بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة الامام / المجلد التاسع / القسم الخامس: ورود الآیه سال سائل لمخالف ولایة علی علیه السلام

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

احتجاج‌ المأمون‌ بمبيت‌ أمير المؤمنين‌ في‌ فراش‌ رسول‌ الله‌

 قال‌: يا إسحاق‌! من‌ أفضل‌؟! من‌ كان‌ معه‌ في‌ الغار، أم‌ من‌ نام‌ علی‌ فراشه‌، ووقاه‌ بنفسه‌، حتّي‌ تمّ لرسول‌ الله‌ ما أراد من‌ الهجرة‌؟!

 إنّ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ أمر رسوله‌ أن‌ يأمر علیاً بالنوم‌ علی‌ فراشه‌، وأن‌ يقي‌ رسول‌الله‌ بنفسه‌. فأمره‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ بذلك‌. فبكي‌ علی‌ّ. فقال‌ له‌ رسول‌الله‌: ما يبكيك‌ يا علی‌ّ؟! أجزعاً من‌ الموت‌؟! قال‌: لا، والذي‌ بعثك‌ بالحقّ يا رسول‌ الله‌! ولكن‌ خوفاً علیك‌! أفتسلم‌ يارسول‌الله‌؟!

 قال‌: نعم‌! قال‌ علی‌ّ: سَمْعَاً وطَاعَةً وَطَيِّبَةً نَفْسِي‌ بِالفِدَاء لَكَ يَارَسُولَاللَهِ.

 ثمّ أتي‌ علی‌ّ مضجع‌ النبي‌ّ واضطجع‌ وتسجّي‌ بثوبه‌. وجاء المشركون‌ من‌ قريش‌ فحفّوا به‌، لايشكّون‌ أنّه‌ رسول‌ الله‌، وقد أجمعوا أن‌ يضربه‌ من‌ كلّ بطن‌ من‌ بطون‌ قريش‌ رجل‌ ضربة‌ بالسيف‌، لئلاّ يطلب‌ الهاشميّون‌ من‌ البطون‌ بطناً بدَمِه‌. و علی‌ّ يسمع‌ ما القوم‌ فيه‌ من‌ إتلاف‌ نفسه‌، ولم‌يدعه‌ ذلك‌ إلی‌ الجزع‌ كما جزع‌ صاحبه‌ في‌ الغار، ولم‌يزل‌ علی‌ّ صابراً محتسباً، فبعث‌الله‌ ملائكته‌ فمنعته‌ من‌ مشركي‌ّ قريش‌ حتّي‌ أصبح‌. فلمّا أصبح‌ قام‌ فنظر القوم‌ إلیه‌ فقالوا: أين‌ محمّد؟!

 قال‌: وما علمي‌ بمحمّد أين‌ هو؟! قالوا: فلا نراك‌ إلاّ مغرّراً بنفسك‌ منذ ليلتنا!

 فلم‌ يزل‌ علی‌ّ أفضل‌ ما بدأ به‌ يزيد، ولا ينقص‌ حتّي‌ قبضه‌ الله‌ إلیه‌.

 يا إسحاق‌! هل‌ تروي‌ حديث‌ الولاية‌ (حديث‌ الغدير)؟!

 قلتُ: نعم‌! يا أمير المؤمنين‌. قال‌: اروه‌، ففعلت‌.

 قال‌: يا إسحاق‌! أرأيت‌ هذا الحديث‌ هل‌ أوجب‌ علی‌ أبي‌ بكر، وعمر ما لم‌يوجب‌ لهما علیه‌؟!

 قلتُ: إنّ الناس‌ ذكروا أنّ الحديث‌ إنّما كان‌ بسبب‌ زَيْدبن‌ حَارِثَة‌ لشي‌ء جري‌ بينه‌ وبين‌ علی‌ّ، وأنكر ولاء علی‌ّ، فقال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی‌ٌّ مَوْلاَهُ. اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.

 قال‌ المأمون‌: في‌ أي‌ّ موضع‌ قال‌ هذا؟ إلیس‌ بعد منصرفه‌ من‌ حجّة‌ الوداع‌؟!

 قلتُ: أجل‌! قال‌: فإنّ قتل‌ زيد بن‌ حارثة‌ قبل‌ الغدير. كيف‌ رضيت‌ لنفسك‌ هذا؟

 أخبرني‌: لو رأيت‌ ابناً لك‌ قد أتت‌ علیه‌ خمس‌ عشرة‌ سنة‌ يقول‌: مَوْلاَي‌ّ مَوْلَي‌ ابْنِ عَمِّي‌، أيّها الناس‌ فاعلموا ذلك‌: أكنتَ منكراً ذلك‌ علیه‌؟! قلتُ: اللهُمَّ نعم‌!

 قال‌: يا إسحاق‌ أفتنزّه‌ ابنك‌ عمّا لا تنزّه‌ عنه‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌!

 وَيْحَكُمْ لاَ تَجْعَلُوا فُقَهَاءَكُمْ أَرْبَابَكُمْ! إنّ الله‌ جلّ ذكره‌ قال‌ في‌ كتابه‌: اتَّخَذُو´ا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَـ'نَهُمْ أَرْبَابًا مِّن‌ دُونِ اللَهِ. [1]

 ولم‌ يصلّوا لهم‌، ولا صاموا، ولا زعموا أ نّهم‌ أرباب‌، ولكن‌ أمروهم‌ فأطاعوا أمرهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

استدلال‌ المأمون‌ بحديث‌ المنزلة‌ علی‌ خلافة‌ أمير المؤمنين‌

 يا إسحاق‌! أتروي‌ حديث‌ أنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌؟!

 قلتُ: نعم‌ يا أمير المؤمنين‌! قد سمعته‌، وسمعت‌ من‌ صحّحه‌ وجحده‌!

 قال‌: فمن‌ أوثق‌ عندك‌؟! من‌ سمعت‌ منه‌ فصحّحه‌، أو من‌ جحده‌؟!

 قلتُ: من‌ صحَّحه‌.

 قال‌: فهل‌ يمكن‌ أن‌ يكون‌ رسول‌ الله‌ مزح‌ بهذا القول‌؟

 قلت‌: أعُوذُ بالله‌. قال‌: فقال‌ قولاً لا معني‌ له‌ فلايوقف‌ علیه‌؟

 قلتُ: أعوذُ بِالله‌! قال‌: أفما تعلم‌ أنّ هارون‌ كان‌ أخا موسي‌ لابيه‌ وأُمّه‌؟!

 قلتُ: بلي‌! قال‌: ف علی أخو رسول‌ الله‌ لابيه‌ وأُمّة‌؟!

 قلتُ: لا! قال‌: أوليس‌ هارون‌ كان‌ نبيّاً و علی‌ّ غيرنبي‌ّ؟

 قلتُ: بلي‌! قال‌: فهذان‌ الحالان‌ معدومان‌ في‌ علی‌ّ وقد كانا في‌ هارون‌. فما معني‌ قوله‌: أنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌؟!

 قلتُ: إنّما أراد أن‌ يطيّب‌ بذلك‌ نفس‌ علی‌ّ لمّا قال‌ المنافقون‌: إنّه‌ خلّفه‌ استثقالاً له‌.

 قال‌: فأراد أن‌ يطيّب‌ بقول‌ لا معني‌ له‌؟

 قال‌ إسحاق‌: فأطرقتُ.

 فقال‌ المأمون‌: يا إسحاق‌، له‌ معني‌ في‌ كتاب‌ الله‌ بيّن‌.

 قلتُ: وما هو يا أمير المؤمنين‌؟!

 قال‌: قوله‌ عزّ وجلّ حكاية‌ عن‌ موسي‌ أنّه‌ قال‌ لاخيه‌ هارون‌: اخْلُفْنِي‌ فِي‌ قَوْمِي‌ وَأَصْلِحْ وَلاَتَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ.[2]

 قلتُ: يا أمير المؤمنين‌! إنّ موسي‌ خلّف‌ هارون‌ في‌ قومه‌، وهو حي‌ّ، ومضي‌ إلی‌ ربّه‌، وإنّ رسول‌ الله‌ خلّف‌ علیاً كذلك‌ حين‌ خرج‌ إلی‌ غزاته‌. (أي‌: أنّ هذا الاستخلاف‌ ليس‌ مثل‌ ذلك‌ الاستخلاف‌، إذ هو استخلاف‌ علی‌ الاُمّة‌ جميعها).

 قال‌: كلاّ، ليس‌ كما قلت‌؟ أخبرني‌: عن‌ موسي‌ حين‌ خلّف‌ هارون‌، هل‌ كان‌ معه‌ حين‌ ذهب‌ إلی‌ ربّه‌ أحد من‌ أصحابه‌ أو أحد من‌ بني‌ إسرائيل‌؟!

 قلت‌: لا! قال‌: أوَ ليس‌ استخلفه‌ علی‌ جماعتهم‌؟!

 قلتُ: نعم‌! قال‌: فأخبرني‌: عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ حين‌ خرج‌ إلی‌ غزاته‌ هل‌ خلّف‌ إلاّ الضعفاء والنساء والصبيان‌؟ فأ نّي‌ يكون‌ مثل‌ ذلك‌؟ (المراد من‌ قوله‌: أنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌، خلافة‌ علی‌ّ للاُمّة‌ جميعها، كخلافة‌ هارون‌ للاُمّة‌ جميعها، وليس‌ المراد منه‌ الخلافة‌ في‌ الحرب‌ ورعاية‌ شؤون‌ الضعفاء والنساء والصبيان‌).

