بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد الخامس / القسم الرابع: مقام الانسان الکامل

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

 الولاية‌ المطلقة‌ لامير المؤمنين‌ عليه السلام

وباطن‌ هذه‌ النبوّة‌ هو الولاية‌ المطلقة‌ ؛ والولاية‌ المطلقة‌ هي‌ عبارة‌ عن‌ حصول‌ مجموع‌ هذه‌ الكمالات‌ بحسب‌ الباطن‌ في‌ الازل‌ ؛ وإبقاءها  إلی‌ الابد؛ كقول‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام:

 كُنتُ وَلِيّاً وَآدَمُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ . وكقول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌: أَنا وَ علی مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ . وكقوله‌ فيه‌: خَلَقَ اللهُ رُوحِي‌ وَرُوحَ علی ‌ِّ بْنِ أَبي‌ طَالِبٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بِأَلْفَي‌ عَامٍ ـ الحديث‌ .

 وكقوله‌ فيه‌: بُعِثَ علی ‌ٌّ مَعَ كُلِّ نَبِي‌ٍّ سِرّاً وَمَعِي‌َ جَهْراً .

 ولاقتضاء هذه‌ المرتبة‌، قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه السلام في‌ خطبة‌ البيان‌:

 أَنَا وَجْهُ اللَهِ ؛ أَنَا جَنْبُ اللَهِ ؛ أَنَا يَدُ اللَهِ ؛ أَنَا الْقَلَمُ الاْ علی ؛ أَنَا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ؛ أَنَا الْكِتَابُ الْمُبِينُ ؛ أَنَا الْقُرآنُ النّاطِقُ ؛ أَنا كهيعص‌ ؛ الم‌ ذَلِكَ الْكِتَابُ؛ أَنَا طَاءُ الطَّوَاسِيمِ ؛ أَنَا حَاءُ الْحَوامِيم‌ ؛ أَنَا الْمُلَقَّبُ بِيَاسِينِ ؛ أَنَا صادُ الصَّافَّاتِ؛ أَنا سِينُ الْمُسَبِّحَاتِ ؛ [1] أَنا النُّونُ وَالْقَلَمِ ؛ أَنَا مَايِدَةُ الْكَرَمِ ؛ أَنا خَلِيلُ جَبْرَئِيلَ؛ أَنَا صِفْوَةُ مِيكَائِيلَ ؛ أَنا الْمَوصُوفُ بِ «لا فَتَي‌» ؛ أَنَا الْمَمْدُوحُ فِي‌ «هَلْ أَتَي‌» ؛ أَنَا النَّبَأُ الْعَظِيمُ ؛ أَنَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ؛ أَنَا الاْوَّلُ ؛ أَنَا الآخِرُ؛ أنَا الظَّاهِرُ ؛ أَنَا الْبَاطِنُ ؛  إلی‌ آخِرِهِ . [2]

 حذار من‌ أن‌ تبدو هذه‌ المطالب‌ مستبعدة‌ ؛ لانّ بُعْدَها فيما لو قام‌ الإمام‌ بهذه‌ الافعال‌ بصورة‌ مستقلّة‌ ؛ أمّا إذا كان‌ الإمام‌ مرآة‌ محضة‌ والآية‌ الاكمل‌ للحقّ، وكانت‌ هذه‌ الافعال‌ مظهراً للذات‌ الاحديّة‌ تجلّت‌ في‌ مرآة‌ وجوده‌، إذا كان‌ كلّ ذلك‌، فكيف‌ يمكن‌ أن‌ نستبعد قيام‌ الإمام‌ بتلك‌ الافعال‌؟ وإذا كان‌ العمل‌ في‌ باب‌ التوحيد منحصراً بالحقّ المتعال‌ ؛ فما هو الفرق‌ ـ عندئذٍ ـ بين‌ عمل‌ صغير من‌ أعمال‌ الإمام‌، كقلع‌ باب‌ خيبر، وقتل‌ عَمْرو بن‌ عَبْد ود، ومَرْحَبْ، وصناديد قريش‌ في‌ خَيْبَر، والاحزاب‌، وبَـدْر؛ وبين‌ عمل‌ كبيـر، كطـوفان‌ نوح‌، وإرسـال‌ الريح‌ السـموم‌ علی عاد، وأمثالهما، لانّ الفعل‌ فـي‌ كلتا الحـالتين‌ هـو فعل‌ الحـقّ تبـارك‌ وتعالی‌.

 الرجوع الي الفهرس

مقامات‌ أهل‌ العرفان‌ بالله‌ تعالی‌

كلام‌ ابن‌ سينا في‌ شأن‌ العرفاء

 يقول‌ ابن‌ سينا في‌ « الإشارات‌ »: فَإذَا عَبَرَ الرِّياضَةَ  إلی‌ النَيْلِ، صارَ سِرُّهُ مِرْآةً مَجْلُوَّةً مُحاذِياً بِهَا شَطْرَ الْحَقِّ ؛ وَدَرَّتْ علی هِ اللَّذَّاتُ الْ علی ‌؛ وَفَرِحَ بِنَفْسِهِ لِمَا بِهَا مِنْ أَثَرِ الْحَقِّ، وَكَانَ لَهُ نَظَرٌ  إلی‌ الْحَقِّ وَنَظَرٌ  إلی‌ نَفْسِهِ وَكَانَ بَعْدُ مُتَرَدِّدَاً . [3]

 ثمّ يقول‌: ثُمَّ إنَّهُ لَيَغِيبُ عَنْ نَفْسِهِ ؛ فَيَلْحَظُ جَنَابَ الْقُدْسِ فَقَط‌ ؛ وَإن‌ لَحِظَ نَفْسَهُ فَمِنْ حَيْثُ هِي‌َ لاَحِظَةٌ ؛ لاَ مِنْ حَيْثُ هِيَ بِزِينَتِهَا ؛ وَهُنَاكَ يَحِقُّ الْوُصُولُ. [4]

 وهذه‌ آخر درجات‌ السلوك‌  إلی‌ الله‌، أي‌: مقام‌ الوصول‌ . ثمّ يقول‌: اَلْعِرْفَانُ مُبْتَدِي‌ٌ مِنْ تَفْرِيقٍ وَنَفْضٍ وَتَرْكٍ وَرَفْضٍ مُمْعِنٌ فِي‌ جَمِعٍ هُوَ جَمْعُ صِفَاتِ الْحَقِّ ؛ للِذَّاتِ الْمُرِيدَةِ بِالصِّدْقِ مُنْتَهٍ  إلی‌ الْوَاحِدِ ؛ ثُمَّ وُقُوفٌ. [5]

 (التفريق‌ هو أن‌ ينفصل‌ العارف‌ عن‌ كلّ شي‌ء يشغله‌ عن‌ الحقّ؛ والنَّفْض‌ تحريكه‌ لنفسه‌ ونفضها من‌ آثار تلك‌ الشواغل‌، بحيث‌ لاتلتفت‌  إلیها أي‌ّ التفات‌، وهذا لتكميل‌ النفس‌ من‌ أجل‌ التجرّد عمّا سوي‌ الحقّ. والتَّرك‌ يعني‌ الانقطاع‌ عن‌ كلّ شي‌ء ونسيانه‌ وصولاً للحقّ، والرَّفض‌ يعني‌ ترك‌ جميع‌ اللذّات‌ وصولاً للحقّ) .

 يقول‌ الخواجه‌ نصير الدين‌ الطوسي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه في‌ شرح‌ هذه‌ المواضيع‌: « إنّ العارف‌ إذا انقطع‌ عن‌ نفسه‌ واتّصل‌ بالحقّ، رأي‌ كلّ قدرة‌ مستغرقة‌ في‌ قدرته‌ المتعلّقة‌ بجميع‌ المقدورات‌، وكلّ علم‌ مستغرقاً في‌ علمه‌ الذي‌ لا يعزب‌ عنه‌ شي‌ء من‌ الموجودات‌، وكلّ إرادة‌ مستغرقة‌ في‌ إرادته‌ التي‌ يمتنع‌ أن‌ يتأبّي‌ علی ها شي‌ء من‌ الممكنات‌ .

 بل‌ كلّ وجود فهو صادر عنه‌ فائض‌ من‌ لدنه‌ .

 وفي‌ هذه‌ الحالة‌، صار الحقّ حينئذٍ بصره‌ الذي‌ به‌ يبصر، وسمعه‌ الذي‌ به‌ يسمع‌، وقدرته‌ التي‌ بها يفعل‌، وعلمه‌ الذي‌ به‌ يعلم‌، ووجوده‌ الذي‌ به‌ يوجد.

