بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الحادی عشر / القسم السادس: بعض قضاء علی علیه السلام

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

مَن‌ ذكر قضايا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ من‌ العلماء

 وقد دُوِّنت‌ كتب‌ مستقلّة‌ في‌ باب‌ قضائه‌ ومرافعاته‌ وأجوبته‌ عن‌ الاسئلة‌ المستعصية‌. وقد روي‌ عدد من‌ العلماء شيئاً منها في‌ كتبهم‌ كالكليني‌ّ في‌ «الكافي‌»، والشيخ‌ الصدوق‌ في‌ «من‌ لايحضره‌ الفقيه‌»، و الشيخ‌ المفيد في‌ «الإرشاد»، و الشيخ‌ الطوسيّ في‌ «تهذيب‌ الاحكام‌»، و الشريف‌ الرضي‌ّ في‌ «خصائص‌ الائمّة‌»، و ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ «المناقب‌».

 وأ لّف‌ كثير من‌ العلماء المتقدّمين‌ كتباً مستقلّة‌ في‌ هذا الموضوع‌ لم‌يصلنا شي‌ء منها. فهي‌ إمّا فقدت‌ تماماً علی‌ تواتر الاعصار، أو أ نّها موجـودة‌ بَيدَ أنّها لم‌تفهرس‌ في‌ مكتبة‌ من‌ المكتبـات‌. مثل‌ كتاب‌ إسماعيل‌بن‌ خالد، وكتاب‌ عبدالله‌بن‌ أحمد بن‌ عامر، كما هو مذكور في‌ فهرست‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ، والنجاشيّ. وكتاب‌ محمّدبن‌ قيس‌ الاسدي‌ّ علی‌ ما نقله‌ النجاشي‌ّ، وكتاب‌ محمّدبن‌ قيس‌ البجليّ الوارد اسمه‌ في‌ فهرست‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ، والنجاشي‌ّ؛ ويروي‌ عنه‌ مشايخ‌ الحديث‌. وغير ذلك‌.

 وخصّص‌ كلّ من‌ المجلسيّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ في‌ « بحار الانوار » و الشيخ‌ الحرّ العامليّ في‌ « وسائل‌ الشيعة‌ » باباً في‌ قضايا الإمام‌ ومرافعاته‌. وقال‌ ابن‌ شهرآشوب‌: صنّف‌ موفّق‌ المكّيّ من‌ العامّة‌ كتاباً في‌ هذا الموضوع‌.

 وأشار العلاّمة‌ الامينيّ إلی‌ قسم‌ منها في‌ موسوعة‌ « الغدير » ج‌6، باب‌ نوادر الاثر في‌ علم‌ عمر. ودوّن‌الشيخ‌ محمّد تقي‌ الشوشتريّ كتاباً عنوانه‌: «قضاء أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌»؛ وألّف‌الشيخ‌ ذبيح‌الله‌ المحلاّتيّ كتاباً بعنوان‌ «الحقّ المبين‌» في‌ الاحكام‌ القضائيّة‌ لاميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌؛ وحرّر السيّد محسن‌ الامين‌ العامليّ كتاباً عنوانه‌: «عجائب‌ أحكام‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ علیه‌ السلام‌» من‌ كتاب‌ علی‌ّبن‌ إبراهيم‌ القمّي‌ّ.

 وقال‌ المرحوم‌ الامين‌ في‌ مقدّمة‌ هذا الكتاب‌: من‌ الكتب‌ المؤلّفة‌ في‌ قضايا أميرالمؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ وأحكامه‌:

 الاوّل‌: كتاب‌ ضخم‌ قال‌ عنه‌ الشيخ‌ البهائيّ في‌ شرح‌ الحديث‌28 من‌ أربعينه‌: اطّلعت‌ علیه‌ بخراسان‌.

 الثاني‌: كتاب‌ محمّد بن‌ قيس‌ البَجَليّ من‌ أصحاب‌ الصادق‌ والكاظم‌ علیهما السلام‌ وعنوانه‌: «قضايا أميرالمؤمنين‌». روي‌ عنه‌ الشيخ‌ النجاشيّ والشيخ‌ الطوسيّ بسنديهما.

 الثالث‌: كتاب‌ المعلی‌ بن‌ محمّد البَصْريّ الذي‌ قال‌ فيه‌ النجاشي‌ّ: له‌ كتاب‌ «قضايا أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌».

 الرابع‌: كتاب‌ المحدّث‌ الشهير الترمَذيّ صاحب‌ الصحيح‌، ذكر الفاضل‌ المعاصر الشيخ‌ عبدالله‌ العَلاَيليّ في‌ الحلقة‌ الاُولي‌ من‌ سيرة‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌، ص‌142 أنّ الإمام‌ الترمذيّ عني‌ بأقضية‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ وضبطها وحفظها، وجمعها في‌ مجموعة‌. ونقل‌ العلاّمة‌ ابن‌القيّم‌ الجوزيّ في‌ كتاب‌ «السياسة‌ الشرعيّة‌» قسماً كبيراً منها عن‌ الترمذي‌ّ.

 الخامس‌: كتاب‌ «عجائب‌ أحكام‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌» وعندنا نسخة‌ مخطوطة‌ منه‌. ورواياته‌ كلّها عن‌ محمّد بن‌ علی‌ّبن‌ إبراهيم‌بن‌ هاشم‌، رواها عن‌ علی‌ّبن‌ إبراهيم‌ القمّي‌ّ، عن‌ أبيه‌ إبراهيم‌بن‌ هاشم‌ بأسنادهم‌ المتّصلة‌ التي‌ تصل‌ إلی‌ الاصبغ‌بن‌ نُبَاته‌،[1] والإمام‌ محمّد الباقر، والإمام‌ جعفر الصادق‌، والإمام‌ الحسن‌ العسكريّ علیهم‌ السلام‌، والحارث‌ الاعور الهمداني‌ّ، وعدي‌ّبن‌ حاتم‌ الطائي‌ّ.

 ويروي‌ محمّد بن‌ علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌ في‌ هذه‌ المجموعة‌ كلّها عن‌ أبيه‌ بالاسناد المذكورة‌. [2]

 واستدلّ الشيخ‌ المفيد بالآيات‌ القرآنيّة‌ [3] الواردة‌ في‌ فضيلة‌ العلم‌ علی‌ وجوب‌ اتّباع‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بملاك‌ العلم‌ والاعلميّة‌، وذهب‌ إلی‌ أ نّه‌ أحقّ بالخلافة‌ والإمامة‌. وخصّص‌ فصولاً في‌ كتابه‌ لقضايا الإمام‌ ومحاكماته‌.

 الرجوع الي الفهرس

دعاء رسول‌ الله‌ لامير المؤمنين‌: اللهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لِسَانَهُ

 منها: لمّا أراد رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ تقليده‌ قضاء إلیمن‌ وانفاذه‌ إلیهم‌ ليعلّمهم‌ الاحكام‌ ويبيّن‌ لهم‌ الحلال‌ من‌ الحرام‌ ويحكم‌ فيهم‌ بأحكام‌ القرآن‌، قال‌ له‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌:

 تَنْدُبُني‌ يَا رَسُولَ اللَهِ للِقَضَاءِ وَأَنَا شَابٌّ وَلاَ عِلْمَ لِي‌ بِكُلِّ القَضَاءِ.

