|
|
الصفحة السابقةفي الاربعة الذين سقطوا في حفرة الاسد وماتواونقل المرحوم السيّد محسن الامين العامليّ عن كتاب «عجائب أحكام أميرالمؤمنين علیّ بن أبي طالب صلوات الله علیه لإبراهیمبن هاشم، قال: روي ابراهيم بن هاشم، عن النوفليّ، عن السكونيّ، عن أبيعبدالله علیه السلام، قال: بعث النبيّ ] الاكرم [ صلّيالله علیه وآله علیاً إلی إلیمن، وإذا زُبية[1] قد وقع فيها الاسد. فأصبح الناس ينظرون إلیه، ويتزاحمون، ويتدافعون حول الزُّبية. فسقط رجل في الزبية، وتعلّق بالذي يليه. وتعلّق الآخر بالآخر، حتّي وقع فيها أربعة فجرحهم الاسد. وتناول رجل الاسد بحربة فقتله، فأخرج القوم الموتي. فانطلقت القبائل إلی قبيلة الرجل الاوّل الذي سقط، وتعلّق فوقه ثلاثة؛ فقالوا لهم: أدّوا دية الثلاثة الذين أهلكهم صاحبكم! فلولاه ما سقطوا في الزُّبية. فقال أهل الاوّل: إنّما تعلّق صاحبنا بواحد، فنحن نؤدّي ديته. واختلفوا حتّي أرادوا القتال. فصرخ رجل منهم إلی أميرالمؤمنين، وهو منهم غيربعيد! فأتاهم ولامهم، وأظهر موجدة، وقال لهم: تقتلون أنفسكم ورسولالله حيّ! وأنا بين أظهركم! فإنّكم تقتلون أكثر ممّا تختلفون فيه. فلمّا سمعوا ذلك منه، استقاموا. فقال أميرالمؤمنين علیه السلام: إنّي قاض فيكم قضاءً، فإن رضيتموه، فهو نافذ، وإلاّ فهو حاجز بينكم من جاوزه فلاحقّ له حتّي تلقوا رسولالله صلّيالله علیه وآله! فيكون هو أحقّ بالقضاء منّي. فاصطلحوا علی ذلك. فأمرهم أن يجمعوا دية تامّة من القبائل الذين شهدوا الزبية؛ و نصف دية و ثلث دية، و ربع دية. فأعطي أهل الاوّل ربع الدية من أجل أ نّه هلك فوقه ثلاثة. وأعطي الذي يليه ثلث الدية من أجل أ نّه هلك فوقه اثنان. وأعطي الثالث النصف من أجل أ نّه هلك فوقه واحد. وأعطي الرابع الدية تامّة، لا نّه لميهلك فوقه أحد. فمنهم من رضي؛ ومنهم من كره؛ فقال لهم علیّ: تمسّكوا بقضائي إلی أن تأتوا رسولالله فيكون القاضي فيما بينكم! فوافوا رسولالله صلّيالله علیه وآله في الموقف بمكّة المكرّمة، فثاروا إلیه، فحدّثوه حديثهم. فاحتفي ببرد علیه، ثمّ قال: أنا أقضي بينكم إن شاءالله! فناداه رجل من القوم أنّ علیّبن أبي طالب قد قضي بيننا! فقال رسولالله: ما هو؟! فأخبروه، فقال: هو كما قضي. فرضوا بذلك. [2] و توضيح هذه المسألة هو: لمّا كان سقوط هؤلاء الاربعة بسبب تزاحم المشاهدين وتدافعهم، فإنّ علی عَصَبَتهم ( قوم الاب ) [3] أن يدفعوا دية المقتولين. ولكن لمّا كان الاوّل شريكاً في سقوط الثلاثة الآخرين وقتلهم، لذا يدفع إلیه ربع الدية فحسب. وتسقط الارباع الثلاثة الاُخري بسبب إسقاطه الباقين. ولمّا كان الثاني شريكاً في سقوط الشخصين الآخرين، يدفع إلیه ثلث الدية فقط، ويسقط ثلثاه بسبب ما قام به. ولمّا كان الثالث مساهماً في سقوط شخص واحد، يدفع إلیه نصف الدية، ويسقط نصفه الآخر لتسبيبه قتل الرابع. أمّا الرابع الذي ليس له يد في إسقاط أحد وقتله، فتدفع إلیه دية تامّة. ويتحصّل ممّا ذكرناه أنّ هؤلاء الثلاثة الذين تعلّق أحدهم بالآخر، لاهم مختارون تماماً في هذا التعلّق، ولا هم مقسورون علیه بصورة عامّة. إذ لو كانوا مختارين، وكان وضعهم قرين الإرادة والاختيار القطعيّ، لدفع الاوّل دية تامّة إلی الثاني، لا نّه المؤثّر الوحيد في إسقاطه وقتله. وهكذا لدفع الثاني دية تامّة إلی الثالث. والثالث إلی الرابع أيضاً. وما ينتج عن ذلك هو أنّ الاوّل والثاني والثالث الذين كانوا قاتلين ومقتولين في آن واحد لميؤخذ منهم شيء ولم يُعطَوا شيئاً في الحقيقة. ومحصّلة الحساب أنّ الدية دفعت إلی الرابع فحسب. وهكذا، فعلی أقارب المشاهدين أن يدفعوا دية الاوّل، بَيدَ أ نّه لمّا كان يدفع إلی الرابع ما يأخذه من دية، فإنّ أقارب المشاهدين يدفعون إلی الرابع دية واحدة ليس غيرها في الحقيقة. وإذا كان الثلاثة الاوائل عبيداً، وكان لهم حكم الآلة في تعلیقهم، فيجب حينئذٍ علی أقارب المشاهدين أن يدفعوا أربع ديات كاملة إلی الورثة وأهل المقتولين الاربعة. ولكنّنا لا يمكن أن نسمّي هذه الحالات في المواطن التي تطرأ فيها مثل هذه الاخطار اضطراريّة، كما لا نسمّيها اختياريّة. بل هي مزيج من الاختيار والاضطرار، والإرادة وعدم الإرادة. فلهذا كان الثلاثة الاُوَل شركاء في قتل الرابع. وكان الشخصان الاوّلان شريكين في قتل الثالث، وكان الاوّل شريكاً في قتل الثاني. ولذلك حكم أميرالمؤمنين علیه السلام بدية كاملة علی الرابع الذي ليس له دور في سقوط أحد وقتله، وعلی الثالث الذي ساهم في قتل شخص واحد، وهو الرابع بنصف دية، إذ يسقط نصفها الآخر لقيامه بقتل الرابع. وحكم علی الثاني الذي شارك في قتل اثنين بثلث الدية، إذ يسقط ثلثاها الآخران لقيامه بإسقاط الثالث والرابع. وحكم علی الاوّل الذي كان شريكاً في قتل ثلاثة بربع الدية، وسقط الباقي. ولهذا وضحتْ الدية الكاملة، والتنصيف، والتثليث، والتربيع. لو فرضنا أنّ الاشخاص الذين سقطوا كانوا خمسة، فللخامس دية كاملة، وللرابع 2 1، وللثالث 3 1، وللثاني 4 1، وللاوّل 5 1، وهكذا الامر لو كانوا أكثر من ذلك، مثلاً كانوا عشرة، فللعاشر 10 10 أي: دية كاملة، وللتاسع 2 1، وللثامن 3 1، وللسابع 4 1، وللسادس 5 1، وللخامس 6 1، وللرابع 7 1، وللثالث 8 1، وللثاني 9 1، وللاوّل 10 1. أو كانوا خمسين، فللخمسين منهم دية واحدة 50 50، وللتاسع والاربعين 2 1، وهكذا حتّي تصل إلی الاوّل فيأخذ 50 1 من الدية. ونقل علماء الخاصّة والعامّة هذه الرواية في كتبهم بالنحو الذي ذكرناه. فمن الخاصّة: الكلينيّ، والشيخ الطوسيّ، والشهيدان، وصاحب «جواهر الكلام» وغيرهم. ومن العامّة: ابن كثير الدمشقيّ، وسبط ابن الجوزيّ، [4] ومحبّ الدين الطبريّ، [5] وآخرون. ورواها من الخاصّة الكلينيّ وشيخه عن سهل بن زياد، عن محمّدبن الحسنبن شَمُّون، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصمّ، عن مِسْمَعبن عبدالملك، عن الإمام الصادق علیه السلام. [6] وضعّفها صاحب « جواهر الكلام » [7] و « شرح اللمعة » [8] لعامّيّة سهل وغلوّه، وضعف الاصمّ. ورواها من العامّة: ابن كثير بسندين عن أحمدبن حنبل، أحدهما عن أبيسعيد، عن إسرائيل، عن سِماك، عن حنش؛ والآخر عن وكيع، عن حمّادبن سَلِمَة، عن سِماك، عن حَرب، عن حَنَش، عن أميرالمؤمنين علیّبن أبيطالب علیه السلام. [9] ورواها ابن شهرآشوب عن أحمد بن حنبل، وأحمدبن منيع، في أمإلیه بسندهما عن حمّاد بن سَلِمة، عن سِماك، عن حبيشبن المعتمر. ولكنّه ذكر في عبارة الحديث لفظ رواية محمّد بن قيس. [10] ورواية