 ثمّ قال‌ المأمون‌: وله‌ عندي‌ تأويل‌ آخر من‌ كتاب‌ الله‌ يدلّ علی‌ استخلاف‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ لا يقدر أحد أن‌ يحتجّ فيه‌، ولاأعلم‌ أحداً احتجّ به‌ وأرجو أن‌ يكون‌ توفيقاً من‌ الله‌!

 قلتُ: وما هو يا أمير المؤمنين‌؟!

 قال‌: قوله‌ عزّ وجلّ حين‌ حكي‌ عن‌ موسي‌ قوله‌:

 وَاجْعَل‌ لِّي‌ وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي‌ * هَـ'رُونَ أَخِي‌ * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي‌* وَأَشْرِكْهُ فِي‌´ أَمْرِي‌ * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا* إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا.[3]

 فأنت‌ منّي‌ يا علی‌ّ بمنزلة‌ هارون‌ من‌ موسي‌: وزيري‌ من‌ أهلي‌، وأخي‌، شدّ الله‌ به‌ أزري‌، وأشركه‌ في‌ أمري‌، كي‌ نسبحّ الله‌ كثيراً، ونذكره‌ كثيراً.

 فهل‌ يقدر أحد أن‌ يدخل‌ في‌ هذا شيئاً غير هذا؟ ولم‌يكن‌ ليبطل‌ قول‌ النبي‌ّ، وأن‌ يكون‌ لامعني‌ له‌.

 قال‌ إسحاق‌: فطال‌ المجلس‌، وارتفع‌ النهار، فقال‌ يحيي‌بن‌ أكثم‌: ياأميرالمؤمنين‌! قد أوضحت‌ الحقّ لمن‌ أراد الله‌ به‌ الخير، وأثبتّ ما لايقدر أحد أن‌ يدفعه‌.

 قال‌ إسحاق‌: فأقبل‌ علینا المأمون‌، وقال‌: ما تقولون‌؟!

 فقلنا: كلّنا نقول‌ بقول‌ أمير المؤمنين‌ أعزّه‌ الله‌!

 فقال‌: والله‌ لولا أنّ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ قال‌:

 اقْبَلُوا القَوْلَ مِنَ النَّاسِ، ما كنت‌ لاقبل‌ منكم‌ القول‌. اللهمّ! قد نصحت‌ لهم‌ القول‌. اللهمّ! إنّي‌ قد أخرجت‌ الامر من‌ عنقي‌. اللهمّ إنّي‌ أدينك‌ بالتقرّب‌ إلیك‌ بحبّ علی‌ّ وولايته‌.

 الرجوع الي الفهرس

أمر المأمون‌ بعقد ولاية‌ العهد للاءمام‌ الرضا علیه‌ السلام‌

 وفي‌ أعقاب‌ هذا المجلس‌، كتب‌ المأمون‌ إلی‌ عَبْدِالجَبَّارِبْنِ سَعِدٍ المَسَاحِقِي‌ّ عامله‌ علی‌ المدينة‌ أنِ اخطب‌ الناس‌، وادعهم‌ إلی‌ بيعة‌ علی‌ّبنِ مُوسَي‌!

 فقام‌ عبد الجبّار وقال‌: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! هَذَا الاَمْرُ الَّذِي‌ كُنتُمْ فِيهِ تَرْغَبُونَ، وَالعَدْلُ الَّذِي‌ كُنتُمْ تَنْظَرُونَ، وَالخَيْرُ الَّذِي‌ كُنْتُمْ تَرْجُونَ، هَذَا علی‌ُّبْنُ مُوسَي‌ بْنُ جَعْفَرٍبْن‌ مُحَمَّدِ بْنِ علی‌ِّ بْنِ الحُسَيْنِ بْنِ علی‌ِّبْنِ أَبِي‌ طَالِبٍ.

 سِــتَّـةُ آبَـاءٍ، هُــمُ مَــا هُــمُ                   مِنْ خَيْرِ مَنْ يَشْرَبُ صَوْبَالغَمَام‌ [4]

 واحتجّ المأمون‌ أيضاً بحديث‌ الغدير لاءثبات‌ أحقّيّة‌ الائمّة‌ الطاهرين‌، وذلك‌ في‌ رسالة‌ جوابيّة‌ كتبها ردّاً علی‌ اعتراض‌ العبّاسيّين‌ علیه‌ عندما فوّض‌ الخلافة‌ إلی‌ الاءمام‌ علی‌ّبن‌ موسي‌ الرضا علیهما السلام‌.

 وقال‌ صاحب‌ «ينابيع‌ المودّة‌» في‌ الباب‌ 92 بعد نقله‌ هذه‌ الرسالة‌: روي‌ ابن‌ مسكويه‌ صاحب‌ التأريخ‌ في‌ كتابه‌: «نديم‌ الفريد» أنّ المأمون‌ كتب‌ كتاباً إلی‌ بني‌ العبّاس‌. وهذا الكتاب‌ مفصّل‌، وكلّه‌ يدور حول‌ أحقّيّة‌ وأولويّة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ للخلافة‌. وننقل‌ فيمايلي‌ فقرات‌ منه‌:

 فَلَمَّا قُبِضَ [5] حَكَمَ بِالنَّبِي‌ِّ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ القَوْمُ لِيَقْتُلُوهُ، فَهَاجَرَ إلی‌ المَدِينَةِ إلی‌ القَوْمِ الاَنْصَارِ، وَلَمْ يَقُمْ مَعَهُ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ أحَدٌ كَقِيَامِ علی‌ِّبْنِ أبي‌ طَالِبٍ، فَإنَّهُ وَقَاهُ بِنَفْسِهِ، وَنَامَ فِي‌ مَضْجَعِهِ، ثُمَّ لَمْيَزَلْ بَعْدُ مُتَمَسِّكَاً بِأطْرَافِ الثُّغُورِ، يُنَازِلُ الاَبْطَالَ، وَلاَيَنْكُلُ عَنْ قِرْنٍ، وَلاَيُوَلِّي‌ عَنْ جَيْشٍ، مَنِيعَ القَلْبِ، يُؤَمَّرُ علی‌ الجَمِيعِ، وَلاَ يُؤَمَّرُ علیهِ أحَدٌ، أَشَدَّ النَّاسِ وَطْأَةً علی‌ المُشْرِكِينَ، وَأعْظَمَهُمْ جِهَادَاً في‌ اللَهِ، وَأَفْقَهَهُمْ في‌ دِينِ اللَهِ، وَأقْرَأَهُمْ لِكِتابِاللَهِ، وَأعْرَفَهُمْ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ، وَهُوَ صَاحِبُ الوَلاَيَةِ في‌ حَدِيثِ غَديرِ خُمٍّ وَصَاحِبُ قَوْلِهِ صَلَّي‌اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: أَنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أَ نَّهُ لاَنَبِي‌َّ بَعْدِي‌.[6]

 قال‌ أبو الحسن‌: علی بن‌ الحسين‌ المسعودي‌ّ في‌ آخر الجزء الثاني‌ من‌ «مروج‌ الذهب‌»، وفي‌ آخر الفصل‌ الذي‌ خصّصه‌ لترجمة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌:

 قال‌ المسعودي‌ّ: والاشياء التي‌ استحقّ بها أصحاب‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ الفضل‌ هي‌: السبق‌ إلی‌ الاءيمان‌، والهجرة‌، والنصرة‌ لرسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، والقربي‌ منه‌، والقناعة‌، وبذل‌ النفس‌ له‌، والعلم‌ بالكتاب‌ والتنزيل‌، والجهاد في‌ سبيل‌ الله‌، والورع‌، والزهد، والقضاء، والحكم‌، والعفّة‌، والعلم‌.

 وكلّ ذلك‌ ل علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ منه‌ النصيب‌ الاوفر، والحظّ الاكبر، إلی‌ ما ينفرد به‌ من‌ قول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ حين‌ آخي‌ بين‌ أصحابه‌: أنْتَ أخي‌. ونحن‌ نعلم‌ أنّ رسول‌ الله‌ لاضدّ له‌ ولاندّ.

 وأفرده‌ أيضاً بقوله‌: أنْتَ مِنِّي‌ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَي‌ إلاَّ أ نَّهُ لاَنَبِي‌ِّ بَعْدِي‌.

 وقوله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی‌ٌّ مَوْلاَهُ. اللَهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ.

 ثمّ دعاؤه‌ وقد قدّم‌ إلیه‌ أنس‌ الطائر: اللَهُمَّ أدْخِلْ إلی‌َّ أَحَبَّ خَلْقِكَ إلیكَ يَأكُلْ مَعِي‌ مِنْ هَذَا الطَّائِرِ.

