بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الثاني / القسم الثانی: الآیات التی مصداقها علی علیه السلام، نقد نظریة عصمة اجتماع اهل الحل و ال...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الآيات‌ التي‌ يمثّل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ مصداقها

وجاء في‌ آخر سورة‌ الفرقان‌ أربع‌ عشرة‌ صفة‌ لعباد الله‌، هي‌:

 «وَ عِبَادُ الرَّحْمَـ'نِ الَّذِينَ يَمْشُونَ علی الاْرْضِ هَوْنًا وَ إِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَـ'هِلُونَ قَالُوا سَلَـ'مًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهُمْ سُجَّدًا وَ قِيَـ'مًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقَامًا * وَالَّذِينَ إذَآ أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كَانَ بَيْنَ ذَ' لِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَهِ إِلَـ'هًا ءَاخَرَ وَ لاَ يقتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي‌ حَرَّمَ اللَهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ لاَ يَزْنُونَ وَ مَن‌ يَفْعَلْ ذَ ' لِكَ يَلْقَ أَثَامًا. إلی‌ أن‌ يقول‌: وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَ إِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِـَايَـ'تِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَ عُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن‌ أَزْوَ ' جِنَا وَ ذُرِّيَّـ'تِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا».[1] و كان‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ سبّاقاً مبرّزاً في‌ جميع‌ تلك‌ الصفات‌. و كذلك‌ كان‌ في‌ سائر الآيات‌ نحو «والَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَهِ»، [2] و الآية‌: «وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَ هَاجَرُوا وَ جَـ'هَدُوا فِي‌ سَبِيلِ اللَهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوا وَّنَصَرُو´ا أُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْمُؤمِنُونَ حَقًّا لَهُم‌ مَّغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ»، [3] و الآية‌: «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا إِن‌ تَتَّقُوا اللَهَ يَجْعَل‌ لَّكُمْ فُرْقَانًا»، [4]و الآية‌: «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةًفَاثْبُتُوا»،[5]والآية‌: «يُثَبِّتُ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي‌ الْحَيَو'ةِ الدُّنْيَا وَ فِي‌ الاَخِرَةِ»،[6] و الآية‌: «وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ»[7]، والآية‌ «لِيَجْزِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ بِالْقِسْطِ»[8]، و الآية‌: «الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ تَطْمَئنُّ قُلُوبُهُم‌ بِذِكْرِ اللَهِ»[9]، و الآية‌: «يَرْفَعِ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَـ'تٍ»[10]، و الآية‌: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمنُونٍ»[11]، و الآية‌: «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ أُولَـ ' ´ءِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ»[12]، و الآية‌: «إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ وَ تَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ»[13]، والآية‌: «والْمُقِيمِي‌ الصَّلَو'ةِ وَ مِمَّا رَزَقْنَـ'هُمْ يُنْفِقُونَ»،[14] و الآية‌: «وَ يَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَ مِمَّا رَزَقْنَـ'هُمْ يُنْفِقُونَ»، [15] و الآية‌: «يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَ مِمَّا رَزَقْنَـ'هُمْ يُنْفِقُونَ». [16]

 و أمثال‌ هذه‌ الآيات‌ الجمّة‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌. و من‌ الطبيعيّ فإنّ الكلام‌ يدور فعلاً حول‌ هذه‌ الآيات‌ و أمثالها التي‌ يُمثّل‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌السلام‌ فيها ا لإنسان‌ المتميّز و النموذج‌ المرموق‌ في‌ هذه‌ الصفات‌ والافعال‌. و أمّا الآيات‌ التي‌ تخصّه‌ بالذات‌ و هو شأن‌ نزولها، فلا تدخل‌ في‌ كلامنا هذا فعلاً.

 و علی هذا الاساس‌ نفسه‌ جمع‌ أمير المؤمنين‌ الاضداد. فقد جمع‌ الشجاعة‌ و ثبات‌ القدم‌ و الجهاد الراسخ‌ في‌ سبيل‌ الله‌ إلی‌ جانب‌ رقّة‌ القلب‌ و صفاء الباطن‌ و التوجّه‌ إلی‌ الله‌ و الزهد و العبادة‌ الكثيرة‌. و هذا موضوع‌ خاض‌ فيه‌ العلماء و الاكابر.

 الرجوع الي الفهرس

 اجتماع‌ الصفات‌ المتضادّة‌ في‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌

 يقول‌ الشريف‌ الرضيّ جامع‌ «نهج‌ البلاغة‌» في‌ مقدّمته‌ علی النهج‌:
 ومن‌ عجائبه‌ عليه‌ السلام‌ التي‌ انفرد بها الواردة‌ في‌ الزهد و المواعظ‌ والتذكير و الزواجر إذا تأمّله‌ المتأمّل‌، و فكرّ فيه‌ المتفكّر، و خلع‌ من‌ قلبه‌ أنّه‌ كلام‌ مثله‌ ممّن‌ عظم‌ قدره‌، و نفذ أمره‌ و أحاط‌ بالرقاب‌ ملكه‌، لم‌ يعترضه‌ الشكّ في‌ أنّه‌ من‌ كلام‌ من‌ لاحظّ له‌ إلاّ في‌ الزهادة‌، ولاشغل‌ له‌ بغير العبادة‌. و قد قبع‌ في‌ كسر بيت‌ أو انقطع‌ إلی‌ سفح‌ جبل‌، لايسمع‌ إلاّ حسّه‌، ولايري‌ إلاّ نفسه‌، ولايكاد يوقن‌ بأنّه‌ كلام‌ من‌ ينغمِس‌ في‌ الحرب‌ مصلتاً سيفه‌، فيقطع‌ الرقاب‌ و يجدِّل‌ الابطال‌، و يعود به‌ ينطف‌ دماً، و يقطر مُهَجاً، و هو مع‌ تلك‌ الحال‌ زاهد الزهّاد، و بدل‌ الابدال‌. و هذه‌ من‌ فضائله‌ العجيبة‌ و خصائصه‌ اللطيفة‌ التي‌ جمع‌ بها بين‌ الاضداد، و ألّف‌ بين‌ الاشتات‌. و كثيراً ما أذاكِرُ ا لإخوان‌ بها و أستخرج‌ عجبهم‌ منها. و هي‌ موضوع‌ للعبرة‌ بها والفكرة‌فيها.[17]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ الصفات‌ المتضادّة‌ لامير المؤمنين‌

 يقول‌ الشارح‌ المعتزليّ ابن‌ أبي‌ الحديد الشافعيّ في‌ ذيل‌ كلام‌ الشريف‌ الرضيّ: كان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ذا أخلاق‌ متضادّة‌.

 فمنها: ما ذكره‌ الرضيّ، و هو موضع‌ التعجّب‌؛ لانّ الغالب‌ علی أهل‌ الشجاعة‌ و ا لإقدام‌ و المغامرة‌ و الجرأة‌ أن‌ يكونوا ذوي‌ قلوب‌ قاسية‌، وفتكٍ و تمرّد و جَبَريّة‌، و الغالب‌ علی أهل‌ الزهد و رفض‌ الدنيا و هجران‌ ملاذّها و الاشتغال‌ بمواعظ‌ الناس‌ و تخويفهم‌ المعاد، و تذكيرهم‌ الموت‌، أن‌ يكونوا ذوي‌ رقّة‌ و لين‌، و ضعف‌ قلب‌، و خَوَر طبع‌ وهاتان‌ حالتان‌ متضادّتان‌، و قد اجتمعتا له‌ عليه‌ السلام‌.

 و منها: أنّ الغالب‌ علی ذوي‌ الشجاعة‌ و إراقة‌ الدماء أن‌ يكونوا ذوي‌ أخلاق‌ سَبُعِيّة‌، و طباع‌ حوشيّة‌ و غرائز وحشيّة‌ و كذلك‌ الغالب‌ علی أهل‌ الزهادة‌ و أرباب‌ الوعظ‌ و التذكير و رفض‌ الدنيا أن‌ يكونوا ذوي‌ انقباض‌ في‌ الاخلاق‌ و عبوس‌ في‌ الوجوه‌، و نفار من‌ الناس‌ و استيحاش‌ وأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ أشجع‌ الناس‌ و أعظمهم‌ إراقة‌ للدم‌ في‌ سبيل‌ الله‌، و أزهد الناس‌ و أبعدهم‌ عن‌ ملاذّ الدنيا، و أكثرهم‌ وعظاً وتذكيراً بأيّام‌ الله‌ و مَثلاته‌، و أشدّهم‌ اجتهاداً في‌ العبادة‌ و آداباً لنفسه‌ في‌ المعاملة‌. و كان‌ مع‌ ذلك‌ ألطف‌ العالَم‌ أخلاقاً، و أسفرهم‌ وجهاً، و أكثرهم‌ بشراً وأوفاهم‌ هشاشة‌، و أبعدهم‌ عن‌ انقباض‌ موحش‌، أو خُلُق‌ نافر، أو تجهّم‌ مباعد. أو غِلظة‌ و فظاظة‌ تنفر معهما نفس‌، أو يتكدّر معهما قلب‌. حتّي‌ عيب‌ «بالدُّعابة‌»، و لمّا لم‌ يجدوا فيه‌ مغمزاً و لا مطعناً تعلّقوا بها واعتمدوا في‌ التنفير عنه‌ عليها (و قالوا.... لانّ عليّاً يمزح‌ فهو لا يصلح‌ للخلافة‌). وتلك‌ شكاةٌ ظاهرٌ عنك‌ عارُها و هذا من‌ عجائبه‌ و غرائبه‌ اللطيفة‌.

