بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس عشر / القسم السادس: الصلاة البتراء

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

ممارسة‌ أهل‌ السنّة‌ للتعصّب‌ وتحريفهم‌ الروايات‌

 الجواب‌ هو: لماذا لايمكن‌ أن‌ يكون‌ الإسقاط‌ والحذف‌ من‌ وحي‌ التعصّب‌؟ ولافرق‌ عند أهل‌ السُّنّة‌ بين‌ ذكر موضعين‌ من‌ الصلاة‌، وبين‌ ممارسة‌ التعصّب‌ وحذف‌ جميع‌ الصلوات‌، وإسقاط‌ تتمّة‌ رواية‌ المقدّمة‌، ورؤيا رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌، وتفسيرها بملك‌ الامويّين‌.

 كان‌ رواة‌ الصحيفة‌ المكتشفة‌ ـكما رأينا ـ من‌ الشافعيّة‌ والحنفيّة‌، وهم‌ مجهولون‌ عندنا من‌ حيث‌ الوثوق‌. ونحن‌ وإن‌ قبلنا رواية‌ السُّنّي‌ّ العادل‌ في‌ مذهبه‌، ووثقنا بكلامه‌، لكنّ وثاقته‌ تظلّ مجهولة‌ عندنا. ما هو الدليل‌ العقلي‌ّ والحجّة‌ الشرعيّة‌ لقبول‌ قولهم‌ وروايتهم‌ في‌ الصحيفة‌ المكتشفة‌، مع‌ عدم‌ إحراز وثاقتهم‌؟!

 إنّ تعصّب‌ علماء العامّة‌ في‌ التدخّل‌ في‌ الروايات‌، وانتهاك‌ المسلَّمات‌، وتحريف‌ الاسناد والمتون‌ ملحوظ‌ إلی‌ درجة‌ يندهش‌ معها كلّ رجل‌ متتبّع‌ في‌ الجملة‌.

 قال‌ العالم‌ المتتبّع‌ والباحث‌ المعظّم‌ سماحة‌ السيّد عبدالعزيز الطباطبائي‌ّ أعلی‌ الله‌ مقامه‌: وجدتُ في‌ المكتبة‌ الظاهريّة‌ بدمشق‌ نسخة‌ من‌ كتاب‌ « تنزيه‌ الانبياء والائمّة‌ » للشريف‌ المرتضي‌ علم‌ الهدي‌ رضوان‌الله‌ تعإلی‌ علیه‌، كان‌ آخرها ناقصاً؛ إذ حُذف‌ منها تنزيه‌ الائمّة‌. وكُتب‌ في‌ هامشها: لمّا كان‌ هذا القسم‌ باطلاً فقد مزّقته‌ وألقيته‌ في‌ البحر.

 كتب‌ ذلك‌ سنّي‌ّ متعصّب‌ كان‌ قد قرأ الكتاب‌.

 الرجوع الي الفهرس

ارتكاب‌ بعض‌ السنّة‌ المذابح‌ الجماعيّة‌ ضدّ الشيعة‌ وحرق‌ مكتباتهم‌

 هل‌ تعلم‌ كم‌ أُحرق‌ من‌ مكتبات‌ الشيعة‌ علی‌ مرّ التأريخ‌؟ هل‌ تعلم‌ أنّ آلاف‌ الكتب‌ النفيسة‌ المولَّفة‌ من‌ قبل‌ العلماء الباحثين‌ صارت‌ طعمةً للنار؟!

 ماذا يعني‌ هذا غير العناد ومعاداة‌ العلم‌ والحقيقة‌؟! هلمّوا طالعوا هذه‌ الكتب‌، فإذا عثرتم‌ علی‌ شي‌ء غير صحيح‌ فيها برأيكم‌، فردّوه‌ ردّاً مطعّماً بالدليل‌ والبرهان‌، وانشروه‌ في‌ كتبكم‌ ومكتباتكم‌! عَلامَ تدمّرون‌ الكتب‌ البريئة‌ أو تدفنونها أو تحرقونها أو تلقونها في‌ البحر؟!

 إنّ السنّة‌ المتعصّبين‌ الذين‌ لا طاقة‌ لهم‌ علی‌ البحث‌ العلمي‌ّ ولاقدرة‌ لديهم‌ علی‌ تحمّل‌ الحقّ يقتلون‌ ويَصلبون‌ ويحرِقون‌. وقد قُتل‌ من‌ الشيعة‌ علی‌ مرّ التأريخ‌ ما لا يُحصي‌، لا لذنبٍ إلاّ التشيّع‌ والولاء لاميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ الفذّ الفريد الذي‌ كان‌ يتحرّي‌ الحقّ وحده‌، وقد عرج‌ وسما حتّي‌ رأي‌ السماء تحته‌! ودُمّر وأُحرق‌ من‌ كتب‌ الشيعة‌ ما يدعونا أن‌ نقول‌: إنّ كتبهم‌ الموجودة‌ الآن‌، لا شي‌ء بالنسبة‌ إلی‌ كتبهم‌ الضائعة‌.

 قيل‌: أُحرقت‌ مكتبة‌ الري‌ّ التي‌ كانت‌ تضمّ أربعمائة‌ ألف‌ كتاب‌ بسبب‌ تشيّع‌ أهلها. وكان‌ مؤسّسها علی‌ ما يبدو هو الصاحب‌ بن‌ عبّاد الذي‌ شيّد المدارس‌ والمساجد وأسّس‌ تلك‌ المكتبة‌ الفريدة‌ التي‌ كانت‌ تلبّي‌ حاجات‌ علماء الري‌ّ وطلاّبها يومئذٍ. وكان‌ سكّان‌ المدينة‌ يعدّون‌ بالملايين‌ آنذاك‌.

 أمّا الذي‌ ارتكب‌ تلك‌ الجريمة‌ المروّعة‌ فهو السلطان‌ محمود الغزنوي‌ّ الذي‌ عُرِفَ عنه‌ تعصّبه‌ وتكبّره‌ وتعجرفه‌ واستبداده‌. وقد سيّر جيشاً جرّاراً إلی‌ المدينة‌ لتشيّع‌ أهلها وانتشار العلم‌ في‌ ربوعها، ورواج‌ المذهب‌ الشيعي‌ّ في‌ أرجائها. واقترف‌ مذبحة‌ جماعيّة‌ بحقّ الاهإلی‌، وأمر بإخراج‌ الكتب‌ من‌ المكتبات‌، وفرز الشيعيّة‌ منها ووضعها جانباً، فصارت‌ كالتلّ العظيم‌، ثمّ أحرقها جميعاً.

 وأحرقت‌ مكتبة‌ حلب‌، ومكتبة‌ طرابلس‌ أيضاً.[1]

 وغدت‌ مكتبة‌ سابور ببغداد طعمة‌ للحريق‌ وكانت‌ أعظم‌ مكتبات‌ الشيعة‌ يومئذٍ.

 قال‌ ياقوت‌ الحموي‌ّ تحت‌ عنوان‌ « بين‌ السُّورَين‌ »: تثنية‌ سور المدينة‌: اسم‌ لمحلّة‌ كبيرة‌ كانت‌ بكرخ‌ بغداد، وكانت‌ من‌ أحسن‌ محالّها وأعمرها، وبها كانت‌ خزانة‌ الكتب‌ التي‌ وقفها الوزير أبو نصر سابوربن‌ أردشير وزير بهاء الدولة‌ بن‌ عضد الدولة‌. ولم‌ يكن‌ في‌ الدنيا أحسن‌ كتباً منها. كانت‌ كلّها بخطوط‌ الائمّة‌ المعتبرة‌ وأُصولهم‌ المحرّرة‌. واحترقت‌ فيما أُحرق‌ من‌ محالّ الكرخ‌ عند ورود طُغرل‌ بك‌ أوّل‌ ملوك‌ السلجوقيّة‌ إلی‌ بغداد سنة‌ 447 . وينسـب‌ إلی‌ هـذه‌ المحلّة‌ أبو بكـر أحمـد بن‌ محمّدبن‌ عيسي‌بن‌ خالد السوري‌ّ المعروف‌ بالمكّي‌ّ، حدَّث‌ عن‌ أبي‌ العيناء وغيره‌، روي‌ عنه‌ أبو عمر بن‌ حَيَّويه‌ الخزّاز، والدارقطني‌ّ، ومات‌ سنة‌ 322 . [2]

 وأُحرقت‌ مكتبة‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ وكرسي‌ّ درسه‌ وبيته‌، ففرّ إلی‌ النجف‌ الاشرف‌ بنفسه‌، وألقي‌ رحله‌ هناك‌ متوطّناً، ثمّ بدأ التدريس‌ فيها.

 أورد ابن‌ الاثير في‌ تأريخه‌، عند ذكر الحوادث‌ الواقعة‌ سنة‌ 441 ه: وفيها مُنع‌ أهل‌ الكرخ‌ ( و كلّهم‌ كانوا من‌ الشيعة‌ ) من‌ النوح‌، وفعل‌ ما جرت‌ عادتهم‌ بفعله‌ يوم‌ عاشوراء فلم‌ يقبلوا وفعلوا ذلك‌. فجري‌ بينهم‌ وبين‌ السُّنّة‌ فتنة‌ عظيمة‌ قُتل‌ فيها وجُرح‌ كثير من‌ الناس‌، ولم‌ ينفصل‌ الشرّ بينهم‌ حتّي‌ عبر الاتراك‌ وضربوا خيامهم‌ عندهم‌، فكفّوا حينئذٍ.

 ثمّ شرع‌ أهل‌ الكرخ‌ في‌ بناء سور علی‌ الكرخ‌. فلمّا رآهم‌ السُّنّة‌ من‌ القلاّئين‌ ومن‌ يجري‌ مجراهم‌ شرعوا في‌ بناء سور علی‌ سوق‌ القلاّئين‌. وأخرج‌ الطائفتان‌ في‌ العمارة‌ مالاً جليلاً. وجرت‌ بينهما فتن‌ كثيرة‌، وبطلت‌ الاسواق‌، وزاد الشرّ، حتّي‌ انتقل‌ كثير من‌ الجانب‌ الغربي‌ّ إلی‌ الجانب‌ الشرقي‌ّ فأقاموا به‌.

 وتقدّم‌ الخليفة‌ العبّاسي‌ّ إلی‌ أبي‌ محمّد بن‌ النَّسَوي‌ّ بالعبور وإصلاح‌ الحال‌ وكفّ الشرّ. فسمع‌ أهل‌ الجانب‌ الغربي‌ّ ذلك‌، فاجتمع‌ السُّنّة‌ والشيعة‌ علی‌ المنع‌ منه‌، [3] وأذّنوا في‌ القلاّئين‌ وغيرها بـ: حَي‌َّ عَلَی‌ خَيْرِ العَمَلِ، وأذّنوا في‌ الكرخ‌: الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّومِ، وأظهروا الترحّم‌ علی‌ الصحابة‌، فبطل‌ عبوره‌.

 قال‌ ابن‌ الاثير في‌ حوادث‌ سنة‌ 443:

 في‌ هذه‌ السنة‌، في‌ صفر، تجدّدت‌ الفتنة‌ ببغداد بين‌ السُّنّة‌ والشيعة‌، وعظمت‌ أضعاف‌ ما كانت‌ قديماً، فكان‌ الاتّفاق‌ الذي‌ ذكرناه‌ في‌ السنة‌ الماضية‌ غير مأمون‌ الانتقاض‌، لما في‌ الصدور من‌ الإحَن‌. [4]

 وكان‌ سبب‌ هذه‌ الفتنة‌ أنّ أهل‌ الكرخ‌ شرعوا في‌ عمل‌ باب‌ السمّاكين‌، وأهل‌ القلاّئين‌ في‌ عمل‌ ما بقي‌ من‌ باب‌ مسعود. ففرغ‌ أهل‌ الكرخ‌، وعملوا أبراجاً كتبوا علیها بالذهب‌: مُحَمَّدٌ وَعليّ خَيْرُ البَشرِ.

 وأنكر السُّنّة‌ ذلك‌ وادّعوا أنّ المكتوب‌: مُحَمَّدٌ وَعليّخَيْرُ البَشَرِ، فَمَن‌ رَضِي‌َ فَقَدْ شَكَرَ، وَمَنْ أَبِيَ فَقَدْ كَفَرَ . وأنكر أهل‌ الكرخ‌ الزيادة‌ وقالوا: ما تجاوزنا ما جرت‌ به‌ عادتنا فيما نكتبه‌ علی‌ مساجدنا. فأرسل‌ الخليفة‌ القائم‌ بأمر الله‌ أبا تمّام‌، نقيب‌ العبّاسيّين‌، ونقيب‌ العلويّين‌، وهو عدنان‌ [5] ابن‌ الرضي‌ّ لكشف‌ الحال‌ وإنهائه‌، فكتبا بتصديق‌ قول‌ الكرخيّين‌. فأمر حينئذٍ الخليفة‌ ونوّاب‌ الرحيم‌ بكفّ القتال‌، فلم‌يقبلوا.

