بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الرابع / القسم الرابع: تفسیر الآیة و من عنده علم الکتاب، علم الائمة بجمیع الکتاب

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الدرس الثانی و الخمسون والثالث و الخمسون:

تفسیر الآیة: «وَ یَقُولُ الَّذِینَ کَفَرُوا لَستَ مُرسَلاً قُل کَفَی بالله شهیداً...»

 بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

و صلَّي‌ اللهُ علی محمّد و آله‌ الطَّاهرين‌

و لعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العليّ العظيم‌

  قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. [1]

 اتّفق‌ علماء الشيعة‌ علی أنّ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ في‌ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ هو أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌. و إنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ مكلّف‌ من‌ قبل‌ الله‌ تعالي‌ أن‌ يقول‌ للذين‌ امتنعوا عن‌ قبول‌ القرآن‌ و الرسالة‌: إنّ أفضل‌ شاهد بيني‌ و بينكم‌ علی صدق‌ دعواي‌ و علی أحقيّة‌ القرآن‌ هو الذات‌ المقدّسة‌ الربوبيّة‌، و أميرالمؤمنين‌ علي‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ العالِم‌ بكتاب‌ الله‌، و المحيط‌ بحقائقه‌ و أسراره‌ والخبير بدقائقه‌ و لطائفه‌ و ظاهره‌ و باطنه‌. و أجمعت‌ الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ بلا أيّ خلاف‌ في‌ ذلك‌، أنّ الآية‌ نزلت‌ في‌ علی ـ عليه‌ السلام‌. و وافقهم‌ علی ذلك‌ جمع‌ كثير من‌ علماء العامّة‌، علی الرغم‌ من‌ أنّ بعضهم‌ قال‌ بأنّ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌، ذات‌ الله‌ نفسه‌، أو جبرئيل‌، أو علماء اليهود و النصاري‌ العالمون‌ بالتوراة‌ و الإنجيل‌، أو في‌ خصوص‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌ الذي‌ كان‌ قد أسلم‌.

 الرجوع الي الفهرس

الأقوال فی تعیین مصداق العالم بالکتاب

 يقول‌ أبو الفتوح‌ الرازيّ: قال‌ بعض‌ المفسّرين‌: هو عبدالله‌ بن‌ سلام‌. ولكنّ أغلب‌ المفسّرين‌ من‌ القدماء، و المحدّثين‌، و أهل‌ الاخبار و الاسناد و الروايات‌ من‌ الموافقين‌ و المخالفين‌ ذهبوا إلی أنّ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌، هو: أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌طالب‌. [2]

 و يقول‌ الزمخشريّ: المراد هو الذي‌ عنده‌ علم‌ القرآن‌، و ما ألف‌ عليه‌ من‌ النظم‌ المعجز الفائت‌ لقوي‌ البشر. ثمّ يبيّن‌ سائر الاحتمالات‌ والاقوال‌ بقوله‌: وَ «قِيلَ». [3]

 الرجوع الي الفهرس

نظرة إجمالیة علی سورة الرعد المبارکة

 و قبل‌ أن‌ نخوض‌ في‌ الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ العامّة‌ و الخاصّة‌ بشأن‌ الآية‌، و كذلك‌ قبل‌ أن‌ نتطرّق‌ إلی الاجتماعات‌ و الاقوال‌ المطروحة‌ حول‌ الآية‌، لابدّ لنا من‌ جولة‌ مجملة‌ في‌ أجواء السورة‌ المباركة‌ التي‌ تضمّ هذه‌ الآية‌، و هي‌ سورة‌ الرعد، كي‌ يتحدّد موقع‌ هذه‌ الآية‌، و في‌ هذه‌ الجولة‌ نفسها جواب‌ تلقائيّ علی بعض‌ الاحتمالات‌ أو الاقوال‌.

 فقد نزلت‌ هذه‌ السورة‌ لإثبات‌ أحقيّة‌ الكتاب‌ الإلهيّ، و هو القرآن‌ الكريم‌، حيال‌ المنكرين‌ الذين‌ أنكروا القرآن‌ بوصفه‌ معجزة‌، و طلبوا من‌ رسول‌ الله‌ معجزة‌ أُخري‌ محسوسة‌ و مشهودة‌ تنزل‌ عليهم‌ من‌ السماء. وآيات‌ هذه‌ السورة‌ من‌ أوّلها حتّي‌ آخرها متّصلة‌ و مترابطة‌ فيما بينها كحبّات‌ اللؤلؤ المنتظمة‌ في‌ خيط‌، إذ تؤلّف‌ شكلاً خاصّاً و صورة‌ جميلة‌ أوّلها مرتبط‌ بآخرها و آخرها ناظر و مرتبط‌ بأوّلها. و الآية‌ المشار إليها واقعة‌ في‌ آخر السورة‌، و هي‌ تتكفّل‌ بالإجابة‌ علی جميع‌ ما طرحه‌ المشركون‌ من‌ مؤاخذات‌ بحيث‌ إنـّنا لو رفعنا هذه‌ الآية‌ من‌ السورة‌، فإنّ السورة‌ تظلّ ناقصة‌ كأنـّها كأسٌ مثلوم‌، و تنحدر من‌ ذروة‌ عظمتها و رفعتها.

 تبدأ الآية‌ الاُولي‌ من‌ السورة‌ بهذا الخطاب‌: ال´م´ر´ * تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَـ'بِ وَالَّذِي‌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَـ'كِنْ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَيُؤْمِنُونَ *

 و تنتقل‌ بعد ذلك‌ إلی ذكر الله‌ الذي‌ رفع‌ السماوات‌ بغير عمد مرئيّة‌ واستوي‌ علی العرش‌، و سخّر الشمس‌ و القمر كلّ يجري‌ لاجلٍ مسمّي‌ والذي‌ مدّ الارض‌، و جعل‌ فيها رواسي‌ و أنهاراً، و جعل‌ فيها من‌ كلّ الثمرات‌، و قسّم‌ الارض‌ قطعاً متجاورات‌، و خلق‌ فيها جنّات‌ من‌ أعناب‌ ونخيل‌ و زرع‌، تسقي‌ بماء واحد. و هو الذي‌ يحيي‌ الموتي‌. و عجب‌ قول‌ المنكرين‌:

 ءَإِذَا كُنَّا تُرابًا ءَإِنَّا لَفِي‌ خَلْقٍ جَدِيدٍ إلی أن‌ تصل‌ إلی الآية‌ السابعة‌: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرو´ا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ (تنذر الناس‌ من‌ الشرك‌ و الكفر و من‌ العواقب‌ الوخيمة‌ للمعاصي‌ و الذنوب‌). وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ.

 و يلاحظ‌ هنا أنّ الكفّار لايقرّون‌ بالقرآن‌ الكريم‌ بوصفه‌ معجزة‌ وقدنزل‌ بالحقّ، و هو معجزة‌ حقّاً، فكانوا يبحثون‌ عن‌ معجزة‌ أُخري‌ من‌ الاُمور الخارقة‌ للعادة‌. و يجيبهم‌ النبيّ الكريم‌ بقوله‌: إنّ الإتيان‌ بمعجزات‌ أُخري‌ خارقة‌ للعادة‌ كما تشتهون‌ (و كما تريدون‌ أن‌ تلزموني‌ بها من‌ قبيل‌: تبديل‌ الجبل‌ ذهباً، أو إجراء نهر من‌ الذهب‌ المذاب‌، أو تبديل‌ هذا البستان‌ بستاناً من‌ الجواهر و اللآلي‌، أو إحياء الموتي‌، أو نزول‌ مَلَك‌ من‌ السماء ترونه‌، أو نزول‌ كتاب‌ سماويّ تلمسونه‌ بأيدكم‌، كلّ هذه‌ الاشياء التي‌ تطلبونها مضافاً إلی أنـّها غير صحيحة‌، فهي‌ تستلزم‌ التجسيم‌، و حلول‌ الذات‌ الإلهيّة‌ في‌ مكان‌ معيّن‌. إنّ هذا اللون‌ من‌ المعجزات‌ المتوالية‌ لايصبّ في‌ مصلحة‌ الإنسان‌. هذا مع‌ أنّ معجزات‌ قد صدرت‌ عن‌ جميع‌ الانبياء، بَيدَ أنـّها لم‌ تكن‌ بشكل‌ تتعطّل‌ فيه‌ السنن‌ الكونيّة‌ دائماً، و لم‌ تكن‌ بحيث‌ يشغل‌ الانبياء أفكارهم‌ تبعاً لآراء الناس‌ و أفكارهم‌، فيأتون‌ لهم‌ بمعجزة‌ متي‌ شاءوا) و لقد جئتكم‌ نذيراً لكم‌ من‌ الشرك‌ و الكفر و الاعمال‌ القبيحة‌، و هذه‌ هي‌ رسالتي‌ و مهمّتي‌.

