بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد السابع / القسم التاسع :معنی المولی فی حدیث الغدیر

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

تمكّن‌ الشريف‌ المرتضي‌ وبراعته‌ في‌ العربيّة‌

 كان‌ الشريف‌ المرتضي‌ ضليعاً في‌ اللغة‌ العربيّة‌ وآدابها حتّي‌ قالوا فيه‌: هو أصل‌ العربيّة‌. أي‌: أنّ العرب‌ الذين‌ تمثّل‌ اللغة‌ العربيّة‌ لغتهم‌ الاُمّ ينبغي‌ لهم‌ أن‌ يتعلّموا العربيّة‌ منه‌.

 جاءت‌ ترجمة‌ الشريف‌ المرتضي‌ ومجالسه‌ مع‌ أبي‌ العَلاَء المَعَرّي‌ّ ومناقشاته‌ الادبيّة‌ في‌ كتب‌ التراجم‌، ومنها: « روضات‌ الجنّات‌ ». فقد أُثِر عن‌ الشيخ‌ عزّ الدين‌ أحمد بن‌ مقبل‌ أنـّه‌ قال‌: لو حلف‌ إنسان‌ إنّ السيّد المرتضي‌ كان‌ أعلم‌ بالعربيّة‌ من‌ العرب‌، لم‌ يكن‌ عندي‌ آثماً. ونقل‌ عن‌ شيخ‌ من‌ شيوخ‌ مصر أنـّه‌ قال‌: والله‌، إنّي‌ استفدت‌ من‌ كتاب‌ السيّد مرتضي‌ « الغُرَر والدُّرَر » مسائل‌ لم‌ أجدها في‌ كتاب‌ سيبويه‌ وغيره‌ من‌ كتب‌ النحو. وكان‌ الخواجة‌ نصير الدين‌ الطوسي‌ّ إذا جري‌ ذكر السيّد المرتضي‌ في‌ درسه‌ يقول‌: صَلَوات‌ الله‌ عَلَيهِ، ويلتفت‌ إلی‌ القضاة‌ والمدرّسين‌ الحاضرين‌ ويقول‌: كيف‌ لا أُصلّي‌ علی السيّد المرتضي‌؟!

 ونقل‌ ابن‌ فتّال‌ النيسابوري‌ّ عن‌ الشيخ‌ الاديب‌: علی بن‌ أحمد الفنجكردي‌ّ:

 لاَ تُنْكِرَنَّ غَدِيرَ خُمٍّ إنَّهُ                كالشَّمْسِ فِي‌ إشْراقِهَا بَلْ أَظْهَرُ

 مَا كَانَ مَعْرُوفاً بِإسْنَادٍ إلی                      ‌ خَيْرِ البَرَايا أحْمَدٍ لاَ يُنْكَرُ

 فِيهِ إمَامَةُ حَيْدَرٍ وَجَمَالُهُ             وَجَلاَلُهُ حَتَّي‌ القِيَامَةِ يُذْكَرُ

 أَوْلَي‌ الاَنَامِ بِأنْ يُوَإلی‌ المُرْتَضَي‌             مَنْ يَأخُذُ الاَحْكَامَ مِنْهُ وَيَأْثِرُ [1]

 هذا الرجل‌ المطّلع‌ الخبير والاديب‌ العالم‌ المتضلّع‌ الذي‌ كان‌ معاصراً لابن‌ فتّال‌ النيسابوري‌ّ، استنتج‌ من‌ كلمة‌ المَوْلَي‌ في‌ شعره‌ معني‌ الإمامة والمرجعيّة‌ في‌ أحكام‌ الدين‌.

 إنّ مانقلناه‌ من‌ شعر مأثور عن‌ كبار الشعراء كشاهد علی معني‌ المولي‌ نموذج‌ من‌ قصائد لا تحصي‌ أنشدها العلماء والاُدباء في‌ الغدير والمعني‌ المستفاد من‌ الولاية‌ طيلة‌ أربعة‌ عشر قرناً. وفي‌ هذا المقدار الذي‌ نقلناه‌ ما يكفي‌ لاهل‌ الفهم‌ والدراية‌ إن‌ شاء الله‌.

 ونتحدّث‌ فيما يلي‌ عن‌ الشواهد الموجودة‌ في‌ قصّة‌ الغدير، ودلالة‌ الولاية‌ علی معني‌ الإمامة.

 الرجوع الي الفهرس

المعني‌ الحقيقي‌ّ للمولي‌ والولاية‌ في‌ اللغة‌ وموارد استعمالاتهما

 أوّلاً: لفظ‌ المولي‌ نفسه‌ الذي‌ جاء في‌ الحديث‌. والمولي‌ من‌ مصدر الولاية‌. والولاية‌ تعني‌ الاتّحاد بين‌ شيئين‌، وزوال‌ الحجاب‌ المانع‌ من‌ اتّحادهما. وقد ذكرنا في‌ الجزء الخامس‌ من‌ كتابنا هذا « معرفة‌ الإمام » أنّ جميع‌ المعاني‌ المنقولة‌ للوَلاَية‌ والمَوْلي‌ تعود إلی‌ معني‌ واحد، وقد وضع‌ لفظ‌ الولاية‌ لذلك‌ المعني‌ بلا إضافة‌.

 وقال‌ الراغب‌ الإصفهاني‌ّ في‌ مفرداته‌، مادّة‌ وَلِي‌ْ: الْوَلاَءُ والتَّوَإلی‌ أَنْ يَحْصُلَ شَيْئَانِ فَصَاعِداً حُصُولاً لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا لَيْسَ مِنْهُمَا.[2] أي‌: إذا كان‌ بينهما ما يفصلهما، فينبغي‌ أن‌ يكون‌ منهما، أو لا وجود لما يفصل‌ بينهما، فهما متّحدان‌ بكلّ ما للكلمة‌ من‌ معني‌، أو إذا لم‌ تتحقّق‌ بينهما وحدة‌، فإنّ ما يفصل‌ بينهما يجب‌ أن‌ يكون‌ منهما، لا من‌ شي‌ء آخر.

 هذا هو معني‌ الوَلاَية‌ وَالوَلاَء والتَّوَإلی‌. وجميع‌ مشتقّات‌ هذه‌ المادّة‌ من‌ وَلِي‌ّ و مَوْلَيْ و أَولَي‌ و وَإلی‌ وغيرها لها نفس‌ المعني‌. ونلاحظ‌ هذا المعني‌ نفسه‌ في‌ جميع‌ تصاريف‌ أبواب‌ « فعل‌ ».

 ثمّ جاءت‌ في‌ اللغة‌ بمعني‌ القرب‌ نظراً لما تقتضيه‌ الكيفيّة‌ الحاصلة‌ بين‌ شيئين‌ من‌ القرب‌. ولمّا كان‌ القرب‌ المعنوي‌ّ كالقرب‌ الحِسّي‌ّ يتمتّع‌ بميزات‌ القرب‌ وخصائصه‌، لذلك‌ عبّروا عن‌ القرب‌ المعنوي‌ّ بلفظ‌ الولاية‌. واستعاروا الوَلاء والتَّوَإلی‌ للقرب‌ النَّسَبي‌ّ، والقرب‌ الديني‌ّ، وقرب‌ الصداقة‌، والنصرة‌، والاعتقاد، وما شابهها.

 ثمّ استخدموا هذه‌ الكلمة‌ حيثما كان‌ معني‌ الولاء الحقيقي‌ّ ورفع‌ الحجاب‌ بين‌ شيئين‌ قائماً، وكان‌ المصداق‌ لتحقّق‌ معني‌ الوَلاء موجوداً. وعلی سبيل‌ المثال‌ فقد استعملوا كلمة‌ الولاية‌ في‌ النسبة‌ والقرب‌ اللذين‌ يوجدان‌ نوعاً من‌ الاتّحاد والاشتراك‌ بين‌ المالك‌ والمملوك‌، وعبّروا عن‌ كلّ واحد منهما: المَوْلَي‌. وكذلك‌ أطلقوا هذه‌ الكلمة‌ في‌ النسبة‌ بين‌ السيّد و العبد، والمُنْعِمْ والمنعَمُ عَلَيْهِ، و المُعْتِق‌ و المُعْتَق‌. وفي‌ النسبة‌ بين‌ الحليفين‌، و العقيدين‌، و الحبيب‌ والمحبوب‌، و الناصر والمنصور، و ابني‌ العمّ، و الجارين‌، و المتصرِّف‌ في‌ الامر و المتصرَّف‌ فيه‌، و المتولّي‌ وصاحب‌ الاختيار، و من‌ كان‌ تحت‌ ولايته‌. وأطلقوا لفظ‌ المولي‌ علی كثير من‌ الحالات‌ الاُخري‌ بنفس‌ النسق‌. ويقال‌ لكلّ طرف‌ من‌ هذه‌ النسبة‌: مَوْلَي‌. وما نستنتجه‌ من‌ هذا العرض‌ هو:

 أوّلاً: أنّ إطلاق‌ لفظ‌ المَوْلَي‌ علی كلّ واحد من‌ هذين‌ الشخصين‌، اللذين‌ يتواجهان‌، ليس‌ من‌ باب‌ إطلاق‌ كلمة‌ علی معنيين‌ متضادّين‌، ولايدخل‌ هذا في‌ باب‌ الاضداد كما يعبّرون‌. لانـّه‌ علی الرغم‌ من‌ أنّ السيّد والعبد متضادّان‌ من‌ حيث‌ الفاعليّة‌ والمفعوليّة‌، لكنّ استعمال‌ كلمة‌ المَوْلَي‌ في‌ هذين‌ المعنيين‌ لم‌ يأت‌ من‌ وحي‌ هذه‌ المواصفات‌ المتضادّة‌، بل‌ من‌ وحي‌ الارتباط‌ والاشتراك‌ القائم‌ بينهما، وهو كالارتباط‌ بين‌ الناصر والمنصور اللذين‌ يربطهما معني‌ النصرة‌. وهذا الارتباط‌ والاشتراك‌ في‌ النصرة‌ له‌ معني‌ واحد يوصل‌ مفهوم‌ الناصر بمفهوم‌ المنصور.

 وثانياً: أنّ استعمال‌ لفظ‌ الوَلي‌ّ والمَوْلَي‌ والوَلاَيَة‌ ومشتقّاتها في‌ جميع‌ هذه‌ المعاني‌ العديدة‌ التي‌ بلغ‌ بعضها سبعة‌ وعشرين‌ معني‌، ليس‌ من‌ باب‌ استعمال‌ اللفظ‌ في‌ معانٍ متعدّدة‌، بل‌ من‌ باب‌ استعماله‌ في‌ معناه‌ الحقيقي‌ّ الاصلي‌ّ الواحد، وإنّما استُعْمِل‌ في‌ هذه‌ المصاديق‌ المختلفة‌ من‌ باب‌ التطبيق‌ والانطباق‌ دون‌ النظر إلی‌ خصائص‌ موضع‌ الانطباق‌. فعلی هذا، فلفظ‌ المَوْلَي‌ والوَلي‌ّ والوَلاَية‌ وما شابَهَا التي‌ استعملت‌ في‌ هذه‌ المعاني‌ العديدة‌ هي‌ من‌ باب‌ الاشتراك‌ المعنوي‌ّ، لا الاشتراك‌ اللفظي‌ّ. [3]

 قال‌ التفتازاني‌ّ في‌ « شرح‌ المقاصد » [4] والقوشجي‌ّ في‌ « شرح‌ التجريد »، ومير سيّد شريف‌ الجرجاني‌ّ في‌ « شرح‌ المواقف‌ » للقاضي‌ الإيجي‌ّ، في‌ ص‌611: جاءت‌ كلمة‌ المَوْلَي‌ لسبعة‌ معانٍ: المُعْتِق‌ والمُعْتَق‌، و الحَلِيف‌، و الجار، و ابن‌ العمّ، و النَّاصِر، و الاوْلَي‌ في‌ التصرّف‌.