محمّد بن قيس رواية مشهورة صحّحها الفقهاء وذكروها في كتبهم. وذكر الشيخ المفيد عبارة هذه الرواية نفسها في « الإرشاد » فقال: وممّا دفع إلی أميرالمؤمنين علیه السلام وهو في إلیمن خبر زُبية حُفِرت للاسد، فوقع فيها. فغدا الناس ينظرون إلیه. فوقف علی شفير الزُّبية رجل فزلّت قدمهئ، فتعلّق بآخر، وتعلّق الثاني بثالث والثالث برابع، فوقعوا في الزُّبية، فدقّهم الاسد وهلكوا جميعاً. فقضي علیه السلام بأنّ الاوّل فريسة الاسد ( ولا يُعطي شيئاً من الدية ) وعلیه ثلث الدية للثاني؛ وعلی الثاني ثلثا الدية للثالث؛ وعلی الثالث الدية الكاملة للرابع. فانتهي الخبـر بذلك إلی رسـول الله صـلّي الله علیه وآلـه وسـلّم فقـال: لَقَدْ قَضَي أَبُوالحَسَنِ فِيهِمْ بِقَضَاءِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ عَرْشِهِ. [11] ورواها المحمّدون الثلاثة ( الكلينيّ والصدوق والطوسيّ ) عن الحسينبن سعيد، عن النَّضْر، عن عاصم، عن محمّد بن قيس؛ عن الإمام أبي جعفر الباقر علیه السلام. [12] ولكنّ عبارتهم كالآتي: غَرِمَ أهلُه ثلث الدية لاهل الثاني؛ وغَرِمَ أهل الثاني لاهل الثالث ثُلُثَي الدِّيَةِ؛ وغَرِمَ أهل الثالث لاهل الرابع دِيَةً كاملةً. وهذه هي عبارة ابن شهرآشوب في موضعين من مناقبه. [13] وهذه الرواية صحيحة السند. وقول الشهيد الثاني في « الروضة البهيّة » « شرح اللمعة » إنّ محمّد بن قيس مشترك، مرفوض لقول الشيخ محمّد حسن النجفيّ في « جواهر الكلام » إنّه ثقة بقرينة أنّ عاصماً يروي عنه. [14] إنّ اختلاف مضمون هذه الرواية عن الرواية السابقة واضح، ذلك أنّ ما جاء في الرواية السابقة هو أنّ الاوّل سقط بسبب تزاحم الناس وتدافعهم. أمّا ما ورد في هذه الرواية فهو سقوطه في الحفيرة بسبب زلّة قدمه. فلهذا قال البعض كالسيّد محسنالامين العامليّ: والظاهر أنّ هاتين الروايتين وردتا في قضيّتين واقعتين.[15] وهذا الاحتمال في غاية البعد. ويبدو أنّ الاختلاف يكمن في بيان كيفيّة وقوع الحادثة، وبيان الحكم. وعلی كلّ تقدير، جعلت هذه الرواية وقوع الاوّل بسبب زلّة قدمه، فصار فريسة الاسد. ولمّا لميشترك أحد في قتله، فلا دية له. أمّا الثاني، فقد قتله الاوّل؛ وهو نفسه سبّب في قتل الثالث والرابع. لذلك تقسّم الدية التي ينبغي أن تدفع إلی ثلاثة أقسام: علی الثاني والثالث والرابع، إذ يأخذ حصّته من الدية حسب المقدار الذي نال به نصيبه من الجناية. وأمّا الثالث، فقد قتله اثنان هما الاوّل والثاني. وهو نفسه قتل شخصاً واحداً فحسب، وهو الرابع. لذلك له ثلثان من الدية التي ينبغي أن تدفع إلیه. وأمّا الرابع، فقد قتله الثلاثة السابقون، ولذا يجب أن تدفع إلیه دية كاملة. وبعبارة أُخري: دية الرابع علی عاتق الثلاثة الاوائل بالتساوي، لا نّهم اشتركوا في قتله. ودية الثالث علی عاتق الشخصين الاوّليّين، لا نّهما تشاركا في قتله؛ ودية الثاني كلّها علی الاوّل، إذ هو المسبّب الوحيد في قتله. بَيدَ أنّ الثاني لمّا كان ضالعاً في قتل الثالث والرابع، فالدية يدفعها إلیه الاوّل تبلغ ثلثاً. ولمّا كان الثالث وحده باعثاً علی قتل الرابع، فالدية التي تدفع إلی ثلثان، ذلك أنّ الاوّل والثاني جنيا علیه، وهو جني علی الرابع. ولمّا لميكن الرابع سبباً في قتل أحد، وقد جنت علیه ثلاث جهات، فينبغي أن تدفع إلی ثلاثة أثلاث، أي: دية كاملة. فالحقّ أ نّه يأخذ ديته من ثلاثة أشخاص مشتركين، إذ إنّ مآل كلام الإمام هو أنّ الثلث الذي يدفعه الاوّل إلی الثاني، يضع علیه ثلثاً من عنده، ويدفع إلی الثالث ثلثين؛ ويضع الثالث أيضاً ثلثاً من عنده، ويدفع إلی الرابع دية كاملة. إنّ الإشکال الموجود هنا هو أنّ ما جناه الاوّل علی الثاني والثالث والرابع، وما جناه الثاني علی الثالث والرابع، وما جناه الثالث علی الرابع، كلّ ذلك يتطّلب ألاّ ينقص من الدية التي يدفعونها شيء. وبصورة عامّة، كلّ من جني علی شخص آخر، لا ينبغي أن يسقط شيء من الدية التي يتوجّب علی القاتل أن يدفعها إلیه، فيما إذا جني علیه شخص آخر. علی سبيل المثال، جني الثاني، وجرّ الشخصين التإلیين بعده إلی الحفرة والقتل، فما علاقة جنايته بدية قاتله الذي هو الاوّل؟ وعلی قاتله الذي هو الشخص الاوّل أن يدفع إلیه الدية كلّها. وجنايته هو علی الشخصين التإلیين قائمة، وينبغي أن يتحمّل ما علیه. وهذا الإشکال، لو سلّمنا بهذه الرواية، يجعل الدية علی أهل القاتل، أي: العَصَبَة والعاقلة. وحينئذٍ علی عاقلة كلّ قاتل أن تدفع الدية إلی ورثة المقتول؛ ولانقص في ذلك. قال صاحب « جواهر الكلام »: وعن بعض كتب الإسماعيليّة أ نّه جعل الديات ] كلّها [ علی جميع من حفر الزبية؛ وعن « مسند أحمدبن حنبل » عن سِماك، عن حبشي أ نّه صلّيالله علیه وآله قال: اجمعوا من القبائل الذين حفروا الزُّبية ربع الدية وثلثها ونصفها والدية كاملة. [16] ولكن لا يمكن علی أيّ حال عدم العمل بهذه الرواية حتّي بطريقها الصحيح الوارد عن محمّد بن قيس، ولا يمكن رفضها بسبب هذا الإشکال الذي يراها مخالفة للاُصول بعد تحقّق قضاء أمير المؤمنين علیه السلام في زبية الاسد بإلیمن، ووقوع الاربعة فيها، وتأييد رسولالله الذي لاشكّ فيه من منظار التأريخ والحديث. وينبغي العمل بهذه الرواية وما يماثلها، كما قال صاحب « الجواهر »: العمل بها مشهور بين العلماء سواء في كتب الخاصّة أم العامّة. بل في « الروضة » نسبة العمل بها إلی الاكثر. وقال في « النافع »: علیها فتوي الاصحاب. وفي « نكت النهاية والتنقيح »: هي أظهر بين الاصحاب. [17] وعلی هذا النهج لو فرضنا أنّ عدد الساقطين في الحفرة خمسة، فعلی أهل الاوّل أن يدفعوا إلی أهل الثاني 4 1 الدية، وعلی أهل الثاني أن يدفعوا 4 2 الدية إلی الثالث، وعلی أهل الثالث أن يدفعوا 4 3 الدية إلی الرابع، وعلی أهل الرابع أن يدفعوا 4 4 الدية أي دية كاملة إلی أهل الخامس. وإذا كان عددهم عشرة مثلاً، فعلی أهل الاوّل أن يدفعوا 9 1 الدية إلی الثاني، وعلی أهل الثاني أن يدفعوا 9 2 الدية إلی الثالث، وهكذا حتّي يصل الدور إلی أهل الثامن الذين ينبغي أن يدفعوا 9 8 الدية إلی التاسع، ويدفع أهل التاسع 9 9 الدية ( دية كاملة ) إلی أهل العاشر. وإذا كانوا خمسين، فعلی أهل الاوّل أن يؤدّوا 49 1 الدية إلی الثاني، وعلی أهل الثاني أن يؤدّوا إلی الثالث 49 2 الدية، وهكذا حتّي تصل نوبة أهل التاسع والاربعين الذين يجب علیهم أن يؤدّوا 49 49 الدية إلی أهل الشخص الخمسين. وكذلك الامر لو كان عدد الساقطين ثلاثة، فأهل الاوّل