بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الحادی عشر / القسم الثانی عشر: بعض قضاء علی علیه السلام

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

حكمه‌ علیه‌ السلام‌ في‌ كفّارة‌ الحجّاج‌ الذين‌ صادوا بيض‌ النعام‌

 وروي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ أيضاً عن‌ كتابَي‌ أبي‌ القاسم‌ الكوفيّ والقاضي‌ نعمان‌، عن‌ عمر بن‌ حمّاد بإسناده‌ عن‌ عبادة‌ بن‌ الصامت‌ قال‌: قدم‌ قوم‌ من‌ الشام‌ حجّاجاً، فأصابوا أدحي‌ نعامة‌ فيه‌ خمس‌ بيضات‌ وهم‌ محرمون‌، فشووهنّ وأكلوهنّ. ثمّ قالوا: ما أرانا إلاّ وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن‌ محرمون‌، فأتوا المدينة‌ وقصّوا علی‌ عمر القصّة‌.

 فقال‌: انظروا إلی‌ قوم‌ من‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ فاسألوهم‌ عن‌ ذلك‌ ليحكموا فيه‌. فسألوا جماعة‌ من‌ الصحابة‌، فاختلفوا في‌ الحكم‌ في‌ ذلك‌.

 فقال‌ عمر: إذا اختلفتم‌ فهاهنا رجل‌ كنّا أُمرنا إذا اختلفنا في‌ شي‌ء فيحكم‌ فيه‌. فأرسل‌ إلی‌ امرأة‌ يقال‌ لها عطيّة‌، فاستعار منها أتاناً، فركبها، وانطلق‌ بالقوم‌ معه‌ حتّي‌ أتي‌ علیاً علیه‌ السلام‌ وهو بَينْبُع‌. فخرج‌ إلیه‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ فتلقّاه‌، ثمّ قال‌ له‌: هلاّ أرسلتَ إلینا فنأتيك‌؟ فقال‌ عمر: الحَكَمُ يُؤْتَي‌ فِي‌بَيْتِهِ.

 فقصّ علیه‌ القوم‌. فقال‌ علی‌ّ لعمر: مرهم‌ فليعمدوا إلی‌ خمس‌ قلايص‌ من‌ الإبل‌ فليطرقوها للفحل‌. فإذا أنتجت‌، أهدوا ] إلی‌ مكّة‌ [ مانتج‌ منها جزاء عمّا أصابوا. فقال‌ عمر: يَا أَبَا الحَسَنِ! إنَّ النَّاقَةَ قَدْ تُجْهِضُ؛ فَقَالَ علی‌ٌّ: وَكَذَلِكَ البَيْضَةُ قَدْ تَمْرَقُ. فقال‌ عمر: فَلِهَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَكَ.[1]

 وذكر محبّ الدين‌ الطبريّ هذه‌ القصّة‌ في‌ كتابيه‌: «ذخائر العُقبي‌» و «الرِّياض‌ النَّضِرة‌» بالشكل‌ الآتي‌: قال‌ محمّدبن‌ الزبير: دخلتُ مسجد دمشق‌. فإذا أنا بشيخ‌ قد التوت‌ ترقوتاه‌ من‌ الكبر. فقلتُ: ياشيخ‌! من‌ أدركتَ ( من‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ )؟! قال‌: عمر! فقلتُ: فما غزوتَ معه‌؟! قال‌: غزوتُ إلیرموك‌!

 قلتُ: فحدّثني‌ شيئاً سمعته‌! قال‌: خرجت‌ مع‌ فتية‌ حجّاجاً، فأصبنا بيض‌ نعام‌ وقد أحرمنا. فلمّا قضينا نسكنا، ذكرنا ذلك‌ لاميرالمؤمنين‌ عمر، فأدبر، وقال‌: اتبعوني‌، حتّي‌ انتهي‌ إلی‌ حجر رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، فضرب‌ حجرة‌ منها، فأجابته‌ امرأة‌. فقال‌: أثَمَّ أبوحسن‌؟! قالت‌: لا، فمرّ في‌ المقتاة‌. فأدبر، وقال‌: اتبعوني‌، حتّي‌ انتهي‌ إلیه‌ وهو يسوّي‌ التراب‌ بِيَدِهِ. فقال‌: مَرْحَبَاً يَا أَمِيرَالمُؤْمِنِينَ! فقال‌ ] عمر [: إنّ هؤلاء أصابوا بيض‌ نعام‌ وهم‌ محرمون‌. فقال‌ أبو الحسن‌: ألا أرسلتَ إلی‌َّ؟! قال‌ ] عمر [: أنا أحقّ بإتيانك‌! قال‌ ] علی‌ّ علیه‌ السلام‌ [: يَضْرِبُونَ الفَحَلَ قَلاَئِصَ[2] أَبْكَاراً بِعَدَدِ البَيْضِ، فَمَا نَتَجَ مِنْهَا أَهْدَوْهُ. فقال‌ عمر: فَإنَّ الإبل تُخْدِجُ! [3] قَالَ علی‌ٌّ: وَالبَيْضُ يَمْرَضُ.

 فقال‌ عمر: اللَهُمَّ لاَ تُنْزِلْ بِي‌ شَدِيدةً إلاَّ وَأَبُو الحَسَنِ إلی‌ جَنْبِي‌! [4]

 وجاء في‌ السنّة‌ أنّ المحرم‌ إذا صاد نعامةً، فعلیه‌ أن‌ ينحر بَدَنَةً بمكّة‌. وهذه‌ هي‌ كفّارتها. وعلی‌ مَن‌ صاد بيض‌ النعام‌ أن‌ يهدي‌ قلوصاً كفّارة‌ له‌. فلهذا كان‌ عمر يتوقّع‌ أن‌ يقول‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: كفّارة‌ البيضات‌ الخمس‌ إهداء خمس‌ قلائص‌ إلی‌ مكّة‌.

 بَيدَ أنّ الإمام‌ لم‌ يحكم‌ بهذا. وحكم‌ بإهداء ما تنتجه‌ القلائص‌ الخمس‌ بعد إطراقها للفحل‌. وتعجّب‌ عمر هنا وقال‌: صادوا خمس‌ بيضات‌، وقد لايكون‌ أولاد الناقة‌ بهذا العدد، لانّ بعض‌ النياق‌ تجهض‌. ولذلك‌ يقلّ مقدار الكفّارة‌ عن‌ مقدار البيضات‌ المصيدة‌. وقال‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ جوابه‌: لايعلم‌ أنّ بيضات‌ النعام‌ الخمس‌ كلّها تنتج‌ لاحتمال‌ فساد بعضها، فيكون‌ هذا الاحتمال‌ بإزاء ذلك‌ الاحتمال‌.

 وفي‌ ضوء هذه‌ الدقّة‌ في‌ المحاسبة‌ العجيبة‌، قال‌ عمر: اللهمّ لاتُنزل‌ بي‌ شديدة‌ إلاّ وأبو الحسن‌ إلی‌ جنبي‌! ( فيحلّها لي‌ كحلّ مسألة‌بيض‌النعام‌!)

 وقال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ أيضاً: روي‌ جماعة‌ منهم‌ إسماعيل‌بن‌ صالح‌ عن‌ الحسن‌ أنّ عمر استدعي‌ امرأة‌ كان‌ يتحدّث‌ عندها الرجال‌. فلمّا جاءها رسله‌، ارتاعت‌ وخرجت‌ معهم‌ فأملصت‌ فوقع‌ إلی‌ الارض‌ ولدها يستهلّ ثمّ مات‌. فبلغ‌ عمر ذلك‌، فسأل‌ الصحابة‌ عن‌ ذلك‌، فقالوا بأجمعهم‌: نراك‌ مؤدِّباً، ولم‌تـرد إلاّ خيراً! ولا شـي‌ علیـك‌ في‌ ذلـك‌! ] فالتفـت‌ إلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ [، فقال‌: أقسمت‌ علیك‌ يا أباالحسن‌ لتقولنّ ما عندك‌!

