بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب معرفة المعاد / المجلد الخامس/ القسم الثامن: قصة اصحاب الکهف، یوم القیامة یوم الفصل

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

 ما هو العصر الذي‌ عاش‌ فيه‌ أصحاب‌ الكهف‌؟

 5 ـ أي‌ّ زمان‌ عاش‌ أصحاب‌ الكهف‌.

 يمكن‌ القول‌ تقريباً إنّ المفسّرين‌ مُجمعون‌ علی‌ أنّ قصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌ كانت‌ زمن‌ دَقْيُوس‌ إمبراطور الروم‌ الذي‌ حكم‌ بين‌ 249ـ251 ميلاديّة‌، أو زمن‌ دَقْيانُوس‌ إمبراطور الروم‌ الآخر الذي‌ حكم‌ بين‌ 285ـ 305 ميلاديّة‌ والمسيحيّون‌ أيضاً يدّعون‌ ذلك‌ ويقولون‌ بأنّ الحكّام‌ كانوا يضيّقون‌ علی‌ دين‌ المسيحيّة‌ ويعذّبون‌ الموحّدين‌ بأصناف‌ الاذي‌ والجوع‌ والعطش‌.

 بَيدَ أنـّه‌ لا يمكن‌ قبول‌ هذا الامر، لانّ أوّل‌ من‌ كتب‌ قصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌ في‌ كتابه‌ من‌ السريانيّين‌ جيمس‌ الساروغي‌ّ Jimes of Sarug المتوفّي‌ سنة‌ 521 ميلاديّة‌، وقد ألّف‌ هذا الكتاب‌ سنة‌ 474 ميلاديّة‌.

 وفي‌ ضوء الآية‌ القرآنيّة‌ فإنّ أصحاب‌ الكهف‌ كانوا قد ناموا ثلاثمائة‌ وتسع‌ سنين‌، ولمّا كانت‌ سنوات‌ القرآن‌ قمريّة‌، وحسبنا الفرق‌ بين‌ السنوات‌ القمريّة‌ والشمسيّة‌ في‌ هذه‌ المدّة‌ لوجب‌ إنقاص‌ تسع‌ سنين‌، فتكون‌ مدّة‌ بقائهم‌ في‌ الكهف‌ ثلاثمائة‌ سنة‌ شمسيّة‌. ولمّا كانت‌ السنوات‌ الروميّة‌ شمسيّة‌، فلابدّ أن‌ يكون‌ بقاء أصحاب‌ الكهف‌ أسبق‌ بكثير من‌ زمن‌ دقيوس‌ أو دقيانوس‌.

 بَيدَ أنّ المسيحيّين‌ لا يعتقدون‌ بالقرآن‌ الكريم‌، وهم‌ ـمن‌ جهة‌ أُخري‌ـ يعتبرون‌ زمن‌ استيقاظ‌ أصحاب‌ الكهف‌ هو زمن‌ الملك‌ الصالح‌ تيودوسيوس‌ الذي‌ حكم‌ بين‌ 408 ـ 451 ميلاديّة‌. فيكون‌ بقاء أصحاب‌ الكهف‌ إلي‌ زمن‌ دقيوس‌ مائتي‌ سنة‌ أو أقلّ.

 وقد التفت‌ رفيق‌ وفا الدجّاني‌ّ إلي‌ ذلك‌ في‌ كتاب‌ «اكتشافات‌ كهف‌ أهل‌ الكهف‌» الذي‌ نشره‌ سنة‌ 1964 ميلاديّة‌ فقال‌ في‌ كتابه‌: إنّ الطاغية‌ الذي‌ هرب‌ منه‌ أصحاب‌ الكهف‌ فدخلوا الكهف‌ هو «طراجان‌ الملك‌ 98ـ 117م‌» لا دقيوس‌ الملك‌.. ولا دقيانوس‌ الملك‌. وقد أصدر طراجان‌ في‌ سنة‌ 112 م‌ مرسوماً يقضي‌ أنّ كلّ عيسوي‌ّ يرفض‌ عبادة‌ الآلهة‌ يحاكم‌ كخائن‌ للدولة‌ ويعرض‌ للموت‌.

 ولو فرضنا أنّ أصحاب‌ الكهف‌ قد لجأوا إلي‌ الكهف‌ في‌ تلك‌ السنة‌، فإنّ 112+300=412، فيكونون‌ قد استيقظوا في‌ سنة‌ 412 بعد نومهم‌ ثلاثمائة‌ سنة‌ (شمسيّة‌)، وذلك‌ يصادف‌ أيّام‌ حكم‌ الملك‌ الصالح‌ العادل‌ تيودوسيوس‌. [1]

 وما يمكن‌ أن‌ نشكله‌ علی‌ صاحب‌ هذا الكتاب‌ هو أنـّنا لا نملك‌ دليلاً كافياً علی‌ نوم‌ أصحاب‌ الكهف‌ في‌ زمن‌ (طراجان‌) واستيقاظهم‌ في‌ زمن‌ (تَيودوسيوس‌). فهذا الرأي‌ الذي‌ أبداه‌ لا يعدو كونه‌ فرضيّة‌ لاشاهداً تأريخيّاً. وعلی‌ هذا الاساس‌ فإنّ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ قد امتنع‌ عن‌ تعيين‌ زمنهم‌ ولم‌ يتابع‌ بحثه‌ مع‌ ما عرضه‌ من‌ البحث‌ والنقد والتحليل‌.

 كما أنـّنا نعلم‌ من‌ جهة‌ أُخري‌ أنّ هذه‌ القصّة‌ لو وقعت‌ قبل‌ السيّد المسيح‌ لكانت‌ مدعاة‌ لفخر اليهود ومباهاتهم‌، ولكانوا قد نمّقوها وزيّنوها وذكروها، بينما نجد أنّ الكتب‌ اليهوديّة‌ تخلو من‌ ذلك‌. فمعظم‌ المعتقدين‌ بها ـعدا المسلمين‌ـ هم‌ من‌ المسيحيّين‌. وقد نقل‌ خواندمير هذه‌ القصّة‌ وذهب‌ إلي‌ أنـّها وقعت‌ زمن‌ الملك‌ بلاش‌ بن‌ فيروز الثامن‌ الملك‌ الاشكاني‌ّ. [2]

 ويقول‌ حمد الله‌ المستوفي‌ّ بعد أن‌ ينقل‌ أسماء ستّة‌ نفر منهم‌ وإذا ما أُضيف‌ إليهم‌ الراعي‌ يصيرون‌ سبعة‌؛ وكان‌ هؤلاء في‌ زمن‌ دقيانوس‌ الذي‌ عاش‌ قبل‌ النبي‌ّ عيسي‌، وكانوا ينتمون‌ إلي‌ دين‌ النبي‌ّ موسي‌؛ ولمّا لم‌يتابعوا الملك‌ الظالم‌، فقد لجأوا إلي‌ الكهف‌ وناموا ثلاثمائة‌ وتسع‌ سنين‌ ثمّ أحياهم‌ الله‌ بعد ظهور المسيح‌ علیه‌ السلام‌. [3]

 كما أنّ بلعمي‌ّ الطبري‌ّ يذكر قصّتهم‌ مفصّلة‌ وفقاً للآيات‌ القرآنيّة‌، ثمّ يذكر أنّ نومهم‌ في‌ الكهف‌ كان‌ زمن‌ دقيانوس‌. ويعتقد كذلك‌ أنـّهم‌ لجأوا إلي‌ الكهف‌ قبل‌ السيّد المسيح‌ بجرم‌ متابعتهم‌ شريعة‌ النبي‌ّ موسي‌ وعدم‌ طاعتهم‌ للآلهة‌.