 فصار العارف‌ حينئذٍ متخلّقاً بأخلاق‌ الله‌ تعالی‌ بالحقيقة‌ ؛ وهذا معني‌ قول‌ الشيخ‌: اَلْعِرْفَانُ مُمْعِنٌ فِي‌ جَمِيعِ صِفَاتٍ هِي‌َ صِفَاتُ الْحَقِّ لِلذَّاتِ المُريدَةِ بِالصِّدْقِ .ثمّ إنّه‌ بعد ذلك‌ يعاين‌ كون‌ هذه‌ الصفات‌ وما يجري‌ مجراها متكثّرة‌ بالقياس‌  إلی‌ الكثرة‌، متّحدة‌ بالقياس‌  إلی‌ مبدئها الواحد ؛ فإنّ الذاتي‌ّ هو بعينه‌ قدرته‌ الذاتيّة‌، وهي‌ بعينها إرادته‌ ؛ وكذلك‌ سائرها .

 وإذ لا وجود ذاتيّاً لغيره‌ فلا صفات‌ مغايرة‌ للذات‌ ولا ذات‌ موضوعة‌ للصفات‌؛ بل‌ الكلّ شي‌ء واحد كما قال‌ عزّ من‌ قائل‌:

 إِنَّمَا اللَهُ إلَـ'هٌ وَاحِدٌ [6] .

 فهو هو لا شي‌ء غيره‌ . وهذا معني‌ قوله‌: مُنْتَهٍ  إلی‌ الْوَاحِدِ ؛ وَهناك‌ لايبقي‌ واصف‌ ولا موصوف‌، ولا سالك‌ ولا مسلوك‌، ولاعارف‌ ولامعروف‌، وهو مقام‌ الوقوف‌ . [7]

 وقال‌ ابن‌ سينا أيضاً في‌ النمط‌ العاشر من‌ « الإشارات‌ »: وَإذَا بَلَغَكَ أَنَّ عَارِفاً حَدَّثَ عَنْ غَيْبٍ فَأَصَابَ مُتَقَدِّماً بِبُشْرَي‌ أَوْ نَذِيرٍ فَصَدِّقْ ! وَلاَيَتَعَسَّرَنَّ علی كَ الإيمانُ بِهِ ! [8]

 ثمّ قال‌: اَلتَّجْرِبَةُ وَالْقِياسُ مُتَطابِقَانِ علی أَنَّ لِلنَّفْسِ الإنسانِيَّةِ أَن‌ تَنالَ مِنَ الْغَيْبِ نَيْلاً مَا فِي‌ حالَةِ الْمَنَامِ ؛ فَلاَ مَانِعَ مِنْ أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ النَّيْلُ فِي‌ حَالِ  إلیقَظَةِ؛ إلاَّ ما كانَ  إلی‌ زَوَالِهِ سَبِيلٌ ؛ وَلاِرْتِفَاعِهِ إمْكَانٌ . [9]

  إلی‌ أن‌ قال‌: وَلَعَلَّكَ قَدْ تَبْلُغُكَ عَنِ الْعَارِفِينَ أَخْبَارٌ تَكادُ تَأتِي‌ بِقَلْبِ الْعادَةِ فَتُبَادِرُ  إلی‌ التَّكْذِيبِ ؛ وَذَلِكَ مِثْلُ مَا يُقَالُ: إِنَّ عَارِفاً اسْتَسْقَي‌ لِلنَّاسِ فَسُقُوا؛ أَوِ اسْتَشْفَي‌ لَهُمْ فَشُفُوا ؛ أَوْ دَعَا علی هِمْ فَخُسِفَ بِهِمْ وَزُلْزِلُوا ؛ أَوْ هَلَكُوا بِوَجْهٍ آخَرَ .

 وَدَعَا لَهُمْ، فَصُرِفَ عَنْهُمُ الْوَبَاءُ ؛ وَالْمَوَتَانُ ؛ وَالسَّيْلُ، والطُّوفَانُ ؛ أَوْ خَشَعَ لِبَعْضِهِمْ سَبُعٌ، أَوْ لَمْ يَنْفِرْ عَنْهُمْ طَائِرٌ ؛ أَوْ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا لاَ تُؤْخَذُ فِي‌ طَرِيقِ الْمُمْتَنِعِ الصَّرِيحِ فَتَوَقَفْ، وَلاَ تَعْجَلْ ! فَإِنَّ لاِمْثَالِ هَذِهِ أَسْبَاباً فِي‌ أَسْرَارِ الطَّبِيعَةِ . [10]

 ثمّ قال‌: إنَّ الاْمورَ الْغَريبَةَ تَنْبَعِثُ فِي‌ عَالَمِ الطَّبِيعَةِ مِنْ مَبَادِي‌ ثَلاَثَةَ: أحَدُهَا الْهَيْئَةُ النَّفْسانِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ . وعندها قال‌: وَالسِّحْرُ مِنْ قَبيلِ الاْوَّلِ، بَلِ الْمُعْجِزَاتُ وَالْكَرَامَاتُ .

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ الشيخ‌ محي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ حول‌ الإنسان‌ الكامل‌

 يقول‌ مُحي‌ الدين‌ بن‌ عربي‌ في‌ كتابه‌ « فصوص‌ الحِكَم‌ » في‌ فَصِّ الآدمي‌ّ وهو يتحدّث‌ عن‌ حقيقة‌ آدم‌ وخلافته‌:

 فَهُوَ مِنَ الْعَالَمِ كَفَصِّ الْخَاتَمِ مِنَ الْخَاتَمِ الَّذِي‌ هُوَ مَحَلُّ النَّقْشِ وَالْعَلاَمَةِ الَّتِي‌ بِهَا يَخْتِمُ الْمَلِكُ علی خَزَآئِنِهِ ؛ [11] وَسَمَّاهُ خَلِيفَةً مِنْ أَجْلِ هَذَا: لاِنـَّهُ الْحَافِظُ خَلْقَهُ كَمَا يَحْفَظُ بِالْخَتْمِ الْخَزَائِنُ ؛ فَمَا دَامَ خَتْمُ الْمَلِكِ علی هَا لاَيَجْسُرُ أَحَدٌ علی فَتْحِهَا إلاَّ بِإِذْنِهِ، فَاسْتَخْلَفَهُ فِي‌ حِفْظِ الْعَالَمِ ؛ فَلاَيَزالُ الْعَالَمُ مَحْفُوظاً مَادَامَ فِيهِ هَذَا الإنسانُ الْكَامِلُ . [12]

 وقال‌ القيصري‌ّ في‌ شرح‌ هذه‌ الفقرة‌: اَلْحَقُّ يَحْفَظُ خَلْقَهُ بِالإنسَانِ الْكَامِلِ؛ عِنْدَ اسْتِتَارِهِ بِمَظَاهِرِ أسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ عِزَّةً ؛ وَكَانَ هُوَ الْحَافِظُ لَهَا قَبْلَ الاسْتِتارِ وَالاخْتِفَاءِ وَإظْهَارِ الْخَلْقِ .

 فَحِفْظُ الإنْسَانِ لَهَا بِالْخِلاَفَةِ فَتُسَمَّي‌ بِالْخَلِيفَةِ لِذَلِكَ ؛ وَحِفْظُهُ لِلْعَالَمِ عِبَارَةٌ عَنْ إِبْقَاءِ صُوَرِ أَنْوَاعِ الْمَوْجُودَاتِ علی مَا خُلِقَتْ علی هَا الْمُوجِبِ لإبْقَآءِ كَمالاَتِهَا وَآثَارِهَا بِاسْتِمْدَادِهِ مِنَ الْحَقِّ التَّجَلِّياتِ الذَّاتِيَّةِ ؛ وَالرَّحْمَةَ الرَّحْمَانِيَّةَ وَالرَّحِيمِيَّةَ بِالاسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الَّتِي‌ هَذِهِ الْمَوْجُوَدَاتُ صَارَتْ مَظَاهِرَهَا وَمَحَلَّ اسْتِوآئِهَا .

 إذِ الْحَقُّ إِنَّمَا يَتَجَلَّي‌ لِمِرْآةِ قَلْبِ هَذَا الْكَامِلِ، فَيَنْعَكِسُ الانوارُ مِنْ قَلْبِهِ  إلی‌ الْعَالَمِ ؛ فَيَكُونُ بَاقِياً بِوُصُولِ ذَلِكَ الْفَيْضِ  إلیهَا ؛ فَمَا دَامَ هَذَا الإنْسَانُ الْكَامِلُ مَوْجُوداً فِي‌ الْعَالَمِ ؛ يَكُونُ مُحْفُوظاً بِوُجُودِهِ وَتَصَرُّفِهِ في‌ عَوَالِمِهِ الْعِلْويَّةِ وَالسِّفْلِيَّةِ .

