بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس / القسم العاشر: آیة الولایة فی شأن علی علیه السلام، الرد علی العامة و الفخر فی تفسیر آیة...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

رواية‌ ابن‌ أبي‌ يعفور في‌ شأن‌ الولاية‌

 11 ـ وعن‌ « تفسير العيّاشي‌ّ » عن‌ ابن‌ أبي‌ يعفور قال‌: قلتُ لابي‌ عبدالله‌ عليه    السلام‌: أعرض‌ علی ك‌ ديني‌ الذي‌ أدين‌ الله‌ به‌ ؟!

 قال‌: هاته‌ .

 قلتُ: أَشْهَدُ أَن‌ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَهُ ؛ وأُقِرُّ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَهِ . ] قال‌ ابن‌ أبي‌ يعفور [: ثمّ وصَفت‌ له‌ الائمّة‌ حتّي‌ انتهيت‌  إلی‌ أبي‌ جعفر عليه   السلام‌، قلتُ:

 وأقول‌ فيك‌ ما أقول‌ فيهم‌ .

 فقال‌: أنهاك‌ أن‌ تذهب‌ باسمي‌ في‌ الناس‌ .

 قال‌ أبان‌، راوي‌ هذه‌ الرواية‌: قال‌ ابن‌ أبي‌ يعفور: قلتُ له‌ مع‌ الكلام‌ الاوّل‌، وأزعم‌ أنـّهم‌ الذين‌ قال‌ الله‌ في‌ القرآن‌: أَطِيعُوا اللَهُ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي‌ الاْمْرِ مِنكُمْ .

 فقال‌ أبو عبد الله‌: والآية‌ الاُخري‌ !

 قلتُ له‌: جعلت‌ فداك‌ ! أي‌ّ آية‌ ؟!

 قال‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ .

 ثمّ قال‌ لابن‌ أبي‌ يعفور: رحمك‌ الله‌ !

 قلتُ: تقول‌: رحمك‌ الله‌ علی الإقرار بهذا الامر ؟!

 قال‌: رحمك‌ الله‌ علی هذا الامر ! [1]

 وروي‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه   هذا الحديث‌ عن‌ « تفسير العيّاشي‌ّ » حتّي‌ بيان‌ الآية‌ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ ولم‌ يذكر ذيله‌ .[2] 

 12 ـ عن‌ « تفسير العيّاشي‌ّ » بإسناده‌ عن‌ المفضّل‌ بن‌ صالح‌، عن‌ بعض‌ الاصحاب‌، عن‌ أحدهما: الباقر أو الصادق‌ علی هما السلام‌: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا» شُقَّ ذَلِكَ علی النَّبِي‌ِّ صَلَّي‌اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَخَشِيَ أَنْ يُكَذِّبَهُ قُرَيْشٌ فَأَنْزَلَ اللَهُ .

 «يَـ'´أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنْزِلَ  إلیكَ مِن‌ رَّبِّكَ فَإِن‌ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ» فَقَامَ بِذَلِكَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ . [3]

 وذكر المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه   هذا الحديث‌ كلّه‌ .[4] 

 13 ـ عن‌ « تفسير العيّاشي‌ّ » عن‌ أبي‌ جميلة‌، عن‌ بعض‌ الاصحاب‌، عن‌ أحد الإمامين‌، أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه   وآله‌ وسلّم‌ قال‌: إِنَّ اللَهَ أَوْحَي‌  إلی‌َّ أَنْ أُحِبَّ أَرْبَعةً: علی اً وَأَبَا ذَرٍّ وَسَلْمَانَ وَمِقْدَادَ ؛ فَقُلْتُ: أَلاَ فَمَا كَانَ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ ؟ أَمَا كَانَ أَحَدٌ يَعْرِفُ هَذَا الاَمْرَ ؟ فَقَالَ: بَلَي‌ ثَلاَثَةٌ !

 قُلْتُ: هَذِهِ الآيَاتُ أُنْزِلَتْ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا»، وقولُهُ: «أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي‌ الاْمْرِ مِنكُمْ»، أَمَا كَانَ أَحَدٌ يَسْأَلُ فِيمَ نَزَلَتْ ؟!

 فَقَالَ: مِنْ ثَمَّ أَتَاهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ . [5]

 وأورد المجلسي‌ّ هذه‌ الرواية‌ كلّها في‌ « بحار الانوار » . [6]

 14 ـ عن‌ « تفسير العيّاشي‌ّ » بإسناده‌ عن‌ الفضيل‌، عن‌ أبي‌ جعفر الباقر عليهالسلام‌ في‌ تفسير الآية‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا، قال‌: هُمُ الاْئِمَّةُ علی هِمُ السَّلاَمُ . [7]

 وذكر المجلسي‌ّ هذه‌ الرواية‌ أيضاً . [8]

 الرجوع الي الفهرس

مناشدة‌ أمير المؤمنين‌ أبا بكر في‌ شأن‌ آية‌ الولاية‌

 15 ـ عن‌ ابن‌ بابويه‌ بإسناده‌، عن‌ أبي‌ سعيد الورّاق‌، عن‌ أبيه‌، عن‌ جعفر بن‌ محمّد، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ في‌ حديث‌ مُنَاشَدة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه   السلام‌ أبابكر حين‌ ولي‌ أبو بكر الخلافة‌، وذكر فضائله‌ عليه   السلام‌ لابي‌بكر والنصوص‌ عليه   من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه   وآله‌ وسلّم‌ فكان‌ فيما قال‌ له‌ عليه   ا لسلام‌:

 أَنْشُدُكَ باللَهِ  إلی‌َ الْوَلاَيَةُ مِنَ اللَهِ مَعَ وَلاَيَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في‌ آيَةِ زَكَاةِ الْخَاتَمِ، أمْ لكَ ؟! قَالَ: بَلْ لَكَ ![9] 

 16 ـ ] عن‌ [ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ كتاب‌ « المجالس‌ » بإسناده‌  إلی‌ أبي‌ ذرّ في‌ حديث‌ مناشدة‌ أمير المؤمنين‌ عليه   السلام‌ عُثمَان‌، والزُّبَيْر، وعَبْدَالرَّحمنِ بْنَ عَوْف‌، وسَعْدَ بنَ أبي‌ وَقّاص‌ يوم‌ الشوري‌، واحتجاجه‌ علی هم‌ بما فيه‌ من‌ النصوص‌ من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه   وآله‌ وسلّم‌ والكلّ منهم‌ يصدّقه‌ فيما يقوله‌، فكان‌ ممّا ذكره‌:

 فَهَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ أَتَي‌ الزَّكَاةَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَنَزَلَتْ فِيهِ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ» غَيْرِي‌ ؟ قَالُوا: لاَ . [10]

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌ الإمام‌ الهادي‌ّ في‌ شأن‌ الولاية‌ وقصّة‌ الخاتم‌

 17 ـ عن‌ أحمد بن‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ الطبرسي‌ّ في‌ كتاب‌ « الاحتجاج‌ » في‌ رسالة‌ ] الإمام‌ [ أبي‌ الحسن‌ الثالث‌: علی ‌ِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَادِي‌ّ عليه   السلام‌  إلی‌ أهل‌ الاهواز حين‌ سألوه‌ عن‌ الجبر والتفويض‌: قال‌ عليه   السلام‌: اجتمعت‌ الاُمّة‌ قاطبة‌ لا اختلاف‌ بينهم‌ في‌ ذلك‌ أنّ القرآن‌ حقّ لاريب‌ فيه‌ عند جميع‌ فرقها، فهم‌ في‌ حالة‌ الاجتماع‌ عليه   مصيبون‌، و علی تصديق‌ ما أنزل‌ الله‌ مهتدون‌ لقول‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه   وآله‌ وسلّم‌: لاَ تَجْتَمِعُ أُمَّتِي‌ علی ضَلاَلَةٍ . فأخبر عليه السلام أنّ ما اجتمعت‌ عليه   الاُمّة‌ ولم‌يخالف‌ بعضها بعضاً هو الحقّ .

 فهذا معني‌ الحديث‌ لا ما تأوّله‌ الجاهلون‌، ولا ما قاله‌ المعاندون‌ من‌ إبطال‌ حكم‌ الكتاب‌، واتّباع‌ أحكام‌ الاحاديث‌ المزوّرة‌، والروايات‌ المزخرفة‌، واتّباع‌ الاهواء المردية‌ المهلكة‌ التي‌ تخالف‌ نصّ الكتاب‌، وتحقيق‌ الآيات‌ الواضحات‌ النيّرات‌، ونحن‌ نسألُ الله‌ أن‌ يوفّقنا للصلاة‌ ويهدينا  إلی‌ الرشاد .

 ثمّ قال‌ عليه السلام: فإذا شهد الكتاب‌ بصدق‌ خبر وتحقيقه‌ فأنكرته‌ طائفة‌ من‌ الاُمّة‌ وعارضته‌ بحديث‌ من‌ هذه‌ الاحاديث‌ المزوّرة‌، فصارت‌ بإنكارها ودفعها الكتاب‌ ضلالاً . وأصحّ خبر ممّا عرف‌ تحقيقه‌ من‌ الكتاب‌ مثل‌ الخبر المجمع‌ عليه من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ قال‌:

 إِنِّي‌ مُسْتَخْلِفٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَينِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌ . مَا إن‌ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي‌ وَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی ‌َّ الْحَوْضَ.

 واللفظة‌ الاُخري‌ عنه‌ في‌ هذه‌ المعني‌ بعينه‌، قوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌:

 إِنِّي‌ تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي‌: أَهْلَ بَيْتِي‌، وَإِنَّهُمَا لَنْيَفْتَرِقَا حَتَّي‌ يَرِدَا علی الْحَوضَ، مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا.

 فلّما وجدنا شواهد هذا الحديث‌ نصّاً في‌ كتاب‌ اللهِ، مثل‌ قوله‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ.

 ثُمّ اتّفقت‌ روايات‌ العلماء في‌ ذلك‌ لامير المؤمنين‌ عليه السلام أنـّه‌ تصدّق‌ بخاتمه‌ وهو راكع‌، فشكر الله‌ ذلك‌ له‌، وأنزل‌ الآية‌ فيه‌ .

 ثمّ وجدنا رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ قد أنابه‌ من‌ أصحابه‌ بهذه‌ اللفظة‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی ‌ٌّ مَوْلاَهُ ؛ اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَن‌ عَادَاهُ! [11] وقوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌: علی ‌ٌّ يَقْضِي‌ دَيْنِي‌، وَيُنْجِزُ مَوْعِدِي‌، وَهُوَ خَلِيفَتِي‌ علی كُمْ بَعْدِي‌ .

 وقوله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ حين‌ استخلفه‌ علی المدينة‌، فقال‌: يَارَسُولَاللَهِ! أَتُخَلِّفُنِي‌ علی النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ؟! فَقَالَ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: أَمَا تَرْضَي‌ أن‌ تكونَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَنـَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌.