 وذكر السجستاني‌ّ العزيزي‌ّ في‌ كتاب‌ « غريب‌ القرآن‌ » [5]، والانباري‌ّ في‌ « مشكل‌ القرآن‌ »، [6] ثمانية‌ معانٍ للمولي‌، وهي‌: العَبْد، و السِيِّد، و الصِهْر، و الوَلِي‌ّ، و ابن‌ العَمّ، و الجار، و الحَلِيف‌، و الاَوْلَي‌ بالشَّي‌ْء.

 الرجوع الي الفهرس

بيان‌ أبي‌ الفتوح‌ الرازي‌ّ في‌ معاني‌ المَوْلَي‌

 وذكر الشيخ‌ أبو الفتوح‌ الرازي‌ّ في‌ تفسيره‌ أحد عشر معني‌ للمولي‌، مع‌ مثال‌ لكلّ واحد منها. ونظراً لاهمّيّة‌ كلامه‌ في‌ هذا المجال‌ ننقله‌ نصّاً:

 « اعلم‌ أنّ المولي‌ في‌ اللغة‌ علی أحد عشر قسماً:

 المَوْلَي‌ بمعني‌ الاَوْلي‌، وهو الاصل‌، وترجع‌ إلیه‌ الاقسام‌ الاُخري‌ للمولي‌ كما يقال‌. ومن‌ شواهده‌، قَولُهُ تَعإلی: مَأْوَیـ'كُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ. [7] أي‌: أنـّها أولي‌ بكم‌. ولا تحتمل‌ معني‌ آخر. ومن‌ شواهده‌ في‌ الشعر، قول‌ لُبَيْد:

 فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنـَّهُ               مَوْلَي‌ المَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامَهَا [8]

 أي‌: أَوْلَي‌ بِالمَخَافَةِ. ولا خلاف‌ بين‌ أهل‌ اللغة‌ في‌ هذا الموضوع‌.

 المعني‌ الآخر للمولي‌: مَالِك‌ الرِقّ. والشاهد عليه‌ قَوْلُهُ تَعَإلی‌: ضَرَبَ اللَهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ علی' شَيْءٍ... إلی‌ قوله‌: وَهُوَ كَلٌّ علی' مَوْلَیـ'هُ. [9] يعني‌ علی مَالِكِه‌.

 والمعني‌ الثالث‌: المُعْتِق‌ ويسمّي‌: مَوْلَيً مِنْ فَوْق‌. والرابع‌: المُعْتَق‌ ويسمّي‌: مَوْلَيً مِنْ تَحْتٍ. وكذلك‌ يطلق‌ المَوْلَي‌ علی الله‌، وعلی العبد قبل‌ العِتق‌. وهذا قسم‌ آخر. ولا يحتاج‌ إلی‌ شواهد لانـّه‌ معروف‌. فهذه‌ خمسة‌ أقسام‌.

 ولعلّ من‌ شواهد المُعْتِق‌ قوله‌ تعإلی‌: ادْعُوهُمْ لاِبَآءِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَهِ فَإِن‌ لَّمْ تَعْلَمُو´ا ءَابَآءَهُمْ فَإِخْوَ ' نُكُمْ فِي‌ الدِّينِ وَمَوَ ' لِيكُمْ. [10]

 والمعني‌ السادس‌: ابن‌ العمّ، كما قال‌ الشاعر:

 مَهْلاً بَني‌ عَمِّنَا مَهْلاً مَوَإلینَا                     لاَ تَنْبُشُوا مَيْتَنَا مَا كَانَ مَدْفُونَا

 والسابع‌: الناصر. قال‌ الله‌ تَعإلی‌:

 ذَ ' لِكَ بِأَنَّ اللَهَ مَوْلَي‌ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَأَنَّ الْكَـ'فِرِينَ لاَ مَوْلَي‌' لَهُمْ، [11] أي‌: لاَنَاصِرَ لَهُمْ.

 الثامن‌: مولي‌ ضمان‌ الجريرة‌ كما يعتق‌ رجل‌ عبداً، ويتبرّأ من‌ ضمان‌ جريرته‌ و ولائه‌، فيقول‌: أنا بري‌ءٌ من‌ خيره‌ وشرّه‌. ويُدعي‌: سَائبَة‌. فهو يذهب‌ و يتولّي‌ أحداً، وذلك‌ الشخص‌ يضمن‌ جريرته‌، وله‌ ولاء الميراث‌. يطلق‌ علی هذا الشخص‌: مَوْلَي‌.

 التاسع‌: الحَلِيف‌، كما قال‌ الشاعر:

 مَوَإلی‌َ حَلْفٍ لاَ مَوَإلی‌ قَرَابَةٍ                   وَلَكِنْ قَطِيناً يَأْخُذُونَ الاَتَاوِيَا

 وقال‌ الآخر:

 مَوإلیكُمُ مَوْلَي‌ الوَلاَيَةِ مِنْكُمُ                   وَمَوْلَي‌ إلیمِينِ حَابِسٌ قَدْ تَقَسَّما

 العاشر: الجار، كما قال‌ الشاعر:

 هُمُ خَلَطُوني‌ بالنُّفوسِ وَألْجَمُوا               إلی‌ أصْلِ مَوْلاَهُمْ مُسَوَّمَةً جُرْدَا

 الحادي‌ عشر: السيّد المطاع‌، والرئيس‌، والإمام، ومن‌ انخرط‌ في‌ هذا السلك‌.

 فمن‌ تأمّل‌ هذه‌ الاقسام‌ يجد أنّ معناها جميعها: الاَوليَ. فالله‌ أولي‌ بالعبد، والعبد أولي‌ بالله‌؛ والمعتِق‌ أولي‌ بالمعَتق‌، والمعتَق‌ أولي‌ بالمعتِق‌؛ والجار أولي‌ بالجار؛ والحليف‌ أولي‌ بالحليف‌؛ والناصر أولي‌ بالمنصور؛ وابن‌ العمّ أولي‌ بابن‌ العمّ؛ وهكذا ضامن‌ الجريرة‌؛ فهؤلاء أولي‌ بأصحابهم‌ من‌ غيرهم‌ الذين‌ ليس‌ لهم‌ هذه‌ الولاية‌؛ فصحّ ـإذَن‌ـ أن‌ يكون‌ المعني‌ أَوْلَي‌، وهذا المعني‌ هو المناسب‌ هنا ». [12]

 الرجوع الي الفهرس

بيان‌ سبط‌ بن‌ الجوزي‌ّ في‌ معاني‌ المَوْلَي‌

 وذكر سِبْط‌ بْنُ الجَوْزَي‌ّ هذه‌ المعاني‌ التي‌ نقلناها عن‌ الرازي‌ّ كلّها إلاّ المالك‌، والعبد قبل‌ العِتق‌. وجعل‌ معاني‌ المولي‌ عشرة‌، عاشرها الاَوْلَي‌. ونقل‌ لكلّ معني‌ شاهداً من‌ القرآن‌ الكريم‌، أو من‌ شعر العرب‌، ثمّ قال‌: « المعاني‌ المذكورة‌ في‌ حديث‌ ولاية‌ الغدير لا تصحّ إلاّ الوجه‌ العاشر وهو الاَولَي‌ ومعناه‌: مَنْ كُنْتُ أَوْلَي‌ بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعلی أَوْلَي‌ بِهِ. وقد صرّح‌ بهذا المعني‌ الحافظ‌ أبو الفرج‌ يحيي‌ بن‌ سعيد الثقفي‌ّ الإصبهاني‌ّ في‌ كتابه‌ المسمّي‌ بـ: «مَرَج‌ البَحْرِين‌»، فإنّه‌ روي‌ هذا الحديث‌ بإسناده‌ إلی‌ مشايخه‌، وقال‌ فيه‌: فأخذ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ بِيَدِ علی عليه‌ السلام‌ فقال‌: مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ وَأَوْلَي‌ بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعلی وَلِيُّهُ. فعلم‌ أنّ جميع‌ المعاني‌ راجعة‌ إلی‌ الوجه‌ العاشر. ودلّ عليه‌ أيضاً قول‌ رسول‌ الله‌: أَلَسْتُ أَوْلَي‌ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ وهذا نصّ صريح‌ في‌ إثبات‌ إمامته‌ وقبول‌ طاعته‌. وكذا قول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌: وَأَدِرِ الحَقَّ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ وَكَيْفَمَا دَارَ! و هذا ] الكلام‌ من‌ رسول‌ الله‌ [ بإجماع‌ الاُمّة‌. ألا تري‌ أنّ العلماء إنّما استنبطوا أحكام‌ البغاة‌ من‌ وقعة‌ الجمل‌ وصفّين‌ ». [13]

 وقال‌ محمّد بن‌ طَلْحَة‌ الشافعي‌ّ بعد ذكر حديث‌ الولاية‌ في‌ الغدير وشأن‌ نزول‌ آية‌ التبليغ‌ نقلاً عن‌ « أسباب‌ النُّزول‌ » للواحدي‌ّ، وبعد نقله‌ سبعة‌ معان‌ لكلمة‌ المولي‌: « قول‌ رسول‌ الله‌ في‌ غدير خمّ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ قد اشتمل‌ علی لفظه‌ «مَنْ»، وهي‌ موضوعة‌ للعموم‌. فاقتضي‌ أنّ كلّ إنسان‌ كان‌ رسول‌ الله‌ مولاه‌، كان‌ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ مولاه‌. واشتمل‌ علی لفظه‌ «المَوْلَي‌». وهي‌ لفظة‌ مستعملة‌ بإزاء معان‌ متعدّدة‌ قد ورد القرآن‌ الكريم‌ بها. فتارة‌ تكون‌ بمعني‌ أَوْلَي‌، قال‌ الله‌ في‌ حقّ المنافقين‌: مَأوَ ' كُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ. [14] معناه‌: أولي‌ بكم‌.

 وتارة‌ بمعني‌ الناصر؛ قال‌ الله‌: ذَ ' لِكَ بِأَنَّ اللَهَ مَوْلَي‌ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَأَنَّ الكَـ'فِرِينَ لاَمَوْلَي‌' لَهُمْ.[15] أي‌: لا ناصر لهم‌.

 وتارة‌ بمعني‌ الوَارِث‌؛ قال‌ تعإلی‌: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَ ' لِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَ ' لِدَانِ وَالاْقْرَبُونَ.[16] الموإلی‌ هنا: الورّاث‌. ] جعلنا لكلٍّ ورّاثاً [.

 وتارة‌ بمعني‌ العَصَبَة‌ أي‌: الاقارب‌ من‌ جهة‌ الاب‌. قال‌ الله‌ تعإلی‌ ] علی لسان‌ زكريّا علی نبيّنا وآله‌ وعليه‌ الصلاة‌ والسلام‌ [ وَإِنِّي‌ خِفْتُ الْمَوَ ' لِيَ مِن‌ وَرَآءِي‌. [17] معناه‌ عصبتي‌. ] وقرابتي‌ من‌ أبي‌ [.

 وتارة‌ بمعني‌ الصَّديق‌ والحَميم‌. قال‌ الله‌ تعإلی‌: يَوْمَ لاَ يُغْنِي‌ مَوْلًي‌ عَن‌ مَّوْلًي‌ شَيْئـًا. [18] معناه‌: حميم‌ عن‌ حميم‌، وصديق‌ عن‌ صديق‌، وقرابة‌ عن‌ قرابة‌.

 وتارة‌ بمعني‌ السيّد والمعتق‌. وإذا كانت‌ واردة‌ لهذه‌ المعاني‌، فعلی أيّها حملت‌؟ إمّا علی كونه‌ أولي‌ كما ذهب‌ إلیه‌ طائفة‌؟ أو علی كونه‌ صديقاً حميماً؟ فيكون‌ معني‌ الحديث‌: من‌ كنت‌ أولي‌ به‌ أو ناصره‌؛ أو وارثه‌؛ أو عصبته‌؛ أو حميمه‌ أو صديقه‌؛ فإنّ عليّاً منه‌ كذلك‌.