 فَلاَ يَجْسُرُ أحَدٌ مِنْ حَقَائِقِ الْعَوَالِمِ وَأَرْوَاحِهَا علی فَتْحِ الْخَزَائِنِ الإلَهيَّةِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا إلاّ بِإذنِ هَذَا الْكَامِلِ، لاِنـَّهُ صَاحِبُ الاسمِ الاعظَمِ الَّذِي‌ بِهِ يُرْبِي‌ الْعَالَمَ كُلَّهُ .

 فَلاَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَاطِنِ  إلی‌ الظَّاهِرِ مَعْنيً مِنْ مَعَانِي‌ إلاَّ بِحُكْمِهِ ؛ وَلاَيَدْخُلُ مِنَ الظَّاهِرِ فِي‌ الْبَاطِنِ شَي‌ْءٌ إلاَّ بِأَمْرِهِ، وَإن‌ كَانَ يَجْهَلُهُ عِنْدَ غَلَبَةِ الْبَشَريَّةِ علی هِ . [13]

  إلی‌ أن‌ يقول‌: وَقَدْ صَرَّحَ شَيْخُنَا رَضِي‌َ اللَهُ عَنْهُ في‌ كِتَابِ «الْمِفْتَاحِ» أنَّ مِنْ عَلاَمَاتِ الْكَامِلِ أَنْ يَقْدِرَ علی الإحْيَاءِ وَالإمَاتَهَ وَأَمْثَالِهِمَا. [14]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ الشيخ‌ عبد الكريم‌ الجيلي‌ّ حول‌ الإنسان‌ الكامل‌

 ويقول‌ الشيخ‌ عبد الكريم‌ الجيلي‌ّ في‌ كتاب‌ « الإنسان‌ الكامل‌ »: « اعلم‌ أنّ (الإنسان‌) هو نسخة‌ الحقّ تعالی‌ كما أخبر صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ حيث‌ قال‌: خَلَقَ اللهُ آدَمَ علی صُورَةِ الرَّحْمَنِ . وفي‌ حديث‌ آخر: خَلَقَ اللَهُ آدَمَ علی صُورَتِهِ .

 وذلك‌ أنّ الله‌ تعالی‌ حَي‌ٌّ علی مٌ قادِرٌ مُريدٌ سَمِيعٌ بَصيرٌ مُتَكلِّمٌ، وكذلك‌ الإنسان‌ حي‌ّ علی م‌ إلخ‌، ]  إلی‌ آخر الصفات‌ [ . ثمّ يقابل‌ الهويّة‌ بالهويّة‌، والانيّة‌ بالانيّة‌، والذات‌ بالذات‌، والكلّ بالكلّ، والشمول‌ بالشمول‌، والخصوص‌ بالخصوص‌ .

 وله‌ مقابلة‌ أُخري‌ يقابل‌ الحقّ بحقائقه‌ الذاتيّة‌ .

 واعلم‌ أنّ الإنسان‌ الكامل‌ هو الذي‌ يستحقّ الاسماء الذاتيّة‌ والصفات‌ الإلهيّة‌ استحقاق‌ الاصالة‌ والملك‌ بحكم‌ المقتضي‌ الذاتي‌ّ، فإنّه‌ المعبّر عن‌ حقيقته‌ بتلك‌ العبارات‌ والمشار  إلی‌ لطيفته‌ بتلك‌ الإشارات‌ ليس‌ لها مستند في‌ الوجود إلاّ الإنسان‌ الكامل‌ . فمثاله‌ للحقّ مثال‌ المرآة‌ التي‌ لايري‌ الشخص‌ صورته‌ إلاّ فيها، وإلاّ فلا يمكنه‌ أن‌ يري‌ صورة‌ نفسه‌ إلاّ بمرآة‌ الاسم‌: الله‌، فهو مرآته‌ والإنسان‌ الكامل‌ أيضاً مرآة‌ الحقّ ؛ فإنّ الحقّ تعالی‌ أوجب‌ علی نفسه‌ أن‌ لا تري‌ أسماؤه‌ وصفاته‌ إلاّ في‌ الإنسان‌ الكامل‌، وهذا معني‌ قوله‌ تعالی‌:

 إِنَّا عَرَضْنَا الاْمَانَةَ علی السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن‌ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَـ'نُ إِنَّهُ و كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً.[15]

 يعني‌ قد ظلم‌ نفسه‌ بأن‌ أنزلها من‌ تلك‌ الدرجة‌ جهولاً بمقداره‌، لانـّه‌ محلّ الامانة‌ الإلهيّة‌ وهو لا يدري‌ .

  إلی‌ أن‌ يقول‌: وَلِلإنْسَانِ الْكَامِلِ تَمَكُّنٌ مِنْ مَنْعِ الْخَوَاطِرِ عَنْ نَفْسِهِ جَليلِهَا وَدَقِيقِهَا ؛ ثُمَّ إنَّ تَصَرُّفَهُ فِي‌ الاْشْيَاءِ لاَ عَنِ اتِّصَافٍ وَلاَ عَنْ آلَةٍ وَلاَعَنِ اسْمٍ وَلاَ عَنْ رَسْمٍ ؛ بَلْ كَمَا يَتَصَرَّفُ أَحَدُنَا فِي‌ كَلاَمِهِ وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ ـالخ‌. [16]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ الحكيم‌ السبزواري‌ّ حول‌ الإنسان‌ الكامل‌

 وقال‌ الملاّ هادي‌ السبزواري‌ّ رحمة‌ الله‌ ضمن‌ بحثه‌ في‌ علم‌ الباري‌ تعالی‌ بالاشياء بالعقل‌ البسيط‌ والإضافة‌ الإشراقيّة‌: « اعلم‌ أنّ ها هنا مقامين‌: مقام‌ الكثرة‌ في‌ الوحدة‌، يعني‌ أنّ المرتبة‌ الا علی من‌ الوجود بوحدتها وبساطتها جامعة‌ لكلّ الوجودات‌، ويترتّب‌ علی ها بفردانيّتها من‌ الكمال‌ ما يترتّب‌ علی الجميع‌ » . ثمّ قال‌:

 مِثالُهُ الإنْسَانُ الْكَامِلُ بِالْفِعْلِ حَيْثُ إنَّهُ بِوَحْدَتِهِ جامِعٌ لِكُلِّ ما فِي‌ الْوُجُودِ مِنَ الصُّوَرِ وَالْمَعَانِي‌ وَالاشْبَاحِ وَالاْرْواحِ ؛ لَيْسَ مِنَ اللَهِ بِمُسْتَنْكَرِ أنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي‌ وَاحِدٍ ؛ فَهُوَ بِحَيْثُ كَانَ الْكُلُّ مِنَ الدُّرَّةِ  إلی‌ الذَّرَّةِ مَرآئي‌ّ ذاتِهِ كَمَا هُوَ مِرْآةُ الْحَقِّ وَمَقَامُ الْوَحْدَةِ فِي‌ الْكَثْرَةِ. [17]

 وقال‌ السبزواري‌ّ أيضاً:

 فَلَك‌ دوران‌ زند بر محور دل‌              وجود هر دو عالم‌ مَظْهر دل‌

 هر آن‌ نقشي‌ كه‌ بر لوح‌ از قلم‌ رفت‌             نوشته‌ دست‌ حقّ بر دفتر دل‌ [18]

 وقال‌ أيضاً:

 جمله‌ عالم‌ چون‌ تن‌، و انسان‌ دل‌ است‌                    هر چه‌ مي‌جوئي‌ ز انسان‌ حاصل‌ است‌

 هر دو عالم‌ جسم‌، و جانش‌ آدم‌ است‌                     زانكه‌ آدم‌ اصل‌ جمله‌ عالم‌ است‌ [19]

 هست‌ انسان‌ مركز دور جهان‌                     نيست‌ بي‌ انسان‌ مَدار آسمان‌

 هر دو عالم‌ گشته‌است‌ أجزاي‌ او                 برتر از كَوْن‌ و مكان‌ مأواي‌ او

 لا مكان‌ اندر مكان‌ كرده‌ مكان‌                     بي‌ نشان‌ گشته‌ مقيّد در نشان‌

 صد هزاران‌ بحر در قطره‌ نهان‌                      ذرّه‌اي‌ گشته‌ جهان‌ اندر جهان‌

 اين‌ أبَد عين‌ أزَل‌ آمد يقين‌              باطن‌ اينجا عين‌ ظاهر شد ببين‌ [20]