 فعلمنا أنّ الكتاب‌ شهد بتصديق‌ هذه‌ الاخبار، وتحقيق‌ هذه‌ الشواهد فيلزم‌ الاُمّة‌ الإقرار بها إذا كانت‌ هذه‌ الاخبار وافقت‌ القرآن‌ ووافق‌ القرآن‌ هذه‌ الاخبار . فلمّا وجدنا ذلك‌ موافقاً لكتاب‌ اللهِ، ووجدنا كتاب‌ الله‌ موافقاً لهذه‌ الاخبار، و علی ها دليلاً كان‌ الاقتداء فرضاً لايتعدّاه‌ إلاّ أهل‌ العناد والفساد. [12]

 الرجوع الي الفهرس

احتجاج‌ أمير المؤمنين‌ وسائر الائمّة‌ علی هم‌ السلام‌ بآية‌ الولاية‌ والتصدّق‌ بالخاتم‌

 18 ـ عن‌ الطبرسي‌ّ في‌ « الاحتجاج‌ » في‌ حديث‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام‌: قال‌ المنافقون‌ لرسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌: هل‌ بقي‌ّ لربّك‌ علی نا بعد الذي‌ فرض‌ علی نا شي‌ء آخر يفترضه‌ فتذكر فتسكن‌ أنفسنا  إلی‌ أنـّه‌ لم‌يبق‌ غيره‌ ؟!

 فأنزل‌ الله‌ في‌ ذلك‌: «قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم‌ بِوَاحِدَةٍ» يَعْنِي‌ الْوَلاَيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَهُ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ» . وَلَيْسَ بَيْنَ الاُمَّة‌ خِلاَفٌ أَنـَّهُ لَمْ يُؤْتِ الزَّكَاةَ يَؤْمَئذٍ وَهُوَ رَاكِعٌ غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ لَوْ ذُكِرَ اسْمُهُ فِي‌ الْكِتَابِ لاَسْقِطَ مَعَ مَا أُسْقِطَ مِن‌ ذِكْرِهِ .

 وَهَذَا وَمَا أشْبَهَهُ مِنَ الرُّمُوزِ الَّتِي‌ ذَكَرْتُ لَكَ ثُبُوتَهَا فِي‌ الْكِتَابِ لِيَجْهَلَ مَعْنَاهَا الْمُحَرِّفُونَ فَيَبْلُغَ  إلیكَ وَ إلی‌ أَمْثَالِكَ ؛ وَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ:

 « إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ علی كُمْ نِعْمَتِي‌ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَـ'مَ دِيناً» . [13]

 يقول‌ السيّد هاشم‌ البحراني‌ّ هنا: كفي‌ بالإمام‌ علی ‌ّ بن‌ محمّد الهادي‌ّ عليه السلام ناقلاً الإجماع‌ علی أنـّها نزلت‌ في‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام‌، وقوله‌ أيضاً حجّة‌ فلا مزيد علی ذلك‌ . [14] لقد احتجّ أمير المؤمنين‌ عليه السلام وسائر الائمّة‌ الطاهرين‌ علی هم‌ السلام‌ بآية‌ الولاية‌ والتصدّق‌ بالخاتم‌ في‌ مواضع‌ كثيرة‌ ؛ وذكروا ذلك‌ شاهداً ودليلاً عند مخاصمتهم‌ المنكرين‌ والزاعمين‌ خلافه‌ . ولم‌ يُر أحد قطّ أنكر دلالة‌ الآية‌ علی ولاية‌ أمير المؤمنين‌ .

 وممّا ذكره‌ الطبرسي‌ّ: احتجاج‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام بآية‌ الولاية‌ يوم‌ الشوري‌ علی أصحاب‌ الشوري‌ (الزُبَير، وَطَلْحَة‌، وَعُثْمَان‌، وَسَعْد، وَعَبْدالرَّحْمَن‌) وذلك‌ ضمن‌ مناشدة‌ واحتجاج‌ مفصّل‌:

 قَالَ: نَشَدْتُكُمْ بِاللَهِ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الآيَةُ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ» غَيري‌ ؟! قَالُوا: لاَ . [15]

 وممّا نقله‌ الطبرسي‌ّ ضمن‌ احتجاج‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام علی المهاجرين‌ والانصار:

 قَالَ: فَأَنْشُدُكُمْ بِاللَهِ: أَتَعْلَمُونَ حَيْثُ نَزَلَتْ: «يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي‌ الاْمْرِ مِنكُمْ»، [16] وَحَيْثُ نَزَلَتْ َ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ» . وَحَيْثُ نَزَلَتْ: «وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن‌ دُونِ اللَهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَالْمُؤمِنِينَ وَلِيجَةً» . [17]

 قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَهِ ! أَخَاصَّةٌ فِي‌ بَعْضِ الْمُؤمِنِينَ أَمْ عَامَّةٌ لِجَمِيعِهِمْ؟!

 فَأَمَرَ اللَهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ وُلاَةَ أَمْرِهِمْ وَأَنْ يُفَسِّرَ لَهُمْ مِنَ الْوَلاَيَةِ مَا فَسَّرَ لَهُمْ مِنْ صَلاَتِهِمْ وَزَكَاتِهِمْ وَصَوْمِهِمْ وَحَجِّهِمْ، فَنَصَبَنِي‌ لِلنَّاسِ عَلَماً بِغَدِيرِ خُمٍّ ؟ الحديث‌ . [18]

 وممّا أورده‌ الطبرسي‌ّ من‌ احتجاج‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام علی المهاجرين‌ والانصار، رواية‌ يرويها عن‌ سُليم‌ بن‌ قَيس‌ يقول‌ فيها « سأل‌ رجل‌ علی ‌َّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه السلام، فقال‌ ـ وأَنا أسمع‌ ـ: أخبرني‌ بأفضل‌ منقبة‌ لك‌ !

 قال‌: ما أنزل‌ الله‌ في‌ كتابه‌ .

 قال‌: وما أنزل‌ الله‌ فيك‌ ؟!

 قال‌: أَفَمَن‌ كَانَ علی ‌' بَيِّنَةٍ مِّن‌ رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ . [19]

 ] قال‌ [ أنا الشاهد من‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ !

 وقوله‌: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَي‌' بِاللَهِ شَهِيدَاً بَيْنِي‌ وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ و الْكِتَـ'بِ . [20]

 إيّاي‌ عني‌ بمن‌ عنده‌ علم‌ الكتاب‌ ؛ فلم‌ يدع‌ شيئاً أنزل‌ الله‌ فيه‌ إلاّ ذكره‌. مثل‌ قوله‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ.

 وقوله‌: أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي‌ الاْمْرِ مِنكُمْ . وغير ذلك‌ـالحديث‌. [21]

 الرجوع الي الفهرس

أوصاف‌ وقيمة‌ الخاتم‌ الذي‌ تصدّق‌ به‌

 يقول‌ البحراني‌ّ: روي‌ عَمَّار السَّابَاطِي‌ّ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه السلام « أنّ الخاتم‌ الذي‌ تصدّق‌ به‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام وزن‌ أربعة‌ مثاقيل‌ حلقته‌ من‌ فضّة‌، وفصّه‌ خمسة‌ مثاقيل‌، وهو من‌ ياقوتة‌ حمراء . وثمنه‌ خراج‌ الشام‌، وخراج‌ الشام‌ ثلاثمائة‌ حمل‌ من‌ فضّة‌ وأربعة‌ أحمال‌ من‌ ذهب‌. وكان‌ الخاتم‌ ل مران‌ بن‌ طوق‌، قتله‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام وأخذ الخاتم‌ من‌ إصبعه‌، وأتي‌ به‌  إلی‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ من‌ جملة‌ الغنائم‌. وأمره‌ النبي‌ّ أن‌ يأخذ الخاتم‌ ! [22] فأخذ الخاتم‌، وأقبل‌ وهو في‌ إصبعه‌ وتصدّق‌ به‌ علی السائل‌ في‌ أثناء صلاته‌ وهو يصلّي‌ خلف‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ .

 وقال‌ الغَزَ إلی‌ّ في‌ كتاب‌ «سِرُّ الْعَالَمِينَ» إنّ الخاتم‌ الذي‌ تصدّق‌ به‌ أميرالمؤمنين‌ عليه السلام كان‌ خاتم‌ سُلَيمان‌ بن‌ دَاوُد عليه السلام . وقال‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ: إنّ التصدّق‌ بالخاتم‌ كان‌ في‌ يوم‌ الرابع‌ والعشرين‌ من‌ ذي‌الحجّة‌. وذكر ذلك‌ صاحب‌ كتاب‌ « مَسَارُّ الشِّيعة‌ » . وذكر انـّه‌ أيضاً من‌ المُبَاهَلَة‌. [23]

 وذكر العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌الجزء الثالث‌ من‌ كتاب‌ « الغدير » من‌ ص‌156  إلی‌ ص‌162 أسماء ستّة‌ وستّين‌ شخصاً من‌ حفّاظ‌ أهل‌ السنّة‌ ومشايخهم‌ الكبار مع‌ عناوين‌ كتبهم‌، كلّهم‌ ذكروا أنّ هذه‌ الآية‌ نزلت‌ في‌ أميرالمؤمنين‌ عليه السلام . وحينئذٍ فإنّ إنكار ابن‌ تيميّة‌ المعاند للشيعة‌ والمروّج‌ للحزب‌ الاموي‌ّ ليس‌ إلاّ مكابرة‌ للحقّ وإنكاراً لامر بديهي‌ّ واضح‌.

 الرجوع الي الفهرس

مجمل‌ كلام‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ في‌ شأن‌ آية‌ الولاية‌

 هذا وقد استعرض‌ سماحة‌ الاُستاذ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه آية‌ الولاية‌ وناقشها مناقشة‌ بليغة‌ مركّزة‌، مُقتطفاً من‌ كلّ مجموعة‌ من‌ الروايات‌ الواردة‌ رواية‌ تناسب‌ هذا المقام‌ . وقال‌ في‌ آخر كلامه‌:

 « والروايات‌ في‌ نزول‌ الآيتين‌ في‌ قصّة‌ التصدّق‌ بالخاتم‌ كثيرة‌ أخرجنا عدّة‌ منها من‌ كتاب‌ «غَايَةُ الْمَرام‌» للبحراني‌ّ، وهي‌ موجودة‌ في‌ الكتب‌ المنقول‌ عنها، وقد اقتصرنا علی ما نقل‌ عليه من‌ اختلاف‌ اللحن‌ في‌ سرد القصّة‌.

 وقد اشترك‌ في‌ نقلها عدّة‌ من‌ الصحابة‌ كـ أبي‌ ذَرّ الغِفاري‌ّ،وَعَبْدِاللهِ ابْنِعَبّاس‌،وأَنَسِبْنِ مَالِكٍ، وَعَمَّار بْنِ يَاسِرِ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ الاْنصارِي‌ّ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل‌، وَأَبي‌ رَافِعٍ، وَعَمْرو بْنِ العَاصِ، وَ علی ‌ِّبنِ أَبي‌ طَالِبٍ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ علی ‌ّ، وكذا من‌ غير الصحابة‌ كـ السجّاد، والبَاقِر، والصَّادِقِ، والْهَادِي‌ّ، وغيرهم‌ من‌ أئمّة‌ الحديث‌ والرواية‌ .

