بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس / القسم الثالث: الفناء الوصفی لاولیاء الله، معنی التوحید، الانسان الکامل

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

الآيات‌ والروايات‌ الواردة‌ في‌ فناء الصفة‌ في‌ صفة‌ الله‌

 ويظهر الفناء في‌ الاوصاف‌ بعد الفناء في‌ الافعال‌ . وأُصول‌ هذا الفناء، كما تفيده‌ الروايات‌ المأثورة‌ عن‌ الائمّة‌ الطاهرين‌ سلام‌ الله‌ علی هم‌ أجمعين‌، خسمة‌ أشياء هي‌: الْحَياة‌، والْعِلْم‌، وَالقُدْرَة‌، والسَّمْع‌، وَالْبَصَر. ويقوم‌ الله‌ بهذه‌ الاشياء الخمسة‌ بدل‌ وليّه‌ ؛ أي‌: أنّ السالك‌ يري‌ أنّ الحياة‌، والعلم‌، والقدرة‌، والسمع‌، والبصر من‌ الله‌ مطلقاً ؛ ويدركها منه‌ تعالی‌ ؛ فلايستطيع‌ أن‌ ينسبها  إلی‌ نفسه‌، ولا يستطيع‌ أن‌ ينسبها  إلی‌ غيره‌ من‌ الممكنات‌.

 وجاء في‌ « الكافي‌ » ضمن‌ حديث‌ روي‌ عن‌ الإمام‌ الباقر عليه السلام أنـّه‌ قال‌: إنَّ اللهَ جَلَّ جَلاَلُهُ قالَ: ما تَقَرَّبَ  إلی‌َّ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي‌ بِشَي‌ْءٍ أَحَبَّ  إلی‌َّ مِمَّا افْتَرَضْتُ علی هِ، وَإنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ  إلی‌َّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّي‌ أُحِبّهُ، فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي‌ يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي‌ يَبْصُرُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي‌ يَنْطِقُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي‌ يَبْطِشُ بِهَا، إنْ دَعَانِي‌ أَجَبْتُهُ، وَإنْ سَأَلَنِي‌ أَعْطَيْتُه ُـ الحديث‌. [1]

 وهذا الحديث‌ ممّا رواه‌ الفريقان‌: الشيعة‌ والسنّة‌، وهو من‌ الاحاديث‌ المتداولة‌ الرائجة‌ .

 وممّا يؤيّد صحّة‌ متنه‌ قوله‌ تعالی‌ في‌ الآية‌ المباركة‌:

 قُلْ إِن‌ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَهَ فَاتَّبِعُونِي‌ يُحْبِبْكُمُ اللَهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبِكُمْ. [2]

 أجل‌، إنّ الإنسان‌ قبل‌ بلوغ‌ هذه‌ المرحلة‌، كان‌ بين‌ الناس‌، يعاشرهم‌ ويتحدّث‌ معهم‌ بقواه‌ النفسانيّة‌ من‌ عين‌، وأُذن‌، ولسان‌، ويد ؛ وها هو الآن‌ يعيش‌ بينهم‌ بنور الله‌ ؛ يعاشر ويخالط‌ ويتحدّث‌، بَيدَ أنّ تلك‌ القوي‌ قد تغيّرت‌ وتبدّلت‌؛ واستعيض‌ عنها بنور الله‌ ؛ وها هي‌ العين‌، والاُذن‌، واللسان‌، و إلید قد أضحت‌ لله‌ وليس‌ له‌ فيها شي‌ء .

 چو تافت‌ بر دل‌ من‌ پرتو جمال‌ حبيب‌                        بديد ديدة‌ جان‌ حسن‌ در كمال‌ حبيب‌ [3]

 نقل‌ المسعودي‌ّ في‌ « إثبات‌ الوصيّة‌ » ضمن‌ خطبة‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه السلام حول‌ انتقال‌ النبي‌ّ الاعظم‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ من‌ آدم‌  إلی‌ حين‌ ولادته‌، أنـّه‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله هكذا يخاطب‌ ربّه‌:

 سُبْحَانَكَ، أَي‌ُّ عَيْنٍ تَقُومُ نُصْبَ بَهَاءِ نُورِكَ ؟ وَتَرْقَي‌  إلی‌ نُورِ ضِيآءِ قُدْرَتِكَ؟ وَأَي‌ُّ فَهْمٍ يَفْهَمُ مَادُونَ ذَلِكَ إِلاَّ أَبْصَارٌ كَشَفْتَ عَنْهَا الاْغْطِيَةَ؛ وَهَتْكْتَ عَنْهَا الْحُجُبَ الْعَمِيَّةَ ؛ وَفَرَّقْتَ أَرْوَاحَهَا  إلی‌ أَطْرَافِ أَجْنِحَةِ الاْرْوَاحِ فَنَاجَوْكَ فِي‌ أَرْكَانِكَ، وَوَلَجُوا بَيْنَ أَنْوَارِ بَهَائِكَ، وَنَظَرُوا مِنْ مُرْتَقَي‌ الْتُرْبَةَ  إلی‌ مُسْتَوَي‌ كِبْرِيَائِكَ، فَسَمَّاهُمْ أَهْلُ الْمَلَكُوتِ زُوّاراً، وَدَعَاهُمْ أَهْلُ الْجَبَرُوتِ عُمَّاراً ـ الخطبة‌. [4]

 يلاحظ‌ هنا أنـّه‌ يقول‌ بصراحة‌: إنّ تلك‌ الابصار التي‌ كشفت‌ عنها الاغطية‌ تستطيع‌ أن‌ تنظر  إلی‌ بهاء نور عظمتك‌، وضياء قدرتك‌؛ وهذا لايكون‌ إلاّ بفناء الصفة‌ في‌ صفات‌ الله‌ وأسمائه‌ . لانـّه‌ ما لم‌ يتحقّق‌ مقام‌ الفناء في‌ صفة‌ الإبصار، فإنّ رؤية‌ نور الواحد الاحد محال‌ ؛ وعند الفناء، لايكون‌ هناك‌ شي‌ء آخر يحيط‌ به‌ ويكتنفه‌ غير الله‌ ؛ فهو وحسب‌؛ وهو الذي‌ يري‌ نفسه‌ .

 ومن‌ الروايات‌ الدالّة‌ علی فناء الصفة‌، رواية‌ نقلها الصدوق‌ في‌ « التوحيد » عن‌ هِشام‌ في‌ حديث‌ الزنديق‌ الذي‌ سأل‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه السلام عن‌ نزول‌ الله‌ تعالی‌  إلی‌ السماء الدنيا ؛ فقال‌ في‌ جوابه‌: لَيْسَ كَنُزُولِ جِسْمٍ عَنْ جِسْمٍ  إلی‌ جِسْمٍ . وواصل‌ كلامه‌  إلی‌ أن‌ قال‌: وَلَـكِنَّهُ يَنْزِلُ  إلی‌ سَمَاءِ الدُّنْيَا بِغَيْرِ مُعَانَاةٍ وَلاَ حَرَكَةٍ فَيَكُونَ هُوَ كَما فِي‌ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ علی الْعَرْشِ كَذَلِكَ فِي‌ سَمَاءِ الدُّنْيَا .

 وأضاف‌ هنا عليه السلام قائلاً: إِنَّمَا يَكْشِفُ عَنْ عَظَمَتِهِ، وَيُرِي‌ أَوْلِيَآءَهُ نَفْسَهُ حَيْثُ شَآء ؛ وَيَكْشِفُ مَا شَآءَ مِنْ قُدْرَتِهِ ؛ وَمَنْظَرُهُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ سَوَاءٌ. [5]

 إنّ كشف‌ نفسه‌ لاوليآئه‌ ليس‌ إلاّ الفناء الوصفي‌ّ، أي‌: الفناء في‌ عالم‌ البصر، وفي‌ عالم‌ علم‌ الله‌ وبصيرته‌ ؛ لانّ رؤية‌ الله‌ تعالی‌ تستحيل‌ مع‌ البقاء وعدم‌حصول‌ الفناء الممكن‌، وذلك‌ لانّ معناه‌ إحاطة‌ المحدود بغير المحدود؛ وأمّا في‌ الفناء، فليس‌ شي‌ء غير ذاته‌ المقدّسة‌ وهو البصير؛ ولذلك‌ فهو يذكّر بأن‌ هذا الكشف‌ إنّما هو لاوليآئه‌ الذين‌ رفعوا عنهم‌ كلّ حجاب‌ وكشفوا كلّ غطاء .

 ونقل‌ المرحوم‌ ابن‌ فهد في‌ «عُدَّة‌ الداعي‌» عن‌ وَهَب‌ بن‌ منبه‌ فِيَما أوْحَي‌ اللهُ  إلی‌ دَاوُدَ: يَا دَاوُدُ ! ذِكْرِي‌ لِلذَّاكرِينَ ؛ وَجَنَّتي‌ لِلمُطيعينَ ؛ وَحُبِّي‌ لِلمُشْتَاقِينَ؛ وَأَنَا خَاصَّةٌ لِلْمُحِبِّينَ . [6]

 الرجوع الي الفهرس

 دلالة‌ المناجاة‌ الشعبانيّة‌ علی الفناء الوصفي‌ّ لاوليآء الله‌

وفي‌ الادعية‌ المتعارفة‌ والمتداولة‌ كثير من‌ هذه‌ المواضيع‌ والطلبات‌ التي‌ يطرحها الداعون‌ ؛ فقد جاء في‌ المناجاة‌ الشعبانيّة‌ لاميرالمؤمنين‌ عليه السلام قوله‌:

 إِلَهِي‌ وأَلْهِمْنِي‌ وَلَهاً بِذِكْرِكَ  إلی‌ ذِكْرِكَ ! وَاجْعَلْ هَمِّي‌  إلی‌ رَوْحِ نَجاحِ أَسْمَائِكَ وَمَحَّلِّ قُدْسِكَ !