 فقال‌ علیه‌ السلام‌: إن‌ كان‌ القوم‌ راقبوك‌، فقد غشّوك‌. وإن‌ كانوا ارتأوا فقد قصّروا، الدية‌ علی‌ عاقلتك‌! لانّ القتل‌ الخطأ للصبي‌ّ يتعلّق‌ بك‌!

 فقال‌ ] عمر [: أَنْتَ وَاللَهِ نَصَحْتَنِي‌! والله‌ لاتبرح‌ حتّي‌ تجري‌ الدية‌ علی‌ بَنِي‌ عَدِي‌ّ. ففعل‌ ذلك‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌.

 وقد أشار الغزّإلی إلی‌ ذلك‌ في‌ « إحياء العلوم‌ » عند قوله‌: ووجوب‌ الغرم‌ علی‌ الإمام‌ إذَاً، كما نقل‌ من‌ إجهاض‌ المرأة‌ جنينها خوفاً من‌ عمر.[5]

 وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ »: لمّا مات‌ عمر، وأظهر ابن‌عبّاس‌ قوله‌ في‌ العول‌، ولم‌ يكن‌ قبل‌ يظهره‌، ( قيل‌ له‌ ): هلاّ قلتَ هذا وعمر حي‌ّ؟!

 قال‌: هِبْتُهُ وَكَانَ امْرِءاً مَهِيباً. [6]

 الرجوع الي الفهرس

حكمه‌ علیه‌ السلام‌ في‌ دية‌ الجنين‌ الذي‌ أجهضته‌ أُمّه‌ خوفاً من‌ عمر

 وَاسْتَدْعَي‌ عُمَرُ امْرَأةً لِيَسْألَهَا عَنْ أَمْرٍ وَكَانَتْ حَامِلاَ، فَلِشِدَّةِ هَيْبَتِهِ أَلْقَتْ مَا فِي‌ بَطْنِهَا فَأَجْهَضَتْ بِهِ جَنِيناً مَيِّتاً. فَاسْتَفْتَي‌ عُمَرُ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ فِي‌ ذَلِكَ؛ فَقَالُوا: لاَشَي‌ءَ علیكَ! إنَّمَا أَنْتَ مُؤَدِّبٌ. فَقَالَ علی‌ٌّ علیهِ السَّلاَمُ: إنْ كَانُوا رَاقَبُوكَ، فَقَدْ غَشُّوكَ؛ وَإنْ كَانَ هَذَا جُهْدَ رَأَيِهِمْ فَقَدْ أَخْطَأُوا. علیكَ غُرَّةٌ يَعْنِي‌ عِتْقَ رَقَبَةٍ. فَرَجَعَ عُمَرُ وَالصَّحَابَةُ إلی‌ قَوْلِهِ. [7]

 الرجوع الي الفهرس

رجوع‌ عمر إلی‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ عدّة‌ طلاق‌ الامَة‌

 وقال‌ ابن‌ شهرآشوب‌ أيضاً: وفي‌ «غريب‌ الحديث‌» عن‌ أبي‌عُبَيد أيضاً، قال‌ أبو صُبْرَة‌:

 جاء رجلان‌ إلی‌ عمر، فقالا له‌: ما تري‌ في‌ طلاق‌ الامَة‌؟! فقام‌ إلی‌ حلقة‌ فيها رجل‌ أصلع‌، فسأله‌، فقال‌ ] مشيراً [: اثنتان‌. فالتفتَ إلیهما فقال‌: اثنتان‌. فقال‌ له‌ أحدهما: جئناك‌ وأنت‌ أميرالمؤمنين‌، فسألناك‌ عن‌ طلاق‌ الامة‌، فجئتَ إلی‌ رجل‌، فسألتَهُ! فوالله‌ ما كلّمك‌ ( وإنّما أشار بيده‌ فأفهمك‌!).

 فقال‌ له‌ عمر: وَيْلَكَ، أَتَدْرِي‌ مَنْ هَذَا؟! هَذَا علی‌ُّبْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ! سَمِعْتُ رَسُولَاللَهِ صَلَّي‌اللَهُ علیه‌ وَآلِهِ يَقُولُ: لَوْ أَنْ السَّمَاواتِ وَالاَرْضَ وُضِعَتْ فِي‌ كَفَّةٍ وَوُضِعَ إيمَانُ علی‌ٍّ فِي‌ كَفَّةٍ لَرَجَحَ إيمَانُ علی‌ٍّ.

 ورواه‌ مَصْقَلَة‌ بن‌ عبد الله‌.

 ] وقال‌ [ العبدي‌ّ ] شاعر أهل‌ البيت‌ [:

 إنَّا رُوينا، في‌ الحديث‌ خَبَرا                      يَعْـرِفُهُ سَـايِرُ مَنْ كَـانَ رَوَي‌

 أَنَّ ابْـنَ خَطَّـابٍ أَتَـاهُ رَجُـلٌ                      فَقَالَ: كَـمْ عِـدَّةُ تَطْلِيقِ الإمَا

 فَقَالَ: يَا حَيْـدَرُ كُـمْ تَطْلِيقَـةٌ                    لِلاُمَةِ اذْكُرْهُ فَأُومَي‌ المُرْتَضَي‌

 بِإصْـبَعَيْـهِ فَثَنَـي‌ الوَجْـهَ إلی‌                  سَـائِلِـهِ قَـالَ: اثْنَتَـانِ وَانْثَنَي‌

 قَالَ لَهُ: تَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: لاَ                     قَالَ لَهُ: هَـذَا علی‌ٌّ ذُو العُلاَ [8]

 وذكر السيّد علی‌ّ الهمدانيّ في‌ كتاب‌ « مودّة‌ القربي‌ »،[9] كما نقله‌ الخوارزميّ في‌ مناقبه‌. [10]

 ورواه‌ العلاّمـة‌ الامينيّ بتمامـه‌ وكمالـه‌ في‌ « الغدير » عن‌ الحافظ‌ الدارقطني‌ّ، وعن‌ ابن‌ عساكر، عن‌ الشيخ‌ الكنجيّ في‌ « كفاية‌ الطالب‌ » ص‌29. وقال‌ الكنجي‌ّ: هذا حسن‌ ثابت‌. ورواه‌ من‌ طريق‌ الزمخشريّ خطيب‌ الحرمين‌ الخوارزميّ في‌ « المناقب‌ » ص‌78، والسيّد علی‌ّ الهمدانيّ في‌ «مودّة‌ القربي‌». [11]

 ومن‌ الجديـر ذكـره‌ أنّ ما جـاء فـي‌ الرواية‌ التـي‌ نقلنـاها عن‌ ابن‌شـهرآشـوب‌ هو قـوله‌: وَاللَهِ مَا كَلَّمَكَ. أي‌ أنّ ذلـك‌ الرجل‌ قال‌ لابن‌الخطاب‌: هذا الرجل‌ لم‌يكلّمك‌ واكتفي‌ بالإشارة‌ بإصبعيه‌. بينما جاء في‌ رواية‌ الخوارزمي‌ّ: وَاللَهِ مَا أُكَلِّمُكَ. لا نّك‌ تقول‌: أنا أميرالمؤمنين‌ وتسأل‌ غيرك‌ عن‌ هذه‌ المسألة‌، وهو يجيبك‌ بالإشارة‌ فحسب‌.

