يأمر الله نبيّه في هذه الآية المباركة أن يدعوه بزيادة العلم. فما أعظم مقام العلم وما أثمنه، يأمر الله ثمرة عالم الإمكان الوحيدة: رسوله المكرّم، أن يطلب منه زيادة علمه! وبعد أن استبان أنّ العلم هو أعلی رصيد في الوجود، وأنّ الفطرة والعقل والشرع تشهد علی أهمّيّته، فإنّنا نتساءل: هل من المعقول أن يرحل النبيّ الاعظم عن الدنيا، ولا ينصب أعلم أُمّته حاكماً علیها؟ ويترك هذا الامر إلی اختيار الاُ مّة، فيحكم غير الاعلم مع وجود الاعلم، ويفعل مايفعل؟ إنّ هذا لا ينسجم مع منطق الإسلام وفلسفته. ويغاير الاساس الاصيل الذي ارتكزت علیه مدرسة الإسلام العظيمة. تعيين الاعلم للحكم، مهمّة رسول اللههل يمكن لهذا الإسلام الذي قوامه الدعوة إلی التوحيد وعرفان الحقّ تعإلی، وسِلّمه العِلمَ وصولاً إلی هذا المقام الرفيع، ورؤيته في أنّ المعرفة بالكتاب والسنّة هي السبيل العمليّ الوحيد لبلوغ هذا الهدف، وهو الذي يصف النبيّ بالتعلیم والتزكية، ومعرفة الكتاب والحكمة، ويبيّن مئات الآيات القرآنيّة في الدعوة إلی العلم والثناء علی هذه الثمرة في عالم الوجود، هل يمكن أن يسحق علی جميع هذه المبادي الثابتة بغتةً؟ ويقلب هذا الاساس؟ ويترك اختيار الاُ مّة بعد النبيّ العالم والعارف بذات الحقّ المقدّسة وبالعوالم العلويّة، بل وحتّي العالم السفليّ، إلی غيرالاعلم والجاهل النسبيّ؟ أو يفوّض إلی الاُ مّة اختيار خليفته علیها، مع علمنا أنّ من الاُ مّة البسطاء والجهلاء الذين هم أسري الهوي والتمنّي وما إلی ذلك؟! إنّ كلّ من امتلك معرفة إجمإلیة بروح الإسلام وفلسفته الكلّيّة، يعلم أنّ هذا النهج يخالف أصل الدعوة النبويّة تماماً. كان أمير المؤمنين علی بن أبي طالب علیه السلام بإجماع جميع الشيعة والسنّة، بل وحتّي الخوارج والنواصب وغير المسلمين كإلیهود والنصاري والمجوس، أعلم الاُ مّة وأعرف بمقام التوحيد والاسماء والصفات بعد النبيّ، وكذا بالقرآن الكريم والسنّة النبويّة، وبأحكام الإسلام وقوانينه، وبالحكم والحكومة، والقضاء وفصل الخصومة، والاتّصال بعالم الملكوت والعلوم الغيبيّة الإلهيّة. إلیس سلب هذا المقام منه نوعاً من السرقة المكشوفة؟ وهذه السرقة هي سرقة في المعني. كلام أمير المؤمنين والإمام الحسن حول وجوب حكومة الاعلمجاء جماعة من حواريّيّ أمير المؤمنين علیه السلام إلی المسجد بعد وفاة رسولالله، وخطب كلٌّ منهم خطبة غرّاء أمام الحكومة الغاصبة؛ قال سلمان الفارسيّ: يَا أَبَا بَكْرٍ! إلی مَنْ تُسْنِدُ أَمْرَكَ إذَا نَزَلَ بِكَ القَضَاءُ؟ وَإلی مَنْ تَفَزَعُ إذَا سُئِلْتَ عَمَّا لاَ تَعْلَمُ ] وَمَا عُذْرُكَ فِي التَّقَدُّمِ [ ( علی علیّبن أبي طالب وسبقه ) وَفِي القَوْمِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ ـالخطبة [15]! وقال أمير المؤمنين علیه السلام في خطبة له قبل واقعة صفّين: العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ مِنْ جُهَّالِ هَذِهِ الاُ مَّةِ وَضُلاَّلِهَا وَقَادَتِهَا وَسَاقَتِهَا إلی النَّارِ! إنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَوْدَاً وَبَدءاً: مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ رَجُلاً قَطُّ أَمْرَهَا وَفِيهِمْ أَعْلَمُ مِنْهُ إلاَّ لَمْيَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّي يَرْجِعُوا إلی مَا تَرَكُوا. فَوَلُّوْا أَمْرَهُمْ قَبْلِي ثَلاَثَةَ رَهْطٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ جَمَعَ القُرْآنَ وَلاَيَدَّعِي أَنَّ لَهُ عِلْماً بِكِتَابِ اللَهِ وَلاَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ عَلِمُوا أَ نِّي أَعْلَمُهُمُ بِكِتَابِ اللَهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَفْقَهُهُمْ وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَهِ وَأَقْضَاهُمْ بِحُكْمِ اللَهِ. [16]... إلی آخره. وكذلك رأينا الإمام الحسن المجتبي علیه السلام يقول في تلك الخطبة المفصّلة الغرّاء التي ألقاها ومعاوية جالس: وَأُقْسِمُ بِاللَهِ لَوْ أَنَّ النَّاسَ بَايَعُوا أَبِي حِينَ فَارَقَهُمْ رَسُولُصَلَّياللَهُ علیهِوَآلِهِ وَسَلَّمَ لاَعْطَتْهُمُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَالاَرْضُ بَرَكَتَهَا؛ وَمَا طَمِعْتَ فِيهَا يَامُعَاوِيَةُ! فَلَمَّا خَرَجَتْ مِنْ مَعْدِنِهَا تَنَازَعَهَا قُرَيْشٌ بَيْنَهَا فَطَمِعَتْ فِيهَا الطُّلَقَاءُ وَأَبْنَاءُ الطُّلَقَاءِ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ؛ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّياللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: مَا وَلَّتْ أُمَّةٌ أَمْرَهَا رَجُلاً وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ إلاَّ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمْ يَذْهَبُ سَفَالاً حَتَّي يَرْجِعُوا إلی مَا تَرَكُوا. فَقَدْ تَرَكَتْ بَنُوا إسْرَائِيلَ هَارُونَ وَهُمَ يَعْلَمُونَ أَ نَّهُ خَلِيفَةُ مُوسَي فِيهِمْ وَاتَّبَعُوا السَّامِرِيَّ وَقَدْ تَرَكَتْ هَذِهِ الاُ مَّةُ أَبِي وَبَايَعُوا غَيْرَهُ وَقَدْ سَمِعُوا رَسُولَ اللَهِ صَلَّياللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي إلاَّ النُّبُوَّةَـ الخطبة.[17] وذكر المجلسيّ رضوان الله علیه موعظة من مواعظ الإمام الصادق علیه السلام، قال فيها: قَالَ: مَنْ دَعَا النَّاسَ إلی نَفْسِهِ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ.[18] قصّة سفرنا إلی الحجّ، والحوار الذي حدث مع سائق السيّارةأتذكّر أ نّي سافرت إلی حجّ بيت الله الحرام سنة 1394ه للمرّة الثالثة. وكان منزلنا في (كُدا ـ مَسْفَلة)[19] أي في الجانب السفليّ جنوب مكّة. ذهبنا ذات يوم مع أحد عشر شخصاً من الاصدقاء الذين التقيناهم في سفرنا إلی مقبرة المَعلی شمال المسجد الحرام لزيارة قبور أجداد رسولالله وأبي طالب وخديجة علیهم السلام. ولمّا فرغنا من الزيارة وأردنا الرجوع، لمنحصل علی سيّارة ركّاب صغيرة بسبب الازدحام، فاضطررنا أن نركب سيّارة حمل صغيرة، وجلستُ إلی جانب السائق، وجلس سائر الاصدقاء خلفنا. وسارت السيّارة ببطء، بسبب تراكم المارّة، ثمّ وصلنا إلی منزلنا بعد نصف ساعة تقريباً. وجري الحديث بيننا وبين السائق في الطريق. وعرفنا أنّ السائق هو صاحب السيّارة، وكان سنّيّاً. عندما ركبت في سيّارته، سلّمت علیه فردّ علی السلام مرحِّباً بي. وسألته عن أحواله، ثمّ قلت له: نحن شيعة جعفريّة اثنا عشريّة من إيران! قال: لانجد فيكم عيباً سوي سبّكم صحابة رسولالله! قلت له: معاذ الله! كيف نسبّ أُولئك الصحابة العظام؟ وهم الذين نصروا رسولالله في حروبه، ومنهم من استشهد، ومنهم من لميُستشهد. وكانوا راسخين في إيمانهم. اعلم أ نّنا نحبّ صحابة رسولالله، ونقرأ تأريخهم، ونعرفهم ونعرف الآيات القرآنيّة التي نزلت في مدحهم والثناء علیهم، كآية: مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ و´ أَشِدَّآءُ علی الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَبـ'هُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَهِ وَرِضْوَ ' نًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِـ إلی آخر الآية. [20] وبعد أن قرأت له عدداً من الآيات في فضيلة الصحابة، قلت له: نحن نقرأ في أدعيتنا دائماً هذه الآية التي تشمل أصحاب رسولالله أيضاً: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَ ' نِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيْمَـ'نِ وَلاَتَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا رَبَّنَآ إِنَّكَ رَؤوفٌ رَّحِيمٌ. [21] ونحن ندعو لاصحاب رسول الله؛ وننظر إلیهم كما ننظر إلی آبائنا وأُمّهاتنا، بل أكثر من ذلك! ثمّ طفق يتلو عدداً من الآيات في مناقب الصحابة؛ فعرفنا أ نّه كان شخصاً مطّلعاً خبيراً، وملمّاً بالآيات القرآنيّة وبموضع الاستشهاد بها تماماً. قال: لماذا لا تقرّون بالخلفاء بعد رسول الله؟! قلت: لانّ علی بن أبي طالب كان أفضل منهم وأعلم؛ وكلّ ذي لبّ يقول: علی الإنسان أن يرجع إلی الاعلم والافضل في شؤونه؛ بخاصّة في الشؤون الخطيرة والعظيمة. وأيّ أمر من الاُمور الدينيّة أعلی وأهم من الحكم، إذ ترتبط به سعادة الإنسان وشقاؤه؟ أقول لك: لو عطبت سيّارتك فأين تذهب؟ هل تذهب إلی الاحذق الامهر والاعرف بفنّ ميكانيك السيّارات؟ أو تذهب إلی أيّ شخص يقول: أنا أعرف، وإن لاحظتَ منه عدداً من الاخطاء؟! ولو مرض ابنك، واحتاج إلی عمليّة جراحيّة، فأيّ طبيب تراجع؟ هل تراجع الطبيب الاحذق؟ أو تراجع أيّ طبيب كان حتّي لو لميكن علی درجة عإلیة من الحذق؟ هذا مع التسليم بأ نّك تتمكّن من الوصول إلیهما معاً، وأنّ مراجعة كلّ منهما متيسّرة لك. قال: من الواضح أ نّا نراجع الشخص الاعرف والطبيب الامهر. قلتُ: فالإماميّة، أي: الشيعة يعتقدون بخلافة علیّبن أبي طالب علیه السلام بلافصل، ويتّبعونه علی هذا الاساس وهذه القاعدة، ويأخذون أحكام دينهم منه بعد وفاة رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم. قال: إنّ للخلفاء الآخرين فضلاً، ولهم سابقة الجهاد والهجرة. وكان لهم علم واطّلاع بكتاب الله. قلت: نحن لا نبغي نفي الفضل وسابقة الجهاد، والهجرة والعلم بكتابالله، وأنا أردّ علیك في كلامي هذا ما ذكرتَه! نحن نقول: علیٌّ أَفْضَل، وَأَعْلَم. وعلی الإنسان أن يرجع إلی الاَعْلَم، ويتّبعه. واتّبعت الشيعة علیاً علی هذا الاساس منذ إلیوم الاوّل، بلا إنكار لفضل وشرف الصحابة المؤمنين والمجاهدين والمضحّين في سبيل رسول الله. ولما ورد في الصحاح والكتب الموثوقة، وثبت عند الجميع أنّ رسولالله صلّيالله علیه وآله وسلّم قال: علی أَقْضَاكُمْ؛ علی أَفْقَهُكُمْ؛ وَأَعْلَمُ أُمَّتِي بِكِتَابِ اللَهِ؛ [22] وَعلی مَعَ الحَقِّ وَالحَقُّ مَعَ علی حَيثُمَا دَارَ، وَأَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعلی بَابُهَا. وفي هذه الحالة، فلنا حجّتنا العقليّة والشرعيّة في اتّباع علیّ. وإذا آخذنا الله تعإلی يوم القيامة في موقف الحساب وعرصات القيامة لعدم اتّباعنا الخلفاء، فإنّا نحتجّ بهذه الاحاديث المستفيضة والمتواترة التي لاشكّ ولاتردّد في صدورها عن رسول الله، ونقول: إنّا باتّباعنا علیاً، اتّبعنا رسولالله في الحقيقة، وفقاً لهذه الاحاديث والوصايا النبويّة. وأمّا إذا لم نتّبع علیاً، واتّبعنا شخصاً آخر؛ وآخذنا الله علی ذلك يوم القيامة وسألنا: لماذا اتّبعتم غير علی؟ ولماذا تركتم سنّته ومنهاجه وسرتم في طريق غيره؟ وإذا قرأ لنا هذه الاحاديث واحداً واحداً، فماذا نقول في جواب الحقّ تعإلی؟ لم يجبني ذلك الرجل السنّيّ، ولزم جانب الصمت، وغرق في التفكير لخمس دقائق تقريباً، حتّي وصلنا إلی منزلنا، فوقفت السيّارة، وودّعته، ونزلت. نزل الرجل أيضاً من الباب الاُخري للسيّارة، وألقي نظرة علی محلّ إقامتنا، إذ كان في الطابق الثاني من العمارة الحديثة البناء، وفي الطابق الارضيّ محلّ كبير لبيع الخبز وصنع الحلويّات. والتفت الرجل إلی رفقائنا الذين نزلوا من السيّارة وقال لهم: هَذَا عَالِمٌ جَلِيلٌ لاَتَتْرُكُوهُ. وقال لي: سوف آتيكم هنا إن شاء الله؛ بَيدَ أ نّا لمنره خلال إلیومين اللذين مكثنا فيهما هناك؛ ثمّ قدمنا إلی جدّة من أجل العودة. والحَمْدُ لِلَّهِ. [23] ودار في خلدي أ نّه لو جاء إلینا، لنقلت له رواية كنت قد قرأتها في «المحاسن والمساوي» للبيهقيّ، وفي خاطري شيء منها مجملاً. وأنقل للقرّاء الكرام فيما يأتي تفصيلها بعد مراجعتي الكتابَ المذكور. روي البيهقيّ عن أبي حيّان التيميّ [24] أ نّه قال: حدّثني رجل حضر مجلس القاسمبن المُجَمِّع وهو وإلی الاهواز، قال: حضر مجلسه رجل من بني هاشم، فقال: أصلح الله الامير! ألا أُحدّثك بفضيلة لاميرالمؤمنين علیّبن أبي طالب رضي الله عنه؟! قال: نعم، إن شئت! قال: حدّثني أبي، قال: حضرت مجلس محمّد ابن عائشة بالبصرة، إذ قام إلیه رجل من وسط الحلقة، فقال: يا أبا عبدالرحمن! من أفضل أصحاب رسولالله صلّي الله علیه ] وآله [ وسلّم؟! قال: أَبُو بَكْرٍ، و عُمَرُ، و عُثْمَانُ، و طَلْحَةُ، و الزُّبَيْرُ، و سَعْدُ، و سَعِيدُ، و عَبْدُ الرَّحْمَنِ، و أَبُو عُبَيْدَةُ بْنُ الجَرَّاحِ. فقال له: فَأَيْنَ علی بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟! قال مُحَمَّدُ ابْنُ عَائِشَة: يا هذا! تستفتي عن أصحابه، أم عن نفسه؟ قال: بل عن أصحابه! قال ابن عائشة: إنّ الله تبارك وتعإلی يقول: فَقُلْ تَعَالُوا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ. [25] « علی نفس رسول الله ». فَكَيْفَ يَكُونُ أصْحَابُهُ مِثْلَ نَفْسِهِ. [26] وروي عن ابن عبّاس أ نّه قال: كَانَ لِعلی رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ خِصَالٌ ضَوَارِسُ قَوَاطِعُ: سِطَةٌ فِي العَشِيرَةِ، وَصِهْرٌ بِالرَّسُولِ، وَعِلْمٌ بِالتَّنْزِيلِ، وَفِقْهٌ فِي التَّأوِْيلِ، وَصَبْرٌ عِنْدَ النِّزَالِ، وَمُقَاوَمَةُ الاَبْطَالِ، وَكَانَ أَلَدَّ إذَا أَعْضَلَ، ذَا رَأَيٍ إذَا أَشْكَلَ.