 فدخل‌ علیه‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌... إلی‌ آخر الحديث‌. [7]

 ينبغي‌ أن‌ نعلم‌ أنّ هناك‌ احتجاجات‌ هامّة‌ أُخري‌ ماعدا هذه‌ الاحتجاجات‌ الاربعة‌ عشر التي‌ ذكرناها، وقد صدرت‌ عن‌ عَمَّاربن‌ يَاسِر في‌ معركة‌ صفّين‌، وقَيْس‌بن‌ سَعْد بن‌ عُبَادة‌ مع‌ معاوية‌، والحاكم‌ الاموي‌ّ عُمَربن‌ عبدالعزيزبن‌ مروان‌، وغيرهم‌ من‌ المشاهير. وقد اكتفينا بهذا المقدار حسب‌ ما يتطلّبه‌ المقام‌. ونختم‌ هذا البحث‌ النفيس‌ بأبيات‌ للصاحب‌بن‌ عبَّاد رضوان‌ الله‌ علیه‌ في‌ التوسّل‌ بالنبي‌ّ والائمّة‌ الاطهار:

 الرجوع الي الفهرس

شعر الصاحب‌ بن‌ عبّاد في‌ التوسّل‌ بالمعصومين‌ علیهم‌ السلام‌

 بِمُحَمَّدٍ وَوَصِيِّهِ وَابْنَيْهِمَا                            الطَّاهِرَيْنِ وَسَيِّد العُبَّادِ

 وَمُحَمَّدٍ وَبِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ                    وَسَمِي‌ِّ مَبْعُوثٍ بِشَاطِي‌ الوَادِ

 وَ علی‌ٍّ الطُّوسِي‌ِّ ثُمَّ مُحَمَّدٍ                     وَ علی‌ٍّ المَسْمُومِ ثُمَّ الهَادِي‌

 حَسَنٍ وَأَتْبَعُ بَعْدَهُ بِإمَامَةٍ                        لِلقَائِمِ المَبْعُوثِ بِالمِرْصَادِ [8]

 ندعوك‌ يا ربّنا أن‌ تقبل‌ منّا هذه‌ البضاعة‌ المُزْجاة‌، وتجعلها ذخيرة‌ ليوم‌ لاينفع‌ مال‌ ولابنون‌ إلاّ من‌ أتي‌ الله‌ بقلب‌ سليم‌، وتمنّ علی‌ أوليائك‌ وأحبّائك‌ بمحو جميع‌ خطاياهم‌ بولاية‌ أميرالمومنين‌ وأبنائه‌ الطاهرين‌، وبعناية‌ الاءمام‌ الحي‌ّ خاتم‌ الاوصياء، وتجعل‌ معرفة‌ تلك‌ الذوات‌ المقدّسة‌ معرفة‌ نورانيّة‌ تامّة‌ وراقية‌، من‌ نصيبنا، إنّك‌ حميدٌ مجيدٌ!

 الرجوع الي الفهرس

 الدرس‌ الثامن‌ والعشرون‌ بعد المائة‌ إلی‌ الثلاثين‌ بعد المائة‌

شأن‌ نزول‌ الآيتين‌: سَأَلَ سَآئِلٌ، و: فَأَمْطِرْ علینَا حِجَارَةً

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

وصلَّي‌ اللهُ علی‌ محمّد وآله‌ الطَّاهرين‌

ولعنة‌ اللَه‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلی‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ باللَه‌ ال علی‌ّ العظيم‌

 قالَ اللَهُ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 سَأَلَ سَآِئلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَـ'فِرِينَ لَيْسَ لَهُ و دَافِعٌ* مِّنَ اللَهِ ذِي‌ الْمَعَارِجِ. [9]

 (وهو العذاب‌ النازل‌ علی‌ الحارث‌ بن‌ النعمان‌ الفَهْري‌ّ، أو علی‌ جابربن‌ نَصْربن‌ الحارث‌ بن‌ كَلْدَة‌ بحجارة‌ رمتها السماء فأهلكته‌ بها لاعتراضه‌ علی‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ عندما نصب‌ علی‌ّبن‌ أبي‌طالب‌ علیه‌ السلام‌ خليفةً ووليّاً).

 أجل‌، فإنّ منكر ولايته‌ أمام‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ ـ مع‌ علمه‌_ يستحقّ هذا النكال‌ والنقمة‌، لا نّه‌ ينكر أصالة‌ التشريع‌ والتكوين‌ وواقعيّتهما، فحري‌ّ به‌ أن‌ يفني‌ ولا تُري‌ له‌ باقية‌.

 الرجوع الي الفهرس

أشعار أبي‌ ال علی‌ وأبي‌ الفرج‌ في‌ ولاية‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌

 قال‌ أبو ال علی‌ حول‌ نصّ رسول‌ الله‌ علی‌ خلافة‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌: أنا لاأدّعي‌ أنّه‌ نبي‌ّ مرسل‌، ولكن‌ له‌ مقام‌ الولاية‌ الاءلهيّة‌ الكلّيّة‌ بالنصّ الجلي‌، ولاشكّ في‌ ذلك‌ ولاترديد.

 علی‌ٌّ إمَامِي‌َ بَعْدَ الرَّسُولِ                          سَيَشْفَعُ فِي‌ عَرْصَةِ الحَقِّ لي‌

 وَلاَ أَدَّعي‌ لِ علی سِوَي‌                            فَضَائِلَ فِي‌ العَقْلِ لَمْ يُشْكَلِ

 وَلاَ أدَّعي‌ أ نَّهُ مُرْسَلٌ                                          وَلَكِنْ إمَامٌ بِنَصٍّ جَلِي‌

 وَقَوْلُ الرَّسُولِ لَهُ إذْ أتَي‌                                لَهُ سِيَّمَا الفَاضِلِ المُفْضَلِ

 ألاَ إنَّ مَنْ كُنْتُ مَوْليً لَهُ                                  فَمَوْلاَهُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ علی‌ [10]

 وقال‌ أبو الفرج‌ حول‌ نصب‌ الولاية‌:

 تَجَلَّي‌ الهُدَي‌ يَوْمَ الغَدِيرِ علی‌ الشُّبَه‌                          وَبُرِّزَ إبْرِيزُ البَيَانِ عَنِ الشِّبَه‌

 وَأَكْمَل‌ رَبُّ العَرْشِ لِلنَّاسِ دِينَهُمْ                              كَمَا نَزَلَ القُرْآنُ فِيهِ وَأَعْرَبَه‌

 وَقَامَ رَسُولُ اللَهِ فِي‌ الجَمْعِ جَاذِباً                       بِضَبْعِ علی‌ٍّ ذِي‌ التَّعَإلی‌ مِنَ الشَّبَه‌

 وَقَالَ: ألاَ مَنْ كُنْتُ مَوْليً لِنَفْسِهِ                         فَهَذَا لَهُ مَوْليً فَيَا لَكَ مَنْقِبَه‌ [11]

 وأنشد ابن‌ الرومي‌ّ قائلاً:

 يَا هِنْدُ لَمْ أعْشِقْ وَمِثْلِي‌ لاَ يَرَي‌                     عِشْقَ النِّسَاءِ دِيَانَةً وَتَحَرَّجَا

 لَكِنَّ حُبِّي‌ لِلْوَصِيِّ مُخْيَّمٌ                        فِي‌ الصَّدْرِ يَسْرَحُ فِي‌ الفُؤَادِ تَوَلَّجَا

 فَهْوَ السِّرَاجُ المُسْتَنِيرُ وَمَنْ بِهِ                سَبَبُ النَّجَاةِ مِنَ العَذَابِ لِمَنْ نَجَا

 وَإذَا تَرَكْتُ لَهُ المَحَبَّةَ لَمْ أجِدْ                       يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ ذُنُوبي‌ مَخْرَجَا

 قُلْ لِي‌: أَأَتْرُكُ مُسْتَقِيمَ طَرِيقَهِ                           جَهْلاً وَأَتَّبِعُ الطَّرِيقَ الاَعْوَجَا

 وَأَرَاهُ كَالتِّبْرِ المُصَفَّي‌ جَوْهَراً                              وَأَرْي‌ سِوَاهُ لِنَاقِديهِ مُبَهْرَجا

 وَمَحَلُّهُ مِنْ كُلِّ فَضْلٍ بَيِّنٌ                           عَالٍ مَحَلَّ الشَّمْسِ أوْ بَدْرِ الدُّجَي‌

 قَالَ النَّبِي‌ُّ لَهُ مَقَالاً لَمْ يَكُنْ                             يَوْمَ الغَدِيرِ لِسَامِعيهِ تَمَجْمُجَا

 مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَذَا مَوْليً لَهُ                           مِثْلي‌ وَأصْبَحَ فِي‌ الفِخَارِ مُتَوَّجَا

 وَكَذَاكَ إذْ مَنَعَ البَتُولَ جَمَاعَةً                           خَطَبُوا وَأكْرَمَهُ بِهَا إذْ زَوَّجَا [12]

 وقال‌ أبو إسحاق‌ الثعْلبيّ النيسابوريّ في‌ تفسير «الكشف‌ والبيان‌»: إنّ سفيان‌بن‌ عُيَيْنَة‌ سئل‌ عن‌ قول‌ الله‌ عزّ وجلّ: سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ فيمن‌ نزلت‌؟ فقال‌: سألتني‌ عن‌ مسألة‌ ما سألني‌ أحد قبلك‌:

 حدّثني‌ أبي‌ عن‌ جعفربن‌ محمّد، عن‌ آبائه‌ صلوات‌ الله‌ علیهم‌ قال‌: لمّا كان‌ رسول‌الله‌ بغدير خمّ، نادي‌ الناس‌، فاجتمعوا، فأخذ بِيَدِ علی‌ّ، فقال‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی‌ٌّ مَوْلاَهُ. فشاع‌ ذلك‌، وطار في‌ البلاد، فبلغ‌ الحرث‌بن‌ النعمان‌ الفَهري‌ّ، فأتي‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ علی‌ ناقة‌ له‌، حتّي‌ أتي‌ الابطح‌، فنزل‌ عن‌ ناقته‌، فأناخها، فقال‌: يامُحَمَّد! أمرتنا عن‌ الله‌ أن‌ نشهد أن‌ لاإله‌ إلاّ الله‌، وأ نّك‌ رسول‌الله‌! فقلبناه‌! وأمرتنا أن‌ نصلّي‌ خمساً، فقبلناه‌ منك‌! وأمرتنا بالزكاة‌، فقبلنا! وأمرتنا أن‌ نصوم‌ شهراً، فقبلنا! ثمّ لم‌ترض‌ بهذا حتّي‌ رفعت‌ بضبعي‌ ابن‌ عمّك‌ ففضّلته‌ علینا، وقلت‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی‌ٌّ مَوْلاَهُ.

