بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد / المجلد الخامس/ القسم الاول: علة ظهور التوحید فی القیامة، سبب العمی یوم القیامة، ظهور الموجودات فی القی...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الرجوع إلی المجلد االرابع

 

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه‌ ربّ العالمين‌ ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العلی‌ّ العظيم‌

وصلَّي‌ الله‌ علی‌ محمّد وآله‌ الطاهرين‌

ولعنة‌ الله‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلي‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

 

 قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 وَتَرَي‌ الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَهِ الَّذِي‌´ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ و خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ.[1]

 الآيات‌ الدالّة‌ علی‌ أنّ السماء والارض‌ والجبال‌ والبحار وموجودات‌ السماء والارض‌.. تفني‌ وتتلاشي‌ وتتبدّد جميعها عند ظهور القيامة‌ كثيرة‌ جدّاً في‌ القرآن‌ الكريم‌، وقد ذكرنا بعضاً منها قبلاً.

 ونقرأ في‌ الآيتين‌ 19 و 20، من‌ السورة‌ 78: النبأ:

 وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَ ' بًا * وَسُيّـِرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا.

 حيث‌ إنّ السراب‌ بمعني‌ الباطل‌ والوهم‌ مقابل‌ الماء؛ السراب‌ يعني‌ الماء الخيالي‌ّ والوهمي‌ّ. فالسراب‌ يطلق‌ علی‌ الشي‌ء الذي‌ لا حقيقة‌ له‌، والذي‌ أظهر نفسه‌ وتجلّي‌ في‌ خيال‌ الإنسان‌ بصورة‌ الواقع‌ والحقيقة‌، والسراب‌ الحاصل‌ في‌ الصحاري‌ والفيافي‌ صورة‌ للماء، حيث‌ تسطع‌ الشمس‌ علی‌ الارض‌ بأشعّتها وحرارتها، فيحصل‌ للمناطق‌ المغطّاة‌ بالرمل‌ والحصي‌ بريق‌ ولمعان‌ يخاله‌ الناظر من‌ بعيد ماءً، فإذا اقترب‌ منه‌ تبيّن‌ أنـّه‌ ليس‌ ماءً حقيقيّاً، بل‌ كان‌ ماء خياليّاً موهوماً.

 يقول‌ تعالي‌ في‌ هذه‌ الآية‌ إنّ الجبال‌ تصبح‌ سراباً، أي‌: باطلاً ووهماً؛ في‌ مع‌ أنّ الجبال‌ لو سُحقت‌ وذُرّت‌ بين‌ السماء والارض‌ كالعهن‌ المنفوش‌، ولو صُبّت‌ في‌ البحار، فإنّها ـ مع‌ ذلك‌ كلّه‌ ـ لن‌ تكون‌ باطلاً ووهماً، بل‌ هي‌ حقيقة‌ خرجت‌ من‌ صورة‌ إلي‌ صورة‌ أُخري‌.

 إنّ الآية‌ التي‌ ذُكرت‌ في‌ مطلع‌ البحث‌ هي‌ الآية‌ التالية‌ لآية‌ نفخ‌ الصور:

 وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي‌ الصُّورِ فَفَزِعَ مَن‌ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ وَمَن‌ فِي‌ الاْرْضِ إِلاَّ مَن‌ شَآءَ اللَهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَ ' خِرِينَ * وَتَرَي‌ الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَهِ الَّذِي‌´ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إنَّهُ و خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ.[2]

 ولمّا كانت‌ هذه‌ الآية‌ تالية‌ لآية‌ نفخ‌ الصور، فإنّها تريد عرض‌ منظرٍ من‌ مناظر القيامة‌، وهو منظر سير الجبال‌.

 وإذا كان‌ هذا السير حقيقيّاً، فإنّ ذلك‌ الزمان‌ الذي‌ تنفطر السماء فيه‌، وتنشقّ الارض‌ وتفور البحار ويتصاعد اللهب‌ منها، وتحينُ زلزلة‌ الساعة‌ فتزلزل‌ الناس‌ بشدّة‌ بحيث‌ تذهل‌ كلّ مرضعة‌ عمّا أَرضعت‌، وتضع‌ كلّ ذات‌ حمل‌ حملها، هو زمان‌ ليس‌ فيه‌ من‌ معني‌ لـ «وتحسبها جامدة‌». ذلك‌ أنـّنا نعلم‌ أنّ الجبال‌ في‌ حركة‌ وسير وارتعاش‌ وتزلزل‌ واندكاك‌. وحينئذٍ ينبغي‌ له‌ أن‌ يقول‌: وَتَرَي‌ الْجِبَالَ مُتَحرّكَةً مُتَزَلْزِلَةً لاَ تَسْتَقِرُّ بِشَي‌ْءٍ.

 فيتّضح‌ من‌ قوله‌: وَتَرَي‌ الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، أنّ الجبال‌ قد حفظت‌ ظاهرها، وأنـّها تستقرّ في‌ أماكنها بصلابة‌ وعظمة‌ ومتانة‌.

 أمّا من‌ حيث‌ الواقع‌ فإنّها في‌ سير وتجوال‌، ولها حكم‌ السراب‌، وتشير بوجودها التكويني‌ّ إلي‌ أنـّها لا تمتلك‌ في‌ الحقيقة‌ استقلالاً وجوديّاً، وأنّ وجودها الاستقلالي‌ّ ليس‌ إلاّ سراباً، بل‌ وجودها الحقيقي‌ّ هو الارتباط‌ بالحقّ تعالي‌.

 الرجوع الي الفهرس

 تجلّي‌ الجبال‌ يوم‌ القيامة‌ في‌ هيئة‌ السراب‌

 ويشهد علی‌ هذا المعني‌ ذيل‌ الآية‌، حيث‌ يقول‌:

 صُنْعَ اللَهِ الَّذِي‌ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ.

 وهو شاهد علی‌ استقرار الجبال‌ وإحكامها، لا علی‌ زوالها واندكاكها ودمارها. ويمكننا أن‌ نستفيد من‌ هذه‌ الآية‌ أنّ الموجودات‌ تتجلّي‌ للاءنسان‌ عند طليعة‌ القيامة‌ بصورة‌ السراب‌ وهيئته‌، وأنّ الموجودات‌ الجامدة‌ التي‌ ظاهرها الاستقلال‌ في‌ الوجود تُري‌ في‌ حالة‌ السير والحركة‌ والاضمحلال‌.

 ـ إذَن‌ ـ ستتلاشي‌ تلك‌ الاُبـّهة‌ والجلال‌ والعظمة‌ والاستقلال‌ التي‌ كانت‌ مشهودةً في‌ الاشياء، فلا استقلال‌ للاشياء في‌ وجودها بعدُ، وهذا هو في‌ الحقيقة‌ كون‌ الموجودات‌ سراباً وباطلاً ووهماً.

 إنّ جميع‌ الموجودات‌ ـ بلا استثناء ـ قبل‌ ظهور القيامة‌ وطليعتها، وقبل‌ انكشاف‌ الحقائق‌ هي‌ موجودات‌ مستقلّة‌ في‌ نظر الناس‌ ونظر مشاهديها، ولها تشخّص‌ وهويّات‌ خاصّة‌، حيث‌ جاءت‌ الآية‌ الكريمة‌ وَتَحْسَبُهَا جَامِدَةً لبيان‌ هذه‌ الحقيقة‌.

 أمّا عند ظهور وبروز مقدّمات‌ القيامة‌ وآثارها، فإنّها تفقد هذا المعني‌ لدي‌ الناس‌ وتصبح‌ في‌ هيئة‌ السراب‌، فتُدمغ‌ بأجمعها بخاتم‌ الفناء والبُطلان‌ والزوال‌.

 والآية‌ الكريمة‌: صُنْعَ اللَهِ الَّذِي‌ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ. دالّة‌ علی‌ حقيقة‌ ارتباط‌ الموجودات‌ بالله‌ تعالي‌، ذلك‌ الارتباط‌ المتقن‌ والمتين‌ والممتنع‌ زواله‌ بأي‌ّ وجه‌ من‌ الوجوه‌. فهذه‌ الآية‌ لا تريد الإيحاء أنّ السماء والارض‌ والشمس‌ والقمر تبدو عند المحتضر كذا وكذا.

 كأن‌ تقول‌ مثلاً إنّ الشمس‌ ثابتة‌ وطيدة‌ في‌ مكانها، إلاّ أنـّها تبدو للمحتضر الذي‌ يوشك‌ أن‌ تقوم‌ قيامته‌ مُعتمة‌ مُنكسفة‌، كما يبدو له‌ القمر منخسفاً. وإنّه‌ وهو يعالج‌ سكرات‌ الموت‌ في‌ حال‌ اضطراب‌ وتشويش‌، يمسك‌ الندم‌ والحسرة‌ بتلابيبه‌، أمام‌ عمرٍ قضاه‌ في‌ الدنيا، وقلبٍ وهبه‌ لها وتعلّق‌ بها، فلقد اعتاد أن‌ يري‌ أمامه‌ في‌ الدنيا نور الشمس‌ الزاهر، والقمر اللامع‌، ومنظر النجوم‌ المتلالئة‌، والمناظر الخضراء النضرة‌ والمياه‌ المنعشة‌، هذه‌ المناظر التي‌ أنس‌ بآثارها وبغيرها، فهو يريد الآن‌ أن‌ يدعها ويرحل‌، ويدفنها في‌ مقبرة‌ النسيان‌ حالاً. فهذا الموت‌ والارتحال‌ سيكون‌ مُرّاً وقاسياً علیه‌ إلي‌ الحدّ الذي‌ ستبدو معه‌ الشمس‌ منكسفة‌ أمامه‌، وسيبدو القمر منخسفاً، وتتساقط‌ النجوم‌، وتفور مياه‌ البحار وتتأجّج‌ ناراً.

 تماماً كما يقول‌ أحدنا في‌ محاوراته‌: إنّ الارض‌ قد انشقّت‌ أمامي‌ إثر الحادثة‌ الفلانيّة‌، وإنّ السماء انهدّت‌ علی‌ رأسي‌، وإنّ النهار المضي‌ء الابلج‌ قد أظلم‌ في‌ عيني‌؛ فهذه‌ الاُمور مشهودة‌ حقّاً عند بعض‌ الافراد الذين‌ يُصابون‌ بخسارة‌ ومُصيبة‌، إذ يلوح‌ النهار المضي‌ء يلوح‌ في‌ أعينهم‌ مُظلماً حقّاً، ويتبدّل‌ الطعام‌ اللذيذ في‌ مذاقهم‌ سمّاً زعافاً.

 إنّ الاُمّ التي‌ فقدت‌ طفلها لو أُخذت‌ للنزهة‌ وأُجلست‌ علی‌ ضفة‌ نهر، أو بجوار حوض‌ من‌ الماء ذي‌ رونق‌ جميل‌ خلاّب‌ من‌ أجل‌ الترفيه‌ عن‌ النفس‌، فإنّ تلالؤ الامواج‌ سيبدو في‌ عينها كأنـّه‌ بريق‌ ألسنة‌ نار جهنّم‌ وشررها المتطاير، وسيكون‌ كلّ نسيمٍ يهبّ مداعباً الحشائش‌ وأوراق‌ الشجر كالمشرط‌ الذي‌ يجرح‌ روحها. فما الذي‌ تدركه‌ ـ يا تري‌ ـ من‌ النزهة‌ والتسلية‌؟ إنّها تحترق‌ الآن‌ لفراق‌ أعزّ أحبّائها، فالدنيا مظلمة‌ خاوية‌ في‌ عينيها، وسقوف‌ عمارتها العظيمة‌ الفخمة‌ منهارة‌ علی‌ رأسها، وأصوات‌ الطيور والبلابل‌ الساحرة‌ في‌ زمزمتها وشدوها الغزلي‌ّ تبدو كنعيب‌ البوم‌ ونعيق‌ الغراب‌ المقرّح‌ للافئدة‌.

