|
|
الصفحة السابقة
بسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ الحمد للَّه ربّ العالمين ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم وصلَّي الله علی محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين (مطالب أُلقيت في اليوم السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك) في حقيقة وجه اللهقال الله الحكيم في كتابه الكريم: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَي' وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَـ'لِ وَالإكْرَامِ.[1] لعالم الخلقة ظاهر وباطن، فظاهره هذه الموجودات المتكثّرة المادّيّة والطبيعيّة التي يمتلك كلّ منها تشخّصاً وإنّيّة، وينعم بما تتّسع له ماهيّته بنعمة الوجود والعلم والقدرة. وهذه الماهيّات المختلفة والهويّات المتغايرة المتباينة تجعل من نفسها ميزاناً للقيم والحياة، وتدعو إلی نفسها، وتدافع عن وجودها وشخصيّتها. وحين تلحظ أنـّها في معرض النقص، فإنّها تستفيد من الموجودات الاُخري لترميم وجودها، وتسخّرها لسدّ نقصها، ولا تتورّع عن أيّ سعي وجهد استجلاباً للنفع والفائدة، ودفعاً للضرر والاذي. فإن شاهدت أساس حياتها في معرض الخطر، تصدّت لدفع ذلك الخطر بكلّ ما تملك من قوّة. بل إنّها قد تشرف علی الموت والفناء في دفاعها عن حياتها. وتمتلك هذه الموجودات نفوساً وشخصيّات متفاوتة، فكلّ منها قد رفع عقيرته بنداء الاستقلال، ورفع علی منكبه علم وجوده الخاصّ. أمّا باطن عالم الخلقة هذا فهو الارتباط المحض لهذه الموجودات مع العوالم المجرّدة اللاهوتيّة والجبروتيّة، والارتباط الخالص مع الباري تعالي شأنه العزيز، الذي يُفيض عليهم الوجود والعلم والقدرة والحياة من عالم الربوبيّة وصقع الجبروتيّة، بحيث يحفظ أوراد روضة هذه الماهيّات يانعة طريّة غضّة علی الدوام، وبحيث إنّ ذلك الارتباط لو انفصم للحظة واحدة، لصار جميع هذا العالم ـمع سعته العجيبة وامتداده وتراميه المحيّر للعقولـ العدم المحض بحدِّ ذاته، ولَدُمغ علی جبينه بخاتم البُطلان، أي العدم المطلق من الحياة والوجود وآثارهما ولوازمهما. ويُدعي هذا العالم الظاهر: وجه الخِلقة، بينما يُدعي عالم الباطن باسم: وجه الله. والوجه بمعني المُشير والمُظهر لذات الموجود، فوجه الإنسان مثلاً هو أفضل وأرقي عضو فيه، وهو المظهر له، حيث يُعبّر عنه أيضاً بالسيماء. ووجه العمارة هو مظهر واجهة البناية الذي يمتاز بمشخّصات وخصائص معيّنة عن سائر البنايات. ووجه المراكب والسيّارات وسائر الاشياء هو أفضل عضو من الاعضاء المظهرة لتلك المراكب والسيّارات. وهكذا تختلف وجوه هذه الموجودات، من الإنسان والحيوان فيما بينها، إذ خُلقت علی أساسٍ من الاختلاف. ومن ثمّ فإنّ معيار الاختلاف وميزانه مشهود أيضاً في وجودهها. علی أنّ وجه الله الذي أوجد هذه الموجودات وخلع عليها لباس الوجود واحد، لانّ الله تعالي واحد، والحياة والعلم والقدرة التي يُفيضها واحدة، ولانّ كيفيّة ارتباط هذه الموجودات مع عالم الباطن واحد. ومع أنّ مقدار الحياة والعلم والقدرة في الموجودات مختلف، إلاّأنّ إعمال القدرة والعلم والحياة في الذات الإلهيّة لإيجاد الموجودات المختلفة ليسمتفاوتاً. فالله سُبحانه لم يُعْمِل في خلق الشمس قدرةً أكثر من تلك التي استخدمها لخلق قطعة من الكُرات والكواكب الاصغر منها بكثير. ولم يستخدم في خلق جبل «الوند» علماً أو قوّة أكثر من تلك التي استخدمها لخلق قطعة حجر. والامر كذلك في خلق الفيل والبعوضة، وفي خلق أوّل الموجودات الإمكانيّة وأسماها: النبيّ محمّد بن عبد الله صلّيالله عليه وآله وفي خلق أضعف فرد من صنف الإنسان أو أنواع الحيوان. [2] فالقدرة والعلم وسائر الصفات والاسماء الإلهيّة واحد غيرمتعدّد فهي تتعلّق بالموجودات وفق نهج خاصّ وطريق واحد متميّز، وليس هناك من جهة الحضرة الربوبيّة شدّة أو ضعف، ولا زيادة ونقصان، ولاكمّ وكيف، ولا زمان ومكان. وَمَآأَمْرُنَا إِلاَّ وَ ' حِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ. [3] وَمَآأَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ. [4] لكنّه يختلف ضعفاً وشدّة، وزيادةً ونقصاناً من جهة موجودات هذا العالم وظرفيّاتهاالمخلتفة وماهيّاتها المتكثّرة، فيظهر وينشأ مقيّداً بالزمان والمكان وسائر الاعراض. ويُقال لتلك الجهة الإلهيّة وجه الله، ولهذه الجهة الخَلقيّة وَجه الخلق. كما يُدعي الاوّل بعالم الملكوت أو الباطن والغيب، والثاني بعالم المُلك والشهادة. وكذلك فإنّ الاوّل يدعي بعالم الامر، والثاني بعالم الخَلق، وذلك استنباطاً من الآيات القرآنيّة، مثل: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاْمْرُ تَبَارَكَ اللَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. [5] فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. [6] قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ. [7] عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَـ'دَةِ. [8] وَمَا الْوَجْهُ إِلاَّ وَاحِدٌ غَيْر أَنـَّهُ إِذَا أَنْتَ عَدَّدْتَ الْمَرَايَا تَعَدَّدَا بلي، إنّ اختلاف الوجوه وتعدّدها في هذا العالم مرهون بأنّ الموجودات التي يمثّل كلٌّ منها آية ومرآة للجمال الإلهيّ متكثّرة، وهي متكثّرة من ناحية وجودها، إلاّ أنـّها واحدة من جهة إراءة ذي الآية، أي ذات الباري تعالي شأنه العزيز. تماماًكمثل شخص يقف في غرفة وُضعت فيها مرايا مختلفة تواجهه بزوايا مختلفة، فمن