 فهذا شي‌ء منك‌، أم‌ من‌ الله‌ عزّ وجلّ؟!

 فقال‌ ] النبي‌ّ [: والذي‌ لا إله‌ إلاّ هو إنّ هذا من‌ الله‌!

 فولّي‌ الحرث‌ بن‌ النعمان‌ يريد راحلته‌ وهو يقول‌: اللهُمَّ إنّ كَانَ مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ حَقَّاً فَأَمْطِرْ علینَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ إلیمٍ. [13]

 فما وصل‌ إلیها حتّي‌ رماه‌ الله‌ تعإلی‌ بحجر فسقط‌ علی‌ هامته‌، وخرج‌ من‌ دُبُره‌، وقتله‌؛ وأنزل‌ الله‌ عزّ وجلّ: سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ـ الآيآت‌.[14]

 وروي‌ سبط‌بن‌ الجوزي‌ّ هذا الحديث‌ عن‌ تفسير الثعلبي‌ّ بنفس‌ الكيفيّة‌. وذكر في‌ جواب‌ رسول‌الله‌ للحرث‌ بن‌ النعمان‌ قائلاً: وَقَالَ رَسُولُاللَهِ صَلَّي‌ اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَقَدِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ: وَاللَهِ الَّذِي‌ لاَإلَهَ إلاَّ هُوَ إنَّهُ مِنَ اللَهِ وَلَيْسَ مِنِّي‌. قَاَلَهَا ثَلاَثَاً.[15]

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌ الثعلبي‌ّ في‌ تفسير «الكشف‌ والبيان‌» حول‌ شأن‌ نزول‌ الآية‌

 ونقل‌ أبو الفتوح‌ الرازيّ في‌ تفسيره‌ هذا الحديث‌ مفصّلاً عن‌ الثعلبي‌ّ في‌ تفسير «الكشف‌ والبيان‌». وقال‌ أيضاً: لمّا جاء الحرث‌ إلی‌ رسول‌الله‌، كان‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌، جالساً بين‌ المهاجرين‌ والانصار، ومضافاً إلی‌ تلك‌ الاعتراضات‌ المشار إلیها، قال‌ أيضاً: يا محمّد! جئتنا ونهيتنا عن‌ عبادة‌ ثلاثمائة‌ وستّين‌ إلهاً، وقلت‌ لنا: الله‌ واحد! وقلنا معك‌ ذلك‌! وقلت‌ لنا: جاهدوا، فقبلنا منك‌!

 وقال‌ في‌ آخر القصّة‌: رمي‌ الله‌ تعإلی‌ حجراً من‌ السماء، فوقع‌ علی‌ هامته‌، وقتله‌ في‌ مكانه‌، وأنزل‌ قوله‌: سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٌ وَاقِعٌ* لِّلْكَـ'فِرِينَ لَيْسَلَهُ و دَافِعٌ. أرسل‌ الحقّ تعإلی‌ رحمته‌، وهو أراد العذاب‌. قال‌: لمّا لم‌تنفعك‌ الرحمة‌، فلاأحد يدفع‌ عنك‌ العذاب‌. لَيْسَ لَهُ و مِنَ اللَهِ ذِي‌ الْمَعَارِجِ. وقد أرسلتُ ولاية‌ عقدت‌ فيها كمال‌ الدين‌ وتمام‌ النعمة‌ إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.

 وكان‌ صاحب‌ هذا الكمال‌ طفلاً بين‌ الاطفال‌، فربّيته‌ حتّي‌ بلغ‌ حدّ الكمال‌ في‌ الاءيمان‌.

 وما ظنّك‌ بالدين‌، فقد كان‌ طفلاً مثله‌، ثمّ أكملته‌ بولايته‌؟ إلیوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، فَكَمُلَ بِهِ الدِّينُ طَرْدَاً وَعَكْساً. وكان‌ الدين‌ كالطفل‌ فبلغ‌ بالتبليغ‌.

 كَانَ طِفْلاً كَيَحْيَي‌ وَعِيسَي‌، فَصَارَ بِالإسلام كَامِلاً قَبْلَ وَقْتِ الكَمَالِ، بَالِغاً قَبْلَ وَقْتِ البُلُوغِ، فَصَارَ الإسلام بِوَلاَيَتِهِ بَالِغاً حَدَّ الكَمَالِ، لاَبِساً بُرْدَةَ الجَمَالِ، مُتَرَدِّياً بَرِدَاءِ الجَلاَلِ، لَمَّا نُصِبَ لَهُ مِنْبَرٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَرُفِعَ علیهِ خَيْرُ الرِّجَالِ، نَصَبَ رَسُولُ اللَهِ أرْجُلاً وَرَفَعَ علیهِ رَجُلاً، وَضَمَّهُ إلی‌ صَدْرِهِ، وَفَتَحَ فَاهُ بِنَشْرِ ذِكْرِهِ، وَكَسَرَ سُوقَ أعْدَائِهِ بِاعْلاَئِهِ، وَأخَذَهُ بِيَدِهِ، وَوَقَفَهُ عِنْدَ خَدِّهُ، [16] وَجَرَّ علی‌ أعْدَائِهِ رَجَلاً بَلْ أَجَلاً، وَجَزَمَهُمْ جَزَماً وَخَجَلاً، وَجَرَّهُمْ جَرّاً. فَالمِنْبَرُ مَنْصُوبٌ وَصَاحِبُهُ مَرْفُوعٌ، فَالمِنْبَرُ مَنْصُوبٌ صُورَةً وَمَعْنيً، وَصَاحِبُهُ مَرْفُوعٌ حَقِيقَةً وَفَحوْيً، وَهُوَ مَرْفُوعٌ وَعَدُوُّهُ مَنْصُوبٌ، وَهُوَ رَافِعٌ، وَعَدُوُّهُ نَاصِبٌ.

 لَيْتَ شِعْرِي‌: عَدُوُّهُ نَاصِبٌ أمْ مَنْصُوبٌ؟! نَاصِبُ اللَّقَبِ، مَنْصُوبُ المَذْهَبِ.

 فَيَا عَجَباً مِنْ نَاصِبٍ هُوَ مَنْصُوبٌ. ولو تأمّل‌ متأمّل‌ في‌ هذه‌ الكلمات‌، فإنّه‌ يجد فيها حركات‌ الاءعراب‌ والبناء. [17]

 الرجوع الي الفهرس

أشعار العوني‌ّ ورواية‌ أبي‌ القاسم‌ الحسكاني‌ّ في‌ الآية‌: سَأَلَ سَآئِلٌ

 ونقل‌ ابن‌ شهرآشوب‌ في‌ مناقبه‌ قضيّة‌ الحَرْث‌ بن‌ النعمان‌ كما ذكرناها، وذلك‌ عن‌ أبي‌ عُبَيْد، والثَّعْلَبي‌ّ، والنقّاش‌، وسفيان‌بن‌ عُيَيْنَة‌، والرازي‌ّ، والقزويني‌ّ، والنيسابوري‌ّ، والطبرسي‌ّ، والطوسي‌ّ في‌ تفاسيرهم‌، وقال‌ في‌ ختام‌ الموضوع‌: وفي‌ «شرح‌ الاخبار» أنّه‌ نزل‌: أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ.[18] ورواه‌ أبو نعيم‌ الفَضْل‌ بن‌ دكين‌. وقال‌ العوني‌ّ:

 يَقُولُ رَسُولُ اللَهِ هَذَا لاِمَّتي‌             هُوَ إلیوْمَ مَوْليً رَبِّ مَا قُلْتُ فَاسْمَعِ

 فَقَامَ جَحُودٌ ذُو شِقَاقٍ مُنَافِقٌ              يُنَادِي‌ رَسُولَ اللَهِ مِنْ قَلْبِ مُوجَعِ

 أعَنْ رَبِّنا هَذَا أمْ أنْتَ اخْتَرَعْتَهُ                      فَقَالَ: مَعَاذَ اللَهِ لَسْتُ بِمُبْدِعِ

 فَقَالَ عَدُوٌ اللَهِ: لاَ هُمَّ إنْ يَكُنْ                     كَمَا قَالَ حَقَّاً بِي‌ عَذَاباً فَأوْقَعِ

 فَعُوجِلَ مِنْ أُفُقِ السَّمَاءِ بِكُفْرِهِ                  بِجَنْدَلَةٍ فَانْكَبَّ ثَاوٍ بِمَصْرَعٍ [19]

 وروي‌ الحاكم‌ الحسكاني‌ّ هذه‌ الواقعة‌ عن‌ خمسة‌ طرق‌:

 الاوّل‌: عن‌ أبي‌ عبد الله‌ الشيرازيّ بسنده‌ عن‌ سفيان‌بن‌ عُيَيْنة‌، عن‌ الاءمام‌ الصادق‌، عن‌ الاءمام‌ الباقر، عن‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌. وذكر أنّ اسم‌ ذلك‌ المنافق‌ المنكر هو النعمان‌بن‌ الحَرْث‌ الفَهري‌ّ.