 وهذا صريح‌ في‌ تخصيصه‌ لعلی عليه‌ السلام‌ بهذه‌ المنقبة‌ العليّة‌؛ وجعله‌ لغيره‌ كنفسه‌ بالنسبة‌ إلی‌ من‌ دخلت‌ عليهم‌ كلمة‌ «مَنْ» التي‌ هي‌ للعموم‌ بما لم‌ تجعله‌ لغيره‌.

 وليعلم‌ أنّ هذا الحديث‌ هو من‌ أسرار قوله‌ تعإلی‌: في‌ آية‌ المُبَاهَلَة‌:

 فَقُلْ تَعَالَواْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ. [19]

 والمراد ] من‌ نفس‌ رسول‌ الله‌ هنا [ نفس‌ علی عليه‌ السلام‌، فإنّ الله‌ قرن‌ بين‌ نفس‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وبين‌ نفس‌ علی. وجمعهما بضمير مضاف‌ إلی‌ نفس‌ رسوله‌. صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌.

 ] و في‌ حديث‌ الولاية‌ يوم‌ الغدير [ أثبت‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ لنفس‌ علی عليه‌ السلام‌ ما هو ثابت‌ لنفسه‌ علی المؤمنين‌ عموماً. فإنّه‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ أولي‌ بالمؤمنين‌، وناصر المؤمنين‌، وسيّد المؤمنين‌. وكلّ معني‌ أمكن‌ إثباته‌ ممّا دلّ عليه‌ لفظ‌ المولي‌ لرسول‌ الله‌، فقد جعله‌ لعلی عليه‌ السلام‌.

 وهي‌ مرتبة‌ سامية‌ ومنزلة‌ سامقة‌ ودرجة‌ عليّة‌ ومكانة‌ رفيعة‌ خصّص‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ بها عليّاً ] عليه‌ السلام‌ [ دون‌ غيره‌. فلهذا صار ذلك‌ إلیوم‌ يوم‌ عيد وموسم‌ سرور لاوليائه‌ ».

 ثمّ أطال‌ ابن‌ طلحة‌ الحديث‌ عن‌ هذا الموضوع‌ مفصّلاً وعرض‌ بحثاً مفيداً وشاملاً ضمّ الاحاديث‌ الدالّة‌ علی منزلة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ بنحو وافٍ. [20]

 وقد نقلنا فيما مضي‌ ستّة‌ عشر معني‌ لكلمة‌ المَوْلَي‌ عن‌ ابن‌ الاثير الجَزَري‌ّ في‌ « النهاية‌ »، [21] فأصبح‌ مجموع‌ معانيها سبعة‌ عشر معني‌ بعد إضافة‌ الاَوْلَي‌.

 الرجوع الي الفهرس

سبعة‌ وعشرون‌ معني‌ لكلمة‌ المَوْلَي‌

القصد من‌ كلمة‌ المَوْلَي‌ الواردة‌ في‌ حديث‌ الغدير

 وذكر العلاّمة‌ الاميني‌ّ سبعة‌ وعشرين‌ معني‌ لكلمة‌ المَوْلَي‌، وهي‌ علی النحو التإلی‌:

 1 ـ الرَّبّ. 2 ـ العَمّ. 3 ـ ابْنُ العَمّ. 4 ـ الابْن‌.ابْنُ الاُخْت‌.المُعْتِقْ.المُعْتَق‌. 8 ـ العَبْد. 9 ـ المَالِك‌.[22] 10ـ التَّابِع‌. 11ـ المُنْعَمُ عَلَيْهِ. 12ـالشَّريك‌. 13ـ الحَلِيف‌. 14 ـ الصَاحِب‌. 15ـ الجَار. 16ـ النَّزيل‌. 17 ـ الصِهْر. 18ـ القَريب‌. 19 ـ المُنْعِمْ. 20ـ العَقِيد. 21ـ الوَلِي‌ّ. 22 ـ الاَولَي‌ بِالشَّي‌ء. 23ـ السَيِّد غَيْرُ المَالِك‌ وغَيْرُ المُعْتِق‌. 24ـ المُحِبّ. 25ـ النَاصِر. 26ـ المُتَّصَرِّف‌ فِي‌ الاَمْرِ 27ـ المُتَوَلِّي‌ فِي‌ الاَمْرِ.

 وتحدّث‌ بعد ذلك‌ عن‌ ضرورة‌ الاخذ ببعض‌ هذه‌ المعاني‌ في‌ حديث‌ الولاية‌ وفيما يلي‌ ملخّص‌ لما ذكره‌.

 « فالمعني‌ الاوّل‌ وهو الربّ، لا يمكن‌ أن‌ يكون‌ هو المراد من‌ المولي‌ في‌ حديث‌ رسول‌ الله‌، لانـّه‌ يلزم‌ من‌ إرادته‌ الكفر. وأمّا المعني‌ الثاني‌ والثالث‌ إلی‌ الثالث‌ عشر، فلا يمكن‌ الاخذ بها أيضاً لانـّه‌ يلزم‌ من‌ إرادتها الكذب‌. ذلك‌ أنـّه‌ لا يصحّ أن‌ نقول‌: كلّ من‌ كان‌ رسول‌ الله‌ عمّه‌، أو معتقه‌ مثلاً، أو مالكه‌، أو شريكه‌، أو حليفه‌، أو عقيده‌، فعلی بن‌ أبي‌ طالب‌ عمّه‌، أو معتقه‌، أو مالكه‌، أو شريكه‌، أو حليفه‌ أيضاً. وأمّا المعني‌ الرابع‌ عشر إلی‌ الثامن‌ عشر، أي‌: الصاحب‌، والجار، والنزيل‌، والصهر، والقريب‌، فلايمكن‌ أن‌ تكون‌ هي‌ المقصودة‌ من‌ الحديث‌، لانـّه‌ يلزم‌ من‌ إرادتها سخافة‌ هذه‌ الخطبة‌ الهامّة‌ وتفاهتها.

 فلا معني‌ لامر رسول‌ الله‌ بالتوقّف‌، ورجوع‌ المتقدّم‌، وبقاء المتأخّر في‌ مكانه‌، في‌ ذلك‌ الحشد الرهيب‌، في‌ أثناء المسير، ورمضاء الهجير. وإبقاء الجميع‌ في‌ محلّ ليس‌ بمنزل‌ فيه‌ علی أساس‌ الوحي‌ الإلهي‌ّ المشفوع‌ بما يشبه‌ التهديد، والناس‌ قد أنهكهم‌ وعثاء السفر، وحرّ الهجير، وحراجة‌ الموقف‌، حتّي‌ أنّ أحدهم‌ ليضع‌ نصف‌ ردائه‌ تحت‌ قدمه‌، والنصف‌ الآخر علی رأسه‌ لجلوسه‌ علی الارض‌ لاستماع‌ الخطبة‌، لئلاّ يرهقه‌ حرّ الارض‌ والسماء. فيرقي‌ رسول‌ الله‌ المنبر المصنوع‌ من‌ أحداج‌ الإبل ليقول‌: إنّ نفسه‌ نعيت‌ إلیه‌، وهو مهتمّ بتبليغ‌ أمر يخاف‌ فوات‌ وقته‌ بانتهاء أيّامه‌، وإنّ له‌ الاهمّيّة‌ الكبري‌ في‌ الدين‌ والدنيا، فيخبرهم‌ بأُمور ليس‌ فيها أي‌ّ فائدة‌، ولاحاجة‌ إلی‌ إعلانها علی الملا بتلك‌ الحالة‌ المذكورة‌، فيقول‌: من‌ كنت‌ مصطحباً أو جاراً له‌، أو نزيلاً عنده‌، أو مصاهراً له‌، أو قريباً منه‌، فعلیبن‌ أبي‌ طالب‌ كذلك‌.

 ونحن‌ لا نحتمل‌ هذا في‌ أحد من‌ أهل‌ العقول‌ الضعيفة‌، فضلاً عن‌ العقل‌ الاوّل‌ والإنسان الكامل‌: نبي‌ّ الرحمة‌، وخطيب‌ البلاغة‌، وعلی هذا، من‌ الإفک الشائن‌ أن‌ نعزو إلی‌ النبي‌ّ إرادة‌ شي‌ء منها.

 وعلی تقدير إرادة‌ شي‌ء منها، فأي‌ّ فضيلة‌ فيها لاميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ حتّي‌ يهنّأ بها في‌ ذلك‌ الجمع‌ الغفير، ويقال‌ له‌: بخّ بخّ لك‌، ويُفضِّلها سعدبن‌ أبي‌ وقّاص‌ في‌ حديثه‌ علی حمر النعم‌ لو كانت‌، أو تكون‌ وأحبّ إلیه‌ من‌ الدنيا وما فيها وإن‌ عمَّر فيها مثل‌ عمر نوح‌؟!

 وأمّا المُنْعِمْ والعقيد. فلا يمكن‌ أن‌ يكونا هما المرادين‌ من‌ المَوْلَي‌ في‌ الحديث‌. لانـّه‌ لا ملازمة‌ في‌ أن‌ يكون‌ كلّ من‌ أنعم‌ عليه‌ رسول‌الله‌، يكون‌ علیبن‌ أبي‌ طالب‌ منعماً عليه‌ أيضاً. ولا ملازمة‌ في‌ أن‌ يكون‌ كلّ من‌ حالفه‌ رسول‌ الله‌، يكون‌ علی عليه‌ السلام‌ حليفاً له‌ أيضاً، إلاّ أن‌ نقول‌: إنّ المراد هو كلّ من‌ كان‌ رسول‌ الله‌ منعماً عليه‌ بالدين‌، والهدي‌، والتهذيب‌، والإرشاد، والعزّة‌ في‌ الدنيا، والنجاة‌ في‌ الآخرة‌، فعلی عليه‌ السلام‌ منعم‌ عليه‌ بذلك‌، لانـّه‌ القائم‌ مقامه‌، وحافظ‌ شرعه‌، ومبلّغ‌ دينه‌، والصادع‌ عنه‌؛ فلهذا أنّ الله‌ أكمل‌ به‌ الدين‌، وأتمّ النعمة‌. فهو حينئذٍ لايبارح‌ معني‌ الإمامة والولاية‌ الذي‌ نحن‌ في‌ صدد إثباته‌ ولاينفكّ عنه‌ ويساوقه‌ بهذه‌ الاسباب‌، لانـّه‌ من‌ معاني‌ الاولويّة‌ التي‌ هي‌ بمعني‌ الرئاسة‌ وصاحب‌ الاختيار.

 ونقول‌ في‌ العقيد: إنّ المراد من‌ العقد، العهود التي‌ كانت‌ تبرم‌ بين‌ رسول‌الله‌، وبين‌ بعض‌ القبائل‌ من‌ أجل‌ إقرار السلم‌ والصلح‌، أو من‌ أجل‌ نصرته‌. وأميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ هذه‌ العهود بمنزلة‌ رسول‌الله‌، يقوم‌ بها لتنظيم‌ السلطة‌ الإسلاميّة‌، والحكومة‌ الإلهيّة‌، والقضاء علی الفوضي‌. وحينئذٍ لا منافاة‌ بينها وبين‌ الولاية‌ بمعني‌ الإمامة والرئاسة‌ الإلهيّة‌ العامّة‌، والقصد متحقّق‌ علی أي‌ّ حال‌.

 وأمّا المُحِبّ والنَّاصِر علی أي‌ّ تقدير كان‌، فلا يمكن‌ أن‌ يكونا هما المقصودين‌ من‌ الحديث‌ الشريف‌، لانـّه‌ إذا كان‌ القصد من‌ قوله‌: مَنْ كُنْتُ مُحِبَّهُ أوْ نَاصِرَهُ فَعلی نَاصِرُهُ أَوْ مُحِبُّهُ، الإخبار بوجوب‌ حبّ المؤمنين‌ علیبن‌ أبي‌ طالب‌ ونصرهم‌ إيّاه‌، أو إنشاء لهذا المعني‌، فيكون‌ معناه‌: من‌ كنت‌ محبّه‌، وناصره‌؛ فعلی محبّه‌ وناصره‌؛ أو أنّ علی علی أن‌ يكون‌ محبّه‌ وناصره‌. فلا ضرورة‌ حينئذٍ أن‌ يكون‌ الإخبار بمحبّة‌ علی ونصره‌ أو إنشاء وجوبهما في‌ ذلك‌ الحشد من‌ الناس‌، وإبلاغهم‌ بذلك‌، بل‌ كان‌ من‌ الضروري‌ّ أن‌ يخبر رسول‌ الله‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ نفسه‌ بذلك‌، أو ينشي‌ وجوبه‌.