 الرجوع الي الفهرس

توضيح‌ أمير المؤمنين‌ الكلمات‌ الغامضة‌ التي‌ قالها حذيفة‌ لعمر

 وروي‌ الإمام‌ الحافظ‌ الكنجيّ الشافعيّ بسلسلة‌ سنده‌ المتّصل‌ عن‌ سعيدبن‌ المسيّب‌، عن‌ حذيفة‌ إلیمانيّ أ نّه‌ لقي‌ عمر بن‌ الخطّاب‌، فقال‌ له‌ عمر: كيف‌ أصبحَت‌؟ فقال‌: كيف‌ تريدني‌ أُصبح‌! أَصْبَحْتُ وَاللَهِ أَكْرَهُ الحَقَّ، وَأُوحِبُّ الفِتْنَةَ، وَأَشْهَدُ بِمَا لَمْ أَرَهُ، وَأَحْفَظُ غَيْرَالمَخْلُوقِ، وَأُصَلِّي‌ علی‌ غَيْرِوُضُوءٍ، وَلِي‌َ فِي‌ الاَرْضِ مَا لَيْسَ لِلَّهِ فِي‌ السَّمَاءِ.

 فغضب‌ عمر لقوله‌، وانصرف‌ من‌ فوره‌. وقد أعجله‌ أمر، وعزم‌ علی‌ أذي‌ حذيفة‌ لقوله‌ ذلك‌. فبينا هو في‌ الطريق‌ إذ مرّ بعلی‌ّبن‌ أبي‌طالب‌، فرأي‌ الغضب‌ في‌ وجهه‌، فقال‌: ما أغضبك‌ يا عمر؟

 فقال‌ عمر: لقيت‌ حذيفة‌ بن‌ إلیمان‌، فسألته‌: كيف‌ أصبحتَ؟ فقال‌: أصبحت‌ أكره‌ الحقّ! فقال‌ الإمام‌: صدق‌، يَكْرَهُ المَوْتَ وَهُوَ حَقٌّ. فقال‌ عمر: قال‌: وأُحبّ الفتنة‌! فقال‌ الإمام‌: صدق‌، يُحِبُّ المَالَ وَالوَلَدَ؛ وقد قال‌ الله‌ تعإلی‌: إِنَّمَآ أَمْوَ ' لُكُمْ وَأَوْلَـ'دُكُمْ فِتْنَةٌ. [12]

 فقال‌ عمر: يَاعلی‌ٌّ! يقول‌: وَأَشْهَدُ بِمَا لَمْ أَرَهُ.

 فقال‌ الإمام‌: صدق‌، يشهد للّه‌ بالوحدانيّة‌ والموت‌ والقيامة‌ والجنّة‌ والنار والصراط‌، وهو لم‌ ير ذلك‌ كلّه‌. قال‌ عمر: يَا علی‌ُّ! وقد قال‌: إنّني‌ أحفظ‌ غيرالمخلوق‌. فقال‌ الإمام‌: صدق‌ يحفظ‌ كتاب‌ الله‌ تعإلی‌ القرآن‌، وهو غيرمخلوق‌. [13]

 قال‌ عمر: ويقول‌: أُصلّي‌ علی‌ غير وضوء! فقال‌ الإمام‌: صدق‌، يصلّي‌ علی‌ ابن‌ عمّي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ علی‌ غيروضوء، والصلاة‌ علیه‌ جائزة‌.

 قال‌ عمر: يَا أَبَا الحَسَنِ! قد قال‌ أكبر من‌ ذلك‌. فقال‌ الإمام‌: وما هو؟ قال‌: قال‌: ولي‌ في‌ الارض‌ ما ليس‌ للّه‌ في‌ السماء! فقال‌ الإمام‌: صدق‌، له‌ زوجة‌ وتعإلی‌ الله‌ عن‌ الزوجة‌ والولد.

 فقال‌ عمر: كَادَ يَهْلِكُ ابْنُ الخَطَّابِ، لَوْلاَ علی‌ُّبْنُ أَبِي‌طَالِبٍ. [14]

 وروي‌ ابن‌ صبّاغ‌ المالكي‌ّ مثله‌ ولكن‌ ليس‌ عن‌ حذيفة‌، بل‌ عن‌ رجل‌ جاء إلی‌ عمر، وقال‌ كذا وكذا، وأجاب‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فأزال‌ الإشكال‌. وفي‌ آخره‌، قال‌ عمر: أَعوذُ بِاللَهِ مِنْ مُعْضَلَةٍ لاَعلی‌َّ لَهَا. [15]

 وذكر عن‌ سعيد بن‌ المُسَيِّب‌ قوله‌: كان‌ عمر يقول‌: اللَهُمَّ لاَتُبْقِنِي‌ لِمُعْضَلَةٍ لَيْسَ فِيهَا أَبُو الحَسَنِ؛ وَقَالَ مَرَّةً: لَوْلاَ علی‌ٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ. [16]

 وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: جاءت‌ امرأة‌ إلی‌ عمر بن‌ الخطّاب‌، فقالت‌: يا أميرالمؤمنين‌! إنّ زوجي‌ يصوم‌ النهار ويقوم‌ الليل‌، وإنّي‌ أكره‌ أن‌ أشكوه‌ وهو يعمل‌ بطاعة‌ الله‌! فقال‌: نِعْمَ الزوج‌ زوجُكِ! فجعلت‌ تكرّر علیه‌ القول‌، وهو يكرّر علیها الجواب‌.

 فقال‌ له‌ كعب‌ بن‌ سَوْر: يا أمير المؤمنين‌! إنّها تشكو زوجها في‌ مباعدته‌ إيّاها عن‌ فراشه‌! ففطن‌ عمر حينئذٍ، وقال‌ له‌: قد وليتك‌ الحكم‌ بينهما. فقال‌ كعب‌: علی‌َّ بزوجها، فأُتي‌ به‌، فقال‌ له‌: إنّ زوجتك‌ هذه‌ تشكوك‌! قال‌: في‌ طعام‌ أو شراب‌؟! قال‌: لا. قالت‌ المرأة‌:

 أيُّهَـا القَاضِـي‌ الحَكِيـمُ رَشَـدُهُ                 أَلْهَي‌ خَلِيلي‌ عَنْ فِرَاشِي‌ مَسْجِدُهْ

 زَهَّـدَهُ فِـي‌ مَضْجَـعِـي‌ تَعَبُّـدُهْ                نَـهَـارَهُ وَلَـيْـلُــهُ مَـا يُـرْقِــدُهْ

 فَلَسْـتُ فِي‌ أَمْرِ النِّسَـاءِ أَحْمَدُه‌

 فقال‌ زوجها:

 زَهَّدَنِـي‌ فِي‌ فَـرْشِـهَا وَفِـي‌ الحَجَلْ                    أَ نِّـي‌ امْـرُؤٌ أَذْهَلَـنِـي‌ مَـا قَـدْ نَـزَلْ

 فِي‌ سُورَةِ النَّمْلِ وَفِي‌ السَّبْعِ الطِّوَلْ[17]               وَفِـي‌ كِتَـابِ اللَـهِ تَخْـوِيـفٌ جَلَلْ

 قال‌ كعب‌:

 إنَّ لَهَا حَقَّاً علیكَ يَا رَجُلْ             تُصِيبُهَا مِنْ أَرْبَعٍ لِمَنْ عَقَلْ

 فَأَعْطِهَا ذَاكَ وَدَعْ عَنْكَ العِلَلْ

 فقال‌ لعمر: يا أمير المؤمنين‌! إنَّ اللَهَ أَحَلَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَي‌ وَثلاَثَ وَرُبَاعَ، فَلَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَإلیهِنَّ يَعْبُدُ فِيهَا رَبَّهُ، وَلَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ.

 فقال‌ عمر: وَاللَهِ مَا أَعْلَمُ مِنْ أَي‌ِّ أَمْرَيْكَ أَعْجَبُ؟! أَمِنْ فَهْمِكَ أَمْرَهُمَا، أَمْ مِنْ حُكْمِكَ بَيْنَهُمَا؟ اذْهَبْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ قَضَاءَ البَصَرةِ. [18]

 نجد أنّ الخليفة‌ هنا لم‌ ينصف‌، إذ كان‌ خليقاً به‌ أن‌ يفوّض‌ الخلافة‌ إلی‌ الشخص‌ المذكور.

 الرجوع الي الفهرس

حكم‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بتبرئة‌ المرأة‌ التي‌ زنت‌ اضطراراً

 وروي‌ عن‌ « أربعين‌ الخطيب‌ » أنّ امرأةً شهد علیها الشهود أ نّهم‌ وجدوها في‌ بعض‌ مياه‌ العرب‌ مع‌ رجل‌ يطأها ليس‌ ببعل‌ لها. فأمر عمر برجمها. فقالت‌: اللَهُمَّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَ نِّي‌ بَرِيَّةٌ. فغضب‌ عمر وقال‌: وَتَجْرَحِي‌ الشُّهُودَ أَيضاً. وأمر أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ أن‌ يسألها.

 فقالت‌: كان‌ لاهلي‌ إبل‌، فخرجت‌ في‌ إبل‌ أهلي‌، وحملتُ معي‌ ماء، ولم‌يكن‌ في‌ إبلي‌ لبن‌. وخرج‌ معي‌ خليط‌ وكان‌ في‌ إبله‌ لبن‌، فنفد مائي‌، فاستسقيته‌، فأبي‌ أن‌ يسقيني‌ حتّي‌ أُمكّنه‌ من‌ نفسي‌. فأبيتُ. فلمّا كادت‌ نفسي‌ تخرج‌، أمكنته‌ من‌ نفسي‌، فأعطاني‌ الماء.

 فقال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: اللَهُ أَكْبَرُ «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي‌ مَخْمَصَةٍ غَيْرَمُتَجَانِفٍِ لإثْمٍ» فَلاَ إثْمَ علیهِ. [19]

 وأنشد ابن‌ الإصفهانيّ مثل‌ هذا الباب‌:

 لاَ يَهْتَدُونَ لِمَا اهْتَدَي‌ الهَادِي‌ لَهُ              مِمَّـا بِـهِ الحُكْمَـانِ يَـشْـتَبِهَـانِ

 فِي‌ رَجْـمِ جَارِيَةٍ زَنَتْ مُضْطَـرَّةً               خَوْفَ المَمَاتِ بِعِلَّةِ العَطْـشَـانِ

 إذْ قَالَ: رُدُّوهَـا فَـرُدَّتْ بَعْـدَما                  كَادَتْ تَحِـلُّ عَسَـاكِـرُ المَوْتَـانِ

 وَبِرَجْمِ أُخْـرَي‌ وَالِداً عَنْ سِـتَّةٍ                 فَـأَتَـي‌ بِـقَـصِـتِهَـا مِـنَ القُـرآنِ

 إذ أقْبَلَـتْ جَـرَي‌ إلیـهَـا أُخْتُهَـا                 حَذَراً علی‌ حَدِّ الفُـؤادِ حَصَانِ [20]

 وروي‌ ابن‌ قتيبة‌ في‌ عيونه‌ عن‌ المدائنيّ، قال‌: أحدث‌ رجل‌ في‌ الصلاة‌ خلف‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ ] فبطلت‌ صلاته‌، وسمعه‌ عمر [. فلمّا سلّم‌ عمر أعزم‌ علی‌ صاحب‌ الضرطة‌ إلاّ قام‌ فتوضّأ، وصلّي‌. فلم‌يقم‌ أحد.

 قال‌ جرير بن‌ عبد الله‌: يا أمير المؤمنين‌! أعزم‌ علی‌ نفسك‌ وعلینا أن‌ نتوضّأ، ثمّ نعيد الصلاة‌. فأمّا نحن‌، فتصير لنا نافلة‌. وأمّا صاحبنا، فيقضي‌ صلاته‌. فقال‌ عمر: رحمك‌ الله‌! أن‌ كنت‌ لشريفاً في‌ الجاهليّة‌، فقيهاً في‌ الإسلام‌. [21]

 وقال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: روي‌ محمّد بن‌ سيرين‌ أنّ عمر في‌ آخر أيّامه‌ اعتراه‌ نسيان‌، حتّي‌ كان‌ ينسي‌ عدد ركعات‌ الصلاة‌، فجعل‌ أمامه‌ رجلاً يلقّنه‌. فإذا أومي‌ إلیه‌ أن‌ يقوم‌ أو يركع‌، فعل‌. [22]

 الرجوع الي الفهرس

تجسّس‌ عمر ليلاً دارَ أبي‌ محجن‌ شارب‌ الخمر

 وأخرج‌ السيوطيّ في‌ « الدرّ المنثور » عن‌ الخرائطيّ في‌ كتاب‌ « مكارم‌ الاخلاق‌ » عن‌ ثور الكنديّ، ] قال‌ [: إنّ عمربن‌ الخطّاب‌ كان‌ يعسّ بالمدينة‌ من‌ الليل‌، فسمع‌ صوت‌ رجل‌ في‌ بيت‌ يتغنّي‌، فتسوّر علیه‌، فوجد عنده‌ امرأة‌، وعنده‌ خمر، فقال‌: يَا عَدُوَّ اللَهِ! أَظَنَنْتَ أَنَّ اللَهَ يَسْتُرُكَ وَأَنْتَ علی‌ مَعْصِيَتِهِ؟!

 فقال‌: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! لاَ تَعْجَلْ علی‌َّ أَنْ أَكُونَ عَصَيْتُ اللَهَ وَاحِدَةً فَقَدْ عَصَيْتَ اللَهَ فِي‌ ثَلاَثٍ: قَالَ اللَهُ: «وَلاَتَجَسَّسُوا»[23] وَقَدْ تَجَسَّسْتَ! وَقَالَ ] اللَهُ [: «وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا»[24] وَقَدْ تَسَوَّرْتَ علی‌َّ! وَدَخَلْتَ علی‌َّ بِغَيْرِإذْنٍ. وَقَالَ اللَهُ: «لاَتَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّي‌'تَسْتَأْنِسُوا[25]وَتُسَلِّمُوا علی‌'´ أَهْلِهَا»!.[26]

 وذكر ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ آخر هذه‌ الرواية‌ أنّ الرجل‌ قال‌: وَمَاسَلَّمتَ.[27]

 ينبغي‌ هنا ملاحظة‌ مدي‌ جهل‌ الخليفة‌ الثاني‌ بالآيات‌ القرآنيّة‌ وما هو نصيبه‌ منها؛ فهو يتسلّق‌ الجدار ليلاً بدون‌ علم‌ صاحب‌ البيت‌، ثمّ يلوم‌ صاحب‌ البيت‌ ويوبّخه‌ علی‌ ارتكابه‌ الذنب‌ أمام‌ شخصيّة‌ كعمر ـالذي‌ يزعم‌ أ نّه‌ أميرالمؤمنين‌! ـ وإذا بذلك‌ الرجل‌ الثمل‌ ـ وهو أبومِحجَن‌ الثَّقَفي‌ علی‌ رواية‌ الثعلبي‌ّـ وقد استشهد بثلاث‌ آيات‌ قرآنيّة‌ ـوهو سكران‌ـ فيفضح‌ بها عمر ويُخجله‌، ويرغمه‌ علی‌ التراجع‌!

