|
|
الصفحة السابقةجواب الإمام عليه السلام عن أسئلة عبد الله بن الكوّاءوروي الشيخ الطبرسيّ عن الاصبغ بن نُباتة أنّه قال: كنتُ جالساً عند أميرالمؤمنين عليه السلام، فجاء ابن الكوّاء فقال: يا أميرالمؤمنين! من البيوت في قول الله عزّ وجلّ: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـ'كِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَي' وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا. [1] ( فأجابه الإمام جواباً وافياً ). ثمّ سأل عن معني قوله تعالي: وَعَلَي الاَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ [2] ( فأجاب الإمام أيضاً جواباً كافياً ). [3] وعن الاصـبغ بن نُباتة في رواية أُخـري قال: سـأل ابن الكـوّاء أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن بصير بالليل وبصير بالنهار؟ وعن أعمي بالليل وأعمي بالنهار؟ وعن أعمي بالليل بصير بالنهار؟ وعن أعمي بالنهار بصير بالليل؟ فقال له: وَيْلَكَ! سَلْ عَمَّا يَعْنِيكَ وَلاَ تَسْأَلَ عَمَّا لاَ يَعْنِيكَ. ( ثمّ أجابه الإمام جواباً تامّاً ) قال في آخره: وَيْلَكَ يَا بْنَ الكَوَّاء! فَنَحْنُ بَنُو أَبِيطَالِبٍ، بِنَا فَتَحَ اللَهُ الإسلام وَ بِنَا يَخْتِمُهُ. قال الاصبغ: لمّا نزل أمير المؤمنين عليه السلام من المنبر، تبعتُه، فقلتُ يا سـيّدي يا أميـر المؤمنين قـوّيت قلبي بما بيّنتَ. فقال لي أميرالمؤمنين عليه السلام: يَا أَصْبَغُ! مَنْ شَكَّ فِي وَلاَيَتِي فَقَدْ شَكَّ فِي إيمَانِهِ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلاَيَتِي فَقَدْ أَقَرَّ بِوَلاَيَةِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَلاَيَتِي مُتَّصِلَةٌ بِوَلاَيَةِ اللَهِ كَهَاتَيْنِ ـوَجَمَعَ بَيْنَ اصْبَعَيه ِـ يَا أَصْبَغَ! مَنْ أَقَرَّ بِوَلاَيَتِي فَقَدْ فَازَ، وَمَن أَنْكَرَ وَلاَيَتِي فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ وَهَوَي فِي النَّارِ، وَمَنْ دَخَلَ فِي النَّارِ لَبِثَ فِيهَا أَحْقَابَاً. [4] وروي الطبرسيّ أيضاً عن الاصبغ قال: خطبنا أميرالمؤمنين عليه السلام علی منبر الكوفة، فحمد الله وأثني عليه، ثمّ قال: أَيُّهَا النَّاسُ! سَلُونِي فَإنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْمَاً جَمَّاً. فقام إليه ابن الكوّاء فقال: ياأميرالمؤمنين! ما الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا؟ [5] قال: الرياح. قال: ما الْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا؟ قال: السحاب. قال ما الْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا؟ قال: السفن. قال: ما الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا؟ قال: الملائكة. قال: يا أمير المؤمنين؛ وجدتُ كتاب الله ينقض بعضه بعضاً. قال الإمام: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَابْنَ الكَوَّاء، كِتَابُ اللَهِ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضَاً وَلاَيَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضَاً، فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ. قال: يا أمير المؤمنين؛ سمعته يقول: رَبُّ الْمَشـ'رِقِ وَالْمَغَـ'رِبِ. [6] وقال في آية أُخري: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ. [7] وقال في آية أُخري: رَبِّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. [8] فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ثكلتك أُمّك يا ابن الكوّاء، هذا المشرق وهذا المغرب. وأمّا قوله: « ربّ المشرقين وربّ المغربين » فإنّ مشرق الشتاء علی حدّة، ومشرق الصيف علی حدة. أما تعرف بذلك من قُرب الشمس وبُعدها؟ وأمّا قوله: « ربّ المشارق والمغارب» فإنّ لها ثلاثمائة وستّين برجاً تطلع كلّ يوم من برج وتغيب في آخر، فلاتعود إليه إلاّ من قابلٍ في ذلك اليوم. قال: يا أمير المؤمنين! كم بين موضع قدمك إلی عرش ربّك؟ قال: ثكلتك أُمّك يا ابن الكوّاء! سل متعلّماً، ولا تسأل متعنّتاً. من موضع قدمي إلی عرش ربّي أن يقول قائل ـ مخلصاً ـ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ. قال: يا أميرالمؤمنين! فما ثواب من قال: لا إله إلاّ الله؟ قال: من قال: لا إله إلاّ الله مخلصاً طمست ذنوبه، كما يطمس الحرف الاسود من الرقّ الابيض. فإن قال ثانية: لا إله إلاّ الله ـمخلصاًـ خُرقت أبواب السماوات وصفوف الملائكة، حتّي يقول الملائكة بعضها لبعض: اخشعوا لعظمة الله. فإذا قال ثالثة: لا إله إلاّ الله ـمخلصاًـ تنته دون العرش، فيقول الجليل: اسكني فوعزّتي وجلالي لاغفرنّ لقائلك بما كان فيه. ثمّ تلا الإمام هذه الآية: إلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّـ'لِحُ يَرْفَعُهُ. [9] يعني: إذا كان عمله صالحاً، ارتفع قوله وكلامه. قال: يا أمير المؤمنين! اخبرنيّ عن قوس قزح. قال: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! لاتقل: قوس قزح، فإنّ قزحاً اسم شيطان، ولكن قل: قوس الله إذَا بَدَتْ يَبْدُو الخَصْبُ وَالرِّيفُ. ( يواصل ابن الكوّاء أسئلته هنا، فيسأل عن المجرّة، وعن المحو الذي يكون في القمر، وعن أصحاب رسول الله صلّي الله عليه وآله كأبيذرّ الغفاريّ، وسلمان الفارسيّ، وحُذيفة بن اليمان، وعمّاربن ياسر، وعن الإمام نفسه، ويسمع منه جواباً كافياً ووافياً ). ثمّ قال: يا أمير المؤمنين! أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالاْخْسَرِينَ أَعْمَـ'لاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَ نَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنعًا. [10] قال: كفرة أهل الكتاب، اليهود والنصاري، وقد كانوا علی الحقّ فابتدعوا في أديانهم، وهم يحسبون أ نّهم يحسنون صنعاً. ثمّ نزل عن المنبر، وضرب بيده علی منكب ابن الكوّاء، ثمّ قال: يا ابنالكوّاء؛ وما أهل النهروان منهم ببعيد. فقال: يا أميرالمؤمنين! ما أريدُ غيرك، ولا أسأل سواك. قال الاصبغ بن نُباتة: فرأينا ابنالكوّاء يوم النهروان. فقيل له: ثكلتك أُمّك، بالامس تسأل أميرالمؤمنين عمّا سألته، وأنت اليوم تقاتله، فرأينا رجلاً حمل عليه فطعنه فقتله. [11] وروي الشيخ الطبرسيّ عن الإمام الصادق عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان ذات يوم جالساً في الرحبة، والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أميرالمؤمنين! أنت بالمكان الذي أنزلك الله به، وأبوك معذّب في النار؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: مَه؛ فضّ الله فاك، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً لو شفع أبي في كلّ مذنب علی وجه الارض، لشفعه الله فيهم. أبي معذّب في النار وابنه قسيم الجنّة والنار؟! والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً، إنّ نور أبي يوم القيامة ليطفي أنوار الخلائق كلّهم إلاّ خمسة أنوار: نور محمّد صلّي الله عليه وآله، ونوري، ونور الحسن، ونور الحسين، ونور تسعة من ولد الحسين، فإنّ نوره من نورنا، خلقه الله تعالي قبل أن يخلق آدم عليه السلام بألفي عام. [12] وذكر ابن عبد البرّ في « الاستيعاب » أنّ عبد الرحمن بن أُذينةَ الغَنَويّ روي عن أبيه أُذَيْنة بن مُسْلَمة أ نّه قال: ذهبت عند عمر بن الخطّاب وقلت: من أين أعتمر؟ قال: امض إلی علی واسأله... ثمّ ساق الحديث، وفيه أنّ عمر قال له: مَا أَجِدُ لَكَ إلاَّ مَا قَالَ علی. [13] وفي « الاستيعاب » أيضاً بسنده المتّصل عن سعيد بن المسيِّب أ نّه قال: مَا قَالَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُ: سَلُونِي غَيْرُ علی بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَهُ تَعَالَي عَنْهُ. [14] وذكر ابن عساكر في « تاريخ دمشق » روايتين بسنده المتّصل عن ابنشِبرَمَة أ نّه قال: مَا كَانَ أَحَدٌ علی المِنْبَرِ يَقُولُ: سَلُونِي عَنْ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ إلاَّ علی بْنُ أَبِي طَالِبٍ. [15] مواطن عديدة نطق الإمام عليه السلام فيها بقوله: «سلوني»وكذلك رواية عن سعيد بن المسيِّب بهذا المضمون،[16] ورواية عن عميربن عبدالله أ نّه قال: خَطَبَنَا عَلِيُّ (بْنُ أَبِي طَالِبٍ) علی مِنْبَرِ الكُوفَةِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَبَيْنَ الجَنْبَينِ مِنِّي عِلْمٌ جَمٌّ. [17] وذكر أيضاً رواية بسنده المتّصل عن خالد بن عرعرة قال: أتيتُ الرحبة فإذا أنا بنفر جلوس قريب من ثلاثين أو أربعين رجلاً، فقعدتُ فيهم، فخرج علينا علی، فما رأيته أنكر أحداً من القوم غيري، فقال: أَلاَ رَجُلٌ يَسْأَلُني فَيَنْتَفِعَ وَيَنْفَعَ نَفْسَهُ؟ [18] وروي محبّ الدين الطبريّ عن أبي الطفيل أ نّه قال: كنتُ عند علی وهو يقول: سَلُونِي، فَوَاللَهِ لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيءٍ إلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ. وَسَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَهِ، فَوَاللَهِ مَا مِنْ آيَةٍ إلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ أَمْ فِي سَهْلٍ أَمْ فِي جَبَلٍ. [19] ( أخرجه أبو عمر ). ورواه ابن حَجَر العَسْقَلاَنيّ عن وهب بن عبد الله، عن أبيالطفيل بهذا اللفظ: كَانَ علی يَقُولُ: سَلُونِي، سَلُونِي، سَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَهِ تعَالَي فَوَاللَهِ مَا مِنْ آيَةٍ إلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَزَلَتْ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. [20] عن عبد العـزيـز الجَلـوديّ في كتـاب « الخطب » قال: خـطـب أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: سَلُونِي فَإنِّي لاَ أُسْأَلُ عَنْ شَيءٍ دُونَ العَرْشِ إلاَّ أَجَبْتُ فِيهِ لاَ يَقُولُهَا بَعْدِي إلاَّ جَاهِلٌ مُدَّعٍ أَوْ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ. فقام رجل من جانب مجلسه، وفي عنقه كتاب كأ نّه مصحف. وهو رجل آدم ضرب، أي: خفيف اللحم، طُوال، جعد الشعر كأ نّه من مهوّدة العرب فقال رافعاً صوته: أَيُّهَا المُدَّعِي مَا لاَ يَعْلَمُ، وَالمُقَلِّدُ مَا لاَ يَفْهَمُ، أَنَا السَّائِلُ فَأَجِبْ. فوثب إليه أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته من كلّ ناحية فهمّوا به، فنهرهم علی عليه السلام فقال لهم: دَعُوهُ وَلاَ تَعْجَلُوهُ فَإنَّ الطَّيْشَ لاَيَقُومُ بِهِ حُجَجُ اللَهِ وَلاَ بِهِ تَظْهَرُ بَرَاهِينُ اللَهِ. ثمّ التفت إلی الرجل وقال: سَلْ بِكُلِّ لِسَانِكَ وَمَا فِي جَوَانِحِكَ فَإنِّي أُجِيبُكَ. ثمّ سأله الرجل عن مسائل فأجابه أميرالمؤمنين عليه السلام، فحرّك الرجل رأسه وقال: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَهِ. [21] ونقرأ في « نهج البلاغة » خطبة لامير المؤمنين عليه السلام قال في آخرها: إنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ، لاَ يَحْمِلُهُ إلاَّ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ امْتَحَنَ اللَهُ قَلْبَهُ لِلإيمَانِ وَلاَ يَعِي حَدِيثَنَا إلاَّ صُدُورٌ أَمِينَةٌ وَأَحْلاَمٌ رَزِينَةٌ. أَيُّهَا النَّاسُ! سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَلاَنَا بِطُرُقِ السَّمَاءِ أَعْلَمُ مِنِّي بِطُرُقِ الاَرْضِ، ( أنا بعالم الملكوت والانوار والمجرّدات وطرق الصلاح وطيّ الطريق إلی لقاءالله أعلم منّي بعالم الملك والمادّة والطبع وكيفيّة جمع الاموال وغير ذلك ) قَبْلَ أَنْ تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ ( بحيث لايمكن دفعها ) تَطَأُ فِي خِطَامِهَا، وَتَذْهَبُ بِأَحْلاَمِ قَوْمِهَا. [22] قال ابن أبي الحديد في شرحه حول كلام الإمام: إنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَحْتَمِلُهُ إلاَّ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَهُ تَعَالَي قَلْبَهُ لِلإيْمَانِ: هذه من ألفاظ القرآن العزيز. قال تعالي: أُولَـ'´ئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَي'. [23] وقال بعد شرح مختصر: وهذه الكلمة قد قالها أميرالمؤمنين عليه السلام مراراً، ووقفتُ في بعض الكتب علی خطبته من جملتها: إنَّ قُرَيْشاً طَلَبَتِ السَّعَادَةَ فَشَقِيَتْ، وَطَلَبَتِ النَّجَاةَ فَهَلَكَتْ، وَطَلَبَتِ الهُدَي فَضَلَّتْ. أَلَمْ يَسْمَعُوا ـ وَيْحَهُمْ ـ قَوْلَهُ تَعَالَي: «وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحِقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ» [24] ( أي: نلحق بهم ذرّيّتهم ونجعلهم في درجتهم، مع أنّ أعمالهم علی حالها ). فَأَيْنَ المَعْدِلُ وَالمَنْزَعُ عَنْ ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ الَّذِينَ شَيَّدَ اللَهُ بُنْيَانَهُمْ فَوْقَ بُنْيَانِهِمْ، وَأَعْلَي رُؤُوسَهُمْ فَوقَ رُؤُوسَهِمْ، وَاخْتَارَهُمْ عَلَيْهِمْ؟ أَلاَ إنَّ الذُّرِّيَّةَ أَفْنَانٌ أَنَا شَجَرَتُهَا، وَدَوْحَةٌ أَنَا سَاقُهَا، وَإنِّي مِنْ أَحْمَدَ بِمَنْزِلَةِ الضَّوْءِ مِنَ الضَّوْءِ. كُنَّا ظِلاَلاً تَحْتَ العَرْشِ قَبْلَ خَلْقِ البَشَرِ، وَقَبْلَ خَلْقِ الطِّينَةِ الَّتِي كَانَ مِنْهَا البَشَرُ أَشْبَاحاً عَالِيَةً، لاَ أَجْسَامَاً نَامِيَةً. إنَّ أَمْرَنَا صَعْبٌ مُسْتَصْعَبٌ لاَ يَعْرِفُ كُنْهَهُ إلاَّ ثَلاَثَةٌ: مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيُّ مُرْسَلٌ أَوْ عَبْدٌ امْتَحَنَ اللَهُ قَلْبَهُ لِلإيَمَانِ. فَإذَا انْكَشَفَ لَكُمْ سِرٌّ، أَوْ وَضَحَ لَكُمْ أَمْرٌ فَاقْبَلُوهُ وَإلاَّ فَاسْكُتُوا تَسْلَمُوا، ورُدُّوا عِلْمَنَا إلی اللَهِ فَإنَّكُمْ فِي أوْسَعِ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالاَرْضِ. وقال في كلام الإمام: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي: أجمع الناس كلّهم علی أ نّه لم يقل أحد من الصحابة ولا أحد من العلماء: سلوني، غير عليّبن أبيطالب عليه السلام. ذكر ذلك ابن عبد البرّ المحدّث في كتاب « الاستيعاب ». وقال: المراد من قوله: فَلاَنَا أَعْلَمُ بِطُرُقِ السَّمَاءِ مِنِّي بِطُرُقِ الاَرْضِ، ما اختصّ به من العلم بمستقبل الاُمور، ولا سيّما في الملاحم والدول. وقد صدّق هذا القول عنه ما تواتر عنه من الإخبار بالغيوب المتكرّرة لا مرّة ولا مائة مرّة حتّي زال الشكّ والريب في أ نّه إخبار عن علم، وأ نّه ليس علی طريق الاتّفاق. وقد ذكرنا كثيراً من ذلك فيما تقدّم من هذا الكتاب. وقد تأوّله قوم علی وجه آخر قالوا: أراد: أنا بالاحكام الشرعيّة والفتاوي الفقهيّة أعلم منّي بالاُمور الدنيويّة، فعبّر عن تلك بطرق السماء لا نّها أحكام إلهيّة، وعبّر عن هذه بطرق الارض لا نّها من الاُمور الارضيّة. والاوّل أظهر، لانّ فحوي الكلام وأوّله يدلّ علی أ نّه المراد. ثمّ نقل ابن أبي الحديد هنا حكاية لطيفة وظريفة عن بعض وعّاظ بغداد في زمان الناصر لدين الله: أبي العبّاس أحمد بن المستضيءبالله، جاء فيها أنّ الواعظ المذكور زعم أشياء علی المنبر، فتصدّي له رجل من شـيعة بغداد واسـمه أحمد بن عبد العزيز الكزّيّ، وكان عارفاً بالعلم ففضحه. وختم ابن أبي الحديد موضوعه بذكر هذه القضيّة. [25] ونقل ابن أبي الحديد عن القاضي عبد الجبّار، في سياق عرضه الطعن الاوّل من مطاعن عمر التي دحضها القاضي عبد الجبّار في كتاب « المغني »، وأثبتها الشريف المرتضي في كتاب « الشافي » عند تفنيده ردود القاضي، نقل عنه أ نّه كان يقرّ بحديث: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، وحديث إنَّ هَاهُنَا عِلْمَاً جَمَّاً، وحديث لَوْ ثُنِيَتْ لِيَ الوِسَادَةُ لَحَكَمْتُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الإنْجِيلِ بِإنجِيلِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ وَبَيْنَ أَهْلِ القُرآنِ بِقُرْآنِهِمْ، وحديث كُنْتُ إذَا سَأَلْتُ أُجِبْتُ، وَإذَا سَكَتُّ ابْتُدِيتُ، وقد ذكرها وعدّها من مسلّمات التأريخ والحديث. [26] فضيحة قتادة بعد قوله: سلونيأجل، أراد كثير من الاشخاص بعد أمير المؤمنين عليه السلام أن يتشدّقوا بقولهم: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، وَسَلُوا عَمَّا شِئْتُمْ، ونظائرهما، لكنّهم أفحموا وأُدينوا. فقد روي الزمخشريّ في « الكشّاف » عن قتادة أ نّه لمّا دخل الكوفة، التفّ عليه الناس، فقال: سَلُوا عَمَّا شِئْتُمْ. فقال أبو حنيفة وكان شابّاً: سلوه عن النملة التي كلّمت سليمان أذكراً كانت أم أُنثي؟ فسألوه، فأُفحم. فقال أبو حنيفة: كانت أُنثي. فقيل: كيف لك ذلك؟ قال: لانّ الله عزّ وجلّ قال: قَالَتْ نَمْلَةٌ، ولو كانت ذكراً لقال: قَالَ نَمْلَةٌ. قال أحمد: لا أدري العجب منه أم من أبي حنيفة أن يثبت ذلك عنه، وذلك أنّ النملة كالحمامة والشاة تقع علی الذكر وعلي الاُنثي، لا نّه اسم جنس. يقال: نملة ذكر، ونملة أُنثي كما يقولون: حَمَامَةٌ ذَكَرٌ، وَحَمَامَةٌ أُنثَي، وَهُوَ وَهِيَ. [27] ونقل المجلسيّ رضوان الله عليه في « بحار الانوار » عن ابنالحاجب في بعض تصانيفه أ نّه قال: إنّ تأنيث مثل الشاة والحمامة والنملة من الحيوانات تأنيث لفظيّ. ولذلك كان قول من زعم أنّ النملة في قوله تعالي: قَالَتْ نَمْلَةٌ أُنثي لورود تاء التأنيث في « قالت » وهما الجوازان، يكون مذكّراً في الحقيقة، وورود تاء التأنيث كورودها في فعل المؤنّث اللفظيّ. ولذا قيل: إفْحَامُ قَتَادَةَ خَيْرٌ مِنْ جَوَابِ أَبِي حَنِيفَةَ. ثمّ قال المجلسيّ: هذا ( كلام ابنالحاجب ) هو الحقّ، وقد ارتضاه الرضيّ رضي الله عنه وغيره. والحمد للّه الذي فضح من أراد أن يدّعي رتبة أميرالمؤمنين عليه السلام بهذه البضاعة من العلم، هذا الناصبيّ الآخر الذي أراد أعوانه إثبات علوّ شأنه بأ نّه تكلّم في بدو شبابه بمثل ذلك ( سلوني ). [28] ونقل المجلسيّ رحمه الله عن كتاب « الصراط المستقيم » للبياضيّ العامليّ، وغيره من الكتب أنّ ابن الجوزيّ قال يوماً علی المنبر: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي. فسألته امرأة عمّا روي أنّ عليّاً عليه السلام سار من المدينة إلی المدائن في ليلة فجهز سلمان وكفّنه ودفنه ورجع، فقال: رُوي ذلك. قالت: فعثمان ثَمَّ ثلاثة أيّام منبوذاً في المزابل، وعليّ عليه السلام حاضر. قال: نعم. قالت: فقد لزم الخطأ لاحدهما ( إمّا عليّ بن أبي طالب أو عثمان ). فقال: إن كنتِ خرجتِ من بيتك بغير إذن زوجكِ فعليكِ لعنة الله، وإلاّ فَعَلَيْهِ. فقالت: خرجت عائشة إلی حرب عليّ عليهالسلام بإذن النبيّ صلّيالله عليه وآله أو لا؟[29] فانقطع ولم يحر جواباً. [30] عجز عمر في المسائل العلميّةونقل العلاّمة الامينيّ رحمة الله عليه خطبة عن عمر في الجابية قال فيها: من أراد أن يسأل عن القرآن، فليأت أُبيَّ بن كعب. ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام، فليأت معاذ بن جبل. ومن أراد أن يسأل عن الفرائض، فليأت زيد بن ثابت. ومن أراد أن يسأل عن المال، فليأتني فإنّي له خازن. وفي لفظ: فإنّ الله تعالي جعلني خازناً وقاسماً. ثمّ نقل سند هذا الحديث بنحو مفصّل من ثلاثة طرق. وذكر كتب علماء العامّة التي أوردته كـ « سنن البيهقيّ » و « مستدرك الحاكم » و « العقد الفريد »، وغيرها. وقال بعد ذلك: في هذه الخطبة الثابتة المرويّة عن الخليفة بطرق صحيحة كلّ رجالها ثقات، وصحّحها الحاكم، والذهبيّ اعترف بأنّ المنتهي إليه في العلوم الثلاثة أُولئك النفر المذكورين فحسب، وليس للخليفة إلاّ أ نّه خازن مال الله. وهل تري من المعقول أن يكون خليفة رسول الله صلّي الله عليه وآله علی أُمّته في شرعه ودينه وكتابه وسنّته وفرائضه فاقداً لهاتيك العلوم؟ ويكون مرجعه فيها لفيفاً من الناس كما تُنبي عنه سيرته؟ فعلامَ هذه الخلافة؟ وهل تستقرّ بمجرّد الامانة؟ وليست بعزيزة في أُمّة محمّد صلّي الله عليه وآله وما وجه الاختصاص به! نعم، وقع النصّ عليه ممّن سبقه في الخلافة علی غير طريقة القوم في الخليفة الاوّل. وشتّان بين هذا القائل، وبين من لم يزل يعرض نفسه لعويصات المسائل ومشكلات العلوم، فيحلّها عند السؤال عنها من فوره، ويرفع عقيرته علی صـهوات المنابـر بقوله سـلام الله عليه: سَـلُونِي قَبْلَ أَنْ لاَ تَسْأَلُونِي، وَلَنْ تَسْأَلُوا بَعْدِي مِثْلِي. [31] المضامين المتفاوتة للروايات المأثورة في «سلوني»وقوله عليه السلام: لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَهِ تَعَالَي وَلاَ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ إلاَّ أَنْبَأَتُكُمْ بِذَلِكَ. [32] وقوله عليه السلام: سَلُونِي، وَاللَهِ لاَ تسأَلُونِي عَنْ شَيءٍ يَكُونُ إلی يَوْمِ القِيَامَةِ إلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ، وَسَـلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَهِ، فَوَاللَهِ مَا مِنْ آيَةٍ إلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍِ فِي سَهْلٍ أَمْ فِي جَبَلٍ. [33] وقوله عليه السلام: أَلاَ رَجُلٌ يَسْأَلُ فَيَنْتَفِعَ وَيَنْفَعَ جُلَسَاءَهُ؟ [34] وقوله عليه السلام: وَاللَهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إلاَّ وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، إنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْبَاً عَقُولاَ، وَلِسَانَاً سُؤْوَلاً. [35] وقوله عليه السلام: سَـلُونِي قَبْلَ أنْ تَفْقِدُونِي، سَـلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَهِ، وَمَا مِنْ آيَةٍ إلاَّ وَأَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ بِحَضِيضِ جَبَلٍ أَوْ سَهْلِ أَرْضٍ. وَسَـلُونِي عَنِ الفِتَنِ، فَمَا مِنْ فِتْنَـةٍ إلاَّ وَقَدْ عَلِمْـتُ مَنْ كَـسَـبَهَا وَمَنْ يُقْتَلُ فِيهَا. [36] وقوله عليه السلام: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَإنَّمَا بَيْنَ الجَوَانِحِ مِنِّي عِلْمٌ جَمٌّ. هَذَا سَفَطُ العِلْمِ، هَذَا لُعَابُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، هَذَا مَا زَقَّنِي رَسُولُ اللَهِ زَقَّاً زَقَّاً. فَوَاللَهِ لَوْ ثُنِيَتْ لِيَ الوِسَادَةُ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا، لاَفْتَيْتُ أَهْلِِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ، وَأَهْلَ الإنْجِيلِ بِإنْجِيلِهِمْ، حَتَّي يُنْطِقُ اللَهُ التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ فَيَقُولاَنِ: صَدَقَ علی قَدْ أَفْتَاكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَهُ فِيَّ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ؟ قال أمير المؤمنين عليه السلام هذا الكلام وهو علی منبر الكوفة، وعليه مدرعة رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم، وهو متقلّد بسيفه، ومتعمّم بعمامته صلّي الله عليه وآله وسلّم، فجلس علی المنبر، وكشف عن بطنه، وأشار إلی العلم المذخور فيها. وقال سعيد بن المسيِّب: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَقُولُ: سَلُونِي إلاَّ علی بْنُ أَبِي طَالِبٍ.[37] وَكَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ يَكُونُ فِيهَا كَالسِّكَّةِ المُحْمَاةِ وَيَقُولُ: [38] إذَا المُشْـكِلاَتُ تَصَدَّيْنَ لِي كَـشَـفْـتُ حَقَـائِقَـهَـا بِالنَّظَرْ فَإنْ بَرِقَتْ فِي مَخِيلِ الصَّـوَا بِ عَمْيَـاءُ لاَ يَجْتَلِيهَا البَصَرْ مُـقَـنَّـعَـةً بِـغُـيُـوبِ الاُمُـورِ وَضَعْتُ عَلَيْهَا صَحِيحَ الفِكَرْ لِسَـاناً كَشِـقْشِـقَـةِ الاَرْحَبِيّ أَوْ كَالحُسَـامِ اليَمَـانِيّ الذَّكَرْ وَقَلْبَـاً إذَا اسْـتَنْطَـقَتْهُ الفُنُـو نُ أَبَــرَّ عَـلَـيْـهَـا بِـوَاهٍ دُرَرْ وَلَسْـتُ بِإمَّعَـةٍ [39] فِـي الرِّجَـا لِ يُسَـائِلُ هَـذَا وَذَا مَا الخَبَرْ وَلَكِنَّنِـي مِذْرَبُ الاَصْـغَرِينِ أُبينُ مَـعَ مَا مَضَي، مَا غَبَرْ [40] لفت نظر لم أر في التأريخ قبل مولانا أمير المؤمنين عليه السلام من عرض نفسه لمعضلات المسائل وكراديس الاسئلة، ورفع عقيرته بجأشٍ رابط بين الملا العلمي بقوله: سَلُونِي، إلاّ صنوه النبيّ الاعظم صلّي الله عليه وآله وسـلّم، فإنّه كان يكثر من قوله: سَـلُونِي عَمَّا شِـئْتُمْ. وقوله: سَـلُونِي، سَلُونِي. وقوله: سَلُونِي، وَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيءٍ إلاَّ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ. [41] فكما ورث أميرالمؤمنين عليه السلام علمه صلّي الله عليه وآله وسلّم ورث مكرمته هذه وغيرها، وهما صنوان في المكارم كلّها. الاشخاص الذين قال كلّ منهم: سلوني، وافتضحواوما تفوّه بهذا المقال أحد بعد أميرالمؤمنين عليه السلام إلاّ وقد فضح ووقع في ربيكة، وأماط بيده الستر عن جهله المطبق، نظير: 1 ـ إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليدبن المغيرة المخزوميّ القرشيّ والي مكّة والمدينة والموسم لهشامبن عبدالملك. حجّ بالناس سنة107، وخطب بمني، ثمّ قال: سَلُونِي، فَأَنَا ابْنُ الوَحِيدِ، لاَ تَسْأَلُوا أَحَدَاً أَعْلَمُ مِنِّي. فقام إليه رجل من أهل العراق، فسأله عن الاُضْحِيَّةِ أواجبة هي؟ فما دري أيّ شيء يقول له، فنزل عن المنبر. [42] 2 ـ مقاتل بن سليمان. قاتل إبراهيم الحربيّ: قعد مقاتل بن سليمان فقال: سَلُونِي عَمَّا دُونَ العَرْشِ إلی لَوَيَانَا. [43] فقال له رجل: آدم حين حجّ، مَن حلق رأسه؟ فقال له: ليس هذا من عملكم، ولكنّ الله أراد أن يبتليني بما أعجبتني نفسي. [44] 3 ـ قال سُفيان بن عُيينة: قال مقاتل بن سليمان يوماً: سَلُونِي عَمَّا دُونَ العَرْشِ. فقال له إنسان: يا أبا الحسن! أرايتَ الذرّة أو النملة ( الذرّة: النملة الصغيرة ) أمعاؤها في مقدّمها أو مؤخّرها؟ فبقي الشيخ لايدري ما يقول له. قال سفيان: فظننت أ نّها عقوبة عوقب بها. 4 ـ قال موسي بن هارون الحمّال: بلغني أنّ قتادة قدم الكوفة فجلس في مجلسٍ له، وقال: سَلُونِي عَنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ حَتَّي أُجِيبَكُمْ. فقال جماعة لابي حنيفة: قم إليه فسله. فقام إليه، فقال: ما تقول يا أبا الخطّاب في رجل غاب عن أهله، فتزوّجت امرأته، ثمّ قدم زوجها الاوّل فدخل عليها وقال: يا زانية، تزوّجتِ وأنا حيّ؟ ثمّ دخل زوجها الثاني، فقال لها: تزوّجتِ يا زانية ولكِ زوج؟ كيف اللعان؟ فقال قتادة: قد وقع هذا؟ فقال له أبو حنيفة: وإن لم يقع، نستعدّ له. فقال له قتادة: لا أُجيبكم في شيءٍ من هذا، سلوني عن القرآن. فقال له أبو حنيفة: ما تقول في قوله عزّ وجلّ: «قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ و عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَـ'بِ أَنَا ءَاتِيكَ بِهِ»، مَن هُوَ؟ قال قتادة: هذا رجل من ولد عمّ سليمان بن داود كان يعرف اسم الله الاعظم. فقال أبو حنيفة: أكان سليمان يعلم ذلك الاسم؟ قال: لا. قال أبو حنيفة: سبحان الله، ويكون بحضرة نبي من الانبياء من هو أعلم منه؟ قال قتادة: لا أُجيبكم في شيء من التفسير، سلوني عمّا اختلف الناس فيه. فقال له أبو حنيفة: أمؤمن أنتَ؟ قال قتادة: أرجو. قال له أبو حنيفة: فهلاّ قلت كما قال إبراهيم فيما حكي الله عنه حين قال له: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قَالَ: بَلَي'؟ قال قتادة: خذوا بيدي، والله لا دخلتُ هذا البلد أبداً. [45] 5 ـ حكاية سؤال أبي حنيفة قتادةَ عن نملة سليمان أكانت ذكراً أم أُنثي، وقد مرّ ذكرها. 6 ـ قال عبيد الله بن محمّد بن هـارون: سـمعتُ الـشـافعيّ: بمكّة يقول: سَـلُونِي عَمَّا شِـئْتُمْ أُحَدِّثْكُـمْ مِنْ كِتَـابِ اللَهِ وَسُـنَّةِ نَبِيِّـهِ. فقيل: يا أباعبدالله! ما تقول في محرم قتل زنبوراً؟ قال: وَمَآ ءَاتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ. [46] وروي المجلسيّ عن « جامع الاخبار » أنّ رجلاً جاء إلی أمير المؤمنين عليه السلام فقال: جئتُكَ لاسأل عن أربع مسائل، فقال عليه السلام: سل وإن كانت أربعين. قَالَ أَخْبِرْنِي: مَا الصَّعْبُ وَمَا الاَصْعَبُ؟ وَمَا القَرِيبُ وَمَا الاَقْرَبُ! وَمَا العَجَبُ وَمَا الاَعْجَبُ؟ وَمَا الوَاجِبُ وَمَا الاَوْجَبُ؟ فقال عليه السلام: الصعب المعصية، والاصعب فوت ثوابها. والقريب كلّ ما هو آت، والاقرب هو الموت. والعجب هو الدنيا، وغفلتنا فيها أعجب، والواجب هو التوبة، وترك الذنوب هو الاوجب. وقيل: جاء رجل إلی أمير المؤمنين عليه السلام وقال: جئتك من سبعين فرسخاً لاسألك عن سبع كلمات. فقال: سل ما شئت. فقال الرجل: أَيُّ شَيءٍ أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاءِ؟ وَأَيُّ شَيءٍ أَوْسَعُ مِنَ الاَرْضِ؟ وَأَيُّ شَيءٍ أَضْعَفُ مِنَ اليَتِيـمِ؟ وَأَيُّ شَـيءٍ أَحَـرُّ مِنَ النَّـارِ؟ وَأَيُّ شَـيءٍ أَبْـرَدُ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ؟ وَأَيُّ شَيءٍ أَغْنَي مِنَ البَحْرِ؟ وَأَيُّ شَيءٍ أَقْسَي مِنَ الحَجَرِ. [47] فقال عليه السلام: البهتان علی البريء أعظم من السماء. والحقّ أوسع من الارض. ونمائم الوشاة أضعف من اليتيم. والحرص أحرّ من النار. وحاجتك إلی البخيل أبرد من الزمهرير. والبدن القانع أغني من البحر. وقلب الكافر أقسي من الحجر. قال في كتاب « الصراط المستقيم »: روي قاسم بن سلام عن أبيبكر أ نّه قال علی منبر المدينة: أَعِينُونِي وَقَوِّمُونِي. [48] ومن المعلوم أنّ المحتاج إلی الرعيّة أحوج إلی الإمام. وأين ذلك من قول علی عليه السلام: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي؟ أورده شارح « المصابيح » وغيره.[49] وفي « الغدير »: أخرج الخطيب في رواة مالك، والبيهقيّ في « شعب الإيمان »، والقرطبيّ في تفسيره بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر قال: تعلّم عمر سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلمّا ختمها، نحر جَزوراً. [50] قصور عمر وعجزه عن إدراك المسائل العلميّةونحن ذكرنا في الجزء الحادي عشر من كتابنا هذا: « معرفة الإمام » أنّ عمر كان لايفهم معني الكلالة. وقد راجع النبيّ الاكرم مراراً ولميفهم حتّي قال له النبيّ صلّي الله عليه وآله: إنِّي أَظُنُّكَ تَمُوتُ قَبْلَ أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ. ولمّا طلب من ابنته حفصة أن تسأله صلّي الله عليه وآله، قال لها النبيّ: مَا أَرَي أَبَاكِ يَعْلَمُهَا. وقوله: مَا أرَاهُ يُقِيمُهَا. [51] وأورد العلاّمة الامينيّ في « الغدير » أيضاً أنّ مسلماً أخرج في صحيحه عن عبيد بن عمير أنّ أبا موسي ( الاشعريّ ) استأذن علی عمر ثلاثاً، فكأ نّه وجده مشغولاً، فرجع، فقال عمر: ألم تسمع صوت عبدالله ابنقيس؟ ائذنوا له. فدُعي به. فقال: ما حملك علی ما صنعتَ؟ قال: إنّا كنّانؤمر بهذا ( نؤمر بالاستئذان، وإذا لم يؤذن لنا، نرجع ) قال عمر: لتقيمنّ علی هذا بيّنة، أو لافعلنّ ( وفي لفظ: فوالله لاوجعنّ ظهرك وبطنك. وفي لفظ الطحاويّ: والله لاضربنّ بطنك وظهرك، أو لتأتينّي بمن يشهد لك ). فخرج ( أبوموسي ) فانطلق إلی مجلس من الانصار، فقالوا: لايشهد لك علی هذا إلاّ أصغرنا. فقام أبو سعيد ( الخُدريّ ) فقال ( لعمر ): كنّا نؤمر بهذا. فقال عمر: خَفِيَ علی هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ. أَلْهَانِي عَنه الصَّفْقُ بِالاَسْوَاقِ. [52] قال أمير المؤمنين عليه السـلام في مـوضعين من « نهـج البلاغة »: آلمحمّد الذين ينبغي للناس أن يرجعوا إليهم هُمْ عَيْشُ العِلْمِ وَمَوْتُ الجَهْلِ. أي: هم حياة العلم، وموت الجهل حقّاً وحقيقة، وبكلّ ما للكلام من معني. أمّا الموضع الاوّل، فهو الخطبة ( 137 ) وفيها: هُمْ عَيْشُ العِلْمِ وَمَوْتُ الجَهْلِ إلی آخر الخطبة[53] التي نذكرها في الهامش. وأمّا الثاني، فهو الخطبة ( 145 ) التي قال في آخرها: وَاعْلَمُوا أَ نَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُـوا الرُّشْـدَ حَتَّـي تَعْرِفُـوا الَّذِي تَـرَكَهُ، وَلَنْ تَأْخْذُوا بِمِيثَاقِ الكِتَابِ حَتَّي تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ، وَلَنْتَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّي تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ. فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَإنَّهُمْ عَيْشُ العِلْمِ وَمَوْتُ الجَهْلِ. هُمُ الَّذِينَ يُخْبَرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ، وَظَاهِرِهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ. لاَ يُخَالِفُونَ الدِّينَ وَلاَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدٌ صَادِقٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ. [54] سأل رجل ذات يوم متعجبّاً: كيف ناوأ حملة لواء الغصب ومدّعو الخلافـة مثل هذا الرجـل الذي مُلي علمـاً وحكمة من قرنه إلی أخمص قدمه؟ فأجابه عالم في المجلس من فوره أنّ هذا الامر واضح وطبيعيّ جدّاً، لانّ الإمام عليه السلام نفسه قال: النَّاسُ أعْدَاءُ مَا جَهِلُوا. [55] وعندما نجد الجهل بشقّيه المركّب والبسيط عند مخالفينا، ونلاحظ العلم الوجدانيّ والحضوريّ والحصوليّ عند آل محمّد بنحو أتمّ وبكلّ ضروبه، فإنّ عداء المخالفين قائم علی أساس الحقد والضغن والحسد وحبّ الرئاسة، إذ لايتمكّنون من العلم، ويصرّون علی جهلهم. وقال أميرالمؤمنين عليه السلام في الديوان المنسوب إليه: لاَ فَضْـلَ إلاَّ لاِهْـلِ العِلْـمِ إنَّهُـمُ علی الهُدَي لِمَن اِسْتَهْدَي أَدِلاَّءُ وَقِيمَةُ المَـرْءِ مَا قَدْ كَانَ يُحْسِـنُهُ وَالجَاهِلُـونَ لاِهْلِ العِلْـمِ أَعْدَاءُ فَقُـمْ بِعِلْـمٍ وَلاَ نَـبْـغِـي لَهُ بَـدَلاً النَّاسُ مَوْتَي وَأَهْلُ العِلْمِ أَحْيَاءُ [56] إنّ حبّ النفس ذاتيّ وغريزيّ. فإذا كان امرؤ عالماً، فهو يحبّ ذاته وعلمه. ومن الطبيعيّ أ نّه ينهض لتقويض أركان الجهل، ويشدّ عُقَدَ مآزره لمكافحته، إذ يمثّل أُمّ الفساد، وينبوع الرذائل والآثام كلّها. أمّا إذا كان جاهلاً، فهو أيضاً يحبّ ذاته وجهله، ولمّا كان يري نفسه محور الكمال ومركز الاصالة، فإنّه يخال مخالفيه ناقصين حتّي لو كانوا في الدرجة العليا من العلم والدراية، ويهبّ لقطع دابرهم، ويري وجودهم النورانيّ الطاهر دامساً وملوّثاً. [57] حَسَدُوا الفَتَي إذْ لَمْ يَنَالُوا فَضْلَهُ فَـالـنَّاسُ أَعْـدَاءٌ لَـهُ وَخُـصُـومُ كَضَرَائِرِ الحَسْـنَـاءِ قُلْـنَ لِوَجْهِهَا حَـسَـدَاً وَبُـغْـضَـاً إنَّـهُ لَدَمِـيـمُ يَا سَائِلِي عَنْ علی وَالَّذِي فَعَلُوا بِهِ مِنَ السُـوءِ مَا قَالُوا وَمَا عَمِلُوا لَمْ يَعْرِفُـوهُ فَعَـادُوهُ لِمَـا جَهِلُـوا والنَّاسُ كُلُّهُمْ أَعْـدَاءُ مَا جَهِلُوا [58] معرفة الإمام أسمي وسيلة لبلوغ التوحيدإنّ معرفة الإمام أسمي مقام إنسانيّ في طريق الوصول إلی منزلة توحيد ذات الحقّ، وهي سبيل السعادة الوحيد. أمّا عدم المعرفة، فإنّها تؤدّي إلی الانطماس في غار النفس الامّارة، وطامورة الشيطان المظلمة ووساوسه، ومن ثمّ الانتهاء إلی الشقاء. اللهمّ بحقّ الصالحين والمتيّمين في سبيلك، وبحقّ الطاهرين والمخلَصين في طريق معرفتك ولقاء ذاتك الاحديّة المقدّسة، مُنّ علينا وعلي سائر طلاّب معرفة أسماء وصفات جمالك وجلالك وكمالك وأحديّتك بعرفان أُولئك العظماء، أئمّة طريق السلام وسُبُل المعرفة بالاخصّ قِوام هذه الشـجرة الطيّبة وجـذرها أمير المؤمنين علی بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام. هر سو كه دويديم همه سوي تو ديديم هر جا كه رسيديم سر كوي تو ديديم هر قبله كه بگزيد دل از بهر عبادت آن قبلة دل را خم ابروي تو ديديم هر سرو روان راكه در اين گلشن دهر است بر رسته به بستان و لب جوي تو ديديم از باد صبا بوي خوشت دوش شنيديم با باد صبا قافلة بوي تو ديديم[59] روي همه خوبان جهان بهر تماشا ديديم ولي آينة روي تو ديديم در ديدة شهلاي بتان همه عالم كرديم نظر، نرگس جادوي تو ديديم تا مِهر رخت بر همه ذرّات بتابيد ذرّات جهان را به تك و پوي تو ديديم در ظاهر و باطن به مجاز و به حقيقت خلق دو جهان را همه رو سوي تو ديديم هر عاشق ديوانه كه در جملگي توست بر پاي دلش سلسلة موي تو ديديم سر حلقة رندان خرابات مغان را دل در شكن حلقة گيسوي تو ديديم از مغربي أحوال مپرسيد كه ما را سودا زدة طرّة هندوي تو ديديم [60] اللهمّ بحقّ المصطفي محمّد، والمرتضي علی، والبتول فاطمة، والسبطين الحسن والحسين، وبحقّ زين العابدين عليّ، والباقر محمّد، والصادق جعفر، والكاظم موسي، والرضا علی، والتقيّ محمّد، والنقيّ عليّ، والزكيّ العسكريّ الحسن، وبحقّ المهديّ الهاديّ صاحب الزمان وخليفة الرحمن وقاطع البرهان وإمام الإنس والجانّ، صلواتك عليهم أجمعين، وفّقنا لما تُحبُّ ويُرضيـك، وأَبْعِـدْنا عمّا يُبغضـك ويقليـك، واجعلنا من المؤمنين الموقنين، بمحمّد نبيّك، وبعليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين، وبالائمّة الطيّبين الطاهرين من ذرّيّته، واجعلنا من الموقنين برجعتهم، ومن المنتظرين لامرهم ودولتهم. اللهمّ العن الذين بدّلوا دينك، وسخروا بإمامك، وغيّروا سنّتك وشريعتك. اللهمّ العن أعداء آلمحمّد أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين. للّه الحمد وله الشكر إذ تمّ هذا الجزء من كتاب « معرفة الإمام » وهو الجزء الثاني عشر من سلسلة العلوم والمعارف الإسلاميّة، وذلك يوم العاشر من شهر جمادي الاُولي سنة ثمان وأربعمائة وألف من الهجرة قبل الغروب بساعة ونصف، في مدينة مشهد المقدّسة الطيّبة، علی ثاويها آلاف الصلاة والسلام والتحيّة والإكرام بمحمّد وآله الطاهرين. وأنا الفقير إلی رحمة ربّه السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ عفا الله عنه وعن جرائمه وآثامه. ارجاعات [1] ـ الآية 189، من السورة 2: البقرة. [2] ـ الآية 46، من السورة 7: الاعراف. [3] ـ «الاحتجاج» ج 1، ص 337 و 338، طبعة النجف. [4] ـ «الاحتجاج» ج 1، ص 339 و 340، الحقب ثمانون سنة. وجاء أيضاً أ نّه المدة الطويلة. [5] ـ هذه الآية والآيات الثلاث التي تليها هي الآيات 1 إلی 4 من السورة 51: الذاريات. [6] ـ الآية 40، من السورة 70: المعارج. [7] ـ الآية 17، من السورة 55: الرحمن. [8] ـ الآية 28، من السورة 26: الشعراء. [9] ـ الآية 10، من السورة 35: فاطر. [10] ـ الآية 104، من السورة 18: الكهف. [11] ـ «الاحتجاج» ج 1، ص 385 إلی 388، والزرنديّ في «نظم درر السمطين» ص 125 إلی 127. وقال المامقانيّ في «تنقيح المقال» ج 2، ص 204: عدّه الشـيخ من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، وقال: خارجيّ وملعون. ثمّ قال بعد شرح موجز: قبّح الله مثله من شيعيّ خارجيّ ملعون. وجد عليّاً عليه السلام يوماً يخطب، فلمّا انتهت خطبته، قال