 أفتريد الآية‌ الكريمة‌ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا أن‌ تُوحي‌ هذا المعني‌؟

 كلاّ، ليست‌ الآية‌ الشريفة‌ في‌ صدد بيان‌ هذا القصد.

 الآية‌ تقول‌: إنّ الجبال‌ تصبح‌ باطلاً ووهماً؛ هذه‌ الجبال‌ التي‌ تراها جامدة‌ ووطيدة‌ في‌ أماكنها، ذات‌ استقلال‌ وعزّة‌ في‌ الوجود وأُبّهة‌ وعظمة‌، هي‌ الآن‌ كالسراب‌ ذليلة‌ لا قيمة‌ لها ولا أثر، ولا ثبات‌ لها ولا استقرار، كشأن‌ السحب‌ المتفرّقة‌ المتبدّدة‌ في‌ السماء. وهذا هو صنع‌ الله‌ الذي‌ أتقن‌ كلّ موجود خَلَقَه‌، وأنشأ كلّ شي‌ء علی‌ أساس‌ من‌ المتانة‌ والثبات‌.

 في‌ ضوء ذلك‌ نري‌ أنّ هذا الإتقان‌ والإحكام‌ راجع‌ إلي‌ جهة‌ ارتباطها بالله‌ تعالي‌، ويجعلنا نفهم‌ معني‌ الوجهة‌ الباطنيّة‌ والملكوتيّة‌ للموجودات‌. وأنّ كونها سراباً بلحاظ‌ الخلقة‌ والنظر الاستقلالي‌ّ للوجود، وهو عين‌ الثبات‌ والبقاء والإتقان‌ بلحاظ‌ الارتباط‌ بالله‌ من‌ الوجهة‌ الوجوديّة‌ المرتبطة‌ بالله‌ تعالي‌ وعدم‌ استقلالها في‌ حيّز الوجود.

 فالعالم‌ ـ إذَن‌ ـ سيتبدّل‌ عند ظهور القيامة‌، ووجهة‌ الموجودات‌ ستتغيّر كلّيّاً يومئذٍ.

 الرجوع الي الفهرس

 الموجودات‌ أشبه‌ بالسراب‌ عند حلول‌ القيامة‌

 إنّ الموجودات‌ التي‌ كانت‌ قبل‌ أشراط‌ القيامة‌ ذات‌ استقلال‌ في‌ الوجود، وتظهر وكأنـّها مستقلّة‌ ومعتمدة‌ علی‌ نفسها، وكانت‌ جهة‌ ارتباطها بالله‌ كامنة‌ ومخفيّة‌، ها هي‌ الآن‌ ـ وقد تبدّل‌ العالم‌ وظهرت‌ حقيقة‌ الامر للراحلين‌ إلي‌ القيامة‌ بصورة‌ أُخري‌ قد أظهرت‌ حقيقة‌ نفسها التي‌ ما هي‌ إلاّ السراب‌ والفناء وأن‌ لا استقلال‌ لها ولا اعتماد لها علی‌ نفسها أبداً، وها وجهة‌ ارتباطها بالله‌ تعالي‌ تتّضح‌ وتتجلّي‌. وهذا هو معني‌: صُنْعَ اللَهِ الَّذِي‌ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ.

 ووردت‌ آيات‌ كثيرة‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ ينبغي‌ النظر والتأمّل‌ في‌ كلّ منها بدقّة‌:

 يَوْمَ هُم‌ بَـ'رِزُونَ لاَ يَخْفَي‌ علی‌ اللَهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَ ' حِدِ الْقَهَّارِ. [3]

 فهل‌ تظهر الموجـودات‌ في‌ ذلك‌ اليوم‌ للّه‌ تعالي‌، فهي‌ اليـوم‌ خافية‌ غيرظاهرة‌ له‌؟

 وهل‌ القدرة‌ وا لعظمة‌ والمُلك‌ لا تختصّ اليوم‌ بالله‌ تعالي‌، ثمّ تختصّ به‌ آنذاك‌ في‌ ذلك‌ العالَم‌ وذلك‌ المشهد؟

 ما هذه‌ المطالب‌؟! ما لكم‌ تنسبون‌ المِلك‌ والمُلك‌ المطلقينِ ذلك‌ اليوم‌ للّه‌ تعالي‌، وتقولون‌ إنّ المُلك‌ والعظمة‌ والمِلك‌ للّه‌ تعالي‌ يومئذٍ؟! يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم‌ مِّنَ اللَهِ مِنْ عَاصِمٍ. [4]

 هل‌ خُصّ ذلك‌ اليوم‌ بعدم‌ المصونيّة‌؟! أي‌: أنّ الناس‌ يمكنهم‌ اليوم‌ أن‌ يهربوا من‌ يد الله‌، إذ إنّ لهم‌ رفيقاً وشريكاً ومعيناً ومساعداً يحول‌ بينهم‌ وبين‌ الله‌ تعالي‌؟! ثمّ إنّ هؤلاء الرفقاء والشركاء والاعوان‌ والمساعدين‌ يفنون‌ في‌ ذلك‌ اليوم‌، فتعود القدرة‌ إلي‌ الله‌ مباشرة‌!! وتظهر قدرة‌ الله‌ وعظمته‌ آنذاك‌؟!

 مَا لَكُم‌ مِّن‌ مَّلْجَإٍ يَوْمَنءِذٍ وَمَا لَكُم‌ مِّن‌ نَّكِيرٍ. [5] فيُؤويكم‌ ويحميكم‌ ويذبّ عنكم‌ أمام‌ الله‌!

 الرجوع الي الفهرس

صفات‌ الله‌ وأسماؤه‌ لا تختلف‌ في‌ الدنيا ويوم‌ القيامة‌

 يَوْمَ لاَ يُغْنِي‌ مَوْلًي‌ عَن‌ مَّوْلًي‌ شَيْئًا وَلاَهُمْ يُنصَرُونَ.[6]

 وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِي‌ نَفْسٌ عَن‌ نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَتَنفَعُهَا شَفَـ'عَةٌ وَلاَهُمْ يُنصَرُونَ. [7]

 وَاتَّقُوا يَوْمًا لاَّ تَجْزِي‌ نَفْسٌ عَن‌ نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَـ'عَةٌ وَلاَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ.[8]

 يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالاْمْرُ يَوْمَنءِذٍ لِلَّهِ. [9]

 يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ. [10]

 يَوْمَنءِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّي‌' بِهِمُ الاْرْضُ وَلاَيَكْتُمُونَ اللَهَ حَدِيثًا.[11]

 فهذه‌ الآيات‌ تدلّ بأجمعها علی‌ أنّ أي‌ّ نفس‌ لا تستطيع‌ أن‌ تعين‌ نفساً أُخري‌ يوم‌ القيامة‌ ولا تقضي‌ حاجاتها، ولا تنقذها من‌ محنها، ولاتُنجيها من‌ براثن‌ العذاب‌، أو تدافع‌ عنها. كما تدلّ الآيات‌ المذكورة‌ علی‌ أنّ القدرة‌ والسلطنة‌ والمِلك‌ في‌ ذلك‌ اليوم‌ للّه‌ تعالي‌، وأنّ الامر والنهي‌ بيده‌ لابيد غيره‌. بينما نعلم‌ أنّ القدرة‌ والعظمة‌ والمِلك‌ والمُلك‌ هي‌ للّه‌ علی‌ الدوام‌، وأنّ الامر والنهي‌ ما برحا بيده‌ تعالي‌، وأنّ أحداً لا يمكنه‌ مطلقاً أن‌ يقف‌ في‌ مقام‌ الدفاع‌ أمام‌ الربّ، أو أن‌ يسبق‌ أمره‌ عزّ وجلّ.

 إنّ الله‌ تعالي‌ هو الحاكم‌ دوماً، ولا ملجأ للاءنسان‌ في‌ أي‌ّ وقت‌ إلاّ الله‌، ولاقدرة‌ ولا ملك‌ ولا شفاعة‌ لاحد إلاّ بإذنِ الله‌ تعالي‌، لا تفاوت‌ في‌ هذا الامر اليوم‌ أو غداً، وفي‌ الدنيا أو في‌ الآخرة‌.

 الله‌ سبحانه‌ هو القادر والقهّار والمستقلّ بالذات‌، وهو ذوالجلال‌ والإكرام‌، وهو الجبّار والغفّار، وهو الغفور والرحمن‌، لا فرق‌ في‌ ذلك‌ بين‌ اليوم‌ والغد.

 إنّ الإله‌ الذي‌ له‌ اليوم‌ قدرة‌ سيفتقدها غداً، أو الذي‌ يفتقد اليوم‌ قدرة‌ ستكون‌ له‌ غداً ليس‌ إلهاً. الإله‌ الذي‌ يجري‌ اليومَ دون‌ إذنِهِ ودون‌ أمره‌ ونهيه‌ الامر سيجري‌ غداً بإذنه‌، ليس‌ إلهاً. الإله‌ الذي‌ ليس‌ له‌ اليوم‌ في‌ تدبير الاُمور والتكوين‌ استقلال‌ سيحوزه‌ غداً، ليس‌ إلهاً.

 وَهُوَ الَّذِي‌ فِي‌ السَّمَآءِ إِلَـ'هٌ وَفِي‌ الاْرْضِ إِلَـ'هٌ.[12]

 قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ * اللَهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ و كُفُوًا أَحَدٌ.[13]

 فصفات‌ الحضرة‌ الاحديّة‌ هذه‌ لا اختصاص‌ لها بالآخرة‌، بل‌ ما برحت‌ هكذا وستبقي‌ كذلك‌. ولو قال‌ أحد باختلاف‌ هذه‌ الصفات‌ بين‌ اليوم‌ والغد، وبين‌ هذا العالم‌ وعالم‌ القيامة‌، لكان‌ قوله‌ عين‌ الشرك‌.

 فما الذي‌ تريده‌ هذه‌ الآيات‌ يا تُري‌؟

 إنّ هذه‌ الآيات‌ تريد أن‌ تبيّن‌ لنا أنّ قدرة‌ الله‌ وعظمته‌، ومُلكه‌ ومِلكه‌، وأمره‌ ونهيه‌، وسلطانه‌ وقهّاريّته‌ ستتجلّي‌ لكم‌ ذلك‌ اليوم‌ واضحة‌ جليّة‌. أنّ ذلك‌ اليوم‌ يوم‌ الإدراك‌ والفهم‌، ويوم‌ المعرفة‌ وكشف‌ الحقائق‌، ويوم‌ الظهور والتجلّي‌. فأنتم‌ لا يمكنكم‌ اليوم‌ أن‌ تستوعبوا حقيقة‌ توحيد ذات‌ الباري‌ تعالي‌ شأنه‌ العزيز وأسماءه‌ الحسني‌ وصفاته‌ العلیا، أو أن‌ تدركوها حقّ الإدراك‌ والمعرفة‌. كما لا يمكنكم‌ اليوم‌ أن‌ تلمسوا اختصاص‌ هذه‌ الصفات‌ بالله‌ تعالي‌ لمس‌ اليد، لكنّ هذه‌ الحقيقة‌ والاختصاص‌ سيتجلّيان‌ لكم‌ ذلك‌ اليوم‌ ويصبحان‌ قابلينِ للفهم‌ والإدراك‌.