 إلاّ أن‌ يكون‌ المراد من‌ الخطبة‌ واستماع‌ الناس‌ جلب‌ عواطف‌ الملا وتشديد حبّهم‌ لعلی عليه‌ السلام‌ إذا علموا أنّ أميرالمؤمنين‌ في‌ درجة‌ النبي‌ّ الاكرم‌ محبّهم‌ وناصرهم‌. لذلك‌ وجب‌ عليهم‌ أن‌ يتّبعوه‌، ولايخالفوا له‌ أمراً ولا يردّوا له‌ قولاً.

 ولمّا صدّر رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ كلامه‌ بقوله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ، نعلم‌ أنـّه‌ علی هذا التقدير لا يريد من‌ المحبّة‌ أو النصرة‌ إلاّ ما هو علی الحدّ الذي‌ هو فيه‌ بالنسبة‌ إلی‌ أفراد المؤمنين‌. فلهذا تكون‌ لعلی عليه‌ السلام‌ هذه‌ المحبّة‌ والنصرة‌ للناس‌.

 وحينئذٍ فإنّ هذا النوع‌ من‌ المحبّة‌ والنصرة‌ ستكون‌ كمحبّة‌ رسول‌الله‌ ونصرته‌ تخصّه‌ بما أنـّه‌ زعيم‌ الدين‌ والدنيا، ومالك‌ الامر، وحافظ‌ كيانهم‌. وهذا هو معني‌ الاولويّة‌ بهم‌ من‌ أنفسهم‌. فإنّه‌ لو لم‌ يفعل‌ بهم‌ ذلك‌، لاجفلتهم‌ الذئاب‌ العادية‌، وانتاشتهم‌ الوحوش‌ الكاسرة‌، وستمتدّ أيدي‌ العناد من‌ كلّ حدب‌ وصوب‌، فمن‌ غارات‌ تشنّ، و أموال‌ تباح‌، ونفوس‌ تُزهق‌، وحُرمات‌ الله‌ تُهتك‌. فينتقض‌ الغرض‌ من‌ بثّ الدعوة‌ وبَسْط‌ نظام‌ الدين‌. ومن‌ الطبيعي‌ّ أنّ من‌ كان‌ في‌ المحبّة‌ والنصرة‌ علی هذا الحدّ، فهو خليفة‌الله‌ في‌ أرضه‌، وخليفة‌ رسوله‌. وهذا هو معني‌ الولاية‌ الإلهيّة‌ الكبري‌.

 وإذا كان‌ المراد من‌ الحديث‌ الإخبار بوجوب‌ محبّة‌ ونصرة‌ علیبن‌ أبي‌ طالب‌ علی جماعة‌ المؤمنين‌ أو إنشاء لهذا المعني‌، فيكون‌ المعني‌: من‌ كنت‌ محبّه‌ وناصره‌، فهو محبّ علی بن‌ أبي‌ طالب‌ وناصره‌؛ أو أنّ عليه‌ أن‌ يكون‌ محبّاً وناصراً لعلی. وحينئذٍ لم‌ يكن‌ هذا المعني‌ جديداً فيحتاج‌ إلی‌ خطبة‌، وجمع‌ للناس‌ بالنحو المارّ ذكره‌، ذلك‌ أنـّنا نعلم‌ أنـّه‌ لمّا كان‌ أميرالمؤمنين‌ أحد المؤمنين‌، فالناس‌ يحبّونه‌ أو عليهم‌ أن‌ يحبّوه‌ وفقاً للآيات‌ القرآنيّة‌ الكريمة‌.

 يضاف‌ إلی‌ ذلك‌، لو كان‌ المراد من‌ الحديث‌ الإنشاء أو الإخبار عن‌ محبّة‌ المسلمين‌ أو نصرتهم‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فينبغي‌ أن‌ يقول‌: مَنْ كَانَ مَوْلاَي‌َ فَهُوَمَولَي‌ علی. أي‌: من‌ كان‌ محبّي‌ أو ناصري‌ّ، فهو محبّ علی وناصره‌. بينما نجد أنّ معني‌ المولي‌ هو المحبّ والناصر، لاالمحبوب‌ والمنصور. ولذلك‌ لا يمكن‌ حمل‌ الحديث‌ علی هذا المعني‌. ولعلّ سبط‌بن‌ الجوزي‌ّ نظر إلی‌ هذا المعني‌، وقال‌ في‌ تذكرته‌، ص‌ 19: لم‌يجز حمل‌ لفظ‌ المَوْلَي‌ في‌ هذا الحديث‌ علی الناصر.

 علی أنّ وجوب‌ المحبّة‌ والنُّصرة‌ غير مختصّ بأمير المؤمنين‌، وإنّما هو شرع‌ سواء بين‌ المسلمين‌ أجمع‌، أن‌ يحبّوا كافّة‌ المؤمنين‌ وينصروهم‌. فما وجه‌ تخصيصه‌ بأمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌؟ وإن‌ أُريد محبّة‌ أو نصرة‌ مخصوصة‌ له‌ تربو علی درجة‌ الرعيّة‌، كوجوب‌ المتابعة‌، وامتثال‌ الاوامر، والتسليم‌ له‌، فهو معني‌ الحُجِّيَّة‌ والإمامة، لا سيّما بعد مقارنتها بما هو مثلها في‌ النبي‌ّ الاكرم‌ بقوله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مُوْلاَهُ. والتفكيك‌ بينهما في‌ سياق‌ واحد إبطال‌ للكلام‌.

 الرجوع الي الفهرس

المَوْلَي‌ في‌ حديث‌ الغدير بمعني‌ الاَوْلَي‌

 تحدّثنا إلی‌ الآن‌ عن‌ اثنين‌ وعشرين‌ من‌ المعاني‌ السبعة‌ والعشرين‌ التي‌ ذكرناها للمولي‌. واتّضح‌ أنّ أيّاً منها لا يمكن‌ أن‌ يكون‌ هو المراد من‌ لفظ‌ المَوْلَي‌ في‌ حديث‌ الولاية‌؛ فلم‌ يبق‌ منها إلاّ خمسة‌ معانٍ هي‌: 1ـالوَلِي‌ّ. 2ـالاَوْلَي‌ بِالشَّي‌ء. 3 ـ السَيِّد ( غير المالك‌ أو المعتق‌؛ فلايقال‌ له‌: مَوْلَي‌ بلحاظ‌ هذا المعني‌، بل‌ للسيادة‌ نفسها لا غير ). 4ـالمُتَصَرِّف‌ في‌ الاَمْرِ. 5ـالمُتَوَلِّي‌ فِي‌ الاَمْرِ.

 أمّا السيِّد فهو الاولي‌ بالشي‌ء من‌ حيث‌ السيادة‌ الدينيّة‌ العامّة‌ علی الاُمّة‌ الإسلاميّة‌، لانـّه‌ لا معني‌ أن‌ يعطي‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ سيادة‌ لابن‌ عمّة‌ وفيها عسف‌ وظلم‌ مع‌ أنّ سيادته‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ إلهيّة‌.

 وكذلك‌ المتصرّف‌ في‌ الامر، فلابدّ أن‌ يكون‌ معناه‌ التصرّف‌ الإلهي‌ّ المعنوي‌ّ المساوق‌ للسيادة‌ والولاية‌ السبحانيّة‌. وذكر كثيرون‌ أنّ التصرّف‌ في‌ الامر بمعني‌ الولاية‌، كما قال‌ الفخر الرازي‌ّ في‌ تفسيره‌ الآية‌ المباركة‌: وَاعْتَصِمُوا بِاللَهِ هُوَ مَوْلَیـ'كُمْ.[23] عن‌ القفّال‌، إذ قال‌ القفّال‌: «هُوَ مَوْلَیـ'كُمْ» يَعْنِي‌ سَيِّدَكُمْ وَالمُتَصَرِّفَ فِيكُمْ. وذكرهما أيضاً سعيد الحلبي‌ّ مفتي‌ الروم‌، وشهاب‌الدين‌ أحمد الخفّاجي‌ّ في‌ تعليقهما علی تفسير « البيضاوي‌ّ » وعدّة‌ في‌ « الصواعق‌ » من‌ معانيه‌ الحقيقيّة‌. وحذا حذوه‌ كمال‌ الدين‌ الجهرمي‌ّ في‌ « ترجمة‌ الصواعق‌ »، ومحمّد بن‌ عبد الرسول‌ البرزَنْجي‌ّ في‌ « النواقض‌ »، والشيخ‌ عبدالحقّ في‌ لمعاته‌.

 ولذلك‌ فإنّ المراد بهذا المولي‌ المتصرّف‌ الذي‌ قيّضه‌ الله‌ سبحانه‌ لان‌ يُتَّبَع‌، وإلی‌ مدارج‌ ومعارج‌ الإنسانية‌ّ؛ فهو أولي‌ من‌ غيره‌ بأنحاء التصرّف‌ في‌ المجتمع‌ الإنساني‌ّ. فليس‌ هو إلاّ نبي‌ّ مبعوث‌ أو إمام‌ مفترض‌ الطاعة‌ منصوص‌ عليه‌ من‌ قبل‌ ذلك‌ النبي‌ّ بأمر إلهي‌ّ.

 وكذلك‌ المُتَوَلِّي‌ في‌ الاَمْرِ وصاحب‌ الاختيار فإنّه‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ بهذا المعني‌ حتّي‌ يتسنّي‌ له‌ أن‌ يتولّي‌ أُمور الناس‌ من‌ قبل‌ الله‌ بحقّ فيسوقهم‌ إلی‌ الكمال‌.

 وعدّ أبو العبّاس‌ المبرِّد متولّي‌ الامر من‌ معاني‌ المَوْلَي‌. قال‌ في‌ قوله‌: بِأَنَّ اللَهَ مَوْلَي‌' الَّذِينَ ءَامَنُوا:[24] الوَلِي‌ّ والمَوْلَي‌ معناهما سواء. وأبوالحسن‌ الواحدي‌ّ في‌ تفسيره‌ « الوسيط‌ »، والقرطبي‌ّ في‌ تفسيره‌ للآية‌ الشريفة‌: بَلِ اللَهُ مَوْلَیـ'كُمْ. [25] وابن‌ الاثير في‌ « النهاية‌ »، والزبيدي‌ّ في‌ « تاج‌ العروس‌»، وابن‌ منظور في‌ « لسان‌ العرب‌ ». فإنّهم‌ ذكروا هذا المعني‌ للمولي‌، وقالوا: ومنه‌ الحديث‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌: أَيُّمَا امْرَأَةٍ نكحَتْ بِغَيْرِإِذْنِ مَوْلاَهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ. وفي‌ رواية‌: بِغَيْرِإِذْنِ وَلِيَّها، أي‌: متولّي‌ أمرها.

 وذكره‌ البيضاوي‌ّ في‌ ثلاثة‌ مواضع‌ من‌ تفسيره‌: في‌ قوله‌ تعإلی‌: مَا كَتَبَ لَنَا هُوَ مَوْلَیـ'نَا، [26] وقوله‌ تعإلی‌: وَاعْتَصِمُوا بِاللَهِ هُوَ مَوْلَیـ'كُمْ، [27] وقوله‌ تعإلی‌: وَاللَهُ مَوْلَیـ'كُمْ. [28]

 وذكر أبو السُّعُود العمادي‌ّ في‌ تفسيره‌ أنّ المراد بالمولي‌: متولّي‌ الامر، وذلك‌ في‌ تفسير قوله‌ تعإلی‌:وَاللَهُ مَوْلَیـ'كُمْ[29]، وقوله‌: هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ،[30] وكذلك‌ ذكره‌ الراغب‌ الإصفهاني‌ّ في‌ مفرداته‌.