 الثاني‌: عن‌ جماعة‌، عن‌ أحمد بن‌ محمّد بن‌ نصر بن‌ جعفر الضَّبعي‌ّ بسنده‌ عن‌ سفيان‌ بن‌ عُيَيْنة‌، عن‌ الاءمام‌ الصادق‌، عن‌ الاءمام‌ الباقر، عن‌ الاءمام‌ زين‌ العابدن‌ علیهم‌ السلام‌. [20]

 الثالث‌: عن‌ تفسير عتيق‌، عن‌ إبراهيم‌ بن‌ محمدّ الكوفيّ بسنده‌ عن‌ جابر الجُعْفي‌ّ عن‌ الاءمام‌ محمّد الباقر علیه‌ السلام‌.

 الرابع‌: عن‌ أبي‌ الحسن‌ الفارسيّ، وعن‌ أبي‌ محمّد بن‌ محمّد البغدادي‌ّ بسنديهما عن‌ سفيان‌بن‌ سعيد، عن‌ منصور، عن‌ ربعي‌، عن‌ حُذَيْفَة‌بن‌ إلیمان‌.[21] وذكر أنّ اسم‌ ذلك‌ المنافق‌ المنكر: النُّعمان‌بن‌ المُنْذر الفهري‌ّ. ورجال‌ هذا الحديث‌ كلّهم‌ ثقات‌ معتمدون‌.

 الخامس‌: عن‌ عثمان‌، عن‌ فرات‌ بن‌ إبراهيم‌ الكوفي‌ّ بسنده‌ عن‌ سعيدبن‌ أبي‌ سعيد المقري‌، عن‌ أبي‌ هريرة‌. [22]

 وروي‌ شيخ‌ الإسلام‌ الحَمّوئي‌ّ عن‌ الشيخ‌ عماد الدين‌ عبدالحافظ‌بن‌ بدران‌بن‌ شبل‌ المقدسي‌ّ بمدينة‌ نابلس‌، في‌ ما أجاز لي‌ أن‌ أرويه‌ عن‌ القاضي‌ جمال‌ الدين‌ أبي‌ القاسم‌ بن‌ عبدالصمد بن‌ محمّد الانصاري‌ّ، متّصلاً عن‌ أبي‌ إسحاق‌ الثعلبيّ في‌ تفسيره‌، عن‌ سفيان‌ بن‌ عُيينة‌، عن‌ الاءمام‌ جعفربن‌ محمّد الصادق‌،[23] عن‌ آبائه‌ علیهم‌ السلام‌. وجاء في‌ هذه‌ الرواية‌ أنّ الحرث‌بن‌ النعمان‌ الفهري‌ّ ركب‌ ناقته‌، ونزل‌ علی‌ رسول‌الله‌ في‌ الابطح‌، وقال‌ ما قال‌، إلی‌ آخر الرواية‌. وقال‌ الحمّوئيّ في‌ آخرها:

 الابطح‌ مسيل‌ واسع‌ فيه‌ دقاق‌ الحصي‌، ومؤنّثه‌ البطحاء، وهي‌ من‌ الصفات‌ التي‌ طرحت‌ موصوفاتها رأساً كالراكب‌، والصاحب‌، والاوْرَق‌، والاطلس‌، يقال‌: تَبْطَحُ السَّيْلُ أي‌: اتّسع‌ في‌ البطحاء. [24]

 وذكر هذا الحديث‌ في‌ «غاية‌ المرام‌» عن‌ الحمّوئيّ إبراهيم‌بن‌ محمّد بألفاظه‌ نفسها. [25]

 وذكر الشيخ‌ محمّد الزرنديّ الحنفيّ هذه‌ القصّة‌ مفصّلاً عن‌ أبي‌ إسحاق‌ الثعلبي‌ّ في‌ تفسيره‌. [26]

 كما ذكرها ابن‌ صبّاغ‌ المالكيّ عن‌ الثعلبيّ في‌ تفسيره‌ أيضاً. [27]

 ونقلت‌ في‌ كتاب‌ «السيرة‌ النبويّة‌» لبرهان‌ الدين‌ الحلبيّ الشافعيّ المتوفّي‌ سنة‌ 1044ه. [28]

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ أبي‌ السعود في‌ شأن‌ نزول‌ الآية‌: سَأَلَ سَآئِلٌ

 وقال‌ أبو السعود في‌ تفسيره‌، في‌ شأن‌ نزول‌ الآية‌ الكريمة‌: سَأَلَ سَآئِلٌ: أي‌ استدعاه‌ وطلبه‌، وهو النظر بن‌ الحارث‌ حيث‌ قال‌ إنكاراً واستهزاءً: إِن‌ كَانَ هَـ'ذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ علینَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَآءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ إلیمٍ.

 وقيل‌: أبو جهل‌ حيث‌ قال‌: أَسْقِطْ علینَا كِسَفًا مِنَ السَّمَآءِ. [29]

 وقيل‌: الحَرْث‌ بن‌ النُّعمان‌ الفهري‌ّ. (وقصّته‌) أنّه‌ لمّا بلغه‌ قول‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیه‌ ] وآله‌ [ وسلّم‌ في‌ علی رضي‌ الله‌ عنه‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی مَوْلاَهُ. قال‌: اللهمّ إن‌ كان‌ ما يقول‌ محمّد حقّاً، فأمطر علینا حجارة‌ من‌ السماء!

 فما لبث‌ حتّي‌ رماه‌ الله‌ تعإلی‌ بحجر، فوقع‌ علی‌ دماغه‌، فخرج‌ من‌ أسفله‌، فهلك‌ من‌ ساعته‌. [30]

 وقال‌ القرطبي‌ّ في‌ تفسيره‌، في‌ ذيل‌ هذه‌ الآية‌: إنّ السائل‌ هو النَّضْرُبْنُ الحَارِث‌ الذي‌ قال‌: اللَهُمَّ إِنْ كَانَ هَـ'ذَا هُوَ الْحَقَّ مِن‌ عِندِكَ فَأَمْطِرْ علینَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَآءِ أَوِ ائِتِنَا بِعَذَابٍ إلیمٍ.

 فنزل‌ سؤاله‌، وقُتل‌ يوم‌ بدر صبراً، هُو وعقبة‌ بن‌ أبي‌ مُعَيْط‌، لم‌يقتل‌ صبراً غيرهما. وهذا قول‌ ابن‌ عبّاس‌، ومجاهد.

 وقيل‌: إن‌ السائل‌ هو الحارث‌ بن‌ النعمان‌ الفَهري‌ّ، وذلك‌ أنّه‌ لمّا بلغه‌ قول‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ علی‌ّ ] بن‌ أبي‌ طالب‌ [ رضي‌الله‌ عنه‌. مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَ علی‌ّ مَوْلاَهُ. ركب‌ ناقته‌، فجاء حتّي‌ أناخ‌ راحلته‌ بالابطح‌، ثمّ قال‌: يامحمّد! إلی‌ آخر اعتراض‌ من‌ الاعتراضات‌ التي‌ طرحها. [31]

 وعندما نقل‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ اسم‌ المعترض‌ علی‌ ولاية‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ عن‌ تفسير القرطبي‌ّ، فإنّه‌ ذكر أنّه‌ النضربن‌ الحارث‌. ثمّ قال‌ في‌ الت علیقة‌: هذا النضر هو النضر بن‌ الحارث‌ بن‌ كلدة‌بن‌ عبدمناف‌ الكلدري‌ّ. وفي‌ الحديث‌ تصحيف‌، إذا النضر أُخِذَ أسيراً يوم‌ بدر الكبري‌، وكان‌ شديد العداوة‌ لرسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ فأمر بقتله‌، فقتله‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ صبراً، كما جاء في‌ «سيرة‌ ابن‌ هشام‌» ج‌2، ص‌286، و «تاريخ‌ الطبري‌ّ» ج‌2، ص‌ 286، و «تاريخ‌ إلیعقوبي‌ّ» ج‌2، ص‌34، وغيرها. [32]

 ويبدو ممّا نقلناه‌ عن‌ تفسير القرطبيّ أنّ الحديث‌ ليس‌ فيه‌ تصحيف‌، لانّ القرطبي‌ّ قال‌: إنّ السائل‌ هو النضر بن‌ الحارث‌، وقد قُتِل‌ يوم‌ بدر. ثمّ قال‌: وقيل‌: هو الحارث‌ بن‌ النعمان‌ الفَهْريّ الذي‌ اعترض‌ علی‌ ولاية‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌. ف علی‌ هذا لا فرق‌ بين‌ كلام‌ القرطبي‌ّ، وسائر المفسّرين‌.