 وانتدب‌ ابن‌ المذهب‌ القاضي‌، والزهيري‌ّ، وغيرهما من‌ الحنابلة‌ أصحاب‌ عبدالصمد أن‌ يحمل‌ العامّة‌ علی‌ الإغراق‌ في‌ الفتنة‌. فأمسك‌ نوّاب‌ الملك‌ الرحيم‌ عن‌ كفّهم‌ غيظاً من‌ رئيس‌ الرؤساء لميله‌ إلی‌ الحنابلة‌. ومنع‌ هؤلاء السنّة‌ من‌ حمل‌ الماء من‌ دجلة‌ إلی‌ الكرخ‌. وكان‌ نهر عيسي‌ قد انفتح‌ بثقه‌، فعظم‌ الامر علیهم‌، وانتدب‌ جماعة‌ منهم‌ وقصدوا دجلة‌ وحملوا الماء وجعلوه‌ في‌ الظروف‌، وصبّوا علیه‌ ماء الورد، ونادوا: المَاءُ لِلسَّبِيلِ ( أي‌: أنّ الماء الذي‌ حرمتمونا منه‌ ها نحن‌ نهيّئه‌ بيُسر، وقد مزجنا به‌ ماء الورد، ونوزّعه‌ في‌ سبيل‌ الله‌ مجّاناً في‌ كلّ سكّة‌ وزقاق‌!) فأغروا بهم‌ السُّنّة‌.

 وتشدّد رئيس‌ الرؤساء [6] علی‌ الشيعة‌، فمحوا خَيْرُ البَشَرِ، وكتبوا عَلَیهِمَا السَّلاَمُ، أي‌: علی‌ مُحَمَّدٍ وَعليّ صلّي‌ الله‌ علیهما وآلهما.

 فقالت‌ السنّة‌: لا نرضي‌ إلاّ أن‌ يقلع‌ الآجر الذي‌ علیه‌: مُحَمَّدٌ وَعلی‌ٌّ، وأن‌ لا يُؤَذَّن‌: حَي‌َّ عَلَی‌ خَيْرِ العَمَلِ . وامتنع‌ الشيعة‌ من‌ ذلك‌. ودام‌ القتال‌ إلی‌ ثالث‌ ربيع‌ الاوّل‌. وقُتل‌ فيه‌ رجل‌ هاشمي‌ّ من‌ السُّنّة‌، فحمله‌ أهله‌ علی‌ نعش‌، وطافوا به‌ في‌الحربيّة‌، وباب‌ البصرة‌، وسائر محالّ السُّنّة‌. واستنفروا الناسَ للاخذ بثأره‌، ثمّ دفنوه‌ عند أحمد بن‌ حنبل‌، وقد اجتمع‌ معهم‌ خلقٌ كثير أضعاف‌ ما تقدّم‌.

 الرجوع الي الفهرس

حرق‌ مرقد الإمامین موسي‌ الكاظم‌ ومحمّد الجواد من‌ قبل‌ الحنابلة‌

 فلمّا رجعوا من‌ دفنه‌ قصدوا مَشْهَدَ بابُ التِّبْنِ ( مشهد الكاظمين‌ علیهما السلام‌ ) فأُغلق‌ بابه‌، فنقبوا في‌ سوره‌ وتهدّدوا البوّاب‌، فخافهم‌ وفتح‌ الباب‌، فدخلوا ونهبوا ما في‌ المشهد من‌ قناديل‌ ومحاريب‌ [7] ذهب‌ وفضّة‌ وستور وغير ذلك‌، ونهبوا ما في‌ الترب‌ والدور، وأدركهم‌ الليل‌ فعادوا.

 فلمّا كان‌ الغد كثر الجمع‌، فقصدوا المشهد، وأحرقوا جميع‌ الترب‌ والآزاج‌، واحترق‌ ضريح‌ موسي‌ بن‌ جعفر، وضريح‌ ابن‌ ابنه‌ محمّدبن‌ علی‌ّ، والجوار، والقبّتان‌ الساج‌ اللتان‌ علیهما. واحترق‌ ما يقابلهما ويجاورهما من‌ قبور ملوك‌ بني‌ بُويَه‌: معزّ الدولة‌، وجلال‌ الدولة‌. ومن‌ قبور الوزراء والرؤساء، وقبر جعفر بن‌ أبي‌ جعفر المنصور، وقبر الامير محمّدبن‌ الرشيد، وقبر أُمّه‌ زبيدة‌.

 وجري‌ من‌ الامر الفظيع‌ ما لم‌ يجر في‌ الدنيا مثله‌.

 فلمّا كان‌ الغد خامس‌ الشهر عادوا وحفروا قبر موسي‌ بن‌ جعفر ومحمّدبن‌ عليّ ] علیهما السلام‌ [ لينقلوهما إلی‌ مقبرة‌ أحمد بن‌ حنبل‌، فحال‌ الهدم‌ بينهم‌ وبين‌ معرفة‌ القبر، فجاء الحفر إلی‌ جانبه‌. وسمع‌ أبو تمّام‌ نقيب‌ العبّاسيّين‌ وغيره‌ من‌ الهاشميّين‌ السُّنّة‌ الخبر، فجاؤوا ومنعوا عن‌ ذلك‌.

 وقصد أهل‌ الكرخ‌ إلی‌ خان‌ الفقهاء الحنفيّين‌ فنهبوه‌، وقتلوا مدرّس‌ الحنفيّة‌ أبا سعد السَّرَخْسي‌ّ، وأحرقوا الخان‌ ودور الفقهاء. وتعدّت‌ الفتنة‌ إلی‌ الجانب‌ الشرقي‌ّ، فاقتتل‌ أهل‌ باب‌ الطاق‌ وسوق‌ بجّ، والاساكفة‌، وغيرهم‌.

 ولمّا انتهي‌ خبر إحراق‌ المشهد إلی‌ نور الدولة‌ دُبَيْس‌ بن‌ مَزيد، عظم‌ علیه‌ واشتدّ وبلغ‌ منه‌ كلّ مبلغ‌ لا نّه‌، وأهل‌ بيته‌، وسائر أعماله‌ من‌ النيل‌، وتلك‌ الولاية‌ كلّهم‌ شيعة‌. فقُطعت‌ في‌ أعماله‌ خطبة‌ القائم‌ بأمر الله‌، فَرُوسِلَ في‌ ذلك‌ وعُوتِبَ، فاعتذر بأنّ أهل‌ ولايته‌ شيعة‌، واتّفقوا علی‌ ذلك‌، فلم‌يمكنه‌ أن‌ يشقّ علیهم‌، كما أنّ الخليفة‌ لم‌ يمكنه‌ كفّ السفهاء الذين‌ فعلوا بالمشهد ما فعلوا. وأعاد الخطبة‌ إلی‌ حالها. [8]

 قال‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ بعد بيان‌ ما نقلناه‌ آنفاً عن‌ تاريخ‌ ابن‌ الاثير:

 وزاد ابن‌ الجـوزي‌ّ في‌ « المنتظَم‌ » ج‌ 8، ص‌ 150: ظهر عيّار الطقطقي‌ّ من‌ أهل‌ درزيجان‌ وحضر الديوان‌ واستتيب‌ وجري‌ منه‌ في‌ معاملة‌ أهل‌ الكرخ‌ وتتبّعهم‌ في‌ المحالّ وقتلهم‌ علی‌ الاتّصال‌ ما عظمت‌ فيه‌ البلوي‌.

 واجتمع‌ أهل‌ الكرخ‌ وقت‌ الظهيرة‌ فهدمت‌ حائط‌ باب‌ القلاّئين‌ ورموا العذرة‌ علی‌ حائطه‌. وقطع‌ الطقطقي‌ّ رجلين‌ وصلبهما علی‌ هذا الباب‌ بعد أن‌ قتل‌ ثلاثة‌ من‌ قبل‌ وقطع‌ رؤوسهم‌ ورمي‌ بها إلی‌ أهل‌ الكرخ‌ وقال‌: تغدّوا برؤوس‌! ومضي‌ إلی‌ درب‌ الزعفراني‌ّ فطالب‌ أهله‌ بمائة‌ ألف‌ دينار وتوعّدهم‌ إن‌ لم‌يفعلوا بالإحراق‌ فلاطفوه‌ فانصرف‌، ووافاهم‌ من‌ الغد فقاتلوه‌ فقُتل‌ منهم‌ رجل‌ هاشمي‌ّ، فحمل‌ إلی‌ مقابر قريش‌.

 واستنفر البلد ونقب‌ مشهد باب‌ التِّبن‌ ونُهب‌ ما فيه‌، وأُخرج‌ جماعة‌ من‌ القبور، فأحرقوا مثل‌ العوني‌ّ، والناشي‌، والجذوعي‌ّ ( من‌ شعراء أهل‌ البيت‌ علیهم‌ السلام‌ المعروفين‌ ) .

 ونقل‌ من‌ المكان‌ جماعة‌ موتي‌ فدُفنوا في‌ مقابر شتّي‌ وطرح‌ النار في‌ الترب‌ القديمة‌ والحديثة‌، واحترق‌ الضريحان‌ والقبّتان‌ الساج‌، وحفروا أحد الضريحين‌ ليخرجوا مَن‌ فيه‌ ويدفنونه‌ بقبر أحمدبن‌ حنبل‌، فبادر النقيب‌ والناس‌ فمنعوهم‌... إلی‌ آخره‌.

 وذكر القصّـة‌ علی‌ الاختصـار ابن‌ العماد في‌ « شـذرات‌ الذهب‌ » ج‌ 3، ص‌ 270، وابن‌ كثير في‌ تاريخه‌: ج‌ 12، ص‌62.

[9]

 الرجوع الي الفهرس

 سبب‌ هجرة‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ من‌ بغداد إلی‌ النجف‌ الاشرف‌

 ومن‌ الجدير ذكره‌ أنّ الشيخ‌ أبا جعفر محمّد بن‌ الحسن‌ الطوسي‌ّ شيخ‌ الطائفة‌ الحقّة‌ المُحِقَّة‌ هاجر إلی‌ النجف‌ الاشرف‌ في‌ تلك‌ السنة‌ نفسها، إذ كان‌ في‌ بادي‌ أمره‌ مقيماً بكرخ‌ بغداد كأُستاذه‌ الشريف‌ المرتضي‌، ثمّ نزح‌ عنها بعد قتل‌ أبي‌ عبدالله‌ بن‌ الجلاّب‌ أحد وجوه‌ الشيعة‌ من‌ قبل‌ الخبيث‌ السقيم‌ الفطرة‌ رئيس‌ الرؤساء وزير القائم‌ بالله‌. وكان‌ هذا الوزير يريد قتل‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ أيضاً، ففرّ من‌ بغداد تلقاء النجف‌، ونُهبت‌ داره‌، وأُحرقت‌ مكتبته‌.

 ولم‌ تكن‌ النجف‌ يومئذٍ مدينة‌ رسميّة‌. ولكن‌ عندما هاجر إلیها الشيخ‌ سنة‌ 443، أصبحت‌ مركزاً للتعلیم‌ والتدريـس‌ . ثمّ تقاطـر علیها العلماء والطلاّب‌، ونبغ‌ منها ومن‌ الحلّة‌ علماء عظام‌ طوال‌ السنوات‌ الالف‌ الماضية‌ وإلی‌ يومنا هذا.

 ويبدو أنّ دعاء الشريف‌ المرتضي‌ في‌ شعره‌، إذ يقول‌:

 وَلَوْ استَطَعْتُ جَعَلْتُ دَارَ إقَامَتِي‌             تِلْكَ القُبُورَ الزُّهْرَ حَتَّي‌ أُقْبَرَا [10]

 قد أُجيب‌ في‌ تلميذه‌. وتوطّن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ النجف‌ الاشرف‌ ودفن‌ في‌ داره‌ التي‌ كانت‌ واقعة‌ في‌ الضلع‌ الشمإلی‌ّ خارج‌ الصحن‌ المطهّر.

 وكانت‌ ولادة‌ الشيخ‌ في‌ سنة‌ 385 ه، ووفاته‌ في‌ سنة‌ 460 ه.

 ذكرنا هذه‌ القصّة‌ ليقف‌ القرّاء علی‌ المدي‌ الذي‌ وصلت‌ إلیه‌ ظلامة‌ الشيعة‌ علی‌ مرّ التأريخ‌ بسبب‌ قول‌ الحقّ. إنّ فقرة‌ حَي‌َّ عَلَی‌ خَيْرِ العَمَلِ جزء من‌ الاذان‌، ويقرّ السُّنّة‌ أنفسهم‌ أنّ عمر بن‌ الخطّاب‌ هو الذي‌ حذفها ووضع‌ مكانها عبارة‌: الصَّلاَةُ خَيرٌ مِنَ النَّومِ.

 وهذا الإسقاط‌ وتلك‌ الإضافة‌ كلاهما غير صحيح‌.

 إنّ القول‌ عليّ خَيْرُ البَشَرِ مَنْ أَبَي‌ فَقَدْ كَفَرَ كلام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، ورواه‌ أهل‌ السنّة‌ أيضاً، ونحن‌ نقلناه‌ في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ كتابنا هذا، ص‌ 243 بخمسة‌ ألفاظ‌ مختلفة‌ ومتّحدة‌ المعني‌ عن‌ طرق‌ العامّة‌.

 أجل‌! أجل‌! إنّ هذه‌ الممارسات‌ والاعمال‌ كلّها ناتجة‌ من‌ الجهل‌ الذي‌ يغلي‌ في‌ صدر الجاهل‌.

