|
|
الصفحة السابقةونحن نعلم ـ بطبيعة الحال ـ أنّ ذلك الزمان ليس أمراً موهوماً، بل هو أمر حقيقيّ. وقد ذكرنا في بحث المعاد الجسمانيّ أنّ موقف الحساب والسؤال والكتاب والميزان والصراط يحصل بعد الفناء في الله تعإلی، وفي عالم البقاء بالله بعد طيّ الفناء. حيث يُحفظ في عالم البقاء كلّ شيء في موضعه: الزمان، المكان، الجسم والبدن، السؤال والمؤاخذة، اللذّة والبهجة، الحزن والغمّ، البكاء والضحك، السرور والحزن، والجنّة والنار. ومن هنا ينبغي حتماً أن يكون إدراك اختلاف كمّيّة امتداد الزمان بحسب اختلاف درجات أعمال الناس وإدراكهم، وأن يكون أمر نسبيّة الزمان تبعاً إلی المراحل المختلفة للسائرين تجاه الحرم الإلهيّ، إذ إنّ الجميع في حركة باتّجاهه عزّ وجلّ، والكلّ يبحث عنه سبحانه. همه كس طالب يارسـت چه هشـيار چه مست همهجا خانة عشق است چه مسجد چهكنشت [1] فالإنسان ـ بما هو إنسان ـ في حركة إلی الله، وممّن يلتقون بطلعته ويشاهدون جماله. يَـ'´أَيُّهَا الإنسَـ'نُ إِنَّكَ كَادِحٌ إلی' رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَـ'قِيهِ. [2] منتهي الامر أنّ هناك فارقاً بين سير المؤمنين وسير الكافرين؛ وبين سير الصالحين وسير الطالحين؛ وبين سير المقرّبين وسير غيرهم: وبين سير أصحاب إلیمين وسير أصحاب الشمال؛ وفي النهاية فإنّ هناك فارقاً بين سير مَن انكشفت لهم الاسرار الإلهيّة وسير المحجوبين. فعشّاق جماله، وطالبو لقائه، والمشتاقون إلی طلعته الجميلة وسيماء جلاله، والملهوفون في ميدان الحيرة، والمتحرّرون من هوي النفس ومكائد إبليس ومصائده، ومَن تشرّف بعزّ حريم الحضور يصبح غارقاً باستمرار في أنوار تجلّياته ونفحاته السبحانيّة بحيث يفقد المجال والحال للنزول. چـه التـفـات بـه لـذّات كائـنـات كـنـد كسي كه يافت دمي لذّت وصـال حبيب درون من نه چنـان از حبيب مملـوّ شـد كه گـر حبيب درآيد، بود مجال حبيب [3] قال المرحوم آية الله الحاجّ الميرزا جواد آقا الملكيّ التبريزيّ: بل قد يكون مستغرق الهمّ والقلب في حضرته، حتّي يتعطّل قلبُه عن ذكر ما سواه، وعن الالتفات إلی غيره؛ وعقله عن التدبير في أُموره، ويحصل له شبه الهيمان، كما روي ذلك في بعض حالات أميرالمؤمنين علیه السلام، وأُشير إلیه في حديث المعراج بقوله: وَأَسْتَغْرِقَنَّ عَقْلَهُ بِمَعْرِفَتِي، ثُمَّ لاَقُومَنَّ لَهُ مَقَامَ عَقْلِهِ. [4] أمّا المحجوبون عن لقاء الله، المحرومون من حبّه عزّ وجلّ، والمتهرّبون عن القيام بوظائف الإيمان والعمل الصالح، والمبتلون بالافكار النفسانيّة الشيطانيّة، المحبوسون في عوالم البُعد، الذين تمثّل الاُمور الاعتباريّة والكثرات الوهميّة والشؤون السرابيّة لعالم الغرور المحور الذي تدور علیه أفكارهم، فيصدق في حقّهم: أُولَـ'´نءِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ. [5] وسيدرك هؤلاء يوم القيامة مرور الزمان جيّداً، ويُحاسبون مفصّلاً علی ما عملوا، وسيطول ذلك الموقف علیهم؛ وقد قرأنا في هذا المجلس الرواية القائلة بأ نّهم سيتصبّبون عرقاً فيكفي عرقهم لريّ أربعين بعير ظمآن. وهناك آخرون يتوزّعون في درجات مختلفة من العبوديّة بين هاتين الطائفتين، أي بين طائفة المقرّبين وطائفة المنكرين؛ وهؤلاء كلّما زاد خلوصهم وإخلاصهم، زاد قربهم من مقام التجرّد المطلق وصاروا يحسّون بمرور الزمان إحساساً أضعف. وعلی العكس من ذلك، فكلّما زادت درجة استكبارهم زاد بعدهم عن مقام التجرّد وزاد إحساسهم بمرور الزمان. فالناس ـ إذَاً ـ يقفون في موقف القيامة في درجات مختلفة، فيحاسبون بنحوٍ خاصّ بحسب عقائدهم ومَلكاتهم وصفاتهم المكتسبة وأخلاقهم وسيرتهم، فيحسّون بمرور الزمان إحساساً خاصّاً. ويتّضح هذا المعني جيّداً بما ذكره صدر المتأ لّهين في شأن جانبَي الإنسان المُلكيّ والملكوتيّ، فكلّما اقتربنا أكثر من الجانب الملكوتيّ، زاد ظهور تجرّد نفوسنا الناطقة، وزادت مصونيّتنا من آلام حوادث عالم الكثرة وسراب الاعتباريّات الوهميّة وأذاها. وكلّما اقتربنا من الجانب المُلكيّ الظاهريّ، قلّ تجرّد نفوسنا الناطقة، وطال بنا الموقف في يوم القيامة، وكان انقضاء زمان السؤال والحساب بطيئاً في نظرنا. وقد ورد في تفسير «مجمع البيان» عن أبي سعيد الخدريّ في قوله تعإلی: تَعْرُجُ الْمَلَـ'´نءِكَةُ وَالرُّوحُ إلیهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ و خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال: قيل: يا رسول الله ما أطول هذا إلیوم؟ فقال: والذي نفسُ محمّدٍ بيده إنّه لَيخفّف علی المؤمن، حتّي يكون أخفّ علیه من صلاةٍ مكتوبةٍ يُصلّيها في الدنيا. وروي عن أبي عبد الله الصادق علیه السلام أ نّه قال: لَوْ ولي الحسابَ غيرُ الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا، والله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة. [6] ويتّضح من خلال هاتين الروايتين معني فقرة «خمسين ألف سنة»، ويتجلّي أن طول الزمن أمر يتعلّق بحالات العباد المختلفة، وأ نّه في نظر المؤمنين سريع الانقضاء، خفيف يبعث علی الارتياح، لانّ وُجُوهُهُم نَاضِرَةٌ إلی رَبِّهَا نَاظِرَةٌ، فهم يشاهدون ذلك بحسب حقائقهم وواقعيّاتهم. ومن الجليّ أنّ الحقيقة أمر واحد: وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَ ' حِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ. [7] وجاء أيضاً في القرآن الكريم: وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ. [8] وهذا الامر القليل كلمح البصر يطول بالنسبة إلی الكافرين والفاسقين لا نّهم عَن رَبِّهِمْ يَوْمَِئذٍ لَمَحْجُوبُونَ. فالاختلاف ـ إذَاً ـ من قِبل الناس؛ أمّا من قِبل الله تعإلی فإنّ الامر سينقضي في لحظة واحدة، بل إنّ التعبير باللحظة الواحدة في هذا المجال مُجانب للصواب؛ وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَ ' حِدَةٌ. وهذا هو معني نسبيّة زمان الوقوف للسؤال والحساب في موقف القيامة. معني نسبيّة الزمان لدي أينشتَينأمّا ما قاله العالم الغربيّ أينشتَين بشأن نسبيّة الزمان فلا علاقة له بهذا المطلب أبداً. فقد وافق أينشتين علی مبدأ عدم إمكان عدّ جسمٍ ما في هذا العالم ساكناً، أمّا تنوّع الحركات يوجب نشوء الاجسام المختلفة، فليس قولاً مختصّاً به، فقد ذكر ذلك آخرون قبل أينشتين. يقول أينشتَين: إنّ الامتداد الزمنيّ لا ينفك عن الامتداد المكانيّ. وقد نشأ حجم عالم الطبيعة من أبعاد أربعة: الابعاد الثلاثة المعروفة ( الطول والعرض والارتفاع ) والبُعد الرابع هو الزمان. وكان نيوتن قد شبّه الزمان بسائل متجانس الجريان دون أن يكون له ارتباط مع الاشياء الخارجيّة. وفي نظر أينشتين أنّ لحظات هذا الزمن المطلق أشبه بنسيج يشكّل ما يشبه نقاط خطّ مستقيم. والاساس الذي تتبايع فيه هذه اللحظات هو أساس مستقلّ عن جميع الحوادث. أمّا الحوادث فيمثّل كلّ منها بعضاً من هذه اللحظات. وقد تعرّضت عقيدة نيوتن بأنّ الزمن المطلق موجود بصورة مستقلّة عمّا يدور في العالم إلی انتقاد حتّي معاصريه، ومن جملتهم «لايب نيتس» الذي كان يعتقد أنّ الحوادث أكثر تأصّلاً، وأنّ اللحظات هي مفاهيم انتزاعيّة، أي أ نّها مجموعات من الحوادث المتزامنة. فنحن ننتزع الزمان من الحوادث. والزمان ـفي الحقيقةـ هو الذي يعرّف تسلسل الحوادث. ثمّ جاء أينشتين فرفض فرض وجود الزمن المطلق، وكان بدء تحقيقاته محاولته للمجانسة بين نظريّة مَاكْسْوِيل الإلكترومغناطيسيّة مع باقي القضايا الفيزيائيّة المبتنية علی ميكانيك نيوتن. وكان نيوتن قد قال في كتابه «الاُصول» بأنّ حركات الاجسام في فضاء معيّن واحدة، سواءً كان ذلك الفضاء ساكناً أم متحرّكاً حركة متجانسة. أي ينبغي للتجارب الميكانيكيّة المحضة أن تعطي نتيجة واحدة علی الدوام، سواء أُجريت في أماكن تجارب ساكنة علی الارض، أم في زورق يسير في حركة متجانسة. فالحجر الذي تتركه إلید