 وعن‌ أحمد بن‌ الحسن‌ الزاهد الدرواجكي‌ّ في‌ تفسيره‌: المَوْلَي‌ فِي‌ اللُّغَةِ مَنْ يَتَوَلَّي‌ مَصَالِحَكَ فَهُوَمَوْلاَكَ يَلِي‌ القِيَامَ بِأُمُورِكَ وَيَنْصُرُكَ علی أَعْدَائِكَ. و لهذا سمّي‌ ابن‌ العمّ، والمعتِق‌ مَولي‌. ثمّ صار اسماً لمن‌ لزم‌ الشي‌ء ولايفارقه‌.

 وكذلك‌ ذكر هذا المعني‌ الزمخشري‌ّ في‌ « الكشّاف‌ »، وأبو العبّاس‌ أحمدبن‌ يوسف‌ الشيباني‌ّ في‌ « تلخيص‌ الكشّاف‌ » والنَّسَفِي‌ّ في‌ تفسيره‌، في‌ قوله‌ تعإلی‌: أَنتَ مَوْلَیـ'نَا[31]، والنيسابوري‌ّ في‌ « غرائب‌ القرآن‌ » في‌ قوله‌: أَنتَ مَوْلَیـ'نَا، وفي‌ قوله‌: فَاعْلَمُو´ا أَنَّ اللَهَ مَوْلَیـ'كُمْ، [32] وقوله‌: هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ. [33]

 وسار علی هذا النهج‌ السيوطي‌ّ في‌ « تفسير الجلإلین‌ » حين‌ أخذ معني‌ المولي‌ في‌ قوله‌: تعإلی‌: أَنتَ مَوْلَیـ'نَا، وقوله‌: فَاعْلَمُو´ا أَنَّ اللَهَ مَوْلَیـ'كُمْ، وقوله‌: قُلْ لَن‌ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَهُ لَنَا هُوَ مَوْلَیـ'نَا.[34] بمعني‌: مُتَوَلّي‌ أَمْرِنَا.

 فهذا بحث‌ حول‌ المعاني‌ العديدة‌ للمولي‌، وعلمنا أنّ الولاية‌ في‌ الحديث‌ الشريف‌ لا تعني‌ غير الرئاسة‌ الكلّيّة‌، والإمامة الإلهيّة‌، وأنّ الاُمَّة‌ الإسلاميّة‌ بِيَدِ النبي‌ّ الاعظم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌.

 يضاف‌ إلی‌ ذلك‌، أنّ الذي‌ نرتأيه‌ في‌ خصوص‌ المقام‌ بعد الخوض‌ في‌ غمار اللغة‌، ومجاميع‌ الادب‌، وجوامع‌ العربيّة‌ أنّ الحقيقة‌ من‌ معاني‌ المولي‌ ليس‌ إلاّ الاولي‌ بالشي‌ء، وهو الجامع‌ لهاتيك‌ المعاني‌ جمعاء، ومأخوذ في‌ كلّ منها بنوع‌ من‌ العناية‌. إذَنْ فليس‌ للمولي‌ إلاّ معني‌ واحد، وهو الاولي‌ بالشي‌ء. وتختلف‌ هذه‌ الاولويّة‌ بحسب‌ الاستعمال‌ في‌ كلّ من‌ موارده‌. وقد سبقنا إلی‌ هذه‌ النظريّة‌ ابن‌ البطريق‌ في‌ « العمدة‌ »، وهو أحد أعلام‌ الطائفة‌ في‌ القرن‌ السادس‌. وتطفح‌ بشي‌ء من‌ ذلك‌ كلمات‌ غيرواحد من‌ علماء أهل‌ السنّة‌ حيث‌ ذكروا المناسبات‌ في‌ جملة‌ من‌ معاني‌ المولي‌ تشبه‌ ما ذكرنا.

 ويكشف‌ عن‌ كون‌ المعني‌ الاوّل‌ ( أي‌ الاولي‌ بالشي‌ء ) هو المتبادر من‌ المولي‌ إذا أُطلق‌، ما رواه‌ مسلم‌ بإسناده‌ في‌ صحيحه‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌: لاَ يَقُلِ العَبْدُ لِسَيِّدهِ: مَوْلاَي‌َ. وزاد في‌ حديث‌ أبي‌ مُعَاوِية‌: فَإِنَّ مَوْلاَكُمُ اللَهُ. وأخرجه‌ غير واحد من‌ أئمّة‌ الحديث‌ في‌ تإلیفهم‌. [35]

 وقال‌ الشيخ‌ أبو الفتوح‌ الرازي‌ّ: لا يحتمل‌ من‌ المعاني‌ الواردة‌ في‌ كلمة‌ المَوْلَي‌، في‌ الحديث‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ أي‌ معني‌ غير الاَوْلَي‌، أو السَيِّد المُطَاع‌، كما خاطب‌ الاخْطَل‌ عبد الملك‌ بن‌ مروان‌ بذلك‌، وكان‌ نصرانيّاً. ولايمكن‌ أن‌ يتّهم‌ الاخطل‌ بأنّ له‌ غرضاً في‌ ذلك‌، أو أنـّه‌ يميل‌ إلی‌ هذا المذهب‌ وأتباعه‌. وكان‌ ممدوحه‌ عَلَماً في‌ عدائه‌ لاهل‌ البيت‌. يخاطبه‌ فيقول‌:

 فَمَا وَجَدَتْ فِيهَا قُرَيشٌ لاِهْلِهَا                 أعَفَّ وَأَوفَي‌ مِنْ أَبِيكَ وَأَمْجَدَا

 وَأَوْرَي‌ بِزَنْدَيْهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ                    غَدَاةَ اخْتِلاَفِ النَّاسِ أَكْدَي‌ وَأصْلَدَا

 فَأصْبَحْتَ مَوْلاَهَا مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ                        وَأحْرَي‌قُرَيشٍ أنْ يُجَابَ وَيُحْمَدَا

 وعلی أي‌ّ حال‌، فإنّه‌ أراد بالمولي‌: السَيِّد والاَوْلَي‌. [36]

 ومن‌ الابيات‌ التي‌ جاء فيها التصريح‌ بإمامة‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ و إمارته‌ ويستفاد ذلك‌ من‌ لفظ‌ المَوْلَي‌، أبيات‌ عمرو بن‌ العاص‌ من‌ قصيدة‌ طويلة‌ أنشدها في‌ مدح‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ وبيان‌ منزلته‌ ومقامه‌ وإمامته‌ وإمارته‌. وبعث‌ بها إلی‌ معاوية‌ حين‌ دعاه‌ إلی‌ نصرته‌ في‌ رسالة‌ أرسلها إلیه‌ وهو مقيم‌ في‌ فلسطين‌. فكتب‌ إلیه‌ عمرو بن‌ العاص‌ جواباً يضمّ هذه‌ القصيدة‌. وأراد أن‌ يشعره‌ أنـّه‌ دعاه‌ إلی‌ نصرته‌ ليجعله‌ في‌ مواجهة‌ هذه‌ الشخصيّة‌ الرفيعة‌! وأنّ حظّه‌ من‌ هذه‌ الدعوة‌ ينبغي‌ أن‌ يكون‌ عظيماً ذا قيمة‌، لا تافهاً لا شأن‌ له‌. ومن‌ أبيات‌ هذه‌ القصيدة‌ الدالّة‌ علی ما نحن‌ بصدده‌، هذه‌ الابيات‌:

 وَكَمْ قَدْ سَمِعْنَا مِنَ المُصْطَفَي               ‌ وَصَايَا مُخَصَّصَةً فِي‌ علی

 وفي‌ يَوْمِ خُمٍّ رَقَي‌ مِنْبَراً                         وَبَلَّغَ وَالصَّحْبُ لَمْ تَرْحَلِ

 فَأَمْنَحَهُ إمْرَةَ المُؤْمِنِينْ              مِنَ اللَهِ مُسْتَخْلِفِ المُنْحِلِ

 وَفِي‌ كَفِّهِ كَفُّهُ مُعْلِنَاً                  يُنَادِي‌ بِأمْرِ العَزِيزِ العلی

 وَقَالَ: فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَيً لَهُ                      علی لَهُ إلیوْمَ نِعْمَ الوَلِي[37]

 الرجوع الي الفهرس

شعر أبي‌ تمّام‌ الطائي‌ّ والعَبْدي‌ّ الكوفي‌ّ في‌ الغدير

 وقال‌ الشاعر العربي‌ّ المعروف‌ أبو تمّام‌، وهو من‌ شعراء القرنين‌ الثاني‌ والثالث‌، قال‌ في‌ هذا الموضوع‌:

 وَيَوْمَ الغَدِيرِ اسْتَوْضَحَ الحَقُّ أهْلَهُ                        بِضَحْيَاءَ لاَ فِيهَا حِجَابٌ وَلاَ سِتْرُ

 أَقَامَ رَسُولُ اللَهِ يَدْعُوهُمْ بِهَا                   لَيَقْرَبَهُمْ عُرْفٌ يَنَهاهُمُ نُكْرُ

 يَمُدُّ بِضَبْعَيْهِ وَيُعْلِمُ: أَنـَّهُ             وَلِي‌ٌّ وَمَوْلاَكُمْ فَهَلْ لَكُمُ خُبْرُ؟!

 يُرُوحُ وَيَغْدُو بِالبَيَانِ لِمَعْشَرٍ                     يِرُوحُ بِهِمْ غَمْرٌ وَيَغْدُو بِهِمْ غَمْرُ

 فَكَانَ لَهُمْ جَهْرٌ بِإثْبَاتِ حَقِّهِ                     وَكَانَ لَهُمْ فِي‌ بَزِّهِمْ حَقَّهُ جَهْرُ [38]

 ومن‌ قصيدة‌ طويلة‌ لشاعر أهل‌ البيت‌ العبدي‌ّ الكوفي‌:

 وَكَانَ عَنْهَا لَهُمْ فِي‌ خُمِّ مُزْدَجِرٌ               لَمَّا رَقَي‌ أَحْمَدُ الهَادِي‌ علی قَتَبِ

 وَقَالَ وَالنَّاسُ مِنْ دَانٍ إلیهِ وَمِنْ               ثَاوٍ لَدَيْهِ وَمِنْ مُصْغٍ وَمُرْتَقِبِ

 قُمْ يَا علی فَإنِّي‌ قَدْ أُمِرْتُ بَأنْ                 أُبَلِّغَ النَّاسَ وَالتَّبْلِيغُ أجْدَرُ بِي‌

 إنّي‌ نَصَبْتُ عَلِيَّاً هَادِياً عَلَماً                     بَعْدي‌ وَإنَّ عَلِيَّاً خَيْرُ مُنْتَصِبِ

 فَبَايَعُوكَ وَكُلٌّ بَاسِطٌ يَدَهُ             إلیكَ مِنْ فَوقِ قَلْبٍ عَنْكَ مُنْقَلِبِ

 عَافَوْكَ لاَ مَانِعٌ طَولاً وَلاَ حَصَرٌ                  قَوْلاً وَلاَ لَهَجٌ بِالغِشِّ وَالرِّيَبِ

 وَكُنْتَ قُطْبَ رَحَي‌ الإسْلاَمِ دُونَهُمُ                       وَلاَ تَدُورُ رَحيً إلاَّ علی قُطْبِ

 وَلاَ تُمَاثِلُهُمْ فِي‌الفَضْلِ مَرْتَبَةً                  وَلاَ تُشَابِهُهُمْ فِي‌ البَيْتِ وَالنَّسَبِ [39]

 فهذه‌ كلّها شواهد تدلّ علی أنّ المَوْلَي‌ هو الإمام والحاكم‌ علی مقدّرات‌ الناس‌، والمفوّضة‌ إلیه‌ من‌ الله‌ تعإلی‌ شؤونهم‌ الدنيويّة‌ والاُخرويّة‌. أي‌: أنّ من‌ بلغ‌ مقام‌ الفناء في‌ الله‌، ولم‌ يبق‌ بينه‌ وبين‌ الحقّ أي‌ّ بُعْد أو فاصلة‌ في‌ سير مراتب‌ التقرّب‌، فإنّ جميع‌ الحجب‌ والفواصل‌ الظلمانيّة‌ والنورانيّة‌ قد رفعت‌. وهذه‌ هي‌ حقيقة‌ الولاية‌ التي‌ تمثّل‌ مقام‌ العبوديّة‌ الحقّة‌ الحقيقيّة‌ وآخر درجة‌ من‌ الكمالات‌ البشريّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