 تقييد دوا ز جرح‌ مطلق‌ كردن‌                      هم‌ جَذْرِ أصَمّ به‌ فكر مُنْطِقْ كردن‌

 جمع‌ شب‌ وروز در زمان‌ واحد                      بتوان‌، نتوان‌ علاج‌ أحمق‌ كردن‌ [11]

 الرجوع الي الفهرس

مقتل‌ السيّد تاج‌ الدين‌ الزيدي‌ّ بسبب‌ تشيّعة‌

 جاء في‌ كتاب‌ « الفصول‌ الفخريّة‌ »: في‌ هذه‌ السنة‌ ـ 711 ه ـقُتل‌ السيّد تاج‌الدين‌: أبو الفضل‌ محمّد بن‌ مجد الدين‌ الحسين‌ بن‌ عليُ بن زيد، الذي‌ كان‌ من‌ نسل‌ زيد بن‌ الداعي‌، وولداه‌: شمس‌ الدين‌ حسين‌، وشرف‌الدين‌ عليّعلی‌ ضفاف‌ شطّ بغداد. وقَطَّع‌ بعض‌ الاجلاف‌ من‌ عوامّ بغداد جسم‌ السيّد إرباً إرباً وأكلوا لحمه‌، وتبايعوا كلّ شعرة‌ منه‌ بدينار.

 وكان‌ سبب‌ عدائهم‌ له‌ هو أ نّه‌ كان‌ تلميذ الشيخ‌ جمال‌الدين‌ الحسـن‌ ابن‌ يوسف‌ بن‌ المُطهَّر المعروف‌ بالعلاّمة‌ الحلّي‌ّ الذي‌ ناظر علماء المذاهب‌ السنّيّة‌ عند السلطان‌ محمّد خدابنده‌ فتحوّل‌ السلطان‌ إلی‌ المذهب‌ الشيعي‌ّ. ( كان‌ السيّد تاج‌ الدين‌ نقيب‌ النقباء في‌ جميع‌ أمصار السلطان‌ محمّد خدا بنده‌ ) .[12]

 وأقول‌: وُلِدَ السلطان‌ محمّد خدابنده‌ الجايتو سـنة‌ 680 ه وتوفّي‌ سنة‌ 716 ه . فكان‌ مقتل‌ السيّد تاج‌ الدين‌ وولدَيه‌ في‌ عصره‌.

 أجل‌، نقلنا هذه‌ الموضوعات‌ هنا ليستبين‌ أنّ أهل‌ السُّنّة‌ يعارضون‌ الحقّ في‌ غير سدد، ويحرقون‌ مكتبات‌ الشيعة‌ الزاخرة‌ بكتبهم‌ العلميّة‌ والكلاميّة‌ بلاسبب‌ يُذكَر، ويبدون‌ وقاحتهم‌ وشناعة‌ أفعالهم‌ لفرض‌ السكوت‌ أمام‌ الظلم‌، وكمّ الافواه‌ في‌ مقابل‌ خيانات‌ كبارهم‌ وجرائمهم‌ فحسب‌، ويمضون‌ في‌ صلافتهم‌ إلی‌ الحدّ الذي‌ لايرون‌ فيه‌ مانعاً من‌ حذف‌ الصلاة‌ علی‌ النبي‌ّ وآله‌ من‌ « الصحيفة‌ السجّاديّة‌ »، بل‌ يعدّونه‌ تقرّباً إلی‌ الله‌.

 الرجوع الي الفهرس

حول‌ الصلاة‌ البتراء

 الجهة‌ السادسة‌: من‌ الإشکالات في‌ مجال‌ الصلاة‌ هي‌ أ نّه‌ قال‌: وكذلك‌ فإنّ إضافة‌ آلِ مُحَمَّدٍ إلی‌ الصلاة‌ علی‌ النبي‌ّ جاءت‌ حسب‌ روايات‌ نقلها العامّة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌. وفيها: لاَ تُصَلُّوا عليّصَلاَةً بَتْرَي‌ . وفُسِّرت‌ الصلاة‌ البتراء بالصلاة‌ علی‌ النبي‌ّ وحده‌ دون‌ آله‌.

 الجواب‌: يُسْتَشَفُّ من‌ هذه‌ الفقرة‌ أنّ عين‌ هذه‌ الكلمات‌ هي‌ ألفاظ‌ الرواية‌، وهي‌ تبدو غير صحيحة‌ من‌ جهتين‌:

 الاُولي‌: مؤنّث‌ أبتر بتراء بالمدّ، ذلك‌ لانه‌ وصف‌، وكلّ وصف‌ علی‌ وزن‌ أَفْعَلْ مؤنّثه‌ فَعْلاء بالمدّ كأَبْيَض‌ بَيْضَاءِ، وأَسْمَر سَمْرَاء، وأَعْوَر عَوْرَاء، إلاّ إذا كان‌ أفعل‌ التفضيل‌، فمؤنّثه‌ علی‌ وزن‌ فُعلی‌،: مثل‌ أَكْرَم‌ كُرْمَي‌، وَأَصْغَرْ صُغْرَي‌، وَأَعْظَم‌ عُظْمَي‌، إذ لا مدّ فيه‌، وفاء الفعل‌ مضمومة‌.

 أو كان‌ نعتاً علی‌ وزن‌ فَعْلاَن‌، فمؤنّثه‌ علی‌ وزن‌ فَعلی‌، نحو: عَطْشَان‌ عَطْشَي‌، وَسَكْرَان‌ سَكْرَي‌، وظَمْآن‌ ظَمْأَي‌ . وعلی‌ هذا فمؤنّث‌ أبتر الوصفي‌ّ بَتْراء دائماً لا بَتْري‌ .

 الثانية‌: القول‌: لاَ تُصَلُّوا عليّصَلاَةً بَتْرَاءَ، ليس‌ متنَ حديث‌، إذ لم‌يروه‌ الشيعة‌ ولا العامّة‌. فلم‌ يروه‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار »، ولاالشيخ‌ الحرّ العاملي‌ّ في‌ « وسائل‌الشيعة‌»،ولاالفيض‌الكاشاني‌ّفي‌«الوافي‌»، كما لم‌ يـروه‌ العامّة‌ في‌ صحـاحهـم‌ وسـننهم‌ ومسـانيـدهـم‌.[13]

 ولم‌يذكره‌ السـيوطي‌ّ في‌ « الجامع‌ الصغير في‌ أحاديث‌ البشـيرالنذير»، ولاعبدالرؤوف‌ المناوي‌ّ في‌ « كنوز الحقائق‌ في‌ حديث‌ خيرالخلائق‌» وهما مختصّان‌ بألفاظ‌ الرسول‌ الاكرم‌ وأخباره‌. وذكره‌ فقط‌ ابن‌ حجر الهيتمي‌ّ المالكي‌ّ في‌ « الصواعق‌ المحرقة‌ » ص‌ 87، مرسلاً بلفـظ‌: لاَ تُصَلُّوا عليّ الصَّلاَةَ البَتْرَاء، مع‌ تعريف‌ كلمة‌ الصلاة‌، وكلمة‌ البتراء ونقله‌ عنه‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ رحمه‌ الله‌ في‌ « الغدير » ج‌ 2، ص‌ 303 بهذا اللفظ‌ نفسه‌.

 أجل‌، وردت‌ أحاديث‌ حسب‌ مفاد الحديث‌ المتقدّم‌ ومضمونه‌ كالحديـث‌ الذي‌ نقله‌ العلاّمة‌ المجلسـي‌ّ رحمه‌ الله‌ في‌ « بحار الانـوار » ج‌ 5، ص‌ 209، عن‌ « تفسـير النعماني‌ّ »، عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السـلام‌، وفيه‌: هَذَا مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَا قَالَهُ النَّبِي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لاَ تُصَلُّوا عليّصَلاَةً مَبْتُورَةً إذَا صَلَّيْتُمْ عَلَی‌َّ، بَلْ صَلُّوا عَلَی‌ أَهْلِ بَيْتِي‌ وَلاَ تَقْطَعُوهُمْ مِنِّي‌، فَإنَّ كُلَّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إلاَّ سَبَبِي‌ وَنَسَبِي‌ إلی‌ آخره‌. وأورد العلاّمة‌ المجلسي‌ّ عين‌ هذا الحديث‌ أيضاً في‌ « بحار الانوار » ج‌ 93، ص‌ 14 . وكالاحاديث‌ المستفيضة‌ التي‌ نقلناها أخيراً في‌ كيفيّة‌ الصلاة‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌. وكحديث‌ الصدوق‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ عبدالله‌بن‌ الحسن‌بن‌ الحسن‌ بن‌ علی‌ّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌:

 مَنْ قَالَ: صَلَّي‌ اللَهُ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، قَالَ اللَهُ جَلَّ جَلاَلُهُ: صَلَّي‌اللَهُ عَلَیكَ! فَلْيُكْثِرْ مِنْ ذَلِكَ! وَمَنْ قَالَ: صَلَّي‌ اللَهُ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَی‌ آلِهِ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الجَنَّةِ، وَرِيحُهَا تُوْجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسمِائَةِ عَامٍ. [14]

 وروي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ أيضاً بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ الإمام‌ الباقر علیه‌ السلام‌، عن‌ آبائه‌ علیهم‌ السلام‌ قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: مَنْ صَلَّي‌ عليّوَلَمْ يُصَلِّ عَلَی‌ إلی‌ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الجَنَّةِ، وَإنَّ رِيحَهَا لَتُوْجَدُ مِنْ مَسيرَةِ خَمْسِمِائةِ عَامٍ. [15]

 والمزيّة‌ السابعة‌ للصحيفة‌ المكتشفة‌ القديمة‌ هي‌: سلامة‌ صحّة‌ سندها. وننقل‌ فيما يأتي‌ لفظه‌ نفسه‌ ليتبيّن‌ بُعد هذه‌ المزيّة‌ تماماً عنده‌، ثمّ نجيب‌ عنها ونشير إلی‌ مواضع‌ إشكالها وخطئها:

 قال‌: المزيّة‌ السابعة‌ للصحيفة‌ القديمة‌ ـ ويمكن‌ أن‌ نقول‌: أهم‌ مزيّة‌ـ سلامة‌ سندها. وتوضيح‌ ذلك‌:

 يبدأ سند الصـحيفة‌ المعروفة‌ بهذه‌ الجملة‌: حَدَّثَـنَا السَّـيِّدُ الاَجَـلُّ بَهَاءُ الشَّرَفِ، إلی‌ آخرها. لذا يُطرَح‌ سؤال‌، هو: من‌ القائل‌: حَدَّثَنَا؟! للعلماء تحقيقات‌ في‌ هذا الموضوع‌.

 قال‌ المحقّق‌ الداماد قدّس‌ الله‌ سرّه‌: الراوي‌ الاوّل‌، أي‌: القائل‌ حَدَّثَنا هو: عَمِيدُ الرُّؤَسَاءِ هِبَةُ اللَهِ بنُ حَامِد بْن‌ أَيُّوبَ بْنِ عليّبْنِ أَيُّوب‌ اللغوي‌ّ المشهور.

 وقال‌ الشيخ‌ البهائي‌ّ قدّس‌ الله‌ نفسه‌: هو الشيخ‌ أبو الحسن‌ عليّ بن‌ محمّد بن‌ محمّد بن‌ عليُ بن محمّد بن‌ محمّد بن‌ السَّكون‌ الحِلِّي‌ النحوي‌ّ الذي‌ تُوفّي‌ في‌حدود سنة‌ 606 علی‌ ما نقل‌ السـيوطي‌ّ في‌ « بغـية‌ الوعاة‌ »، وعبدالله‌ الافندي‌ التبريزي‌ّ في‌ « رياض‌ العلماء » . ولمّا كان‌ عميد الرؤساء معاصراً لابن‌ السكون‌، كما روي‌ عنهما السيّد فخار بن‌ مَعْد الموسوي‌ّ، وكانا في‌ طبقة‌ واحدة‌، لذا يحتمل‌ أن‌ لا ترجيح‌ لعميد الرؤساء علی‌ رواية‌ ابن‌ السكون‌.

 وكانت‌ عند الشيخ‌ عليُ بن أحمد المعروف‌ بالسديدي‌ّ نسخة‌ من‌ الصحيفة‌ مدوّنة‌ بخطّ ابن‌ السكون‌.

 إنّ ما قيل‌، وما نُقل‌ من‌ أقوال‌ أُخري‌ ليس‌ أكثر من‌ احتمال‌ كما يُلاحَظ‌.

 إنّ ما يضفي‌ علی‌ الصحيفة‌ المكشوفة‌ في‌ حرم‌ الإمام‌ الرضا علیه‌ السلام‌ من‌ قيمة‌ لا نظير لها هو أنّ سند رواية‌ الصحيفة‌ مذكور فيها. وهو أنّ كاتب‌ هذه‌ الصحيفة‌ يسمّي‌ الحسن‌ بن‌ إبراهيم‌ بن‌ محمّد الزامي‌ّ [16] كتب‌ هذه‌ النسخة‌ في‌سنة‌ 416 .

 ينقل‌ عن‌ أبي‌ القاسم‌ عبدالله‌ بن‌ محمّد بن‌ سَلِمَة‌ الفرهاذجردي‌ّ أ نّه‌ أجاز كاتب‌ الصحيفة‌ الحسن‌ بن‌ إبراهيم‌ أن‌ يرويها عن‌ أُستاذه‌ أبي‌بكر الكرماني‌ّ. وأبو بكر الكرماني‌ّ أوّل‌ راوٍ للسند في‌ هذه‌ الصحيفة‌ التي‌ لها سند مذكور في‌ آخرها، وهو غير السند الوارد في‌ الصحيفة‌ المشهورة‌ المذكور سندها في‌ أوّلهاـ انتهي‌ كلامه‌.