 و منها: أنّ الغالب‌ علی شرفاء الناس‌ و من‌ هو من‌ أهل‌ بيت‌ السيادة‌ والرئاسة‌ أن‌ يكون‌ ذاكِبرٍ وتيهٍ و تعظّم‌ و تغطرُس‌، خصوصاً إذا أُضيف‌ إلی‌ شرفه‌ من‌ جهة‌ النسب‌ شرفه‌ من‌ جهات‌ أُخري‌. و كان‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌السلام‌ في‌ مُصاص‌ الشرف‌ و معدنه‌ و معانيه‌، لايشكّ عدوٌّ و لا صديق‌ أنّه‌ أشرف‌ خلق‌ الله‌ نسباً بعد ابن‌ عمّه‌ صلوات‌ الله‌ عليه‌. و قد حصل‌ له‌ هذا الشرف‌ ـ غير شرف‌ النسب‌ ـ من‌ جهات‌ كثيرة‌ متعدّدة‌، قد ذكرنا بعضها ومع‌ ذلك‌ فكان‌ أشدّ الناس‌ تواضعاً لصغير و كبير، و إلینهم‌ عريكة‌ وأسمحهم‌ خلقاً، و أبعدهم‌ عن‌ الكِبر، و أعرفهم‌ بحقّ.

 و كانت‌ حاله‌ هذه‌ في‌ كلا زمانيه‌: زمان‌ خلافته‌، و الزمان‌ الذي‌ قبله‌. لم‌ تغيّره‌ ا لإمرة‌ و لا أحالت‌ خُلُقَه‌ الرئاسة‌. و كيف‌ تحيل‌ الرئاسة‌ خُلُقَه‌ ومازال‌ رئيساً! و كيف‌ تغيّر ا لإمرة‌ سجيّته‌ و ما برح‌ أميراً! لم‌ يستفد بالخلافة‌ شرفاً، و لا اكتسب‌ بها زينة‌، بل‌ هو كما قال‌ أبوعبد الله‌ أحمد بن‌ حنبل‌.

 ذكر ذلك‌ الشيخ‌ أبوالفرج‌ عبدالرحمن‌ بن‌ عليّ بن‌ الجَوزيّ في‌ تاريخه‌ المعروف‌ «بالمنتظم‌»: تذاكروا عند أحمد بن‌ حنبل‌ خلافة‌ أبي‌ بكر و عليّ، و قالوا فأكثروا، فرفع‌ رأسه‌ إلیهم‌، و قال‌: قد أكثرتم‌! إِنَّ عَلِيّاً لَمْ تَزِنْهُ الْخِلافَةُ؛ وَلَكِنَّهُ زَانَها. و هذا الكلام‌ دالٌّ بفحواه‌ و مفهومه‌ علی أنّ غيره‌ ازدان‌ بالخلافة‌ و تمّمت‌ نقيصته‌، و أنّ عليّاً عليه‌ السلام‌ لم‌ يكن‌ فيه‌ نقص‌ يحتاج‌ إلی‌ أن‌ يتمّم‌ بالخلافة‌؛ و كانت‌ الخلافة‌ ذات‌ نقص‌ في‌ نفسها فتمّ نقصها بولايته‌ إيّاها.

 و منها: أنّ الغالب‌ علی ذوي‌ الشجاعة‌ و قتل‌ الانفس‌ و إراقة‌ الدماء أن‌ يكونوا قليلي‌ الصفح‌، بعيدي‌ العفو، لانّ أكبادهم‌ و اغرة‌، و قلوبهم‌ ملتهبة‌، و القوّة‌ الغضبيّة‌ عندهم‌ شديدة‌، و قد علمتَ حالَ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ كثرة‌ إراقة‌ الدم‌ و ما عنده‌ من‌ الحلم‌ و الصفح‌، و مغالبة‌ هوي‌ النفس‌، و قد رأيتَ فعله‌ يوم‌ الجمل‌. [18]

 و لقد أحسن‌ «مهيار» في‌ قوله‌:

 حَتّي‌ إِذا دَارَت‌ رَحَي‌ بَغْيِهِمْ                         عَلَيْهِم‌ وَ سَبَقَ السَّيْفُ العَذَلْ

 عَاذُوا بِعَفوِ ماجِدٍ مُعَوَّدٍ                               لِلْعَفْوِ حَمَّالٍ لَهُم‌ علی العِلَلْ

 فَنَجَّتِ البُقْيَا عَلَيْهِم‌ مَن‌ نَجَا                       وَ أَكَلَ الحَديدُ مِنْهُمْ مَنْ أَكَلْ

 أَطَّتْ بِهِمْ أَرْحَامُهُمْ فَلَمْ يُطِعْ                       ثائرَةُ الْغَيْظِ وَ لَمْ يَشْفِ الغُلَلْ

 و منها: أنّا ما رأينا شجاعاً كان‌ جواداً و سخيّاً قطّ. كان‌ عبد الله‌ بن‌ الزبير شجاعاً و كان‌ أبخل‌ الناس‌. و كان‌ الزبير أبوه‌ شجاعاً و كان‌ شحيحاً قال‌ له‌ عمر: لو وُلِّيتها، لظلتَ تُلاطِمُ الناس‌ في‌ البطحاء علی الصاع‌ و المُدّ. وأراد عليّ عليه‌ السلام‌ أن‌ يحجُر علی ابن‌ اخيه‌ عبد الله‌ بن‌ جعفر لتبذيره‌ المال‌، فاحتال‌ لنفسه‌، فشارك‌ الزبير في‌ أمواله‌ و تجاراته‌؛ فقال‌ عليه‌السلام‌: أما إنـّه‌ قد لاذ بملاذ، و لم‌ يحجُر عليه‌. و كان‌ طلحة‌ شجاعاً وكان‌ شحيحاً، أمسك‌ عن‌ ا لإنفاق‌ حتّي‌ خلّف‌ من‌ الاموال‌ مالايأتي‌ عليه‌ الحصر. و كان‌ عبدالملك‌ شجاعاً و كان‌ شحيحاً، يُضرَب‌ به‌ المثل‌ في‌ الشحّ، و سمّي‌: رَشْحُ الحُجْر، لبخله‌.

 الرجوع الي الفهرس

جلّ معناك‌ أن‌ يحيط‌ بك‌ الشعر!

 و قد علمتَ حالَ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌الشجاعة‌ و السخاء، كيف‌ هي‌! و هذا من‌ أعاجيبه‌ أيضاً عليه‌ السلام‌.[19] وقد ذكر هذا المعني‌ الاديب‌ الشاعر الشيخ‌ صفّي‌ الدّين‌ عبد العزيز بن‌ سِرايا الحلّيّ، فقال‌:

 جُمِعَتْ فِي‌ صِفَاتِكَ الاضدادُ             فَلِهـذا عَزَّتْ لَكَ الاندادُ

 زَاهِدٌ حَاكِمٌ حَلِيمٌ شُجَاعٌ                فَاتِكٌ نَاسِكٌ فَقيرٌ جَوادُ

 شِيمٌ ماجُمِعنَ فِي‌ بِشَرٍقَطْ             وَ لاَ حازَ مِثْلَهُنَّ الْعِبادُ

 خُلُقٌ يُخجِلُ النَّسِيمَ مِن‌ اللُّطْفِ                  وَبَأسٌ يَذُوبُ مِنْهُ الجَمادُ

 ظَهَرَتْ مِنَكَ فِي‌ الوَريَ مَكرُمَاتٌ                    فَأقَرَّتُ بِفَضْلِكَ الحُسَّادُ

 إن‌ يُكَّذِبُ بِهَا عَداكَ فَقَدْ                  كَذَّبَ مِن‌ قَبْلُ قَوْمُ لُوطٍ وَ عادُ

 جَلَّ مَعْناكَ أَن‌ يُحيطَ بِهِ الشِّعْرُ                     وَ يُحصِي‌ صِفَاتِكَ النُّقَّادُ [20]

 يقول‌ القاضي‌ نور الله‌ الشوشتريّ بعد نقل‌ هذه‌ الابيات‌: إنّ جمع‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ للصفات‌ المتضادّة‌ هو علی أساس‌ التشبّه‌ بالله‌ تعإلی‌ في‌ سعة‌ الكمال‌ و إحاطته‌ التي‌ هي‌ غير منحصرة‌ بطرف‌ من‌ الاضداد وغير مقيّدة‌ بجانب‌ من‌ الجوانب‌، بل‌ هي‌ مقتضي‌ تلاحم‌ الاطراف‌ وجامعيّة‌ الاضداد، لانّ المقرّر عند أهل‌ التحقيق‌ هو أنّ كمال‌ كلّ صفة‌ يتّضح‌ عندما تكون‌ تلك‌ الصفة‌ متلاحمة‌ و متشابكة‌ مع‌ ضدّها، كما يلاحظ‌ ذلك‌ في‌ عقد فرائد الاسماء الحسني‌: «و هُوَ الاْوَّلُ وَ الاْخِرُ وَالظَّـ'هِرُ وَالْبَاطِنُ».

 إذَن‌، يمكن‌ وصف‌ الله‌ تعإلی‌ و المتشبّهين‌ به‌ في‌ صفات‌ الكمال‌ بالصفات‌ المتقابلة‌ لاعتبارات‌ متنوّعة‌، و لاينحصر في‌ واحدة‌ منها.