يؤدّون 2 1 الدية إلی أهل الثاني، وأهل الثاني يؤدّون 2 2 الدية إلی الثالث. وخليق بنا أن نعلم أ نّه لا خلاف في الاصل الكلّيّ وملاك وفلسفة الحكم الوارد في رواية مسمع بن عبد الملك، ورواية محمّدبن قيس، فكلتاهما تبيّن حكماً عامّاً هو أنّ دية الجناية ينبغي أن تقسّم حسب حصص الجُناة، إذ يسقط من حصص المقتولين الذين تدفع إلیهم الدية بالمقدار الذي شارك كلّ منهم في قتل الآخر. غاية الامر أنّ رواية مسمع لم تجعل الغرامة علی صاحب الزبية أو علی الساقطين فيها، بل عدّت ذلك مسبَّباً عن تزاحم المشاهدين وتدافعهم، فجعلت الدية علی أهليهم. أمّا رواية محمّد بن قيس، فقد جعلت سقوط الشخص الاوّل ناتجاً عن إهماله، فلهذا ذهبت إلی أ نّه فريسة الاسد، وأنّ سقوط الباقين كان بسبب جذب السابقين. فهم موثّرون في الجناية. ولكنّ الدية التي يدفعونها علی أيّة حال هي بعد طرح الجناية التي ارتكبها المجنيّ علیه ضدّ الآخر. وتعيّن مقدارها في الروايتين علی هذا الاساس. وتقع مثل هذه الغرامات علی عاتق العاقلة، أو علی عاتق عاقلة المزدحمين، أو عاقلة الساقطين في ضوء الروايتين، ذلك ـكما ذكرناـ أنّ مثل هذا التعلّق والجذب صدر بغير شعور، ومن وحي الدهشة والخوف، فهو ليس عمداً مثل انقلاب النائم. ويسبّب الجناية خطأً، فهو ليسعمداً ولاشبيهاً بالعمد. وينبغي أن تحسب هذه الجنايات من جنايات الخطأ، وأن تتعيّن الدية علی العاقلة، كما جاء في الروايتين. دية النساء الثلاث اللاعبات: القارصة والقامصة والواقصةذكر الشيخ المفيد في «الإرشاد» أ نّه رُفع إلی أميرالمؤمنين علیه السلام خبر جارية حملت جارية علی عاتقها عبثاً ولعباً؛ فجاءت جارية أُخري، فقرصت الحاملة، فقمصت لقرصتها، فوقعت الراكبة، فاندقّت عنقها وهلكت. ] فحكم أمير المؤمنين علیه السلام أنهنّ شريكات في دمها [ وقضي علی القارصة بثلث الدية، وعلی القامصة بثلثها، وأسقط الثلث الباقي لركوب الواقصة عبثاً القامصة ( والنتيجة أنّ القارصة والقامصة تدفعان ثلثي الدية إلی ورثة الراكبة التي ماتت ). وبلغ الخبر بذلك إلی رسول الله صلّي الله علیه وآله، فأمضاه وشهد له بالصواب. [18] و القارصة هي المرأة التي تقرص. أمّا الواقصة فهي التي تثب وتقفز. وأمّا الواقصة فهي الكاسرة. [19] وروي ابن شهرآشوب هذه الرواية عن أبي عبيد في « غريب الحديث »، وعن ابن مهدي في « نزهة الابصار » عن الاصبغبن نُباتة. [20] وروي ابـن الاثيـر الجـزريّ هـذا الحديـث فـي « النهاية » عـن أميرالمؤمنين علیه السلام في مادّة قَرَصَ، وقال: إنَّهُ قَضَي فِي القَارِصَةِ وَالقَامِصَةِ وَالوَاقِصَةِ بِالدِيَةِ أَثْلاَثاً؛ ثمّ بيّن القصّة علی هذا النحو: هنّ ثلاث جوار كُنّ يلعبن فتراكَبْن. فَقَرَصت السفلي الوسطي، فقَمصت، فسقطت العلیا، فَوَقِصت عنقها. فجعل ثُلُثَي الدية علی الثنتين، وأسقط ثلث العلیا، لا نّها أعانت علی نفسها. ثمّ قال: جعل الزمخشريّ هذا الحديث مرفوعاً، وهو من كلام علیّ ] علیه السلام [. [21] ومراده حديث الزمخشريّ في «الفائق» إذ نقله مرسلاً عن رسولالله صلّيالله علیه وآله وسلّم. وروي ابن بابويـه، والشـيخ الطوسـيّ مضمون هذا الحديث عن محمّدبن أحمدبن يحيي، عن أبي عبد الله، عن محمّدبن عبداللهبن مهران، عن عمروبن عثمان، عن أبي جميلة، عن سعد الإسکاف، عن الاصبغبن نُباتة قال: قضي أميرالمؤمنين علیه السلام في جارية ركبت جارية، فنخستها جارية أُخري، فقمصت المركوبة، فصرعت الراكبة، فماتت. فقضي بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة. [22] ومن الواضح أنّ الحكم في هذه الرواية يختلف عن الحكم السابق الذي ثلّث الإمام فيه الدية؛ ولكنّ هذه الرواية ضعيفة لوجود أبي جميلة، وهو المفضّلبن صـالح، في سـلسـلة السـند؛ وقد ضعّفه النجاشيّ؛ ونصّ ابنالغضائريّ علی أ نّه كان يضع الحديث. وعلی هذا، فرواية المفيد مقدّمة مع إرسالها، وإن كان مصدرها من العامّة. القضاء في البقرة التي قتلت حماراًقال الشـيخ المفيـد: جـاء في الاخبـار والآثار أنّ رجليـن اختصمـا إلیالنبيّ صلّيالله علیه وآله في بقـرة قتلت حمـاراً. فقـال أحدهما: يَارَسُول اللَه! بقرة هذا الرجل قتلت حماري! فقال رسولالله! اذهبا إلی أبيبكر فاسألاه عن ذلك! فجاءا إلی أبيبكر، وقصّا علیه قصّتهما. قال أبو بكر: كيف تركتما رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم وجئتماني؟! قالا: هو أمرنا بذلك. فقال لهما: بهيمة قتلت بهيمة لا شيء علی ربّها. فعادا إلی رسولالله فأخبراه بذلك. فقال لهما: امضيا إلی عمربن الخطّاب! فقصّا علیه قصّتكما! وسلاه القضاء في ذلك. فذهبا إلیه وقصّا علیه قصّتهما فقال لهما: كيف تركتما رسولالله صلّيالله علیه وآله وجئتماني؟! فقالا له: إنّه أمرنا بذلك! فقال: كيف لم يأمر كما بالمسير إلی أبيبكر؟! قالا: إنّا قد أُمرنا بذلك وصرنا إلیه! قال: فما الذي قال لكما في هذه القضيّة؟! قالا له: قال: كيت وكيت. قال: ما أري إلاّ ما رأي أبوبكر. فعادا إلی رسولالله، فأخبراه الخبر. فقال صلّي الله علیه وآله: اذهبا إلی علیّ بن أبي طالب ليقضي بينكما! فذهبا إلیه فقصّا علیه قصّتهما. فقال علیه السلام: إنْ كَانَتِ البَقَرَةُ دَخَلَتْ علی الحِمَارِ فِي مَأْمِنَهِ فَعلی رَبِّهَا قِيمَةُ الحِمَارِ لِصَاحِبِه؛ وَإن كَانَ الحِمَارُ دَخَلَ علی البَقَرَةِ فِي مَأْمَنِهَا فَقَتَلَتْهُ فَلاَغُرْمَ علی صَاحِبهَا. فعادا إلی رسول الله، فأخبراه بقضيّته بينهما، فقال صلّيالله علیه وآله: لَقَدْ قَضَي علیٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ اللَهِ تَعَإلی! ثمّ قال: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِينَا أَهْلَ البَيْتِ مَنْ يَقْضِي علی سُنَنِ دَاوُدَ فِي القَضَاءِ. [23] ورواها الكلينيّ والشيخ عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبي الخزرج، عن مصعببن سلام التميميّ، عن الإمام الصادق علیه السلام، عن الإمام الباقر علیه السلام. وورد في آخرها أنّ رسولالله رفع يده إلی السماء، وقال: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ مِنِّي مَنْ يَقْضِي بِقَضَاءِ النَّبِيِّينَ. [24] ورواها أيضاً بسند آخر مع اختلاف يسير في اللفظ، وذلك بسنده المتّصل عن سعد بن طريف الإسکاف، عن الإمام الباقر علیه السلام. [25] وذكرها ابن شهرآشوب عن مصعب بن سلام، عن الإمام الصادق علیه السلام بلفظ المفيد. [26] ونقلها السيّد محسن الامين العامليّ عن الشيخ المفيد، كما نقلها عن كتاب «عجائب الاحكام» لإبراهیم بن هاشم، عن النوفليّ، عن السكونيّ مرفوعة عن رسولالله صلّيالله علیه وآله بلفظ الكلينيّ والشيخ في الحديث الاوّل. [27] وذكرها أيضاً ابن حَجَر الهَيتَميّ، ومحمّد بن طلحة الشافعيّ بعد حذف اسم أبيبكر، وعمر، وجعل بعض الصحابة مكانهما، ونقلاها باللفظ الآتي: كان رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم جالساً في المسجد مع جماعة من أصحابه، فجاء خصمان. فقال أحدهما: يَا رَسُول اللَه! إنّ لي حماراً، وإنّ لهذا بقرة! وإنّ بقرته قتلت حماري! فبدأ رجل من الحاضرين فقال: لاَضِمَانَ علی البَهَائِمِ. فقال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: اقض بينهما يا علیّ! فقال علیّ لهما: أكانا مرسلَين أم مشدودين؟ أم أحدهما مشدود والآخر مرسل. فقالا كان الحمار مشدوداً والبقرة مرسلة وصاحبها معها. فقـال: علی صـاحب البقـرة ضمـان الحمـار. ] فحكـم علیّبن أبيطالب بلزوم الضمان لصاحب الحمار علی صاحب البقرة بحضور النبيّ [ وأقرّ رسولالله صلّي الله علیه وآله وسلّم حكمه وأمضيقضاءه.[28] وقال محمّد بن طلحة بعد سرد هذا الحديث: وفي هذه الواقعة بخصوصها دلالة واضحة للناظرين، وحجّة راجحة عند المعتبرين أنّ علیّبن أبيطالب لدي رسول الله مَكِين أَمِين، حيث استقضاه بحضرته، وعنده أعيان من الصحابة ثمّ قرّر حكمه، وأنفذ قضاءه. وذلك علی ما ذكرناه دليل متين. وفي متانة مكانته في العلم آيات للمتوسّمين طريق الحقيقة، والمتلمّسين معدن الفضيلة. وجعل الفقهاء رضوان الله علیهم فتاواهم في باب ضمان الحيوانات علی أساس هذا المبدأ العامّ، سواء جني حيوان علی إنسان أو بالعكس، أو جني حيوان علی حيوان. وروي الكلينيّ والشيخ الطوسيّ عن علی بن إبراهيم بسند واحد عن الإمام الصادق علیه السلام أنّ أمير المؤمنين علیه السلام قضي في رجل دخل دار قوم بغير إذنهم، فعقره كلبهم قال: لا ضمان علیهم وإن دخل بإذنهم، ضمنوا.[29] ورويا مثلها بسند آخر عن الصادق علیهالسلام.[30] إقرار المرأة التي كانت قد أنكرت ولدهاروي الكلينيّ والشيخ بسندهما المتّصل عن عاصم بن حمزة السلوليّ قال: سمعت غلاماً بالمدينة وهو يقول: يَا أَحْكَمَ الحَاكِمِينَ! احكم بيني وبين أُمّي! فقال له عمر بن الخطّاب: يا غلام! لِمَ تدعو علی أُمّك؟! فقال: يا أمير المؤمنين إنّها حملتني في بطنها تسعة أشعر، وأرضعتني حولين، فلمّا ترعرعتُ، وعرفتُ الخير من الشر، ويميني من شمإلی، طردتني وانتفت منّي، وزعمت أ نّها لاتعرفني! فقال عمر: أين تكون الوالدة؟! قال: في سقيفة بني فلان! فقال عمر: علیَّ بَأُمّ الغلام! قال: فأتوا بها مع أربعة إخوة لها وأربعين قَسَامَة ] شاهد [ يشهدون لها أ نّها لاتعرف الصبيّ، وأنّ هذا الغلام غلام مدّع ظلوم غشوم يريد أن يفضحها في عشيرتها؛ وأنّ هذه جارية من قريش لمتتزوّج قطّ، وأ نّها بخاتم ربّها ] باكر [. فقال عمر: يا غلام ما تقول؟! فقال: يا أمير المؤمنين! هذه والله أُمّي، حملتني في بطنها تسعة أشهر، وأرضعتني حولين؛ فلمّا ترعرعتُ، وعرفت الخير من الشرّ ويميني من شمإلی طردتني وانتفت منّي، وزعمت أ نّها لاتعرفني! فقال عمر: يا هذه! ما يقول الغلام؟ فقالت: يا أميرالمؤمنين! والذي احتجب بالنور، فلا عين تراه، وحقّ محمّد، وما وَلَدَ، ما أعرفه، ولا أدري من أيّ الناس هو، وإنّه غلام مدّع يريد أن يفضحني في عشيرتي! وإنّي جارية من قريش لم أتزوّج قطّ؛ وإنّي بخاتم ربّي! فقال ] لها [ عمر: ألكِ شهود؟! فقالت: نعم؛ هؤلاء! فتقدّم الاربعون القَسَامة فشهدوا عند عمر أنّ الغلام مدّع يريد أن يفضحها في عشيرتها وأنّ هذه جارية من قريش لمتتزوّج قطّ، وأ نّها بخاتم ربّها! فقال عمر: خذوا هذا الغلام، وانطلقوا به إلی السجن! حتّي نسأل عن الشهود؛ فإن عدّلت شهادتهم، جلدته حدّ المفتري ] حدّ من يفتري الزنا علی امرأة، ويتّهمها بالفسق والفجور [ فأخذوا الغلام، وانطلقوا به إلی السجن، فتلقّاهم أميرالمؤمنين علیه السلام في بعض الطريق. فنادي الغلام: يَابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي الله علیه وآله! إنّني غلام مظلوم، وأعاد علیه الكلام الذي كلّم به عمر، ثمّ قال: وهذا عمر، قد أمر بي إلی السجن! فقال علیّ علیه السلام: ردّوه إلی عمر! فلمّا ردّوه، قال لهم عمر: أمرت به إلی السجن فرددتموه إلیّ! فقالوا: يا أميرالمؤمنين! أمرنا علیّبنُ أبيطالب علیه السلام أن نردّه إلیك وسمعناك وأنت تقول: لاتعصوا لعلیّ علیه السلام أمراً! فبينا هم كذلك إذ أقبل علیّ علیه السلام، فقال: علیَّ بِأُمّ الغلام! فأتوا بها. فقال علیّ علیه السلام: يا غلام! ما تقول؟ فأعاد الكلام. فقال علیّ علیه السلام لعمر: أتأذن لي أن أقضي بينهم؟! فقال عمر: سُبْحَانَ اللَهِ وكيف لا؟ وقد سمعت رسولالله صلّيالله علیه وآله وسلّم يقول: أَعْلَمُكُمْ علیُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. ثمّ قال للمرأة: يا هذه! ألكِ شهود؟! قالت: نعم. فتقدّم الاربعون قسامة، فشهدوا بالشهادة الاُولي. فقال علیّ علیه السلام: لاقضينّ إلیوم بقضيّة بينكما هي مرضاة الربّ من فوق عرشه. علّمنيها حبيبي رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم. ثمّ قال لها: ألكِ وليّ؟ قالت: نعم! هؤلاء إخوتي. فقال لإخوتها: أمري فيكم وفي أُختكم جائز؟! فقالوا: نعم يا بن عمّ محمّد صلّيالله علیه وآله وسلّم، أمرك فينا وفي أُختنا جائز. فقال علیّ علیه السلام: أُشهد الله وأُشهد من حضر من المسلمين أ نّي قد زوّجت هذا الغلام من هذه الجارية بأربعمائة درهم والنقد من مإلی. ياقنبر! علیَّ بالدراهم. فأتاه قنبر ] غلامه [ بها فصبّها في يد الغلام. قال: خذها فصبّها في حجر امرأتك ولاتأتنا إلاّ وبك أثر العرس؛ يعني الغسل! فقام الغلام، فصبّ الدراهم في حجر المرأة، ثمّ تلبّبها ] جمع ثيابها عند صدرها وجرّها [ فقال لها: قومي! فنادت المرأة: النَّارَ النَّارَ يابنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ تريد أن تزوّجني من ولدي هذا؟! والله ولدي؛ زوّجني إخوتي هجيناً فولدت منه هذا الغلام؛ فلمّا ترعرع وشبَّ، أمروني أن أنتفي منه وأطرده! وهذا والله ولدي وفؤادي يتقلّي أسفاً علی ولدي. قال ] عاصمبن حمزة راوي هذا الحديث [: ثمّ أخذت بِيَدِ الغلام، وانطلقت؛ ونادي عمر: وَا عُمَرَاه؛ لَوْلاَ علیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ. [31] ونقل ابن شهرآشوب هذا الحديث عن «الحدائق» لابي تراب الخطيب، و « الكافي »، و « تهذيب الاحكام » وذكر في آخره ستّة أبيات لابنحمّاد في هذا الموضوع. [32] ورواه المجلسيّ في « بحار الانوار » عن كتاب «الروضة»، وكتاب «الفضائل» لابن شاذان، عن الواقديّ،عنسلمانمعاختلاففيمتنه.