 يتعذّر علیكم‌ اليوم‌ بسبب‌ الحجب‌ النفسيّة‌ والانشداد إلي‌ المادّة‌ والطبع‌ أن‌ تدركوا أنّ الموجودات‌ بأجمعها ليست‌ إلاّ سراباً، فقد صَرفت‌ سلسلةُ العلل‌ والمعلولات‌ بنظامها العجيب‌ المدهش‌ هذا أنظاركم‌ عن‌ الحقيقة‌ وعطفتها إليها. فلا يمكنكم‌ أن‌ تعقلوا أنّ ما يتّصف‌ بالإتقان‌ والإحكام‌ هو فقط‌ جهة‌ وجه‌ الله‌ وارتباط‌ الموجودات‌ بخالقها وأنّ الموجودات‌ في‌ حدّ ذاتها سراب‌ وباطل‌ وعدم‌ وفناء محض‌.

 أمّا ذلك‌ اليوم‌ الذي‌ يطلع‌ فيه‌ نور حقيقة‌ الذات‌ المقدّسة‌ للحضرة‌ الربوبيّة‌، فستدركون‌ أن‌ ليس‌ في‌ جميع‌ عوالم‌ الإمكان‌ ونشآت‌ الخلقة‌ من‌ مالك‌ للاءرادة‌ والاختيار والقدرة‌ والعظمة‌ غير ذاته‌ المقدّسة‌.

 وستدركون‌ ذلك‌ اليوم‌ معني‌ قوله‌ تعالي‌: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ، والحقيقة‌ التي‌ يريد بيانها الكلام‌ المعروف‌ القائل‌: لَيْسَ فِي‌ الدَّارِ غَيْرهُ دَيَّارُ. وستدركون‌ ذلك‌ اليوم‌ معني‌ شعر لبيد الذي‌ قال‌ عنه‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌: هُوَ أَصْدَقُ شِعْرٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ، وذلك‌ في‌ قوله‌:

 أَلاَ كُلُّ شَي‌ْءٍ مَا خَلاَ اللَهَ بَاطِلُ                وَكُلُّ نَعِيمٍ لاَ مَحَالَةَ زَائِلُ

* * *

 أَكُـؤوسٌ تَـلاَلاَتْ بِـمُـدَامِ              أَمْ شُـمُـوسٌ تَهَلَّلَـتْ بِغَمَامِ

 از صفاي‌ مي‌ و لطافت‌ جام‌                        در هم‌ آميخت‌ رنگ‌ جام‌ و مُدام‌

 همه‌ جام‌ اسـت‌ و نيست‌ گوئي‌ مي                        ‌ يا مُدام‌ است‌ و نيست‌ گوئي‌ جام‌ [14]

 وسيتّضح‌ ذلك‌ اليوم‌ أنّ بناء الوجود الشامخ‌ هو بأجمعه‌ من‌ المتجلّيات‌ بجمال‌ الله‌ ومن‌ المتدلّيات‌ بجلاله‌.

 محُسن‌ ازل‌ پرده‌ ز رُخ‌ باز كرد                      فاش‌ و نهان‌ جلوه‌ آغاز كرد

 نور و ظُلَم‌ شد همه‌ ظاهر ازو                     گشت‌ عيان‌ جمله‌ مظاهر ازو

 بافت‌ به‌ هم‌ سلسلة‌ جزو و كلّ                   يافت‌ از آن‌ مرتبه‌ هر خار و گل‌

 فاش‌ و نهان‌ هر چه‌ بود در نظر                    مَظهر حُسنند همه‌ سر به‌ سر[15]

 وستفهمون‌ آنذاك‌ معني‌ أنّ الله‌ تعالي‌، مَالِك‌ يَوْمِ الدِّين‌، بل‌ ستدركون‌ أَنّ الْمُلْك‌ لِلَّهِ، الْعِزَّة‌ لِلَّهِ، الْعِلْم‌ لِلِّهِ، الْقُدْرَة‌ لِلَّهِ، الْحَيَاة‌ لِلَّهِ، وأنّ جميع‌ صفات‌ المُلك‌ والسلطان‌ والعزّة‌ والعلم‌ والحياة‌ والقدرة‌ مختصّة‌ بذات‌ الله‌ المقدّسة‌.

 فنتيجة‌ المطلب‌ ـ إذَن‌ ـ أنّ الآيات‌ التي‌ تنسب‌ هذه‌ الصفات‌ إلي‌ الله‌ تعالي‌ يوم‌ القيامة‌، لا تنسبها من‌ جهة‌ قيام‌ هذه‌ الصفات‌ بتلك‌ الذات‌ المقدّسة‌ في‌ ذلك‌ اليوم‌، بل‌ من‌ جهة‌ ظهور وبروز هذه‌ الصفات‌ يومئذٍ بحيث‌ ستُدرك‌ الخلائق‌ بأجمعها هذا المعني‌ في‌ القيامة‌.

 وَلَوْ يَرَي‌ الَّذِينَ ظَلَمُو´ا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الاْسْبَابُ.[16]

 إنّ الاتباع‌ الذين‌ عقدوا الامل‌ علی‌ متبوعيهم‌، وأمّلوهم‌ أن‌ يجزوهم‌ علی‌ متابعتهم‌ لهم‌ في‌ الجرائم‌ والمظالم‌ والمعاصي‌ التي‌ ارتكبوها، يتوسّلون‌ بهم‌ يوم‌ القيامة‌ لرفع‌ العذاب‌ عنهم‌، بَيدَ أنّ الرؤساء والمتبوعين‌ لايقدرون‌ يومئذٍ علی‌ شي‌ء، لانّ القدرة‌ والقوّة‌ مختصّة‌ هناك‌ بالله‌ تعالي‌، ولانّ جميع‌ الروابط‌ والسُبل‌ التي‌ يمكنهم‌ عن‌ طريقها إعانة‌ أتباعهم‌ قد تقطّعت‌ هناك‌. لذا فإنّهم‌ يجيبونهم‌: لو كانت‌ لنا قدرة‌ لدفعنا بها العذاب‌ عن‌ أنفسنا. نحن‌ وإيّاكم‌ سواء، يائسون‌ بلا قدرة‌ ولا إرادة‌ ولا اختيار قد فقدنا الوسيلة‌ والاسباب‌.

 الرجوع الي الفهرس

ظهور التوحيد يوم‌ القيامة‌

 ويبيّن‌ قوله‌ تعالي‌: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الاْسْبَابُ أنّ جميع‌ سلسلة‌ الروابط‌ الاعتباريّة‌ متعلّقة‌ بالدنيا، وأنّ عنوان‌ التابعيّة‌ والمتبوعيّة‌، والآمريّة‌ والمأموريّة‌، والرياسة‌ والمرؤوسيّة‌ ستزال‌ جميعها يومئذٍ، فليس‌ هناك‌ من‌ هذه‌ الروابط‌ شي‌ء. وليس‌ هناك‌ إلاّ مخلوقات‌ تعيش‌ بجهة‌ الارتباط‌ بإلهها وربّها، فهي‌ جميعاً مرتبطة‌ ومتعلّقة‌ بنور التوحيد، وليس‌ لاي‌ّ موجود وجود بنفسه‌ ـ ولو قيد شعرة‌ ـ مقابل‌ وجود الله‌ تعالي‌.

 وَصَرِّحْ بِإطْلاَقِ الْجَمَالِ وَلاَ تَقُلْ                بِتَقْيِيدِهِ مَيْلاً لِزُخْرُفِ زِينَةِ

 وَكُلُّ مَلِيحٍ حُسْنُهُ مِنْ جَمَالِهَا                  مُعَارٌ لَهُ بَلْ حُسْنُ كُلِّ مَلِيحَةِ [17]

 وتدلّ الآية‌ الكريمة‌: وَلاَ يُقْبَلُ مِنهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنْفَعُهَا شَفَـ'عَةٌ علی‌ عدم‌قبول‌ شفاعة‌ ولا فدية‌.

 وعندما لا يأذن‌ الله‌ في‌ أمرٍ ما، فليس‌ هناك‌ تفاوت‌ واختلاف‌، سواءً في‌ هذا العالم‌ أم‌ في‌ ذلك‌. غاية‌ الامر أنّ الاستشفاع‌ في‌ هذا العالم‌، لمّا كان‌ بغير الله‌ تعالي‌، فإنّه‌ حين‌ يؤثّر فإنّ تأثيره‌ في‌ الحقيقة‌ من‌ الله‌ تعالي‌. أمّا في‌ ذلك‌ العالم‌ فمشهود أنّ كلّ عمل‌ يحصل‌ من‌ أي‌ّ شخص‌ منوط‌ ومرتبط‌ بالله‌ تعالي‌ وبإذنه‌.

 ولابدّ لنا من‌ ذكر مقدّمة‌ لتستبين‌ المطالب‌ التي‌ قيلت‌ بشكل‌ أفضل‌: إنّ هذا العالم‌، عالم‌ المادّة‌ والطبع‌ الذي‌، له‌ سُنن‌ وأسباب‌، وإنّ الحقائق‌ التي‌ تشكّل‌ هذه‌ الدنيا، مثل‌ الشمس‌ والقمر والنجوم‌، والصحراء والجبل‌ والبحر، والريح‌ والمطر، وتغييرات‌ الفصول‌، واختلاف‌ الليل‌ والنهار، بآثارها وخواصّها التي‌ لا تعدّ، وروابطها ونسبها التي‌ لا تُحصي‌، لها وجهتان‌ وصورتان‌:

 وجهة‌ خلقيّة‌ ووجهة‌ إلهيّة‌، صورة‌ خلقيّة‌ وصورة‌ أمريّة‌ تدعي‌ وجه‌ الله‌. إذَن‌ لهذا الظاهر المحسوس‌ باطن‌، وهذا الظاهر هو ستار وحجاب‌ عن‌ إدراك‌ الحقائق‌ الباطنيّة‌.

 الظاهر هو الشي‌ء المشهود بالحواسّ الظاهريّة‌، من‌ الاشياء المرئيّة‌ والمسموعة‌ والمشمومة‌ والمذوقة‌ والملموسة‌ التي‌ يستند نشوؤها وفقدانها وحدوثها وانعدامها إلي‌ سلسلة‌ علل‌ ومعلولات‌ وأسباب‌ ومسبّبات‌ لاتقبل‌ التغيّر والتبدّل‌ في‌ هذا العالم‌.

 وَلَن‌ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَهِ تَبْدِيلاً. [18]

 ولَن‌ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَهِ تَحْوِيلاً. [19]

 الرجوع الي الفهرس

موجودات‌ هذا العالم‌ تمتلك‌ جانبي‌ الوجه‌ الخلقي‌ّ والوجه‌ الإلهي

 فهذا العالم‌ جميعه‌ بنظامه‌ العجيب‌، وبما فيه‌ من‌ سلسلة‌ الروابط‌ والعلاقات‌ المتينة‌ والدقيقة‌، يعمل‌ علی‌ أساس‌ هذه‌ السنّة‌ الإلهيّة‌ دون‌ أدني‌ تخلّف‌.