 فقال‌ له‌: ادْنُ مِنِّي‌! فدنا منه‌، فضرب‌ علی‌ صدره‌ بِيده‌، وقال‌: اللَهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَثَبِّتْ لِسَانَهُ!

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: فَمَا شَكَكْتُ فِي‌ قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَينِ بَعْدَ ذَلِكَ المَقَامِ. [4]

 ولمّا توجّه‌ أمير المؤمنين‌ علی‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ إلی‌ إلیمن‌ واستقرّت‌ به‌ الدار هناك‌، ونظر فيما ندبه‌ إلیه‌ رسول‌ الله‌ من‌ القضاء والحكم‌ بين‌ المسلمين‌، رُفع‌ إلیه‌ رجلان‌ ] في‌ غلام‌ وُلِدَ [ من‌ جارية‌ لهما ] وكلّ منهما يدّعي‌ الغلام‌ له‌. وكان‌ لهذين‌ الرجلين‌ جارية‌ [ يملكان‌ رِقّها علی‌ السواء، وقد جهلا حظر وطئها فوطآها في‌ طهر واحد علی‌ ظنّ منهما جواز ذلك‌ لقرب‌ عهدهما بالإسلام‌، وقلّة‌ معرفتهما بما تضمّنته‌ الشريعة‌ من‌ الاحكام‌، فحملت‌ الجارية‌ ووضعت‌ غلاماً. فاختصما إلیه‌ فيه‌، فقرع‌ علی‌ الغلام‌ باسمهما.[5] فخرجت‌ القرعة‌ لاحدهما، فأُلحق‌ الغلام‌ به‌، وألزمه‌ نصف‌ قيمته‌ لو كان‌ عبداً لشريكه‌. وقال‌: لو علمت‌ أ نّكما أقدمتما علی‌ ما فعلتماه‌ بعد الحجّة‌ علیكما بحظره‌، لبالغتُ في‌ عقوبتكما. [6]

 وبلغ‌ رسول‌ الله‌ هذه‌ القضيّة‌، فأمضاها، وأقرّ الحكم‌ بها في‌ الإسلام‌، وقال‌: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ جَعَلَ فِينَا أَهْلَ البَيْتِ مَنْ يَقْضِي‌ علی‌ سُنَنِ دَاوُدَ علیهِ السَّلاَمُ وَسَبِيلِهِ فِي‌ القَضَاءِ. [7]

 وذكر ابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ فضائل‌ أحمد بن‌ حنبل‌، عن‌ إسماعيل‌بن‌ عيّاش‌ بإسناده‌ عن‌ علی‌ّ ] بن‌ أبي‌ طالب‌ [ علیه‌ السلام‌ ] أ نّه‌ [ قضي‌ في‌ عهد رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ فأعجب‌ رسول‌الله‌ وقال‌: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ جَعَلَ الحِكْمَةَ فِينَا أَهْلَ البَيْتِ. [8]

 الرجوع الي الفهرس

الحكم‌ بإلحاق‌ المولود بأحد المدَّعيينِ

 وكذلك‌ روي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ أبي‌ داود، و ابن‌ ماجه‌ في‌ سننهما، وعن‌ ابن‌بَطَّة‌ في‌ «الإبانة »، و أحمد في‌ «فضائل‌ الصحابة‌»، و أبي‌بكربن‌ مردَوَيْه‌ في‌ كتابه‌ بطرق‌ كثيرة‌ عن‌ زيد بن‌ أرقم‌ أ نّه‌ ] قال‌ [: [9] قيل‌ للنبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌: أتي‌ إلی‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ بإلیمن‌ ثلاثة‌ نفر يختصمون‌ في‌ ولد لهم‌ كلّهم‌ يزعم‌ أ نّه‌ وقع‌ علی‌ أُمّه‌ في‌ طهر واحد، وذلك‌ في‌ الجاهليّة‌. فقال‌ علی‌ّ: إنّهم‌ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ.[10] فقرع‌ علی‌ الغلام‌ باسمهم‌، فخرجت‌ لاحدهم‌، فأُلحق‌ الغلام‌ به‌، وألزمه‌ ثلثي‌ الدية‌ لصاحبيه‌، وزجرهما عن‌ مثل‌ ذلك‌. ] فلمّا بلغ‌ النبي‌ّ ذلك‌ [، قال‌: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي‌ جَعَلَ فِينَا أَهْلَ البَيْتِ مَنْ يَقْضِي‌ علی‌ سُنَنِ دَاوُدَ. [11]

 لقد عمل‌ الإمام‌ هنا بما تقتضيه‌ قاعدة‌ العدل‌ والإنصاف، إذ تتعذّر نسبة‌ الولد إلی‌ أبوين‌ في‌ ضوء القواعد العلميّة‌ والاحكام‌ الشرعيّة‌، فلهذا هو لواحد منهما. ولكن‌ لمّا كان‌ ابناً لجارية‌، وأولاد الإماء يحسبون‌ من‌ منافعها، لامن‌ منافع‌ الذي‌ وطأها. ومن‌ جهة‌ أُخري‌، لمّا كان‌ أُولئك‌ الرجال‌ الثلاثة‌ أحراراً، لا عبيداً أرقاء، ولابدّ لابن‌ الحرّ أن‌ يكون‌ حرّاً كأبيه‌، فلامناص‌ من‌ تثمين‌ هذا الولد المولود من‌ الجارية‌ علی‌ فرض‌ رقّيّة‌ أبيه‌، ودفع‌ ثلثي‌ ثمنه‌ للشريكين‌ المتخاصمين‌ فيه‌، والحكم‌ بحرّيّة‌ الطفل‌، وإلحاقه‌ بأحدهم‌ عن‌ طريق‌ القرعة‌.

 وتستعمل‌ قاعدة‌ العدل‌ والإنصاف في‌ كثير من‌ الحالات‌، كتنازع‌ شخصين‌ علی‌ بيت‌، يدّعي‌ كلّ منهما أنّ البيت‌ كلّه‌ له‌، ولابيّنة‌ ( شاهدين‌ عادلين‌ ) لهما، وكذلك‌ لاتوجد سائر أمارات‌ الملكيّة‌ كإلید وأمثالها. وعموماً، هما متساويان‌ في‌ ادّعائهما من‌ جميع‌ الجهات‌. وحينئذٍ يقسم‌ البيت‌ بينهما لكلّ واحد منهما نصفه‌. وهذه‌ من‌ الحالات‌ التي‌ تقدّم‌ فيها المخالفة‌ القطعيّة‌ علی‌ الموافقة‌ الاحتمإلیة‌، إذ إنّ نصف‌ البيت‌ قد أُعطي‌ لغير المالك‌ قطعاً. ولو أعطينا أحدهما بالقرعة‌، فإنّ احتمال‌ ملكيّة‌ صاحب‌ القرعة‌ قائم‌؛ ولكن‌ مع‌ ذلك‌ تقدّم‌ قاعدة‌ العدل‌ علی‌ قاعدة‌ القرعة‌. بَيدَ أنّ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ لايستطيع‌ أن‌ يطبّق‌ قاعدة‌ العدل‌ والإنصاف في‌ النسب‌ أيضاً عند ادّعاء شخصين‌ أو ثلاثة‌ بالطفل‌ الواحد، فيلحقه‌ بأبوين‌ أو ثلاثة‌ آباء، ذلك‌ أنّ انعقاد النطفة‌ يتمّ بواسطة‌ حيمن‌ واحد حسب‌ الدلائل‌ العلميّة‌ التحقيقيّة‌ الضروريّة‌. وفي‌ ضوء الاحكام‌ الشرعيّة‌، فإنّ إلحاق‌ الطفل‌ بأب‌ واحد من‌ الضروريّات‌. فلهذا قال‌: شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ. وفي‌ هذا الفرض‌ تطبّق‌ قاعدة‌ الإنصاف في‌ القرعة‌ فحسب‌؛ ويتحقّق‌ دفع‌ قيمة‌ المولود من‌ أُمّه‌ بحساب‌ سهام‌ الشركاء. [12]

 وكانت‌ هذه‌ المرافعة‌ في‌ حالة‌ ينبغي‌ أن‌ تفرض‌ أُمّ الولد فيها جارية‌، والولد له‌ قيمة‌؛ وإلاّ إذا كانت‌ الاُمّ حرّة‌، فليس‌ علی‌ الاب‌ الذي‌ عُيّن‌ ولده‌ بالقرعة‌ أن‌ يدفع‌ غرامة‌ لمدّعيه‌.

 إنّ المراد من‌ الحكم‌ الداودي‌ّ الوارد في‌ هذه‌ الروايات‌ هو القضاء عن‌ طريق‌الإلهام. أي‌: أنّ داود علی‌ نبيّنا وآله‌ وعلیه‌ السلام‌ كان‌ يحكم‌ في‌ المرافعات‌ باستخبار ضميره‌ علی‌ نحوالإلهام. وقد تحقّق‌ هذا الطريق‌ لاميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بدعاء النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ له‌ عند إيفاده‌ إلی‌ إلیمن‌.

 ومن‌ جملة‌ هذه‌ الموارد، حكم‌ ذكره‌ الشيخ‌ المفيد في‌ « الإرشاد » فقال‌: إنّ امرأتين‌ تنازعتا علی‌ عهد عمر في‌ طفل‌ ادّعته‌ كلّ واحدة‌ منهما ولداً لها بغير بيّنة‌. ولم‌ينازعهما فيه‌ غيرهما. فالتبس‌ الحكم‌ في‌ ذلك‌ علی‌ عمر، وفزع‌ فيه‌ إلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌. فاستدعي‌ المرأتين‌ ووعظهما وخوّفهما، فأقامتا علی‌ التنازع‌ والاختلاف‌. فقال‌ علیه‌ السلام‌ عند تماديهما في‌ النزاع‌: ايتوني‌ بمنشار، فقالت‌ المرأتان‌: ما تصنع‌ به‌؟!

 فقال‌: أقدّه‌ نصفين‌ لكلّ واحدة‌ منكما نصفه‌!

 فسكتت‌ إحداهما، وقالت‌ الاُخري‌: اللَهَ اللَهَ يَا أَبَا الحَسَنِ! إن‌ كان‌ لابدّ من‌ ذلك‌، فقد سمحت‌ به‌ لها!

 فقال‌ علیه‌ السلام‌: اللَهُ أَكْبَرُ هذا ابْنك‌ دونها! ولو كان‌ ابنها لرقّت‌ علیه‌ وأشفقت‌. فاعترفت‌ المرأة‌ الاُخري‌ بأنّ الحقّ مع‌ صاحبتها والولد لها دونها. فسُري‌ عن‌ عمر، ودُعي‌ لاميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بما فرّج‌ عنه‌ في‌ القضاء.[13]

 وذكر ابن‌ شهرآشوب‌ هذه‌ الرواية‌، وأضاف‌ في‌ خاتمتها ما نصّه‌: وَهَذَا حُكْمُ سُلَيْمَانَ علیهِ السَّلاَمُ فِي‌ صِغَرِهِ. [14]

 الرجوع الي الفهرس

حكم‌ الإمام بنسبة‌ الابن‌ والبنت‌ كلّ إلی‌ أُمّه‌ بوزن‌ لبن‌ أُمَّيهما

 قال‌ السـيّد ابن‌ طاووس‌: وقفت‌ علی‌ نسـخة‌ أصليّـة‌ من‌ مجمـوع‌ محمّدبن‌ الحسين‌ المرزبان‌ كانت‌ بخطّه‌ وفيها أ نّه‌ روي‌ عن‌ شريح‌ القاضي‌ أ نّه‌ قال‌: كنت‌ أقضي‌ لعمر بن‌ الخطاب‌ فأتاني‌ يوماً رجل‌، فقال‌: يا أَبَا أُمَيَّة‌! إنّ رجلاً أودعني‌ امرأتين‌؛ إحداهما حرّة‌ مهرة‌، والاُخري‌ سرية‌ فجلعتهما في‌ دار وأصبحنا إلیوم‌، وقد ولدتا غلاماً وجارية‌ وكلتاهما تدّعي‌ الغلام‌ وتنتفي‌ من‌ الجارية‌، فاقض‌ بينهما بقضائك‌!

 ] قال‌ شريح‌ [: فلم‌ يحضرني‌ شي‌ء فيهما، فأتيت‌ عمر، فقصصتُ علیه‌ القصّة‌. فقال‌: فيما قضيتَ بينهما؟

 قلت‌: لو كان‌ عندي‌ قضاؤهما، ما أتيتُ!

 فجمع‌ عمر جميع‌ من‌ حضره‌ من‌ أصحاب‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌، وأمرني‌ فقصصت‌ علیهم‌ ما جئت‌ به‌ وشاورهم‌ فيه‌. فكلّهم‌ ردّ الرأي‌ إلی‌ّ وإلیه‌ ] وقالوا إنّهم‌ لا يعرفون‌ فيه‌ شيئاً! [

 فقال‌ عمر: وَلَكِنَّي‌ أَعْرِفُ حَيْثُ مَفْزَعَهَا وَأَيْنَ مُنْتَزَعُهَا.

 قالوا: كأ نّك‌ أردتَ ] علی‌ّ [ بن‌ أبي‌طالب‌! قال‌: نعم‌! وأين‌ المذهب‌ عنه‌؟

 قالوا: فابعث‌ إلیه‌ يأتيك‌!

 فقال‌: لاَ، لَهُ شَمْخَةٌ مِنْ هَاشِمٍ، وَأَثْرَةٌ مِنْ عِلْمٍ، يُؤْتَي‌ لَهَا وَلاَيَأْتِي‌؛ وَفِي‌ بَيْتِهِ يُؤْتَي‌ الحُكْمُ؛ فَقُومُوا بِنَا إلیهِ!

