بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الثامن عشر/ القسم الاول: تفسیر الآیة: البلد الطیب، تبجیل الامام الصادق علیه السلام للعلماء،حوار...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الرجوع إلی المجلد السابع عشر

 

بسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلّي‌ الله‌ علي‌ محمّد وآله‌ الطاهرين‌

ولعنة‌ الله‌ علي‌ أعداءهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلي‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العلي‌ّ العظيم‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ و بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي‌ خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا كَذَ لِكَ نُصَرِّفُ الاْيَـ'تِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ.[1]

 وقال‌ سبحانه‌ قبل‌ هذه‌ الآية‌:

 وَهُوَ الَّذِي‌ يُرْسِلُ الرِّيَـ'حَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّي‌ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَـ'هُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن‌ كُلِّ الثَّمَرَتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَي‌' لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

 الرجوع الي الفهرس

تفسير العلاّمة‌ الطباطبائيّ لآية‌: «والبَلد الطيّب‌...»

 قال‌ العلاّمة‌ آية‌ الله‌ الطباطبائيّ أعلي‌ الله‌ درجته‌ في‌ تفسير هذه‌ الآيات‌: وفي‌ الآية‌ وَهُوَ الَّذِي‌ يُرْسِلُ الرِّيَـ'حَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ إلي‌ آخر الآية‌ بيان‌ لربوبيّته‌ تعالي‌ من‌ جهة‌ العود، كما أنّ في‌ قوله‌: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ [2] بياناً لها من‌ جهة‌ البدء. وقوله‌: بُشْرًا، وأصله‌ البشر بضمّتين‌ جمع‌ بشير كالنُذُر جمع‌ نذير. والمراد بالرحمة‌ المطر. وقوله‌: بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ، أي‌: قدّام‌ المطر، وفيه‌ استعارة‌ تخييليّة‌ بتشبيه‌ المطر بالإنسان‌ الغائب‌ الذي‌ ينتظره‌ أهله‌ فيقدم‌ وبين‌ يديه‌ بشير يبشّر بقدومه‌.

 و الإقلال‌ : الحمل‌، والسحاب‌ والسَّحَابة‌، الغمام‌ والغمامة‌، كتَمْر وتَمْرَة‌ . وكون‌ السحاب‌ ثقالاً باعتبار حمله‌ ثقل‌ الماء، وقوله‌: لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ، أي‌، لاجل‌ بلد ميّت‌، أو إلي‌ بلدٍ ميّت‌. والباقي‌ ظاهر ( ولا يحتاج‌ إلي‌ تفسير ) .

 والآية‌ تحتجّ بإحياء الارض‌ علي‌ جواز إحياء الموتي‌، لأنّهما من‌ نوع‌ واحد. وَحُكْمُ الاَمْثَالِ فِي‌ مَا يَجُوزُ وَمَا لاَ يَجُوزُ وَاحِدٌ.[3] وليس‌ الاحياء الذين‌ عرض‌ لهم‌ عارض‌ الموت‌ بمنعدمين‌ من‌ أصلهم‌، فإنّ أنفسهم‌ وأرواحهم‌ باقية‌ محفوظة‌ وإن‌ تغيّرت‌ أبدانهم‌، كما أنّ النبات‌ يتغيّر ما علي‌ وجه‌ الارض‌ منها ويبقي‌ ما في‌ أصله‌ من‌ الروح‌ الحيّة‌ علي‌ انعزال‌ من‌ النشوء والنماء، ثمّ تعود إليه‌ حياته‌ الفعّالة‌. كذلك‌ يخرج‌ الله‌ الموتي‌. فما إحياء الموتي‌ في‌ الحشر الكلّيّ يوم‌ البعث‌ إلاّ كإحياء الارض‌ الميتة‌ في‌ بعثه‌ الجزئيّ العائد كلّ سنة‌. وللكلام‌ ذيل‌ سيوافيك‌ في‌ محلّ آخر إن‌ شاء الله‌ تعالي‌.

 قوله‌ تعالي‌: وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ و بِإِذْنِ رَبِّهِ إلي‌ آخر الآية‌. النَّكِد القليل‌. والآية‌ بالنظر إلي‌ نفسها كالمثل‌ العامّ المضروب‌ لترتّب‌ الاعمال‌ الصالحة‌ والآثار الحسنة‌ علي‌ الذوات‌ الطيّبة‌ الكريمة‌ كخلافها علي‌ خلافها، كما تقدّم‌ في‌ قوله‌: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ.[4] لكنّها بانضمامها إلي‌ الآية‌ السابقة‌ تفيد أنّ الناس‌ وإن‌ اختلفوا في‌ قبول‌ الرحمة‌ فالاختلاف‌ من‌ قبلهم‌، والرحمة‌ الإلهيّة‌ عامّة‌ مطلقة‌.

 وقال‌ سماحة‌ العلاّمة‌ في‌ البحث‌ الروائي‌ّ:

 وفي‌ « الكافي‌ » بإسناده‌ عن‌ ميسر، عن‌ أبي‌ جعفر ( الإمام‌ الباقر ) عليه‌ السلام‌ قال‌: قلتُ: قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: وَلاَ تُفْسِدُوا فِي‌ الاْرْضِ بَعْدَ إِصْلَـ'حِهَا ،[5] قال‌: فقال‌: يَا مَيْسَرُ ! إنَّ الاَرْضَ كانَتْ فَاسِدَةً فَأَحْيَاهَا اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِنَبِيِّهِ، وَلاَ تُفْسِدُوا فِي‌ الاَرْضِ بَعْدَ إصْلاَحِهَا.

 وفي‌ « الدرّ المنثور » : أخرج‌ أحمد، والبخاريّ، ومسلم‌، والنسائي‌ّ، عن‌ أبي‌ موسي‌، قال‌: قال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌:

 مَثَلُ مَا بَعَثَنِيَ اللَهُ بِهِ مِنَ الهُدَي‌ وَالعِلْمِ كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضَاً فَكَانَتْ مِنْهَا بَقَيَّةٌ قَبَلَتِ المَاءَ فَأَنْبَتَتِ الكَلاَءَ وَالعُشْبَ الكَثِيرَ. وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ فَنَفَعَ اللَهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوا وَزَرَعُوا. وَأَصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً أُخرَي‌ إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلاَءً. فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي‌ دِينِ اللَهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي‌ اللَهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ؛ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأساً وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَي‌ اللَهِ الَّذِي‌ أُرْسِلْتُ بِهِ. [6]

 أجل‌، إنّ تفسير البلد الطيّب‌ بعلم‌ النبيّ والإمام‌ وهدايتهما، وتفسير إصلاح‌ الارض‌ بعد مجي‌ء الرسول‌ والإمام‌ وأمثالهما ليسا من‌ المعاني‌ التأويليّة‌ للآيات‌ المباركة‌، بل‌ مفاد العمل‌ بظهور المعاني‌ الظاهريّة‌ للقرآن‌ الكريم‌ وبيانها، إذ إنّ معني‌ الارض‌ الصالحة‌ المستعدّة‌ ومفاد الإفساد في‌ الارض‌ بعد إصلاحها يتيسّران‌ للإنسان‌ ويتبادران‌ إلي‌ الذهن‌ في‌ أوّل‌ وهلة‌، ولا حاجة‌ إلي‌ جرّ المعني‌ الظاهر إلي‌ الباطن‌ واستخراج‌ التأويل‌.

 إنّ وجود الائمّة‌ الطاهرين‌ سلام‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌ أرض‌ فسيحة‌ شاسعة‌ من‌ العلم‌ والعقل‌ والدراية‌ والفطنة‌ والهداية‌، يخرج‌ فيها نبات‌ طيّب‌ حَسَن‌، فيُتحف‌ الدنيا بثمار حلوة‌ ريّانة‌ نافعة‌، وفواكه‌ ثمينة‌ وأدوية‌ وعقاقير لمعالجة‌ الامراض‌ ورفع‌ العلل‌ والاسقام‌. ولا فائدة‌ للعالم‌ البشريّ والمجتمع‌ الإنسانيّ من‌ وجود المخالفين‌ والمعاندين‌ والمكابرين‌. ذلك‌ أنّ الائمّة‌ المعصومين‌ بعيدون‌ عن‌ الهوي‌ والتغطرس‌ وحبّ الذات‌ والدعوة‌ إلي‌ النفس‌ وجعلها محوراً. فما عندهم‌ يترشّح‌ من‌ نفوس‌ طاهرة‌ صفيّة‌ زكيّة‌ متّصلة‌ بعالم‌ النور والتجرّد والعرفان‌ الإلهيّ والتوحيد الربوبيّ. ومن‌ الواضح‌ أنّ الظُّلمة‌ لا تترشّح‌ من‌ النور، والقُبح‌ لا يُولَد من‌ الحُسن‌، والخبيث‌ لا يخرج‌ من‌ الطيّب‌. أي‌: لا يسري‌ من‌ الله‌ تعالي‌ وأصفيائه‌ المخلصين‌ إلي‌ العالم‌ الخارجيّ إلاّ العلم‌ الحقيقيّ اللدنّيّ الخالد الثابت‌ الاصيل‌.

 الرجوع الي الفهرس

الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ النموذج‌ الماثل‌ للبلد الطَّيِّب‌

 إنّ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ من‌ تلك‌ النبتة‌ الفريدة‌ التي‌ نمت‌ في‌ أرض‌ التوحيد الطيّبة‌. ولم‌ تنفح‌ آثاره‌ العلميّة‌ الهادية‌ الشيعة‌ فحسب‌، بل‌ نفحت‌ الاجيال‌ البشريّة‌ برمّتها، ولم‌ تُظَلِّل‌ المدينة‌ المنوّرة‌ وحدها بل‌ ظَلَّلت‌ العالَم‌ بأسره‌، ولم‌ تقتصر علي‌ عصر واحد فقط‌، بل‌ هي‌ للعصور كلّها خالدةً إلي‌ الابد.

 ولِمَ ذاك‌ ؟ ذاك‌ لأنّه‌ عليه‌ السلام‌ معصوم‌، ولكلّ معصوم‌ أبديّة‌ كأبديّة‌ القرآن‌ الكريم‌ ذي‌ العصمة‌. ولكلمة‌ كلّ فقيهٍ وفتواه‌ وحكمه‌ ورأيه‌ حجّيّة‌ في‌ حياته‌ اعتباراً من‌ الشيخ‌ الطوسيّ والعلاّمة‌ الحلّيّ حتّي‌ آية‌ الله‌ البروجرديّ وآية‌ الله‌ الحكيم‌ ومن‌ شابههم‌، بَيدَ أنّ تلك‌ الحجّيّة‌ تسقط‌ بموت‌ هؤلاء الفقهاء، إذ إنّهم‌ غير معصومين‌، وعلي‌ الناس‌ أن‌ يقلّدوا المجتهد الحيّ الاعلم‌ الجامع‌ للشرائط‌، أمّا الآيات‌ القرآنيّة‌ الكريمة‌، والسـنّة‌ النبويّة‌ الثابتة‌، والسـيرة‌ الإماميّة‌ المسـلّم‌ بها فهـي‌ حُجّة‌ إلي‌ يوم‌ القيامة‌.

