|
|
الدرس السادس والسبعون إلی الثامن والسبعين:أساس نصب أمير المؤمنين في مقام الولاية الكلّيّة في غدير خمّ
بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ وصلَّي اللهُ علی محمّد وآله الطَّاهرين ولعنة اللَه علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين ولا حول ولا قوّة إلاّ باللَه العلی العظيم
قال الله الحكيم في كتابه الكريم: يَـ'´أَيـُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إلیكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رَسَالَتَهُ و وَاللَهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَاللَهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَـ'فِرِينَ. [1] غديريّة آية الله العظمي الشيخ محمّد حسين الغرويّباده بده ساقيا ولي ز خُمّ غدير چنگ بزن مطربا ولي به ياد أمير (1 ) [2] تو نيز اي چرخ پير بيا ز بالا به زير داد مَسِرَّت بده ساغر عشرت بگير (2 ) بلبل طبعم چنان قافيه پرداز شد كه زُهره در آسمانبه نغمه دمسازشد (3 ) محيط كون و مكان دائره ساز شد سَروَر روحانيان هو العليّ الكبير (4 ) نسيمرحمتوزيد؛ دهرِ كهن شد جوان نهال حكمت دميد پر از گلارغوان(5) مسند حشمت رسيد به خُسروِ خُسروان حجاب ظلمت دريد زآفتابمنير(6) وادي خمّ غَدير، منطقة نور شد يا ز كف عقل پير تجلّي طور شد (7 ) [3] يا كه بياني خطير ز سرّ مستور شد يا شده در يك سرير قِران شاه و وزير (8 ) شاهد بَزم أزَل، شمع دل جمع شد تا اُفُق لَمْ يَزَل روشن از آن جمع شد (9 ) ظلمت ديو و دَغَل، ز پرتوش قَمعْ شد چون شه كيوان محل شد به فراز سرير (10 ) چون به سر دست شاه شير خدا شد بلند به تارك مِهر و ماه ظلّ عنايت فكند (11 ) به شوكت فرّ و جاه به طالعي ارجمند شاه ولايت پناه به أمر حقّ شد أمير (12 ) مژده كه شد مير عشق وزير عقل نخست بههمّتپيرعشقأساسوحدتدرست (13 ) [4] به آب شمشير عشقْ نقش دوئيّت بشست به زير زنجير عشق شير فلك شد أسير (14 ) فاتِح اقليم جود، به جاي خاتم نشست يا به سپهر وجود نيّر أعظم نشست (15 ) يا به محيط شهود، مركز عالم نشست روي حَسُود عَنُود سياه شد همچو تير (16 ) صاحب ديوان عشق عرش خلافت گرفت مسند ايوان عشق زيب و شرافت گرفت (17 ) گلشن خندان عشق حُسن و لطافت گرفت نغمة دَستانِ عشق رفت به أوج اثير (18 ) جلوه به صد ناز كرد ليلي حُسْن قِدَم پرده ز رخ باز كرد بَد مُنير ظُلَم (19 ) [5] نغمه گري ساز كرد معدن كلّ حِكَم يا سخن آغاز كرد عن اللطيف الخبير (20 ) به هر كه مولا منم، علی است مولاي او نسخة أسما منم، علی است طُغراي او (21 ) سِرِّ مُعَمّا منم؛ علی است مَجْلايِ او محيط اِنشا منم؛ علی مدار و مدير (22 ) طور تجلّي منم، سينة سينا علی است سِرِّ اَنَا اللهْ منم، آيت كبري علی است (23 ) دُرِّة بيضا منم، لُؤلُؤ لالا علی است شافع عُقبي' منم، علی مُشار و مُشير (24 ) حلقة أفلاك را سلسلة جنبان علی است قاعدة خاك را اساس و بنيان علی است (25 ) دفتر اِدراك را طراز و عنوان علی است سيّد لَوْلاك را علی وزير و ظهير (26 ) [6] دائرة كُنْ فكان، مركز عزم علی است عرصة كون و مكان خِطّة رزم علی است (27 ) در حرم لا مكان خلوت بزم علی است روي زمين و زمان به نور او مُستنير (28 ) قبلة أهل قبول، غُرّة نيكوي اوست كعبة أهل وصول، خاك سر كوي اوست (29 ) قوس صعود و نزول حلقة ابروي اوست نقد نفوس و عقول به بارگاهش حقير (30 ) طلعت زيباي او ظهور غيب مصون لَعْل گهر زاي او مصدر كاف است و نون (31 ) سِرِّ سويداي او منزّه از چند و چون صورت و معناي او نگنجد اندر ضمير (32 ) [7] يوسف كَنعانِ عشق، بندة رخسار اوست خِضْرِ بيابان عشق تشنة گفتار اوست (33 ) موسي عمرانِ عشق طالب ديدار اوست كيست سليمانِ عشق بر در او يك فقير (34 ) اي به فروغ جمال، آينة ذو الجلال مُفتَقِرِ خوش مقال مانده به وصف تو لال (35 ) گر چه بُراق خيال در تو ندارد مجال ولي ز آب زلال تشنه بود ناگزير (36 ) [8] الإمام علی عليه السلام ميزان الحقّ ومحورهالحقّ مع علی يدور معه حيث داروَقَالُوا: علی عَلاَ، قُلْتُ: لا فَإنَّ الْعلی بِعلی عَلاَ وَلَكِنْ أَقُولُ كَقَوْلِ النَّبِي ِّ وَقَدْ جَمَعَ الْخَلْقَ كُلَّ الْمَلاَ أَلاَ إنَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَيً لَهُ يُوَإلی عَلِيّاً وَإلاّ فَلاَ. [9] وهذه الابيات للصاحب بن