 ] فَقَمنا [ وأتينا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فوجدناه‌ في‌ حائط‌ له‌ يركل‌ فيه‌ علی‌ مسحاة‌، ويقرأ ] هذه‌ الآية‌ [: أَيَحْسَبُ الإنسَـ'نُ أَن‌ يُتْرَكَ سُدًي‌، [15] ويبكي‌، فامهلوه‌ حتّي‌ سكن‌، ثمّ استأذنوا علیه‌، فخرج‌ إلیهم‌ وعلیه‌ قميص‌ قُدّ نصف‌ أردانه‌.

 فقال‌: يا أمير المؤمنين‌! ما الذي‌ جاء بك‌؟

 فقال‌ عمر: أمرٌ عرض‌! ] قال‌: ما هو؟ [ فقصصت‌ علیه‌. فقال‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌: فيم‌ حكمت‌ فيها؟

 قلتُ: لم‌ يحضرني‌ فيها حكم‌! ] فانحني‌ علی‌ّ [ وأخذ بيده‌ من‌ الارض‌ شيئاً ثمّ قال‌: الحكم‌ فيها أهون‌ من‌ هذا! ثمّ استحضر المرأتين‌، وأحضر قدحاً، ودفعه‌ إلی‌ إحداهما وقال‌: احلبي‌ فيه‌! فحلبت‌ فيه‌، ثمّ وزن‌ القدح‌، ودفعه‌ إلی‌ الاُخري‌ فقال‌: احلبي‌ فيه‌! فحلبت‌ فيه‌.

 ثمّ وزنه‌؛ فقال‌ لصاحبة‌ اللبن‌ الخفيف‌: خذي‌ ابنتكِ! ولصاحبة‌ اللبن‌ الثقيل‌: خذي‌ ابنك‌! ثمّ التفت‌ إلی‌ عمر فقال‌: أما علمتَ أنّ الله‌ حطّ المرأة‌ عن‌ الرجل‌؟ فجعل‌ عقلها وميراثها دون‌ عقله‌ وميراثه‌؟ وكذلك‌ لبنها دون‌ لبنه‌!

 فقال‌ له‌ عمر: لَقَدْ أَرَادَكَ الحَقُّ يَا أَبَا الحَسَنِ وَلَكِنَّ قَوْمَكَ أَبَوا!

 فقال‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌: خَفِّضْ علیكَ يَا أَبَا حَفْصٍ «إنَّ يَوْمَ الفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً». [16]

 وروي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ هذه‌ الرواية‌ مختصراً عن‌ قيس‌بن‌ الربيع‌، عن‌ جابر الجُعفي‌ّ، عن‌ تميم‌ بن‌ حَزَام‌ الاسدي‌ّ. وذكر في‌ آخرها أنّ عمر قال‌: من‌ أين‌ قلتَ ذلك‌ يا أبا الحسن‌؟

 قال‌: لانّ الله‌ جعل‌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاْنْثَيَيْنِ. [17] ] ثمّ قال‌ [: وقد جعل‌ الاطبّاء ذلك‌ أساساً في‌ الاستدلال‌ علی‌ الذكر والاُنثي‌. [18]

 الرجوع الي الفهرس

  نزاع‌ رجلين‌ أحدهما يقول‌: أنا المولي‌ وهذا غلامي‌

 روي‌ الكلينيّ في‌ «الكافي‌»، و الشيخ‌ الطوسيّ في‌ «تهذيب‌ الاحكام‌» عن‌ علی‌ّبن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ عبدالله‌ بن‌ عثمان‌، عن‌ رجل‌، عن‌ أبي‌ عبدالله‌ علیه‌ السلام‌ أنّ رجلاً أقبل‌ علی‌ عهد علی‌ّ علیه‌ السلام‌ من‌ الجبل‌ حاجّاً ومعه‌ غلام‌ له‌. فأذنب‌، فضربه‌ مولاه‌. فقال‌ ] الغلام‌ [: ما أنت‌ مولاي‌! بل‌ أنا مولاك‌! فما زال‌ ذا يتوعّد ذا، وذا يتوعّد ذا، ويقول‌: كما أنت‌ حتّي‌ نأتي‌ الكوفة‌ يا عدوّ الله‌، فأذهب‌ بك‌ إلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌!

 فلمّا أتيا الكوفة‌، أتيا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، فقال‌ الذي‌ ضرب‌ الغلام‌: أَصْلَحَكَ اللَهُ! هذا غلام‌ لي‌، وإنّه‌ أذنب‌، فضربتُه‌، فوثب‌ علی‌َّ.

 وقال‌ الآخر: هو والله‌ غلام‌ لي‌، إنّ أبي‌ أرسلني‌ معه‌ ليعلّمني‌ وإنّه‌ وثب‌ علی‌َّ يدّعيني‌ ليذهب‌ بمإلی‌!

 قال‌: فأخذ هذا يحلف‌، وهذا يحلف‌؛ وهذا يكذّب‌ هذا، وهذا يكذّب‌ هذا.

 قال‌ ] الإمام‌ [: انطلقا فتصادقا في‌ ليلتكما هذه‌ ولاتجيئاني‌ إلاّ بحقّ.

 قال‌: فلمّا أصبح‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ قال‌ لقنبر: اثقب‌ في‌ الحائط‌ ثقبين‌ ـوكان‌ ] الإمام‌ [ إذا أصبح‌ عقّب‌ حتّي‌ تصير الشمس‌ علی‌ رمح‌ يسبّح‌ـ فجاء الرجلان‌ واجتمع‌ الناس‌، فقالوا: لقد وردت‌ علیه‌ قضيّة‌ ما ورد علیه‌ مثلها، لايخرج‌ منها. [19]

 فقال‌ لهما: ما تقولان‌؟ فخلف‌ هذا أنّ هذا عبده‌، وحلف‌ هذا أنّ هذا عبده‌. فقال‌ لهما: قوما! فإنّي‌ لست‌ أراكما تصدقان‌! ثمّ قال‌ لاحدهما: أدخل‌ رأسك‌ في‌ هذا الثقب‌! ثمّ قال‌ للآخر: أدخل‌ رأسك‌ في‌ هذا الثقب‌! ثمّ قال‌ ] لقنبر [: يا قنبر! علی‌َّ بسيف‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌! ثمّ قال‌: عجّل‌ اضرب‌ رقبة‌ العبد منهما!

 فأخرج‌ الغلام‌ رأسه‌ مبادراً.

 فقال‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ للغلام‌: ألست‌ تزعم‌ أ نّك‌ لستَ بعبد؟! ومكث‌ الآخر في‌ الثقب‌.

 فقال‌: بلي‌؛ ولكنّه‌ ضربني‌، وتعدّي‌ علی‌َّ. قال‌: فَأخذ الإمام‌ من‌ مولاه‌ العهد بإلیمين‌ أن‌ لايضربه‌ بعد ذلك‌؛ ودفعه‌ إلیه‌. [20]

 الرجوع الي الفهرس

  تنازع‌ رجلين‌ في‌ قيمة‌ ثمانية‌ أرغفة‌

 روي‌ الشيخ‌ المفيد عن‌ الحسن‌ بن‌ محبوب‌، عن‌ عبدالرحمن‌بن‌ الحجّاج‌، قال‌: سمعت‌ عن‌ ابن‌ أبي‌ ليلي‌ يقول‌: لقد قضي‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بقضيّة‌ ما سبقه‌ إلیها أحد.