 ثمّ ظهر عيسي‌ فقصّ قصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌ الذين‌ كانوا من‌ بني‌ إسرائيل‌، وقال‌ إنّهم‌ سيُبعثون‌ فيراهم‌ الناس‌ ثمّ يموتون‌ من‌ جديد، وإنّ هذه‌ آية‌ علی‌ المعاد والقيامة‌. ثمّ إنّ أحدهم‌ ـ واسمه‌ مكسلمينا ـ بُعث‌ حيّاً، وكان‌ كبيرهم‌ فناداهم‌ فبُعثوا جميعاً، وبُعث‌ كلبهم‌ فقام‌ علی‌ أقدامه‌. وحين‌ شاهد الناس‌ تلك‌ المسكوكة‌ التي‌ أرسلوا بها أحدهم‌ ليبتاع‌ لهم‌ بها طعاماً، فقد علموا أنـّه‌ من‌ أصحاب‌ الكهف‌ الذين‌ قرأوا قصّتهم‌ في‌ الإنجيل‌، فاجتمع‌ علماء الإنجيل‌ ليسمعوا منه‌ القصّة‌ ـ وكان‌ اسمه‌ يمليخا ـ وأخذوه‌ إلي‌ الملك‌، فقال‌ له‌ الملك‌: أيّها الفتي‌؟ أُبشّرك‌ بأنّ دقيانوس‌ قد مات‌ وانقضي‌ علی‌ عهده‌ ثلاثمائة‌ وتسع‌ سنين‌ حتّي‌ يومنا هذا، ولقد بعث‌ الله‌ نبيّاً اسمه‌ عيسي‌ جاء بكتاب‌ من‌ السماء اسمه‌ الإنجيل‌ ذُكرت‌ فيه‌ قصّتكم‌. إنّنا نعبد الله‌ ونحن‌ علی‌ دين‌ عيسي‌، وكنّا نترقّب‌ خروجكم‌ من‌ الكهف‌... ثمّ يذكر القصّة‌ إلي‌ آخرها. [4]

 والخلاصة‌ فلا إشكال‌ علی‌ ما نقله‌ المؤرّخون‌ من‌ حيث‌ انطباق‌ الزمن‌، إلاّ أنـّهم‌ ذكروا أنّ ذلك‌ الملك‌ الجائر كان‌ دقيانوس‌، ومن‌ البيّن‌ أنّ عهد حكمه‌ كان‌ بعد قرنين‌ ونصف‌ من‌ ولادة‌ عيسي‌ علیه‌ السلام‌.

 وجاء في‌ «لغت‌ نامه‌ دهخدا» ] معجم‌ دهخدا [ بشأن‌ الكهف‌: وأصحاب‌ الكهف‌ من‌ الروم‌ علی‌ دين‌ المسيح‌، وروي‌ ابن‌ قتيبة‌ أنـّهم‌ كانوا قبل‌ المسيح‌. [5]

 ويبدو أنّ ما أفاده‌ آية‌ الله‌ الشعراني‌ّ في‌ هذا المقام‌ أقرب‌ إلي‌ الواقع‌، فقد قال‌: وقد وقعت‌ هذه‌ القصّة‌ في‌ عصور موغلة‌ في‌ القدم‌، حيث‌ نقلها أرسطو الذي‌ عاش‌ قبل‌ ميلاد المسيح‌ بما ينيف‌ علی‌ ثلاثمائة‌ سنة‌. والله‌ أعلم‌ كم‌ سنة‌ كان‌ أصحاب‌ الكهف‌ قبل‌ أرسطو.

 وكان‌ الشيخ‌ الرئيس‌ أبو علی‌ ابن‌ سينا يعتقد أنّ أصحاب‌ الكهف‌ كانوا قوماً آخرين‌، وأن‌ القصّة‌ التي‌ نقلها أرسطو قصّة‌ أُخري‌ غير قصّتهم‌. يقول‌ في‌ طبيعيّات‌ «الشفاء» ص‌ 70 في‌ السطرين‌ ما قبل‌ السطرالاخير:

 وَقَدْ حَكَي‌ الْمُعَلِّمُ الاْوَّلُ أَيضاً أَنَّ قَوْماً مِنَ الْمُتأَلِّهِينَ عَرَضَ لَهُمْ شَبِيهٌ بِذَلِكَ؛ وَيَدُلُّ التَّارِيخُ علی‌ أَنـَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ.

 ولعلّ المسيحيّين‌ بعد بعثة‌ السيّد المسيح‌ علیه‌ السلام‌ نسبوا هذه‌ القصّة‌ التي‌ كانت‌ متداولة‌ علی‌ الالسن‌ في‌ اليونان‌ ونقلها أرسطو، إلي‌ المؤمنين‌ بالسيّد المسيح‌ علیه‌ السلام‌ تبعاً للارتكاز الذهني‌ّ.

 وأنّ أكثر مسيحيي‌ّ عصرنا لا يقيمون‌ اعتباراً لقصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌، كما أنّ القرآن‌ لم‌ يصرّح‌ بزمنهم‌، فلا يُستبعد أن‌ تكون‌ القصّة‌ قد وقعت‌ قبل‌ المسيح‌، أمّا التفاصيل‌ الاُخري‌ غير الموجودة‌ في‌ القرآن‌، فهي‌ اقتباس‌ من‌ المسيحيّين‌ المعتقدين‌ بأصحاب‌ الكهف‌، اللهمّ إلاّ إذا ثبت‌ عن‌ المعصوم‌ شي‌ء آخر. [6]

 الرجوع الي الفهرس

هل‌ مات‌ أصحاب‌ الكهف‌ أم‌ ناموا بعد استيقاظهم‌؟

 6 ـ هل‌ نام‌ أصحاب‌ الكهف‌ مرّة‌ ثانية‌ بعد استيقاظهم‌ أم‌ أنـّهم‌ ماتوا؟

 الروايات‌ الواردة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ وأهل‌ البيت‌ في‌ هذا الشأن‌ متفاوتة‌، فلبعضها دلالة‌ علی‌ أنـّهم‌ ناموا ثانية‌ فهم‌ أحياء إلي‌ اليوم‌، وبعضها الآخر يدلّ علی‌ أنـّهم‌ ماتوا بعد استيقاظهم‌ واطّلاع‌ ملك‌ ذلك‌ الزمان‌ علی‌ قصّتهم‌.