 وقد اتّفق‌ علی نقلها من‌ غير ردٍّ أئمّة‌ التفسير المأثور كـأحمدبن‌ حَنْبَل‌، والنَسائي‌ّ، والطَّبَرِي‌ّ، والطَّبَراني‌ّ، وعَبد بن‌ حَمِيد، وغيرهم‌ من‌ الحفّاظ‌ وأئمّة‌ الحديث‌ .

 وقد تسلّم‌ ورود الرواية‌ المتكلّمون‌، وأوردها الفقهاء في‌ مسألة‌ الفعل‌ الكثير من‌ بحث‌ الصلاة‌، وفي‌ مسألة‌ « هل‌ تسمّي‌ صدقة‌ التطوّع‌ زكاة‌ » ولم‌يناقش‌ في‌ صحّة‌ انطباق‌ الآية‌ علی الرواية‌ فحول‌ الادب‌ من‌ المفسّرين‌ كـ الزَمَخْشَرِي‌ّ في‌ «الكَشّاف‌» و أبي‌ حَيّان‌ في‌ تفسيره‌، ولا الرواة‌ النقلة‌ وهم‌ أهل‌ اللسان‌ .

 فلا يعبأ بما ذكره‌ بعضهم‌: أنّ حديث‌ نزول‌ الآية‌ في‌ قصّة‌ الخاتم‌ موضوع‌ مختلق‌ . وقد أفرط‌ بعضهم‌ كابن‌ تيميّة‌ فادّعي‌ إجماع‌ العلماء علی كون‌ الرواية‌ موضوعة‌ ؟ وهي‌ من‌ عجيب‌ الدعاوي‌، وقد عرفت‌ ما هو الحقّ في‌ البيان‌ المتقدّم‌ . [24]

 الرجوع الي الفهرس

بيان‌ آية‌ الولاية‌ وتفسيرها

 كان‌ ما تقدّم‌ من‌ حديث‌ في‌ صدد شأن‌ نزول‌ آية‌ الولاية‌ . وعلمنا أنّ ثمّة‌ روايات‌ كثيرة‌ ومستفيضة‌ بل‌ ومتواترة‌ حول‌ نزولها في‌ أميرالمؤمنين‌ عليه السلام مضافاً  إلی‌ الإجماع‌ وادّعاء الإجماع‌ والاتّفاق‌ ؛ ولنر الآن‌: ما هي‌ دلالة‌ الآية‌ ؟ وما هي‌ دلالتها من‌ منظار فقه‌ القرآن‌ ؟

 الوَّلي‌ّ كما ذكرنا صيغة‌ فَعِيل‌ من‌ مصدر الولاية‌ . وكما قال‌ الراغب‌ الاصفهاني‌ّ في‌ « مفردات‌ القرآن‌ » الْوَلاء (بفتح‌ الواو) وَالتَّوَ إلی‌ أنْ يَحْصُلَ شَيْئآنِ فَصَاعِداً حُصُولاً لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا .

 فهذه‌ هي‌ حقيقة‌ معني‌ الولاية‌ ؛ وأمّا المعاني‌ الاُخري‌ لها كالنصرة‌، والمحبّة‌، والمودّة‌، والتصرّف‌ في‌ الاُمور، وولاء العتق‌ وأمثالها فترجع‌  إلی‌ ذلك‌ الاصل‌ . وقد أُطلق‌ كلّ واحد منها مع‌ الخصوصيّات‌ التي‌ يحملها في‌ موضوعه‌ وذلك‌ في‌ أي‌ّ موضع‌ من‌ المواضع‌، مع‌ الاحتفاظ‌ بالمعني‌ الاصلي‌ّ المذكور.

 ومن‌ هذا المنطلق‌، فإنّ لفظ‌ الوَلاَية‌ ليس‌ له‌ معان‌ عديدة‌ علی نحو الاشتراك‌ اللفظي‌ّ، بل‌ له‌ معني‌ واحد علی نحو الاشتراك‌ المعنوي‌ّ . وقد استعمل‌ في‌ هذه‌ المواضع‌ والعناوين‌ المتنوّعة‌ من‌ باب‌ انطباق‌ ذلك‌ الامر الواحد علی هذه‌ المصاديق‌ . ومتي‌ لم‌ تكن‌ هناك‌ قرينة‌ لصرف‌ المعني‌ الحقيقي‌ّ  إلی‌ المجازي‌ّ، وملاحظة‌ خصوصيّة‌ الحالة‌ التي‌ يستعمل‌ فيها عينها، واستهداف‌ خصوصيّة‌ التصرّف‌، والمحبّة‌، والعِتق‌ وأمثالها، فإنّ المقصود هو المعني‌ الاصلي‌ّ والحقيقي‌ّ ؛ وحيثما لم‌ نستطع‌ أن‌ نترك‌ المعني‌ الاصلي‌ّ والعامّ وشأنه‌، فإنّنا نقتصر علی أحد المعاني‌ الموضوعيّة‌ والمصاديق‌ المعيّنة‌، مع‌ وجود القرينة‌ .

 هذا هو معني‌ لفظ‌ الولاية‌ مع‌ مشتقّاته‌ التي‌ تمّ اشتقاقها من‌ هذا المصدر؛ ولذلك‌ يستعار للقرب‌ من‌ حيث‌ المكان‌، ومن‌ حيث‌ النسبة‌، والصداقة‌، والنصرة‌، والاعتقاد .

 قال‌ الراغب‌: وقولهم‌ تَولّي‌ إذا عُدِّي‌ بنفسه‌ اقتضي‌ معني‌ الولاية‌ وحصوله‌ في‌ أقرب‌ المواضع‌، منه‌ يقال‌: وَلَّيْتُ سَمْعي‌ كَذَا ؛ وَوَلَّيْتُ عَيْنِي‌ كَذَا، وَوَلَيْتُ وَجْهِي‌ كَذَا . قال‌ الله‌ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَنُوَلِّيَّنَكَ قِبْلَةً تَرْضَـ'هَا . [25]

 وقال‌: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ . [26] وقال‌: وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ و . [27]

 وإذا عُدِّي‌ بعن‌ لفظاً أو تقديراً، اقتضي‌ معني‌ الإعراض‌ وترك‌ قربه‌ ـ انتهي‌.[28]

 ويستفاد ممّا قيل‌ أنّ الوَلاَية‌ هي‌ القرب‌ الخاصّ . وإذا ما لوحظت‌ في‌ الاُمور المعنويّة‌، فهي‌ تتطلّب‌ أن‌ يكون‌ للولي‌ّ حقّ لا يكون‌ لغيره‌ إلاّ بواسطته‌.

 ولذلك‌ فإنّ جميع‌ ما يخصّه‌ من‌ تصرّفات‌ في‌ شؤونه‌ وأُموره‌، يستطيع‌ أن‌ يقوم‌ بها شخص‌ ذو شأن‌ . وتكون‌ قابلة‌ للنيابة‌ والاستخلاف‌ عندما يقوم‌ الوَلي‌ّ بها كولي‌ّ الميّت‌ ؛ لانّ للوارث‌ ولاية‌ . حيث‌ إنّ جميع‌ ما كان‌ يتصرّف‌ به‌ الإنسان‌ في‌ أمواله‌ قبل‌ موته‌، يتصرّف‌ به‌ وليّه‌ الذي‌ هو وارثه‌ . وتسمّي‌ هذه‌ الولاية‌: وَلاية‌ الوِراثة‌ .

 وكـ وَلي‌ّ الصغير فإنّه‌ عندما يتصرّف‌ في‌ شؤون‌ الصغير، فإنّه‌ يتصرّف‌ فيها بولايته‌ .

 وكـ ولي‌ّ النصرة‌ فإنّة‌ يقدّم‌ كلّ أنواع‌ العون‌ والمساعدة‌ بغية‌ الدفاع‌ في‌ الحالات‌ المستوجبة‌ لذلك‌ .

 ومن‌ الواضح‌، فإنّ الله‌ تعالی‌ ولي‌ّ العباد في‌ تدبير أُمورهم‌ الدنيويّة‌ والاُخرويّة‌؛ وهو ولي‌ّ المؤمنين‌ في‌ تدبير أمر الدِّين‌ والدعوة‌ وهدايتهم‌ نحو الكمال‌، من‌ خلال‌ منّه‌ بالتوفيق‌ ورفع‌ الموانع‌ واقتلاع‌ الحواجز . والنبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه و آله وسلّم‌ ولي‌ّ العباد والمؤمنين‌ بولاية‌ الله‌ وبإذنه‌. وأميرالمؤمنين‌ عليه السلام له‌ الولاية‌ علی أُمّة‌ رسول‌ الله‌ بولاية‌ الله‌ تعالی‌، ولذلك‌ ينبغي‌ لنا أن‌ نأخذ الولاية‌ بمعناها الحقيقي‌ّ والاصلي‌ّ في‌ الآية‌ الكريمة‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وهو ما يتطلّب‌ التصرّف‌ في‌ الاُمور، والاولويّة‌ في‌ النفس‌ والمال‌ والعرض‌ والدين‌ .

 لقد جاءت‌ هذه‌ الولاية‌ في‌ الآية‌ المباركة‌ بصيغة‌ المفرد، حيث‌ قالت‌: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ» والخبر هو «وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا»، إذ إنّ الولاية‌ أمر واحد لا يقبل‌ التعدّد والتكثّر إلاّ بلحاظ‌ الظروف‌ التي‌ تدعو  إلی‌ ذلك‌ مجازاً واعتباراً، ومن‌ المعلوم‌ أنّ أصل‌ الولاية‌ ينحصر في‌ ذات‌ الحقّ تبارك‌ وتعالی‌، وهو لرسول‌ الله‌ وغير رسول‌ الله‌ بالتَّبَعِ والمجاز .

 وما جاءت‌ أداه‌ الحصر «إِنَّما» إلاّ لتبيّن‌ أنّ هذه‌ الحقيقة‌ مقصورة‌ علی الله‌ ورسوله‌ وخلفائه‌ بالحقّ، فقد رفعت‌ كلّ الحجب‌ ؛ فلم‌ يبق‌ بين‌ ذات‌ الحقّ المقدّسة‌ وبينهم‌ فاصلة‌ وحجاب‌ .

 ومن‌ هذا المنطلق‌، فإنّ الولاية‌ أمر واحد، وولاية‌ الله‌ ورسوله‌ والمتصدّق‌ راكعاً هي‌ ولاية‌ واحدة‌ ذات‌ معني‌ واحد . والشاهد علی هذا المعني‌ هو ما جاء في‌ ذيل‌ الآية‌: فَإِنَّ حِزْبَ اللَهِ هُمُ الْغَـ'لِبُونَ . أي‌ أنّ الذين‌ قبلوا ولاية‌ الله‌ ورسوله‌ وأمير المؤمنين‌ كلّهم‌ حِزْبُ الله‌، لانـّهم‌ يستظلّون‌ بهذه‌ الولاية‌ التي‌ تمثّل‌ أمراً واحداً وهي‌ لله‌، وحزبه‌ ـ طبعاً ـ هم‌ الغالبون‌.

 وينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ قوله‌: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ. كان‌ مقصوراً في‌ عصر رسول‌ الله‌ علی أمير المؤمنين‌ الذي‌ يمثّل‌ وحده‌ مصداقه‌ الخارجي‌ّ، لكن‌ هذا لا يعني‌ أنـّه‌ قد استعمل‌ خاصّاً به‌، أي‌: أنّ لفظ‌ الجمع‌ قد استعمل‌ في‌ معني‌ المفرد، بل‌ إنّ مصداق‌ ذلك‌ اللفظ‌ كان‌ واحداً . وهذا النوع‌ من‌ الاستعمال‌ شائع‌ ورائج‌ كثيراً، وهو متداول‌ في‌ كلام‌ أهل‌ البلاغة‌ والفصاحة‌، ولعلّه‌ يعتبر من‌ المحسّنات‌ في‌ الكلام‌ أحياناً إذ يقال‌ إنَّ للفظ‌ الكلّي‌ّ معني‌ عامّاً . وهذا هو المقصود، إلاّ أنّ هذا الكلّي‌ّ ليس‌ له‌ في‌ الخارج‌ غير مصداق‌ واحد أو مصداقين‌ .

 من‌ الطبيعي‌ّ أنّ استعمال‌ الجمع‌ في‌ المفرد غير صحيح‌، بَيدَ أنـّه‌ لاإشكال‌ في‌ استعمال‌ الجمع‌ بمعني‌ الجمع‌ مع‌ إرادة‌ فرد خاصّ من‌ باب‌ انطباق‌ ذلك‌ الجمع‌ علی هذا المفرد ؛ والمسلّم‌ هو أنّ المراد من‌ قوله‌: وَالَّذِينَ ءَامَنُوا هو معني‌ الجمع‌ من‌ حيث‌ الاستعمال‌ الادبي‌ّ، إلاّ أنّ مصداقه‌ الخارجي‌ّ لم‌ يكن‌ أكثر من‌ إنسان‌ واحد، وهو أمير المؤمنين‌ عليه السلام .

 ولعل‌ السرّ من‌ وراء التعبير بلفظ‌ الجمع‌ هو: أوّلاً: ليشعر أنّ إعطاء هذا المنصب‌ لم‌ يكن‌ جزافاً واعتباطاً، بل‌ بسبب‌ ملكات‌ وصفات‌ تفرّد بها سيّدنا علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه السلام .

 وثانياً: ومن‌ هذا المنطلق‌ فقد ظلّت‌ الآية‌ الشريفة‌ علی كلّيّتها وشملت‌ الائمّة‌ الاثني‌ عشر، خلفاء رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ بالحقّ، وجعلتهم‌ جميعاً تحت‌ هذا العنوان‌ .

 وذكر الشيعة‌ هذا الموضوع‌ في‌ تفاسيرهم‌ بشكل‌ واضح‌ ومفصّل‌، وبرهنوا علی ولاية‌ أمير المؤمنين‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ من‌ خلال‌ الروايات‌ الكثيرة‌ المسلّمة‌ الواردة‌ في‌ شأن‌ النزول‌ . وذكروا هذه‌ الآية‌ كإحدي‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ الكريمة‌ الواردة‌ في‌ ولايته‌ الملازمة‌ للإمامة‌ .

 الرجوع الي الفهرس

الردّ علی العامّة‌ والفخر الرازي‌ّ في‌ تفسير الآية‌ الشريفة‌

 وأمّا العامّة‌ الذين‌ ينتهجون‌ مذهباً أساسه‌ مخالف‌ لهذه‌ الولاية‌، فإنّهم‌ مع‌ إقرارهم‌ واعترافهم‌ بشأن‌ نزول‌ الآية‌ في‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام وفقاً للروايات‌ الكثيرة‌ التي‌ يرويها حفّاظهم‌ وأعلامهم‌ والاخصائيّون‌ منهم‌ في‌ هذا العلم‌، كما جاء ذلك‌ في‌ مصادرهم‌، إلاّ أنـّهم‌ ذهبوا مذاهب‌ شتّي‌ في‌ تأويل‌ الآية‌ وتبريرها لكي‌ يصرفوا دلالتها علی ولايته‌ الملازمة‌ لامامته‌  إلی‌ ما ينسجم‌ مع‌ توجّهاتهم‌ .

 ومن‌ هؤلاء الفخر الرازي‌ّ الذي‌ بذل‌ قصاري‌ جهده‌ في‌ تفسيره‌ ليحول‌ دون‌ استنتاج‌ إمامة‌ وولاية‌ مولي‌ المتّقين‌ وإمام‌ الموحّدين‌ من‌ هذه‌ الآية‌، ولكن‌ ـوكما ستري‌ـ فإنّ هذه‌ المحاولات‌ العاثرة‌ سوف‌ لا تكون‌ إلاّ حسرة‌ علی ه‌، وكما قال‌ عزّ من‌ قائل‌: ثُمَّ تَكُونُ علی هِمْ حَسْرَةً . [29]

 إذ متي‌ استطاع‌ الذباب‌ بحركاته‌ أن‌ يغطّي‌ وجه‌ الشمس‌ ؟ ويحجب‌ شعاعها المتألّق‌ ؟ وأنـّي‌ له‌ ذلك‌ ؟

 از همه‌ محروم‌ تر خفّاش‌ بود                      كو عَـدُوي‌ آفتاب‌ فـاش‌ بود [30]

 وفيما يلي‌ مؤاخذات‌ الفخر الرازي‌ّ واحدة‌ بعد الاُخري‌ مشفوعة‌ بأجوبتنا علی ها، نذكرها هنا ليتبيّن‌ لكم‌ كم‌ نكب‌ عن‌ الصراط‌ وقسط‌ حائداً عن‌ الطريق‌ المستقيم‌ !

 1 ـ يقول‌: لمّا كانت‌ هاتان‌ الآيتان‌ بين‌ آيتين‌ من‌ الآيات‌ التي‌ تنهي‌ عن‌ ولاية‌  إلیهود والنصاري‌، وكان‌ المراد من‌ ولايتهم‌ نصرتهم‌ وإعانتهم‌؛ لذلك‌ فإنّ المقصود من‌ الولاية‌ في‌ هاتين‌ الآيتين‌ أيضاً هو النصرة‌ . والآيتان‌ هما: الاُولي‌: آية‌ 51 من‌ هذه‌ السورة‌، سورة‌ المائدة‌: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتَتَّخِذُوا  إلیهُودَ وَالنَّصَـ'رَي‌'´ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن‌ يَتَوَلَّهُم‌ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ و مِنْهُمْ إِنَّ اللَهَ لاَ يَهْدِي‌ الْقَوْمَ الظَّـ'لِمِينَ .

 الثانية‌: الآية‌ 57 منها: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـ'بَ مِن‌ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَآءَ وَاتَّقُوا اللَهَ إن‌ كُنتُم‌ مُّؤْمِنِينَ .

 فوحدة‌ السياق‌ تقتضي‌ أنّ المراد من‌ الولاية‌ في‌ هذه‌ الآيات‌ جميعها معني‌ واحد . ولا يمكن‌ أن‌ يكون‌ المراد من‌ آيات‌ النهي‌ عن‌ اتّخاذ  إلیهود والنصاري‌ أوليآء هو النصرة‌ والمراد من‌ آية‌ اتّخاذ ولاية‌ الله‌ ورسوله‌ والمؤمنين‌ الموصوفين‌ بالاوصاف‌ المذكورة‌ هو جعلهم‌ أصحاب‌ التصرّف‌ في‌ الشؤون‌ المختلفة‌، وجعلهم‌ أئمّة‌ .

 والجواب‌ هو: ما هو الدليل‌ علی أن‌ نجعل‌ الولاية‌ في‌ الآيات‌ السابقة‌ واللاحقة‌ بمعني‌ النصرة‌، حتّي‌ يحلو لنا أن‌ نحمل‌ هذه‌ الآية‌ علی المعني‌ نفسه‌؟! فهذا الاحتمال‌ رجم‌ بالغيب‌ وزعم‌ بلا دليل‌ . فالولاية‌ في‌ هذه‌ الآيات‌ كلّها هي‌ بنفس‌ معناها الاصلي‌ّ والحقيقي‌ّ، وهو رفع‌ الحجاب‌ والفاصلة‌، وعدم‌ البينونة‌ بين‌ شيئين‌ .

 وفي‌ آيات‌ النهي‌ّ عن‌ اتّخاذ الكفّار و إلیهود والنصاري‌ أوليآء، يحذّرنا الله‌ من‌ مجاراتهم‌ ومودّتهم‌ ومحبّتهم‌، كما أنّ هذه‌ المعاني‌ هي‌ مؤدّي‌ آيات‌ أُخر أيضاً . وما تتطلبّه‌ المجاراة‌ والقرب‌ منهم‌ هو إفساح‌ المجال‌ لهم‌ أن‌ يتدخّلوا في‌ أُمور المسلمين‌ ويتصرّفوا في‌ شؤونهم‌ . ونحن‌ نجد في‌ هذه‌ الآيات‌ شواهد تدلّ علی أنّ المراد من‌ الولاية‌ هنا هو ليس‌ النصرة‌؛ لقوله‌: بَعْضُهُم‌ مِّن‌ بَعْض‌ أو قوله‌: وَمَن‌ يَتَوَلَّهُم‌ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ. وهذا اللون‌ من‌ التعبير ينسجم‌ مع‌ الولاية‌ بمعني‌ رفع‌ الحجاب‌ والوحدة‌ والسيطرة‌ الروحيّة‌ والتصرّف‌ في‌ الاُمور، لا بمعني‌ استنصارهم‌ واستنجادهم‌ فقط‌ . ومن‌ الطبيعي‌ّ أنّ ما تتطلّبه‌ ولايتهم‌ هو استنصارهم‌ واستنجادهم‌ في‌ الحالات‌ الضروريّة‌ . والشاهد علی أنّ ولايتهم‌ هي‌ غيراستنصارهم‌ ما جاء في‌ الآية‌ 22 من‌ السورة‌ 48: الفتح‌، إذ قال‌ جلّ من‌ قائل‌: وَلَوْ قَـ'تَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الاْدْبَـ'رَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَنَصِيرًا. نجد هنا أنّ الآية‌ جعلت‌ الولي‌ّ قسيماً للنصير، وعطفته‌ علی أساس‌ العطف‌ المفيد للمغايرة‌ . ونري‌ في‌ آية‌ الولاية‌ أنّ الذين‌ ليس‌ بينكم‌ وبينهم‌ حجاب‌، وهم‌ قريبون‌ منكم‌ من‌ كلّ الجهات‌ بحيث‌ لا تلحظ‌ أي‌ّ بينونة‌ اثنينيّة‌، هم‌ الله‌ ورسوله‌ ومن‌ تصدّق‌ راكعاً . وما يتطلّبه‌ هذا القرب‌ هو التصرّف‌ في‌ الاُمور، وجعلهم‌ يتدخّلون‌ في‌ جميع‌ مناحي‌ الحياة‌ . فالإمامة‌ ضرورة‌ لولايتهم‌، لاأنـّها عين‌ الولاية‌ .