 وذلك‌ أنّ رجلين‌ اصطحبا في‌ سفر، فجلسا يتغذّيان‌، فأخرج‌ أحدهما خمسة‌ أرغفة‌، وأخرج‌ الآخر ثلاثة‌، فمرّ بهما رجل‌، فسلّم‌. فقالا له‌: الغداء! فجلس‌ يأكل‌ معهما. فلمّا فرغ‌ من‌ أكله‌، رمي‌ إلیهما ثمانية‌ دراهم‌، وقال‌: هذه‌ عوض‌ ما أكلت‌ من‌ طعامكما.

 فاختصما ] في‌ تقسيم‌ الدراهم‌ المذكورة‌ [. وقال‌ صاحب‌ الثلاثة‌: هذه‌ نصفان‌ بيننا. فقال‌ صاحب‌ الخمسة‌: بل‌ لي‌ خمسة‌ ولك‌ ثلاثة‌. فارتفعا إلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، وقصّا علیه‌ القصّة‌.

 وقال‌ لهما: هذا أمر فيه‌ دناءة‌؛ والخصومة‌ غير جميلة‌ فيه‌؛ والصلح‌ أحسن‌.

 فقال‌ صاحب‌ الثلاثة‌ أرغفة‌: لست‌ أرضي‌ إلاّ بمُرّ القضاء ( حقيقة‌ الامر نفسه‌ )!

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: فإذا كنتَ لا ترضي‌ إلاّ بمرّ القضاء، فإنّ لك‌ واحداً من‌ ثمانية‌، ولصاحبك‌ سبعة‌! فقال‌: سُبْحَانَ اللَهِ! وكيف‌ صار هذا هكذا؟

 فقال‌ ] أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ [ له‌: أُخبرك‌! إلیس‌ كان‌ لك‌ ثلاثة‌ أرغفة‌؟ قال‌: بلي‌. قال‌: ولصاحبك‌ خمسة‌؟ قال‌: بلي‌!

 قال‌ ] الإمام‌ [: فهذه‌ أربعة‌ وعشرون‌ ثلثاً. أكلت‌ أنت‌ ثمانية‌! وصاحبك‌ ثمانية‌، والضيف‌ ثمانية‌! فلمّا أعطاكم‌ الثمانية‌، كان‌ لصاحبك‌ السبعة‌، ولك‌ واحدة‌. فانصرف‌ الرجلان‌ علی‌ بصيرة‌ من‌ أمرهما في‌ القضيّة‌. [21]

 إنّ قصد الإمام‌ علیه‌ السلام‌ هو أنّ صاحبك‌ الذي‌ كان‌ له‌ خمسة‌ عشر ثلثاً من‌ الرغيف‌، وأكل‌ منها ثمانية‌، أعطي‌ للضيف‌ سبعة‌، فاستحقّ سبعة‌ دراهم‌؛ وأنت‌ الذي‌ كانت‌ لك‌ تسعة‌ أثلاث‌ من‌ الارغفة‌ وأكلت‌ منها ثمانية‌! أعطيت‌ الضيفَ ثلثاً واحداً من‌ أرغفتك‌، فاستحققت‌ درهماً واحداً من‌ ثمانية‌ دراهم‌!

 وروي‌ الكلينيّ هذه‌ القصّة‌ بسندين‌: الاوّل‌ عن‌ محمّدبن‌ يحيي‌، عن‌ أحمدبن‌ محمّد؛ والثاني‌ عن‌ علی‌ّبن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، وكلاهما يروي‌ عن‌ ابن‌ محبوب‌، عن‌ عبدالرحمن‌بن‌ الحجّاج‌، عن‌ ابن‌ ليلي‌ أ نّه‌ كان‌ يحدّث‌ أصحابه‌ بها. [22] ورواها الشيخ‌ الطوسي‌ّ علی‌ هذا المنوال‌ بالسند الاوّل‌ الذي‌ ذكره‌ الكليني‌ّ. [23]

 ورواهـا من‌ العامّة‌ ابن‌ عبد البرّ في‌ « الاستيعاب‌ » عن‌ شـيخه‌ أبي‌الاصبع‌: عيسي‌بن‌ سعدبن‌ سعيد المُقري‌، أحد معلّمي‌ القرآن‌، عن‌ الحسن‌بن‌ أحمدبن‌ محمّدبن‌ قاسم‌ المقري‌، قرأها علیه‌ في‌ منزله‌ ببغداد، عن‌ أبي‌بكر أحمدبن‌ ] يحيي‌ بن‌ [ موسي‌ بن‌ عبّاس‌بن‌ مجاهد المقري‌ بمسـجده‌، عن‌ العبّاس‌بن‌ محمّد الدوريّ، عن‌ يحيـي‌ بن‌ مُعين‌، عن‌ أبي‌بكربن‌ عيّاش‌، عن‌ عاصم‌ بن‌ زِرّ بن‌ حُبَيْش‌ أنّ رجلين‌ جلسا يتغدّيان‌. ثمّ ذكر هذه‌ القصّة‌ مفصّلاً بتفصيل‌ أكثر ممّا نقلناه‌ عن‌ « الإرشاد ». [24]

 ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ بأنّ هذه‌ الروايات‌ التي‌ ذكرناها نقلاً عن‌ الكلينيّ في‌ « الكافي‌ »، والشيخ‌ الطوسيّ في‌ « التهذيب‌ » كلّها صحيحة‌ السند. وأنّ رواية‌ المفيد في‌ « الإرشاد » هي‌ عن‌ ابن‌ أبي‌ ليلي‌: قاضي‌ الكوفة‌ ومفتيها في‌ عصر الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌. وكانت‌ بينه‌ وبين‌ أبي‌ حنيفة‌، وسليمان‌بن‌ مَهْران‌ الاعمش‌ ( الشيعيّ نادرة‌ زمانه‌ ) مناقشات‌، وهو الذي‌ اعترض‌ علیه‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌ بشدّة‌ في‌ مسجد المدينة‌ ـكما رأينا ذلك‌ أخيراًـ لاخذه‌ بفتاوي‌ أبي‌بكر وعمر، حتّي‌ سكت‌، واصفّر لونه‌.

 والعجيب‌ أنّ هذا الرجل‌ هو الذي‌ روي‌ عن‌ عمر قوله‌: علی‌ٌّ أَقْضَانَا كما روي‌ ابن‌ عبدالبرّ، عن‌ عبدالوارث‌ بن‌ سفيان‌، عن‌ القاسم‌بن‌ الاصبغ‌، عن‌ أبي‌بكر أحمدبن‌ زُهَيْر، عن‌ أبي‌ خَيْثَمة‌، عن‌ أبي‌ سَلَمة‌ التَبُوذَكي‌ّ، عن‌ عبدالواحدبن‌ زياد، عن‌ أبي‌ فَرْوَة‌ أ نّه‌ قال‌: سمعت‌ عبدالرحمن‌بن‌ أبي‌ ليلي‌ يقول‌: قال‌ عمر ( رضي‌ الله‌ عنه‌ ): علی‌ٌّ أَقْضَانَا. [25] « علی‌ّ أكثرنا سداداً واستقامة‌ في‌ قضائه‌ المطابق‌ للواقع‌. وهو أحذق‌ وأمهر في‌ هذا الامر ».