 و لابدّ للنبيّ هنا أن‌ يقول‌ لهم‌ بأنّ معجزته‌ الابديّة‌ العلميّة‌ التي‌ لاسبيل‌ إلی إنكارها هي‌ القرآن‌ الذي‌ يدعو الناس‌ من‌ مناظر العقل‌ و العلم‌ ويتحدّاهم‌ به‌، و يطلب‌ من‌ الجنّ و الإنس‌ صراحة‌ أن‌ يجتمعوا متظاهرين‌ للإتيان‌ بمثله‌، و يدعو الناس‌ جميعهم‌ إلی معارضته‌ ولو بعشر سور أو بسورة‌ واحدة‌. مضافاً إلی ذلك‌ فإنّ الآيات‌ نفسها معجزة‌ بأُسلوبها العجيب‌ ومنطقها السليم‌ المشتمل‌ علی الحقائق‌ و اللطائف‌ و القوانين‌ الإنسانيّة‌ الفطريّة‌ التي‌ تريد مصلحة‌ البشرية‌. و هي‌ معجزة‌ بندائها العالي‌ إلی العدل‌ والتقوي‌ و عمل‌ الخير و الدعوة‌ إلی الإيثار و الإنفاق‌ و غيرهما... كلّها معجزة‌ بنظهما الرائع‌ و تلاحمها كحلقات‌ السلسلة‌ بعضها مع‌ بعض‌. و إنّ ربـّه‌ هو الذي‌ أرسل‌ هذه‌ الآيات‌. و أعلن‌ فيها عن‌ رسالته‌، و أشهد عليها وصرّح‌ بها بوصفها معجزة‌ عقليّة‌ و معنويّة‌ في‌ أعلي‌ درجات‌ الإعجاز... بَيدَ أنّ رسول‌ الله‌ لم‌ يجب‌ الكفّار بهذا، و تركه‌ لفرصة‌ أُخري‌، ثمّ ينشغل‌ مرّة‌ أُخري‌ بوصف‌ الله‌، فإنـّه‌ يعلم‌ ما تحمل‌ كلّ أُنثي‌، و يعلم‌ الغيب‌ و الشهود ويعلم‌ من‌ أسرّ القول‌ و من‌ جهر به‌ بنحو سويّ و أنـّه‌ هو الذي‌ خلق‌ البرق‌ في‌ السماء و أنشأ السحاب‌ الثقال‌، و أنـّه‌ هو الذي‌ يسبّح‌ الرعد بحمده‌ والملائكة‌ من‌ خيفته‌. ثمّ يبيّن‌ بعد ذلك‌ أنّ لله‌ دعوة‌ الحقّ، و أنّ السعادة‌ نصيب‌ الذين‌ يستجيبون‌ لها، و أنّ مَن‌ في‌ السماوات‌ و الارض‌ يسجدون‌ لله‌ و أنّ المشركين‌ الذين‌ هم‌ من‌ خلقه‌ و جعلوا له‌ شركاء في‌ ضلال‌، و هكذا يواصل‌ كلامه‌ حتّي‌ يصل‌ إلی الآية‌ التاسعة‌ عشرة‌: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَي‌ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الاْلْبَابِ.

 و هذه‌ الآية‌، في‌ الوقت‌ الذي‌ ترمي‌ إلی دحض‌ كلام‌ المشركين‌ والكفّار، فإنـّها ناظرة‌ إلی الآية‌ الاُولي‌ في‌ السورة‌، و قد وردت‌ للتأكيد علی أحقيّة‌ الكتاب‌، و جاءت‌ لتحكم‌ علی جميع‌ الآيات‌ الواقعة‌ بينهما المبيّنة‌ عظمة‌ الله‌ و قدرته‌، بل‌ و المبيّنة‌ قرآنه‌ نفسه‌، و هي‌ حقّ لاريب‌ فيه‌، و أنّ المنكر لها أعمي‌. ثمّ وصفت‌ أُولي‌ الالباب‌ الذين‌ استجابوا للقرآن‌. فقالت‌ بأنـّهم‌ يوفون‌ بعهدالله‌، ولا ينقضون‌ الميثاق‌، ويصلون‌ ما أمرالله‌ به‌ أن‌ يوصل‌، و يخشون‌ ربـّهم‌، ويخافون‌ سوءالحساب‌، و يقيمون‌ الصلاة‌ وينفقون‌ أموالهم‌ سرّاً و علانية‌، و هكذا تستمر علی هذا النسق‌ حتّي‌ تبدأ الآية‌ السابقة‌ و العشرون‌: وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَروُا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَهَ يُضِّلُ مَنْ يَشَآءُ وَ يَهْدِي‌ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ.

 و تبيّن‌ الآية‌ هنا للمرّة‌ الثانيّة‌ اعتراض‌ الكفّار بسبب‌ عدم‌ نزول‌ معجزة‌ خارقة‌ للعادة‌ من‌ ربّه‌، و تشعر أنـّهم‌ ثابتون‌ علی كلامهم‌، و أنـّهم‌ لايعتبرون‌ القرآن‌ معجزة‌، و يتلمّسون‌ معجزة‌ أُخري‌. و نجد النبيّ هنا أيضاً لايتحدّاهم‌ في‌ جوابه‌ بالقرآن‌ الذي‌ هو أعلي‌ المعجزات‌ و أكبرها، و يُرجي‌ ذلك‌ مع‌ شهادة‌ الله‌ علی رسالته‌ لفرصة‌ أُخري‌. و يقول‌ فقط‌: إنّ الهداية‌ و الضلالة‌ بيد الله‌، فمن‌ سلّم‌ لله‌ و رجع‌ إليه‌ قاشعاً غمائم‌ الجهل‌ عن‌ عقله‌ و قلبه‌ فسيهديه‌ الله‌، و من‌ لم‌ يكن‌ كذلك‌ و سار في‌ طريق‌ الضلال‌، فسيضلّه‌ الله‌. و بعد ذلك‌ تبدأ الآيات‌ بوصف‌ العباد الذين‌ يرجعون‌ إلی ربّهم‌، و يسيرون‌ علی طريق‌ الحقّ و هم‌ الذين‌: تطمئنّ قلوبهم‌ بذكر الله‌. أمّا الذين‌ لم‌ تستسلم‌ قلوبهم‌ لله‌، فلا جدوي‌ لهم‌ في‌ المعجزة‌ أيضاً، فما لم‌ ينقاد القلب‌ للحقّ، فإنـّه‌ يؤوّل‌ جميع‌ المعجزات‌ و يفسّرها علی أنـّها سحر و كذب‌. يقول‌ تعالي‌ في‌ الآية‌ الحادية‌ و الثلاثين‌: وَ لَوْ أَنَّ قُرْءَانًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الاْرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَي‌' بَل‌ لِلَهِ الاْمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَايْـَسِ الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَن‌ لَّوْ يَشَـآءُ اللَهُ لَهَدَي‌ النَّاسَ جَمِيعًا وَ لاَ يَزالُ الَّذِينَ كَفَروا تُصِيبُهُم‌ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن‌ دَارِهِمْ حَتَّي‌' يَأْتِيَ وَعْدُ اللَهِ إِنَّ اللَهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

 تبيّن‌ هذه‌ الآيات‌ بشكل‌ واضح‌ أنّ عدم‌ قبول‌ القرآن‌ نابع‌ عن‌ عدم‌ تطويع‌ القلب‌ لقبول‌ الحقّ و الانقياد للواقع‌، و إن‌ لم‌ يؤمنوا بهذا القرآن‌ الذي‌ هو أعظم‌ و أرقي‌ معجزة‌، فبأيّ معجزة‌ أُخري‌ يؤمنون‌؟ بعد ذلك‌ تنتقل‌ السورة‌ فتقدّم‌ لنا شرحاً عن‌ الاُمم‌ الماضية‌ التي‌ لم‌ تؤمن‌ بأنبيائها من‌ وحي‌ العناد والغطرسة‌. و تتحدّث‌ عن‌ المؤمنين‌ الذين‌ يدخلون‌ الجنّة‌ بسب‌ إذعانهم‌ للحقّ، و تتطرّق‌ إلی الانبياء الذين‌ جاءوا بالمعجزة‌، و الاُمم‌ التي‌ تعاملت‌ معهم‌ من‌ منطلق‌ المكر و الخديعة‌، و تستمرّ السورة‌ حتّي‌ تصل‌ إلی آخر آية‌ فيها، و هي‌ قوله‌ تعالي‌: وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَروا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْني‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ.

 يلاحظ‌ هنا أنّ الكفّار لمّا أنكروا القرآن‌، و هو أعظم‌ معجزة‌، و طلبوا من‌ النبيّ معجزات‌ أُخري‌ فلم‌ يستجب‌ لهم‌، أنكروا أصل‌ النبوّة‌ نهائيّاً وكانواحتّي‌ تلك‌ اللحظة‌ لم‌ ينكروها بل‌ كانوا وراء معجزات‌ أُخري‌، و لمّا خاب‌ أملهم‌ من‌ تلك‌ المعجزة‌، أنكروا النبوّة‌ إنكاراً تامّاً. أمّا النبيّ فإنّ جوابه‌ المتكرّر الذي‌ ينبغي‌ الإتيان‌ به‌ في‌ تينك‌ المرحلتين‌ حول‌ أحقيّة‌ القرآن‌ و إعجازه‌، و الإتيان‌ بشاهد علی رسالته‌، فقد جاء هنا فقال‌: أيّها الكفّار، نزل‌ علی هذا القرآن‌ و هو أعظم‌ معجزة‌، و قد شهد الله‌ فيه‌ علی رسالتي‌، و شهد الذي‌ عنده‌ علم‌ القرآن‌ علی نبوّتي‌.

 في‌ ضوء ذلك‌ فإنّ شهادة‌ الله‌ لاتمثّل‌ إرجاعاً إلی الغيب‌ و إلی أمر مجهول‌، و هي‌ ليست‌ دعوي‌ بدون‌ برهان‌، لانّ شهادة‌ الله‌ في‌ القرآن‌ وشهادة‌ العالم‌ بالكتاب‌ أمر مشهود و معلوم‌، و هي‌ واضحة‌ عند الكفّار؛ والدليل‌ علی صحّة‌ هذه‌ الدعوي‌ هو إعجاز القرآن‌، و هو ضروريّ. لذلك‌ فإنّ هذه‌ الآية‌ المباركة‌ ناظرة‌ إلی السورة‌ كلّها و فيها جواب‌ علی جميع‌ اعتراضات‌ المشركين‌ و الكافرين‌، و هي‌ ناظرة‌ إلی الآية‌ الاُولي‌، و الآية‌ التاسعة‌ عشرة‌ التي‌ تثبت‌ أحقيّة‌ الكتاب‌، و ينتظم‌ صدرها و وسطها و ذيلها بعضه‌ مع‌ بعض‌ مع‌ حُسن‌ الافتتاح‌ و حُسن‌ الاختتام‌، بحيث‌ لو رفعنا هذه‌ الآية‌ من‌ السورة‌، فكأنـّما هناك‌ نقص‌ فيها.