 ويعود جواب‌ هذا الكلام‌ إلی‌ جهات‌ متنوّعة‌ لابدّ من‌ مناقشتها كلّ علی‌ حدة‌ بالتفصيل‌:

 الرجوع الي الفهرس

سند الصحيفة‌ المكتشفة‌ مقدوح‌ فيه‌

رواية‌ الصحيفة‌ من‌ قبل‌ عميد الرؤساء وابن‌ السكون‌

 الجهة‌ الاُولي‌: لمّا كان‌ احتمال‌ رواية‌ عميد الرؤساء مساوياً لاحتمال‌ رواية‌ ابن‌ السَّكون‌، ولا ترجيح‌ بينهما، لهذا فإنّ هذا الاحتمال‌ وما ذُكر من‌ أقوال‌ أُخري‌ في‌ سند « الصحيفة‌ » ليس‌ أكثر من‌ احتمال‌ فحسب‌. وفي‌ ضوء ذلك‌ يسقط‌ سند الصحيفة‌ من‌ الوثوق‌ وإلیقين‌ إلی‌ الاحتمال‌ والشكّ، فيفقد قيمته‌ في‌ مقابل‌ سند « الصحيفة‌ » المكتشفة‌ المعلوم‌ كاتبها وراويها.

 الجواب‌، أوّلاً: لا تفاوت‌ في‌ إتقان‌ سند « الصحيفة‌ » سواء كان‌ المحدِّث‌ عميد الرؤساء أم‌ ابنَ السَّكون‌. ذلك‌ أنّ الاثنين‌ كانا شيعيّين‌ موثّقين‌، وكانا من‌ أعاظم‌ العلماء وفحولهم‌. [17]

 وللعلم‌ الإجمإلی‌ّ حجّيّة‌ في‌ سند الرواية‌ كما للعلم‌ التفصيلي‌ّ في‌ سندها، إذ لا فرق‌ بين‌ أن‌ تعلم‌ يقيناً أنّ القائل‌ ( حدّثنا ) هو عميد الرؤساء، أو تعرف‌ قطعاً أ نّه‌ ابن‌ السكون‌، أو هو أحدهما حتماً ولايخرج‌ عنهما، في‌ حين‌ أ نّك‌ تشكّ في‌ تحديده‌ وتعيينه‌!

 ألم‌ يثبت‌ تنجيز العلم‌ الإجمإلی‌ّ في‌ المباحث‌ الاُصوليّة‌ كالعلم‌ التفصيلي‌ّ؟! ألم‌ تعمل‌ بالروايات‌ التي‌ يصل‌ سندها إلی‌ ( أحدهما ) علیهما السلام‌، وأنت‌ تعلم‌ أنّ القائل‌ هو إمّا الباقر علیه‌ السلام‌، أو الصادق‌ علیه‌ السلام‌، لكنّك‌ تشكّ في‌ تعيين‌ أحدهما علی‌ نحو إلیقين‌؟! ألم‌ تعمل‌ بها؟ هل‌ تُعرض‌ عنها جانباً وتعدّها من‌ المحتملات‌، أم‌ تعمل‌ بها كرواية‌ صدرت‌ من‌ أحدهما علی‌ التعيين‌؟!

 هل‌ هناك‌ تفاوت‌ بين‌ القائل‌: ( حدّثنا )، وبين‌ انحصار الشبهة‌ بين‌ أحدهما، أو بين‌ الراوي‌ عن‌ أحدهما علیهما السلام‌ وبين‌ انحصار الشبهة‌ بين‌ أحد الإمامين‌؟!

 ثانياً: قال‌ بعض‌ الاعلام‌ كالمدرِّس‌ الجهاردهي‌ّ رحمه‌ الله‌: عميد الرؤساء، وابن‌ السكون‌ متساويان‌، [18] ويمكن‌ أن‌ يكونا شخصين‌. وقال‌ البعض‌: القائل‌ « حَدَّثنا » كلاهما كما قال‌ الافندي‌ في‌ كتابه‌: الحقّ عندي‌ أنّ القائل‌ به‌ كلاهما، لا نّهما في‌ درجة‌ واحدة‌، ولانّ كليهما من‌ تلامذة‌ ابن‌ العصّار اللغوي‌ّ. [19]

 وكما قال‌ المحدِّث‌ الجزائري‌ّ في‌ شرحه‌: وكلاهما حَسَنٌ لما يظهر من‌ كتب‌ الإجازات‌ من‌ أ نّهما يرويان‌ « الصحيفة‌ » الشريفة‌ عن‌ السيِّد الاجلّ. [20]

 قال‌ الشيخ‌ بهاء الدين‌ العاملي‌ّ: إنّه‌ الشيخ‌ ابن‌ السَّكون‌، وأصرّ علی‌ ذلك‌، وأنكر كونه‌ من‌ مقول‌ السيّد عميد الرؤساء غاية‌ الإنکار. [21]

 ويري‌ السيّد محمّد باقر الاسترآبادي‌ّ المشهور بالميرداماد أنّ القائل‌ هو عميد الرؤساء. قال‌ في‌ شرحه‌ علی‌ « الصحيفة‌ »: ولفظة‌ « حدّثنا » في‌ هذا الطريق‌ لعميد الدين‌ [22] وعمود المذهب‌ عميد الرؤساء، من‌ أئمّة‌ علماء الادب‌، ومن‌ أفاخم‌ أصحابنا رضي‌ الله‌ تعإلی‌ عنهم‌. فهو الذي‌ روي‌ الصحيفة‌ الكريمة‌ عن‌ السيِّد الاجلّ بهاء الشرف‌.

 ( دليلنا وشاهدنا ): هذه‌ صورة‌ خطّ شيخنا المحقّق‌ الشهيد قدّس‌ الله‌ تعإلی‌ لطيفه‌ علی‌ نسخته‌ التي‌ عورضت‌ بنسخة‌ ابن‌ السكون‌. وعلیها ـأي‌: علی‌ النسخة‌ التي‌ بخطّ ابن‌ السكون‌ـخطّ عميد الدين‌ عميد الرؤساء رحمه‌ الله‌: قراءة‌ قرأها عَلَی السيّد الاجلّ، النقيب‌ الاوحد، العالم‌ جلال‌الدين‌ عمادالإسلام‌ أبوجعفر القاسم‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ محمّد بن‌ الحسن‌ بن‌ مُعيَّة‌ أدام‌ الله‌ تعإلی‌ علوّه‌ قراءة‌ صحيفة‌ مهذّبة‌.

 ورويتها له‌ عن‌ السيّد بهاء الشرف‌ أبي‌ الحسن‌ محمّد بن‌ الحسن‌بن‌ أحمد، عن‌ رجاله‌ المسمِّين‌ في‌ باطن‌ هذه‌ الورقة‌. وأبحته‌ روايتها عنّي‌ حسبما وقفته‌ علیه‌ وحدّدته‌ له‌.

 وكتب‌ ( هذا المطلب‌ ) هبة‌ الله‌ بن‌ حامد بن‌ أحمد بن‌ أيّوب‌ بن‌ عليّ ابن‌أيّوب‌ في‌ شهر ربيع‌ الآخر من‌ سنة‌ ثلاث‌ وستمائة‌.

 والحمد للّه‌ الرحمن‌ الرحيم‌، وصلاته‌ وتسليمه‌ علی‌ رسوله‌ سيّدنا محمّد المصطفي‌ وتسليمه‌ علی‌ آله‌ الغرّ اللهاميم‌. [23]

 إلی‌ هنا حكاية‌ خطّ الشهيد رحمه‌ الله‌ تعإلی‌. [24]

 ونلحظ‌ في‌ هذه‌ العبارات‌ أنّ إجازة‌ هبة‌ ] الله‌ [ بن‌ حامد بن‌ أحمد ( عميد الرؤساء ) موجودة‌ علی‌ ظهر « الصحيفة‌ » كما يشهد الميرداماد اعتماداً علی‌ خطّ الشهيد الذي‌ عرض‌ نسخته‌ علی‌ نسخة‌ ابن‌ السكون‌. وقد أجاز ابن‌ معيّة‌ « الصحيفة‌ » عن‌ طريق‌ السيّد الاجلّ بنفس‌ الرواة‌ المعروفين‌. فلاجرم‌ أنّ عميد الرؤساء رواها عن‌ السيّد الاجلّ.

 وسار العالم‌ العظيم‌ المرحوم‌ السيّد علی‌ خان‌ المدني‌ّ الشيرازي‌ّ في‌ شرحه‌ علی‌ هذا المنوال‌ أيضاً. وكان‌ يذهب‌ إلی‌ أنّ القائل‌ ( حدّثنا ) هو عميد الرؤساء استناداً إلی‌ خطّ الشهيد. ذلك‌ أ نّه‌ قال‌: وَهُوَ الصَّحِيح‌ كَمَا دَلَّ عَلَیهِ مَا وُجِدَ بِخَطِّ المُحَقِّقِ الشَّهِيدِ قُدِّسَ سِرُّهُ. [25]

 وقال‌ الميرداماد بعد استناد النسخة‌ إلی‌ عميد الرؤساء، كما رأينا: فأمّا النسخة‌ التي‌ بخطّ عليُ بن السكون‌ رحمه‌ الله‌ فطريق‌ الإسناد فيها علی‌ هذه‌ الصورة‌:

 أخبرنا أبو عليّ الحسن‌ بن‌ محمّد بن‌ إسماعيل‌ بن‌ أشباس‌ البزّاز، قراءة‌ علیه‌ فأقرّ به‌، قال‌: أخبرنا أبو المفضّل‌ محمّد بن‌ عبدالله‌ بن‌ المطّلب‌ الشيباني‌ّ، إلی‌ آخر ما في‌ الكتاب‌.

 وهناك‌ نسخة‌ أُخري‌ طريقها علی‌ هذه‌ الصورة‌: حدّثنا الشيخ‌ الاجلّ السيّد الإمام‌ السعيد أبو عليّ الحسن‌ بن‌ محمّد بن‌ الحسن‌ الطوسي‌ّـإلی‌ ساقة‌ الإسناد المكتوب‌ في‌ هذه‌ النسخة‌ علی‌ الهامش‌. [26]

 وقال‌ المحدِّث‌ الجزائري‌ّ في‌ توضيح‌ هذه‌ العبارة‌: وأمّا النسخة‌ التي‌ في‌ الهامش‌ المصدّرة‌ بقوله‌: حَدَّثنا الشيخ‌ الاجلّ، فهي‌ النسخة‌ التي‌ نقلها الفاضل‌ السديدي‌ّ من‌ نسخة‌ ابن‌ إدريس‌ لبيان‌ الاختلاف‌ في‌ السند بينها وبين‌ نسخة‌ ابن‌ السكون‌. وقد وجدناها مكتوبة‌ في‌ الاصل‌ في‌ كثير من‌ النسخ‌، والمتكلّم‌ بـحدّثنا هو ابن‌ إدريس‌. [27]

 وبناءً علی‌ هذا فإنّ عدد النسخ‌ التي‌ يقدّمها لنا الميرداماد ثلاث‌، وهي‌:

 1 ـ نسخة‌ عميد الرؤساء برواية‌ السيّد الاجلّ.

 2 ـ نسخة‌ ابن‌ السكون‌ برواية‌ ابن‌ أشناس‌ البزّاز.

 3 ـ نسخة‌ السديدي‌ّ بالرواية‌ عن‌ ابن‌ إدريس‌، عن‌ أبي‌ عليّ الحسن‌ ابن‌محمّد الطوسي‌ّ ( ابن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ ) .

 وإذا أنعمنا النظر فيما ذكرنا، تبيّن‌ لنا أ نّنا لا يمكن‌ أن‌ نعدّ نُسَخَ الصحيفة‌ المصدَّرة‌ بكلمة‌ ( حدّثنا ) لعميد الرؤساء وحده‌ للاسباب‌ الآتية‌:

 1 ـ رواية‌ عميد الرؤساء عن‌ السـيّد الاجلّ ثابتة‌، ولكن‌ روايته‌ هي‌ غير كلمة‌ ( حدّثنا )، وما يدرينا لعلّ عينَ لفظ‌ ( حدّثنا ) ليس‌ لعلی‌ّبن‌ السكون‌؟!

 2 ـ أنّ طريق‌ رواية‌ ابن‌ السكون‌ عن‌ ابن‌ أشناس‌ البزّاز ـوهو طريق‌ آخر لامحالة‌ـلا ينفي‌ روايته‌ بسند آخر عن‌ السيّد الاجلّ. ما ضرّ لو أنّ علی‌ّبن‌ السكون‌ روي‌ الصحيفة‌ بطريقَين‌: الاوّل‌: طريق‌ ابن‌ أشناس‌. والثاني‌: طريق‌ السيّد الاجلّ.

