|
|
الصفحة السابقةالعلّة التي لا يمكن لاحد بسببها أن يقتل قاتلهوعلينا الآن أن نبحث في أمرين: الاوّل: لماذا لم يقتل أمير المؤمنين عليه السلام زمن حياته قاتله ابن ملجم، [1] مع أنـّه عليه السلام أخبر مراراً أنّ قاتله هو عبد الرحمن بن ملجم، ومع أنّ الكثير من أصحاب الإمام طلبوا منه قتله، حتّي أنّ عبدالرحمن نفسه عرض علی الإمام أن يقتله. الجواب: أوّلاً: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام هو نفسه مصدر العدالة ومحور القسط والإنصاف، فكيف يقتل عبد الرحمن وهو بعدُ لم يرتكب جرماً ولم يجترح جناية؟ أفليس هذا العمل بذاته جرماًوجناية؟ وكان الإمام سيبدو آنذاك جانياً مكان ابن ملجم، وكان ابن ملجم سيبدو بدل الإمام بريئاً لا ذنب له ولا جريرة. وهذا العمل غير صحيح ممّن يُعدّ هو ميزاناً للقسط والعدالة، بل إنّ القصاص قبل الجريمة هو بذاته جريمة وذنب، لانـّنا نعلم أنّ القصاص يحصل فقط عند ارتكاب القتل، وليس عند توفّر نيّة القتل والعزم عليه، ولابالرغبة فيه والاشتياق إليه؛ ولا قصاص عند عدم تحقّق القتل، بالرغم من تحقّق النيّة والرغبة والعزم عليه. ثانياً: أنّ القتل لن يقع ما لم تتحقّق علّتة التامّة، وإحدي علل قتل أميرالمؤمنين لابن ملجم، أن يريد عليه السلام قتله ويعزم عليه؛ ولانّ هذا القتل غير مشروع بسبب عدم صدور جناية منه بعدُ، فإنّ قتل ابن ملجم سيكون أمراً محالاً. وثالثاً: لو قدّر في علم الله تعالي حقيقةً، علی أساس سلسلة الاسباب والمسبّبات والعلل والمعلولات، أن يكون ابن ملجم قاتلاً وأن يكون أميرالمؤمنين عليه السلام مقتولاً، فكيف سينعكس الامر فيصبح أميرالمؤمنين قاتلاً وابن ملجم مقتولاً، وليس هذا إلاّ فساد علمه تعالي، نعوذ بالله. وخلاصة الامر أنّ هذا العلم لو كان صحيحاً، فإنّ ابن ملجم سيكون قاتلاً ولو اجتمع الثقلان علی منعه؛ وإن لم يكن صحيحاً فإنّ قتل ابن ملجم سيكون بلا داعٍ، وسيكون شخص بريء قد قُتل بلا ذنب. وقد نُسب نظير هذا الخطأ والزلّة الفادحة إلی فرعون، فقد أخبره الكهنة أنـّه سيولد من بني إسرائيل والاسباط ولد يكون علی يديه زوال عرش فرعون ومُلكه وسلطانه، فبدأ بقتل الاولاد، وصار يذبح كلّ ولد تلده امرأة من الاسباط، ولم يكن المسكين ليعلم أنّ أخبار الكهنة لو صحّت وصدقت حقيقةً، فإنّ ذلك الولد الذي سيسقط التاج والسلطنة سيأتي في النهاية وسينجو من بين هؤلاء الاولاد، وسيكون أُولئك المقتولون في تلك الحال غيره، وسيكونون ـ من ثمّ ـ قد قُتلوا وذبحوا بلا جريرة. أمّا لو كانت أخبار الكهنة خاطئة، فإنّ جميع أُولئك الاولاد سيكونون أيضاً قد ذبحوا بلا ذنب وجريرة. وعلي هذا الاساس فإنّه كان عليه السلام حين يُخبر عن شهادته علی يد ابن ملجم فيقول له أصحابه: أَوَ لاَ تَقْتُلُهُ؟ أَوَ لاَ نَقْتُلُهُ؟ فيجيب: مَا أَعْجَب مِنْ هَذَا تَأْمُرُونِّي أَنْ أَقْتُلَ قَاتِلِي؟[2] الثاني: أنـّه كان عليه السلام يوصي في عبد الرحمن أن يوسّع عليه في الطعام والشراب، وأرسل إليه بنفسه وعاء الحليب بعد أن شرب منه جرعة وأوصي الإمام الحسن عليه السلام أن لا يُمثّل به، [3] وأن لا تُفقأ عيناه، أو تُصْلَم أُذناه أو يجذع أنفه أو يُجَذَّ لسانُه أو تُقطع يداه ورجلاه، وأن لا يحرق حيّاً، وأوصي أن يُضرب بالسيف ضربةً بضربة، وإن عُفي عنه لكان خيراً. رغبة أمير المؤمنين عليه السلام في العفو عن قاتلهويقول في وصيّته: إِنْ أَبْقَ فَأَنَا وَلِيُّ دَمِي، وَإِنْ أَفْنَ فَالْفَنَاءُ مِيعَادِي، وَإِنْ أَعْفُ فَالْعَفْوُ لِي قُرْبَةٌ، وَلَكُمْ حَسَنَةٌ؛ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَاللَهُ لَكُم. فَيَالَهَا حَسْرَةً علی كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمْرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً، أَوْ يُؤَدِّيهِ أَيَّامُهُ إلی شَقْوَةٍ؛ جَعَلَنَا اللَهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لاَ يَقْصُرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ اللَهِ رَغْبَةٌ، أَوْ يُحْمِلُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نِقْمَةٌ، فَإِنَّمَا نَحْنُ لَهُ وَبِهِ. ثُمَّ أَقْبَلَ علی الْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ؛ ضَرْبَةً مَكَانَ ضَرْبَةٍ، وَلاَتَأْثِمْ. [4] أَوّلاً: لماذا كان أمير المؤمنين عليه السلام يشفق علی قاتله ويداريه إلی هذا الحدّ؟ وثانياً: لماذا لم يعفو الإمام الحسن عليه السلام عن القاتل، بل اقتصّ منه؟ بديهيّ أنّ الإجابة واضحة فنحن نعلم أنّ أعمال أمير المؤمنين عليه السلام لا تدور علی محور تشفّي الخاطر الشهويّ أو الغضبيّ، ولاعلي أساس الحسد والحقد والطمع والبخل، بل إنّ جميع أفعال الإمام ذي الصدق والاستقامة كانت وفقاًللحقّ والتقوي وطهارة الباطن، بل إنّها كانت أفضل وأسمي أمثلة الكتاب الإلهيّ ومعلّم البشريّة. فقد ورد في موضع من القرآن الكريم: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّـ'بِرِينَ.