وقال‌ المرحوم‌ السبزواري‌ّ المتخلّص‌ بالاسرار أيضا:

 اختران‌ پرتو مِشكاة‌ دل‌ انور ما                     دل‌ ما مَظهر كُلّ، كل‌ همگي‌ مظهر ما[21]

 نه‌ همين‌ اهل‌ زمين‌ را همه‌ باب‌ اللّهيم‌                    نُه‌ فلك‌ در دَوَانند به‌ گرد سر ما

 بَرِ ما پير خرد طفل‌ دبيرستان‌ است‌              فلسفي‌ مُقتبِسي‌ از دل‌ دانشور ما

 گر چه‌ ما خاك‌ نشينان‌ مرقّع‌ پوشيم‌                        صد چو جَم‌ خفته‌ بدريوزه‌گري‌ بر در ما

 چشمة‌ خضر بود تشنه‌ سراب‌ ما را             آتش‌ طور شراري‌ بود از مجمر ما

 اي‌ كه‌ انديشة‌ سرداري‌ و سر مي‌خواهي‌                 به‌ كدوئي‌ است‌ برابر سر و افسر بر ما

 گو به‌ آن‌ خواجة‌ هستي‌ طلب‌ و زهد فروش‌               نبود طالب‌ كالاي‌ تو در كشور ما

 بازي‌ بازوي‌ نصريم‌ نه‌ چون‌ نَسر به‌ چرخ‌                    دو جهان‌ بيضه‌ و فَرْخ‌ است‌ به‌ زير پر ما [22]

 ماه‌ گر نور و ضيا كسب‌ نمود از خورشيد                   خور بود مكتسب‌ از شعشعة‌ اختر ما

 خسرو ملك‌ طريقت‌ به‌ حقيقت‌ مائيم‌                       كُلَه‌ از فقر به‌ تارك‌ زِ فنا افسر ما

 عالم‌ و آدم‌ اگر چه‌ همگي‌ اَسرارند               بود اَسرار كميني‌ ز سگان‌ در ما [23]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ صدر المتألّهين‌ حول‌ الإنسان‌ الكامل‌

 وفي‌ حاشيته‌ علی « الاسفار الاربعة‌ » للحكيم‌ المتألّه‌ صدر المتألّهين‌ الشيرازي‌ّ أ علی الله‌ درجته‌ ضمن‌ بحثه‌ في‌ العلّة‌ الغائيّة‌ حيث‌ قال‌: ثُمَّ  إلی‌ عِبَادَةِ الإنسانِ وَتَشَبُّهِهِ بِالْمَبْدَأ الاْ علی فِي‌ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَإدْرَاكِهِ لِلْمَعْلُومَاتِ وَتَجَرُّدِهِ عَنِ الْجِسْمَانِيَّاتِ ؛ فَعِبَادَتُهُ أَجَلُّ الْعِبَادَاتِ الاْرْضِيَّةِ، وَمَعْرِفَتُهُ أَعْظَمُ الْمَعَارِفِ الْحَيْوَانِيَّةِ ؛ وَلَهُ فَضِيلَةُ النُّطْقِ وَشَرَفُ الْقُدْرَةِ وَكَمَالُ الْخِلْقَةِ . يقول‌ السبزواري‌ّ: « قيّد ] الملاّ صدرا [ في‌ عبارته‌ عبارة‌ الإنسان‌ بالارضيّة‌ والحيوانيّة‌، لانـّه‌ أين‌ عبادته‌ من‌ عبادات‌ الافلاك‌ والفلكيّات‌ اللاتي‌ لا يغشاها نوم‌ العيون‌ ولا فترة‌ الابدان‌ .

 عبدت‌ علی الدوام‌ الله‌ تعالی‌ وما مسّها أعياء ولغوب‌، وأين‌ معرفته‌ من‌ معرفة‌ الملائكة‌ المعصومين‌، سيّما المقرّبين‌ كما قيل‌:

 دوست‌ كجا و تو كجا اي‌ دَغَل‌                      نور أزَل‌ را چه‌ به‌ بَلْ هُمْ أضَلّ [24]

 لكن‌ في‌ هذا النوع‌ الاخير صنف‌ أفضل‌ المَلَك‌ فضلاً عن‌ الفلك‌ .

 نه‌ فلك‌ راست‌ مسلّم‌ نه‌ ملك‌ را حاصل‌                     آنچه‌ در سِرّ سويداي‌ بني‌ آدم‌ ازوست‌ [25]

 وهم‌ خلاصة‌ عباد الله‌ المعبود ونخبة‌ عالم‌ الوجود سيّما المحمّديّون‌ منهم‌ الذين‌ قالوا: رُوحُ الْقُدُسِ فِي‌ جِنَانِ الصَّاقُورَةِ، ذَاقَ مِنْ حَدَائِقِنَا الْبَاكُورَةِ . [26]

 وقيل‌ في‌ رئيسهم‌ وسيّدهم‌:

 احمد ار بگشايد آن‌ پرّ جليل‌                       تا أبد مدهوش‌ ماند جبرئيل‌[27]

 بل‌ مطلق‌ هذا الصنف‌ من‌ الإنسان‌ هم‌ علی هذا النحو، قال‌ الشيخ‌ فريد الدين‌ العطّار النيسابوري‌ّ قدّس‌ سرّه‌:

 روز و شب‌ اين‌ هفت‌ پرگار اي‌ پسر               از براي‌ توست‌ بر كار اي‌ پسر

 طاعت‌ روحانيان‌ از بهر توست‌                     خُلْد و دوزخ‌ عكس‌ لطف‌ و قهر توست‌

 قدسيان‌ يكسر سجودت‌ كرده‌اند                 جزء و كلّ، غرق‌ وجودت‌ كرده‌اند

 از حقارت‌ سوي‌ خو منگر بسي‌                  ز انكه‌ ممكن‌ نيست‌ پيش‌ از تو كسي‌

 ظاهرت‌ جزو است‌ و باطن‌ كلِّ كلّ                خويش‌ را قاصر مبين‌ در عين‌ ذُلّ

 چون‌ در آيد وقت‌ رفعت‌هاي‌ كلّ                    از وجود توست‌ خلقت‌هاي‌ كلّ [28]

 والسرّ في‌ ذلك‌ أنّ الإنسان‌ الكامل‌ بالفعل‌ واقع‌ تحت‌ الاسم‌ الاعظم‌ وهو اسم‌ الجلالة‌ والملك‌ تحت‌ الاسماء التنزيهيّة‌ كالسبّوح‌ والقدّوس‌ أمّا الفلك‌ تحت‌ الدائم‌ والرافع‌ والربّ ونحوه‌، فالإنسان‌ معلّم‌ بجميع‌ الاسماء التنزيهيّة‌ والتشبيهيّة‌ .

 ألا تري‌ أنّ روح‌ الفلك‌ دائماً روح‌ مضاف‌، وروح‌ هذا الإنسان‌ روح‌ مرسل‌ يطلق‌ عن‌ وثاق‌ الجسم‌ الطبيعي‌ّ، بل‌ المثاني‌ بل‌ عن‌ العالمين‌ الصوريّين‌ فيخلع‌ الن علی ن‌ ويطرح‌ الكونين‌ ؟ والملك‌ المقرّب‌ وإن‌ كان‌ روحاً مطلقاً إلاّ أنـّه‌ ليس‌ معلماً بجميع‌ الاسماء التنزيهيّة‌ والتشبيهيّة‌ . هؤلاء الصنف‌ هم‌ الخواتم‌ في‌ السلسلة‌ الصعوديّة‌، وهم‌ العقول‌ الصاعدة‌ الغنيّة‌ عن‌ استعمال‌ البدن‌ وآلاته‌ .