 2 ـ يقول‌: تدلّ الآية‌ علی أنّ المؤمنين‌ موصوفون‌ بالولاية‌ عند نزول‌ الآية‌؛ فلو كانت‌ الولاية‌ بمعني‌ التصرّف‌ في‌ الاُمور، وهو ما يعني‌ الإمامة‌، فإنّه‌ يتطلّب‌ أن‌ يكون‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ ] عليه السلام [ إماماً عند نزول‌ الآية‌ ولمّا لم‌ يكن‌ كذلك‌، وحتّي‌ بناءً علی ما يعتقده‌ الشيعة‌ من‌ أنـّه‌ كان‌ إماماً بعد رسول‌الله‌، فالولاية‌ تحمل‌ علی المحبّة‌ والنصرة‌ في‌ هذه‌ الآية‌ .

 الجواب‌: لقد كان‌ للإمام‌ مقام‌ الولاية‌ في‌ عصر رسول‌ الله‌ . وقلناإنّ الولاية‌هي‌غيرالإمامة‌ ؛ غاية‌ الامر أنّ ما تستدعيه‌ ولايته‌ بعد رسول‌الله‌
 هو تسلّم‌ مق إلید الاُمور، والزعامة‌، والحكومة‌، والاولويّة‌ في‌ الاُمور.

 3 ـ يقول‌: ذكر الله‌ المؤمنين‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بصيغة‌ الجمع‌ في‌ سبعة‌ مواضع‌ هي‌: الَّذِينَ ـ آمَنُوا ـ الَّذِينَ ـ يُقِيمُونَ ـ يُؤْتُونَ ـ هُمْ ـ رَاكِعُونَ. وحمل‌ ألفاظ‌ الجمع‌، وإن‌ جاز علی الواحد علی سبيل‌ التعظيم‌، لكنّه‌ مجاز لاحقيقة‌. والاصل‌ حمل‌ الكلام‌ علی الحقيقة‌ .

 والجواب‌ هو: لم‌ يحمل‌ الجمع‌ علی الواحد هنا، بل‌ حمل‌ علی معناه‌ العامّ والجامع‌، وقد أُريد المعني‌ العامّ والكلّي‌ّ ؛ غاية‌ الامر أنّ المعني‌ الكلّي‌ّ ليس‌ له‌ في‌ الخارج‌ أكثر من‌ شخص‌ واحد، وذلك‌ الشخص‌ هو علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه السلام .

 وإنّ ما لا يجوز في‌ اللغة‌ إلاّ علی نحو المجاز هو القسم‌ الاوّل‌ لاالقسم‌ الثاني‌. وقد تبسّط‌ أُستاذنا سماحة‌ آية‌ الله‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه في‌ توضيح‌ هذا المعني‌ عند تفسيره‌ آية‌ المباهلة‌ في‌ « تفسير الميزان‌ » . [31]

 ونحن‌ نري‌ في‌ كثير من‌ المواضع‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ أنّ الحكم‌ قد جاء علی نحو العموم‌ و علی سبيل‌ الجمع‌، في‌ حين‌ أنّ المقصود هو شخص‌ واحد. كقوله‌: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ. [32]

 والمراد من‌ الناس‌ القائلين‌ هنا هو نَعيمُ بْنُ مَسْعُود الاْشْجعِي‌ّ . وقوله‌: ثُمَّ أَفِيضُوا مِن‌ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ . [33]

 والمراد من‌ الناس‌ هنا هو رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ . وقوله‌: الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَ ' نِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا . [34]

 والمراد من‌ القائلين‌ هنا هو عَبْدُ اللَهِ بْنُ أُبَي‌ِّ بن‌ سَلُول‌ رأس‌ المنافقين‌ في‌ المدينة‌ . [35]

 وقد ذكرنا أنّ المخاطب‌ في‌ قوله‌ تعالی‌: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتَتَّخِذُوا عَدُوِّي‌ وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ . هو حاطِبُ بْنُ أَبي‌ بُلْتَعَة‌ الذِي‌ كان‌ يتجّسس‌ لصالح‌ كفّار مكّة‌ . وأنّ المقصود من‌ المنفقين‌ في‌ قوله‌ تعالی‌: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَ'لَهُم‌ بِ إلیلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً . [36] هو علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه السلام خاصّةً . وأنّ المراد من‌ القائلين‌ في‌ قوله‌ تعالی‌: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ . [37]

، هو عَبْدُ اللَهِ بْنُ نَبْتَل‌ أحد المنافقين‌ . [38]

 والعجيب‌ هو أنّ بين‌ هذه‌ الآيات‌ ذات‌ الصلة‌ بموضوعنا آية‌ جاءت‌ بلفظ‌ الجمع‌ في‌ حين‌ أنّ المقصود هو شخص‌ واحد كما اتّفق‌ علی ذلك‌ مفسّرو العامّة‌ جميعهم‌، وهذا الشخص‌ هو: عَبْدُ اللَهِ بْنُ أُبَي‌ّ.

 والآية‌ هي‌: فَتَرَي‌ الَّذِينَ فِي‌ قُلُوبِهِم‌ مَّرَضٌ يُسَـ'رِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَي‌'´ أَن‌ تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ . [39]

 وكيف‌ يجوز أن‌ يأتي‌ لفظ‌ الجمع‌ في‌ هذه‌ الآية‌ والآية‌ التي‌ تليها في‌ أحد عشر موضعاً [40] هي‌: ا لَّذِينَ ـ قُلُوبِهِمْ ـ يُسَارِعُونَ ـ فِيهِمْ ـ يَقُولُونَـ نَخْشَي‌ـ تُصِيبَنَا ـ فَيُصْبِحُوا ـ أَسَرُّوا ـ أَنْفُسِهِمْ ـ نَادِمِينَ، في‌ حين‌ أنّ المقصود هو شخص‌ واحد، ولا يجوز ذلك‌ في‌ آية‌ الولاية‌ الخاصّة‌ ب علی ‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ ؟ مع‌ أنّ بين‌ هذه‌ الآية‌ وآية‌ الولاية‌ آيتين‌ فقط‌ ! وكقوله‌: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ علی ‌' مَآ ءَاتَـ'هُمُ اللَهُ مِن‌ فَضْلِهِ . [41] فقد ذكر العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌ كتاب‌ « الغدير » ج‌ 1، ص‌ 372 أنَّ ابن‌ المغازلي‌ّ في‌ « المناقب‌ »، وابن‌ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » ج‌ 2، ص‌ 236، والحضرمي‌ّ الشامي‌ّ في‌ « الرَّشفة‌ » ص‌ 27 ذكروا أنّ الآية‌ نزلت‌ في‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ وعلومه‌ المختصّة‌ به‌ ؛ وذكر العلاّمة‌ الاميني‌ّ في‌ الجزء الثالث‌ من‌ « الغدير » من‌ ص‌163  إلی‌ ص‌ 167 عشرين‌ آية‌ من‌ كتب‌ تفسير العامّة‌ جاءت‌ بصيغة‌ الجمع‌ في‌ حين‌ أنّ المقصود هو شخص‌ واحد .

 ونري‌ أنّ كثيراً من‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ تطرح‌ الموضوع‌ مصدّراً بكلمة‌ يَسْئَلُونَكَ؛ ثمّ تبيّن‌ الحكم‌، بينما نحن‌ نعلم‌ أنّ السائلين‌ هنا هم‌ شخص‌ واحد. كما في‌ الآية‌ الكريمة‌: يَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ؟[42] والآية‌: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الاْهِلَّةِ . [43] والآية‌: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَـ'هَا. [44]

 وإذا قيل‌: إنّ المقصودين‌ في‌ هذه‌ المواضع‌ الكثيرة‌ هم‌ جماعة‌ من‌ الناس‌ كانوا يتّفقون‌ مع‌ السائل‌ رأياً، وينسجمون‌ مع‌ الفاعل‌ فعلاً، وقد أجابه‌الله‌ بصيغة‌ الجمع‌ والحكم‌ شامل‌ لهم‌ ؛ فنقول‌ في‌ الجواب‌: إنّ حصيلة‌ هذا الموضوع‌ هي‌ أنّ استعمال‌ هذا اللون‌ من‌ الالفاظ‌ في‌ معاني‌ الجمع‌ جائز لنكتة‌ صحيحة‌ ؛ وهذه‌ النكتة‌ موجودة‌ طبعاً في‌ قوله‌ تعالی‌: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ. ولعلّ السرّ فيها هو أنّ أنواع‌ الكرامات‌ الدينيّة‌ والمعنويّة‌ ومنها مقام‌ الولاية‌ في‌ هذه‌ الآية‌، لم‌ ترتكز علی بعض‌ أعمال‌ المؤمنين‌ جزافاً واعتباراً، بل‌ هي‌ نابعة‌ من‌ التقدّم‌ في‌ مقام‌ الإخلاص‌ في‌ العمل‌ . ولعلّ السرّ فيها أيضاً هو من‌ أجل‌ أن‌ تشمل‌ أشخاصاً آخرين‌ كأئمّة‌ الحقّ والهدي‌ من‌ أهل‌ البيت‌ الذين‌ ينالون‌ مقام‌ الولاية‌ تدريجاً .

 مضافاً  إلی‌ ذلك‌ كلّه‌، فإنّنا نري‌ أنّ كثيراً من‌ ناقلي‌ هذه‌ الاخبار كانوا من‌ الصحابة‌ والتابعين‌ الذين‌ كان‌ عصرهم‌ متّصلاً بعصر الصحابة‌، وهؤلاء ينحدرون‌ من‌ أُصول‌ عربيّة‌، ولغتهم‌ العربيّة‌ سليمة‌ لم‌ تتغيّر ولم‌يعتريها خلل‌؛ ولو لم‌ يجدوا هذه‌ الاستعمالات‌ مناسبة‌ في‌ اللغة‌ أحياناً، فإنّ طباعهم‌ كانت‌ ستمجّها ولا تستسيغها، وكانوا أحقّ من‌ غيرهم‌ بإثارة‌ الإشكال‌، والاعتراض‌، إلاّ أنـّنا لم‌ نألف‌ أحداً منهم‌ قد اعترض‌ وأثار حولها إشكالاً، أو ارتاب‌ في‌ نقل‌ هذه‌ الروايات‌ عند تفسير آية‌ الولاية‌ .

 يقول‌ الزمخشري‌ّ أُستاذ العربيّة‌ وآدابها في‌ «الْكَشَّاف‌»:

 فإن‌ قلتَ: كيف‌ صحّ أن‌ يكون‌ ل علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ واللفظ‌ لفظ‌ الجماعة‌؟!

 قلتُ: جي‌ء به‌ علی لفظ‌ الجمع‌ ـ وإن‌ كان‌ السبب‌ فيه‌ رجلاً واحداًـ ليرغب‌ الناس‌ في‌ مثل‌ فعله‌ فينالوا مثل‌ ثوابه‌ ؛ ولينبّه‌ علی أنّ سجيّة‌ المؤمنين‌ يجب‌ أن‌ تكون‌ علی هذه‌ الغاية‌ من‌ الحرص‌ علی البرّ والإحسان‌ وتفقّد الفقراء، حتّي‌ إن‌ لزهم‌ أمر لا يقبل‌ التأخير وهم‌ في‌ الصلاة‌، لم‌يؤخّروه‌  إلی‌ الفراغ‌ منها . [45]

 4 ـ يقول‌: إنّ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ كان‌ أعرف‌ بتفسير القرآن‌ من‌ هؤلاء الروافض‌، فلو كانت‌ هذه‌ الآية‌ دالّة‌ علی إمامته‌ لاحتجّ بها في‌ محفل‌ من‌ المحافل‌، وليس‌ للروافض‌ أن‌ يقولوا: إنّه‌ تركه‌ للتقيّة‌ ؛ فإنّهم‌ ينقلون‌ عنه‌ أنـّه‌ تمسّك‌ يوم‌ الشوري‌ بخبر الغدير، وخبر المباهلة‌، وجميع‌ فضائله‌ ومناقبه‌، ولم‌ يتمسّك‌ ألبتة‌ بهذه‌ الآية‌ في‌ إثبات‌ إمامته‌، وذلك‌ يوجب‌ القطع‌ بسقوط‌ قول‌ هؤلاء الروافض‌، لَعَنَهُمُ اللَهُ .