 قال‌ الثعلبيّ: إنّ ذلك‌ الرجل‌ الذي‌ تسوّر علیه‌ عمر كان‌ أبامحجن‌ الثقفي‌ّ. وروي‌ أ نّه‌ قال‌ لعمر: إنّ هذا لا يحلّ لك‌! قد نهاك‌ الله‌ عن‌ التجسّس‌! فقال‌ عمر: ما يقول‌ هذا: ] إنّه‌ تجسّس‌ [؟ فقال‌ زيدبن‌ ثابت‌ وعبدالله‌بن‌ أرقم‌: صدق‌ يا أمير المؤمنين‌ ] هذا التجسّس‌ [. فخرج‌ عمر وتركه‌.[28] وهنا قال‌ أحد علمائنا: العجيب‌ أنّ أبا محجن‌ الثقفيّ الخمِّير السكِّير عرف‌ هذا وعمر لم‌يعرفه‌! ولم‌ ينتبه‌ بعد تنبيه‌ أبي‌محجن‌ إيّاه‌، حتّي‌ أعلمه‌ الآخرون‌ ( زيد وعبدالله‌ ).

 وكان‌ أبو محجن‌ الثقفيّ رجلاً دائم‌ اللهو بالخمر ومجالس‌ الغناء. وهو صاحب‌ البيتين‌ الآتيين‌:

 إذَا مِتُّ فَادْفِنِّي‌ إلی‌ جَنْبِ كَرْمَةٍ              تَرَوَّي‌ عِظَامِي‌ بَعْدَ مَوْتِي‌ عُرُوقَهَا

 وَلاَ تَدْفِنَنِّـي‌ فِي‌ الفَـلاَةِ فَـإنَّنِي               ‌ أَخَافُ إذَا مَا مِتُّ أَنْ لاَ أذُوقَها [29]

 يستفاد من‌ هذه‌ الرواية‌ أنّ عمر كان‌ جاهلاً بآية‌ التجسّس‌ وكذا في‌ موضوع‌ التجـسّـس‌ ومفهومه‌ علی‌ الرغم‌ من‌ كونه‌ أمـر عرفي‌ّ، حتّي‌ أ نّه‌ قدسـأل‌ صحابيينِ عن‌ مصـداق‌ مفهومه‌، فحدّثاه‌ بمصداقه‌ كما أدركه‌ أبومحجن‌!

 قارنوا هذه‌ الروايات‌ والاحاديث‌ الثابتة‌ في‌ التأريخ‌ ـ التي‌ تفوق‌ حدّ الإحصاءـ بما روي‌ عن‌ الإمام‌ المظلوم‌ علی‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ من‌ علم‌ غزير. ذلك‌ الإمام‌ الذي‌ كان‌ مصدر النور المتأ لّق‌، ومنهل‌ العلم‌ الفيّاض‌، بيد أ نّه‌ قد قُصّ جناحاه‌ عن‌ كلّ شي‌ء، وإذا هو يذهب‌ إلی‌ بساتين‌ المدينة‌، يحرث‌ ويزرع‌ ويجري‌ قنوات‌ الماء خمساً وعشرين‌ سنة‌!

 يتوكّأ قسم‌ من‌ أحكام‌ الإمام‌ العجيبة‌ علی‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ الكريمة‌، وقد قرأنا كثيراً منها في‌ هذا الكتاب‌ الشريف‌. وإذ نريد أن‌ نختم‌ بحثنا نكتفي‌ بذكر رواية‌ مباركة‌، وعلی‌ القاري‌ الكريم‌ أن‌ يلاحظ‌ كيفيّة‌ تبيان‌ الإمام‌ الحكم‌ بالاستناد علی‌ الآيات‌ القرآنيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

استناد أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ علی‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ في‌ الحكم‌

 روي‌ العيّاشيّ في‌ تفسيره‌ عن‌ عبد الله‌ بن‌ قدّاح‌، عن‌ أبي‌عبدالله‌ علیه‌ السلام‌، عن‌ أبيه‌ علیه‌ السلام‌، قال‌: جاء رجل‌ إلی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ فقال‌: يا أميرالمؤمنين‌! بي‌ وجع‌ في‌ بطني‌. فقال‌ له‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: ألك‌ زوجة‌؟! قال‌: نعم‌! قال‌: استوهب‌ منها شيئاً طيّبة‌ به‌ نفسها من‌ مالها، ثمّ اشتر به‌ عسلاً! ثمّ اسكب‌ علیه‌ من‌ ماء السماء، ثمّ اشربه‌! فإنّي‌ أسمع‌ الله‌ يقول‌ في‌ كتابه‌: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُبَـ'رَكًا. [30] وقال‌: يَخْرُجُ مِن‌ بُطُونِهَا شَرَ ' بٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَ ' نُهُ و فِيهِ شِفَآءٌ لِّلنَّاسِ. [31] وقال‌: فَإن‌ طِبْنَ لَكُمْ عَن‌ شَيْءٍ مِنْهُ نَفسًا فَكُلُوهُ هَنِيـئـًا مَّرِيـئـًا. [32]

 ] ثمّ قال‌ له‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: إذا شربتَ منه‌ [، شفيتَ إن‌ شاء الله‌ تعإلی‌! قال‌ الإمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌ ـ راوي‌ هذا الحديث‌ ـ: ففعل‌ ذلك‌ فشفي‌. [33]

 وجاء في‌ خاتمة‌ رواية‌ « مجمع‌ البيان‌ » أنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ قال‌ لذلك‌ الرجل‌: فَإذَا اجْتَمَعتِ البَرَكَةُ وَالشِّفَاءُ وَالهَنِي‌ُ المَرِي‌ُ شُفِيتَ إنْ شاءَ تَعَالی‌.[34]

 الرجوع الي الفهرس

قراءة‌ عمر المرتجلة‌ آية‌: « السَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ... »

 ويشهد التأريخ‌ الصحيح‌ علی‌ عدم‌ كون‌ الحكّام‌ الآخرين‌ مراجعاً للقراءات‌، وكانوا يرجعون‌ فيها إلی‌ غيرهم‌ كابن‌ مسعود وزيدبن‌ ثابت‌ وأُبي‌ّبن‌ كعب‌. ولم‌يكن‌ عمر مرجعاً للقراءة‌ فحسب‌، بل‌ كان‌ يخطأ في‌ قراءته‌ في‌ بعض‌ المواطن‌، بل‌ ويخال‌ أنّ رسول‌ الله‌ كان‌ يقرأ هكذا! وكانت‌ قراءته‌ في‌ بعض‌ الاحيان‌ تفضي‌ به‌ إلی‌ التفاخر والتباهي‌، فيتلمّس‌ المقام‌ والمنزلة‌ لقريش‌ والمهاجرين‌ في‌ مقابل‌ الانصار. كما في‌ الآية‌100، من‌ السورة‌9: التوبة‌: السَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَـ'جِرِينَ وَالاْنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم‌ بِإِحسَـ'نٍ رَّضِيَ اللَهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدً لَهُمْ جَنَّـ'تٍ تَجْرِي‌ مِن‌ تَحْتِهَا الاْنْهَـ'رُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَ ' لِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.

 وكما هو واضح‌، فإنّ كلمة‌ الاْوَّلُونَ صفة‌ كلمة‌ السَّـ'بِقُونَ، و مِنْ بيانيّة‌، و وَالاْنصَارِ بالكسر معطوفة‌ علی‌ الْمُهَـ'جِرِينَ وتسبقها واو العاطفة‌. وحرف‌ الجرّ مِن‌ يبيّن‌ السَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ، وهم‌ من‌ المهاجرين‌ والانصار معاً. وقوله‌: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم‌ بِإِحْسَـ'نٍ معطوف‌ علی‌ قوله‌: السَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ. وقوله‌: رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ خبر لقوله‌: السَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ من‌ المهاجرين‌ والانصار، وكذلك‌ خبر لمعطوفه‌، وهو قوله‌: الَّذِينَ اتَّبَعُوهُم‌ بِإِحْسَـ'نٍ، إذ إنّ للمعطوف‌ والمعطوف‌ علیه‌ حكماً واحداً، ولذلك‌ فإنّ للسابقين‌ الاوّلين‌ سواء كانوا من‌ المهاجرين‌ أم‌ من‌ الانصار، والذين‌ اتّبعوهم‌ بإحسان‌ حكماً واحداً، وتشملهم‌ عناية‌ إلهيّة‌ خاصّة‌.