  إلی‌ أن‌ يقول‌: إِلَهِي‌ هَبْ لِي‌ كَمَالَ الاْنْقِطَاعِ  إلیكَ، وَأَنْرِ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا بِضِيَاءِ نَظَرِهَا  إلیكَ، حَتَّي‌ تَخْرِقَ أَبْصَارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ  إلی‌ مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ وَتَصِير أَرْوَاحُنَا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ .

 إِلَهِي‌ وَاجْعَلْنِي‌ مِمَّنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ وَلاَحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلاَلِكَ، فَنَاجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً .

 ويقول‌  إلیه‌: إلَهي‌ وَأَلْحِقْنِي‌ بِنُورِ عِزِّكَ الاْبْهَجِ فَأَكُونَ لَكَ عارِفاً وَعَنْ سِواكَ مُنْحَرِفاً وَمِنْكَ خَائِفاً مُراقِباً . [7]

 وتأتي‌ المرحلة‌ الثالثة‌ من‌ الفناء، بعد الفناء في‌ الاوصاف‌، وهذه‌ المرحلة‌ هي‌ الفناء في‌ الذات‌ ؛ أي‌ أنّ ذات‌ ولي‌ّ الله‌ تندكّ وتفني‌ في‌ ذات‌الله‌؛ ويضمحلّ وجوده‌، حتّي‌ لا يبقي‌ منه‌ أثر .

 وهنا يمحي‌ ويزول‌ كلّ اسم‌ ورسم‌ ؛ فالحقّ يقوم‌ مقامه‌ .

 وهذا المقام‌ أكبر وأسمي‌ من‌ أن‌ تستطيع‌ الالفاظ‌ استيعابه‌ والتعبير عنه‌، أو أن‌ تجد الإشارة‌  إلیه‌ طريقها . وإنّ إطلاق‌ المقام‌ عليه ـمبدئيّاًـ مجاز؛ وهذه‌ من‌ مواهبه‌ جلّ شأنه‌ لرسوله‌ الاكرم‌: محمّدبن‌ عبدالله‌ صلّي‌الله‌ عليه و آله وسلّم‌ وهو مفتوح‌ من‌ بعده‌ لابنائه‌ الطاهرين‌؛ وكذلك‌ فهو مفتوح‌ لاولياء الله‌ من‌ أُمّته‌، بمدلول‌ الروايات‌ الجمّة‌ التي‌ تدلّ علی أنّ الله‌ سبحانه‌ وتعالی‌ يلحق‌ شيعتهم‌ بهم‌ في‌ الدرجات‌ الاُخرويّة‌ .

 وجاء حول‌ الفناء في‌ الذات‌ رواية‌ مأثورة‌ في‌ معراج‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه و آله وسلّم‌ حول‌ ولي‌ّ الله‌، أنّ الله‌ يقول‌: وَيُنْقَلُ مِنْ دارِ الْفَناءِ  إلی‌ دَارِ الْبَقآءِ، وَمِنْ دارِ الشَّيْطَانِ  إلی‌ دارِ الرَّحْمَنِ . [8]

 ويستبين‌ لنا من‌ هذا أنّ ما وعده‌ الله‌ سبحانه‌ وتعالی‌ للامم‌ من‌ المقامات‌ والكرامات‌ في‌ الآخرة‌، قد عيّنه‌ ورزقه‌ لاوليائه‌ في‌ هذه‌ الدنيا؛ وأنّ التحاقهم‌ بإمامهم‌ قد تحقّق‌ هنا أيضاً .

 ومن‌ المواهب‌ التي‌ مَنَّ بها الحقّ تبارك‌ وتعالی‌ علی أوليآئه‌، تسييرهم‌ في‌ عوالم‌ متوسّطة‌ تتحقّق‌ بين‌ منطلق‌ السير، وبين‌ الوصول‌ والفناء في‌ الههم‌ وربّهم‌.

 ووردت‌ في‌ هذا المجال‌ روايات‌ جمّة‌ في‌ الكتب‌ الاخلاقيّة‌ والعرفانيّة‌ المفصّلة‌، لا سيّما في‌ كتاب‌ « بحار الانوار » للمرحوم‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه . ونتطرّق‌ فيما يلي‌  إلی‌ قدر من‌ الرواية‌ الواردة‌ حول‌ معراج‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ المُصَدَّرة‌ بنداء « يا أحمد » كمثال‌ علی ما نقول‌:

 فقد جاء في‌ « إرشاد القلوب‌ » [9] مرفوعاً وفي‌ « بحار الانوار » عن‌ « إرشاد القلوب‌ » وبسندين‌ آخرين‌ عن‌ بعض‌ كتب‌ الحديث‌، وبعض‌ الكتب‌ القديمة‌ التي‌ عُثر علی ها، جاء فيها رواية‌ ع إلیة‌ المضمون‌ للغاية‌، وفيها نقاط‌ دقيقة‌ وعجائب‌ حول‌ السير والسلوك‌  إلی‌ الله‌ . وهي‌ رواية‌ جامعة‌ وكاملة‌ حقّاً، ولم‌ تترك‌ ت علی ماً مفيداً من‌ التعالیم‌ الخاصّة‌ بالسير في‌ مقام‌ الولاية‌ إلاّ ذكرته‌ ؛ وننقل‌ فيما يلي‌ ملخّصاً لها:

 الرجوع الي الفهرس

حالات‌ أوليآء الله‌ في‌ منازل‌ السلوك‌ حتّي‌ الفناء في‌ الله‌ في‌ رواية‌ المعراج‌

 يا أحْمَدُ:هَلْ تَدْري‌ أي‌ُّ عَيْشٍ أهْنَأُ،وَأَي‌ُّ حَياةٍ أَبْقَي‌؟! قَالَ:اللَهُمَّلاَ؟

 قال‌: أمَّا الْعَيْشُ الْهَنِي‌ءُ، فَهُوَ الَّذِي‌ لاَيْفتُرُ صَاحِبُهُ عَنْ ذِكْرِي‌ ؛ وَلاَيَنسَي‌ نِعْمَتِي‌؛ وَلاَ يَجْهَلُ حَقِّي‌ ؛ يَطْلُبُ رِضَايَ فِي‌ لَيْلَهِ وَنَهَارِهِ!

 وَأَمَّا الْحَيَاةُ الْبَاقِيَةُ، فَهِي‌َ الَّتِي‌ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ، حَتَّي‌ تَهُونَ علی هِ الدُّنْيَا؛ وَتَصْغُرَ فِي‌ عَيْنِهِ ؛ وَتَعْظُمَ الآخِرَةُ عِنْدَهُ ؛ وَيُؤثِرَ هَوَايَ علی هَوَاهُ ؛ وَيَبْتَغِي‌ مَرْضَاتِي‌؛ وَيُعَظِّمَ حَقَّ عَظَمَتي‌، وَيَذْكُرَ عِلْمِي‌ بِهِ، وَيُراقِبَنِي‌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عِنْدَ كُلِّ سَيِّئَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ؛ وَيَنْقَي‌ قَلْبَهُ عَنْ كُلِّ مَا أَكْرَهُ ؛ وَيُبْغِضَ الشَّيْطَانَ وَوَساوِسَهُ؛ وَلاَيَجْعَلَ لإبْلِيسَ علی قَلْبِهِ سُلْطَاناً وَسَبِيلاً .

 فَإذَا فَعَلَ ذَلِكَ، أَسْكَنْتُ قَلْبَهُ حُبّاً حَتَّي‌ أَجْعَلَ قَلْبَهُ لِي‌ ؛ وَفَرَاغَهُ وَاشْتِغَالَهُ وَهَمَّهُ وَحَدِيثَهُ مِنَ النِّعْمَةِ الَّتِي‌ أَنْعَمْتُ بِهَا علی أَهْلِ مَحَبَّتِي‌ مِنْ خَلْقِي‌! وَأفْتَحَ عَيْنَ قَلْبِهِ وَسَمْعَهُ حَتَّي‌ يَسْمَعَ بِقَلْبِهِ وَيَنْظُرَ بِقَلْبِهِ  إلی‌ جَل إلی‌ وَعَظَمَتِي‌؛ وَأُضَيِّقَ علی هِ الدُّنْيَا وَأُبَغِّضَ  إلیهِ ما فِيهَا مِنَ اللَّذَّاتِ ؛ وَأُحَذِّرَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا كَمَا يُحَذِّرُ الرَّاعِي‌ غَنَمَهُ مِنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ .

 فَإذَا كَانَ هَكَذَا يَفِرُّ مِنَ النَّاسِ فِرَاراً، وَيُنْقَلُ مِنْ دَارِ الْفَناءِ  إلی‌ دَارِ الْبَقَاءِ؛ وَمِنْ دَارِ الشَّيْطَانِ  إلی‌ دَارِ الرَّحْمَنِ .