[27] قصيدة الحكيم السنائيّ في أفضليّة أمير المؤمنين علیه السلاموأنشد الشاعر الفارسيّ المعروف الحكيم السنائيّ، وهو شاعر ضليع عاش في القرنين الخامس والسادس الهجريّين، أنشد في باب مدينة علم النبيّ، ولزوم اتّباع الباب قائلاً: شو مدينة علم را در جوي و پس در وي خرام تا كي آخر خويشتن چون حلقه بر در داشتن چون همي داني كه شهر علم را حَيْدر دَر است خوب نبود جز كه حيدر مير و مهتر داشتن [28] وهذان البيتان من قصيدة له تضمّ ستّة وأربعين بيتاً، أنشدها كلّها في جواب السلطان سنجر السلجوقيّ وإرشاده ودعوته إلی مذهب أهل البيت علیهم السلام؛ وننقل فيما يأتي بعض أبياتها: كار عاقل نيست در دل مُهر [29] دل برداشتن جان نگين مُهر مِهر شاخ بي برداشتن تا دلِ عيسيِّ مريم باشد أندر بند تو كِيْ روا باشد دل اندر سُمِّ هر خر داشتن يوسف مصري نشسته با تو اندر انجمن زشت باشد چشم را در نقش آذر داشتن أحمد مرسل نشسته كِي روا دارد خرد دل أسير سيرت بوجهل كافر داشتن بَحر پُر كشتي است ليكن جمله در گرداب خوف بي سفينه نوح نتوان چشم مَعْبَر داشتن گر نجات دين و دل خواهي همي تا چند ازين خويشتن چون دايره، بيپا و بيسر داشتن من سلامت خانة نوح نبيّ بنمايمت تا تواني خويشتن را ايمن از شرّ داشتن [30] شو مدينه علم را در جوي و پس در وي خرام تا كي آخر خويشتن چون حلقه بر در داشتن چون هميداني كه شهر علم را حيد دَرَسْت خوب نبود جز كه حيدر مير و مهتر داشتن كِي روا باشد به ناموس و حيل در راه دين ديو را بر مسـند قاضيِّ أكبر داشـتن از تو خود چون ميپسندد عقل نابيناي تو پارگين را قابل تسـنيم و كوثر داشـتن مر مرا باري نكو نايد ز روي اعتقاد حقِّ زهرا بردن و دين پيمبر داشـتن آنكه او را بر سر حيدر همي خواني أمير كافرم گر ميتواند كفش قنبر داشـتن [31] تا سليمان وار باشد حَيْدر اندر صدرِ مُلك زشت باشد ديو را بر تارك أفسر داشتن خِضْر فَرُّخ پي دليلي را ميان بسته چو كلك جاهلي باشد ستور لنگ رهبر داشتن گر هميخواهيكه چونمهرتبودمهرتقبول مهر حيدر بايدت با جان برابر داشتن چون درخت دين به باغ شرع حيدر در نشاند باغباني زشت باشد جز كه حيدر داشتن جز كتاب الله و عترت ز احمد مرسل نماند يادگاري كان توان تا روز محشر داشتن از گذشت مصطفاي مجتبي، جز مرتضي عالَم دين را نيارد كس مُعَمَّر داشتن [32] از پس سلطان دين پس چون روا داري همي جز علی و عترتش محراب و منبر داشتن هشت بستان را كجا هرگز تواني يافتن جز بحبّ حيدر و شُبَّير و شَبَّر داشتن گر همي مؤمن شماري خويشتن را بايدت مهر زرّ جعفري، بر دين جعفر داشتن أي سنائي وارهان خود را كه نازبيا بود دايه را بر شيرخواره، مِهر مادر داشتن بندگي كن آل ياسين را به جان تا روز حشر همچو بيدينان نبايد روي اصفر داشتن زيور ديوان خود ساز اين مناقب را از آنك چاره نبود نو عروسان را ز زيور داشتن [33] لم يكن أحد في الاُ مّة عالماً بكتاب الله كأمير المؤمنين علیه السلاموذكر ابن شهرآشوب في مناقبه، عن سفيان، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عبّاس في قوله تعإلی: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَـ'نَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَـ'بِ اللَهِ إلی' يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَـ'ذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَـ'كِنَّكُمْ كُنتُمْ لاَتَعْلَمُونَ.[34] يقول هؤلاء ذلك للمجرمين الذين يقسمون يوم القيامة إنّهم ما لبثوا غير ساعة. قال: قد يكون الإنسان مؤمناً، ولا يكون عالماً، فو الله لقد جُمع لعلی كلاهما العلم والإیمان.[35] وقائل هذا الكلام للمجرمين يوم القيامة علیّبن أبي طالب علیه السلام. وروي محمّد بن مسلم، وأبو حمزة الثمإلی، وجابر بن يزيد عن الباقر علیه السلام، وعلی بن فضّال، والفضيل بن يسار، وأبو بصير عن الصادق علیه السلام، وأحمد بن محمّد الحلبيّ، ومحمّد بن الفضيل عن الرضا علیه السلام، وكذلك روي عن موسي بن جعفر علیه السلام، وزيدبن علیّ، ومحمّد ابن الحنفيّة، وسلمان الفارسيّ، وأبي سعيد الخُدريّ، وإسماعيل السدّيّ في تفسير الآية الكريمة: قُلْ كَفَي' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَينَكُمْ وَمَن عِنْدَهُ و عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. [36] قالوا: هو علی بن أبي طالب علیه السلام. وروي عن ابن عبّاس أ نّه قال: لاَ وَاللَهِ مَا هُوَ إلاَّ علی بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهِ السَّلاَمُ لَقَدْ كَانَ عَالِماً بِالتَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَالنَّاسِخِ وَالمَنسُوخِ وَالحَلاَلِ وَالحَرَامِ. [37] وروي عن ابن الحنفيّة قوله: علی بن أبي طالب علیه السلام عنده علم الكتاب الاوّل والآخر.