|
|
الصفحة السابقةفي معني حساب الانبياء والائمّة علیهم السلامفي معني محاسبة الانبياء إنّ البحث الذي أوردناه مؤخّراً عن المقرّبين والمخلَصين، وقولنا بعدموجود حساب وسؤال وميزان وصحائف أعمال لهم، لايتنافي مع ما ذكرنا في هذا المجلس من أنّ الحساب والسؤال يشملان جميع العباد، حتّي الانبياء الكرام والنبيّ العظيم الشأن وأئمّة الهدي علیهم الصلاة والسلام، لانّ المخلَصين والمقرّبين (الذين هم في حال الفناء ) قد تخطّوا أمر الحضور في القيامة وأمر السؤال والجواب. أمّا الذين فازوا بعد فنائهم في الله بمقام البقاء في الله تعإلی، والذين يمسكون بأزمّة أُمور تربية الخلق وتكاملهم تكويناً وتشريعاً، كالانبياء والائمّة، فإنّهم يمتلكون مقام الجامعيّة، ويستوفون حظّ كلّ عالم علی أكمل وجه، ويحفظون شأن كلّ عالم علی أتمّ نحو، ويتأثّرون بآثار وخواصّ كلّ نشأة من النشآت. لذا فإنّهم سيتعرّضون للسؤال والحساب، إلاّ أنّ هناك بوناً شاسعاً بين حسابهم وحساب من سواهم. فحساب الذين لم يبلغوا مقام الفناء في الله هو التوبيخ والمؤاخذة والتقريع والتبكيت، أو اللوم والعتاب علی أقلّ تقدير. كما أ نّهم سيتعرّضون للحساب علی التكليف تبعاً لشائبة الاثنينيّة التي تشوبهم. أمّا حساب الاولياء، والانبياء والمقرّبين والمخلصين الذين بلغوا مقام البقاء بعد الفناء، فهو من باب المحادثة والمحاورة بين الحبيب والمحبوب، ومن باب كشف أسرار الحرم الداخليّة بين صاحب الحرم وبين القريب الحميم. وتتّضح هذه الحقيقة بجلاء من خلال التأمّل في الاخبار الواردة التي تتحدّث عن السؤال من رسول الله وأئمّة الهدي والانبياء العظام. والروايات الواردة بالمضامين المختلفة من قبيل: لِي مَعَ اللَهِ وَقْتٌ لاَيَسَعَنِي فِيهِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ [1] تكشف هذه الحقيقة. كما يُعبّر عنها بالسَّفَر الرابع عند العرفاء بالله وأهل إلیقين، وهو السفر من الخلق بالحقّ، ويُشار إلیها في الغزليّات بتعبير المُسامرات الليليّة. وَخَـاطَـبَنِـي مِنِّـي بِكَشْـفِ سَـرَائِـرِي فَقَـالَ: أَتَـدْرِي مَـنْ أَنَا قُـلْـتُ مُنْيَتِـي فَـصِـرْتُ فَـنَــاءً فِـي بَـقَـاءٍ مُـؤَبَّــدٍ لِـذَاتٍ بِـدَيْـمُــومَـةٍ سَـــرْمَـدِيَّـةِ فَأَغْـدُو وَأَمْـرِي بَـيْـنَ أَمْـرَيْـنِ وَاقِـفٌ عُلُـومِـيَ تَمْحُـونِـي وَوَهْـمِـيَ مُثْبِتِـي وَمَا شَـهِدَتْ عَيْنِـي سِـوَي عَيْـنَ ذَاتِهَا وَإنَّ سِــوَاهَـا لاَ يَـلُـمُّ بِـفِـكْـرَتِـي نَعَمْ نَشْـأَتِـي فِي الحُبِّ مِـنْ قَبْـلِ آدَمٍ وَسِـرِّيَ فِي الاَكْـوَانِ مِنْ قَبْلِ نَشْـأَتِي [2] وقد ذكر المرحوم صدر المتأ لّهين في «الاسفار» في كيفيّة علم الله بما سواه، وفي فصل آخر في علم الله السابق علی الاشياء في موضوع «بسيط الحقيقة كلّ الاشياء» مطالب قيّمة جدّاً حول هذه المطالب وفي كيفيّة توحيد الحضرة الاحديّة تبارك وتقدّس وفي كيفيّة عالم الخلقة، بحيث يتّضح من خلال تلك المطالب كيفيّة سؤال الله تبارك وتعإلی المحبّين والمقرّبين والانبياء العظام وكلامه معهم، إلاّ أنّ تلك المطالب خارجة عن عهدة هذا الكتاب. مشكل عشق نه در حوصلة دانش ماست حلّ اين نكته بدين فكر خطا نتوان كرد [3] إلاّ أنّ كلام رسول الله صلّي الله علیه وآله هو الذي يكشف هذه الحقيقة: نَحْنُ مَعَاشِرَ الاَنبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ علی قَدْرِ عُقُولِهِمْ. [4] الحبط والتكفير في بعض الاعمال السيّئة والحسنةموارد حبط الاعمال والتكفير وتبقي في بحث عموميّة السؤال والحساب مسألة لابدّ من التعرّض إلیها، وهي: هل يحصل حَبْط و تكفير في الاعمال أم لا؟ و الحبط يعني إبطال العمل السيّي آثار العمل الحسن؛ أمّا التكفير فيعني تغطية آثار العمل الحسن آثار العمل السيّي. ومرجع هذا البحث ـ عموماً ـ إلی التساؤل عن التأثير المتبادل بين الاعمال الحسنة والاعمال السيّئة التي يجترحها الإنسان في حياته إلیوميّة. فهل ـ يا تري ـ يمحو أقواهُما أضعفهما؟ وهل إذا تساوي العملان في القوّة، ضاع أثرَي الخير والشرّ بسبب تأثير العملينِ في بعضهما؟ أم أنّ كلاّ من أعمال الخير وأعمال الشرّ سيُحفظ في موضعه دون أن يمحو أحدهما تأثير الآخر، فتكون أعمال الخير وأعمال الشرّ التي فعلها الإنسان مشهودة له بأجمعها يوم القيامة، بحيث يحصل علی الثواب والعقاب في إزاء كلٍّ من تلك الاعمال؟ يقول البعض بأنّ أعمال الخير وأعمال الشرّ محفوظة في مواضعها دون أن يؤثّر أحدها في الآخر أدني تأثير، ولايمكن أن يكون لها فعل وانفعال مع بعضها. ويقف آخرون في الجهة المقابلة لهذه العقيدة، فيقولون بأنّ لجميع الاعمال تأثيراً علی بعضها البعض، وإنّ هناك تأثيراً وتأثّراً وحبطاً وتكفيراً بصورة مستمرّة. فإن بقيت آثار الاعمال الإيجابيّة في نهاية المطاف، كان الإنسان من أصحاب الجنّة؛ وإن تخلّفت آثار الاعمال السلبيّة في العاقبة صار من أصحاب الجحيم. إلاّ أنّ من الحقّ أن نقول بأنّ الحبط يحصل في بعض الموارد فقط، أمّا في باقي الموارد فليس هناك ثمّة حبط ولا تكفير. القاعدة الاساسيّة تقضي بانتفاء الحبط والتكفير ولتوضيح هذه الحقيقة نقول: أوّلاً: إنّ القاعدة الاساسيّة تقضي بعدم حصول الحبط والتكفير. فلقد بدرت من الإنسان أعمال صار لكلّ منها وجود وأثر في عالم التكوين وفي النفس الإنسانيّة. والقاعدة الاساسيّة تقضي ببقاء تلك الاعمال وثبوتها، وبأنّ أيّ عمل لايمكنه ـدونما دليلـ إحباط العمل الآخر أو تكفيره تحت آثاره الجميلة. وثانياً: إنّ الآيات القرآنيّة الكريمة والروايات الواردة عن المعصومين سلام الله علیهم أجمعين تشير إلی هذه الحقيقة؛ فالآيتان: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ و * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ. [5] والآية: وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَي' بِنَا حَـ'سِبِينَ. [6] والآية: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُو´ءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ و´ أَمَدًا بَعِيدًا.