 الرجوع الي الفهرس

المعنی و المراد من شهادة الله علی رسالة النبیّ صلّی الله علیه و سلّم

 و الآن‌ إذ فرغنا من‌ الحديث‌ عن‌ السورة‌ من‌ خلال‌ النظرة‌ الإجماليّة‌ التي‌ ألقيناها عليها، نأتي‌ إلی تفسير الآية‌ المشار إليها: قُلْ كَفي‌ بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. فالقصد من‌ شهادة‌ الله‌ علی رسالة‌ رسول‌ الله‌ هو أداء الشهادة‌، كما جاء في‌ قوله‌: إنَّكَ لِمَنِ الْمُرْسَلِينَ عَلَي‌' صِرَ ' طِ مُسْتَقِيمٍ. و كما ورد في‌ بقيّة‌ الآيات‌: يَـ'´ـأَيـُّهَا الرَّسُولُ وَ يَـ'´ـأَيـُّهَا النَّبِيُّ، أو سائر العناوين‌ الاُخري‌ نحو: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَهِ. هُوَ الَّذِي‌ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَي‌ وَ دِينِ الْحَقِّ. وَ أَطِيعُواْ اللَهِ وَ رَسُولَهُ: وَ لِلَهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤمِنِينَ. وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ. وَالَلَهُ يَعْلَمُ إنَّكَ لَرَسُولُهُ. يَـ'´ـأَيـُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَهَ وَ ءَامَنُوا بِرَسُولِهِ. و مثل‌ هذه‌ الآيات‌ الكثيرة‌ في‌ القرآن‌. و أداء الشهادة‌ يتحقّق‌ بهذه‌ الآيات‌ في‌ القرآن‌.

 يقول‌ الفخر الرازيّ: المراد من‌ تلك‌ الشهادة‌ هو أنـّه‌ تعالي‌ أظهر المعجزات‌ الدالّة‌ علی كونه‌ صادقاً في‌ ادّعاء الرسالة‌. ] و هذه‌ المرتبة‌ شهادة‌ فعليّة‌ لاقوليّة‌ [ و هذا أعلي‌ مراتب‌ الشهادة‌. [4] لكنّ هذه‌ الكلام‌ غير صحيح‌ لانّ النبي‌ّ لم‌ يقم‌ بالمعجزات‌ و خوارق‌ العادات‌ التي‌ طلبها الكفّار منه‌. فلايبقي‌ إلاّ القرآن‌ و حسب‌. و ما هي‌ الضرورة‌ أن‌ نعتبر نزول‌ القرآن‌ نفسه‌ في‌ هذه‌ الحالة‌ هو شهادة‌ الله‌ من‌ الناحية‌ العمليّة‌، بل‌ إنّ الشهادة‌ التي‌ معني‌ حقيقتها الشهادة‌ القوليّة‌ كثيرة‌ في‌ القرآن‌ فيما يخصّ رسالة‌ الرسول‌ الاكرم‌. [5] مضافاً إلی ذلك‌ فإنّ كلام‌ الفخر الرازيّ القائل‌ بأنّ الشهادة‌ الفعليّة‌ أعلي‌ و أقوي‌ من‌ الشهادة‌ القوليّة‌ كلام‌ عار عن‌ الحقيقة‌.

 و أمّا ما قاله‌ البعض‌ من‌ أنّ المقصود هنا هو تحمّل‌ الشهادة‌ من‌ قبل‌ الله‌ لا أداؤها. فهذا احتمال‌ خطأ بعيد عن‌ الصواب‌ أيضاً، فماذا يجني‌ الكفّار من‌ تحمّل‌ الله‌ الذي‌ لايُري‌، وماذا استثمر لهم‌ هذه‌ الشهادة‌؟ وكيف‌ ستؤتي‌ هذه‌ الشهاة‌ أُكلها لهم‌؟ و في‌ مثل‌ هذه‌ الحالة‌ يكون‌ الامر إرجاعاً و إحالة‌ إلی الغيب‌، فيسقط‌ الكلام‌ من‌ درجة‌ إعتباره‌ و شأنه‌ لانـّه‌ سوف‌ لن‌ يبقي‌ طريق‌ لإثباته‌ عند الكفّار المنكرين‌.

 الرجوع الي الفهرس

الأقوال المتنوعة حول الآیة «وَ مَن عِندَهُ عِلمُ الکِتابِ» و تفنیدها

 و أمّا القصد من‌ الذي‌ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. فقد قال‌ البعض‌ إنـّه‌ هو الله‌ نفسه‌، و نسب‌ الفخر الرازيّ هذا القول‌ إلی الحسن‌ ] البصريّ [، و سعيد بن‌

 جبير، و الزجّاج‌. [6] و نقل‌ الزمخشريّ، [7] و الفخر الرازيّ [8] عن‌ الحسن‌ البصريّ أنـّه‌ قال‌: لاَ وَاللَهِ مَا يَعْني‌ إِلاّ اللَهَ. و قال‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ جرير و ابن‌مُنذر، و ابن‌ حاتم‌ عن‌ مجاهد أنـّه‌ قال‌: هو الله‌ [9] عزّ وجلّ.

 و هذا الاحتمال‌ غير صحيح‌، لانـّه‌ أوّلاً: خلاف‌ ظاهر العطف‌ الذي‌ يدلّ علی المغايرة‌. و ثانياً: فيه‌ عطف‌ الصفة‌ علی الذات‌، و هو فاسد. وكما قال‌ الفخر الرازيّ: لايصحّ أن‌ نقول‌: شَهِدَ بِهَذَا زَيْدٌ وَ الْفَقِيهُ. و نحن‌ نريد من‌ الفقيه‌ زيداً نفسه‌، بل‌ نقول‌: شهد بهذا زيد الفقيه‌. [10]

 و صرّح‌ العلاّمة‌ الطباطبائيّ بهذا المعني‌ فقال‌: لذلك‌ تري‌ الزمخشريّ أوّل‌ كلام‌ الحسن‌ البصريّ و بدّل‌ الجملة‌ الاُولي‌ بجملة‌ و صفيّة‌ فقال‌: «كَفي‌ بِالَّذِي‌ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ وَ بِالَّذِي‌ يَعْلَمُ عِلْمَ مَا فِي‌ اللّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلاّ هُوَ شَهِيد بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ».[11] فبدّل‌ لفظ‌ الجلاله‌ «الله‌» الذي‌ يدلّ علی الذات‌ بلفظ‌ الَّذي‌ يسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ و هو جملة‌ و صفيّة‌. [12]

 و من‌ الطبيعيّ أنّ الزمخشريّ هو صاحب‌ هذا التوجيه‌ و ذلك‌ لكي‌ يبرّر رداءة‌ هذا الكلام‌ و يلتمس‌ وجهاً لتفسير الحسن‌ البصريّ. لكن‌ ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ بأنّ تبديل‌ اللفظ‌ بلفظ‌ آخر له‌ معني‌ صحيح‌ لايوجب‌ صحّة‌ اللفظ‌ الاوّل‌، و لمّا كان‌ اللفظ‌ الاوّل‌ الدالّ علی الذات‌ وارداً في‌ القرآن‌ المجيد فإنّ عطف‌ الصفة‌ عليه‌ قبيح‌. مضافاً إلی ذلك‌، ما قلناه‌ سابقاً من‌ أنّ المقصود بشهادة‌ الله‌ علی رسالة‌ النبيّ، الآيات‌ القرآنيّة‌ الواردة‌ التي‌ تصدّق‌ رسالته‌، ففي‌ مثل‌ هذه‌ الحالة‌ فإنّ من‌ المناسب‌ أن‌ تنسب‌ تلك‌ الآيات‌ إلی الذات‌ المقدّسة‌ الجامعة‌ لصفات‌ الكمال‌ كلّها، لا بالمعني‌ الوصفيّ، لانّ شهادة‌ الذات‌ الإلهيّة‌ أكبر من‌ جميع‌ الشهادات‌ الاُخري‌. قال‌ سبحانه‌: قُلْ أيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَـ'دَةً قُلِ اللَهُ شَهِيدٌ بَيْنِي‌ وَبَيْنَكُمْ.[13] و ما قاله‌ الزجّاج‌ من‌ أنـّه‌ لايصحّ أن‌ يستشهد الله‌ بغيره‌ في‌ صدق‌ حكمه‌، لايتمّ لانـّه‌ كما قال‌ الفخر الرازيّ: كيف‌ يجوز أن‌ يقسم‌ الله‌ بالتين‌ و الزيتون‌ لإثبات‌ صدق‌ كلامه‌ ولايجوز أن‌ يستشهد بالّذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌؟! [14]

 الاحتمال‌ الثاني‌ هو أنّ المراد من‌ الكتاب‌ التوراة‌ و الإنجيل‌، و المراد من‌ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ هم‌ علماء اليهود و النصاري‌، و علی هذا الاساس‌ يقول‌ السيوطيّ: روي‌ ابن‌ جرير عن‌ طريق‌ العوفيّ، عن‌ ابن‌ عبّاس‌ أنـّه‌ سُئل‌: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ؟ قالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنّصَارَي‌. [15]

 و ذلك‌ لانّ اليهود و النصاري‌ قرأوا في‌ التوراة‌ و الإنجيل‌ علائم‌ النبيّ الذي‌ يأتي‌ في‌ آخر الزمان‌، و عندهم‌ بما بشّر به‌ الانبياء.

 و هذا الاحتمال‌ غير صحيح‌ أيضاً لانّ الآية‌ المباركة‌ ذكرت‌ شهادة‌ العالم‌ بالكتاب‌ لا مجرّد العلم‌. و هذه‌ السورة‌ ـ كما ذكروا ـ نزلت‌ علی النبيّ في‌ مكّة‌، و لم‌ يؤمن‌ أحد من‌ علماء اليهود و النصاري‌ يومئذٍ، و لم‌ يشهد برسالته‌. و كان‌ كفاح‌ النبيّ و دعوته‌ في‌ مكّة‌ مع‌ مشركي‌ قريش‌ فقط‌، و في‌ هذه‌ الحالة‌، فلا معني‌ لان‌ يحتجّ رسول‌ الله‌ في‌ رسالته‌ بشهادة‌ شخص‌ لم‌ يشهد للرسالة‌ بشي‌ء.