ابنالكوّاء، مخاطباً الإمام: قَاتَلَكَ اللَهُ مِنْ شَيْطَانٍ مَا أَفْهَمَكَ ـ أَوْ مَا أَفْصَحَكَ! وأكثر يوماً في إهراق الماء في وضوئه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أسرفتَ في الماء. فقال ذلك الملعون: ما أسرفتَ به من دماء المسلمين أكثر! وذكر المحدّث القمّيّ في «الكني والالقاب» ج 1، ص 383 أنّ اسمه عبدالله. وهو الذي قرأ خلف أميرالمؤمنين عليه السلام، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَي الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لِئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتُكونَنَّ مِنَ الْخَـ'سِرِينَ (الآية 65، من السـورة 39: الزمر)، وكان علی عليه السـلام يؤمّ الناس ويجهر بالقرءاة، فسـكت أميرالمؤمنين عليه السلام حتّي سكت ابن الكوّاء. ثمّ عاد في قراءته، حتّي فعله ابنالكوّاء ثلاث مرّات. فلمّا كان في الثالثة، قال أميرالمؤمنين: فَاصْبَرِ إِنَّ وَعْدَ اللَهِ حَقٌّ وَلاَيَسْخِفَنَّكَ الَّذِينَ لاَيُوقِنُونَ (الآية 60، من السورة 30: الروم). [12] ـ «الاحتجاج» ج 1، ص 341. [13] ـ «الاستيعاب» ج 3، ص 1103. [14] ـ «الاستيعاب» ج 3، ص 1103؛ ورواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ج 3، ص 24 عن سعيدبن المسيِّب في ترجمة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام؛ وفي «الاستيعاب» المطبوع في هامش «الإصابة» ج 3، ص 40: (ما كان) بدل (ما قال). [15] ـ «الاستيعاب» ص 24 و 25. [16] ـ «الاستيعاب» ص 24 و 25. [17] ـ «الاستيعاب» ص 24 و 25. [18] ـ «الاستيعاب» ص 25. [19] ـ «ذخائر العقبي» ص 83. [20] ـ «الإصابة» ج 2، ص 502 و 503. [21] ـ «سفينة البحار» ج 1، ص 586، مادّة سأل. [22] ـ «نهج البلاغة» الخطبة 187، طبعة مصر وشرح عبده، ج 1، ص 364 و 365. [23] ـ بعض من الآية 3، من السورة 49: الحجرات. [24] ـ النصف الاوّل من الآية 21، السورة 52: الطور، ونصفها الثاني: وَمَا أَلَتْنَـ'هُمْ مِّن عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِيءٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ. [25] ـ «شرح نهج البلاغة» ج 13، ص 105 و 106، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة. [26] ـ «شرح نهج البلاغة» ج 12، ص 197، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة. [27] ـ تفسير «الكشّاف» ج 2، ص 140، الطبعة الاُولي، مصر، مطبعة الشرفيّة، في ذيل الآية المباركة 18، من السورة 27: النمل: حَتَّي'´ إِذَا أَتَوا عَلَي' وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ: يَـ'´أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـ'نُ وَجُنُودُهُ و وَهُمْ لاَ يَشْعَرُونَ. وذكر الدميريّ هذه القضيّة أيضاً في «حياة الحيوان» في أواخر الكتاب، باب النون، مادّة نمل، الطبعة الحجريّة. [28] ـ «بحار الانوار» ج 5، ص 355، طبعة الكمبانيّ، باب تفسير قوله تعالي: فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسَّوْقِ وَالاْعْنَاقِ. [29] ـ أرادت المرأة أن تقول له: إذا كانت عائشة ـ علی قولك ـ قد خرجت بغير إذن رسولالله، فعليها لعنة الله، وإلاّ فعليه ] نعوذ بالله [. ولمّا كنّا نقرّ أنا وإيّاك أنّ اللعنة لا تَرِد علی رسولالله، فإنّ عائشة خرجت بغير إذنه، فعليها لعنة الله. ولمّا كان ابنالجوزيّ من علماء العامّة، وكان يقدّس عائشة، فلهذا عدّتها المرأة المذكورة بكلامها ملعونة مطرودة من رحمةالله، وابن الجوزيّ لم يحر جواباً. [30] ـ «بحار الانوار» ج 8، ص 183 باب شكاية أمير المؤمنين عمّن تقدّمه، طبعة الكمبانيّ. [31] ـ أخرجه الحاكم في «المستدرك» ج 2، ص 466، وصحّحه هو والذهبيّ في «تلخيص المستدرك». [32] ـ أخرجه ابن كثير في تفسيره، ج 4، ص 231 من طريقين، وقال: ثبت أيضاً من غيروجه. [33] ـ أخرجه أبو عمر في «جامع بيان العلم» ج 1، ص 114؛ ومحبّ الدين الطبريّ في «الرياض النضرة» ج 2، ص 198؛ ويوجد في «تاريخ الخلفاء» للسيوطيّ، ص 124؛ و«الإتقان» ج 2، 319؛ و«تهذيب التهذيب» ج 7، ص 338؛ و«فتح الباري» ج 8، ص 485؛ و«عمدة القاري» ج 9، ص 167؛ و«مفتاح السعادة» ج 1، ص 400. [34] ـ أخرجه أبو عمر في «جامع بيان العلم» ج 1، ص 114؛ وفي مختصره، ص 57 [35] ـ أخرجه أبو نعيم في «حلية الاولياء» ج 1، ص 67؛ و«مفتاح السعادة» ج 1، ص 400. [36] ـ أخرجه أحمد بن حنبل، وقال: روي عنه عليه السلام نحو هذا كثيراً. («ينابيع المودّة» ص 274 ). [37] ـ أخرجه أحمد بن حنبل في «المناقب»؛ والبغويّ في «المعجم»؛ وأبو عمر في «العلم» ج 1، ص 114؛ وفي مختصره ص 58؛ ومحبّ الدين الطبريّ في «الرياض النضرة» ج 2، ص 198؛ وابن حجر في «الصواعق المحرقة» ص 76. [38] ـ روي الزبيديّ في «تاج العروس» ج 5، ص 286 في مادّة أَمَعَ بسنده المتّصل عن الحارث الاعور أنّ أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن مسألة، فدخل مبادراً، ثمّ خرج في رداء وحذاء، وهو مبتسم، فقيل له: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! إنَّكَ كُنْتَ إذَا سُئِلْتَ عَنِ المَسْأَلَةِ تَكُونُ فِيهَا كَالسِّكَّةِ المُحْمَاةِ؟ قَالَ: إنِّي كُنْتُ حَاقِنَاً، وَلاَ رَأْيَ لِحَاقِنٍ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: إذَا المُشْكِلاَتُ... إلی آخر الابيات. [39] ـ قال في «تاج العروس» ج 5، ص 268 بعد إيراد أربعة أبيات منها: الإمّعة: المتردّد في غير صنعة. وروي عن ابن مسعود أ نّه سئل: ما الإمّعة؟ قال: من يقول: أَنَا مَعَ النَّاسِ. وقال الليث: رَجُلٌ إمَّعَةٌ يقول لكلّ أحد: أنا معك. [40] ـ أخرجها أبو عمر في «العلم» ج 2، ص 113؛ وفي مختصره، ص 170؛ والحافظ العاصميّ في «زين الفتي شرح سورة هل أتي»؛ والقالي في أماليه؛ والحصريّ القيروانيّ في «زهر الآداب» ج 1، ص 38؛ والسيوطيّ في «جمع الجوامع» كما ترتيبه، ج 5، ص 242؛ والزبيدي الحنفيّ في «تاج العروس» ج 5، ص 268 نقلاً عن «الامالي»؛ وذكر منها البيتين الاخيرين الميدانيّ في «مجمع الامثال»، ج 2، ص 358. [41] ـ «صحيح البخاريّ» ج 1، ص 46؛ وج 1، ص 240 و 241؛ و«مسند أحمد» ج 1، ص 278؛ و«مسند أبي داود» ص 356. [42] ـ «تاريخ ابن عساكر» ج 2، ص 305. [43] ـ قال في «أقرب الموارد»: اللويّة ما هيّأته وأخفيته عن غيرك من الطعام، كما يقول الرجل لاهله: قومي فغذّينا من اللويّة. وجمعها لَوَايَا. وكأنّ مقاتل بن سليمان أراد أن يكون في كلامه هذا كالمسيح عليه السلام الذي كان يقول: وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُم. [44] ـ «تاريخ بغداد» للخطيب البغداديّ، ج 3، ص 166. [45] ـ «الانتقاء» لابي عمر بن عبدالبرّ صاحب «الاستيعاب». [46] ـ «طبقات الحفّاظ» للذهبيّ، ج 2، ص 288؛ و«الغدير»، ج 6، ص 191 إلی 96. [47] ـ «بحار الانوار» ج 17، ص 125 كتاب الروضة، طبعة الكمبانيّ. [48] ـ انظر: «تاريخ الطبريّ»، ج 3، ص 210؛ و«سيرة ابن هشام» ج 2، ص 661؛ و«الإمامة والسياسة» ج 1، ص 16. [49] ـ «الصراط المستقيم إلی مستحقّي التقديم» للعلاّمة الشيخ زين الدين عليّبن يونس العامليّ النباطيّ البياضيّ المتوفّي سنة 877، ج 2، ص 296. وفيه أيضاً، ج 2، ص 26: نكتة: قيل لابن بابويه: أتفضّل عليّاً علی أبي بكر؟ قال: لا. قيل: أتفضّل أبابكر علی عليّ؟ قال: لا. قيل: فلا تفاضل بينهما؟ قال: نعم. قيل: وكيف تقول؟ قال: الاشياء إمّا أضداد، وظاهر أ نّه لا تفاضل بينهما. أو أشباه وأمثال، وأبوبكر لايشابه عليّاً لما عُلم من مساواته للنبيّ صلّي الله عليه وآله حين واخاه. [50] ـ الغدير، ج 6، ص 196. [51] ـ روي السيوطيّ في «جمع الجوامع» كما في ترتيبه، في ج 6، ص 15: نقلاً عن عبدالرزّاق، والبيهقيّ، وأبي الشيخ في فرائضه، وكذلك روي الهيثميّ في «مجمع الزوائد» ج 4، ص 227 عن سعيد بن المسيِّب، عن عمر أ نّه قال: سألتُ النبيّ صلّيالله عليه وآله كيف قسم الجدّ؟ قال: ما سؤالك عن ذلك يا عمر؟ إنّي أظنّك تموت قبل أن تعلم ذلك. قال سعيدبن المسيِّب: فمات عمر قبل أن يعلم ذلك. [52] ـ «صحيح مسلم» ج 2، ص 234 في كتاب الآداب؛ «صحيح البخاريّ» ج 3، ص 837 طبعة الهند؛ «مسند أحمد» ج 3، ص 19؛ «سنن الدارميّ» ج 2، ص 274؛ «سنن أبيداود» ج 2، ص 340؛ «مشكل الآثار»، ص 499؛ و«الغدير» ج 6، ص 158؛ وأخرج مسلم في صحيح آخر: قال أُبيّ بن كعب: يا ابن الخطّاب فلا تكوننّ عذاباً علی أصحاب رسولالله صلّيالله عليه وآله. قال: سبحان الله إنّما سمعتُ شيئاً فأحببتُ أن أتثبّت. وفي لفظ: قال أبوسعيد قلتُ: أنا أصغر القوم. قال النوويّ في «شرح صحيح مسلم»: معناه أنّ هذا حديث مشـهور بيننا، معـروف لكبارنا وصغـارنا حتّي أنّ أصغـرنا يحفظه وسـمعه من رسولالله صلّيالله عليه وآله. [53] ـ «نهج البلاغة» الخطبة 237، طبعة مصر، شرح عبده، ج 1، ص 467: (ومن خطبة له عليه السلام) يذكر فيها آل محمّد صلّي الله عليه وآله: هم عيش العلم، وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وصمتهم عن حكم منطقهم. لا يخالفون الحقّ ولايختلفون فيه. هم دعائم الإسلام وولائج الاعتصام. بهم عاد الحقّ إلی نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته. عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لاعقل سماع ورواية، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل. [54] ـ «نهج البلاغة» الخطبة 145، طبعة مصـر، شـرح عبده؛ ج 1، ص 267. وذكرنا هذه الخطبة أيضاً في الجزء الرابع من كتابنا هذا: «معرفة الإمام» الدرس 57 إلی 60. [55] ـ «نهج البلاغة» ج 2، الحكمة 172 و 438. [56] ـ هذه الابيات الثلاثة وأبيات ثلاثة أُخري غيرها موجودة في ديوان الشعر المنسوب إلی الإمام الوصيّ علی بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، ذكرها جامع الديوان وشارحه عبدالعزيز سيّد الاهل في ص 11 و 12. والابيات المذكورة هي الابيات الاخيرة، أمّا الابيات الثلاثة الاُخري، فهي الابيات الاُولي، وهي قوله: الناس من جهـة التمثـال أكفـاء أبـوهـــــم آدم والاُمُّ حــــوّاء فإن يكن لهم من أصلهم شرفٌ يُفـاخـرون به فالطيـن والمـاء وإن أتيتَ بفخرٍ من ذوي نسبٍ فإنّ نسـبـتَـنـا جـودٌ وعـلـيـاءُ وقال سيّد الاهل: ذكرها الغزّاليّ في «إحياء العلوم»، والشبلنجيّ في «نور الابصار»، ولويس شيخو في «مجاني الادب»، والشريشيّ في شرحه علی «المقامة الكَرجيّة» من «مقامات الحريريّ» مع اختلاف في بعض الالفاظ، واقتصر الشريشيّ علی البيتين الاوّلين منها. ولكن ورد البيت الآتي في الديوان المطبوع طبعة حجريّة، ص 1 مضافاً إلی هذه الابيات: وإنّـمـا أُمّـهـاتُ النَّـاس أوعيـةٌ مسـتَوْدعـاتٌ وللاحسـاب آباءُ وهذا البيت ليس للإمام علی نحو اليقين، وإنّما أضافه الآخرون، لانّ مفاده خلاف الحقيقة. وأجمعت الآيات القرآنيّة والروايات علی أنّ الابن يطلق علی أبناء البنت كما يطلق علی أبناء الابن. ولا تفاوت في النسب سواء من ناحية الابن أم من ناحية البنت. وللعلاّمة الطباطبائيّ بحث حول هذا الموضوع في «الميزان» ج 4، ص 331. ويري أنّ هذا البيت والبيت الآتي الذي ينسب إلی قول القائل ذوا مضمون جاهليّ: بنـونـا بنـو أبنـائـنـا وبنـاتـنـا بنوهـنّ أبنـاء الرجـال الاباعـدِ وحاول العبّاسيّون أن لا ينسبوا أئمّة أهل البيت عليهم السلام إلی رسول الله صلّيالله عليه وآله فأُدينوا. [57] ـ ونقرأ لامير المؤمنين عليه السلام شعراً آخر في الديوان المنسوب إليه، وهو حقيق بالإمعان: وفي الجهل قبل الموت موت لاهله وأجـسـادهـم قـبـل القبـور قبـورُ وإنّ امـريً لـم يُحـيَ بالعلـم ميّـتٌ وليـس لـه حـتّـي النـشـور نُـشـورُ وهذان البيتان رائيّان. وأُثر بيتان آخران في قافية الالف هما: ولا تصـحب أخـا جهـلٍ وإيّـاك وإيّـاه فكم من جاهلٍ أردي حكيماً حين آخاهُ يُقـاسُ المـرءُ بالمـرء إذا ما هـو ماشـاهُ وللشـيء من الشـيء مقاييـسُ وأشـباهُ [58] ـ «الصراط المستقيم» ج 2، ص 19. [59] ـ «ديوان مغربي» ص 85. يقول: «أ نّي ذهبنا رأينا جهاتك كلّها. وحيثما وصلنا رأينا أوّل الزقاق الذي تقيم فيه. إنّ كلّ قِبلة اختارها القلب لعبادتك، رأيناها حاجبك المتقوّس. وكلّ شجرة سرو متمايلة في روضة الدهر، رأيناها نامية في بستانك وضفة نهرك. شممنا البارحة رائحتك الطيّبة من نسيم الصبا، ورأينا ركب عطرك مع هذا النسيم». [60] ـ «يقول: «تصفّحنا وجوه الصالحين كلّها متفرّجين، بَيْدَ أ نّا رأينا مرآة وجهك. نظرنا في العيون الشهلاء للوِسّام جميعهم، فرأينا نرجسك الفتّان. لمّا أشرقت شمس وجهك علی الذرّات بأسرها، رأيناها قد انجذبت إليك. في الظاهر والباطن مجازاً وحقيقة، رأينا أهل الدارين (الدنيا والآخرة) متوجّهين إليك. كلّ عاشق مجنون في عالم وجودك، رأينا قلبه مصفّداً بسلسلة شعرك ] مأسور إليك [. ورأينا رئيس حلقة الهائمين في معابد العُرفاء قلبه في ثنايا ضفيرتك. لا تسأل المغربيّ ] اسم الشاعر [ عن أحواله، فإنّي أراني مفتوناً بضفيرتك السوداء». |
|
|