 وتوضح‌ هذه‌ المسألة‌ هو أنّ الإمام‌ أخرج‌ مضاعفاً مشتركاً لعددهم‌ ـوهم‌ ثلاثة‌ـ وأرغفتهم‌ الثمانية‌، ودراههم‌ الثمانية‌ أيضاً، وهذا المضاعف‌ المشترك‌ هو24. ثمّ أوضح‌ أنّ كلّ واحد منهم‌ أكل‌ ثماني‌ وحدات‌، وأنّ صاحب‌ الارغفة‌ الخمسة‌ التي‌ تشكّل‌ خمس‌ عشرة‌ وحدة‌ أعطي‌ الضيفَ سبع‌ وحدات‌ من‌ حصّته‌. وأنّ صاحب‌ الارغفة‌ الثلاثة‌ التي‌ تشكّل‌ تسع‌ وحدات‌ أعطي‌ الضيفَ وحدة‌ واحدة‌، فلهذا ينبغي‌ أن‌ يأخذ الاوّل‌ سبعة‌ دراهم‌، ويأخذ الثاني‌ درهماً واحداً.

 المقدار الذي‌ أعطاه‌ الثاني‌ للضيف‌ ( 3*5 ) - 8 = 7

 8 أرغفة‌: 3 1 = 1 24 = 24

 المقدار الذي‌ أعطاه‌ الاوّلُ للضيف‌ ( 3*3 ) - 8 = 1

 وإذا قسّمنا الدراهم‌ الثمانية‌ بنسبة‌ 7 و 1، تكون‌ الحصّة‌ سبعة‌ دراهم‌ ودرهماً واحداً.

 حصّة‌ الثاني‌ من‌ الدراهم‌ هي‌ 8 7 * 8 = 7، وحصّة‌ الاوّل‌ منها 8 1 * 8 =1


تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ قال‌ المرحوم‌ الامين‌: جاء في‌ هامش‌ أصل‌ كتاب‌ «عجائب‌ الاحكام‌» لعلي‌ّبن‌ إبراهيم‌: اشتقاق‌ الاصبغ‌ من‌ قول‌ العرب‌: فرس‌ أصبغ‌ والاُنثي‌ صبغاء، وهو الذي‌ في‌ طرف‌ أُذنيه‌ بياض‌. وكان‌ الاصبغ‌ علي‌ شرطة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌.

[2] ـ «عجائب‌ أحكام‌ أمير المؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌» للسيّد محسن‌ الامين‌ العاملي‌ّ، طبعة‌ بيروت‌، مفاد ومحصّل‌ الكلام‌ ص‌ 31 إلي‌ 35.

[3] ـ الاُولي‌: الآية‌ 35، من‌ السورة‌ 10: يونس‌: أَفَمَن‌ يَهْدِي‌´ إِلَي‌ الْحَقِّ أَحَقُّ أَن‌ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لاَّيَهِدِّي‌´ إِلآ أَن‌ يُهْدَي‌' فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ. وقد تحدّثنا عن‌ هذه‌ الآية‌ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ كتابنا هذا، في‌ الدرس‌ الثاني‌ عشر. الثانية‌: الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 39: الزمر: قُلْ هَلْ يَسْتَوِيَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا الاْلْبَـ'بِ. وبيّنا في‌ بداية‌ هذا الدرس‌ إجمالاً في‌ تفسيرها. الثالثة‌: الآية‌ 247، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُو´ا أَ نَّي‌' يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُوْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَهَ اصْطَفَب'هُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ و بَسْطَةً فِي‌ الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَهُ يُؤْتِي‌ مُلْكَهُ و مَن‌ يَشَآءُ وَاللَهُ وَ ' سِعٌ عَلِيمٌ. وقمنا ببحثها في‌ هذا الجزء، الدرس‌ 151 و 152. الرابعة‌: الآيات‌ 30 إلي‌ 33، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـ'´نءِكَةِ إِنِّي‌ جَاعِلٌ فِي‌ الاْرْضِ خَلِيفَةً قَالُو´ا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن‌ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقََدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي‌´ أَعْلَمُ مَا لاَتَعْلَمُونَ* وَعَلَّمَ ءَادَمَ الاْسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَي‌ الْمَلَـ'´نءِكَةِ فَقَالَ أَنْبِـُونِي‌ بِأَسْمَآءِ هَـ'ؤُلآءِ إِن‌ كُنتُمْ صَـ'دِقِينَ* قَالُوا سُبحَـ'نَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* قَالَ يَـ'´ـَادَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَآنءِهِمْ فَلَمَّآ أَنبَأَهُم‌ بِأَسْمَآنءِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل‌ لَّكُمْ إِنِّي‌´ أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَـ'وَ ' تِ ï ïوَالاْرْضِوَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ.

نري‌ هنا أنّ الله‌ جلّ جلاله‌ نبّه‌ علي‌ أنّ آدم‌ أحقّ بالخلافة‌ علي‌ الارض‌ منهم‌، لا نّه‌ أعلم‌ بالاسماء وأفضلهم‌ في‌ علم‌ الانباء. وهذا هو مناط‌ الخلافة‌ علي‌ الارض‌، وهو ممّا لم‌يكن‌ للملائكة‌. («الإرشاد» ص‌ 106 و 107 ).

[4] ـ ورواه‌ ابن‌ كثير أيضاً في‌ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 107 عن‌ أحمدبن‌ حنبل‌، وابن‌ ماجه‌، وأبي‌ داود؛ وأخرجه‌ محبّالدين‌ الطبريّ في‌ «الرياض‌ النضرة‌» ج‌ 3، ص‌ 213؛ وذكره‌ ابن‌حجر الهيتميّ في‌ «الصواعق‌ المحرقة‌» ص‌ 73 وقال‌: أخرجه‌ الحاكم‌ وصحّحه‌؛ وورد أصله‌ في‌ «مستدرك‌ الحاكم‌» ج‌ 3، ص‌ 135 مصحّحاً. ونقل‌ البحرانيّ في‌ كتابه‌ «غاية‌ المرام‌» القسم‌ الثاني‌، ص‌ 529 خمسة‌ أحاديث‌ عن‌ العامّة‌ تحت‌ الرقم‌ 7 إلي‌ 11 عن‌ أحمدبن‌ حنبل‌، وحديثاً واحداً تحت‌ الرقم‌ 13 عن‌ الخوارزميّ في‌ هذا الموضوع‌؛ وأخرجه‌ سبط‌بن‌ الجوزيّ في‌ تذكرته‌ عن‌ أحمدبن‌ حنبل‌ في‌ الفضائل‌، ثمّ قال‌: أخرجه‌ أحمد أيضاً في‌ مسنده‌؛ وذكره‌ ابن‌إسحاق‌ وغيره‌ في‌ «المغازي‌». وورد في‌ «المغازي‌» أنّ رسول‌الله‌ قال‌ له‌: إذَا جلس‌ بين‌ يديك‌ خصمان‌ فلاتقض‌ بينهما حتّي‌ تسمع‌ من‌ الآخر مثل‌ ما سمعت‌ منه‌ فإنّك‌ إذا فعلت‌ذلك‌ تبيّن‌ لك‌ القضاء.