الواضح أنّ هناك شكلاً خاصّاً سيظهر في كلّ مرآة وأنّ كلّ مرآة ستحكي وضعاً خاصّاً منه، إلاّأنّ صاحب هذه الصور في الوقت نفسه واحد، بل إنّ نفس وجهه وصورته واحدة لا غير. وهكذا فإنّ عالم الامر، أي عالم وجه الله والوجهة الإلهيّة والوجهة الربوبيّة للموجودات واحد لاأكثر، وهذا التكثّر والغوغاء العجيبة للاختلاف في هذا العالم إنّما هو مرايا لا تعدّ ولا تُحصي بعدد آحاد موجودات عالم الخلقة، وقد أتي بها عالم الخلقة. إنّ الزوال والعدم، والموت والهلاك تتعلّق بالوجهة الخلقيّة للموجودات الكائنة في عالم المادّة والطبع، أي عالم الكَون والفساد، لانّ أصل معدن هذا العالم ومادّته الاوّليّة قد صُنعا من التغيّر والتبدّل والتحوّل، ولانّ العدم والتجدّد والحدوث قد صبّا في أوّل قالب من الموادّ الخام لموجودات هذا العالم. أمّاالوجهة الإلهيّة لهذا العالم، فلا فناء فيها ولا عدم، وهي وجود محض، لانـّها ليست مادّيّة ولا طَبع لها، ولا كَوْن ولا فساد، ولازمان ولامكان. كماأنـّها ليست مكيّفة بالكيفيّة ولا مكمّمة بالكميّة ولامعرّضة لسائر الاعراض. هي بسيطة مجرّدة، وهي العلاقة والارتباط المحض ونفس التعلّق وعينه. كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ. [9] وجليّ أنّ الوجه الإلهيّ لكلّ شيء ثابت غير متغيّر، مجرّد لامادّيّ وربط محض لاارتباط. وبناء علی ما ذكر فإنّ معني الآية الكريمة: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَهَ. [10] سيتّضح جيّداً، لانّ وجه الله جهة ربط الله بكلّ موجود. وجليّ أنّ الله تعالي موجود مع كلّ موجود، وأنّ له المعيّة مع كلّ موجود. فالواحد والبسيط والمجرّد ـ إذَن ـ هو وجه الله، فهو موجود مع كلّ واحد من هذه الموجودات. أي: فَثَمَّ وَجْهُ اللَهِ. ولقد أبدع العارف الفارسيّ الجليل بابا طاهر العريان في إنشاده: به صحرا بنگرُم صحرا تَه وينُم به دريا بنگَرُم دريا تَه وينُم به هر جا بنگَرُم كوه و در و دشت نشان از روي زيباي ته وينُم [11] ويقول الإمام السجّاد زين العابدين عليه السلام في مناجاته في ساحة ربّ العزّة سبحانه: أُنَاجِيكَ يَا مَوْجُودُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَعَلَّكَ تَسْمَعُ نِدَائِي. [12] وجليّ أنّ المكان ليس ظرفاً لوجود الله تعالي، فالمراد هو وجه الله الموجود في كلّ مكان، والذي له المعيّة مع كلّ موجود، والذي هو حقيقة كلّ موجود وباطنه. وبناء علی ما ذكرنا سابقاً في آيات نفخ الصور: فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن فِي الاْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ. [13] فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن فِي الاْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَهُ. [14] وبمقارنتها مع هذه الآيات التي استثنت وجه الله، أي ملكوت كلّ شيء ووجهه الباطنيّ، فسيتّضح أنّ المراد بـ «مَن شَآءَ اللَهُ» هو وجه الله. فوجه الله لا موت ولا بوار له، وكلّ من يصل إلی مقام وجه الله، أي من يخرج من ذاته (التي هي وجهته الخَلقيّة ودعوته إلی نفسه) ويتخلّص من أنانيّته واستكباره، فيفني في ذات الله وصفاته؛ فإنّه سيتحقّق بـ «وجهالله» فلاهلاك له بعدُ ولا موت. الائمّة والمخلَصون هم وجه الله وموجودون مع جميع الموجوداتإنّ أحد الالقاب المباركة لبقيّة الله تعالي: محمّد بن الحسن العسكريّ عجّل الله تعالي فرجه هو وجه الله، حيث نقرأ في زيارته عليه السلام: السَّلاَمُ علی وَجْهِ اللَهِ الْمُتَلَقِّبِ بَيْنَ أَظْهُرِ عِبَادِهِ. [15] ونقرأ فيدعاء الندبة: [16] أَيْنَ وَجْهُ اللَهِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الاْوْلِيَاءُ؟ [17] وقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله: مَن زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ وَجْهاً كَالْوُجُوهِ فَقَدْ أَشْرَكَ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ جَوَارِحَ كَجَوَارِحِ الْمَخْلُوقِينَ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَهِ، فَلاَ تَقْبَلُوا شَهَادَتَهُ وَلاَ تَأْكُلُوا ذَبِيحَتَهُ، تَعَالَي اللَهُ عَمَّا يَصِفَهُ الْمُشَبِّهُونَ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ، فَوَجْهُ اللَهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ. [18] إنّ الافراد الذين يتحقّقون بوجه الله هم مع الله دائماً، لايحجبهم ولايمنعهم عن الحضور أيّ موجود. تَجَلَّي لِيَ الْمَحْبُوبُ فِي كُلِّ وِجْهَةٍ فَشَاهَدْتُهُ فِي كُلِّ مَعْنيً وَصُورَةِ[19] به هر چه مينگرم صورت تو ميبينم از آنكه در نظرم جملگي تو ميآئي [20] جَلَتُ فِي تَجَلِّيَها الْوُجُودُ لِنَاظِرِي فَفِي كُلِّ مَرْئِيٍ أَرَاهَا بِرُؤيَةِ [21] گفت نوح اي سركشان من من نيم من ز جان مُردم به جانان مي زيم چون ز جان مردم به جانان زندهام نيست مرگم تا أبد پايندهام چون بمُردم از حواس بو البشر حقّ مرا شد سمع و ادراك و بصر چون كه من من نيستم ايندم زهوست پيش ايندم هر كه دم زد كافر اوست گر نبودي نوح را از حقّ يَدي پس جهاني را چسان بر هم زدي [22] في معيّة وجه الله لجميع عوالم الخلقوقد ورد عن الرسول الاكرم صلّي الله عليه وآله أنـّه قال: لَوْ دُلِّيتُمْ بِالاْرْضِ السُّفْلَي لَهَبَطْتُمْ علی اللَهِ تَعَالَي. [23] ويقول المعلّق في تعليقة «الاسفار»: وورد في نسخة أُخري: لَوْ أُدْلِيتُمْ بِحَبْلٍ إلی الاْرْضِ السُّفْلَي