|
|
الصفحة السابقةنتائج تفسير العلاّمة الطباطبائيّ رحمه الله من الآيات فيالثقليننقلناه هذا البحث من تفسير سماحة الاُستاذ روحي له الفداء ليتّضح قول الآيات والروايات المسلَّمة الصحيحة المتقنة في الثقلين، وفي مخالفي الإمامة. وأنّ الذين تحمّسوا للإسلام بعد الرسول الاكرم لم يكن عملهم إلاّ من وحي هوي النفس الامّارة واتّباعها، وحبّ الرئاسة، وشهوة التسلّط والتحكّم في إطار الخلافة. لقد كان سماحة العلاّمة في هذه البحوث وبياناته لروايات العامّة الصحيحة قد عرض كتاب درس، وتفسير، وبيان، وتأريخ بنحو مجمل. ونحن أيضاً أوردناه فيما مرّ حرفيّاً لاهمّيّته. أوّلاً: بيّن أنّ الاعتصام بالله يتجسّد في ظلّ التمسّك بكتاب الله وسنّة رسول الله. ولا طائل في الاعتصام بالله دون التمسّك بهذين الظهورين من الله. وآيات الله في كتابه الحكيم تُحيل المسلمين إلی السنّة النبويّة. والسُّنّة توطّد قواعد الكتاب وأُسسه. فالتمسّك بالكتاب، وترك السُّنَّة، والاكتفاء، بقولهم: حَسْبُنَا كِتَابُ اللَهِ أباطيل وأراجيف لم تسمع تحت هذه السماء الزرقاء إلاّ من الشيطان وأعوانه. إنّ هذين الظهورين حبلان متّصلان بالله وبخلقه. ولا مفهوم ولا مفاد لمسند المؤمن المسلم في طريق معرفة الله والإسلام الحقيقيّ والاعتصام بالذات الاحديّة ما لم يكن الكتاب والإمام موجودين. ثانياً: المراد في قوله تعالی: واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا: الإمام، إذ ينبغي أن يلتفّ حوله المسلمون جميعهم. وهو الذي يقيم الكتاب والسنّة. وهو الذي يحفظ جماعة الإسلام وفقاً لميزان الكتاب والتوحيد ودرايته ومعرفته وولايته. وهو سرّ رسول الله، والارتباط به ارتباط بالإسلام وروح النبوّة. وهذا هو المراد من لفظ « جميعاً » في الآية، ولفظ « الجماعة » في الرواية، لا المراد ذلك الإنسان الذي يتربّع علی أريكة الخلافة غاصباً منطلقاً من الهوي والهوس، ويجمع حوله الاُمّة بجهل. ثمّ يضع لها اسم الجماعة مجازاً وانتحالاً وزيفاً، ويعدّ الاصحاب الحقيقيّين لهذه الجماعة في زمرة المتمرّدين والمنعزلين عن الجماعة لقلّة عددهم، وعدم انضوائهم تحت لواء فئته، ويهاجمهم ويُظهرهم مخالفين للجماعة بهذه الحربة المجازية التي اختطفها سارقاً. إرجعوا البصر في هذه الجمل القصيرة لينكشف لكم كتاب من الاسرار والرموز والغوامض. ثالثاً: أنّ الدعاء الذي دعا به إبراهيم علیه السلام واستجيب له حين طلب من الله أن يجعل من ذرّيّته أُمّة مسلمة، لا يقصد منه ظاهر الإسلام، فيشمل من كان مسلماً لفظاً، وإن كان في باطنه ملوّثاً ومغشوشاً ومصاباً بالادواء النفسيّة والغرور وحبّ الجاه والآمال الطويلة العريضة. فهؤلاء الموصوفون بالنفاق لا يمكن أن يكونوا هم المقصودين في دعائه. فالمراد من الاُمّة المسلمة أهل البيت والائمّة الطاهرون سلام الله علیهم أجمعين. رابعاً: حقيقة الإسلام في الولاية. ومن لم يعرف الإمام فليس بمسلم، ويدلّ الحديث القائل: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ إمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً جَيّداً علی أنّ أهل الجاهليّة الذيـن لم ينالوا حظّاً من الإسلام، إنّما كانوا كذلك لجهلهم بروح النبوّة والولاية. وهذا المعني عينه كامن في المسلم الذي لا يعرف الإمام. خامساً: ويدلّ أيضاً علی أنّ الإمام موجود في كلّ زمان، وأنّ طائفة من الاُمّة علی الحقّ، وإن كانوا أقلّيّة، وأنّ الارض لا تخلو من حجّة. ويُثبت هذا الموضوع وجود إمام العصر والزمان علیه السلام في عصر الغيبة. سادساً: أنّ الذين خالفوا رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم في السُّنَّة لم يقرّوا بوصاية أمير المؤمنين علیه السلام، فلا يُضفي علیهم عنوان الصحابيّ قيمة. وأ نّهم لا يردون حوض الكوثر، ولا يشربون من مائه، وليس لهم نصيب في أقداحه التي عددها كعدد النجوم، وذلك لمخالفتهم حديث الثقلين الذي يمثّل ركن الإسلام، وإحداثهم ما أحدثوا بعد وفاة رسول الله. ومصيرهم أ نّهم يُخْتَطَفُون ويُساقون إلی جهنّم، ويمنَعُون من الحوض ويُطرَدُون من أطرافه. إنّ الجنّة والكوثر لاصحاب الولاية، أي: أُولئكَ الذين أقرّوا بالإمام والولاية وانشدّوا إلی الثقلين مع إيمانهم بالإسلام والكتاب. وهذه موضوعات تستفاد من أحاديث الفريقين. وهي موجودة في صحاح العامّة المشهورة. المواقف التي نطق فيها رسول الله بحديث الثقلينوالآن علینا أن نري ما هي الموارد التي صدر فيها هذا الحديث عن الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله ؟ إذ إنّ الذي يستشفّ من مضامِينه أنّ الرسول العظيم نطق به في مواطن متنوّعة، كما لاحظنا في الجزء العاشر من كتابنا هذا « معرفة الإمام » أ نّه صلّي الله علیه وآله نطق بحديث المنزلة: أَنْتَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي إلاَّ أَ نَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي في أربعة عشر مقاماً وموقفاً لم تترابط. وقد استقصيتُ بشأن حديث الثقلين ما يربو علی عشرة موارد هي كالآتي: المورد الاوّل: المطلقات التي تبيّن هذا الحديث بنحو مطلق بلا تحديدٍ لمقامه وموطنه: وهذه المطلقات كثيرة. ولعلّها تزيد علی جميع الاحاديث التي دلّت علی محلّ ومقام خاصّ له. علی أ نّه ربّما تكون موارد هذه المطلقات الاحاديث التي كانت مقيّدة بمحلّ وموطن خاص، وقد بادر راوي الحديث إلی ذكر أساس الحديث الذي أمر بالتمسّك بالثقلين فحسب، وتغاضي عن ذكر مقامه وموقفه، وفي ضوء المنهج الاُصولي ينبغي حمل المطلق علی المقيّد، كما يمكن أن يكون رسول الله صلّي الله علیه وآله قد أمر بالتمسّك بالثقلين في أوقات غير خاصّة وحالات غير محدّدة، في الحضر والسفر، والخفاء والعلن، وعند بعض الصحابة دون بعض، فتكون ـ حينئذٍ ـ أحاديث