 قال‌ آية‌ الله‌ السيّد علي‌ خان‌ المدنيّ الشيرازيّ رفع‌ الله‌ رتبته‌ في‌ ترجمة‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: وجعفر بن‌ محمّد هو الإمام‌ أبو عبد الله‌ جعفر الصادق‌ بن‌ محمّد الباقر بن‌ عليّ بن‌ الحسين‌ بن‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ صلوات‌ الله‌ عليهم‌.

 إلي‌ أن‌ قال‌: قال‌ الشيخ‌ المفيد: لم‌ ينقل‌ العلماء عن‌ أحد من‌ أهل‌ بيته‌ مثل‌ ما نقل‌ عنه‌ من‌ العلوم‌ والآثار، فإنّ أصحاب‌ الحديث‌ قد جمعوا أسماء الرواة‌ عنه‌ من‌ الثقات‌ علي‌ اختلافهم‌ في‌ الآراء والمقالات‌ فكانوا أربعة‌ آلاف‌ رجل‌.

 وقال‌ الشيخ‌ كمال‌ الدين‌ بن‌ طلحة‌ الشافعيّ: أَمَّا مَنَاقِبُهُ وَصِفَاتُهُ فَتَكَادُ تَفُوتُ عَدَدَ الحَاصِرِ، وَيَحَارُ فِي‌ أَنْوَاعِهَا فَهْمُ اليَقِظِ البَاصِرِ، حَتَّي‌ أَنَّ مِنْ كَثْرَةِ عُلُومِهِ المُفَاضَةِ عَلَي‌ قَلْبِهِ مِنْ سِجَالِ التَّقْوَي‌ صَارَتِ الاَحْكَامُ الَّتِي‌ لاَ تُدْرَكُ عِلَلُهَا، وَالعُلُومُ الَّتِي‌ تَقْصُرُ الاَفْهَامُ عَنِ الإحَاطَةِ بِحُكْمِهَا تُضَافَ إلَيْهِ وَتُرْوَي‌ عَنْهُ. [7]

 الرجوع الي الفهرس

افتخار أبي‌ حنيفة‌ بالتتلمذ عند الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌

 وقال‌ الذهبيّ في‌ « الكاشف‌ » : قال‌ أبو حنيفة‌: ما رأيتُ أفقه‌ منه‌. وقد دخلني‌ له‌ من‌ الهيبة‌ ما لم‌ يدخلني‌ من‌ المنصور.[8]

 وعن‌ عمرو بن‌ أبي‌ المقدام‌، قال‌: كنتُ إذا نظرتُ إلي‌ جعفر بن‌ محمّد علمتُ أنّه‌ من‌ سلالة‌ النبيّين‌.

 وعن‌ صالح‌ بن‌ الاسود، قال‌: سمعتُ جعفر بن‌ محمّد يقول‌: سَلُونِي‌ قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي‌ فَإنَّهُ لاَ يُحَدِّثُكُمْ أَحَدٌ بَعْدي‌ بِمِثْلِ حَدِيثِي‌.[9]

 قال‌ العـلاّمة‌ الجـليل‌ الشـيخ‌ محمّد حسـين‌ المظـفّر: وما كان‌ فقـهاء الشيعة‌ عيالاً عليه‌ فحسب‌، بل‌ أخذ كثير من‌ فقهاء السُّنّة‌ الذين‌ عاصروه‌ الفقه‌ عنه‌ ، أمثال‌ مالك‌ ، وأبي‌ حنيفة‌ ، والسُّفيانِيَّينِ ( سفيان‌ الثوري‌ّ ، وسفيان‌ ابن‌ عُيَيْنَة‌ ) ، وأيّوب‌، وغيرهم‌، كما ستعرفه‌ في‌ بابه‌، بل‌ إنّ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » ( ج‌ 1 ، ص‌ 6 ) أرجع‌ فقه‌ المذاهب‌ الاربعة‌ إليه‌.

 وهذا الآلوسيّ في‌ « مختصر التُّحفة‌ الاثني‌ عشريّة‌ » [10] ص‌ 8 يقول‌:و هذا أبو حنيفة‌ وهو بين‌ أهل‌ السنّة‌ كان‌ يفتخر و يقول‌ بأفصح‌ لسان‌: لَوْلاَ السَّنَتَانِ لَهَلَكَ النُّعْمَانُ.

 يريد السنتين‌ اللتين‌ صحب‌ فيهما الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لاخذ العلم‌. [11]

 وقال‌ أيضاً تحت‌ عنوان‌ « حياته‌ العلميّة‌ » : علمه‌ إلهاميّ. وقال‌ في‌ شرحه‌: لا فضيلة‌ كالعلم‌، فإنّ به‌ حياة‌ الاُمم‌ وسعادتها ورقيّها وخلودها، وبه‌ نباهة‌ المرء وعلوّ مقامه‌ وشرف‌ نفسه‌.

 ولا غرابة‌ لو كان‌ العلم‌ أفضل‌ من‌ العبادة‌ أضعافاً مضاعفة‌. لانّ العابد صالح‌ علي‌ طريق‌ نجاة‌ قد استخلص‌ نفسه‌ فحسب‌، ولكن‌ العالم‌ مصلح‌ يستطيع‌ أن‌ يستخرج‌ عوالم‌ كبيرة‌ من‌ غياهب‌ الضلال‌، وصالح‌ في‌ نفسه‌ أيضاً، وقد فتح‌ عينيه‌ في‌ طريقه‌. ومن‌ فتح‌ عينه‌ أبصر الطريق‌.

 وليس‌ في‌ الفضائل‌ ما يصلح‌ الناس‌ وينفعهم‌ ويبقي‌ أثره‌ في‌ الوجود مثل‌ العلم‌، فإنّ العبادة‌ والشجاعة‌ والكرم‌ وغيرها إذا نفعت‌ الناس‌ فإنّما نفعها مادام‌ صاحبها في‌ الوجود، وليس‌ له‌ بعد الموت‌ إلاّ حسن‌ الاُحدوثة‌. ولكن‌ العالم‌ يبقي‌ نفعه‌ مادام‌ علمه‌ باقياً، وأثره‌ خالداً.

 وقد جاء في‌ السنّة‌ الثناء العاطر علي‌ العلم‌ وأهله‌، كما جاء في‌ الكتاب‌ آيات‌ جمّة‌ في‌ مدحه‌ ومدح‌ ذويه‌. وهذا أمر مفروغ‌ عنه‌، لا يحتاج‌ إلي‌ استشهاد واستدلال‌.

 نعم‌، إنّما الشأن‌ في‌ أنّ هذا الثناء خاصّ بالعلم‌ الدينيّ وعلمائه‌، أو عامّ لكلّ علم‌ وعالم‌ ؟!

 اعتقد بشكل‌ قاطع‌ أنّه‌ مختصّ بعلم‌ الدين‌ وعلمائه‌.

 والاحاديث‌ قد صرّحت‌ به‌. وكفي‌ من‌ الكتاب‌ قوله‌ تعالي‌: إِنَّمَا يَخْشَي‌ اللَهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـ'´ؤُا. [12]

 وقد لا تجد خشية‌ عند علماء الصنعة‌ وما سواهم‌ غير علماء الدين‌، بل‌ إنّ بعضهم‌ قد لا تجده‌ يعترف‌ بالوجود أو بالوحدانيّة‌.

 وما استحقّ علماء الدين‌ هذا الثناء إلاّ لأنّهم‌ يريدون‌ الخير للناس‌ ويسعون‌ له‌ ما وجدوا سبيلاً. ومتي‌ كانوا وجدتَهم‌ أدلاّءَ مرشدين‌ هداةً منقذين‌.

 وعلم‌ الدين‌ إلهاميّ وكسبيّ. والكسبي‌ّ يقع‌ فيه‌ الخطأ والصواب‌ والصحيح‌ والغلط‌. وغلط‌ العالم‌ وخطأه‌ يعود علي‌ العالم‌ كلّه‌ بالخطأ والغلط‌، لانّ الناس‌ أتباع‌ العلماء في‌ الاحكام‌ والحلال‌ والحرام‌، والله‌ جلّ شأنه‌ لا يريد للناس‌ إلاّ العمل‌ بالشريعة‌ التي‌ أنزلها، والاحكام‌ التي‌ شرّعها. فلابدّ من‌ أن‌ يكون‌ في‌ الناس‌ عالم‌ لا يخطأ ولا يغلط‌، ولا يسهو ولا ينسي‌، ليرشد الناس‌ إلي‌ تلك‌ الشريعة‌ المنزلة‌ منه‌ جلّ شأنه‌، والاحكام‌ المشرّعة‌ من‌ لدنه‌ سبحانه‌، فلا تقع‌ الاُمّة‌ في‌ أشراك‌ الاخطاء وحبائل‌ الاغلاط‌، ولا يكون‌ ذلك‌ إلاّ إذا كان‌ علم‌ العالم‌ وحياً أو إلهاماً.

 فمن‌ هنا كان‌ حتماً أن‌ يكون‌ علم‌ الانبياء وأوصيائهم‌ من‌ العلم‌ الإيحائيّ أو الإلهاميّ صوناً لهم‌ وللاُمم‌ من‌ الوقوع‌ في‌ المخالفة‌ خطأً.

 والله‌ تعالي‌ قد أنزل‌ شريعة‌ واحدة‌ لا شرائع‌، وفي‌ كلّ قضيّة‌ حكماً لا أحكاماً، ونصب‌ للاُمّة‌ في‌ كلّ زمن‌ مرشداً لا مرشدين‌. ونجدها اليوم‌ شرائع‌ ولها مشرّعون‌ لا شريعة‌ واحدة‌ ومشرّعاً واحداً. ونري‌ في‌ كلّ قضيّة‌ أحكاماً لا حكماً واحداً. وفي‌ كلّ زمن‌ مرشدين‌ متخالفين‌ متنابذين‌، بل‌ يكفّر بعضهم‌ بعضاً، ويبرأ بعضهم‌ من‌ بعض‌ لا مرشداً واحداً. وليس‌ هذا ما جاء به‌ المصلح‌ الاكبر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، ولا ما أراده‌ لاُمّته‌.