[33]ورواه السيّد محسن الامين العامليّ في كتاب « أحكام أميرالمؤمنين علیه السلام » عن كتاب «عجائب الاحكام» لإبراهیم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّدبن أبي عُمَيْر، عن عُمَر بن يزيد، عن أبي المُعلی، عن الإمام الصادق علیه السلام بنفس المضمون والمفاد الوارد في رواية الكلينيّ. وقال بعد نقل رواية ابن شهرآشوب في مناقبه: ذكر ابن القيّم الجوزيّ هذه القصّة في كتاب «السياسة الشرعيّة».[34] وذكرها العلاّمة الامينيّ أيضاً عن ابنالقيّم الجوزيّ في كتاب «الطرق الحُكميّة» ص45. [35] القضاء في شخصين أودعا أمانة عند امرأة، وكانا ينويان الخيانةروي الكلينيّ و الشيخ الطوسيّ عن الحسين بن محمّد، عن أحمدبن علیّ الكاتب، عن إبراهيم بن محمّد الثقفيّ، عن عبداللهبن أبي شيبة، عن حريز، عن عطاءبن السائب، عن زاذان، وكذلك ذكر الصدوق عن روايات إبراهيمبن محمّد الثقفيّ أنّ رجلين استودعا امرأة وديعة وقالا لها: لاتدفعيها إلی واحد منّا حتّي نجتمع عندك. ثمّ انطلقا فغابا؛ فجاء أحدهما إلیها فقال: أعطيني وديعتي، فإنّ صاحبي قد مات. فأبت حتّي كثر اختلافه، ثمّ أعطته. ثمّ جاء الآخر، فقال: هاتي وديعتي! فقالت: أخذها صاحبك، وذكر أ نّك قد متّ! فارتفعا إلی عمر. فقال لها عمر: ما أراك إلاّ وقد ضمنت! فقالت المرأة: اجعل علیاً علیه السلام بيني وبينه! فقال عمر ] لعلیّ بن أبيطالب [: اقض بينهما. فقال علیّ علیه السلام: هذه الوديعة عندي.[36]] ثمّ التفت إلی الرجل وقال: أنتما[ أمرتماها أن لا تدفعها إلی واحد منكما حتّي تجتمعا عندها! فائتني بصاحبك! فلم يضمّنها. وقال علیه السلام: إنّما أرادا أن يذهبا بمال المرأة. [37] ورواها ابن شهرآشوب بهذا اللفظ عن « تهذيب الاحكام ». [38] ورواها أيضاً محبّالدين الطبريّ، وسبط ابن الجوزيّ، وأخطب خوارزم: موفّقبن أحمد الخوارزميّ عن حنش بن المعتمر أنّ رجلين أتيا امرأة من قريش فاستودعاها مائة دينار. ولبثا حولاً ثمّ جاء أحدهما، فأخذ الدنانير بعد اختلاف ونزاع، ثمّ مضي حول آخر، فجاء الثاني وطالب بالدنانير. وهكذا يواصلون كلامهم في هذه الرواية، إلی أن قال راويها: بلغ عمر خبر هذه الواقعة فقال: لا أَبقَانِيَ اللَهُ بَعْدَ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ. [39] وأوردها العلاّمة الامينيّ عن هذه المصادر الاخيرة، وعن كتاب «الاذكياء» لابن الجوزيّ ص 18، و «أخبار الظُّرَّاف» لابنالجوزيّ، ص19.[40] وذكرها شاه ولي الله الحنفيّ في «إزالة الخفاء». رفع الحدّ عن الزانية المجنونة التي أمر عمر برجمهاروي الشيخ المفيد في « الإرشاد » فقال: روي أنّ مجنونة علی عهد عمر فَجَرَ بها رجل، فقامت البيّنة علیها بذلك، فأمر عمر بجلدها الحدّ. فمُرَّ بها علی أميرالمؤمنين علیه السلام لتُجلد فقال: ما بال مجنونة آل فلان تُعتل؟ فقيل له: إنّ رجلاً فجر بها وهرب وقامت البيّنة علیها، فأمر عمر بجلدها. فقال لهم ] أمير المؤمنين علیه السلام [: ردّوها إلیه وقولوا له: أما علمت أنّ هذه مجنونة آل فلان، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ قَدْ رَفَعَ القَلَمَ عَنِ المَجْنُونِ حَتَّي يُفِيقَ؟! إنّها مغلوبة علی عقلها ونفسها ] وقامت بما قامت به بلا إدارك ولا تعقّل [. فرُدّت إلی عمر، وقيل له ما قال أمير المؤمنين علیه السلام، فقال: فَرَّجَ اللَهُ عَِنْهُ لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أَهْلِكَ فِي جَلْدِهَا، فَدَرَأ عَنْهَا الحَدَّ. [41] ورواها ابن شهرآشوب بهذا اللفظ عن الحسن وعطاء وقَتَادة وشُعبة وأَحمدبن حنبل. [42] وروي ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» ـ في ترجمة أميرالمؤمنين علیه السلامـ بسنده المتّصل عن سعيد بن المسيّب، قال: كَانَ عُمَرُ يَتَعَوَّذُ بِاللَهِ مِنْ مُعْضَلَةٍ لَيْسَ لَهَا أَبُو حَسَنٍ. وقال في الزانية المجنونة التي أمر عمر برجمها، وكذلك في المرأة التي ولدت لستّة أشهر، وأراد عمر رجمها أيضاً، وقال له علیّ علیه السلام: إنّ الله تعإلی يقول: وَحَمْلُهُ و وَفِصَالِهُ و ثَلاَثُونَ شَهْرًا ـ الآية[43] وقال له أيضاً: إنَّ اللَهَ رَفَعَ القَلَمَ عَنِ المَجْنُونِ ـ الحديث؛ قال عمر: لَوْلاَ علیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ. ثمّ قال ابن عبد البرّ: وقد روي مثل هذه القصّة لعثمان مع ابنعبّاس، وعن علیّ أخذها ابن عبّاس، والله أعلم.[44] وذكر الخوارزميّ هذه الرواية عن محمود بن عمر الزمخشريّ بسنده المتّصل عن الحسن البصريّ، عن عمر بن الخطّاب، وفيها أنّ علیاً أميرالمؤمنين علیه السلام قال لعمر: أَوَ مَا سَمِعْتَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ؟! قَالَ: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ المَجْنُونِ حَتَّي يَبْرَأَ وَعَنِ الغُلاَمِ حَتَّي يَحْتَلِمَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّي يَسْتَيْقِظَ. قَالَ: فَخَلَّي عَنْهَا. [45] وروي محبّ الدين الطبريّ عن أبي ظبيان أ نّه قال: شهدت هذه القصّة. ونقلها كما كانت. وذكر لفظ رسول الله صلّي الله علیه وآله كالآتي: رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّي يَسْتَيْقَظِ وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّي يَكْبُرَ وَعَنِ المُبْتَلَي حَتَّي يَعْقِلَ. [46] ورواه الحاكم في مستدركه بسنده المتّصل عن أبي ظبيان عن ابن عبّاس، وذكر لفظ رسولالله بهذا النحو: رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ؛ عَنِ المَجْنُونِ المَغْلُوبِ علی عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّي يَسْتَيقِظَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّي يَحْتَلِمَ. [47] ورواه أبو بكر: أحمد بن الحسين بن علی البيهقيّ بثلاثة أسناد مختلفة، وعبارات متفاوتة لرسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم في اللفظ لافي المعني.