[7] والآيات الاُخري الواردة في هذا الشأن صريحة في انتفاء الحبط والتكفير. كما أنّ الروايات ـ بدورها ـ لها نفس المنحي. وقد تحدّثنا بالقدر الوافي في هذا المجال في بحث صحيفة الاعمال وميزان الاعمال وذكرنا هناك الروايات الصريحة فيه. بَيدَ أ نّه قد صُرِّح في بعض الموارد بإحباط أعمال خاصّة، وينبغي علینا بطبيعة الحال، أن نرفع إلید في تلك الموارد عن تلك القاعدة الكلّيّة بموجب قاعدة التخصيص. وقد جري بيان هذه الموارد في القرآن الكريم؛ فأوّلها: الشرك بالله المتعال. وثانيها: الكفر. وثالثها: الارتداد. ورابعها: التكذيب بآيات الله ولقائه. وخامسها: التجاسر علی مقام النبيّ الاكرم والائمّة الطاهرين وعلی مقام الولاية. وقد بحثنا في هذا الامر بحثاً مستفيضاً في المجلس الثالث والاربعين في الجزء السابع من كتاب «معرفة المعاد». ونكتفي بهذا المقدار هنا فلانتوسّع. هذا وقد عدّت بعض الروايات طائفةً من الاعمال القبيحة مدعاةً للحبط، ومن بينها عقوق الوالدين، والحسد، وعدم اتّباع حاكم الشرع الإسلاميّ وعدمطاعته، وظلم المستضعفين. إلاّ أنّ من المسلّم أنّ هذه الاعمال لاتستدعي الإحباط الكلّيّ للاعمال ولا توجب الكفر والارتداد. وسيكون الحبط ـفي حال تحقّقهـ حبطاً ضمنيّاً. وينبغي خلال التحقيق في هذه الموارد عدم نسيان درجات الحبط المختلفة تبعاً لدرجات قبح هذه الاعمال ولحاظ النسبيّة فيها جميعاً. كما ورد في كثير من الآيات في شأن التكفير، أنّ التوبة تسبّب غفران الذنوب وتكفيرها، لانّ الغفران والتكفير بمعني الستر والتغطية، أي ستر شيء ما بغطاء وساتر يخفيه. وبطبيعة الحال فإنّ التوبة بمثابة الستار الذي يخفي الذنوب ويغطّيها. الدرجات المختلفة لحبط الاعمال وتكفيرهاالدرجات المختلفة لتبديل الاعمال بإرادة الله المتعال وقد وردت في القرآن الكريم مطالب عامّة في تكفير الاعمال السيّئة أو محوها أو تبديلها حسنات، وفي مضاعفة أعمال الخير والحسنات. الاوّل: تكفير الذنب وتغطيته بستر يلقيه الله عزّ وجلّ علیه في عالم المعني والحقيقة. وقد نُصّ علی هذا الامر في عدّة موارد، منها في التوبة: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُو´ا إلی اللَهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَي' رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيَِّاتِكُمْ. [8] ومنها: اجتناب الكبائر، حيث يعفو الله تعإلی عندئذٍ عن الصغائر. أي أنّ نفس اجتناب الكبائر يوجب غفران الصغائر وتكفيرها: إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآنءِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَاتِكُمْ. [9] ومنها: الإيمان بالله تعإلی والعمل الصالح، حيث يوجب ذلك غفران الذنوب السابقة: وَمَن يُؤْمِن بِاللَهِ وَيَعْمَلْ صَـ'لِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّـَاتِهِ. [10] ومنها: التقوي. وَمَن يَتَّقِ اللَهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّـَاتِهِ. [11] وبصورة عامّة فإنّ كلّ عمل صالح يفعله الإنسان في سبيل الله تعإلی يجعله في معرض غفران الله عزّ وجلّ، فلو شاء تعإلی عفي عن ذنوبه. إِنَّ اللَهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَ ' لِكَ لِمَن يَشَآءُ. [12] الثاني: أنّ الاعمال الصالحة توجب محو السيّئات. أي أنّ الله تعإلی سيمحو السيّئة ويعدمها: إِنَّ الْحَسَنـ'تِ يُذْهِبنَ السَّيِّـَاتِ. [13] وتشير الآيات الواردة في موارد الحبط وما شابهها إلی محو الله تعإلی للثواب والحسنات الموجودة: وَقَدِمْنَآ إلی' مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَـ'هُ هَبَآءً مَّنثُورًا. [14] حيث إنّ الآية السابقة في معرض الحديث عن المستكبرين الذين لايرجون لقاء الله تعإلی. ذَ ' لِكَ بِأَ نَّهُمْ كَرِهُوا مَآ أَنزَلَ اللَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَـ'لَهُمْ. [15] ومن هذا القبيل التعبير بالإضلال: وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَـ'لَهُمْ. [16] الثالث: أنّ الحسنات توجب تبديل السيّئات بالحسنات، أي أ نّها تبدّل جميع الذنوب والاعمال الطالحة أعمالاً حسنة صالحة: إِلاَّ مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَـ'لِحًا فَأُولَـ'´نءِكَ يُبَدِّلُ اللَهُ سَيِّـَاتِهِمْ حَسَنَـ'تٍ وَكَانَ اللَهُ غَفُورًا رَّحِيمًا. [17] الرابع: أنّ الله تعإلی يُضاعف العمل الحسن القليل: أُولَـ'´نءِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا. [18] مَن جِآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ و عَشْرُ أَمْثَالُهَا. [19] الخامس: أنّ الله تعإلی يوجد العمل المعدوم الذي لا وجود له: وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمـ'نٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَـ'هُم مِّن عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِيءٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ. [20] ويلاحظ هنا أنّ الذرّيّة التي تتبع الآباء تُلحق بهم في الاجر والعمل، من دون أن يقسّم الله من عمل أُولئك الآباء علی ذرّيّتهم. فالابناء يتبعون آباءهم ويلحقون بهم، فيَشركونهم في جميع الاعمال الحسنة والخيرات التي كانت للآباء دون أن ينقص من أُولئكم شيء. وهذا هو معني اللحوق والإلحاق. وهذه الآية في غاية الغرابة، وباعثة علی إبهاجنا نحن المؤمنين المقصّرين في العمل. حيث يلحقنا الله تعإلی بلطفه ومنّه وعطفه ـمن خلال اتّباعنا للآباء الكرام والاجداد العظامـ بأُولئك الآباء والاجداد، ويشركنا في خيراتهم وبرّهم ومجاهداتهم وسائر حسناتهم خطوةً فخطوة، وشعرة فشعرة، دون أن ينقص من نصيبهم قدر ذرّة، و الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَب'نَا لِهَـ'ذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِي لَوْلاَ أَنْ هَدَب'نَا اللَهُ.[21] وسنتحدّث إن شاءالله تعإلیفي أمر اللحوق والإلحاق مفصّلاً في بحث الجنّة والنار الذي سنتعرّض له مستقبلاً.[22] تفسير آية: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِمعني النعيم، وتفسير آية: «لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ» الثالثة: الروايات الدالة علی أنّ الإنسان سيُسأل عن النعيم. وقد وردت هذه الروايات بأجمعها في تفسير الآية الكريمة في سورة التكاثر: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ. [23] قال المرحوم الشيخ الطبرسيّ في تفسير هذه الآية: قال مقاتل: يعني كفّار مكّة، كانوا في الدنيا في الخير والنعمة، فيُسألون يوم القيامة شكر ما كانوا فيه إذ لم يشكروا ربّ النعيم حيث عبدوا غيره وأشركوا به، ثمّ يعذَّبون علی ترك الشكر وهذا قول الحسن، قال: لا يُسأل عن النعيم إلاّ أهل النار. وقال الاكثرون: إنّ المعني: ثمّ لتسألنّ يا معاشر المكلّفين عن النعيم. قال قتادة: إنّ الله سائل كلّ ذي نعمةٍ عمّا أنعم علیه. وقيل: عن النعيم في المأكل والمشرب وغيرهما من الملاذّ، عن سعيدبن جبير؛ وقيل: النعيم: الصحّة والفراغ، عن عكرمة؛ ويؤيّد هذا القول رواية ابن عبّاس، عن رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم أ نّه قال: نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ. وقيل: هو الامن والصحّة، عن ابن مسعود ومجاهد. وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله علیهما السلام؛ وقيل: يُسأل عن كلّ نعيم إلاّ ما خصّه الحديث. وهو قوله صلّي الله علیه وآله: ثَلاَثَةٌ لاَ يُسْأَلُ عَنْهَا العَبْدُ: خِرْقَةٌ يُوَارِي بِهَا عَوْرَتَهُ، أَوْ كِسْرَةٌ يَسُدُّ بِهَا جَوعَتَهُ، أَوْ بَيْتٌ يَكُنُّهُ مِنَ الحَرِّ وَالبَرْدِ. وروي أن بعض الصحابة أضاف النبيّ صلّي الله علیه وآله مع جماعة من أصحابه، فوجدوا عنده تمراً وماءً بارداً، فأكلوا فلمّا خرجوا قال: هذا من النعيم الذي تُسألون عنه. وروي العيّاشيّ بإسناده في حديث طويل قال: سأل أبوحنيفة أباعبدالله علیه السلام عن هذه الآية، فقال له: ما النعيم عندك يا نعمان؟ قال: القُوت من الطعام والماء البارد. فقال: لئن أوقفك الله بين يديه يوم القيامة حتّي يسألك عن كلّ أكلةٍ أكلتَها أو شربةٍ شربتَها ليطولنّ وقوفُك بين يديه. قال: فما النعيم جُعلت فداك؟ قال: نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا علی العباد، وبنا ائتلفوا بعدما كانوا مختلفين، وبنا أ لّف الله بين قلوبهم فجعلهم إخواناً بعد أن كانوا أعداءً، وبنا هداهم الله للإسلام، وهو النعمة التي لاتنقطع، والله سائلُهم عن حقّ النعيم الذي أنعم به علیهم وهو النبيّ صلّيالله علیه وآله وعترته علیهم السلام. [24] ومن المؤسف أنّ النصف الاخير من «تفسير العيّاشيّ» قد فقدت نسخته وتعذّر العثور علیها في أيٍّ من مكتبات الدنيا، ولولا ذلك لكنّا نقلنا هذه الرواية النفيسة من «تفسير العيّاشيّ» الذي يعدّ من أتقن كتب الشيعة، وصاحبه مقدّم علی الكلينيّ. وينبغي حقّاً أن يُعدّ فقدان هذا التفسير من خسارات المذهب الشيعيّ، أشبه بخسارة فقدان كتاب «مدينة العلم» للشيخ الصدوق. يروي الراونديّ في «النوادر» بإسناده عن الإمام موسي بن جعفر علیه السلام، عن آبائه علیهم السلام عن رسول الله صلّي الله علیه وآله قال: كُلُّ نَعِيمٍ مَسْؤولٌ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ إلاَّ مَا كَانَ فِي سَبِيلِ اللَهِ تَعَإلی. [25] ويروي البرقيّ في «المحاسن» عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن الحلبيّ، عن الإمام الصادق علیه السلام، قَالَ: ثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ لاَ يُحَاسَبُ العَبْدُ المُؤْمِنُ علیهِنَّ: طَعَامٌ يَأْكُلُهُ، وَثَوْبٌ يَلْبَسُهُ، وَزَوْجَةٌ صَالِحَةٌ تُعَاوِنُهُ وَيُحْصِنُ بِهَا فَرْجَهُ. [26] كما يروي في «المحاسن» عن أبيه، عن القاسمبن محمّد، عن الحارثبن حريزة، عن سدير الصيرفيّ، عن أبي خالد الكابليّ، قال: دَخَلْتُ علیأَبِي جَعْفَرٍ علیهِ السَّلاَمُ، فَدَعَا بِالغَدَاءِ فَأَكَلْتُ مَعَهُطَعَاماً مَا أَكَلْتُ طَعَاماً قَطُّ أَنْظَفَ مِنْهُ، وَلاَ أَطْيَبَ مِنْهُ. فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنَ الطَّعَامِ قَالَ: يَاأَبَا خَالِدٍ! كَيْفَ رَأَيْتَ طَعَامَنَا؟ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا رَأَيْتُ أَنْظَفَ مِنْهُ قَطُّ وَلَكِنِّي ذَكَرْتُ الآيَةَ الَّتِي فِي كِتَابِ اللَهِ: «لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ». فَقَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ علیهِ السَّلاَمُ: لاَ؛ إنَّمَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَنتُمْ علیهِ مِنَ الحَقِّ. [27] وفي «بشارة المصطفي» بإسناده عن أبي الطفيل، عن أبي بردة قال: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: لاَ تَزُولُ قَدَمُ عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّي يُسْأَلَ عَنْ حُبِّنَا أَهْلَ البَيْتِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَهِ! مَا عَلاَمَةُ حُبِّكُمْ؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ علی مَنْكِبِ علی بْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهِ السَّلاَمُ. [28] وروي الصدوق في «عيون أخبار الرضا» بأسانيده الثلاثة عن الإمام الرضا، عن آبائه علیهم السلام، قَالَ: قَالَ علیُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ علیهِ السَّلاَمُ فِي قَوْلِ اللَهِ تَعَإلی: «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ»، قَالَ: الرُّطَبُ وَالمَاءُ البَارِدُ. [29] وروي علیّ بن إبراهيم القمّيّ في تفسيره عن أحمدبن إدريس، عن أحمدبن محمّد، عن سلمة بن عطاء، عن جميل، عن أبي عبدالله الصادق علیه السلام، قال: قُلْتُ: قَوْلُ اللَهِ: «لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ»؟ قَالَ: تُسْأَلُ هَذِهِ الاُمَّةُ عَمَّا أَنْعَمَ اللَهُ علیهِمْ بِرَسُولِ اللَهِ صَلَّياللَهُ علیهِ وَآلِهِ ثُمَّ بِأَهْلِ بَيْتِهِ علیهِمْ السَّلاَمُ.[30] ويروي البرقيّ في «المحاسن» عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفصبن البختريّ، عن الإمام الصادق علیه السلام فِي قَوْلِهِ: «لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ»؛ قَالَ: إنَّ اللَهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ مُؤْمِناً عَنْ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ. [31] رواية الإمام الرضا علیه السلام في معني النعيمكما يروي المرحوم الصدوق في «عيون أخبار الرضا» بإسناده عن إبراهيمبن العبّاس الصوليّ قال: كنّا يوماً بين يدي علیّبن موسي علیهما السلام فقال لي: ليس في الدنيا نعيم حقيقيّ. فقال له بعض الفقهاء ممّن يحضره: فيقول الله عزّ وجلّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ، أمّا هذا النعيم في الدنيا وهو الماء البارد. فقال له الرضا علیه السلام وعلا صوته: كذا فسّرتموه أنتم وجعلتموه علی ضروب، فقالت طائفة: هو الماء البارد، وقال غيرهم: هو الطعام الطيّب، وقال آخرون: هو النوم الطيّب. قال الرضا علیه السلام: ولقد حدّثني أبي عن أبيه أبي عبدالله الصادق علیه السلام أنّ أقوالكم هذه ذُكرت عنده في قول الله تعإلی: ثُمَّ لَتُسْـَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ، فغضب علیه السلام وقال: إنّ الله عزّ وجلّ لايسأل عبادَه عمّا تفضّل علیهم به، ولا يمنّ بذلك علیهم، والامتنان بالإنعام مُستقبح من المخلوقين، فكيف يُضاف إلی الخالق عزّ وجلّ ما لايرضي المخلوق به؟! ولكنّ النعيم حبّنا أهل البيت وموالاتنا، يسأل اللهُ عبادَه عنه بعد التوحيد والنبوّة، لانّ العبد إذا وفي بذلك أدّاه إلی نعيم الجنّة الذي لا يزول. ولقد حدّثني بذلك أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين علیه السلام أ نّه قال: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ: يَا علیُّ! إنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ العَبْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَهِ صَلَّياللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَأَ نَّكَ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ بِمَا جَعَلَهُ اللَهُ وَجَعَلْتُهُ لَكَ؛ فَمَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَكَانَ يَعْتَقِدُهُ صَارَ إلی النَّعِيمِ الَّذِي لاَزَوَالَ لَهُ. فقال لي أبو ذكوان بعد أن حدّثني بهذا الحديث مبتدياً من غير سؤال: أحدّثك بهذا من جهات، منها لقصدك لي من البصرة، ومنها أنّ عمّك أفادنيه، ومنها أ نّي كنتُ مشغولاً باللغة والاشعار ولا أعول علی غيرهما، فرأيتُ النبيّ صلّي الله علیه وآله في النوم والناس يسلّمون علیه ويُجيبهم، فسلّمت فما ردّ علیَّ. فقلتُ: أمَا أنا من أُمّتك يارسولالله؟! قال لي: بلي، ولكن حدِّث الناسَ بحديث النعيم الذي سمعتَه من إبراهيم. قال الصَّوْليّ: وهذا حديث قد رواه الناس عن النبيّ صلّيالله علیه