 وكأنـّهم‌ وهم‌ في‌ جلابيب‌ أبدانهم‌ قدأنضوها[29]، فهم‌ بإزاء العقول‌ التي‌ هي‌ فواتح‌ السلسلة‌ النزوليّة‌ وإن‌ بقي‌ حجاب‌ ما، فسيرفع‌ رأساً كما قال‌ علی ‌ّ عليه السلام عند الخلع‌: فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ . فعبادتهم‌ كيفاً أجلّ من‌ عبادة‌ الفلك‌، فربّ قليل‌ من‌ خالص‌ العمل‌ يرجح‌ علی الكثير كثرة‌ وافرة‌ كذا المعرفة‌ بالنسبة‌  إلی‌ الملك‌، فإنّ الإنسان‌ الكامل‌ يعرف‌ الله‌ تعالی‌ بجميع‌ أسـمائه‌، وحينئـذٍ فلعلّ مـراده‌ قـدّس‌ سـرّه‌ الإنسـان‌ البشـري‌ّ بما هـو بشـر » . [30]

 وأمّا صدر المتألّهين‌ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ فإنّه‌ لم‌ يذكر مقامات‌ الإنسان‌ الكامل‌ ودرجاته‌ في‌ موضع‌ واحد أو موضعين‌ من‌ كتبه‌، بل‌ ذكرها في‌ أغلب‌ المواضع‌، ولا سيّما في‌ « الاسفار » فإنّه‌ ذكرها في‌ مواضع‌ كثيرة‌ منها، بل‌ يمكن‌ أن‌ نعتبر « الاسفار الاربعة‌ » مقامات‌ الإنسان‌ الكامل‌ ودرجاته‌ ونضع‌لكتاب‌ « الاسفار » عنوان‌ الإنسان‌ الكامل‌، ويمكن‌ القول‌ حقّاً إنّه‌ أحسن‌ ما صنّف‌ في‌ هذا الموضوع‌ لغاية‌ الآن‌ من‌ حيث‌ شموليّته‌ ؛ ونذكر فيما يلي‌ مقطعاً موجزاً منه‌ كمثال‌:

 وَهَذَا أيضاً مِنْ لَطَائِفِ صُنْعِ اللَهِ وَحِكْمَتِهِ فِي‌ خَلْقِ الإنْسَانِ الْكَامِلِ؛ وَصَيْرُوُرَتِهِ إنْسَاناً كَبيراً بَعْدَ مَا كَانَ عَالَماً صَغيراً، فَكَأنَّ الْوُجُودَ كُلُّهُ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ دَارَ علی نَفْسِهِ ؛ وَكَأَنـَّهُ كِتَابٌ كَبيرٌ، فَاتِحَتُهُ عَيْنُ خَاتِمَتِهِ؛ وَالْعَالَمُ كُلُّـهُ تَصْنِيفُ اللَهِ، وَابْتَـدَأ بِالْعَقْلِ وَاخْتَتَـمَ بِالْعَاقِلِ ؛ كَمَا قَـالَ تعالی‌:

 أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِي‌ُ اللَهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ و ´ إِنَّ ذَ ' لِكَ علی اللَهِ يَسيرٌ* قُلْ سِيرُوا فِي‌ الاْرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَهُ يُنْشِي‌ُ النَّشْأَةَ الاْخِرَةَ إِنَّ اللَهَ علی ‌' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . [31]

 الرجوع الي الفهرس

مقولة‌ ابن‌ الفارض‌ في‌ الإنسان‌ الكامل‌

مقولة‌ ابن‌ الفارض‌ في‌ مقام‌ الفناء والتوحيد المطلق‌

 إنّ الشاعر العربي‌ّ ابن‌ الفارض‌ يشبه‌ الشاعر الفارسي‌ّ حافظ‌ الشيرازي‌ّ في‌ شعره‌ العرفاني‌ّ، وله‌ في‌ نظم‌ السلوك‌ قصيدة‌ تعرف‌ بالتائيّة‌ الكبري‌، وصف‌ فيها مقام‌ الإنسان‌ الكامل‌ بشكل‌ باهر . تقع‌ هذه‌ القصيدة‌ في‌ سبعمائة‌ وواحد وستّين‌ بيتاً، ذكر فيها مراحل‌ السلوك‌ كلّها بنظم‌ بديع‌ وأُسلوب‌ لطيف‌، ونكتفي‌ هنا بذكر مقدار موجز من‌ أواخرها حيث‌ يتحدّث‌ الشاعر عن‌ تحقّق‌ الاسماء والصفات‌ الإلهيّة‌ في‌ الإنسان‌ الكامل‌ .

 وَإنِّي‌ وَإنْ كُنْتُ ابْنَ آدَمَ صُورَةً                 فَلِي‌ فِيهِ مَعْنيً شَاهِدٌ بأُبُوَّتي‌[32]

 وَنَفْسِي‌ علی حَجْرِ التَّجَلِّي‌ بِرُشْدِهَا                   تَجَلَّتْ وَفي‌ حِجْرِ التَّجَلَّي‌ تَرَبَّتِ

 وَفِي‌ الْمَهْدِ حِزْبي‌ الانْبيَاءُ وَفي‌ عَنَا                     صِبري‌ لَوْحِي‌َ الْمَحْفُوظُ وَالْفَتْحُ سُورَتي‌

 وَقَبْلَ فِصَ إلی‌ دُونَ تَكْلِيفِ ظَاهِرِي‌                    خَتَمْتُ بِشَرْعِي‌َ الْمُوضِحي‌ كُلَّ شِرْعَةِ

 فَهُمْ وال إلی‌ قَالُوا بِقَوْلِهِمْ علی              صِرَاطِي‌، لَمْ يَعْدُوا مَوَاطِي‌َ مِشْيَتي‌

 فَيُمْنُ الدُّعَاةِ السَّابِقِينَ  إلی‌َّ فِي‌                         يَميني‌ وَيُسْرُ اللاّحِقينَ بِيَسْرَتي‌

 وَلاَ تَحْسَبَنَّ الاْمْرَ عَنِّي‌َ خَارِجاً                 فَمَا سَادَ إلاَّ دَاخِلٌ فِي‌ عُبُودَتي‌

 وَلَوْلاَي‌َ لَمْ يُوجَدْ وُجُودٌ وَلَمْ يَكُنْ               شُهُودٌ وَلَمْ تُعْهَدْ عُهُودٌ بِذِمَّةِ

 فَلاَ حَي‌َّ إلاَّ مِنْ حَيَاتِي‌ حَيَاتُهُ                  وَطَوْعُ مَرَادِي‌ كُلَّ نَفْسٍ مُرِيدَةِ

 وَلاَ قَائِلٌ إلاَّ بِلَفْظِي‌ مُحَدِّثٌ                      وَلاَ نَاظِرٌ إلاَّ بِنَاظِرِ مُقْلَتِي‌

  إلی‌ أن‌ يقول‌:

 تَسبَّبْتُ فِي‌ التُّوحِيدِ حَتَّي‌ وَجَدْتُهُ                        وَوَاسِطَةُ الاْسْبَابِ إحْدَي‌ أَدِلَّتِي‌

 وَوَحَّدْتُ فِي‌ الاْسْبَابِ حَتَّي‌ فَقَدْتُهَا                      وَرَابِطَةُ التَّوْحِيدِ أَجْدَي‌ وَسِيلَةِ

 وَجَرَّدْتُ نَفْسِي‌ عَنْهُمَا فَتَجَرَّدَتْ              وَلَمْ تَكُ يَوماً قَطُّ غَيْرَ وَحِيدَةِ

 وَغُصْتُ بِحَارَ الْجَمْعِ بَلْ خُضْتُهَا علی انـ                ـفِرَادِي‌ فَاسْتَخْرَجْتُ كُلَّ يَتِيمَةِ

 لاِسْمَعَ أَفعَ إلی‌ بِسَمْعٍ بَصِيرَةِ                 وَأشْهَدَ أَقْوَ إلی‌ بِعَيْنٍ صَحِيحَةِ

 فَإنْ نَاحَ فِي‌ الاْيْكِ الْهَزَارُ وَغَرَّدَتْ             جَوَاباً لَهُ الاْطيَارُ فِي‌ كُلِّ دَوْحَةِ

 وَأَطْرَبَ بِالْمِزْمَارِ مُصْلِحُهُ علی                مُنَاسَبَةِ الاْوتَارِ مِنْ يَدِ قِينَةِ

 وَغَنَّتْ مِنَ الاْشْعَارِ مَا رَقَّ فَارْتَقَتْ                        لِسِدْرَتِهَا الاْشرَارُ فِي‌ كُلِّ شَدْوَةِ

 تَنَزَّهْتُ فِي‌ آثَارِ صُنْعِي‌ مُنَزِّهاً                 عَنِ الشِّرْكِ بِالاْغْيَارِ جَمْعِي‌ وَأُلْفَتِي‌

 فَبِي‌ مَجْلِسُ الاْذْكَارِ سَمْعُ مُطَالِعٍ                        وَلي‌ حَانَةُ الْخَمَّارِ عَيْنُ طَلِيعَةِ

 وَمَا عَقَدَ الزُّنَّارَ حُكْماً سِوَي‌ يَدِي‌              وَإنْ حُلَّ بِالإقْرَارِ بِي‌ فَهْي‌َ حَلَّتِ