عبّاد، [10] واالبيت الاوّل منها قيّم للغاية. وهو مُقتبس من كلام النبيّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: اللَهُمَّ أدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ. فلم يقل: اللَهُمَّ أدِرْ عَلِيَّاً مَعَ الْحَقِّ حَيْثُ دَارَ! وحقّاً فإنّ هذه الكلمة التي نطق بها رسول الله تضمّ عالَماً من الحكمة، وينبغي تإلیف الكتب الكثيرة لشرحها وتحليلها، فمعيار الحقيقة والاصالة، والقطب في قياس الحقّ والحقيقة هو علی لا غير؛ ينبغي جعل أفعاله وصفاته وأخلاقه وملكاته في جميع العوالم، قدوةً يُتأسّي بها، لانّ الحقّ يقوم علی أساس ذلك. وهو اسم الله الاعظم، ومركز الولاية، ومن هذا المنطلق، تستمدّ الاصالة والحقيقة وجودهما، لا أنّ شيئاً موجوداً خارج الاسم والولاية يحمل عنوان الحقّ والحقيقة، فينبثق اسم الله الاعظم وحقيقة الولاية منه؛ ولذلك ينبغي قياس جميع المواعظ والافكار والآراء والنوايا والعقائد والصفات والمحاسن بمواعظ علی وأفكاره وآرائه ونواياه وعقائده وصفاته ومحاسنه. والنظر إلیها علی أنـّها صالحة إذا كانت مطابقة، وقبيحة إذا كانت مخالفة؛ وإلاّ فإنّ كلّ مَن يقول: إنّني أقيس أعمال علی علی الحقّ، فما وافقه منها آخذه، وما خالفه أتركه. يجب أن يُقال له: إنّ الحقّ الذي تأخذ به هو من زعم خيالك؛ ووليد النفس الوضيعة وأسير الوهمّ، ولهذا يخيّل إلیك أنّ عمل علی خلاف الحقّ! هيّا تخطّ مرحلة النفس، واخرج من الانانيّة والعجب وحبّ الذات والتمحور حولها سيتّضح لك كوضوح الشمس أنّ عليّاً هو عين الحقّ ومنبع الحقّ، وهو الاصالة والواقعيّة نفسهما. وقد وردت روايات كثيرة عن الخاصّة والعامّة ذكرها أعلامهم في كتبهم، تدور حول الحديث الشريف القائل بأنّ عليّاً مع الحقّ والحقّ مع علی يدور معه حيثما دار، ويديره الله معه حيثما دار. نورد فيما يلي قسماً منها نقلاً عن كتاب « غاية المرام » للسيّد هاشم البحرانيّ رحمة الله عليه الذي ذكر فيه خمسة عشر حديثاً عن طريق العامّة، وأحد عشر حديثاً عن طريق الخاصّة. أمّا عن طريق العامّة فقد روي إبراهيم بن محمّد الحمّوئيّ وهو من أعيان علماء العامّة، بسلسلة سنده المتّصل عن أبي حَيَّان التَيْميّ، عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنـّه قال: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: رَحِمَ اللَهُ عَلِيَّاً؛ اللَهُمَّ أدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ. [11] وروي بسند آخر أيضاً عن أخِ دِعْبِل بن علی الخُزاعِيّ أنـّه قال: حدّثني هارون الرشيد، عن أَزرق بن قَيْس، عن عبد الله بن عبّاس، قال: قَالَ رَسُولُاللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: الْحَقُّ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ دَارَ. [12] وجاء في كتاب « الجمع بين الصحاح الستَّة » لمؤلّفة: رَزِين ـإمام الحرمينـ في الجزء الثالث منه في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام من صحيح البخاريّ، قال: عن أمير المؤمنين عليه السلام: قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: رَحِمَ اللَهُ عَلِيَّاً؛ اللَهُمَّ أدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ. [13] وروي في الجزء الاوّل من كتاب « الفردوس » عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: رَحِمَ اللَهُ عَلِيَّاً، اللَهُمَّ أدِرِ الْحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ. [14] وبعد أن روي موفّق بن أحمد الخوارزميّ هذا الحديث بسلسلة سنده المتّصل عن أبي الحَبَّاب التَّيْمِيّ عن أبيه، عن علی عليه السلام، قال: أخرجه أبو عيسي الترمذيّ في جامعه. [15] وقال إبراهيم بن محمّد الحمّوئيّ: كتب إلیّ عزّ الدين أحمد بن إبراهيم أنّ أباطالب عبدالرحمن الهاشميّ نقيب العبّاسيّين بواسط حدّثه بسنده المتّصل عن الاَعْمَشْ، عن إبراهيم، عن عَلْقَمَةَ وَالاَسْوَد قالا: أتينا أباأيّوب الانصاريّ، وقلنا له: يا أبا أيّوب! إنّ الله تبارك وتعإلی أكرم نبيّه، وصفا لك من فضله من الله فضلك بها، أخْبِرْنا بمخرجك مع علی عليه السلام تقاتل أهل لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ! ] قال [: أُقسم لكما بالله، لقد كان رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم في هذا البيت الذي أنتما فيه معي وما في البيت غير رسول