 يَا أَحْمَدُ ! وَلاَزَيِّنَنَّهُ بِالْهَيْبَةِ، وَالْعَظِمَةِ ؛ فَهذَا هُوَ الْعَيْشُ الهَنِي‌ءُ وَالْحَيَاةُ الْبَاقِيَةُ؛ وَهَذَا مَقَامُ الرَّاضِينَ .

 فَمَنْ عَمِلَ برِضَاي‌َ أُلْزِمُهُ ثَلاَثَ خِصَالٍ: أُعَرِّفُهُ شُكْراً لاَ يُخَالِطُهُ الْجَهْلُ؛ وَذِكْراً لاَيُخَالِطُهُ النِّسْيَانُ ؛ وَمَحَبَّةً لاَيُؤْثِرُ علی مَحَبَّتِي‌ مَحَبَّةَ الْمَخْلُوقِينَ.

 فَإذَا أَحَبَّني‌ أَحْبَبْتُهُ ؛ وَأَفْتَحُ عَيْنَ قَلْبِهِ  إلی‌ جَل إلی‌ ؛ وَلاَ أُخْفِي‌ علی هِ خاصَّةَ خَلْقِي‌؛ وَ أُنَاجِيهِ فِي‌ ظُلَمِ اللَّيْلِ، وَنُورِ النَّهَارِ ؛ حَتّي‌ يَنْقَطِعَ حَدِيثُهُ مَعَ الْمَخْلُوقِينَ؛ وَمُجَالَسَتُهُ مَعَهُمْ ؛ وَأُسْمِعُهُ كَلاَمِي‌ وَكَلاَمَ مَلاَئِكَتِي‌ ؛ وَأُعَرِّفُهُ السِّرَّ الَّذِي‌ سَتَرْتُهُ عَنْ خَلْقِي‌ ؛ وَأُلْبِسُهُ الْحَيَاءَ حَتَّي‌ يَسْتَحْيِي‌َ مِنْهُ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ؛ وَيَمْشِي‌َ علی الاْرْضِ مَغْفُوراً لَهُ ؛ وَأَجْعَلُ قَلْبَهُ وَاعِياً وَبَصِيراً؛ وَلاَ أُخْفِي‌ علی هِ شَيئاً مِنْ جَنَّةٍ وَلاَنَارٍ.

 وَأُعَرِّفُهُ مَا يَمُرُّ علی النَّاسِ فِي‌ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنَ الْهَوْلِ وَالشِّدَّةِ ؛ وَمَا أُحَاسِبُ الاَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ وَالْجُهَّالَ وَالْعُلَمَآءَ .

 وَأُنَوِّمُهُ فِي‌ قَبْرِهِ ؛ وَأُنْزِلُ علی هِ مُنْكَرَاً وَنَكيراً حَتَّي‌ يَسْأَلاَهُ ؛ وَلاَيَرَي‌ غَمْرَةَ الْمَوْتِ وَظُلْمَةَ الْقَبْرِ، واللَّحْدِ، وَهَوْلَ الْمُطَّلَعِ ؛ ثُمَّ أَنْصِبُ لَهُ مِيزَانَهُ؛ وَأَنشُرُ دِيوَانَهُ؛ ثُمَّ أَضَعُ كِتَابَهُ فِي‌ يَمِينِهِ فَيَقْرَؤُهُ مَنْشُوراً .ثُمَّ لاَ أجْعَلُ بَيْنِي‌ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَاناً ؛ فَهَذِهِ صِفَاتُ الْمُحِبِّينَ .

 يَا أَحْمَدُ ! اجْعَلْ هَمَّكَ هَمّاً وَاحِداً ! فَاجْعَلْ لِسَانَكَ لِسَاناً وَاحِداً! وَاجْعَلْ بَدَنَكَ حَيّاً لاَ تَغْفُلُ عَنِّي‌ ؛ مَنْ يَغْفُلْ عَنِّي‌ لاَأُبَ إلی‌ بِأَي‌ِّ وَادٍ هَلَكَ ـ الحديث‌. [10]

 وروي‌ في‌ «الكافي‌» بإسناده‌ أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ صادف‌ حَارِثَةَ بْن‌ مَالِكِ بْنِ النُّعْمَانِ الانْصاري‌ّ، فقال‌ له‌: كيف‌ أنت‌ يا حارثة‌؟!

 فقال‌: مُؤْمِنٌ حقّاً ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علی هِ وآلِهِ وسَلَّمَ: لِكُلِّ شيْءٍ حَقِيقَةٌ ؛ فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكَ ؟! فَقَالَ: يا رَسُولَاللهِ ! عَزَفَتْ نَفْسِي‌ عَنِ الدُّنْيَا فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي‌ ؛ وَأَظْمَأتُ هَوَاجِرِي‌ ؛ وَكَأَنـِّي‌ أَنْظُرُ عَرْشَ رَبِّي‌؛ وَقَدْ وُضِعَ لِلْحِسَابِ؛ وَكَأَنـِّي‌ أَنْظُرُ  إلی‌ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ

 الرجوع الي الفهرس  

 الدرس‌ الخامس‌ والستّون‌  إلی‌ السابع‌ والستّين‌:

 الولاية‌ التكوينيّة‌ والتشريعيّة‌ لرسول‌ الله‌ والائمَّة‌ علی هم‌ السلام‌

  

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌  إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ العلی ‌ّ العظيم‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 النَّبِيُّ أَوْلَي‌' بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَ ' جُهُ و ´ أُمَّهَـ'تُهُمْ وَأُولُوا الاْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَي‌' بِبَعْضٍ (فِي‌ الوراثة‌) فِي‌ كِتَـ'بِ اللَهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَـ'جِرِينَ (الذين‌ تآخوا فيما بينهم‌) إِلآ أن‌ تَفْعَلُو´ا  إلی‌ أَولِيَآئِكُم‌ مَّعْرُوفًا (فتوصوا  إلیهم‌ وحينذاك‌ يُقدّمون‌ في‌ الإرث‌ علی أُولي‌ الارحام‌) كَانَ ذَ ' لِكَ فِي‌ الْكِتَـ'بِ مَسْطُورًا. [12]

 إنّ من‌ جملة‌ المسائل‌ والاحكام‌ الشرعيّة‌ ولاية‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله والائمّة‌ علی هم‌ السلام‌ علی الناس‌ ؛ وتقسم‌ هذه‌ الولاية‌  إلی‌ قسمين‌: القسم‌ الاوّل‌: الولاية‌ الحقيقيّة‌ المعبّر عنها بالولاية‌ التكوينيّة‌. والقسم‌ الثاني‌: الولاية‌ الاعتباريّة‌ المعبّر عنها بالولاية‌ التشريعيّة‌ .

 وبعد أن‌ استبان‌ في‌ الدروس‌ الماضية‌ معني‌ الولاية‌ في‌ اللغة‌ وفي‌ المحاورات‌؛ لابدّ أن‌ نري‌ الآن‌ كيف‌ تكون‌ ولاية‌ أُولئك‌ العظام‌ ؟ هل‌ هي‌ مكتسبة‌ أو ذاتيّة‌ ؟ مضافاً  إلی‌ ذلك‌ كيف‌ يكون‌ تصوّر حقيقة‌ هذا المعني‌ بحقّهم‌؟ إنّنا بإذن‌ الله‌ سنتناول‌ هذا الموضوع‌ في‌ درسنا الح إلی‌ بشكل‌ تستبين‌ فيه‌ المسألة‌ كالشمس‌ الساطعة‌ .

 لا ريب‌ أنّ حقيقة‌ الذات‌ الإلهيّة‌ علی أساس‌ التوحيد ؛ وأنّ الادلّة‌ العقليّة‌ والبراهين‌ الفلسفيّة‌ من‌ جهة‌، والشهود الوجداني‌ّ والعرفان‌ القلبي‌ّ من‌ جهة‌ ثانية‌، والآيات‌ والروايات‌ المتواترة‌ والمتظافرة‌ من‌ جهة‌ ثالثة‌، كلّها علی خطّ واحد، وتعتبر توحيد الذات‌ المقدّسة‌ للحقّ المتعال‌ من‌ البديهيّات‌، والضروريّات‌، و إلیقينيّات‌ من‌ جميع‌ الجوانب‌ .

 الرجوع الي الفهرس

معني‌ توحيد الله‌ المتعال‌

 أي‌: أنّ الله‌ واحد بجميع‌ مختصّاته‌ من‌ الذات‌، والصفات‌، والاسماء والافعال‌؛ وليست‌ شائبة‌ الاثنينيّة‌ والغيريّة‌ مشهودةً في‌ أي‌ّ مرتبة‌ من‌ هذه‌ المراتب‌؛ ولا يمكن‌ أن‌ تكون‌ مشهودة‌ .

 والذات‌ المستقلّة‌ للقيّوم‌ بالذات‌، والوجود المحض‌ البسيط‌ الخارج‌ عن‌ كلّ لون‌ من‌ ألوان‌ القيد والتعيّن‌ واحد في‌ عوالم‌ الوجود كلّها، وذلك‌ هو الوجود الاقدس‌ للحقّ تبارك‌ وتعالی‌ .