[5] ـ الاقتراع‌ علي‌ النحو الآتي‌: يكتب‌ اسم‌ كلّ واحد من‌ المتنازعينِ علي‌ قطعة‌ من‌ الخشب‌ أو شي‌ء آخر، ثمّ تشدّ في‌ قطعتين‌ من‌ القماش‌، ويُطْلَب‌ من‌ طفل‌ أن‌ يرفع‌ أحدهما، فيُعطي‌ الوليد لمن‌ رُفع‌ اسمه‌. وورد في‌ تهذيب‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ ج‌ 6، ص‌ 239 عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ المولود الذي‌ لا يعرف‌ هل‌ هو ذكر أو أُنثي‌. يكتب‌ علي‌ سهم‌: عبدالله‌. ويكتب‌ علي‌ سهم‌ آخر: أَمَة‌ الله‌، ثمّ يقول‌ الإمام‌ أو المقرِع‌: اللَهُمَّ أنت‌ الله‌ لاإله‌ إلاّ أنت‌ عالم‌ الغيب‌ والشهادة‌ أنت‌ تحكم‌ بين‌ عبادك‌ فيما كانوا فيه‌ يختلفون‌، بيّن‌ أمر هذا المولود.

[6] ـ «الإرشاد» للشيخ‌ المفيد، ص‌ 107.

[7] ـ «الإرشاد» ص‌ 108.

[8] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 489، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«ذخائر العقبي‌» ص‌ 85 عن‌ حميدبن‌ عبدالله‌بن‌ يزيد أنّ أحمد أخرجه‌ في‌ «المناقب‌»؛ وأخرجه‌ الطبريّ أيضاً في‌ «الرياض‌ النضرة‌» ج‌ 3، ص‌ 216 عن‌ مناقب‌ أحمد.

[9] ـ رواه‌ أيضاً ابن‌ كثير في‌ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌ 5، ص‌ 107 و 108 عن‌ أحمدبن‌ حنبل‌ والنسائيّ وداود بعدّة‌ أسناد؛ وأخرجه‌ محبّ الدين‌ الطبريّ في‌ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 85 عن‌ أحمد في‌ «المناقب‌»؛ وذكره‌ في‌ «الرياض‌ النضرة‌» أيضاً، ج‌ 3، ص‌ 216؛ ونقله‌ الحاكم‌ في‌ مستدركه‌، ج‌ 3، ص‌ 136 و 137.

[10] ـ اقتباس‌ من‌ الآية‌ 29، من‌ السورة‌ 39: الزمر.

[11] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 487؛ وذكره‌ محبّ الدين‌ الطبريّ في‌ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 85.

 وروي‌ الكلينيّ في‌ «الكافي‌» ج‌ 2، ص‌ 55، الطبعة‌ الحجريّة‌ قضيّة‌ القرعة‌ عن‌ علي‌ّبن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ ابن‌ أبي‌ عمير، عن‌ حمّاد، عن‌ الحلبي‌ّ، ومحمّدبن‌ مسلم‌، عن‌ الصادق‌عليه‌ السلام‌، قال‌: إذَا وَقَعَ الحرُّ والعبدُ والمشترك‌ بامرأةٍ في‌ طُهر واحد فادّعوا الولد، أُقرع‌ بينهم‌ الولد للذي‌ يَخْرُج‌ سهمُه‌.

 وذكر الكلينيّ قضاء أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الاشخاص‌ الثلاثة‌ الذين‌ واقعوا الجارية‌ في‌ طهر واحد باليمن‌، كما نقلناها في‌ المتن‌، وذلك‌ في‌ الجزء الثاني‌ من‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ لكتاب‌ «الكافي‌» ص‌ 55، عن‌ علي‌ّ بن‌ إبراهيم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ ابن‌ أبي‌ نجران‌، عن‌ عاصم‌بن‌ حميد، عن‌ أبي‌ بصير، عن‌ أبي‌ جعفر الباقر عليه‌ السلام‌. وقال‌ في‌ آخر الحديث‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ قَوْمٍ تَنَازَعُوا ثُمَّ فَوَّضُوا أَمْرَهُمْ إلَي‌ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ إلاَّ خَرَجَ سَهْمُ المُحِقِّ. ورواه‌ الشيخ‌ الطوسيّ في‌ الجزء الثالث‌ من‌ «الاستبصار» ص‌ 369 عن‌ الكليني‌ّ؛ وكذلك‌ رواه‌ في‌ «تهذيب‌ الاحكام‌» ج‌ 3، ص‌ 238؛ وذكره‌ الصدوق‌ أيضاً في‌ كتاب‌ «من‌ لايحضره‌ الفقيه‌» ج‌ 3، ص‌ 54 عن‌ عاصم‌بن‌ حميد بهذا السند نفسه‌؛ وورد في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 106، الطبعة‌ الثانية‌، حيدرآباد؛ وأورده‌ البحرانيّ في‌ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 528، الحديث‌ الرابع‌ عن‌ العامّة‌، عن‌ أحمدبن‌ حنبل‌. وذكر في‌ الصفحة‌ 530 ثلاثة‌ أحاديث‌ عن‌ الخاصّة‌، رقم‌ 4 إلي‌ 6 عن‌ الشيخ‌ والكليني‌ّ.

[12] ـ قال‌ الشيخ‌ الصدوق‌: محمّد بن‌ علي‌ّ بن‌ بابويه‌ في‌ كتاب‌ «المقنع‌»: إذا اشتري‌ رجلان‌ جارية‌ فواقعاها جميعاً، فأتت‌ بولد. فإنّه‌ يقرع‌ بينهما. فمن‌ أصابته‌ القرعة‌، أُلحق‌ به‌ الولد، ويغرم‌ نصف‌ قيمة‌ الجارية‌ لصاحبه‌. وعلي‌ كلّ واحد منهما نصف‌ الحدّ. وإن‌ كانوا ثلاثة‌ نفر فواقعوا جارية‌ علي‌ الانفراد، بعد أن‌ اشتراها الاوّل‌ وواقعها، والثاني‌ اشتراها وواقعها، والثالث‌ اشتراها وواقعها، كلّ ذلك‌ في‌ طهر واحد، فأتت‌ بولد، فإنّ الحقّ أن‌ يلحق‌ الولد بالرجل‌ الذي‌ عنده‌ الجارية‌ ليصير إلي‌ قول‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: الولد للفراش‌ وللعاهر الحجر. وقال‌ والدي‌ (علي‌ بن‌ بابويه‌) في‌ رسالته‌ إلَي‌َّ: هذا ما لايخرج‌ في‌ النظر وليس‌ فيه‌ إلاّ التسليم‌ـانتهي‌. («المقنع‌» باب‌ القضاء والاحكام‌، الطبعة‌ الحجريّة‌ ضمن‌ مجموعة‌ بعنوان‌ «الجوامع‌ الفقهيّة‌»).

