|
|
الصفحة السابقة
بسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ الحمد للَّه ربّ العالمين ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم وصلَّي الله علی محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين (مطالب أُلقيت في اليوم العشرين من شهر رمضان المبارك) المقرّبون والمخلصون هم وجه الله وأسماؤه الحسنيقال الله الحكيم في كتابه الكريم: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَي' وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَـ'لِ وَالإكْرَامِ. [1] انتهي بنا البحث إلی أنّ موجودات السماوات والارض تموت بأجمعها إثر نفخ الصور عدا العباد المقرّبين للّه تعالي الذين عُدّوا من الطاهرين والمطهّرين وبتعبير القرآن الكريم إِلاَّ عِبَادَ اللَهِ الْمُخْلَصِينَ الذين لا موت لهم. وقد قسّم العباد في القرآن الكريم إلی طوائف ومجموعات ثلاث هم: أصحاب اليمين، أصحاب الشمال، والمقرّبون. أصحاب الشمال هم المنحرفون والمعتدون كالكفّار والمشركين والمنافقين؛ وأصحاب اليمين هم المؤمنون الذين عملوا عملاً صالحاً؛ أمّا المقرّبون الذين يُدعون أيضاً بالابرار والسابقين، فهم الذين عبروا مقامات ودرجات أصحاب اليمين وتخطّوها، فصاروا طاهرين مطهّرين في ذاتهم وسرّهم، ويسمعون ويقولون ويرون بلسان القلب وأُذنه وعينه. والذين قد سلّموا جميع شؤون وجودهم للّه سبحانه، فإرادته واختياره في وجودهم بدل إرادتهم واختيارهم. أي أنّ نفس إرادتهم واختيارهم عين إرادة الله واختياره. إنّ المقرّبين لساحة ذي الجلال هم الذين عُدّوا من عباد الله المخلَصين، واستُثنوا في آية نفخ الصور المباركة، وهذا الاستثناء في ظاهر تركيب العبارة، إلاّأنّ الحقيقة هي أن لا استثناء في الامر، وأنّ الجميع يموتون. أي أنّ كلّ ذي نفس مآله إلی الموت، بَيدَ أنـّهم ليسوا بأصحاب أنفس. الذي يموت هو كلّ من له نفس مختصّة به ومتعلّقة به، أمّا هم فقد أدركوا شهوداً وعياناً أنّ أنفسهم غير متعلّقة بهم، بل متعلّقة بالله تعالي. ثمّ إنّ تجلّيات أسماء الربّ وصفاته التي تنشأ وتظهر من صقع نفوسهم تجلّيات شاملة وعامّة، فلقد غادروا وجود وحضور عالم الطبع وعالم الصورة وعالم النفس، فليسوا بعدُ أرضيّين ولا سماويّين، بل فوق السماء والارض. أي أنـّهم يعيشون في دائرة قدرة الخالق دونما حجاب للطبع والصورة والنفس، مندكّين في أسماء الباري تعالي شأنه وصفاته وذاته. وليس لهم موت، لانـّهم وجه الله سبحانه: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ؛ [2] ووجه الله حيّ لا يموت. علی أنّ جميع أسماء الذات المقدّسة الإلهيّة وصفاته هي في مرحلة التعيّن، وفي مرحلة الاسم الواحديّة، أمّا اسم أحديّته فمبرّأ من كلّ تعيّن ولو كان تعيّن الاسماء والصفات، إذ ليس هناك أيّ اسم ورسم. عنقا شكار كس نشود دام باز گير كانجا هميشه باد به دست است دام را [3] وعلي هذا فإنّ صفات الجلال والإكرام في هذه الآية المباركة قد نُسبت لوجه الله تعالي: وَيَبْقَي' وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَـ'لِ وَالإكْرَامِ. وينبغي العلم بأنّ جميع الصفات الجماليّة والجلاليّة، من العلم اللامتناهي، والحياة اللامتناهية، والقدرة اللامتناهيّة، لها ظهور وتجلٍّ في هذه الاسماء الحسني. روي الكلينيّ في «الكافي» بإسناده عن معاوية بن عمّار، عن الإمام الصادق عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: وَلِلَّهِ الاْسْمَآءُ الْحُسْنَي' فَادْعُوهُ بِهَا. [4] قال: نَحْنُ ـ وَاللَهِ ـ الاْسْمَاءُ الْحُسْنَي الَّتِي لاَ يَقْبَلُ اللَهُ مِنَ الْعِبَادِ إِلاَّ بِمَعْرِفَتِنَا. [5] وروي الصفّار في «بصائر الدرجات» بسنده عن الإمام الباقر عليه السلام، قال: إِنَّ اسمَ اللَهِ الاْعْظَم علی ثَلاَثَةٍ وَسَبْعِينَ حَرْفاً؛ وَإِنَّمَا عِنْدَ آصِفَ مِنْهَا حَرْفٌ وَاحِدٌ فَتَكَلَّمَ بِهِ فَخَسَفَ بِالاْرْضِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَرِيرِ بلْقَيْس؛ ثُمَّ تَنَاوَلَ السَّرِيرَ بِيَدِهِ؛ ثُمَّ عَادَتِ الاْرْضُ كَمَا كَانَتْ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَعِنْدَنَا نَحْنُ مِنَ الاسْمِ اثْنَان وَسَبْعُونَ حَرْفاً، وَحَرْفٌ عِندَ اللَهِ اسْتَأْثَرَ بِهِ في عِلْمِ الغَيْبِ عِندَهُ، وَلاَ حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. [6] ومعني هذه الروايات مع طائفة عظيمة من الروايات الاُخري التي نُقلت غالباً في «أُصول الكافي» باب الحجّة، أنـّنا إذا شئنا معرفة حقيقة اسم القادر، واسم العالم، واسم القيّوم، واسم الرحيم، واسم الرؤوف، وسائر أسماء الربّ، فإنّ علينا أن نجدها فيهم. ذلك لانّ وجودهم صار مندكّاً في الذات، ولانّ تلك الاسماء تجلّت فيهم عليهم السلام، فأينما نظرنا وتأمّلنا في عالم الوجود فإنّه هم، لانـّهم وجه الله تعالي: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَهِ. وعلّة هذه الحقيقة هي أنّ أيّ موجود في أيّ من عوالم الملك والملكوت لا يرتدي لباس الوجود إلاّ توجّب أن يُفاض عليه من جانب وجهالله، وأنّ ارتباط أيّ موجود بخالقه وربّه إنّما هو بواسطة