 و نعم‌ ما قال‌ الشاعر الفارسيّ في‌ هذا المجال‌:

 اسير نَفْس‌ نشد يك‌ نَفَس‌ عليّ وليّ                       نشد اسير كه‌ بر مؤمنين‌ امير آمد

 اسير نفس‌ كجا و امير خلق‌ كجا                 كه‌ سربلند نشد آن‌ كه‌ سر به‌ زير آمد

 علی نخورد غذائي‌ كه‌ سير برخيزد              مگر كه‌ سير خورد آن‌ كه‌ نيم‌ سير آمد

 علی ستم‌ نكشيد و حقير ظلم‌ نشد                       نشد حقير كه‌ دشمن‌ برش‌ حقير آمد

 علی نداد به‌ باطل‌ حقي‌ ز بيت‌المال‌                        كه‌ بر حساب‌ و كتاب‌ خدا خبير آمد

 درود باد بر آن‌ ملّتي‌ كه‌ رهبر وي                 ‌ چنين‌ بلند مقام‌ و چنين‌ خطير آمد[21]

 الرجوع الي الفهرس

 الدرس‌ السابع‌ عشر:

 نقد نظريّة‌ «عصمة‌ اجتماع‌ أهل‌ الحلّ و العقد»

 

 بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

و صلَّي‌ اللَهُ علی محمّد و آله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العليّ العظيم‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 يَـ ' ´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُوا اللَهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي‌ الاْمْرِ مِنكُمْ فَإِن‌ تَنَـ'زَعْتُمْ فِي‌ شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلی‌ اللَهِ و الرَّسُولِ إِن‌ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَهِ وَ إلیوْمِ الاْخِرِ ذَ ' لِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً. [22]

 يقول‌ الزمخشريّ: [23] إنّ المراد من‌ أُولي‌ الامر إمّا علماء الاُمّة‌ أو الخلفاء الراشدون‌ وَ مَن‌ تَبِعَهُمْ بِإحسان‌، أو أُمراء السرايا. و سار السيوطيّ [24]علی نفس‌ النهج‌ فأورد روايات‌ كثيرة‌ في‌ تفسيره‌. و كذلك‌ فعل‌ عدد كبير من‌ مفسّري‌ العامّة‌ فحذوا حذو صاحبيهما، و استدلّوا أوّلاً بقصّة‌ نزاع‌ عمّاربن‌ ياسر مع‌ خالدبن‌ الوليد، و هي‌ كمايلي‌:

 بعث‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ خالدبن‌ الوليد في‌ سريّة‌ و فيها عمّار بن‌ ياسر. فسار الجيش‌ وأقبل‌ القوم‌ الذين‌ يريدون‌، فلمّا بلغوا قريباً منهم‌ عرسوا و لان‌ الوقت‌ كان‌ ليلاً فقد صمّم‌ خالد أن‌ يهاجمهم‌ في‌ إلیوم‌ التإلی‌. و أتاهم‌ ذوالعبينتين‌ فأخبرهم‌، فأصبحوا قد هربوا غير رجل‌ أمر أهله‌ فجمعوا متاعهم‌، ثمّ أقبل‌ يمشي‌ في‌ ظلمة‌ الليل‌ حتّي‌ أتي‌ عسكر خالد يسأل‌ عن‌ عمّار بن‌ ياسر، فأتاه‌، فقال‌: يا أبَا إلیقظَان‌! إنّي‌ قد أسلمتُ وشهدتُ أن‌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَه‌ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، و أنّ قومي‌ لمّا سمعوا بكم‌ هربوا، و إنّي‌ بقيتُ، فهل‌ إسلامي‌ نافعي‌ غداً؟ و إلاّ هربتُ. فقال‌ عمّار: بل‌ هو ينفعك‌ فأقِم‌. فأقام‌، فلمّا أصبحوا، أغار خالد، فلم‌ يجد أحداً غير الرجل‌، فأخذه‌، و أخذ ماله‌، فبلغ‌ عمّاراً الخبر، فأتي‌ خالداً فقال‌: خَلِّ عن‌ الرجل‌ فإنّه‌ قد أسلم‌ و هو في‌ أمان‌ مِنّي‌. قال‌ خالد: و فيم‌ أنت‌ تجير؟ فاستبّا و ارتفعا إلی‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ فأجاز أمان‌ عمّار، و نهاهُ أن‌ يجير الثانية‌ علی أمير. فاستبّا عند النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ و سلّم‌ فقال‌ خالد: يا رسول‌ الله‌ أتترك‌ هذا العبد الاجْدَع‌ يشتمني‌؟ فقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌: يا خالد! لا تسبّ عمّاراً، فإنّه‌ مَن‌ سبّ عمّاراً، سبّه‌ الله‌. و من‌ أبغض‌ عمّاراً، أبغضه‌ الله‌. و من‌ لعن‌ عمّاراً، لعنه‌ الله‌. فغضب‌ عمّار، فقام‌، فتبعه‌ خالد حتي‌ أخذ بثوبه‌، فاعتذر إلیه‌، فرضي‌، فأنزل‌ الله‌ الآية‌.[25]

 و يروون‌ عن‌ أبي‌ هريرة‌ قوله‌: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَطَاعَنِي‌، فَقَدْ أَطَاعَ اللَهَ، وَ مَنْ أَطَاعَ أَميري‌، فَقَدْ أَطَاعَني‌ وَ مَن‌ عَصَانِي‌، فَقَدْ عَصَي‌ اللَهَ. وَ مَنْ عَصَي‌ أَمِيرِي‌، فَقَدْ عَصَاني‌. [26] و ينقلون‌ روايات‌ أُخري‌ أيضاً تفيد أنّ المقصود من‌ أُولي‌ الامر هم‌ الحكّام‌ حتّي‌ لو كانوا جائرين‌ ظالمين‌.

 نقول‌: كما استدللنا سابقاً، فإنّ القصد من‌ أُولي‌ الامر هم‌ المعصومون‌ بلاريب‌. و إلاّ فإنّ لازمه‌ هو اجتماع‌ الامر و النهي‌ في‌ موضوع‌ واحد و من‌ جهة‌ واحدة‌. و هذا خلاف‌ منطق‌ العقل‌، و يستلزم‌ المحال‌. و قد اعترف‌ الفخر الرازيّ بهذا المعني‌ في‌ تفسيره‌.

 و أمّا رواية‌ خالد و عمّار، فممّا لاشكّ فيه‌ هو أنّ النبيّ لم‌ ينه‌ عمّاراً عن‌ أمان‌ أحد، فهذه‌ الجملة‌ دخيلة‌ علی الرواية‌. و لعلّ الراوي‌ أضافها متعمداً ليمكنه‌ تطبيق‌ آية‌ أُولي‌ الامر علی أُمراء السرايا بوصفهم‌ يحملون‌ هذا العنوان‌، فتجب‌ حينئذٍ إطاعتهم‌. إنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ وسلّم‌ يحترم‌ أمان‌ كلّ مسلم‌، حتّي‌ لوكان‌ أدني‌ المسلمين‌، فكيف‌ بعمّار خصوصاً و قد كان‌ الامان‌  لإنسان‌ أسلم‌ و أقرّ بالشهادتين‌.

 قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فِي‌ خُطبَةٍ خَطَبَها فِي‌ مَسْجِدِ الخَيْفِ: بِسمِ اللَهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ. نَضَّرَ اللَهُ عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي‌ فَوَعَاها، وَ بَلَّغَها إلی‌ مَن‌ لَمْ يَبْلُغْهُ. يَا أَيُّهَاالنَّاس‌! لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ حامِلِ فِقْهٍ لَيسَ بِفَقِيهٍ، وَ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلی‌ مَن‌ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ. ثَلاَثٌ لاَ يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِي‌ءٍ مُسْلِمٍ: إِخْلاَصُ العَمَلِ لِلَهِ. وَالنَّصِيحَةُ لاِئِمَّةِ المُسْلِمينَ. واللُّزُومُ لِجَمَاعَتِهِمْ. فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِن‌ وَرآئِهِمْ. الْمُؤمِنُونَ إِخْوَةٌ تَتَكافَأُ دِمَآؤُهُمْ وَ هُمْ يَدٌ علی مَنْ سِواهُمْ، يَسْعَي‌ بِذِمَّتِهِمْ أَدنَاهُمْ. [27]

 و مضافاً إلی‌ ذلك‌، فإنّ ا لإمعان‌ في‌ نصّ القصّة‌ المنقولة‌ عن‌ خالد وعمّار تبيّن‌ لنا أنّ خالداً كان‌ عاصياً مذنباً. و لو كان‌ عمّار كذلك‌، فلِمَ أثني‌ عليه‌ رسول‌ الله‌ كلّ ذلك‌ الثناء، و اعتذر منه‌ خالد؟!

 و أمّا الحديث‌ القائل‌: مَن‌ أَطَاعَ أَمِيرِي‌ فَقَدْ أَطَاعَ اللَهَ، لو سلّمنا به‌ فرضاً، فما هي‌ علاقته‌ بآية‌ أُولي‌ الامر؟ فالحديث‌ في‌ محلّه‌، و أُولو الامر أُناس‌ معصومون‌ جُعِلَت‌ طاعتهم‌ في‌ حكم‌ طاعة‌ رسول‌ الله‌ مطلقاً.