 فلا غرابة‌ لو حكم‌ العقل‌ بأنّ الواجب‌ عليه‌ سبحانه‌ أن‌ ينصب‌ في‌ كلّ فترة‌ زمنيّة‌ عالماً يدلّ الناس‌ علي‌ الشريعة‌ كما جاءت‌، ويأتيهم‌ بالاحكام‌ كما نزلت‌. وهل‌ يجوز ذلك‌ علي‌ أحد سوي‌ عليٍّ وبنيه‌ ؟

 وهذه‌ آثارهم‌ العلميّة‌ بين‌ يديك‌ فاستقرئها لعلّك‌ تجد علي‌ النور هديً. ولو لم‌ يكن‌ لدينا أثر أو دليل‌ إلاّ قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: أَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعَلِي‌ٌّ بَابُهَا[13] ، وقوله‌: إِنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌ ،[14] لكفي‌ في‌ كون‌ أهل‌ البيت‌ علماء الشريعة‌ والكتاب‌ الذين‌ أخذوا العلم‌ من‌ معدنه‌، واستقوه‌ من‌ ينبوعه‌. ولو كان‌ علمهم‌ بالاكتساب‌ لما جعلهم‌ الرسول‌ علماء الكتاب‌ علي‌ طول‌ الدهر دون‌ الناس‌. وما الذي‌ ميّزهم‌ علي‌ الناس‌ إذا كانوا والناس‌ في‌ العلم‌ سواء ؟!

 وممّا يسترعي‌ الانتباه‌ أنّ الناس‌ كانوا محتاجين‌ إلي‌ علمهم‌ أبداً. وكلّما رجعوا إليهم‌ في‌ أمر وجدوا علمه‌ عندهم‌، وما احتاجوا هم‌ إلي‌ علم‌ الناس‌ أبداً.

 ولا نريد أن‌ نلمسك‌ هذه‌ الحقيقة‌ بالاخبار دون‌ الآثار، فإنّ في‌ الآثار ما به‌ غني‌ للبصر. وهذه‌ آثارهم‌ شاهدة‌ علي‌ صدق‌ ما ادّعوه‌ وادّعي‌ فيهم‌. وأمر حقيق‌ بأن‌ تنتبه‌ إليه‌، وهو أنّ الجواد عليه‌ السلام‌ انتهت‌ إليه‌ الإمامة‌ وهو ابن‌ سبع‌، ونهض‌ بأعبائها، وقام‌ بما قام‌ به‌ آباؤه‌ من‌ التعليم‌ والإرشاد، وأخذ منه‌ العلـماء خاضعـين‌ مسـتفيدين‌. وما وجدت‌ فيه‌ نقصـاً عن‌ علوم‌ آبائه‌.

 وهذا عليّ بن‌ جعفر شيخ‌ العلويّين‌ في‌ عهده‌ سنّاً وفضلاً، إذا أقبل‌ الجواد يقوم‌ فيقبّل‌ يده‌، وإذا خرج‌ يسوّي‌ له‌ نعله‌. وسئل‌ عن‌ الناطق‌ بعد الرضا عليه‌ السلام‌، فقال‌: أبو جعفر ابنه‌ ! فقيل‌ له‌: أنْتَ فِي‌ سِنِّكَ وَقَدْرِكَ وَأَبوكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ تَقُولُ فِي‌ هَذَا الغُلاَمِ ؟! فقال‌ : مَا أَرَاكَ إلاَّ شَيْطَاناً، ثُمَّ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَقَالَ: فَمَا حِيلَتِي‌ إنْ كَانَ اللَهُ رَآهُ أَهْلاً وَلَمْ يَرَ هَذِهِ الشيْبَةَ لَهَا أَهْلاً ؟ [15]

 علماً أنّ عليّ بن‌ جعفر هو أخو الإمام‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌، والإمام‌ الكاظم‌ هو جدّ الإمام‌ الجواد عليهما السلام‌. فماذا تري‌ بينهما من‌ السنّ؟ وعلي‌ّ أخذ العلم‌ من‌ أبيه‌ الصادق‌، وأخيه‌ الكاظم‌، وابن‌ أخيه‌ الرضا عليهم‌ السلام‌. فلو كان‌ علمهم‌ بالتحصيل‌ لكان‌ عليّ أكثر من‌ الجواد تحصيلاً، أو لو كانت‌ الإمامة‌ بالسنّ لكان‌ عليّ أكبر العلويّين‌ سنّاً.

 علي‌ أنّ الجواد قد فارقه‌ أبوه‌ يوم‌ سافر إلي‌ خراسان‌ وهو ابن‌ خمس‌. فمن‌ الذي‌ كان‌ يؤدّبه‌ ويثقّفه‌ بعد أبيه‌ حتّي‌ جعله‌ بتلك‌ المنزلة‌ العليّة‌ لو كان‌ ما عندهم‌ عن‌ تعلّم‌ وتأدّب‌ ؟! ولِمَ لا يكون‌ المعلِّم‌ والمثقِّف‌ هو صاحب‌ المنزلة‌ دونه‌ ؟! ولِمَ لَمْ يُقِلِ الجواد ؟!

 أجل‌، توفّي‌ الجواد وهو ابن‌ خمس‌ وعشرين‌ سنةً. وأنت‌ تعلم‌ أنّ ابن‌ هذا السنّ لم‌ يبلغ‌ شيئاً من‌ العلم‌ لو أنفق‌ عمره‌ هذا كلّه‌ في‌ طلبه‌، فكيف‌ يكون‌ عالم‌ الاُمّة‌ ومرشدها، ومعلِّم‌ العلماء ومثقِّفهم‌، وقد رجعت‌ إليه‌ الشيعة‌ وعلماؤها من‌ يوم‌ وفاة‌ أبيه‌ الرضا عليه‌ السلام‌ ؟

 وهكذا الحال‌ في‌ ابنه‌ عليّ الهاديّ عليه‌ السلام‌. فقد قضي‌ الجواد، وابنه‌ الهاديّ ابن‌ ستّ أو ثمان‌. فمن‌ الذي‌ ثقّفه‌ وجعله‌ بذلك‌ المحلّ الارفع‌ ؟ وكيف‌ رجعت‌ إليه‌ العلماء والشيعة‌ وهو ابن‌ هذا السنّ ؟ وماذا يُحسن‌ من‌ كان‌ هذا عمره‌ لو كان‌ علمه‌ بالاكتساب‌ ؟

 فالصادق‌ ـ كسائر الائمّة‌ ـ لم‌ يكن‌ علمه‌ كسبيّاً وأخذاً من‌ أفواه‌ الرجال‌ ومدارستهم‌. ولو كان‌ كذلك‌، فممّن‌ أخذ وعلي‌ يد مَن‌ تخرّج‌ ؟ وليس‌ في‌ تأريخ‌ واحد من‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ أنّه‌ تتلمذ أو قرأ علي‌ واحد من‌ الناس‌ حتّي‌ في‌ سنّ الطفولة‌. فلم‌ يذكر في‌ تأريخ‌ طفولتهم‌ أنّهم‌ دخلوا الكتاتيب[16]‌ أو تعلّموا القرآن‌ علي‌ المقرئين‌ كسائر الاطفال‌ من‌ الناس‌. فما علم‌ الإمام‌ إلاّ وراثة‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌، عن‌ الرسول‌، عن‌ جبرئيل‌، عن‌ الجليل‌ تعالي‌. وسنشير إلي‌ بعض‌ آثاره‌ العلميّة‌ وإلي‌ تعليمه‌ لتلامذته‌. وما سواها ممّا هو دخيل‌ في‌ حياته‌ العلميّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 كيفيّة‌ المدرسة‌ العلميّة‌

 للإمام‌ أبي‌ عبد الله‌ جعفر بن‌ محمّد الصادق‌ عليه‌ السلام‌

 لم‌ يُؤخَذ العلم‌ عنه‌ علي‌ هيئة‌ ما هو عليه‌ اليوم‌ من‌ الحوزات‌ العلميّة‌ والنقاش‌ في‌ الدليل‌ والمأخذ، بل‌ كان‌ تلامذته‌ يرون‌ إمامته‌ عدا قليل‌ منهم‌. والإماميّة‌ ـ كما تقدّم‌ ـ تري‌ أنّ علم‌ الإمام‌ لا يدخل‌ فيه‌ الرأي‌ والاجتهاد ليحاسب‌ الإمام‌ علي‌ المصدر والمستند. وإنّما علمه‌ إلهيّ موروث‌. نعم‌، ربّما يسأله‌ السائل‌ عن‌ علّة‌ الحكم‌، سؤال‌ تعلّمٍ واستفادة‌ لا سؤال‌ ردٍّ وجدل‌.

 علي‌ أنّ مَن‌ أخذ عنه‌ العلم‌ مِن‌ غير الإماميّة‌ كانوا يرون‌ جلالته‌ وسيادته‌ وإمامته‌،[17] وقد عدّوا أخذهم‌ عنه‌ منقبة‌ شرفوا بها وفضيلة‌ اكتسبوها. [18] وهذا ابن‌ أبي‌ الحديد قد أرجع‌ علم‌ المذاهب‌ الاربعة‌ إليه‌ في‌ الفقه‌. [19]

 فكان‌ السائل‌ يأتي‌ إليه‌ ويستعلمه‌ عمّا أشكل‌ عليه‌. وكان‌ الكثير منهم‌ قد استحضر الدواة‌ والقرطاس‌ ليكتب‌ ما يمليه‌ عليه‌ الإمام‌ ليرويه‌ عنه‌ عن‌ تثبّت‌.

 وإذا أردت‌ أن‌ تعرف‌ مبلغ‌ علمه‌ فانظر إلي‌ كثرة‌ من‌ استقي‌ منه‌ العلم‌. فقد بلغ‌ من‌ عرفوه‌ منهم‌ أربعة‌ آلاف‌ أو يزيدون‌. ولماذا روي‌ هؤلاء كلّهم‌ عنه‌ ولم‌ يرووا عن‌ غيره‌، مع‌ وفرة‌ العلماء في‌ عصره‌ ؟! ولماذا إذا روي‌ أحد منهم‌ عنه‌ وقف‌ عليه‌ ولا يسأل‌ عمّن‌ يروي‌ ما أملاه‌، إلاّ أن‌ يخبر هو أنّ ما أملاه‌ عن‌ آبائه‌، عن‌ جدّه‌ الرسول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌.

 وما كانت‌ تلك‌ المدرسة‌ التي‌ خرّجت‌ ذلك‌ العدد الجمّ مدرسة‌ تريد أن‌ تعلّم‌ العلوم‌ للذكر والصيت‌ والفخر والشرف‌. وما كان‌ هدف‌ تلامذتها إلاّ أن‌ يتعلّموا العلم‌ للعلم‌ وخدمة‌ الدين‌ والشريعة‌. ومَن‌ خالف‌ هذه‌ السيرة‌ أبعده‌ الإمام‌ عن‌ حوزته‌. فكم‌ طرد أُناساً ولعن‌ قوماً خالفوه‌ في‌ سيرته‌ وسريرته‌. وما زالت‌ عظاته‌ وإرشاداته‌ تسبق‌ تعاليمه‌، أو تطّرد مع‌ بيانه‌.