 بيد أنّ عمر كان‌ يُسقط‌ الواو الواقعة‌ بين‌ الاْنصَارِ و وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَـ'نٍ عند قراءة‌ هذه‌ الآية‌، ويرفع‌ كلمة‌ الاْنصَارِ وهي‌ مجرورة‌. لذلك‌ كان‌ يذهب‌ إلی‌ أنّ كلمة‌ الاَوَّلُونَ خبر أو صفة‌ المُهَـ'جِرينَ، و مِنْ في‌ قوله‌: مِنَ الْمُهَـ'جِرِينَ لابتداء الغاية‌، والاْنْصَارِ مبتدأ، و الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَـ'نٍ خبره‌ أو صفة‌ له‌. وحينئذٍ يتميّز السابقون‌ فحسب‌، بخاصّة‌ المهاجرون‌ الاُوَل‌، ويفرز الانصار من‌ هذا الحكم‌. أُولئك‌ قوم‌ رضي‌الله‌ عنهم‌ ولطف‌ بهم‌ لاتّباعهم‌ المهاجرين‌ الذين‌ هم‌ من‌ الدرجة‌ الاُولي‌. ومن‌ المعلوم‌ أنّ السابقون‌ في‌ مثل‌ هذا التعبير يتميّزون‌ علی‌ غيرهم‌ ولهم‌ مقام‌ رفيع‌ لايبلغ‌ شأوه‌ أحد. والانصار تابعون‌ لهم‌. ولا يبلغ‌ مقامهم‌ ومقام‌ الذين‌ اتّبعوهم‌ بإحسان‌ مقامَ المهاجرين‌ ودرجتهم‌.

 روي‌ الحاكم‌ في‌ « المستدرك‌ » ج‌ 3، ص‌ 305 بسـنده‌ المتّصل‌ عن‌ أبي‌سَلَمة‌، ومحمّد بن‌ إبراهيم‌ التيمي‌ّ، قالا: مرّ عمربن‌ الخطّاب‌ برجل‌ وهو يقرأ: وَالسَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَـ'جِرِينَ وَالاْنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَـ'نٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ. إلی‌ آخر الآية‌. فوقف‌ علیه‌ عمر فقال‌: انصرف‌! فلمّا انصرف‌، قال‌ له‌ عمر: من‌ أقرأك‌ هذه‌ الآية‌؟! قال‌: أقرأنيها أُبي‌ّبن‌ كعب‌. فقال‌: انطلقوا بنا إلیه‌! فانطلقوا إلیه‌ فإذا هو متّكي‌ٌ علی‌ وسادة‌ برجل‌ رأسه‌، فسلّم‌ علیه‌ ] عمر [ فردّ ] علیه‌ أُبي‌ّ [ سلامه‌. فقال‌ عمر: يا أبا المنذر! قال‌ ] أُبي‌ّ [: لبيك‌. قال‌ ] عمر [: أخبرني‌ هذا أ نّك‌ أقرأته‌ هذه‌ الآية‌! قال‌: صدق‌، تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِاللَهِ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌. قال‌ عمر: أنت‌ تلقّيتها من‌ رسول‌ الله‌؟ قال‌: نَعَمْ؛ أَنَا تَلَقَّيْتُهَا مِنْ رَسُولِاللَهِ؛ ثلاث‌ مرّات‌. و ] قال‌ [ في‌ الثالثة‌، وهو غضبان‌: نَعَمْ؛ وَاللَهِ لَقَدْ أَنْزَلَهَا اللَهُ علی‌ جِبْرِيلَ؛ وَأَنْزَلَهَا جِبْرِيلُ علی‌ مُحَمَّدٍ، فَلَمْيَسْتَأمِرْ فِيهَا الخَطَّابَ وَلاَ ابْنَهُ. فخرج‌ عمر وهو رافع‌ يديه‌ وهو يقول‌: الله‌ أكبر، الله‌ أكبر.

 وذكر السيوطي‌ّ هذه‌ الرواية‌ باللفظ‌ المذكور في‌ تفسير « الدرّ المنثور » ج‌3، ص‌269، كما ذكرها الآلوسي‌ّ في‌ تفسير « روح‌ المعاني‌ » ج‌11، ص‌8. وقال‌ الزمخشريّ في‌ تفسير « الكشّاف‌ » ج‌1، ص‌408، الطبعة‌ الاُولي‌، المطبعة‌ الشرقيّة‌، عند تفسير هذه‌ الآية‌: روي‌ أنّ عمر سمع‌ رجلاً يقرأ بالواو: واتّبعوهم‌؟! فقال‌: من‌ أقرأك‌ ] هذا [؟! قال‌: أُبَي‌ّ. فدعاه‌ ] عمر [. فقال‌ ] أُبي‌ّ [: أَقْرَأنِيهِ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ وَإنَّكَ لَتَبِيعُ القَرَظَ بِالبَقِيعِ! ( القرظ‌ ورق‌ السَّلَم‌ يُدبَغ‌ به‌. والسلم‌ شجر كبير وشائك‌ ).

 قَالَ: صَدَقْتَ وَإنْ شِئْتَ قُلْتَ: شَهِدْنَا وَغِبْتُمْ، وَنَصَرْنَا وَخَذَلْتُمْ، وَآوَيْنَا وَطَرَدْتُمْ! ( الانصار هم‌ الذين‌ آووا، وقريش‌ هم‌ الذين‌ طردوا المسلمين‌ من‌ مكّة‌ ).

 وَمِنْ ثَمَّ قَالَ عُمَرُ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَانَا رُفِعْنَا رِفْعَةً لاَيَبْلُغُهَا أَحَدٌ بَعْدَنَا.

 وفي‌ ذيل‌ هذه‌ الآية‌ الشريفة‌ أيضاً روي‌ كلّ من‌ السيوطيّ في‌ « الدرّ المنثور » والقرطبيّ في‌ « التفسير » ج‌ 8، ص‌238، والزمخشريّ في‌ « الكشّـاف‌ » ج‌1، ص‌408، والطبريّ في‌ « جامع‌ البيان‌ » ج‌11، ص‌8، وابن‌كثير في‌ « التفسير » ج‌3، ص‌444، والسيّد محمّد الآلوسيّ في‌ « روح‌ المعاني‌ » ج‌11، ص‌8 و9 أنّ عمر أخذ بيد ذلك‌ الرجل‌ الذي‌ كان‌ يقرأ القرآن‌، وقال‌: مَنْ أَقَـرَأَكَ هَذَا؟! قَالَ: أُبَـي‌ُّبْنُ كَعبْ! فقال‌ له‌ عمر: لاتفارقني‌ حتّي‌ أذهب‌ بك‌ إلیه‌! فلمّا جاءه‌، قال‌ عمر: أنتَ أقرأتَ هذا هذه‌ الآية‌ هكذا؟! قال‌: نعم‌! قال‌ عمر: لَقَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَ نَّا رُفِعْنَا رِفْعَةً لاَيَبْلُغُهَا أَحَدٌ بَعْدَنَا.

 فقال‌ أُبيّ: تصديق‌ ذلك‌ في‌ أوّل‌ ] سورة‌ [ الجمعة‌: وَءَاخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِم‌... وفي‌ ] سورة‌ [ الحشر: وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن‌ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِر لَّنَا وَلاِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ. وفي‌ ] سورة‌ [ الانفال‌: وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِن‌ بَعدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَـ'´نءِكَ مِنكُمْ.