[48] وذكر العلاّمة الامينيّ بأشكال خمسة من مصادر مختلفة؛ وقال في آخره: لَفْتُ نَظَرٍ: أخرج البخاريّ هذا الحديث في صحيحه[49] غير أ نّه مهما وجد فيه مسّةً بكرامة الخليفة، حذف صدره تحفّظاً علیها؛ ولميرقه إيقاف الاُ مّة علی قضيّة تعرب عن جهله بالسنّة الشايعة أو ذهوله عنها عند القضاء، فقال: قال علیّ لعمر: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنِ المَجْنُونِ حَتَّي يُفِيقَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّي يُدْرِكَ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّي يَسْتَيْقِظَ؟![50] ولكنيّ أقول: كشف شرّاح « صحيح البخاريّ » الغطاء عن هذه القصّة مفصّلاً، كابنحجَر العَسْقَلانيّ في كتاب «فتح الباري»،[51] و محمودبن أحمد العَيْنيّ في كتاب «عمدة القاري» [52] وكلا الكتابين في شرح « صحيح البخاريّ ». كما ذكره أبو داود في صحيحه في باب المجنون الذي يَسْرِق في كتاب « الحدود »، [53] والقاضي عبد الجبّار في كتاب « المغني ». لقد ذكر علماء الشيعة والعامّة في كتبهم حديث رفع القلم الذي رواه أميرالمؤمنين علیه السلام عن رسول الله صلّي الله علیه وآله، وجعلوه أصلاً للاستدلال علی عدم مؤاخذة المجنون والصغير، والنائم، وعدم تكليفهم؛ وهذا الحديث هو المتمسَّك في فتواهم، بضميمة أحاديث أُخري رووها عن أئمّة أهل البيت علیهم السلام في حالات خاصّة. وبعد أن ذكر البيهقيّ ثلاثة أحاديث في رجم المجنونة ورفع القلم، نقل حديثاً مستقلاّ عن أبي الحسن علیّ بن محمّد المقري بإسناده عن الحسن، عن أميرالمؤمنين علیه السلام، قال: سمعت رسول الله صلّيالله علیه وآله يقول: رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّي يَعْقِلَ؛ وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّي يَسْتَيْقِظَ؛ وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّي يُكْشَفَ عَنْهُ. [54] وقال الحاكم بعد نقل هذا الحديث عن أبي عبد الله بن أحمدبن موسي القاضي: قال أبو عبد الله: بالحجر علی المجنون والمجنونة ممّا لاأعلم فيه خلافاً بين العلماء. [55] منع أمير المؤمنين رجم الزانية الحاملالتي كان عمر قد أمر برجمهاروي الخوارزميّ عن محمود بن عمر الزمخشريّ بإسناده المتّصلة عن زيد بن علیّ، عن أبيه، عن جدّه، عن علیّ بن أبي طالب علیه السلام، قال: لمّا كان في ولاية عمر، أُتي بامرأة حامل، فسألها عمر، فاعترفت بالفجور، فأمر بها أن ترجم. فلقيها علیّ بن أبي طالب علیه السلام، فقال: ما بال هذه؟! فقالوا: أمر بها عمر أن ترجم. فردّها علیّ علیه السلام، وقال لعمر: أمرتَ بها أن ترجم؟ قال: نعم! اعترفتْ عندي بالفجور. فقال: هذا سلطانك علیها! فما سلطانك علی ما في بطنها؟! ثمّ قال له علیّ علیه السلام: فلعلّك انتهرتها أو أخفتها؟! فقال عمر: قد كان ذاك. فَقَالَ علیٌّ علیهِ السَّلاَمُ: أَوَ مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ يَقُولُ: لاَ حَدَّ علی مُعْتَرِفٍ بَعْدِ البَلاَءِ. إنَّهُ مَنْ قَيَّدْتَ أَوْ حَبَسْتَ أَوْ تَهَدَّدْتَ فَلاَ إقْرارَ لَهُ. [56] فخلّي عمر سبيلها، ثمّ قال: عَجَزَتِ النِّسَاءُ أَنْ تَلِدْنَ مِثْلَ علیِّبْنِ أَبِيطَالِبٍ، لَوْلاَ علیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ. [57] وروي علیّ بن عيسي الإربليّ هذا الخبر في « كشف الغمّة » عن « مناقب الخوارزميّ ». [58] وقال ابن شهرآشوب بعد عرض هذا الموضوع: قال أميرالمؤمنين علیه السلام لعمر: هَبْ لَكَ سَبِيلٌ علیهَا، فَهَلْ لَكَ سَبِيلٌ علی مَا فِي بَطْنِهَا وَاللَهُ تَعَإلی يَقُولُ: «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَي»؟ [59] قال عمر: فما أصنع بها؟! قَالَ: احْتَطْ علیهَا حَتَّي تَلِدَ، فَإذَا وَلَدَتْ وَوَجَدْتَ لَوَلِدَهَا مَن يَكْفُلُهُ فَأَقِمِ الحَدَّ علیهَا! فَلَمَّا وَلَدَتْ مَاتَتْ؛ فَقَالَ عُمَرُ: لَوْلاَ علیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ. وقال الإصفهانيّ في هذه القصّة: وَبِرَجْمِ أُخْـرَي مُثْقَلٍ فِـي بَطْنِهَا طِفْلٌ سَـوِيُّ الخَلْـقِ أَوْ طَفْـلاَنِ نُودُوا أَلاَ انْتَظِرُوا فَإن كَانَتْ زَنَتْ فَجِنِينُهَـا فِي البَطْـنِ لَيْـسَ بِزَانِ [60] ويستفاد من هاتين الروايتين اللتين نقلناهما عن « مناقب الخوارزميّ »، و « مناقب ابن شهرآشوب » أنّ قصّة رجم المرأة الحامل ومنع أميرالمؤمنين علیه السلام ذلك في عهد عمر وقعت مرّتين. إذ جاء في الخبر الاوّل أنّ اعتراف المرأة كان بسبب التهديد والتخويف والزجر والإیذاء، ولا أثر لهذا الإقرار؛ فلهذا خُلِّي سبيل المرأة، ولميُجْرَ علیها الحدّ بعد الولادة. أمّا الخبر الثاني فلم يذكر فيه تهديد: وإقرار المرأة حجّة، غاية الامر أ نّها لمّا كانت حاملاً، فقد تقرّر إرجاء إقامة الحدّ علیها حتّي تلد. ونصّ محبّ الدين الطبريّ علی هذه النقطة في كتابيه: «ذخائر العقبي» و«الرياض النضرة» حيث ذكر فيهما هاتين الروايتين عن زيدبن علیّبن الحسن، وعبد الله بن الحسن بن الحسن.[61] وذكر محمّد بن طلحة الشافعيّ قصّة رجم الزانية، وقال: وقال عمر بمحضر من الصحابة: لَوْلاَ علیٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ.[62] وذكر العلاّمة الامينيّ الصورة الاُولي من الحديث نقلاً عن بعض الكتب الاخيرة، وعن « أربعين الفخر الرازيّ » ص466؛ كما ذكر صورة الحديث الثاني عن كتاب « الكفاية » للحافظ الكنجيّ ص105.[63] وذكر محبّ الدين الطبريّ في كتابَيْه، في الحديث الثاني أنّ عمر قال ثلاث مرّات: كُلُّ أَحَدٍ أَفْقَهُ مِنِّي. ونقل الشيخ المفيد الحديث الثاني في « الإرشاد »، وورد فيه أنّ عمر قال: لاَعِشْتُ لِمُعْضَلَةٍ لاَ يَكُونُ لَهَا أَبُوالحَسَنِ. وجاء في آخر الحديث أنّ آثار الحزن زالت عن وجه عمر، وعوّل في الحكم به علی أميرالمؤمنين علیه السلام.[64] ارجاعات [1] ـ الزُّبية بضمّ الزاي المعجمة حفيرة لصيد السباع. وتسمّي زُبية لا نّها تحفر في مكان مرتفع كالتلّ. واسم المكان المرتفع: زُبية. وتسمّي هذه الحفرة زُبية من باب تسمية الحالّ باسم المحلّ. وأصل الزبية الزابية التي لا يعلوها الماء. وجاء في المثل: بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَي. [2] ـ «عجائب أحكام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام» تأليف الامين العامليّ، ص 37 إلي 39؛ ورواه في «كنز العمّال» ج 15، ص 103 و 104، طبعة حيدرآباد، عن أبي داود الطيالسيّ؛ وأبي شيبة، وأحمدبن حنبل، وابن منيع، وابن جرير، والبيهقيّ. [3] ـ يوجب الشرع الإسلاميّ المقدّس الدية في قتل الخطأ غير المتعمّد علي أقارب المجرم من جهة أبيه، لا عليه! ويسمّي هؤلاء: العَصَبَة، وكذلك: العاقلة. وفي المثل: الدية علي العاقلة. أي: يجب علي الاقارب من جهة الاب وهم الذكور أن يدفعوا الدية في الجرائم