هذا الجانب (وجه الله)، ولولا هذاالوجه لانعدمت جميع الموجودات. لولا الإمام لساخت الارض بأهلهاوعلي هذا الاساس فإنّ لدينا روايات تدلّ علی أنـّه: لَوْلاَ الْحُجَّةُ لَسَاخَتِ الاْرْضُ بِأَهْلِهَا. وينقل المرحوم الكلينيّ في «الكافي» في هذا الشأن ثلاث عشرة رواية بإسناده المتّصل عن الائمّة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، [7] مفادهاأنّ العالم سيفني ويُعدم لولا الإمام. ولولا الإمام، لما عُدم الإنسان لوحده، بل لعُدم كذلك الحيوان والجانّ والملائكة والارض والزمان، ولصاروا ـ فضلاً عن الرماد ـ عدماً محضاً، لانّ الرماد ـ بدوره ـ موجود قائم بوجه الله. والعلّة في أنّ الله تعالي لم يقضِ بالهلاك علی وجه الله، وفي استثنائه إيّاه الذي بيّنه في آية نفخ الصور، لا تمثّل عنواناً اعتباريّاً وشكليّاً، بل هي علی أساس حقيقة عالية رفيعة، فكلمات القرآن الكريم متينه قاطعة وثابتة وليست مزاحاً ولا هزلاً. إِنَّهُ و لَقُوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ. [8] وسنذكر إن شاء الله تعالي في بحث الاعراف، أنّ الله سبحانه بعد أن يبيّن مفصّلاً أحوال أهل الجنّة ومحادثتهم لاهل جهنّم، وبعد بيانه عذاب أهل جهنّم، ومحادثتهم مع أهل الجنّة، فإنّه يقول إنّ هناك حجاباً بين هاتين الطائفتين يقف عليه رجال: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [9] وَعَلَي الاْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَـ'هُمْ. [10] وهناك عيون من ماء الجنّة تتدفّق من تحت هذا الجبل (جبل الاعراف)، عيون الماء القراح المعين، وعيون اللبن والعسل المصفّي والخمر اللذيذ؛ وهذه العيون الاربعة هي غير عيون التسنيم الاربعة. فعين التسنيم جارية من تحت أقدام أمير المؤمنين والمعصومين الآخرين الواقفين علی قمّة ذلك الجبل. وهؤلاء الافراد المتمكّنون في الاعراف بمثابة الحَكَم بين أهل الجنّة والنار، أي الحاكم علی الجنّة والنار، والمهيمن والمسيطر علی العالمين. ولدينا في الروايات أنّ الذين يقفون علی الاعراف أربعة عشر: النبيّ محمّد بن عبد الله، فاطمة الزهراء، أمير المؤمنين وأولاده الاحد عشر إلی بقيّة الله الاعظم محمّد بن الحسن عليهم صلوات الله ومقاماتهم فوق الجنّة. وممّا يستدعي العجب هنا، التعبير في آية الاعراف المباركة هذه عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها بعنوان رجل، كما عُبِّر عنها أيضاً بعنوان رجل في آية النور المباركة: رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـ'رَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَهِ. [11] وسيتّضح إن شاء الله تعالي في بحث الاعراف أنّ ذلك العالم عالمٌ لامعني فيه للرجل والمرأة، فليس في ذلك العالم، عالم الفعليّة المحضة من انفعال ولا ذكوريّة أو أُنوثة. كما أنـّه ليس هناك في عوالم الربوبيّة والجبروت أيّاً من عنواني الذكورة والاُنوثة، فهذه العناوين متعلّقة بعالم الطبع والبرزخ والنفس، أي بعالم الدنيا والمثال والقيامة. منزلة إبراهيم الخليل عليه السلام وأسماء الله تعاليومن جملة الذين وصلوا إلی مقام وجه الله وتحقّقوا بحقيقة ملكوت السماوات والارض: إبراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام، فذلك النبيّ الجليل الذي وضع الحجر الاساس لتوحيد الإسلام، وجاء بالدين الحنيف، له مقام ومزايا علی جميع الانبياء ـ عدا نبيّ الإسلام ـ رفعت منزلته ودرجته أعلي من سائر أُولئك الانبياء. وَكَذَ ' لِكَ نُرِي´ إِبْر ' هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. [12] ولقد كان الله تبارك وتعالي يُحيي الموتي علی يد إبراهيم عليه السلام، وذلك بواسطة جانب وجه الله الموجود فيه، وبواسطة تحقّقه عليه السلام باسم الله عزّ وجلّ المُحيي. فكلّما تجلّي اسم من أسماء الله تعالي في شخصٍ ما، صار بإمكانه يذلك الاسم ـ بأمر الله وإذنه ـ تحقيق مفاد ومصداق ذلك الاسم خارجاً. والآيات الشريفة القرآنيّة صريحة في أنّ عيسي ابن مريم قال: وَأُبْرِيُ الاْكْمَهَ وَالاْبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَي' بِإِذْنِ اللَهِ. [13] وقد طلب إبراهيم عليه السلام من ربّه معرفة كيفيّة إحياء الموتي علی يدالله تعالي، فجعله الله يحيي الموتي بيده من خلال إفاضة اسم المُحيي عليه؛ خلافاً للنبيّ إرميا الذي طلب من الله ـ تسكيناً لخواطره ـ أن يريه إحياء الموتي، فأماته الله ثمّ أحياه وهو ينظر بأُمّ عينيه. وشتّان بين هذين الطلبين، وهاتين المنزلتين. أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَي' قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَي' عُرُوشِهَا قَالَ أَنـَّي يُحْيِهَـ'ذِهِ اللَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ و قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ. [14] ومن أجل أن يتّضح سموّ منزلة إبراهيم عليه السلام، فإنّ الله سبحانه يذكر في القرآن قصّة النبيّ إرميا علی نبيّنا وآله وعليه السلام، ثمّ يذكر بعدها قصّة النبيّ إبراهيم. موت النبيّ إرميا وبَعثهلقد كان إرميا من الانبياء، ومع أنّ جميع الانبياء يدعون إلی التوحيد، ومع