رجال‌ الادب‌ العربي‌ّ يرون‌ أنّ المَوْلَي‌ يعني‌الإمام والاَوْلَي‌

 وإذا استثنينا أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ والشعراء المعاصرين‌ لرسول‌الله‌ والائمّة‌ الطاهرين‌ سلام‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌ الذين‌ ذكرناهم‌ إلی‌ الآن‌، فإنّنا نجد كثيراً من‌ الشعراء الكبار المعروفين‌ بفضلهم‌ وبلاغتهم‌ وأدبهم‌، سواء الذين‌ كانوا معاصرين‌ للائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ أم‌ المتأخّرين‌ عنهم‌، قد نظموا القصائد العصماء في‌ الغدير والولاية‌، وفضائل‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ومحاسنه‌ ومناقبه‌. ويستفاد منها معني‌ المولي‌ المستنبط‌ من‌ الاحاديث‌ التي‌ جاءت‌ فيها كلمة‌ الولاية‌ أو الْمَوْلَي‌. وقد اتّفق‌ أهل‌ العربيّة‌ علی كلامهم‌ وشعرهم‌ واستشهدوا بهما. ومن‌ هؤلاء الشعراء: دِعْبِل‌ الخُزاعي‌ّ، والامير أبو فِرَاس‌، وا لحُسَيْن‌ بن‌ الحَجَّاج‌، والحمَّاني‌ّ الكُوفي‌ّ، والشريف‌ المُرْتَضَي‌ عَلَمُ الهُدَي‌، والشريف‌ الرضِي‌ّ، وابن‌ الرومي‌ّ، والصِنَّوْبَري‌ّ، والمُفَجِّع‌، والصَّاحِبُ بنُ عَبَّاد، والنَاشِي‌ء الصَغير، وابن‌ عَلَوِيَّة‌، وابن‌ حَمَّاد، وابن‌ طَبَاطَبا، وابن‌ العُودي‌ّ النيلي‌ّ، والجَوهري‌ّ، والزَّاهي‌ّ، والتَّنُوخي‌ّ، والصَّوْلي‌ّ النيلي‌ّ، وأبو العَلاَ السَّروِي‌ّ، وَمَهْيَار، [40] والفَنْجكِرْدي‌ّ، وَأبُو الفَرَج‌ الرازي‌ّ. وقد ذكرنا قريباً بعض‌ هؤلاء، ونقلنا من‌ شعرهم‌ الرائع‌ نماذج‌ تدلّ علی ما نحن‌ فيه‌. فهل‌ لاحد أن‌ يرتاب‌ في‌ معاني‌ كلمات‌ هؤلاء الاعلام‌، التي‌ عُدَّ بَعضها أصل‌ العربيّة‌ وأُصُولها؟

 الرجوع الي الفهرس

 بحث‌و تحقيق دقيق‌ في‌ معني‌ الحقيقي‌ّ والجذري لكلمة‌‌ّ المَوْلَي‌ والاوْلَي‌

الاستشهاد ببيت‌ لُبَيْد من‌ المعلّقات‌ السبع‌ في‌ تفسير كلمة‌ المولي‌

 ينبغي‌ّ أن‌ نعلم‌ أنّ كثيراً من‌ مفسّري‌ العامّة‌ قالوا في‌ تفسير الآية‌ الواردة‌ في‌ سورة‌ الحديد: إلیوْمَ لاَيُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَیـ'كُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ: [41] إنّ المولي‌ هنا بمعني‌ الاولي‌، أي‌: النار أولي‌ بكم‌. ومن‌ هؤلاء: الكلبي‌ّ، والزجّاج‌، والفَرّاء، وأبو عُبَيْدَة‌. [42] وأبو عُبَيْدَة‌ هو: مُعَمر بن‌ مُثَنَّي‌ البَصْري‌ّ المتوفّي‌ سنة‌ 210 ه. وبناءً علی ما قاله‌ كثير من‌ أعلام‌ العربيّة‌ كالشريف‌ المرتضي‌ علم‌ الهدي‌، والاخفش‌ الاوَسط‌: سَعيد بن‌ مسعدة‌، وابن‌ قُتَيبَة‌، وثعلب‌: أحمد بن‌ يحيي‌، وأبوبكر الانباري‌ّ، وشهاب‌ الدين‌ أحمد الخَفَاجي‌ّ، فإنّ أبا عبيده‌ استشهد هنا ببيت‌ لبيدبن‌ ربيعة‌. والإجماع‌ قائم‌ علی أنّ المراد بالمولي‌ في‌ بيت‌ لبيد هو الاولي‌. وقد نقلنا قبلاً شيئاً من‌ شعر لبيد عن‌ تفسير أبي‌ الفتوح‌. وفيما يلي‌ عدد من‌ أبيات‌ قصيدته‌، نقلاً عن‌ ديوانه‌، ليستبين‌ الموضوع‌ جيّداً:

 وَتُضِي‌ءُ فِي‌ وَجْهِ الظَّلاَم‌ مُنِيرَةً              كَجُمَانَةِ البَحْرِي‌ِّ سُلَّ نِظَامُهَا

 حَتَّي‌ إذَا انْحَسَرَ الظَّلاَمُ وَأسْفَرَتْ                        بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَي‌ أزْلاَمُهَا

 عَلِمَتْ تَرَدَّدُ فِي‌ نُهَاءِ صَعَائِدٍ [43]               سَبْعَاً تُؤاماً كامِلاً أيَّامُهَا

 حَتَّي‌ إذَا يَئِسَتْ وَأَسْحَقَ حَالِقٌ              لَمْ يُبْلِهِ إرْضَاعُهَا وَفِطَامُهَا

 وَتَوَجَّسَتْ رِزَّ الاَنِيسِ [44] فَرَاعَهَا              عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ وَالاَنِيسُ سَقَامُهَا

 فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنـَّهُ               مَوْلَي‌ المَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُهَا [45]

 وتبلغ‌ هذه‌ القصيدة‌ ثمانية‌ وثمانين‌ بيتاً. يصف‌ الشاعر في‌ هذه‌ الابيات‌ بقرة‌ وحشيّة‌ جميلة‌ وصفاً في‌ غاية‌ الحسن‌ والروعة‌ إذ صادوا ولدها وهي‌ حائرة‌ قلقة‌ خوفاً من‌ بني‌ آدم‌، وكانت‌ تبحث‌ عنه‌ في‌ الفيافي‌ ليإلی‌ وأيّاماً؛ وسيطر عليها الخوف‌ حتّي‌ لم‌ تجد وجهة‌ خاصّة‌ لدهشتها وخوفها، بل‌ كانت‌ تري‌ أمامها وخلفها كلّ واحد منهما مولي‌ المخافة‌، أي‌: أولي‌ بالخوف‌ منه‌.

 1 ـ هذه‌ البقرة‌ البيضاء تضي‌ء في‌ أوّل‌ الليل‌ كاللؤلؤ البحري‌ّ المنظّم‌ في‌ سلسلة‌ واحدة‌، وهاهي‌ السلسلة‌ قد انقطعت‌ وتناثرت‌ حبّاتها علی الارض‌، فهي‌ تتلالا في‌ نقاط‌ مختلفة‌. وتنقل‌ من‌ مكان‌ إلی‌ مكان‌ بيضاء متلالئة‌.

 2 ـ وهكذا إلی‌ أن‌ انجلي‌ الظلام‌ وخرجت‌ في‌ بياض‌ الصبح‌ مبكّرة‌ فتزلّ قوائمها عن‌ التراب‌ الندي‌ّ، وهي‌ تبحث‌ عن‌ ولدها.

 3 ـ وكانت‌ في‌ جزع‌ دائم‌ بسبب‌ فقدان‌ ولدها، وجاءت‌ في‌ مواضع‌ الماء المرتفعة‌، وتردّدت‌ في‌ الصعائد سبع‌ ليال‌ بأيّامها علّها تتثف‌ ولدها.

 4 ـ وتردّدت‌ هذه‌ البقرة‌ كثيراً إلی‌ أن‌ يئست‌ من‌ ولدها، وصار ضرعها الممتلي‌ لبناً خلقاً لانقطاع‌ لبنها؛ ولم‌ يبل‌ ضرعها إرضاعها ولدها ولافطامها إيّاه‌ ( وإنّما أبلاه‌ حزنها علی ولدها ).

 5 ـ وأحسّت‌ في‌ هذه‌ الحال‌ صوت‌ الناس‌ فأفزعها ذلك‌ بدون‌ أن‌ تشاهدهم‌، وإنّما سمعته‌ عن‌ ظهر غيب‌. ذلك‌ أنّ الناس‌ سقامها لانـّهم‌ يأخذونها ويصيدونها.

 6 ـ وخافت‌ خوفاً شديداً حتّي‌ أنـّها لا تعرف‌ أي‌ فرجة‌ بين‌ أطرافها أولي‌ بالخوف‌، أمامها أو خلفها ( أي‌: كان‌ فزعها علی درجة‌ أنـّها لم‌تفهم‌ جهة‌ الخطر ومجي‌ء الإنسان، بل‌ كانت‌ تري‌ الخطر محدقاً بها من‌ جميع‌ الجوانب‌ ).

 وجاء في‌ شرح‌ المعلّقات‌ عند شرح‌ هذا البيت‌: قال‌ ثعلب‌: إنّ الَمَوْلَي‌ في‌ هذا البيت‌ بمعني‌ الاولي‌ بالشي‌ء، كقوله‌ تعإلی‌: النَّارُ هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ أي‌: هِيَ الاَوْلَي‌ بِكُمْ. فيكون‌ المعني‌: فغدت‌ البقرة‌ وهي‌ تحسب‌ أنّ كلا فرجيها مولي‌ المخافة‌.

 أو أنّ الفَرْج‌ ( الفاصل‌ بين‌ إلیدين‌ والرجلين‌ ) هو موضع‌ المخافة‌. فيكون‌ المعني‌: تحسب‌ تلك‌ البقرة‌ أنّ كلّ فرج‌ من‌ فرجيها هو الاولي‌ بالمخافة‌ منه‌.[46]

 كان‌ لُبَيْد أحد شعراء الجاهليّة‌. وأفضل‌ شعر له‌ في‌ الجاهليّة‌ قصيدتان‌: معلّقته‌، ولاميّته‌ التي‌ جاء فيها هذا البيت‌:

 ألاَ كُلُّ شَي‌ءٍ مَا خَلاَ اللَهَ بَاطِلُ                وَكُلُّ نَعِيمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ

 وعندما أُنشد هذا البيت‌ بين‌ يدي‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قال‌: أصْدَقُ شِعْرٍ قَالَتْهُ العَرَبُ.

 أدرك‌ لبيد الإسلام‌، و أسلم‌؛ وعمّر حتّي‌ زمان‌ عثمان‌، فكان‌ أحد المعمّرين‌ الطاعنين‌ في‌ السنّ. ومن‌ ترجم‌ له‌، ذكر أنّ عمره‌ لم‌ يقل‌ عن‌ مائة‌ وعشر سنين‌. وقيل‌: بلغ‌ مائة‌ وسبع‌ وخمسين‌ سنة‌.

 ومن‌ الذين‌ صرّحوا بأنّ معني‌ المولي‌ في‌ الآية‌: هِيَ مَوْلاَكُمْ: الاولي‌: البُخاري‌ّ، وأبو جعفر الطَبَري‌ّ،[47] وأبو الحسن‌ الواحدي‌ّ في‌ « الوسيط‌ »، وأبو الفرج‌بن‌ الجوزي‌ّ،[48] ومحمّد بن‌ طلحة‌ الشافعي‌ّ،[49] وسبط‌ بن‌ الجوزي‌ّ، [50] والتفتازاني‌ّ في‌ « شرح‌ المَقَاصِد » نقلاً عن‌ أبي‌ عبيدة‌، [51] وابن‌ الصَبَّاغ‌ المالكي‌ّ، [52] والسيوطي‌ّ، [53] وغيرهم‌.