 وكذلك‌ روي‌ السيوطيّ والطبريّ وابن‌ كثير والزمخشريّ والقرطبي‌ّ، والآلوسيّ في‌ التفاسير المذكورة‌، في‌ ذيل‌ هذه‌ الآية‌، عن‌ أبي‌عبيد وسعيد وابن‌جرير وابن‌المنذر وابن‌ مردويه‌ عن‌ حبيب‌ الشهيد، عن‌ عمروبن‌ عامر الانصاريّ أنّ عمربن‌ الخطّاب‌ قرأ: وَالسَّـ'بِقُونَ الاْوَّلُونَ مِنَ الْمُهَـ'جِرِينَ وَالاْنصَارُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحسَـ'نٍ، فرفع‌ الانصار، ولم‌يلحق‌ الواو في‌ الَّذِينَ. فقال‌ له‌ زيد بن‌ ثابت‌: وَالَّذِينَ ] بالواو [، فقال‌ عمر: الَّذِينَ. فقال‌ زيد: أمير المؤمنين‌ أعلم‌. فقال‌ عمر: ائتوني‌ بأُبي‌ّبن‌ كعب‌! فأتاه‌، فسأله‌ عن‌ ذلك‌. فقال‌ أُبي‌ّ: وَالَّذِينَ ] بالواو [. فقال‌ عمر: فَنَعَمْ إذَنْ نُتَابِعُ أُبَيَّاً، وَنَقْرَأهَا بِالوَاوِ.

إلی المجلد الثانی عشر

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 496.

[2] ـ القلوص‌: الناقة‌ الشابّة‌ التي‌ تُركب‌ حديثاً. وجمعها: قلائص‌.

[3] ـ خدجت‌ الدابّة‌ وأخدجت‌: ألقت‌ ولدها ناقص‌ الخلقة‌ أو قبل‌ تمام‌ الايّام‌ فهي‌ خادج‌ ومُخدج‌. وولدها خديج‌ وخدوج‌ ومخدج‌.

[4] ـ «ذخائر العقبي‌» ص‌ 82؛ و«الرياض‌ النضرة‌» ج‌ 3، ص‌ 205 و 206، طبعة‌ مكتبة‌ لبندة‌.

[5] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 497؛ ونقل‌ العلاّمة‌ الامينيّ هذه‌ الواقعة‌ في‌ «الغدير» ج‌ 6، ص‌ 119، الحديث‌ 22 بصورتين‌، عن‌ مصادر عديدة‌ كأبن‌ الجوزيّ في‌ «سيرة‌ عمر»، وأبي‌عمر في‌ «العلم‌»، والسيوطيّ في‌ «جمع‌ الجوامع‌» نقلاً عن‌ عبدالرزّاق‌، والبيهقي‌ّ، وابن‌أبي‌ الحديد في‌ شرحه‌؛ ورواه‌ الشيخ‌ المفيد في‌ «الإرشاد» ص‌ 113.

[6] ـ روي‌ الكليني‌ّ في‌ «الكافي‌» ج‌ 7، ص‌ 80، وا لشيخ‌ الطوسيّ في‌ «تهذيب‌ الاحكام‌» ج‌ 9، ص‌ 249، والصدوق‌ في‌ «من‌ لا يحضره‌ الفقيه‌» ج‌ 4، ص‌ 188 عن‌ الزُّهري‌ّ، عن‌ عبيدالله‌بن‌ عبدالله‌بن‌ عتبة‌ أ نّه‌ قال‌: جالستُ ابن‌ عبّاس‌، فعرض‌ ذكر الفرائض‌ في‌ المواريث‌. فقال‌ ابن‌ عبّاس‌: سبحان‌ الله‌ العظيم‌. أترون‌ أنّ الذي‌ أحصي‌ رمل‌ عالج‌ عدداً، جعل‌ في‌ مالٍ نصفاً ونصفاً وثلثاً؟ فهذان‌ النصفان‌ قد ذهبا بالمال‌، فأين‌ موضع‌ الثلث‌؟ فقال‌ له‌ زُفَربن‌ أوس‌ البصري‌ّ: يا ابن‌ عبّاس‌! فمن‌ أوّل‌ من‌ أعال‌ الفرائض‌؟ فقال‌: عمربن‌ الخطّاب‌ لمّا التفّتْ عنده‌ الفرائض‌ ودفع‌ بعضها بعضاً قال‌: والله‌ ما أدري‌ أيّكم‌ قدّم‌ الله‌ وأيّكم‌ أخرّ؟ وما أجد شيئاً هو أوسع‌ من‌ أن‌ أُقسم‌ عليكم‌ هذا المال‌ بالحصص‌! فأدخل‌ علي‌ كلّ ذي‌ حقّ ما دخل‌ عليه‌ من‌ عول‌ الفريضة‌. وأيم‌ الله‌ أن‌ لو قدّم‌ من‌ قدّم‌ الله‌، وأخرّ من‌ أخرّ الله‌، ما عالت‌ فريضة‌. فقال‌ له‌ زُفَر بن‌ أوس‌: وأيّها قدّم‌ الله‌ وأيّها أخرّ؟ فقال‌: كلّ فريضة‌ لم‌يهبطها الله‌ عزّ وجلّ عن‌ فريضة‌ إلاّ إلي‌ فريضة‌، فهذا ما قدّم‌ الله‌. وأمّا ما أخرّ الله‌، فكلّ فريضة‌ إذا زالت‌ عن‌ فرضهـا ولم‌يكن‌ لها إلاّ ما بقـي‌، فتلك‌ التي‌ أخـرّ الله‌. إلي‌ أن‌ قـال‌: فقال‌ زُفَـربن‌ أوس‌ لابن‌عبّاس‌: ما منعك‌ أن‌ تشير بهذا الرأي‌ علي‌ عمر؟ فقال‌: هِبْتُهُ. فقال‌ الزهريّ ] راوي‌ هذه‌ الرواية‌ [: والله‌ لولا أ نّه‌ تقدّمه‌ إمام‌ عدل‌ كان‌ أمره‌ علي‌ الورع‌ فأمضي‌ أمراً فمضي‌، ما اختلف‌ علي‌ ابن‌عبّاس‌ في‌ العلم‌ اثنان‌». ومن‌ طريق‌ العامّة‌ أورد هذا الحديث‌ بتمامه‌ وكماله‌ حتّي‌ آخره‌ كلّ من‌ البيهقيّ في‌ سننه‌، ج‌ 6، ص‌ 253، والحاكم‌ في‌ مستدركه‌، ج‌ 4، ص‌ 340، والملاّ علي‌ّ المتّقي‌ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 6، ص‌ 7، وأبي‌ بكر الجصّاص‌ في‌ «أحكام‌ القرآن‌» ج‌ 2، ص‌ 109.

 أقول‌: والعجيب‌ هنا أنّ أتباع‌ عمر يعدّون‌ هذه‌ المهابة‌ من‌ فضائله‌. قال‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: وكان‌ عمر بن‌ الخطّاب‌ صعباً عظيم‌ الهيبة‌، شديد السياسة‌، لايحابي‌ أحداً ولايراقب‌ شريفاً ولامشروفاً، وكان‌ أكابر الصحابة‌ يتحامونه‌، ويتفادون‌ من‌ لقائه‌. إلي‌ أن‌ قال‌: وقيل‌ لابن‌عبّاس‌ لمّا أظهر قوله‌ في‌ العول‌ بعد موت‌ عمر ولم‌ يكن‌ قبل‌ يظهره‌: هلاّ قلتَ هذا وعمر حي‌ّ؟ قال‌: هبتُه‌ وكان‌ امرءاً مهيباًـ انتهي‌.

[7] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 58، طبعة‌ بيروت‌، دار المعرفة‌، دار الكتاب‌ العربي‌ّ، دار التراث‌ العربي‌ّ.

[8] ـ «المناقب‌» ج‌ 1، ص‌ 500، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[9] ـ «مودّة‌ القربي‌» ضمن‌ كتاب‌ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 254، المودّة‌ السادسة‌، طبعة‌ إسلامبول‌ سنة‌ 1301، مطبعة‌ اختر.