ليسقط، يمتلك في كلا الموضعين تعجيلاً واحداً. ولم يكن هذا المطلب ( الذي كان أحد أُسس النسبيّة» لينسجم مع نظريّة ماكسويل؛ فطبقاً لنظريّة الاخير فقد كان يمكن التفريق بين هذين النوعين من خلال تجربة كهربائيّة أو ضوئيّة. لذا فقد قال أينشتين بأنّ القوانين الإلكترومغناطيسيّة ( الحاكمة علی الظواهر الضوئيّة والكهربائيّة ) ـفضلاً عن قوانين الميكانيكـ يجب أن تبدو واحدة للناظرين الذين يتحرّكون حركة متماثلة مع بعضهم، وإنّ سرعة الضوء ينبغي أن تكون متماثلة لجميع هؤلاء الناظرين. وقد وصل أينشتين خلال تحليله للحركة إلی نتيجة أنّ قياس الزمان مرتبط بمفهوم التزامن. وفي نظره أنّ جميع القضايا التي يحتلّ الزمان فيها نصيباً، هي علی الدوام قضايا تدور حول حوادث متزامنة. فحين نقول ـمثلاًـ بأنّ القطار سيصل إلی المحطّة في الساعة السادسة، فإنّنا نقصد أنّ وصول عقرب الساعة الصغير مقابل الرقم «6» متزامن مع وصول القطار إلی المحطّة. ولهذا فإنّ التزامن هو أمر نسبيّ. وقد توصّل أينشتين إلی نتيجة أ نّه إذا كانت الفاصلة بين شيء خارجيّ وبين الناظر معلومة، وكانت سرعة العلامة التي تربط ذلك الشيء بالناظر معلومة بدورها ( الصوت، الضوء أو الامواج الإلكترومغناطيسيّة )، فإنّ زمن وقوع حادثةٍ ما سيمكن حسابه في تلك الحال. لكنّ ذلك الحساب سيكون واحداً للناظر الواحد ومختلفاً للناظرين المختلفين. وكان يظنّ قبلاً أنّ زمان وقوع حادثة ما لو احتُسب وفقاً لزمن مشاهدتها، لامكن ترتيب جميع الحوادث في سلسلة زمنيّة واحدة، وسيحصل جميع المشاهدين ـ في العاقبة ـ علی نتيجة عدديّة واحدة لزمان وقوع أيّ حادثة. ثمّ إنّه رفض هذا المطلب وقال: إذا لم يكن بين الحوادث الخارجيّة والناظر أيّ ارتباط آنيّ، فإنّ سرعة الامواج الإلكترومغناطيسيّة ( الضوئيّة ) التي تمثّل أسرع وسيلة للارتباط، ستكون واحدة لدي جميع الناظرين الذين لهم حركة متماثلة. أمّا بالنسبة إلی الناظرين الذين يتحرّكون حركات مختلفة بالنسبة إلی بعضهم البعض، فإنّهم ينسبون أعداداً مختلفة لزمان وقوع الحوادث، واستنتج من ذلك جملة قضايا: الاُولي: أنّ الساعة التي ينظر إلیها ناظر متحرّك ستبدو أبطأ حركة من ساعة مماثلة ينظر إلیها ناظر ساكن ( وهذه القضية موسومة باتّساع الزمان ). واتّساع الزمان في نظر أينشتين يمثّل ظاهرة ناشئة من عمل القياس. الثانية: يجب تغيير قوانين نيوتن في الحركة، التي كانت تعدّ في السابق أُسس الفيزياء، يجب أن تغيّر؛ ومن جملتها أنّ كتلة الجسم التي كانت تبدو في السابق مستقلّة عن حركته ينبغي أن تزداد تبعاً لحركة الجسم. وفي النتيجة فإنّ تأثير قوّة معيّنة في تغيير سرعة الجسم سيتناقص مع ازدياد سرعة ذلك الجسم. وفي النتيجة فلا يمكن لايّة ذرّة كانت أن تحصل علی سرعة النور، ولو قُدّر لساعةٍ ما أن تتحرّك بسرعة النور، لاشارت باستمرار إلی نفس الزمان. الثالثة: أنّ الاطوال تصبح أقصر في اتّجاه الحركة. أي أ نّنا لو كنّا في حركة قياساً إلی مسطرة ما، فإنّ طول تلك المسطرة الذي نحصل علیه بالقياس سيكون أقصر من الطول الذي سنحصل علیه عند سكون المسطرة. وهذا القصر في الاطوال ناشي من عمل القياس. وهناك شواهد تجريبيّة موجودة في الوقت الحاضر لظواهر اتّساع الزمان وقصر الاطوال. والنسبيّة الخاصّة تقول لكلّ ناظر بزمان خاصّ، وذلك الزمان الخاصّ بكلّ ناظر هو الزمن الذي تشير إلیه ساعته. وضمناً فإنّ كلّ ناظر إلی أيّة حادثة تقع في موضع آخر ينسب إلیها زمناً خاصّاً يمكن احتسابه علی أساس المعلومات التي يمتلكها عن محلّ وقوع تلك الحادثة وسرعة العلامة التي تربط بينه وبين تلك الحادثة. والزمن المختصّ بالحوادث الواقعة في موضعٍ واحد مساوٍ إلی الزمن المختصّ بالناظر. وفي نظر ناظر معيّن فإنّ جميع الحوادث التي لها زمن خاصّ تشخّص حالة لحظيّة ( آنيّة ) للعالم؛ وبينما كان الزمان لدي نيوتن مستقلاّ عن العالم، فإنّه لدي أينشتين جانب من الرابط بين هذا العالم وبين