 وورد في‌ رواية‌ نقلناها عن‌ تفسير علی‌ّ بن‌ إبراهيم‌ أنـّهم‌ حين‌ علموا أنّ الله‌ تعالي‌ جعلهم‌ آية‌ إلهيّة‌ فإنّهم‌:

 بَكَوا وَسَأَلُوا اللَهَ أَنْ يُعِيدَهُمْ إِلَي‌ مَضَاجِعِهِمْ نَائِمِينَ كَمَا كَانُوا. [7]

 وعدّ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ مدّ ظلّه‌ هذه‌ النكتة‌ أحد وجوه‌ الإشكال‌ علی‌ هذه‌ الرواية‌ فقال‌: ولا كهفَ معهوداً علی‌ وجهِ الارضِ وفيه‌ قومٌ نيامٌ علی‌ هذه‌ الصفة‌. [8]

 كما قال‌: ومن‌ ذلك‌ ما في‌ بعض‌ الروايات‌ أنـّهم‌ قُبضت‌ أرواحهم‌؛ وفي‌ بعضها أنّ الله‌ أرقدهم‌ ثانياً فهم‌ نيام‌ إلي‌ يوم‌ القيامة‌، ويقلّبهم‌ كلّ عام‌ مرّتين‌ ثمّ إنّه‌ يورد رواية‌ عن‌ «الدرّ المنثور» عن‌ ابن‌ عبّاس‌ يقول‌ فيها:

 غزونا مع‌ معاوية‌ غزوة‌ المضيق‌ نحو الروم‌، فمررنا بالكهف‌ الذي‌ فيه‌ أصحاب‌ الكهف‌ الذي‌ ذكر الله‌ في‌ القرآن‌، فقال‌ معاوية‌: لو كشف‌ لنا عن‌ هؤلاء فنظرنا إليهم‌. فقال‌ له‌ ابن‌ عبّاس‌: ليس‌ ذلك‌ لك‌، قد منع‌ الله‌ ذلك‌ عمّن‌ هو خير منك‌ فقال‌: لَوِ اطَّلَعْتَ علیهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا. [9] و[10]

 والرواية‌ مشهورة‌ أوردها المفسّرون‌ في‌ تفاسيرهم‌، والكهف‌ الذي‌ في‌ المضيق‌ وهو كهف‌ إفسوس‌ المعروف‌ اليوم‌، وليس‌ علی‌ هذا النعت‌.

 والآية‌ التي‌ تمسّك‌ بها ابن‌ عبّاس‌ إنّما تمثّل‌ حالهم‌ وهم‌ رقود قبل‌ البعث‌ لا بعده‌. وقد وردت‌ عن‌ ابن‌ عبّاس‌ في‌ «الدرّ المنثور» رواية‌ أُخري‌ عن‌ عبد الرزّاق‌ وابن‌ أبي‌ حاتم‌، عن‌ عكرمة‌ ورد في‌ آخرها بعد ذكر القصّة‌:

 فركب‌ الملك‌ وركب‌ معه‌ الناس‌ حتّي‌ انتهي‌ إلي‌ الكهف‌. فقال‌ الفتي‌: دعوني‌ أدخل‌ إلي‌ أصحابي‌. فلمّا أبصروه‌ وأبصرهم‌ ضُرب‌ علی‌ آذانهم‌، فلمّا استبطؤوه‌ دخل‌ الملك‌ ودخل‌ الناس‌ معه‌، فإذا أجساد لا يبلي‌ منها شي‌ء غير أنـّها لا أرواح‌ فيها. فقال‌ الملك‌: هذه‌ آية‌ بعثها الله‌ لكم‌.

 فغزا ابن‌ عبّاس‌ مع‌ حبيب‌ بن‌ مسلمة‌ فمرّوا بالكهف‌ فإذا فيه‌ عظام‌، فقال‌ رجل‌: هذه‌ عظام‌ أهل‌ الكهف‌. فقال‌ ابن‌ عبّاس‌: ذهبت‌ عظامهم‌ أكثر من‌ ثلاثمائة‌ سنة‌ ـ الحديث‌. [11]

 الرجوع الي الفهرس

علّة‌ دخول‌ أصحاب‌ الكهف‌ فيه‌

 7 ـ ما علّة‌ خروج‌ أصحاب‌ الكهف‌ من‌ المدينة‌ ودخولهم‌ فيه‌؟

 إنّ الله‌ تعالي‌ يذكر قصّتهم‌ في‌ القرآن‌ الكريم‌ علی‌ هذا النحو:

 إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ ءَامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَـ'هُمْ هُدًي‌ * وَرَبَطْنَا علی‌' قُلُوبِهِمْ. [12]

 فيذكر لهم‌ ثلاث‌ صفات‌:

 الاُولي‌: أنـّهم‌ كانوا فتية‌.

 الثانية‌: زيادة‌ الهداية‌ إلي‌ الكمال‌، فنفس‌ الإيمان‌ والتقوي‌ موجب‌ لزيادة‌ الإيمان‌.

 والثالثة‌: انشداد القلب‌ إلي‌ خالقه‌ وارتباطه‌ به‌، بحيث‌ يتحرّر من‌ الحيرة‌ والشكّ والقلق‌ والاضطراب‌، فيلازم‌ الحقّ علی‌ الدوام‌ ويحترز من‌ تجاوز الحدّ وتخطّيه‌.

 إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبـُّنَا رَبُّ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ لَن‌ نَّدْعُوَا مِن‌ دُونِهِ ءِالَـ'هًا لَقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا * هَـ'´ؤُلآءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن‌ دُونِهِ ءَالِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ علیهِم‌ بِسُلْطَـ'نٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَي‌' علی‌ اللَهِ كَذِبًا. [13]

 فقد أظهروا حقيقة‌ إيمانهم‌ وصفاتهم‌ بهذه‌ النهضة‌ والإعلان‌ بأنّ ربـّهم‌ ربّ السماوات‌ والارض‌، وبأنـّهم‌ لا يعبدون‌ معبوداً غير الله‌، إذ سيكونون‌ حينئذٍ قد قالوا شططاً وجزافاً من‌ القول‌. ثمّ يحكمون‌ بحجّتهم‌ علی‌ حجّة‌ قومهم‌ ويعترضون‌ علیهم‌ اتّخاذهم‌ عبادة‌ الآلهة‌ واتّباعهم‌ إيّاها بلادليل‌ وبرهان‌ جلي‌ّ، بل‌ بتقليد أعمي‌. ثمّ يدعونهم‌ بالظلم‌ والجور في‌ قولهم‌:

 فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَي‌' علی‌ اللَهِ كَذِبًا.