لَهَبَطْتُمْ علی اللَهِ تَعَالَي. وبطبيعة الحال فإنّ مضمون هذا الحديث نفس مضمون دعاء الحزين الذي يقول فيه الإمام السجّاد عليه السلام: أُنَاجِيكَ يَا مُوجُودُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. أي أنّ وجه الله موجود مع جميع الموجودات، ولو في أدني نقاط الارض، وأنّ الله تبارك وتعالي له المعيّة مع كلّ موجود بدون استثناء. ويُقال لجهة موجوديّة الموجود وجه الخلق، ولجهة معيّة الله تبارك وتعالي لتلك الجهة: وجه الله. وعلي كلّ حال، وكما سبق بيانه، فإنّ العباد المقرّبين والمخلَصين للّه لاموت لهم، ولا حياة بعد الموت، فقد أُبعد عنهم جميع عقبات الطرق ومنعطفاتها التي لابدّ لغيرهم من طيّها، من الفزع، والخوف، وسماع الصيحة الدنيويّة، والقلق عند سكرات الموت، وأنواع العذاب، وسؤال القبر، والصيحة التي يُنادي بها في القبر فيرتدون إثرها اللباس البرزخيّ والمثاليّ (وتُدعي بنفخ صور الإماتة)، والآيات التي تقع بعد تلكالصيحة حتّي نفخ الصور الثاني (ويُدعي بنفخ صور الإحياء). وتدعي هذه المجموعة بالآيات الواقعة بين النفختين. ولقد أُبعدت جميعها عنهم، أي أنـّهم قد طووا هذه الصعوبات والعقبات في الدنيا بقدم المجاهدة للنفس الامّارة، فوردوا الجنّة طاهرين مطهّرين، فهم هناك منعّمون مع الصالحين بالنعم الإلهيّة التي لاتزول ولاتفني. وذلك لانـّه ليس هناك مناص من طيّ هذه الطرق وتجاوزها، إذ إنّ صعود الإنسان ورقيّة إلی مقام النفس، وطلوع القيامة الانفسيّة من الضروريّات، وهذا الرقيّ والصعود لا يحصل دون طيّ الدرجات والمراتب الواقعة أدني من الصورة، وإلاّاستلزم الطفرة التي هي من المحالات. وإذا ما طُويت هذه الطرق واجتيزت ـكما قد فعل المقرّبون والمخَلصونَ والسابقونـ بهمّة إنسانيّة عالية، وبخطوات التوفيق الإلهيّ والاصطبار ومجاهدة النفس ـ أي الجهاد الاكبرـ فبها المطلوب، وإلاّ فإنّ الإنسان سوف يُساق مُجبراً بعد الموت، بل وقبل الموت أيضاً، للعبور من هذه العقبات. وأنّ هذا الإنسان المستكبر المغرور ذا العين الرمداء التي لاتُبصر الله ولا تعرفه، يجب أن يرد مقام الإقرار والاعتراف في مقام عبوديّة الحقّ تعالي شأنه. الآيات الدالّة علی انقراض الدنيا ورجوع الإنسان إلی اللهإِن كُلُّ مَن فِي السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ إِلآ ءَاتِي الرَّحْمَـ'نِ عَبْدًا * لَّقَدْ أَحْصَـ'هُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ ءَاتِيِه يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ فَرْدًا. [24] وسيُنادي بأهل الدنيا بالصيحة: وَمَا يَنْظُرُ هَـ'´ؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً وَ ' حِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ. [25] يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ. [26] يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ* أَبْصَـ'رُهَا خَـ'شِعَةٌ * يَقُولُونَ أَءِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ * أَءِذَا كُنَّا عِظَـ'مًا نَّخِرَةً* قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ * فَإِنـَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَ ' حِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ.[27] يَوْمَ تَرْجُفُ الاْرْضُ والْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلاً. [28] إِذَا السَّمَـآءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الاْرْضُ مُدَّتْ* وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * يَـ'´أَيـُّهَا الإنْسَـ'نُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَي' رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَـ'قِيهِ. [29] إِذَا السَّمَآءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ* وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يَـ'´أَيـُّهَا الإنْسَـ'نُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّب'كَ فَعَدَلَكَ. [30] إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ* وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ* وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ* وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُدَةُ سُنءِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ* وَإِذَا السَّمَآءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ. [31] ثمّ يقول: فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ و لَقُوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. [32] يَـ'´أَيـُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَي النَّاسَ سُكَـ'رَي' وَمَا هُم بِسُكَـ'رَي' وَلَـ'كِنَّ عَذَابَ اللَهِ شَدِيدٌ. [33] فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الإنسَـ'نُ يَوْمَئِِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ * كَلاَّ لاَ وَزَرَ * إِلَي' رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ* يُنَبَّؤُا الإنسَـ'نُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ * بَلِ الإنسَـ'نُ عَلَي'نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقَي' مَعَاذِيرَهُ. [34] فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَ ' حِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الاْرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَ ' حِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ.[35] في كيفيّة تخطّي أولياء الله للمراحل والعقبات بعد الموتوأولياء الله، أي المقرّبون والابرار والمخلَصون، فارغون من جميع هذه المنازل، لانـّهم طووها واجتازوها بأجمعها؛ فلقد طووا الصيحة الدنيويّة، وتكوير الشمس، وخسف القمر واندكاكهما معاً، وانكدار النجوم، وتسيير الجبال، وتعطيل العشار، وتسجير البحار، ونشر الصحف وتسعير الجحيم، وإزلاف الجنّة، والعلم بما قدّموا وأخّروا، و... واجتازوها وتخطّوها بأجمعها. وعلينا الآن أن نري كيف عبر هؤلإ؟ مع أنّ هذه المنازل والمراحل تعقب هذا العالم وتأتي بعده، ومع أنّ الجميع يترقّبونها وينتظرونها؟ فكيف ـ تري ـ طُويت هذه المراتب والمراحل من قبل هؤلإ الافراد خاصّة خلافاًللآخرين؟ ينبغي ذكر مقدّمة لإيضاح الامر: إنّ لنا ـ نحن أفراد البشر ـ بدناً هو هذا الجسد الطبيعيّ والمادّيّ الذي يعيش في عالم يماثله في الآثار والخواصّ الطبيعيّة والمادّيّة، ولنا ذهن هو محلّ خواطرنا وأفكارنا. فهما ـ أي بدننا وجسمنا ـ يشتغلان بالتصوّرات الذهنيّة ويفعلان ما يشاءان فعله. فإذا شئنا أن نفعل شيئاً ـ مثلاً ـ فإنّ ذهننا سيرسم في داخله صورة متخيّلة لذلك العمل، ثمّ يقيّم منافع ومضارّ ذلك العمل، فإذا شخّص مصلحة في ذلك العمل، وُجدت الرغبة في فعله، فيأمر الذهنُ البدنَ بفعله، وآنذاك ينهمك البدن (وهو المسخّر للذهن) في ذلك العمل. وهكذا فإنّ بدننا حين ينجز أيّ حركة أو سكنة، كأن ينام أو يصحو أو يصلّيأو يُذنب أو يعمل صالحاً، فإنّ ذلك كلّه يجري وفق تخطيط وتدبير ذهنيّ مُسبق. كما أنّ لدينا ذاتاً هي نفسنا؛ فذهننا ذاك ليس داخل بدننا، كماأنـّه ليسبالخارج عنّا، وليس قبلنا ولا بعدنا، وليس إلی جانبنا، بل هو محيط بنا. كما أنّ نفسنا محيطة بذلك الذهن ومحيطة ببدننا أيضاً. ويمكننا القول إنّها بأجمعها شيء واحد، كما يمكننا أن نقول إنّها منفصلة عن أحدها الآخر، لكنّ بعضها محيط بالبعض الآخر؛ النفس محيطة بالذهن، والذهن محيط بالبدن، ومثلهاليس كمثل جماعة اجتمعوا معاً، إذ ليست نفسناإلي جانب مثالنا، وليس مثالنا مجاوراً لبدننا. ونلحظ أنّ نفسنا محيطة ببدننا، وأنّ النفس حين تريد، فإنّها تحرّك البدن معها، وأنّ عالم مثالنا وذهننا محيط بدوره ببدننا، فحين يأمر البدن بالحركة، فإنّ البدن سيبدو كمثل آلة مسيّرة في يده يحرّكها كيف يشاء. وأنـّهما (أي النفس والذهن) ليسا خارجينِ عن البدن، بل هما محيطان به، خلافاً للبدن الذي لا يُحيط بهما، إذ ليس البدن محيطاً بذهننا. وليس ذهننا محيطاً بنفسنا، وبالنتيجة فإنّ الذهن والبدن ليسا محيطين بالنفس. ولذلك فإنّ عالم المثال والقيامة يُنسب إلی عالم الدنيا بهذا الاعتبار والمناسبة. ولدينا دنيا هي عالم الطبع هذا، بَيدَ أنّ عالم المثال والبرزخ ليسا في هذه الدنيا، كماأنـّهما ليسا خارجها، وليسا في امتداد هذا العالم بحيث يوجدان بعد مرور خمسين ألف سنة، أو بعد مائة ألف سنة. عالم البرزخ وعالم القيامة موجودان حاليّاً، ومحيطان بهذا العالم. كماأنّ عالم القيامة موجودٌ ومحيط بعالم البرزخ وعالم الطبع. ومن هنا فإنّ هذا العالم منضوٍ ومنطوٍ داخل عالم البرزخ، وعالم البرزخ منضوٍ بدوره داخل عالم القيامة، لكنّه انضمام وانضواء لايُماثل تراكب طبقات لباب البصل وقشوره التي تغطّيها. فتلك جميعاً متجانسة ومن سنخ واحد، وهي بأجمعها مادّيّة. بل هو كمثل إحاطة التجرّد من الصورة والمادّة بالصورة والمادّة، وإحاطة التجرّد من الصورة بالمادّة، وليس أيٌّ منها بالعَرْضي. وإذا ما تحرّكنا هنا في طول الزمن وامتداده، فإنّ الامر ليس بحيث إنّنا سنصل إلی عالم البرزخ بعد مائة سنة مثلاً، ثمّ نصل بعد تقدّم مائة سنة أُخري مثلاًإلي عالم القيامة. فمثل هذاالسير يُدعي بالسير العَرْضيّ، والامر ليس علی هذا النحو، بل هو سير طوليّ لا عرضيّ. أي أنّ علينا الحركة في درجات العوالم ومراتبه، من الاسفل إلی الاعلي، ومن الادني إلی الارقي، ومن غير المجرّد إلی المجرّد، وهذه الحركة ليست عرضيّة بل طوليّة. وهي لا تحتاج إلی طيّ زمان ومكان، بل إلی السير في أطوار النفس وآثارها. والآيات القرآنيّة الكريمة التي أُشير إليها، من أنّ هناك صيحة سيُنادي بها في الدنيا، وأنّ زلزلة ستحصل، وأنّ الشمس ستُكسف، إنّما تبيّن العقبات التي ينبغي طيّها عند الورود إلی البرزخ. أي أنّ هذه الحوادث حين تنشأ وتحدث، فإنّ الورود إلی البرزخ سينكشف للإنسان، وآنذاك سيدرك الإنسان البرزخ ويفهم أنـّه قد ورد فيه. وليس الامر بحيث أنّ البرزخ غير موجود حاليّاً وأنـّه سيوجد بعد هذه الحوادث. وباعتبار أنّ الاطّلاع علی هذه الاُمور مترتّب علی الموت الاضطراريّ والاختياريّ، فهم ـ لذلك ـ يقولون إنّ البرزخ يعقب الدنيا ويتلوها. فتلوّ البرزخ للدنيا هو باعتبار إدراك البرزخ وانكشافه بعد الموت، وإلاّ فإنّ البرزخ موجود حاليّاً، والموت شرط إدراكه. مثال: حين يعيّنون جائزة لطفلٍ ما، من أنـّه إذا اجتاز هذا الفصل الدراسيّ بمعدّل جيّد، فإنّهم سيمنحونه تلك الجائزة. ومن ثمّ فإنّ تلك الجائزة موجودة الآن، وعلي الطفل أن يقرأ دروسه ويجتهد ليعطوه إيّاها. فليس للطفل من سبيل ـ فعلاً ـ للوصول إلی تلك الجائزة، ونيلهاإذ يترتّب علی الارتقاء إلی مرتبة أعلي؛ وليس الامر بحيث أنّ الجائزة ستوجد فيما بعد، أو أنـّها ستوجد فيما لو أتي بمعدّل جيّد. ولدينا روايات جمّة في هذا الشأن، وقد أوردنا مفصّلاً في