 ولو سقطت‌ بذرة‌ علی‌ الارض‌ فإنّها لن‌ تنمو إذا لم‌ تُسقَ بالماء، وهكذا فإنّ بذور الخشخاش‌ لن‌ تنمو في‌ زجاجة‌ البذور الموضوعة‌ علی‌ رفّ بائع‌ البذور، أمّا لو أخضعنا بذرة‌ الخشخاش‌ هذه‌ إلي‌ سلسلة‌ علل‌ نموّ طبيعيّة‌، فنثرناها علی‌ الارض‌، وسقيناها، وكان‌ الجوّ مساعداً، والشمس‌ ساطعة‌، لاينعت‌ تلك‌ البذرة‌ وأورقت‌.

 ونحن‌ نري‌ أنّ هذه‌ البذرة‌ خاضعة‌ لسلسلة‌ أسباب‌ لا تتغيّر، يتبع‌ بعضها بعضاً، ولا يمكن‌ لاي‌ّ منها التخلّف‌.

 وبالإضافة‌ إلي‌ ظروف‌ البيئة‌ المناسبة‌، فإنّ هذه‌ البذرة‌ ـمن‌ حيث‌ تغذيتهاـ ينبغي‌ أن‌ تبقي‌ في‌ مأمن‌ من‌ الحشرات‌ والآفات‌ كي‌ تنمو وتخضرّ، وإلاّ جرفها السيل‌، أو أصبحت‌ طعمة‌ للنمل‌ والعصافير.

 كما أنّ النطفة‌ يجب‌ أن‌ تُراق‌ في‌ الرحم‌، ويجب‌ أن‌ تصلها الموادّ الغذائيّة‌ لتطوي‌ مراحل‌ تكاملها، حتّي‌ يطلّ علی‌ العالم‌ طفل‌ سوي‌ّ ذو ذكاء وقابليّة‌.

 أمّا عن‌ غير هذا الطريق‌ فإنّ بذرة‌ الخشاش‌ لن‌ تتفتّح‌، والجنين‌ لن‌ يصبح‌ طفلاً كاملاً سويّاً.

 ولولا الشمس‌ لما اخضرّت‌ شجرة‌، وما كانت‌ هناك‌ بيئة‌ يعيش‌ فيها الإنسان‌ والحيوان‌، ولولا قوّة‌ الجاذبيّة‌ وقوّة‌ الدفع‌ لما وجد العالم‌، ولو انعدمت‌ قوّة‌ الجذب‌ إلي‌ المركز والقوّة‌ الطاردة‌ عنه‌ لما وجد العالم‌، ولولا حركة‌ الذرّة‌ لما وجد العالم‌، ولولا الحركة‌ الجوهريّة‌ لما وجد العالم‌.

 إنّنا ننسب‌ الموجودات‌ بأجمعها إلي‌ هذه‌ السلسلة‌ من‌ العلل‌ والمعلولات‌ وفق‌ قوانين‌ صحيحة‌ منطقيّة‌ وفلسفيّة‌، وهذه‌ السلسلة‌ من‌ العلل‌ كلّها صحيحة‌ غير قابلة‌ للتغيير.

 أمّا لو تخطّيتم‌ سلسلة‌ العلل‌ هذه‌ إلي‌ ما فوقها وتطلّعتم‌ إلي‌ ذلك‌ الوجه‌ الإلهي‌ّ للموجودات‌، لرأيتم‌ أنّ جميع‌ هذه‌ الموجودات‌ بِيَدِ إرادة‌ الله‌ وقدرته‌، وأنّ ملكوتها بِيَدِ الله‌ تعالي‌، وحقيقتها الارتباط‌ بالله‌ تعالي‌ الذي‌ أوجدها بلفظ‌ واحد هو «كُن‌»، وأنـّه‌ هو الذي‌ يحفظها ويُبقيها. ولشاهدتم‌ أنّ هذه‌ الموجودات‌ من‌ وجهة‌ نظر الوجود سراب‌ باطل‌ بدون‌ ذلك‌ الارتباط‌، إن‌ أفاض‌ علیها رحمته‌ وُجدت‌ بأسرها، وإلاّ كانت‌ كلّها عدماً.

 هذا العالم‌ يشبه‌ تماماً مصنعاً لو دخلتموه‌ لشاهدتم‌ مكائن‌ عديدة‌ يقومُ كلّ منها بعملٍ خاصّ. فإحدي‌ المكائن‌ تستلم‌ الموادّ الاوّليّة‌ وتحوّلها إلي‌ موادّ أُخري‌، ثمّ ترسلها بعد تحويلها إلي‌ ماكنة‌ أُخري‌ تجري‌ علیها بدورها تغييراً خاصّاً، ثمّ تبعث‌ بها إلي‌ ماكنة‌ ثالثة‌، وهكذا تترك‌ كلّ ماكنة‌ أثرها في‌ تلك‌ الموادّ، لتصل‌ بعد ذلك‌ إلي‌ الماكنة‌ الاخيرة‌ التي‌ تكمل‌ تلك‌ المادّة‌ المطلوبة‌ وترسلها خارجاً لعرضها للاستفادة‌ منها.

 وهكذا فإنّكم‌ ستعجبون‌ حين‌ تشاهدون‌ تلك‌ السلعة‌، كيف‌ قامت‌ كلّ واحدة‌ من‌ هذه‌ المكائن‌ بإنجاز عمل‌ معيّن‌ علی‌ تلك‌ المادّة‌ آليّاً دون‌ الاستعانة‌ بالإنسان‌ ورقابته‌،، بحيث‌ أعدّتها للاستعمال‌ في‌ نهاية‌ المطاف‌ بنحو مرغوب‌ ومطلوب‌.

 أمّا لو خرجتم‌ من‌ المصنع‌ وذهبتم‌ إلي‌ مقرّ الشركة‌ لرأيتم‌ أنّ الذي‌ حرّك‌ هذا المصنع‌ ونظّمه‌ وفق‌ هذا المعيار والاُسلوب‌ الدقيق‌، شخص‌ واحد يعمل‌ هذا المصنع‌ بإرادته‌، ويتوقّف‌ عن‌ العمل‌ بإرادته‌.

 كان‌ هذا من‌ باب‌ التمثيل‌، بَيدَ أنّ حقيقة‌ أمر وجه‌ الله‌ قياساً للموجودات‌ أرقي‌ جدّاً، والارتباط‌ أقوي‌ وأمتن‌ كثيراً.

 إنّ جميع‌ سلسلة‌ العلل‌ والمعلولات‌ في‌ هذه‌ الدنيا تنجز عملها بدقّة‌ ونظام‌ فائقين‌، فالابوان‌، والرفيق‌، والشريك‌، والزوجة‌، والولد، والرئيس‌، والحاكم‌، والارض‌، والمطر، والنهر، والشمس‌، والقمر، والنجوم‌، وحركة‌ جزر البحر ومدّه‌ وغيرها، يحتلّ كلّ منها مكانه‌ اللائق‌ به‌، ولها تأثيرها في‌ تأمين‌ حياتنا، ولو زالت‌ حلقة‌ واحدة‌ من‌ هذه‌ السلسلة‌، ومن‌ هذه‌ الروابط‌ في‌ الاسباب‌ والحوادث‌، لدّمّر العالم‌ وآل‌ أمره‌ إلي‌ العدم‌.

 هذه‌ هي‌ وجهة‌ الخلق‌؛ أمّا الوجهة‌ الإلهيّة‌ فهي‌ الارتباط‌ الكامل‌ لهذه‌ السلسلة‌ ولكلّ حلقة‌ من‌ حلقاتها بالله‌ تعالي‌، حيث‌ إنّ نور التوحيد وحده‌ هو الذي‌ يشعّ من‌ سرادق‌ عالم‌ الغيب‌ علی‌ هذه‌ الهياكل‌، وهو المسيّر لعمل‌ عالم‌ الوجود، فهذه‌ السلسلة‌ برمّتها مأمورة‌ بأمر الله‌، مطيعة‌ لامره‌، ومظاهر آيات‌ جماله‌ وجلاله‌.

 و الوَجْهُ الإلهي‌ّ هذا هو المُشاهد والمحسوس‌ في‌ القيامة‌، أمّا الوجه‌ الخلقي‌ّ فباطل‌ وسراب‌ زائل‌.

 الرجوع الي الفهرس

علّة‌ ظهور نور التوحيد يوم‌ القيامة‌

 فَسُبْحَـ'نَ الَّذِي‌ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.[20]

 إنّ أهل‌ الدنيا غافلون‌ عن‌ هذه‌ الحقيقة‌ لانغمارهم‌ في‌ الطبيعة‌ وأُنسهم‌ بالاسباب‌ والمسبّبات‌. أمّا حين‌ يردون‌ إلي‌ عالم‌ القيامة‌ حيث‌ لا أثر لهذه‌ الطبيعة‌ وللاسباب‌ والمسبّبات‌، فإنّهم‌ سيفهمون‌ لبّ الحقيقة‌ ومغزاها: كَانَ اللَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَي‌ْءٌ.

 وجلي‌ّ أنّ الافعال‌ التي‌ تُنسب‌ إلي‌ الله‌ ثابتة‌ ودائمة‌ ومستمرّة‌، فلا معني‌ في‌ عالم‌ الاُلوهيّة‌ للماضي‌ والمضارع‌. لذا فإنّ جملة‌ وَالآنَ كَمَا كَانَ تُستنتج‌ من‌ نفس‌ هذا الحديث‌ الشريف‌، فلا حاجة‌ بنا إلي‌ حديث‌ آخر.

 الرجوع الي الفهرس

فقدان‌ الموجودات‌ شخصيّتها وكيانها عند ظهور نور التوحيد

 إنّ الله‌ تعالي‌ ما برح‌ موجوداً، لم‌ يكن‌ معه‌ شي‌ءٍ، كما أنـّه‌ ليس‌ معه‌ شي‌ء الآن‌. فكيف‌ تُظهر الموجودات‌ السرابيّة‌ الباطلة‌ وجودها مقابل‌ ذات‌ وجود الحقّ جلّ وعلا مع‌ أنّ غيرة‌ الحقّ واسم‌ جلاله‌ ستستأصل‌ أساسها؟!

 لقد كان‌ الله‌ سبحانه‌ وسيبقي‌ موجوداً، وصفات‌ الله‌ معه‌ لاتفارقه‌، فهو سبحانه‌ واحد في‌ ذاته‌، وفي‌ أسمائه‌ وصفاته‌، وفي‌ أفعاله‌. كان‌ هذا التوحيد معه‌ وسيبقي‌ دوماً. الله‌ سبحانه‌ واحد مُوحَّد في‌ العوالم‌ قاطبة‌، ولاينحصر تأثير صفاته‌ في‌ عالم‌ التوحيد علی‌ يوم‌ القيامة‌ وحدها، بل‌ هو واحد سواءً هنا أم‌ في‌ القيامة‌.

 لم‌ يكن‌ معه‌ سبحانه‌ شي‌ء، ولن‌ يكون‌ معه‌ شي‌ء، والآن‌ كما كان‌، فمن‌ سيكون‌ زيد وعمرو يا تري‌؟ وماذا ستكون‌ العلل‌ والاسباب‌؟

 همه‌ هر چه‌ هستند از آن‌ كمترند                كه‌ با هستيش‌ نام‌ هستي‌ برند [21]

 يَـ'َأَيـُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَي‌ اللَهِ وَاللَهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ.[22]

 سيُشاهد عند طلوع‌ نور التوحيد أنّ هذه‌ الجبال‌ الصلبة‌ الشديدة‌ ليس‌لها بنفسها قدرة‌ ولا عظمة‌ مقدار قشّة‌، بينما لو كانت‌ قد تلاشت‌ في‌ الجوّ كالعهن‌ المنفوش‌ حقّاً، لكان‌ لها وجود أيضاً.