 الرجوع الي الفهرس

 مغالطة‌ الفخر الرازيّ في‌ تفسير أُولي‌ الامر

 و قد التفت‌ الفخر الرازيّ إلی‌ عصمة‌ أُولي‌ الامر، بَيدَ أنّه‌ لم‌ يُرد أن‌
 يطبّقها علی الائمّة‌ المعصومين‌، فوقع‌ في‌ خلط‌ و اعوجاج‌. إنّه‌ يقول‌: «في‌ الآية‌ دلالة‌ علی لزوم‌ متابعة‌ أُولي‌ الامر مطلقاً. و لمّا كنّا عاجزين‌ عن‌ معرفة‌ المعصوم‌، و لانّ المعصوم‌ لا وجود له‌ أو كنّا عاجزين‌ عن‌ الوصول‌ إلیه‌. فالمراد من‌ أُولي‌ الامر ـ إذَن‌ ـ هم‌ أهل‌ الحلّ و العقد من‌ كبار الاُمّة‌ العارفون‌ بالمسائل‌ و الاحكام‌. و لو اجتمعوا علی مسألة‌، فالنتيجة‌ المتّخذة‌ عن‌ اجتماعهم‌ منزّهة‌ من‌ كلّ عيب‌ قطعاً، و معصومة‌ بعصمة‌ إلهيّة‌. و لذلك‌ يمكن‌ أن‌ نستنتج‌ من‌ الآية‌ الاُصول‌ الاربعة‌ العامّة‌ في‌ الفقه‌. ففي‌ «أَطِيعُواْاللَهَ»، دلالة‌ علی حجّيّة‌ الكتاب‌، «وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ»، دلالة‌ علی حجّيّة‌ السنّة‌، «وَأُولِي‌ الاْمْرِ مِنْكُم‌ ْ»، دلالة‌ علی حجّيّة‌ ا لإجماع‌، و فَإِن‌ تَنَـ'زَعْتُمْ فِي‌ شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلی‌ اللَهِ وَالرَّسُولِ، دلالة‌ علی حجيّة‌ القياس‌؛ لانّ المراد من‌ التنازع‌ في‌ مسألة‌ ما، هو عدم‌ فهمه‌ من‌ الكتاب‌، و السنّة‌ وا لإجماع‌، هذه‌ المصادر التي‌ وجبت‌ متابعتها بنحو مطلق‌، و في‌ مثل‌ هذه‌ الحالة‌ فإنّ معني‌ الردّ إلی‌ الكتاب‌ و السنّة‌ هو نفسه‌ الحصول‌ علی حكم‌ تلك‌ المسألة‌ من‌ أشباهها ونظائرها.

 و هذا هو القياس‌. و لمّا حصرت‌ الآية‌ الحجّيّة‌ في‌ هذه‌ المواضيع‌ الاربعة‌، فإنّ الاستحسان‌ الذي‌ قال‌ به‌ أبو حنيفة‌، و الاستصواب‌ الذي‌ قال‌ به‌ مالك‌، إذا كان‌ معناهما القياس‌، فخير علی خير. و إن‌ لم‌ يكونا كذلك‌ فالآية‌ أظهرت‌ بطلانهما». و لقد استدلّ الفخر الرازيّ علی هذه‌ المطالب‌ قائلاً.

 «لو قال‌ أحد بأنّ معني‌ أُولي‌ الامر إذا كان‌ إجماع‌ أهل‌ الحلّ و العقد فسيكون‌ مخالفاً للإجماع‌ المركّب‌ من‌ العلماء في‌ تفسير الآية‌، إذ إنّ التفاسير التي‌ وردت‌ لاُولي‌ الامر لاتعدو أربعة‌ أقسام‌:

 الاوّل‌: الخلفاء الراشدون‌.

 الثاني‌: أمراء السرايا.

 الثالث‌: العلماء.

 الرابع‌: و هو ما نقل‌ عن‌ الروافض‌ أنّ المراد بهم‌ هم‌ الائمّة‌ المعصومون‌.

 و نقول‌ في‌ الجواب‌: إنّ المراد من‌ أهل‌ الحلّ و العقد هم‌ علماء الاُمّة‌ العارفون‌ بالمسائل‌، العاملون‌ بالصلاح‌ و الفساد. و لمّا كان‌ اجتماعهم‌ اجماعهم‌ موجباً لتنزّه‌ رأيهم‌ عن‌ الخطأ وفقاً لقول‌ رسول‌ الله‌: لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي‌ علی خَطَاً. فهو ينطبق‌ علی القول‌ الثالث‌، بل‌ هو نفسه‌ وتصحيحه‌ بنحو أكمل‌». [28]

 الرجوع الي الفهرس

الإجابةعلی مغالطة‌ الفخر الرازيّ

 بَيدَ أنّنا عندما نلقي‌ نظرة‌ خاطفة‌ علی قوله‌ يتّضح‌ لنا جيّداً أنّه‌ قد غالط‌ في‌ استدلاله‌ و استنتاجه‌ مثل‌ هذه‌ النتيجة‌.

 أوّلاً: نقول‌ متسائلين‌ إذا افترضنا أنّ كلّ فرد من‌ أهل‌ الحلّ و العقد ليسوا معصومين‌، و يحتمل‌ صدور الخطأ عن‌ كلّ واحد منهم‌، فكيف‌ تكون‌ نتيجة‌ الآراء مصونة‌ و معصومة‌ من‌ الخطأ؟ و بكلمة‌ بديلة‌، مع‌ فرض‌ تعرّض‌ كلّ واحد منهم‌ للخطأ، فسوف‌ تكون‌ نتيجة‌ الآراء معرّضة‌ للخطأ أيضاً، بَيدَ أنّه‌ من‌ المؤكّد طبعاً أنّ الاجتماع‌ أقرب‌ إلی‌ الصواب‌ و أبعد عن‌ الخطأ غير أنّ هذا القرب‌ و البعد لا يبدّلان‌ احتمال‌ صدور الخطأ إلی‌ عصمة‌.

 و في‌ مثل‌ هذه‌ الحالة‌ فإنّ العصمة‌ الحاصلة‌ سوف‌ تتحقّق‌ بواسطة‌ أحد الاسباب‌ الثلاثة‌. الاوّل‌: أنّ جميع‌ أهل‌ الحلّ و العقد معصومون‌، ونتيجة‌ هذا الاجتماع‌ هي‌ العصمة‌ لامحالة‌، لكن‌ من‌ البديهيّ هو أنّه‌ منذ وفاة‌ رسول‌ الله‌ إلی‌ يومنا هذا، لم‌ يمرّ بهذه‌ الاُمّة‌ أنّ أهل‌ الحلّ و العقد كانوا كلّهم‌ معصومين‌. و الفخر الرازيّ نفسه‌ يعترف‌ بهذه‌ الحقيقة‌ ثمّ من‌ المحال‌ أن‌ يعلّق‌ الله‌ طاعته‌ علی أمر محال‌ و هو أُولوالامر الذين‌ ليس‌ لهم‌ واقع‌ خارجيّ.

 الثاني‌: أنّ أهل‌ الحلّ و العقد و إن‌ كان‌ آحادهم‌ غير معصومين‌ ويجوز عليهم‌ الخطأ. لكنّ مجموعهم‌ يوجب‌ العصمة‌. و هذه‌ الصفة‌ قائمة‌ بهيئتهم‌ الاجتماعيّة‌ لا بذوات‌ أفرادهم‌؛ و هذا خطأ أيضاً، لانّ العصمة‌ في‌ الرأي‌ من‌ الصفات‌ الواقعيّة‌ و الحقيقيّة‌. و اتّصاف‌ الهيئة‌ الاجتماعيّة‌ ليس‌ أكثر من‌ أن‌ يكون‌ عنواناً اعتبارياً، و من‌ المحال‌ عقلاً أن‌ تقوم‌ صفة‌ حقيقيّة‌ علی موضوع‌ اعتباريّ. فالصفات‌ الحقيقيّة‌ في‌ الخارج‌ تحتاج‌ إلی‌ موضوعات‌ واقعيّة‌، ولكن‌ الاعتباريّات‌ تابعة‌ لرأي‌ المعتبرين‌، فربّما حملوا الامر الاعتباريّ علی الصفات‌ الحقيقيّة‌، و ربّما حملوه‌ علی الصفات‌ ا لإعتباريّة‌. و لمّا ظهر أنّ اتّصاف‌ الهيئة‌ الاجتماعيّة‌ أمر اعتباريّ ليس‌ له‌ مصداق‌ خارجيّ، فإنّ الواقعيّة‌ و مصداقها الخارجيّ هي‌ ذوات‌ الافراد. و لو ترتّبت‌ صفة‌ العصمة‌ علی الذوات‌. فسوف‌ تلزم‌ المحإلیة‌ الاُولي‌ نفسها؛ إذ كيف‌ يتمخّض‌ جواز الخطأ علی آحاد الافراد عن‌ العصمة‌ من‌ الخطأ؟ و لو ترتّبت‌ هذه‌ الصفة‌ علی الهيئة‌ الاجتماعيّة‌، للزم‌ أن‌ يكون‌ الامر الاعتباريّ مقوّماً للامر الحقيقيّ الخارجيّ. و هذا محال‌ عقليّ أيضاً.