المباحث السابقة أنّ الاعمال التي يجترحها الإنسان من خير وشرّ تتّخذ لنفسها منذ الآن صورة برزخيّة وترتدي لباساً مثاليّاً، وتتّخذ لنفسها صورة قيامتيّة، فهي ذخيرة للإنسان في عالم عِلم الله المدعو في تعيّن النشآت بعالم البرزخ والقيامة، ليصل إليهاالإنسان وينالها بعد العبور من عقبات الموت. كماأنّ الاعمال التي يقوم بهاالإنسان تتّخذ لنفسها علی الفور صورة طبعيّة وبرزخيّة وقيامتيّة، فصورتها الطبعيّة مشهودة للجميع، أمّا صورتها البرزخيّة والقيامتيّة فمستورة ومحجوبة بحجاب البرزخ والقيامة، فإن هُتك كلّ واحد من تلك الاستار والحُجب وأُزيح جانباً صارت مشهودة مُدرَكةً جليّة. وهكذا فإنّ أسري عالم الهوي والهوس الذين لم يتخطّوا آثار عالم الطبع ولوازمه، فهم سجناء في حبس الاماني والشهوات، سوف لن يدركوها. ومع أنـّها نار متأجّجة، إلاّأنـّهم لا يُدركون كُنه الاحتراق بينما يحترقون وسط أُتونها وألسنتها. تماماًكمثل من يجلس تحت مبضع جرّاح يجري له عمليّة جراحيّة ويمزّق كليته فتتدفّق الدماء من بدنه. لكنّه ـوقد فقد الإحساس والوعيـ لا يدرك ذلك ولا يحسّه، أمّا حين يصحو ويعود إليه وعيه، فإنّه سيفهم ما حلّ به، وسيحسّ آنذاك بالالم ينتابه، فيشرع بالبكاء والانين. علی أنّ ألم هذا الرجل لم ينشأ مع صحوه وعودة وعيه إليه، بل نشأ من العمليّة الجراحيّة، كلّ ما في الامر، أنـّه صار يحسّه الآن. وللاعلام مقولة مضمونهاأنّ عبدة شهوات الدنيا لا يدركون جهنّم، لانـّهم سكاري الاُمنيات والتخيّلات، فمن سكر في غريزة ما عمت عيناه وصُمّت أُذناه عن إدراك غيرها، فصار أعمي وأصمّ. فهو ـ لذلك ـ لايدرك الضرر والشرّ ونار جهنّم: حُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ. أمّا حين يفقد تلك الغريزة، ويصحو من سكره الناجم عنها،وتنفتح عينه وأُذنه فتبصر واقعه، فإنّه سـيري، يلحظ الاضـرار التي لحقت به، ويُعاين في أيّ لظي غرورٍ ونخوة واستكبار يحترق. ومجمل القول إنّ الآيات والروايات التي تعدّ البرزخ والقيامة في الظاهر تلو الدنيا زمنيّاً، تستند إلی أنّ معرفة تلك العوالم وإدراكها يحصل بعد الموت. وبمقتضي نصوص الآيات والاخبار الدالّة علی فعليّة تحقّق تلك العوالم، فإنّ الظهور في التلو الزمانيّ يجب حمله علی التلو في المعرفة والانكشاف. وهكذا فإنّ عباد الله المخلَصين الذين هم وجه الله وفقاً للآيات المذكورة، والذين لا بوار لهم ـ من ثمّ ـ ولا هلاك، قد انكشف لهم البرزخ والقيامة في الدنيا وعالم الطبع بواسطة مجاهدة النفس الامّارة ـ وهو الجهاد الاكبر[36] وعلي إثر الاعمال الصالحة. أي أنـّهم خرجوا من الدنيا ووردوا عالم البرزخ وصيح بهم في البرزخ بنفخة صور الإماتة والإحياء، ثمّ خرجوا من البرزخ ووردوا عالم القيامة، وأدركوا عواقبه ونتائجه أيضاً. لقد ماتوا بالموت الاختياريّ فهم أحياء بالحياة الإلهيّة، ودخلواإلي عالم يفوق عالم النفس، حيث لا زمان ولا مكان، بل الإحاطة التامّة للزمان والمكان، فكلّ شيء حاضر لديهم، الماضي والحال والمستقبل. والوقائع الحادثة مشهودة لديهم، وعلم البلايا والمنايا لديهم أمر عاديّ مألوف. فحين أُزيل الزمان للمخلَصين، فقد استوي لديهم الماضي والمضارع، ووقفوا علی علوم الاوّلين والآخرين وصارت حركة الجبال والصيحات وفوران البحار وغيرها حاضرة أمامهم ينظرون إليها ويشهدونها، وصارت الارض والسماء، الثوابت والسيّارات ووقائع الارض والسماء بأجمعها مشهودةً لديهم في عالم ما فوق الزمان وما يتعلّق بالزمان، كما هي مشهودة للّه تبارك وتعالي. ومع أنـّهم لم يعمّروا طويلاً ليروا نفخة الصور ويسمعونها، وليُشاهدوا زلزلة القيامة، إلاّأنـّهم ـ بسبب ارتقائهم إلی عالم التجرّد من المادّة والطبعـ قد استولوا علی جمع الزمانيّات وهيمنوا عليها، فهي بأجمعها علی مَرأي منهم ومَسمع. وبطبيعة الحال فإنّ هذه المقامات مختصّة بأُولئك الذين حيوا بحياة الله، فلم يعد في وجودهم ـ بأيّ وجه من الوجوه ـ شيء من بقايا النفس وآثارها، فهم طاهرون مطهّرون. وذلك لانّ وجودهم إذا احتوي في زاوية من زواياه علی شيء من آثار النفس لما أحاطوا بالزمان. وجليّ بيّن أنّ من يكون ـبذاتهـ أسيراً للزمن، سجيناً مقيّداً به، سيعجز أن يطّلع من أُفق الزمان الاعلي للزمان ومتعلّقاته. [37] الإحاطة الكلّيّة للائمّة عليهم السلام بعوالم البرزخ والقيامةأمّا الائمّة الطاهرون صـلوات الله وسـلامه عليهم أجمعين، الذين علموا بما مضي وما سيأتي، والذين استقرّوا في منهل التشريع ووصلواإلي معدن العظمة، ونهلوا من ماء الحياة السرمديّة، وذلك لكونهم فوق الزمان، ولإدراكهم حقيقة أنفسهم الإدراك الملازم لمعرفة النفس، ولوصولهم إلی درجات الخلوص والإخلاص، وإقامتهم في حرم أمن وأمان الحضرة الاحديّة. لذا يُشاهد أنّ قيد الزمان لم يقيّدهم ولم يحدّهم أبداً، ولم يمنعهم أو يردعهم عن التحليق في سدرة المنتهي، فكانوا يعطون الاجوبة القاطعة علی البديهة عن كلّ سؤال عمّا مضي وعمّا سيأتي ويكون، وعن الاحكام الجزئيّة والعلوم الكلّيّة والمعارف الإلهيّة. فالسؤال الذي كان يُطرح علی الإمام، إنّما كان يطرح علی الإمام، أي علی عينه وأُذنه وحواسّه الظاهريّة، فتقوم حواسّه علی الفور بالاستعلام من مِثال الإمام، فيُخبر مثاله ـ بسعته ورحابته تلك ـ عن نفس الإمام، وتُخبر نفسه عن المُلك والملكوت في طرفة عين. تماماًكما نجد نحن أيضاً في مكالماتنا ومذاكرتنا الاعتياديّة اليوميّة بواسطة الجسم والحواسّ أنّ هناك ارتباطاً بين أحدها والآخر، حيث