 بل‌ يتسنّي‌ لنا القول‌: يمكن‌ أن‌ يكون‌ القائل‌ ( حدّثنا ) عميد الرؤساء، ويمكن‌ أن‌ يكون‌ ابن‌ السكون‌ للادلّة‌ الآتية‌:

 أوّلاً: كلام‌ الميرزا عبدالله‌ الافندي‌ وهو الخِرِّيت‌ في‌ فنّ الرجال‌ والدراية‌. قال‌: الحَقُ عِنْدِي‌ أَنَّ القَائِلَ بِهِ كِلاَهُمَا. [28]

 ثانياً: كلام‌ المحدِّث‌ الجزائري‌ّ وهو من‌ مفاخر علمائنا المتتبّعين‌. قال‌: وَكِلاَهُمَا حَسَنٌ لِمَا يَظْهَرُ مِن‌ كُتُبِ الإجازات مِنْ أَ نَّهُمَا يَرْوِيَانِ الصَّحِيفَةَ الشَّرِيفَةَ عَنِ السَّيِّد الاَجَلِّ. [29]

 ثالثاً: شهادة‌ الملاّ محمّد تقي‌ المجلسي‌ّ الاوّل‌ ضمن‌ بعض‌ إجازاته‌. قال‌: ورواه‌ عليّبنُ سَكون‌ عن‌ السَّيِّد الاجلِّ. [30]

 عندما يقول‌ هؤلاء: ورد في‌ كتب‌ إجازاتنا أنّ عليُ بن السكون‌، وعميدالرؤساء كليهما روي‌ الصحيفة‌ عن‌ السيِّد الاجلّ، فحينئذٍ لامسـوغ‌ لنا أن‌ نحصر القائل‌ ( حَدَّثنا ) بأحدهما دون‌ الآخر.

 فالقائل‌ ( حدّثنا ) إذن‌ ـوهو راوي‌ « الصحيفة‌ » ـكلاهما، لاشـخص‌ واحد مجهول‌.

 الرجوع الي الفهرس

رواة‌ «الصحيفة‌» غير ابن‌ السكون‌ وعميد الرؤساء

 3 ـ روي‌ كثير من‌ أعلام‌ الشـيعة‌ وأعاظـمهم‌ « الصحيفة‌ الكاملة‌ » عن‌ السـيِّد الاجلّ بلا واسـطة‌. فلا تنحصـر روايتها عن‌ السـيِّد الاجـلّ عندئذٍ بعميدالرؤساء وابن‌ السكون‌.

 ونلحظ‌ هذا الموضوع‌ إذا دقّقنا في‌ مشيخة‌ وإجازات‌ كتاب‌ « بحار الانوار » الحاوي‌ مطالب‌ نفيسة‌ حقّاً. ونشير فيما يأتي‌ إلی‌ بعضها:

 ذكر المجلسي‌ّ رحمه‌ الله‌ مطالب‌ كثيرة‌ عن‌ والده‌ في‌ رواية‌ هذه‌ الصحيفة‌ المباركة‌.

 منها: أنّ المرحوم‌ والده‌ الملاّ محمّد تقي‌ أعلی‌الله‌ درجته‌ قال‌ في‌ سياق‌ بيان‌ سنده‌ في‌ هذه‌ الصحيفة‌: أرويها عن‌ الشيخ‌ علی‌ّ، عن‌ الشيخ‌ علی‌ّبن‌ هلال‌، عن‌ الشيخ‌ جمال‌ الدين‌ أحمد بن‌ فهد، عن‌ الشيخ‌ علی‌ّبن‌ الخازن‌، عن‌ الشهيد، عن‌ الشيخ‌ فخر الدين‌... وهكذا يعدّ أعلام‌ سنده‌ مسلسلاً، إلی‌ أن‌ يقول‌: عن‌ العلاّمة‌ محمّد بن‌ جعفر بن‌ نِما، والسيّد شمس‌الدين‌ فخّار بن‌ معدّ الموسوي‌ّ، والسيّد عبدالله‌ بن‌ زهرة‌، عن‌ ابن‌ إدريس‌، وعميد الرؤساء هبة‌ الله‌ بن‌ أحمد بن‌ أيّوب‌، وعليُ بن السكون‌، عن‌ السيّد الاجلّ، إلی‌ آخر سند « الصحيفة‌ الكاملة‌ » . [31]

 نري‌ هنا أنّ ابن‌ إدريس‌ هو أحد رواة‌ الصحيفة‌ مباشرةً، مضافاً إلی‌ ذينك‌ العَلَمين‌.

 وأيضاً عن‌ والده‌ ضمن‌ إجازة‌ أُخري‌ في‌ بيان‌ سند الصحيفة‌، عن‌ الشيخ‌ علی‌ّ، عن‌ الشيخ‌ أحمد بن‌ داود مُسَلْسلاً حتّي‌ يصل‌ إلی‌ السيّدين‌ الجليلَين‌ عليُ بن طاووس‌ وأحمد بن‌ طاووس‌، وغيرهم‌ من‌ الفضلاء، عن‌ السيّد، عن‌ عبدالله‌ بن‌ زهرة‌ الحلبي‌ّ، ومحمّد بن‌ جعفر بن‌ نما، والسيّد شمس‌الدين‌ فخّار، عن‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الحلّي‌ّ بإسناده‌ إلی‌ آخره‌.

 وعن‌ عميد الرؤساء هبة‌ الله‌ بن‌ أحمد بن‌ أيّوب‌، وعليُ بن السكون‌، عن‌ السيّد الاجلّ... إلی‌ آخره‌. [32]

 نلحظ‌ هنا أيضاً أنّ ابن‌ إدريس‌ يُلْحَقُ بإسناد الرواية‌ بسند آخر.

 وأيضاً عن‌ والده‌، ضمن‌ بيان‌ الإجازة‌، عن‌ الشهيد، عن‌ المزيدي‌ّ، إلی‌ أن‌ يقول‌: ابن‌ محمّد بن‌ إدريس‌ الحلّي‌ّ، وعن‌ عميد الرؤساء، عن‌ السيّد الاجلّ، وابن‌ إدريس‌، عن‌ أبي‌ علی‌ّ، عن‌ أبيه‌ شيخ‌ الطائفة‌ محمّد بن‌ الحسن‌ الطوسي‌ّ، وعن‌ الشيخ‌ نجيب‌ الدين‌ بن‌ نما، عن‌ الشيخ‌ محمّد بن‌ جعفر، عن‌ السيّد الاجلّ. [33]

 وأيضاً عن‌ العلاّمة‌ بسند متّصل‌، عن‌ الشيخ‌ سديد الدين‌ شاذان‌بن‌ جبرئيل‌، وابن‌ إدريس‌، وابن‌ شهرآشوب‌، عن‌ عربي‌ّ بن‌ مسافر، عن‌ السيّد الاجلّ. وكذلك‌ يرويها ضمن‌ حيلولات‌ بثلاثة‌ أسناد أُخري‌، عن‌ عربي‌ّ بن‌ مسافر، عن‌ السيّد الاجلّ، إلی‌ أن‌ يقول‌: إلی‌ غير ذلك‌ ممّا لا يُحصي‌.

 يبيّن‌ هنا رواية‌ محمّد بن‌ جعفر المشهدي‌ّ عن‌ السيّد الاجلّ مضافاً إلی‌ رواية‌ ابن‌ إدريس‌ عن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ.

 ويذكر أيضاً عن‌ والده‌ بخطّه‌ رواية‌ بعض‌ الافاضل‌ الذين‌ نقلوا « الصحيفة‌ » ورووها بما نصّه‌:

 قال‌ المجلسـي‌ّ الاوّل‌: وأروي‌ « الصحيفة‌ » عن‌ العلاّمة‌ الشهيد محمّد ابن‌مكّي‌ّ، عن‌ السـيّد شمـس‌ الدين‌ محمّد بن‌ أبي‌ المعإلی‌، عن‌ الشـيخ‌ كمال‌الدين‌ عليُ بن حمّاد الواسطي‌ّ، عن‌ الشيخ‌ نجيب‌ الدين‌ يحيي‌ بن‌ سعيد والشيخ‌ نجم‌الدين‌ جعفر بن‌ نما، عن‌ والده‌ الشيخ‌ نجيب‌ الدين‌ محمّدبن‌ نما والسيّد فخّار، عن‌ الشيخ‌ محمّد بن‌ جعفر المشهدي‌ّ، عن‌ الشيخ‌ الاجلّ ( الشيخ‌ الطوسي‌ّ ) سماعه‌ بقراءة‌ الشريف‌ الاجلّ نظام‌ الشرف‌.

 وقال‌ محمّد بن‌ جعفر: قرأته‌ أيضاً علی‌ والدي‌ جعفر بن‌ عليّ المشهدي‌ّ، وعلی‌ الشيخ‌ الفقيه‌ هبة‌ الله‌ بن‌ نما، والشيخ‌ المقري‌: جعفربن‌ أبي‌ الفضل‌ بن‌ شقرة‌، والشريف‌ أبي‌ الفتح‌ بن‌ الجعفريّة‌، والشريف‌ أبي‌ القاسـم‌بن‌ الزكي‌ّ العلوي‌ّ، والشـيخ‌ سـالم‌ بن‌ قُبارَوَيْـه‌ جميعاً عن‌ السـيّد بهاءالشرف‌.

 وبالإسناد عن‌ المحقّق‌، عن‌ ابن‌ نما محمّد، عن‌ الشيخ‌ أبي‌ الحسن‌ علی‌ّبن‌ الخيّاط‌، عن‌ الشيخ‌ عربي‌ّ بن‌ مسافر، [34] عن‌ السيّد بهاءالشرف‌. [35]

 وعن‌ السيّد فخّار، عن‌ الشيخ‌ عليُ بن يحيي‌ الخيّاط‌، عن‌ حمزة‌بن‌ شهريار، عن‌ السيّد بهاء الشرف‌.

 نري‌ في‌ خطّ المجلسي‌ّ الاوّل‌ أنّ أفراداً كثيرين‌ ـ مضافاً إلی‌ محمّدبن‌ جعفر المشهدي‌ّـ قد رووا « الصحيفة‌ » عن‌ شيخ‌ الطائفة‌ ـ ولها سند آخرـ عن‌ السيّد الاجلّ خاصّة‌ كجعفر بن‌ عليّ المشهدي‌ّ، وهبة‌ الله‌ بن‌ نما، وجعفربن‌ أبي‌ الفضل‌ بن‌ شقرة‌، وأبي‌ الفتح‌ بن‌ الجَعْفَريّة‌، وأبي‌ القاسم‌بن‌ الزكي‌ّ العلوي‌ّ، وسالم‌ بن‌ قُبارَوَيْه‌، وعربي‌ّ بن‌ مسافر، وحمزة‌ بن‌ مسافر.

 ورأينا في‌ صورة‌ الإجازة‌ السابقة‌ أنّ محمّد بن‌ جعفر نفسه‌ قد رواها عن‌ السيّد الاجلّ أيضاً. فهذا الاب‌ جعفر بن‌ عليّ المشـهدي‌ّ، وابنه‌ محمّد ابن‌جعفر كلاهما روي‌ « الصحيفة‌ » عن‌ السيّد الاجلّ.

 يضاف‌ إلی‌ هذين‌ العَلَمين‌، أنّ الاعلام‌ والاساطين‌ الذين‌ ورد ذكرهم‌ هنا رواةً للصحيفة‌ عن‌ السيّد الاجلّ بلغوا سبعة‌، فيصبح‌ مجموعهم‌ تسعة‌. وإذا أضفنا إلیهم‌ ابن‌ إدريس‌، وعميد الرؤساء، وابن‌ السكون‌، صاروا اثني‌ عشر من‌ جهابذة‌ علم‌ الشيعة‌، كلّهم‌ رووا « الصحيفة‌ » عن‌ السيّد الاجلّ.

 من‌ الجدير ذكره‌ أنّ الشهيد الاوّل‌ محمّد بن‌ مكّي‌ّ سبق‌ المجلسي‌ّ الاوّل‌ الذي‌ بلغ‌ سند رواياته‌ عن‌ « الصحيفة‌ الكاملة‌ » بواسطة‌ هؤلاء الاعلام‌ إلی‌ السيّد الاجلّ، وذلك‌ علی‌ أساس‌ خطّه‌ الذي‌ حصلنا علیه‌، إذ ينقل‌ عن‌ الشيخ‌ نجم‌الدين‌ جعفر بن‌ نما أ نّه‌ يروي‌ « الصحيفة‌ » عن‌ أبيه‌، عن‌ ثمانية‌ من‌ الاساطين‌ والعلماء الذين‌ ذكرناهم‌ هنا.

 خطّ الشهيد هنا من‌ جملة‌ ثلاث‌ إجازات‌ كانت‌ بخطّه‌ ووصلت‌ إلی‌ صاحب‌ « المعالم‌ » رضوان‌ الله‌ علیه‌. وذكرها صاحب‌ المعالم‌ في‌ إجازته‌ الكبيرة‌ التي‌ أعطاها السيّد نجم‌ الدين‌ بن‌ السيّد محمّد الحسيني‌ّ، ولها صيت‌ ذائع‌ بين‌ المحدِّثين‌ والعلماء.