وآله إلاّ أ نّه ليس فيه ذكر النعيم والآية وتفسيرها، إنّما رووا أنّ: أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ الشَّهَادَةُ وَالنُّبُوَّةُ وَمُوَالاَةُ علیِّبْنِ أَبِي طَالِبٍ علیهِ السَّلاَمُ. [32] ويروي الفيض الكاشانيّ في «تفسير الصافي» عن «المجالس» للصدوق، عن الإمام الصادق علیه السلام، قال: مَنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَهِ علی طَعَامٍ لَمْ يُسْأَلْ عَنْ نَعِيمِ ذَلِكَ الطَّعَامِ. [33] كما يروي في «تفسـير الصافي» عن «الاحتجاج» للطبرسـيّ، عن أميرالمؤمنين علیه السلام، قال: إنَّ النَّعِيمَ الَّذِي يُسْأَلُ عَنْهُ، رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَمَنْ حَلَّ مَحَلَّهُ مِنْ أَصْفِيَاءِ اللَهِ؛ فَإنَّ اللَهَ أَنْعَمَ بِهِمْ علی مَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِمْ.[34] ويروي الكاشانيّ في «تفسير الصافي» عن الإمام الصادق علیه السلام أ نّه قال لابي حنيفة: بَلَغَنِي أَ نَّكَ تُفَسِّرُ النَّعِيمَ فِي هَذِهِ الآيَةِ بِالطَّعَامِ الطَّيِّبِ وَالمَاءِ البَارِدِ فِي إلیوْمِ الصَّائِفِ! قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: لَوْ دَعَاكَ رَجُلٌ وَأَطْعَمَكَ طَعَاماً طَيِّباً وَسَقَاكَ مَاءً بَارِداً ثُمَّ امْتَنَّ علیكَ بِهِ، إلی مَا كُنْتَ تَنْسِبُهُ؟ قَالَ: إلی البُخْلِ! قَالَ: أَفبَخِلَ اللَهُ تَعَإلی؟! قَالَ: فَمَا هُوَ؟! قَالَ: حُبُّنَا أَهْلَ البَيْتِ. [35] وعلی أيّة حال، فالروايات التي أوردناها في هذا المجال تعدّ كافية بحمدالله ومنّه في تفسير النعيم بمعانيه المختلفة، ومُغنية عن إيراد باقي الروايات المماثلة لها في الموضوع والسياق. وعلی الراغبين في الاطّلاع علی تفصيل أقوال الشيعة والعامّة في هذا المجال فليراجعوا «تفسير أبي الفتوح الرازي» رحمةالله علیه؛ وعلی الراغبين بالاطّلاع علی باقي الروايات أن يراجعوا «تفسير البرهان» و «بحار الانوار». [36] وينبغي الآن أن نري المعني الحقيقيّ للنعيم، والكيفيّة التي ينبغي علینا أن نجمع خلالها بين هذه الروايات المختلفة. لقد ذكر سماحة أُستاذنا العلاّمة الطباطبائيّ في «رسالة المعاد» في هذا المجال بحثاً مختصراً ومفيداً ضمن عدّة أسطر، إذ إنّه سلك في تلك الرسالة سبيل الإيجاز والاختصار. [37] بَيدَ أنّ الحقير لمّا وجد تفصيل كلماته في «تفسير بيان السعادة»، فقد ارتأيت أن أنقل بحول الله وقوّته تلك المطالب إلی طلاّب الحقّ والحقيقة، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلیّ العظيم: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَِئذٍ عَنِ النَّعِيمِ. قد ذكر في أخبار كثيرة من جملة النعيم المسؤول عنه ملائمات القوي الحيوانيّة والملاذ الدنيويّة، كالطعام واللباس والرُّطب والماء البارد؛ وفي أخبار أُخر إنكار أن يكون النعيم المسؤول ذلك، وأنّ السؤال والامتنان بالنعمة من وصف الجاهل اللئيم، وأنّ الله قد نهي عن ذلك، وأ نّه سبحانه وتعإلی الله لا يوصَف بما لايرضاه لعباده، وأنّ النعيم المسؤول عنه محمّد صلّي الله علیه وآله وعلیّ علیه السلام، أو حبّنا أهل البيت، أو ولايتنا أهل البيت. بحث عامّ في حقيقة معني النعيموالتحقيق في هذا المقام والتوفيق بين الاخبار أنّ النعمة كما مرّ مراراً ليست إلاّ الولاية وكلّ ما اتّصل بالولاية، سواءً كان من ملائمات الحيوانيّة، أم من مؤذيات القوي الحيوانيّة. وبعبارةٍ أُخري، سواءً عُدّ من النعم الدنيويّة أم من النقم الدنيويّة كان نعمة؛ وكلّ ما انقطع عن الولاية كان نقمة وإن كان بصورة النعمة. وكلّ من اتّصل بالولاية كان ضعيفاً للّه، وكان جميع نعمه الصوريّة والمعنويّة مباحةً له، وكان مأموراً بالتصرّف فيها بمنطوق قوله تعإلی: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَـ'تِ مَا رَزَقْنَـ'كُمْ؛ [38] ولا يسأل اللهُ عن شيء منها، ولو سأل كان سؤاله مثل السؤال من الضيف وأ نّه كيف أكل ولِمَ أكل وعلی أيّ مقدارٍ أكل، ولِمَ لَمْيعمل لي علی قدر ما أكل، وكان قبيحاً علی البشر فكيف بخالق البشر؟! ومن انقطع عن الولاية كان جميع نعمه الصوريّة مغصوبة في يده، وللحاكم والمالك أن يسأل الغاصب عن تصرّفاته في العين المغصوبة، ولاقُبح في ذلك السؤال. ولمّا كان الخطاب للمحجوبين المنقطعين عن الولاية، فالمراد بالنعيم الولاية، ثمّ جميع الملائمات الحيوانيّة والإنسانيّة، وكان السؤال عن أداء شكرها وصرفها في مصرفها أو غير مصرفها. أو المعني إذا رفع حجاب الخيال والوهم من بصائركم ووصلتم إلی دار العلم وشاهدتم الجحيم وآلامها والجنّات ولذّاتها، وعاينتم أنّ النعيم الصوريّ صار سبباً لدخول الجحيم، وأيقنتم أنّ النعيم الصوريّ كان نقمة في الحقيقة، وأنّ النعيم كان الولاية ولوازمها التي هي الجنّة ونعيمها، تُسألون أكان ما كنتم فيه من الملاذ الحيوانيّة نعيماً أم ما علیه المؤمنون، توبيخاً لكم. أو المعني: أ نّكم إذا وصلتم إلی مقام المعاينة تُسألون عن مقام حقّ إلیقين ما هو؛ لا نّكم بالمعاينة تجدون ذوق الحقيقة وجاز لكم السؤال والجواب عنها. وما روي عن الرسول صلّي الله علیه وآله يؤيّد ما وَفَّقْنا به بين الاخبار، فإنّه قال: كُلُّ نَعِيمٍ مَسْـُولٌ عَنْهُ صَاحِبُهُ إلاَّ مَا كَانَ فِي غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ. فإنّ السالك القابل للولاية في غزوٍ وحجّ، شَعَرَ بِه أم لا. وكذلك ما روي عن الصادق علیه السلام أ نّه قال: مَنْ ذَكَرَ بِسْمِ اللَهِ علی الطَّعَامِ لَمْ يُسْأَلْ عَنْ نَعِيمِ ذَلِكَ؛ فإنّ الذاكر لاسم الله ليس إلاّ من قبيل الولاية بالبيعة الخاصّة الولويّة، فإن غيّره بمضمون: مَنْ لَمْيَكُنْ لَهُ شَيْخٌ تَمَكَّنَ الشَّيْطَانُ مِنْ عُنُقِهِ، قد تمكنّ الشيطان منه، وتكون كلّ أفعاله وأقواله وأحواله بتصرّف الشيطان، فإذا قال بِسْمِ اللَهِ يتصرّف الشيطان فيه ويخلو اللفظ من معناه ويجعل نفسه في لفظ اللَهِ، فيصير بِسْمِ اللَهِ في الحقيقة بِسْمِ الشَّيْطَانِ[39] انتهي كلام «تفسير بيان السعادة» في معني النعيم. ويستفاد ممّا ذكر أنّ الإنسان لن يؤاخذ علی كلّ نعمة يصرفها في سبيل الله تعإلی، وأنّ فعله سيكون مندوباً ومطلوباً. أمّا ما يصرفه في غير سبيله عزّ وجلّ، سواءً كان المصروف عمراً أم قدرة أم علماً أم نعمة من النعم الدنيويّة والملاذّ الشهويّة، كالولد والزوجة والعشيرة والاطعمة والاشربة والتفرّج علی المناظر الخلاّبة لجبال العالم وسهوله وغير ذلك، فإنّه سيؤاخذ علیها، لانّ تلك الاعمال ليست مندوبةً من قبل خالق عالم الوجود ومالك منزل التكامل. ذلك لانّ خلقة الإنسان هي لاجل الولاية، والولاية تعني الحجاب الاقرب والاندكاك في عالم الفناء في الذات القدسيّة للحضرة الاحديّة، وبلوغ مقام العبوديّة المحضة. وتبعاً لهذه الحقيقة فإنّ النعيم هو الولاية: وكلّما يفعله الإنسان كمقدّمة في سبيل بلوغ هذا المقصد الاعظم ينصبّ بأعظمه في طريق الولاية ويعدّ كلّه نعيماً. كما أنّ ما يفعله في اتّجاهٍ معاكس للولاية، كسبيل الشيطان وطريق البُعد ومتابعة النفس الامّارة، يُعدّ بأجمعه نقمةً. فحقيقة النعمة ـ إذَاً ـ تتمثّل في بلوغ درجة شرف الإنسانيّة وبلوغ المقام الاصليّ والوطن المألوف الإلهيّ. وهذه هي الولاية، لانّ حبّ محمّد وآل محمّد هو السلّم الوحيد للارتقاء إلی هذه الذروة السامقة والمقصد الاسني. وتبعاً لهذا الاساس فإنّ من يعتقد بهذا المقام ويجتهد في البحث عنه سيكون في جنّة النعيم؛ أمّا من يتمرّد فسينتمي إلی دار البوار وجهنّم النقمة ومحلّ الشياطين؛ وتبعاً لقوله تعإلی: أَلَمْ تَرَ إلی الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ* جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارِ، [40] فإنّ صرف القوي الإنسانيّة والإحساسات والعواطف والافكار يمثّل الصراط المستقيم ويمثّل النعمة. اهْدِنَا الصِّرَ ' طَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَ ' طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ علیهِمْ. [41] وهذا الصراط هو صراط الانبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين. أُولَـ'´نءِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَهُ علیهِم مِّن النَّبِيِّــنَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَآءِ وَالصَّـ'لِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـ'´نءِكَ رَفِيقًا. [42] والآن وقد انتهي بحثنا في أمر السؤال عن النعيم، نصل إلی الجزء الرابع والاخير من البحث، والذي يدور حول موضوع السؤال والحساب. الحساب والسؤال من الحيواناتالرابع: هل تتعرّض الحيوانات ـشأنها شأن الإنسان للحساب والسؤال؟ ذكرنا ـ في المجلس الاربعين من الجزء السادس لهذه السلسلة من بحوث «معرفة المعاد» ـ أنّ الحيوانات تُحشر كما يُحشر الإنسان، حيث تدّل الآية المباركة 38، من السورة 6: الانعام علی هذا المطلب: وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الاْرْضِ وَلاَ طَـ'´نءِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلآ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَـ'بِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إلی' رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ. وقال الشيخ الطبرسيّ في تفسير هذه الآية: ثُمَّ إلی رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ: معناه يحشرون إلی الله بعد موتهم يوم القيامة كما يُحشر العباد، فيعوّض الله تعإلی ما يستحقّ العوض منها، وينتصف لبعضها من بعض. وفيما رووه عن أبي هريرة أ نّه قال: يحشر اللهُ الخلق يوم القيامة البهائم والدوابّ والطير وكلّ شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذٍ أن يأخذ للجمّاء من القرناء، ثمّ يقول كوني تراباً، فلذلك يقول الكافر: يإلیتني كنت تراباً. وعن أبي ذرّ قال: بينا أنا عند رسول الله صلّي الله علیه وآله إذ انتطح عنزان، فقال النبيّ صلّي الله علیه وآله: أتدرون فيما انتطحا؟ فقالوا: لاندري! قال: لكنّ الله يدري وسيقضي بينهما. وعلی هذا فإنّما جعلت أمثالنا في الحشر والاقتصاص، واختاره الزجّاج، فقال: يعني أمثالكم في أ نّهم يبعثون؛ ويؤيّده قوله: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ. [43] واستدلّت جماعة من أهل التناسخ بهذه الآية علی أنّ البهائم والطيور مكلّفة لقوله: أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ؛ وهذا باطل، لا نّا قد بيّنّا أ نّها من أيّ وجهٍ تكون أمثالنا، ولو وجب حمل ذلك علی العموم لوجب أن تكون أمثالنا في كونها علی مثل صورنا وهيآتنا وخلقتنا وأخلاقنا، وكيف يصحّ تكليف البهائم وهي غيرعاقلة، والتكليف لا يصحّ إلاّ مع كمال العقل! [44] يروي البرقيّ في «المحاسن» عن أبيه مرفوعاً، عن أميرالمؤمنين علیه السلام أنّ أميرالمؤمنين علیه السلام صعد المنبر بالكوفة فحمدالله وأثني علیه، ثمّ قال: أيّها الناس! إنّ الذنـوب ثلاثة؛ ثمّ أمسـك. فقال له حَبَّةُ العُرَنِيُّ: ياأميرالمؤمنين! قلتَ الذنوب ثلاثة ثمّ أمسكتَ! فقال له: ما ذكرتُها إلاّ وأنا أريد أن أفسرّها، ولكنّه عرض لي بهرٌ حال بيني وبين الكلام. نعم؛ الذنوب ثلاثة، فذنب مغفور، وذنب غيرمغفور، وذنب نرجو لصاحبه ونخاف علیه. قيل: يا أمير المؤمنين، فبيّنها لنا! قال: نعم؛ أمّا الذنب المغفور فعبدٌ عاقبه الله علی ذنبه في الدنيا، فالله أحكم وأكرم أن يعاقب عبده مرّتين. وأمّا الذنب الذي لايُغفَر فظُلم العباد بعضهم لبعض. إنّ الله تبارك وتعإلی إذا برز لخلقه أقسم قسماً علی نفسه فقال: وَعِزَّتِي وَجَلإلی لاَ يَجُوزُنِي ظُلْمُ ظَالِمٍ وَلَوْ كَفٌّ بِكَفٍّ، وَلَوْ مَسْحَةٌ بِكَفٍّ، [45] وَنَطْحَةُ مَا بَيْنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ إلی الشَّاةِ الجَمَّاءِ. فَيَقْتَصُّ اللَهُ لِلْعِبَادِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّي لاَ يَبْقَي لاِحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ مَظْلِمَةٌ، ثُمَّ يَبْعَثُهُمُ اللَهُ إلی الحِسَابِ. وأمّا الذنب الثالث فذنبٌ ستره الله علی عبده ورزقه التوبة، فأصبح خاشعاً من ذنبه، راجياً لربّه، فنحنُ له كما هو لنفسه، نرجو له الرحمة ونخاف علیه العقاب. [46] وقال المجلسيّ رضوان الله علیه: قال الرازيّ في تفسير قوله تعإلی: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ: قال قتادة: يحشر كلّ شيء حتّي الذباب للقصاص. وقالت المعتزلة: إنّ الله تعإلی يحشر الحيوانات كلّها في ذلك إلیوم ليعوّضـها علی آلامها التي وصـلت إلیها فـي الدنيا بالمـوت والقتل وغيرذلك، فإذا عُوّضت عن تلك الآلام فإن شاء اللهُ أن يبقي بعضها في الجنّة إذا كان مستحسناً فعل، وإن شاء أن يفنيه أفناه علی ما جاء به الخبر. وأمّا أصحابنا ( الاشاعرة ) فعندهم أ نّه لا يجب علی الله شيء بحكم الاستحقاق، ولكنّ الله تعإلی يحشر الوحوش كلّها فيقتصّ للجمّاء من القرناء، ثمّ يُقال لها: موتي! فتموتـ انتهي كلام الفخر الرازيّ. ثمّ يقول المجلسيّ: الاخبار الدالّة علی حشرها عموماً وخصوصاً وكون بعضها ممّا يكون في الجنّة كثيرة سيأتي بعضها في باب الجنّة، وقد مرّ بعضها في باب الرُّكْبَان يَوْمَ القِيَامَةِ وغيره. كقولهم علیهم السلام في مانع الزكاة: تَنْهَشُهُ كُلُّ ذَاتِ نَابٍ بِنَابِهَا، وَيَطَأَهُ كُلُّ ذَاتِ ظِلْفٍ بِظِلْفِهَا. وروي الصدوق في «الفقيه» بإسناده عن السكونيّ، بإسناده أنّ النبيّ صلّيالله علیه وآله أبصر ناقةً معقولة وعلیها جهازها، فقال: أَيْنَ صَاحِبُهَا؟ مُرُوهُ فَلْيَسْتَعِدَّ غَداً لِلْخُصُومَةِ! وروي فيه أيضاً، عن الصادق علیه السلام، أ نّه قال: أيُّ بَعِيرٍ حُجَّ علیهِ ثَلاَثَ سِنِينَ يُجْعَلُ مِنْ نَعَمِ الجَنَّةِ. وروي سَبْعِ سِنِينَ. وقد روي عن النبيّ صلّي الله علیه وآله: اسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ، فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ علی الصِّرَاطِ. وروي: إنَّ خُيُولَ الغُزَاةِ فِي الدُّنْيَا خُيُولُهُمْ فِي الجَنَّةِ. [47] وينبغي العلم أنّ الحيوانات ليست مكلّفة باعتبار عدمامتلاكها عقلاً، إلاّ أ نّها ـبقدر شعورها وسعة ماهيّة وجودهاـ تشخِّص الخطأ من الصواب، والخيانة من الامانة، وهذا القدر كافٍ للسؤال والحساب. وقد شاهدنا في أيّام حياتنا تفاوت كثير من الحيوانات كالكلاب والخيول والقطط في هذه المعاني تفاوتاً ملحوظاً. قال ابن طاووس في كتاب «مهج الدعوات»: وجدتُ ما هذا لفظه: قال الفضلبن الربيع: اصطبح الرشيدُ يوماً ثمّ استدعي حاجبه فقال: امضِ إلی علیّبن موسي العلويّ وأخرجه من الحبس وألقه في بركة السباع! ثمّ ذكر أ نّه أخذه حتّي انتهي إلی البركة، ففتح بابها وأدخله فيها، وفيها أربعون سبعاً، ثمّ ذكر أنّ الخليفة رأي رؤيا هائلة، وأ نّه دعاه نصف الليل فأمره أن يذهب وينظر إلیه، فنظر إلیه فإذا هو قائم يصلّي والسباع حوله، ثمّ إنّ الرشيد نهض حتّي نظر إلیه كذلك، فأمر بإخراجه ثمّ أكرمه وأمر له بصلة وكسوة. [48] وعلی أيّة حال، فليس عجباً أن تمتلك الوحوش شعوراً يجعلها تعرف الإمام؛ بل العجب ـكلّ العجبـ من بني آدم الذين يعدّون أنفسهم أشرف المخلوقات، ثمّ يأمرون بإلقاء ابن فاطمة في بركة السِّباع!! ارجاعات [1] ـ «مفاتيح الاءعجاز» ص 93. [2] ـ «طبقات الاخيار» للشعرانيّ، ج 1، ص 182، عن العارف المشهور: الشيخ إبراهيم الدسوقيّ. [3] ـ «ديوان حافظ الشيرازيّ» ص 50، طبعة پژمان، انتشارات بروخيم، سنة 1318. يقول: «إنّ مشكلة العشق لا يسعها علمنا، لانّ حلّ هذه النكتة بهذا الفكر الخاطي أمر غير ميسور». [4] ـ وردت هذه الرواية بهذا المضمون في «تحف العقول» ص 37؛ ونقلها ، ،المجلسيّعن«تحف العقول» في «بحار الانوار» ج 17، ص 41: (الروضة)؛ وروي البرقيّ في «المحاسن» ج 1، ص 195 بإسناده عن سليمان