[5] لذا، فعمل أمير المؤمنين بهذه الآية المباركة وهو أميرالمؤمنين وقدوتهم، هو النموذج الاوحد والمثال الابرز الاجلي، والتدبير الحكيم. [6] العلّة في عدم عفو الإمام المجتبي عن قاتل أمير المؤمنينوأمّا علّة عدم عفو الإمام المجتبي فلعدم تناسبه مع الظروف التي كانت حاكمة في ذلك الوقت، إذ كان العفو عن عبد الرحمن في تلك البُرهة، مع مؤامرات معاوية وتمرّد أهل الكوفة علی استمرار القتال، ومع اضطراب دولة وحكومة الإسلام وزعزعتها بمثابة دليل علی انكسار وضعف دولة الإمام المجتبي، ولاجل ذلك فقد قدّم الإمام عليه السلام القصاص وفقاً للمصلحة العامّة للمسلمين. وهكذا فقد كانت رغبة أمير المؤمنين عليه السلام في العفو قائمة علی أساس كرم النفس والعفو الشخصيّ، وكان قصاص الإمام المجتبي علی أساس الصالح العامّ وحفظ دولة الإسلام. لذا فقد كان عامّة المسلمين في مأتم وحزن لموت أمير المؤمنين عليه السلام وفقده، فقد خسروا مثل هذا الإمام العادل المتحقّق بالحقّ. ولقد عمّت المصيبة مدينتي مكّة والمدينة وبيوتهما. وكان الإمام الحسن قد قصّ علی أبيه قبل أن يُضرب رؤيا موحشة ومروّعة، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يَا بُنَيَّ! رَأَيْتُ كأنَّ جبرئيل عَلَيهِ السَّلاَمُ قَد نَزَلَ مِنَ السَّماءِ علی جَبَلِ أَبِي قُبَيْس فتناولَ منه حَجرين ومضي بهما إلی الكعبةِ وتركهما علی ظهرِها، وضربَ أحدَهُما علی الآخرِ فصارتْ كالرميم، ثمّ ذَرَّهُمَا في الريحِ، فما بَقِيَ بمكّةَ ولا بالمدينةِ بَيْتٌ إِلاّ ودَخَلَهُ من ذلك الرمادِ. فقال له (الحسن عليه السلام): يَا أَبَتِ وَمَا تَأْوِيلُهَا؟ فقال: يا بُنَيَّ إِنْ صَدَقَتْ رُؤيَايَ فَإِنَّ أَبَاكَ مَقْتُولٌ، وَلاَ يَبْقَي بِمَكّةَ حِينَئذٍ وَلاَ بِالمدينةِ بَيْتٌ إِلاَّ وَيَدْخُلهُ مِن ذَلِكَ غَمٌّ ومُصِيبَةٌ مِنْ أَجْلِي. [7] إنّ مكارم أخلاق أمير المؤمنين ومعالي درجاته ومقاماته الروحيّة هي التي جعلته إماماً للبشريّة. فهو وصيّ رسول الله الذي جاء فيه: وَإِنَّكَ لَعَلَي' خُلُقٍ عَظِيمٍ. [8] وما أروع ما أنشد الإمام الشافعيّ حسب نقل «ينابيع المودّة»: قِيلَ لِي قُلْ فِي علی مَدْحَاً ذِكْرُهُ يُخْمِدُ نَاراً مُؤصَدَه قُلْتُ لاَ أَقْدِمُ فِي مَدْحِ امْرِيٍ ضَلَّ ذُو اللُّبِّ إلی أَنْ عَبَدَهْ وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفي قَالَ لَنَا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ لَمَّا صَعَّدَهْ وَضَعَ اللَهُ بِظَهْرِي يَدَهُ فَأَحَسَّ الْقَلْبُ أَنْ قَدْ بَرَّدَهْ وَعَلَيُّ وَاضِعٌ أَقْدَامَهُ فِي مَحَلٍّ وَضَعَ اللَهُ يَدَهْ [9]
بسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ الحمد للَّه ربّ العالمين ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم وصلَّي الله علی محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين (مطالب أُلقيت في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك)
قال الله الحكيم في كتابه الكريم: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن فِي الاْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَاللَهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَي' فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ * وَأَشْرَقَتِ الاْرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَـ'بُ وَجَاي´ءَ بِالنَّبِّيِــنَ وَالشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَيُظْلَمُونَ. [10] ذكرنا سابقاً أنّ هاتين النفختين في الصور من باب تشبيه المطالب العقليّة الرفيعة والمعاني الكلّيّة المجرّدة بالمطالب المحسوسة الجزئيّة، فحين يريد الملوك والسلاطين ـ عادةً ـ أن يُسيّروا أفواجهم للقتال فإنّهم يعدّون صوراً وبوقاً فينفخون فيه للنفير والاستعداد، ثمّ ينفخون فيه أُخري للحركة صوب الجهة التي يريدون التحرّك إليها. وهكذا فعلي أثر النفخ الاوّل في الصور يموت جميع الناس، وهذا يعني الفناء في ذات الله تعالي، لانّ علی جميع الموجودات أن تعود ـدونما استثناءـ إلی الله تعالي. وَإِلَي اللَهِ الْمَصِيرُ. [11] أَلآ إلی اللَهِ تَصِيرُ الاْمُورُ. [12] وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الاْمْرُ كُلُّهُ و. [13] يَـ'´أَيُّهَا الإنْسـ'نُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَي' رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَـ'قِيهِ. [14] وَأَنَّ إِلَي' رَبِّكَ الْمُنتَهَي'. [15] وأمثال هذه الآيات الكريمة كثيرة في القرآن الكريم، ودالّة علی أنّ جميع الموجودات يجب أن تفني في ذات الله تعالي. ثمّ يُنفخ في الصور ثانية (وهو صور الإحياء) فيحصلون علی البقاء بالله، فيتشرّف البشر والنفوس العالية للملائكة السماويّين بمقام البقاء ـ بعد نيلهم للفناءـ فيبقون ببقاء الذات المقدّسة للحضرة الاحديّة. نفخ الصور الاوّل لاهل البرزخوعلينا أن نري، مَن هم المعنيّون بتعبير مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن فِي الاْرْضِ؟ ومَن هم الافراد الذين يشكّلون مصداق هذا الاستثاء في إِلاَّ مَن شَآءَاللَهُ؟ إنّ المراد بـ مَن فِي الاْرْضِ هم الافراد الذين رحلوا عن هذه الدنيا، إلی عالم البرزخ، لاأُولئك الاحياء علی ظهر الارض حاليّاً؛ ذلك لانّ الكائنات الموجودة علی الارض إن هلكت بالصور الاوّل، ثمّ حضرت في القيامة بالصور الثاني فهذا يعني أنَّ لها موت واحد وحياة واحدة لاأكثر وأنـّها تخطّت عالم البرزخ، وهو ممّا يتعارض وصريح الآية القرآنيّة الكريمة التي قرّرت أنّ علی جميع أفراد البشر أن يعبروا البرزخ، طالت مدّته أم قصرت، فالبرزخ علی كلا التقديرين ضروريّ: وَمِن وَرَآئِهِم بَرْزَخٌ إِلَي' يَوْمِ يُبْعَثُونَ. [16] وعلي هذا الاساس، فإن ماتت موجودات الارض أيضاً من جرّاء النفخ وأُحضرت في القيامة، فإنّ برزخها سيُتجاوز ويُفقد، وهو خلاف مفاد القرآن الكريم الذي قضي علی جميع أفراد الإنسان بعبور البرزخ إِلَي' يَوْمِ يُبْعَثُونَ. وبناء عليه يجب القول إنّ المراد بـ «وَمَن فِي الاْرْضِ» أُولئك الذين رحلوا عن الدنيا، فهم في البرزخ في انتظار حلول عالم القيامة، لانّ عالم البرزخ ـ كما ذكر سابقاً ـ من تتمّة الدنيا، فيُقال له عالم الارض، كما يُدعي بعالم القبر وبجنّة الدنيا، ويسمّونه أيضاً بعالم الدنيا الاخير وبتتمّة الدنيا. وعلي هذا الاساس، فقد عُبّر عن عالم البرزخ في هذه الآية الشريفة بالارض، وعُبّر عن ساكنيه بـ «مَن فِي الاْرْضِ». إذَن فأُولئك الذين رحلوا عن الدنيا وهم في عالم البرزخ في صُوَرٍ مثاليّة، سيموتون جميعاً إثر النفخ الاوّل في الصُّوْرِ. أي أنـّهم سيخلعون الصُّوَرَ المثاليّة والقوالب البرزخيّة ويلقون بها جانباً. ويبيّن الله عزّ وجلّ قصّة أهل البرزخ في القرآن الكريم فيقول: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَ ' لِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ*وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيْمَـ'نَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَـ'بِ اللَهِ إِلَي' يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَـ'ذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَـ'كِنَّكُمْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. [17] وكما يقول القرآن الكريم في خطاب الله سبحانه لمن خفّت موازينهم يوم الجزاء: قَـ'لَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الاْرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعَآدِّينَ * قَـ'لَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنـَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. [18] أمّا من في السماوات، والمعبّر عنهم بـ «فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ»، فالمراد بهم أرواح السعداء والمقرّبين وأرواح الملائكة وأرواح الموجودات المجرّدة القدسيّة والجواهر المتلالئة للعوالم العلويّة التي لميكن لها أصلاً عبور من عالم البرزخ، أو التي عبرت عالم البرزخ، ووردت عالم النفس لتخطّيها ابتلاءات عالم البرزخ ولعدم تحدّدها بعالم الصورة، فاستقرّت في السماوات. وآيات القرآن الكريم دالّة علی هذا المعني: وَفِي السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ. [19] قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَئْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ. [20] وَعَدَ اللَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـ'تِ جَنَّـ'تٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاْنْهَـ'رُ. [21] إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [22] وَالْعَمَلُ الصَّـ'لِحُ يَرْفَعُهُ. [23] يَرْفَعِ اللَهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَـ'تٍ. [24] تَعْرُجُ الْمَلَـ'ئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ. [25] والآية الشريفة: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَي'´ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّي عِندَهُ. [26] والكثير من الآيات القرآنيّة الاُخري الدالّة علی حياة الانفس في عالم تجرّد النفس، وعند الله تعالي. الصيحة لاهل الدنيا؛ ونفخ الصور لاهل البرزخوأمّا تلك الصعقة التي يُصعق بها الناس، فيُطوي علی إثرها بناء الدنيا فتضمحلّ وتتلاشي، فلا تُدعي بالنفخ في الصور، بل عُبّر عنها في بعض الآيات القرآنيّة بالصيحة، إلاّ أنـّها ليست بالصيحة البرزخيّة: إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَ ' حِدَةً فَإِذَا هُمْ خَـ'مِدُونَ. [27] مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَ ' حِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلاَيَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلآإِلَي'´ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ.[28] وعلي هذا، فالصيحات ثلاث: الاُولي صيحة دنيويّة؛ ونفختان في الصور: نفخة الإماتة، ونفخة الإحياء. أمّا تلك الصيحة الدنيويّة التي يموت علی أثرها مَن علی ظهر الارض فقد عبّر عنها في القرآن الكريم بـ «الصاخّة».