 و قال‌ البعض‌ إنّ المراد بالشهادة‌ هنا تحمّل‌ الشهادة‌ لا أداؤها، وتحمّل‌ الشهادة‌ لا يستلزم‌ أن‌ يكون‌ الشاهد مؤمناً عند الشهادة‌، أي‌ عند تحمّلها. لذلك‌ فإنّ المراد بمن‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ هم‌ علماء اليهود و النصاري‌ الذين‌ تحمّلوا هذه‌ الشهادة‌ وفقاً للتوراة‌ و الإنجيل‌ و إن‌ لم‌ يؤمنوا حين‌ نزول‌ الآية‌. [16]

 و هذه‌ الاحتمال‌ غير صائب‌ أيضاً، لانّ مرجع‌ احتجاج‌ النبيّ علی المشركي‌ قريش‌ في‌ هذه‌ الحالة‌ هو علم‌ علماء أهل‌ الكتاب‌، و إن‌ لم‌ يؤمنوا حيئنذٍ و لم‌ يعترفوا برسالته‌، فكيف‌ تصحّ شهادة‌ من‌ لايؤمن‌ بالرسالة‌ ولايعترف‌ بها! و لو كان‌ هذا المعني‌ مقبولاً، لاحتجّ النبي‌ّ بعلم‌ المشركين‌ أنفسهم‌، لانّ إعجاز القرآن‌ كان‌ ثابتاً عندهم‌ و الحجّة‌ كانت‌ تامّة‌ عليهم‌، إذاً كان‌ لابدّ له‌ أن‌ يستشهدهم‌ علی رسالته‌، فلماذا عدل‌ إلی تحمّل‌ شهادة‌ أهل‌ الكتاب‌؟ هذا مع‌ أنّ المشركين‌ كانوا شركاء أهل‌ الكتاب‌ في‌ الكفر و إنكار الرسالة‌. مضافاً إلی ذلك‌، فإنـّنا قلنا سابقاً إنّ المراد من‌ الشهادة‌ أداؤها لاتحمّلها، لانّ تحمّلها في‌ الله‌ عزّ وجلّ لم‌ يكن‌ ليقطع‌ عند المشركين‌، و ستكون‌ فيه‌ إحالة‌ علی الغيب‌.

 الاحتمال‌ الثالث‌ هو أنّ المراد بالكتاب‌: اللوح‌ المحفوظ‌، و العالم‌ به‌: جبرئيل‌. يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ أبي‌ حاتم‌ عن‌ سعيد بن‌ جبير أنـّه‌ قال‌ في‌ تفسير هذه‌ الآية‌: مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ جِبْرِيلُ. [17]

 و هذا الاحتمال‌ غير صحيح‌ أيضاً، لانّ المشركين‌ لايقرّون‌ بجبرئيل‌ وما فائدة‌ شهادة‌ لهم‌ و هي‌ لاتمثّل‌ إلاّ وعداً بالغيب‌ و فراراً من‌ الاحتجاج‌ في‌ قاموسهم‌؟ و في‌ هذه‌ الحالة‌، لو استشهد النبيّ علی رسالته‌ بجميع‌ ملائكة‌ الله‌ غير جبرئيل‌، مثل‌: ميكائيل‌، و إسرافيل‌، و عزرائيل‌، و بقيّة‌ ملائكة‌ الملا الاعلي‌، لم‌ يكن‌ المشركين‌ فيه‌ فائدة‌؟ ولا قطعاً للعذر.

 الاحتمال‌ الرابع‌ هو أنّ المراد من‌ أهل‌ الكتاب‌ القوم‌ الذين‌ آمنوا وشهدوا برسالة‌ النبيّ من‌ علماء اليهود و النصاري‌ كعبة‌ الله‌ بن‌ سلام‌ وسلمان‌ الفارسيّ، و الجارود، وتميم‌ الداريّ [18]

 و يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ عبدالرزّاق‌، و ابن‌ جرير، و ابن‌ منذر وابن‌أبي‌ حاتم‌ عن‌ قتادة‌ أنـّه‌ قال‌: كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ وَ يَعْرِفُونَهُ، مِنْهُمْ: عَبْدُاللَهِ بْنُ سَلاَمٍ، وَالْجَارُودُ، وَ تَميمُ الداريّ، وَ سَلْمَانُ الْفَارسِي‌ُّ. [19]

 و هذا باطل‌ أيضاً لانّ هؤلاء جميعهم‌ أسلموا في‌ المدينة‌ و الآية‌ المباركة‌، قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ نزلت‌ في‌ مكّة‌. و لامعني‌ لاجتماع‌ رسول‌ الله‌ علی مشركي‌ قريش‌ في‌ مكّة‌، مستشهداً علی رسالته‌ أشخاصاً سوف‌ يسلمون‌ في‌ المدينة‌.

 و قال‌ بعضهم‌: بأنّ كَون‌ الآية‌ مكّيّة‌ لاينافي‌ أن‌ يكون‌ الكلام‌ إخباراً عمّا سيُشهد به‌ و فيه‌ أنّ ذلك‌ يوجب‌ رداءة‌ الحجّة‌ و سقوطها. فأيّ معني‌ لان‌ يحتجّ علی قوم‌ يقولون‌: لَسْتَ مُرْسَلاً. فيقال‌: صدّقوا به‌ اليوم‌ لانّ بعض‌ علماء أهل‌ الكتاب‌ سوف‌ يشهدون‌ به‌. [20] و هذا ضعيف‌ و واهٍ للغاية‌.

 الاحتمال‌ الخامس‌: أنّ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ هو عبدالله‌ بن‌ سلام‌ تخصيصاً، و هو من‌ علماء اليهود و أسلم‌ في‌ المدينة‌ عند هجرة‌ النبيّ إليها. يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ سعد، و ابن‌ أبي‌ شيبة‌، و ابن‌ جرير، و ابن‌ منذر عن‌ مجاهد أنـّه‌ كان‌ يقرأ: «وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ»، قالَ: هُوَ عَبْدُاللَهِبْنُ سَلاَمٍ.[21]

 وللقائلين‌ بأنـّه‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌ جهد بليغ‌ في‌ الدفاع‌ عنه‌، بيد أنّ هذا القول‌ باطل‌ أيضاً، لانـّه‌ كما قلنا في‌ ردّ الاحتمال‌ الرابع‌، فإنّ سورة‌ الرعد مكّيّة‌، وعبدالله‌ بن‌ سلام‌ أسلم‌ في‌ المدينة‌، فالاستشهاد به‌ أمام‌ مشركي‌ مكّة‌ إسقاط‌ للحجّة‌ و فرار من‌ ميدان‌ الاحتجاج‌، و حاشا لله‌ و لرسوله‌. قال‌ البعض‌: إنّ مكّيّة‌ السورة‌ لا تنافي‌ كَون‌ بعض‌ آياتها مدنيّة‌. ويمكن‌ أن‌ تكون‌ جميع‌ آياتها مكّيّة‌ إلاّ هذه‌ الآية‌ فإنـّها نزلت‌ في‌ المدينة‌ في‌ عبدالله‌بن‌ سلام‌.

 و الجواب‌ هو أنّ مجرّد الاحتمال‌ لايثبت‌ مدنيّة‌ آية‌ في‌ سورة‌ مكّيّة‌ مالم‌ يكن‌ هناك‌ نقل‌ صحيح‌ قابل‌ للتعويل‌ عليه‌. و هنا مضافاً إلی عدم‌ وجود مثل‌ هذا النقل‌، فإنّ الجمهور نصّوا علی أنّ هذه‌ الآية‌ مكّيّة‌ كما نقل‌ عن‌ البحر ] المحيط‌ للاندلسيّ [.[22]

 يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ سعيد بن‌ منصور، و ابن‌ جرير، و ابن‌ منذر وابن‌ أبي‌ حاتم‌، و النحّاس‌ في‌ كتاب‌ «الناسخ‌» عن‌ سعيد بن‌ جبير أنـّه‌ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: «وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ» أَهُوَ عَبْدُاللَهِ بْنُ سَلاَمٍ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ؟ قَالَ: وَ كَيْفَ وَ هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيّةٌ؟! [23]

 ويقول‌ ابن‌ عبدالبرّ في‌ ترجمة‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌: وَقَدْ قِيلَ فِي‌ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ» هُوَ عَبْدُاللَهِ بْنُ سَلاَمٍ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عِكْرَمَةُ وَالْحَسَنُ وَقَالاَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَالسُّورَةُ مَكِّيّةٌ وَ إسْلاَمُ عَبْدِاللَهِبْنِ سَلاَمٍ كَانَ بَعْدُ. [24]

 و يقول‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ منذر عن‌ الشعبيّ أنـّه‌ قال‌: مَا نَزَلَ فِي‌ عَبْدِاللَهِ بْنِ سَلاَمٍ رَضِي‌ اللَهُ عَنْهُ شَي‌ءٌ مِنَ الْقُرآنِ. [25]

 و يقول‌ أيضاً: أخرج‌ عبدالرزّاق‌، و ابن‌ منذر عن‌ الزهريّ أنـّه‌ قال‌: كَانَ عُمَرُبْنُ الْخَطّابِ شَديداً علی رَسُولِ اللهَ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ و سلّم‌ فَانْطَلَقَ يَوْماً حَتّي‌ دَنا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ و سلّم‌ وَ هُوَ يُصَلِّي‌ فَسَمِعَهُ وَ هُوَ يَقْرَأُ: «وَ مَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينَكَ إذًا لاَرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (وَ حملوا نبوّتك‌ علی العلوم‌ المكتسبة‌ والحصوليّة‌). حتّي‌ بَلَغَ ـ الظالِمُونَ» وَ سَمِعَهُ وَ هُوَ يَقْرَأُ: «وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً إلی قَوْلِهِ ـ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ»، فَانْتَظَرَهُ حَتّي‌ سَلَّمَ فَأَسْرَعَ فِي‌ أَثَرِهِ فَأَسْلَمَ. [26]