[38] ورواه النطنزيّ في « الخصائص ». ومن المحال أنّ الله تعإلی يستشهد بيهوديّ ( عبداللهبن سلاّم ) ويجعله ثاني نفسه. وقوله: قُلْ كَفَي' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ و عِلْمُ الْكِتَـ'بِ [39] موافق في عدد الحروف الابجديّة لقول ابن عبّاس: كَلاَّ، أُنزِلَ فِي أَمِيرِالمُؤْمِنِينَ علیٍّ، إذ إنّ عدد حروف كلّ واحد منهما ثمانمائة وسبعة عشر. وقال العونيّ: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ وَعِلْمُ مَا يَكُونُ وَمَا قَدْ كَانَ عِلْماً مُكْتَمَا وقال أبو مُقاتل بن الداعي العلويّ: وَإنَّ عِنْدَكَ عِلْمَ الكَوْنِ أَجْمَعَهُ مَا كَانَ فِي سَالِفٍ مِنْهُ وَمُؤتَنَفِ وقال نصر بن المنتصر: وَمَنْ حَوَي عِلْمَ الكِتَابِ كُلَّهُ عِلْمَ الَّذِي يَأْتِي وَعِلْمَ مَا مَضَي وقد ظهر علمه ( علیّ ) علی سائر الصحابة حتّي اعترفوا بعلمه، وبايعوه. [40] قال الجاحظ: اجتمعت الاُ مّة علی أنّ الصحابة كانوا يأخذون العلم من أربعة: علیٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِبْنِ ثَابِتٍ. وقالت طائفة: عُمَرَبْنِ الخَطَّابِ. ثمّ أجمعوا علی أنّ الاربعة كانوا أقرأ لكتاب الله من عمر. ولمّا قال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: يَوْمُّ بِالنَّاسِ أَقْرَؤُهُمْ، فسقط عُمَرِ ( من بينهم ). ثمّ أجمعوا علی أنّ النبيّ صلّي الله علیه وآله وسلّم قال: الاَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ، فسقط ابْنُ مَسْعُودٍ، وَزَيْدٌ، وبقي علی وَابْنُ عَبَّاسٍ، ولمّا كان ( الاثنان ) عالمينِ فقيهينِ قرشيّينِ، فأكثرهما سنّاً وأقدمهما هجرة علی، فسقط ابْنُ عَبَّاسٍ وبقي علی أحقّ بالإمامة بالإجماع. [41] وكانوا ( أي وكان الصحابة كلّهم ) يسألونه، ولم يسأل هو أحداً. وقال رسولالله: إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي شَيءٍ فَكُونُوا مَعَ علی بْنِ أَبِي طَالِبٍ. قال عبادة بن الصامت: قَالَ عُمَرُ: أُمِرْنَا إذَا اخْتَلَفْنَا فِي شَيءٍ أَن نُحَكِّمَ علیاً. ولهذا تابعه المذكورون بالعلم من الصحابة نحو: سَلْمَان، و عَمَّار، و حَذَيْفَة، و أَبِي ذَرٍّ، و أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، و جَابِرٍ الاَنْصَارِيِّ، وَ ابْنِ عَبَّاسٍ، و ابْنِ مَسْعُودِ، و زَيْدِبْنِ صَوحَان. ولم يتأخّر إلاّ زَيْدُبْنُ ثَابِتٍ، و أَبُومُوسَي، و مَعَاذُ، و عُثْمَانُ؛ وكلّهم معترفون له بالعلم، مقرّون له بالفضل. [42] قال النقّاش في تفسيره: قال ابن عبّاس: علی علم علماً علّمه رسولالله؛ ورسولالله علّمه الله؛ فَعِلم النبيّ علم الله؛ وعلم علی من علم النبيّ؛ وعِلمي من علم علیّ؛ وما علمي وعلم جميع أصحاب محمّد في علم علی إلاّ كقطرة في سبعة أبحر. [43] قال الضحّاك: عن ابن عبّاس قال: أُعطي علی تسعة أعشار العلم؛ وإنّه لاعلمهم بالعشر الباقي. [44] وجاء في «الامإلی» للطوسيّ: مرّ أميرالمؤمنين علیه السلام بملا فيهم سلمان. فقال لهم سلمان: قوموا! فخذوا بحجزة هذا! فوالله لايخبركم بسرّ نبيّكم صلّيالله علیه وآله غيره! [45] وورد في «الامإلی» لابن بابويه: قال محمّد بن المنذر: سمعت أبا أمامة يقول: كان علی إذا قال شيئاً، لم يشكّ فيه؛ وذلك أ نّا سمعنا رسولالله صلّيالله علیه وآله يقول: خَازِنُ سِرِّي بَعْدِي علیٌّ. [46] وقال الحِميَريّ: وَعلیٌّ خَازِنُ الوَحْي الَّذِي كَانَ مُسْتَودَعَ آياتِ السُّوَرْ [47] وروي عن ـ يَحْيَي بْنِ مُعِين بإسناده عن عطاء بن أبي رباح أ نّه سئل: هل تعلم أحداً بعد رسول الله أعلم من علی؟! قال: لا والله ما أعلمه. [48] وأمّا قول عمر بن الخطّاب في ذلك فكثير، رواه الخطيب ( البغداديّ ) في ( كتابه ) « الاربعين ». قال عمر: العلم ستّة أسداس لعلی من ذلك خمسة أسداس، وللناس سدس. ولقد شاركنا في السدس، حتّي لهو أعلم به منّا. وروي عِكْرَمَةُ عن ابن عبّاس أنّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قال لاميرالمؤمنين علیه السلام: يا أبا الحسن! إنّك لتعجّل في الحكم والفصل للشيء إذا سئلت عنه! فأبرز علی كفّه وقال له: كم هذا؟ فقال عمر: خمسة! فقال ( أمير المؤمنين ): عجّلت يا أبا حفص! قال ( عمر ): لم يَخْفَ علی؛ فقال علی: أنا أسرع فيما لايخفي علیَّ. [49] وَاسْتَعْجَمَ علیهِ شَيءٌ وَنَازَعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَكَتَبَا إلیهِ أَن يَتَجَشَّمَ بِالحُضُورِ. فَكَتَبَ إلیهِمَا: العِلْمُ يُؤْتَي وَلاَ يَأْتِي. فَقَالَ عُمَرُ: شَيْخٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَأَثَارَةٌ مِنْ عِلْمٍ يُؤْتَي إلیهِ وَلاَ يَأْتِي، فَصَارَ إلیهِ فَوَجَدَهُ مُتَّكِئَاً علی مِسْحَاةٍ ( كان مشغولاً في مزرعة له خارج المدينة ) فَسَأَلَهُ عَمَّا أَرَادَهُ فَأَعْطَاهُ الجَوَابَ. فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ عَدَلَ عَنْكَ قَوْمُكَ وَإنَّكَ لاَحَقُّ بِهِ فَقَالَ علیهِ السَّلاَمُ: إنَّ يَوْمَ الفَصْلِ كَانَ مِيقَاتَاً. [50] وروي يونس عن عُبَيْد، قال: قال الحسن: إنّ عمر بن الخطّاب قال: اللَهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَضِيهَةٍ [51] لَيْسَ لَهَا علی عِنْدِي حَاضِرَاً. [52] وورد في «الإبَانَة» لابْنِ بَطَّة أنّ عمر كان يقول في ( مسألة تعصي علیه ) ويسأل عنها علیاً، ( فيجيبه ) ويفرّج عنه: لاَ أَبْقَانِيَ اللَهُ بَعْدَكَ! [53] وفي تاريخ البلاذريّ: لاَ أَبْقَانِيَ اللَهُ لِمُعْضَلَةٍ لَيْسَ لَهَا أَبُو الحَسَنِ. [54] وجاء في «الإبانة» و«الفائق»: أعُوذُ بِاللَهِ مِنْ مُعْضَلَةٍ لَيْسَ لَهَا أَبُوحَسَنٍ.