 وذكر الشيخ‌ المفيد في‌ رسالة‌ صنّفها في‌ معني‌ المَوْلي‌، والشريف‌ المرتضي‌ علم‌ الهدي‌ في‌ كتاب‌ « الشافي‌ » أنّ المَوْلَي‌ بمعني‌ الاوْلَي‌. وفي‌ ضوء هذا النهج‌ استدلّوا علی إمامة‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ أفضل‌ صلوات‌ المصلّين‌.

 وقال‌ القوشجي‌ّ في‌ « شرح‌ تجريد الاعتقاد » في‌ شرح‌ قول‌ الخواجة‌ نصيرالدين‌: وَلِحَدِيثِ الغَدِيرِ المُتَوَاتِرِ في‌ تقرير استدلال‌ الشيعة‌: أحد معاني‌ المَوْلَي‌، الاولي‌ في‌ التصرّف‌، قال‌ الله‌: مَأْوَیـ'كُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ، أي‌: أَولَي‌ بِكُمْ وذكر أبو عبيدة‌ هذا المعني‌؛ وقال‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: أيُّمَا امْرَأةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلاَهَا يعني‌: بِغَيْرِ إذنِ الاَوْلَي‌ بِهَا وَالمَالِكِ لِتَدْبيرِ أَمْرِهَا. ومثل‌ هذا في‌ الشعر كثير.

 وبالجملة‌ فإنّ استعمال‌ المَوْلَي‌ بمعني‌ المُتولّي‌، ومالك‌ الامر، والاوْلَي‌ في‌ التصرّف‌ شائع‌ في‌ كلام‌ العرب‌، ومنقول‌ عن‌ أئمّة‌ اللغة‌. والمراد أنّ المَوْلَي‌ اسم‌ لهذا المعني‌، لا صفة‌ بمثابة‌ الاولَي‌ لئلاّ يُعْتَرَض‌ علی أنّ المولي‌ ليس‌ اسم‌ تفضيل‌، ولا يستعمل‌ بمعني‌ التفضيل‌.

 ولابدّ أن‌ يكون‌ هذا المعني‌ هو المراد في‌ حديث‌ الغدير لكي‌ يتطابق‌ مع‌ صدر حديثه‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: أَلَسْتُ أَوْلَي‌ بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ؟

 ولمّا كان‌ القوشجي‌ّ علی مذهب‌ العامّة‌، لذلك‌ جهد في‌ دفع‌ الاستدلال‌ بحديث‌ الغدير، ولكن‌ من‌ جهات‌ أُخري‌، لا من‌ جهة‌ معني‌ المولي‌ الذي‌ يعني‌ في‌ أحد معانية‌ الاولي‌ بالشي‌ء.[54]

 وقال‌ الزمخشري‌ّ في‌ تفسير هذه‌ الآية‌ أيضاً: هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ. قيل‌: معناه‌ أوْلَي‌ بِكُمْ. واستشهد بشعر لُبَيْد، ثمّ قال‌: وَحَقِيقَةُ مَوْلاَكُمْ مَحْرَاكُمْ وَمَقْمَنُكُمْ أَي‌ مَكَانُكُمُ الَّذِي‌ يُقَالُ فِيهِ: هُوَأَوْلَي‌ بِكُمْ كَمَا قِيلَ: هُوَ مَأَنَّةُ الكَرَمِ أي‌ مَكَانٌ لِقَوْلِ القَائِلِ: إنَّهُ الكَرِيمُ. [55]

 وذكر البيضاوي‌ّ في‌ تفسيره‌ أيضاً عبارة‌ الزمخشري‌ّ نفسها واستشهد ببيت‌ لُبَيْد؛ ومن‌ الواضح‌ أنّ البيضاوي‌ّ اقتبس‌ من‌ الزمخشري‌ّ، لانّ وفاة‌ الزمخشري‌ّ كانت‌ في‌ سنة‌ 538، ووفاة‌ البيضاوي‌ّ في‌ سنة‌ 791. وكلاهما احتمل‌ أنّ المراد من‌ المَوْلَي‌ في‌ الآية‌ الشريفة‌: النَّاصِر. إلاّ أنّ كلّ واحد منهما جاء بمثال‌ مستقلّ. فقال‌ الزمخشري‌ّ: ويجوز أن‌ يكون‌ المراد: هِي‌َ نَاصِرُكُمْ، أي‌: لاَ نَاصِرَ لَكُمْ غَيْرَهَا؛ والمراد نفي‌ الناصر حتماً. كما يقولون‌: أُصِيبَ فُلاَنٌ بِكَذَا فَاسْتَنْصَرَ الجَزَعَ؛ أي‌: ليس‌ له‌ معين‌ غيرالجزع‌. ويجري‌ علی هذا قوله‌ تعإلی‌: و إِن‌ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَآءٍ كَالْمُهْلٍ. [56] و [57]

 وقال‌ البيضاوي‌ّ: أو أنّ معني‌ المولي‌ الناصر علی طريقة‌ قول‌ العرب‌: «تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعٌ». [58]

 وقال‌ الخازن‌ في‌ تفسير الآية‌: هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ: أي‌ وَلِيُّكُمْ. وقيل‌: هِيَ أَوْلَي‌ بِكُمْ لِما أسلفتم‌ من‌ الذنوب‌ ] في‌ الدنيا [. ] ويكون‌ [ المعني‌: النار تلي‌ عليكم‌، لانـّها ملكت‌ أمركم‌، وأسلمتم‌ إلیها، فهي‌ أولي‌ بكم‌ من‌ كلّ شي‌ء! وقيل‌: معني‌ الآية‌: لاَ مَوْلَي‌ لَكُمْ وَلاَ نَاصِرَ، لانّ من‌ كانت‌ النار مولاه‌، فلامولي‌ له‌. [59]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ الفخر الرازي‌ّ في‌ معني‌ المَوْلَي‌ والاَوْلَي‌

 وعلی الرغم‌ من‌ أنّ الفخر الرازي‌ّ يعترف‌ بأنّ أحد معاني‌ المولي‌ هو الاَوْلَي‌، إلاّ أنـّه‌ اقتفي‌ نهجاً آخر، وقال‌: علی هذا النهج‌، لايتمّ استدلال‌ الشريف‌ المرتضي‌ بالآية‌ علی ولاية‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌. ونذكر فيمايلي‌ كلامه‌ ثمّ نناقشة‌:

 قال‌: الآية‌ الكريمة‌ مَأْوَیـ'كُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ وَبِئسَ الْمَصيِرُ في‌ لفظ‌ المولي‌ ها هنا أقوال‌:

 أحدها: قال‌ ابن‌ عبّاس‌: مَوْلَیـ'كُمْ، أي‌: مَصِيرُكُمْ. وتحقيقة‌ أنْ المَوْلَي‌ موضع‌ الوَلْي‌. و الوَلي‌ هو القرب‌. فالمعني‌: أنّ النار هي‌ موضعكم‌ الذي‌ تقربون‌ منه‌ وتصلون‌ إلیه‌.

 الثاني‌: قال‌ الكَلْبي‌ّ: يعني‌: أَوْلَي‌ بِكُمْ. وهو قول‌ الزجّاج‌، والفرّاء، وأبي‌ عُبَيْدة‌. واعلم‌ أنّ هذا الذي‌ قالوه‌ معني‌ وليس‌ بتفسير اللفظ‌، لانـّه‌ لو كان‌ مَوْلَي‌ وأَوْلَي‌ بمعني‌ واحد في‌ اللغة‌، لصحّ استعمال‌ كلّ واحد منهما في‌ مكان‌ الآخر. فكان‌ يجب‌ أن‌ يُقال‌: هَذَا مَوْلَي‌ مِنْ فُلاَنٍ، كما يقال‌: هَذَا أَوْلَي‌ مِنْ فُلاَنٍ. وكذلك‌ يجب‌ أن‌ يقال‌: هَذَا أوْلَي‌ فُلاَنٍ، كما يقال‌: هَذَا مَوْلَي‌ فُلاَنٍ.ولمّا بطل‌ ذلك‌، علمنا أنّ الذي‌ قالوه‌ ] للموليّ ( الاوْلي‌ ) هو [ معني‌ وليس‌ بتفسير.

 وإنّما نبّهنا علی هذه‌ الدقيقة‌ لانّ الشريف‌ المرتضي‌ لمّا تمسّك‌ في‌ إمامة‌ علی ] عليه‌ السلام‌ [ بقول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعلی مَوْلاَهُ، قال‌: أحد معاني‌ مَوْلَي‌ أنـّه‌ أَوْلَي‌. واحتجّ في‌ ذلك‌ بأقوال‌ أئمّة‌ اللغة‌ في‌ تفسير هذه‌ الآية‌ ] هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ [ بأنّ مَوْلَي‌ معناه‌ أوْلَي‌. وإذا ثبت‌ أنّ اللفظ‌ محتمل‌ له‌، وجب‌ حمله‌ عليه‌. لانّ ما عداه‌ إمّا بيّن‌ الثبوت‌ ككونه‌ ابن‌ العمّ، والناصر؛ أو بيّن‌ الانتفاء كالمعتِق‌ والمعتَق‌. فيكون‌ علی التقدير الاوّل‌ عبثاً؛ وعلی التقدير الثاني‌ كذباً. ] انتهي‌ كلام‌ السيّد المرتضي‌ [.

 ] ثمّ قال‌ [: وأمّا نحن‌ فقد بيّنا بالدليل‌ أنّ قول‌ هؤلاء في‌ هذا الموضع‌ معني‌ لاتفسير؛ وحينئذٍ يسقط‌ الاستدلال‌ بالآية‌ ]: هِيَ مَوْلَیـ'كُم‌ لإثبات مذهب‌ السيّد المرتضي‌ [.

 وفي‌ الآية‌ وجه‌ آخر. وهو أنّ معني‌ قوله‌ هِيَ مَوْلَیـ'كُمْ: أي‌ لامَوْلي‌ لَكُمْ، وذلك‌ لانّ من‌ كانت‌ النار مولاه‌ فلا مولي‌ له‌؛ كما يقال‌: نَاصِرُهُ الخِذْلاَنُ وَمُعِينُهُ البُكَاءُ، أي‌: لا ناصر له‌.

 وهذا الوجه‌ متأكّد بقوله‌ تعإلی‌: وَأَنَّ الْكَـ'فِرِينَ لاَ مَوْلَي‌' لَهُمْ. [60] وقوله‌: يُغَاثُوا بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ.[61] و [62]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «روضة‌ الواعظين‌» ص‌ 90. وجاء في‌ آخر البيت‌ الرابع‌ من‌ هذا الكتاب‌: يُؤْثَرُ. ولمّا لم‌ يكن‌ لها معني‌ مناسب‌ هنا، تمّ تصحيحها بكلمة‌: يَأثِرُ. ويمكن‌ أن‌ تكون‌ الافعال‌: يُوَالَي‌، ويُؤْخَذُ وَيُؤْثَرُ بصيغة‌ المجهول‌، فيكون‌ المعني‌: «أُولي‌ الانام‌ بأن‌ يوالَي‌ المرتضي‌ (علي‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌)، أي‌: يواليه‌ الناس‌، وهو الذي‌ تؤخذ منه‌ الاحكام‌ وتنقل‌ إلي‌ الا´خرين‌». فيصبح‌ الشعر في‌ هذه‌ الحالة‌ سلساً.

 وذكر ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ مناقبه‌، ج‌ 1، ص‌ 540 بيتين‌ من‌ هذه‌ الابيات‌ الاربعة‌.