[29] فَإِذَا جَآءَتِ الصَّآخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِوَأَبِيهِ* وَصَـ'حِبَتِهِ وَبَنِيهِ. [30] كما عُبّر عنها بالنَقْر والزَّجْر: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ [31]* فَذَ ' لِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * علی الْكَـ'فِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ. [32] فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَ ' حِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ. [33] كما جري الحديث عنها بتعبير نداء المنادي: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ. [34] والخلاصة، فقد كانت هذه المطالب تفسيراً لتعبير مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن فِي الاْرْضِ، وقد علمنا أنـّهم الموجودات البرزخيّة والملائكة والارواح السماويّة من المؤمنين؛ وعلمنا كذلك أنّ الصيحة التي يموت أهل الدنيا علی إثرها هي غير نفختي الصور. ويمكن خلاصة النتيجة الحاصلة بأنّ المراد بـ «مَن فِي الاْرْضِ» أهل البرزخ المحبوسون في عالم الصورة، الذين لم يتمكّنوا من الخروج من عالم البرزخ، وهم أَصحاب الشمال. والمراد بـ «مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ» الملائكة وأرواح الشهداء والسعداء الذين تخطّوا البرزخ، إلاّ أنـّهم لم يفنوا بعد في الذات الاحديّة، وهم أصحاب اليمين. المراد بـ «إِلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ» في آية الفزعالمراد بالمستثنين في آية الفزع هم أصحاب الولايةوالآن علينا أن نعرف ماالمراد بالاستثناء؟ ومَن هم المستثنون؟ فالجميع يموتون إِلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ؛ فلابدّ ـ إذَن ـ أن يكونواأفضل وأعلي من الملائكة ومن أرواح أصحاب اليمين والمحسنين، وأن يكون لهم من القدرة والتحمّل إلی درجة أن لا تؤثّر في قلوبهم وآذانهم أبداً تلك الصيحة الشديدة المنبعثة من الصور التي تهلك أهل البرزخ؛ وكذلك لاتؤثّر فيهم مطلقاً تلك الصيحة التي تُميت ملك الموت وتُهلك جبرئيل وإسرافيل وميكائيل وجميع الملائكة المقرّبين، فلا تقتلهم ولا تفزعهم أو تُرعبهم. وكما قلنا، فقد ورد هذا الاستثناء في آيتين من القرآن، أي في سورتي النمل والزمر، وسنبحث الآن في كلتا الآيتين ونبيّن ـبحول الله وقوّتهـ هذا الاستثناء من القرائن والامارات الحافّة به. أمّا في سورة النمل: وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن فِي الاْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَ ' خِرِينَ. [35] حيث يستفاد معني إِلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ من الآيات اللاحقة، لانـّه يقول بعد ذكر آية أُخري: مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ و خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءَامِنُونَ * وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ماكُنتُمْ تَعْمَلُونَ. [36] فهو سبحانه يقول في هذه الآيات إنّ فاعل الحسنة في أمن من الفزع والخوف؛ ومن ثمّ فإنّ استثناء إِلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ سيشمل الافراد الذين جاءوا بالحسنة. والمراد بالحسنة هنا مُطلق الحسنة، لا عملاً صالحاً واحداً أو خُلُقاً حميداً معيّناً. وذلك أوَّلاً: أنّ المراد بالحسنة لو كان عموم الإحسان، فلامعني عندئذٍ للاستثناء في آية الفزع، ولتوجّب أن يكون الجميع في أمان من الفزع، إذ ليس هناك أحد من أفراد البشر إلاّ وقد صدرت منه حسنة وعمل صالح. وثانياً: أنّ الحسنة قد جُعلت هنا مقابل السيئة، وقد أوعد الله سبحانه وتعالي جهنّم جزاء السيّئة. لذا فإنّ من عمل الحسنة والسيّئة معاً، وخلط عملاً صالحاً بآخر طالح، فهو من فزع يومئذ غير آمن. وحتماً لابدّ أن يكون الامان الذي خصّه الله تعالي لاهل الحسنة مختصّاً بالافراد الذين عملوا الحسنة بصورة مطلقة، أي بأصحاب الذوات الطيّبة المطهّرة والسيرة والصفات والاخلاق الطيّبة الحميدة النزيهة كلّيّاً، فأُولئك هم مورد الاستثناء من الفزع عند نفخ الصور. ومن جهة أُخري، نعلم أنّ الله تعالي عدّ السيّئة من الاعمال الخبيثة وقدّر محلّها في جهنّم: وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ و عَلَي' بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ و جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ و فِي جَهَنَّمَ. [37] وقال أيضاً: الْخَبِيثَـ'تُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَـ'تِ وَالطَّيِّبَـ'تُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبـ'تِ. [38] كما عدّ كلّ كفر ونفاق وشرك خُبثاً ورجساً ونجاسة: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَي' رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَـ'فِرُونَ. [39] إِنـَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ. [40] كما عدّ بعض درجات الإيمان شركاً: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ. [41] وعلي هذا الاساس فلن يكون أكثر المؤمنين مصونين من رجس الشرك الخفيّ ونجاسته. لذلك فإن الذين أصبحوا خالصين من الشرك بكلّ معني الكلمة، هم الذين لم تتوجّه قلوبهم أبداً لغير الله تعالي، والذين لاسكينة لهم ولااطمئنان إلاّ به سبحانه، والذين لا يجعلون لذاته المقدّسة الكبريائيّة جلّ وعزّ شأنه أيّ شريك في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهذا هو معني الولاية! فالافراد الذين علی هذا النحو ستطيب ذواتهم وأفعالهم، أي أنّ سرّهم وحقيقتهم قد أصبحت طاهرة ومنزّهة ومصونة من وسوسة الشيطان والنفس الامّارة، فهم في حرم الامن والامان الإلهيّ فرحون مطمئنّون لاتشوبهم شائبة من اضطراب أو قلق. والآية الشريفة: الَّذِينَ تَتَوَفَّـ'هُمُ الْمَلَـ'ئكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَـ'مٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلوا الْجَنَّةَ بِمَاكُنتُمْ تَعْمَلُونَ. [42] عائدة إليهم، لانـّها جعلت الطيّبين بمعني طيّبي الذات والمطهّرين المنزّهين، أي أنـّهم صاروا طاهرين مطهّرين بالولاية التي هي تسليم جميع الاُمور، صغيرها وكبيرها، إلی الله تعالي. وسلام الملائكة عليهم هو معني الامن والامان الذي ورد في آية الفزع. ويُستنتج ممّا ذكر، أنّ المراد بـ «مَن شَآءَ اللَهُ» أُولئك الذين أسلموا جميع أُمورهم وفوّضوها إلی الله سبحانه، ووصلوا إلی مقام التوكّل والتفويض والتسليم وعبروا منه، فصارت ذواتهم فانية في ذات الحضرة الاحديّة، والذين لم يدعوا في زوايا نفوسهم شيئاً من شوائب الاستكبار والفرعونيّة وإظهار الوجود؛ وهذا هو معني الولاية! وما ألطف وأجمل ما تُشعر آية الولاية بهذا المعني: قُل لآأَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي' وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ و فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَهَ غَفُورٌ شَكُورٌ. [43] أي من يُسْلِم نفسه ويُقْيِل بكلّيّته إلی الولاية، فإنّا سنجزيه حسناً علی حسنته هذه، فهي تتضاعف وتتزايد باستمرار حتّي يصل إلی حدّ الولاية ويرتوي من مصدر الرحمة ومنبع الفيض. أورد علی بن إبراهيم القمّيّ ذيل آية الفزع وتفسير الحسنة والسيّئة، قال: الْحَسَنَةُ ـ وَاللَهِ ـ وَلاَيَةُ أَمِيرِ الْمُؤمِنِينَ، وَالسَّيِّئَهُ عَدَاوَتُهُ. [44] وولاية أمير المؤمنين هي ولاية الله التي مرّ ذكر آثارها وخصائصها. كما يروي الكلينيّ في «الكافي» بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام: قال عليه السلام: الْحَسَنَةُ مَعْرِفَةُ الْوَلاَيَةِ وَحُبُّنَا أَهْلِ الْبَيْتِ؛ وَالسَّيِّئَةُ إِنْكَارُ الْوَلاَيَةِ وَبَغْضُنَا أَهْلِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ. [45] المراد بـ «إلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ» في آية الصعقما سبق بيانه حتّي الآن كان راجعاً إلی الاستثناء في آية الفزع، أمّا الاستثناء في آية الصعق: وَنُفَخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن فِي الاْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَاللَهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَي' فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ. فينبغي أن نري ما المراد بـ «مَن شَآءَاللَهُ» في هذه الآية؟ ومَن هم الافراد الذين لا يريد الله أن يشملهم الصعق والهلاك؟ نحن نعلم أنّ لظاهر الآية دلالة علی أنّ الافراد الذين يشملهم الصعق فيهلكون، هم أُولئك الذين يُبعثون بعدئذٍ فإذا هم قيام للّه تبارك وتعالي، وهم المحضرون في ساحة الله تعالي حسب مفاد الآية: إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَ ' حِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ. [46] ولانّ عباد الله المخلَصين ـ من جهة ـ قد استثنوا من المحضرين وأُعفوا من الحضور بمفاد الآية: فَإِنـَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ. [47] فإنّ المراد بـ «مَن شَآءَاللَهُ» الذين استثنوا في آية الصعق، هم عبادالله المخلَصون. ومن جهة أُخري فإنّ الله سبحانه وصف عباده المخلَصين في كتابه العزيز بأنـّهم مصونون محفوظون من إغواء إبليس حينما طُرد وأُبعد. قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ. [48] كما أبان سبحانه في القرآن الكريم عن أنّ إغواء الشيطان لهم يكون بالوعود والاماني الكاذبة التي يُمنّيهم بها فيستجيبون له، فيحشرون إلی جهنّم ليذوقوا العذاب الاليم الشديد بمقتضي شركهم بالله عزّ وجلّ وشقائهم الذاتيّ الذي هو عين الظلم والعدوان. وَقَالَ الشَّيْطَـ'نُ لَمَّا قُضِيَ الاْمْرُ إِنَّ اللَهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَـ'نٍ إِلآأَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُو´اأَنفُسَكُم مَّآأَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّـ'لِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. [49] ويُستفاد من هذه الآية المباركة أنّ اللوم يرجع مباشرة إليهم لاإلي الشيطان، وأنّ ذلك الذنب والمعصية التي ارتكبوها ناجمة من الشرك، وأنـّهم قد أشركوا وسلكوا سبيل المعصية والذنب بمقتضي شقائهم الذاتيّ. أمّا عباد الله المخلَصُونَ، فهم الذين طهرت ذواتهم وخلصت من الشرك بجميع أقسامه وأنواعه، فهم لا يرون لغير الله تعالي أثراً في أيٍّ من العوالم، ولا يعدّون لغيره وجوداً استقلاليّاً، ولا يحسّون لغيره اسماً ولارسماً، ولا يرون لانفسهم ـ بعنوان التملّك ـ نفعاً ولا ضرّاً ولا موتاً ولاحياةً ولا نشوراً