 الثالث‌: أن‌ نقول‌ بأنّ صفة‌ العصمة‌ ليست‌ و صفاً للافراد بما هم‌ أفراد و لا قائمة‌ بوصف‌ الهيئة‌ الاجتماعيّة‌. بل‌ إنّ سنّة‌ الله‌ اقتضت‌ أن‌ يصون‌ النتيجة‌ الحاصلة‌ من‌ آراء أهل‌ الحلّ و العقد من‌ الخطأ كما أنّ الخبر المتواتر كذلك‌.

 و يجوز الخطأ في‌ خبر كلّ واحد من‌ آحاد المخبرين‌، أمّا الخبر المتواتر فقد سقّط‌ هذا الجواز، و لذا يكون‌ الخبر المتواتر معصوماً من‌ الخطأ و يفيد إلیقين‌.

 و بعبارة‌ أوضح‌ فكما يحتمل‌ الخطأ في‌ الخبر الواحد، و أنّ هذا الاحتمال‌ يضعف‌ تدريجاً بسبب‌ كثرة‌ الاخبار إلی‌ أن‌ يبلغ‌ درجة‌ لو يزداد معها عدد المخبرين‌، و يزول‌ ذلك‌ الاحتمال‌ تماماً، و ينقطع‌ ذاك‌ الاحتمال‌ بالخبر المفيد لليقين‌، كذلك‌ كلّ رأي‌ من‌ آراء أهل‌ الحلّ و العقد، فإنّه‌ يحتمل‌ الخطأ و الفساد. و كلّما ازداد عددهم‌، ضعف‌ ذلك‌ الاحتمال‌ إلی‌ أن‌ يزول‌ تماماً، و يتّصف‌ كلّ رأي‌ بصفة‌ العصمة‌. و علی هذا الاساس‌ قال‌ رسول‌ الله‌: لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي‌ علی خَطَاً.

 و هذا الاحتمال‌ ليس‌ في‌ محلّه‌ أيضاً، و ذلك‌:

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌ «لا تجتمع‌ أُمّتي‌ علی خطأ» مرفوضة‌ كلاّ

 أوّلاً: أنّ هذه‌ الرواية‌، علی فرض‌ صحّة‌ سندها، تنفي‌ اجتماع‌ الاُمّة‌ علی خطأ. و لا تنفي‌ اجتماع‌ أهل‌ الحلّ و العقد منهم‌ علی خطأ. و في‌ أيّ آية‌ أو رواية‌ أو كتاب‌ لغة‌ فسّرت‌ الاُمّة‌ بأهل‌ الحلّ و العقد؟

 ثانياً: أنّها تنفي‌ اجتماع‌ الاُمّة‌ علی خطأ، و لا تنفي‌ الخطأ عن‌ اجتماع‌ الاُمّة‌، و بينهما فرق‌ كبير. ففي‌ الحالة‌ الاولي‌ تفيد الرواية‌: أنّ الاُمّة‌ كلّها لاتتّفق‌ علی أمر، و هو خطأ.

 و هذا الرأي‌ هو عقيدة‌ الشيعة‌ من‌ أنّ الإمام‌ المعصوم‌ موجود في‌ كافّة‌ العصور و لاتخلو الارض‌ من‌ حجّة‌ أبداً. لذلك‌، لو أجتمعت‌ الاُمّة‌ كلّها علی أمر، فلابدّ أن‌ يكون‌ بينهم‌ شخص‌ معصوم‌. و هذا ما ينسجم‌ مع‌ نظريّة‌ المعصوم‌، وَ هُوَ الْحُجَّة‌.

 و أمّا علی الفرض‌ الثاني‌ فإنّ المعني‌ هو أنّه‌ لاخطأ في‌ اجتماعهم‌. وهذا غير صحيح‌؛ لانّ الخطأ يمكن‌ أن‌ يكون‌ موجوداً في‌ اجتماعهم‌ بنحو الموجبة‌ الجزئيّة‌،و لمّا كان‌ المعصوم‌ موجوداً بينهم‌، فالقول‌ الصائب‌ موجود بينهم‌ أيضاً. فيوافق‌ هذا مادلّ من‌ الآيات‌ و الروايات‌ علی أن‌ الارض‌ لاتخلو من‌ دين‌ الحقّ، و من‌ المعصوم‌، كما في‌ قوله‌ تعإلی‌: «فَإِن‌ يَكْفُرْ بِهَا هَـ'´ؤُلآءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُوا بِهَابِكَـ'فِرِينَ».[29]

 و كذلك‌ قوله‌: «وَ جَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي‌ عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون‌». [30]

 و قوله‌: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ و لَحَـ'فِظُونَ». [31]

 و قوله‌: «وَ إِنَّهُ و لَكِتَـ'بٌ عَزيزٌ * لاَّ يَأْتِيهِ الْبَـ'طِلُ مِن‌ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاَ مِنْ خَلْفِهِ».[32]

 و لا يختصُّ هذا المعني‌ بأُمّة‌ سيّد المرسلين‌، فالروايات‌ المتواترة‌ عن‌ الفريقين‌ تدلّ علی افتراق‌ إلیهود إلی‌ إحدي‌ و سبعين‌ فرقة‌ كلّهم‌ هالك‌ إلاّ فرقة‌ واحدة‌. و كذلك‌ افتراق‌ النصاري‌ إلی‌ اثنين‌ و سبعين‌ فرقة‌ كلّهم‌ هالك‌ إلاّ واحدة‌. و أيضاً افتراق‌ المسلمين‌ إلی‌ ثلاث‌ و سبعين‌ فرقة‌ كلّهم‌ هالك‌ إلاّ واحدة‌. بصورة‌ عامّة‌، فالرواية‌ «لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي‌ علی خَطَاً» علی فرض‌ صحّة‌ سندها، فهي‌ خارجة‌ عن‌ محلّ الكلام‌. و محلّ الكلام‌ هو عصمة‌ أهل‌ الحلّ و العقد. و لو كان‌ ذلك‌ هو المراد بقوله‌: «وَ أُوِلِي‌ الاْمْرِ مِنْكُمْ»، فما هو العامل‌ الموجب‌ لعصمتهم‌؟

 و بالتأملّ، يمكن‌ القول‌ إنـّه‌ لا يخرج‌ عن‌ ثلاث‌ جهات‌:

 الاُولي‌: أن‌ نقول‌ بأنّ سنّة‌ الله‌ اقتضت‌ أن‌ يصون‌ رأي‌ أهل‌ الحلّ والعقد من‌ الخطأ، مع‌ أنّ رأي‌ كلّ واحد منهم‌ يحتمل‌ الفساد و الخطأ. فالواضح‌ أنّ الكلام‌ لاينتهي‌ عند هذا الحد؛ إذ إنّ وجود أهل‌ الحلّ و العقد لايختصّ بالممالك‌ الإسلاميّة‌، بل‌ هو قائم‌ في‌ كلّ منطقة‌، بل‌ في‌ كلّ مدينة‌ وقرية‌ منذ عهد سحيق‌. حيث‌ كان‌ الكبار و الوجهاء في‌ كلّ منطقة‌ يتبادلون‌ الآراء في‌ شتي‌ الاُمور و الشؤون‌ و كم‌ لوحظ‌ أنّهم‌ بعد تبادل‌ الآراء قد أخطؤوا و وقعوا في‌ خطر. و التاريخ‌ و التجربة‌ شاهدان‌ صادقان‌ علی ذلك‌. إذَن‌، كيف‌ يمكن‌ أن‌ نعتبر عصمة‌ أهل‌ الحلّ و العقد سنّة‌ إلهيّة‌ ثابتة‌ لا تتغيّر؟

 الثانية‌: أن‌ نقول‌ بأنّ سنّة‌ الله‌ تختصّ بالمسلمين‌ في‌ هذا المجال‌ فالله‌ مَنَّ علی الاُمّة‌ المرحومة‌ بأن‌ جعل‌ آراء أهل‌ الحلّ و العقد فيها مصونة‌ عن‌ الخطأ و الفساد.

 و هذا غير صحيح‌ أيضاً، لانّ هذه‌ الميزة‌ لوكانت‌ للمسلمين‌ دون‌ غيرهم‌ من‌ سائر الاُمم‌، فهي‌ معجزة‌ باهرة‌ و أمر خارق‌ للعادة‌. و هذا موضوع‌ يخالف‌ النظام‌ التكوينيّ، إذ نتصوّر أنّ الله‌ يخلق‌ نتيجة‌ معصومة‌ من‌ آراء معرّضة‌ للخطأ، لتكون‌ تلك‌ النتيجة‌ مفيدة‌ دائماً لحفظ‌ الاُمّة‌ المرحومة‌ و بقاء حياتها، و لتقع‌ هذه‌ النتيجة‌ من‌ الحياة‌ العمليّة‌ للاُمّة‌ موقع‌ القرآن‌ الذي‌ يمثّل‌ حياتها العلميّة‌. و لو كانت‌ كذلك‌، لذكرها رسول‌ الله‌ في‌ عِداد المعجزات‌، و عيّن‌ حدودها و ثغورها، و هل‌ بيّن‌ اجتماع‌ أهل‌ الحلّ والعقد الذي‌ يتمخّض‌ عن‌ مثل‌ تلك‌ النتيجة‌، و هي‌ العصمة‌، فبأيّ صورة‌ وكيفيّة‌ تتحقّق‌ فيها، و من‌ هم‌ أعضاء الحلّ و العقد؟ و ما هو النصاب‌ الذي‌ يتحقّق‌ فيه‌ اجتماعهم‌؟ و ما هي‌ الظروف‌ التي‌ ينعقد فيها الاجتماع‌؟ و هل‌ تكفي‌ هيئة‌ واحدة‌ منهم‌ لجميع‌ الاُمة‌ الإسلاميّة‌؟ أو لابدّ لكلّ منطقة‌ هيئتها الخاصّة‌ بها؟ فلو كان‌ ذلك‌ الموضوع‌ وارداً، لتحدّي‌ به‌ القرآن‌، و بيّن‌ رسول‌ الله‌ خصوصيّاته‌ لاصحابه‌، و تناقلته‌ كتب‌ التاريخ‌ و الاخبار. و لكان‌ من‌ اللازم‌ أيضاً أن‌ يهتمّ به‌ الصحابة‌ و يَسألوا رسول‌ الله‌ عن‌ خصوصيّاته‌. وقد سألوا عن‌ أشياء لا قدر لها بالنسبة‌ إلی‌ هذه‌ المهمّة‌، كالجبال‌ والحيض‌، والاهلّة‌، والانفال‌، و ماذا ينفقون‌. و قد صرّح‌ القرآن‌ بذلك‌ من‌ خلال‌ الآيات‌ التإلیة‌: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الاْهِلَّةِ[33]، وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الاْنْفَالِ [34]، وَ يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ [35]، وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ[36]، وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ [37]، وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي‌ الْقَرْنَيْنِ.[38]