 وكلّ صفة‌ مثل‌: العلم‌، والقدرة‌، والحياة‌، وغيرها ؛ وكلّ اسم‌ مثل‌: العالم‌، والقادر، والحي‌ وغيرها تختصّ بالاصالة‌ والحقيقة‌ بذات‌ الحقّ في‌ العوالم‌ جميعها ؛ وأنّ ذلك‌ العلم‌ واحد، والقدرة‌ واحدة‌، والحياة‌ واحدة‌؛ وكذلك‌ العالم‌، والقادر، والحي‌ّ فإنّه‌ واحد في‌ كلٍّ منها أيضاً ؛ وهو الذات‌ المقدّسة‌ للحقّ الموصوفة‌ بهذه‌ الصفات‌ . فصفة‌ العلم‌ واحدة‌، واسم‌ العالم‌ واحد؛ وذلك‌ لذات‌ الحقّ المتعال‌ .

 وكلّ فعل‌ بالاصالة‌ والحقيقة‌ يختصّ بالله‌ في‌ عوالم‌ الوجود كلّها . كلّ موجود من‌ الموجودات‌ لا يمكن‌ أن‌ يكون‌ له‌ فعل‌ بشكل‌ مستقل‌ ؛ إلاّ أن‌ يكون‌ ذلك‌ الفعل‌ بالاصالة‌ لله‌ ؛ فالافعال‌ جميعها في‌ العالم‌ فعل‌ واحد ؛ وكلّها فعل‌ الله‌ .

 إنّ هذه‌ المراتب‌ الثلاث‌ للتوحيد: أي‌: التوحيد في‌ الذات‌ ؛ والتوحيد في‌ الاسماء والصفات‌، والتوحيد في‌ الافعال‌ هي‌ من‌ خصائص‌ الإلهيّين‌، وكلّهم‌ متّفقون‌ علی ها ؛ وفي‌ ضوء هذا المبدأ، فإنّ كلّ مدرسة‌ من‌ مدارس‌ الإلهيّين‌ التي‌ كانت‌ أرسخ‌، واستطاعت‌ أن‌ تأتي‌ ببرهان‌ أقوي‌ ؛ قد أوضحت‌ التوحيد أكثر فأكثر . ومن‌ بين‌ جميع‌ الإلهيّين‌ نجد أنّ توحيد الاُمّة‌ الإسلاميّة‌ هو الافضل‌ والارسخ‌ لانّ حامله‌  إلیها هو مُحَمَّدُ بن‌ عَبْد اللهِ عليه الصلاة‌ والسلام‌ الذي‌ كان‌ قد بلغ‌ الدرجة‌ القصوي‌ من‌ التوحيد، وترك‌ هذا الباب‌ مفتوحاً لاُمّته‌ .

 وكانت‌ شعاراته‌ تتجلّي‌ في‌: اللهُ أَكْبَرُ، و قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ، و لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ، و هُوَ الاْوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَهُوَ الْ علی مُ وَهُوَ الْحَكِيمُ وَهُوَ الْحَي‌ُّ وَهُوَ السَّمِيعُ وَهُوَ الْبَصِيرُ وَالْحَمْدُ لِلهِ وَسُبْحَانَ اللَهِ وأمثالها. وهذه‌ الشعارات‌ صورة‌ ناطقة‌ تدلّ بوضوح‌ علی التوحيد الصرف‌ الخالص‌ لذات‌ الحقّ المقدّسة‌ في‌ جميع‌ المراتب‌ .

 لذلك‌ فإنّ الموجودات‌ من‌ المُلكيّة‌ والمَلكوتيّة‌، ومن‌ النفوس‌ القدسيّة‌ للعوالم‌ المجرّدة‌ حتّي‌ الهيولي‌ الاوّليّة‌ ومادّة‌ المواد لا أصالة‌ لها ؛ بل‌ الاصالة‌ لذاته‌؛ أمّا الموجودات‌ فظلّيّة‌ وتبعيّة‌ ومرآتيّة‌ ؛ أي‌: أنـّها مُظهرة‌ لوجود الله‌.

 ولم‌ تصدر الموجودات‌ عن‌ ذات‌ الحقّ المقدّسة‌ علی نحو التولّد؛ فيكون‌ لها استقلالها، كولادة‌ المولود من‌ والده‌ ؛ بل‌ هو جلّ شأنه‌ لَمْ يَلِدْ ؛ وكذلك‌ فإنّ الاصالة‌ الملحوظة‌ فيها هي‌ ليست‌ أصالتها، بل‌ هي‌ أصالة‌ الحقّ؛ لانـّه‌ تعالی‌ لَمْ يُولَدْ ؛ إذ له‌ وجود خالص‌ وبسيط‌ ووحدة‌ بالصرافة‌، وله‌ تشخّص‌ فهو لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَسُبْحَانَ اللَهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.

 إنّ تكوين‌ الكائنات‌ والموجودات‌ من‌ العقول‌ المجرَّدة‌ والنفوس‌ الكلّيّة‌، وصولاً  إلی‌ عالم‌ الطبع‌ والمادّة‌، كلّها لا تشكّل‌ خروجاً عن‌ الذات‌ المقدّسة‌؛ أي‌: أنـّه‌ تعالی‌ لم‌ يوجدها بإرادته‌ الازليّة‌ مستقلّة‌، لانّ الإيجاد الاستقل إلی‌ّ يُنافي‌ الاحديّة‌ والواحديّة‌ ؛ بل‌ إنّ إيجادها علی نحو ظِلّي‌ّ وتَبَعي‌ّ وَعَرَضِي‌ّ؛ فكلّها تمثّل‌ ظلّ الله‌ . ولذلك‌ فإنّ التكوين‌ لا يعني‌ الإيجاد الاستقل إلی‌ّ، وأنّ المخلوق‌ لا يعني‌ وجوداً مستقلاّ ؛ بل‌ إنّ التكوين‌ يعني‌ الإيجاد الظلّي‌ّ والعَرَضي‌ّ والإظهار في‌ مرآة‌ التجلّي‌ ؛ والمخلوق‌ يعني‌ الوجود الظلّي‌ّ والظهور في‌ التجلّي‌ ؛ فالمخلوق‌ مظهر ومَجْلَي‌، والتكوين‌ ظهور وتجلّي‌ .

 الرجوع الي الفهرس

كلّ الموجودات‌ آيات‌ و مظاهر للحقّ

 إنّ القرآن‌ الكريم‌ يعتبر الموجودات‌ كلّها آيات‌ الله‌ ؛ أي‌: دلالاته‌ وعلاماته‌ وبراهينه‌ ومراياه‌، وأنـّي‌ دار الحديث‌ عن‌ التغييرات‌ والحوادث‌ والظواهر المادّية‌، أو الموجودات‌ الروحيّة‌ والتجرّديّة‌، فإنّه‌ يذكرها كلّها بوصفها آيات‌ ودلالات‌ .

 إنَّ خلق‌ السماوات‌ والارض‌ ؛ واختلاف‌ الليل‌ والنهار ؛ والفلك‌ التي‌ تجري‌ في‌ البحر بما ينفع‌ الناس‌ ؛ ونزول‌ المطر من‌ السماء ؛ وإحياء الارض‌ به‌؛ وبثّ كلّ دابّة‌ علی الارض‌ ؛ وتصريف‌ الرياح‌ ؛ والسحاب‌ المسخّر بين‌ السماء والارض‌ ؛ [13] وتسخير الليل‌ والنهار ؛ والشمس‌ والقمر والنجوم‌؛ [14] والزرع‌؛ والزيتون‌ والنخيل‌، والاعناب‌، ومن‌ كلّ الثمرات‌ ؛ [15] وثمرات‌ النخيل‌ والاعناب‌ ؛ [16] والنحل‌ وحياتها وكيفيّة‌ خروج‌ العسل‌ من‌ بطونها، [17] وضياء النهار وظلمة‌ الليل‌، [18] وخلق‌ الإنسان‌ من‌ تراب[19]‌، وخلق‌ الازواج‌، [20] واختلاف‌ الالسن‌ والالوان‌، [21] والمنام‌ في‌ الليل‌ و إلیقظة‌ في‌ النهار[22]، وتسخير الطيور في‌ جوّ السماء، [23] وظهور البرق‌ في‌ السماء خوفاً من‌ الضرر وطمعاً في‌ المنفعة‌، [24] وما ذرأ الله‌ في‌ الارض‌ مختلفاً ألوانه‌ من‌ الشجر والثمر والحبوب‌ والخُضَر وغيرها ؛ [25] وآلاف‌ الحوادث‌ والظواهر كلّها آيات‌ الله‌. النبي‌ّ عيسي‌ وأُمّه‌ آية‌، [26] وناقة‌ النبي‌ّ صالح‌ آية‌ أيضاً . [27]

 وإجمالاً فإنّ كلّ شي‌ء آية‌ ؛ سواء في‌ الآفاق‌، أو في‌ الانفس‌؛ كلّها دلالات‌ لله‌ ومرآة‌ لله‌ ؛ إذ يُظهر الله‌ هذه‌ الآيات‌ ليُظهر نفسه‌ ؛ ذلك‌ أنّ المرآة‌ لا ذاتيّة‌ لها ؛ وليس‌ لها تجلٍّ ذاتي‌ّ ؛ وكلّ ما لها هو تقبّلها لانعكاس‌ الصور فيها .