الله، وعلی جالس عن يمينه، وأنا جالس عن يساره، وأنس قائم بين يديه، إذ حرّك الباب. فقال رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم: افتح لعمّار الطيّب المطيّب! ففتح الناس الباب، ودخل عمّار، فسلّم علی رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم فرحّب به. ثمّ قال لعمّار: إنّه سيكون في أُمّتي بعدي هنات حتّي يختلف السيف فيما بينهم، وحتّي يقتل بعضهم بعضاً. فإذا رَأيتَ ذَلِكَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الاَصْلَعِ عَنْ يَمِينِي ـيَعْنِي علی بْنَ أَبي طَالِبٍـ فَإنْ سَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَادِياً وَسَلَكَ علی وَادِياً فَاسْلُكْ وَادِيَ علی عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَخَلِّ عَنِ النَّاسِ! يَا عَمَّارُ؛ إنَّ عَلِيّاً لاَ يَرُدُّكَ عَنْ هُدَيً، وَلاَيَدُلُّكَ علی رَديً! يَا عَمَّارُ؛ طَاعَةُ علی طَاعَتِي؛ وَطَاعَتِي طَاعَةُ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ! [16] وأمّا عن طريق الخاصّة: روي الشيخ الطوسيّ في أمإلیه بسنده عن مَالِكِبْنِ حَفَوَيْه، عن أُمِّ سَلَمَةَ رَضِي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ آخِذٌ بِكَفِّ علی عَلَيهِ السَّلاَمُ: اَلْحَقُّ بَعْدِي مَعَ علی عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ. [17] وروي في أمإلیه أيضاً بسنده عن جماعة، عن أبي المفضّل، عن صِلَةِبْنِ زُفَر، أَنـَّهُ أَدْخَلَ رَأْسَهُ تَحْتَ الثَّوْبِ بَعْدَمَا سُجِّيَ علی حُذَيْفَةَ؛ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ الفِتْنَةَ قَدْ وَقَعَتْ؛ فَمَا تَأْمُرُونِي؟! قَالَ: إذَا أَنْتَ فَرَغْتَ مِنْ دَفْنِي، فَشُدَّ علی رَاحِلَتِكَ وَالْحَقْ بِعلی عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإِنَّـهُ علی الْحَقِّ وَالْحَقُّ لاَ يُفَارِقُهُ. [18] علی وأهل بيته ميزان الحقّوروي ابن بابويه أيضاً بسنده عن شَدَّادِ بْنِ أَوْسِ أَنـّه قال: لمّا كان يوم الجمل، قلتُ: لا أكون مع علی ولا أكون عليه، وتوقّفت عن القتال إلی انتصاف النهار، فلمّا كان قرب الليل، ألقي الله في قلبي أن أقاتل مع علی، فقاتلت معه حتّي كان من أمره ما كان، ثمّ أتيت المدينة، فدخلت علی أُمّسلمة. قالت: من أين أقبلت؟! قلتُ: من البصرة! قالت: مع أيّ الفريقين؟! قلتُ: كنت يا أُمّ المؤمنين توقّفت عن القتال إلی انتصاف النهار، فألق الله عزّ وجلّ في قلبي بأن أُقاتل مع علی. قالت: نِعْمَ ما عملت! لَقَد سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ حَارَبَ عَلِيَّاً فَقَدَ حَارَبَنِي؛ وَمَنْ حَارَبَنِي فَقَدْ حَارَبَ اللَهُ. قلتُ: أَفَتَرَيْنَ أَنَّ الْحَقَّ مَعَ علی؟! قالت: إي والله، علی مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ علی. والله ما أنصفوا أُمّة محمّد نبيّهم إذ قدّموا من أخّره الله عزّ وجلّ وأخّروا من قدّمه الله، وإنّهم صانوا حلائلهم في بيوتهم وأبرزوا حليلة رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم إلی القتال. وَاللَهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ يَقُولُ: إنَّ لاِمَّتِي فُرْقَةً وَخُلْفَةً فَجَامِعُوها إذَا اجْتَمَعَتْ، وَإذَا افْتَرَقَتْ مِنَ النَّمَطِ الاَوْسَطِ، ارْقُبُوا أَهْلَ بَيْتِي! فَإنْ حَارَبُوا فَحَارِبُوا، وَإنْ سَالَمُوا فَسَالِمُوا، وَإنْ زَالُوا فَزُولُوا، فَإنَّ الْحَقَّ مَعَهُمْ حَيْثُ كَانُوا. قلتُ: فمن أهل البيت؟ قالت: أهل بيته الذين أمرنا الله بالتمسّك بهم، وهم الائمّة بعده كما قال عدد نقباء بني إسرائيل، علی، وسبطاه، وتسعة من صُلب الحسين، أهل بيته هم المطهّرون والائمّة المعصومون. قلتُ: إنَّا لِلَّهِ، هَلَكَ النَّاسُ إذاً. قالت: كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ. [19] وذكر الشيخ في مجالسه بسنده عن جماعة، عن أبي المفضَّل، عن الاعمش، عن سالم بن أبي الجعد مرفوعاً، عن أبي ذَرّ أنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ عَلِيَّاً عَلَيهِ السَّلاَمُ، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْن عَوْف، وسَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاص أن يدخلوا بيتاً ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم، وأجَّلهم