غيرالعمديّة. [4] ـ «تذكرة خواصّ الاُ مّة» ص 27، عن «مسند أحمد بن حنبل». [5] ـ «الرياض النضرة» ج 3، ص 215، طبعة مطبعة لبندة؛ و«ذخائر العقبي» ص 84، وكلاهما عن أحمدبن حنبل. [6] ـ ذكرها الكلينيّ في «الكافي» ج 7، ص 286، كتاب الديات، طبعة مطبعة الحيدريّ؛ والشيخ الطوسيّ في تهذيبه، ج 10، ص 239 طبعة النجف؛ ونقلها صاحب «غاية المرام» ص 530، الحديث 8 عن الخاصّة، عن الشيخ. [7] ـ «جواهر الكلام» ج 6، طبعة الحاجّ موسي الملفّق الحجريّة، الصفحات غيرمرقّمة، كتاب الديات. [8] ـ «شرح اللمعة» ج 2، ص 356، طبعة محمّد كاظم، كتاب الديات. [9] ـ «البداية والنهاية» ج 5، ص 108؛ وذكرها صاحب «كنز العمّال» ج 15، ï ïص 105 و 106، باب فضائل عليّ عليه السلام، الطبعة الثانية، حيدرآباد؛ وروي صاحب «غاية المرام» هذين الحديثين عن أحمد بن حنبل في القسم الثاني من كتابه المذكور، ص 528 و 529، تحت الرقم 5 و 6 عن العامّة. [10] ـ «المناقب» ج 1، ص 487، الطبعة الحجريّة ويبدو أنّ الصحيح هو حَنَشَبن معتمر. [11] ـ «الإرشاد» ص 108، الطبعة الحجريّة. [12] ـ «الكافي» ج 7، ص 286؛ و«من لا يحضره الفقيه» ج 4، ص 86؛ و«تهذيب الاحكام»ج 10، ص 239؛ وذكرها المجلسيّ بهذه العبارة في «بحار الانوار» ج 9، ص 482، طبعة الكمبانيّ. [13] ـ «المناقب» الاوّل في ج 1، ص 487، والثاني في ج 1، ص 506، الطبعة الحجريّة. [14] ـ يطلق المشترك في الروايات علي الثقة وغير الثقة. فلهذا إذا ذُكر اسم الراوي في سلسلة رواية ما؛ وكان مشتركاً، فليس لنا أن نعدّ الرواية المشار إليها موثّقة، بَيدَ أنّ علماء الرجال وضعوا علامات لتعيين المشتركات يتسنّي لنا من خلالها أن نميّزها ونعرف فيما إذا كان الراوي ثقة أم لا. ومن هذه العلامات والخصوصيّات تعيين زمان الراوي، وشيخه الذي يروي عنه، وتلميذه الذي يروي عنه أيضاً. ومن هذه المشتركات: محمّدبن قيس. وقد أُطلق في الروايات مشتركاً علي خمسة أشخاص. بعضهم ثقات عدول. وبعضهم ضعفاء. بَيدَ أنّ المراد من محمّدبن قيس هذا الوارد اسمه في روايتنا هو محمّدبن قيس البجليّ الذي عدّه الشيخ الطوسيّ رضوان الله عليه من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام وقال: كوفيّ، يروي عنه عاصمبن حميد، توفّي سنة 151، وله كتاب «قضايا أميرالمؤمنين عليه السلام» الذي يروي عنه الشيخ بسنده المتّصل عن عاصمبن حميد، عن محمّدبن قيس، عن الإمام أبيجعفر الباقر عليه السلام، يضاف إلي ذلك أنّ له أصلاً من الاُصول الاربعمائة. وثّقه كبار الاعلام وأصحاب الرجال جميعهم. [15] ـ «عجائب الاحكام» للعامليّ، ص 39. [16] ـ «جواهر الكلام» ج 6، ص 654، كتاب الديات، الطبعة الحجريّة. [17] ـ «جواهر الكلام» ج 6، ص 654، كتاب الديات، الطبعة الحجريّة. [18] ـ «الإرشاد» ص 108، الطبعة الحجريّة؛ ونقلها المجلسيّ في «بحار الانوار» ج 9، ص 482. طبعة الكمبانيّ. [19] ـ قَرَصَ يَقْرُصُ قَرْصاً: أخذ لحم أحد ولوي عليه بإصبعه فآلمه. وقال في «لغت نامه دهخدا» (=معجم دهخدا): القرص إيلام شخص بضغط قسم من لحمه بين الاءبهام والسبّابة. وقمص يقمص قمصاً: وثب وقفز. ووقص يَقِصُ وقصاً: كَسَرَ عَنقه. [20] ـ «المناقب» ج 1، ص 487 و 488، الطبعة الحجريّة. [21] ـ «النهاية في غريب الحديث والاثر» ج 3، ص 40. [22] ـ «من لا يحضره الفقيه» ج 4، ص 125، رقم 1 من باب نوادر الديات؛ و«تهذيب الاحكام» ج 10، ص 241، رقم 960 من باب الاشتراك في الجنايات. [23] ـ الإرشاد ص 109، الطبعة الحجریة. [24] ـ «الكافي» الفروع، ج 7، ص 352، الحديث 6؛ و«التهذيب» ج 10، ص 229، الحديث 34. [25] ـ «فروع الكافي» ج 7، ص 352، الحديث 7؛ و«التهذيب» ج 10، ص 229، الحديث 35؛ وذكر البحرانيّ هذين الحديثين في «غاية المرام» ص 529 و 530، رقم1 و2 عن الخاصّة، عن الشيخ. [26] ـ «المناقب» ج 1، ص 488، الطبعة الحجريّة. [27] ـ «عجائب أحكام أمير المؤمنين عليه السلام» ص 42 إلي 44. [28] ـ «الصواعق المحرقة» ص 73؛ و«مطالب السؤول» ص 30. [29] ـ «فروع الكافي» ج 7، ص 353، الحديث 14 من باب ضمان ما يصيب الدوابّ وما لاضمان فيه من ذلك؛ و«تهذيب الاحكام» ج 10، ص 228، الحديث 30. [30] ـ «فروع الكافي» ج 7، ص 351 الحديث الخامس؛ و«تهذيب الاحكام» ج 10، ص 228، الحديث 32؛ وكذلك روي الكلينيّ والشيخ بسند متّصل عن عليّبن إبراهيم، عن محمّدبن عيسي، عن يونس، عن عبيد الله الحلبيّ، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام ] أ نّه [ قال: بعث رسول الله عليّاً عليه السلام صلوات الله عليهما إلي اليمن. فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن، ومرّ يعدو، فمرّ برجل فنفحه برجله، فقتله، فجاء أولياء المقتول إلي الرجل، فأخذوه، ورفعوه إلي عليّ عليه السلام. فأقام صاحب الفرس البيّنة عند عليّ عليه السلام أنّ فرسه أفلت من داره، ونفح الرجل. فأبطل عليّ عليه السلام دم صاحبهم، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلي رسول الله صلّي الله عليه وآله، فقالوا: يارسولالله! إنّ عليّاً ظلمنا، وأبطل صاحبنا. فقال رسول الله صلّي الله عليه وآله: إنّ عليّاً عليه السلام لَيْسَ بِظَلاّمٍ، ولميخلق للظُّلم. إنّ الولاية لعليّ عليه السلام من بعدي، والحكم حكمه والقول قوله، ولايردّ ولايته وقوله وحكمه إلاّ كافر ولا يرضي ولايته وقوله وحكمه إلاّ مؤمن. فلمّا سمع اليمانيّون قول رسولالله صلّي الله عليه وآله في عليّ عليه السلام قالوا: يارسولالله! رضينا بحكم عليّ عليه السلام وقوله: فقال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: هو توبتكم ممّا قلتم. (فروع الكافي» ج 7، ص 352 و 353، الحديث الثامن؛ و«تهذيب الاحكام» ج 10، ص 228 و 229، الحديث الثالث والثلاثون). [31] ـ «فروع الكافي» ج 7، ص 423 و 424، الطبعة الحديثة، مطبعة الحيدريّ؛ و«التهذيب» ج 6، ص 304 إلي 306، طبعة النجف. [32] ـ «المناقب» ج 1، ص 493 و 494، الطبعة الحجريّة. وفيما يأتي أبيات ابن حمّاد: قال الإمام فولّيني ولاك لكي أُقرّر الحكم قالت أنت تملكني فقال: قومي لقد زوّجته بك قم فادخل بزوجك يا هذا ولاتشنِ فحين شدّ عليها كفّه هتفت أتستحلّ تري بابني تزوّجني إنّي من أشرف قومي نسبة وأبو هذا الغلام مهين في العشير دني فكنت زُوِّجْتُه سرّاً فأولدني هذا ومات وأمري فيه لم يبنِ فظلتُ أكتمه أهلي ولو علموا لكان كلّ امري منهم يعيّرني [33] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 487 و 488 طبعة الكمبانيّ، في باب قضاياه