 فمضافاً إلی‌ ما ذكرناه‌ هنا عن‌ أعيان‌ العامّة‌ حول‌ نزول‌ آية‌ المعارج‌ في‌ منكر الولاية‌، نقل‌ العلاّمة‌ الامينيّ عن‌ كثير من‌ أعيانهم‌ الآخرين‌ أيضاً كالحافظ‌ أبي‌ عبيد الهرويّ في‌ «تفسير غريب‌ القرآن‌»، وأبي‌ النقّاش‌ الموصليّ في‌ تفسير «شفاء الصدور»، والحاكم‌ الحسكانيّ في‌ كتاب‌ «دعاة‌ الهداة‌ إلی‌ حقّ الموالاة‌»، وشهاب‌ الدين‌ أحمد دولت‌ آباديّ في‌ كتاب‌ «هداية‌ السعداء»، والسيّد نور الدين‌ الحسنيّ السمهوديّ الشافعيّ في‌ كتاب‌ «جواهر النقدين‌»، وشمس‌ الدين‌ الشربينيّ القادريّ الشافعيّ في‌ تفسير «السراج‌ المنير»، والسيّد جمال‌ الدين‌ الشيرازيّ في‌ كتاب‌ «الاربعين‌ في‌ مناقب‌ أميرالمؤمنين‌»، والسيّد ابن‌ عيد روس‌ الحسينيّ إلیمنيّ في‌ كتاب‌ «العقد النبوي‌ّ والسرّ المصطفوي‌ّ»، والشيخ‌ أحمدبن‌ باكثير المكّي‌ّ الشافعيّ في‌ كتاب‌ «وسيلة‌ المآل‌ في‌ عدّ مناقب‌ الآل‌» والشيخ‌ عبدالرحمن‌ الصفوريّ في‌ كتاب‌ «النزهة‌»، والسيّد محمود بن‌ محمّد القادريّ المدنيّ في‌ كتاب‌ «الصراط‌ السوي‌ّ في‌ مناقب‌ النبي‌ّ»، وشمس‌ الدين‌ الحفني‌ّ الشافعي‌ّ في‌ «شرح‌ الجامع‌ الصغير للسيوطي‌ّ»، والشيخ‌ محمّد صدر العالم‌ في‌ كتاب‌ «معارج‌ ال علی‌ في‌ مناقب‌ المرتضي‌»، والشيخ‌ محمّد محبوب‌ العالم‌ في‌ «تفسير شاهي‌»، والشيخ‌ أحمد بن‌ عبد القادر الحفظي‌ّ الشافعي‌ّ في‌ «ذخيرة‌ المآل‌ في‌ شرح‌ عقد جواهر اللآل‌»، والسيّد محمّد بن‌ إسماعيل‌ إلیمانيّ في‌ «الروضة‌ النديّة‌ في‌ شرح‌ التحفة‌ العلويّة‌»، والسيّد مؤمن‌ الشبلنجيّ الشافعيّ في‌ «نور الابصار في‌ مناقب‌ آل‌ بيت‌ النبيّ المختار»، والشيخ‌ محمّد عبده‌ المصريّ في‌ «تفسير المنار». بصورة‌ عامّة‌، نقل‌ العلاّمة‌ الامينيّ عن‌ ثلاثين‌ كتاباً. [33]

 وروي‌ السيّد هاشم‌ البحرانيّ في‌ «غاية‌ المرام‌» حديثين‌ عن‌ طريق‌ العامّة‌، وسـتّة‌ أحاديث‌ عن‌ طريق‌ الخاصّـة‌ في‌ شـأن‌ نزول‌ الآيـة‌: سَأَلَ سَآئِلٌ. [34]

 وأورده‌ العلاّمة‌ المجلسيّ في‌ «بحار الانوار» عن‌ ثلاثة‌ طرق‌: الاوّل‌: عن‌ الحاكم‌ الحسكانيّ في‌ كتاب‌ «دعاة‌ الهداة‌ إلی‌ حقّ الموالاة‌». الثاني‌: عن‌ الثعلبيّ في‌ تفسيره‌. الثالث‌: عن‌ صاحب‌ كتاب‌ «النَّشْر والطَّيّ». [35]

 لقد تحرّينا عن‌ هذا الموضوع‌، فلم‌ نجد أحداً من‌ علماء المسلمين‌ أنكر القصّة‌ التي‌ نزلت‌ فيها الآية‌: سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ، إلاّ ابن‌ تيميّة‌ الحرّاني‌ّ، ذلك‌ الرجل‌ البغيض‌، والفظّ، والمنكر، والسي‌ّء الطبع‌، والبذي‌ء اللسان‌، والاعمي‌ بصيرة‌، والكريه‌ المتجهّم‌، الذي‌ تجنّد وتحزّم‌ لاءنكار كلّ مأثور في‌ فضائل‌ ومناقب‌ سيّد الاولياء أمير المؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علیه‌ السلام‌ ودحضه‌ وتضعيفه‌ وعدّه‌ شاذّاً. وإنّما ينكر الضياء في‌ يوم‌ مشمس‌ مشرق‌، ويكابر في‌ إثبات‌ عدم‌ وجود الشمس‌، وانغمار العالم‌ في‌ الحنادس‌ المظلمة‌.

 الرجوع الي الفهرس

إنكار ابن‌ تيميّة‌ واقعة‌ نزول‌ العذاب‌

 ينكر ابن‌ تيميّة‌ الاحاديث‌ المسلّمة‌ المستفيضة‌ بوقاحة‌ تامّة‌، وبلاتحفّظ‌ يذكر، غير آبهٍ بعلماء الإسلام‌، والمؤرّخين‌، وأرباب‌ الحديث‌، والسير، والتفسير. إذ إنّ تلك‌ الاحاديث‌ لا توائم‌ مذهبه‌. ويتقوّل‌ ويتخرّص‌ بصراحة‌ ويسمّي‌ الشيعة‌ رافضة‌، وملاحدة‌، وزنادقة‌، وكذّابين‌، وفجرة‌، وأهل‌ باطل‌، ومجوساً، ويهوداً، ويفتري‌ علیهم‌ في‌ كلّ صفحةٍ من‌ كتابه‌ مرّة‌ ومرّات‌، ويتّهمهم‌ بشتّي‌ التهم‌، ويأتي‌ بآيات‌ من‌ القرآن‌ أدلّة‌ علی‌ ما يزعمه‌ ويدّعيه‌.

 ومَثَلُه‌ كمثل‌ الحجّاج‌ بن‌ يوسف‌ الثقفيّ الذي‌ كان‌ حافظاً للقرآن‌، وكان‌ يستدلّ به‌، ويفسّره‌ وفقاً لهواه‌ وهدفه‌، ويُحضِرُ شيعة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ من‌ الاطراف‌ والاكناف‌، ويحاجّهم‌ بالقرآن‌ زاعماً أنّه‌ هو وأمثاله‌ أولو الامر الذين‌ عناهم‌ القرآن‌ بقوله‌: أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي‌ الاْمْرِ مِنكُمْ وتسوّل‌ له‌ نفسه‌ فيسفك‌ دماء تلك‌ النجوم‌ المتأ لّقة‌ وأُولئك‌ الكرام‌ البررة‌ بسيفه‌ البتّار الذي‌ يقطر دماً، ويصنع‌ تلالاً من‌ أشلاء شهداء الشيعة‌. وقيل‌: إنّه‌ قتل‌ سبعين‌ ألفاً منهم‌ أو أكثر من‌ ذلك‌.

 وكان‌ ابن‌ تيميّة‌ معاصراً للعالم‌ الجليل‌، والفقيه‌ النبيل‌، أفضل‌ المتقدّمين‌ والمتأخّرين‌، العالم‌، والمتكلّم‌، والحكيم‌، والمفسّر، والمحدّث‌، والفقيه‌، وحامي‌ الدين‌ ومذهب‌ التشيّع‌، العلاّمة‌ الحلي‌ّ: الحسن‌بن‌ يوسف‌بن‌ علی‌ّ بن‌ المطهّر الحلّي‌ّ، المولود لاحد عشر يوماً خلون‌ أو بقين‌ من‌ شهر رمضان‌ سنة‌ 648ه،[36] والمتوفّي‌ ليلة‌ السبت‌ وهي‌ الليلة‌ الحادية‌ والعشرون‌ من‌ شهر محرّم‌ الحرام‌ سنة‌ 726ه.[37] أي‌: ولد بعد ولادة‌ العلاّمة‌ بثلاث‌ عشرة‌ سنة‌، ومات‌ بعده‌ بعامين‌.

 كان‌ ابن‌ تيميّة‌ مخالفاً للعلوم‌ العقليّة‌ كالفلسفة‌ والحكمة‌، وكذلك‌ كان‌ مناوئاً لارباب‌ الشهود والوجدان‌ والعرفان‌ والحقيقة‌. وهاجم‌ هاتين‌ الطائفتين‌ في‌ مواضع‌ متكرّرة‌ من‌ كتابه‌.

 أي‌: أنّه‌ امرؤ ليس‌ له‌ حظّ من‌ العلوم‌ العقليّة‌ وجولان‌ الفكر، كما ليس‌ له‌ خلاق‌ من‌ العلوم‌ الباطنيّة‌ والسرّيّة‌ والقلبيّة‌. فلهذا تشبّث‌ بظواهر من‌ الكتاب‌ والسنّة‌ واقتنع‌ بها من‌ غير أن‌ يدرك‌ محتواها. وهو كالخوارج‌ المتعنّتين‌ الفارغين‌، جعل‌ نظرته‌ إلی‌ العالم‌، والخلق‌، والدنيا، والآخرة‌، والخالق‌، والشيطان‌، والسعادة‌، والشقاء علی‌ أساس‌ فكره‌ الخيإلی‌ّ المزيّف‌، وأجري‌ حكمه‌ وفقاً لذلك‌.