ثلاثة أيّام. فإن توافق خمسة علی قول واحد وأبي رجل منهم، قتل ذلك الرجل. وإن توافق أربعة وأبي اثنان، قتل الاثنان. فلمّا توافقوا جميعاً علی رأي واحد، قال لهم علی بن أبي طالب عليه السلام: إنّي أُحبّ أن تسمعوا منّي ما أقول لكم! فان يكن حقّاً فاقبلوه! وإن يكن باطلاً فانكروه! قالوا: قل؛ ثمّ ذكر فضائله، وما قال فيه رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم، وهم يصدّقونه، إلی أن قال: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْحَقُّ بَعْدِي مَعَ علی؛ وَعلی مَعَ الْحَقِّ يَزُولُ الْحَقُّ مَعَهُ حَيْثُ زَالَ؟ قَالُوا: نَعَمْ! [20] غديريّة ابن حمّاد العَبْديّوما أروع الابيات التي وصف بها ابْنُ حَمَّاد الْعَبْدِيّ [21] عيد الغدير في غديريّاته، وبيّن فيها منزلة أمير المؤمنين عليه السلام كغيره من الشعراء الكثيرين، إلی أن قال: يَوْمُ الْغَدِيرِ لاَشْرَفُ الاَيَّامِ وَأَجَلُّهَا قَدْراً علی الإسْلاَمِ يَوْمٌ أَقَامَ اللَهُ فِيهِ إمَامَنَا أَعنِي الْوَصِيَّ إمَامَ كُلِّ إمَامِ قَالَ النَّبِيُّ بِدَوْحِ خُمٍّ رَافِعاً كَفَّ الْوَصِيِّ يَقُولُ لِلاَقْوَامِ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَذَا مَوْليً لَهُ بِالْوَحْي مِنْ ذِي الْعِزَّةِ العَلاَّمِ هَذَا وَزِيِرِي فِي الحَيَاةِ عَلَيْكُمُ فَإِذَا قَضَيْتُ فَذَا يَقُومُ مَقَامِي يَا رَبِّ وَإلی [22] مَنْ أَقَرَّ لَهُ الْوَلاَ وَأَنْزِلْ بِمَنْ عَادَاهُ سُوءَ حِمَامِ فَتَهَافَتَتْ أَيْدِي الرِّجَالِ لِبَيْعَةٍ فِيهَا كَمَالُ الدِّينِ وَالإنْعَامِ [23]
لقد
برهنّا في الابحاث السابقة بحول الله وقوّته أنّ الولاية من أهمّ أركان
الدين المبين، بل يمكن القول إنّها أعظم ركن ومسند للإيمان والاصالة
الواقعيّة، تشدّ القلوب جميعها إلیها، وتهديها نحو كعبة المقصود؛ ولذلك نجد أنّ
حديث العشيرة الذي أدلي به رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم
لتبيان آية الإنذار جعل الإسلام والإقرار بنبوّة رسول الله بمستوي ومن هذا المنطلق، فقد كان رسول الله يرعي هذا الامر الخطير مراراً وتكراراً، في سفره وحضره، وليله ونهاره، وخلوته وظهوره بين الناس، وللعوامّ والخواصّ؛ ولم يدّخر وسعاً في تبليغ وصاية أميرالمؤمنين وولايته، والتعريف بشخصيّته وتعداد مناقبه ومكارم أخلاقه وحسن شيمه وشمائله، والتذكير بمقام علمه وسعته ووعيه وبصيرته، مرسياً دعائم الولاية علی ذلك. إلاّ أنّ آيةً لم تنزل لتبيّن هذه المسألة بصراحة ووضوح حتّي السنة الاخيرة من حياة رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم، ولم يقدّم رسولالله عليَّاً في تجمّع علنيّ ضمن كلمة يلقيها أو خطبة يخطبها، ولم ينصّبه لمقام الخلافة والولاية بالنسبة إلی جميع المؤمنين والمؤمنات. ومن الوضوح بمكان أنّ تنصيب الإمام عمل عسير ومحرج، إذ كان العرب حديثي عهد بالإسلام، وقد نبت لحمهم علی التقإلید الجاهليّة التي تفاعلوا معها؛ لم يعرفوا النبوّة كما هي؛ ولم يفرّقوا بينها وبين الحكومة، وكانوا يحسبون الولاية رئاسة وزعامة ظاهريّة فحسب، وكان بينهم عدد كبير من المنافقين الذين أسلمت ألسنتهم ولم تسلم قلوبهم، إذ انطوت علی أحقاد بدريّة، وحُنَيْنِيَّة، وخَيْبَريّة، وأُحُديّة كانت تغلي. فهؤلاء لميرق لهم أمر الولاية، ولم يرضوه بيسر، كدأبهم مع النبوّة التي لم يقرّوا بها بسهولة. وقد بيّن النبيّ الاكرم جميع التعإلیم والقوانين الإلهيّة للناس طيلة ثلاث وعشرين سنة ـثلاث عشرة سنة في مكّة وعشر سنوات في المدينةـ وفصّل لهم أُصول المعارف، والتوحيد، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، والمعاد عندما يقف الخلائق في ساحة الربوبيّة يوم القيامة؛ وذكّرهم بالمهلكات والمنجيات، والمفاسد والمصالح، وطريق الشقاء وطريق السعادة بشكل مفصّل. ولكن آن الاوان ليكمل دين الله، ويتمّ نعمته علی الناس، ويختم دائرة التبليغ ويكملها بتعريف علی بن أبي طالب عليه السلام للناس، ونصّبه في مقام الولاية والخلافة الشامل لزعامته وحكومته المطلقة؛ فيجري علی الناس الخير والرحمة والبركة والفيض الإلهيّ مادامت الدنيا قائمة. وبذلك يرأب جميع الصدوع والشقوق التي طرأت علی الدين ويسدّ كلّ نقص ويرفع كلّ تقصير، ما أَمّ نجم في السماء نجماً. وصيّة رسول الله الاكيدة في آخر سنة من حياتةوكان