 وَإنْ نَارَ بِالتَّنْزِيلِ مِحْرابُ مَسْجِدٍ               فَمَا بَارَ بِالإنْجِيلِ هَيْكَلُ بِيعَةِ

 وَأسفَارُ تَوْرَاةِ الْكَلِيمِ لِقَوْمِهِ                     يُنَاجِي‌ بِهَا الاْخْبَارُ فِي‌ كُلِّ لَيْلَةِ

 وَإنْ خَرَّ لِلاْحْجَارِ فِي‌ الْبِدِّ عَاكِفٌ               فَلاَ وَجْهَ لِلإنْكَارِ بِالْعَصَبيَّةِ

 فَقَدْ عَبَدَ الدِّينارَ مَعْنيً مُنَزَّهٌ                    عَنِ الْعَارِ بالإشْرَاكِ بِالْوَثَنِيَّةِ

 وَقَدْ بَلَغَ الإنْذَارُ عَنِّي‌َ مَنْ بَغَي‌                 وَقَامَتْ بِي‌َ الاْعْذَارُ فِي‌ كُلِّ فِرْقَةِ

 وَمَا زَاغَتِ الاَبْصَارُ مِن‌ كُلِّ مِلَّةِ                 وَمَا رَاعَتِ الاَفْكَارُ مَن‌ كُلِّ نِحْلَةِ

 وَمَا اخْتَارَ مَنْ لِلشَّمْسِ عَنْ غِرَّةٍ صَبَا                   وَإشْرَاقُهَا مِنْ نُورِ أسْفَارِ غُرَّتي‌

 وَإنْ عَبَدَ النَّارَ الْمَجُوسُ وَمَا انْطَفَتْ                      كَمَا جَاءَ فِي‌ الاْخْبَارِ فِي‌ أَلْفِ حِجَّةِ

 فَمَا قَصَدُوا غَيْرِي‌ وَإنْ كَانَ قَصْدُهُمْ                     سِوَاي‌َ وَإنْ لَمْ يُظْهِرُوا عَقْدَ نِيَّةِ

 رَأَوْا ضَوْءَ نُورِي‌ مَرَّةً فَتَوَهَّمُو                   هُ نَاراً فَضَلُّوا فِي‌ الْهُدَي‌ بِالاْشِعَّةِ

 وَلَوْلاَ حِجَابُ الْكَوْنِ قُلْتُ وَإنَّمَا                  قِيَامي‌ بِأحْكَامِ الْمَظَاهِرِ مُسْكِتي‌

 فَلاَ عَبَثٌ وَالْخَلْقُ لَمْ يُخْلَقُوا سُدًي‌                       وَإنْ لَمْ يَكُنْ أَفْعَالُهُمْ بِالسَّدِيدَةِ

 علی سِمَةِ الاْسْمَاءِ تَجْرِي‌ أُمُورُهُمْ                     وَحِكْمَةُ وَصْفِ الذَّاتِ لِلْحُكْمِ أَجْرَتِ

 يُصَرِّفُهُمْ فِي‌ الْقَبْضَتَيْنِ وَلاَ وَلاَ                فَقَبْضَةُ تَنْعِيمٍ وَقَبْضَةُ شِقْوَةِ

 ألاَ هَكَذَا فَلْتَعْرِفِ النَّفْسَ أَوْ فَلاَ                وَيُتْلَ بِهَا الْقُرْآنُ كُلَّ صَبِيحَةِ

 وَلِي‌ مِنْ مُفِيضِ الْجَمْعِ عِنْدَ سَلاَمِهِ                      علی ‌َّ بِأوْ أَدنَي‌، إشَارَةُ نِسْبَةِ [33]

 وَمِنْ نُورِهِ مِشْكَاةُ ذَاتِي‌َ أَشْرَقَتْ                          علی ‌َّ فَنَارَتْ بِي‌ عِشَائِي‌ كَضَحْوَتي‌

 وَآنَسْتُ أَنْوَارِي‌ فَكُنْتُ لَهَا هُدًي‌               وَنَاهِيكَ مِنْ نَفْسٍ علی هَا مُضِيئَةِ

 وَبَدْرِي‌َ لَمْ يَأفُلْ وَشَمْسِي‌َ لَمْ تَغِبْ                      وَبِي‌ تَهْتَدِي‌ كُلُّ الدَّرارِي‌ الْمُنِيرَةِ

 الرجوع الي الفهرس

في‌ لوازم‌ وآثار الولاية‌ الكلّيّة‌ التي‌ هي‌ الفناء المطلق‌

 إنّ الاُمور التي‌ نقلناها في‌ هذا الدرس‌ عن‌ الفلاسفة‌ الكبار والعرفاء العظام‌ من‌ المسلمين‌ حقائق‌ تنكشف‌ للسالك‌ وهو يعيش‌ العرفان‌ وشهود الحقّ جلّ وعزّ في‌ عالم‌ الفناء المطلق‌ الذي‌ يتمثّل‌ في‌ الفناء في‌ الذات‌، والفناء في‌ جميع‌ أسمائه‌ وصفاته‌ ؛ أي‌ في‌ مقام‌ الولاية‌ الكلّيّة‌ إذ لاحجاب‌ ولاغشاوة‌، وحتّي‌ حجاب‌ الإنّيّة‌ للسالك‌ قد تمزّق‌ وزال‌ بما للكلمة‌ من‌ معني‌؛ وفي‌ هذا المقام‌ تتحدّث‌ ذات‌ الحقّ المقدّسة‌ نفسها، وتري‌، وتسمع‌، وتأخذ وتبطش‌ .

 وحذارِ من‌ أن‌ لا يصدّق‌ الإنسان‌ هذه‌ الاُمور، فيحملها علی المجازفة‌ والمبالغة‌، لانّ هذه‌ الحقائق‌ كلّها هي‌ في‌ مقام‌ العرفان‌ والتوحيد ؛ أي‌ أنـّها في‌ الحقيقة‌ تصدر عن‌ الشخص‌ المتحقّق‌ بالتوحيد، أي‌: عن‌ الشخص‌ الفاني‌، الباقي‌ ببقاء الحقّ ؛ أي‌: من‌ الحقّ جلّ وعزّ نفسه‌ ؛ لانّ مصدر الفعل‌ والاصالة‌ في‌ العالم‌ ليس‌ غيره‌ ؛ غاية‌ الامر، أنّ الناس‌ قبل‌ مقام‌ اللقاء والعرفان‌ والفناء يخالون‌ أنفسهم‌ مستقلّين‌ في‌ أُمورهم‌، وذلك‌ من‌ وحي‌ جهلهم‌. أمّا الآن‌ فقد فهموا في‌ عالم‌ التوحيد أنـّهم‌ كانوا علی خطأ في‌ فعلهم‌ وقولهم‌؛ فالوجود المؤثّر والمستقلّ الوحيد ليس‌ إلاّ الذات‌ الاحديّة‌ فحسب‌ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي‌ الْجَلاَلِ وَالإكْرَامِ . وغاية‌ سيرنا  إلی‌ الله‌ مقام‌ التوحيد؛ أمّا إنكار هذه‌ المعارف‌ فإنّه‌ يحول‌ دون‌ سيرنا  إلی‌ الله‌، ويوصد طريق‌ العرفان‌ الإلهي‌ّ بوجوهنا، ويبخس‌ حقّنا بنقصان‌ حظّنا من‌ المواهب‌ الإلهيّة‌ المعطاءة‌ واللا متناهيّة‌، ويحدّ من‌ الاستعداد غير المتناهي‌ لبلوغ‌ مقام‌ عزّه‌ الشامخ‌، ويقيّده‌ بأغلال‌ الدنيا وحطامها التافه‌ والاُمور الاعتباريّة‌ الخادعة‌ الملهية‌،  إلی‌ أن‌ يحين‌ الاجل‌ بغتة‌ فيتلي‌ علی نا قوله‌ تعالی‌: أَلْهَـ'كُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّي‌ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ .

 وكان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ هوالرائد علی طريق‌ الولاية‌ المطلقة‌، والسبّاق‌ الفريد في‌ هذا المضمار، ومن‌ مشكاة‌ نوره‌ استمدّ الانبياء السابقون‌ المكرّمون‌، بما فيهم‌ أُولو العزم‌ .

 وقد فتح‌ طريق‌ التوحيد المطلق‌ والعرفان‌ المحض‌ والشهود الاسمائي‌ّ والصفاتي‌ّ والذاتي‌ّ لاُمّته‌ بشكل‌ مطلق‌ ومرسل‌ ؛ وقد حظيت‌ أُمّته‌ بمواهب‌ لم‌تحظ‌ بها أُمم‌ الانبياء السابقين‌ .