[55] وقد ظهر رجوعه إلی علی علیه السلام في ثلاث وعشرين مسألة حتّي قال: لَوْلاَ علی لَهَلَكَ عُمَرُ. [56] ارجاعات [1] ـ الآية 18، من السورة 3: آل عمران. [2] ـ صدر الآية 29، من السورة 7: الاعراف. [3] ـ الآية 25، من السورة 57: الحديد. [4] ـ الآيات 146 إلي 148، من السورة 3: آل عمران. [5] ـ الآيتان 246 و 247، من السورة 2: البقرة. [6] ـ الآية 54، من السورة 4: النساء. [7] ـ «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 546 و 547؛ و«غاية المرام» ص 21، الحديث 40. نقلوا هذه الرواية عن إبراهيم الثقفيّ والسريّ بن عبد الله، وكلاهما نقلها بإسناده عن عمرانبن حصين، وأبي بريدة. ونحن ذكرناها في الجزء الثامن من كتابنا هذا الدرس 110 إلي 115. [8] ـ «تلخيص الشافي» ج 3، ص 78؛ و«غاية المرام»، ص 557. [9] ـ الصحيح هو موسي بن عبد الله بن الحسن، كما جاء في الرواية التي بعدها. [10] ـ «تلخيص الشافي» ج 3، ص 78؛ و«غاية المرام» ص 557. [11] ـ «تلخيص الشافي» ج 3، ص 78 و 79؛ و«غاية المرام» ص 557. [12] ـ الآيات 1 إلي 5، من السورة 96: العلق. [13] ـ الآية 12، من السورة 65: الطلاق. [14] ـ الآية 114، من السورة 20: طه. [15] ـ «كتاب النقض» المعروف بـ «بعض مثالب النواصب في نقض بعض فضائح الروافض» ص 659؛ وذكر الشيخ الطبرسيّ ذلك أيضاً في «الاحتجاج»، ج 1، ص 100؛ وفيه: امتنع سلمان عن البيعة فلووا عنقه وضربوه. [16] ـ «كتاب سليم بن قيس»، ص 148. [17] ـ «الامالي للطوسيّ» ج 2، ص 172 طبعة النجف؛ و«غاية المرام» ص 298، الحديث 26 و 27. [18] ـ «بحار الانوار» كتاب الروضة من طبعة الكمبانيّ، ج 17، ص 188؛ و«سفينة البحار»، ج 2، ص 230، مادّة علم. ونذكر هنا نقلاً عن كتب العامّة صغري وكبري للزوم حكم الاعلم في الاُ مّة، وبيان أعلميّة أميرالمؤمنين عليه السلام باعتراف الخليفة الغاصب عمر ليثبت بذلك أيضاً انتهاكهم وتعدّيهم، من أفواههم. أمّا الصغري: فقد روي العلاّمة الامينيّ في «الغدير» ج 6، ص 268 و 269 عن الحافظ العاصميّ في كتاب «زين الفتي في شرح سورة هل أتي»، عن أبي الطفيل أ نّه قال: شهدت الصلاة علي أبي بكر، ثمّ اجتمعنا إلي عمر بن الخطّاب فبايعناه وأقمنا أيّاماً نختلف إلي المسجد إليه حتّي أسموه أمير المؤمنين فبينما نحن عنده جلوس إذ أتاه يهوديّ من يهود المدينة وهم يزعمون أ نّه من ولد هارون أخي موسي عليهما السلام، حتّي وقف علي عمر فقال له: يا أميرالمؤمنين! أيّكم أعلم بنبيّكم وبكتاب نبيّكم حتّي أسأله عمّا أُريد. فأشار له عمر إلي أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: هذا أعلم بنبيّنا وبكتاب نبيّنا. قال اليهوديّ: أكذاك أنت ياعليّ؟ قال الإمام: سل عمّا تريد! إلي آخر تفصيل الحديث، وقد أسلم اليهوديّ علي يد الإمام. وأمّا الكبري: فهي رواية ذكرها الحافظ نور الدين أبو بكر الهيثميّ في «مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» ج 5، ص 211، في باب حقّ الرعيّة والنصح لها، وفيها أنّ ابن عبّاس روي عن رسولالله صلّيالله عليه وآله وسلّم في حديث قال فيه: ومن تولّي من أمر المسلمين شيئاً فاستعمل عليهم رجلاً وهو يعلم أنّ فيهم من هو أولي بذلك وأعلم منه بكتاب الله وسنّة رسوله فقد خان الله ورسوله وجميع المؤمنين ـ الحديث. ونحصل من ضمّ هاتين الروايتين إلي بعضهما أنّ أمير المؤمنين كان أعلم الاُ مّة باعتراف عمر. وكان تولّي عمر شؤون المسلمين، مع وجود الإمام، خيانة للّه ولرسوله ولجميع المؤمنين. [19] ـ كُدا بضمّ الكاف والقصر محلّة في جنوب مكّة. يستحبّ للحاجّ الذي يريد الخروج من مكّة بعد أداء مناسك الحجّ أن يخرج من ثنيّتها، كما أنّ كَداء بفتح الكاف والمدّ محلّة في شمال مكّة، يستحبّ للحاجّ أن يدخل من ثنيّتها قبل وروده مكّة. والمَسْفَلَة بمعني الاسفل، أي: أسفل محلّ في مقابل المَعْلاة بمعني الاعلي، أي أعلي محلّ. ولذلك قيل لمقبرة أبي طالب الواقعة في شمال مكّة (القديمة): المَعْلَي. [20] ـ الآية 