الناظر. وفي نظر النسبيّة الخاصّة فإنّ الفاصلة الزمنيّةبين حادثتينِ هي أمر يتعلّق بالناظر، بل إنّ الترتيب الزمانيّ لهما ـبلحاظ التقدّم والتأخّرـ يتعلّق بالناظر بدوره. لكنّها تشير هنا إلی عدم تغيّر ترتيب وقوع الحوادث التي ترتبط فيما بينها برابطة العلّة والمعلول. وقد أجري مينكوسكي في سنة 1908 م أبحاثاً رياضيّة علی نظريّة النسبيّة الخاصّة بعد تقديمها من قبل أينشتين في سنة 1905م. ويمكن تلخيص كلام مينكوسكي بأ نّه لا يمكن لايّ إنسان أن يلحظ أيّ مكان خاصّ إلاّ في زمن معيّن، وبالعكس. وبهذا اللحاظ فقد استخدم مفهوم الفضاء والزمان والاصطلاح المعروف «الموقع» بدلاً من اصطلاح الزمان والمكان. وقبل النظريّة النسبيّة، فقد كانت الفاصلة الزمنيّة بين حادثتينِ واحدة بالنسبة إلی جميع الناظرين، وكذلك الامر بالنسبة إلی الفاصلة المكانيّة بين الحادثتينِ. أمّا في نظر النسبيّة فإنّ كلّ واحد من الامرين السابقينِ مرتبط بالناظر، ولكن يمكن اتّخاذ تركيب منهما بحيث يبدو واحداً بالنسبة إلی جميع الناظرين. ولهذا قال مينكوسكي: إنّ الزمن لوحده والمكان لوحده سوف يمّحيان، وسيبقي نوع من تركيبهما بعنوان حقيقة مستقلّة. وقد توصّل أينشتين بعد عمل مينكوسكي إلی نتيجة أنّ العالم الخارجيّ الفيزيائيّ هو عالم ذو أربعة أبعاد، وأنّ تفكيكه إلی فضاء ذي ثلاثة أبعاد وإلی زمن يمثّل البُعد الرابع، ليس أمراً واحداً لجميع الناظرين. وقال من ثمّ: يبدو أنّ اعتبارنا الحقيقة الفيزيائيّة في هيئة وجود ذي أربعة أبعاد أقرب إلی الطبيعة من اعتبارنا لها في هيئة تغيّر ذي وجود ثلاثيّ الابعاد. ويعدّ فضاء مينكوسكي باللحاظ الرياضيّ فضاءً خاصّاً؛ ولانقصد بذلك أنّ الفضاء بمعناه المتعارف هو فضاء ذو أربعة أبعاد، أو أنّ الزمان هو شكل من أشكال الفضاء. وخلاصة النظريّة النسبيّة هي أنّ خواصّ الزمان والفضاء مندمجة ومرتبطة مع بعضها، وأ نّه لا يمكن إعطاء أشكال منفصلة لكلّ واحد منها. والخلاصة فإن أينشتين قد قدّم نظريّة النسبيّة الخاصّة والعامّة: النسبيّة الخاصّة التي تتعلّق بالحركات المتماثلة بما يشمل الحركات ذات الخطّ المستقيم وذات الخطّ المنحني. والتي تربط بين الناظرين الذين لهم حركة متماثلة بالنسبة إلی بعضهم. أمّا النسبيّة العامّة فتربط كلا الناظرينِ إلی بعضهما، سواءً كان لهم تعجيل بالنسبة إلی بعضهما أم لم يكن لهما تعجيل. وقد أُرسيت النسبيّة الخاصّة علی فرضيّتينِ: الاُولي: أنّ قوانين الفيزياء لها شكل واحد بالنسبة إلی جميع الناظرين الذين يتماثلون مع بعضهم في حركتهم ( أي في سرعتهم الثابتة ). والثانية: أنّ سرعة النور في الفراغ واحدة بالنسبة إلی جميع الناظرين الذين لهم تماثل في الحركة بالنسبة إلی بعضهم. وقد أُرسيت النسبيّة العامّة علی أساس عدّة قواعد لايزال بعضها في دور الفرضيّة ولم تثبت علميّاً بعدُ. مثل عموميّة الحركة، قانون الجاذبيّة العامّة للاجسام، ثبات سرعة النور؛ وبطبيعة الحال فإنّ قانون الجاذبيّة العامّة للاجسام لايناقش في النسبيّة العامّة في نفس الصورة التي يُناقش بها في ميكانيك نيوتن. بل إنّ الوزن ( الجاذبيّة ) يمثّل في هذه الحالة مظهراً من الهندسة الفضائيّة ( أي آثار الوزن الناشئة من خواصّ الفضاءـالزمان ). ولا يختصّ أمر اكتساب الجسم المستند علی جسم آخر سرعة ذلك الجسم بالنسبيّة الخاصّة؛ إذ إنّه موجود أيضاً في ميكانيك نيوتن. منتهي الامر أنّ تفصيله متفاوت في الموردينِ. وقد قام بعض العلماء قبل أينشتين بطرح أساس النسبيّة، فقد كان لورنتز قد حصل علی بعض النتائج الرياضيّة للنظريّة النسبيّة قبل أينشتين، لكنّ تعبيره عن تلك النتائج جاء مغايراً للتعبير الذي قدّمه لها أينشتين لاحقاً. وكان بوانكاره قد طرح اساس النسبيّة ( وهو الفرض الاوّل للنسبيّة الخاصّة ) قبل أينشتين، لكنّ هذا الفرض لم يكن كافياً بمفرده، وكان امتياز تقديم نظريّة النسبيّة الخاصّة منحصراً بأينشتين الذي قدّم النظريّة