ولا رجوعاً؛ أي أنـّهم لا يمتلكون أيّ قدرة وحياة وعلم وعين وأثر، وهذا هو معني الولاية. وإجمالاً فإنّ أولياء الله المستثنين في آيتي الفزع و الصعق فلاموت لهم ولا هلاك هم الذين سلكوا طريق الخلوص في الدنيا، وجعلوا تمام أفعالهم للمعبود جلّ اسمه، وتخلّصوا من الشرك فعلاً وصفةً وذاتاً، ووردوا عالم الخلوص، وتخطّوا جميع درجات المخلِصِين (بكسر اللام) وصاروا عين الخلوص ومحضه. لذلك لم يبقَ لهم أيّ وجود ليحتاجوا إلی قبض الروح، فلقد صار وجودهم وسرّهم وحقيقتهم مندكّة وفانية في ذات الله تعالي. ولقد تربّعوا باستمرار علی درجات المحبّة بنوافلهم وبإتيانهم ما يحبّه ويرتضيه المحبوب الحقّ جلّ وعزّ، فصارت آذانهم أُذن الله وأعينهم عين الله وأيديهم يد الله تعالي. رَزَقَنَا اللَهُ وَكُلَّ مَن أَحَبَّ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهرينَ. إنّ ولاية أمير المؤمنين وأولاده الطيّبين تعني الوصول إلی مقام الفناء المطلق في ذات الله، والبقاء بالله بعد الفناء، فعلي إثر هذا نالوا مقام العبوديّة المطلقة، وولاية وقيادة عالم الإمكان بإذن الله تعالي، ومقام العصمة والطهارة والعلوم اللدنّيّة، والتحلّي بأعلي مقامات التفويض والتسليم، والتخلّق بجميع الاسماء العليا والصفات الحسني الإلهيّة وهي بأجمعها من لوازم تلك الولاية وآثارها، لذا فقد جُعلت معرفة ولايتهم حسنة في الرواية الاخيرة التي سلف ذكرها، كما جُعل إنكار ولايتهم سيّئة. لحوق المتابعين بالمستثنين في دخول الجنّةوإنّا لسعداء حقّاً بامتلاكنا معرفة ولايتهم (لا أنـّنا نمتلك مقام الولاية بأنفسنا) فهذا من عظيم دواعي السرور والابتهاج، لانّ المعرفة بالولاية ستؤدّي بالطبع إلی الارتباط الواقعيّ بحقيقة الولاية، وهذا الارتباط سيؤدّي إلی اللحوق والاتّحاد والانتماء في نهاية المطاف، فيلزم من ذلك طلوع وظهور آثار المتبوع في التابع. وقد ورد في القرآن الكريم في شأن فرعون أنـّه يقدم قومه يوم القيامة فيوردهم النار: يَقْدُمُ قَوْمَهُ و يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ. [50] وهذا اللحوق يحصل إثر المحبّة والمتابعة، حيث توجب الجاذبيّة المغناطيسيّة بين الحبيب والمحبوب الاتّحادَ بينهما. وهكذا فإنّ كلّ طائفة وجماعة ستلحق بإمامها يوم القيامة، فتدخل الجنّة أو النار؛ وسيلحق الشيعة والتابعون والمحبّون لولاية أميرالمؤمنين عليه السلام بإمامهم علی إثر المحبّة والمودّة والمتابعة، ويرافقونه إلی الجنّة. وهذا الامر ذو أهميّة كبيرة، وهو ممّا يُثلج أفئدة أتباع الإمام ويبعث فيهم الامل، حتّي وإن لم يتمكّنوا في الدنيا وبالرغم من كدحهم وسعيهم أن ينالوا مقام العبوديّة المطلقة والولاية الكلّيّة إلی الإمام إثر الإقرار والاعتراف بولايته الحقيقيّة، وباتّباعهم لنهجه وسيرته، وفي ظلّ ألطافه ورأفته، وتبعاً لمصدر مغناطيسيّة محبّته وجذبة ولايته ومودّته سيرافقونه إلی الجنّة. لقد طهّر أمير المؤمنين وأولاده الطاهرون وجودهم من لوث الاهواء والافكار الشهوانيّة، ومن أكدار الهواجس الشيطانيّة، لذا فإنّ الرشحات التي تنضح من ذلك النبع ستكون علی الدوام أُموراً طاهرة نقيّة صافية. وليس معقولاً أن ترشح من النفوس القدسيّة أكدار وسيّئات، فكلّ إناءٍ بالذي فيه ينضح. ولو صببتم ماء الورد في قدح فخاريّ فارغ، لرشحت مساماتُه علی الدوام ماء الورد لا عصير الخلّ، لذا نجد بعض الناس يعمدون حين يشترون قدحاً فخاريّاً جديداً إلی ملئه بماء الورد ثمّ يفريغونه ويملاونه بالماء القراح، فيبقي ذلك القدح يبعث رائحة الورد، ومهما ملا بالماء فسيبقي دائماً فيه عبير ماء الورد. إنّ أهل بيت العصمة لهم ذوات وأسرار طاهرة، وهم من المستثنين في آية الفزع والصعق، إذ لم يعلق بأثواب وجودهم غبار دنس الوجود مطلقاً، كما أنّ صُور الجلال وصُور الجمال ونفخ الإماتة والإحياء لاتترك أثراً في صماخ آذانهم ولا علی وتين قلوبهم ونياطها، فلقد تخطّوا هذه المراحل، فلا حياة لهم ولا موت إلاّ ببقاء الربّ الودود، كما أنّ مشيئة الله تعالي لم تتعلّق بشمولهم بالفزع والصعق. علی أنّ محبّتهم واتّباعهم يدلاّن علی نوعٍ من الاتّحاد، وإلاّ فإنّ المودّة والمحبّة الباطنيّة لا تتعلّق بشيءٍ اعتباطاً وبلا داعٍ. كند هم جنس با هم جنس پرواز كبوتر با كبوتر باز با باز [51] وبديهيّ أن يكون هناك نوع من الطهارة والنزاهة في نفوس مَن يقتفون آثار ونهج أهل بيت العصمة ونهجهم، هذا ممّا لا شكّ فيه أبداً، فلابدّ أنـّهم يشعرون بتلك الرغبة والشوق لسلوك سبل ذلك المنهج القويم والصراط المستقيم. وينبغي أن يكون هناك أثر ـ ولو جزئيّ ـ من ذلك المحبوب والمتبوع في هذا المحبّ والتابع، وإلاّلزم أن يحبّ كلُّ موجود كلَّ موجود آخر، ولسادت المحبّة والمودّة بين الجميع، بينما ليس الامر كذلك. يقول المرحوم الملاّ صدرا رحمة الله عليه: وَقَدْ أَثْبَتَ الْفَلاَسِفَةُ أَنـَّهُ مَا يَعْرِفُ شَيْءٌ شَيْئاً إِلاَّ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنْهُ؛ وإنصافاً فقد بيّن مطلباً دقيقاً ولطيفاً. وينبغي علی المرء في هذه الحالة أن يُسعد بهذا القدر الموجود من المحبّة والمتابعة، لانّ هذا الارتباط له حكم النور، حيثما