بن جعفر بن إبراهيم الجعفريّ مرفوعاً قال: قال رسولالله صلّيالله عليه وآله: إنَّا مَعَاشِرَ الاَنبِيَاءِ نُكَلِّمُ النَّاسَ علی قَدْرِ عُقُولِهِمْ؛ وروي الكلينيّ في «الكافي» ج 1، ص 23، عن جماعته، عن أحمد بن محمّدبن عيسي، عن الحسنبن علیبن فضال، عن بعض أصحابنا، عن الاءمام الصادق عليه السلام، قَالَ: مَا كَلَّمَ رَسُولُاللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ العِبَادَ بِكُنْهِ عَقْلِهِ قَطُّ. وَقَالَ: قَالَ رَسُولُاللَهِ صَلَّياللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ: إنَّا مَعَاشِرَ الاَنبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ علی قَدْرِ عُقُولِهِمْ. كما أورد هذه الرواية في «روضة الكافي» ص 268. [5] ـ الآيتان 7 و 8، من السورة 99: الزلزلة. [6] ـ الآية 47، من السورة 21: الانبياء. [7] ـ الآية 30، من السورة 3: آل عمران. [8] ـ الآية 8، من السورة 66: التحريم. [9] ـ الآية 31، من السورة 4: النساء. [10] ـ الآية 9، من السورة 64: التغابن. [11] ـ الآية 5، من السورة 65: الطلاق. [12] ـ الآيتان 48 و 116، من السورة 4: النساء. [13] ـ الآية 114، من السورة 11: هود. [14] ـ الآية 23، من السورة 25: الفرقان. [15] ـ الآية 9، من السورة 47: محمّد. [16] ـ الآية 8، من السورة 47: محمّد. [17] ـ الآية 70، من السورة 25: الفرقان. [18] ـ الآية 54، من السورة 28: القصص. [19] ـ الآية 160، من السورة 6: الانعام. [20] ـ الآية 21، من السورة 52: الطور. [21] ـ الآية 43، من السورة 7: الاعراف. [22] ـ أورد سماحة الاُستاذ العلاّمة الطباطبائيّ مطالب نفيسة في كيفيّة التبديل والتغيير وأقسامه في «الميزان في تفسير القرآن» ج 1، ص 163، وفي ج 2، ص 180 و 181. [23] ـ الآية 8، من السورة 102: التكاثر. [24] ـ «مجمع البيان» ج 5، ص 534 و 535، طبعة صيدا. [25] ـ «بحار الانوار» ج 7، ص 261، عن «نوادر الراونديّ». [26] ـ «المحاسن» ج 2، ص 399. [27] ـ «المحاسن» ج 2، ص 399 و 400؛ و «بحار الانوار» ج 7، ص 265 و 266. [28] ـ «بشارة المصطفي» ص 159 و 160، طبعة النجف، وذكر في هذه النسخة المطبوعة «أبي الفضل» بدلاً من «أبي الطفيل». [29] ـ «عيون أخبار الرضا» الباب 30، ص 235، الطبعة الحجريّة. [30] ـ «تفسير القمّيّ» ص 738، الطبعة الحجريّة؛ و «بحار الانوار» ج 7، ص 272. [31] ـ «المحاسن» ج 2، ص 399. [32] ـ «عيون أخبار الرضا» الباب 34، ص 309 و 310، الطبعة الحجريّة؛ وفي الطبعة الحروفيّة: ج 2، ص 129 و 130. وقال المرحوم الصدوق مؤلّف الكتاب: حدّثنا الحاكم أبوعلی الحسينبن أحمد البيهقيّ قال: حدّثنا محمّدبن يحيي الصوليّ، قال: حدّثنا أبوذكوان القاسمبن إسماعيل بسيراف سنة خمس وثمانين ومائتين قال: حدّثنا إبراهيمبن عبّاس الصوليّ الكاتب بالاهواز سنة سبع وعشرين ومائتين، قال: كنّا يوماً بين يدي علیبن موسي الرضا عليهما السلام... إلي آخر الحديث الشريف الذي أوردناه. وينبغي العلم أنّ المحدّثين الاجلاّء الذين ينقلون حديثاً عن محدّث جليل يذكرون جميع جهات ذلك الحديث، كأن يكون الحديث قد ذكر في السنة الفلانيّة، وفي المدينة الفلانيّة، وفي منزل الشخص الفلانيّ، كأن يكون في منزل شخص ما في مدينة مشهد الرضويّة المقدّسة علی مشرّفها السلام. ويبدو أنّ راوي هذا الحديث وهو محمّد بن يحيي الصوليّ كان له حاجة إلي أبي ذكوان، كأن يريد أداء دَين له عليه، أو فكّ رهن له عنده، وأنّ أبا ذكوان كان قد وعده بالوفاء بها، والآخر أنّ محمّد بن يحيي الصوليّ كان عازماً علی الخروج من البصرة، لذا فإنّ هذه الجهات التي كانت في هذين الشخصين عند رواية الحديث تعدّ من جهات الحديث، وذُكرت علی هذا الاساس. [33] ـ «تفسير الصافي» ص 573، الطبعة الحجريّة، طهران. [34] ـ «تفسير الصافي» ص 573، الطبعة الحجريّة، طهران. [35] ـ «تفسير الصافي» ص 573، الطبعة الحجريّة، طهران. [36] ـ «تفسير أبي الفتوح» و «تفسير البرهان» سورة التكاثر؛ و «بحار الانوار» جزء المعاد، ج 7، باب محاسبة العباد. [37] ـ «رسالة الاءنسان بعد الدنيا» النسخة الخطّيّة، ص 51. [38] ـ الآية 172، من السورة 2: البقرة. [39] ـ «تفسير بيان السعادة» ج 2، ص 322، الطبعة الحجريّة. [40] ـ الآيتان 28 و 29، من السورة 14: إبراهيم. [41] ـ الآيتان 6 و 7، من السورة 1: الفاتحة. [42] ـ الآية 69، من السورة 4: النساء. [43] ـ الآية 15، من السورة 81: التكوير. [44] ـ تفسير «مجمع البيان» ج 2، ص 298، طبعة صيدا؛ و«بحار الانوار» ج 7، ص 256. [45] ـ قال المجلسيّ في «بحار الانوار» ج 3، ص 100، طبعة الكمبانيّ، باب التسوية، بعد بيان هذه الرواية: لعلّ المراد بالكفّ أوّلاً المنع والزجر، وبالثاني اليد؛ ويحتمل أن يكون المراد بهما معاً اليد، أي تضرّر كفّ إنسان بكفّ آخر بغمزٍ وشبهه، أو تلذّذ كفّ بكفّ. والمراد بالمسحة بالكفّ ما يشتمل علی إهانة وتحقير أو تلذّذ. ويمكن حمل التلذّذ في الموضعينِ علی ما إذا كان من امـرأة ذات بعل، أو قهـراً ، ،بدون رضا الممسوح فيكون من حقّ الناس. [46] ـ «المحاسن» ج 1، ص 7. [47] ـ «بحار الانوار» ج 7، ص 276، الطبعة الحروفيّة. [48] ـ «إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات» ج 6، ص 147، نقلاً عن السيّد ابن ، ،طاووس.
|
|
|