 و الجميع‌ يعلم‌ أنّ إسلام‌ عمر كان‌ في‌ السنة‌ السادسة‌ من‌ البعثة‌ في‌ مكّة‌، و هذا دليل‌ علی أنّ الآية‌ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيداً نزلت‌ في‌ مكّة‌ لافي‌ المدينة‌، ولا علاقة‌ لها بعبدالله‌ بن‌ سلام‌. فاتّضح‌ من‌ جميع‌ ماقلناه‌ مفصّلاً أنّ آيات‌ سورة‌ الرعد كلّها كسلسلة‌ متّصلة‌ الحلقات‌، و هذه‌ الآية‌ ناظرة‌ إلی الآية‌ الاُولي‌ و الآية‌ التاسعة‌ عشرة‌، و جواب‌ المشركين‌ في‌ الآية‌ السابعة‌ والآية‌ السابعة‌ و العشرين‌ بحيث‌ إنّ ثمرة‌ السورة‌ تقتطف‌ بهذه‌ الآية‌. و كم‌ هو سقيم‌ و ليس‌ في‌ محلّه‌ أن‌ نقول‌ بأنّ السورة‌ تنزل‌ في‌ مكّة‌، و أنّ هذه‌ الآية‌ التي‌ هي‌ ثمرة‌ السورة‌ و اختتامها تتأخّر عنها إلی أجل‌ غير مسمّي‌، ثمّ تنزل‌ في‌ المدينة‌ بعد سنين‌ من‌ نزول‌ السورة‌ في‌ مكّة‌! و العجيب‌ إنّ البعض‌ من‌ أمثال‌ أبي‌ السُّعود.[27] و ابن‌ تيميّة‌، [28] يدّعي‌ أنّ الآية‌ مدنيّة‌ بالاتّفاق‌.

 الاحتمال‌ السادس‌ يقول‌ إنّ المراد بالكتاب‌ هو القرآن‌ المجيد والمراد بالعالِم‌ به‌ هو العالِم‌ بالقرآن‌، و هذا هو قول‌ الاصمّ. [29] و المعني‌ أنّ من‌ تحمّل‌ معاني‌ هذا القرآن‌، و اختصّ بعلمه‌ شاهد علی أنّ القرآن‌ من‌ الله‌ وأنـّي‌ رسول‌ الله‌. و في‌ هذه‌ الحالة‌ يصبح‌ آخر السورة‌ ناظراً إلی أوّلها، و هو قوله‌: تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَـ'بِ وَالَّذِي‌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ. و كذلك‌ فإنـّه‌ يؤكّد الآية‌ الواقعة‌ في‌ وسطها، و هي‌ قوله‌: أَفَمَن‌ يَّعْلَمُ أَنـَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَي‌. و هذه‌ الشهادة‌ من‌ العالِم‌ بالقرآن‌ المجيد حيال‌ المشركين‌ هي‌ ـ في‌ الحقيقة‌ ـ تأييد من‌ الله‌ لاحقّيّة‌ الكتاب‌ و الرسالة‌ في‌ مقابل‌ المشركين‌ الذين‌ قالوا مرّتين‌: لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ. و قالوا هنا: لَسْتَ مُرْسَلاً.

 و لقد ذكر الجواب‌ هنا علی أقوال‌ الجميع‌، بأنّ الله‌ ربّي‌ شهيد علی رسالتي‌ في‌ هذا القرآن‌ المعجز، و أنّ العالِم‌ بالقرآن‌ المعجزة‌ شهيد عليها أيضاً. و هذا أفضل‌ شاهد علی مكّيّة‌ الآية‌، و هو يؤيّد و يؤكّد مضمون‌ الروايات‌ الجمّة‌ المأثورة‌ عن‌ الشيعة‌ و السنّة‌ في‌ هذا المجال‌، و التي‌ تنصّ علی أنّ المراد بمن‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ هو أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ ـ عليه‌ السلام‌ وبعده‌ أئمّة‌ أهل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌.

 الرجوع الي الفهرس

الروایات الواردة فی المقصود بـ «وَ مَن عِندَهُ عِلمُ الکِتابِ»

المقصود بـ «وَ مَن عِندَهُ عِلمُ الکِتابِ» هو أمیرالمؤمنین علیه السّلام

 فعن‌ طريق‌ العامّة‌ رواه‌ الثعلبيّ بإسناده‌ عن‌ محمّد بن‌ الحنفيّة‌، [30] و أبو نعيم‌ الإصفهانيّ بإسناده‌ عن‌ محمّد بن‌ الحنفيّة‌.[31] و عن‌ طريق‌ الخاصّة‌، رواه‌ الصفّار في‌ «بصائر الدرجات‌» بإسناده‌ عن‌ أبي‌ حمزة‌ الثماليّ، [32] عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌، و كذلك‌ رواه‌ الصفّار بإسناده‌ عن‌ الفضيل‌ بن‌ يسار، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌. [33] و رواه‌ العيّاشيّ أيضاً في‌ تفسيره‌ عن‌ الفضيل‌ بن‌ يسار، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌، [34] أنـّه‌ قال‌: هَذِهِ الآيَةُ نَزَلَتْ فِي‌ عَلِيِّبْنِ أبي‌طَالِبٍ، و يضيف‌ في‌ الروايتين‌ الاخيرتين‌: وَ أنـّهُ عَالِمُ هَذِهِ الاُمـَّةِ بَعْدَ الْنَّبِيِّ. فهذه‌ الروايات‌ الخمس‌ كلّها تبيّن‌ أنّ الآية‌ نزلت‌ في‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌. و في‌ الروايتين‌ الاخيرتين‌ إضافة‌، و هي‌: أنّ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عالم‌ هذه‌ الاُمّة‌ بعد النبيّ.

 و روي‌ الصّفار أيضاً بإسناده‌ عن‌ جابر، و يريد بن‌ معاوية‌، و الفضيل‌ بن‌ يسار عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌. وكذلك‌ روي‌ بإسناده‌ عن‌ عبدالله‌بن‌ بُكير، وعبدالله‌ بن‌ كُثير الهاشميّ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌. و روي‌ أيضاً بإسناده‌ عن‌ سلمان‌ الفارسيّ، عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ أنّ الآية‌ نزلت‌ في‌ أميرالمؤمنين‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌. [35]

 و روي‌ القندوزيّ الحنفيّ عن‌ الثعلبيّ و إبن‌ المغازليّ بإسنادهما عن‌ عبدالله‌ بن‌ عطا أنـّه‌ قال‌: كُنْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ فِي‌ الْمَسْجِدِ فَرَأيْتُ ابْنُ عَبْدِاللهِ بْنِ سَلاَمٍ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ قَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ علی بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ. [36]

 و روي‌ الحاكم‌ الحسكانيّ بإسناده‌ عن‌ أبي‌ سعيد الخدريّ أنـّه‌ قال‌: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ و سلّم‌ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَي‌: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. قالَ: ذَاكَ أَخِي‌ علی بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ. [37]

 و روي‌ أيضاً بإسناده‌ عن‌ أبي‌ صالح‌ قوله‌ عزّ وجلّ: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُريْشٍ: هُوَ علی وَ لَكِنَّا لاَ نُسَميِّهِ.[38]

 و روي‌ أيضاً عن‌ أبي‌ صالح‌ نفسه‌ في‌ قوله‌ تعالي‌: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. قَالَ: علی بْنُ أَبي‌ طَالِبٍ، كَانَ عَالِماً بِالتَّفِسيرِ وَالتَّأوِيلِ وَالنَّاسِخِ وَالمَنْسُوخِ وَالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ. [39] و روي‌ القندوزيّ الحنفيّ مثلها أيضاً عن‌ ابن‌عبّاس‌. [40]

 و روي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ عن‌ طريق‌ الخاصّة‌ و العامّة‌، عن‌ محمّد بن‌ مسلم‌ و أبي‌ حمزة‌ الثماليّ، و جابر بن‌ يزيد، عن‌ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ و عن‌ علی بن‌ فضّال‌، و الفضيل‌ بن‌ يسار، و أبي‌ بصير عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌السلام‌، و عن‌ أحمد بن‌ محمّد الحلبيّ، و محمّد بن‌ فضيل‌، عن‌ الإمام‌ الرضا عليه‌ السلام‌، و كذلك‌ عن‌ موسي‌ بن‌ جعفر، و زيد بن‌ علی و محمّدبن‌ الحنفيّة‌، و سلمان‌ الفارسيّ، و أبي‌ سعيد الخدريّ، و إسماعيل‌ السدّيّ أنـّهم‌ قالوا في‌ قوله‌ تعالي‌: قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ، هُوَ علی بْنُ أَبي‌ طَالِبٍ. [41]

 و روي‌ ابن‌ شهرآشوب‌ أيضاً عن‌ الثعلبيّ في‌ تفسيره‌ بسنده‌ عن‌ عبدالله‌ بن‌ عطا قال‌ كنت‌ مع‌ محمّد الباقر في‌ المسجد فرأيت‌ ابن‌ عبدالله‌ابن‌سلام‌ فقلت‌: هذا ابن‌ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ قال‌: إنّما ذلك‌ علي‌ابن‌ أبي‌طالب‌. و روي‌ أنـّه‌ «سُئل‌ سعيد بن‌ جبير: و من‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌، عبدالله‌بن‌ سلام‌؟ قال‌: لا، و كيف‌ و هذه‌ السورة‌ مكّيّة‌. و عن‌ ابن‌ عبّاس‌ قال‌: من‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ إنـّما هو علی. لقد كان‌ عالماً بالتفسير و التأويل‌ و الناسخ‌ والمنسوخ‌. و روي‌ عن‌ ابن‌ الحنفيّة‌ قوله‌: عند أبي‌ أميرالمؤمنين‌ علی صلوات‌ الله‌ عليه‌ علم‌ الكتاب‌ الاوّل‌ و الآخر. رواه‌ النطنزيّ في‌ «الخصائص‌» عن‌ طريق‌ العامّة‌ ما رواه‌ الثعلبيّ بطريقين‌ في‌ معني‌: و من‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌. [42]

 و قال‌ الشيخ‌ علی بن‌ يونس‌ النباطيّ العامّيّ في‌ كتاب‌ «الصراط‌ المستقيم‌»: قال‌ في‌ تفسير الثعلبيّ عن‌ ابن‌ عطا: قال‌: رأيتُ ابن‌عبدالله‌ ابن‌سلام‌، فقلتُ: هذا الذي‌ عند أبيه‌ علم‌ الكتاب‌؟ قال‌: إنـّما ذلك‌ عند علی بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ و نحوه‌ روي‌ أبو نعيم‌ الاصفهانيّ عن‌ محمّد بن‌ الحنفيّة‌ بطريقين‌. ثمّ قال‌ الثعلبيّ: و الرواية‌ منسوبة‌ إلی ابن‌ عمر، إلی جابر، إلی أبي‌ هريرة‌، إلی عائشة‌.[43] و روي‌ الفقيه‌ ابن‌ المغازليّ الشافعيّ بإسناده‌ عن‌ علی بن‌ حابس‌، قال‌: دخلت‌ أنا وأبو مريم‌ علی عبدالله‌بن‌ عطا قال‌ أبو مريم‌ (لابن‌ عطا): حدّث‌ عليّاً (بن‌ حابس‌) الحديث‌ الذي‌ حدّثتني‌ عن‌ أبي‌ جعفر (الباقر) عليه‌ السلام‌. قال‌ (ابن‌ عطا): كنت‌ عند أبي‌ جعفر (الباقر) عليه‌ السلام‌ جالساً إذ مرّ عليه‌ ابن‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌. قلتُ: جُعلت‌ فداك‌، هذا ابن‌ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌؟ قال‌: لا، ولكنّه‌ صاحبكم‌ عليّبن‌ أبي‌طالب‌، الَّذِي‌ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ عزّ وجلّ: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. أَفَمَنْ كَانَ عَلَي‌' بَيِّنَةٍ مِن‌ رَّبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ. إِنـَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَ رَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُو´ا. [44]

 و روي‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ بسنده‌ عن‌ بُرَيد بن‌ معاوية‌،[45] وكذلك‌ روي‌ العيّاشيّ في‌ تفسيره‌ عنه‌،[46] و روي‌ الصفّار في‌ «بصائر الدرجات‌» بسنده‌ عنه‌ أيضاً [47]، قال‌: قُلْتُ لاَبِي‌ جَعفَرٍ عَلَيهِ السَّلاَمُ: قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. قَالَ: إيّانَا عَني‌، وَعَلِيٌّ أَفْضَلُنَا وَ أَوَّلُنَا وَ خَيْرُنَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ.

 و روي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ عطيّة‌ العوفيّ، عن‌ أبي‌ سعيد الخُدريّ أنـّه‌ قال‌: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ عَنْ قَوْلِ اللَهِ جَلَّ ثَناؤُهُ: قَالَ الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَـ'بِ. قَالَ: ذَاكَ وَصِيُّ أَخِي‌ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، فَقُلتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَولُ اللهِ: قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. قال‌: إيَّانَا عَنَي‌، وَ علی أَفْضَلُنَا وَ أَوَّلُنَا وَ خَيْرُنَا بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ.

 و روي‌ الشيخ‌ الصدوق‌ بإسناده‌ المتّصل‌ عن‌ عطيّة‌ العوفيّ، عن‌ أبي‌ سعيد الخُدريّ أنـّه‌ قال‌: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَهِ عَنْ قَوْلِ اللَهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: قَالَ الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَـ'بِ. قَالَ: ذَاكَ وَ صِيُّ أَخِي‌ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَهِ، فَقَوْلُ اللَهِ: قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ؟ قالَ: ذَاكَ أَخِي‌ علی بْنُ أَبِي‌ طَالِبٍ. [48]

 الرجوع الي الفهرس

علم أمیرالمؤمنین و الأئمة علیم السّلام بجمیع الکتاب 97

 و روي‌ محمّد بن‌ يعقوب‌ الكلينيّ بإسناده‌ عن‌ محمّد بن‌ سليمان‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ سدير أنـّه‌ قال‌: كُنْتُ أَنَا وَ أَبُو بَصيرٍ وَ يَحْيَي‌ الْبَزّازُ وَ دَاوُدُ بْنُ كُثَيْرٍ فِي‌ مَجْلِسِ أَبي‌ عَبْدِاللهِ عَلَيهِ السَّلاَمُ إذْ خَرَجَ عَلَيْنَا وَ هُوَ مُغْضِبٌ، فَلَمّا أَخَذَ مَجْلِسَهُ قَالَ: يَا عَجَبَاً لاِقْوَامٍ يَزْعَمُونَ أَنّا نَعْلَمُ الْغَيْبَ، لاَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلاّاللَهُ عزّوَجَلَّ. لَقَدْ هَمَمْتُ بِضَربِ جَارِيَتي‌ فَهَرَبَتْ مِنِّي‌، فَمَا عَلِمْتُ فِي‌ أَيِّ بُيُوتِ الدَّارِ هِي‌َ. قَالَ سديرٌ، فَلَمّا أَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَ صَارَ فِي‌ مَنْزِلِهِ، دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبُو بَصِيرٌ وَمُيَسِّرٌ وَ قُلْنَا: جَعَلَنَا اللَهُ فِدَاكَ، سَمِعْنَا وَ أَنْتَ تَقُولُ كَذَا وَ كَذاَ فِي‌ أَمْرِ جَاريَتِكَ وَ نَحْنُ نَعْلَمُ أَنـَّكَ تَعْلَمُ عِلْماً كَثِيراً وَلاَ نَنْسِبُكَ إلی عِلْمِ الْغَيْبِ! قَالَ: فَقَالَ: يَا سَدِيرُ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرآنَ؟ قُلْتُ: بَلَي‌. قَالَ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيمَا قَرَأتَ مِنْ كِتَابِ اللَهِ عَزَّوَجَلَّ: قَالَ الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَـ'بِ[49] أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن‌ يَّرْتَدّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ قَرَأتُهُ. قَالَ: فَهَلْ عَرَفْتَ الرَّجُلَ وَ هَلْ عَلِمْتَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرنِي‌ بِهِ. قَالَ: قَدْرُ قَطرَةٍ مِنْ مَاءٍ الْبَحْرِ الاْخْضَرِ، فَمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ؟ قَالَ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ: مَا أَقَلَّ هَـ'ذَا! فَقَالَ: يَا سَديرُ، مَا أَكْثَرَ هَذَا أَنْ يَنْسِبَهُ اللَهُ عزَّوَجلَّ إلی الْعِلْمِ الَّذِي‌ أُخْبِرُكَ بِهِ. يَا سَديرُ، فَهَلْ وَجَدْتَ مَا قَرَأتَ فِي‌ كِتَابِ اللهِ عَزَّوَجَلَّ أَيضاً: قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ؟ قَالَ: قُلْتُ: قَرَأتُهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ. قَالَ: فَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ كُلِّهِ أَفْهَمُ أَمْ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ بَعْضِهِ؟ قُلْتُ: لاَ، بَلْ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ كُلِّهِ [50]. قَالَ: فَأَوْمَي‌ بِيَدِهِ إلی صَدْرِهِ وَقَالَ: عِلْمُ الْكِتَابِ وَاللَهِ كُلِّهِ عِنْدَنَا، عِلْمُ الْكِتَابِ وَاللَهِ كُلِّهِ عِنْدَنَا. وَ رَوَي‌ هَذَا الْحَديِثَ أَيْضاً الصَّفَّارُ فِي‌ «بصائر الدرجات‌» بِتَغْييرٍ يَسيرٍ بِزِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ. [51]

 و روي‌ الصفّار هذا الحديث‌ في‌ «بصائر الدرجات‌» باختلاف‌ يسير في‌ اللفظ‌، و ذكره‌ القندوزيّ الحنفيّ مختصراً.[52]

 و روي‌ القندوزيّ أيضاً عن‌ عمر بن‌ أُذينه‌، عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌السلام‌ أنـّه‌ قال‌: قَالَ أميرالمؤمنينَ صلوات‌ الله‌ عليه‌: أَلاَ إِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي‌ هَبَطَ بِهِ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ السَّمَاءِ إلی الاْرْضِ وَ جَميعَ مَا فُضِّلَتْ بِهِ النَّبِيُّونَ إلی خَاتَمِ النَّبِيِّينَ فِي‌ عِتْرَةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيهِ وَعَلَيْهِم‌. [53]

 و روي‌ الشيخ‌ الطبرسيّ في‌ «الاحتجاج‌» بسنده‌ عن‌ الوليد السمّان‌ أنـّه‌ قال‌: قالَ لي‌ أبُو عَبْدِاللهِ عليه‌ السّلام‌: مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي‌ أُولِي‌ الْعَزْمِ وَ عَنْ صَاحِبِكُمْ ـ يَعْنِي‌ أَميرُالْمُؤمِنِينَ ـ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا يُقَدِّمُونَ علی أُولِي‌ الْعَزْمِ أَحَداً. فَقَالَ: إِنَّ اللَهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَي‌ قَالَ عَنْ مُوسَي‌: «وَ كَتَبْنَا لَهُ فِي‌ الاْلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً» وَ لَمْ يَقُلْ كُلَّ شَيْءٍ. وَ قَالَ عَنْ عِيسَي‌: «وَ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي‌ تَخْتَلِفُونَ فِيهِ». وَ لَمْ يَقُلْ كُلَّ الَّذِي‌ تَخْتَلِفُونَ فِيهِ. وَ قَالَ عَنْ صَاحِبِكُمْـ يَعْنِي‌ أَميِرِالْمؤمِنِينَ عَلَيهِ السَّلاَمُ ـ: «قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ»، فَقَالَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَأَبِسٍ إِلاَّ فِي‌ كِتَـ'بٍ مُّبِينٍ»، وَ عِلْمُ هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَهُ. [54] و ذكر القندوزيّ الحنفيّ هذه‌ الرواية‌ باختصار. [55]