مستقلّة. وفي ضوء ما يقوله الاُصوليّون: لا يلزم حمل المطلق علی المقيّد، في مثل هذه المقامات. فَنَدَع المطلق والمقيّد كُلاّ في موضعه. [1] ونذكر فيما يأتي عدداً من موارد هذه المطلقات: روي أبو سعيد الخُدريّ مرفوعاً: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ ـ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إلَی اًلاَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ. [2] وذكر ابن المغازليّ هذا اللفظ نفسه عن زيد بن أرقم بدون قوله: حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إلَی الاَرْضِ. [3] وأورده الحمّوئيّ في « فرائد السمطين » بهذا اللفظ عن زيد أرقم، في ثلاثة مواضع عن أبي سعيد الخُدريّ، وفي موضع عن أمير المؤمنين علیه السلام، وفي آخر عن زيد بن ثابت بهذا اللفظ: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، أَلاَ وَهُمَا الخَلِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ. [4] ونقله المجلسيّ في « بحار الانوار » عن « كمال الدين »، و « عيون أخبار الرضا » عن الإمام الرضا علیه السلام. وعن « أمإلی الشيخ الطوسيّ » عن أبي سعيد، وعن « معاني الاخبار » روايتان، وعن السيوطيّ، والطبرانيّ، وسعيد، وأحمد. [5] ورواه الملاّ علیّ المتّقي الهنديّ في « كنز العمّال »، بتخريج وتصحيح ابن جرير في « تهذيب الآثار ». [6] وذكره السيّد محمّد الترمذيّ الحنفيّ في كتاب « الكوكب الدُّرِّيّ » عن « صحيح الترمذيّ » عن زيد بن أرقم بهذا اللفظ. [7] وأورده القاضي عياض بن موسي اليحصبيّ فيكتاب « الشِّفَا بتعريف حقوق المصطفي » باللفظ اللآتي: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِّي فِيهِمَا ؟! [8] وعن زيد بن ثابت روايات بهذا اللفظ: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي أَلاَ وَهُمَا الخَلِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِي، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ. وبهذا اللفظ: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالاَرْضِ، وعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ؛ وَإنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ. وبهذا اللفظ: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، وَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ. وورد باختلاف في اللفظ في اثني عشر كتاباً معتمداً ومهمّاً من كتب العامّة، وهي « فرائد السمطين » للحمّوئيّ، و « مسند أحمد بن حنبل »، و « المعجم الكبير » للطبرانيّ، و « كنز العمّال » للملاّ علیّ المتّقي، و « ينابيع المودّة » للقندوزيّ، و « الدّر المنثور »، و « الجامع الصغير »، و « إحياء الميّت » للسيوطيّ، و « جواهر العِقدين » للسمهوديّ، و « استجلاب ارتقاء الغُرف »، و « مفتاح النَّجا » للبَدَخشانيّ، و « وسيلة المآل » لاحمد بن المفَضَّل. وكلّها من المطلقات. ومن المطلقات رواية زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلّي الله علیه وآله: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعَلَی بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَفْضَلَ لَكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَهِ، لاَ نَّهُ مُتَرْجِمٌ لَكُمْ عَنْ كِتَابِ اللَهِ. [9] ومن المطلقات رواية ابن أبي الحديد، قال: قال رسول الله صلّي الله علیه وآله: خَلَّفْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ـ حَبْلاَنِ مَمْدُودانِ مِنَ السَّمَاءِ إلَی الاَرْضِ لاَ يَفْتَرِقَانِ حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ. ثمّ قال ابن أبي الحديد: فعبّر عن أمير المؤمنين علیه السلام من أهل البيت بلفظ السبب لما كان النبيّ صـلّي الله علیه وآله قال: « حبـلان ». والسـبب فـي اللغة الحبل وغيره. وعني بقوله: أُمروا بمودّته قوله تعالی: قُل لاَّ أَسْـَلُكُمْ عَلَیهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي'. [10] * * * وصيّة النبيّ بالعترة لوفد ثقيفالمورد الثاني: كلام الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله لوَفْدِ ثقيف ( رجال كبار من قبيلة ثقيف دخلوا علی النبيّ قادمين من الطائف ):
روي القندوزيّ الحنفيّ،
[11]
وشمس الدين السخاويّ الشافعيّ
[12]
بسندهما المتّصل عن عبد الرحمن بن عوف قال: لمّا فتح رسول الله صلّي
الله علیه وآله مكّة، انصرف إلی الطائف فحاصرها سبع عشرة ليلة أو وذكرها ابن حجر الهيتميّ أيضاً بتخريج ابن أبي شيبة، عن عبد الرحمن بن عوف. [14] من الجدير ذكره أنّ هذه الخطبة لم تكن في الطائف نفسه، بل كانت بعد الرجوع منه، وعبارة ثُمَّ قَامَ خَطِيباً تعني أنّ هذه الخطبة كانت بعد حصار الطائف، وإن كانت بعد الرجوع. ونصّ علی ذلك المرحوم آية الله السيّد عبد الحسين شرف الدين العامليّ حيث قال: وَتَارَةً بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الطَّائِفِ. [15] والآن ينبغي أن نلاحظ هل جاءه وفد ثقيف في مكّة حين قدمها لاداء العمرة بعد رجوعه من الطائف إلی الجِعرانة، ومنها إلی مكّة، أم كان بعد أداء العمرة والرجوع إلی المدينة ؟ ونقل الواقديّ في « المغازي » قصّة ورود وفد ثقيف المدينة برئاسة عَبْد يالَيْل وكانوا ستّة إلی ثلاثة عشر، وكان نزولهم في دار المغيرة بن شعبة. وذكر مفصّلاً إقامتهم، وكيفيّة زيارة رسول الله، وقدومهم إلی المسجد، ومدّة مكوثهم وإقامتهم، وما تبودل من كلام بينهم. [16] وذهب المؤرّخ الشهير الميرزا محمّد تقي خان سبهر لسان الملك إلی أ نّهم حضروا في مكّة بعد رجوعهم من الطائف. وقال: في الخبر أنّ رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم حاصر الطائف فَسَأَلَهُ القَوْمُ أَنْ يَبْرَحَ عَنْهُمْ لِيَقْدِمَ عَلَیهِمْ وَفْدُهُمْ فَيَشْتَرِطُ لَهُ فَيَشْتَرِطُونَ لاِنْفُسِهِمْ. فَسَارَ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ حَتَّي نَزَلَ مَكَّةَ فَقَدِمَ عَلَیهِ نَفَرٌ مِنْهُمْ بِإسْلاَمِ قَوْمِهِمْ، وَلَمْ يَنْجَعِ القَوْمُ لَهُ بِالصَّلاَةِ وَلاَ الزَّكَاةِ. فَقَالَ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: إنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي دِينٍ لاَ رُكُوعَ فِيهِ وَلاَ سُجُودَ. أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقِيمُنَّ الصَّلاَةَ وَلَيُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ، أَوْ لاَبْعَثَنَّ إلَيْهِمْ رَجُلاً هُوَ مِنِّي كَنَفْسِي فَلَيَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَ مُقَاتِلِيهِمْ وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيهِمْ. هُوَ هَذَا ـ وَأَخَذَ بِيَدِ علیٍّ عَلَیهِ السَّلاَمُ فَأَشَالَهَا. ولمّا علم مبعوثوهم ذلك وأخبروا قومهم، فزعوا فزعاً شديداً، وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة. وحينما عرف النبيّ هذا منهم، قال: مَا اسْتَعْصَي عَلَیَّ أَهْلُ مَمْلَكَةٍ وَلاَ أُمَّةٍ إلاَّ رَمَيْتُهُمْ بِسَهْمِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ. فقال نفر من الصحابة: من هو سهم الله ؟ قَالَ: علیُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ! مَا بَعَثْتُهُ فِي سَرِيَّةٍ إِلاَّ رَأَيْتُ جَبْرَئِيلَ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلَ عَنْ يَسَارِهِ، وَمَلَكاً أَمَامَهُ وَسَحَابَةً تُظِلُّهُ حَتَّي يُعْطِيَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ حَبِيبَهُ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ. [17] ومن هذا المنطلق قال أمير المؤمنين علیه السلام لمن معه يوم الشوري: نَشَدْتُكُمْ بِاللَهِ هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ: لاَبَعَثَنَّ إلَيْكُمْ رَجُلاً امْتَحَنَ اللَهُ قَلْبَهُ لِلإيمَانِ غَيْرِي ؟! قَالُوا: اللهُمَّ لاَ. [18] وذكر الشيخ الطبرسيّ في « الاحتجاج » رواية مناشدة أمير المؤمنين علیه السـلام يوم الشـوري بهذا اللفـظ نفسـه. [19] أمّا في كتاب « الخصـال » للشـيخ الصدوق فقد روي فيه بإسـناده عن عامر بن واثلة أ نّه قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام يوم الشوري: نَشَدْتُكُمْ بِاللَهِ هلْ فِيكُمْ أَحَدٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ: «لَتَنْتَهِيَنَّ بَنُو وَلِيعَةَ أَوْ لاَبْعَثَنَّ إلَيْهِمْ رَجُلاً كَنَفْسِي، طَاعَتُهُ طَاعَتِي وَمَعْصِيَتُهُ كَمَعْصِيَتِي يَغْشَاهُمْ بِالسَّيْفِ» غَيْرِي ؟! قَالُوا: اللَهُمَّ لاَ ! [20] روي الشيخ الطوسيّ في أماليه بسنده المتّصل عن أبي ذرّ الغفاريّ أ نّه قال: قال رسول الله صلّي الله علیه وآله لوفد أهل الطائف عندما دخلوا علیه: يَا أَهْلَ الطَّائِفِ ! لَتُقِيمُنَّ الصَّلاَةَ وَلَتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ أَوْ لاَبْعَثَنَّ عَلَیكُمْ رَجُلاً كَنَفْسِي يُحِبُّ اللَهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَهُ وَرَسُولُهُ يَقْصَعُكُمْ بِالسَّيْفِ ! فَتَطَاوَلَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِ علیٍّ فَأَشَالَهَا، ثُمَّ قَالَ: هُوَ هَذَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ: مَا رَأَيْنَا كَاليَوْمِ فِي الفَضْلِ قَطُّ. [21] قال المجلسيّ رضي الله عنه في بيانه في توضيح معني القَصْع: شِدَّةُ المَضْغِ ؛ وَقَصَعَ الغُلاَمَ ـ كَمَنَغَ ـ ضَرَبَ بِبَسْطِ كَفِّهِ عَلَی رَأْسِهِ. [22] كناية عن أمير المؤمنين علیه السلام يحطِّمكم ويطحنكم أو يقذفكم بسيفه البتّار ويمطر رؤوسكم بحرابه وأسنّته. وروي المجلسيّ عن السيّد ابن طاووس في « الطرائف » عن أحمد بن حنبل، عن عبد الله بن خطيب [23] أ نّه قال: قال رسول الله صلّي الله علیه وآله لوفد ثقيف عندما دخلوا علیه: لَتُسْلِمُنَّ أَوْ لاَبْعَثَنَّ إلَيْكُمْ رَجُلاً مِنِّي ـ أَوْ قَالَ: مِثْلَ نَفْسِي ـ فَلَيَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَكُمْ وَلَيَسْبِيَنَّ ذَرَارِيَكُمْ وَلَيَأْخُذَنَّ أَمْوَالَكُمْ ! قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَهِ مَا اشْتَهَيْتُ الإمَارَةَ إلاَّ يَوْمَئِذٍ، فَجَعَلْتُ أَنْصِبُ صَدْرِي لَهُ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ هَذَا لِي. فَالْتَفَتَ إلَی علی فَأَخَذَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: هُوَ هَذَا ! هُوَ هَذَا ! مَرَّتَيْنِ. [24] ورواه السيّد هاشم البحرانيّ في « غاية المرام » عن أحمد بن حنبل، [25] وعن « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد. [26] قال ابن أبي الحديد في شرحه: رواه أحمد بن حنبل في « المسند »، ورواه في كتابه الآخر « فضائل علیّ علیه السلام » أنّ رسول الله صلّي الله علیه وآله قال: لَتَنْتَهُنَّ يَا بَنِي وَلِيعَةَ أَوْ لاَبْعَثَنَّ إلَيْكُمْ رَجُلاً كَنَفْسِي، يُمْضِي فِيكُمْ أَمْرِي، يَقْتُلُ المُقَاتِلَةَ وَيَسْبِي الذُّرِّيَّةَ ! قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَمَا رَاعَنِي إلاَّ بَرْدُ كَفّ عُمَرَ فِي حَجْرِي مِنْ خَلْفِي يَقُولُ: مَنْ تَرَاهُ ؟! فَقُلْتُ: إنَّهُ لاَيَعْنِيكَ ! وَإنَّمَا يَعْنِي خَاصِفَ النَّعْلِ بِالبَيْتِ وَإنَّهُ قَالَ: هُوَ هَذَا. [27] وقال ابن أبي الحـديـد: روي في الخبـر المشـهور عـن رسـول الله صلّي الله علیه وآله أ نّه قال لبني وليعة: لَتَنْتَهُنَّ يَا بَنِي وَلِيعَةَ أَوْ لاَبْعَثَنَّ إلَيْكُمْ رَجُلاً عَدِيلَ نَفْسِي، يَقْتُلُ مُقَاتِلَتَكُمْ [28] وَيَسْبِي ذَرَارِيَكُمْ. قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: فَمَا تَمَنَّيْتُ الإمَارَةَ إلاَّ يَوْمَئِذٍ وَجَعَلْتُ أَنْصِبُ لَهُ صَدْرِي رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ هَذَا. فَأَخَذَ بِيَدِ علی عَلَیهِ السَّلاَمُ. [29] وروي مضمونه موفّق بن أحمد الخوارزميّ صدر الائمّة عند العامّة، عن فخر خوارزم أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشريّ بسنده المتّصل عن عبد الله بن حنطب، عن رسول الله صلّي الله علیه وآله. [30] وروي ابن شهرآشوب عن عبد الله بن شَدَّاد أنّ رسول الله صلّي الله علیه وآله قال للوفد الذي دخل علیه: لَتُقِيمُنَّ الصَّلاَةَ وَتُؤْتُنَّ الزَّكَاةَ أَوْ لاَبْعَثَنَّ عَلَیكُمْ رَجُلاً كَنَفْسِي. وبهذا اللفظ أبان رسول الله صلّي الله علیه وآله ولاية أمير المؤمنين علیه السلام، وأ نّه وليّ الاُمّة من بعده. [31] من الجدير ذكره أ نّنا جعلنا كلام رسول الله صلّي الله علیه وآله في خطابه لوفد ثقيف القادمين من الطائف في عداد أدلّة التمسّك بالثقلين بسبب الروايتين الاُولَيين اللتين نقلناهما عن القندوزيّ والسخاويّ، إذ قال صلّي الله علیه وآله فيهما: أُوصِيكُمْ بِعِتْرَتِي خَيْراً وَإنَّ مَوْعِدَكُمُ الحَوْضُ. * * * المورد الثالث: خطبة رسول الله بحقّ الثقلين في عرفاتوخطب الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله في عرفات ومني يوم حجّة الوداع، وأوصي بالتمسّك بالثقلين. المورد الثالث: من موارد توصيته صلّي الله علیه وآله بالتمسّك بالثقلين كان في عرفات يوم عرفة من السنة العاشرة للهجرة عندما نُصبت خيمته في نَمِرَة، [32] فأمر بناقته القصواء [33] عند زوال الشمس فركبها حتّي بلغ وسط وادي عرفات وخطب في الناس: وهذه الخطبة مفصّلة نوعاً ما، وهي تحتوي علی تعاليم ومطالب جديدة ذكرها أعلام وأعيان علماء الخاصّة والعامّة في كتبهم. ونحن أوردناها في دورتنا هذه: « معرفة الإمام ». [34] قال أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح الكاتب العبّاسيّ المعروف باليعقوبيّ: قال رسول الله صلّي الله علیه وآله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ! لَعَلَّكُمْ لاَ تَلْقَوْنَنِي عَلَی مِثْلِ هَذِهِ، وَعَلَیكُمْ هَذَا. وواصل خطبته حتّي بلغ قوله: لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً مُضِلِّينَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، إنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ! أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟! قَالُوا: نَعَمْ ! قَالَ: اللَهُمَّ اشْهَدْ، ثُمَّ قَالَ: إنَّكُمْ مَسؤُولُونَ فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغَائِبَ. [35] وروي القندوزيّ عن الترمذيّ في باب مناقب أهل البيت بسنده المتّصـل عن جابـر بن عبد الله الانصـاريّ ] أ نّه [ قال: رأيـتُ رسول الله صلّي الله علیه وآله في حجّته يوم عرفة وهو علی ناقته القصوي يخطب فسمعته يقول: أَيُّهَا النَّاسُ ! إنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ! قال القندوزيّ: قال الترمذيّ: وفي الباب عن أبي ذرّ، وأبي سعيد، وزيد بن أرقم، وحُذيفة بن أُسَيْد. [36] وروي القندوزيّ وصيّة رسول الله بالتمسّك بالثقلين في مرض موته وهو علی المنبر، بتخريج السيّد أبي الحسين يحيي بن حسن في كتابه « أخبار المدينة » عن محمّد بن عبد الرحمن بن خلاّد، عن جابر بن عبد الله، ثمّ قال: وعن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلّي الله علیه وآله يوم عرفة وهو علی ناقته القصوي يخطب فسمعته يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ! إنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. أخرجه الترمذيّ وقال: حسن غريب. [37] وأخرج الشيخ عبيد الله الحنفيّ متن هذا الحديث عينه عن الترمذيّ في جامعه، عن جابر. [38] وأخرجه مبارك بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم المعروف بابن الاثير الجزريّ، بتخريج الترمذيّ عن جابر، في كتاب « جامع الاُصول » [39]. وأخرجه البغويّ أيضاً في « مصابيح السُّنَّة » عن جابر في يوم عرفة. [40] وقال السخاويّ في « استجلاب ارتقاء الغرف »: وأمّا حديث جابر فقد رواه الترمذيّ في جامعه عن طريق زيد بن حسن الانماطيّ، عن جعفر بن محمّد بن علیّ بن الحسين، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: رأيتُ رسول الله صلّي الله علیه وآله يوم عرفة وهو علی ناقة قصواء يخطب في الناس فسمعته يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ! إنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. وقال الترمذيّ: هَذَا حَسَنٌ غَرِيبٌ. [41] وذكر الزرنديّ الحنفيّ في كتاب « نظم درر السِّمطين » متن هذا الحديث عينه عن جابر في حجّ رسول الله صلّي الله علیه وآله في يوم عرفة. [42] وأشار آية الله السيّد عبد الحسين شرف الدين العامليّ إلی هذه الخطبة. [43] وروي بعض مؤرّخي العامّة هذه الخطبة عن رسول الله صلّي الله علیه وآله في يوم عرفة، بَيدَ أ نّهم حذفوا منها قوله: وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، واكتفوا منها بقوله: وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي إنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ اللَهِ. [44] وأورد بعضهم كابن هشام في سيرته لفظ: وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ مكان لفظ: وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وقالوا: كِتَابَ اللَهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ. [45] ومن الجلاء بمكان أنّ يد التحريف امتدّت إلی هذه الروايات نكايةً. وذلك لما يأتي: أوّلاً: ورد في الروايات جميعها قوله: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. وهذه الطائفة من الروايات بلغت من الكثرة ما يفوق حدّ الإحصاء. ويتّضح من الموازنة بين الروايات كلّها أنّ لفظ: كِتَابَ اللَهِ وَسُنَّتِي لفظ مستنكر كما يبدو للعيان. حتّي أ نّنا نجد جلال الدين السيوطيّ قد أخرج الحديث في جامعه الصغير عن أحمد بن حنبل، وعن الطبرانيّ في معجمه الكبير، عن زيد بن ثابت باللفظ الآتي: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالاَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي وَإنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ [46]، ولم يذكر لفظاً آخراً غيره. ثانياً: لم يرد في الصحاح الستّة للعامّة لفظ: كِتَابَ اللَهِ وَسُنَّتِي. وانفرد مالك بن أنس بذكره في « الموطّأ » مرسلاً بلا سند متّصل. وأخذ عنه ذلك الطبريّ، وابن هشام، فنقلاه في كتابَيهما مرسلاً بغير سند أيضاً. ثالثاً: أنّ لفظ سُنَّتي ليس غلطاً أيضاً وإن لم يصدر عن الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله في هذا المقام. ومعناه الصحيح العمل بالكلام النبويّ الذي جعل العترة الطاهرة علیهم السلام رصيد الكتاب، وأرشد الاُمّة إلی أنّ طريق الوصول إلی الكتاب يقتصر علی تلك الذوات المقدّسة العالمة العارفة بكتاب الله، والمصونة من الخطأ والكذب في آنٍ واحد. وليـس معناه أنّ الإنسـان يأخذ السـنّة النبويّة من حكّام الجـور وأعوانهم الذين امتلات الكتب والطوامير بذكر مخالفتهم لرسول الله وتمرّدهم علی أوامره. وسوّدوا وجه التأريخ بكثرة الإشكالات الفظيعة التي سُجّلت علیهم في مجال العلم بكتاب الله، وصدق الكلام. * * * خطبة رسول الله بحقّ الثقلين في مسجد الخيفالمورد الرابع: خطبة رسول الله صلّي الله علیه وآله في التمسّك بالثقلين في مسجد الخيف يوم عيد الاضحي: من الجدير ذكره أنّ أعلام وأساطين علماء الشيعة رضوان الله علیهم أوردوا ثلاث خطب مختلفة المضمون عن الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله في التمسّك بالثقلين، وذلك في حجّة الوداع بأرض مِني. الاُولي: عن الشيخ الاجلّ الاعظم ابن أبي زينب محمّد بن إبراهيم النعمانيّ، أحد أعلام القرن الرابع، ذكرها في كتابه النفيس « الغيبة ». قال: أخبرنا محمّد بن هَمّام بن سُهيل قال: حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن محمّد الحسينيّ قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحميريّ قال: حدّثنا محمّد بن ] يـ [ زيد بن عبد الرحمن التيميّ، عن الحسن بن الحسين الانصاريّ، عن محمّد بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه أ نّه قال: قال ] الإمام [ علیّ بن الحسين علیهما السلام: كان رسول الله صلّي الله علیه وآله ذات يوم جالساً ومعه أصحابه في المسجد، فقال: يَطْلُعُ عَلَیكُمْ مِنْ هَذَا البَابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ يَسْأَلُ عَمَّا يَعْنِيهِ. فطلع رجل طوال يُشبّه برجال مُضَر، فتقدّم، فسلّم علی رسول الله صلّي الله علیه وآله وجلس، فقال: يا رسول الله إنّي سمعت الله عزّ وجلّ يقول فيما أنزل: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا. [47] فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به وألاّ نتفرّق عنه ؟! فأطرق رسول الله صلّي الله علیه وآله مليّاً، ثمّ رفع رأسه، وأشار بِيَدِهِ إلی علیّ بن أبي طالب علیه السلام وقال: هَذَا حَبْلُ اللَهِ الَّذِي مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ عُصِمَ بِهِ فِي دُنْيَاهُ وَلَمْ يَضِلَّ بِهِ فِي آخِرَتِهِ. فوثب الرجل إلی علیّ علیه السلام فاحتضنه من وراء ظهره وهو يقول: اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ اللَهِ وَحَبْلِ رَسُولِهِ. ثمّ قام فولّي وخرج. فقام رجل من الناس فقال: يا رسول الله ! ألحقه فأسأله أن يستغفر لي ؟! فقال رسول الله صلّي الله علیه وآله: إذاً تَجِدُهُ مُوَفَّقاً [48]. فلحقه الرجل، فسأله أن يستغفر الله له، فقال له: أفهمتَ ما قال لي رسول الله صلّي الله علیه وآله وما قلتُ له ؟ قال: نعم. قال: فإن كنتَ متمسّكاً بذلك الحبل يغفر الله لك، وإلاّ فلا يغفر الله لك ! ولو لم يدلّنا رسول الله صلّي الله علیه وآله علی حبل الله الذي أمرنا الله عزّ وجلّ في كتابه بالاعتصام به، وألاّ نتفرّق عنه، لاتّسع للاعداء المعاندين التأوّل فيه والعدول بتأويله وصرفه إلی غير مَن عني الله به، ودلّ علیه رسوله علیه السلام عناداً وحسداً، لكنّه قال صلّي الله علیه وآله في خطبته المشهورة التي خطبها في مسجد الخيف في حجّة الوداع: إنِّي فَرَطُكُمْ وَإنَّكُمْ وَارِدُونَ عَلَی الحَوْضَ، حَوْضاً عَرْضُهُ مَا بَيْنَ بُصْرَي إلی صَنْعَاءَ، فِيهِ قِدْحَانٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ. أَلاَ وَإنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: الثَّقَلُ الاَكْبَرُ القُرْآنُ، وَالثَّقَلُ الاَصْغَرُ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. هُمَا حَبْلُ اللَهِ مَمْدُودٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ، مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا، سَبَبٌ مِنْهُ بِيَدِ اللَهِ، وَسَبَبٌ ] مِنْهُ [ بِأَيْدِيكُمْ. [49] إنَّ اللَّطِيفَ الخَبِيرَ قَدْ نَبَّأَنِي أَ نَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ كَإصْبَعَيَّ هَاتَيْنِ ـ وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ ـ وَلاَ أَقُولُ كَهَاتَيْنِ ـ وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتِهِ وَالوُسْطَي ـ فَتَفْضُلَ هَذِهِ عَلَی هَذِهِ. يقول النعمانيّ بعد بيان هذا الحديث: أرويه بثلاثة أسناد أُخري: الاوّل: عن عبد الواحد بن عبد الله متّصلاً إلی أمير المؤمنين علیه السلام. الثاني: عن عبد الواحد بن عبد الله متّصلاً إلی الصادق علیه السلام. الثالث: عن عبد الواحد بن عبد الله متّصلاً إلی الباقر علیه السلام. [50] الثانية: عن الشيخ الاكبر الاعظم سعد بن عبد الله القمّيّ في كتاب « بصائر الدرجات » قال: حدثنا القاسم بن محمّد الإصفهانيّ عن سليمان بن داود المنقريّ المعروف بالشاذ كونيّ عن يحيي بن آدم، عن شريك بن عبد الله، عن جابر بن يزيد الجُعفيّ، عن أبي جعفر ( الإمام الباقر ) علیه السلام، قال: دعا رسول الله صلّي الله علیه وآله الناس بمِني، فقال: أَيُّهَا النَّاسُ ! إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، فَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَیَّ الحَوْضَ. ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ! إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ حُرُمَاتٍ ثَلاَثٍ: كِتَابَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِتْرَتِي وَالكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ. ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَیهِ السَّلاَمُ: أَمَّا كِتَابُ اللَهِ فَحَرَّفُوا، وَأَمَّا الكَعْبَةَ فَهَدَمُوا، وَأَمَّا العِتْرَةَ فَقَتَلُوا، وَكُلُّ وَدَايِعَ نَبَذُوا مِنْهَا فَقَدْ نَبَذُوا. [51] وروي الشيخ الاقدم أبو جعفر محمّد بن الحسن بن فَرُّوخ الصَّفَّار في « بصائر الدرجات » متن هذه الرواية نفسها عن علیّ بن محمّد، عن القاسم ابن محمّد، عن سليمان بن داود، عن يحيي بن أديم، عن شريك، عن جابر، عن الإمام الباقر علیه السلام. [52] الثالثة: عن الشيخ الجليل أبي منصور أحمد بن علیّ بن أبي طالب الطبرسيّ في كتاب « الاحتجاج » قال: حدّثنا محمّد بن موسي الهمدانيّ، قال: حدّثنا محمّد بن خالد الطَّيَالِسيّ، قال: حدّثنا سيف بن عميرة وصالح ابن عَقَبَة جميعاً عن قيس بن سمعان، عن علقمة بن محمّد الحضرَميّ، عن أبي جعفر محمّد بن علیّ علیهما السلام، وذكر خطبة رسول الله صلّي الله علیه وآله بمسجد الخيف قال: مَعَاشِرَ النَّاسِ ! إنَّ علیاً وَالطَّيِّبينَ مِنْ وُلْدِي هُمُ الثَّقَلُ الاَصْغَرُ، وَالقُرْآنَ هُوَ الثَّقَلُ الاَكْبَرُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مُنْبِيءٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَمُوَافِقٌ لَهُ، لاَ يَفْتَرِقَانِ حَتَّي يَرِدَا عَلَی الحَوْضَ، أُمَنَاءُ اللَهِ فِي خَلْقِهِ وَحُكَّامُهُ فِي أَرْضِهِ. أَلاَ وَقَدْ أَدَّيْتُ، أَلاَ وَقَدْ بَلَّغْتُ، أَلاَ وَقَدْ أَسْمَعْتُ، أَلاَ وَقَدْ أَوْضَحْتُ، أَلاَ وَإنَّ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْتُ عَنْ قَوْلِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَلاَ إنَّهُ لَيْسَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أَخِي هَذَا، وَلاَ تَحِلُّ إمْرَةُ المُؤْمِنِينَ لاِحَدٍ غَيْرِهِ. [53] من الجدير ذكره أنّ العلماء أوردوا ثلاث خطب للرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله بمِني: خطب الاُولي في مسجد الخيف يوم عيد الاضحي، وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة. وخطب الثانية يوم القَرّ، وهو اليوم الحادي عشر. [54] وخطب الثالثة في يوم النَّفْر الاوّل، وهو اليوم الثاني عشر، خطبها في العَقَبة وهي آخر نقطة بمِني. ولمّا كانت هذه المطالب التي ذكرناها في خطبة رسول الله بمِني متباينةَ تماماً في اللفظ والمضمون، لذا يتسنّي لنا أن نعدّها ثلاث خطب متنوّعة، ونطابقها مع ما أورده العلماء. ويمكن أن نقول إنّه صلّي الله علیه وآله وسلّم خطب الاُولي يوم العيد، والثانية يوم القرّ، والثالثة يوم النفر، وتحوم كلّها حول الوصيّة بالتمسّك بالثقلين وتأكيد ذلك. وعلیه، فإنّ الموردين الخامس والسادس من موارد خطبة الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله في التمسّك بالثقلين لا مِراء فيهما ولا غبار علیهما، وما علینا إلاّ أن ندخل في المورد السابع المتضمّن خطبته صلّي الله علیه وآله في وادي غدير خمّ بالجحفة. وقبل أن نعرض هذه الخطبة، نري من الضروريّ أن نذكر أنّ مؤرّخي العامّة لم يألوا جهداً في اختصار خطبه صلّي الله علیه وآله بمِني، وفي حذف ألفاظها الدالّة علی التمسّك بالثقلين. فنلحظ ـ مثلاً ـ أنّ أبا الفداء الدمشقيّ يورد في تاريخه خطبته صلّي الله علیه وآله يوم الحادي عشر من ذي الحجّة، فيصل إلی قوله: أَلاَ لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ! أَلاَ وَإنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ وَلَكِنَّهُ فِي التَحْرِيشِ بَيْنَكُمْ. أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟! أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ؟! ثُمَّ قَالَ: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ فَإنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ أَسْعَدَ مِنْ سَامِعٍ. [55] ويواصل بيان خطبته حتّي يبلغ قوله: أَيُّهَا النَّاسُ ! إنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ فَاعْمَلُوا بِهِ. [56] ومن الواضح أ نّنا إذا قايسنا بين جميع الروايات الواردة في هذا المقام وبين الخطب التي ألقاها صلّي الله علیه وآله، يتبيّن لنا أنّ لفظ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي كان موجوداً في هذه الخطبة، وأ نّهم أسقطوه عناداً وبغياً وحسداً. ارجاعات [1] ـ ومن هذه المطلقات رواية ذكرها الشيخ أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ في كتاب «الاحتجاج» في رسالة الإمام عليّ الهاديّ عليه السلام التي كتبها إلي أهل الاهواز. وهذه الرسالة مفصّلة، وممّا جاء فيها: مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلّي الله عليه وآله حيث قال: إنّي مستخلف فيكم خليفتين: كتاب الله وعترتي ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا بعدي وإنّهما لن يفترقا حتّي يردا عَلَيَّ الحوض. واللفظة الاُخري عنه في هذا المعني بعينه قوله صلّي الله عليه وآله: إنِّي تَارِك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتّي يردا عَلَيَّ الحوض ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا («غاية المرام» ص 234، الحديث 82، عن الخاصّة). [2] ـ «ينابيع المودّة»، عن كتاب «مودّة القربي» للسيّد عليّ الهمدانيّ، ص 245. [3] ـ «مناقب ابن المغازليّ» ص 234، الحديث 281. [4] ـ «فرائد السمطين» ج 2، ص 142 و 147، الباب 33، الاحاديث 426 إلي 441. [5] ـ «بحار الانوار» ج 7، ص 30 و 31، طبعة الكمبانيّ. [6] ـ «كنز العمّال» ج 1، ص 96، طبعة قديمة بالهند. [7] ـ «الكوكب الدُّرِّيّ» ص 111، طبعة لاهور. [8] ـ «العبقات» ج 1، ص 378، ضمن ترجمة القاضي عياض. [9] ـ «غاية المرام» ص 214، الحديث 20، عن العامّة، ولكن بطريق الخاصّة: الفقيه أحمد بن محمّد بن شاذان في «المناقب» المنقبة المائة. ومن الروايات رواية الصدوق بسنده المتّصل عن الاعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد، وعن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله صلّي الله عليه وآله: إنّي قد دُعيتُ وأجبتُ وَإنِّي تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله عزّ وجلّ حبلٌ ممدودٌ من السماء إلي الارض، وعترتي أهل بيتي فإنّهما لن يزالا أبداً حتّي يردا عَلَيَّ الحوض. فانظروا كيف تخلفونّي فيهما ؟! (غاية المرام، ص 233، الحديث 69، عن الخاصّة). [10] ـ «غاية المرام» ص 216، الحديث 36، من طرق العامّة، والآية هي: الآية 23، من السورة 42: الشوري. ومن المطلقات رواية نقلها الصدوق بسنده المتّصل عن الإمام الرضا عليه السلام، إذ روي عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام أ نّه قال: قال رسول الله صلّي الله عليه وآله: إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ. «غاية المرام» ص 234، الحديث 80، عن الخاصّة، وأيضاً روي الكلينيّ بسنده المتّصل عن الباقر عليه السلام أ نّه قال في خطبة الجمعة: وقد بلّغ رسول الله صلّي الله عليه وآله الذي أُرسل به، فالزموا وصيّته وما ترك فيكم من بعده من الثَّقلين: كتاب الله وأهل بيته الذي لا يضلّ مَن تمسَّك بهما ولا يهتدي مَن تركهما. («غاية المرام»، ص 234، الحديث 81، عن الخاصّة). [11] ـ «ينابيع المودّة» ص 40، بتخريج ابن عقدة، والحافظ أبي الفتوح العجليّ في كتاب «الموجز»، والديلميّ، وابن أبي شيبة، وأبي يعلي عن عبد الرحمن بن عوف. [12] ـ كتاب «استجلاب ارتقاء الغرف» بتخريج ابن أبي شيبة، وأبي يعلي في مسندهما، وكذلك البزّاز في مسنده، كما نقل العلاّمة آية الله مير حامد حسين الهنديّ في عبقاته، ج 2، ص 580 و 581. [13] ـ قال في كتاب «إنسان العيون في سيرة الامين والمأمون» المعروف بـ «السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 133: وكانت مدّة حصار الطائف ثمانية عشر يوماً، أي: غير يَوْمَي الدخول والخروج. [14] ـ «الصواعق المحرقة» ص 75. [15] ـ «المراجعات» ص 15، الطبعة الاُولي. [16] ـ «المغازي» لمحمّد بن عمر الواقديّ، ج 3، ص 962 إلي 970. [17] ـ «ناسخ التواريخ» الجزء الخاصّ بالرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله، طبعة إسلاميّة، الجزء 3 من المجلّد الثاني، ص 136 و 137. هذه الرواية من قوله: ما استعصي عَلَيّ أهل مملكة إلي آخرها رواها الحمّوئيّ في «فرائد السمطين» ج 1، ص 222، بسنده المتّصل عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلّي الله عليه وآله. أمّا لفظ: ولا أُمَّةً، ولفظ: حبيبه، فليسا فيه. (الحديث 173 من الباب الثالث والاربعين من السِّمط الاوّل). [18] ـ «ناسخ التواريخ» ص 134. [19] ـ «بحار الانوار» ج 6، ص 617، طبعة الكمبانيّ، أحوال الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله، باب غزوة حُنين والطائف وأوطاس وساير الحوادث إلي غزوة تبوك. [20] ـ «بحار الانوار» ج 6، ص 617، طبعة الكمبانيّ، أحوال الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله، باب غزوة حُنين والطائف وأوطاس وساير الحوادث إلي غزوة تبوك. [21] ـ «بحار الانوار» ج 6، ص 616، طبعة الكمبانيّ، في أحوال الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله، وكذلك ذكره في الجزء التاسع منه، ص 338 بنفس هذا السند والمتن عن «أمالي الشيخ الطوسيّ» في أحوال أمير المؤمنين عليه السلام، في باب: أَ نّه كان صلوات الله عليه من أخصّ الناس برسول الله. [22] ـ «بحار الانوار» ج 6، ص 617، طبعة الكمبانيّ. [23] ـ جاء في نسخ «عبقات الانوار»: عبد الله بن حنطب. [24] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 338، طبعة الكمبانيّ. [25] ـ «غاية المرام» ص 454، الحديث الاوّل، عن العامّة. وذكر كلمة: نفسي مكان: مثل نفسي. أي: أبعث إليكم نفسي وروحي التي بين جنبيّ. [26] ـ «غاية المرام» ص 455، الحديث العاشر، عن العامّة. وذكر فيه: عديل نفسي بدل كنفسي. أي: هو من يعادلني. [27] ـ «غاية المرام» ص 455، الحديث الحادي عشر، عن العامّة ؛ «خصائص النسائيّ» ص 19، طبعة القاهرة. [28] ـ المقاتلة: الذين يأخذون في القتال، والتاء للتأنيث علي تأويل الجماعة، والواحد المقاتل. «أقرب الموارد». [29] ـ «غاية المرام» ص 455، الحديث الثاني عشر، عن العامّة. [30] ـ «غاية المرام» ص 454، الحديث الثاني، عن العامّة. وفي نهاية الحديث قال رسول الله مرّتين: هو هذا. [31] ـ «المناقب» ج 1، ص 389، الطبعة الحجريّة، عن «فردوس الديلميّ». [32] ـ نَمِرَة أرض متّصلة بعرفات فيها مسجد نمرة، وليست من عرفات، ولا وقوف فيها. [33] ـ جاء في «السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 298: القصواء بفتح القاف والمدّ. وقيل: بضمّ القاف والقصر. وهو خطأ. وهذه الناقة غير العضباء والجدعاء. وفي كلام: الاصل أنّ القصواء والعضباء والجدعاء اسم لناقة واحدة. وفيه ما لا يخفي. [34] ـ «معرفة الإمام» ج 6، الدرس 83 إلي 90، عن «تاريخ اليعقوبيّ» ج 2، ص 209 إلي 212، طبعة بيروت، سنة 1379 ه. [35] ـ «تاريخ اليعقوبيّ» ج 2، ص 111 و 112. [36] ـ «ينابيع المودّة» ص 30 ؛ وقال القندوزيّ: أيضاً أخرجه محمّد بن عليّ الحكم الترمذيّ في كتابه «نوادر الاُصول» بلفظه. هكذا في «ينابيع المودّة» ويبدو أنّ الصحيح: (الحكيم). وذكر أبو الفداء ابن كثير الدمشقيّ كلام الترمذيّ نفسه متناً وسنداً في تفسيره في ذيل آية المودّة. [37] ـ «ينابيع المودّة» ص 41. [38] ـ «أرجح المطالب» ص 335 إلي 341، ضمن بيان الاحاديث في هذا الباب، عن «جامع الترمذيّ» ج 2، ص 308. [39] ـ «العبقات» ج 1، ص 424، ضمن ترجمة ابن الاثير الجزريّ. [40] ـ «مصابيح السُّنَّة» ج 2، ص 206. [41] ـ «العبقات» ج 2، ص 577 و 578. [42] ـ «نظم درر السمطين» ص 232، طبعة النجف الاشرف. [43] ـ «المراجعات» ص 15، الطبعة الاُولي. [44] ـ «البداية والنهاية» ج 5، ص 70 ؛ و«سيرة ابن هشام» ج 4، ص 1022 و 1023 ؛ و«السيرة الحلبيّة» ج 3، ص 298 و 299 ؛ و«بحار الانوار» ج 6، ص 668، طبعة الكمبانيّ، عن كتاب «المنتقـي»، و«روضـة الصـفا» ج 2، حجّة الوداع ؛ و«تاريـخ الطـبريّ» ج 3، ص 150 و 151، الطبعة الثانية، دار المعارف ؛ و«الوفاء بأحوال المصطفي» ج 1، ص 212 ؛ و«الكامل في التاريخ» ج 2، ص 302 ؛ و«حياة محمّد صلّي الله عليه وآله» لمحمد حسين هيكل، ص 461 إلي 463. [45] ـ «سيرة ابن هشام» ج 4، ص 1022. [46] ـ «الجامع الصغير» ص 104. [47] ـ الآية 103، من السورة 3: آل عمران. [48] ـ جاء في الهامش: في بعض نسخ الحديث: إذاً تَجِدْهُ مُرْفِقاً. [49] ـ جاء في الهامش: وزاد في نسخة: وفي رواية أُخري: طرف بيد الله وطرف بأيديكم. [50] ـ «الغيبة» للنعمانيّ، في الطبعة الحجريّة: ص 16 إلي 18، وفي الطبعة الحديثة، مكتبة الصدوق: ص 41 إلي 43 ؛ ورواه البحرانيّ في «غاية المرام» ص 225، الحديث 22، عن الخاصّة، بالسند الاوّل من الاسناد الثلاثة الاُخري التي ذكرها النعمانيّ، نقلاً عن النعمانيّ نفسه. [51] ـ «غاية المرام» ص 224، الحديث 17، عن الخاصّة، عن «بصائر الدرجات» لسعد ابن عبد الله القمّيّ. [52] ـ «بصائر الدرجات» لمحمّد بن الحسن الصفّار، ص 121، مع الفروق الآتية: أوّلاً: تصدّر حرف النداء «الياء» لفظ: أيّها الناس. ثانياً: جاء فيها أما إن تمسّكتم مكان ما إن تمسّكتم. ثالثاً: ورد في آخرها قوله: وكلّ ودائع الله فقد تبرّوا. قال العلاّمة الشيخ آغا بزرك الطهرانيّ في «الذريعة» ج 3، ص 125، رقم 416: «بصائر الدرجات» لابي جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار المتوفّي سنة 290 ه. وهو يروي عن الإمام العسكريّ عليه السلام. وقال في ص 124، رقم 415: «بصائر الدرجات» في المناقب لشيخ الطائفة أبي القاسم سعد بن عبد الله الاشعريّ القمّيّ المتوفّي سنة 299 ه أو 301 ه ـ انتهي. في ضوء هذه الرواية التي ذكرناها عن الإمام الباقر عليه السلام، يتبيّن لنا أنّ هذين العَلَمينِ ذكراها في كتابيهما بسند واحد. والطريف أنّ عنوان الكتابين واحد، وهو «بصائر الدرجات». قال العلاّمة الطهرانيّ في ص 123، رقم 414: «بصائر الدرجات في تنزيه النبوّات» المحتوي علي معجزات النبيّ صلّي الله عليه وآله لبعض الاصحاب. [53] ـ «غاية المرام» ص 226، الحديث 34، عن الخاصّة. وروي الطبرسيّ في «الاحتجاج» ج 1، ص 75 و 76، طبعة النجف الاشرف الحديثة، متن هذا الحديث نفسه ضمن خطبة غدير خمّ المفصّلة، عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام، ولكن بسند آخر: أبو جعفر مهدي بن أبي حرب الحسينيّ المرعشيّ، عن أبي علي الحسن بن الشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، عن أبيه أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ، عن جماعة، عن أبي محمّد هارون بن موسي التلعكبريّ، عن أبي عليّ محمّد بن همّام، عن عليّ السوريّ، عن أبي محمّد العلويّ من أولاد الافطس ـ وكان من عباد الله الصالحين ـ عن محمّد بن موسي الهمدانيّ، وسند ما يتلو ذلك هو نفس سند «غاية المرام» حتّي يصل إلي الإمام الباقر عليه السلام. وجاء فيه حكماؤُهُ في أرضه بدل وحُكَّامه في أرضه. [54] ـ يوم القَرِّ، هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجّة حيث يمكث الحجّاج بمِني. ويوم النَّفر الاوّل هو اليوم الثاني عشر، وفيه يرحل عدد من الحجّاج عن مِني، ويوم النَّفْر الثاني، وهو اليوم الثالث عشر الذي ينزح فيه بقيّة الحجّاج. [55] ـ خطب الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله في الحجّ خمس خطب ما عدا خطبة غدير خمّ التي ألقاها في الطريق بعد رجوعه من الحجّ: فقد خطب يوم السابع من ذي الحجّة بمكّة المكّرمة، ويوم التاسع في عرفات، ويوم العاشر في مسجد الخيف بمِني، ويوم الحادي عشر بمِني أيضاً، ويوم الثاني عشر بها أيضاً في موضع يعرف بالعقبة، وهي آخر نقطة بمِني باتّجاه مكّة. وقد تعرّضنا إلي شرح هذه الخطب مفصّلاً في الجزء السادس من كتابنا هذا «معرفة الإمام». [56] ـ «البداية والنهاية» ج 5، ص 201 إلي 203. |
|
|