 فلم‌ يرد أيّ كلام‌ حول‌ هذا الموضوع‌ المهمّ الملازم‌ لحياة‌ المسلمين‌ العمليّة‌ مادامت‌ السماوات‌ و الارض‌. و المقطوع‌ لايمكن‌ القول‌ بأنّهم‌ سألوا عن‌ خصوصيّات‌ مجلس‌ أهل‌ الحلّ و العقد إلاّ أنّ الجواب‌ ككثير من‌ الاشياء التي‌ كان‌ لآراء المخالفين‌ تأثير عليها فحذفوها، و لذلك‌ لم‌ تصلنا لاسيما وأنّ هذا المجلس‌ لم‌ يخالف‌ رأي‌ أغلبيّة‌ الاُمّة‌ التي‌ كانت‌ تنزع‌ إلی‌ هذا الاتجّاه‌، و لم‌ يكن‌ في‌ شروطه‌ ما يخالف‌ آرائهم‌، بل‌ إنّ أرباب‌ الحلّ والعقد كانوا من‌ الاشخاص‌ المنادين‌ بمثل‌ هذا التجمّع‌.

 الرجوع الي الفهرس

الصحابة‌ و التابعون‌ لم‌ يستدلّوا مطلقاً بإجماع‌ أهل‌ الحلّ و العقد

 مضافاً إلی‌ ذلك‌، كان‌ من‌ الواجب‌ أن‌ يحتجّ به‌ أصحاب‌ السقيفة‌ والمنتحلون‌ لخلافة‌ رسول‌ الله‌ في‌ مناقشاتهم‌ عندما استعرت‌ نار الفتن‌ والاحداث‌ بعد ارتحال‌ الرسول‌ الاعظم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌؛ ويشيّدوا زعمهم‌ علی أساس‌ هذه‌ المعجزة‌ العجيبة‌. فما بالهم‌ أعرضوا من‌ هذا الدليل‌ القويّ؟!

 إلی‌ الحدّ الذي‌ لم‌ ترد عنه‌ إشارة‌ واحدة‌ في‌ أيّ من‌ كتب‌ الحديث‌ أو التاريخ‌، لامن‌ الصحابة‌ ولامن‌ التابعين‌ إلی‌ أن‌ جاء الفخر الرازيّ بعد تصرّم‌ القرون‌ المتمادية‌ فوقف‌ علی هذه‌ المعجزة‌ الخارقة‌ للعادة‌، و اطّلع‌ هو و من‌ تبعه‌ علی هذا الامر العظيم‌ من‌ أجل‌ تصحيح‌ مجلس‌ أبي‌ بكر، وعمر، وأبي‌ عُبَيدة‌ في‌ السقيفة‌.

 حقّاً لولم‌ نعتبر ذلك‌ المجلس‌ نفسه‌، و ما تمخّض‌ عنه‌ من‌ رأي‌ معصوم‌ معجزةً، فمن‌ المقطوع‌ به‌ أنّ اطّلاع‌ الفخر الرازيّ علی ذلك‌ الامر المكتوم‌ بعد ستمائة‌ سنة‌ مرّت‌ علی حدوثه‌ سيكون‌ معجزة‌ لامحالة‌! مضافاً إلی‌ ذلك‌ فهو نفسه‌ يعترف‌ بأنّ المفسّرين‌ و أهل‌ الحديث‌ في‌ جميع‌ العالم‌ الإسلاميّ يحصرون‌ أُولي‌ الامر في‌ أربعة‌ هم‌: الخلفاء الراشدون‌، و أُمراء السرايا، و العلماء، و الائمّة‌ المعصومون‌. و أنّ مجلس‌ أهل‌ الحلّ و العقد الذي‌ هو مخالف‌ ل لإجماع‌ المركّب‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ أحد الاربعة‌ بتصحيح‌ آراء العلماء. و هكذا يُمنَع‌ من‌ خرق‌ ا لإجماع‌. مع‌ أنّ السيوطيّ ذكر في‌ «الدرّ المنثور» [39] روايات‌ عن‌ بعض‌ المفسّرين‌ تتعلّق‌ بحجّيّة‌ قول‌ العلماء في‌ تفسير آية‌ أُولي‌ الامر. و لا يُشَمّ من‌ تلك‌ الروايات‌ أيّ رائحة‌ عن‌ مجلس‌ أهل‌ الحلّ و العقد. فهو يذكر أنّ مطلق‌ قول‌ أُولي‌ الامر حجّة‌ تجب‌ إطاعته‌ حسب‌ الآية‌. لذلك‌ فإنّ الفخر الرازي‌ نفسه‌، باعترافه‌ أنّ التفسير منحصر بأُولئك‌ الاربعة‌، أبطل‌ ماذهب‌ إلیه‌ من‌ أنّ المراد هو أهل‌ الحلّ و العقد، وضيّع‌ جهوده‌ في‌ تفسير هذه‌ الآية‌.

 الثالثة‌: أنّ نقول‌ بأنّ العصمة‌ المنبثقة‌ عن‌ أهل‌ الحلّ و العقد لاتعود إلی‌ عامل‌ خارق‌ للعادة‌ بل‌ تعود إلی‌ التربية‌ الصالحة‌ التي‌ تلقّتها الاُمّة‌ من‌ تعإلیم‌ القرآن‌، و سنّة‌ الرسول‌ الكريم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌. و لمّا جعل‌ القرآن‌ و النبي‌ّ العظيم‌ صرح‌ التربية‌ و التعليم‌ علی أساس‌ دقيق‌ ومنهج‌ صحيح‌، فالاشخاص‌ المتربّون‌ في‌ هذه‌ المدرسة‌ لايصدر عن‌ اجتماعهم‌ إلاّ الرأي‌ المنزّه‌ عن‌ الخطأ دائماً.

 و هذا الاحتمال‌ ناقص‌ و خاطي‌ أيضاً، لانـّه‌ لمّا كان‌ إدراك‌ جميع‌ الافراد هو مجموع‌ إدراكات‌ البعض‌ مع‌ البعض‌ الآخر. و أنّ احتمال‌ الخطأ ـ بالفرض‌ ـ سارٍ في‌ كلّ منها، فكيف‌ يتسنّي‌ لهذه‌ التربية‌ الصالحة‌ أن‌ تجعل‌ النتيجة‌ الخارقة‌ المتولّدة‌ معصومة‌ منزّهة‌؟ و منذ عصر صدر الإسلام‌ إلی‌ يومنا هذا، أيّ مجلس‌ أُقيم‌، و قدّم‌ فيه‌ أهل‌ الحلّ و العقد نتيجة‌ معصومة‌؟ و من‌ أين‌ ظهرت‌ تلك‌ المشاجرات‌ و المنازعات‌ القائمة‌ بين‌ المسلمين‌ منذ ارتحال‌ نبيّهم‌ حتي‌ إلیوم‌، و كذلك‌ تلك‌ الاباطيل‌ و المفاسد التي‌ جرّت‌ الاُمّة‌ إلی‌ حضيض‌ الظلمات‌؟ و ما أكثر تلك‌ الاجتماعات‌ التي‌ ظهرت‌ و كان‌ مثالها البارز اجتماع‌ السقيفة‌، و كذلك‌ المجالس‌ التي‌ عقدت‌ علی ذلك‌ الاساس‌ حتّي‌ إلیوم‌، و الجلسات‌ التي‌ أقامها أهل‌ الحلّ و العقد، و تبادلوا فيها الآراء، و خرجوا منها بنتائج‌ متنوّعة‌، بَيدَ أنّها في‌ نفس‌ الوقت‌ لم‌ تتقدّم‌ خطوة‌ واحدة‌ نحو صلاح‌ الاُمّة‌، بل‌ و بذرت‌ بذرة‌ الضلال‌ و الشقاء في‌ قلوب‌ أبنائها بديلة‌ عن‌ بذرة‌ السعادة‌ و الهداية‌.