 و روي‌ علی بن‌ إبراهيم‌ في‌ تفسيره‌ عن‌ عمر بن‌ أُذينة‌ أنـّه‌ قال‌: قال‌ أبو عبدالله‌ عَلَيهِ السَّلاَمُ: «الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ» هُوَ أَمِيرُالمؤمِنِينَ عَلَيهِالسَّلاَمُ. وَ سُئِلَ عَنِ الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِن‌ الْكِتَابِ أَعْلَمُ أَمْ مَنِ الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ، فَقَالَ: فَأعْلِمُ كَانَ الَّذِي‌ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ إِلاّ بِقَدْرِ مَا تَأخُذُ الْبَعُوْضَةُ بِجَنَاحِهَا مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ. قَالَ أَميرُالْمُؤمِنِينَ: أَلاَ إِنَّ الْعِلْمُ الَّذِي‌ هَبَطَ بِهِ آدَمُ مِنَ السَّمَاءِ إلی الاْرْضِ وَ جَمِيعَ مَا فُضِّلَتْ بِهِ النَبِيُّونَ إلی خَاتَمِ النَّبِيِّينَ فِي‌ عِتْرَةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ. [56] و ذكر القندوزيّ الحنفيّ هذه‌ الرواية‌ باختصار.[57]

 إذن‌ أتّضح‌ من‌ مجموع‌ ما تقدّم‌ أنـّه‌ لاشكّ و لا ترديد أنّ المراد من‌ الذي‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ في‌ الآية‌ المشار إليها هو أميرالمؤمنين‌ عليّبن‌ أبي‌طالب‌ عليه‌ السلام‌ و أنّ الاحتمالات‌ الاُخري‌ المطروحة‌ واهية‌ و خاطئة‌. وكيف‌ يمكن‌ أن‌ لايكون‌ المعنيّ بهذه‌ الآية‌ هو أميرالمؤمنين‌ الذي‌ كان‌ ملازماً للنبيّ الاكرم‌ منذ بداية‌ الرسالة‌ في‌ الليل‌ و النهار. و في‌ الحلّ والترحال‌، و في‌ الحرب‌ و السلم‌، ويكون‌ عبدالله‌بن‌ سلام‌ الذي‌ أسلم‌ في‌ المدينة‌ بعد ثلاث‌ عشرة‌ سنة‌ من‌ البعثة‌ النبويّة‌؟!

 ومضافاً إلی ذلك‌ كلّه‌ فإنّ عبدالله‌ بن‌ سلام‌، كما تفيده‌ ترجمته‌ لم‌ يبايع‌ أميرالمؤمنين‌ و لم‌ يقرّ بإمامته‌، فكيف‌ يقرنه‌ رسول‌ الله‌ مع‌ الله‌ في‌ الشهادة‌ علی رسالته‌؟

 الرجوع الي الفهرس

ترجمة عبدالله بن سلام

 و لقد عدّة‌ البرقيّ في‌ رجاله‌ من‌ صحابة‌ النبيّ. [58] و جعله‌ ابن‌ داود في‌ رجاله‌ في‌ الباب‌ الاوّل‌، [59] أي‌ في‌ المعتمدين‌ و الموثّقين‌، مع‌ أنّ صاحب‌ «تنقيح‌ المقال‌» يقول‌: عدّ ابن‌ داود كثيراً من‌ الناس‌ في‌ الباب‌ الاوّل‌، ثمّ جرّحهم‌ في‌ الباب‌ الثاني‌ الخاصّ بالضعفاء و المجهولين‌. [60]

 ويقول‌ أيضاً: و حال‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌ عندي‌ مجهول‌ و هذا يعني‌ أنـّه‌ لاإعتبار لرواياته‌. و عدّه‌ المشايخ‌ الثلاثة‌ في‌ علم‌ الرجال‌ أيضاً من‌ أصحاب‌ رسول‌ الله‌ و اصفين‌ له‌ بالإسرائيليّ، ثمّ الانصاريّ و قالوا أنـّه‌ كان‌ حليفاً لبني‌ القينقاع‌، و هو من‌ ولد يوسف‌ بن‌ يعقوب‌. و كان‌ اسمه‌ في‌ الجاهليّة‌: الحصين‌، فسمّاه‌ النبيّ حين‌ أسلم‌ عند قدومه‌ المدينة‌ مهاجراً بعبدالله‌ وتوفّي‌ سنة‌ ثلاث‌ و أربعين‌ علی ما أرّخه‌ أبو أحمد العسكريّ. ثمّ يقول‌: ويمكن‌ استفادة‌ سوء حاله‌ ممّا رواه‌ ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌». يقول‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: إنّ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لمّا بويع‌ بعد عثمان‌ أرسل‌ خلف‌ جمع‌ و أمرهم‌ بالبعد، فقيل‌ له‌: ألاَ تبعث‌ إلی حسّان‌ بن‌ ثابت‌ وكعب‌ بن‌ مالك‌، و عبدالله‌ بن‌ سلام‌؟ فقال‌: لاَ حاجَةَ لَنَا فِيمَنْ لاَ حاجَةَ لَهُ فِينَا ـ [61] انتهي‌.

 و يقول‌ العلاّمة‌ الشيخ‌ محمّد تقي‌ الشوشتريّ بعد نقل‌ كلام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فيه‌ عن‌ ابن‌ أبي‌ الحديد: ذكر الطبريّ والمسعوديّ أيضاً كلام‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فيه‌. [62]

 و أمّا في‌ رجال‌ العامّة‌، فلم‌ نعثر علی ترجمة‌ له‌ في‌ طبقات‌ ابن‌ سعد و«ميزان‌ الاعتدال‌» للذهبيّ، إلاّ أنّ ابن‌ عبدالبرّ ذكر ترجمته‌، إلی أن‌ قال‌: قال‌ بعض‌ المفسّرين‌ في‌ قول‌ الله‌ عزّوجلّ: وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي‌ إِسْرَ ' ءَيلَ علی مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرتُمْ، و قوله‌: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ هو عبدالله‌ بن‌ سلام‌. ثمّ قال‌: و أنكر ذلك‌ عكرمة‌ و الحسن‌ و قالا: كيف‌ يكون‌ ذلك‌ والسورة‌ مكّيّة‌، وإسلام‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌ كان‌ في‌ المدينة‌. ثمّ قال‌: قال‌ أبوعمر: و كذلك‌ سورة‌ الاحقاف‌ مكّيّة‌. بما فيها من‌ آية‌ وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي‌ إِسْرَ ' ءَيلَ فلا اعتبار للقولين‌ جميعاً. [63]

 وقال‌ إبن‌ الاثير الجزريّ: لمّا أُريد قتل‌ عثمان‌، جاء عبدالله‌ بن‌ سلام‌، فقال‌ له‌ عثمان‌: ما جاء بك‌؟ قال‌: جئت‌ في‌ نصرك‌. قال‌: اخرج‌ إلی الناس‌، فاطردهم‌ عنّي‌، فإنّك‌ خارجٌ خير إليّ منك‌ داخل‌. فخرج‌ عبدالله‌ إلی الناس‌، فقال‌: أيّها الناس‌، إنـّه‌ كان‌ اسمي‌ في‌ الجاهليّة‌ فلان‌، فسمّاني‌ رسول‌ الله‌: عبدالله‌، و نزلت‌ في‌ّ آيات‌ من‌ كتاب‌ الله‌ عزّ وجلّ: وَ شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي‌ إِسْرَءَ'يلَ علی مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرتُمْ، و الآية‌: قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ.

 «أيّها الناس‌، إنّ لله‌ سيفاً مغموداً، و إنّ الملائكة‌ قد جاورتكم‌ في‌ بلدكم‌ هذا الذي‌ نزل‌ فيه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ فالله‌ الله‌ في‌ هذا الرجل‌ أن‌ تقتلوه‌، فوالله‌ لئن‌ قتلتموه‌، لتطردنّ جيرانكم‌ الملائكة‌ وليسلنّ سيف‌ الله‌ المغمود عنكم‌، فلا يغمد إلی يوم‌ القيامة‌. قال‌ الناس‌: اقتلوا عثمان‌ اليهوديّ، فقتلوا عثماناً». [64]

 يظهر لنا من‌ هذا كلّه‌ أنّ عبدالله‌ بن‌ سلام‌ كان‌ يعتبر نفسه‌ عالماً بالكتاب‌، أي‌: التوراة‌، و يري‌ أنّ الآية‌ المذكورة‌ نزلت‌ فيه‌، كما قال‌ السيوطيّ: أخرج‌ ابن‌ جرير، وابن‌ مردويه‌ عن‌ طريق‌ عبدالملك‌ أنّ محمّدبن‌ يوسف‌ بن‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌، وهو حفيد عبدالله‌، قال‌: قال‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌: قَدْ أَنزَلَ اللهُ فِي‌ القُرآنَ: قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي‌ وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. [65]

 و قال‌ السيوطيّ أيضاً: روي‌ ابن‌ مردويه‌ عن‌ طريق‌ عبدالملك‌، عن‌ جُندب‌ أنـّه‌ قال‌: جَاءَ عَبْدُاللهِ بْنُ سَلاَمٍ حَتّي‌ أَخَذَ بِعِضَادَتَي‌ بَابَ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ: أُنْشُدُكُمْ بِالله‌، أَتَعْلَمُونَ أَنِّي‌ أَنَا الَّذِي‌ أُنْزِلَتْ فِيهِ: وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ؟ قالوا: اللَهُمَّ نَعَم‌. [66]

 في‌ ضوء ذلك‌، فإنّ عبدالله‌ بن‌ سلام‌ يعتبر الآية‌ نازلة‌ فيه‌، وكذلك‌ يعتبرها ابنه‌ و حفيده‌. و كما روينا سابقاً فإنّ الإمام‌ الباقر عليه‌ السلام‌ فنّد ادّعاء ابن‌ عبدالله‌ بن‌ سلام‌ أمام‌ عبدالله‌ بن‌ عطا، و قال‌ إنـّما ذلك‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌، علماً أنّ بعض‌ الذين‌ قالوا بنزول‌ الآية‌ فيه‌، مثل‌ مجاهد، إنـّما قالوا بذلك‌ من‌ عندهم‌، لا روايةً عن‌ رسول‌ الله‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 43، من‌ السورة‌ 13: الرعد.