في الحركات المتماثلة، بما فيها الحركة المستقيمة والمتكررّة. وبطبيعة الحال فإنّ الحركات ذات الخطّ المستقيم ( المتماثلة منها وغير المتماثلة ) مطروحة بدورها في النسبيّة العامّة. علی أنّ مينكوسكي لم يكن قد سبق أينشتين في الحديث عن النسبيّة، لكنّه قام ـبعد أن قدّم أينشتين نظريّته النسبيّةـ بتقديم قالب رياضيّ بديع لبيان النسبيّة الخاصّة. وأساس النسبيّة قائم علی الحركة؛ ولو كان الفضاء وعالم الطبع ساكنينِ دونما حركة، لما كان للنظريّة النسبيّة من موضوع. وتعدّ المادّة وأفعال المادّة في نظر أينشتين وسائر العلماء القائلين بالنسبيّة متحرّكة بأجمعها، كما أ نّها بأجمعها من قبيل ميدان الوزن ( الجاذبيّة ) والميدان الإلكترو مغناطيسيّ. وباعتبار أنّ النور والصوت هما اللذان ينقلان لنا أخبار الحوادث وأماكنها وحيّزها ( مواقعها )، وأنّ ذلك بذاته يستغرق زمناً معيّناً ( سرعة النور تعادل ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية، وسرعة الصوت تعادل ثلاثمائة وواحد وثلاثين متر في الثانية )، ولانّ نفس تلك الاجسام متحرّكة بدورها، فإنّنا سنعجز عن معرفة زمن وقوع الحادثة بشكل عامّ وكلّيّ. ووفقاً لنظريّة النسبيّة الخاصّة، فإنّ الزمن الحاصل عن هذا الطريق مختلف للناظرين المختلفين الذين هم في حركة بالنسبة إلی بعضهم البعض، ويمكننا فقط أن نحصل ـ وبشكل دقيق ـ علی زمن وقوع الحادثة بالنسبة إلی ناظر خاصّ. فنحن نري ـ مثلاً ـ أنّ الشمس قد أشرقت، فنقول: لقد أشرقت الشمس الآن. بينما لم تكن الشمس قد أشرقت بعدُ حين شاهدنا إشراقها. ولميكن موضعها في الاُفق هو المحلّ الذي نراه، لانّ بُعدها عن الارض يقارب 150 مليون كيلومتر؛ ويستغرق نورها ثمان دقائق وثلاث عشرة ثانية ليصل إلی الارض. ونحن إنّما نري منظر إشراق الشمس بعد هذه المدّة التي أشرقت فيها الشمس فعلاً، ونشاهد مكانها بهذا المقدار الذي ارتفعت به عن الاُفق. كما أ نّنا نشاهد منظر غروبها بعد هذه المدّة التي غربت فيها الشمس فعلاً واختفت وراء الاُفق. أي أنّ الشمس قد غربت فعلاً، لكنّنا نشاهدها في الاُفق بعد ثمان دقائق وثلاث عشرة ثانية وهي علی وشك الغروب مقتربة من الاُفق. وباعتبار أنّ نور القمر يستغرق ثانية واحدة وخُمس الثانية ليصل إلی الارض، فإنّنا نشاهد طلوع القمر بعد طلوعه الفعلی بهذه المدّة، كما نشاهد غروبه بعد غروبه الفعلی بهذه المدّة. ونحن نشاهد باستمرار خلال النهار موضع الشمس بما يسبق موضعها الحقيقيّ في الاُفق، ونشاهد محلّ القمر خلال الليل بما يسبق موضعه الحقيقيّ أيضاً. ونشاهد أنواع النجوم الاُخري التي يستغرق نور بعضها أربعاً وعشرين ساعة ليصل إلی الارض؛ ونحن نشاهدها بعد دوران الارض دورة كاملة. وهناك من النجوم ما يستغرق نورهُ سنةً كاملة ليصل إلی الارض؛ ونحن نري تلك النجوم بعد ثلاثمائة وخمس وستّين دورة للارض حول محورها في حركتها الوضعيّة. وما أكثر النجوم التي يبدأ طلوعها في النهار، فيصل نورها إلی الارض خلال الليل. وبالإضافة إلی الزمان الذي يستغرقه نور النجوم للوصول إلی الارض، فإنّ هذه النجوم هي بذاتها في حركة خلال هذه المدّة، فهي إمّا أن تقترب من الارض أو تبتعد عنها. كما أنّ للارض حركة خلال هذه المدّة سواء اقتربت من هذه النجوم في حركتها أم ابتعدت عنها. وينبغي ـوصولاً إلی رصد النجوم علی نحو التحقيقـ أن نجعل أساس حساباتنا علی خصوص ما ننظر إلیه. فهذه الارصاد إنّما هي أرصاد لنا، ونسبة لنا ـنحن الذين نرصد من علی الارضـ أمّا بالنسبة إلی الذين يريدون أن يرصدوا من علی الكرات السماويّة الاُخري ـمثلاًـ أو إلی الذين يريدون رصد الارض من علی إحدي النجوم فإنّها تعدّ مختلفة، بل إنّها مختلفة أيضاً حتّي للناظرين المختلفين علی الارض، والذين هم في حال حركة بالنسبة إلی بعضهم البعض. ومع جميع هذه الاحوال، فإنّ هذه الفواصل متفاوتة بلحاظ مسألة النسبيّة. فبُعد الشمس عن الارض ـ كما قيل ـ يقابل ثمان