 بَيدَ أنّ الجبال‌ والموجودات‌ جميعها بلا استثناء تفقد وجودها وشخصيّتها مقابل‌ ظهور نور التوحيد، إذ أي‌ّ نور سيكون‌ للشموع‌ الضعيفة‌ شبه‌ المحروقة‌ في‌ عالم‌ بزوغ‌ نور التوحيد؟

 الرجوع الي الفهرس

نور التوحيد هو الظاهر الوحيد يوم‌ القيامة‌

 وعندما يتبدّل‌ العالم‌ فإنّ جميع‌ الموجودات‌ ستفقد وجودها تماماً كقطع‌ الثلج‌ الكبيرة‌ التي‌ تُظهر وجودها في‌ الاودية‌ والحفر والعقبات‌ شتاءً وهي‌ في‌ منتهي‌ الصلابة‌، وما أن‌ تسطع‌ علیها شمس‌ تمّوز حتّي‌ تضمحلّ وتذوب‌ رويداً رويداً وتفقد شخصيّتها كلّيّاً.

 طَلَعَ الشَّمْسُ أَيُّهَا الْعُشَّاقُ فَاسْتَنَارَتْ بِنُورِهِ الآفَاقُ

 وما أروع‌ وأسمي‌ بيان‌ القرآن‌ الكريم‌ حول‌ اضمحلال‌ الاسباب‌ والعلل‌ والاُمور الاعتباريّة‌ في‌ هذه‌ الفقرة‌:

 لَقَد تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُم‌ مَّا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.

 وَلَوْ تَرَي‌'´ إِذِ الظَّـ'لِمُونَ فِي‌ غَمَرَ ' تِ الْمَوْتِ وَالْمَلَـ'´نءِكَةُ بَاسِطُو´ا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُو´ا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ علی‌ اللَهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ ءَايَـ'تِهِ تَسْتَكْبِرُونَ * وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَ ' دَي‌' كَمَا خَلَقْنَـ'كُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم‌ مَّا خَوَّلْنَـ'كُمْ وَرَآءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَي‌' مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنـَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَـ'´ؤُا لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُم‌ مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ. [23]

 وهاتان‌ الفقرتان‌ الاخيرتان‌ في‌ منتهي‌ الطرافة‌ وإثارة‌ العجب‌ في‌ عرضهما كيفيّة‌ ترك‌ الاموال‌ وضياع‌ الاعوان‌ والارحام‌ والارقاب‌ والعشيرة‌، وفقدان‌ الرئيس‌ والحاكم‌ والمرؤوس‌ والرعيّة‌ في‌ هذه‌ الدنيا، بحيث‌ لايبقي‌ منها أدني‌ أثر في‌ عالم‌ ظهور الحقيقة‌ وتمثّل‌ الملائكة‌ كافّة‌.

 لقد قضي‌ الإنسان‌ عُمراً وهو يتلهّي‌ بعشق‌ الموجودات‌ الدنيويّة‌ وبالتولّع‌ بها، والآن‌ أصبح‌ من‌ الواضح‌ له‌ أنـّها كانت‌ بأجمعها دُمي‌ وسراباً. لقد أنفق‌ ـطوال‌ عمره‌ـ وأفضل‌ ثرواته‌ الوجوديّة‌، وهي‌ علمه‌ وحياته‌ وقدرته‌، في‌ لهو تعشّق‌ الباطل‌ والسراب‌، والهيام‌ بأُناس‌ فارغين‌ مهزوزين‌، وبعالمٍ لا اعتبار له‌ ولا وزن‌. ولقد أجاد الملاّ الرومي‌ّ حقّاً في‌ بيان‌ هذا المعني‌ حيث‌ قال‌:

 گر به‌ جهل‌ آئيم‌ آن‌ زندان‌ اوست                  ‌ ور به‌ علم‌ آئيم‌ آن‌ ايوانِ اوست‌

 گر به‌ خواب‌ آئيم‌ مستانِ وئيم‌                     ور به‌ بيداري‌ به‌ دستانِ وئيم‌

 ور بگرئيم‌ أبرِ پُر زَرقِ وئيم               ‌ ور بخنديم‌ آن‌ زمان‌ برقِ وئيم‌

 ور به‌ خشم‌ و جنگ‌ عكسِ قهر اوست‌                      ور به‌ صلح‌ و عذر عكسِ مِهر اوست‌

 ما كئيم‌ اندر جهان‌ پيچ‌ پيچ‌                        چون‌ الف‌ كو خود ندارد هيچ‌ هيچ‌

 چون‌ الف‌ گر تو مجرّد مي‌شوي‌                   اندرين‌ ره‌ مَردِ مُفْرَد مي‌شوي‌ [24]

 وأبدع‌ كذلك‌ في‌ إنشاده‌:

 إسْقِنِي‌ يَا رَبِّ كَأْسَ الْوَحْدَةِ                    سُكْرُهَا يُمْحِي‌ ظَلاَمَ الْكَثْرَةِ

 ساقيا آن‌ بادة‌ وحدت‌ بيار               تا بَرَد از چهرة‌ دل‌ اين‌ خُمار

 عشقِ وحدت‌ ار دَمي‌ آيد به‌ كار                  مي‌كشاند مر تو را تا كوي‌ يار

 بشنوي‌ آندم‌ تو با صوتِ حَسَن‌                   بي‌ مهابا بانگ‌ المُلكُ لِمَن‌

 ار چه‌ مولي‌ گفته‌ در أُمُّ الكتاب                   ‌ در قيامت‌ باشد اين‌ بانگ‌ آن‌ جناب‌

 ليك‌ مطلب‌ ها بسي‌ باشد دقيق                ‌ گويمت‌ شرح‌ ار بخواهي‌ اي‌ رفيق‌

 سر بر آر از عوالم‌ تا به‌ هُو             تاي‌ تعبير است‌ و ضيق‌ گفتگو

 لب‌ ببند از گفتگو و كُن‌ طواف‌                      سير في‌ الله‌ را ترا باشد مَطاف‌ [25]

 ردّ آنچه‌ مر ترا بسپرده‌ دوست‌                     هر چه‌ هست‌ و نيست‌ ملك‌ و مالِاوست‌

 گوش‌ كثرت‌ ار رها بنموده‌اي‌                       بي‌ مهابا بانگ‌ حقّ بشنيده‌اي‌

 ليك‌ واگو با مَنَت‌ آن‌ گوش‌ كو                      وَه‌ چه‌ ها بنموده‌ كثرت‌ مو به‌ مو[26]

 إنّ العين‌ الحولاء، والعين‌ الرمداء كانت‌ تخطي‌ التصوّر في‌ الدنيا، إذ طلب‌ أصحابُها غير الله‌ فيها، ونسوا أحكام‌ التوحيد، وخُيّل‌ إليهم‌ أنّ تلك‌ المتخيّلات‌ السرابيّة‌ لها حقّ العبور والمرور في‌ عالم‌ الحقيقة‌ أيضاً، فاتّضح‌ في‌ القيامة‌ أنّ الامر ليس‌ كذلك‌.

 مؤخّر عالم‌ شده‌ است‌ مظهر حسن‌ و جمال‌ تو                      اي‌ جان‌ بگو كه‌ مظهر جان‌ و جهان‌ كجاست‌؟

 مقدّم‌ روي‌ تو ظاهر است‌ به‌ عالم‌ نهان‌ كجاست‌                    گر او نهان‌ بود به‌ جهان‌ پس‌ عيان‌ كجاست‌؟[27]

 الرجوع الي الفهرس

مقولة‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ التوحيد

 قال‌ المرحوم‌ العارف‌ الصمداني‌ّ والعالم‌ الربّاني‌ّ الحاجّ الميرزا جواد الملكي‌ّ التبريزي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ في‌ كتاب‌ «أسرار الصلاة‌»:

 قال‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: مَا نَظَرْتُ إِلَي‌ شَيْءٍ إِلاَّ وَرَأَيْتُ اللَهَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ. [28]

 وقال‌ في‌ رسالة‌ «لقاء الله‌»: قال‌ الإمام‌ الصادق‌ علیه‌ السلام‌:

 مَا رَأَيْتُ شَيْئاً إِلاَّ وَرأَيْتُ اللَهَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ. [29]

 لكنّ المرحوم‌ صدر المتألـّهين‌ رضوان‌ الله‌ علیه‌ يقول‌: نُقل‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، أنـّه‌ قال‌: مَا رَأَيْتُ شَيْئاً إِلاَّ وَرَأَيْتُ اللَهَ قَبْلَهُ. وروي‌: مَعَهُ وَفِيهِ. [30] و [31]

 ياريست‌ مرا وراي‌ پرده‌                  حسن‌ رخ‌ او سزاي‌ پرده‌

 عالم‌ همه‌ پردة‌ مصوَّر                    اشيا همه‌ نقش‌ هاي‌ پرده‌ [32]

 اين‌ پرده‌ مرا زتو جدا كرد                اينست‌ خود اقتضاي‌ پرده‌

 ني‌ ني‌ كه‌ ميان‌ ما جدائي                        ‌ هرگز نكند غِطاي‌ پرده‌ [33]

 الرجوع الي الفهرس

الشراب‌ الطهور الملكوتي‌ّ لسالكي‌ طريق‌ لقاء الله‌ تعالي‌

 بلي‌، لانّ سالكي‌ طريق‌ لقاء الله‌ قد خطوا خطواتهم‌ بهمّةٍ وقدمٍ في‌ هذا المضمار فقد نالوا قصب‌ السبق‌ فيه‌، ونفضوا أثوابهم‌ عن‌ أن‌ يعلق‌ بها شي‌ء من‌ العالَمَينِ، فهم‌ لا يعرفون‌ شيئاً غير لقاء المحبوب‌ تعالي‌ فلا يجعلون‌ قصدهم‌ ومقصودهم‌ وهدفهم‌ ومعبودهم‌ سواه‌، وهم‌ الذين‌ فاقوا درجات‌ الإخلاص‌ ليفوزوا بمقام‌ المخلَصين‌ والابرار والمقرّبين‌.

 أُولئك‌ الذين‌ تخطّوا الاشياء جميعها بقدم‌ المصابرة‌ ومجاهدة‌ النفس‌، وغضّوا أبصارهم‌ عمّا سوي‌ الله‌ تعالي‌، فهم‌ يرونه‌ تعالي‌ مع‌ كلّ شي‌ء وقبل‌ كلّ شي‌ء وبعد كلّ شي‌ء.