[2] ـ «تفسير أبي‌الفتوح‌» ج‌ 6، ص‌ 53 (بالفارسيّة‌). و قد أوردنا ترجمة‌ كلامه‌. (م‌)

[3] ـ تفسير «الكشاف‌» ج‌ 2، ص‌ 536.

[4] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 69

[5] ـ هذا الكلام‌ صحيح‌، ولكن‌ ينبغي‌ أن‌ نقول‌ في‌ مقابل‌ الكفّار الذين‌ لايذعنون‌ لاحقيّة‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ القرآن‌ أنـّه‌ لمّا كان‌ القرآن‌ معجزة‌، و أنّ الله‌ أجري‌ إعجازه‌ علی يد النبيّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ فقد صدّقه‌. و هذا الاءجراء علی يد النبيّ هو شهادة‌ الله‌. و يمكن‌ حينئذٍ أن‌ نحمل‌ كلام‌ الفخر الرازيّ علی الصحّة‌

[6] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 70؛ و نسب‌ تفسير «مجمع‌ البيان‌» في‌ ج‌ 3 ص‌ 301 هذا القول‌ إلی الحسن‌، و الضحّاك‌، و سعيد بن‌ جبير و قال‌: هو ما اختاره‌ الزجّاج‌. والشاهد علی هذا قراءة‌ من‌ تلا الآية‌ هكذا: وَ مِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتـ'بِ أَوْ وَ مِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَـ'بُ. و قال‌ في‌ تفسير «الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 536: قراءة‌ من‌ قرأ مِنْ بالكسرة‌ يقوّي‌ قول‌ الحسن‌. أي‌: مِنْ لَدُنْهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. أَوْ عُلِمَ فعل‌ مبني‌ للمفعول‌، أيّ مِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَـ'بُ

[7] ـ تفسير «الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 536.

[8] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 70؛ و نسب‌ تفسير «مجمع‌ البيان‌» في‌ ج‌ 3 ص‌ 301 هذا القول‌ إلی الحسن‌، و الضحّاك‌، و سعيد بن‌ جبير و قال‌: هو ما اختاره‌ الزجّاج‌. والشاهد علی هذا قراءة‌ من‌ تلا الآية‌ هكذا: وَ مِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتـ'بِ أَوْ وَ مِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَـ'بُ. و قال‌ في‌ تفسير «الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 536: قراءة‌ من‌ قرأ مِنْ بالكسرة‌ يقوّي‌ قول‌ الحسن‌. أي‌: مِنْ لَدُنْهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. أَوْ عُلِمَ فعل‌ مبني‌ للمفعول‌، أيّ مِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَـ'بُ.

[9] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69.

[10] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 70؛ و نسب‌ تفسير «مجمع‌ البيان‌» في‌ ج‌ 3 ص‌ 301 هذا القول‌ إلی الحسن‌، و الضحّاك‌، و سعيد بن‌ جبير و قال‌: هو ما اختاره‌ الزجّاج‌. والشاهد علی هذا قراءة‌ من‌ تلا الآية‌ هكذا: وَ مِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتـ'بِ أَوْ وَ مِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَـ'بُ. و قال‌ في‌ تفسير «الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 536: قراءة‌ من‌ قرأ مِنْ بالكسرة‌ يقوّي‌ قول‌ الحسن‌. أي‌: مِنْ لَدُنْهُ عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. أَوْ عُلِمَ فعل‌ مبني‌ للمفعول‌، أيّ مِنْ عِنْدِهِ عُلِمَ الْكِتَـ'بُ

[11] ـ تفسير «الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 536.

[12] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 424.

[13] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 424؛ و الآية‌ 19، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[14] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 70.

[15] ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69.

[16] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 425.

[17] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69

[18] ـ «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 424؛ و «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 69؛ و «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 301؛ و «الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 536؛ و «تفسير أبي‌ السعود» ج‌ 3، ص‌ 235.

[19] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69.

[20] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 425.

[21] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 104، باب‌ 30.

[22] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 425.

[23] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69، و «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 104، باب‌ 30.

[24] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 922

[25] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69.

[26] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69.

[27] ـ «تفسير أبي‌ السعود» ج‌ 3، ص‌ 235.

[28] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 425

[29] ـ «تفسير الفخر الرازيّ» ج‌ 19، ص‌ 70.

[30] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357، الحديث‌ الثاني‌؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 102، باب‌ 30؛ و«شواهد التنزيل‌» ص‌ 308.

[31] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357، الحديث‌ الخامس‌؛ و «تفسير أبي‌ الفتوح‌» ج‌ 6، ص‌ 504؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 102، باب‌ 30.

[32] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358، الحديث‌ السادس‌؛ و «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 427

[33] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358، الحديث‌ التاسع‌.

[34] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358، الحديث‌ السادس‌ مكرّر؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 102؛ باب‌ 30.

[35] ـ تفسير «الميزان‌» ج‌ 1 1، ص‌ 427.

[36] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 102، باب‌ 30؛ و «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357 الحديث‌ الاوّل‌؛ و «شواهد التنزيل‌» للحسكانيّ ص‌ 308؛ و «تفسير أبي‌ الفتوح‌» ج‌ 6، ص‌ 504؛ و تفسير «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 427

[37] ـ «شواهد التنزيل‌» ص‌ 307.

[38] ـ «شواهد التنزيل‌»، ص‌ 310.

[39] ـ «شواهد التنزيل‌»، ص‌ 310.

[40] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 104.

[41] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357، الحديث‌ الثالث‌؛ و نقله‌ صاحب‌ «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30 ص‌ 103 عن‌ «مناقب‌» ابن‌ شهرآشوب‌؛ و تفسير «البرهان‌».

[42] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 257 ذيل‌ الحديث‌ الثالث‌؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 103.

[43] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357، الحديث‌ السادس‌.

[44] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357. الحديث‌ الرابع‌.

[45] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357، الحديث‌ الاوّل‌؛ و «الميزان‌» ج‌ 11، ص‌ 427.

[46] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358، الحديث‌ الثالث‌ عشر؛ و تفسير «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 301.

[47] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358، الحديث‌ الثامن‌؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 103؛ وذكره‌ في‌ «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 301

[48] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358 الحديث‌ الثاني‌ عشر؛ و «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 103 مرفوعاً.

[49] ـ يعني‌ آصف‌ بن‌ برخيا وصيّ و وزير سليمان‌ عليه‌ السلام‌، و ذلك‌ حين‌ دعا سليمانُ بلقيس‌ إلی الإسلام‌ هي‌ وقومها و إلی عدم‌ الاستعلاء عليه‌ و أن‌ يأتوه‌ مسلمين‌، فكان‌ ذات‌ يوم‌ جالساً في‌ مجلسه‌ فقال‌ لمن‌ حوله‌ من‌ الجنّ المسخّرين‌ له‌: من‌ يأتيني‌ بعرشها قبل‌ أن‌ يأتوني‌ مسلمين‌؟ قال‌: يَـ'´ـأَيـُّهَا الْمَلاَ أَيُّكُمْ يَّأْتِينِي‌ بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن‌ يَأْتُونِي‌ مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن‌ تَقُومَ مِن‌ مَّقَامِكَ وَ إِنِّي‌ عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي‌ عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَـ'بِ أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن‌ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـ'ذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي‌ لِيَبْلُوَنِي‌´ ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ (الآيات‌ 38 إلی 40، من‌ السورة‌ 27: النمل‌.)

[50] ـ حيث‌ أن‌ نسبتهما إلی بعضهما كنسبة‌ البحر الاخضر (المحيط‌ الاطلسيّ) إلی القطرة‌ الواحدة‌.

[51] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 357 الحديث‌ الثاني‌ مكرّر. و نقل‌ ذيل‌ هذا الحديث‌ في‌ «مجمع‌ البيان‌» ج‌ 3، ص‌ 301؛ و في‌ «الكافي‌» كتاب‌ الحجّة‌ ج‌ 1، ص‌ 257.

[52] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 103.

[53] «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 103

[54] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358، الحديث‌ الثامن‌ عشر.

[55] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 103.

[56] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 358، الحديث‌ الثالث‌.

[57] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» باب‌ 30، ص‌ 103.

[58] ـ «رجال‌» البرقيّ، ص‌ 2.

[59] ـ «رجال‌» ابن‌ داود، ص‌ 205.

[60] ـ «تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 2، ص‌ 185.

[61] ـ «تنقيح‌ المقال‌» ج‌ 2، ص‌ 185.

[62] ـ «قاموس‌ الرجال‌» ج‌ 5، ص‌ 471.

[63] ـ «الاستيعاب‌» ج‌ 3، ص‌ 922

[64] ـ «اسد الغابة‌» ج‌ 3، ص‌ 176.

[65] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69.

[66] ـ «الدرّ المنثور» ج‌ 4، ص‌ 69.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com