دقائق وثلاث عشرة ثانية، لكنّ هذا الزمن هو غير الزمن المستغرق بين غروب الشمس الحقيقيّ وبين الغروب الظاهريّ؛ أو بين طلوعها الحقيقيّ وطلوعها الظاهريّ. وهذا الاختلاف ناشي من نسبيّة الزمان الخاصّة. ويصدق هذا الامر أيضاً علی القمر والنجوم. وبناء علی ما قيل، وباعتبار أنّ جميع الموجودات في حالة حركة يتدخّل فيها الزمان في تعيين موضعها وموقفها ـلانّ مسافة الجسم المتحرّك في الحركات المتماثلة يساوي سرعته مضروبة في الزمنـ وباعتبار أنّ الزمان هو عبارة عن حاصل قسمة المسافة علی سرعة الحركة، فيمكن من ثمّ أن يكون للزمن دخلاً في تعيين أبعاد الاجسام وأن يعدّ الزمن بُعداً رابعاً. وثانياً: أنّ الزمان ـ شأنه شأن المكان ـ يمكن أن يكون نسبيّاً، وأن يختلف تبعاً لاختلاف الاشخاص والامكنة. يقول أينشتين: ليس الزمان والمكان ظرفينِ مستقلّينِ للموجودات المادّيّة، بل هما صفتان نسبيّتان من صفاتها. وبينما يُعدّ الزمان والمكان في ميكانيك نيوتن مستقلّين عن العالم، فإنّهما في النسبيّة الخاصّة من جهات الارتباط بين الاشياء والناظر. ولانّ جميع قوانين الفيزياء لها شكل واحد في نظر النسبيّة بالنسبة إلی جميع الناظرين، فإنّ حركة الإلكترونات في الشمس وفي الارض تخضع إلی قانون واحد، منتهي الامر أنّ الزمن الذي ننسبه إلی حركة إلكترون شمسيّ يختلف عن الزمن الذي ينسبه إلیه ناظر شمسيّ. وبالتدقيق في المطالب التي ذكرناها في حقيقة الزمان في نظر الفلاسفة والعلماء، تستنتج أربعة تفسيرات مختلفة للزمان، اثنان منها تفسيران فلسفيّان، والآخران تفسيران مرتبطان بالعلوم التجريبيّة. خلاصة نظريّات الحكماء والعلماء التجربيّين في أمر حقيقة الزمان1 ـ النظريّة المشهورة للحكماء المشّائين التي نُسبت إلی أرسطو؛ ويعدّ الزمان بموجبها أمراً عينيّاً يمثّل أساس حوادث عالم الطبيعة، وينشأ من دوران الافلاك. وباعتبار أنّ هؤلاء الفلاسفة كانوا يعتبرون الحركة جارية فقط في أعراض عالم الطبيعة، فإنّهم ـفي النتيجةـ لميكونوا يقولون بزمان خاصّ لجوهر الاشياء. 2 ـ أثبت الحكيم الجليل في العصر الإسلاميّ: المرحوم صدر المتأ لّهين بدلائل متقنة أنّ الحركة في جوهر عالم الطبيعة حركة راسخة، وأنّ أرجاء عالم الطبع ـ أساساً ـ وجود سيّال. وأنّ الزمان هو مقدار هذا السيلان الوجوديّ للاشياء الذي يتفاوت بحسب كلّ شيء. وبطبيعة الحال فإنّ الزمان الشائع في عرف الناس ليس هو الزمان الحقيقيّ للاشياء، بل هو المقارنة بين الاشياء المختلفة الزمنيّة. ووفقاً لنظريّة صدر المتأ لّهين فإنّ الحركة ـوالزمان في النتيجةـ ليست جزءاً ماهويّاً لايّ شيء من الاشياء بخصوصه، بل تمثّل نوعاً من الوجود لجميع أشياء عالم الطبيعة. لذا فبيان الابعاد الثلاثة المتعامدة علی بعضها ( الطول والعرض والعمق ) ليس كافياً لمعرفة الجوهر الجسمانيّ، بل ينبغي الالتفات إلی بُعد آخر لهذا الجوهر يرتبط بنحو وجود ذلك الجوهر، ـوهو الامتداد الزمنيّـ بعنوان بُعد رابع. 3 ـ التفسير العلميّ للزمان من قبل نيوتن، الذي يفترض الزمان والمكان بُعدين مستقلّينِ عن أشياء العالم. ومع أنّ حقيقة الزمان لمتكن ملحوظة في هذا التفسير ـولو بلحاظ ماهيّتها التجريبيّة، حيث لوحظ الزمان بعنوان عامل ومعيار لقياس الحوادث والاشياء الملحوظةـ إلاّ أنّ تعميم هذه الصفة لجميع الاشياء بلحاظٍ مطلق يمكن أن يجعل هذا التفسير متطابقاً مع التفسير الفلسفيّ الاوّل. 4 ـ التفسير العلميّ التجريبيّ للزمان، الذي قدّمه أينشتين وفقد علی أساسه الزمان المطلق مفهومه واستبدل بمفهوم تزامن الاشياء مع بعضها. وعلی الرغم من أنّ الزمان فقد في هذا التفسير اعتباره المطلق العينيّ، إلاّ أ نّه ـفي المقابلـ رسخ في الماهيّة العلميّة لكلّ ظاهرة، بحيث صارت أيّة معرفة تجريبيّة عن موقف شيء من شيء آخر منوطة بإدراك رابطة التزامن بين تلك الاشياء. ويتّضح، من خلال الالتفات إلی التفسيرات المذكورة، أن ليسثمّة من تناقض فيما بين