 دلي‌ كز معرفت‌ نور صفا ديد                        ز هر چيز كه‌ ديد اوّل‌ خدا ديد [34]

 هُوَ الاْوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظَّـ'هِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ علیمٌ.[35]

 الرجوع الي الفهرس

ظهور نور التوحيد في‌ المقرّبين‌ والمخلصين‌

 وهنا يصبح‌ لكلّ واحد نصيب‌ من‌ ذلك‌ الشراب‌ الملكوتي‌ّ، فيتحرّر فكره‌ من‌ سكر هوي‌ النفس‌ ويثمل‌ بلقاء الله‌ وأوليائه‌، ويتجلّي‌ هذا المعني‌ في‌ الآية‌:

 وَسَقَـ'هُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا. [36]

 و ز سقاهم‌ ربّهم‌ بين‌ جملة‌ ابرار مست‌                    و ز جمال‌ لايزالي‌ هفت‌ و پنج‌ و چار مست‌

 تن‌ چو سايه‌ بر زيمن‌ و جان‌ پاك‌ عاشقان                  ‌ در بهشت‌ عدن‌ تجري‌ تحتها الانهار مست‌

 خود چه‌ جاي‌ عاشقان‌ كز جام‌ توحيد خدا                 كوه‌ و صحرا و جبال‌ و جملة‌ اشجار مست‌ [37]

  وَكَشْفُ حِجَابِ الْجِسْمِ أَبْرَزَ سِرَّ مَا                      بِهِ كَانَ مَسْتُوراً لَهُ مِنْ سَرِيرَتِي‌

 وَمَنْ يَتَحَرَّشْ بِالْجَمَالِ إِلَي‌ الرَّدَي‌                        رَأَي‌ نَفْسَهُ مِنْ أَنْفَسِ الْعَيْشِ رُدَّتِ

 وَنَفْسٌ تَرَي‌ فِي‌ الْحُبِّ أَنْ لاَ تَرَي‌ عَناً                   مَتَي‌ مَا تَصَدَّتْ لِلصَّبَابَةِ صُدَّتِ

 فَنِلْتُ وَلاَهَا لاَ بِسَمْعٍ وَنَاظِر                    ٍ وَلاَ بِاكْتِسَابٍ وَاجْتَلاَبٍ جِبِلَّةِ

 وَهِمْتُ بِهَا فِي‌ عَالَمِ الاْمْرِ حَيْثُ لاَ                       ظُهُورٌ، وَكَانَتْ نَشْوَتِي‌ قَبْلَ نَشْأَتِي‌

 بَدَتْ بِاحْتِجَابٍ، وَاخْتَفَتْ بِمَظَاهِرٍ              علی‌ صِبَغِ التَّلْوِينِ فِي‌ كُلِّ بَرْزَةِ

 فَطِبْ بِالْهَوَي‌ نَفْسَاً لَقَدْ سُدْتَ أَنْفُس‌ الـ                ـعِبَادِ مِنَ الْعُبَّادِ فِي‌ كُلِّ أُمَّةِ

 تَجَمَّعتِ الاْهْواءُ فِيهَا، فَمَا تَرَي                ‌ بِهَا غَيْرَ صَبٍّ لاَ يَرَي‌ غَيْرَ صَبْوَةِ

 لَئِنْ جَمَعَتْ شَمْلَ الْمَحَاسِنِ صُورَةٌ                     شَهِدْتُ بِهَا كُلَّ الْمَعَانِي‌ الدَّقِيقَةِ

 فَلَو بَسَطَتْ جِسْمِي‌ رَأَتْ كُلَّ جَوْهَر                    ٍ بِهِ كُلُّ قَلْبٍ فِيهِ كُلُّ مَحَبَّةِ

 وَلَمَّا نَقَلْتُ النَّفْسَ مِنْ مُلْكِ أَرْضِهَا                        بِحُكْمِ الشِّرَا فَهَا إِلَي‌ مُلْكِ جَنَّةِ

 رَفَعْتُ حِجَابَ النَّفْسِ عَنْهَا بِكَشْفِي‌َ الـ                 ـنِّقَابِ فَكَانَتْ عَنْ سُؤالِي‌ مُجِيبَتِي‌

 وَكُنْتُ جَلاَ مِرَآةِ ذَاتِي‌ مِن‌ صَدا                 صِفَاتِي‌ وَمِنِّي‌ أَحْدقَتْ بِأَشِعَّةِ

 وَأَشْهَدْتُنِي‌ إيَّاي‌ إِذْ لاَ سِوَاي‌َ فِي‌                        شُهُودِي‌َ مَوْجُودٌ فَيقْضِي‌ بِزَحْمَةِ

 فَشَاهِدُ وَصْفِي‌ بِي‌ جَلِيِسي‌ وَشَاهِدِي               ‌ بِهِ لاِحْتِجَابِي‌ لَنْ يَحِلَّ بِحِلَّتِي‌

 كَذَاكَ بِفِعلی‌ عَارِفِي‌ بِي‌َ جَاهِلٌ               وَعَارِفُهُ بِي‌ عَارِفٌ بِالْحَقِيقَةِ

 فَلَفْظٌ وَكُلِّي‌ بِي‌ لِسَانٌ مُحَدِّثٌ                 وَلَحْظٌ وَكُلِّي‌ فِيَّ عَيْنٌ لِعَبْرَتِي‌

 وَسَمْعٌ وَكُلِّي‌ بِالنَّدَي‌ أَسْمَعُ النِّدَا             وَكُلِّي‌ فِي‌ رَدِّ الرَّدَي‌ يَدُ قُوَّةِ

 مَعَانِي‌ صِفَاتٍ مَاوَرَا اللَّبْسِ أَثْبَتَتْ                        وَأَسْمَاءُ ذَاتٍ مَا رَوَي‌ الْحِسُّ بَثَّتِ

 تَحَقَّقْتُ أَنَّا فِي‌ الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ                  وَأَثْبَتَ صَحْوُ الْجَمْعِ مَحْوَ التَّشَتُّتِ

 وَكُلِّي‌ لِسَانٌ نَاظِرٌ مِسْمَعٌ يَد                   ٌ لِنُطْقٍ وإدْرَاكٍ وَسَمْعٍ وَبَطْنَةِ

 فَعَيْنِي‌ نَاجَتْ وَاللِّسَانُ مُشَاهِدٌ               وَيَنْطِقُ مِنِّي‌ السَّمْعُ وَاليَدُ أَصْغَتِ

 وَسَمْعِيَ عَيْنٌ تَجْتَلِي‌ كُلَّ مَا بَدَا              وَعَيْنِيَ سَمْعٌ إِنْ شَدَا الْقَوْمُ تُنْصِتِ

 وَمِنِّي‌ عَنْ أَيْدِ لِسَانِي‌ يدٌ كَمَا                  يَدِي‌ لِي‌ لِسَانٌ فِي‌ خِطَابِي‌ وَخُطْبَتِي‌

 كَذَاكَ يَدِي‌ عَيْنٌ تَرَي‌ كُلَّ مَا بَدَا                وَعَيْنِي‌ يَدٌ مَبْسُوطَةٌ عِنْدَ بَسْطَتِي‌

 وَسَمْعِي‌ لِسَانٌ فِي‌ مُخَاطَبَتِي‌ كَذَا                     لِسَانِي‌ فِي‌ إصْغَائهِ سَمْعٌ مُنْصِتِ

 وَلِلشَّمِّ أَحْكَامُ اطِّرَادِ الْقِيَاسِ فِي‌ اتِّـ                    ـحَادِ صِفَاتِي‌ أَوْ بِعَكْسِ الْقَضِيَّةِ

 هِي‌َ النَّفْسُ، إِنْ أَلْقَتْ هَوَاهَا تَضَاعَفَتْ                 قُوَاهَا وَأَعْطَتْ فِعْلَهَا كُلَّ ذَرَّةِ

 وَإِنِّي‌ وَإنْ كُنْتُ ابْنَ آدَمَ صُورَةً                  فَلِي‌ فِيهِ مَعْنيً شَاهِدٌ بَأُبُوَّتِي‌

 وَمَا كُنْتَ تَدْرِي‌، قَبْلَ يَوْمِكَ مَا جَرَي                     ‌ بِأَمْسِكَ أَوْ مَا سَوْفَ يَجْرِي‌ بِغُدوَةِ

 فَأَصْبَحْتَ ذَا عِلْمٍ بِأَخْبَارِ مَنْ مَضَي                       ‌ وَأَسْرَارِ مَنْ يَأْتِي‌ مُدِلاَّ بِخِبْرَةِ

 وَإِيَّاكَ وَالإعْرَاضَ عَنْ كُلِّ صُورَةٍ               مُمَوَّهَةٍ أَوْ حَالَةٍ مُسْتَحِيلَةِ

 أَلاَ هَكَذَا فَلْتَعْرِفِ النَّفْسُ أَوْ فَلاَ                وَيُتْلَ بِهَا الْفُرْقَانُ كُلَّ صَبِيحَةِ [38]

 وأنشد حافظ‌ الشيرازي‌ّ علیه‌ الرحمة‌ في‌ هذا المعني‌:

 هزار جهد بكردم‌ كه‌ يارِ من‌ باشي‌               مُراد بخشِ دلِ بي‌ قرارِ من‌ باشي‌

 چراغ‌ ديدة‌ شب‌ زنده‌دارِ من‌ گردي‌                أنيس‌ خاطرِ اميدوارِ من‌ باشي‌

 چو خسروان‌ مَلاحت‌ به‌ بندگان‌ نازند                        تو در ميانه‌ خداوندگارِ من‌ باشي‌

 در آن‌ چمن‌ كه‌ بُتان‌ دستِ عاشقان‌گيرند                  گرت‌ زدست‌ برآيد نگارِ من‌ باشي‌ [39]

 شود غزالة‌ خورشيد صيدِ لاغرِ من‌               گر آهوئي‌ چو تو يكدَم‌ شكارِ من‌ باشي‌

 من‌ ار چه‌ حافظِ شهرم‌ جُوي‌ نمي‌آرزم                      ‌ مگر تو از كرمِ خويش‌ يارِ من‌ باشي‌ [40]

 الرجوع الي الفهرس

الإعراض‌ عن‌ ذكر الله‌ يسبّب‌ العمي‌ يوم‌ القيامة‌

 فإن‌ جاء وصار حبيبنا ورفيقنا، فإنّه‌ سيجعل‌ أعيننا مُبصرة‌، وآذاننا سميعة‌، ولساننا ناطقاً بليغاً، أمّا إن‌ لم‌ يأتِ، ووكلنا إلي‌ أنفسنا، فإنّنا سنقضي‌ عمراً في‌ حجب‌ عنه‌، وسنكون‌ قد طوينا طريق‌ الإعراض‌ والمجاز بقدر ما نسبنا صفاته‌ إلينا.

 وَمَنْ أَعْرَضَ عَن‌ ذِكْرِي‌ فَإِنَّ لَهُ و مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ و يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ أَعْمَي‌'* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي‌´ أَعْمَي‌' وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَ ' لِكَ أَتَتْكَ ءَايَـ'تُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَ ' لِكَ الْيَوْمَ تُنسَي‌'.[41]

 نعوذ بالله‌ من‌ أن‌ يعتمد الإنسان‌ في‌ هذه‌ الدنيا علی‌ غير الله‌، فيصبح‌ حينئذٍ خالي‌ الوفاض‌، أمّا إذا سلك‌ طريق‌ الحبّ للّه‌ والهيام‌ به‌ وتعامل‌ مع‌ الله‌ وأسراره‌، ومع‌ الحقائق‌ والاُمور الواقعيّة‌ وفق‌ دعاء المولي‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌: وَاجْعَلْ قَلْبِي‌ بِحُبِّكَ مُتَيَّمَاً؛ [42] وغسل‌ أثوابه‌ من‌ لوث‌ الاعتبار ودنس‌ المجاز، لصار آنذاك‌ حبيب‌ الله‌، ويد الله‌، وروح‌الله‌، وولي‌ّ الله‌.

 أفللّه‌ حبيب‌ وخليل‌ يا تري‌؟ إنّ هذه‌ بأجمعها أسماء الله‌ قد أنعم‌ بها علی‌ المقرّبين‌ والمخلصين‌.