تقوم حواسّنا بالاكتساب من مثالنا وذهننا باتّصال برقيّ، كما يكتسب ذهننا من نفسنا. فالعين والاُذن واللسان هي آلات يستخدمها ذهننا، والذهن هو الصفحة المرسومة أمام أنظار نفسنا. وهكذا تقوم العين بإرسال إبصارها إلی الذهن، فيقوم الذهن بإيصال حقيقته وواقعه ـدون صورةـ إلی النفس. وعلي العكس فإنّ النفس تُنزل المطالب الكلّيّة إلی الذهن وتجعلها في قوالب معيّنة، فيقوم الذهن بعكسها إلی الخارج عن طريق العين. والامر علی هذاالنحو الذي ذكرناه في نفس الإمام المقدّسة التي هي نفسه الكلّيّة، وفي برزخه أي المثال الكلّيّ. فهما في الحقيقة القضاء والقدر الكلّيّ الإلهيّ. بل إنّ الامر أسمي من ذلك وأجلّ، وأدقّ إحاطةً وسعة، وأعجب وأوسع وأكثر شمولاً. علی أنّ الارتقاء إلی هذاالمقام يستلزم السعة والكلّيّة ونسيان الجزئيّة، كماأنّ الارتقاء إلی القيامة من قبل البشر العاديّين يستلزم رفض العلاقات الاعتباريّة والروابط الجزئيّة المنتمية إلی هذاالعالم. فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلآ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ. [38] فإذا بُدّل هذا العالم، تبدّلت معه ارتباطاته التي هي من شؤونه؛ أمّا ذلك العالم فله شؤون أُخري. ذلك العالم عالم الحقيقة لاالاعتبار، وعالم الواقعيّة الذي لا روابط فيه علی أساس المادّة والطبع. وسيجتمع هناك الافراد الذين يرتبطون ببعضهم من جهة المعني والواقعيّة ووشائج النفوس الروحانيّة، ولو كانوا غُرباء عن بعضهم بلحاظ المادّة والطبع، أو بلحاظ الروابط الاعتباريّة. إنّ الحقّ والباطل ممتزجان في هذا العالم، والروابط والعلاقات قائمة فيه علی أساس استجلاب المنافع المادّيّة والاعتباريّة؛ أمّا في ذلك العالم فالحقّ منفصل عن الباطل متميّز عنه، والروابط قائمة علی ميزان قُرب النفوس وبُعدها عن بعضها. في هذه الدنيا يُحترم الكبار دفعاً للضرر وللنوايا المختلفة الاُخري التي تعود نتائجها علی الإنسان في هذا العالم، أمّا هناك فلا كبير ولاعظيم، عالمٌ يفرّ الإنسان فيه من أبيه وابنه، إذ لا تدع له محنه وابتلإاته مجالاً ولااحتمالاًللالتقاء بالآخرين. فَإِذَا جَآءَتِ الصَّآخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَـ'حِبَتِهِوَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِيءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ. [39] فمن كان هناك أعرف بالله وبرسوله كان نسبه أشرف. ولدينا في الروايات أنّ إمام العصر عجّل الله فرجه الشريف حين يظهر فإنّ الناس لنيتوارثون علی أساس القرابة والرحم، بل يتوارثون ـكما فعلوا في صدر الإسلامـ علی أساس القرابة المعنويّة والاُخوّة الدينيّة. مع أنـّنا قلنا إنّ ظهور إمام العصر مرتبة أدني من الرجعة، والرجعة أدني من القيامة. لذا فإنّ أيّ قرابة ورحم سوف لن تنفع الإنسان يوم القيامة أو تُعينه بأيّ وجه. ولاء غير المتّقين لبعضهم سيتبدّل يوم القيامة إلی عداء وخصومةالاْخِلاءيَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ. [40] إنّ الصداقات التي تربط بين الناس في هذه الدنيا علی غير ميزان الله وقُربه ومحبّته، باعتبار عدم قيامها علی أساس الحقّ، فإنّها ستتبدّل إلی عداء في ذلك العالم، عالم بروز وظهور الحقائق، وتظهر علی هيئة نفور وخصومة، أمّاالعلاقات والروابط التي تربط بين الناس علی أساس ميزان الحقّ والقربة من الله تعالي، فتتجسّد في ذلك العالم أيضاً في هيئة مودّة وصداقة وخلّة. ولو نوقشت الصداقات بين أهل الدنيا، للوحظ أنـّها قائمة علی محور العهود والمواثيق والاُمور الاعتباريّة الاُخري، أو علی أساس القرابة والرحم واتّحاد الدم. ولانّ جميع هذه الاُمور هي لتسكين الخاطر واستجلاب النفع الدنيويّ، فإنّها لن تبقي أبعد من حافّة الموت وحدّه، ولنتقاوم أكثر من ذلك وأبعد منه. فالمرء يربّي ابنه ليستعين به عند هرمه وكبره، ويحترم السيّد ليستفيد منه، ويحبّ ولده ليُطيعه وينفّذ أوامره. أمّا لو كبر ولده وتمرّد عليه، ولو لم يُعِنْه عند شيخوخته؛ ولو سلّم اليوم علی أحد فلم يجبه؛ ولو لمتكن الزوجة بمستوي ما يتوقّع زوجها؛ ولو لم يلبِّ الزوج أُمنيات زوجته؛ أفكانت المحبّة والمودّة ستصمد في هذه الحال وتبقي، أم أنـّها ستتحوّل إلی ساحة تشتعل فيها نيران العداء والانفصال؟ إنّ جميع صداقـات أهلالدنيا لو جـري مناقشـتها والفـحـص عن جذورها وعللها وأسباب نشوئها، وعن علل تصرّمها وفقدانها، لاتضّح أنـّها قائمة بأجمعها ـ عداالمودّة التي تربط بين أولياء الله والمتّقينـ علی أساس الشهوة والغضب وعبادة المال والنفس، وعلي أساس اللذائذ المادّيّة في الجنس والاكل وحبّ الجاه والرياسة وسائر الاُمور الاعتباريّة الوهميّة. وحين تقوم القيامة، فينهار هذا الاساس ويُقلب رأساً علی عقب: وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ. [41] فإنّ هذه الصداقات تتبدّل إلی عداوة، وإذا ماالتقي يوم الجزاء الاصدقاءُ الذين تعاقدوا وتآخوا من فرط المحبّة والمودّة، فإنّهم سينهالون ضرباً علی رؤوس بعضهم البعض ويصرخون من أعماقهم في وجوه بعضهم: اغرب عنّي! ينهال الاب بقبضة يده علی أُمّ رأس ابنه، والولد علی رأس أبيه؛ والامر كذلك بين الزوج والزوجة، وبين الشريكين، وبين السائق والراكب، وبين العبد والمولي. أمّاالمتّقون وأخلإ الإيمان، فهم يودّون بعضهم دون أن يتوقّعوا من بعضهم أيّ شيء، ويسعون في قضاء حوائج أحدهم الآخر دون ترقّب مكافأة، ويجلسون متقاربين في مجالس الصلاة