 وهي‌ مقولة‌ مشحونة‌ بالحكمة‌، قاموا من‌ خلالها بإبطال‌ ربوبيّة‌ أرباب‌ الاصنام‌ من‌ الملائكة‌ والجنّ والمصلحين‌ من‌ أفراد البشر الذين‌ تُثبت‌ فلسفة‌ الوثنيّة‌ أُلوهيّتهم‌. وهي‌ فلسفة‌ تُثبت‌ أُلوهيّة‌ الارباب‌، لا نفس‌ الاصنام‌ والتماثيل‌ التي‌ هي‌ صور وأمثله‌ لاُولئك‌ الارباب‌، وتمثّل‌ تلك‌ الحقيقة‌ في‌ هذه‌ الصورة‌ والهيئة‌.

 ولقد بدأ هؤلاء الفتية‌ كلامهم‌ هنا بالتوحيد ونداء رَبُّنَا رَبُّ السَّمَـ'وَ ' تِ وَالاْرْضِ، فَأسندوا ربوبيّة‌ الموجودات‌ جميعها إلي‌ ذات‌ الحقّ، الحقّ الذي‌ لاشريك‌ له‌ تعالي‌؛ وأبطلوا الوثنيّة‌ القائلة‌ بإله‌ وربّ لكلّ نوع‌ من‌ المخلوقات‌، مثل‌ ربّ السماء، وربّ الارض‌، وربّ الإنسان‌.

 ثمّ أكّدوا مطلبهم‌ بقولهم‌: لَن‌ نَّدْعُوَا مِن‌ دُونِهِ إِلَـ'هًا، فنفوا بهذه‌ الحقيقة‌ الآلهة‌ التي‌ جعلتها الوثنيّة‌ فوق‌ أرباب‌ الانواع‌ كالعقول‌ الكلّيّة‌، ويعبدها الصابئة‌ والبراهمة‌ وطائفتا السيوا والوشنو.

 ثمّ أكّدوا المطلب‌ الآتي‌ بقولهم‌: لَقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا.

 فأعلنوا أنّ هذا الكلام‌ مقرون‌ بالظلم‌ والتجاوز والغلوّ في‌ حقّ المخلوق‌ الذي‌ يرقي‌ به‌ إلي‌ درجة‌ الخالق‌. ثمّ هاجموا قومهم‌ وأبطلوا فلسفتهم‌ بقولهم‌: اتَّخَذُوا مِن‌ دُونِهِ ءَالِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ علیهِمْ بِسُلْطَـ'نٍ وجملة‌ القول‌ إنّهم‌ وقفوا في‌ وجه‌ الوثنيّين‌ الذين‌ كانت‌ لهم‌ فلسفتهم‌، وأعلوا التوحيد جهاراً، فعُرِّضوا للضرب‌ والقتل‌ والاغتيال‌، وأُجبروا علی‌ الفرار من‌ بلدهم‌ واللجوء إلي‌ الكهف‌ الذي‌ كان‌ مقرّ رحمة‌ الله‌.

 ولقد أكرم‌ الله‌ تعالي‌ قدوم‌ ضيوفه‌، فضرب‌ علی‌ آذانهم‌ ـكما يُفعل‌ بالاطفال‌ من‌ أجل‌ هدهدتهم‌ وتنويمهم‌ـ بنغمات‌ الشوق‌ وجذبات‌ الرحمة‌ الإلهيّة‌، فناموا في‌ ذلك‌ المكان‌ المرتفع‌ الممتع‌، يقلّبهم‌ ذات‌ اليمين‌ وذات‌ الشمال‌ ـكالاُمّ العطوف‌ التي‌ تودّع‌ طفلها المهد، فتبقي‌ ساهرة‌ عنده‌ تهزّ مهده‌ـ وذلك‌ لئلاّ تبلي‌ أبدانهم‌، وكانوا ينشقون‌ النسيم‌ الوارد في‌الغار بمأمن‌ من‌ الشمس‌ وسطوع‌ أشعّتها.

 الرجوع الي الفهرس

الحكمة‌ في‌ قصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌، عرض‌ مشهد من‌ البعث‌ والمعاد

 8 ـ ما الحكمة‌ في‌ نوم‌ أصحاب‌ الكهف‌ واستيقاظهم‌؟

 لقد وردت‌ في‌ هذا الشأن‌ آيات‌ عديدة‌، إلاّ أنـّها لم‌ تعدّ قصّتهم‌ من‌ الاُمور العجيبة‌. وارتباط‌ هذه‌ الآيات‌ بالآيات‌ السابقة‌ لها الدالّة‌ علی‌ أنّ الله‌ قد جعل‌ ما علی‌ الارض‌ زينة‌ لها يأنس‌ بها الإنسان‌ ويميل‌ إليها ويصرف‌ همّته‌ كلّها في‌التوجّه‌ إليها، غافلاً عن‌ غيرها تماماً؛ ثمّ إنّ الله‌ يبدّل‌ الارض‌ بعد أيّام‌ قلائل‌ ساحةً خاليةً جرداء لا يدع‌ فيها أثراً للزينة‌ والموجودات‌، وذلك‌ ليشعرنا أنّ الحياة‌ الدنيا ليست‌ إلاّ سراباً ولا تستحقّ أن‌ يميل‌ الناس‌ إليها وينعطفوا باتّجاهها.

 كما وقع‌ لاصحاب‌ الكهف‌، إذ أمامهم‌ الله‌ ثلاثمائة‌ سنة‌ شمسيّة‌، فلمّا استيقظوا لم‌ يعدّوا نومهم‌ وبقاءهم‌ هذه‌ المدّة‌ الطويلة‌ إلاّ لبث‌ يوم‌ أو بعض‌ يوم‌.

 وهكذا الإنسان‌، فإنّه‌ يعيش‌ في‌ هذه‌ الدنيا فيميل‌ قلبه‌ إلي‌ زخارفها وزبرجها وزينتها وينصرف‌ عمّا سوي‌ الاُمور الدنيويّة‌ ويغفل‌ كلّيّاً، كما في‌ آية‌ أصحاب‌ الكهف‌.

 ثمّ إنّ الله‌ يحيي‌ الموتي‌ ويوقظهم‌ من‌ نومهم‌ الثقيل‌ ثمّ يسألهم‌:

 كَمْ لَبِثْتُمْ فِي‌ الاْرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. [14]

 كَأَنـَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُو´ا إِلاَّ سَاعَةً مِّن‌ نَّهَارٍ. [15]

 فليست‌ قصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌ بالامر الجديد، بل‌ إنّ ملايين‌ الآيات‌ من‌ نظائرها تتكرّر وتجري‌ علی‌ الإنسان‌ مادام‌ الليل‌ والنهار.