 فبأي‌ّ كيفيّة‌ كان‌ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السـلام‌ أسـد الله‌، يـدالله‌، لسان‌الله‌، عين‌ الله‌، و فضل‌ الله‌!

 إنّ المرء لو سلك‌ سبيل‌ مودّة‌ ذلك‌ المولي‌ ومحبّته‌، وقَبَلَ ولايته‌ بصدق‌ وصفاء نقيّين‌ من‌ الغشّ والدغل‌، وكان‌ في‌ طاعته‌ إيّاه‌ ملبّياً لايعترض‌ ولا يُناقش‌؛ فإنّ ذلك‌ الإمام‌ سَيُريه‌ طريق‌ سماء المعرفة‌، وسيفتح‌ له‌ ما استغلق‌ من‌ الاقفال‌ بالمفتاح‌ الذي‌ وهبه‌ الله‌ إيّاه‌؛ وسيرفع‌ عنه‌ الحجب‌ الظلمانيّة‌ والنورانيّة‌.

 گر در ره‌ عاشقي‌ قدم‌ صدق‌ نهي‌                معشوقه‌ باوّل‌ قدمت‌ پيش‌ آيد[43]

 فالإمام‌ سيتلقّي‌ الإنسان‌ ويلتقي‌ به‌ ويقضي‌ له‌ حوائجه‌ ويرفع‌ فاقته‌.

 الرجوع الي الفهرس

نجاة‌ عمران‌ بن‌ شاهين‌ من‌ عضد الدولة‌ ببركة‌ أمير المؤمنين‌

 ينقل‌ المجلسي‌ّ رضوان‌ الله‌ علیه‌ عن‌ كتاب‌ جاء فيه‌ عن‌ الشيخ‌ حسن‌بن‌ الحسين‌بن‌ الطحّال‌ المقدادي‌ّ، عن‌ أبيه‌، عن‌ جدّه‌ علی‌ّ بن‌ الطحّال‌ أنـّه‌ قال‌: حكي‌ أنّ عمران‌ بن‌ شاهين‌ من‌ أهل‌ العراق‌ عصي‌ علی‌ عضد الدولة‌ الديلمي‌ّ. فطلبه‌ حثيثاً، فهرب‌ منه‌ إلي‌ النجف‌ الاشرف‌ متخفيّاً، فرأي‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ منامه‌ وهو يقول‌ له‌: يا عمران‌! في‌ غد يأتي‌ فناخسرو إلي‌ ها هنا فيُخرجون‌ مَن‌ بهذا المكان‌، فتقف‌ أنت‌ ها هنا ـوأشار إلي‌ زاوية‌ من‌ زوايا القبّة‌ـ فإنّهم‌ لا يرونك‌. فسيدخل‌ ويزور ويصلّي‌ ويبتهل‌ في‌ الدعاء والقسم‌ بمحمّد وآله‌ أن‌ يُظفره‌ بك‌، فادنُ منه‌ وقل‌ له‌: أيّها الملك‌! مَن‌ هذا الذي‌ قد ألححتَ بالقسم‌ بمحمّد وآله‌ أن‌ يظفرك‌ به‌؟

 فسيقول‌: رجلٌ شقّ عصاي‌ ونازعني‌ في‌ مُلكي‌ وسلطاني‌.

 فقل‌: ما لمن‌ يظفرك‌ به‌؟

 فيقول‌: إن‌ حتّم‌ علی‌َّ بالعفو عنه‌ عفوتُ عنه‌.

 فأعلمه‌ بنفسك‌ فإنّك‌ تجد منه‌ ما تريد. فكان‌ كما قال‌ له‌. فقال‌: أنا عمران‌بن‌ شاهين‌. قال‌: مَن‌ أوقفك‌ ها هنا؟

 قال‌ له‌: هذا مولانا قال‌ في‌ منامي‌: غداً يحضر فنا خسرو إلي‌ ها هنا، وأعاد علیه‌ القول‌.

 فقال‌ له‌: بحقّه‌ قال‌ لك‌: فنا خسرو؟

 قلت‌: إي‌ وحقّه‌!

 فقال‌ عضد الدولة‌: ما عرف‌ أحد أن‌ اسمي‌ فنا خسرو إلاّ أُمي‌ّ والقابلة‌ وأنا. ثمّ خلع‌ علیه‌ خلعة‌ الوزارة‌ وطلع‌ من‌ بين‌ يديه‌ إلي‌ الكوفة‌. وكان‌ عمران‌بن‌ شاهين‌ قد نذر علیه‌ أنـّه‌ متي‌ عفا عنه‌ عضد الدولة‌ أتي‌ إلي‌ زيارة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ حافياً حاسراً. فلمّا جنّة‌ الليل‌ خرج‌ من‌ الكوفة‌ وحده‌. فرأي‌ جدّي‌ علی‌ّ بن‌ طحّال‌ مولانا أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ منامه‌ وهو يقول‌ له‌: اقعد افتح‌ لوليي‌ّ عمران‌ بن‌ شاهين‌ الباب‌!

 فقعد وفتح‌ الباب‌، وإذا الشيخ‌ قد أقبل‌، فلمّا وصل‌ قال‌ له‌: بسم‌ الله‌ يامولانا. فقال‌، ومن‌ أنا؟ فقال‌: عمران‌ بن‌ شاهين‌!

 قال‌: لستُ بعمران‌ بن‌ شاهين‌. قال‌: بلي‌! إنّ أمير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ أتاني‌ في‌ منامي‌ وقال‌ لي‌، اقعد افتح‌ لوليي‌ّ عمران‌ بن‌ شاهين‌!

 قال‌ له‌، بحقّه‌ هو قال‌ لك‌؟ قال‌، إي‌ وحقّه‌ هو قال‌ لي‌.

 فوقع‌ علی‌ العتبة‌ يقبّلها، وأحاله‌ علی‌ ضامن‌ السمك‌ بستّين‌ ديناراً، وكان‌ له‌ زوارق‌ تعمل‌ في‌ الماء في‌ صيد السمك‌.

 ثمّ يقول‌ المجلسي‌ّ: وبني‌ الرواق‌ المعروف‌ برواق‌ عمران‌ في‌ المشهدين‌ الشريفين‌ الغروي‌ّ والحائري‌ّ علی‌ مشرّفها السلام‌. [44]

 يا علی‌ گر به‌ حشر قنبر تو سايه‌ بر گبر محشراندازد                جاي‌ دارد كه‌ ابر رحمت‌ گبر سايه‌ بر اهل‌ محشر اندازد[45]

 

 هُوَ النَّبَأُ الْمَكْنُونُ وَالْجَوْهَرُ الَّذِي              ‌ تَجَسَّدَ مِنْ نُورٍ مِنَ الْقُدْسِ زَاهِرِ

 أَلاَ إِنَّمَا الإسلام لَوْلاَ حُسَامُهُ                   كَعَفْطَةِ عَنْزٍ أَوْ غُلاَمَةُ حَافِرِ

 أَلاَ إِنَّمَا التَّوْحِيدُ لَوْلاَ عُلُومُهُ                      كَعَرْضة‌ ضِلِّيلٍ وَنَهْبَةِ كَافِرِ

 صِفَاتُكَ أَسْمَاءٌ وَذَاتُكَ جَوْهَرٌ                    بِرِيٌ الْمَعَانِي‌ مِنْ صِفَاتِ الْجَوَاهِرِ

 يِجِلُّ عَنِ الاْعْرَاضِ وَالاْيْنِ وَالْمَتَي                       ‌ وَيَكْبُرُ عَنْ تَشْبِيهِهِ بِالْعَنَاصِر[46]

 الرجوع الي الفهرس

الدرس‌ الثامن‌ والعشرون‌:

خفاء جانب‌ وجه‌ الخلق‌ وظهور جانب‌ وجه‌ الله‌ في‌ القيامة‌

 

بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه‌ ربّ العالمين‌ ولا حول‌ ولا قوّة‌ إلاّ بالله‌ العلی‌ّ العظيم‌

وصلَّي‌ الله‌ علی‌ محمّد وآله‌ الطاهرين‌

ولعنة‌ الله‌ علی‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلي‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

قال‌ الله‌ الحكيم‌ في‌ كتابه‌ الكريم‌:

 كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ و.[47]

 وهي‌ مقطع‌ من‌ آخر آية‌ في‌ سورة‌ القصص‌، وتمام‌ الآية‌:

 وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَهِ إِلَـ'هًا ءَاخَرَ لآ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ و لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

 وكما هو مُلاحظ‌ فقد وردت‌ فقرات‌ خمس‌ في‌ هذه‌ الآية‌:

 الاُولي‌: لا تدعُ مع‌ الله‌ إلـ'هًا ءاخر.

 الثانية‌: لا إلـ'ه‌ إِلاّ هو.

 الثالثة‌: كلّ شيْءٍ هالك‌ إلاّ وجهه‌.

 الرابعة‌: له‌ الحُكم‌.

 والخامسة‌: إليه‌ ترجعون‌.

 وفي‌ الحقيقة‌ فإنّه‌ بعد بيان‌ تكليف‌ عدم‌ جواز دعوة‌ إله‌ آخر مع‌ الله‌، جاءت‌ الفقرات‌ الاربع‌ الاُخري‌ في‌ مقام‌ التعلیل‌ للفقرة‌ الاُولي‌.

 إذَن‌، علی‌ الإنسان‌ أن‌ لا يدعو موجوداً غير الله‌ تعالي‌، ولايشركه‌ معه‌، إذ لا معبود ولا إله‌ إلاّ الله‌، ولانّ كلّ شي‌ فانٍ وهالك‌ إلاّ وجهه‌، ولانّ الحكم‌ له‌ ومختصّ به‌، وأخيراً لانّ رجوع‌ الناس‌ إليه‌.

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ الآية‌ 88، من‌ السورة‌ 27: النمل‌.

[2] ـ الآيتان‌ 87 و 88، من‌ السورة‌ 27: النمل‌.

[3] ـ الآية‌ 16، من‌ السورة‌ 40: غافر.

[4] ـ الآية‌ 33، من‌ السورة‌ 40: غافر.

[5] ـ الآية‌ 47، من‌ السورة‌ 42: الشوري‌.

[6] ـ الآية‌ 41، من‌ السورة‌ 44: الدخان‌.

[7] ـ الآية‌ 123، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[8] ـ الآية‌ 48، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[9] ـ الآية‌ 19، من‌ السورة‌ 82: الانفطار.

[10] ـ صدر الآية‌ 105، من‌ السورة‌ 11: هود.

[11] ـ الآية‌ 42، من‌ السورة‌ 4: النساء.

[12] ـ صدر الآية‌ 84، من‌ السورة‌ 43: الزخرف‌.

[13] ـ الآيات‌ 1 إلي‌ 4، من‌ السورة‌ 112: الإخلاص‌.

[14] ـ «ديوان‌ شيخ‌ عراقي‌».

[15] ـ يقول‌: لقد أسفر حُسن‌ الازل‌ عن‌ طلعته‌، فتجلّي‌ السرّ والعلن‌ للعيان‌.

 فتجلّي‌ النور والظلمة‌ كلاهما منه‌، وبدا للعيان‌ أنّ الكلّ هم‌ مظاهره‌.

 ولقد نسج‌ سلسلة‌ الجزء والكلّ معاً فحاز، كلّ شوكة‌ ووردة‌ مرتبته‌ منها.

 وأنّ السرّ والعلن‌ مهما كانا في‌ النظر فإنّهما كلاهما بأرجائهما مَظهر للحُسن‌.