[10] ـ «المناقب‌» في‌ الطبعة‌ الحجريّة‌: ص‌ 78، وفي‌ طبعة‌ النجف‌ الحديثة‌: ص‌ 77 و 78.

[11] ـ «الغدير»، ج‌ 2، ص‌ 299. ذكر هذا الحديث‌ ضمن‌ ترجمة‌ شاعر الغدير: العبدي‌ّ الكوفي‌ّ.

[12] ـ الآية‌ 15، من‌ السورة‌ 64: التغابن‌: إِنَّمَا أَمْوَ ' لُكُمْ وَأَوْلَـ'دُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَهُ عِنْدَهُ و´ أَجْرٌ عَظِيمٌ.

[13] ـ هذا القسم‌ من‌ الكلام‌ باطل‌، وقد ألحقه‌ بالحديث‌ القائلون‌ بقدم‌ القرآن‌ انتصاراً لعقيدتهم‌ ومذهبهم‌.

[14] ـ «كفاية‌ الطالب‌ في‌ مناقب‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌» ص‌ 218 و 219، طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ بالنجف‌، سنة‌ 1390 ه.

[15] ـ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 17، طبعة‌ مطبعة‌ العدل‌، النجف‌.

[16] ـ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 17، طبعة‌ مطبعة‌ العدل‌، النجف‌.

[17] ـ المراد من‌ السبع‌ الطوال‌ السور السبع‌ الكبيرة‌ الواقعة‌ في‌ أوّل‌ القرآن‌ وسمّاها رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: السبع‌ الطوال‌. وهي‌ «البقرة‌، آل‌ عمران‌، النساء، المائدة‌، الانعام‌، الاعراف‌، يونس‌». وعندما جمع‌ عثمان‌ القرآن‌. ظنّ أنّ سورتي‌ الانفال‌ والتوبة‌ سورة‌ طويلة‌ واحدة‌ بسبب‌ خلوّ التوبة‌ من‌ البسملة‌. وقدّمهما في‌ الكتاب‌ «القرآن‌» علي‌ سورة‌ يونس‌. لهذا تحسب‌ هاتان‌ السورتان‌ عنده‌ من‌ السور الطوال‌. ولكن‌ لمّا اعترضوا عليه‌ بأنّ رسول‌الله‌ جعل‌ سورة‌ يونس‌ بعد سورة‌ الاعراف‌، وعدّها من‌ السور الطوال‌. لم‌يعرف‌ جواباً يقوله‌، وقال‌: لاعلم‌ لي‌ بما وضعه‌ رسول‌ الله‌. («مهر تابان‌» (= الشمس‌ الساطعة‌) في‌ ذكري‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌، القسم‌ الثاني‌، ص‌ 89، 90 ).

[18] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» في‌ طبعة‌ دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌، تحقيق‌ محمّد أبوالفضل‌ إبراهيم‌: ج‌ 12، ص‌ 46 و 47، وفي‌ طبعة‌ بيروت‌، دار المعرفة‌: ج‌ 3، ص‌ 105.

[19] ـ آخر الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌؛ والآية‌ هي‌: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي‌ مَخْمَصَةٍ غَيْرَمُتَجَانِفٍ لاِءِثْمٍ فَإنَّ اللَهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. ومن‌ هنا يظهر أنّ قول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: فلا إثم‌ عليه‌ ليس‌ من‌ القرآن‌، بل‌ من‌ إنشائه‌، وجعله‌ خبراً للمبتدأ من‌ أجل‌ إكمال‌ الموضوع‌.

[20] ـ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌، ج‌ 1، ص‌ 499؛ وذكرها محبّ الدين‌ الطبريّ في‌ كتابيه‌: «ذخائر العقبي‌» ص‌ 81، و«الرياض‌ النضرة‌» ج‌ 3، ص‌ 208 و 209، طبعة‌ مكتبة‌ لبندة‌؛ كما ذكرها البيهقيّ في‌ «السنن‌ الكبري‌» ج‌ 8، ص‌ 236؛ ورواها الشيخ‌ المفيد في‌ «الإرشاد» ص‌ 114، الطبعة‌ الحجريّة‌، وفي‌ آخر الرواية‌: لمّا سمع‌ عمر كلام‌ الإمام‌، أخلي‌ سبيل‌ المرأة‌.

[21] ـ «قضاء أمير المؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌» للتستري‌ّ، ص‌ 276.

[22] ـ «قضاء أمير المؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌» للتستري‌ّ، ص‌ 276.

[23] ـ الآية‌ 12، من‌ السورة‌ 49: الحجرات‌.

[24] ـ الآية‌ 189، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[25] ـ أي‌: استأذنوا، إذ جاء في‌ التفسير أنّ معني‌ تستأنسوا: تستأذنوا.

[26] ـ «تفسير الدرّ المنثور» ج‌ 6، ص‌ 93، في‌ تفسير الآية‌ المباركة‌ 12، من‌ السورة‌ 49: الحجرات‌: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَيَغْتَب‌ بَّعْضُكُم‌ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن‌ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مِيتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَهَ إِنَّ اللَهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ. والآية‌ 27، من‌ السورة‌ 24: النور.

[27] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» في‌ طبعة‌ أُوفسيت‌ بيروت‌، دار المعرفة‌: ج‌ 1، ص‌ 61، وفي‌ طبعة‌ مصر، دار إحياء الكتب‌ العربيّة‌، تحقيق‌ محمّد أبوالفضل‌ إبراهيم‌: ج‌ 1، ص‌ 182.

[28] ـ تفسـير «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 5، ص‌ 135، طبعة‌ صيدا؛ و«تفسـير أبوالفتوح‌ ï ïالرازي‌ّ» عن‌ الثعلبي‌ّ، ج‌ 5، ص‌ 123 و 124، طبعة‌ مظفّري‌.

[29] ـ «قضاء امير المؤمنين‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌» للشيخ‌ محمّدتقي‌ التستري‌ّ، ص‌ 261.

[30] ـ الآيات‌ 9 إلي‌ 11، من‌ السورة‌ 50: ق‌: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً مُبَـ'رَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّـ'تٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَـ'سِقَـ'تٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَ ' لِكَ الْخُرُوجُ.

[31] ـ الآيتان‌ 68 و 69، من‌ السورة‌ 16: النحل‌: وَأَوْحَي‌' رَبُّكَ إِلَي‌ النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي‌ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي‌ مِن‌ كُلِّ الثَّمَرَ ' تِ فَاسْلُكِي‌ سُبُلَ رَبِّكَ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن‌ بُطُونِهَا شَرَ ' بٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَ ' نُهُ و فِيهِ شِفَآءٌ لِّلنَّاس‌ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

[32] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 4: النساء: وَءَاتُوا النِّسَآءَ صَدُقَـ'تُهِنَّ نِحْلَةً فَإِن‌ طِبْنَ لَكُمْ عَن‌ شَيْءٍ مِنهُ نَفسًا فَكُلُوهُ هَنِيـًا مَّرِيـًا.

[33] ـ «تفسير العيّاشي‌ّ» ج‌ 1، ص‌ 218؛ ووردت‌ كذلك‌ في‌ «بحار الانوار» ج‌ 14، ص‌ 873؛ وتفسير «البرهان‌» ج‌ 1، ص‌ 341؛ وتفسير «الصافي‌» ج‌ 1، ص‌ 332؛ وتفسير «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 2، ص‌ 7. طبعة‌ صيدا؛ و«وسائل‌ الشيعة‌» ج‌ 3، أبواب‌ المهور، باب‌ 25، وأبواب‌ الاطعمة‌ المباحة‌، باب‌ 49.

[34] ـ تفسير «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 2، ص‌ 7.

إلی المجلد الثانی عشر

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com