هذا الامر متواصلاً حتّي السنة الاخيرة من حياة رسول الله، إذ كثرت وازدادت التوصيات، وقويت واشتدّت التأكيدات فيها، ذلك أنّ رسولالله كان يعلم أنـّه سيرحل عن الدنيا، وليس هناك غير علی إنسان جدير بالولاية، ومضطلع بأعباء الخلافة، وحافظ وحارس لدين الله والقرآن الكريم وروح النبوّة وسرّها. وكانت ولاية علی ـ في الحقيقةـ قائمة علی امتداد ثلاث وعشرين سنة لنبوّة رسول الله، وحافظة لخطّه، ومالم تعلن الولاية وتعرَّف للناس، فإنّ نبوّة رسول الله تظلّ ناقصة، وجهوده الشاقّة تذهب سديً. من هذا المنطلق، نجد أنّ لرسول الله في تلك السنة توصيات أكيدة ومهمّة في أمير المؤمنين، وولايته علی كلّ مؤمن ومؤمنة، وخلافته وزعامته؛ إلی أن تلقّي النبيّ الامر من الله ليجهر بولايته ويعلنها علی رؤوس الاشهاد؛ ويقدّمه إلی الاُمّة في مكان اجتمع فيه الناس بمختلف طبقاتهم وأصنافهم وأمصارهم وحواضرهم وقراهم وبلدانهم، وليقوم هؤلاء بعد ذلك بإيصال ذلك النداء الإلهيّ إلی الناس كافّة. حجّ رسول الله صلّي الله عليه وآله وعمراتهوفي تلك السنة، وهي السنة العاشرة للهجرة، توجّه النبيّ العظيم إلی حجّ بيت الله الحرام بعد أن جري الإعلان عن ذلك في المدينة قبل مدّة من سفره. ولم تكن تلك السفرة عاديّة؛ لانّ رسول الله أعدّ عدّته وتجهّز بصورة تامّة لاداء مناسك الحجّ مصطحباً معه جميع زوجاته، وكانت كلّ واحدة منهنّ في هودجها، وتحرّكن معه محرمات من ذي الْحُلَيْفَة ( مسجد الشجرة ) باتّجاه مكّة. وكان معه في تلك الرحلة أصحابه وأقاربه جميعاً. وتحرّك معه ما لا يحصي من المسلمين؛ رجالاً ونساءً وشيوخاً وشبّاناً، وأغنياء وفقراءً، ومقتدرين وعاجزين، أحرموا كلّهم قاصدين مكّة. وجاء في الروايات وكتب السير والتأريخ أنّ عددهم كان مائة ألف، وذكر الكثيرون أنّ عددهم كان مائة وأربعة وعشرين ألفاً. وخلاصة القول إنّ كلّ واحد منهم قد تحرّك مع رسول الله علی النحو الذي كان متيسّراً له، وانضمّ إلی موكب النبوّة باتّجاه مكّة. وقد رافق رسول الله في هذا السفر أهل المدينة كلّهم ماعدا المرضي والشيوخ العاجزين الذين ليست لهم قدرة علی الحركة. فما أعظمها وأروعها من سفرة! علماً أنّ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم لم يحجّ بعد هجرته إلی المدينة إلاّ مرّة واحدة فقط. وهي الحجّة التي كانت في السنة العاشرة من الهجرة. واعتمر ثلاث مرّات أيضاً: الاُولي: عمرة الحُدَيبيّة حيث أحرم رسول الله وأصحابه قاصدين مكّة إلاّ أنّ كفّار مكّة حالوا دون ذلك ومنعوهم من دخول مكّة، فأمر صلّيالله عليه وآله وسلّم بحلق الرؤوس ونحر الإبل في ذلك المكان، فأحلّوا من إحرامهم. وعقد معاهدة مع كفّار قريش اشترطَ فيها أن يعود المسلمون إلی مكّة للعمرة في السنة القادمة. الثانية: عمرة القضاء في السنة التي تلت عمرة الحديبيّة إذ أحرم رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم مع أصحابه إحرام العمرة، فدخل مكّة المكرّمة وأدّي مناسك العمرة. الثالثة: العمرة التي كانت بعد غزوة حُنَيْن عندما قسّم رسولالله الغنائم علی المسلمين، وقفل راجعاً من طريق الطائف، فدخل مكّة، وأحرم من الجِعْرَانَة [24] وأدّي مناسك العمرة. ولا اختلاف بين الشيعة والسنّة في هذه العمرات الثلاث؛ إلاّ أنّ كتب التأريخ السنيّة تذكر عمرة أُخري لرسول الله. وهي العمرة التي أدّاها مع حجّه في السنة العاشرة من الهجرة. فكان حجّه متزامناً مع عمرته؛ وبهذا تصبح عمراته أربعاً بعد الهجرة. [25] غير أنّ أكثر الاخبار الشيعيّة تردّ ذلك وتثبت ـوفقاً لمصادر أهل السنّة أنفسهمـ أنّ رسول الله أدّي مناسك الحجّ فقط في حجّة الوداع، ولميعتمر معها. [26] قيل: كانت العمرات الثلاث كلّها في شهر ذي القعدة الحرام. [27] ولكن هل حجّ رسول الله قبل الهجرة؟ أو قبل النبوّة؟ إذ كان الحجّ من شرائع إبراهيم عليه السلام. وكان المشركون فيالجزيرة العربيّة يؤدّون مناسك الحجّ قبل الإسلام عملاً بسنّة خليل الرحمن عليه السلام مع تشويه وتحريف لتلك المناسك. وعلی أيّ حال، فإنّ حجّ رسول الله محلّ خلاف. يقول ابن كثير: كان رسول الله يحجّ قبل النبوّة وبعدها، وقبل الهجرة. [28] ويقول ابن سعد: لم يحجّ رسول الله غيرها ] حجّة الإسلام في السنة العاشرة للهجرة [ منذ تُنُبّي إلی أن توفّاه الله. وكان ابن عبّاس يكره أن يقال: حِجَّة الوَدَاع، ويقول: حِجَّة الإسلام. [29] ويقول ابن برهان الحلبيّ الشافعيّ ما ملخّصه: لم يحجّ رسولالله غيرحجّة الوداع منذ أن هاجر إلی المدينة. وأمّا قبل الهجرة، فقد حجّ ثلاث مرّات. وقيل: مرّتين. وهما اللتان بايع فيهما الانصار عند العَقَبة. وفي كلام ابن الاثير كان يحجّ كلّ سنة قبل أن يهاجر. وفي كلام ابن الجوزيّ حجّ قبل النبوّة وبعدها حججاً لا يعلم عددها إلاّ الله. [30] ويقول ابن شهرآشوب: ] قال [ البخاريّ: حجّ النبيّ عليه السلام قبل النبوّة، وبعدها لا نعرف عددها، ولم يحجّ بعد الهجرة إلاّ حجّة الوداع. وعن جابر الانصاريّ أنـّه حجّ ثلاث حجج: حجّتين قبل الهجرة. وحجّة الوداع. العلاء بن رزين، وعمرو بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حجّ رسول الله عشرين حجّة. الطبريّ عن ابن عبّاس: اعتمر النبيّ عليه السلام أربع عمر: الحُدَيبيّة والقضاء، والجِعْرانة، والتي مع حجّته. معاوية بن عمّار عن الصادق عليه السلام: اعتمر رسول الله صلّيالله عليه وآله وسلّم ثلاث عمر متفرّقات. ثمّ ذكر الحُدَيبيّة، والقَضَاء، والجِعْرَانَة. وأقَام بالمدينة عشر سنين، ثمّ حجّ حجّة الوداع، ونصب عليّاً إماماً يوم غدير خمّ. [31] ونقل الكلينيّ في « الكافي » بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لميحجّ النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم بعد قدومه المدينة إلاّ واحدة، وقد حجّ بمكّة مع قومه حجّات. [32] وفي « الكافي » أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام قال: حجّ رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم عشرين حجّة. [33] ارجاعات [1] ـ الا´ية 67، من السورة 5: المائدة. [2] ـ يقول: (1 ) يقول: أيّها الساقي اسقني كأساً ولكن من غدير خمّ *، واغرف أيّها المطرب ولكن بذكر الامير (أمير المؤمنين). * استعار الشاعر الفارسيّ لفظ «خمّ» الذي يعني بالفارسيّة (الدنّ) فقال: اسقني كأساً ولكن من دنّ الغدير. ويقصد اسقني من غدير خم. (م ) [3] ـ يقول: (2 ) وأنتِ أيّتها الافلاك المغرقة في القِدَم اهبطي وابتهجي وشاركي في الفرحة وخذي حظّك من كأس السعادة. (3 ) انفجرت قريحتي بالشعر كما يصدح البُلبل حتّي أنّ الزهرة في السماء قد غرّدت وصدحت (الزهرة مظهر الموسيقي». (4 ) كلّ شيء في الوجود قد غنّي وطرب في حلقة مستديرة، فسيّد الروحانيّين هو العليّ الكبير. (5 ) هبّ نسيم الرحمة، ورجع الدهر العجوز شابّاً، واخضرّت براعم الحكمة وامتلات بورود الارجوان. (6 ) انتقل عرش العظمة والجلال إلي ملك الملوك (الإمام عليّ) وانكشف حجاب الظلمة عن وجه الشمس المنيرة. (7 ) لقد أنارت أرض غدير خمّ، وتجلّي النور في الطور من يد صاحب العقل الكبير. (روح القدس). [4] ـ يقول: (8 ) وظهر عن ذلك السرّ المستور بيان مهم ورفيع، وتربّع الملك والوزير (النبيّ وعليّ) علي أريكة العرش. (9 ) لقد صار شاهد محفل الازل شمع قلوب الجميع، فاستناروا بنوره ما دام الاُفق والزمان. (10 ) وانزاح بنوره ظلام الشيطان ومكره وكيده، إذ تربّع ذلك الملك العالي (النبيّ) علي العرش. (11 ) وعندما ارتفع أسد الله (الإمام عليّ) بيد الملك (النبيّ)، فإنّه ألقي ظلال لطفه ورحمته علي الشمس والقمر. (12 ) وبذلك الجلال والجاه والحظّ المقبل، أصبح ملك الولاية (الإمام عليّ) أميرالمؤمنين بأمر الحقّ. (13 ) بشراكم أيّها الناس فإنّ أمير العشق (الإمام عليّ) أصبح وزيراً للعقل الاوّل (النبيّ) وبجهود شيخ العشّاق (الإمام عليّ) استقام أساس التوحيد. [5] ـ يقول: (14 ) وقد أزاح معالم الشرك بسيف عشقه، وأصبح أسد الافلاك (عالم الاءمكان) مأسوراً مصفّداً في أغلال العشق (عشق الولاية). (15 ) وجلس فاتح إقليم الجود مجلس خاتم الانبياء واستقرّت الشمس الساطعة (الإمام عليّ) في سماء الوجود. (16 ) ولقد استقرّ قلب عالم الوجود في دائرة الشهود فاسودّ ـ كالقير ـ وجه الحسود العنود. (17 ) وتربّع صاحب ديوان العشق علي عرش الخلافة فازيّن العرش وازدان متشرّفاً به. (18 ) وغطّي الحُسن والظرافة روضة العشق الضاحكة، وتعالت نغمات نشيد العشق لتلامس الاثير. (19 ) وتجلّت ليلي الحُسن الازليّ بمائة لون من الغنج والدلال، فقد أزاح البدر المنير الستار عن وجهها. [6] ـ يقول: (20 ) ولقد أنشد العازفُ معدنُ الحكم كلّها وبدأ الكلام عن اللطيف الخبير. (21 ) من كنت مولاه فعليّ مولاه، وأنا نسخة الاسماء الاءلهيّة وعليّ طُغراها. (22 ) وأنا السـرّ الملغّز وعليّ موضّـحه، وأنا بحر الاءيجاد والاءنشـاء وعليّ مـداره ومديره. (23 ) وأنا طور التجلّي وعليّ قلب سيناء، وأنا سرّ (أنا الله) وعليّ الا´ية الكبري. (24 ) أنا الدرّه البيضاء، وعليّ هو اللؤلؤة المتألّقة، وأنا الشافع في العقبي وعليّ هو المشار والمشير. (25 ) وعليّ هو الذي يدير دائرة الافلاك ويوجّهها، وعليّ هو الوتد والاساس الذي ترتكز عليه الارض. ( (26 وعليّ عنوان عالم الفهم والعلم والاءدراك وزينته، وعليّ هو الوزير والظهير لسيّد الافلاك التي لولاه لما كانت. [7] ـ يقول: (27 ) وعليّ هو مركز دائرة كن فيكون، وعليّ هو قطب الرحي في الاستبسال في كلّ مكان. (28 ) وعليّ هو سمير المجلس في الحرم الاءلهيّ، وبنوره استنار وجه الارض والزمان. (29 ) غرّته الحسناء قبلة الراجين من أهل القبول، وتراب المكان الذي يقطنه كعبة أهل الوصول. (30 ) حاجبه قوس العروج والهبوط، وكلّ شيء في الوجود من نفوس وعقول حقير في جنبه. (31 ) طلعته البهيّة موضع لظهور الغيب المصون، وشفته الياقوتيّة التي تنثر الجواهر مصدر الكاف والنون ] كُن [. (32 ) سرّ سويداء قلبه منزّه عن الخوض فيه، ولا ضمير يسعه صورة ومعنيً. [8] ـ يقول: (33 ) يوسف كنعان العاشق عبدٌ مَن لسيماه، والخضر الهائم في فيافي العشق ظامي لكلامه. (34 ) وموسي بن عمران العاشق توّاق لرؤيته وزيارته، وليس سليمان العاشق إلاّ فقيراً علي بابه. (35 ) أنت يا عليّ ضياء الجمال المتألّق، وأنت مرآة ذي الجلال، والمفتقر المصقع ألكن أبكم لا يهتدي إلي وصفك ] المفتقر عنوان اختاره الشاعر لنفسه [. (36 ) ومع أنّ بُراق الخيال لا قِبَل له أن يسرح في رحابك، إلاّ أنـّة لابدّ له من التكلّم كي يبلّ صداه ويروي غليله. [9] ـ «الغدير» ج 4، ص 41؛ و «مناقب ابن شهرآشوب»، الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 531. [10] ـ جاء في «أعيان الشيعة» ج 11، ص 231، الطبعة الثانية في ترجمةإسماعيل ابنعبّاد ما ملخّصه: أبو القاسم الملقّب بكافي الكفاة والصاحب؛ إسماعيل بن عبّاد، ولد سنة 326، وتوفّي سنة 385. ينحدر من اصطخر فارس أو الطالقان، ومسكنه بالري، كان يصحب أُستاذه أبا الفضل بن العميد، لذلك أُطلق عليه هذا اللقب؛ ولمّا تولّي الوزارة، بقي علماً عليه. وصار وزيراً لمؤيّد الدولة الديلميّ، ومن بعده وزيراً لفخر الدولة. صلّي علي جنازته بعد موته أبو العبّاس الضَّبِّيّ الذي صار وزيراً بعده. ويقول في ص 257: ومرّ عن المجلسيّ الاوّل وصفه: بأنـّه من أفقه فقهاء أصحابنا، ومرّ عن ولده في مقدّمات بحاره: أنـّه كان من الإماميّة؛ وذكره القاضي نور الله في «مجالس المؤمنين» في عداد وزراء الشيعة؛ ومرّ قول صاحب «أمل الا´مل» إنّه كان شيعيّاً إماميّاً؛ وعدّه ابن شهرآشوب في شعراء أهل البيت المجاهرين كما مرّ؛ ويأتي عند ذكر تلاميذه: عدّ الشهيد الثاني له من أصحابنا. وجاء في «الغدير» ج 4، ص 47: كانت للصاحب مكتبة عامرة وقد نوّه بها لمّا أرسل إليه صاحب خراسان الملك نوح بن منصور السامانيّ في السير يستدعيه إلي حضرته، ويرغّبه في خدمته، وبذل البذول السنيّة، فكان من جملة أعذاره قوله: ثمّ كيف لي بحمل أموالي مع كثرة أثقالي؟ وعندي من كتب العلم خاصّة ما يُحمل علي أربعمائة حمل أو أكثر! في «معجم الاُدباء»: قال أبو الحسن البيهقيّ: وأنا أقول: بيت الكتب الذي بالري دليل علي ذلك بعدما أحرقه السلطان محمود بن سبكتكين. فإنّي طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلّدات، فإنّ السلطان محمود لمّا ورد إلي الري، قيل له: إنّ هذه الكتب كتب الروافض وأهل البدع، فاستخرج منها كلّ ما كان في علم الكلام وأمر بحرقه. ويظهر من كلام البيهقيّ هذا أنّ عمدة الكتب التي أُحرقت هي خزانة كتب الصاحب، وهكذا كانت تعبث يد الجور بآثار الشيعة وكتبهم ومآثرهم. وقد حاز الصاحب بن عبّاد علي المقام الاوّل في اللغة والادب والشعر والكلام والفقه والسياسة والكياسة والرصانة؛ ويروق لنا حقّاً أن نعدّه في الدرجة الاُولي بين أساتذة العلم والادب والدراية؛ ومن مفاخر الشيعة حقّاً. ومن المراثي التي أُنشدت عند موته: مَضَي نَجْلُ عَبَّادٍ الْمُرْتَجَي فَمَاتَ جَمِيعُ بَنِي آدَمِ أوَارِي بِقَبْرِكَ أَهْلَ الزَّمان فَيَرْجَحُ قَبْرَكَ بِالْعَالَمِ * * ـ «الغدير» ج 4، ص 78 و 79. وأنشد السيّد أبو الحسن محمّد بن الحسين الحسينيّ المعروف بالوصيّ الهمدانيّ أبياتاً في رثائه، نذكرها هنا: نَوْمُ الْعُيُونِ عَلَي الْجُفُونِ حَرَامُ وَدُمُوعُهنَّ مَعَ الدِّمَاءِ سِجَامُ تَبْكِي الْوَزِيرَ سَلِيلَ عَبّادِ الْعُلاَ وَالدِّينُ وَالْقُرآنُ وَالاءسْلاَمُ تَبْكِيهِ مَكَّةُ وَالْمَشَاعِرُ كُلُّهَا وَحَجِيجُهَا وَالنُّسْكُ وَالاءحْرَامُ تَبْكِيهِ طَيْبَةُ وَالرَّسُولُ وَمَنْ بِهَا وَعَقِيقُهَا وَالسَّهْلُ وَالاْعْلاَمُ كَافِي الْكُفَاةِ قَضَي حَمِيدَاً نَحْبَهُ ذَاكَ الإمام السَّيِّدُ الضَّرْغَامُ مَاتَ الْمَعَالِي وَالْعُلُومُ بِمَوْتِهِ فَعَلَي الْمَعَالِي وَالْعُلُومِ سَلاَمُ * * ـ «الغدير» ج 4، ص 78 و ص 79. [11] ـ «غاية المرام» الطبعة الحجريّة، المقصد الثاني، ص 539، الحديث الثاني. [12] ـ نفس المصدر، الحديث الثالث. [13] ـ الحديث الرابع. [14] ـ «غاية المرام» المقصد الثاني ص 539، الحديث الخامس. [15] ـ «غاية المرام» المقصد الثاني ص 539، الحديث السابع. [16] ـ «غاية المرام» الطبعة الحجريّة، المقصد الثاني، ص 540، الحديث الحادي عشر. [17] ـ «غاية المرام» المقصد الثاني، ص 540 و 541، الحديث الاوّل. [18] ـ «غاية المرام» المقصد الثاني، ص 541، الحديث الثاني. [19] ـ «غاية المرام» المقصد الثاني، ص 541 و ص 542، الحديث السادس. [20] ـ «غاية المرام» المقصد الثاني، ص 542، الحديث الثامن. [21] ـ أبو الحسن عليّ بن حمّاد بن عبيد الله بن حمّاد العَدْويّ البَصْرِيّ؛ وذكر صاحب «الغدير» في ج 4، من ص 141 إلي ص 171 معلومات رائعة ومؤثّرة في ترجمته وغديريّاته ومراثيه وقصائده، وشعره جذّاب وسهل وغزير المحتوي؛ ويمكن أن نعتبره في الطبقة الاُولي من شعراء أهل البيت. وكأنّ سلاسة الالفاظ ونظم المعاني يموجان من داخله، وتماسكت المعاني في قالب الالفاظ ترتيباً وتسلسلاً. شعره صادر عن عاشق لاهلالبيت متحمّس لهم. وقد أقضّت مظلوميّتهم مضجعه فحرمته لذيذ الرقاد والطعام. إنّه يصوّر حادثة الطفّ وغيرها من الحوادث تصويراً رائعاً. وكان هذا الشاعر يعيش في القرن الرابع، عاصر الشيخ الصدوق وكان من أقرانه؛ أدركه النجاشّيّ؛ وروي عن كتب أبي أحمد الجلوده البصريّ المتوفّي سنة 332. [22] ـ والي فعل أمر من وَالَي يُوالِي، وينبغي أن تكتب (والِ) بحذف لام الفعل، لانّ الحرف الاخير يحذف في الافعال الناقصة عند جزمها. لكن لو كتبت هكذا فإنّها تخلّ بالوزن الشعريّ، لذلك أشبعوا كسرة اللام فنتجت عنها الياء. [23] ـ «الغدير» ج 4، ص 148. وذكر ابن شهرآشوب الابيات الستّة الاُولي في مناقبه، الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 531. [24] ـ الجِعْرَانَة والجِعِرَّانَة بكسر الجيم وسكون العين، أو بكسر العين وفتح الراء المشدّدة. كلاهما صحيح. [25] ـ «البداية والنهاية» الطبعة الاُولي بمصر سنة 1351 ه، ج 5، ص 109 و 114؛ و«المناقب» لابن شهرآشوب عن الطبريّ عن ابن عبّاس، الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 121. [26] ـ روي في «الكافي» بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام أنـّه قال: اعتمر رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلَّم ثلاث عمر مفترقات: عمرة في ذي القعدة، أهَلَّ من عَسْفان وهي عمرة الحُدَيْبيّة، وعمرة أهَلَّ من الجُحفة وهي عمرة القضاء، وعمرة أهَلَّ من الجِعرانَةَ بعدما رجع من الطائف من غزوة حنين. («الكافي»، طبعة الا´خوندي، الجزء الرابع من الفروع ص 251 ). وأمّا الرواية المنقولة في «بحار الانوار» طبع الكمباني، ج 6، ص 666 عن «الخصال» للصدوق، أو «الامالي» للطوسيّ، عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم اعتمر أربع عمر، عمرة الحديبيّة وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجِعْرانة والرابعة مع حجّته؛ فهي غير موثوقة. [27] ـ «البداية والنهاية» الطبعة الاُولي بمصر، ج 5 ص 109، عن البخاريّ، ومسلم وأحمد. [28] ـ «البداية والنهاية» ج 5، ص 109. [29] ـ «الطبقات الكبري» ج 2، ص 173. طبعة دار بيروت، سنة 1405. [30] ـ «السيرة الحلبيّة» طبعة مصر، سنة 1353 ه، ج 3، ص 289. [31] ـ «المناقب» لابن شهرآشوب الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 121. [32] ـ «فروع الكافي» طبعة مطبعة الحيدريّ، ج 4، ص 244. و «الوفاء بأحوال المصطفي» طبعة مصر، مطبعة الكيلانيّ، ج 2، ص 209. |
|
|