 أقول‌: في‌ المسألة‌ الاُولي‌ التي‌ اشتري‌ فيها رجلان‌ جارية‌، وواقعاها، علماً بأنّ مواقعتها تحرم‌ عليهما، أفتي‌ المرحوم‌ الصدوق‌ بأن‌ يدفع‌ الاب‌ للشخص‌ الآخر نصف‌ قيمة‌ الجارية‌، لانصف‌ قيمة‌ الطفل‌، وذلك‌ بعد القرعة‌ وإلحاق‌ الطفل‌ به‌. أي‌: ينتقل‌ إليه‌ النصف‌الآخر للجارية‌ قهراً عليه‌ وإجباراً بسبب‌ المواقعة‌ والاءتيان‌ بالولد. وعليه‌ أن‌ يؤدّي‌ قيمة‌ النصف‌ الذي‌ تجاوز فيه‌. وأمّا المسألة‌ الثانية‌ التي‌ تتمثّل‌ بمواقعة‌ ثلاثة‌ نفر الجارية‌ المذكورة‌ علي‌ الانفراد في‌ طهر واحد، فلم‌ يحكم‌ بالقرعة‌، بل‌ حكم‌ بإلحاق‌ الولد بالشخص‌ الثالث‌ الذي‌ كانت‌ الجارية‌ عنده‌، في‌ ضوء كلام‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌. وهذا الاءلحاق‌ موضع‌ إشكال‌، إذ إنّ الحكم‌ الشرعي‌ّ يقتضي‌ أنّ الشخص‌ الذي‌ يشتري‌ الجارية‌، لايواقعها إلي‌ أن‌ يمضي‌ عليها طهر واحد، بينما كانت‌ مواقعة‌ المشتري‌ الثاني‌ والثالث‌ عن‌ عمد وعلم‌ بالمسألة‌. فهما في‌ هذا الفرض‌ عاهران‌ زانيان‌ وينبغي‌ إلحاق‌ الولد بالمالك‌ الاوّل‌ الذي‌ كانت‌ مواقعته‌ صحيحة‌ وشرعيّة‌. وإذا كان‌ هناك‌ جهل‌ بالحكم‌ والمسألة‌ فمواقعتهم‌ وطي‌ بالشبهة‌ ولاتجري‌ عليها قاعدة‌: الولد للفراش‌. ولابدّ من‌ إلحاق‌ الولد بالقرعة‌ في‌ هذه‌ الحالة‌، لانّ استصحاب‌ عدم‌انعقاد النطفة‌ في‌ مواقعة‌ الاوّل‌ والثاني‌ لايثبت‌ انعقاد نطفة‌ الثالث‌. وتتعارض‌ جميع‌ الاستصحابات‌ الثلاثة‌.

[13] ـ «الإرشاد» ص‌ 113، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[14] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 497 و 498 الطبعة‌ الحجريّة‌؛ وذكر المجلسيّ هذه‌ الرواية‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 483، الطبعة‌ الحجريّة‌، عن‌ «المناقب‌» و«الإرشاد».

[15] ـ الآية‌ 36، من‌ السورة‌ 75: القيامة‌.

[16] ـ «التشريف‌ بالمنن‌ في‌ التعريف‌ بالفتن‌» المشهور بـ«الملاحم‌ والفتن‌» ص‌ 154 و 155، طبعة‌ النجف‌؛ ونقلها العلاّمة‌ الامينيّ في‌ «الغدير» ج‌ 6، ص‌ 172 و 173 عن‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 3، ص‌ 179، وعن‌ «مصباح‌ الظلام‌» للجردانيّ ج‌ 2، ص‌ 56 عن‌ ابن‌ عبّاس‌، وفي‌ آخرها أنّ عمر تعجّب‌ تعجبّاً شديداً، ثمّ قال‌: أَبَا حَسَنٍ! لا أبقاني‌ الله‌ لشدّة‌ لستَ لها ولافي‌ بلد لستَ فيه‌!

 والآية‌ المذكورة‌ في‌ آخر الخبر، الآية‌ 17، من‌ السورة‌ 78: النبأ.

[17] ـ الآية‌ 11، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[18] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 498، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 479، طبعة‌ الكمباني‌ّ؛ وروي‌ الشيخ‌ الطوسيّ مثلها في‌ «تهذيب‌ الاحكام‌»؛ وكذلك‌ رواها الشيخ‌ الصدوق‌ في‌ كتاب‌ «من‌ لايحضره‌ الفقيه‌» عن‌ عاصم‌ بن‌ حميد، عن‌ محمّدبن‌ قيس‌، عن‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ قال‌: كان‌ لرجل‌ علي‌ عهد أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ جاريتان‌ فولدتا. جميعاً في‌ ليلة‌ واحدة‌ احداهما ابناً والاُخري‌ بنتاً فغدت‌ صاحبة‌ البنت‌ فوضعت‌ ابنتها في‌ المهد الذي‌ كان‌ فيه‌ الابن‌، وأخذت‌ ابنها. فتنازعا، فقام‌ الإمام‌ بوزن‌ لبنهما، فعرفهما به‌.

[19] ـ فقالوا: لقد وردت‌ عليه‌ قضية‌ ما ورد عليه‌ مثلها، لا يخرج‌ منها هذه‌ هي‌ عبارة‌ الكليني‌ّ، ولكنّ عبارة‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ هي‌ كالآتي‌: فقال‌: لقد وردت‌ علينا قضيّة‌ ما ورد علينامثلها لاتخرّج‌ منها بعيني‌.

[20] ـ «فروع‌ الكافي‌» كتاب‌ القضاء والاحكام‌، ج‌ 2، ص‌ 363، الطبعة‌ الحجريّة‌، وج‌ 7، ص‌ 425، الطبعة‌ الحديثة‌؛ و«تهذيب‌ الاحكام‌» ج‌ 6، ص‌ 307 و 308، طبعة‌ النجف‌؛ ونقل‌ ابن‌ شهرآشوب‌ مختصر هذه‌ القصّة‌ بمضمون‌ مشابه‌ في‌ مناقبه‌، ج‌ 1، ص‌ 508، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[21] ـ «الإرشاد» للمفيد، ص‌ 122، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ و«الرياض‌ النضرة‌» ج‌ 3، ص‌ 214؛ وأخرجها في‌ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 84 عن‌ القلعي‌ّ؛ وقال‌ ابن‌ حجر الهيتميّ في‌ «الصواعق‌ المحرقة‌» ص‌ 77، أخرجها المدائنيّ عن‌ «المجمع‌» عن‌ علي‌ّ.

[22] ـ «فروع‌ الكافي‌» كتاب‌ القضاء والاحكام‌، ج‌ 7، ص‌ 427 و 428، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ وذكرها ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ مناقبه‌، ج‌ 1، ص‌ 274، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[23] ـ «تهذيب‌ الاحكام‌» باب‌ الزيادات‌ في‌ القضايا والاحكام‌، ج‌ 6، ص‌ 290 و 291، طبعة‌ النجف‌؛ وذكرها فيه‌ أيضاً، ج‌ 8، ص‌ 319، كتاب‌ النذور.

[24] ـ «الاستيعاب‌»، ترجمة‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ الهاشمي‌ّ القرشي‌ّ (أميرالمومنين‌ عليه‌ السلام‌» ج‌ 3، ص‌ 1105 و 1106.

[25] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 1102.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com