 إنّ الله‌ سبحانه‌ يريد في‌ هذه‌ الآيات‌ أن‌ يقول‌ لنبيّه‌: لعلّك‌ لم‌ تفطن‌ إلي‌ أنّ اشتغال‌ الناس‌ بالدنيا وعدم‌ إيمانهم‌ بالقرآن‌ لتعلّق‌ نفوسهم‌ بزينة‌ الارض‌ آية‌ إلهيّة‌ تشبه‌ آية‌ أصحاب‌ الكهف‌ الذين‌ ناموا ثمّ استيقظوا. والناس‌ كذلك‌ إذ يعيشون‌، ثمّ يموتون‌، ثمّ يُبعثون‌.

 ليست‌ قصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌ عجيبة‌، فما يجري‌ للناس‌ جميعهم‌، من‌ ابتلائهم‌ وفتنتهم‌ بزينة‌ الدنيا، وغفلتهم‌ عن‌ أمر المعاد، ثمّ بعثهم‌ يوم‌ القيامة‌ وهم‌ يحسبون‌ أنّ لبثهم‌ في‌ الدنيا لم‌ يكن‌ إلاّ قليلاً. هو بأجمعه‌ من‌ هذا القبيل‌.

 لقد أنام‌ الله‌ أصحاب‌ الكهف‌ هذه‌ المدّة‌ المديدة‌ ثمّ أيقظهم‌ ليُفهِم‌ مُنكري‌ المعاد الذين‌ هم‌ من‌ المتعبّدين‌ بالآلهة‌ وأرباب‌ الانواع‌ والاصنام‌، أنّ الموت‌ والإحياء كرقود أصحاب‌ الكهف‌ واستيقاظهم‌ تماماً.

 فكيف‌ ـ تري‌ ـ قبض‌ الله‌ تبارك‌ وتعالي‌ أرواح‌ أصحاب‌ الكهف‌ في‌ هذه‌ المدّة‌ الطويلة‌، وعطّل‌ إدراكاتهم‌، وحواسّهم‌، وسلب‌ منهم‌ الآثار البدنيّة‌، كالنموّ ونموّ الشعر والاظفار، وتغيّر الشمائل‌ والقسمات‌، وظهور آثار الكبر والشيخوخة‌؛ وحفظ‌ سلامة‌ ظواهر أبدانهم‌ من‌ التلف‌، وملابسهم‌ من‌ الرثاثة‌ والبلي‌، ثمّ أعادهم‌ في‌ الكهف‌ كيوم‌ دخلوه‌. وتلك‌ هي‌ قصّة‌ انتزاع‌ الارواح‌ من‌ الاجساد بالموت‌، ثمّ إرجاعها بتلك‌ الحال‌ التي‌ كانت‌ علیه‌ في‌ الدنيا.

 كلتا القصّتين‌ من‌ خوارق‌ العادات‌، ولا سبيل‌ إلي‌ رفضهما إلاّ باستبعاد وقوعهما فحسب‌.

 لقد وقعت‌ قصّة‌ أصحاب‌ الكهف‌ في‌ عهدٍ دار فيه‌ نزاع‌ شديد حول‌ المعاد وبعث‌ الموتي‌ بين‌ الموحّدين‌ المعتقدين‌ بمفارقة‌ الارواح‌ للاجساد بالموت‌ وعودتها إلي‌ الابدان‌ عند البعث‌، وبين‌ المشركين‌ الذين‌ كانوا يقرّون‌ بمفارقة‌ الارواح‌ للابدان‌ عند الموت‌، إلاّ أنـّهم‌ كانوا ينكرون‌ البعث‌ والمعاد وعودة‌ الروح‌ إلي‌ البدن‌.

 ولم‌ يُبقِ وقوع‌ هذه‌ القضيّة‌ وهذه‌ الحادثة‌ المشابهة‌ من‌ جميع‌ الجهات‌ لموت‌ الخلائق‌ قاطبة‌ وبعثها أي‌ّ ترديد وشكّ للمنكرين‌ أنـّها كانت‌ آية‌ إلهيّة‌ تحقّقت‌ لاءزالة‌ الشكّ والريب‌ في‌ البعث‌ من‌ قلوبهم‌، بدلالة‌ المماثِل‌ علی‌ المماثَل‌، ورفع‌ الاستبعاد بواسطة‌ التحقّق‌ والوقوع‌.

 وعلی‌ كلّ حال‌، فإنّ إحياء الموتي‌ وبعثهم‌ ليس‌ بالامر العجيب‌، بل‌ شأنه‌ كشأن‌ سائر الاُمور اليوميّة‌، إلاّ أنّ الإنسان‌ يستبعده‌ لانـّه‌ لم‌ يُشاهده‌. وإلاّ فما العجب‌ فيه‌؟ وما البُعد في‌ وقوعه‌؟

 وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَي‌' وَرَبِّي‌ لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَـ'لِمِ الْغَيْبِ.

 الكُفر بمعني‌ التغطية‌ والستر؛ و«الذين‌ كفروا» أي‌: الذين‌ ستروا وجه‌ الحقّ، ولا يخضعون‌ له‌ ويقولون‌: لن‌ تكون‌ لنا قيامة‌. لكنّهم‌ يخافون‌ من‌ أنفسهم‌، وينكرون‌ القيامة‌ لئلاّ يقعوا في‌ الفخّ. وما علیهم‌ إلاّ أن‌ يصلحوا أنفسهم‌ ولا ينكروا الحقّ والواقع‌.

 إنّ الكفّار يسلكون‌ طريق‌ القهقري‌، فينغمرون‌ في‌ الكفر والسيرة‌ السيّئة‌ الطالحة‌، وينكرون‌ القيامة‌، بدلاً من‌ التزكية‌ والعمل‌ الصالح‌ الذي‌ يقرّبهم‌ إلي‌ القيامة‌، مثلهم‌ كمثل‌ الحجل‌ الذي‌ يدفن‌ رأسه‌ تحت‌ الثلج‌ لينجو من‌ يد الصيّاد، ويخيّل‌ إليه‌ أنـّه‌ باستتاره‌ واختفائه‌ قد نجا منه‌، لكنّ المسكين‌ لا يعلم‌ أنـّه‌ قد سلّم‌ نفسه‌ للصيّاد.

 قُلْ بَلَي‌' ورَبِّي‌ لَتَأْتِيَنَّكُمْ. إنّ سـاعة‌ القيامة‌ سـتأتي‌، سـواءً أنكرتم‌ أم‌ لم‌تنكروا. قسماً بعالِم‌ الغيب‌ والمطّلع‌ علی‌ الاسرار والخفايا لتأتينّ.

 لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ وَلاَ فِي‌ الاْرْضِ وَلآ أَصْغَرُ مِن‌ ذَ ' لِكَ وَلآ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي‌ كِتَـ'بٍ مُّبِينٍ. [16]

 كلّ ما في‌ عالم‌ الوجود مدوّن‌ مسجّل‌. فيا أيّها الكافر، كيف‌ تحاول‌ إخفاء نفسك‌ وسيرتك‌ عن‌ ربّك‌؟ أفيمكنك‌ الاختفاء بالإنكار؟!

 يقول‌ لقمان‌ لابنه‌:

 يَـ'بُنَيَّ إِنَّهَآ إِن‌ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن‌ فِي‌ صَخْرَةٍ أَوْ فِي‌ السَّمَـ'وَ ' تِ أَوْ فِي‌ الاْرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَهُ إِنَّ اللَهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ. [17]

 كلّ ما هو موجود في‌ كتاب‌ مبين‌ وفي‌ عالم‌ الواقع‌. وعالم‌ الواقع‌ عين‌ العلم‌ الحضوري‌ّ للذات‌ القدسيّة‌ للحقّ تعالي‌. وعلیه‌ فإنّ الموجودات‌ جميعها في‌ عالم‌ الكون‌ والواقعيّة‌ حاضرة‌ عند الله‌ تعالي‌. فهو ليس‌ محيطاً بها إحاطة‌ علميّة‌ فحسب‌، بل‌ إحاطة‌ عينيّة‌ وواقعيّة‌ أيضاً.

 إنّ علم‌ الله‌ بالموجودات‌ علم‌ حضوري‌ّ لا حصولي‌ّ، ومعني‌ العلم‌ الحضوري‌ّ حضور نفس‌ المعلوم‌ والحقيقة‌ المعلومة‌ عند العالم‌. وهكذا فإنّ عين‌ إيمان‌ المؤمن‌ وعلمه‌ الصالح‌، وعين‌ كفر الكافر وعمله‌ الطالح‌ حاضران‌ عند الله‌ تعالي‌:

 لِيَجْزِيَ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّـ'لِحَـ'تِ أُولَـ'´نءِكَ لَهُم‌ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.

 وهذا الحضور والشهود عند الله‌ تعالي‌ للموجودات‌ بأسرها، حتّي‌ الذرّات‌ منها، هو من‌ أجل‌ أن‌ يجزي‌ الله‌ المؤمنين‌ ذوي‌ العمل‌ الصالح‌، وأي‌ّ جزاء!!

 مغفرة‌ من‌ الله‌ ورزق‌ كريم‌ لا أذي‌ فيه‌، رزق‌ ممتع‌ هاني‌ رفيع‌.

 وَالَّذِينَ سَعَوْ فِي‌´ ءَايَـ'تِنَا مُعَـ'جِزِينَ أُولَـ'´نءِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن‌ رِّجْزٍ أَلِيمٌ.

 أمّا الذين‌ يقفون‌ في‌ الجانب‌ الآخر مقابل‌ المؤمنين‌، فلايعترفون‌ بحقّانيّة‌ الله‌ تعالي‌، ويسعون‌ في‌ محو آياتنا والقضاء علیها، ويريدون‌ إخضاع‌ المؤمنين‌ وجرّهم‌ إلي‌ الذلّ والهوان‌. وهم‌ يسعون‌ حقّاً لاستباق‌ أمر الله‌، فجزاؤهم‌ عذاب‌ من‌ رجز أليم‌.

 بلي‌، إنّ الذين‌ يسعون‌ لاءطفاء نور المؤمن‌ وإضعافه‌ وتعجيزه‌ وإذلاله‌، هم‌ في‌ صدد معاجزة‌ الله‌ ونوره‌، لانّ المؤمن‌ مَظْهَر الله‌ ومُظْهِره‌، ومحلّ تجلّي‌ جمال‌ الله‌ وجلاله‌. فأُولئك‌ قد قاموا في‌ الحقيقة‌ بكشف‌ مكنونهم‌ وفضح‌ حقيقتهم‌ الدنسة‌ وباطنهم‌ الملوّث‌.

 مَه‌ فشاند نور و سگ‌ عوعو كند                  هر كسي‌ بر باطن‌ خود مي‌تند[18]

 إنّ الكلب‌ لا يمكنه‌ تحمّل‌ نور القمر عندما يفيض‌ بأشعّته‌ المنيرة‌ علی‌ العالم‌ في‌ الليالي‌ المقمرة‌ الوضّاءة‌، فيمتلي‌ غيظاً وحسداً ويبدأ بالعواء. كما أنّ النمر المشحون‌ استكباراً يرتقي‌ قمّة‌ الجبل‌ للاءمساك‌ بالقمر وافتراسه‌ وتمزيق‌ أوصاله‌، فيقفز من‌ قمّة‌ الجبل‌ في‌ الفضاء ليمسك‌ القمر بمخالبه‌، فيسقط‌ ويهوي‌ إلي‌ الوادي‌ السحيق‌ فتنسحق‌ عظامه‌.

 أي‌: أنـّهم‌ يشترون‌ بنفس‌ عملهم‌ هذا الفناءَ والبوار والهلاك‌ لانفسهم‌، ويحفرون‌ قبورهم‌ بأيدهم‌.

 سَعَوْا فِي‌´ ءَايَـ'تِنَا مُعَـ'جِزِينَ؛ فهم‌ لا يدركون‌ أنّ هذا السعي‌ والجهد في‌ سبيل‌ القضاء علی‌ القمر ونوره‌ هو عين‌ الوصول‌ إلي‌ العذاب‌ الاليم‌ والسقوط‌ في‌ أحضان‌ الرجس‌ والنكبات‌. عذاب‌ تنسحق‌ فيه‌ العظام‌ وتتحطّم‌ مئات‌ الاوصال‌، ومهما اشتدّ العذاب‌ وأحرق‌ الجلد واللحم‌، فإنّهم‌ سيذوقون‌ العذاب‌ أكثر بنموّ جلدٍ ولحمٍ جديد.

 والمثال‌ الواضح‌ أنّ حاصل‌ ضرب‌ اثنين‌ في‌ اثنين‌ يساوي‌ أربعة‌، لكنّه‌ يعاند فيقول‌ إنّه‌ يساوي‌ خمسة‌!!

 ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَـ'ذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَـ'ذَآ إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ* سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَآ أَدْرَب'كَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبْقِي‌ وَلاَ تَذَرُ. [19]

 هذا العذاب‌ هو نفس‌ إنكارهم‌ واستكبارهم‌ وقد تجلّي‌ في‌ هيئة‌ هذا العذاب‌ الاليم‌ والاذي‌ المرير. يقولون‌: إن‌ هذا النبي‌ّ إلاّ امرؤ مثلنا يأمرنا وينهانا ويقول‌ إن‌ عصيتموني‌ فإنّ هناك‌ قيامة‌ تنتظركم‌ وإنّكم‌ ستُجزون‌ بأعمالكم‌. وكيف‌ يعود الجسد البالي‌ المتلاشي‌ إلي‌ حالته‌ الاُولي‌؟! أو يعود البدن‌ الذي‌ تفرّقت‌ وتبدّدت‌ أوصاله‌ إلي‌ الحياة‌.