 الرجوع الي الفهرس

الحقّ يتجلّي‌ في‌ الموجودات‌

 وما أروع‌ وأسمي‌ ما توضّحه‌ الآيتان‌ 53 و 54 من‌ السورة‌ 41: فصّلت‌؛ يقول‌ جلّ من‌ قائل‌: سَنُرِيهِمْ ءَايَـ'تِنَا فِي‌ الاْفَاقِ وَفِي‌´ أَنْفُسِهِمْ حَتَّي‌' يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنـَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنـَّهُ و علی ‌' كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلآ إِنَّهُمْ فِي‌ مِرْيَةٍ مِّن‌ لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلآ إِنَّهُ و بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ .

 ولمّا كان‌ الضمير في‌ «أَنـَّهُ» عائداً  إلی‌ الله‌ في‌ الظاهر ؛ و «شَهِيدٌ» إمّا بمعني‌ شاهد ؛ وهو اسم‌ فاعل‌ ؛ أو بمعني‌ مشهود، وهو اسم‌ مفعول‌ ؛ فالآية‌ ـ علی كلّ التقديرين‌ ـ تنبئنا أنّ الله‌ مشهود في‌ كلّ شي‌ء ؛ أو أنـّه‌ شاهد وحاضر في‌ كلّ شي‌ء ؛ فالاشياء ـ إذَن‌ ـ مظهر لوجود الله‌ ؛ وينبغي‌ أن‌ نري‌ الله‌ فيها، لانـّها لا وجود لها إلاّ بالحقّ ؛ وأصالتها واستقلالها وجود الحقّ سبحانه‌ وتعالی‌ .

 بَيدَ أنّ هذا الموضوع‌ خافٍ علی العامّة‌، فهم‌ ينظرون‌  إلی‌ الاشياء نظراً استقل إلیاً، ولهذا فهم‌ لا يرون‌ الله‌ ؛ ومن‌ هذا المنطق‌ فهم‌ في‌ خيبة‌ ومرية‌ من‌ لقاء ربّهم‌ ؛ وما أوهي‌ هذا الشكّ، وأبين‌ خطبه‌ وخطأه‌ ! وربّهم‌ بكلّ شي‌ء محيط‌ ؛ وكلّ شي‌ء يوجد به‌ أوّلاً، ثمّ يتّخذ له‌ وجوداً وانتماءً.

 وحاصل‌ الكلام‌ أنـّه‌ ليس‌ هناك‌ موجود مؤثّر في‌ عوالم‌ الوجود كلّها إلاّ الله‌ تبارك‌ وتعالی‌ . ولو كان‌ هناك‌ موجود مؤثّر فبحوله‌ وقوّته‌ وليس‌ هناك‌ إلاّ ظهور الله‌ تعالی‌ وتجليّة‌ ؛ إذَن‌، كلّ ما هو قائم‌ يستند علی الحقّ سبحانه‌ وتعالی‌ .

 ومن‌ هنا يستبين‌ لنا بجلاء أنّ الوَلايَة‌ هي‌ مع‌ الموجودات‌ جميعها، صغيرها وكبيرها ؛ ذرّتها ومجرّتها ؛ وهي‌ مع‌ كلّ شي‌ء، من‌ الهيولي‌ الاوّليّة‌ حتّي‌ الحجاب‌ الاقرب‌ والا علی درجة‌ من‌ الموجودات‌ القدسيّة‌ المجرّدة‌ .

 لانـّه‌ ما لم‌ تكن‌ هناك‌ ولاية‌، فلا وجود لاي‌ّ موجود، ولا يعقل‌ أن‌ يتقمّص‌ موجود رداء الوجود .

 ذلك‌ لانـّنا قلنا أنّ الوَلاية‌ هي‌ عبارة‌ عن‌ حصول‌ شيئين‌ حصولاً ليس‌ بينهما ما ليس‌ منهما .

 وحيث‌ ما يوجد كلّ موجود، فلابدّ أن‌ لا تكون‌ بينه‌ وبين‌ الحقّ أي‌ّ فجوة‌ وثغرة‌، سواء في‌ وجوده‌ أو في‌ علمه‌ وقدرته‌ وحياته‌، وذلك‌ لكي‌ يكون‌ موجوداً، وإلاّ فإنّ إيجاده‌ محال‌ .

 ونحن‌ نجد وندرك‌ بالوجدان‌ موجودات‌ كثيرة‌ بأشكال‌ وسجايا متنوّعة‌، في‌ الآفاق‌ وفي‌ الانفس‌ ؛ وهذه‌ كلّها خلقت‌ مع‌ الولاية‌ ؛ أي‌: لافجوة‌ ولاحجاب‌ بينها وبين‌ ذات‌ الحقّ المقدّسة‌ إلاّ وجودها وكيانها وتعيّنها. ولو صادف‌ أحياناً وجود شي‌ء بينها وبين‌ الحقّ غير تعيّنها وماهيّتها، لاستحال‌ الخلق‌ في‌ هذه‌ الحالة‌، ولفصمت‌ عري‌ الارتباط‌ بين‌ الله‌ والموجودات‌ .

 إنّ الموجودات‌ كلّها مع‌ الله‌ ؛ ومرتبطة‌ به‌، بل‌ إنّ وجودها هو عين‌ ارتباطها؛ وهذا هو معني‌ الوَلاية‌ . إذَن‌، وجود كلّ موجود ملازم‌ للولاية‌؛ والولاية‌ لله‌ الحقّ، وولايته‌ مع‌ كلّ موجود . ومن‌ هنا نفهم‌ حسناً قوله‌ تعالی‌: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ [28]، وقوله‌ تعالی‌: علی كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ وَبِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ .

 وندرك‌ جيّداً أيضاً كيف‌ يكون‌ الولي‌ّ أحد أسماء الله‌، لانّ مايلزمه‌ هذا الاسم‌ هو وجود ولايته‌ مع‌ الموجودات‌ جميعها، كال علی م‌، والقدير، والسميع‌، والبصير، ونفهم‌ جيّداً أيضاً ما هو المعني‌ الذي‌ تحمله‌ الآيات‌ الكريمة‌ التي‌ تنسب‌ الولاية‌  إلی‌ الله‌ . قال‌ تعالی‌: قُلْ أَغَيْرَ اللَهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ [29] أي‌: أنَّ ما يلزمه‌ ويفرضه‌ الخلق‌ هو الولاية‌. إذَن‌، كيف‌ يمكن‌ أن‌ نتّخذ وليّاً غير الله‌ في‌ عالم‌ التكوين‌، أو في‌ عالم‌ التشريع‌؟

 الرجوع الي الفهرس

اختلاف‌ ولاية‌ الله‌ في‌ الموجودات‌، حسب‌ مراتب‌ الوجود

 ولمّا كنّا نعلم‌ أنّ اختلاف‌ الموجودات‌ في‌ قربها من‌ الحقّ تع إلی‌ وبعدها عنه‌ هو اختلاف‌ حجبهم‌ ؛ أي‌: كثرة‌ التعيّنات‌ وقلّتها ؛ أو بكلمة‌ بديلة‌، اتّساع‌ الماهيّات‌ والحدود والقيود الوجوديّة‌ أو ضيقها، وأنّ عالم‌ الكثرة‌ والوجود ظهر بهذا الشكل‌ الباهر الجميل‌ وفقاً لذلك‌ الاختلاف‌، فلايتكافأ ـ إذَن‌ ـ حظّ الموجودات‌ كلّها من‌ الولاية‌، كما لا يتكافأ حظّها من‌ علم‌ الحقّ وحياته‌ وقدرته‌ . وكلّما كان‌ الموجود  إلی‌ الحقّ أقرب‌، وماهيّته‌ أوسع‌، ووجوده‌ أفسح‌، وتجرّده‌ أكثر، كانت‌ ولايته‌ أكثر، أي‌: كان‌ حجابه‌ أقلّ؛ وكلّما كانت‌ ماهيّته‌ أضيق‌، ووجوده‌ أصغر، وتجرّده‌ أقل‌، كانت‌ ولايته‌ أقل‌ ؛ أي‌: كان‌ حجابه‌ أكثر .

 ولمّا كنّا نعلم‌ أنّ شدّة‌ الولاية‌ متلازمة‌ مع‌ شدّة‌ النور والعلم‌ والحياة‌ والقدرة‌ وسائر أسماء الله‌ الاُخري‌ ؛ فإنّ ضعفها يتلازم‌ مع‌ ضعف‌ النور والعلم‌ والاسماء الإلهيّة‌ الاُخري‌ . ولذلك‌ فإنّ كلّ موجود أقرب‌  إلی‌ الله‌ عموماً، أي‌: أنّ حجابه‌ أقلّ وولايته‌ أقوي‌ ؛ فإنّ شعاع‌ نوره‌ وحياته‌ وعلمه‌ وقدرته‌ يمتدّ في‌ العالم‌ أكثر، وإحاطته‌ أشدّ وأشمل‌ وسيطرته‌ وهيمنته‌ علی ما سوي‌ الله‌ أكثر، وتدبيره‌ وتكفّله‌ في‌ عالم‌ الإمكان‌ أوسع‌ ؛ وبكلمة‌ بديلة‌، فإنّ مقداراً كبيراً من‌ الموجودات‌ الممكنة‌ يقع‌ تحت‌ إشعاع‌ نوره‌، وفي‌ قبضته‌ وتدبيره‌ والعكس‌ بالعكس‌ .