 الرجوع الي الفهرس

 تعاليم‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ لتلاميذه‌

تعاليم‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ لتلاميذه‌

 ما أكثر تعاليمه‌ وأكثر عظاته‌ ونصائحه‌ ! وإنّما نذكر منها هاهنا ما يخصّ طلب‌ العلم‌.

 قال‌ عمرو بن‌ أبي‌ المقدام‌[20] : قال‌ لي‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ في‌ أوّل‌ مرّة‌ دخلتُ عليه‌: تَعَلَّمُوا الصِّدقَ قَبْلَ الحَدِيثِ. [21]

 ما أثمنها من‌ نصيحة‌ ! وما زال‌ يوصي‌ كلّ مَن‌ دخل‌ عليه‌ مِن‌ أوليائه‌ بالصدق‌ وأداء الامانة‌. ولا بدع‌ فإنّ بهما سعادة‌ المرء في‌ هذه‌ الحياة‌، ووفرة‌ المال‌ والجاه‌، والطمأنينة‌ إليه‌، والرضي‌ به‌ للحكومة‌ بين‌ الناس‌.

 وأمّا إرشاده‌ إلي‌ طلب‌ العلم‌، فما أكثر قوله‌ فيه‌ ! فتارةً يقول‌ عليه‌ السلام‌: لَسْـتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَي‌ الشَّابَّ مِنْكُمْ إلاَّ غادِياً فِي‌ حَالَيْنِ: إمَّا عَالِماً أَوْ مُتَعَلِّماً. فَإنْ لَمْ يَفْعَلْ فَرَّطَ، وَإنْ فَرَّطَ ضَيَّعَ، وَإنْ ضَيَّعَ أثِمَ.[22]

 وأُخري‌ يقول‌: اطْلُبُوا العِلْمَ وَتَزيَّنُوا مَعَهُ بِالحِلْمِ وَالوَقَارِ ![23] وما اقتصر علي‌ حثّهم‌ علي‌ طلب‌ العلم‌، بل‌ حثّهم‌ علي‌ ما يزدان‌ به‌ من‌ الحلم‌ والوقار، بل‌ التواضع‌، كما في‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌: وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ العِلْمَ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ طَلَبْتُمْ مِنْهُ العِلْمَ، وَلاَ تَكُونُوا عُلَمَاءَ جَبَّارِينَ، فَيَذْهَبُ بَاطِلُكُمْ بِحَقِّكُمْ. [24]

 ما أدقّها من‌ نصيحة‌، وأسماه‌ من‌ تعليم‌ ! فإنّ العلم‌ لا ينفع‌ صاحبه‌ ولا الناس‌ ما لم‌ يكن‌ مقروناً بالتواضع‌، سواء كان‌ المتحلّي‌ به‌ معلِّماً أو متعلِّماً، وإنّ الناس‌ لتنفر من‌ ذي‌ الكبرياء ويُذهِب‌ جبروت‌ النفس‌ ذلك‌ المقدار من‌ العلم‌ الذي‌ عند الإنسان‌ ويقضي‌ عليه‌.

 ويقول‌ عليه‌ السلام‌ في‌ إرشاده‌ لطالب‌ العلم‌:

 وَلاَ تَطْلُبِ العِلْمَ لِثَلاَثٍ: لِتُرَائِي‌ بِهِ، وَلاَ لِتُبَاهِي‌ بِهِ ، وَلاَ لِتُمَارِي‌ بِهِ. وَلاَ تَدَعْهُ لِثَلاَثٍ: رَغَبَةٍ فِي‌ الجَهْلِ، وَزَهَادَةٍ فِي‌ العِلْمِ، وَاسْتِحْيَاءٍ مِنَ النَّاسِ، وَالعِلْمُ المَصُونُ كَالسِّرَاجِ المُطْبَقِ عَلَيْهِ.[25]

 إنّ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ يريد أن‌ يكون‌ طلب‌ العلم‌ للعلم‌ ولنفع‌ الاُمّة‌. فلو طلبه‌ المرء للرياء أو المباهاة‌ أو المجادلة‌ لما انتفع‌ ونفع‌، بل‌ لتضرّر وأضرَّ، كما أنّ تركه‌ للرغبة‌ في‌ الجهل‌ والزهد في‌ العلم‌ كاشف‌ عن‌ الحمق‌، ولا خير في‌ حياء يُقيمك‌ علي‌ الرذيلة‌ ويبعد عنك‌ الفضيلة‌. ولا يكون‌ انتفاع‌ الناس‌ بالعلم‌ إلاّ بنشره‌. وما فائدة‌ السراج‌ إذا أُطبق‌ عليه‌.

 ولنفاسة‌ العلم‌ حضّ علي‌ طلبه‌ وإن‌ كلّف‌ غالياً، فقال‌:

 اطْلُبُوا العِلْمَ وَلَوْ بِخَوْضِ المُهَجِ وَشَقِّ اللُّجَجِ.[26]

 ولمّا كان‌ للعلم‌ أوعية‌ ومعادن‌ فقد نهاهم‌ عن‌ أخذ العلمِ من‌ غير أهله‌، فقال‌ عليه‌ السلام‌: اطْلُبُوا العِلْمَ مِنْ مَعْدِنِ العِلْمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالوَلاَيِجَ فَهُمُ الصَّادُّونَ عَنِ اللَهِ. [27]

 إنّنا لنجد عياناً أنّ المتعلّم‌ يتغذّي‌ بروح‌ معلِّمه‌، ويتشبّع‌ بتعاليمه‌. فالتلميذ إلي‌ الضلالة‌ أدني‌ إن‌ كان‌ المعلّم‌ ضالاّ، وإلي‌ الهداية‌ أقرب‌ إن‌ كان‌ هادياً، لانّ غريزة‌ المحاكاة‌ تقوي‌ عند التلميذ بالقياس‌ إلي‌ معلّمه‌.

 الرجوع الي الفهرس

تبجيل‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ وتعظيمه‌ للعلماء

 وما حثّ الإمام‌ جعفر الصادق‌ عليه‌ السلام‌ علي‌ طلب‌ العلم‌ فحسب‌، بل‌ أراد منهم‌ إذا تعلّموه‌ أن‌ يعملوا به‌، فقال‌ عليه‌ السلام‌: تَعَلَّمُوا العِلْمَ مَا شِئْتُمْ أَنْ تَعَلَّمُوا فَلَنْ يَنْفَعَكُمُ اللَهُ بِالعِلْمِ حَتَّي‌ تَعْمَلُوا بِهِ، لاَنَّ العُلَمَاءَ هَمُّهُمُ الرِّعَايَةُ، وَالسُّفَهَاءَ هَمُّهُمُ الرِّوَايَةُ.[28]

 وقال‌: العِلْمُ الَّذِي‌ لاَ يُعْمَلُ بِهِ كَالكَنْزِ الَّذِي‌ لاَ يُنْفَقُ مِنْهُ، أَتْعَبَ نَفْسَهُ فِي‌ جَمْعِهِ وَلَمْ يَصِلْ إلَي‌ نَفْعِهِ.[29]

 وقال‌: مَثَلُ الَّذِي‌ يَعْلَمُ الخَيْرَ وَلاَ يَعْمَلُ بِهِ مَثَلُ السِّرَاجِ يُضِي‌ءُ لِلنَّاسِ وَيُحْرِقُ نَفْسَهُ. [30]

 وقال‌: إنَّ العَالِمَ إذَا لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ القُلُوبِ كَمَا يَزِلُّ المَطَرُ عَنِ الصَّفَا. [31]

 وقد دلَّهم‌ علي‌ ما يحفظون‌ به‌ ما يتعلّمونه‌، فقال‌ عليه‌ السلام‌: اكْتُبُوا فَإنَّكُمْ لاَ تَحْفَظُونَ حَتَّي‌ تَكْتُبُوا. [32]

 وممّا قاله‌ للمفضّل‌ بن‌ عمر: اكْتُبْ وَبُثَّ عِلْمَكَ فِي‌ إخْوَانِكَ فَإنْ مِتَّ فَوَرِّثْ كُتُبَكَ بَنِيكَ فَإنَّهُ يَأْتِي‌ زَمَانُ هَرْجٍ مَا يَأْنَسُونَ فِيهِ إلاَّ بِكُتُبِهِمْ. [33]

 وقال‌: احْفَظُوا بِكُتُبِكُمْ فَإنَّكُمْ سَوْفَ تَحْتَاجُونَ إلَيْهَا.[34]

 ولم‌ يُرد عليه‌ السلام‌ فضيلة‌ العلم‌ لاهل‌ زمانه‌ فحسب‌، بل‌ أرادها لكلّ جيل‌ وعصر، كما أنّه‌ ما أوصاهم‌ بالتعلّم‌ إلاّ لان‌ يجمعوا كلّ فضيلةٍ معه‌، كما ستعرفه‌ من‌ وصاياه‌، وكما تعرفه‌ من‌ قوله‌ عليه‌ السلام‌: فَإنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ إذَا وَرَعَ فِي‌ دِينِهِ، وَصَدَقَ الحَدِيثَ، وَأَدَّي‌ الاَمَانَةَ، وَحَسَّنَ خُلُقَهُ مَعَ النَّاسِ، قِيلَ: هَذَا جَعْفَرِيٌّ، وَيَسُرُّنِي‌ ذَلِكَ وَيَدْخُلُ عَلَيَّ مِنْهُ السُّرُورُ، وَإنْ كَانَ عَلَي‌ غَيْرِ ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيَّ بَلاَؤُهُ وَعَارُهُ، وَقِيلَ: هَذَا أَدَبُ جَعْفَرٍ. [35]

 إنّ الصادق‌ وآباءه‌ من‌ قبل‌ وأبناءه‌ من‌ بعد جاهدوا في‌ حسن‌ تربية‌ الاُمّة‌ وتوجيههم‌ إلي‌ الفضائل‌، وردعهم‌ عن‌ الرذائل‌ بشتّي‌ الوسائل‌. ولكن‌ ما حيلتهم‌ إذا كان‌ الناس‌ يأبون‌ أن‌ يسيروا بنهج‌ الحقّ، وأن‌ يتنكّبوا عن‌ جادّة‌ الباطل‌ ؟!