امتلاكهم لدرجة العصمة، إلاّأنـّهم يقفون في درجات ومنازل متفاوتة ومتباينة. وهكذا فبعد أن دمّر بخت نصّر [15] بيت المقدس وقتل فيه سبعين ألف نفراً وهيمن علی جميع نواحيه، وبعد أن سوّي القري والقصبات بالارض، وبعد أن انهارت سقوف بيوت القرية، وصار الموتي فيها عظاماً متناثرة مبدّدة مرّ إرميا علی تلك القرية (وما جاء في بعض الروايات التي تنسب هذه القصّة إلی عُزير ليس صحيحاً، فتلك الروايات لا سند لها كما أنـّها من روايات الآحاد، ومن المسلّم به أنّ هذه القصّة تتعلّق بإرميا). كان إرميا يسير، فمر في طريقه في الصحراء علی قرية فشاهد سقوفها منهارة ومدمّرة، ورأي أهليها موتي قد سقطوا علی الارض وتبدّدت عظامهم وتلاشت. قَالَ أَنـَّي' يُحْيِ هَـ'ذِهِ اللَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا؟ لقد قال لمّا هاله الامر وأثار دهشته: أنـّي يبعث الله هؤلاء الافراد الكثيرين الذين استحالوا بعد موتهم بهذه الصورة، فيمنحهم حياة جديدة؟! لم يُنكر إرميا البعث والإحياء، فقد كان نبيّاً. لكنّ الامر كان من الاهميّة بحيث كان يحيّر الإنسان. ولقد كان أمر البعث والنشور محيّراً لإرميا لجهتين: إحداهما: أنّ تلك العظام كانت مبدّدة متباعدة عن بعضها، وعلي وشكّ أن تكون رميماً متلاشياً، فكيف يجمع الله هذه الذرّات المختلفة ويؤلّفها وينفخ فيها روح الحياة؟ والاُخري: لبُعد العهد بالامر، فحتّي تحين القيامة فيشاء الله إحياء هؤلاء الموتي، فإنّ كلّ ذرّة منهم كانت ستسقط في زاوية من الدنيا، وستعصف بها الريح فتجعلها هباءً منثوراً. ولقد أثارت هاتان الجهتان تعجّب إرميا وتساؤله، فكان السؤال هو الخُطور الذي مرّ علی قلبه، والحديث الذي تمتم به مع نفسه. فَأَمَاتَهُ اللَهُ مِائَةَ عَامٍ. ما إن عجب للامر حتّي قال له اللهُ: مُتْ! فمات مائة عام. وكان حماره إلی جانبه فمات هو الآخر، وسقط بدن إرميا وبدن حماره علی الارض وإلي جانبهما شيء من التين أو العنب ومن عصير العنب كان قد جاء بها من مدينته في سفره، وكان التين أو العنب والعصير زاده في سفره. ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ. لقد أحياه الله بعد مائة عام وخاطبه: كم لبثت؟ فنظر إرميا يمنة ويسرة وقال: يوماً أو بعض يوم. كان الوقت صباحاً حين أماته الله، أمّا الآن ـ وبعد أن أحياه الله بعد مائة عام ـ فالوقت عصر، فخُيّل لإرميا أنـّه كان متعباً فنام هناليلة، فكان لبثه هنا يوماً واحداً. وخاطبه الله تعالي: بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ. مائة عام كاملة. فَانْظُرْ إِلَي' طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ. مع أنّ أوّل ما يفسد ويتسنّه ويتغيّر ريحه هو التين وعصير العنب اللطيف الذي لا يقاوم الحرارة والتغيّرات الجويّة. وَانْظُرْ إِلَي' حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِّلنَّاسِ. فانظر إلی حمارك واعلم أنـّنا جعلنا منك آية إلهيّة للناس. جعلناك آية ودلالة علی قدرتنا وعظمتنا وجلالنا. وَانْظُرْ إِلَي' الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا. انظر إلی العظام وتأمّل كيف نرفعها عن الارض ونصلها ببعضها ثمّ نكسوها اللحم. وانظر إلی الحمار! انظر وتطلّع كيف نرفعه عن الارض ونجمع في لحظة واحدة جميع تلك الذرّات ونصلها ببعضها، وكيف اجتمعت ذرّات العظام المبدّدة هنا وهناك، ثمّ كساهااللحم والجلد، فنهض الحمار واقفاً. وانظر كيف بعثناك وجمعنا عظامك ثمّ كسوناها لحماً فجعلناك خلقا سويّاً، بحيث صارت عيناك كغرقئ البيض[16] لامعتين برّاقتين؛ والظاهر أنّ عيني إرميا كانتا أوّل ما خُلق منه. أفليس مُثيراً للعجب أن يفعل الله ذلك في طرفة عين، فيجمع عظام إرميا البالية المبدّدة المسحوقة وعظام حماره المبدّدة المفتّتة المتلاشية، فيجعلهما ـ وهو ينظر بأُمّ عينيه ـ حيّيْن سويّيْن صحيحيْن؟ لقد أُجيب علی الاستبعادين اللذين طرحهما إرميا. فأُجيب علی طول المدّة والعهد بالسنوات المائة التي تصرّمت وانقضت، وعلي تشتّت أجزاء الموتي وتفرّقها بجمع الله الاوصال والاجزاء المبدّدة ومنحه إيّاها الحياة أمام أعين إرميا، ثمّ يصرّح سبحانه بأنـّا ـإضافةً إلی هاتين الجهتينـ فعلنا ذلك ليكون آية للناس. لقد كانت عبارة فَانْظُرْ إِلَي' طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ لرفع استبعاد طول العهد والمدّة، فالعنب والعصير لم يفسدا، والحمار المتهرّي قد بُعث حيّاً. وَلِنَجْعَلَكَ ءَايَةً لِّلنَّاسِ لعبرتهم ومشاهدتهم وللتأريخ، في أنّ مائة سنة قد مرّت وحلّ جيل جديد محلّ آخر، وأنّ إرميا الذي كان يوماً ما حيّاً يسير علی الارض ذا أثر، ثمّ استحال خبراً احتلّ مكانه في صفحات التأريخ، قد استحال من جديد أثراً، وانسلّ من بين صفحات الكتب والاوراق ليتحرّك فوق الارض أمام أعين الناس. وجملة فَانْظُرْ إِلَي' الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا لرفع استبعاد تفرّق وتشتّت أعضاء الموتي وأوصالهم، حيث إنّ هذه الاُمور لاتشكلّ صعوبة أو مشقّة للّه القدير العليم. فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ و قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَهَ عَلَي' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. [17] ولم يقل: قد علمتُ الآن. ذلك لانّ إرميا كان نبيّاً، وكان يعلم منذ البداية أنّ الله قادر، لكنّ هذا العلم السابق قد أوجب ـ إثر الوضوح والتبيّن الفعليّـ سكون خاطره. هذه هي قصّة إرميا، أمّا إبراهيم فلم يتلقّ جواباً علی سؤاله بهذا النحو من إحياء الموتي، فقد أراد أن يعلم كيفيّة إعمال قدرة الله الفاعلة في إحياء الموتي. وَإِذْ قَالَ إِبْرَ ' هِــمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَي' قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَي' وَلَـ'كِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَي' كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَهَ عَزَيزٌ حَكِيمٌ. [18] لم يسأل إبراهيم كما سأل إرميا عن إحياء الموتي، بل سأل عن كيفيّة قوّة الله الفاعلة وتأثيرها علی الموتي. فقد كان إبراهيم مَن أراه الله ملكوت السماوات والارض، ومن الموقنين. لقد أري الله تعالي الملكوتَ لإبراهيم، أي أنـّه جعله في مركز الملكوت، وجعل قلبه حاوياً لاسرار الملكوت. فهو يسأل: رَبِّ أَرِني كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَي'؛ ولا يقول كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَي؟ وكما سبق أن ذكرنا، فشتّان بين السؤالين! افرضوا أنّ أحداً لم يسبق له رؤية الجِبن سألكم: ما هو الجبن؟ فستقولون له: اشترِ شيئاً من الجِبن وهاته! فيفعل ويري ـمن ثمّـ مادّة بيضاء دسمة من مشتقّات اللبن قد صنعت في قالب معيّن. وسيعلم حين يري شكل الجبن وهيئته ماهيّة الجبن. إلاّأنـّه لو أراد أن يفهم كيف يُصنع الجبن، فإنّكم ستقولون له: سخّن الحليب إلی درجة حرارة معيّنة، ثمّ أضف إليه محلول تخمير الجبن بقدر معيّن، واصبر عليه مدّة فإنّه سيتصلّب ويبرد. ثمّ اسكبه في كيس لينفصل عنه الماء الخارج من الحليب. فهذه كيفيّة صناعة الجبن. وهذان الامران مختلفان عن بعضهما، فقد كان الاوّل إراءة الجبن لمن لا يعلم ماهيّته، وكان الثاني صنع الجبن والاطّلاع علی كيفيّة ونحو إيجاده. يقول الله سبحانه في جواب إبراهيم: أَوَ لَمْ تُؤْمِن؟ قَالَ بَلَي' وَلَـ'كِن لِّيَطْمَنءِنَّ قَلْبِي. أريد أن يسكن بحر قلبي، فلا يُشاهد فيه أيّ موج وأيّ اضطراب. إنّ الافراد الذين لا يمتلكون السكينة والاطمئنان ـحتّي وإن كانوا موحدّينـ في اضطراب وحركة وتأرجح قلبيّ يسبّب لهم الاذي، فالخطرات تبعث الاضطراب في قلوبهم حتّي وإن كانوا غائصين في غمار بحر التوحيد. ولو قلتم لاحد: اذهب الليلة إلی المقبرة، فهناك قبر مفتوح من المقرّر تغطيته غداً، قد وضع فيه ميّت في أكفانه، وعليك أن تأتي بالخاتم الذي في يده. وعليك أن تذهب إلی المقبرة بمفردك. لوجدتم أغلب الناس يفزعون من هذا العمل، مع أنـّهم يعلمون يقيناً أن ليس هناك من شيء في المقبرة، وأنّ الميّت لا شأن له بأحد. فإذا دخل أحياناً أحدهم المقبرة، فإنّ نبضات قلبه ستتضاعف وتزداد كلّما دناأكثر، ثمّ تبدأ الايدي والارجل بالارتجاف، فإن تقدّم أكثر فلربّما توقّف عن الحركة وسقط علی الارض وهو لمّا يصل القبر المعهود بعدُ، ولربّما مات رعباً وخوفاً. وهكذا فإنّ هذا العمل شاقّ وعسير لمن لا عهد له به، مع وجود اليقين والعلم. إحياء إبراهيم عليه السلام الطيورَ المذبوحةإنّ إبراهيم الخليل عليه السلام يُخاطب الله تعالي: أعلم أنـّك تُحيي باسم المُحيي وباسم القدير، لكنّي أريد أن ألمس هذه الحقيقة بشكل لايبقي معه اضطراب، وبحيث يحلّ سكون الخاطر في قلبي. أي أنـّي أريد أن ألمس ذلك الاسم لينكشف هذا الامر لي بعد علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين. فيصل الخطاب: قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَي' كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. [19] خُذ أربعةَ طيور واجعلهنّ في بيتك ليأنسن بك، ثمّ اذبحهنّ وقطّعهنّ إرباً إرباً، ثمّ اطرق أوصالهن في هاون بحيث تتداخل أجزاؤهن وذرّاتهنّ في بعضها، ثمّ اجعل علی قمّة كلّ من هذه الجبال جزءاً منهنّ، ثمّ ادعهنّ واحداً بعد الآخر، فستراهنّ يأتينك مسرعات، واعلم أنّ الله عزيز حكيم. وكانت هذه الطيور وفق رواية علی بن إبراهيم القمّي هي الطاووس والديك والحمامة والغراب. ومن ثمّ فقد ذبح إبراهيم الطيور بأمر الله وإذنه، ومزجهنّ معاً، ووضع عُشراً من مخلوطهنّ علی قمّة كلّ جبل، ثمّ أخذ منقار الطاووس في يده وناداه: أيّها الطاووس تعال! ولم يكن حال إبراهيم آنذاك حالاً عاديّاً، بل كان فانياً في ذات الله وأسمائه الحسني، فانياً في اسم العزيز والحكيم والقدير والمُحيي. فلم يكن إبراهيم في الحقيقة هو القائل: أيّها الطاووس تعال! بل كان الله تعالي؛ والله هو الذي قال: أيّها الطاووس تعال! ولقد شاهد إبراهيم ذرّات كثيرة تتحرّك إليه بسرعة من فوق قمم الجبال العشرة، ثمّ جاءت وجاءت حتّي لصقت بمنقار الطاووس الذي كان في يده، فاستوي بدن الطاووس وجناحاه ورجلاه، وتشكّل هيكل بدنه وكانت هذه الذرّات هي ذرّات العظام التي شكّلت أصل هيكل الطاووس أولاً. ثمّ جاءت بعدها ذرّات اللحم وذرّات العين واللسان، وتتابعت هكذا