والمساجد ومجالس الذكر فيذكرون الله تعالي دون انتظار شـيء. ويجتمعون فيما بينهم فلايكون اجتماعهم شيطانيّاً؛ ويبنون مسجداً للإيمان والتقوي، لا مسجدَ ضرار. لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ علی التَّقْوَي' مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا. [42] وهكذا يجتمع في مثل هذه المساجد أولياء الله وأحبّاؤه، فيتطلّعون إلی بعضهم، ويتبادلون الاُمور المعنويّة، والحقائق والمعارف في محبّة وإخلاص لا يقوي علی نقض أُسّها شيء فهي خالدة دائمة ـباعتبار خلوصها للّه تعاليـ لا ينقضي زمنها ولا تنقرض مدّتها إثر انقضاء الدنيا وزوالها. خلافاً للصداقات الدنيويّة التي ختامها أوّل مرحلة الموت، حيث يخاطب أصحابها ملائكة قبض الارواح عند احتضارهم: لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ. [43] طلب ابن ملجم من أمير المؤمنين أن يحمله علی فرسولقد كان ابن ملجم المراديّ يُقسم إنّه يحبّ أمير المؤمنين ويودّه، وكان المسكين يكذب، فقد كان يحبّه من أجل العطاء والصلات التي كانت تصله من الإمام، ويحبّه من أجل الفَرَس ذي اللون الجميل الذي أعطاه إيّاه وكان يودّ أن يُزاد عطاؤه من بيت المال. جاء في «إرشاد المفيد» أنـّه روي جعفر بن سليمان الضبعيّ، عن المعلّيبن زياد، قال: جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن مُلْجَم لَعَنَهُ اللَهُ إلی أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ احْمِلْنِي! فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ قاَلَ لَهُ: أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمِ الْمُرَادِيّ؟ قَالَ: نَعَمْ! ثُمَّ قَالَ: أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمِ الْمُرَادِيّ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: يَا غَزْوَانُ [44] احْمِلْهُ علی الاْشْقَرِ! فَجَاءَ بِفَرَسٍ أَشْقَر فَرَكَبَهُ ابْنُمُلْجَم لَعَنَهُ اللَهُ، وَأَخَذَ بِعِنَانِهِ، فَلَمَّا وَلَّي، قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيهِ السَّلاَمُ: أُرِيدُ حِبَاءَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِن مُرَادِ [45] وورد في «مناقب ابن شهرآشوب» أَنـَّهُ جَاءَ لِيُبَايِعَهُ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً، فَبَايَعَهُ وَتَوَثَّقَ مِنْهُ أَلاَّ يَغْدِرَ وَلاَ يَنْكُثَ؛ فَقَالَ: وَاللَهِ مَا رَأَيْتُكَ تَفْعَلُ هَذَا بِغَيْرِي! فَقَالَ: يَا غَزوَانُ؛ احْمِلْهُ علی الاْشْقَرِ، فَأَرْكَبَهُ، فَتَمَثَّلَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ امْضِ يَابْنَ مُلْجَم فَوَاللَهِ مَا أَرَي تَفِي بِمَا قُلْتَ! [46] ونقل المجلسيّ في «بحار الانوار» عن كتاب «تذكرة خواصّ الاُمّة» قال: قال ابن سعد في «الطبقات»: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا جَاءَ ابْنُ مُلْجَم وَطَلَبَ مِنْهُ الْبَيْعَةَ، طَلَبَ مِنْهَ فَرَساً أَشْـقَرَ فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ، فَرَكَبَـهُ فَأَنْشَـدَ أَمِيرُ الْمُؤمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: أُرِيدُ حَيَاتَهُ... [47] لكن ما وجده الحقير في «الطبقات» كان تمثّل الإمام بذلك البيت فقط، ولم يذكر طلب ابن ملجم من الإمام الفرس الاشقر. [48] لقد كان ابن ملجم يدّعي مودّته لامير المؤمنين، وكان يكذب في ادّعائه، فلقد اتّضح حين امتُحن بقطام فعشقها أنّ تلك المودّة كانت صوريّة وأنـّه قد ارتكب مثل هذه الجناية لنيل هدفه الشهويّ. أمّا من له ولإ ومودّة حقيقيّة، فلو قُطّع إرباً إرباً لما كفّ عن مودّته، إذ عِنْدَ الامْتِحَانِ يُكْرَمُ الرَّجُلُ أَوْ يُهَانُ. لقد كان أمير المؤمنين يُخاطب بعض صحابة رسول الله الاجلإ بلفظ «إخواني» مع أنـّهم لم يمتّوا إليه بصلة قرابة أو رحم. فقد قال في خطبته: أَيْنَ إِخْوانِي الَّذِينَ رَكِبُواالطَّرِيقَ وَمَضَوْا علی الْحَقِّ؟ [49] أيْنَ عَمَّارُ وَأَيْنَ ابْنُ التَّيِّهانِ وَأَيْنَ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ؟ فكان عليه السلام يخاطب هؤلإ المؤمنين الراسخين بلفظ «إخواني» ويخاطب عمّاراً بلفظ «أخي». ولعمّار تأريخ عجيب في الإسلام، تأريخ طافح بأجمعه بالفهم والدراية والإيمان والإيثار. وكان عاشقاً لرسول الله متيّماً به. ولقد عمل مع رسول الله في تشييد المسجد بالمدينة، فكان رسول الله وكلّ واحد من الصحابة ينقلون حصّة من اللبن والطين، فتقبّل عمّار حمل حصّة رسولالله فكان هذا الشيخ الذي شارف الستّين [50] يعمل بشوق ولهفة بحيث كان عبرةً للآخرين، وكان رسول الله يمسح الغبار عن وجه عمّار بيده وكمّه المبارك ويقول: وَيْحَ عَمَّارُ تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ! وقال: يَا عَمَّارُ! إِنَّكَ أَخُو علی بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَصِيِّيّ. وقد استشهد عمّار في صفّين في ركاب أمير المؤمنين عليه السلام علی أيدي الطغاة: معاوية وأتباعه. ولقد قال رسول الله صلّي الله عليه وآله: كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي. [51] و[52] ارجاعات [1] ـ الآيتان 26 و 27، من السورة 55: الرحمن. [2] ـ ينقل في «الاسفار الاربعة» الطبعة الحجريّة ج 1، ص 26، والطبعة الحروفيّة ج 1، ص 114، عن فيلسوف العرب يعقوب بن إسحاق الكنديّ قال: إذا كانت العلّة الاُولي متّصلة بنا مفيضة علينا، و