29، من السورة 48: الفتح. وتتمّة الآية: ذَ 'لِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَبـ'ةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنْجِيلِ كَزرَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْـَهُ و فَـَازَرَهُ و فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَي' عَلَي' سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ مِنْهُمْ مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا. [21] ـ الشطر الثانی من الآیة10، من السورة59: الحشر. وصدر الآیة هو: والذین جاءو من بعدهم یقولون. [22] ـ روي شيخ الإسلام الحَمُّوئيّ في «فرائد السمطين» ج 1، ص 97، الباب 18 عن قدوة الحكماء الراسخين: نصير الدين محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسيّ بسندين: الاوّل عن الإمام برهان الدين محمّد بن محمّد الحمدانيّ القزوينيّ، والآخر عن خاله: الإمام نورالدين عليّبن محمّد الشعبيّ، وكل منهما روي بسلسلة سنده المتّصل عن عبّادبن عبدالله، عن سلمان الفارسيّ، عن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم أ نّه قال: أَعْلَمُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وذكره الخوارزميّ في مناقبه، الطبعة الحجريّة، ص 49، وفي الطبعة الحديثة، ص 40؛ وكذلك في «مقتل الحسين عليه السلام» ج 1، ص 40. [23] ـ روي الحاكم في «المستدرك» ج 3، ص 35 بسنده المتّصل عن علقمةبن عبدالله أ نّه قال: كنّا نتحدّث أنّ أقضي أهل المدينة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال بعد ذلك: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين، ولكنّهما لم يُخرجاه. [24] ـ قال في «تهذيب التهذيب» ج 11، ص 214: أبو حيّان التَّيْميّ، يحييبن سعيدبن حيّان الكوفيّ. [25] ـ الآية 61، من السورة 3: آل عمران: فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالُوا نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَهِ عَلَي الْكَـ'ذِبِينَ. تتحدّث هذه الآية عن مباهلة رسول الله نصاري نجران الذين كانوا يقولون: عيسي ابن الله. فوعدهم الرسول الاكرم بالمباهلة والملاعنة. وخرج مع أخصّ خواصّه، أعني: أميرالمؤمنين، وفاطمة الزهراء، والحسنين عليهم السلام للمباهلة فخاف النصاري ولميباهلوا. والشاهد في هذه الآية أنّ الله تعالي جعل أميرالمؤمنين نفس رسولالله. [26] ـ «المحاسن والمساوي» للبيهقيّ، ج 1، ص 63 و 64. [27] ـ «المحاسن والمساوي» للبيهقيّ، ج 1، ص 70. [28] ـ يقول: «ابحث عن مدينة العلم، ثمّ يمّمها، فإلي متي تبقي خلف الباب كحلقة الباب؟ ولمّا كنت تعلم أنّ عليّاً هو باب مدينة العلم، فلا يحسُن أن يكون غيره أميراً ورئيساً». [29] ـ جاء في النسخة المطبوعة كالآتي: *كار عاقل نيست در دل مهر دلبر داشتن* فصحّحتها بما ورد أعلاه. وترجمة البيت: «ليس من عمل العاقل أن يتعلّق قلبه بمعشوق وسيم ويجعل روحه فصّاً في خاتم محبّة غصن لا ثمر فيه. أي: ينبغي أن يجعلها في خاتم محبّة غصن مثمر، والغصن المثمر هنا هو المعشوق الوسيم. [30] ـ يقول: «مادام قلبك يحبّ عيسي ابن مريم، فأ نّي يستساغ له أن يتعلّق بحافر كلّ حمار؟ ومادام يوسف جالساً معك في مجلس، فمن المستقبح أن تنظر عينك إلي نقش النار. ومادام محمّد المصطفي جالساً، فكيف يجيز العقل أن يصبح القلب أسيراً لسيرة أبيجهل الكافر؟ البحر مليء بالسفن وكلّها تعيش في دوّامة الخوف، وما لم تكن فيه سفينة نوح فلايمكن التطلّع إلي العبور. إذا أردتَ إنقاذ دينك وروحك، فإلي متي تبقي كالدائرة بلا رأس ولا قدم؟ أنا أدلّك علي دار السلامة والراحة لنوح النبيّ، فانقذ نفسك من الشرّ والبلاء ما استطعت إلي ذلك سبيلاً». [31] ـ يقول: «ابحث عن مدينة العلم، ثمّ يمّمها، فإلي متي تبقي خلف الباب كحلقة الباب؟ لمّا كنت تعلم أنّ عليّاً هو باب مدينة العلم، فلا يحسُن أن يكون غيره أميراً ورئيساً. متي يستحسن إجلاس الشيطان مكان القاضي الاكبر بالتشويش، والجلبة، والتحايل في الدين؟ كيف لعقلك الاعمي يستحسن منك أن تجعل الاوساخ والقاذورات مستأهلَهُ للتسنيم والكوثر. أنا لا أسـتجمل ـمن وحي اعتقـادي ـ سـلب الزهـراء حقّهـا وادّعـاء التديّـن بديـن أبيهـا. كفرتُ بمن يدّعي نفسه أميراً علي حيدر، وهو لا يساوي نعل قنبر». [32] ـ يقول: «مادام عليّ متصدّراً الملك كسليمان، فمن القبح أن يضع عفريت الجنّ التاج علي رأسه. إنّ الخضـر الميمـون هـو دليل الاُ مّـة ومرشـدها كقلـم القصـب وقد شـحذ عزمـه لخـدمـةالـرعيّـة، فالجـاهلـيّ هـو الـذي اتّخـذ الحمـار الاعـرج قائـداً لـه مـع وجـود الخضـر. إذا أردتَ أن يكون حبّك مقبـولاً كختمـك، فعليـك أن تجعل حـبَّ عليّ كحبّك لنفسـك. لمّا كان عليّ هو الذي غرس شجرة الدين في بستان الشريعة، فمن المستقبح أن يكون البستانيّ غيره. لم يبق من أحمد المرسل إلاّ كتاب الله والعترة، تذكاراً منه إلي يوم المحشر. إذا استثنينا محمّداً المصطفي، فلا يجرأ أحد علي إصلاح عالم الدين إلاّ عليّ المرتضي». [33] ـ يقول: «كيف تستسيغ أن يكون المحراب والمنبر لغير عليّ وعترته بعد الحبيب المصطفي سلطان الدين؟ أنت لا تحظي بالجنان الثمان إلاّ بحبّ حيدر الكرّار وابنيه شبّر وشبيّر (الحسن والحسين). إذا اعتبرتَ نفسك مؤمناً، فعليك أن تخلص دينك للّه علي مذهب جعفر الصادق عليه السلام أو تختم دين الإمام الصادق بختم الذهب الجعفريّ. تحرّر يا سنائي من القيود، فليس جميلاً أن تكون المربّية أحرص علي الرضيع من أُمّه. أطع آل ياسين بروحك إلي يوم الحشر، ولا ينبغي لك أن تأتي بوجه أصفر كالكافرين. وزيّن ديوانك بهذه المناقب، كما تتزيّن العرائس بحليّها». نقلنا هنا خمسة وعشرين بيتاً من هذه القصيدة، وهي موجودة في ديوان الشاعر كاملة، ص 250 إلي 252، طبعة مطبعة أمير كبير. ويري القاضي نورالله الشوشتريّ في «مجالس المؤمنين» أ نّه كان شيعيّاً إماميّاً اثني عشريّاً. وأشار عبدالقادربن ملوكشاه البدوانيّ في كتاب «منتخب التواريخ» إلي تشيّعه ومعاناته بسبب شدّة السلاطين الغزنويّين وتعصّبهم إلي العامّة. وله كتاب «الحديقة» الذي عبّر فيه عن خالص ولائه وحبّه وإخلاصه لاهل البيت عترة الرسول الكريم. وقدح فيه معاصروه، وتعرّض لغضب السلطان، بخاصّة لقوله في البيتين الآتيين: اي سـنائـي به قـوّت ايـمـان مدح حيدر بگو پـس از عثمان با مـديـحـش مـدائـح مـطـلـق زهق الباطل است وجـاء الحق يقول: «امدح يا سنائيّ بقوّة الاءيمان حيدر بعد عثمان. والمديح بمدحه مطلق، لقد زهق الباطل وجاء الحقّ». ولم يطيقوا منه هذا التعريض الصريح بعثمان. قيل: إنّه ولد سنة 463 أو سنة 473 ه، وتوفّي سنة 525 ه أو 535 ه، إذ يتحصّل من قرائن عديدة أنّ عمره بلغ اثنتين وستّين سنة. اسمه مجدود، واسم أبيه آدم. فلهذا يُدعي: مجدود بن آدم، وكنيته أبو المجد. وجاء في «تذكرة الشعراء» للامير دولتشاه السمرقنديّ أ نّه كان من علماء الدين ونبلاء العصر؛ ولايوصف الذوق الذي أتحفه الله جلّ جلاله به في مذهب التصوّف. ويعدّ مولانا جلال الدين الروميّ نفسه من متابعي الشيخ السنائيّ، علي ما كان عليه من الكمال والفضل؛ ويقول في ذلك: عطّار روح بود و سنائي دو چشم او ما از پي سـنائي و عطّـار آمديـم يقول: «كان العطّار روحاً والسنائيّ عيناه، ونحن جئنا بعدهما». [34] ـ الآية 56، من السورة 30: الروم. [35] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب، ج 1، ص 257، الطبعة الحجريّة. [36] ـ الآية 43، من السورة 13: الرعد، وتحدّثنا بصورة وافية عن تفسير هذه الآية الكريمة في الجزء الرابع من كتابنا هذا، في الدرسين الثاني والخمسين والثالث والخمسين. [37] ـ «المناقب» ج 1، ص 258. [38] ـ «المناقب» ج 1، ص 258. [39] ـ الآية 43، من السورة 13: الرعد. [40] ـ «المناقب» ج 1، ص 258. [41] ـ «المناقب» ج 1، ص 258. [42] ـ «المناقب» ج 1، ص 258 و 259. [43] ـ «المناقب» ج 1، ص 258 و 259. [44] ـ «المناقب» ج 1، ص 258 و 259. [45] ـ «المناقب» ج 1، ص 258 و 259. [46] ـ «المناقب» ج 1، ص 258 و 259. [47] ـ «المناقب» ج 1، ص 258 و 259. [48] ـ «المناقب» ج 1، ص 258 و 259. [49] ـ «المناقب»، ج 1، ص 259. [50] ـ «المناقب»، ج 1، ص 259. [51] ـ قال في التعليقة: قال المجلسيّ في بيان ما نقله في كتاب «بحار الانوار»: العضيهة: البهتان والكذب. وهذا غريب. والمعروف في ذلك المعضلة. ثمّ ذكر قول الجزريّ في «النهاية»: ومنه حديث عمر: أعوذ بالله من كلّ معضلة ليس لها أبو الحسن عليه السلام، إلي آخر كلامه فيها. ثمّ قال المعلّق: العضيهة هذه فعيلة من العضة بمعني البهت وأصل اللفظ عضهة فحذفت الهاء كما حذفت من السنة، كما ذكره في «النهاية». وورد في حديث البيعة: لايعضه بعضنا بعضاً، أي: لا يرميه بالعضيهة، وهي البهتان والكذب. ولمأظفر بغير الجزريّ يذكر استعمال هذا اللفظ علي هذه الزنة حتّي الفيروزآباديّـانتهي. أقول: قال في «القاموس»: عَضَهَ علي وزن مَنَعَ عَضْهاً: كَذِبَ. [52] ـ «المناقب» ج 1، ص 259. [53] ـ «المناقب» ج 1، ص 259. [54] ـ «المناقب» ج 1، ص 259. [55] ـ ذكر ابن عساكر هذا الحديث في «تاريخ دمشق» تاريخ أمير المؤمنين عليه السلام، ج 3، ص 39، الحديث رقم 1071. |
|
|