 وقد نقل‌ المرحوم‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار » هذه‌ الإجازة‌ المباركة‌ الحاوية‌ مطالب‌ نفيسة‌ وثمينة‌ حقّاً برمّتها. وينقل‌ صاحب‌ « المعالم‌ » الشيخ‌ حسن‌بن‌ الشهيد الثاني‌ هذا الموضوع‌، إلی‌ أن‌ يقول‌: وعندي‌ بخطّ شيخنا الشهيد إجازة‌ السيّد غياث‌ الدين‌ [36] لهذا الرجل‌. [37] وكذا إجازتا الشيخ‌ نجيب‌الدين‌ يحيي‌ بن‌ سعيد، والشيخ‌ نجم‌ الدين‌ جعفر بن‌ نما له‌. وهاتان‌ الإجازتان‌ فيهما استيفاء زائد لطرق‌ الرواية‌ وسننقل‌ منهما المهمّ في‌ مواضعه‌. [38]

 إلی‌ أن‌ قال‌: وقد مرّ أنّ شـيخنا الشـهيد الاوّل‌ يـروي‌ عن‌ السـيّد شمس‌الدين‌ محمّد بن‌ أبي‌ المعإلی‌ الموسوي‌ّ، عن‌ الشيخ‌ كمال‌الدين‌ المذكور، وعندنا بخطّ الشهيد رحمه‌ الله‌ إجازة‌ الشيخ‌ كمال‌ الدين‌ للسيّد المذكور مشيراً فيها إلی‌ الإجازات‌ الثلاث‌ المذكورة‌. [39]

 وقال‌: وَمِنْهَا ( من‌ بعض‌ الاشياء عن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ حول‌ بعض‌ كتبه‌ ): ما ذكـره‌ والدي‌ رحمه‌ الله‌ من‌ أنّ الشـهيد يـروي‌ « الصحـيفة‌ الكاملة‌ » عن‌ السيّد السـعيد تاج‌ الدين‌ بن‌ معيّة‌، عن‌ والده‌ أبي‌ جعفر القاسـم‌، عن‌ خاله‌ تاج‌الديـن‌ أبي‌ عبدالله‌ جعفـر بـن‌ محمّد بـن‌ مُعَـيَّة‌، عـن‌ والـده‌ السـيّد مجدالدين‌ محمّد بن‌ الحسن‌ بن‌ معيّة‌، عن‌ الشيخ‌ أبي‌ جعفر محمّدبن‌ شهرآشوب‌ المازندراني‌ّ، عن‌ السيّد أبي‌ الصمصام‌ ذي‌ الفقار بن‌ معبد الحسني‌ّ، عن‌ الشيخ‌ أبي‌ جعفر الطوسي‌ّ بسنده‌ المذكور في‌ أوّلها.

 وعن‌ السيّد تاج‌ الدين‌ محمّد بن‌ مُعَيَّة‌ أيضاً، عن‌ السيّد كمال‌الدين‌ الرضي‌ّ محمّد بن‌ محمّد بن‌ السيّد رضي‌ الدين‌ الآوي‌ الحسيني‌ّ،[40] عن‌ الإمام‌ الوزير نصير الدين‌ محمّد بن‌ الحسن‌ الطوسي‌ّ، عن‌ والده‌، عن‌ السيّد أبي‌ الرضا فضل‌الله‌ الحسيني‌ّ، عن‌ السيّد أبي‌ الصمصام‌، عن‌ الشيخ‌ أبي‌ جعفر الطوسي‌ّ. [41]

وقال‌: وَمِنْ ذَلِكَ ( من‌ بعض‌ الاشياء حول‌ بعض‌ الكتب‌ بخطّ الشهيد في‌ الإجازات‌ ) ما ذكره‌ الشيخ‌ نجم‌ الدين‌ جعفر بن‌ نما من‌ أ نّه‌ يروي‌ « الصحيفة‌ الكاملة‌» بالإجازة‌ عن‌ والده‌، عن‌ 1 ـ الشـيخ‌ محمّد بن‌ جعفر المشهدي‌ّ بسماعه‌ بقراءة‌ الشريف‌ الاجلّ نظام‌ الشرف‌ [42] أبي‌ الحسن‌بن‌ العريضي‌ّ العلوي‌ّ الحسيني‌ّ في‌ شوّال‌ سنة‌ ستّ وخمسين‌ وخمسمائة‌. وقرأته‌ أيضاً عن‌ والده‌: 2 ـ جعفر بن‌ عليّ المشهدي‌ّ، وعلی‌ الشيخ‌ الفقيه‌. 3 ـ هبة‌الله‌بن‌ نما، والشيخ‌ المقري‌. 4 ـ جعفر بن‌ أبي‌ الفضل‌ بن‌ شعرة‌،[43] و 5 ـ الشريف‌ أبي‌ القاسم‌ بن‌ الزكي‌ّ العلـوي‌ّ، و 6 ـ الشـريف‌ أبي‌الفتح‌بن‌ الجعفريّة‌، و 7 ـ الشيخ‌ سالم‌ بن‌ قُبارويه‌ جميعاً عن‌ السيّد بهاء الشرف‌ بسنده‌ المذكور هناك‌.

 ويرويها أيضـاً نجـم‌ الدين‌ بالإجازة‌، عن‌ والـده‌، عن‌ الشـيخ‌ أبي‌ الحسـن‌ عليُ بن الخيّـاط‌، عـن‌ الشـيخ‌ عربـي‌ّ بـن‌ مسـافر، عـن‌ السـيّد بهاءالشرف‌ بإسناده‌ المعلوم‌. [44]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ قال‌ آية‌ الله‌ الشيخ‌ محمّد حسين‌ المظفّر في‌ ص‌ 156 من‌ كتاب‌ «تاريخ‌ الشيعة‌» بعد شرح‌ مفصّل‌ حول‌ المذابح‌ التي‌ ارتكبها أحمد باشا الجزّار بحقّ الشيعة‌ في‌ جبل‌ عامل‌: ولمّا دخل‌ الجيش‌ الفرنسي‌ّ تحت‌ قيادة‌ نابليون‌ بونابرت‌ بلاد الشام‌، وجد الشيعة‌ والصفديون‌ بسببه‌ الراحة‌ وتخلّصوا من‌ ظلم‌ الجزّار وعتوّه‌. ولمّا انجلي‌ الفرنسيّون‌ واطمأنّ الجزّار في‌ ولايته‌ اشتدّ علی‌ بلاد بشارة‌ وساحل‌ صفد، ولم‌ يسمع‌ بكبير أو ذي‌ جاه‌ إلاّ أخذه‌ أخذ عزيز مقتدر، واستصفي‌ أمواله‌، وتركه‌ لرحمة‌ زبانية‌ عذابه‌ في‌ سجنه‌، ودامت‌ الحال‌ من‌ عام‌ 1209 إلی‌ 1219 عشر سنين‌ أهلك‌ فيها الحرث‌ والنسل‌. وضغط‌ علی‌ العلماء وتعقّبهم‌ قتلاً وسجناً وتعذيباً، وتشتّت‌ من‌ بقي‌ منهم‌ في‌ أقطار الارض‌، واستصفي‌ آثارهم‌ العلميّة‌. وكان‌ لافران‌ عكّا من‌ كتب‌ جبل‌ عامل‌ ما أشعلها بالوقود أُسبوعاً كاملاً. وكانت‌ هذه‌ الضربة‌ الكبري‌ علی‌ العلم‌ وأهله‌. وخلت‌ جبال‌ عاملة‌ من‌ رجال‌ العلم‌ بعد أن‌ كانت‌ زاهرة‌ الربوع‌ بالعلماء وأرباب‌ الفضل‌ والتإلیف‌. وممّن‌ فرّ من‌ العلماء من‌ ظلم‌ الجزّار: العالم‌ الكبير والشاعر المبدع‌ الشيخ‌ إبراهيم‌ يحيي‌، قطن‌ دمشق‌ الشام‌. ويليه‌ الشيخ‌ علی‌ الخاتوني‌ّ الطيب‌ الفقيه‌ والعالم‌ بعِدّة‌ علوم‌، هاجر في‌ طلبها إلی‌ إيران‌. وقد صودرت‌ أمواله‌ وضُبطت‌ أملاكه‌، وحُبس‌ مرّتين‌ ولم‌تُقبل‌ منه‌ فدية‌. ثمّ أُخذت‌ المكتبة‌ الكبري‌ التي‌ كانت‌ لآل‌ خاتون‌، وكان‌ الشيخ‌ المذكور ولي‌ أمرها، وكانت‌ تحتوي‌ علی‌ خمسة‌ آلاف‌ مجلّد من‌ الكتب‌ الخطّيّة‌ النادرة‌، فأمست‌ في‌ عكّا طُعمةً للنار.

[2] ـ «معجم‌ البلدان‌» ج‌ 1، ص‌ 534 .

[3] ـ يدلّ التأريخ‌ علی‌ أنّ النَّسَوي‌ّ هذا كان‌ قد كُلِّف‌ بحلّ الخلافات‌ في‌ سنة‌ 440 أيضاً، وكانت‌ له‌ جماعة‌ (كما في‌ «المنتظم‌» 32085 ـ دُعي‌ أبو محمّد بن‌ النَّسوَي‌ّ... فقُتل‌ جماعة‌...) لذلك‌ عندما تناهي‌ إلی‌ أسماع‌ الناس‌ أ نّه‌ يريد المجي‌ء مرّة‌ أُخري‌ لتسوية‌ الخلافات‌ سنة‌ 441، اتّفق‌ الشيعة‌ والسُّنّة‌ علی‌ منعه‌ من‌ التدخّل‌، وعلی‌ حلّ خلافاتهم‌ فيما بينهم‌ أنفسهم‌.

[4] ـ ذكر المحقّق‌ البصير والفقيه‌ الخبير المرحوم‌ الشيخ‌ محمّد حسين‌ المظفّر في‌ كتاب‌ «تاريخ‌ الشيعة‌» ص‌ 74 إلی‌ 76: وما انتشر التشيّع‌ في‌ العراق‌ دون‌ أن‌ يلاقي‌ النكبات‌ والنكايات‌ في‌ أكثر أدواره‌. فمن‌ أيّام‌ بني‌ أُميّة‌، وقد أشرنا فيما سبق‌ إلی‌ شي‌ء من‌ أعمالهم‌ مع‌ الشيعة‌، إلی‌ أيّام‌ بني‌ العبّاس‌، غير أ نّها تختلف‌ فيها شدّة‌ وضعفاً. ولو استنطقتَ التأريخ‌، لاجابك‌ عن‌ بعض‌ تلك‌ النوازل‌ بالتشنيع‌. ويكفيك‌ أن‌ تقرأ من‌ تأريخ‌ أبي‌ الفداء ماجري‌ في‌ حوادث‌ عام‌ 362 . فقد قال‌: وفي‌ هذه‌ السنة‌ احترق‌ الكرخ‌ ـ وهي‌ محلّة‌ شيعيّة‌ محضة‌ـ احتراقاً عظيماً، وذكر سبب‌ ذلك‌ إلی‌ أن‌ قال‌: فركب‌ الوزير أبو الفضل‌ لاخذ الجُناة‌ وأرسل‌ حاجباً له‌ يُسمّي‌ صافياً في‌ جمع‌ لقتال‌ العامّة‌ بالكرخ‌، وكان‌ شديد التعصّب‌ علی‌ الشيعة‌، فألقي‌ النار في‌ عدّة‌ أماكن‌ من‌ الكرخ‌ فاحترق‌ احتراقاً عظيماً، وكان‌ عدّة‌ من‌ احترق‌ سبعة‌ عشر ألف‌ إنسان‌، وثلاثمائة‌ دكّان‌، وكثيراً من‌ الدور، وثلاثة‌ وثلاثين‌ مسجداً، ومن‌ الاموال‌ ما لايُحصي‌. ولايغنيك‌ من‌ ابن‌ الاثير أن‌ تستعرض‌ ما جري‌ في‌ عام‌ 401، و 406، و 408 و 443، و 444، إلی‌ كثير سواها حتّي‌ قال‌ عن‌ حوادث‌ عام‌ 443: وجري‌ من‌ الامر الفظـيع‌ ما لم‌يجر مثله‌ في‌ الدنيا. ولو قرأت‌ من‌ كتاب‌ «المنتظَم‌ في‌ تاريخ‌ الملوك‌ والاُمم‌» لابن‌ الجوزي‌ّ، ج‌ 8، ما جري‌ من‌ الحوادث‌ في‌ عام‌ 441 وما بعده‌، لعرفتَ كيف‌ كانت‌ الحال‌ التي‌ تجري‌ الدموع‌ دماً، وتفتّت‌ الاكباد ألماً؟ ولقرأتَ ما جري‌ علی‌ الشيعة‌ من‌ القتل‌ والنهب‌، وعلی‌ مساجدها من‌ الهدم‌، وعلی‌ مشاهدها من‌ الإساءة‌، وعلی‌ علمائها من‌ الإهانة‌. حتّي‌ ذكر في‌ حوادث‌ عام‌ 448 قَتْلَ أبي‌ عبدالله‌ الجلاّب‌ شيخ‌ البزّازين‌ بباب‌ الطاق‌ وصلبه‌ علی‌ باب‌ دكّانه‌ بدعوي‌ أ نّه‌ يتظاهر بالغُلوّ في‌ الرفض‌، وهَرَبَ أبي‌ جعفر الطوسي‌ّ، ونهب‌ داره‌ (ص‌ 172 ). وذكر في‌ حوادث‌ عام‌ 449 في‌ صفر، أنّ دار أبي‌ جعفر الطوسي‌ّ متكلِّم‌ الشيعة‌ بالكرخ‌ كُبست‌. وأخذ ما وجد من‌ دفاتره‌ وكرسي‌ّ كان‌ يجلس‌ علیه‌ للكلام‌، وأُخرج‌ إلی‌ الكرخ‌ مع‌ ثلاثة‌ مجانيق‌ بيض‌ كان‌ الزوّار من‌ أهل‌ الكرخ‌ قديماً يحملونها معهم‌ إذا قصدوا زيارة‌ الكوفة‌، فأحرق‌ الجميع‌، إلی‌ غير ذلك‌ من‌ الحوادث‌ المؤسفة‌. ولو استقريتَ «الحوادث‌ الجامعة‌» لابن‌ الفوطي‌ّ علی‌ صغره‌، لدلّك‌ علی‌ عدّة‌ حوادث‌ وقعت‌ في‌ بغداد. ومنع‌ المستعصم‌ علی‌ ضعف‌ سلطانه‌ شيعة‌ أهل‌ البيت‌ من‌ قراءة‌ مقتل‌ الحسين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ محلّة‌ الكرخ‌، والمختارة‌، وسائر المحلاّت‌ الشيعيّة‌ من‌ جانبي‌ بغداد. انظر: حوادث‌ عام‌ 641 و 648 و 653، إلی‌ غيرها ممّا سبق‌ ولحق‌. ولا تسأل‌ عمّا صنعه‌ العثمانيّون‌ بالشيعة‌ يوم‌ اغتصبوا العراق‌ من‌ الصفويّة‌ في‌ المرّة‌ الثانية‌ عام‌ 1047 من‌ قتل‌ ونهب‌ واعتداء علی‌ الابرياء وتعذيب‌ لهم‌ وإحراق‌ الكتب‌. ولو سألتَ التأريخ‌ عمّا شاهده‌ الشيعة‌ في‌ العراق‌ من‌ رجال‌ السلطات‌ في‌ عهود الظلمة‌ والظلم‌، لاجابك‌ وهو يشرق‌ بالريق‌ من‌ الالم‌، ويسجّل‌ لك‌ الحال‌ بمداد الدم‌. وما ذلك‌ العهد ببعيد، وقد أدركنا بعض‌ أيّامه‌، وجري‌ بعض‌ من‌ تركوه‌ من‌ حثالتهم‌ عالة‌ علی‌ العراق‌ علی‌ تلك‌ السيرة‌.