 ونحن‌ نري‌ بالوجدان‌ أنّ تأثيرات‌ وتأثّرات‌ تجري‌ في‌ هذا العالم‌؛ بعضها صغير كطيران‌ الذباب‌، وحركة‌ البعوض‌ ؛ وبعضها كبير كخلق‌ الفيل‌. بعضها كالذرّة‌، وبعضها كالشمس‌ والقمر والكواكب‌ الثابتة‌ والسيّارة‌. بعضها كفهم‌ وإدراك‌ دابّة‌ بسيطة‌ مثل‌ دودة‌ بين‌ طيّات‌ التراب‌، وبعضها كعلم‌ وإدراك‌ جبرئيل‌ والروح‌ وهو من‌ الملائكة‌ المقرّبين‌ .

 وفي‌ ضوء ذلك‌، لابدّ أن‌ يكون‌ علم‌ هذه‌ المخلوقات‌ المقرّبة‌ وقدرتها، وسعة‌ حياتها، وتألّق‌ نورها المعنوي‌ّ أقوي‌، فهي‌ تدير عالماً بذلك‌ بأكمله‌، علی عكس‌ تلك‌ الذرّة‌ والدودة‌ اللتين‌ ليس‌ لهما هذا العلم‌ والحياة‌؛ ولا حاجة‌ لهما طبعاً .

 وفي‌ ضوء هذا الكلام‌ فإنّ المخلوقات‌ جميعها، من‌ المادّة‌ التافهة‌ الضعيفة‌،  إلی‌ جبرئيل‌ الروح‌ الذي‌ يحظي‌ بمقام‌ أفضل‌ من‌ سائر الملائكة‌. لكلّ واحد منها درجة‌ خاصّة‌، وله‌ حدّ معيّن‌ من‌ العلم‌ والحياة‌ والقدرة‌. وبالت إلی‌ حدّ خاصّ من‌ الوجود ؛ وتبعاً لذلك‌ فإنّ كلّ واحد في‌ درجة‌ خاصّة‌ ومنزل‌ معيّن‌ من‌ الوَلاَية‌ .

 أجل‌، لاريب‌ ولا شكّ في‌ كلّ ما قلناه‌ حتّي‌ الآن‌ ؛ والادلّة‌ العقليّة‌ معنا خطوة‌ فخطوة‌، وشهود العارفين‌ العظام‌ ووجدانهم‌ يدعم‌ هذه‌ المواضيع‌ بكلّ تفاصيلها؛ كما جاءت‌ بذلك‌ الآيات‌ والروايات‌ التي‌ تفوق‌ حدّ الإحصاء وإمكانيّة‌ الاستقصاء .

 وينبغي‌ الآن‌ أن‌ نري‌: أين‌ يكون‌ موقع‌ الإنسان‌ علی درب‌ الولاية‌ الطويل‌؟ وما هو مقدار حصّته‌ من‌ الماء المعين‌ لمنهل‌ شريعة‌ الوحدة‌ ؟

 لا يخالجنا الشكّ أنّ الإنسان‌ مهما كان‌ شكله‌ أو صورته‌ أو مكانه‌ أو عرقه‌، فهو يتمتّع‌ بقابليّة‌ يمكنه‌ من‌ خلال‌ حركتها أن‌ يوصل‌ درجة‌ استعداده‌  إلی‌ الف علی ة‌ والظهور، وأن‌ يوسّع‌ نطاق‌ وجوده‌ بمقدار ملحوظ‌، وأن‌ يزيد من‌ علمه‌ وقدرته‌ .

 فلم‌ يحز أحد من‌ الناس‌ ملكة‌ العلم‌ والطبّ، وأنواع‌ المهن‌ والصناعات‌، والكتابة‌ وما ماثلها منذ ولادته‌، بل‌ حازها وتمكّن‌ منها بواسطة‌ التمرّس‌، وجهاد النفس‌، والتربية‌ والت علی م‌ في‌ مدرسة‌ خاصّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

سير الإنسان‌ في‌ مراتب‌ الولاية‌ المتنوّعة‌

 ويمكن‌ أن‌ يكون‌ سير الإنسان‌ باتّجاه‌ الماديّات‌، وإزدياد الشهوات‌، والجاه‌، وسائر الشؤون‌ الاعتباريّة‌ الدنيويّة‌، فيظفر بموقع‌ مرموق‌ في‌ هذا المجال‌. كما يمكن‌ أن‌ يتركّز نشاطه‌ علی مضاعفة‌ المعنويّات‌، والعلم‌ والفكر، وطهارة‌ الباطن‌، وصفاء القلب‌، وتعزيز الفكر، ومن‌ ثمّ اجتياز المراحل‌ المادّيّة‌ الجزئيّة‌ وبلوغ‌ حقائق‌ العلم‌ والقدرة‌ والحياة‌ في‌ آخر المطاف‌.

 إنّ السير  إلی‌ الله‌، وبلوغ‌ مقام‌ العزّ الشامخ‌ للحقّ تعالی‌ جبلّة‌ فطر علی ها الإنسان‌ . وإمكان‌ بلوغ‌ هذه‌ الدرجة‌، من‌ ذاتيات‌ النفس‌ الناطقة‌ .

 وقد أثبتنا في‌ الدروس‌ السابقة‌ أنّ الإنسان‌ بوسعه‌ أن‌ يحظي‌ بدرجات‌ وكمالات‌ في‌ السير  إلی‌ الله‌ . وأن‌ يصل‌، في‌ مراحل‌ الفَنَاء في‌ الله‌  إلی‌، مرحلة‌ الفَنَاء في‌ الفعل‌، و الفناء في‌ الاسم‌ والصفة‌، و الفناء في‌ الذات‌. ويبلغ‌ بذلك‌ مقام‌ الوصول‌ . فطريق‌ العرفان‌ والتكامل‌ مفتوح‌ أمامه‌.

 ولابدّ أن‌ نعلم‌ ـ طبعاً ـ أنّ الإنسان‌ الذي‌ نتكلّم‌ عنه‌، لا نعني‌ به‌ ذلك‌ الجسم‌ المادّي‌ّ والطبيعي‌ّ المحدود الذي‌ يشغل‌ حيّزاً من‌ الفراغ‌ يبلغ‌ مترين‌، بل‌ نعني‌ به‌: نفسه‌ الناطقة‌ وروحه‌ التي‌ يتيسّر لها التحرّك‌ والسير في‌ تلك‌ المراحل‌.

 وعندما يبلغ‌ الإنسان‌ مقام‌ أي‌ّ اسم‌ من‌ أسماء الحقّ تعالی‌، فإنّه‌ يصبح‌ مظهراً لذلك‌ الاسم‌ ؛ ويتجلّي‌ ذلك‌ الاسم‌ في‌ وجوده‌ . فلو كان‌ مظهراً لاسم‌ الجمال‌ مثلاً، فإنّه‌ يصبح‌ جميلاً . وكذا لو كان‌ مظهراً لاسم‌ الجلال‌ فإنّه‌ يصبح‌ جليلاً . ولو كان‌ مظهراً لاسم‌ ال علی م‌، فإنّه‌ يصبح‌ عالماً . ولو كان‌ مظهراً لاسم‌ القدير، فإنّه‌ يصبح‌ قادراً .

 وكما تختلف‌ المظهريّة‌ تبعاً لتباين‌ درجات‌ الوصول‌ . فالإنسان‌ العادي‌ هو بالمقدار الملحوظ‌ مظهر اسم‌ ال علی م‌، والسميع‌، والبصير، والقدير، والحي‌ّ .

 ولذلك‌ فقد اكتفي‌ بهذا المقدار من‌ الحياة‌، والعلم‌، والقدرة‌، والبصر، والسمع‌. فكلّما ازداد سير الإنسان‌ نحو الحقّ، واصّاعدت‌ مظهريّة‌ الاسماء والصفات‌، فإنّ تجلّي‌ هذه‌ الاسماء والصفات‌ يتضاعف‌ أكثر فيه‌.

 أي‌: كلّما اجتاز الإنسان‌ محدوديّة‌ وجوده‌ ومادّيّته‌، فإنّه‌ يلج‌ البحر الخضمّ للاسماء والصفات‌ أكثر، فينال‌ بذلك‌ حظّاً أكبر .

 حتّي‌ يبلغ‌ محلاّ يكون‌ فيه‌ المظهر التامّ للاسم‌ والصفة‌ . أي‌: يصل‌  إلی‌ مقام‌ الفناء المطلق‌ في‌ الاسم‌ والصفة‌، كما في‌ اسم‌ العالم‌، والقادر، والرحمن‌، والرحيم‌، وغيرها . وفي‌ مثل‌ هذه‌ الحالة‌، فإنّ ذلك‌ الاسم‌ سيتجلّي‌ في‌ الإنسان‌ بنحو أتمّ وأكمل‌ .

 وإذا بلغ‌ أحد مقام‌ الفناء في‌ اسم‌ العالم‌ وصفة‌ علم‌ الحقّ تع إلی‌، فإنّه‌ يصبح‌ المظهر التامّ لاسم‌ العالم‌ وصفة‌ علم‌ الحقّ تعالی‌ . أي‌: يطّلع‌ علی كلّ مكان‌، وكلّ أحد، وكلّ شي‌ء، ويصبح‌ ما كانَ وَما يَكُونُ وَمَا هُوَ كَائنٌ عنده‌ سواء. فالعلم‌ بالمجرّدات‌، والعلم‌ بالمادّيّات‌، والعلم‌ بالدنيا، والعلم‌ بالآخرة‌، سيكون‌ بأجمعه‌ حاضراً عنده‌ . أي‌: أنـّه‌ يدرك‌ الموجودات‌ بالعلم‌ الشهودي‌ّ، والحضوري‌ّ والوجودي‌ّ .