كنّا غير متّصلين به إلاّ من جهة، فقد يمكن فينا ملاحظته علی قدر ما يمكن للمفاض عليه أن يُلاحظ المفيض، فيجب أن لا يُنسب قدر إحاطته بنا إلی قدر ملاحظتنا له، لانـّها أغزر و أوفر و أشدّ استغراقاً. [3] ـ الآية 50، من السورة 54: القمر. [4] ـ مقطع من الآية 77، من السورة 16: النحل. [5] ـ المقطع الثاني من الآية 54، من السورة 7: الاعراف. [6] ـ الآية 83، من السورة 36: يس. [7] ـ صدر الآية 88، من السورة 23: المؤمنون. [8] ـ ورد هذا التعبير في عشر مواضع من القرآن، من بينها في الآية 73، من السورة 6: الانعام. [9] ـ مقطع من الآية 88، من السورة 28: القصص. [10] ـ مقطع من الآية 115، من السورة 2: البقرة. [11] ـ يقول: أنظر في الصحراء فأراك صحراءً، وأتطلّع في البحر فأراك بحراً! وحيثما نظرت في الجبل والوادي والصحراء، رأيتُ آيةً من طلعتك الحسناء! [12] ـ هذه الفقرة هي صدر دعاء الحزين الذي أورده الشيخ (الطوسيّ) في «مصباح المتهجّد» ص 116 ضمن أدعية بعد صلاة الوتر. [13] ـ صدر الآية 68، من السورة 39: الزمر. [14] ـ مقطع من الآية 87، من السورة 27: النمل. [15] ـ «النجم الثاقب» اللقب 175، ص 46. [16] ـ «مصباح الزائر» للسيّد ابن طاووس. [17] ـ أورد المرحوم السيّد ابن طاووس في «مصباح الزائر» دعاء الندبة بعد أن نقل ستّ زيارات لصاحب الزمان عليه السلام في السرداب المطهّر. [18] ـ «سفينة البحار» ج 2، ص 635. [19] ـ «طبقات الاخيار» للشعرانيّ، ص 182، ج 1؛ وهذا الشعر للشيخ إبراهيم الدسوقيّ. [20] ـ يقول: مهما نظرتُ إلی شيء رأيتُ وجهك، لانـّك تأتي في نظري أجمع. [21] ـ «ديوان ابن الفارض» من التائيّة الكبري، ص 66. [22] ـ يقول: قال نوح لقومه: أيّها المتمرّدون! اعلموا أنـّي لستُ أنا، فقد متّ من نفسي فأنا حيّ بالحبيب. ولانـّي متّ عن نفسي وحييت بالحبيب، فلا موت لي بعدُ، وأنا خالد دوماً. ولانـّي فنيتُ عن حواسّ البشر، فقد صار الله عيني وأُذني وإدراكي. ولانـّي لستُ أنا، فإنّ النَّفَس الذي أنشقه منه هو، ومن تنفّس قبل هذا النفس (وأظهر وجوده) صار كافراً. ولو لم ترافق يدُ الحقّ نوحاً، فكيف كان سيسوط العالم بالطوفان (سوطَ القدر)؟ [23] ـ «الاسفار» الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 26؛ والطبعة الحروفيّة ج 1، ص 114. [24] ـ الآيات 93 إلی 95، من السورة 19: مريم. [25] ـ الآية 15، من السورة 38: ص. [26] ـ الآيتان 4 و 5، من السورة 101: القارعة. [27] ـ الآيات 6 إلی 14، من السورة 79: النازعات. [28] ـ الآية 14، من السورة 73: المزّمّل. [29] ـ الآيات 1 إلی 6، من السورة 84، الانشقاق. [30] ـ الآيات 1 إلی 7، من السورة 82: الانفطار. [31] ـ الآيات 1 تا 14، من السورة 81: التكوير. [32] ـ الآيات 15 إلی 19، من نفس السورة. [33] ـ الآيتان 1 و 2، من السورة 22: الحجّ. [34] ـ الآيات 7 إلی 15، من السورة 75: القيامة. [35] ـ الآيات 13 إلی 15، من السورة 69: الحاقّة. [36] ـ نقل في «بحار الانوار» ج 2، ص 42 عن «جامع الاخبار» أنّ رسول الله قال: رجعنا من الجهاد الاصغر إلی الجهاد الاكبر. ونقل في «البحار»، ج 6، ص 443 عن «الكافي» بإسناده عن الصادق عليه السلام أنّ رسول الله بعث بسريّة فلمّا رجعوا، قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي الجهاد الاكبر. قيل: يا رسول الله وما الجهاد الاكبر؟ قال: جهاد النفس. [37] ـ يقول أمير المؤمنين عليه السلام ضمن حكم نهج البلاغة: إنّ أولياء الله هم الذين نظروا إلی باطن الدنيا إذا نظر الناس إلی ظاهـرها؛ واشـتغلوا بآجلها إذا اشـتغل الناس ï ïبعاجلها؛ فأماتوا منها ما خشوا أن يُميتهم؛ وتركوا منها ما علموا أنـّه سيتركهم؛ ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالاً؛ ودركهم لها فوقاً؛ أعداء ما سالم الناس؛ وسلم ما عادي الناس؛ بهم علم الكتاب وبه علموا؛ وبهم قام الكتاب وبه قاموا؛ لا يرون مرجوّاً فوق ما يرجون؛ ولامخوفاً فوق ما يخافون ـ «نهج البلاغة» ج 2، الحكمة 432، طبعة محمّد عبدهـ مصر، ص 337. [38] ـ الآية 101، من السورة 23: المؤمنون. [39] ـ الآيات 33 إلی 37، من السورة 80: عبس. [40] ـ الآية 67، من السورة 43: الزخرف. [41] ـ عجز الآية 21، من السورة 29: العنكبوت. [42] ـ مقطع من الآية 108، من السورة 9: التوبة. [43] ـ مقطع من الآية 94، من السورة 6: الانعام. [44] ـ غزوان اسم مأمور الإمام. [45] ـ «الاءرشاد» للمفيد، ص 7. [46] ـ «مناقب ابن شهرآشوب» ج 2، ص 78. [47] ـ «بحار الانوار» ج 9، ص 647. [48] ـ «الطبقات» لابن سعد، ج 3، ص 34. [49] ـ «نهج البلاغة» الخطبة 180، طبعة محمّد عبده ـ مصر، ص 344. [50] ـ كان عمر عمّار عند اسـتشـهاده أربعاً وتسـعين سـنة، لذا فإنّ عمره عند رحيل رسولالله ستٌّ وستّين سنة، وعند بناء المسجد أوائل الهجرة ما يقارب الستّين سنة. [51] ـ يروي السيوطيّ هذا الحديث في «الجامع الصغير» ج 2، ص 93، عن الطبرانيّ في «الجامع الكبير» والحاكم في «المستدرك»، وعن البيهقيّ في «السنن» عن عمر؛ كما يرويه أيضاً عن الطبرانيّ في «الجامع الكبير» عن ابن عبّاس وعن المسوّر. ويقول: هذا حديث صحيح. [52] ـ يقول في تفسير «مجمع البيان» ذيل آية: فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ: وقال النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم: كُلُّ حَسَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ حَسَبِي وَنَسَبِي. (المجلّد الرابع، ص 119). |
|
|