نظريّـات الفلاسـفة والتصريحـات العلميّة لامثال أينشتين ومينكوسكي. ولا نقصد بذلك أنّ هذين التفسيرين والنظرين متّحدان مع بعضهما، لانّ الفلاسفة ينظرون إلی العالم باللحاظ الفلسفيّ ومناقشة حقائق الاشياء. أمّا علماء الفيزياء فينظرون إلیه بلحاظ العلوم التجريبيّة وقوانين الميكانيك والفيزياء. ومع أنّ وجهتي نظر هذين الاُسلوبين والخطّين تختلفان في سيرهما إلی النتيجة، فإنّ هذين الاُسلوبين لايتعارضان ولايتزاحمان مع بعضهما فحسب، بل إنّهما ـبناء علی الاُسس المسلّمة الثابتةـ يعضدان بعضهما، تبعاً للمقدّمات الموجودة لدي الطرف الآخر لتحصيل النتيجة والقياس. وهذا هو الفرق بين الفلسفة والعلم، حيث يتّضح أحد مصاديقه في هذا المجال بين مفهوم الزمان في نظر الفيلسوف وفي نظر الفيزيائيّ. فبالنسبة إلی أينشتين وأمثاله، فإنّ هناك زمناً واحداً هو الزمن المستخدم في القياسات الفيزيائيّة، وهو ـبطبيعة الحالـ نوع نسبيّ من الزمان. [9] ويتّضح ـ بالالتفات إلی ما قيل ـ أنّ كيفيّة البحث في أمر الزمان يختلف أساساً بين الحكماء وبين العلماء التجريبيّين، فبحث الحكماء يرجع إلی حقيقة الزمن التي يُنتزع الزمان منها. وتنشأ نسبيّة الزمان ـبناء علی ما ذكرناهـ من شدّة أو ضعف تجرّد الموجودات. بَيدَ أنّ بحث هؤلاء العلماء لايرجع في الاساس إلی حقيقة الزمان، بل إلی كيفيّة قياس الزمان ونسبيّته، إذ إنّ هدفهم هو الحساب تبعاً لاختلاف العوامل الدخيلة في القياس. وبطبيعة الحال فحين تقوم القيامة وتبدّل الارض غير الارض، فإنّ الحركات يمكن أن تتبدّل وتتغيّر بدورها، فيدرك الناس الزمان في موقف يوم الجزاء في صورة أُخري، أي أ نّهم يدركونه حسب إحساس التدرّج الموجود في ذلك العالم، إلاّ أنّ هذا الامر لا يرتبط بالآيات والروايات الدالّة علی أنّ الناس يدركون موقف الحساب يوم القيامة بصورة مختلفة، إذ إنّ أمر تبدّل الارض وتغيّر كيفيّة الحركة الجوهريّة محفوظ في موضعه، أمّا هذا الاختلاف في إدراك زمان الموقف فيتعلّق بالحالات النفسانيّة للناس، ويختلف بحسب التجرّد أو عدمه، وبحسب مدي الانغمار في عالم الطبع. المستغرقون في أنوار الله في الدنيا لا يحسّون بطول الموقفإنّ مواقف القيامة وإطالتها بالنسبة إلی بعض الناس وعدم طولها بالنسبة إلی البعض الآخر الذين لا يحسّون بالزمان والتأخير عائد إلی اختلاف انغمار النفس في الآيات الإلهيّة وفي الاسماء السبحانيّة، وفي الفناء في ذات الحقّ المتعال. وبصورة عامّة فإنّ الذين ينسون أنفسهم في الدنيا ويلتحقون بالحقّ، سوف لنيمكثوا يوم القيامة طويلاً، ولن يدركوا الوقوف وزمان الموقف، لانّ القيامة هي ظهور عالم الدنيا، ولانّ الباطن هو تجلّي عالم الظاهر. عَنِ الصَّادِقِ علیهِ السَّلاَمُ: كَانَ علی بْنُ الحُسَيْنِ علیهِ السَّلاَمُ إذَا قَامَ إلی الصَّلاَةِ كَأَ نَّهُ سَاقُ شَجَرَةٍ لاَ يَتَحَرَّكُ مِنْهُ إلاَّ مَا حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ؛ وعَنْهُ: كَانَ علیُّبْنُ الحُسَيْنِ علیهِ السَّلاَمُ إذَا قَامَ إلی الصَّلاَةِ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَإذَا سَجَدَ لَمْيَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّي يَرْفِض عَرَقاً. [10] وبالجملة قد يتأثّر بعض الانبياء والاولياء عن التعظيم والهيبة، بحيث ينسي غيرالله تعإلی ويغفل عن جميع ما سواه، حتّي عن بدنه، ومن ذلك إخراج السهم عن رجله [11] علیه السلام في الصلاة وعدم تأثّره منه، ومن ذلك غشواته حتّي يظنّ له الموت. [12] وقد ورد في الرواية أنّ وليّ الله يؤتي به إلی الموقف فيهيّي الله عزّ وجلّ لاستقباله عدداً من الحوريّات اللواتي خلقهنّ له، فتبتهج الحوريّات اللاتي انتظرن وليّ الله السنوات المتمادية في شوق ومحبّة، ويفرحن بدنوّ وصال محبوبهنّ، ثمّ إنّ وليّ الله يغرق فجأة في أنوار الحقّ جلّ وعزّ بحيث ينسي سواه تماماً. ويُخيّل للحوريّات أنّ وليّ الله قد استغرق