وما هدي قومه إليه ممّا أشكل عليه من مصالحهم. [34] ـ «عجائب أحكام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام» ص 57 إلي 61. [35] ـ «الغدير» ج 6، ص 104 و 105 ضمن «نوادر الاثر في علم عمر»، رقم 11. وفيها: عرضت المرأة قصّتها كالآتي: أنّ أبا هذا الغلام كان زنجيّاً، وأنّ إخوتي زوّجوني منه، فحملت بهذا الغلام وخرج الرجل غازياً فقتل، وبُعثت بهذا إلي حيّ بني فلان، فنشأ فيهم، ونفيت أن يكون ابني بأمر إخوتي. [36] ـ قال صاحب «مرآة العقول» في شرح قوله: هَذِهِ الودِيعَةُ عِنْدِي: لعلّ المراد عندي علمها، أو افرضوا أ نّها عندي، فلا يجوز دفعها مع حضوركما. وإنّما ورّي عليه للمصلحة؛ ويدلّ علي جواز التورية لامثال تلك المصالح. [37] ـ «فروع الكافي» ج 7، ص 428 و 429؛ و«تهذيب الاحكام» ج 6، ص 290، وقال في سند الرواية: الحسين بن محمّد، عن المعلّي بن محمّد، عن أحمد بن عليّ الكاتب... إلي آخره؛ و«الاستبصار» ج 3، ص 10 و 11 طبعة الآخونديّ، النجف 1378ه؛ و«من لايحضره الفقيه» ج 3، ص 19، طبعة طهران، مكتبة الصدوق. [38] ـ «المناقب» ج 1، ص 500، الطبعة الحجريّة. [39] ـ «ذخائر العقبي» ص 79 و 80؛ و«الرياض النضرة» ج 3، ص 210 و 211، طبعة مكتبة لبندة؛ و«تذكرة خواصّ الاُ مّة» ص 87 و 88. وقال سبط بن الجوزيّ في ختام هذا الحديث: قال الصاحب بن عبّاد في هذه القصّة: هَل مِثْلُ قَوْلِك إذ قالوا مجاهرة لـولا علـيٌّ هلكنـا في فتـاوينـا وذلك ضمن قصيدة طويلة مطلعها: حبّ النبيّ وأهل البيت معتمدي إذ الخطـوب أسـاءت رأيها فينا و«المناقب» للخوارزميّ، ص 60، الطبعة الحجريّة، وص 54 في الطبعة الحديثة، النجف. وجاء في رواية الخوارزميّ: لمّا أتيا عليّاً لحلّ هذه المسألة، هو في حائط له وهو يسيل الماء وهو مؤتزر بكساء. [40] ـ «الغدير» ج 6، ص 126 و 127، الحديث 28. [41] ـ «الإرشاد» ص 112، الطبعة الحجريّة. [42] ـ «المناقب» ج 1، ص 497، الطبعة الحجريّة. [43] ـ جزء من الآية 15، من السورة 46: الاحقاف. (وإذا طرحنا مدّة الرضاعة وهي سنتان، فالباقي ستّة أشهر. لذلك يمكن للمرأة أن تلد في ستّة أشهر). [44] ـ «الاستيعاب» ج 3، ص 1102 و 1103؛ وذكر ابن عساكر صدر الحديث المشار إليه في «تاريخ دمشق» كتاب أمير المؤمنين، ج 2، ص 39، الحديث 1072. [45] ـ «المناقب» الطبعة الحجريّة، ص 48؛ وطبعة النجف الحديثة، ص 38؛ و«الاءيضاح» لابن شاذان ص 194: ورواه صاحب «كشف الغمّة» عن الخوارزميّ. وقال في تتمّته: رواه أحمد في مسنده برواية عليّ عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتّي يستيقظ، وعن الطفل حتّي يحتلم، وعن المجنون حتّي يبرأ. قال الروايّ: فلميرجم عمر المجنونة وخلّي سبيلها. وهذا الحديث قاله عليّ عليه السلام لعمر عندما أراد رجم المجنونة. ورواه عليّ عليه السلام عن النبيّ صلّي الله عليه وآله. («كشف الغمّة» باب في مناقبه، ص 33 )؛ وورد في «غاية المرام»، القسم الثاني، ص 531، الحديث السادس عن العامّة، عن موفّقبن أحمد الخوارزميّ. وروي فيه أيضاً الحديث الذي نقلناها عن «كشف الغمّة» عن أحمدبن حنبل، ص 530، الحديث 2 عن العامّة؛ وذكره السيّد ابن طاووس في طرائفه، ص 473 عن أحمدبن حنبل في مسنده، عن قتادة، عن الحسن البصريّ بهذا اللفظ: لمّا أراد عمر أن يرجم المجنونة، قال له عليّ عليه السلام: ما لك ذلك! أما سمعت رسولالله صلّيالله عليه وآله يقول: رفع القلم عن ثلاثة نفر: عن النائم حتّي يستيقظ، وعن المجنون حتّي يبرأ ويعقل؛ وعن الطفل حتّي يحتلم. (أحمد بن حنبل في مسنده، ج 1، رجم المجنون، والبخاريّ في صحيحه، ج 8، ص 21 ). [46] ـ «الرياض النضرة» ج 3، ص 209، طبعة مكتبة لبندة؛ «ذخائر العقبي» ص 11. [47] ـ «المستدرك علي الصحيحين» ج 2، ص 59. [48] ـ «السنن الكبري» ج 8، ص 264 و 265. [49] ـ في كتاب المحاربين، باب لا يرجم المجنون والمجنونة. [50] ـ «الغدير» ج 6، ص 101 إلي 103، باب نوادر الاثر في علم عمر، رقم 7. [51] ـ «فتح الباري» ج 12، ص 101. [52] ـ «عمدة القاري» ج 11، ص 151. [53] ـ «سنن أبي داود» بعدّة طرق، ج 2، ص 227. [54] ـ «السنن الكبري» ج 8، ص 265. [55] ـ «المستدرك» ج 2، ص 59. [56] ـ ذكر فقهاؤنا رضوان الله عليهم في كتاب «الإقرار» أنّ من شرائط صحّة الإقرار ونفوذه عدمإكراه المقرّ بالنسبة إلي المقرِّ عليه. فكلّ من ضرب وعُذِّب أو أُخيف وأُكره علي الإقرار، فلايوجب تنفيذ الإقرار، مضافاً إلي أنّ هذه الاُمور فيها حرمة شرعيّة قبل ثبوت الجرم. قال الشهيد الثاني في «المسالك»: ولا يصحّ إقرار المكره أعمّ ممّن ضرب حتّي يلجأ إلي الإقرار أو هدّد عليه بإيقاع مكروه به لا يليق بمثله تحمّله عادة من ضرب أو شتم وأخذ مال ونحو ذلكـ انتهي. [57] ـ «مناقب الخوارزميّ» الطبعة الحجريّة، ص 48، وفي طبعة النجف الحديثة، ص 39؛ و«غاية المرام» القسم الثاني ص 531، الحديث 7 عن العامّة عن الخوارزميّ. [58] ـ «كشف الغمّة» ص 33. [59] ـ وردت هذه الآية المباركة في خسمة مواضع من القرآن الكريم: (الآية 164، منالسورة 6: الانعام»؛ و«الآية 15، من السورة 17: الاءسراء؛ والآية 18، من السورة 35: فاطر؛ والآية 7، من السورة 39: الزمر؛ والآية 38، من السورة 53: النجم). [60] ـ «المناقب» ج 1، ص 494 الطبعة الحجريّة؛ وذكرها الفضل بن شاذان في «الإیضاح» ص 192 مع تعليق الاُرمويّ. [61] ـ «ذخائر العقبي» ص 80 و 81؛ و«الرياض النضرة» ج 3، ص 208 و 209، طبعة مكتبة لبندة. ورواية زيد بن عليّ في هذين الكتابين باللفظ الآتي: إنّهُ مَنْ قُيِّدَ أَوْ حُبِسَ أَو تُهُدِّدَ فَلاَإقَرَارَ لَهُ. ولذلك فاللفظ المذكور هو من تتمّة كلام رسولالله، لامن إنشاء أميرالمؤمنين عليه السلام لعمر، متفرّعاً علي قول رسول الله: لاَ حَدَّ عَلَي مُعْتَرِفٍ بَعْدَ البَلاَءِ. [62] ـ «مطالب السؤول» ص 13. وهذا الكتاب من نفائس الكتب. مؤلّفه شافعيّ. وهو من أعيان العلماء ومشاهير الرجال. وكان معاصراً للسيّد ابن طاووس وعليّبن عيسي الإربليّ. وقال الإربليّ في «كشف الغمّة» ص 17: «مطالب السؤول في مناقب آل الرسول» تصنيف الشيخ العالم كمال الدين محمّد بن طلحة؛ وكان شيخاً مشهوراً، وفاضلاً مذكوراً. أظنّه مات رضوان الله عليه سنة أربع وخمسين وستمائة. وحاله في ترفّعه وزهده وتركه وزارة الشام وانقطاعه ورفضه الدنيا حال معلومة. قرب العهد بها. وفي انقطاعه عمل هذا الكتاب وكتاب «الدائرة». وكان شافعيّ المذهب من أعيانهم ورؤسائهم. [63] ـ «الغدير»، ج 6، ص 110 و 111.
|
|
|