 وإذا بلغ‌ أحد مقام‌ الفناء في‌ اسم‌ الحي‌ّ، وصفة‌ حياة‌ الحقّ تع إلی‌ فإنّه‌ يصبح‌ المظهر التامّ لذلك‌ الاسم‌، ولصفة‌ حياة‌ الحقّ تعالی‌ . أي‌: أنـّه‌ موجود مع‌ جميع‌ الموجودات‌ بحياة‌ الحقّ . وتكون‌ له‌ المعيّة‌ في‌ الحياة‌ مع‌ كلّ شي‌ء اعتباراً من‌ الذرّة‌ الصغيرة‌ حتّي‌ الاشياء الكبيرة‌ .

 وكذلك‌ إذا بلغ‌ أحد مقام‌ الفناء في‌ اسم‌ القادر، وصفة‌ قدرة‌ الحقّ تعالی‌، فإنّه‌ يصبح‌ المظهر التامّ لذلك‌ الاسم‌ والصفة‌، ويكون‌ قادراً علی القيام‌ بكلّ شي‌ء، الكبير والصغير عنده‌ سواء . ويصبح‌ قادراً علی كلّ شي‌ء بقدرة‌ الحقّ المتعال‌، كالإحياء والإماتة‌، وشفاء الامراض‌، وإحداث‌ تغيير وتبديل‌ في‌ الاُمور والاوضاع‌ بإذن‌ الحقّ تعالی‌ .

 وإذا بلغ‌ أحد مقام‌ الفناء في‌ اسم‌ «الله‌» أو في‌ اسم‌ «هُوَ» فلان‌ الله‌ اسم‌ جامع‌ لصفات‌ الحقّ كلّها فإنّه‌ لذلك‌ سيكون‌ مظهراً لكلّ صفة‌ واسم‌. وسيكون‌ له‌ الإحياء، والإماتة‌، والقدرة‌ علی كلّ أمر من‌ الاُمور، والعلم‌ بكلّ حادثة‌ من‌ الحوادث‌ .

 ومن‌ الطبيعي‌ّ فإنّ علی نا أن‌ لا ننسي‌ بأنّ هذه‌ الاعمال‌ تتحقّق‌ تحت‌ عنوان‌: المظهريّة‌ والتجلّي‌ . أي‌: بإذن‌ الله‌ تعالی‌ . وبكلمة‌ بديلة‌، العمل‌ هو عمل‌ الله‌ ذاته‌ الذي‌ يتجلّي‌ في‌ هذه‌ الآية‌ وهذه‌ المرآة‌، لانّ كلّ موجود عدا الحقّ مهما كان‌ العنوان‌ والتعبير ـ ليس‌ له‌ استقلال‌ في‌ الوجود، أو استقلال‌ في‌الاسم‌ والصفة‌ . وفي‌ هذه‌ الحالة‌، فإنّ الحقّ هو الذي‌ يهب‌ ظهور اسمه‌ وصفته‌.

 كما أنّ الاسم‌ والصفة‌ في‌ جميع‌ الموجودات‌ مختصّان‌ بالحقّ وحسب‌. غاية‌ الامر، أنـّهما يظهران‌ ويتجلّيان‌ في‌ ماهيّات‌ وتعيّنات‌ متباينة‌ بأشكال‌ متنوّعة‌ . وإلاّ فإنّ الحقّ المتعال‌ لا يتنازل‌ أبداً عن‌ مقام‌ عزّ قدسه‌ الشامخ‌، ولا يمنح‌ أي‌ّ موجود صفة‌ أو اسماً بصورة‌ مستقلّة‌، فإنّ هذا المنح‌ يتنافي‌ مع‌ سعة‌ عزّه‌، وهو تبارك‌ وتعالی‌ لا يُذلّ ولا ينكسر ولايعجز أبداً، وما برح‌ ثابتاً في‌ مقام‌ عِزّه‌ .

 الرجوع الي الفهرس

الإنسان‌ الكامل‌ متحقّق‌ بالولاية‌ المطلقة‌ لله‌

 وبعد أن‌ بلغ‌ الإنسان‌ مقام‌ الفناء التامّ، وتيسّر له‌ الفناء في‌ الذات‌، والصفة‌، و الاسم‌، والفعل‌، وطوي‌ أسفاره‌ الاربع‌ . الاُول‌: السَّفَرُ مِنَ الْخَلْقِ  إلی‌ الْحَقِّ ؛ والثاني‌: السَّفَرُ فِي‌ الْحَقِّ بِالْحَقِّ في‌ الاسماء والصفات‌ مع‌ الحق‌؛ والثالث‌: السَّفَرُ مِنَ الْحَقِّ  إلی‌ الْخَلْقِ بِالْحَقِّ ؛ والرابع‌: السَّفَرُ فِي‌ الْخَلْقِ بِالْحَقِّ، فإنّه‌ يصبح‌ إنساناً كاملاً، ويبلغ‌ درجة‌ كماله‌ المطلق‌، وتبلغ‌ جميع‌ القوي‌ والقابليّات‌ الإلهيّة‌ المودعة‌ في‌ وجوده‌ مقام‌ الفعل‌ المحض‌، ويكون‌ إنساناً بالفعل‌، ويصبح‌ مرآة‌ مَجْلُوَّة‌ لصفات‌ الجمال‌ والجلال‌ والذات‌ الاحديّة‌، وتكتمل‌ ولايته‌، أي‌ أنـّه‌ يصبح‌ وليّاً مطلقاً بالولاية‌ الإلهيّة‌ الحقّة‌ . إذَن‌، يكون‌ مع‌ جميع‌ الموجودات‌ بولاية‌ الحقّ تع إلی‌، ويتصرّف‌ في‌ كافّة‌ الاُمور بإذن‌ الله‌، لانّ هذا ما يلازم‌ مقام‌ الولاية‌ المطلقة‌.

 بل‌ إنّ الولاية‌ المطلقة‌ للحقّ سبحانه‌ وتعالی‌ ليست‌ شيئاً غير هذه‌ الولاية‌. وفي‌ ضوء هذا الاساس‌، يقول‌ جلّ من‌ قائل‌:

 لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَـ'نَ فِي‌´ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ . [30]

 وهذه‌ هي‌ الدرجة‌ ال علی ا من‌ القوام‌ الإنساني‌ّ، وهي‌ صلاحيّته‌ وفقاً لخلقه‌، للعروج‌  إلی‌ الرفيق‌ الا علی، والظفر بالحياة‌ الابديّة‌ السرمديّة‌ عند الله‌، والتحقّق‌ بأسمائه‌ عزّ وجلّ وصفاته‌ الكلّيّة‌ .

 ومن‌ هذا المنطلق‌ يقول‌ الله‌ أيضاً:

 وَعَلَّمَ ءَادَمَ الاْسْمَآءَ كُلَّهَا . [31]

 وهذا هو معني‌ خليفة‌ الله‌ ؛ ومؤدّي‌ الحديث‌ الشريف‌ المأثور عن‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌:

 خَلَقَ اللَهُ آدَمَ علی صُورَتِهِ . [32]

 وفي‌ مقام‌ هذا الإنسان‌ ومنزلته‌ ومرتبته‌ ودرجته‌، يقول‌ الإمام‌جعفر ابن‌محمّد الصادق‌ علی هما السلام‌:

 إِنَّ الصُّورةَ الإنسانِيَّةَ هِي‌َ أَكْبَرُ حُجَّةِ اللَهِ علی خَلْقِهِ ؛ وَهِي‌َ الْكِتَابُ الَّذِي‌ كَتَبَهُ بِيَدِهِ ؛ وَهِيَ الْهَيْكَلُ الَّذِي‌ بَنَاهُ بِحِكْمَتِهِ ؛ وَهِي‌ مَجْمُوعُ صُورَةِ الْعَالَمِينَ؛ وَهِيَ الْمُخْتَصَرُ مِنَ الْعُلُومِ فِي‌ اللَّوحِ الْمَحْفُوظِ ؛ وَهِي‌ الشَّاهِدُ علی كُلِّ غَائِبٍ؛ وَهِي‌َ الْحُجَّةُ علی كُلِّ جَاحِدٍ، وَهِيَ الطَّريقُ الْمُسْتَقِيمُ  إلی‌ كُلِّ خَيْرٍ ؛ وَهِيَ الصِّرِاطُ الْمَمْدُودُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ . [33]

 ومن‌ هذا المنطلق‌ أيضاً، تميّز الإنسان‌ بوقوع‌ الملائكة‌ ساجدين‌ له‌؛ وفاق‌ في‌ مقامه‌ ومنزلته‌ جمع‌ الملائكة‌،[34] وبلغ‌ الحجاب‌ الاقرب‌ الذي‌ يمثّل‌ أقرب‌ الموجودات‌ وهو الروح‌ ـ وهو أعظم‌ من‌ الملائكة‌ ـ ولهذه‌ المناسبة‌ يقولون‌ لحقيقة‌ الإنسان‌: روح‌ الإنسان‌، لانـّه‌ قابل‌ للوصول‌  إلی‌ مقام‌ الروح‌، وإلاّ فإنّ الروح‌ ليست‌ اسماً وعَلَماً لحقيقة‌ الإنسان‌ . [35]

 يقول‌ السيّد حيدر الآملي‌ّ: وصاحب‌ هذا المقام‌ هو مرجع‌ الكلّ، ومبدؤه‌ ومصدر الكلّ ومنشؤه‌ .