 الرجوع الي الفهرس

 جرائم‌ الحكّام‌ المنصوبين‌ من‌ قبل‌ أهل‌ الحلّ و العقد

 إنّ النبوّة‌ الطاهرة‌ المقدّسة‌، و التعإلیم‌ القرآنيّة‌ المتوكّئة‌ علی الحياة‌
 المعنويّة‌، و الحياة‌ علی أساس‌ التوحيد و تعإلیم‌ الفطرة‌، والصدق‌، والنزاهة‌ وا لإيثار، وا لإنفاق‌، والعاطفة‌، و صلة‌ الرحم‌، و مساعدة‌ الناس‌ والاخذ بأيديهم‌ صوب‌ طريق‌ الصلاح‌. كلّ ذلك‌ قد استبدل‌ في‌ برهة‌ قصيرة‌ بإمبراطوريّة‌ كبيرة‌ أسّسها معاوية‌ في‌ الشام‌، قائمة‌ علی العدوان‌ والظلم‌ الفظيع‌ ضدّ الناس‌ المساكين‌ و الاُمّة‌ المغلوب‌ علی أمرها. و حلّت‌ الدكتاتوريّة‌ محلّ الحريّة‌ الإسلاميّة‌.

 وانقلبت‌ القوانين‌ ا لإلهيّة‌ تماماً، و عطّلت‌ حدود الله‌، و ماتت‌ الاحكام‌ و القوانين‌ القرآنيّة‌، و سلبت‌ أموال‌ الناس‌، و أُريقت‌ دماء الابرياء، و اندرست‌ نواميس‌ الإسلام‌. و أيّ جرائم‌ ارتكبت‌ في‌ العصرين‌: الامويّ و العبّاسيّ وما تلاهما من‌ عصور؟ و حقّاً لو أطلقنا علی حكومات‌ تلك‌ العصور اسم‌ الحكومات‌ الشيطانيّة‌ الجائرة‌ لكان‌ إلیق‌ بها من‌ أن‌ نسمّيها حكومات‌ إلهيّة‌، و كلّ تلك‌ الاحداث‌ انطلقت‌ من‌ اجتماع‌ أهل‌ الحلّ والعقد الذي‌ أنتج‌ هذه‌ المفاسد فحمّل‌ تلك‌ الاثقال‌ الغريبة‌ علی اكتاف‌ الناس‌ المساكين‌.

 كانت‌ حكومة‌ معاوية‌ بأمر عمر و إقراره‌، إذ نصبه‌ وإلیاً علی الشام‌ وسلّطه‌ علی أعراض‌ المسلمين‌ و أموالهم‌. و أطلق‌ له‌ العنان‌ ليتصرّف‌ في‌ بيت‌المال‌ كيف‌ يشاء. و أقرّ حكومته‌ ا لإمبراطوريّة‌ المبهرجة‌، و ثبّته‌ فيها. لقد كانت‌ حكومة‌ معاوية‌، و يزيد، و مروان‌، و عبد الملك‌ بأمر عمر و عمر هوالذي‌ فوّض‌ أمر الخلافة‌ إلی‌ الشوري‌ عندما عيّن‌ ستّة‌ من‌ أهل‌ الحلّ والعقد فيها. ثمّ سُلّط‌ عثمان‌ علی المسلمين‌ و أعراضهم‌ و أموالهم‌ ودمائهم‌ وفقاً لرأي‌ عبد الرحمن‌ بن‌ عوف‌. فضعضع‌ أركان‌ الإسلام‌. وتصرّف‌ في‌ بيت‌ المال‌ حسب‌ مشتهياته‌، و قسمّه‌ علی أقربائه‌، و ثبت‌ معاوية‌ في‌ الشام‌، و أصدر حكمه‌ إلی‌ و إلیه‌ في‌ مصر يأمره‌ بقتل‌ محمّد بن‌ أبي‌ بكر. فقتل‌ أخيراً بتلك‌ الصورة‌ البشعة‌ علی أثر تحرّك‌ المصريّين‌؛ وكانت‌ كلّ تلك‌ المفاسد التي‌ خلّفها ذلك‌ الوضع‌.

 واستلم‌ عمر مقإلید الاُمور بناءً علی رأي‌ أبي‌ بكر الذي‌ كان‌ يري‌ نفسه‌ فقط‌ أهل‌ الحلّ و العقد. و قام‌ عمر بإحراق‌ بيت‌ الصدّيقة‌ الطاهرة‌ بضعة‌ الرسول‌ و زوجة‌ أميرالمؤمنين‌، و اعتدي‌ علی مقام‌ الولاية‌ الكبري‌ عندما جرّ صاحبها بالسيف‌ المسلول‌ إلی‌ المسجد حاسر الرأس‌. طالباً منه‌ البيعة‌، منكراً إمام‌ جماعة‌ المسلمين‌ كافّة‌ فضائله‌ نحو الوصيّة‌، والخلافة‌ والوزارة‌، والولاية‌، وحتّي‌ الاُخوّة‌. [40] و كانت‌ جميع‌ تلك‌ المفاسد ناتجة‌ عن‌ يوم‌ السقيفة‌ الذي‌ وضع‌ لبنة‌ الاعوجاج‌، و غيّر مجري‌ الإسلام‌ عن‌ رافده‌ الطبيعيّ، و شوّه‌ وجه‌ التاريخ‌.

 الرجوع الي الفهرس

جرائم‌ و مظالم‌ أبي‌ بكر زمن‌ خلافته‌

 و سَلَبَ أبوبكر فدكاً من‌ الزهراء، و قتل‌ مالك‌ بن‌ نويرة‌ بواسطة‌ خالد ابن‌ الوليد. و امتنع‌ عن‌ تنفيذ حدّ الزنا، و القتل‌، والافتراء، و نهب‌ أموال‌ المسلمين‌ بحقّ خالد، و برّأ ساحته‌ من‌ كلّ تلك‌ الجرائم‌.[41] ففتح‌ لحكّام‌ الجور، و قضاة‌ السوء، وأُمراء الفسق‌ و الفجور باب‌ التبرئة‌ من‌ الذنب‌ منذ ذلك‌ الحين‌.

 والشي‌ء العجاب‌ هو أنّ بعض‌ الجهّال‌ ذكروا في‌ كتبهم‌ أنّ حكومة‌ أبي‌بكر و عمر كانت‌ حكومة‌ دينيّة‌ بسيطة‌ و إلهيّة‌. و ما خوفنا إلاّ من‌ هذه‌ الحكومة‌ البسيطة‌ التي‌ وقفت‌ متمرّدة‌ في‌ مقابل‌ أصل‌ الإسلام‌ و الولاية‌ الكبري‌، و غيّرت‌ مجري‌ حياة‌ المسلمين‌ من‌ خلال‌ التأويل‌ و التظاهر بالتفكير في‌ مصلحة‌ المسلمين‌. فينبغي‌ أن‌ نخشي‌ هذه‌ الحكومة‌ أكثر من‌ أن‌ نخشي‌ حكومة‌ عثمان‌ و معاوية‌ اللذين‌ تهتكا عَلَناً. و بتهتّكهما و صلافتهما كشفا للعالم‌ جرائمهما، و أبانا له‌ عن‌ انحرافاتهما. بَيدَ أنّ عمر و أبابكر فعلا مثل‌ ما فعل‌ عثمان‌ و معاوية‌ ولكن‌ بأُسلوب‌ آخر هو التذرّع‌ بالمحافظة‌ علی الإسلام‌ و التحمّس‌ لجماعة‌ المسلمين‌، و عدم‌ تفرقتهم‌. حقّاً إنـّهما وضعا أساس‌ الظلم‌. فقد سلب‌ أبوبكر فدكاً من‌ الزهراء بالبكاء، و قدّم‌ نفسه‌ للمسلمين‌ بوصفه‌ مُصلحاً حقيقيّاً محايداً تهمّه‌ مصلحتهم‌. و عندما ارتقي‌ المنبر ذات‌ يوم‌ ليخطب‌ فيهم‌ علی أنّه‌ خليفتهم‌، أعلن‌ عدم‌ رغبته‌ في‌ التصرّف‌ ببيت‌المال‌ لمصلحته‌ الخاصّة‌ و مصلحة‌ أهله‌ إلی‌ أن‌ أجبره‌ عمر علی ذلك‌. [42] فالخوف‌ الخوف‌ من‌ هذه‌ الاسإلیب‌ الماكرة‌ البرّاقة‌، و هذه‌ المرونة‌ الخادعة‌. و ينبغي‌ أن‌ نخاف‌ منها أكثر من‌ أن‌ نخاف‌ من‌ صلافة‌ عثمان‌ و معاوية‌ و وقاحتهما.

 أجل‌، فإنّ جميع‌ تلك‌ الامراض‌ الفاسدة‌ التي‌ اتّسع‌ فتقها علی مرور الايام‌ ناتجة‌ من‌ ذلك‌ الرأي‌ المعصوم‌ الذي‌ ترشّح‌ عن‌ السقيفة‌ كما يعتقد الفخر الرازيّ بذلك‌؛ فَمَرْحَباً بِهَذِهِ السَّقِيفَةِ وَ مَرْحَباً بِهَذِهِ العِصْمَةِ!!

 و لو كانت‌ تلك‌ البيعة‌ متمخّضة‌ عن‌ العصمة‌، فَلِمَ قال‌ أبوبكر: لاَ حَاجَةَ لِي‌ فِي‌ بَيْعَتِكُمْ أَقِيلُوني‌؟[43] و قد صرّح‌ الإمام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌السلام‌ بهذا المعني‌ أيضاً في‌ خطبته‌ الشقشقيّة‌ إذ قال‌: فَيا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَستَقِيلُهَا فِي‌ حَيَـ'وتِه‌ إِذ عَقَدَهَا لآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ.[44] ويُستشفّ من‌ كلامه‌ أنّ أبابكر كان‌ يقول‌: اتركوني‌ و أقيلوني‌ واختاروا عليّاً خليفة‌ مكاني‌. و إلاّ فلو كان‌ مجرّد طلب‌ الإقالة‌ دون‌ التصريح‌ بطلب‌ نصب‌ عليّ، فليس‌ فيه‌ ما يستدعي‌ العجب‌. و الشاهد علی المعني‌ قوله‌: أَقِيلونِي‌ وَ لَسْتُ بِخَيْرِكُمْ وَعَلِيٌّ فِيكُمْ. و هذا اللفظ‌ مقيّداً بعبارة‌ «و علی فِيكُم‌» موجود في‌ «التجريد»، و لم‌ يعترض‌ عليه‌ شارحه‌ القوشجيّ مع‌ أنّه‌ من‌ أهل‌ السنّة‌، بل‌ اعترف‌ بصدوره‌ عن‌ أبي‌بكر.

 و جاء في‌ كتاب‌ «إحقاق‌ الحق‌» للقاضي‌ نور الله‌ الشوشتريّ أنّ الفضل‌ بن‌ روزبهان‌، عند جوابه‌ المتعلّق‌ بأعمال‌ أبي‌ بكر الشنيعة‌ و حرق‌ دارالزهراء عليها السلام‌ يصرّح‌ بأنّ كلام‌ أبي‌ بكر: أَقِيلُونِي‌ فَلَستُ بِخَيْرِكُمْ وَ عَلِيٌّ فِيكُمْ» موجود في‌ صحاح‌ أهل‌ السنّة‌. واعترف‌ ابن‌ حجر في‌ «الصواعق‌ المحرقة‌»، ص‌ 30، بصدور كلام‌ الإقالة‌ عن‌ أبي‌ بكر. [45]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الا´يات‌ 63 الي‌ 68، 72 الي‌ 74، من‌ السورة‌ 25: الفرقان‌.

[2] ـ الا´ية‌ 165، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[3] ـ الا´ية‌ 74، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌.

[4] ـ الا´ية‌ 29، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌.

[5] ـ الا´ية‌ 45، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌.

[6] ـ الا´ية‌ 27، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.

[7] ـ الا´ية‌ 2، من‌ السورة‌ 0 1، يونس‌.

[8] ـ الا´ية‌ 4، من‌ السورة‌ 0 1، يونس‌.

[9] ـ الا´ية‌ 28، من‌ السورة‌ 13: الرعد.

[10] ـ الا´ية‌ 11، من‌ السورة‌ 58: المجادلة‌.

[11] ـ الا´ية‌ 8، من‌ السورة‌ 41: فصّلت‌.

[12] ـ الا´ية‌ 7، من‌ السورة‌ 98: البيّنة‌.

[13] ـ الا´ية‌ 8، من‌ السورة‌ 3 0 1: العصر.

[14] ـ الا´ية‌ 35، من‌ السورة‌ 22: الحج‌.

[15] ـ الا´ية‌ 54، من‌ السورة‌ 28: القصص‌.

[16] ـ الا´ية‌ 16، من‌ السورة‌ 32: السجدة‌

[17] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد ذات‌ الاربعة‌ مجلّدات‌ ج‌ 1، ص‌ 16.

[18] ـ عفا أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ عن‌ عائشة‌، و مع‌ الحقد الشديد الذي‌ كانت‌ تكنّه‌ في‌ قلبها ضدّه‌، فقد عفا عنها، قال‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌»: و أمّا فُلانة‌ ] عائشة‌ [ فأدركها رأي‌ النساء.إلخ‌] «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 283 تعليق‌ الشيخ‌ محمّد عبدة‌ [ و عفا عن‌ مروان‌ بن‌ الحكم‌ وصفح‌ عنه‌ أيضاً، مع‌ أنـّه‌ ذكر غدره‌ و مكره‌ عند عفوه‌ عنه‌، «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 123.

[19] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبن‌ الحديد ج‌ 1، ص‌ 16 و ص‌ 17.

[20] ـ «مجالس‌ المؤمنين‌» ص‌ 493؛ و «سفينة‌ البحار» ج‌ 1، ص‌ 437. كان‌ الشاعر الشيخ‌ صفي‌ الدين‌ تلميذاً للمحقّق‌ الحلّيّ، و صحبه‌ الشيخ‌ مجد الدين‌ الفيروزآباديّ الشافعيّ، الذي‌ كان‌ من‌ أكابر المحدّثين‌، و من‌ المتأخّرين‌.

[21] ـ ترجمة‌ الابيات‌: «لم‌ يَعِش‌ وليّ الله‌ عليّ بن‌ أبي‌ طالب‌ أسير نفسه‌ لحظة‌ واحدة‌؛ فهو متحرّر منها لانـّه‌ أميرالمؤمنين‌.

 أين‌ أسير النفس‌ من‌ أمير الخلق‌؛ و كيف‌ يصبح‌ الذليل‌ عزيزاً.

 لم‌ يقم‌ عليّ من‌ طعامه‌ متخما؛ فالمنهوم‌ فقط‌ هوالذي‌ يقوم‌ من‌ طعامه‌ متخماً

 ولم‌ يتحمّل‌ ظلماً ولم‌ يستسلم‌ في‌مقابل‌ الظلم‌؛ لم‌ يستسلم‌ فصغرالعدوّ في‌ عينيه‌.

 و لم‌ يعط‌ من‌ بيت‌ المال‌ حقّاً لاحد؛ باطلاً لانـّه‌ كان‌ يعرف‌ كتاب‌ الله‌ والحساب‌.

 طوبي‌ لاُمّة‌ يكون‌ لقآئدها؛ مثل‌ هذا المقام‌ الرفيع‌ و المكانة‌ السامية‌.

[22] ـ الا´ية‌ 59، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[23] ـ «تفسير الكشّاف‌» ج‌ 1، ص‌ 524.

[24] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 2، ص‌ 6 17.

[25] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 2، ص‌ 176.

[26] ـ نفس‌ المصدر السابق‌.

[27] ـ «تتمّة‌ المنتهي‌» ص‌ 212؛ و «تاريخ‌ اليعقوبيّ» طبع‌ بيروت‌ سنة‌ 1379، ج‌ 2، ص‌ 9 0 1؛ و «مجالس‌ المفيد» طبع‌ النجف‌، ص‌ 1 0 1؛ و «روضة‌ بحار الانوار» الطبعة‌ الكمباني‌، ج‌ 17، ص‌ 39؛ و «تحف‌ العقول‌» ص‌ 42؛ و رواه‌ في‌ تفسير «في‌ ظلال‌ القرآن‌» ص‌ 125 عن‌ الجزء الاوّل‌ عن‌ الإمام‌ أحمد بن‌ حنبل‌، و في‌ «بحار الانوار» الطبعة‌ الكمباني‌، ج‌ 15، ص‌ 85 عن‌ «إكمال‌ الدين‌» للصدوق‌.

[28] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 0 1، ملخّص‌ ما جاء في‌ صفحه‌ 143 إلي‌ 148.

[29] ـ الا´ية‌ 89، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[30] ـ الا´ية‌ 28، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[31] ـ الا´ية‌ 9، من‌ السورة‌ 15: الحِجر.

[32] ـ الا´يتان‌ 41 و 42، من‌ السورة‌ 41: فُصِّلَت‌.

[33] ـ الا´ية‌ 189، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[34] ـ الا´ية‌ 1، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌.

[35] ـ الا´يتان‌ 215 و 219، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[36] ـ الا´ية‌ 222، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[37] ـ الا´ية‌ 5 0 1، من‌ السورة‌ 0 2: طه‌.

[38] ـ الا´ية‌ 83، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[39] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 2، ص‌ 176 و 177.

[40] ـ «الإمامة‌ و السياسة‌» ج‌ 1، ص‌ 13.

[41] ـ «تاريخ‌ أبي‌ الفداء» ج‌ 1، ص‌ 158؛ و «تاريخ‌ الخميس‌» ج‌ 2، ص‌ 9 0 2.

[42] ـ «الإمامة‌ و السياسة‌» ج‌ 1، ص‌ 17.

[43] ـ «الإمامة‌ و السياسة‌» ج‌ 1، ص‌ 14.

[44] ـ «نهج‌ البلاغة‌» فيض‌ الإسلام‌، ص‌ 47.

[45] ـ «شيعه‌ در اسلام‌» سبط‌، ج‌ 2، ص‌ 3 0 1. (فارسيّ) و قد حكم‌ بصحّة‌ هذه‌ الرواية‌ الفخر الرازيّ في‌ «نهاية‌ العقول‌» و أبو عبيدة‌ القاسم‌ بن‌ سلام‌، و الطبري‌ّ، و البلاذريّ في‌ «أنساب‌ الاشراف‌» و السمعانيّ في‌ كتاب‌ «الفضائل‌» و محبّ الدين‌ الطبريّ في‌ «الرياض‌ النضرة‌» و في‌ «تاريخ‌ الخميس‌». و أوردها الجزريّ في‌ «الكامل‌» بهذه‌ العبارة‌: قد ولّيت‌ عليكم‌ و لستُ بخيركم‌

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com