[5] ـ الشريف‌ عدنان‌ هو ابن‌ الشريف‌ الرضي‌ّ، ولي‌ نقابة‌ العلويّين‌ بعد أبيه‌ وعمّه‌ الشريف‌ المرتضي‌.

[6] ـ أبو القاسم‌ بن‌ المسلمة‌ عليُ بن‌ الحسن‌ بن‌ أحمد وزير القائم‌ بأمر الله‌. مكث‌ في‌ الوزارة‌ اثنتي‌ عشرة‌ سنة‌ وشهراً. قتله‌ البساسيري‌ّ سنة‌ 450 . قال‌ ابن‌ كثير في‌ تاريخه‌ 12: 68: كان‌ كثير الاذيّة‌ للرافضة‌، ألزم‌ الروافض‌ بترك‌ الاذان‌ ب حي‌ّ علی‌ خير العمل‌، وأُمروا أن‌ ينادي‌ مؤذّنهم‌ في‌ أذان‌ الصبح‌ بعد حي‌ّ علی‌ الفلاح‌: الصلاة‌ خير من‌ النوم‌، مرّتين‌. وأُزيل‌ ما كان‌ علی‌ أبواب‌ المساجد ومساجدهم‌ من‌ كتابة‌ محمّد وعليُخير البشر . وأمر رئيس‌ الرؤساء بقتل‌ أبي‌ عبد الله‌ بن‌ الجلاّب‌ شيخ‌ الروافض‌ لمّا كان‌ تظاهر به‌ من‌ الرفض‌ والغلوّ فيه‌، فقتل‌ علی‌ باب‌ دكّانه‌! وهرب‌ أبو جعفر الطوسي‌ّ ونُهبت‌ داره‌.

[7] ـ المقصود من‌ المحاريب‌ هنا الاثاث‌ والمصابيح‌ واللوحات‌ الذهبيّة‌ النفيسة‌ التي‌ كانت‌ قد نُصبت‌ في‌ مقدّم‌ الحرم‌ المطهّر وأمامه‌ وصدره‌.

[8] ـ «الكامل‌ في‌ التأريخ‌» ج‌ 9، ص‌ 561 فما بعدها، طبعة‌ دار صادر، ودار بيروت‌، سنة‌ 1386 ه .

[9] ـ «الغدير» ج‌ 4، ص‌ 308 إلی‌ 310 .

[10] ـ من‌ غديريّته‌ العصماء التي‌ ذكرها العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌ «الغدير» ج‌ 4، ص‌ 262 إلی‌ 264 .

[11] ـ من‌ أبيات‌ نظمها العالم‌ الجليل‌ محمّد رفيع‌ بن‌ الحاجّ عبد الواحد الطبسيّ من‌ قبل‌ أمير محمّد خان‌ أمير خراسان‌ الشيعيّ في‌ جواب‌ رسالة‌ قاسية‌ تحمل‌ التهديد والوعيد والإهانة‌ كان‌ قد بعثها إلیه‌ أمير بخاري‌ معصوم‌ بن‌ دانيال‌ سنة‌ 1204 ه، وقد نقلناها من‌ ص‌ 29 من‌ المجموعة‌ المكتوبة‌ وجوابها المخطوط‌ . قال‌ دِهخدا في‌ معجمه‌ اللغوي‌ّ: ج‌ 16، ص‌ 283، كلمة‌ الجـذر الاصـمّ: ] جَ ذرأ صَ م‌ م‌ [ (مركّـب‌ وصفيّ) . وهو ليـس‌ له‌ جـذر صحيح‌ كالعدد ( 10 ) وجذره‌ ثلاثة‌ وسُبع‌ تقريباً . (من‌ «كشّاف‌ اصطلاحات‌ فنون‌»): الجذر الاصمّ هو الذي‌ لا يُنطَق‌ بحقيقته‌ أبداً كجذر العدد ( 10 )، ولا يمكن‌ العثور علی‌ عدد يضرب‌ بمثله‌ فيكون‌ الناتـج‌ عشـرة‌ . والاصمّ هو الذي‌ ذهب‌ سمعه‌، لا نّه‌ لا يجيب‌ الباحـث‌ عنه‌، فلايلقاه‌ إلاّ بالتقريب‌ والاقتراب‌ منه‌ . («التفهيم‌» ص‌ 42 ) وهكذا كلّ عدد إذا فُرِضَ له‌ مجذور فلاينتج‌ جذراً سالماً إلاّ وفيه‌ كسر كالعدد ( 10 ) الذي‌ إذا وُضع‌ له‌ جذر يكون‌ ثلاثة‌، عدداً سالماً، وسُبُعاً. وإذا ضُرب‌ هذا في‌ نفسه‌، ينتج‌ تسعة‌، عدداً سالماً، وثلاث‌ وأربعين‌ حصّة‌ من‌ تسع‌ وأربعين‌ حصّة‌ . ولمّا كان‌ يبقي‌ في‌ تكميل‌ العدد عشرة‌ عدد كسريّ يعادل‌ ستّة‌ من‌ تسعة‌ وأربعين‌، لهذا يصبح‌ الجذر المذكور تقريبيّاً لا تحقيقيّاً . ولمّا كان‌ هذا القسم‌ من‌ تقسيم‌ الجذر علی‌ مجذوره‌ ليس‌ دالاّ وناطقاً بدلالة‌ صريحة‌ بل‌ هو يدلّ بإشارة‌ تقديريّة‌، فهو أصمّ، مع‌ أنّ الاصـمّ (بفتحتين‌) هو الذي‌ ذهب‌ سمعه‌، لكن‌ لمّا كان‌ البكـم‌ لازماً للاصمّ بالولادة‌، لهذا استُعمل‌ الاصمّ بمعني‌ الابكم‌ مجازاً في‌ مقابل‌ المُنطِق‌ بمعني‌ الناطق‌ . والجذر الاصمّ المحض‌ يقابل‌ المُنْطِق‌، وإلاّ فلا وجود لجذر أصمّ سالم‌ («غياث‌ اللغات‌») . وقال‌ في‌ «المطلق‌» ص‌ 284: الجذر ] جَ رِمُ طِ [ (مركّب‌ إضافيّ) هو الجذر المنطوق‌ به‌، وهو الجذر المعلومة‌ حقيقة‌ مقداره‌ وإمكان‌ النطق‌ به‌ كقولنا: جذر المائة‌ عشرة‌ . يُرجَع‌ إلی‌ الجذر والجذر المُنْطِق‌. الجذر المُنطِق‌ ] جَ رِ مُ طِ [ (مركّب‌ إضافيّ) وهو الذي‌ إذا ضُرِبَ عدد سالم‌ في‌ نفسه‌ كان‌ الناتج‌ عدداً سالماً آخر كما لوضربنا العدد ( 3 ) في‌ نفسه‌ كان‌ الناتج‌ تسعة‌، وضربنا العدد ( 4 ) في‌ نفسه‌ كان‌ الناتج‌ ( 16 ) . فالعددان‌ ( 3 ) و( 4 ) في‌ هذين‌ المثإلین‌ جذران‌، والعدد ( 9 ) و( 16 ) مجذوران‌، وكلاهما مُنْطِق‌ («غياث‌ اللغات‌»، و«آنندراج‌») الجذر المُنْطِق‌ هو الذي‌ يمكن‌ النطق‌ بحقيقته‌ . ويُسَمَّي‌ أيضاً «المنطوق‌ به‌»، و«المطلق‌»، و«المفتوح‌» كثلاثة‌، وأربعة‌. («التفهيم‌» ص‌ 42 ) وهو الذي‌ له‌ جذر صحيح‌ كالعدد ( 9 ) وجذره‌ ( 3 ) (من‌ «كشّاف‌ اصطلاحات‌ فنون‌»). وتعريب‌ البيتين‌:

 «لا يمكن‌ تقييد الجرح‌ بالدواء بنحو مطلق‌، كما أنّ الجذر الاصمّ لا يمكن‌ حلّه‌ بفكر المُنطق‌.

 قد يُجمعُ الليل‌ والنهار في‌ زمانٍ واحد ولكن‌ لا يتيسّر علاج‌ الحماقة‌».

[12] ـ «الفصول‌ الفخريّة‌» تإلیف‌ أحمد بن‌ عِنَبة‌، ص‌ 189 .

[13] ـ «المعجم‌ المفهرس‌ لالفاظ‌ الحديث‌ النبوي‌ّ» ج‌ 3، ص‌ 343 إلی‌ 415 في‌ مادّة‌ صلو؛والصحاح‌ هي‌: «صحيح‌ البخاري‌ّ»، و«صحيح‌ مُسلم‌»؛ والسُّنن‌ هي‌: «سنن‌ أبي‌ داود»، و«سنن‌ الدارمي‌ّ»، و«سنن‌ النسائي‌ّ»، و«سنن‌ الترمذي‌ّ»، و«سنن‌ ابن‌ ماجة‌»؛ والمسانيد هي‌: «مُوَطَّأ مالك‌»، و«مسند أحمد بن‌ حنبل‌».

[14] ـ «بحار الانوار» ج‌ 94، ص‌ 48، باب‌ الذكر والدعاء، الحديث‌ 4؛و«أمالی‌ الصدوق‌» ص‌ 45 .

[15] ـ «بحار الانوار» ج‌ 94، ص‌ 56 .

[16] ـ جاء في‌ هامش‌ ص‌ 105 من‌ هذا الكتاب‌: ليس‌ إلزَامي‌ّ، بل‌ زامي‌ّ، يعني‌: جامي‌، ومن‌ أهل‌ جام‌. والالف‌ واللام‌ للتعريف‌. ولو كان‌ اللقب‌ «إلزامي‌ّ» لكُتب‌ بعد التعريف‌: الإلزامي‌ّ.

[17] ـ قال‌ المرحوم‌ الميرداماد في‌ شرح‌ صحيفته‌، ص‌ 45: عميد الدين‌، وعمود المذهب‌ عميد الرؤساء، من‌ أئمّة‌ علماء الادب‌، ومن‌ أفاخم‌ أصحابنا رضي‌ الله‌ تعإلی‌ عنهم‌. وقال‌ المرحوم‌ السيّد نعمة‌ الله‌ الجزائري‌ّ في‌ شرحه‌ علی‌ «الصحيفة‌» ص‌ 2: كان‌ علی‌ّبن‌ السكون‌ من‌ ثقات‌ علماء الإماميّة‌. وقال‌ آية‌ الله‌ الميرزا أبو الحسن‌ الشعراني‌ّ في‌ شرحه‌ علی‌ «الصحيفة‌» ص‌ 2: كلاهما من‌ كبار علماء الإماميّة‌. وفي‌ الإجازة‌ الكبيرة‌ لصاحب‌ «المعالم‌» علی‌ ما نقل‌ في‌ «بحار الانوار»، ج‌ 109، ص‌ 27: ويروي‌ عن‌ والده‌، عن‌ السيّد فخّار، عن‌ الشيخ‌ أبي‌ الحسين‌ يحيي‌ بن‌ البطريق‌، والشيخ‌ الإمام‌ الضابط‌ البارع‌ عميد الرؤساء هبة‌الله‌ ابن‌حامدبن‌ أحمد بن‌ أيّوب‌ جميع‌ كتبهما ورواياتهما.