سائر الاعضاء والامعاء والاحشاء، مشكّلة في سرعة ودونما توقّف أجزاءَ الطاووس. ثمّ وصلت النوبة إلی الريش، فجاءت ذرّات الريش بلاانحراف ولازيغ مسرعة من قمم الجبال، فاستوت أجنحة الطاووس وريشه، وآنذاك تحرّك الطاووس وانتفض أمام إبراهيم، طاووس جميل حيّ. وبنفس الطريقة فقد أمسك إبراهيم عليه السلام منقار الديك والحمامة والغراب في يده، ودعي كلاّ منها، فأسرعت إليه ذرّات كلّ منها من قمم الجبال واتّصلت بالمنقار، فبُعثت تلك الطيور واقفة أمام إبراهيم. ولقد أُنجزت هذه الاعمال علی يد إبراهيم عليه السلام بإذن الله تعالي، وكان نداء «تعالَ» من إبراهيم عليه السلام بأمر الله تعالي بقوله «ثُمَّ ادْعُهُنَّ»، وكان إنشاءً للحياة وإعمالاً للقوّة الفاعلة للإحياء. ومن هنا فحين قام إبراهيم بهذا العمل، فقد جاءه الخطاب: وَاعْلَمْ أَنَّ اللَهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. واعلم أنّ الله قيّوم الموجودات، وأنّ مقام عزّته مقتضٍ للفاعليّة، وأنـّه في مقام الحكمة، أي لا فتور ولا تراخٍ ولا انفعال فيه؛ وأنّ أعماله ثابتة وراسخة علی أساس من الاستحكام والمتانة. لكنّه عزّ وجل يقول في شأن إرميا: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَهَ عَلَي' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وإذا ما سمعتم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أحيا ميتاً، فلا عجب في الامر، لانّ أمير المؤمنين يمتلك الاسم، ومتحقّق بالاسم. كار پاكان را قياس از خود مگير گر چه باشد در نوشتن شير شير [20] فالاسد المكتوب علی الورق هو أسد، لكنّه أُلعوبة في يد الاطفال والصبيان، يمزّقونه بأيديهم، أمّاالاسد النائم في الاجمة فأسدٌ لو مرّ قربه أحد وسمع صوت تنفّسه لذاب كبده خوفاً وهلعاً! وأنـّي للطفل الرضيع الذي لا قدرة له علی طرد ذبابة عن أنفه، أن يدرك أنّ هناك بطلاً في العالم يرفع أثقالاً تبلغ أربعمائة كيلو غراماً؟! ولقد سطّرت الكتب المعتبرة أمر إشارة الإمام موسي بن جعفر عليه السلام إلی أسد مرسوم علی الستار، وبَعْث الاسد حيّاً، والتهامه الرجل الهازي والساخر في مجلس هارون؛ وإشارة الإمام علی بن موسي الرضا عليه السلام إلی أسدين مصوّرين علی مسند المأمون، وأمر بعثهما والتهامهما حاجب المأمون الذي كان مأموراً بالحطّ من قدر الرضا عليه السلام في مجلس المأمون. [21] قصّة إحياء حمامة ميّتة علی يد وليّ للّههذا وقد سمع الحقير بنفسه هذه القصّة من المرحوم آية الحقّ وسند العلم آية الله الحاجّ الميرزا محمّد جواد الانصاريّ الهَمَدانيّ رضوان الله عليه، حيث يقول: نقل لي أحد أعلام هَمَدان ممّن ربطتني به المودّة والمعرفة منذ القِدَم؛ فقال: تردّدت علی التكيّات وأماكن الذكر منذ أكثر من عشرين سنة من أجل كشف الحقيقة وفتح باب المعنويّات، وتردّدت علی الاقطاب والدروايش فأخذت منهم تعليمات عملتُ بها، إلاّأنـّها لم تثمر شيئاً، ولمتنفتح أمامي أيّ نافذة للكمال والمعارف، ولم تشرع في وجهي أيّ باب، حتّي تصوّرت ـ من يأسي وحيرتي وضياعي ـ أن ليس هناك من شيء أصلاً، بل إنّ ما نُقل عن الائمّة عليهم السلام ربّما كان مبالغة. فلربّما كانت هناك مطالب وأُمور يسيرة نُقلت عن الانبياء والائمّة، فتضخّمت بمرور الوقت علی أيدي أتباعهم ومريديهم، فصار الناس يذكرونها لهم الآن كمعجزات وكرامات وخوارق العادات. قال: وكنتُ قد تشرّفت بالذهاب إلی العتبات المقدّسة، فزرتُ كربلاء، ثمّ تشرّفت بالذهاب إلی النجف الاشرف حيث وفّقتُ بالزيارة. وذهبتُ يوماً إلی الكوفة فقمت بالاعمال الواردة لمسجد الكوفة، ثمّ خرجت من المسجد قبل غروب الشمس بساعة، ووقفت أمام المسجد أنتظر قدوم العربة لارجع إلی النجف. وكان هنالك في ذلك الوقت عربة تجرّها الخيول تتحرّك بين النجف والكوفة (وبينهما فرسخان)، وكان الناس يدعونها بـ «الريل». وطال انتظاري دونما جدوي، إلی أن رأيتُ رجلاً يتّجه نحوي من الناحية الاُخري، وكان متوجّهاً هو الآخر إلی النجف. وكان رجلاً عاديّاً يحمل علی ظهره جراباً، فسلّم وقال: لماذا تقف هنا؟ أجبت: أنتظر العربة، فأنا أريد الذهاب إلی النجف! قال: تعالي نتمشّي سويّاً علی رسلنا، حتّي نري عاقبة الامر لنتحدّث سويّاً ونسير حتّي نري عاقبة الامر! وهكذا فقد سرنا سويّاً ونحن نتحدّث، فقال لي في الطريق دون مقدّمة: أيّها العزيز، إنّ أحاديثك التي تتحدّث بها من أن ليس هناك من شيء، وأن ليس هناك من أساس للكرامات والمعجزات، أحاديث خاطئة وغيرصائبة. قلتُ: لقد كلّت عيناي وأُذناي ومُلئتا من هذه الكلمات، فقد سمعت كثيراً ولم أر أثراً، فلا تتحدّث معي بهذه الكلمات، إذ لا أعتقد بهذه الاُمور. فلم يجب، ثمّ سرنا قليلاً فعاد يتحدّث وقال: علی الإنسان أن يلتفت إلی بعض الاُمور، فهذاالعالم له ملكوت، وله روح. أفليس لك روح؟ كيف يسير بدنك الآن؟ إنّما ذلك بإرادتك وروحك. وهذا العالم له روح هو الآخر، له روح كلّيّة، والروح الكلّيّة للعالم هي الإمام، وهو قادر علی فعل كلّ شيء. وإذا ما كان هناك أشخاص قد تاجروا بالامر ودعواالناس إلی الباطل، فليس هذا دليلاً علی أنـّه لا وجود للحقائق المسلّم بها في هذا العالم. فعلي الإنسان أن لا يتراجع عن عقائده أو أن ينحرف عن المسلّمات. قلتُ: لقد سمعتُ الكثير من هذا الكلام، ولقد كلّت أُذناي وثقلتا بذلك، وأنا الآن مُتعب مُنهك، فتعال نتحدّث في موضوعات أُخري؛ ثمّ ما شأنك أنت وهذه الاُمور؟! قال: لا يمكن ذلك! لا يمكن ذلك يا عزيزي. قلت: لقد كنتُ في التكيّات وأماكن الذكر طوال عشرين سنة والتقيت بالمرشدين والاقطاب، لم أنتفع شيئاً! قال: ليس هذا دليلاً علی أنّ الإمام ليس لديه شيء هو الآخر؛ ما الذي تريده لتصدّق بالامر؟! وكنّاآنذاك قد وصلنا إلی خندق الكوفة (وكانوا قد حفروا في السابق خندقاً بين النجف والكوفة لا تزال آثاره واضحة حتّي الآن). فقلت: إن أحيا أحدٌ ميتاً لقبلتُ كلامه، ولقبلت واقتنعتُ بكلّ ما يتحدّث به عن الإمام والنبيّ وعن معجزاتهم وكراماتهم. فتوقّف وقال: ما الذي هناك؟ فنظرتُ ورأيتُ حمامةً متيبّسة ساقطة في الخندق. ثمّ قال: اذهب فهاتها! فذهبتُ وأتيتُ بالحمامة الميّتة المتيبّسة. قال: تمعّن فيها أهي ميّتة؟ قلت: ميّتة ومتصلّبة وقد تناثر بعض ريشها. قال: أفتصدّق إن أنا أحييتُها؟ أجبت: لن أصدّق بهذا وحده، بل إنّني سأصدّق جميع ما ستقوله، وبجميع معجزات الائمّة وكراماتهم. فأمسك الحمامة بيده وتأمّل قليلاً، ثمّ دعا بدعاء وقال للحمامة: طيري بإذن الله. فما إن قال ذلك حتّي حلّقت الحمامة طائرة وذهبت! وكنت غارقاً في عالم من الحيرة، مذهولاً مبهوتاً. ثمّ قال لي: تعال! أرأيتَ؟ أصدّقت؟ ثمّ تحرّكنا إلی النجف إلاّ أنـّي لم أكن في حالة طبيعيّة، وكان التعجب والحيرة يلفّان وجودي. ثمّ قال: أيّها العزيز! إنّ هذاالذي شاهدتني أفعله بإذن الله هو من أعمال صِبية طلاّب مذهب الحقيقة! هكذا كان نصّ كلامه: هو من أعمال صِبية طلاّب مذهب الحقيقة. فماالذي كنت تقوله يا تُري؟ كنت تقول: إن لم أُشاهد بعيني شيئاً فإنّني لن أؤمن! أفجاء النبيّ والإمام ليبسطوا لي ولك كلّ يوم مائدة فيصبّوا من هذه الكرامات في أفواه الناس؟! لقد كانت لهم جميع أنواع القدرة، وكانوا يستخدمونها بإذن الله كلّما اقتضت الحكمة ذلك، ومن المحال أن يصدر منهم عمل دون إذن الله تعالي. لقد كان هذا عمل صِبية طلاّب مذهب الحقيقة، ولا زال هناك طريق طويل حتّي المنزل المقصود. كنّا نتحدّث معاً باستمرار، وكنت استفسر منه فيجيبني علی كلّ أسئلتي، حتّي وصلناالنجف الاشرف. (وكان القادمون من الكوفة إلی النجف سابقاً يصلون أوّل ما يصلون إلی المقبرة المعروفة بوادي السلام، ثمّ يدخلون النجف). وعندما وصلنا وادي السلام أراد أن يودّعني لينصرف، فقلت له: لقد وصلتُ اليوم إلی هذه النتيجة بعد عشرين سنة من المشقّة والالم ولستُبتاركك! إنـّك تريد أن تدعني وتنصرف، لكنّي سأُلازمك بعد الآن. قال: تعال غداً عند بزوغ الشمس، فنلتقي هنا. ولم تغمض لي عين تلكالليلة حتّي الصباح من فرط شوقي للقائه، وكان اشتياقي يتصاعد كلّ ساعة، بل وكلّ دقيقة للذهاب صباح الغد لرؤيته. وكنت في وادي السلام أوّل طلوع الصبح، فشاهدتُ جنازة يرافقها عدّة أشخاص، وحين أرادوا دفنها اتّضح أنـّها كانت جنازة ذلك الرجل! وليست هذه بالقصّة والحكاية، ولم تُنتزع من بطون الكتب القديمة، بل هي من صُلب هذا الزمان وراويها سلمان الزمان: المرحوم الانصاريّ رحمة الله عليه الذي مضي علی رحيلة سبع عشرة سنة. [22] تو علی را به تاري ديدهاي زين سبب غيري بر او بگزيدهاي [23] * * * حقّ را چو به خلق شد جلوه گري پوشيد علی را به لباس بشري از عالم لا مكان به امكان آورد تا بي خبران را دهد از خود خبري [24] علو مقامات أمير المؤمنين عليه السلاموالعجيب هو أنّ أحداً في زمن علی عليه السلام لم يفهم ماالذي كان يقوله، لقد كان نفسه يقول: إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً لَكُمْ جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً. ولقد سطّرت خطب أمير المؤمنين عليه السلام في الكتب، وتناقلتها الايدي، وقُرئت للناس، فمن الذي أدرك علی مدي العصور ما الذي يقوله عليّ؟ لقد أورد أُستاذنا سماحة العلاّمة الطباطبائيّ مدّ ظلّه عدّة خطب من «نهج البلاغة» في التوحيد، وذلك في المجلّد السادس من تفسير «الميزان» ص96 إلی 108، وهي جديرة بالتأمّل والاهتمام. الاُولي: الخطبة الاُولي: اَلْحَمْدُ لِلَهِ الَّذِي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ ـ الخطبة. الثانية: الخطبة الثالثة والستّون: اَلْحَمْدُلِلَهِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالاًـ الخطبة. الثالثة: الخطبة الخمسون بعد المائة: اَلْحَمْدُ لِلَهِ الدَّالِّ علی وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ ـالخطبة. الرابعة: الخطبة الحادية والستّون بعد المائة: اَلْحَمدُ لِلَهِ خَالِقِ الْعِبَادِ وَسَاطِحِ الْمِهَادِ ـ الخطبة. والخامسة: الخطبة الرابعة والثمانون بعد المائة: مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ، وَلاَحَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَن مَثَّلَهُ ـ الخطبة. ثمّ يقول سماحة الاُستاذ: إنّ المطالب التي أبان عنها أميرالمؤمنين عليه السلام في هذه الخطب في توحيد ذات الحقّ تعالي بالصرافة لميدركها أحد من العلماء إلی ما بعد الالف الهجريّ، حتّي أنّ ابن سينا لم يُدرك ـ بدوره ـ هذا المعني، فكان يقول بتوحيد الحقّ بالوحدة العدديّة. [25] ثمّ جاء العلاّمة بمطالب نفيسة في هامش ص 110 جديرة بالتأمّل والملاحظة. أقول: الظاهر أنّ مراد الاُستاذ من العلماء بعد الالف الهجريّ: المرحوم صدر المتألّهين القائل بالتوحيد بالصرافة. بلي؛ نحن نذهب إلی النجف الاشرف للزيارة والتوسّل احتراماً لبدنه عليه السلام، واحتراماً لتعلّق النفس بذلك البدن، وإلاّ فإنّ روحه ونفسه عليه السلام قد طبقت الآفاق: لاَ شَرْقِيَّةٌ وَلاَ غَرْبِيَّةٌ. فهي في كلّ مكان، وموجودة مع كلّ شيء، وهو الوليّ الاعظم لمركز الفعل الربوبيّ جلّ وعزّ. وهو الذي توسّل به آدم أبو البشر للنجاة وبلوغ المقصود، وتوسّل به نوح وموسي وعيسي وسائر الانبياء، علی نبيّنا وآله وعليهم الصلاة والسلام. ولقد أوردنا في بعض بياناتنا مفصّلاً أنّ إبراهيم عليه السلام مع أنـّه كان أفضل وأشرف من جميع الانبياء عدا نبيّ الإسلام، ومع أنـّه كان من المخلَصين، إلاّأنـّه سأل ربّه الوصول إلی مقام الصلوح، فوعده الله تعالي بنيله في الآخرة: وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَـ'هُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ و فِي الاْخِرَةِ لَمِنَ الصَّـ'لِحِينَ. [26] وسأل يوسف عليه السلام ربّه هذا المقام، فلم يرد في القرآن الكريم أنـّه سيُعطاه في الدنيا أو في الآخرة، فقد ذُكر دعاؤه وسؤاله فقط: أَنتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّـ'لِحِينَ. [27] أمّا بالنسبة إلی أمير المؤمنين عليه السلام، فقد ورد التعبير عنه في القرآن الكريم بـ «صالح المؤمنين». إِن تَتُوبَآإِلَي اللَهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَـ'هَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَهَ هُوَ مَوْلَیـ'ـهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـ'لِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَـ'ئِكَةُ بَعْدَ ذَ ' لِكَ ظَهِيرٌ. [28] ولقد استدعت رحابة روح أمير المؤمنين وعظمته وعلوّه في مقام التوحيد الذاتيّ والفناء والبقاء بالله في ذات الحضرة الاحديّة علی أساس من التلمذة علی يد رسول الله صلّي الله عليه وآله، استدعت قيام جميع الانبياء بالتوسّل به وبالانوار الخمسة الطاهرة، ورغبتهم ـببركة أُولئكمـ في ترميم وإكمال نقص كمالهم. كي رفتهاي ز دل كه تمنّا كنم ترا كي بودهاي نهفته كه پيدا كنم ترا غائب نگشتهاي كه شوم طالب حضور پنهان گشتهاي كه هويدا كنم ترا با صد هزار جلوه برون آمدي كه من با صد هزار ديده تماشا كنم ترا مستانه كاش بر حرم و دير بگذري تا قبله گاه مؤمن و ترسا كنم ترا طوبي و سِدره گر به قيامت به من دهند يكجا فداي قامت رعنا كنم ترا [29] إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن له تجلٍّ واحد، بل كان له في كلّ آن الآلاف المؤلّفة من التجلّيات. فأنـّي للإنسان أن يتطلّع إلی تجلّياته بهذه الاعين الرمداء!إنّ مائة ألف عين تلزم المرء ليري بها تجليّاته عليه السلام، وينبغي ـ إذَن ـ أن يُنظر إلی علی بعين علی نفسه. ديدهاي وام كنم از تو به رويت بنگرم چونكه شايستة ديدار تو نبود بَصَرم [30] عسي الله تعالي أن يجعل أُمورنا في جميع العوالم مع أميرالمؤمنين عليه السلام، فيُحيينا بنداء واحد كما نادي إبراهيم الطيور فأحياها؛ وأن ينظر إلينا أمير المؤمنين بنظره الملكوتيّ، فيقلب نُحاس وجودنا ـكفعل الكيمياءـ ذهباً، ويرفعنا من حضيض عوالم البهيميّة إلی أوج الإنسانيّة وذروتها، ويجعل هذا الإنسان الظلمانيّ الحبيس في سجن الهوي والهوس ملكوتيّاً، ويهديه إلی التوحيد المحض. به ذرّه گر نظر لطف بو تراب كند به آسمان رود و كار آفتاب كند [31] وقد ورد في باب زيارته عليه السلام، عن رسول الله صلّي الله عليه وآله قال: مَنْ زَارَ عَلِيَّاً بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلهُ الْجَنَّةُ.[32] وجاء عن الصادق عليه السلام: مَن تَرَكَ زِيَارَةَ أَمِيِرِ الْمُؤمِنِينَ لَمْ يَنْظُرِ اللَهُ إِلَيْهِ. أَلاَ تَزُورُونَ مَنْ تَزُورُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ؟! [33] كما روي عنه عليه السلام أنـّه قال: إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَتُفْتَحُ عِنْدَ دُعَاءِ الزَّائِرِ لاِمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلاَ تَكُنْ عِنْدَ الْخَيْرِ نَوَّاماً. [34] ويروي المجلسيّ رضوان الله عليه عن كتاب «أخبار الطالبيّين» قال: إنّ الروم أسروا قوماً من المسلمين، فأُتي بهم إلی الملك، فعرض عليهم الكفر فأبوا، فأمر بإلقائهم في الزيت المغليّ وأطلق منهم رجلاً يُخبر بحالهم. فبينما هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيول، فوقف فنظر إلی أصحابه الذين أُلقوا في الزيت! فقال لهم في ذلك، فقالوا: قد كان ذلك، فنادي منادٍ في السماء في شهداء البرّ والبحر: إنّ علی بن أبي طالب قد استشهد في تلك الليلة فصلّوا عليه! فصلّينا عليه ونحن راجعون إلی مصارعنا. [35] وينبغي العلم أنّ هذه القصّة وقعت في عالم البرزخ، وأنـّها اتّضحت لهذاالرجل علی هيئة مكاشفة. لعن الملائكة لقتلة أمير المؤمنين وقتلة سيّد الشهداء عليهما السلاميروي عن صفوان الجمّال، عن أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام قال: سألتُه في طريقِ المدينةِ ونحنُ نريد مكّةَ، فقلتُ: يابنَ رسولِ اللهِ! ما لي أراك كئيباً حَزيناً مُنكسراً؟ فقال: لَو تسمعُ ما أسمعُ لَشَغَلَكَ عَنْ مسألتي. فقلتُ: وما الَّذِي تسمعُ؟ قال: ابتهال الملائكة إلی اللهِ عزّ وجلَّ علی قتلةِ أمير المؤمنين وقتلة الحسينِ عليهما السلام، ونوح الجنِّ وبكاء الملائكة الَّذين حولَهُ وشدّة جزعهم، فمن يتهنّأ مع هَذا بِطَعامٍ أو شَرابٍ أو نَوْمٍ؟ [36] ويروي ابن قولويه القمّيّ عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن بعض أصحابه، عن أحمد بن قتيبة الهمدانيّ، عن إسحاق بن عمّار، قال: قلتُ لابي عبد الله (الصادق) عليه السلام: إنّي كنتُ بالحائر ليلةَ عرفة، وكنتُ أُصلّي وثَمّ نحو من خمسين ألفاً من الناس جميلة وجوههم طيّبة روائحهم، وأقبلوا يصلّون الليلة (الليل خ ل) أجمع، فلمّا طلع الفجر سجدتُ ثمّ رفعت رأسي فلم أر منهم أحداً. فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: إنّه مرّ بالحسين عليه السلام خمسون ألف مَلَك وهو يُقتل، فعرجوا إلی السماء فأوحي الله إليهم: مررتم بابن حبيبي وهو يُقتل فلم تنصروه، فاهبطوا إلی الارض فاسكنوا عند قبره شعثاً غبراًإلي يوم تقوم الساعة. [37] [2] ـ الآية 88، من السورة 28: القصص. [3] ـ يقول: لم يتسنَّ لاحد اصطياد العنقاء، فلملم شراكك، فهناك لا تصطاد غيرَالهواء الشراكُ. [4] ـ صدر الآية 180، من السورة 7: الاعراف. [5] ـ «تفسير الميزان» ج 8، ص 384، عن «الكافي». [6] ـ «تفسير الميزان» ج 8، ص 382، عن «بصائر الدرجات». [7] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 178 و 179. [8] ـ الآيتان 13 و 14، من السورة 86: الطارق. [9] ـ وفي الروايات أنـّه جبل، وهو نفسه الاعراف. [10] ـ الآية 46، من السورة 7: الاعراف. [11] ـ صدر الآية 37، من السورة 24: النور. [12] ـ الآية 75، من السورة 6: الانعام. [13] ـ مقطع من الآية 49، من السورة 3: آل عمران. [14] ـ مقطع من الآية 259، من السورة 2: البقرة. [15] ـ ذكرنا سابقاً في المجلس الحادي والعشرين الوجه في ضبط لفظ «بُخْتُ نُصَّر» والسبب في تسميته بهذاالاسم. [16] ـ الغِرْقي: القشرة الملتزمة ببياض البيض، وهي قشرة لطيفة رقيقة تلي قشر البيضة الصلب. [17] ـ مقطع من الآية 259، من السورة 2: البقرة. [18] ـ الآية 260، من السورة 2: البقرة. [19] ـ الآية 260، من السورة 2: البقرة. [20] ـ يقول: لا تقس فعلك مع أفعال المطهّرين الصالحين، فلو كان الامر كذلك لكان الاسد المكتوب (علي الورق) أسداً حقيقيّاً. [21] ـ نقل ابن شهرآشوب في كتابه «المناقب» قصّة إحياء الاسـد بإشارة منالإمام ï ïموسيبن جعفر عليهما السلام، ضمن حالات الإمام؛ وذلك نقلاً عن علی بن يقطين. (ج 2، ص 364 و 365 من الطبعة الحجريّة). وأورد قصّة إحياء الاسد علی يد الإمام الرضا عليه السلام كلّ من كتاب «عيون أخبار الرضا» الباب 40، ص 354 من الطبعة الحجريّة؛ وكتاب «إثبات الهداة» ج 6، ص 55. كما أوردنا هذه القصّة في الجزء الاوّل من هذا الكتاب. [22] ـ رحلة ذلك المرحوم في الثاني من ذي القعدة لسنة 1379 هجريّة، حيث انقضي عليهاإلي زمن هذه الابحاث (أي شهر رمضان لسنة 1369 ه) سبع عشرة سنة إلاّأنـّه قد انقضي علی ذلك إلی زمن طبع هذا المجلّد من دورة «معرفة المعاد» (ربيع الاوّل 1403 ه) أربعة وعشرون سنة تقريباً. [23] ـ يقول: لقد رأيتَ عليّاً عليه السلام فيالظلام والحلكة، فلا جرم أن قدّمتَ عليه غيرَه! [24] ـ يقول: حين تجلّي الحقّ إلی الخلق، فقد ألبس عليّاً رداء البشر! وجاء به من عالم اللامكان إلی المكان، ليُنبي الغافلين عن نفسه خبراً! [25] ـ النصّ المنقول ليس نصّ كلام العلاّمة الطباطبائيّ قدّس سرّه، بل تلخيص لما قاله.(م) [26] ـ عجز الآية 130، من السورة 2: البقرة. [27] ـ النصف الثاني من الآية 101، من السورة 12: يوسف. [28] ـ الآية 4، من السورة 66: التحريم. [29] ـ يقول: متي غادرتَ قلبي لاتمنّاك؟! ومتي كنت مستتراً لاعثر عليك؟! لم تَغِبْ كي أروم حضورك، ولم تَخْفَ لاُظهرك للعيان! لقد تجلّيت للعيان بمائة ألف تجلٍّ، فأنا أتطلّع إليك بمائة ألف بصر. ولَيْتك تمرّ ثملاً علی الحرم والدير، لاجعلك قبلة للمؤمن والمسيحيّ. ولو منحوني يوم القيامة طوبي والسِدرة، لفديتُهما جميعاً لقامتك الفاتنة! [30] ـ يقول: سأستعير منك بَصَراً لانظر به إلی طلعتك، إذ ليس بصري جديراً بلقياك! [31] ـ يقول: لو تطلّع أبو تراب بلطفه إلی ذرّةٍ ما، لَرَقَتْ إلی السماء فكانت شمساً! [32] ـ «مناقب ابن شهرآشوب» الطبعة الحجريّة، ج 2، ص 84. [33] ـ «مناقب ابن شهرآشوب» الطبعة الحجريّة، ج 2، ص 84. [34] ـ «مناقب ابن شهرآشوب» الطبعة الحجريّة، ج 2، ص 84. [35] ـ «مناقب ابن شهرآشوب» الطبعة الحجريّة، ج 2، ص 84.و «بحار الانوار» ج 9، ص 679؛ والطبعة الحروفيّة ج 42، ص 309. [36] ـ «نفس المهموم» ص 313، عن ابن قولويه. [37] ـ «كامل الزيارات» الباب 39، ص 115. |
|
|