 وما حضّ علي‌ طلب‌ العـلم‌ إلاّ وحضّ علي‌ العـناية‌ بشـأن‌ العـلماء والعطف‌ عليهم‌، فقال‌ عليه‌ السلام‌:

 ثَلاَثَةٌ يَشْكُونَ إلَي‌ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَسْجِدٌ خَرَابٌ لاَ يُصَلِّي‌ بِهِ أَهْلُهُ، وَعَالِمٌ بَيْنَ جُهَّالٍ، وَمُصْحَفٌ مُعَلَّقٌ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ غُبَارٌ لاَ يُقْرَأُ فِيهِ. [36]

 وقال‌ إسحاق‌ بن‌ عمّار الصيرفيّ: قلتُ للصادق‌ عليه‌ السلام‌: مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ تَعْظِيماً لِرَجُلٍ ؟! قال‌ عليه‌ السلام‌: مَكْرُوهٌ إلاَّ لِرَجُلٍ فِي‌ الدِّينِ.

 وقال‌ عليه‌ السلام‌: مَنْ أَكْرَمَ فَقِيهاً مُسْلِماً لَقِيَ اللَهَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ، وَمَنْ أَهَانَ فَقِيهاً مُسْلِماً لَقِيَ اللَهَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ. [37]

 وما أكثر ما جاء عنه‌ عليه‌ السلام‌ في‌ رعاية‌ أهل‌ العلم‌ وتقديرهم‌، وإكرام‌ العلماء وتوقيرهم‌، وهكذا كان‌ مجاهداً في‌ تثقيف‌ أتباعه‌ وتهذيبهم‌ وتعليمهم‌ الاخلاق‌ الفاضلة‌.[38]

 الرجوع الي الفهرس

 الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ أعلم‌ الاُمّة‌ بالقرآن‌

 علم‌ التفسير وكيفيّة‌ استخراج‌ معاني‌ القرآن‌ الكريم‌

 كان‌ في‌ الحديث‌ عن‌ أهل‌ البيت‌ الذي‌ أشرنا إليه‌ موارد جمّة‌ للتفسير حتّي‌ أنّ بعض‌ المفسّرين‌ جعلوا تفسيرهم‌ كلّه‌ مبنيّاً علي‌ الحديث‌. وإذا شئت‌ أن‌ تعرف‌ شيئاً من‌ كلام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ التفسير، فدونك‌ « مجمع‌ البيان‌ » فإنّه‌ قد أورد شيئاً من‌ أحاديثه‌ في‌ تفسيره‌، وقد يُشير إلي‌ رأي‌ أهل‌ البيت‌ مستظهراً ذلك‌ من‌ حديثهم‌.

 وهناك‌ مؤلّفات‌ عديدة‌ في‌ آيات‌ الاحكام‌، وقد علّق‌ عليهما المؤلّفون‌ ما جاء في‌ تفسيرها والإشارة‌ إلي‌ مفادها من‌ طريق‌ أهل‌ البيت‌ وأحاديثهم‌. والحديث‌ الوارد عن‌ سيّد الرسل‌ في‌ عدّة‌ مقامات‌ ومن‌ عدّة‌ طرق‌: الذي‌ يعرّفنا مبلغ‌ علمهم‌ بالقرآن‌، وإنّ في‌ كلّ زمن‌ عالماً منهم‌ بالقرآن‌.

 إنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ أَهْلَ بَيْتِي‌. مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي‌ أَبَداً. فَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ.

 وتشفع‌ لهذا الحديث‌ الاخبار الكثيرة‌ الواردة‌ عن‌ أهل‌ البيت‌ في‌ شأن‌ علمهم‌ بالقرآن‌. والصادق‌ نفسه‌ يقول‌:

 وَاللَهِ إنِّي‌ لاَعْلَمُ كِتَابَ اللَهِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَي‌ آخِرِهِ كَأَنَّهُ فِي‌ كَفِّي‌. فِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ وَخَبَرُ الاَرْضِ وَخَبَرُ مَا كَانَ وَخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ. قَالَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ: فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَي‌ْءٍ. [39]

 ويفرج‌ أصابعه‌ مرّة‌ أُخري‌ فيضعها علي‌ صدره‌ ويقول‌: وَعِنْدَنَا وَاللَهِ عِلْمُ الكِتَابِ كُلِّهِ .[40] إلي‌ كثير أمثال‌ ذلك‌.

 ولابدّ في‌ كلّ زمن‌ من‌ عالم‌ بالقرآن‌ الكريم‌ علي‌ ما نزل‌، كما يشهد لذلك‌ حديث‌ الثقلَين‌، ولانّ القرآن‌ إمامٌ صامتٌ وفيه‌ المحكم‌ والمتشابه‌، والمجـمل‌ والمبـيّن‌، والناسـخ‌ والمنسـوخ‌، والعامّ والخـاصّ، والمطـلق‌ والمقيّد، إلي‌ غير ذلك‌ ممّا خفي‌ علي‌ الناس‌ علمه‌. وكلّ فرقة‌ من‌ الإسلام‌ تدّعي‌ أنّ القرآن‌ مصدر اعتقادها، وتزعم‌ أنّها وصلت‌ إلي‌ معانيه‌ واهتدت‌ إلي‌ مقاصده‌. وتأتي‌ علي‌ ذلك‌ بالشواهد.

 فالقرآن‌ مصدر الفَرْق‌ بزعم‌ أهل‌ الفِرق‌. فمن‌ هو الحَكَم‌ الفصل‌ ليردّ قوله‌ وتفسيره‌ شُبه‌ هاتيك‌ الفِرق‌، ومزاعم‌ هذه‌ المذاهب‌ ؟ وقد دلّ حديث‌ الثقلين‌ علي‌ أنّ علماء القرآن‌ هم‌ العترة‌ أهل‌ البيت‌ خاصّة‌ ومنهم‌ يكون‌ العالم‌ به‌ في‌ كلّ عصر.

 وفي‌ عصره‌ عليه‌ السلام‌ إذا لم‌ يكن‌ هو العالم‌ بالقرآن‌ فمن‌ غيره‌ ؟! ليس‌ في‌ الناس‌ من‌ يدّعي‌ أنّ في‌ أهل‌ البيت‌ أعلم‌ من‌ الصادق‌ في‌ عهده‌ في‌ التفسير أو في‌ سواه‌ من‌ العلوم‌.[41]

 الرجوع الي الفهرس

 دروس‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ عرفان‌ الذات‌ المقدّسة‌ للحقّ المتعال‌

 فتح‌ المرحوم‌ المظفّر هذا البحث‌ تحت‌ عنوان‌ علم‌ الكلام‌، وقال‌: نعني‌ من‌ علم‌ الكلام‌ العلم‌ الذي‌ يبحث‌ عن‌ الوجود، والوحدانيّة‌، والصفات‌ ( صفات‌ الباري‌ تعالي‌ ) وما يلزم‌ هذه‌ المباحث‌ من‌ نبوّة‌، وإمامة‌، ومعاد بالادلّة‌ العقليّة‌ المبتنية‌ علي‌ أُسس‌ منطقيّة‌ صحيحة‌، ولا نعني‌ به‌ علم‌ الجدل‌ الذي‌ تاه‌ فيه‌ كثير من‌ الناس‌ لاعتمادهم‌ فيه‌ علي‌ خواطر توحيها إليهم‌ نفوس‌ ساقها إلي‌ الكلام‌ حبّ الغلبة‌ في‌ المجادلة‌ دون‌ أن‌ يستندوا إلي‌ ركن‌ وثيق‌ أو يأخذوا هذا العلم‌ من‌ معدنه‌ الصحيح‌.

 وإن‌ جاء ذمّ علي‌ ألسنة‌ الاحاديث‌ للمتكلّمين‌، فيعني‌ بهم‌ الذين‌ تعلّموا الجدل‌ للظهور والغلبة‌ ولم‌ يستقوا الماء من‌ منبعه‌، ولم‌ يعبأوا بما يجرّهم‌ إليه‌ الكلام‌ من‌ لوازم‌ فاسدة‌. وأمّا الذين‌ انتهلوه‌ من‌ مورده‌ الرويّ، وبنوه‌ علي‌ أُسس‌ صحيحة‌ ودعائم‌ وجدانيّة‌ فإنّهم‌ ألسنة‌ الحقّ وهداته‌ ودعاة‌ الإيمان‌ وأدلاّؤه‌.

 الرجوع الي الفهرس

الدليل‌ العقلي‌ّ ضروري‌ّ في‌ توحيد ذات‌ الحقّ تعالي‌

 وإنّ أوّل‌ من‌ برهن‌ علي‌ الوجود ولوازم‌ الوجود بالادلّة‌ العقليّة‌ والآثار المحسوسة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ حتّي‌ كاد أن‌ يشكّ في‌ تلك‌ الخطب‌ بعض‌ من‌ يجهل‌ أو يتجاهل‌ مقام‌ أبي‌ الحسن‌ من‌ العلم‌ الربّانيّ بدعوي‌ أنّ العلم‌ علي‌ تلك‌ الاُصول‌ لم‌ يكن‌ معهوداً في‌ ذلك‌ الزمن‌. وليت‌ شِعري‌ إن‌ لم‌ يعـترف‌ هذا الجاهل‌ بأنّ علم‌ أبي‌ الحسـن‌ إلهامي‌ّ يسـتقيه‌ من‌ المنـبع‌ الفيّاض‌، فإنّه‌ لا يجهل‌ ما قاله‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ فيه‌: أَنَا مَدِينَةُ العِلْمِ وَعَلِي‌ٌّ بَابُهَا.

 ونسج‌ علي‌ منوال‌ أبي‌ الحسن‌ بنوه‌ في‌ هذا العلم‌، فإنّهم‌ مازالوا يفيضون‌ علي‌ الناس‌ من‌ علمهم‌ الزاخر عن‌ الوجود ولوازمه‌. وكيف‌ يعبد الناس‌ ربّاً لا يعرفونه‌، ويطيعون‌ نبيّاً يجهلونه‌، ويتّبعون‌ إماماً لا يفقهون‌ مقامه‌ ؟! فالمعرفة‌ قبل‌ كلّ علم‌ وأفضل‌ كلّ علم‌. يقول‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: أَفْضَلُ العِبَادَةِ العِلْمُ بِاللَهِ.[42]

  وليس‌ للسمع‌ في‌ تلك‌ القواعد والاُصول‌ مدخل‌، لانّ التقليد في‌ العقليّات‌ لا يصحّ عند أرباب‌ العقول‌.

 أجل‌، قد يجي‌ء النقل‌ دليلاً، ولكنّه‌ من‌ الإرشاد إلي‌ حكم‌ العقل‌، أو الإشارة‌ إلي‌ الفطرة‌ كما في‌ قوله‌ تعالي‌: أَفِي‌ اللَهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ.[43] وأمثاله‌ من‌ القرآن‌ المجيد. فإنّ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ لم‌ تحملك‌ علي‌ القول‌ بالوجود حتماً، بل‌ لفتتك‌ إليه‌ من‌ جهة‌ الاثر ومشاهدته‌.