 والجواب‌ هو: أنّ أمير المؤمنين‌ عليه السلام قد احتجّ بهذه‌ الآية‌ يوم‌ الشوري‌، وقد أنشد سَعْدَ بْنَ أَبي‌ وَقّاص‌، وعُثْمَانَ، وَعَبْدَالرَّحمن‌بْنَ عَوْف‌، وطَلْحَةَ، والزُّبَيْر بالله‌ وقال‌ لهم‌: فَهَلْ فِيكُمْ أحَدٌ آتي‌ الزَّكَاةَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَنَزَلَتْ فِيهِ: «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَو'ةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُمْ رَ ' كِعُونَ.» غَيْرِي‌ ؟! قَالُوا: لاَ .

 علماً أنـّنا نقلنا استدلال‌ الإمام‌ يوم‌ الشوري‌ في‌ هذا المجلس‌ من‌ البحث‌، ضمن‌ الروايات‌ الواردة‌ تحت‌ الرقم‌ 16 من‌ « غاية‌ المرام‌ » [46] ونقلناه‌ عن‌ احتجاج‌ الشيخ‌ الطبرسي‌ّ أيضاً . [47]

 ولم‌ يحتجّ الإمام‌ بها يوم‌ الشوري‌ فحسب‌، بل‌ احتجّ بها مع‌ أبي‌ بكر في‌الايّام‌ الاُولي‌ لغصب‌ الخلافة‌ أيضاً، فقال‌ له‌:

 أَنْشُدُكَ بِاللَهِ  إلی‌َ الْوَلاَيَةُ مِنَ اللَهِ مَع‌ وَلاَيَةِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في‌ آيَةِ زَكَاةِ الْخَاتَمِ أَمْ لَكَ ؟! قَالَ: بَلْ لَكَ .

 علماً أنـّنا نقلنا هذا الاستدلال‌ بعد غَصْب‌ الخلافة‌ ضمن‌ الروايات‌ الواردة‌ تحت‌ الرقم‌ 15 من‌ « غاية‌ المرام‌ » عن‌ الشيخ‌ الصدوق‌ . [48] وكذلك‌ نقلناه‌ عن‌ « احتجاج‌ » الشيخ‌ الطبرسي‌ّ .[49]

 5 ـ يقول‌: هب‌ أنّ الآية‌ دالّة‌ علی إمامة‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌، لكنّا توافقنا علی أنـّها عند نزولها مادلّت‌ علی حصول‌ الإمامة‌ في‌ الحال‌، لانّ علی اً ما كان‌ نافذ التصرّف‌ في‌ الاُمّة‌ حال‌ حياة‌ الرسول‌ عليه و آله الصلاة‌ والسلام‌ فلم‌ يبق‌ إلاّ أن‌ تحمل‌ الآية‌ علی أنـّها تدلّ علی أنّ علی اً سيصير إماماً بعد ذلك‌، ومتي‌ قالوا ذلك‌، فنحن‌ نقول‌ بموجبه‌ ونحمله‌ علی إمامته‌ بعد أبي‌بكر، وعمر، وعثمان‌ ؛ إذ ليس‌ في‌ الآية‌ ما يدلّ علی تعيين‌ الوقت‌ .

 وجوابنا هو: أنّ الآية‌ تدلّ علی ولايته‌ الف علی ة‌ التي‌ تستلزم‌ الإمامة‌ ونفوذ التصرّف‌، والامر والنهي‌ . ولمّا توفّي‌ رسول‌ الله‌، فإنّ الإمامة‌ والزعامة‌ من‌ اللوازم‌ الحتميّة‌ المترتّبة‌ علی الولاية‌ .

 6 ـ يقول‌: إنّ اللائق‌ ب علی ‌ّ ] عليه السلام [ أن‌ يكون‌ مستغرق‌ القلب‌ بذكرالله‌ حال‌ ما يكون‌ في‌ الصلاة‌، والظاهر أنّ من‌ كان‌ كذلك‌، فإنّه‌ لايتفرّغ‌ لاستماع‌ كلام‌ الغير ولفهمه‌ .

 والجواب‌ هو: أنّ عدم‌ الاستماع‌ هو في‌ حال‌ الفَنَاء في‌ الله‌ ؛ لافي‌ حال‌ البقاء بالله‌ ؛ وكانت‌ حالات‌ ذلك‌ الإمام‌ العظيم‌ جامعة‌ للفَناء والبَقَاء؛ والواضح‌ أنّ البقاء بعد الفناء أشرف‌ وأفضل‌ .

 7 ـ يقول‌: إنَّ دفع‌ الخاتم‌ في‌ الصلاة‌ للفقير عمل‌ كثير، واللائق‌ بحال‌ علی ‌ّ ] عليه السلام [ أن‌ لا يفعل‌ ذلك‌ .

 والجواب‌ هو: أنـّه‌ ليس‌ عملاً كثيراً ؛ وهذا العمل‌ نفسه‌ يدلّ علی تجويز نظائره‌ حال‌ الصلاة‌ .

 8 ـ يقول‌: أنّ المشهور أنـّه‌ ] عليه السلام [ كان‌ فقيراً، ولم‌ يكن‌ له‌ مال‌ تجب‌ الزكاة‌ فيه‌ . [50] ولذلك‌ فإنّهم‌ يقولون‌ إنّه‌ لمّا أعطي‌ ثلاثة‌ أقراص‌، نزل‌ فيه‌ « سورة‌ هل‌ أتي‌ »، وذلك‌ لا يمكن‌ إلاّ إذا كان‌ فقيراً . فأمّا من‌ كان‌ له‌ مال‌ تجب‌ فيه‌ الزكاة‌، يمتنع‌ أن‌ يستحقّ المدح‌ العظيم‌ المذكور في‌ تلك‌ السورة‌ علی إعطاء ثلاثة‌ أقراص‌ .

 مضافاً  إلی‌ ذلك‌ أنّ دفع‌ الزكاة‌ واجب‌ فوري‌ّ، فكيف‌ يتأخّر الإمام‌ عن‌ دفعها في‌ أوّل‌ الوقت‌، ويدخل‌ في‌ الصلاة‌ ؟

 والجواب‌ هو: أنّ اعطاء الخاتم‌ كان‌ صدقة‌ مستحبّة‌، ولم‌ يكن‌ زكاة‌ واجبة‌ بالمعني‌ المصطلح‌، ذلك‌ لانَّ تعيّن‌ لفظ‌ الزكاة‌ بمعناها الاصطلاحي‌ّ قد تمّ في‌ عرف‌ المتشرّعة‌ بعد نزول‌ القرآن‌ وأمره‌ بوجوبها وتشريعها في‌ الدين‌. وأمّا في‌ اللغة‌ فإنّ لفظ‌ الزكاة‌ أعمّ من‌ الزكاة‌ المصطلحة‌ عند المتشرّعة‌؛ ومتي‌ ما أُطلقت‌ أو قيلت‌ في‌ مقابل‌ الصلاة‌، فالقصد هو إنفاق‌ المال‌ في‌ سبيل‌ الله‌ .

 ونحن‌ نري‌ في‌ كثير من‌ الآيات‌ القرآنيّة‌ الكريمة‌ تمجيداً بالانبياء السابقين‌ وثناءً علی هم‌ بسبب‌ دفع‌ الزكاة‌ . ومن‌ الواضح‌ أنـّها لم‌ تكن‌ الزكاة‌ بمعناها الاصطلاحي‌ّ الذي‌ أصبح‌ متداولاً، ويقع‌ علی الاشياء التسعة‌: الحنطة‌، والشعير، والزبيب‌، والتمر، والذهب‌، والفضّة‌، والبقر، والابل‌، والضأن‌، فيما لو بلغت‌ حدّ النصاب‌، وكان‌ المقدار معيّناً .

 فالزكاة‌، إذَن‌، هي‌ الصدقة‌ وإنفاق‌ المال‌ في‌ سبيل‌ الله‌ .

 قال‌ عزّ من‌ قائل‌ في‌ إبراهيم‌، وإسحاق‌، ويعقوب‌: وَأَوْحَيْنَآ  إلیهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ ' تِ وَإِقَامَ الصَّلَو'ةِ وَإِيتَآءَ الزَّكَو'ةِ . [51]

 وقال‌ في‌ إسماعيل‌: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ و بِالصَّلَو'ةِ وَالزَّكَو'ةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِمَرْضِيًّا. [52]

 وقال‌ في‌ عيسي‌ ابن‌ مريم‌ وهو في‌ المهد وَأَوْصَـ'نِي‌ بِالصَّلَو'ةِ وَالزَّكَو'ةِ مَادُمْتُ حَيًّا. [53]

 وكذلك‌ ورد لفظ‌ الزكاة‌ في‌ كثير من‌ آيات‌ السورة‌ المكيّة‌ كقوله‌ جلّ شأنه‌: قَدْ أَفْلَحَ مَن‌ تَزَكَّي‌' * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّي‌' . [54]

 وقوله‌: الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَو'ةَ وَهُم‌ بِالاْخِرَةِ هُم‌ كَـ'فِرُونَ. [55]

 وقوله‌: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَو'ةِ فَـ'عِلُونَ . [56]

 وغيرها من‌ الآيات‌ الواردة‌ في‌ السور المكيّة‌ ؛ ولا سيّما السور النازلة‌ في‌ أوّل‌ البعثة‌، كسورة‌ حم‌ السجدة‌ وغيرها ؛ ولم‌ تشرّع‌ الزكاة‌ بالمعني‌ الاصطلاحي‌ّ حينئذٍ قطّ .