 وانتقل‌ هذا الفيض‌ من‌ بعده‌ لمولي‌ الموحّدين‌ وأميرالمؤمنين‌ علی ‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ عليه الصلاة‌ والسلام‌ وبنيه‌ الكرام‌ الاحد عشر واحداً بعد الآخر، وأصبح‌ هذا المقام‌ بشكل‌ أكمل‌ وأتمّ لبقيّة‌ الله‌ الحجّة‌ بن‌ الحسن‌ العسكري‌ أرواحنا له‌ الفداء . ووجود سائر الاولياء والعرفاء الإلهيّون‌ الحقيقيّون‌ من‌ بركات‌ وجود أُولئك‌ العظام‌، وفي‌ عصر الغيبة‌ ينالون‌ نصيبهم‌ من‌ بركات‌ هذه‌ المرآة‌ الإلهيّة‌ التامّة‌ ؛ فيبلغون‌ الكمال‌ ؛ ويقطفون‌ ثمرة‌ الوصول‌ والفناء .

 أجل‌، فإنّ نبيّنا المقدّس‌ صلّي‌ الله‌ عليه و آله وسلّم‌ هو فاتح‌ هذا الطريق‌ لاُمّته‌، وكان‌ ولا يزال‌ لائمّة‌ الحقّ والهدي‌ علی هم‌ السلام‌ جميعاً هذا المقام‌؛ فالولاية‌ التكوينيّة‌ أمر بسيط‌ من‌ منظار أهل‌ البصائر والفضائل‌ والعرفاء الحقيقيّين‌؛ ويظفر بها كلّ من‌ وطأت‌ قدمه‌ هذا المضمار بفضل‌ الحقّ ورحمته‌.

 وحينئذٍ أفلا نأسف‌ أن‌ ننكر علی رسول‌ الله‌ والائمّة‌ هذا المقام‌؟ ونكتفي‌ بالالفاظ‌ الجوفاء وحدها لبلوغ‌ المقامات‌، ونخال‌ أنّ كلّ فضيلة‌ وكرامة‌ هي‌ أمر اعتباري‌ّ وهمي‌ّ فحسب‌ ؟

 إنّ الولاية‌ التكوينيّة‌ هي‌ من‌ الاُمور الضروريّة‌ واللوازم‌ الحتميّة‌ للسير في‌ طريق‌ المعرفة‌، والعرفان‌، وشهود الحقّ . والمنكرون‌ لها أيديهم‌ خ إلیة‌ من‌ المعارف‌ الإلهيّة‌ ؛ ولم‌ تترطّب‌ شفاههم‌ بماء حياة‌ الولاية‌، ولم‌ينهلوا من‌ الماء المعين‌ للشهود والوجدان‌، أكبادهم‌ حرّي‌، مثلهم‌ كالكلاب‌ العاوية‌ في‌ البيداء القاحلة‌، حائرة‌ في‌ تيه‌ الجهل‌ وأرضه‌ الحصباء.

 مَه‌ فشاند نور و سگ‌ و عوعو كند                هر كسي‌ بر باطن‌ خود مي‌تند[34]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ وهي‌ خمس‌ سور في‌ القرآن‌ الكريم‌ تبدأ بكلمة‌ سَبَّحَ وكلمة‌ يُسَبِّحُ وتسمّي‌ سُوَر المُسَّبِحَاتِ . وهي‌ : سورة‌ الحديد ، والحشر ، والصفّ ، والجمعة‌ ، والتغابن‌ . وفي‌ المأثور أنّ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ كان‌ يقرأ هذه‌ السور قبل‌ النوم‌ . وعندما سئل‌ عن‌ السبب‌. قال‌ : في‌ كلّ سورة‌ من‌ هذه‌ السور آية‌ تعادل‌ ألف‌ آية‌ من‌ القرآن‌ . (مهر تابان‌ : مذكّرات‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ ، القسم‌ الثاني‌ ص‌ 13 ) . 

[2] ـ «جامع‌ الاسرار» ص‌ 382 ، 383 . 

[3] ـ «الإشارات‌» ، الطبعة‌ الحروفيّة‌ ج‌ 3 ، ص‌ 91 إلي‌ ص‌ 93 . 

[4] ـ نفس‌ المصدر . 

[5] ـ نفس‌ المصدر ص‌ 96 إلي‌ 98 .

[6] ـ الآية‌ 171 من‌ السورة‌ 4 : النساء . 

[7] ـ «الإشارات‌» وشرحها ، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، أواخر النمط‌ التاسع‌ وهو في‌ مقامات‌ العارفين‌، وفي‌ الطبعة‌ الحديثة‌ ج‌ 3 ص‌ 389 إلي‌ 390 الطبعة‌ الاُولي‌ : في‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ سنة‌ 1379 ه. 

[8] ـ «الإشارات‌» الطبعة‌ الحديثة‌ ج‌ 3 ، ص‌ 119 . 

[9] ـ «الإشارات‌» ج‌ 3 ، ص‌ 119 و 120 . 

[10] ـ «شـرح‌ الإشـارات‌» النمط‌ العاشـر في‌ أسـرار الآيات‌ ، وفي‌ الطبعـة‌ الحديثة‌ ج‌ 3 ، ص‌ 150 . 

[11] ـ كانت‌ العادة‌ جارية‌ في‌ السابق‌ أن‌ ينقش‌ الناس‌ ولا سيّما الكبار والعلماء والسلاطين‌ أسماءهم‌ أو علاماتهم‌ التي‌ يختصّون‌ بها علي‌ فصّ خاتمهم‌ ، ومتي‌ شاءوا ختم‌ كتاب‌ أو سند فإنّهم‌ يخرجونه‌ من‌ أيديهم‌ ويختمون‌ به‌ ثمّ يرجعونه‌ إلي‌ مكانه‌ ؛ ولذلك‌ ï ïعرف‌ بالخاتم‌: أي‌ : ما يُخْتَمُ بِهِ . 

[12] ـ «شرح‌ فصوص‌ الحكم‌» القيصري‌ّ ، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 72 . 

[13] ـ «شرح‌ الفصوص‌» للقيصري‌ّ 7 ص‌ 72 ، 73 . 

[14] ـ «شرح‌ القيصري‌ّ» ص‌ 74 . 

[15] ـ الآية‌ 72 ، من‌ السورة‌ 33 : الاحزاب‌ . 

[16] ـ «الإنسان‌ الكامل‌» ج‌ 2 طبع‌ مطبعة‌ الازْهر في‌ مصر ، سنة‌ 1316 ه ، ص‌ 48 . 

[17] ـ «شرح‌ المنظومة‌» طبع‌ ناصري‌ ، ص‌ 166 . 

[18] ـ و تعريبهما : يدور الفلك‌ حول‌ محور القلب‌ ] قلب‌ العارف‌ [ ، و وجود الدنيا والآخرة‌ مظهر للقلب‌ .

 وكلّ ما قدّر في‌اللوح‌ ، فقد خطّته‌ يد الحقّ علي‌ دفتر القلب‌ (قلب‌ العارف‌ مظهر المعرفة‌). 

[19] ـ و تعريبهما : العالم‌ كلّه‌ كالجسم‌ و الإنسان‌ قلبه‌ ، و كلّ ما تنشده‌ ، فإنّه‌ يتأتّي‌ من‌ الإنسان‌. (الإنسان‌ مركز الوجود) .

 الدنيا و الآخرة‌ كالجسم‌ و روحه‌ الإنسان‌ لانّ الإنسان‌ أصل‌ العالم‌ كلّه‌ . 

[20] ـ وتعريب‌ هذه‌ الابيات‌ : الإنسان‌ هو محور العالم‌ ، ولايقرّ مدار السماء بدونه‌ .

 غدت‌ الدنيا والآخرة‌ أجزاءه‌ ، وسما مكانه‌ علي‌ الكَوْن‌ والمكان‌ .

 وقد استقرّ هذا الإنسان‌ المجرّد عن‌ المكان‌ في‌ مكان‌ . وأصبح‌ المطلق‌ مقيّداً في‌ العنوان‌.

 وقد اختفت‌ مئات‌ الآلاف‌ من‌ البحار في‌ قطرة‌ (القطرة‌ هنا تعني‌الإنسان‌الكامل‌).

وأصبح‌ العالَم‌ كلّه‌ ذرّة‌ اختفت‌ في‌ عالم‌ (و كأنّ الدنيا استقرّت‌ في‌ ذرّة‌ ، وهذا يشبه‌ البيت‌ المشهور: أتزعم‌ أنـّك‌ جرم‌ صغير و فيك‌ انطوي‌ العالم‌ الاكبر) .