 هو المبدأ و إلیه‌ المنتهي‌ المعبّر عنه‌: لَيْسَ وَراءَ عَبَّادَانَ قَرْيَةٌ . [36] و إلیه‌ تستند كلّ العلوم‌ والاعمال‌ ؛ و إلیه‌ تنتهي‌ جميع‌ المراتب‌ والمقامات‌، نبيّاً كان‌ (صاحب‌ هذا المقام‌) أو وليّاً أو وصيّاً أو رسولاً .

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ روي‌ الكليني‌ّ هذا الحديث‌ بسندين‌ متّصلين‌ . «أُصول‌ الكافي‌» ج‌ 2 ، ص‌ 352 ، عن‌ الطبعة‌ الحيدريّة‌ .  

[2] ـ الآية‌ 31 ، من‌ السورة‌ 3 : آل‌ عمران‌ . 

[3] ـ الشعر للمغربي‌ّ ؛ ويقول‌ الشاعر هنا :

 لمّا أشرق‌ نور جمال‌ الحبيب‌ علي‌ قلبي‌ ، رأت‌ عين‌ قلبي‌ الحسن‌ في‌ كمال‌ الحبيب‌ . 

[4] ـ «إثبات‌ الوصيّة‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 95 . 

[5] ـ «بحار الانوار» كتاب‌ الاحتجاج‌ ، الطبعة‌ الكمباني‌ ، ج‌ 4 ، ص‌ 137 . وقد نقل‌ المجلسي‌ّ هذه‌ الجملات‌ عن‌ بعض‌ نسخ‌ «التوحيد» للصدوق‌ . 

[6] ـ «عدّة‌ الداعي‌» ص‌ 186 . 

[7] ـ «الإقبال‌» لابن‌ طاووس‌ ص‌ 685 إلي‌ ص‌ 687 ، يروي‌ ذلك‌ عن‌ ابن‌ خالويه‌ . 

[8] ـ «إرشاد القلوب‌» باب‌ 54 ، حديث‌ المعراج‌ ، ص‌ 284 من‌ طبع‌ المصطفوي‌ّ . 

[9] - نفس المصدر.

[10] ـ «بحار الانوار» الطبعة‌ الكمباني‌ 17 : 8 و 9 الطبعة‌ الحروفيّة‌ ج‌ 77 : 28 و 29 . وذكر هذا الحديث‌ أيضاً الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ّ في‌ «الجواهر السنيّة‌» الطبعة‌ الحجريّة‌ من‌ ص‌ 145 إلي‌ ص‌ 154 . 

[11] ـ ذكر صاحب‌ «الكافي‌» هذه‌ الرواية‌ بهذا المضمون‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الجزء الثاني‌ من‌ «أُصول‌ الكافي‌» ص‌ 54 ؛ وكذلك‌ ذكرها بمضمون‌ قريب‌ لذلك‌ المضمون‌ في‌ ص‌ 53 ؛ ورواها المجلسي‌ّ في‌ «بحار الانوار» في‌ ج‌ 15 من‌ الطبعة‌ الكمباني‌ ، في‌ القسم‌ الثاني‌، وهو خاصّ بكتاب‌ الإيمان‌ والكفر ، في‌ ص‌ 63 و 64 ؛ وذلك‌ عن‌ «الكافي‌» ، وفي‌ ص‌ 67 و 68 عن‌ «المحاسن‌» . 

[12] ـ الآية‌ 6 ، من‌ السورة‌ 33 : الاحزاب‌ . 

[13] ـ إِنَّ فِي‌ خَلْقِ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ وَاختِلَـ'فِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي‌ تَجْرِي‌ فِي‌ الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ اللَهُ مِنَ السَّمَآءَ مِن‌ مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ الاْرْضَ بَعْدَ مُوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن‌ كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَـ'حِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَآءِ وَالاْرْضِ لاَيـ'´تٍ لِقُومٍ يَعْقِلُونَ. (الآية‌ 164 من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌) . 

[14] ـ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَ ' تٌ بِأَمْرِهِ ´ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيَـ'´تٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . (الآية‌ 12 ، من‌ السورة‌ 16 : النحل‌) .

[15] ـ يُنبِتُ لَكُم‌ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالاْعْنَـ'بَ وَمِن‌ كُلِّ الثَّمَر ' تِ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . (الآية‌ 11 من‌ السورة‌ 16 : النحل‌) . 

[16] ـ وَمِن‌ ثَمَرَ ' تِ النَّخِيلِ وَالاْعْنَـ'بِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . (الآية‌ 67 ، من‌ السورة‌ 16 النحل‌)

[17] ـ وَأَوْحَي‌' رَبُّكَ إِلَي‌ النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي‌ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ* ثُمَّ كُلِي‌ مِن‌ كُلِّ الثَّمَرَ ' تِ فَاسْلُكِي‌ سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن‌ بُطُونِهَا شَرابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَ ' نُهُ و فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . (الآيتان‌ 68 و 69 ، من‌ السورة‌ 16 : النحل‌). 

[18] ـ وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَِ ءَايَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ ءَايةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَآ ءَايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن‌ رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَـ'هُ تَفْصِيلاً . (الآية‌ 12 ، من‌ السورة‌ 17 : الإسراء) . 

[19] ـ وَمِنْ ءَايـ'تِهِ أَنْ خَلَقَكُم‌ مِّن‌ تُرَابٍ ثُمَّ إذَآ أَنتُم‌ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ . (الآية‌ 20 ، من‌ السورة‌ 30 : الروم‌) . 

[20] ـ وَمِنْ ءَايَـ'تِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم‌ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَ ' جًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَودَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيـ'تٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . (الآية‌ 21 ، من‌ السورة‌ 30 : الروم‌) .

[21] ـ وَمِنْ ءَايَـ'تِهِ خَلْقُ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ وَاخْتِلَـ'فُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَ ' نِكُمْ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيـ'تٍ لِّلْعَـ'لِمِينَ ، (الآية‌ 22 ، من‌ السورة‌ 30 : الروم‌) . 

[22] ـ وَمِنْ ءَايَـ'تِهِ مَنَامُكُم‌ بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَآؤُكُم‌ مِّن‌ فَضْلِهِ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيـ'تٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ. (الآية‌ 23 ، من‌ السورة‌ 30 : الروم‌) . 

[23] ـ أَلَمْ يَرَوْا إِلَي‌ الطَّيْرِ مُسَخَّرَ ' تٍ فِي‌ جَوِّ السَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَهُ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيـ'تٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ . (الآية‌ 79 ، من‌ السورة‌ 16 : النحل‌) . 

[24] ـ وَمِنْ ءَايَـ'تِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَيُحْيِ بِهِ الاْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيَـ'تٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . (الآية‌ 24 ، من‌ السورة‌ 30 : الروم‌) . 

[25] ـ وَمَا ذَرَأ لَكُمْ فِي‌ الاْرْضِ مُخْتَلفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي‌ ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ . (الآية‌ 13 ، من‌ السورة‌ 16 : النّحل‌) .  

[26] ـ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ و ´ ءَايَةً وَءَاوَيْنَـ'هُمَآ إِلَي‌' رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ . (الآية‌ 50 ، من‌ السورة‌ 23 : المؤمنون‌) . 

[27] ـ هَـ'ذِهِ نَاقَةُ اللَهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي‌´ أرْضِ اللَهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُو´ءٍ . (الآية‌ 73 ، من‌ السورة‌ 7 : الاعراف‌) . 

[28] ـ الآية‌ 5 ، من‌ السورة‌ 57 : الحديد . 

[29] ـ الآية‌ 14 ، من‌ السورة‌ 6 : الانعام‌ . 

[30] ـ الآية‌ 4 ، من‌ السورة‌ 95 : التين‌ . 

[31] ـ الآية‌ 31 ، من‌ السورة‌ 2 : البقرة‌ . 

[32] ـ «جامع‌ الاسرار» للسيّد حيدر الآملي‌ّ ص‌ 135 . 

[33] ـ «جامع‌ الاسرار» ص‌ 383 ، وذكر في‌ «تفسير الصافي‌» ذيل‌ ذلك‌ الكلام‌ في‌ ص‌ 55 ، طبع‌ المكتبة‌ الإسلاميّة‌ .

[34] ـ راجع‌ الجزء الاوّل‌ من‌ كتاب‌ «معرفة‌ المعاد» ، المجلس‌ الاوّل‌ . 

[35] ـ لقد نقلنا في‌ كتابنا «مهر تابان‌» (الشمس‌ الساطعة‌) مواضيع‌ نفيسة‌ عن‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ حول‌ معني‌ الروح‌ وأفضليّتها علي‌ الملائكة‌ . (القسم‌ الثاني‌ ـ رقم‌ التسلسل‌ ـ 240 ـ 241 ) . 

[36] ـ مثل‌ معروف‌ في‌ إيران‌ .

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com