 إنّه‌ أ لّف‌ كتابه‌ «مِنْهَاج‌ السُّنَّة‌ في‌ نَقْضِ كَلاَمِ الشِّيعَةِ وَالقَدَريّة‌» ردّاً علی‌ كتاب‌ العلاّمة‌ الحلّي‌ّ «مِنْهَاج‌ الكَرَامَة‌ فِي‌ مَعْرِفَةِ الاءمَامَة‌».

 الرجوع الي الفهرس

في‌ علوم‌ الدهر النادرة‌: العلاّمة‌ الحلّي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌

 وأ لّف‌ العلاّمة‌ كتابه‌ «منهاج‌ الكرامة‌» للسلطان‌ محمّد خدابنده‌ (الجاتيو) في‌ الاستدلال‌ علی‌ إمامة‌ أمير المؤمنين‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ وأفضليّته‌ علی‌ جميع‌ الخلائق‌ بعد رسول‌ الله‌. وذكر فيه‌ مطالب‌ من‌ آيات‌ القرآن‌ والاحاديث‌ الثابتة‌ عند أهل‌ السنّة‌ التي‌ لامجال‌ للارتياب‌ فيها.

 وعلم‌ السلطان‌ المذكور أنّ الحقّ مع‌ الشيعة‌، وأنّ المذهب‌ المستقيم‌ الصحيح‌ في‌ مدرسة‌ التشيّع‌، وذلك‌ في‌ أعقاب‌ مناظرة‌ العلاّمة‌ الحلّي‌ّ مع‌ فقهاء كبار من‌ المذاهب‌ الاربعة‌ (الحنفيّ والحنبليّ، والشافعي‌ّ، والمالكي‌ّ) سنة‌ 707ه. وقد أدانهم‌ العلاّمة‌ وأفحمهم‌، فترك‌ السلطان‌ مذهبه‌ القديم‌، وتشيّع‌ وكتب‌ إلی‌ جميع‌ الحواضر والامصار بحذف‌ أسماء الخلفاء الثلاثة‌ من‌ الخطب‌، وذِكْرِ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ والائمّة‌ الاحد عشر مكانهم‌،[38] ونَقْش‌ أسماء أُولئك‌ العظام‌ ـوهم‌ الائمّة‌ الابرار وفقهاء أهل‌ البيت‌ـ في‌ المساجد والتكايا، والاءعلان‌ عن‌ رسميّة‌ المذهب‌ الشيعي‌ّ. وتمّ تطبيق‌ هذا الحكم‌، فكتبت‌ النقوش‌، وأُلقيت‌ الخطب‌، ونقشت‌ أسماء الائمّة‌ علی‌ السكك‌ تلبية‌ لاوامر السلطان‌ المشار إلیه‌. فلهذا ضربت‌ الدراهم‌ والدنانير التي‌ يتداولها الناس‌ بأسماء أُولئك‌ الولاة‌ العظام‌. [39]

 ونقشت‌ أسماء الائمّة‌ الاثني‌ عشر حتّي‌ في‌ المسجد الجامع‌ بإصفهان‌ في‌ قسم‌ من‌ زاوية‌ الرواق‌ المعروف‌ برواق‌ محمّد خدابنده‌، في‌ ثلاثة‌ مواضع‌ من‌ المسجد أحدها المحراب‌. وتمّ هذا النقش‌ بأحسن‌ خطّ، وأجمل‌ تزويق‌، وأمتن‌ تجصيص‌، بحيث‌ إنّه‌ لازال‌ ماثلاً إلی‌ إلیوم‌ بعد مضي‌ سبعة‌ قرون‌ علیه‌. وقد لفت‌ أنظار الاخصّائيّين‌، وذوي‌ الالباب‌، والباحثين‌ عن‌ الحقّ والحقيقة‌. [40]

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.

[2] ـ الآية‌ 142، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.

[3] ـ الآيات‌ 29 إلی‌ 35، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[4] ـ «العقد الفريد»، ج‌ 3، ص‌ 279، 286. الطبعة‌ الاُولي‌، مطبعة‌ الجمإلیة‌، سنة‌ 1331 ه.

[5] أی لما قبض أبو طالب رضوان الله علیه

[6] ـ «ينابيع‌ المودّة‌» ص‌ 484، الطبعة‌ الاُولي‌، إسلامبول‌؛ و«الغدير» ج‌ 1، ص‌ 212 عن‌ «ينابيع‌ المودّة‌»؛ و«عقبات‌ الانوار» ج‌ 1، ص‌ 147.

[7] ـ «مروج‌ الذهب‌» ج‌ 2، ص‌ 437، طبعة‌ مطبعة‌ السعادة‌، سنة‌ 1367 ه.

[8] ـ «الغدير» ج‌ 4، ص‌ 66.

[9] ـ الآيات‌ 1 إلی‌ 3، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.

[10] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1، ص‌ 531، الطبعة‌ الحجريّة‌. وجاءت‌ هذه‌ الابيات‌ في‌ «الغدير» ج‌ 4، ص‌ 118. ونقل‌ عجز البيت‌ الرابع‌ هكذا: لَهُ شَبَه‌ الفاضِل‌ المفضَلِ. والشاعر هو أبوالعلاء السَّرَويّ المازندرانيّ، أحد أعلام‌ القرن‌ الرابع‌. وله‌ مكاتبات‌ ومساجلات‌ مع‌ أبي‌ الفضل‌ بن‌ العميد. وذكرت‌ ترجمته‌ وبعض‌ أشعاره‌ في‌ «يتيمة‌ الدهر»؛ و«محاسن‌ إصفهان‌»؛ و«نهاية‌ الإرَب‌ في‌ فنون‌ الادب‌».

[11] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1، ص‌ 531. ونقل‌ العلاّمة‌ الامينيّ هذه‌ الابيات‌ في‌ «الغدير» ج‌ 4، ص‌ 172 نقلاً عن‌ «المناقب‌»؛ و«الصراط‌ المستقيم‌» للبياضي‌ّ، وقال‌: الشاعر هو أبوالفرج‌ محمّدبن‌ هندو الرازي‌ّ. وآل‌ هندو من‌ أُسر الإماميّة‌ الناهضين‌ بنشر العلم‌ والادب‌. وأبو الفرج‌ هذا مؤسّس‌ بيت‌ آل‌ هندو. وفيهم‌ جمع‌ قد تحلّي‌ أفراده‌ كلّهم‌ بالمقامات‌ العلميّة‌، ولهم‌ شأنهم‌ في‌ الشعر والادب‌.

[12] ـ «مناقب‌ ابن‌ شهرآشوب‌» ج‌ 1، ص‌ 531.

 يقول‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ في‌ كتاب‌ «الإقبال‌» ص‌ 459: وبلغ‌ أمر الحسد لمولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ علی‌ ذلك‌ المقام‌ والإنعام‌ إلی‌ بعضهم‌ الهلاك‌ والاصطلام‌. فروي‌ الحاكم‌ عبيدالله‌ ابن‌عبدالله‌ الحسكانيّ في‌ كتاب‌ «ادّعاء الهداة‌ إلی‌ أداء حقّ الموالاة‌» ـوهو من‌ أعيان‌ رجال‌ الجمهورـ فقال‌: قرأت‌ علی‌ أبي‌ بكر محمّد بن‌ محمّد الصيدلانيّ فأقرّ به‌. إلی‌ أن‌ يبلغ‌ بالحديث‌ إلی‌ منصوربن‌ ربعي‌ الذي‌ روي‌ عن‌ حذيفة‌ بن‌ إلیمان‌ أنّه‌ قال‌: لمّا قال‌ رسول‌الله‌: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا مَوْلاَهُ، قام‌ النعمان‌ بن‌ المنذر الفهريّ فقال‌: هذا شي‌ء قلته‌ من‌ عندك‌ أو شي‌ء أمرك‌ به‌ ربّك‌؟ فقال‌ النبي‌ّ: بل‌ أمرني‌ به‌ ربّي‌. قال‌: اللَهُمَّ أنْزِل‌ علینَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ. فما بلغ‌ رحله‌ حتّي‌ جاءه‌ حجر فأدماه‌ فخرّ ميّتاً، فأنزل‌ الله‌، تعإلی‌: سأل‌ سآئل‌ بعذابٍ وَاقِع‌.

 أقول‌: وروي‌ هذا الحديث‌ الثعلبي‌ّ في‌ تفسيره‌ للقرآن‌ بأفضل‌ وأكمل‌ من‌ هذه‌ الرواية‌. وكذلك‌ رواه‌ صاحب‌ كتاب‌ «النشر والطي‌ّ». ثمّ ذكر الحديث‌ مفصّلاً وقال‌: فإذا كان‌ الحال‌ كما ذكرناه‌ من‌ الجاحدين‌ الكارهين‌ لما أنزل‌ الله‌، ولما أمر به‌ رسوله‌ صلوات‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ من‌ولاية‌ علی‌ّبن‌ أبي‌ طالب‌ علی‌ الإسلام‌ والمسلمين‌. وكان‌ ذلك‌ في‌ حياة‌ النبي‌ وهو يرجي‌ ويخاف‌ والوحي‌ ينزل‌ علیه‌، فكيف‌ يستبعد ممّن‌ كان‌ بهذه‌ الصفات‌ في‌ الحسد والعداوة‌ أن‌ يعزلوا الولاية‌ عن‌ مولانا علی‌ّ علیه‌ السلام‌ بعد وفاة‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ ويكتموا كثيراً من‌ النصوص‌ علیه‌؟

 بَاعُوهُ بِالاَمَلِ الضَّعِيفِ سَفَاهَةً وَقْتَ الحياةِ فَكيفَ بعد وفاتِهِ

 خَذَلُوهُ فِي‌ وَقْتٍ يُخاف‌ ويُرتجي‌ أَيُرَادُ منهم‌ أن‌ يَقُول‌ لِمَمَاتِهِ؟

[13] ـ هذا الكلام‌ استنباط‌ من‌ الآية‌ 32، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌: وَإِذَا قَالُوا اللَهُمَّ إِن‌ كَانَهَـ'ذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ علینَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَآءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ إلیمٌ.