 إنّ أثر العمليّة‌ الجراحيّة‌ يبقي‌ في‌ البدن‌ فلا يبرحه‌، فكيف‌ لايبقي‌ أثر من‌ جمع‌ بدنٍ تفرّق‌ إرباً إرباً، ويحضر الإنسان‌ ببدن‌ تامّ كامل‌ يوم‌ القيامة‌؟

 الرجوع الي الفهرس

إنكار المعاد لا يتعدّي‌ الاستبعاد فحسب‌

 وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَل‌ نَدُلُّكُمْ علی‌' رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي‌ خَلْقٍ جَدِيدٍ. [20]

 وهذا كلام‌ سخيف‌ جدّاً ويبعث‌ علی‌ السخريّة‌، وهو قائم‌ علی‌ أساس‌ التخيّل‌ والكذب‌.

 أَفْتَرَي‌' علی‌ اللَهِ كَذِبًا أَم‌ بِهِ جِنَّةٌ. [21]

 ولقد كان‌ الكفّار والمشركون‌ يسعون‌ بهذه‌ الكلمات‌ أن‌ يتصدّوا لعمل‌ رسول‌ الله‌ ونشاطاته‌ ويعرقلوا مسيرته‌، وذلك‌ من‌ أجل‌ أن‌ يكونوا مطلقي‌ العنان‌ في‌ ساحة‌ نشاطاتهم‌ الشهويّة‌، وفي‌ الاعتداء علی‌ حقوق‌ الضعفاء والمساكين‌ والمستضعفين‌.

 بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَةِ فِي‌ الْعَذَابِ وَالضَّلَـ'لِ الْبَعِيدِ. [22]

 نعم‌، إنّ الذين‌ لا يؤمنون‌ بالآخرة‌ ويخالون‌ الدنيا عبثاً، ويعدّون‌ الإنسان‌ مهملاً متروكاً بلا حساب‌ في‌ هذا العالم‌ المدهش‌ الملي‌ء بالعجائب‌ والغرائب‌، هم‌ في‌ العذاب‌ والضلال‌ البعيد.

 أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَي‌ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم‌ مِّنَ السَّمَآءِ وَالاْرْضِ إِن‌ نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الاْرْضَ أَوْ نُسْقِطْ علیهِمْ كِسْفًا مِنَ السَّمَآءِ إِنَّ فِي‌ ذَ ' لِكَ لاَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ. [23]

 فما أشدّ ضلالهم‌ وغيّهم‌! وما أشدّ عمي‌ قلوبهم‌ وبواطنهم‌! وما أتفه‌ فكرهم‌ ودرايتهم‌! وما أقلّ تحمّلهم‌ وتأمّلهم‌ وصبرهم‌، وأسرع‌ تخطّيهم‌ للاُمور!

 أفلا يرون‌ أنّ كلّ آياتنا السماويّة‌ والارضيّة‌ هي‌ في‌ مرأي‌ منهم‌ ومسمع‌، ومتي‌ شئنا، قلبناها وهي‌ منقادة‌ طيّعة‌ لاءرادتنا ومشيئتنا؟

 أفلا يكفيهم‌ مشاهدة‌ كلّ هذه‌ الوقائع‌ التي‌ ظهرت‌ في‌ الدنيا، كالرياح‌ والاعاصير والزلازل‌ والخسف‌ وآلاف‌ الآيات‌ الإلهيّة‌ الاُخري‌، كالصواعق‌ والبروق‌ والتغيّرات‌ الجويّة‌ والبريّة‌ والبحريّة‌؟ أفيريدون‌ الفرار من‌ أيدينا؟ أو الفرار من‌ أيدي‌ رسولنا؟

 إنّنا لسنا أعداء لهم‌، وليس‌ رسولنا عدوّاً لهم‌، بل‌ إنّنا ورسولنا ندعوهم‌ إلي‌ الحقّ والواقعيّة‌ إذ إنّ هناك‌ ربّاً لبناء الوجود الشامخ‌ هذا، ولعالم‌ الخلق‌ هذا؛ وإنّ للاءنسان‌ بداية‌ ونهاية‌، وإنّ كلّ عمل‌ في‌ هذه‌ الدنيا له‌ ما يقابله‌ في‌ ذلك‌ العالم‌، وعلی‌ الإنسان‌ أن‌ لا يتغافل‌، إذ أنّه‌ سيجد نفسه‌ فجأة‌ أمام‌ جزاء أعماله‌ القبيحة‌، وأمام‌ جهنّم‌ التي‌ أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا.

 إنّ من‌ لا يمكنه‌ أن‌ ينكر نفسه‌ أو ينكر وجوده‌، فلا يمكنه‌ كذلك‌ أن‌ ينكر الله‌ تعالي‌، لانّ وجود الإنسان‌ ملازم‌ لوجود الله‌. (أنا موجود) تعني‌ (الله‌ موجود).

 كما أنّ من‌ لا يمكنه‌ إنكار فعله‌ أو إنكار سلوكه‌ وسيرته‌، فإنّه‌ لايمكنه‌ إنكار القيامة‌. فالسلوك‌ والسيرة‌ ملازمان‌ للجزاء، بل‌ هما عين‌ الجزاء. عملي‌ يعني‌ جزائي‌. فعلی‌ يعني‌ جزائي‌.

 الرجوع الي الفهرس

يوم‌ القيامة‌ يوم‌ الفصل‌ والحكم‌ بالحقّ

 قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعلیمُ. [24]

 إنّ هؤلاء المرضي‌ ينكرون‌ ـ من‌ أجل‌ أصالة‌ المادّة‌ ـ الحياة‌ الابديّة‌ والمعنويّة‌ وحقيقة‌ تجرّد الروح‌؛ وينكرون‌ المعاد كي‌ لا يتخلّفوا عن‌ قافلة‌ عبدة‌ الدنيا والمتأثّرين‌ بها، ويلجون‌ هذا البحر الخضمّ اللامتناهي‌ غير مبالين‌.