[2] ـ «معرفة‌ الإمام » ج‌ 5، الدرس‌ 61 و 62، جاء الحديث‌ عن‌ معني‌ الولاية‌ ولفظ‌ الولي‌ والمولي‌ هناك‌ بصورة‌ وافية‌. بَيدَ أَنـّي‌ أشرت‌ هنا إلي‌ ذلك‌ الموضوع‌ إجمالاً وذلك‌ لانّ الحديث‌ يحوم‌ هنا حول‌ لفظ‌ المولي‌ الوارد في‌ حديث‌ الغدير.

[3] ـ قال‌ في‌ «شرح‌ المواقف‌» ضمن‌ نقله‌ تقرير دليل‌ الشيعة‌ في‌ كيفيّة‌ استفادة‌ الإمامة من‌ حديث‌ الولاية‌: «ولانـّها (أي‌ المعاني‌ المذكورة‌) تشترك‌ في‌ الولاية‌ فيجب‌ الحمل‌ عليهاوجعل‌ اللفظ‌ حقيقة‌ في‌ هذا القدر المشترك‌ دفعاً للاشتراك‌ اللفظي‌ّ». (ص‌ 611 ). وقال‌ المرحوم‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ أيضاً في‌ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 370 بعد عرض‌ القاسم‌ المشترك‌ بين‌ المعاني‌ التي‌ ذكرها للمولي‌، وبلغت‌ سبعة‌ وعشرين‌ معني‌: الوجه‌ المشترك‌ بين‌ هذه‌ المعاني‌ هو الاولي‌ بالشي‌ء فالاشتراك‌ معنوي‌ّ وهو أولي‌ من‌ الاشتراك‌ اللفظي‌ّ المستدعي‌ لاوضاع‌ كثيرة‌ غير معلومة‌ بنصٍّ ثابتٍ والمنفِيَّةِ بالاصل‌ المحكّم‌. وقد سَبَقَنا إلي‌ بعض‌ هذه‌ النظريّة‌ شمسُ الدين‌ ابن‌ البِطْريق‌ في‌ «العمدة‌» ص‌ 56، وهو أحد أعلام‌ الطائفة‌ في‌ القرن‌ السادس‌» بَيدَ أنـّنا لا نتّفق‌ مع‌ المرحوم‌ الاميني‌ّ في‌ طبيعة‌ الوجه‌ المشترك‌، وسيأتي‌.

[4] ـ «شرح‌ المقاصد» ص‌ 289.

[5] ـ «غريب‌ القرآن‌»، ص‌ 154.

[6] ـ «مشكل‌ القرآن‌»، بناءً علي‌ نقل‌ الشريف‌ المرتضي‌ في‌ كتاب‌ «الشافي‌». وذكر استشهاد الانباري‌ّ ببيت‌ لُبَيد. وكذلك‌ بناءً علي‌ نقل‌ ابن‌ بطريق‌ في‌ كتاب‌ «العمدة‌» ص‌ 55.

[7] ـ مقطع‌ من‌ الا´ية‌ 15، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[8] ـ هذا البيت‌ من‌ معلّقة‌ لبيد بن‌ ربيعة‌، وهي‌ من‌ المعلّقات‌ السبع‌. يقول‌: فغدت‌ البقرة‌ وهي‌ تحسب‌ أنّ كلا فرجيها خلفها أو أمامها أولي‌ بالمخافة‌ منه‌.

[9] ـ الا´يتان‌ 75 و 76، من‌ السورة‌ 16: النحل‌.

[10] ـ الا´ية‌ 5، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌.

[11] ـ الا´ية‌ 11، من‌ السورة‌ 47: محمّد.

[12] ـ «تفسير أبي‌ الفتوح‌» ج‌ 2، ص‌ 197 و 198.

[13] ـ «تذكرة‌ خواصّ الاُمَّة‌» ص‌ 19 و 20.

[14] ـ الا´ية‌ 15، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[15] ـ الا´ية‌ 11، من‌ السورة‌ 47: محمّد.

[16] ـ الا´ية‌ 33، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[17] ـ الا´ية‌ 5، من‌ السورة‌ 19: مريم‌.

[18] ـ الا´ية‌ 41، من‌ السورة‌ 44: الدخان‌.

[19] ـ الا´ية‌ 61، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[20] ـ «مطالب‌ السَّؤول‌»؛ ص‌ 16 و 17. القطع‌ الرحلي‌ّ. فصل‌ ما يتعلّق‌ بالإمام الاوّل‌ علي‌ّ.

[21] ـ «معرفة‌ الإمام » ج‌ 5، الدرس‌ 61 و 62.

[22] ـ قال‌ في‌ التعليقة‌: في‌ «صحيح‌ البخاري‌ّ» ج‌ 7 ص‌ 57 ] المَوْلَي‌ بمعني‌ [ المَلِيك‌؛ وقال‌ القَسْطَلاني‌ّ في‌ «شرح‌ الصحيح‌» ج‌ 7، ص‌ 77؛ المَوْلَي‌: المَلِيك‌، لانـّه‌ يلي‌ أُمور الناس‌. وشرحه‌ كذلك‌ أبو محمّد العَيني‌ّ في‌ «عُمْدة‌ القاري‌»، وهو شرح‌ آخر لصحيح‌ البخاري‌ّ؛ وكذا قال‌ لفظيّاً العَدوي‌ّ الحمزاوي‌ّ في‌ كتاب‌ «النُّور السَّاري‌».

[23] ـ الا´ية‌ 78، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

[24] ـ الا´ية‌ 11، من‌ السورة‌ 47: محمّد.

[25] ـ الا´ية‌ 150، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[26] ـ الا´ية‌ 51، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌. والا´ية‌ بتمامها: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَهُ لَنَا هُوَ مَوْلَیـ'نَا وَعَلَي‌ اللَهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.

[27] ـ الا´ية‌ 78، من‌ السورة‌ 22: الحجّ.

 [28] ـ الا´ية‌ 2، من‌ السورة‌ 66: التحريم‌.

[29] ـ الا´ية‌ 2، من‌ السورة‌ 66: التحريم‌.

[30] ـ الا´ية‌ 15، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[31] ـ الا´ية‌ 286، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[32] ـ الا´ية‌ 40، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌.

[33] ـ الا´ية‌ 15، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[34] ـ الا´ية‌ 51، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.

[35] ـ «الغدير» ج‌ 1، منتخب‌ من‌ ص‌ 362 إلي‌ 370.

[36] ـ «تفسير أبي‌ الفتوح‌ الرازي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 198.

[37] ـ هذه‌ الابيات‌ من‌ قصيدة‌ بعثها عمرو بن‌ العاص‌ من‌ مصر إلي‌ معاوية‌. ولمّا أراد معاوية‌ عزله‌ عن‌ ولاية‌ مصر، نظم‌ هذه‌ القصيدة‌ في‌ هجائه‌ ومدح‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ فعزف‌ عن‌ رأيه‌. ونقل‌ السيّد نعمة‌ الله‌ الجزائري‌ّ هذه‌ الابيات‌ في‌ كتابه‌ «الانوار النعمانيّة‌» ص‌ 38 و 39.

[38] ـ «ديوان‌ أبي‌ تمّام‌ الطائي‌ّ» ص‌ 143. وذكر الخطيب‌ في‌ «تاريخ‌ بغداد» ترجمة‌ أبي‌تمّام‌، ج‌ 8، ص‌ 248 إلي‌ 253، تحت‌ عنوان‌: حبيب‌ بن‌ أوْس‌ أبو تمّام‌ الطائي‌ّ الشاعر.

 وهذه‌ الابيات‌ الخمسة‌ مذكورة‌ في‌ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1، ص‌ 539 مع‌ بيت‌ آخر هو:

 أحُجَّةُ رَبِّ العَالَمِينَ وَوَارِثُ                           النَّبِي‌ِّ ألاَ عَهْدٌ وَفي‌ّ وَلاَ إصْرُ

[39] ـ أبو محمّد سفيان‌ بن‌ مصعب‌ العَبدي‌ّ الكوفي‌ّ. («الغدير»، ج‌ 2، ص‌ 292 ).

[40] ـ جاء في‌ كتاب‌ «النقض‌» المعروف‌ بكتاب‌ «بعض‌ مثالب‌ النواصِب‌ في‌ نقض‌ بعض‌ فضائح‌ الروافض‌» تصنيف‌ أبي‌ رشيد عبد الجليل‌ القزويني‌ّ الرازي‌ّ، في‌ ص‌ 247 «أنّ مَهْياربن‌ مرزويه‌ الكاتب‌ من‌ أحفاد كسري‌ أنوشيروان‌ العادل‌».

[41] ـ الا´ية‌ 15، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[42] ـ «تفسير الفخر الرازي‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 131.

[43] ـ نُهَاء: ارتفاع‌ الماء عن‌ سطح‌ الارض‌. وصعائد: اسم‌ مكان‌.

[44] ـ الرزّ: الصوت‌ الخفي‌ّ؛ الانيس‌ والاءنس‌ والناس‌ واحد.

[45] ـ «ديوان‌ لُبَيد» ص‌ 172 و 173، طبعة‌ دار صادر، بيروت‌، 1386 ه.

[46] ـ «شرح‌ المعلّقات‌ السبع‌» للزوزني‌ّ: شرح‌ قصيدة‌ لبيد بن‌ ربيعة‌، الطبعة‌ الحجريّة‌، ص‌ 78. توفّي‌ القاضي‌ّ الزوزني‌ّ: الحسين‌ بن‌ أحمد شارح‌ المعلّقات‌ سنة‌ 486.

[47] ـ ـ «تفسير الطبري‌ّ» ج‌ 9، ص‌ 117.

[48] ـ «تفسير ابن‌ الجوزي‌ّ»: «زاد المسير».

[49] ـ «مطالب‌ السَّؤول‌» ص‌ 16. الطبعة‌ الحجريّة‌.

[50] ـ «تذكرة‌ خواصّ الاُمّة‌» ص‌ 19. الطبعة‌ الحجريّة‌.

[51] ـ ص‌ 288.

[52] ـ«الفصول‌ المهمَّة‌» ص‌ 27 الطبعة‌ الحجريّة‌، وص‌ 25 من‌ الطبعة‌ الحديثة‌ في‌ النجف‌.

[53] ـ «تفسير الجَلاَلَيْن‌»

[54] ـ «شرح‌ تجريد القوشجي‌ّ» الاوراق‌ الثلاث‌ عشرة‌ الاخيرة‌ من‌ الكتاب‌، الطبعة‌ الحجريّة‌.

[55] ـ «تفسير الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 435، الطبعة‌ الاُولي‌ في‌ المطبعة‌ الشرقيّة‌.

 مَحْرَي‌ وَمَحْرَاة‌، وكذلك‌ مَقْمَنْ وَمَقْمَنَة‌، ومَمْأن‌ ومَمْأنَةَ بمعني‌ المَخْلَقة‌ والمَجْدَرة‌. وإذا قيل‌: هُوَ مَقْمَنٌ أَوْ مَحْرِي‌ِّ أَو مَمْأَنٌ لِكذَا يعني‌ جديرٌ وَخَلِيقٌ بِكَذا.

[56] ـ الا´ية‌ 29، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[57] ـ «تفسير الكشّاف‌» ج‌ 2، ص‌ 435، الطبعة‌ الاُولي‌ في‌ المطبعة‌ الشرقيّة‌.

[58] ـ تفسير «أنوار التنزيل‌ وأسرار التأويل‌» للبيضاوي‌ّ، طبعة‌ مكتبة‌ الجمهوريّة‌ المصريّة‌، ص‌ 555.

[59] ـ «لُباب‌ التَّأويل‌ في‌ معاني‌ التَّنزيل‌»، تفسير علي‌ّ بن‌ محمّد بن‌ إبراهيم‌ البغدادي‌ّ المعروف‌ بالخازن‌، مطبعة‌ مصطفي‌ محمّد، ج‌ 7، ص‌ 29.

[60] ـ الا´ية‌ 11، من‌ السورة‌ 47: محمّد صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌.

[61] ـ الا´ية‌ 29، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[62] ـ تفسير «مفاتيح‌ الغَيب‌» المشهور بـ «تفسير الفخر الرازي‌ّ»، ج‌ 8، ص‌ 131.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com