 ولا أدري‌ ماذا يفهم‌ هؤلاء المنكرون‌ للولاية‌ وآية‌ الولاية‌ من‌ لفظ‌ الزكاة‌ في‌ هذه‌ الآيات‌ ؟ بل‌ إنّ آية‌ الزكاة‌ الاصطلاحيّة‌ الواردة‌ في‌ القرآن‌ جاءت‌ بلفظ‌ الصدقة‌، فقد قال‌ تبارك‌ اسمه‌: خُذْ مِنْ أمْوَ ' لِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم‌ بِهَا وَصَلِّ علی هِمْ إِنَّ صَلَو'تَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ . [57]

 فهذه‌ الآية‌ تدلّ علی أنّ الزكاة‌ المصطلحة‌ هي‌ من‌ أفراد الصدقة‌ أيضاً، ويعبّر عنها زكاة‌ لانـّها مطهّرة‌ ومزكّية‌ كالصدقة‌ ؛ ثمّ شاعت‌ كلمة‌ الزكاة‌ تدريجاً في‌ الصدقة‌ المصطلحة‌ والزكاة‌ العاديّة‌ بسبب‌ كثرة‌ الاستعمال‌. [58]

 9 ـ يقول‌: لا نسلّم‌ أنّ الولاية‌ المذكورة‌ في‌ الآية‌ غير عامّة‌، ولانسلّم‌ أنّ كلمة‌ إنَّما للحصر، والدليل‌ عليه قوله‌: إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَو'ةِ الدُّنَْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَآءِ .[59]

 ولا شكّ أنّ الحياة‌ الدنيا لها أمثال‌ أُخري‌ سوي‌ هذا المثل‌ . وقال‌: إِنَّمَا الْحَيَو'ةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ . [60] ولا شكّ أنّ اللعب‌ واللهو قد يحصل‌ في‌ غيرها. [61]

 والجواب‌: لقد نصّ أئمّة‌ الادب‌ واللغة‌ والشعر كلّهم‌ أنّ كلمة‌ إنَّمَا تفيد الحصر. وهي‌ بمنزلة‌ لاَ و إلاَّ . وقولهم‌: إِنَّمَا زَيْدٌ كَرِيمٌ يعني‌: مَا زَيْدٌ إلاَّ كَرِيمٌ. [62] وقد ابتعد الفخر الرازي‌ّ عن‌ الحقيقة‌ تماماً . وكم‌ أقصته‌ هذه‌ الإشكالات‌ الواضحة‌ النابعة‌ من‌ تعصّب‌ جاهلي‌ّ عن‌ واقع‌ الامر ! ونكتفي‌ هنا بكلام‌ العالم‌ الكبير الشيخ‌ أبي‌ الفتوح‌ الرازي‌ّ حول‌ كلمة‌ إنَّمَا:

 تدلّ الآية‌ علی إمامة‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام ووجه‌ استدلال‌ الآية‌ هو أنّ الله‌ تعالی‌ أثبت‌ ولايته‌ بكلمة‌ إنَّمَا . وفائدة‌ ذلك‌ إثبات‌ الشَّي‌ء ونفي‌ مَاسِوَاه‌، كما يقول‌ شخص‌: إِنَّما الْعَالِمُ فُلاَنٌ أَي‌: هُوَ الْعَالِمُ لاَ غَيْرُهُ، و إِنَّمَا لَكَ عِنْدِي‌ دِرْهَمٌ، أَي‌: لَيْسَ لَكَ علی إلاَّ دِرْهَمٌ .

 وقال‌ الشاعر:

 وَلَسْـتَ بِالاْكْثَرِ مِنْهُمْ حَصَي‌                   وَإِنـَّمَـا الْـعِــزَّةُ لِـلْـكَـاثِــرِ

 وقوله‌: إِنَّمَا اللَهُ إلَهٌ وَاحِدٌ، أَي‌: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ الْوَاحِدُّ . [63]

 الرجوع الي الفهرس

إنكار مخالفي‌ مذهب‌ التشيّع‌ للحقائق‌ يظهر مظلوميّة‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام

 أجل‌، لقد نقلنا كلام‌ الرازي‌ّ هنا ليتبيّن‌ لنا  إلی‌ أي‌ّ مدي‌ يبذل‌ المخالفون‌ لمدرسة‌ التشيّع‌ جهودهم‌ لإنكار الحقيقة‌ ؛ فكانوا كلّما بذلوا جهودهم‌ أكثر، أخزوا أنفسهم‌ وفضحوها أكثر، وهم‌ يريدون‌ أن‌ يبعدوا التشيّع‌ عن‌ عالم‌ الحقيقة‌ والواقع‌ من‌ خلال‌ لعن‌ الروافض‌ الذي‌ يمثّل‌ عندهم‌ حلاوة‌ الكلام‌، وهو سلاح‌ الضعفاء والمساكين‌ .

 فهم‌ ـ من‌ جهة‌ ـ يؤوّلون‌ جميع‌ الآيات‌ التي‌ تخصّ أهل‌ البيت‌ ويصرفونها عنهم‌ أو يفسّرونها تفسيراً عامّاً، ومن‌ جهة‌ أُخري‌، يؤوّلون‌ جميع‌ الآيات‌ التي‌ جاءت‌ في‌ عناد المخالفين‌ لاهل‌ البيت‌ وعداؤهم‌ لهم‌، ويصرفونها  إلی‌ غيرهم‌ أو يفسّرونها تفسيراً عامّاً .

 وقد رأينا في‌ الجزء الثالث‌ من‌ كتابنا هذا « معرفة‌ الإمام‌ » كيف‌ يحتالون‌ في‌ تفسير آية‌ التطهير لتنطبق‌ علی أزوَاج‌ النَّبِي‌ّ . بينما نجدهم‌ يتلاعبون‌ في‌ سورة‌ أُخري‌ من‌ سور القرآن‌ الكريم‌ تحدّثت‌ بالانتقاد والتجريح‌ لامرأتين‌ من‌ نساء النبي‌ّ وهما: عائشة‌ وحَفْصة‌ بكلّ وضوح‌. ونصّ مفسّروهم‌ علی نزولها في‌ تينك‌ المرأتين‌، إلاّ أنـّهم‌ يدأبون‌ كيفما كان‌ في‌ تنزيههما وتطهيرهما وتقديسهما .

 وهنا تستبين‌ مظلوميّة‌ أمير المؤمنين‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه السلام جيّداً إذ كيف‌ أعرضوا عنه‌ وهو بحر العلم‌ والحلم‌ والوقار والسكينة‌ والدراية‌ والفطنة‌ والتقوي‌ والإيمان‌ والإيقان‌، بل‌ وأنكروه‌ ما استطاعوا  إلی‌ ذلك‌ سبيلاً .

 نعم‌ هنا يكمن‌ معني‌ الدنيا الدنيّة‌ الوضيعة‌ وهي‌ جيفة‌ أهل‌ الدنيا وكلابها؛ في‌ حين‌ يحتجب‌ صاحب‌ الدولة‌ الحقّة‌ والولاية‌ الكلّيّة‌ وراء حجاب‌ الغيبة‌، لانـّه‌ إذا ظهر فإنّ هذه‌ النسور الجارحة‌ ستمزّق‌ أوصاله‌ وترتوي‌ من‌ دمه‌ فتملا به‌ بطونها . وتلك‌ الدولة‌ هي‌ دولة‌ العلم‌ وقد قال‌ صادق‌ آل‌ محمّد .

 لِكُلِّ أُنَاسٍ فِـي‌ الْبَرِيَّـةِ دَوْلَـةٌ                  وَدَوْلَتُنَا فِي‌ آخِرِ الدَّهْرِ يَظْهَرُ

الی المجلد السادس

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 108 ، الحديث‌ 11 عن‌ الخاصّة‌ ؛ وفي‌ «تفسير العيّاشيّ» ص‌ 327 ج‌ 1 ، الحديث‌ 138 ؛ وفي‌ «تفسير البرهان‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ج‌ 1 ، ص‌ 194

[2] ـ «بحار الانوار» الطبعة‌ الكمباني‌ ، ج‌ 9 ، ص‌ 35 . 

[3] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 108 ، الحديث‌ 13 عن‌ الخاصّة‌ ، و«تفسير العيّاشي‌ّ» ج‌ 1 ، ص‌ 328 ؛ وجاء في‌ «تفسير البرهان‌» ص‌ 195 ، و«تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 16 . 

[4] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9 ، ص‌ 35 . 

[5] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 108 ، الحديث‌ الرابع‌ عشر عن‌ الخاصّة‌ ، و«تفسير العيّاشي‌ّ» ج‌ 1 ، ص‌ 328 ، و«تفسير البرهان‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ ج‌ 1 ، ص‌ 295 ، و«تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 16 و 17 . 

[6] ـ «بحار الانوار» الطبعة‌ الكمباني‌ ج‌ 9 ، ص‌ 35 . 

[7] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 108 ، الحديث‌ الخامس‌ عشر عن‌ الخاصّة‌ ، و«تفسير العيّاشي‌ّ» ج‌ 1 ص‌ 328 و ص‌ 329 ؛ و«تفسير البرهان‌» ج‌ 1 ، ص‌ 295 . 

[8] ـ «بحار الانوار» الطبعة‌ الكمباني‌ ، ج‌ 9 ، ص‌ 35 . 

[9] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 108 ، الحديث‌ السادس‌ عشر عن‌ الخاصّة‌ . وجاءت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 17 . 

[10] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 108 ، الحديث‌ السابع‌ عشر عن‌ الخاصّة‌ . وجاءت‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ «تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 17 . 

[11] ـ ذكر المولي‌ جلال‌ السيوطي‌ّ في‌ تفسير «الدرّ المنثور» إحدي‌ عشرة‌ رواية‌ بأسناد ï ïمختلفة‌ في‌ شأن‌ نزول‌ آية‌ الولاية‌ ، وتصدّق‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بخاتمه‌ . وقد خرّج‌ الطبراني‌ّ في‌ «الاوسط‌» وابن‌ مَرْدَوَيْه‌ عن‌ عمّار بن‌ ياسر ما جاء في‌ ذيل‌ إحداها قوله‌ (مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِي‌ٌّ مَوْلاَهُ اللَهُمَّ وَالِ مَن‌ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ) ـ تفسير «الدرّ المنثور» ج‌ 2 ، ص‌ 293 و 294 .

 وذكر أبو جعفر محمّد بن‌ جرير الطبري‌ّ في‌ تفسير «جامع‌ البيان‌ عن‌ تأويل‌ آي‌ القرآن‌» حول‌ تفسير هذه‌ الآية‌ المباركة‌ وشأن‌ نزولها في‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ عليه‌ السلام‌ وتصدّقه‌ بخاتمه‌ خمس‌ روايات‌ عن‌ السدّي‌ّ ، والإمام‌ أبي‌ جعفر عليه‌ السلام‌ ، وعتبة‌ بن‌ حكيم‌ ، ومجاهد. ـ («تفسير الطبري‌ّ» ، الطبعة‌ الثانية‌ 1373 ، ص‌ 288 وص‌ 289 من‌ الجزء السادس‌). 

[12] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 109 ، الحديث‌ 18 عن‌ الخاصّة‌ ، و«الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ ، طبعة‌ النجف‌، ج‌ 2 ، ص‌ 251 إلي‌ ص‌ 253 ، و«تفسير البرهان‌» ج‌ 1 ، ص‌ 295 الطبعة‌ الحجريّة‌، و«تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 17 و ص‌ 18 ، و«بحار الانوار» الطبعة‌ الكمباني‌ ج‌ 8 ، ص‌ 34 . 

[13] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 109 ، الحديث‌ 19 عن‌ الخاصّة‌ ؛ و«تفسير البرهان‌» ج‌ 1 ، ص‌ 295 ؛ و«الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ ، طبعة‌ النجف‌ ، ج‌ 1 ، ص‌ 379 ؛ و«تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 18 إلي‌ هنا إذ يقول‌ : غير رجُلٍ وَاحِدٍ بعينه‌ . 

[14] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 109 . 

[15] ـ «الاحتجاج‌» طبعة‌ النجف‌ ج‌ 1 ، ص‌ 202 . 

[16] ـ الآية‌ 59 ، من‌ السورة‌ 4 : النساء . 

[17] ـ الآية‌ 16 ، من‌ السورة‌ 9 : التوبة‌ . 

[18] ـ «الاحتجاج‌» ج‌ 1 ، ص‌ 213 . 

[19] ـ الآية‌ 17 ، من‌ السورة‌ 11 : هود . 

[20] ـ الآية‌ 43 ، من‌ السورة‌ 13 : الرعد . 

[21] ـ «الاحتجاج‌» ج‌ 1 ، ص‌ 231 و ص‌ 232 . 

[22] ـ لانّ القاعدة‌ في‌ الإسلام‌ عند الحرب‌ مع‌ الكفّار تقول‌ : مَنْ قَتَل‌ قَتيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ مِن‌ لباس‌ ، وخاتم‌ ، وقلنسوة‌ ، ودرع‌ ، وسيف‌ ، ورمح‌ وغيرها ، فهذه‌ كلّها للقاتل‌ وليس‌ لاحد فيها حقّ غيره‌ . وهذه‌ هي‌ غير الغنائم‌ الحربيّة‌ التي‌ تؤخذ من‌ جميع‌ الكفّار ، وتقسّم‌ علي‌ المسلمين‌. 

[23] ـ «غاية‌ المرام‌» ص‌ 109 ، وذكر البحراني‌ّ هذا الموضوع‌ أيضاً في‌ ج‌ 1 من‌ «تفسير البرهان‌»، ص‌ 296 من‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ . 

[24] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 23 و ص‌ 24 . وقد ناقش‌ سماحة‌ الاُستاذ العلاّمة الطباطبائي‌ّ هذا الموضوع‌ من‌ أوّل‌ هذا الجزء حتّي‌ ص‌ 24 منه‌ . وخصّص‌ تلك‌ الصفحات‌ للحديث‌ حول‌ هذا الموضوع‌ وإثبات‌ صحّته‌ ، وتحقّق‌ قصّة‌ الخاتم‌ ، وتفسير الآيتين‌ الواردتين‌ في‌ هذا الباب‌ . 

[25] ـ الآية‌ 144 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ . 

[26] - نفس المصدر.  

[27] - نفس المصدر.

[28] ـ «المفردات‌» طبعة‌ سنة‌ 1381 ه ، ص‌ 534 . 

[29] ـ جاءت‌ هذه‌ الفقرة‌ في‌ الآية‌ 36 ، من‌ السورة‌ 8 : الانفال‌ . والآية‌ هي‌ : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَ ' لَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن‌ سَبِيلِ اللَهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ . ï ïفأموالهم‌ ذهبت‌ منهم‌ ولم‌ يبغلوا هدفهم‌ . وقد استشهدنا بهذه‌ الآية‌ ليتبيّن‌ لنا أنّ أمثال‌ الفخر الرازي‌ّ المعاندين‌ للشيعة‌ قد وظّفوا علومهم‌ وأفكارهم‌ في‌ سبيل‌ صرف‌ معاني‌ الآيات‌ عن‌ أهل‌ البيت‌ ، وبالتالي‌ يكون‌ ذلك‌ عليهم‌ حسرة‌ ، لانـّهم‌ يندحرون‌ أمام‌ المنطق‌ ، وتذهب‌ علومهم‌ هباءً منثوراً ، دون‌ أن‌ يقتطفوا منها ثمرةً ؛ ذلك‌ لانّ الشمس‌ قد أشرقت‌ متلالاة‌ لذي‌ عينين‌. 

[30] ـ يقول‌ الشاعر هنا : إنّ الخفّاش‌ أكثر حرماناً من‌ جميع‌ الكائنات‌ ، لانـّه‌ عدوّ مكشوف‌ للنور . 

[31] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 3 ، ص‌ 224 ، و ص‌ 225 . 

[32] ـ الآية‌ 173 ، من‌ السورة‌ 3 : آل‌ عمران‌ . 

[33] ـ الآية‌ 199 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ . 

[34] ـ الآية‌ 168 ، من‌ السورة‌ 3 : آل‌ عمران‌ . 

[35] ـ «تفسير التبيان‌» للشيخ‌ الطوسي‌ّ ج‌ 1 من‌ الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 547 و ص‌ 548 . 

[36] ـ الآية‌ 274 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ .  

[37] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 6 ، ص‌ 7 .  

[38] ـ «تفسير الميزان‌» ج‌ 9 ، ص‌ 337 . 

[39] ـ الآية‌ 52 ، من‌ السورة‌ 5 : المائدة‌ . 

[40] ـ هذا إذا اعتبرنا كلمتي‌ّ : قُلُوبِهِمْ و أَنْفُسِهِمْ ، وكلّ منهما مضاف‌ ومضاف‌ إليه‌ ، كلمة‌ واحدة‌، وإلاّ فإنّها ثلاثة‌ عشر موضعاً . 

[41] ـ الآية‌ 54 ، من‌ السورة‌ 4 : النساء . 

[42] ـ آلآية‌ 215 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ . 

[43] ـ الآية‌ 189 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ .  

[44] ـ الآية‌ 187 ، من‌ السورة‌ 7 : الاعراف‌ . والآية‌ 42 ، من‌ السورة‌ 79 : النازعات‌ . 

[45] ـ «تفسير الكشّاف‌» في‌ تفسير آية‌ الولاية‌ ، الطبعة‌ الاُولي‌ في‌ مطبعة‌ الشَّرَفيّة‌ ، ج‌ 1 ، ص‌ 264 . 

[46] ـ ص‌ 226 من‌ هذا الكتاب‌ عن‌ «غاية‌ المرام‌» ، عن‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ كتاب‌ «الامالي‌ّ». 

[47] ـ ص‌ 231 من‌ هذا الكتاب‌ عن‌ «احتجاج‌» الطبرسي‌ّ . 

[48] ـ ص‌ 226 من‌ هذا الكتاب‌ عن‌ «غاية‌ المرام‌» عن‌ الشيخ‌ الصدوق‌ . 

[49] ـ ص‌ 230 من‌ هذا الكتاب‌ عن‌ «الاحتجاج‌» للطبرسي‌ّ . 

[50] ـ إنّ قوله‌ : كان‌ علي‌ّ عليه‌ السلام‌ فقيراً لا يخلو من‌ حَزَازَة‌ ؛ لانّ الفقير شرعاً هو الذي‌ ليس‌ له‌ مال‌ يستعين‌ به‌ علي‌ حياته‌ ، أو ليست‌ له‌ قدرة‌ علي‌ الكسب‌ والعمل‌ . وأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وإن‌ لم‌ تكن‌ له‌ قدرة‌ ماليّة‌ ، فقد كانت‌ له‌ قدرة‌ علي‌ الكسب‌ والعمل‌ . وكان‌ يعيش‌ بكدّ يده‌ . وما كان‌ يأخذ درهما واحداً صدقة‌ طيلة‌ عمره‌ ، بل‌ جاء في‌ الاخبار المأثورة‌ أنـّه‌ كان‌ يشتري‌ بعمل‌ يده‌ ألف‌ غلام‌ ويعتقهم‌ في‌ سبيل‌ الله‌ . وأوقف‌ الترع‌ والبساتين‌ والنخيل‌ صدقات‌ في‌ الاُمور الخيريّة‌ . وكيف‌ يكون‌ فقيراً من‌ يحمل‌ الجراب‌ علي‌ ظهره‌ ويتجوّل‌ بين‌ بيوت‌ الفقراء في‌ الليالي‌ المظلمة‌ ، ويتفقّد الارامل‌ وا لايتام‌ ، يوزّع‌ عليهم‌ الخبز والتمر ما كان‌ حيّاً في‌ هذه‌ الدنيا ؟ أجل‌ ، لنا أن‌ نقول‌ فقط‌ : إنّه‌ لم‌ يدّخر لنفسه‌ مالاً قطّ ، وكان‌ ينفق‌ كلّ ما يقع‌ في‌ يده‌ المباركة‌ بلا تأخير ، فهو غني‌ّ في‌ أعلي‌ درجات‌ الغني‌ والثراء . ولم‌يفهم‌ الفخر الرازي‌ّ المسكين‌ أنّ عدم‌ وجود المال‌ الناتج‌ عن‌ الإنفاق‌ المتواصل‌ هو الغني‌ عينه‌ والثراء نفسه‌ لا الفقر الذي‌ يمثّل‌ ، في‌ معناه‌ الشرعي‌ّ والعرفي‌ّ ، العوز والفاقة‌ . إنّها مظلوميّة‌ علي‌ّ حقّاً إذ يصفه‌ هؤلاء المعاندون‌ بالفقر حتّي‌ عند تصدّقه‌ بخاتمه‌ للفقير ، ذلك‌ التصدّق‌ الذي‌ يدلّ علي‌ كمال‌ الغني‌ . 

[51] ـ الآية‌ 73 ، من‌ السورة‌ 21 ، الانبياء . 

[52] ـ الآية‌ 55 ، من‌ السورة‌ 19 : مريم‌ . 

[53] ـ الآية‌ 31 ، من‌ السورة‌ 19 : مريم‌ . 

[54] ـ الآيتان‌ 14 و 15 ، من‌ السورة‌ 87 : الاعلي‌ . 

[55] ـ الآية‌ 7 ، من‌ السورة‌ 41 : فصّلت‌ . 

[56] ـ الآية‌ 4 ، من‌ السورة‌ 23 : المؤمنون‌ . 

[57] ـ الآية‌ 103 ، من‌ السورة‌ 9 : التوبة‌ . 

[58] ـ وتوضيح‌ ذلك‌ : أنّ جميع‌ أفراد الزكاة‌ صدقة‌ ؛ وكلّ صدقة‌ زكاة‌ ، ولمّا كانت‌ الصدقة‌ مزكّية‌، لذلك‌ سمّيت‌ : زكاة‌ . ثمّ استعملت‌ تدريجاً في‌ عرف‌ المتشرّعة‌ لتدلّ علي‌ الصدقة‌ الواجبة‌ بوصفها عَلَماً . 

[59] ـ الآية‌ 24 ، من‌ السورة‌ 10 : يونس‌ . 

[60] ـ الآية‌ 36 ، من‌ السورة‌ 47 : محمّد . 

[61] ـ «تفسير الفخر الرازي‌ّ» طبع‌ دار الطباعة‌ العامرة‌ ، عشرون‌ جزءاً ، ج‌ 3 ، ص‌ 619 إلي‌ ص‌ 622 .

[62] ـ ومن‌ الطريف‌ هنا أنّ هذا الشاهد الذي‌ أورده‌ الفخر الرازي‌ّ قد جاء في‌ آيات‌ أُخري‌ بلفظ‌ ما و إلاّ بدلاً من‌ إنّما . كالآية‌ 32 ، من‌ السورة‌ 6 : الانعام‌ : وَمَا الْحَيَو'ةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ. والآية‌ 64 ، من‌ السورة‌ 29 : العنكبوت‌ : وَمَا هَـ'ذِهِ الْحَيَو'ةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ . 

[63] ـ «تفسير روح‌ الجنان‌» طبعة‌ مظفّري‌ ، ج‌ 2 ، ص‌ 176 .

الی المجلد السادس

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com