[14] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 240. وذكره‌ في‌ «مجالس‌ المؤمنين‌» في‌ المجلس‌ الاوّل‌، عن‌ الثعلبي‌ّ بناءً علی‌ نقل‌ «تفسير أبي‌ الفتوح‌».

[15] ـ «تذكرة‌ خواصّ الاُمّة‌»، ص‌ 19.

[16] ـ في‌ طبعة‌ (مظفّري‌»: عند خَدّه‌ بالخاء المعجمة‌، أي‌: أوقف‌ علیاً إلی‌ جانب‌ وجهة‌. وفي‌ طبعة‌ (إسلاميّة‌) بالحاء المهملة‌، أي‌: أوقف‌ علیاً في‌ حدود ما يستأهله‌ ويستحقّه‌.

[17] ـ «تفسير رَوْح‌ الجِّنَان‌ ورُوح‌ الجَّنَان‌»، ج‌ 2، ص‌ 194 و 195، طبعة‌ مظفّري‌. وطبعة‌ إسلاميّة‌ ج‌ 4، ص‌ 282 و 283. وذكر أبو الفتوح‌ في‌ عباراته‌ الاخيرة‌ الجمل‌ التي‌ تحمل‌ مفاد خطبة‌رسول‌الله‌ ودعائه‌ في‌ أميرالمؤمنين‌ بألفاظ‌ الرفع‌، والنصب‌، والكسر، والجزم‌، والجَّرِّ، والفتح‌، والضمّ، وهي‌ حركات‌ الإعراب‌ والبناء التي‌ يستعملها النحويّون‌ في‌ كتبهم‌.

[18] ـ الآية‌ 204، من‌ السورة‌ 26: الشعراء.

[19] ـ «مناقب‌ آل‌ أبي‌ طالب‌» ج‌ 1، ص‌ 538.

[20] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 2، ص‌ 287، الحديث‌ رقم‌ 1031. وجاء الحديث‌ في‌ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 240 عن‌ الحاكم‌ الحسكاني‌ّ.

[21] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 2، ص‌ 288، الحديث‌ رقم‌ 1032.

[22] ـ «شواهد التنزيل‌» ج‌ 2، ص‌ 289، الحديث‌ رقم‌ 1034. وجاء الحديث‌ في‌ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 241 عن‌ الحاكم‌ الحسكاني‌ّ.

[23] ـ يبدو أنّ هذه‌ الجملة‌ من‌ نسخة‌ «فرائد السمطين‌» صحيحة‌، لانّ سفيان‌بن‌ عيينة‌ يروي‌عن‌الإمام‌ الصادق‌ بلا واسطة‌ أبيه‌، ولهذا عندما جاء في‌ بعض‌ نسخ‌ «الفرائد»، وبعض‌ الكتب‌ الاُخري‌ أنّ سفيان‌ بن‌ عُيَيْنَة‌ يروي‌ عن‌ أبيه‌، عن‌ الصادق‌، فهو تصحيف‌ كما يبدو.

[24] ـ «فرائد السمطين‌» ج‌ 1، ص‌ 82 و 83، الحديث‌ 63، الباب‌ الخامس‌ عشر، ولكنّ العلاّمة‌ الاميني‌ّ نقلها في‌ «الغدير»، ج‌ 1، ص‌ 242 عن‌ الباب‌ الثالث‌ عشر من‌ «الفرائد».

[25] ـ «غاية‌ المرام‌» القسم‌ الثاني‌، ص‌ 397، و 398، بالباب‌ 117، الحديث‌ الاوّل‌.

[26] ـ «نظم‌ درد السمطين‌» ص‌ 93؛ و «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 242 و 243 عن‌ الكتاب‌ نفسه‌، وعن‌ كتاب‌ «معارج‌ الوصول‌» للزرندي‌ّ.

[27] ـ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 26، الطبعة‌ الحجريّة‌، وفي‌ طبعة‌ حديثة‌ في‌ النجف‌، ص‌ 24.

[28] ـ «السيرة‌ الحلبيّة‌» ج‌ 3، ص‌ 308 و 309، عن‌ طبعة‌ مطبعة‌ محمّد علی‌ صبيح‌، مصر، سنة‌ 1353 ه.

[29] ـ الآية‌ 187، من‌ السورة‌ 26: الشعراء. فَأَسْقِطْ علینَا كِسَفًا مِنَ السَّمَآءِ إِن‌ كَنتَ مِنَ الصَّـ'دِقِينَ.

[30] ـ تفسير «إرشاد العقل‌ السليم‌ إلی‌ مزايا الكتاب‌ الكريم‌» المشهور بـ«تفسير أبي‌ السعود»، من‌ إصدارات‌ مكتبة‌ الرياض‌ الحديثة‌، ج‌ 5، ص‌ 388. وطبع‌ أيضاً في‌ هامش‌ «تفسير الفخر الرازي‌ّ»، ج‌ 8، ص‌ 292. وأبو السعود قاضي‌ القضاة‌، وهو نجل‌ محمّد العمادي‌ّ الحنبلي‌ّ، ولد سنة‌ 900 ه، وتوفّي‌ سنة‌ 982 ه.

[31] ـ تفسير «الجامع‌ لاحكام‌ القرآن‌»، لابي‌ عبد الله‌ محمّد بن‌ أحمد الانصاري‌ّ القرطبي‌ّ ج‌ 18، ص‌ 278، طبعة‌ دار الكتاب‌ العربي‌ّ. القاهرة‌ سنة‌ 1387 ه.

[32] ـ «الغدير»، ج‌ 1، ص‌ 241.

[33] ـ «الغدير» ج‌ 1، ص‌ 239 إلی‌ 246.

[34] ـ «غاية‌ المرام‌» القسم‌ الثاني‌، الباب‌ 117 و 118، ص‌ 397 و 398.

[35] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 206، طبعة‌ الكمبانيّ.

[36] ـ جاء في‌ «روضات‌ الجنّات‌» نقلاً عن‌ خطّ العلاّمة‌ نفسه‌ أنّ ولادته‌ كانت‌ في‌ التاسع‌ والعشرين‌ من‌ شهر رمضان‌.

[37] ـ كانت‌ وفاة‌ العلاّمة‌ بمدينة‌ الحلّة‌، وقد نقل‌ نعشه‌ إلی‌ النجف‌ الاشرف‌، ودفن‌ إلی‌ جوار أميرالمؤمنين‌. «روضات‌ الجنّات‌» ج‌ 2، ص‌ 282، الطبعة‌ الحديثة‌.

[38] ـ قال‌ في‌ «مجالس‌ المؤمنين‌»، المجلس‌ الثامن‌ في‌ معرض‌ ترجمة‌ السلطان‌ خدابنده‌، ص‌ 403: ومضي‌ الحكم‌ بأن‌ يخطب‌ الخطباء في‌ جميع‌ مناطق‌ إيران‌، ويحذفوا أسماء الصحابة‌ الثلاثة‌، ويقتصروا علی‌ أمير المؤمنين‌ علی‌ّ، والحسن‌، والحسين‌ علیهم‌ السلام‌. وغيّروا السكّة‌ سنة‌ 709 ه، واختصروا أسماء الصحابة‌ باسم‌ أميرالمؤمنين‌ علی‌ّ، وأظهروا حي‌ّ علی‌ خير العمل‌ في‌ الاذان‌، وذاع‌ هذا الامر وانتشر في‌ كافّة‌ المناطق‌ الخاضعة‌ لحكم‌ السلطان‌ الجاتيو إلاّ قزوين‌. وازدهر المذهب‌ الشيعي‌ّ المهجور وانتشر في‌ كافّة‌ الارجاء.

[39] ـ وقال‌ في‌ ص‌ 402: وتزيّنت‌ الخطب‌ والسكك‌ بأسماء أئمّة‌ الهدي‌ علیهم‌ السلام‌. كما نقشوا علی‌ وجه‌ الدينار الكلمة‌ الطيّبة‌: لاَ إله‌ إلاّ الله‌، محمّد رسول‌الله‌، علی‌ّ وليّ الله‌ في‌ ثلاثة‌ أسطر متوازية‌ وكتبوا أسماء الائمّة‌ الاثني‌ عشر صلوات‌ الله‌ علیهم‌ علی‌ الترتيب‌ الواقع‌ حول‌ دائرة‌ مخمّسة‌ الاضلاع‌.

[40] ـ وكذا في‌ معبد پير مكران‌ لِنجان‌، ومعبد الشيخ‌ نور الدين‌ النطنزي‌ّ من‌ العرفاء وكذا علی‌ منارة‌ دار السيادة‌ التي‌ تمّمها السلطان‌ محمّد خدابنده‌ من‌ بعد ما أحدثها أخوه‌ غازان‌. فقد نقشت‌ الاسماء المقدّسة‌ للائمّة‌ الطاهرين‌ علی‌ هذه‌ كلّها. «روضات‌ الجنّات‌» ج‌ 2، ص‌ 280 و 281، الطبعة‌ الحديثة‌.

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com