[18] ـ «شرح‌ الصحيفة‌ الفارسي‌ّ» للميرزا محمّد علی‌ مدرّسي‌ جهاردهي‌ّ، ص‌ 4 و 5 .

[19] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للميرداماد، هامش‌ ص‌ 45 .

[20] ـ شرح‌ الجزائري‌ّ المسمّي‌ «نور الانوار في‌ شرح‌ الصحيفة‌ السجّاديّة‌» ص‌ 3، الطبعة‌ الحجريّة‌. ومن‌ الجدير بالذكر أنّ ابن‌ السَّكون‌ توفّي‌ سنة‌ 606 ه، وعميد الرؤساء توفّي‌ سنة‌609 ه .

[21] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للميرداماد، هامش‌ ص‌ 45 .

[22] ـ قال‌ المعلّق‌ في‌ هامش‌ ص‌ 46 من‌ «شرح‌ الصحيفة‌» للميرداماد: ثمّ اعلم‌ أنّ عميدالدين‌ الذي‌ قال‌ السيّد داماد به‌ ليس‌ هو بعميد الرؤساء. قال‌ في‌ «الرياض‌» وجه‌ ذلك‌: أمّا أوّلاً: فلتقدّم‌ درجة‌ عميد الرؤساء، لانّ من‌ تلامذته‌ السيّد فخّار بن‌ معد الموسوي‌ّ المتقدّم‌ علی‌ السيّد عميد الدين‌ ابن‌ أُخت‌ العلاّمة‌ هذا بدرجات‌. وأمّا ثانياً: فلاختلاف‌ اللقبَين‌ كما لايخفي‌. وأمّا ثالثاً: فلانّ اسم‌ عميد الرؤساء هو السيّد عميد الرؤساء هبة‌ ] الله‌ [ بن‌ حامدبن‌ أحمدبن‌ أيّوب‌ بن‌ عليُ بن‌ أيّوب‌ اللغوي‌ّ المشهور، وصاحب‌ القول‌ في‌ المسائل‌ ومؤلّف‌ الكتاب‌ في‌ معني‌ الكعب‌. ولمزيد التوضيح‌ راجع‌ «رياض‌ العلماء» ج‌ 3، ص‌ 259، وج‌ 4، ص‌ 243، وج‌ 5، ص‌ 309 و 375 ـ انتهي‌.

 أقول‌: من‌ هنا نقف‌ علی‌ سهو ماذكره‌ آية‌ الله‌ المدرِّسي‌ّ الجهاردهي‌ّ في‌ شرحه‌ الفارسي‌ّ علی‌ «الصحيفة‌»، ص‌ 9، إذ قال‌: هو عميد الدين‌ ابن‌ أخت‌ العلاّمة‌ وشارح‌ تهذيبه‌.

[23] ـ غُرّ جمع‌ أغرّ بمعني‌ الابيض‌ من‌ كلّ شي‌ء. واللَّهَاميم‌ جمع‌ لُهْمُوم‌ بمعني‌ الرئيس‌ والجواد والكريم‌ والسخي‌ّ.

[24] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للميرداماد، ص‌ 46 .

[25] ـ «رياض‌ السالكين‌» في‌ الطبعة‌ الحجريّة‌، سنة‌ 1334: ص‌ 5 و 6، وفي‌ الطبعة‌ الحديثة‌ لجماعة‌ المدرّسين‌ بقم‌: ج‌ 1، ص‌ 53 و 54 .

[26] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للميرداماد، ص‌ 46 و 47 .

[27] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للمحدِّث‌ الجزائري‌ّ، ص‌ 3 .

[28] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للميرداماد، ص‌ 45، الهامش‌.

[29] ـ «شرح‌ الصحيفة‌» للمحدِّث‌ الجزائري‌ّ، ص‌ 3 .

[30] ـ «بحار الانوار» ج‌ 110، ص‌ 63 .

[31] ـ «بحار الانوار» ج‌ 110، ص‌ 44، الرقم‌ 38، طبعة‌ المكتبة‌ الإسلاميّة‌ الحديثة‌: صورة‌ رواية‌ والدي‌ العلاّمة‌.

[32] ـ «بحار الانوار» ج‌ 110، ص‌ 46، ضمن‌ الرقم‌ 39: صورة‌ رواية‌ الوالد العلاّمة‌.

[33] ـ «بحار الانوار» ج‌ 110، ص‌ 56 إلی‌ 59، ضمن‌ الرقم‌ 41، رواية‌ أُخري‌ للوالد العلاّمة‌ «الصحيفة‌ الكاملة‌».

[34] ـ يستبين‌ من‌ «بحار الانوار» ج‌ 109، ص‌ 29، الطبعة‌ الحديثة‌، ضمن‌ بيان‌ سند الرواية‌ أنّ عربي‌ّ بن‌ مسافر العبادي‌ّ كان‌ شيخ‌ الشيخ‌ فخر الدين‌ محمّد بن‌ إدريس‌ العجلي‌ّ.

[35] ـ «بحار الانوار» ج‌ 109، ص‌ 62، ضمن‌ التسلسل‌ 42: رواية‌ بعض‌ الافاضل‌ «الصحيفة‌ الكاملة‌».

[36] ـ يعني‌ السيّد غياث‌ الدين‌ بن‌ طاووس‌.

[37] ـ يريد الشيخ‌ كمال‌ الدين‌ بن‌ حمّاد الواسطي‌ّ، الذي‌ ذُكر اسمه‌ في‌ سطور متقدّمة‌.

[38] ـ «بحار الانوار» ج‌ 25، ص‌ 100، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و: ج‌ 109، ص‌ 13، الطبعة‌ الحديثة‌.

[39] ـ «بحار الانوار» ج‌ 25، ص‌ 100، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و: ج‌ 109، ص‌ 14، الطبعة‌ الحديثة‌.

[40] ـ جاء في‌ الهامش‌ بخطّ صاحب‌ «المعالم‌»: هكذا بخطّ والدي‌ رحمه‌ الله‌، وقد تقدّم‌ في‌ روايات‌ السيّد تاج‌ الدين‌ بن‌ معيّة‌ نقلاً من‌ خطّه‌: «السيّد السعيد كمال‌ الدين‌ الرضي‌ الحسن‌بن‌ محمّد بن‌ محمّد الآوي‌ّ». ولا ريب‌ أنّ كلامه‌ في‌ ذلك‌ أولي‌ بالاعتماد.

[41] ـ «بحار الانوار» ج‌ 25، ص‌ 106، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و: ج‌ 109، ص‌ 40، الطبعة‌ الحديثة‌.

[42] ـ هكذا اتّفقت‌ عبارة‌ الشيخ‌ نجم‌ الدين‌ المذكور، والظاهر أنّ المراد بنظام‌الشرف‌ بهاءالشرف‌ فيكون‌ رواية‌ ابن‌ جعفر لها من‌ وجهين‌: السماع‌ والقراءة‌، فالاوّل‌ عن‌ السيّد بهاءالشرف‌ بغير واسطة‌، والثاني‌ بواسطة‌ الجماعة‌ المذكورين‌. (كذا في‌ الهامش‌).

[43] ـ في‌ عبارة‌ رواية‌ المرحوم‌ المجلسي‌ّ الاوّل‌، ص‌ 126: شقرة‌، وهنا: شعرة‌.

[44] ـ «بحار الانوار» ج‌ 25، ص‌ 108، طبعة‌ الكمباني‌ّ، و: ج‌ 109، ص‌ 47 و 48، طبعة‌ المكتبة‌ الإسلاميّة‌.

 وذكر الملاّ عبدالله‌ الافندي‌ الإصفهاني‌ّ في‌ مقدّمة‌ صحيفته‌ الثالثة‌ مطالب‌ في‌ غاية‌ الروعة‌. وننقل‌ فيما يأتي‌ بعضها ممّا يتعلّق‌ بكثرة‌ النسخ‌ المتنوّعة‌ العديدة‌ للصحيفة‌، وطرق‌ روايتها غير هذا الطريق‌ المشهور. قال‌ في‌ ص‌ 11 إلی‌ 13 من‌ مقدّمته‌: وأمّا نحن‌ فقد عثرنا بحمدالله‌ تعإلی‌ وعونه‌ ومنّه‌ علی‌ جلّها بل‌ كلّها في‌ مدّة‌ سياحتنا في‌ الامصار، في‌ الخراب‌ والعمران‌ وأثناء طول‌ جولاتنا، وسفرنا في‌ البحار والقفار والبلدان‌، بل‌ قد اطّلعنا علی‌ عدّة‌ نسخ‌ من‌ «الصحيفة‌ الشريفة‌ الكاملة‌ السجّاديّة‌» بطرق‌ أُخري‌ أيضاً غير مشهورة‌ قد تربو علی‌ العشرة‌ الكاملة‌ سوي‌ الطريقة‌ المعروفة‌ المشار إلیها للصحيفة‌ المتداولة‌ الشائعة‌. ومن‌ جملة‌ ذلك‌ عدّة‌ روايات‌ لها من‌ القدماء كرواية‌ محمّد بن‌ الوارث‌ عن‌ الحسين‌ بن‌ اشكيب‌ الثقة‌ الخراساني‌ّ ـمن‌ أصحاب‌ الهادي‌ّ والعسكري‌ّ علیهما السلام‌ـ عن‌ عمير بن‌ هارون‌ المتوكّل‌ البلخي‌ّ، التي‌ رأينا نسخة‌ عتيقة‌ منها بخطّ ابن‌ مقلة‌ الخطّاط‌ المشهور الذي‌ هو واضع‌ خطّ النسخ‌ في‌ زمن‌ الخلفاء العبّاسيّة‌ وناقله‌ عن‌ الخطّ الكوفي‌ّ، ورواية‌ ابن‌ أشناس‌ البزّاز العالم‌ المشهور، ورواية‌ الشيخ‌ الفقيه‌ أبي‌ الحسن‌ محمّد بن‌ أحمد بن‌ عليُ بن‌ الحسن‌ بن‌ شاذان‌، عن‌ ابن‌ عيّاش‌ الجوهري‌ّ. فإنّه‌ يروي‌ في‌ صحيفته‌ عن‌ أبي‌ عبدالله‌ أحمد بن‌ محمّدبن‌ عبيدالله‌بن‌ الحسن‌ بن‌ أيّوب‌ بن‌ عيّاش‌ الجوهري‌ّ الحافظ‌ ببغداد في‌ داره‌ علی‌ الصراط‌ بين‌ النظرتين‌ (القنطرتين‌ ـ خ‌ ل‌) عن‌ أبي‌ محمّد الحسن‌ بن‌ محمّد بن‌ يحيي‌ بن‌ الحسن‌ بن‌ جعفر ابن‌ عبيدالله‌ بن‌ الحسين‌ بن‌ عليُ بن‌ الحسين‌ بن‌ عليُ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیهم‌ السلام‌ ابن‌ أخي‌ طاهر العلوي‌ّ، عن‌ أبي‌ الحسن‌ محمّد بن‌ المطهّر الكاتب‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ محمّد بن‌ شلقان‌ المصري‌ّ، عن‌ عليُ بن‌ النعمان‌ الاعلم‌، إلی‌ آخره‌، في‌ سند «الصحيفة‌» المشهورة‌. ورواية‌ ابن‌ عيّاش‌ الجوهري‌ّ أيضاً، ورواية‌ التلعكبري‌ّ، ورواية‌ الوزير أبي‌ القاسم‌ الحسين‌ بن‌ عليُالمغربي‌ّ، ورواية‌ الذهني‌ّ الكرماني‌ّ الزماشيري‌ّ، وروايات‌ أُخر من‌ المتأخّرين‌ أيضاً، كرواية‌ الكفعمي‌ّ في‌ أواخر البلد الامين‌ وغيره‌ في‌ غيره‌، إلی‌ غير ذلك‌ من‌ أمثال‌ هذه‌ الاكابر. ثمّ إنّه‌ قد كان‌ بين‌ أكثرها وبين‌ النسخة‌ المتداولة‌ المشهورة‌ من‌ هذه‌ «الصحيفة‌ الكاملة‌ السجّاديّة‌» اختلافات‌ كثيرة‌ في‌ الديباجة‌ وفي‌ عدد الادعية‌ وفي‌ ألفاظها وعباراتها وفي‌ كثير من‌ فقراتها أيضاً بالزيادة‌ والنقصان‌ وفي‌ التقديم‌ والتأخير. وكذلك‌ قد وجدنا أيضاً في‌ بعض‌ مطاوي‌ كتب‌ أصحابنا كثيراً من‌ الادعية‌ المنقولة‌ عن‌ «الصحيفة‌ السجّاديّة‌» المشهورة‌ ولكن‌ من‌ أنواع‌ من‌ التفاوت‌ والاختلافات‌ في‌ العبارات‌ والفقرات‌، بل‌ في‌ تعداد الادعية‌ أيضاًـ إلی‌ آخر ما ذكره‌ الافندي‌ هنا. ونقل‌ المرحوم‌ السيّد محسن‌ الامين‌ العاملي‌ّ في‌ مقدّمة‌ صحيفته‌ الخامسة‌، ص‌ 15 إلی‌ 17 عين‌ المطالب‌ المذكورة‌ عن‌ الافندي‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com