 فإذا جاء عن‌ الرسول‌ وعترته‌ أدلّة‌ علي‌ هذه‌ الاُصول‌ فما كلامهم‌ في‌ هذا إلاّ إرشاد إلي‌ حكم‌ العقل‌. فإنّهم‌ مازالوا يدلّون‌ علي‌ العقل‌ ويهدون‌ إلي‌ دلالته‌. وهذا الصادق‌ نفسه‌ يقول‌: العَقْلُ دَليلُ المؤمِنِ ؛ ويقول‌: دِعَامَةُ الإنسان العَقْلُ ؛ ويقول‌: لاَ يُفْلِحُ مَنْ لاَ يَعْقِلُ . ولو قرأتَ ما أملاه‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌ علي‌ هشام‌ بن‌ الحكم‌ في‌ شأن‌ العقل‌ والعقلاء لعرفت‌ كيف‌ عرفوا حقيقة‌ العقل‌، ودلّوا عليه‌، وحثّوا علي‌ الاستضاءة‌ بنوره‌.

 ولقد جاء في‌ كلامهم‌ الشي‌ء الكثير من‌ الاستدلال‌ علي‌ هذه‌ الاُصول‌. وهذا « نهج‌ البلاغة‌ » قد جمع‌ من‌ البراهين‌ ما أبهر العقول‌ وحيّر الالباب‌، كما جمعت‌ كتب‌ الحديث‌ والكلام‌ كثيراً من‌ تلك‌ الحجج‌. ومن‌ تلك‌ الكتب‌: « الاحتجاج‌ » للطبرسيّ، و « أُصول‌ الكافي‌ » ، و « التوحيد » للصدوق‌. والاوّل‌ والثاني‌ من‌ « بحار الانوار » . وفي‌ كتبه‌ الاُخري‌ التي‌ يترجم‌ فيها الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌، ويذكر كلامهم‌ طيّ تراجمهم‌، إلي‌ نظائر هذه‌ الكتب‌ الجليلة‌ ! [44]

 روي‌ المجلسيّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ « بحار الانوار » عن‌ « الاحتجاج‌ » ، عن‌ هشام‌ بن‌ الحكم‌ قال‌: دخل‌ ابن‌ أبي‌ العوجاء علي‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، فقال‌ له‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: يا بْنَ أَبِي‌ العَوْجَاء ! أَمَصْنُوعٌ أَنْتَ أَمْ غَيْرُ مَصْنُوعٍ ؟!

 قال‌: لستُ بمصنوع‌ !

 فقال‌ له‌ الصادق‌: فَلَوْ كُنْتَ مَصْنُوعاً كَيْفَ كُنْتَ ؟!

 فلم‌ يحر ابن‌ أبي‌ العوجاء جواباً. وقام‌، وخرج‌. وورد مثل‌ هذا الحديث‌ أيضاً عن‌ هشام‌ في‌ توحيد الصدوق‌ بسند آخر.

 قال‌ المجلسيّ في‌ بيانه‌ موضّحاً هذا الحديث‌: لمّا كان‌ التصديق‌ بوجود الصانع‌ تعالي‌ ضروريّاً، نبّهه‌ عليه‌ السلام‌ بأنّ العقل‌ يحكم‌ بديهةً بالفرق‌ بين‌ المصـنوع‌ وغيره‌. وفيك‌ جمـيع‌ صفات‌ المصـنوعين‌، فكـيف‌ لم‌ تكن‌ مصنوعاً ؟!

 أشكل‌ أُستاذنا العلاّمة‌ الطباطبائيّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ في‌ تعليقته‌ علي‌ التوضيح‌ المذكور، وقال‌: لاَ يَخْفَي‌ أنّ الرواية‌ غير مسوقة‌ للتنبيه‌ علي‌ ما ذكره‌؛ بل‌ إلزام‌ له‌ بالترجيح‌ بلا مرجّح‌، فإنّ اختياره‌ عدم‌ المصنوعيّة‌ مع‌ جواز مصنوعيّته‌ قول‌ بلا دليل‌. ( ط‌ ) .[45]

 إنّ ما أفاده‌ أُستاذنا العلاّمة‌ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ أفضل‌ ممّا أفاده‌ جدّنا الاقدم‌ من‌ جهة‌ الاُمّ العلاّمة‌ المجلسيّ رضوان‌ الله‌ عليه‌، بل‌ هو الاولي‌ والمتعيّن‌.

 الرجوع الي الفهرس

حوار الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ مع‌ الديصاني‌ّ في‌ التوحيد

 وروي‌ العلاّمة‌ المجلسيّ أيضاً عن‌ « الاحتجاج‌ » أنّ أبا شاكر الديصانيّ وهو زنديق‌[46] دخل‌ علي‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ فقال‌ له‌: يا جعفر بن‌ محمّد ! دُلّني‌ علي‌ معبودي‌ !

 فقال‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌: اجلس‌ ! فإذا غلام‌ صغير في‌ كفّه‌ بيضة‌ يلعب‌ بها. فقال‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌: ناولني‌ يا غلام‌ البيضة‌ ! فناوله‌ إيّاها !

 فقال‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌:

 يَا دَيْصَانِيُّ ! هَذَا حِصْنٌ مَكْنُونٌ لَهُ جِلْدٌ غَلِيظٌ، وَتَحْتَ الجِلْدِ الغَلِيظِ جِلْدٌ رَقِيقٌ، وَتَحْتَ الجِلْدِ الرَّقِيقِ ذَهَبَةٌ مَائِعَةٌ وَفِضَّةٌ ذَائِبَةٌ، فَلاَ الذَّهَبَةُ المَائِعَةٌ تَخْتَلِطُ بِالْفِضَّةِ الذَّائِبَةِ، وَلاَ الفِضَّةُ الذَّائِبَةُ تَخْتَلِطُ بِالذَّهَبَةِ المَائِعَةِ.

 فَهِيَ عَلَي‌ حَالِهَا لَمْ يَخْرُج‌ [47] مِنهَا خَارِجٌ مُصْلِحٌ فَيُخْبِرُ عَنْ إصْلاَحِهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ [48] فِيهَا دَاخِلٌ مُفْسِدٌ فَيُخْبِرُ عَنْ إفْسَادِهَا. لاَ يَدْرِي‌ لِلذَّكَرِ خُلِقَتْ أَمْ لِلاُنْثَي‌ ؟!

 تَنْفَلِقُ عَنْ مِثْلِ أَلْوَانِ الطَّوَاوِيسِ. أَتَرَي‌ لَهَا مُدَبِّراً ؟!

 قَالَ: فَأَطْرَقَ مَلِيَّاً ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَ نَّكَ إمَامٌ وَحُجَّةٌ مِنَ اللَهِ عَلَي‌ خَلْقِهِ، وَأَنَا تَائِبٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ.

 الرجوع الي الفهرس

حوار آخر له‌ عليه‌ السلام‌ معه‌

 روي‌ في‌ « التوحيد » للصدوق‌ بسنده‌ المتّصل‌ عن‌ عبد الله‌ الديصانيّ أنّه‌ أتي‌ باب‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌ فاستأذن‌ عليه‌، فأذن‌ له‌، فلمّا قعد قال‌ له‌: يا جعفر بن‌ محمّد ! دلّني‌ علي‌ معبودي‌ !

 فقال‌ له‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌: ما اسمك‌ ؟! فخرج‌ عنه‌ ولم‌ يخبره‌ باسمه‌. فقال‌ له‌ أصحابه‌: كيف‌ لم‌ تخبره‌ باسمك‌ ؟! قال‌: لو كنتُ قلتُ له‌: عبد الله‌، كان‌ يقول‌: من‌ هذا الذي‌ أنت‌ له‌ عبدٌ ؟! فقالوا له‌: عُد إليه‌ فقل‌: يدلك‌ علي‌ معبودك‌ ولا يسألك‌ عن‌ اسمك‌ ! فرجع‌ إليه‌، فقال‌ له‌: يا جعفر ! دلّني‌ علي‌ معبودي‌ ولا تسألني‌ عن‌ اسمي‌. فقال‌ له‌ أبو عبد الله‌ عليه‌ السلام‌: اجلس‌، وإذا غلام‌ صغير... إلي‌ آخر الخبر.

 قال‌ المجلسيّ في‌ بيانه‌: قد أوردنا الخبر بتمامه‌ في‌ باب‌ القدرة‌، وتقرير استدلاله‌ عليه‌ السلام‌ أنّ ما في‌ البيضة‌ من‌ الإحكام‌ والإتقان‌ والاشتمال‌ علي‌ ما به‌ صلاحها وعدم‌ اختلاط‌ ما فيها من‌ الجسمين‌ السيّالين‌ ـ والحال‌ أنّه‌ ليس‌ فيها حافظ‌ لها من‌ الاجسام‌ فيخرج‌ مخبراً عن‌ صلاحها، ولا يدخـلها جسـمانيّ من‌ خارج‌ فيفسـدها، وهي‌ تنفـلق‌ عن‌ مثل‌ ألـوان‌ الطواويس‌ يدلّ علي‌ أنّ له‌ مبدأ غير جسم‌ ولا جسمانيّ، ولا يخفي‌ لطف‌ نسبة‌ الاصلاح‌ إلي‌ ما يخرج‌ منها، والإفساد إلي‌ ما يدخل‌ فيها، لانّ هذا شأن‌ أهل‌ الحصن‌ الحافظين‌ له‌ وحال‌ الداخل‌ فيه‌ بالقهر والغلبة‌. [49]

 وروي‌ المجلسيّ أيضاً عن‌ « الامالي‌ » للصدوق‌، عن‌ أحمد بن‌ عليّ بن‌ إبراهيم‌ بن‌ هاشم‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ ابن‌ أبي‌ عمير، عن‌ هشام‌ بن‌ الحكم‌، قال‌: دخل‌ أبو شاكر الديصاني‌ّ علي‌ أبي‌ عبد الله‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، فقال‌ له‌: إنَّكَ أَحَدُ النُّجُومِ الزَّوَاهِرِ، وَكَانَ آبَاؤُكَ بُدُوراً بَواهِرَ، وَأُمَّهَاتُكَ عَقِيلاَتٍ عَبَاهِرَ، وَعُنْصُرُكَ مِنْ أَكْرَمِ العَنَاصِرِ، وَإذَا ذُكِرَ العُلَمَاءُ فبكَ تُثَنَّي‌ الخَنَاصِرُ، فَخَـبِّرْنِي‌ أَيُّهَا البَحْـرُ الخِضَـمُّ الزَّاخِـرُ: مَا الدَّلِيلُ عَلَي‌ حَـدَثِ ] حُـدُوثِ [ العَالَمِ ؟! [50]

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِأَقْرَبِ الاَشْيَاءِ !