وأصبح‌ هذا الابد (الذي‌ لا آخر له‌) كالازل‌ (الذي‌ لا أوّل‌ له‌) علي‌ نحو اليقين‌ ، وأصبح‌ الباطن‌ عين‌ الظاهر ، فتأمّل‌ .  

[21] ـ وتعريبه‌ : أنّ الكواكب‌ شعاع‌ من‌ مشكاة‌ قلبنا المنوّر . فقلبنا مظهر العالم‌ كلّه‌ والعالم‌ كلّه‌ مظهرنا . 

[22] ـ وتعريبها : لسنا باب‌ الله‌ لاهل‌ الارض‌ جميعهم‌ فحسب‌ ، بل‌ وتدور الافلاك‌ ï ïالتسعة‌ علي‌ رؤوسنا .

العقل امامنا كالطفل الذاهب الي المدرسه . و الفيلسوف هو الذي يقتبس نوره من قلبنا المتنور.

 ï ï نحن‌ وإن‌ جلسنا علي‌ التراب‌ وارتدينا خرق‌ الثياب‌ ، لكن‌ مائة‌ من‌ أمثال‌ جمشيد (أحد ملوك‌ إيران‌) ينامون‌ عند بابنا للاستجداء .

 إنّ عين‌ الخضر ظامئة‌ لسرابنا (تودّ أن‌ ترتوي‌ من‌ مائنا) ، ونار الطور جذوة‌ من‌ موقدنا.

 فيا من‌ تفكّر بالعلوّ والسيادة‌ وتريد التحكّم‌ والاستكبار ، اعلم‌ أنّ الرأس‌ والتاج‌ يساويان‌ عندنا يقطينة‌ واحدةً .

 قل‌ لذاك‌ الثري‌ّ الساعي‌ وراء الوجود والبائع‌ للزهد أن‌ ليس‌ في‌ مُلكِنا من‌ يشتري‌ بضاعتك‌.

 نحن‌ كالعُقاب‌ أهل‌ النصر والمعونة‌ ولسنا كالنسر في‌ السماء . والدنيا والآخرة‌ كالبيضة‌ وفرخ‌ الدجاج‌ تحت‌ جناحنا . 

[23] ـ وتعريبها : إذا اكتسب‌ القمر نوره‌ وضياءه‌ من‌ الشمس‌ فإنّ الشمس‌ تكتسب‌ نورها من‌ شعاع‌ كوكبنا .

 إنّنا ملوك‌ مملكة‌ الطريقة‌ في‌ الحقيقة‌ لا غيرنا ، وعلي‌ رأسنا قبّعة‌ الفقر ، وتاج‌ الفناء في‌ الله‌ في‌ آن‌ واحد .

 إنّ العالم‌ والإنسان‌ وإن‌ كانا من‌ الاسرار بَيدَ أنّ الاسرار (الاسم‌ الذي‌ أطلقه‌ الملاّ هادي‌ علي‌ نفسه‌) هو شخص‌ تافه‌ من‌ البوّابين‌ علي‌ أعتابنا. 

[24] ـ وتعريبه‌ : شتّان‌ بين‌ الحبيب‌ (الله‌) وبينك‌ أيّها المضلّل‌ ، وشتّان‌ بين‌ نور الله‌ وبين‌ الذين‌ هم‌ أضل‌ . 

[25] ـ وتعريبه‌ : الافلاك‌ والملائك‌ لا تدرك‌ شيئاً ، فما في‌ سرّ الإنسان‌ هو منه‌ جلّ شأنه‌. 

[26] ـ روي‌ هذا الحديث‌ كما هو أعلاه‌ ، وقد وجد بخطّ الإمام‌ العسكري‌ّ عليه‌ السلام‌؛ وهذا قسم‌ من‌ الحديث‌ ؛ وكلّه‌ موجود في‌ «بحار الانوار» طبع‌ كمباني‌ 7 : 337 ، والطبعة‌ الحديثة‌ 26 : 264 ، 265 . وأوردوا الصاقورة‌ بالغين‌ أيضاً ،: بَيدَ أنّ المناسب‌ هنا هو الصاقورة‌ بالقاف‌، ومعناها كما في‌ «لسان‌ العرب‌» : السماء الثالثة‌ . 

[27] ـ لو كشف‌ أحمد (نبيّنا الكريم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌) أسرار المعراج‌ ، لدهش‌ جبرئيل‌ إلي‌ الابد . 

[28] ـ أيّها الفتي‌ ؟ إنّ السماوات‌ السبع‌ منهمكة‌ في‌ عملها ليل‌ نهار من‌ أجلك‌ .

 وطاعة‌ الملائكة‌ هي‌ من‌ أجلك‌،والجنّةُ والنار انعكاس‌ للطفك‌ وقهرك‌ (لو تلطّفت‌ فالجنّة‌ هي‌ المأوي‌ ، ولو قهرت‌ فالنار هي‌ المأوي‌) .

 سجد لك‌ الملائكة‌ أجمعون‌ ، والعالم‌ ، كلّه‌ وجزءه‌ قد استقرّ في‌ وجودك‌ .

 لا تنظر إلي‌ نفسك‌ بعين‌ الحقارة‌ ، فلم‌ يسبقك‌ أحد في‌ الوجود (أنت‌ السبّاق‌ قبل‌ ï ïالجميع‌).

 ظاهرك‌ جزء واحد ، بَيدَ أنّ باطنك‌ هو كلّ الكلّ ، فلا تنظر إلي‌ نفسك‌ من‌ وحي‌ المذلّة‌ وتعدّها قاصرة‌ .

 عندما يأن‌ وقت‌ الرفعة‌ والسمّو للعالم‌ كلّه‌ ، فإنّه‌ كلّه‌ يتمتّع‌ بالرفعة‌ والسمّو بفضل‌ وجودك‌. 

[29] - أنضوها : نزعوها أو أبلوها .

[30] ـ «الاسفار الاربعة‌» ج‌ 2 ، ص‌ 275 و 276 . 

[31] ـ «الاسفار الاربعة‌» ج‌ 7 ، ص‌ 18 . 

[32] ـ هذا البيت‌ هو البيت‌ الحادي‌ والثلاثون‌ بعد الستمائة‌ من‌ التائيّة‌ الكبري‌ .

[33] ـ الحجر بالفتح‌ : المنع‌ ، وبالكسر : الحضن‌ .

 والموضحي‌ كانت‌ في‌ الاصل‌ : والمُوضِحُ لي‌ .

 اليتيمة‌ : الدرّة‌ الثمينة‌ .

 الايك‌ : الشجر الكثير الملتفّ ، والدوحة‌ : الشجرة‌ الكبيرة‌ .

 الهزار : البلبل‌ .

 حانة‌ الخمّار : موضع‌ بيع‌ الخمر .

 الزُّنَّار : ما يشدّ علي‌ الوسط‌ .

 الهيكل‌ : موضع‌ في‌ صدر الكنيسة‌ يقرّب‌ فيه‌ القُبان‌ ، كالمحراب‌ في‌ المسجد .

 الاحبار : علماء اليهود .

 البِدّ بكسر البا، : المثال‌ ، والتمثال‌ والصنم‌ . والمقصود هنا موضع‌ الاصنام‌ .

 وَلاَ وَلاَ إشارة‌ إلي‌ الحديث‌ الذي‌ رواه‌ أبو الدرداء عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: إنّ الله‌ خلق‌ آدم‌ فضرب‌ بيمينه‌ علي‌ يساره‌ فأخرج‌ درّيّة‌ بيضاء كالفضّة‌ ، ومن‌ اليسري‌ سوداء كالحُتْمَة‌ ، ثمّ قال‌ : هؤلاء في‌ الجنّة‌ ولا أُبالي‌ ، وهؤلاء في‌ النار ولا أُبالي‌ . (شرح‌ تائيّة‌ الملاّ عبد الرزّاق‌ الكاشاني‌ّ ، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، ص‌ 466 ) المقصود هنا السلام‌ علينا وعلي‌ عباد الله‌ الصالحين‌ إذ كان‌ يقرأها النبي‌ّ في‌ صلاته‌ ولذلك‌فقد كان‌ يسلّم‌ علي‌ جميع‌ عباد الله‌ الصالحين‌ . 

[34] ـ وتعريبه‌ : يبسط‌ القمر نوره‌ وينبح‌ الكلب‌ ، فكلّ أحد ينسج‌ تبعاً لباطنه‌ . (يشبه‌ هذا البيت‌ ما جاء عن‌ العرب‌ : وكلّ إناء بالذي‌ فيه‌ ينضح‌) .

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com