[16] ـ النصف‌ الثاني‌ من‌ الآية‌ 165، والآية‌ 166، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[17] ـ من‌ أشعار «نظم‌ السلوك‌» التائيّة‌ الكبري‌ لابن‌ الفارض‌، ص‌ 69 و 70.

[18] ـ النصف‌ الثاني‌ من‌ الآية‌ 62، من‌ السورة‌ 33: الاحزاب‌؛ ومقطع‌ من‌ الآية‌ 43، من‌ السورة‌ 35: فاطر، بلفظ‌: فلن‌ تجد؛ والنصف‌ الثاني‌ من‌ الآية‌ 23، من‌ السورة‌ 48: الاحزاب‌.

[19] ـ الفقرة‌ الاخيرة‌ من‌ الآية‌ 43، من‌ السورة‌ 35: فاطر.

[20] ـ الآية‌ 83، من‌ السورة‌ 36: يس‌.

[21] ـ يقول‌: إنّ الاشياء جميعها ـ مهما كانت‌ ـ أقلّ من‌ أن‌ يكون‌ لها ـ مع‌ وجوده‌ ـ اسم‌ الوجود.

[22] ـ الآية‌ 15، من‌ السورة‌ 35: فاطر.

[23] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 93 والآية‌ 93، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.

[24] ـ «مثنوي‌» طبعة‌ ميرخاني‌، ج‌ 1، ص‌ 41.

 يقول‌: لو كنّا في‌ الجهل‌ لكنّا في‌ سجنه‌، ولو خطونا في‌ العلم‌ فهناك‌ أيوانه‌ وساحته‌.

 ولو كنّا في‌ النوم‌ لَكُنّا ثمالي‌ به‌، أو كنّا أيقاظاً لَكُنّا في‌ يديه‌.

 لو بكينا كنّا غيمه‌ الهاطل‌، أو ضحكنا كنّا برقه‌ اللامع‌.

 ولو كنّا في‌ غضب‌ وحرب‌ كنّا صورة‌ قهره‌، أو في‌ صلح‌ وصفاء كنّا انعكاس‌ محبّته‌ وعطفه‌.

 فمن‌ نكون‌ نحن‌ في‌ هذا العالم‌ الملي‌ء بالمنعطفات‌! نحن‌ كحرف‌ الالف‌ الذي‌ لايملك‌ شيئاً.

 فإن‌ كنتَ مجرّداً كحرف‌ الالف‌، كنتَ في‌ هذا الدرب‌ الرجل‌ المتفرّد الاوحد!

[25] ـ يقول‌: هاتِ شراب‌ الوحدة‌ أيّها الساقي‌ ليزيل‌ عن‌ سيماء القلب‌ هذا الصداع‌.

 فلو جاء عشق‌ الوحدة‌ لحظةً، لجرّك‌ إلي‌ درب‌ الحبيب‌.

 فتسمع‌ إذ ذاك‌ بلا شك‌ نداء لمن‌ المُلك‌، بصوت‌ محبّب‌ حسن‌.

 ومع‌ أنّ المولي‌ قال‌ في‌ أُمّ الكتاب‌ إنّ هذا هو صوته‌ يوم‌ القيامة‌.

 لكنّ هذا المطلب‌ في‌ غاية‌ الدقّة‌، وسأبيّنه‌ لك‌ إن‌ شئتَ أيّها الرفيق‌.

 تطلّع‌ برأسك‌ خارج‌ العوالم‌ حتّي‌ تصل‌ إليه‌، وحتّي‌ تعبير محض‌ فالكلام‌ ضيّق‌ لامجال‌ فيه‌.

 واطبق‌ شفاهك‌ عن‌ الكلام‌ وطف‌، وليكن‌ السير في‌ الله‌ طوافك‌.

[26] ـ يقول‌: وردّ ما أودعك‌ إيّاه‌ الحبيب‌، فإنّ كلّ ما هو كائن‌ ومعدوم‌ ملكه‌ وماله‌.

 وإن‌ تركتَ أُذن‌ الكثرة‌ فإنّك‌ ـ بلا شكّ ـ ستسمع‌ نداء الحقّ.

 ولكن‌ قُل‌ أين‌ تلك‌ الاُذن‌ التي‌ كانت‌ معك‌، ووا عجباً ما الذي‌ تفعله‌ الكثرة‌ بهذه‌ الدقّة‌!

[27] ـ «مفاتيح‌ الإعجاز» ص‌ 60.

 يقول‌: صارت‌ نهاية‌ العالم‌ مظهراً لحسنك‌ وجمالك‌، فقلْ أيّها الحبيب‌ أين‌ مظهر الروح‌ والعالم‌؟

 إنّ طلعة‌ وجهك‌ ظاهرة‌ للعالم‌، فأين‌ الخفاء؟ وإن‌ كان‌ وجهك‌ مستتراً عن‌ العالم‌ فأين‌ ـياتري‌ـ العيان‌ والظهور؟

[28] ـ «أسرار الصلاة‌» ص‌ 65؛ والقول‌ لامير المؤمنين‌ علیه‌ السلام‌.

[29] ـ «لقاء الله‌» نسخة‌ خطّيّة‌، ص‌ 7.

[30] ـ «الاسفار الاربعة‌» الطبعة‌ الحجريّة‌، ج‌ 1، ص‌ 26؛ والطبعة‌ الحروفيّة‌ج‌ 1، ص‌ 117.

[31] ـ يقول‌ المرحوم‌ السبزواري‌ّ في‌ حاشيته‌ علی‌ كتابة‌ «شرح‌ المنظومة‌» ص‌ 66، طبعة‌ ناصري‌، في‌ كيفيّة‌ تقوّم‌ المعلول‌ بالعلّة‌: وهو متقوّم‌ بالعلّة‌، أي‌ ليست‌ العلّة‌ خارجة‌ عنه‌ بحيث‌ لا مرتبة‌ له‌ خالية‌ عنها، ولا ظهور له‌ خالياً عن‌ ظهورها؛ بل‌ الظهور لها أوّلاً وله‌ ثانياً كما قال‌ علیه‌ السلام‌:

 ما رأيتُ شيئاً إلاّ ورأيتُ الله‌ قبله‌. وقال‌: داخلٌ في‌ الاشياء لا بالممازجة‌ وخارجٌ عن‌ الاشياء لا بالمزايلة‌. وأيضاً: ليس‌ في‌ الاشياء بوالجٍ ولا عنها بخارج‌. وأيضاً: مع‌ كلّ شي‌ء لابمقارنة‌، وغير كلّ شي‌ء لا بمزايلة‌. وأيضاً: داخلٌ في‌ الاشياء لاكدخول‌ شي‌ء في‌ شي‌ء، خارجٌ عن‌ الاشياء لاكخروج‌ شي‌ء عن‌ شي‌ء. وأيضاً: توحيده‌ تميّزه‌ عن‌ خَلْقه‌، وحكم‌ التميّز بينونة‌ صفة‌ لا بينونة‌ عزلة‌. وبالجملة‌ هذا متواتر بالمعني‌ ـ انتهي‌.

[32] ـ «مفاتيح‌ الإعجاز» ص‌ 60.

 يقول‌: لي‌ حبيب‌ وراء الستار، حُسن‌ طلعته‌ جدير بأن‌ يُستر بستار. ïï          العالم‌ بأجمعه‌ ستار مصوّر، والاشياء كلّها نقوش‌ في‌ ذلك‌ الستار.

[33] ـ يقول‌: ولقد فصل‌ هذا الستار بيني‌ وبينك‌، وهذا نفسه‌ اقتضاء الستار.

 لا، لا يكون‌ بيننا انفصال‌ وبينونة‌، فالستار لم‌ يكن‌ أبداً غطاءً وحجاباً.

[34] ـ يقول‌: إنّ القلب‌ الذي‌ شاهد صفاء نور المعرفة‌، صار حين‌ يري‌ شيئاً، يري‌ الله‌ قبله‌.

[35] ـ الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[36] ـ المقطع‌ الاخير من‌ الآية‌ 21، من‌ السورة‌ 76: الدهر.

[37] ـ «تفسير ملاّ محمّد كاشفي‌» في‌ تفسير سورة‌ الدهر.

[38] ـ هذه‌ الاشعار من‌ إنشاء ابن‌ الفارض‌ الذي‌ أنشأ بالعربيّة‌ أشعاراً عرفانيّة‌ غرّاء بديعة‌ تماثل‌ أشعار حافظ‌ الشيرازي‌ّ التي‌ أنشدها بالفارسيّة‌. وقد اخترنا هذه‌ الابيات‌ من‌ «التائيّة‌ الكبري‌» بما يناسب‌ المقام‌ ومجموعها 761 بيتاً وهي‌ في‌ ديوانه‌.

[39] ـ يقول‌: بذلتُ قصاري‌ الجُهد كي‌ تكون‌ حبيبي‌، وتُلبّي‌ لقلبي‌ المضطرب‌ مُراده‌ ومُناه‌.

 ولتكون‌ نورَ عيني‌ المسهَّدة‌، وأنيس‌ خاطري‌ وقلبي‌ الطافح‌ بالشوق‌ والامل‌.

 إنّ من‌ طبع‌ ملوك‌ الملاحة‌ المباهاة‌ بعبيدهم‌، فتعال‌ كما أتمنّي‌ وكُن‌ مولاي‌ ومعبودي‌!

 وفي‌ ذلك‌ المَرج‌ حيث‌ يمسك‌ المعبودون‌ لطفاً بأيدي‌ عشّاقهم‌، إن‌ استطعتَ فكن‌ صنمي‌ ومعبودي‌.

[40] ـ يقول‌: ستكون‌ الشمس‌ ظبياً مصطاداً ضئيلاً لي‌، لو صار غزالٌ مُختال‌ كمثلك‌ صيدي‌ للحظة‌ واحدة‌.

 إنّي‌ وإن‌ كنتُ في‌ هذه‌ المدينة‌ حافظاً للقرآن‌، غير أنّ قدري‌ لا يعدل‌ حبّة‌ شعير إلاّ إذا كنت‌ بلطفك‌ حبيبي‌ ومُعيني‌!

[41] ـ الآيات‌ 124 إلي‌ 126، من‌ السورة‌ 20: طه‌.

[42] ـ من‌ فقرات‌ دعاء كميل‌.

[43] ـ يقول‌: لو خطوتَ بقدم‌ صدق‌ في‌ طريق‌ العشق‌، لتلقّتك‌ المعشوقة‌ في‌ أوّل‌ خطوة‌ تخطوها!

[44] ـ «بحار الانوار» ج‌ 9، ص‌ 681 و 682؛ والطبعة‌ الحروفيّة‌ ج‌ 42، ص‌ 319 و 320.

[45] ـ يقول‌: يا علی‌ّ! لو خيّم‌ خادمك‌ قنبر عل‌ مجوس‌ المحشر يوم‌ الحشر، لكان‌ حريّاً أن‌ تخيّم‌ غيوم‌ رحمة‌ المجوس‌ علی‌ أهل‌ المحشر.

[46] ـ هذه‌ الابيات‌ الرائيّة‌ لابن‌ أبي‌ الحديد، وهي‌ من‌ علويّاته‌ السبع‌ التي‌ طُبعت‌ طباعةً حجريّة‌ في‌ مجموعة‌ واحدة‌ مع‌ المعلّقات‌ السبع‌ وقصيدة‌ البوصيري‌ّ.

[47] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 88، من‌ السورة‌ 28: القصص‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com