 قال‌: وَمَا هُوَ ؟!

 قال‌: فدعي‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ ببيضة‌ فوضعها علي‌ راحته‌، ثمّ قال‌:

 هَذَا حِصْنٌ مَلْمُومٌ، دَاخِلُهُ غِرْقِي‌ءٌ رَقِيقٌ، تُطِيفُ بِهِ فِضَّةٌ سَائِلَةٌ وَذَهَبَةٌ مَائِعَةٌ، ثُمَّ تَنْفَلِقُ عَنْ مِثْلِ الطَّاوُوسِ، أَدَخَلَهَا شَي‌ْءٌ ؟!

 قال‌: لا !

 قال‌: فَهَذَا الدَّلِيلُ عَلَي‌ حَدَثِ ] حُدُوثِ [ العَالَمِ !

 قال‌ ] الديصانيّ [ : أَخْبَرْتَ فَأَوْجَزْتَ، وَقُلْتَ فَأحْسَنْتَ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَ نَّا لاَ نَقْبَلُ إلاَّ مَا أَدْرَكْنَاهُ بِأَبْصَارِنَا، أَوْ سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا، أَوْ لَمَسْنَاهُ بِأَكُفِّنَا، أَوْ شَمَمْنَاهُ بِمَنَاخِرِنَا، أَوْ ذُقْنَاهُ بِأَفْوَاهِنَا، أَوْ تُصُوِّرَ فِي‌ القُلُوبِ بَيَاناً، وَاسْتَنْبَطَهُ الرِّوَايَاتُ إيقَاناً !

 فقال‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌: ذَكَرْتَ الحَوَاسَّ الخَمْسَ، وَهِيَ لاَ تَنْفَعُ شَيْئاً بِغَيْرِ دَلِيلٍ كَمَا لاَ تُقْطَعُ الظُّلْمَةُ بِغَيْرِ مِصْبَاحٍ.

 قال‌ العلاّمة‌ المجلسيّ في‌ بيانه‌: قوله‌ عليه‌ السلام‌: وهي‌ لا تنفع‌ شيئاً بغير دليل‌، أي‌: هي‌ عاجزةٌ يتوقّف‌ إدراكها علي‌ شرائط‌، فكيف‌ تنفي‌ ما لم‌ تدركه‌ بحسِّكَ ؟ كما أنّ البصر لا يبصر الاشياء بغير مصباح‌. ويحتمل‌ أن‌ يكون‌ المراد بالدليل‌ العقل‌، أي‌: لا تنفع‌ الحواسّ بدون‌ دلالة‌ العقل‌، فهو كالسراج‌ لإحساس‌ الحواس‌. وأنت‌ قد عزلتَ العقل‌ وحكمه‌ واقتصرت‌ علي‌ حكم‌ الحواسّ !

 قال‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ في‌ الهامش‌: بل‌ المراد أنّ الحواسّ إنّما لها الإدراك‌ التصوّريّ، وأمّا التصديق‌ والحكم‌ فللعقل‌. ( ط‌ ( . [51]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص


 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 58. من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[2] ـ فيما يأتي‌ الآية‌ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ التي‌ تسمّي‌ آية‌ السخرة‌، مع‌ الآيتين‌ اللتين‌ تليانها ـ وفي‌ قراءتها ثواب‌ كثير كآية‌ الكرسي‌ّ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَهُ الَّذِي‌ خَلَقَ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضَ فِي‌ سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَي‌' عَلَي‌ الْعَرْشِ يُغْشِـي‌ الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْـلُبُهُ و حَثِـيثًا وَالشَّـمْـسَ وَالْقَمَـرَ وَالنُّجُومَ مُسَـخَّرَ تٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاْمْرُ تَبَارَكَ اللَهُ رَبُّ الْعَـ'لَمِينَ * ادْعُـوا رَبَّكُـمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ و لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلاَ تُفْسِدُوا فِي‌ الاْرْضِ بَعْدَ إِصْلَـ'حِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَ طَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ. (الآيات‌ 54 إلي‌ 56. من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌).

[3] ـ هذه‌ العبارة‌ قاعدة‌ فلسفيّة‌ مفادها أنّ الاشياء المتماثلة‌ المتشابهة‌ واحدة‌ في‌ الاحكام‌ المثبتة‌ والمنفيّة‌ المترتّبة‌ عليها.

[4] ـ الآية‌ 29. من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌: وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ

[5] ـ الآية‌ 56. من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[6] ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌ 8. ص‌ 164 و 165 و 177 و 178.

[7] ـ وردت‌ هذه‌ المطالب‌ عينها في‌ كتاب‌ «مطالب‌ السؤول‌» ص‌ 18. الطبعة‌ الحجريّة‌ الرحليّة‌. قال‌ الشيخ‌ عبّاس‌ القمّيّ في‌ كتاب‌ «الكني‌ والالقاب‌» ج‌ 1. ص‌ 332: هو كمال‌ الدين‌ محمّد بن‌ طلحة‌ الشـافعيّ المعـروف‌ بابن‌ طلحـة‌. له‌ «مطالب‌ السـؤول‌ في‌ مناقـب‌ آل‌ الرسول‌»، و«العقد الفريد للملك‌ السعيد». توفّي‌ بحلب‌ سنة‌ 652 ه.

[8] ـ «الكاشف‌» ج‌ 1. ص‌ 186. في‌ «الكني‌ والالقاب‌» ج‌ 2. ص‌ 238: هو محمّد بن‌ أحمد بن‌ عثمان‌ الذهبي‌ّ. وُلد بدمشق‌ سنة‌ 673 ه، وطلب‌ الحديث‌، ورحل‌ في‌ طلبه‌ إلي‌ مصر حتّي‌ رجع‌ أُستاذاً فيه‌. وأكثر من‌ التصنيف‌ في‌ تاريخ‌ الرجال‌، منها: «تذكرة‌ الحفّاظ‌»، و«ميزان‌ الاعتدال‌»، و«تجريد أسماء الصحابة‌». تُوفّي‌ سنة‌ 748 ه.

[9] ـ «رياض‌ السالكين‌» ص‌ 8. الطبعة‌ الحجريّة‌؛ وفي‌ طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌ بقم‌: ج‌ 1. ص‌ 71 إلي‌ 73. ومصدر الحديث‌ الاخير «كشف‌ الغُمّة‌» ج‌ 2. ص‌ 155.

[10] ـ من‌ الحري‌ بالعلم‌ أنّ علماء السُّنّة‌ في‌ الهند ألّفوا كتباً باللغة‌ الفارسيّة‌ في‌ نهاية‌ القرن‌ الثاني‌ عشر الهجريّ فبادر علماء الشيعة‌ فيها إلي‌ ردّها والجواب‌ عنها باللغة‌ نفسها، وكشفوا بطـلانها بإفاداتـهم‌ العلمـيّة‌ وبحـوثـهم‌ الدقيقة‌ العميـقة‌، وبدّدوا رماد تلـك‌ التهم‌ الملصـقة‌ بالشيعة‌. ومن‌ هذه‌ الكتب‌ «منتهي‌ الكلام‌» المعنون‌ بـ «تنبيهات‌ أهل‌ الخوض‌ لاعتراضهم‌ علي‌ حديث‌ الحـوض‌» الذي‌ طُبع‌ سنة‌ 1250 ه مرّةً، وأُعيد طبعه‌ سنة‌ 1282 ه مـرّة‌ أُخـري‌، ومؤلّفه‌ هو حيـدر علي‌ فيـض‌ آباديّ. ومنها: «إزالة‌ الخـفاء عن‌ خـلافة‌ الخلفاء» تصنيف‌ شاه‌ ولي‌ّ الله‌ الدهلوي‌ّ (المولود سنة‌ 1114 ه والمتوفّي‌ سنة‌ 1176 ه كما ذكر الآلوسيّ في‌ مقدّمته‌ علي‌ كتاب‌ «مختصر التحفة‌ الاثني‌ عشريّة‌» ص‌ يب‌)، طُبع‌ هذا الكتاب‌ لاوّل‌ مرّة‌ في‌ لاهور، باكستان‌ سنة‌ 1396 ه. ومنها: «التحفة‌ الاثني‌ عشريّة‌» تصنيف‌ نجل‌ المذكور شاه‌ عبد العزيز الدهلويّ (ولادته‌ سنة‌ 1159 ه، ووفاته‌ سنة‌ 1239 ه كما أورد الآلوسيّ في‌ كتابه‌ المارّ ذكره‌، ص‌ يب‌). كانت‌ طبعته‌ الثالثة‌ في‌ لاهور أيضاً سنة‌ 1396 ه. سمّاه‌ مؤلّفه‌ في‌ ديباجته‌ «نصيحة‌ المؤمنين‌ وفضيحة‌ الشياطين‌». وقال‌ أيضاً: سبب‌ تسميته‌ بـ «التحفة‌ الاثنا عشريّة‌» هو تأليفه‌ في‌ نهاية‌ القرن‌ الثاني‌ عشر، واحتوائه‌ علي‌ جميع‌ مطالب‌ الشيعة‌ خلال‌ هذه‌ القرون‌ الاثني‌ عشر، مع‌ الردود عليها.

 أجل‌، ما إن‌ طُبعت‌ هذه‌ المخطوطات‌ بالهند حتّي‌ بادر سماحة‌ السيّد محمّد قلي‌ الموسوي‌ّ النيسابوريّ الهنديّ إلي‌ جوابها جواباً مُفحماً مدهشاً من‌ خلال‌ تصنيفه‌ كتاب‌ «الاجناد الاثنا عشريّة‌ المحمّديّة‌ في‌ ردّ التحفة‌ الاثني‌ عشريّة‌ الدهلويّة‌».

 ثمّ قام‌ نجل‌ هذا الرجل‌ الربّانيّ السيّد مير حامد حسين‌ بن‌ محمّد قلي‌ النيسابوري‌ّ الكنتوري‌ّ بتأليف‌ كتاب‌ «عبقات‌ الانوار في‌ مناقب‌ الائمّة‌ الاطهار» رادّاً عليها ردّاً عجيباً محيِّراً.

 وننقل‌ فيما يأتي‌ موجزاً ومنتخَباً لما ذكره‌ العلاّمة‌ الشيخ‌ آغا بزرك‌ الطهرانيّ في‌ كتاب‌ «الذريعة‌ إلي‌ تصانيف‌ الشـيعة‌» حول‌ هذين‌ الرجلَين‌ الباحثَين‌ العظـيمَين‌ الجـليلَين‌. قال‌ في‌ ج‌ 4 . ص‌ 192 و 193 من‌ هذه‌ الموسوعة‌ تحت‌ الرقم‌ 958 : «تشييد المطاعن‌ لكشف‌ الضغائن‌» هو بجميع‌ أجزائه‌ الآتية‌ ثامن‌ مجلّدات‌ «الاجناد الاثنا عشريّة‌ المحمّديّة‌ في‌ ردّ التحفة‌ الاثني‌ عشريّة‌ الدهلويّة‌» المرتّبة‌ علي‌ اثني‌ عشر باباً في‌ الردّ علي‌ الإماميّة‌. والتشييد هذا ردّ علي‌ خصوص‌ الباب‌ العاشر من‌ «التحفة‌» الذي‌ هو في‌ دفع‌ المطاعن‌، وردّ الباب‌ الاوّل‌ منه‌ الذي‌ هو في‌ حدوث‌ فرق‌ الشيعة‌ اسمه‌ «السيف‌ الناصري‌ّ» . وردّ الباب‌ الثاني‌ منه‌ الذي‌ هو في‌ نسبة‌ المكائد إلي‌ الشيعة‌ اسمه‌ «تقليب‌ المكائد»، وردّ الباب‌ السابع‌ منه‌ الذي‌ هو في‌ الإمامة‌ اسمه‌ «برهان‌ السعادة‌»، وردّ الباب‌ الحادي‌ عشر منه‌ الذي‌ هو في‌ الاوهام‌ والتعصّبات‌ والهفوات‌ اسمه‌ «مصـارع‌ الافهام‌». كلّ هذه‌ الكتـب‌ من‌ مجلّـدات‌ كتاب‌ «الاجناد» باللغة‌ الفارسـيّة‌ مطبوعة‌ بالهند... وجميع‌ هذه‌ الكتب‌ من‌ تأليفات‌ العلاّمة‌ السيّد محمّد قلي‌ بن‌ السيّد محمّد حسين‌ ابن‌ حامد حسين‌ بن‌ زين‌ العابدين‌ الموسويّ النيسابوريّ الكنتوريّ المولود في‌ 1188 والمتوفّي‌ في‌ تاسع‌ المحرّم‌ 1260. ترجمه‌ مفصّلاً في‌ آخر «نجوم‌ السماء». وعلي‌ «التحفة‌» ردود أُخري‌ أيضا كـ «العبقات‌»، و«النزهة‌ الاثني‌ عشريّة‌»، وغيرها.

[11] ـ «الإمام‌ الصادق‌» ج‌ 1. ص‌ 143. طبعة‌ جماعة‌ المدرّسين‌ بقم‌. من‌ الجدير بالذكر أنّ هذه‌ العبارة‌ موجودة‌ في‌ «مختصر التحفة‌ الاثني‌ عشريّة‌» ص‌ 8. ط‌ 2. القاهرة‌، سنة‌ 1387. بَيدَ أنّ هذه‌ العبارة‌ التي‌ حكاها الآلوسيّ هي‌ من‌ إنشاء الآلوسيّ نفسه‌، لا من‌ إنشاء صاحب‌ «التحفة‌» شاه‌ عبد العزيز الدهلويّ، والعبارة‌ هي‌: وهذا أبو حنيفة‌ رضي‌ الله‌ تعالي‌ عنه‌ وَهُوَ هُوَ بَين‌ أهل‌ السنّة‌ كان‌ يفتخر ويقول‌... إلي‌ آخره‌. وعبارة‌ عبد العزيز في‌ «التحفة‌» ص‌ 46 هي‌: نعم‌، ذكر الإمام‌ الشافعيّ فضائل‌ من‌ أدرك‌ من‌ أهل‌ البيت‌. ولا يقتصر هذا عليه‌، فجميع‌ أهل‌ السنّة‌ يذكرونها. ورواية‌ الحديث‌ عن‌ أئمّة‌ أهل‌ البيت‌ كثيرة‌ في‌ كتب‌ السنّة‌. وسمّوا سلسلة‌ الآباء من‌ أهل‌ البيت‌ «سلسلة‌ الذهب‌».

[12] ـ الآية‌ 28. من‌ السورة‌ 35: فاطر.

[13] ـ الخطيب‌ في‌ «تاريخ‌ بغداد» ج‌ 2. ص‌ 377؛ والملاّ عليّ المتّقي‌ّ الهنديّ في‌ «كنز العمّال‌» ج‌ 6. ص‌ 156.

[14] ـ «مسند أحمد بن‌ حنبل‌» ج‌ 4. ص‌ 366؛ و«صحيح‌ الترمذيّ» ج‌ 2. ص‌ 308.

[15] ـ «الإمام‌ الصادق‌»، للمظفّر، ج‌ 1. ص‌ 134.

[16] ـ للكتاتيب‌ معنيان‌: أحدهما جمع‌ كتّاب‌، وكتّاب‌ جمع‌ كاتب‌، فهو جمع‌ الجمع‌. والآخر مكان‌ التعليم‌ بصيغة‌ كتّاب‌ وجمعه‌ كتاتيب‌.

[17] ـ «تهذيب‌ الاسماء واللغات‌»؛ و«ينابيع‌ المودّة‌».

[18] ـ «مطالب‌ السؤول‌» ص‌ 81.

[19] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1. ص‌ 6.

[20] ـ هو من‌ ثقات‌ مشاهير رجال‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌.

[21] ـ «أُصول‌ الكافي‌» باب‌ الصدق‌ وأداء الامانة‌.

[22] ـ «المجالس‌» للشيخ‌ الصدوق‌ رحمه‌ الله‌، المجلس‌ الحادي‌ عشر.

[23] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1. ص‌ 36. الحديث‌ الاوّل‌.

[24] ـ «المجالس‌» للشيخ‌ الصدوق‌، المجلس‌ 17؛ و«بحار الانوار» ج‌ 2. ص‌ 41. الحديث‌ الثاني‌، الطبعة‌ الحديثة‌.

[25] ـ «بحار الانوار» ج‌ 17. ص‌ 270.

[26] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1. ص‌ 35. الحديث‌ الخامس‌.

[27] ـ «كتاب‌ زيد الزرّاد» وهو من‌ الاُصول‌ المعتبرة‌.

[28] ـ «بحار الانوار» ج‌ 2. ص‌ 37. الحديث‌ 54.

[29] ـ «بحار الانوار» ج‌ 2. ص‌ 37. الحديث‌ 54.

[30] ـ «بحار الانوار» ج‌ 2. ص‌ 38.

[31] ـ «بحار الانوار» ج‌ 2. ص‌ 39.

[32] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1. ص‌ 52. الحديث‌ 9.

[33] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1. ص‌ 52. الحديث‌ 11.

[34] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1. ص‌ 52. الحديث‌ 10.

[35] ـ «أُصُول‌ الكافي‌» ج‌ 2. ص‌ 636.

[36] ـ «بحار الانوار» ج‌ 92. ص‌ 195.

[37] ـ «بحار الانوار» ج‌ 47. ص‌ 44. الحديث‌ 13.

[38] ـ «الإمام‌ الصادق‌» ج‌ 1 . ص‌ 131 إلي‌ 140 . الطبعة‌ الرابعة‌ . مؤسّسة‌ النشر الإسلامي‌ّ

[39] ـ يريد الإشارة‌ إلي‌ قوله‌: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـ'بَ تِبْيَـ'نًا لِّكُلِّ شَيْءٍ. (الآية‌ 89 من‌ السورة‌ 16: النحل‌).

[40] ـ «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 1. ص‌ 229. الحديث‌ 5.

[41] ـ «الإمام‌ الصادق‌» لآية‌ الله‌ المظفّر، ج‌ 1. ص‌ 145 إلي‌ 147. الطبعة‌ الرابعة‌

[42] ـ.«بحار الانوار» ج‌ 1. ص‌ 215.

[43] ـ ا لآية‌ 10. من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.

[44] ـ «الإمام‌ الصادق‌» ج‌ 1. ص‌ 147 إلي‌ 149.

[45] الطبعة‌ الرابعة‌.«بحار الانوار» ج‌ 3. ص‌ 31. كتاب‌ التوحيد، الباب‌ 3: إثبات‌ الصانع‌ والاستدلال‌ بعجائب‌ صنعه‌ علي‌ وجوده‌ وعلمه‌ وقدرته‌ وساير صفاته‌، الطبعة‌ الحديثة‌.

[46] ـ قال‌ في‌ الهامش‌: الزنديق‌ بالكسر من‌ الثنويّة‌ أو القائل‌ بالنور والظلمة‌، أو من‌ لا يؤمن‌ بالآخرة‌ والربوبيّة‌، أو من‌ يبطن‌ الكفر ويظهر الإيمان‌، أو هو معرّب‌ زَنْ دين‌. أي‌: دين‌ المرأة‌. قاله‌ في‌ «القاموس‌». وفي‌ «المصباح‌»: المشهور علي‌ ألسنة‌ الناس‌ أنّ الزنديق‌ هو الذي‌ لا يتمسّك‌ بشريعة‌ ويقول‌ بدوام‌ الدهر. والعرب‌ تعبّر عن‌ هذا بقولهم‌: ملحد، أي‌: طاعن‌ في‌ الاديان‌، انتهي‌. ونقل‌ عن‌ «مفاتيح‌ العلوم‌» أنّ الزنادقة‌ هم‌ المانويّة‌. وكانت‌ المزدكيّة‌ يسمّون‌ بذلـك‌. أقول‌: والظاهر أنّ الزنـديق‌ معرّب‌ لزند دين‌، والزند اسـم‌ لكتاب‌ المجوس‌ جاء به‌ زردشت‌ الذي‌ يزعم‌ المجوس‌ أ نّه‌ نبيّ، أو معرّب‌ زنديّ، أي‌: المنسوب‌ إلي‌ زند، فأخذ كلمة‌ واحدة‌ وزيد عليه‌ القاف‌ ـ انتهي‌.

[47] ـ في‌ «الاحتجاج‌» المطبوع‌: لا يخرج‌.

[48] ـ وفيه‌ أيضاً: ولا تدخل‌.

[49] ـ «بحار الانوار» ج‌ 3. ص‌ 31 و 32.

[50] ـ قال‌ المجلسيّ في‌ سياق‌ بيانه‌: قوله‌: فَبِكَ تُثَنَّي‌ الخَنَاصِرُ. أي‌: أنت‌ تُعدّ أوّلاً قبلهم‌ لكونك‌ أفضل‌ وأشهر منهم‌، وإنّما يُبْدَأُ في‌ العدِّ بالخنصر. والملموم‌ المضموم‌ بعضه‌ إلي‌ بعض‌. والخضمّ بكسر الخاء وفتح‌ الضاد وتشديد الميم‌: الكثير العطاء.

[51] ـ «بحار الانوار» ج‌ 3. ص‌ 39 و 40.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com