حلّ أزاح الظلام وبدّده. ومهما كان النور ضعيفاً ضئيلاً، إلاّأنّ له قدرة علی تبديد الظلام والحلكة، خلافاً للظلمة التي تعجز عن إزاحة النور وإخراجه، فالنور متّصل في النهاية بمنبع النور، وشعاع الشمس لا ينفصل عنها. فالنور الجزئيّ متّصل بالنور الاشمل والاكبر، والنور الضعيف بالنور الاقوي، والكلّ مرتبط في النهاية بمركز إشعاع النور الكلّيّ. لقد قتلوا أمير المؤمنين عليه السلام، وانتشر خبر شهادته، فحزن كلّ من كان له ارتباط به عليه السلام، وذرفت العيون الدموع غزاراً، وغمرت الحرقة القلوب في مأتم فقدان ذلك الإمام الصادق الحقيقيّ. سرور معاوية بشهادة الإمام أمير المؤمنين عليه السلاموفي نفس الوقت كان هناك أفراد قد فرحوا وأظهروا سرورهم وجذلهم لهذا الخبر المؤسف، فحين أُخبر معاوية بنبأ شهادة الإمام قال: إِنَّ الاْسَدَ الَّذِي كَانَ يَفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ فِي الْحَرْبِ قَدْ قَضَي نَحْبَهُ. ثمّ تمثلّ قائلاً: قُلْ لِلاْرَانِبِ تَرْعَي أَيْنَمَا سَرَحَتْ وَلِلظبَاءِ بِلاَ خَوْفٍ وَلاَ وَجَلِ[52] ولقد وصل نبأ رحيل وصيّ رسول الله إلی المدينة، فعمّ الحزن والغمّ جميع بيوتها، ولكن انظروا إلی ما تقوله عائشة! لَمَّا أَنْ جَاءَ عَائِشَةَ قَتْلُ علی عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَجَدَتْ، [53] ثُمَّ تَمَثَّلَتْ بِهَذَا الشِّعْرِ: فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَاالنَّوَي كَمَا قَرَّ عَيْنَاً بِالإيَابِ الْمُسَافِرُ (كناية عن أنّ أمر علی قد انتهي، وأنـّه سيرقد في حفرته فلانهضة له بعدُ، وأنـّنا قد سررنا وغمرتنا اللذّة بهذه الواقعة كما يقرّ المسافر عيناً بإيابه إلی أهله.) ثُمَّ قَالَتْ: مَنْ قَتَلَهُ؟ فَقِيلَ: رَجُلٌ مِنْ مُراد. فَقَالَتْ: فَإِنْ يَكُ نَائِياً فَلَقَدْ نَعَاهُ غُلاَمٌ لَيْسَ فِي فِيهِ التُّرَابُ (تريد القول إنّه كان الاجدر أن يُقتل علی علی يد رجل من قريش ومن العرب المعروفين ليكون الفخر بذلك من نصيبهم، لا أن يقوم به رجلٌ مجهول من طائفة عربيّة نائية غير معروفة؛ إلاّ أنـّنا سُعداء بأنّ نبأ موته قد أتانا به غُلامٌ لا كان في فيه التراب حين يموت ويُقبر). فَقَالَتْ لَهَا زَيْنَبُ بِنْتُ أُمّ سَلَمَة: أَلِعَلِيٍّ تَقُولِينَ هَذَا؟! فَقَالَتْ: إِنِّي أَنْسَي، فَإِذَا نَسيتُ فَذَكِّرُونِي. [54] وَكَانَ الَّذِي جَاءَهَا بِنَعْيِهِ سُفيَانُ بْنُ أَبِي أُميّة بْنُ عَبدشمسبن أبيوقّاص.[55] يقول أبو الفرج الإصبهانيّ في «مقاتل الطالبيّين»: ثُمَّ تَمَثَّلَتْ (عائشةُ، بعد هذا الكلام): مَا زَالَ إِهْدَاءُ الْقَصَائِدِ بَيْنَنَا بِاسْمِ الصَّدِيقِ وَكَثْرَةِ الاْلْقَابِ حَتَّي تَرَكْتُ وَكَانَ قَوْلُكَ فِيهِمْ فِي كُلِّ مُجْتَمَعٍ طَنِينَ ذُبَابِ [56] ولقد قالت عائشة لابن عبّاس، وكان مأموراً من قبل أميرالمؤمنين عليه السلام بالتحدّث معها بعد حرب الجمل: إِنَّ أَبْغَضَ الْبُلْدَانِ إلی بَلَدٌ أَنْتُمْ فِيهِ. [57] وقال عبد الله ابن الزبير (ابن أُخت عائشة، وكانت تودّه وتحبّه إلی درجة يمكن تسميتها بحدّ العشق) لابن عبّاس يوماً: إِنِّي لاَكْتُمُ بُغْضَكُمْ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ مُنذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. [58] ارجاعات [1] ـ نقل الصفّار في «بصائر الدرجات» ص 24، بسنده المتّصل عن بعض أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، قال: دخل عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله علی أميرالمؤمنين عليه السلام في وفد مصر الذي أوفدهم محمّد بن أبي بكر رحمة الله عليه ومعه كتاب الوفد. قال: فلمّا مرّ باسم عبد الرحمن بن ملجم، قال: أنتَ عبد الرحمن؟ لعن الله عبدالرحمن! قال: نعم يا أمير المؤمنين، أما والله يا أمير المؤمنين إنّي لاحبّك. قال: كذبتَ والله ما تحبّني (ثلاثاً). قال: يا أمير المؤمنين، أحلف ثلاثة أيمان إنّي أحبّك وأنت تحلف ثلاثة أيمان إنّي لاأحبّك! قال: ويلك! (أو ويحك) إنّ الله خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام فأسكنها الهواء، فما تعارف منها هنالك ائتلف في الدنيا، وما تناكر منها اختلف في الدنيا، وإنّ روحي لاتعرف روحك. قال: فلمّا ولّي، قال: إذا سرّكم أن تنظروا إلی قاتلي فانظروا إلی هذا! قال بعضُ القوم: أَوَ لا تقتله؟ (أو قال: نقتله؟) فقال: من أعجب من هذا تأمروني أن أقتل قاتلي؟! [2] ـ «بصائر الدرجات» ص 24؛ وورد في «بحار الانوار» ج 9، ص 647، نقلاً عن «كشف الغمّة» عن «مناقب الخوارزميّ» أنـّه قيل له مرّة: «أفلا تقتله؟ قال: لا، فمن يقتلني إذاً؟». [3] ـ ورد في الرسالة 47 من «نهج البلاغة» ج 3، ص 77، طبعة محمّد عبده ـ مصر أنـّه عليه السلام قال في وصاياه: انظروا إذا أنا متّ من ضربته هذه، فاضربوه ضربةً بضربة، ولايُمثَّل بالرجل، فإنّي سمعتُ رسول الله صلّي الله عليه وآله يقول: إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور. ونقله بهذا اللفظ في «بحار الانوار» ج 9، ص 663 عن «نهج البلاغة»؛ وفي ص 660 عن «مناقب الخوارزميّ». وأورد في «تاريخ الطبريّ» ج 5، ص 148، تحقيق محمّد أبي الفضل إبراهيم: «وقد كان علی نهي الحسن عن المثلة وقال: يا بني عبدالمطلّب لاألفينّكم تخوضون في دماء المسلمين تقولون: قُتل أمير المؤمنين، قُتل أميرالمؤمنين. لايقتلنّ إلاّ قاتلي. انظر يا حسن إن أنا متُّ من ضربته هذه فاضربه ضربةً بضربة ولاتمثّل بالرجل فإنّي سمعت رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم يقول: إيّاكم والمثلة ولو أنـّها بالكلب العقور». وأورد ابن الاثير في «الكامل» ج 2، ص 391 عين هذا الحديث. [4] ـ أورده في «بحار الانوار» ج 42، ص 207؛ كما أورده في نفس المجلّد ص 651 عن «الكافي»؛ وأورد في ص 661 عن «من لا يحضره الفقيه»: ثمّ أقبل علی ابنه الحسن عليه السلام فقال: يا بنيّ؛ أنت وليّ الامر بعدي ووليّ الدم، فإن عفوتَ فلكَ، وإن قتلتَ فضربة مكان ضربة ولا تأثم. [5] ـ الآية 126، من السورة 16: النحل. [6] ـ حين يروي ابن عبّاس عن رسول الله صلّي الله عليه وآله أنـّه قال: ما أنزل اللهُ آية فيها «يَـ'´أَيـُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا» إلاّ وعليُّ رأسُها وأميرُها. أي أنّ أمير المؤمنين له الاءمارة والرئاسة علی جميع المؤمنين في الخطابات والتكاليف الواردة لهم، وهذه الرئاسة ليست عنواناً اعتباريّاً، بل علی أساس الملكات الشريفة الموجودة فيه عليه السلام. لذا فإنّ له الرئاسة والاءمارة أيضاً في مفاد هذه الآية الشريفة «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به» أي أنـّه في تحقّقه بهذا المقام أمير العافين والصابرين. ولو لم يُقدّم العفو ويفضّله، ولو حكم بالقصاص بشكل جازم، فإنّه إذا وُجد مِن أفراد الاُمّة منذ بداية الخليقة إلی يوم القيامة مَن يقدّمالعفو ï ïفي مثل هذا الظرف، لصار إماماً ـ علی وجه التحقيق ـ في العمل بهذه الآية وفي تنفيذ هذا التكليف، ولصار أمير المؤمنين مأموماً؛ وليس الامر كذلك. وهذه الرواية الواردة عن ابن عبّاس مرويّة في «حلية الاولياء» ج 1، ص 62؛ و«مطالب السؤل» ص 21 عن «الحلية»؛ وفي «ينابيع المودّة» ص 212. [7] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 670. [8] ـ الآية 4، من السورة 68: القلم. [9] ـ «ينابيع المودّة» الباب 48، ص 140. [10] ـ الآيتان 68 و 69، من السورة 39: الزمر. [11] ـ الآية 28 من السورة 3: آل عمران؛ والآية 42، من السورة 43: النور؛ والآية 18 من السورة 35: فاطر. [12] ـ الآية 53، من السورة 42: الشوري. [13] ـ الآية 123، من السورة 11: هود. [14] ـ الآية 6، من السورة 84: الانشقاق. [15] ـ الآية 42، من السورة 53: النجم. [16] ـ الآية 100، عن السورة 23: المؤمنون. [17] ـ الآيتان 55 و 56، من السورة 30: الروم. [18] ـ الآيات 112 إلی 114، من السورة 23: المؤمنون. [19] ـ الآية 22، من السورة 51: الذاريات. [20] ـ الآية 30، من السورة 34: سبأ. [21] ـ صدر الآية 72، من السورة 9: التوبة. [22] ـ وهوالنفس المجرّدة للاءنسان المؤمن. [23] ـ مقطع من الآية 10، من السورة 35: فاطر. [24] ـ مقطع من الآية 11، من السورة 58: المجادلة. [25] ـ صدر الآية 4، من السورة 70: المعارج. [26] ـ مقطع من الآية 2، من السورة 6: الانعام. [27] ـ الآية 29، من السورة 36: يس. [28] ـ الآيتان 49 و 50، من السورة 36: يس. [29] ـ الصوت الهائل الذي يصلّ الاسماع. [30] ـ الآيات 33 إلی 36، من السورة 80: عبس. [31] ـ أي: إذا نُفخ في الصور. [32] ـ الآيات 8 إلی 10، من السورة 74: المدّثّر. [33] ـ الآية 19، من السورة 37: الصافّات. [34] ـ الآية 41، من السورة 50: ق. [35] ـ الآية 87، من السورة 27: النمل. [36] ـ الآيتان 90 و 91، من السورة 27: النمل. [37] ـ الآية 37، من السورة 8: الانفال. [38] ـ صدر الآية 26، من السورة 24: النور. [39] ـ الآية 125، من السورة 9: التوبة. [40] ـ مقطع من الآية 28، من السورة 9: التوبة. [41] ـ الآية 106، من السورة 12: يوسف. [42] ـ الآية 32، من السورة 16: النحل. [43] ـ الآية 23، من السورة 42: الشوري. [44] ـ «تفسير القمّيّ» ص 480. [45] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 185، الباب 65. [46] ـ الآية 53، من السورة 36: يس. [47] ـ الآيتان 127 و 128، من السورة 37: الصافّات. [48] ـ الآيتان 82 و 83، من السورة 38: ص. [49] ـ الآية 22، من السورة 14: إبراهيم. [50] ـ صدر الآية 98، من السورة 11: هود. [51] ـ يقول: تحلّق الطيور مع أمثالها، الحمامة مع الحمامة والباز مع الباز. (وحسب المثل العربيّ: إنّ الطيور علی أشكالها تقع). (م) [52] ـ «منتهي الآمال» الطبع الرحلي، المكتبة العلمية الاسلامية، ج 1، ص 134. [53] ـ «مقاتل الطالبيين» طبع دار المعرفة ـ بيروت، ص 43. [54] ـ «مقاتل الطالبيّين» ص 42؛ و «الكامل في التاريخ» لابن الاثير، طبعة بيروت، سنة 1385 ه، ج 3، ص 394؛ و «تاريخ الطبريّ» تحقيق: محمّد أبوالفضل إبراهيم، ج 5، ص 150؛ و «الطبقات» لابن سعد، ج 3، ص 40. [55] ـ «مقاتل الطالبيّين» ص 43. [56] ـ «مقاتل الطالبيين» ص 43 [57] ـ «أحاديث أُمّ المؤمنين عائشة» ج 1، ص 195، عن المسعوديّ و «شرح نهج البلاغة» لابن أبي الحديد. [58] ـ المصدر السابق، ج 1، ص 185. |
|
|