 إنّ هذا الإنسان‌ الذي‌ توصّل‌ إلي‌ مقام‌ خليفة‌ الله‌، وصار عنوانَ ومَظهر الله‌، قد أسقط‌ نفسه‌ وحطّها في‌ دركات‌ ذلّ المادّة‌، وانغمر في‌ الجاه‌ والآمال‌ الجوفاء التي‌ لا أساس‌ لها، بحيث‌ صار كمثل‌ الوحوش‌ التي‌ تجتمع‌ علی‌ الجيف‌، وصار ينفق‌ فكره‌ وذكره‌ ودرسه‌ وبحثه‌ وهمّه‌ ومراحل‌ عمره‌ في‌ تناول‌ الجيف‌. وأصبح‌ لا يفهم‌ شيئاً إلاّ البطن‌ والمادّة‌ والاقتصاد ولايتوكّأ علی‌ أساس‌، فلا أصالة‌ ولا وجدان‌ ولا روح‌ ولا قيامة‌. ويقول‌: لاشي‌ء إلاّ الدنيا وشؤونها، وينبغي‌ التوكؤ علیها. وما أكبرها من‌ تهمةٍ للّه‌، ولمقام‌ الإنسان‌، وللخلقة‌!

 جعلتم‌ هذا الإنسان‌ الشريف‌ الملكوتي‌ّ، الذي‌ هو مرآةٌ تامّة‌ الظهورِ للحقّ وصفات‌ جماله‌ وجلاله‌، ومظهر أسمائه‌ العلیا، الإنسان‌ الذي‌ جاء إلي‌ الدنيا لكسب‌ الفيض‌ والكمال‌؛ جعلتموه‌ حيواناً يقتات‌ علی‌ الجيف‌.

 وأنزلتموه‌ ـ بهذه‌ المدارس‌ المادّيّة‌ والانظمة‌ الاقتصاديّة‌ ـ عن‌ مقام‌ المعني‌ والروحانيّة‌، ووضعتموه‌ في‌ مصافّ البهائم‌ شبيهاً بالسباع‌ والوحوش‌. قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ.

 سنجتمع‌ أخيراً عند الله‌ فيفصل‌ بين‌ منطقنا ومنطقكم‌، ويحكم‌ بالحقّ، ذلك‌ اليوم‌ هو يوم‌ الجمع‌.

 يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَ ' لِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ.[25]

 رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. [26]

 لقد قدم‌ الناس‌ تدريجيّاً إلي‌ الدنيا، ثمّ يرحلون‌ عنها، فقد جاء بعضهم‌ قبل‌ ألف‌ سنة‌، وبعضهم‌ لم‌ يولد إلي‌ الآن‌، وسيولد بعد ألف‌ سنة‌. وجاء جماعة‌ قبل‌ آلاف‌ السنين‌ وستجي‌ء جماعة‌ في‌ المستقبل‌، لكنّ الله‌ سُبحانه‌ سيجمع‌ الجميع‌ في‌ عالم‌ واحد وفي‌ يوم‌ واحد. هناك‌ حيث‌ يوم‌ الجمع‌؛ وسيجمع‌ الله‌ الناس‌ كلّهم‌ ثمّ يحكم‌ بينهم‌ ويفصل‌ بينهم‌ علی‌ أساس‌ النوايا والعقائد والاعمال‌، فمن‌ كان‌ له‌ مظلمة‌ في‌ الدنيا أو معضلة‌ لم‌ تحلّ أو حقّ سُلِبَ منه‌ فلم‌ يتمكّن‌ من‌ استرداده‌، ولم‌ تكن‌ له‌ حجّة‌ أو منطق‌ يمكنه‌ به‌ استرداد حقّه‌ في‌ الدنيا؛ أو كانت‌ له‌ حقيقة‌ تجلّت‌ له‌ فأصرّ علی‌ إفهامها الناس‌ فلم‌ يدركوها أو يقتنعوا بها؛ فإنّ كلّ تلك‌ الاُمور سيُفصل‌ فيها هناك‌، وسيعود الحقّ إلي‌ أهله‌، وَكُلُّ شَي‌ءٍ يَرْجِعُ إلَي‌ أَصْلِهِ. وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعلیمُ.

 رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن‌ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ و وَمَا لِلظَّـ'لِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ*...* رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا علی‌' رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ إِنَّكَ لاَتُخْلِفُ الْمِيَعَادَ. [27]


 

الی المجلد السادس

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1] ـ «الميزان‌» ج‌ 13، هامش‌ ص‌ 309؛ وهامش‌ ص‌ 319.

[2] ـ «حبيب‌ السير» ج‌ 2 من‌ المجلّد الاوّل‌، ص‌ 26 إلي‌ 28؛ طبعة‌ طهران‌.

[3] ـ «تاريخ‌ گزيده‌» ص‌ 101، طبعة‌ لندن‌.

[4] ـ «لغت‌ نامه‌ دهخدا» ] معجم‌ لغوي‌ّ بالفارسيّة‌ [ مادّة‌ «أصحاب‌ كهف‌» ص‌ 2741 و 2742 نقلاً عن‌ ترجمة‌ طبري‌ّ بلعمي‌ّ، مخطوطة‌ في‌ مكتبة‌ «دهخدا».

[5] ـ مادّة‌ «كهف‌» ص‌ 423.

[6] ـ «نثر طوبي‌» مادّة‌ «رقم‌» ج‌ 1، ص‌ 415.

[7] ـ «الميزان‌» ج‌ 13، ص‌ 300.

[8] ـ «الميزان‌» ج‌ 13، ص‌ 300.

[9] ـ من‌ الآية‌ 18، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[10] ـ «الميزان‌» ج‌ 13، ص‌ 305 إلي‌ 307.

[11] ـ «الميزان‌» ج‌ 13، ص‌ 307.

[12] ـ النصف‌ الثاني‌ للا´ية‌ 13 ومطلع‌ الآية‌ 14، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[13] ـ القسم‌ الاعظم‌ من‌ الآية‌ 14 والآية‌ 15، من‌ السورة‌ 18: الكهف‌.

[14] ـ القسم‌ الاعظم‌ من‌ الآية‌ 112 والآية‌ 113، من‌ السورة‌ 23: المؤمنون‌.

[15] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 35، من‌ السورة‌ 46: الاحقاف‌.

[16] ـ الآية‌ 3، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[17] ـ الآية‌ 16، من‌ السورة‌ 31: لقمان‌.

[18] ـ يقول‌: القمر يسطع‌ بالنور، والكلب‌ يعوي‌؛ وكلٌّ ينسج‌ علی‌ منواله‌.

[19] ـ الآيات‌ 23 إلي‌ 28، من‌ السورة‌ 74: المدّثّر.

[20] ـ الآية‌ 7، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[21] ـ النصف‌ الاوّل‌ من‌ الآية‌ 8، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[22] ـ النصف‌ الثاني‌ من‌ الآية‌ 8، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[23] ـ الآية‌ 9: من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[24] ـ الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 34: سبأ.

[25] ـ صدر الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 64: التغابن‌.

[26] ـ الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

[27] ـ الآيتان‌ 192 و 194، من‌ السورة‌ 3: آل‌ عمران‌.

 الرجوع الي الفهرس

الی المجلد السادس

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com