في النوم، فيطفن ببدنه ويأنسن به علّه ينهض من نومه، ويدعون ربّهنّ أن يوقظه لا نّهن محزونات بفراقه، فيأمر الله تعإلی وليّه بالنزول، فيعود هذا المؤمن إلی وعيه بعد ثمانين سنة قضاها غارقاً في أنوار الله، وتبتهج حوريّات الجنّة وينغمرنّ في عالم المسرّة لا نّهن سيأنسنّ بمحبوبهنّ، لكنّ وليّ الله يضرع فجأة إلی ساحة الحضرة الاحديّة: يا إلهي! ما أسرع ما أهبطتني من حريمك وحرمك؟! فيعود وليّ الله بمجرّد هذا الكلام إلی حرم الله ثانية ويستغرق في أنوار جماله وجلاله. گر افتد آن دو زلف چليپا به چنگ من چندين هزار سلسله در پا كنم ترا طُوبَي و سِدرِه گر به قيامت به من دهند يك جا فداي قامت رعنا كنم ترا خواهم شبي نقاب ز رويت بر افكنم خورشيد كعبه، ماهِ كليسا كنم ترا [13]
پبِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد للَّه ربّ العالمين ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلیّ العظيم وصلَّي الله علی محمّد وآله الطاهرين ولعنة الله علی أعدائهم أجمعين من الآن إلی قيام يوم الدين
قال الله الحكيم في كتابه الكريم: فَوَرَبِّكَ لَنَسْـَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. [14] يأتي عالم السؤال بعد عالم الحساب ويعدّ من توابعه ولواحقه. والسؤال بمعني الاستجواب والاستيضاح من المسؤول عن حقيقة ما عنده. وينبغي أن تُحاسب نفوس الناس يوم القيامة عمّا اكتسبت في الدنيا، سواءً بما يتعلّق بجانب الشقاء أم بجانب السعادة، وسيتّضح آنذاك تبعات آثار النفس ولواحقها ولوازمها، فتُحاسب علیها حساباً يحدّد مصيرها. ذلك أنّ يوم القيامة هو يوم الظهور والبروز، ويوم تحمّل المسؤوليّات والالتزامات الدنيويّة: يَوْمَ تُبْلَي السَّرَآءِرُ.[15] وباعتبار أنّ السريرة هي الموضع الخاصّ من النفوس الناطقة الذي يمثّل النيّة والفكر والاسرار، فإنّه يقال للسرّ الخفيّ بهذه المناسبة سريرةً. وإلیوم الذي تبلي فيه السرائر هو إلیوم الذي تظهر فيه مواضع أسرار الإنسان وتتجلّي خارج ستار الخفاء. بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ. [16] إِن تُبْدُوا مَا فِي´ أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَهُ. [17] ويُلاحظ في الآية الاخيرة عموميّتها وشمولها لكلّ سريرة ونيّة. ومع أنّ ما جاء في الرواية من أنّ هذه الآية قد نُسخت بالآية الشريفة: إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَ ' سِعُ الْمَغْفِرَةِ، [18] هو كلام متين وصائب، إلاّ أ نّه ينبغي العلم بأنّ النسخ قد جاء هنا بمعني التفسير والبيان، وأ نّه ليس بياناً لغاية الحكم وانتهائه وانقضاء مدّته. فالنسخ بهذا المعني مختصّ بالاُمور التشريعيّة والاحكام، وليس هناك من معني للنسخ في الحقائق. [19] أجل، وسنبيّن بعض الآيات الواردة في السؤال: وَلَتُسْـئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. [20] تَاللَهِ لَتُسـئَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ. [21] فَلَنَسْـئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلیهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. [22] وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْـُولُونَ. [23] وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْـُولاً. [24] وَكَانَ عَهْدُ اللَهِ مَسْـُولاً. [25] ارجاعات [1] ـ يقول: «الكلّ يبحث عن الحبيب، الصاحي منهم والثمل؛ وكلّ مكان بيت للعشق، مسجداً كان أم كنيسة». [2] ـ الآية 6، من السورة 86: الانشقاق. [3] ـ «ديوان المغربيّ». يقول: «كيف يلتفت إلي لذّات الكائنات مَن وَجَد لحظةً لذّة وصال الحبيب؟ ،، لقد امتـلا ضميري بحبّ الحبيب بحيـث لم يعد من مجـالٍ لحبيب إلاّ إذا غـادره الحبيب!». [4] ـ «أسرار الصلاة» ص 299، الطبعة الحروفيّة. [5] ـ الآية 44، من السورة 41: فصّلت. [6] ـ تفسير «مجمع البيان» ج 5، ص 353، طبعة صيدا. [7] ـ الآية 50، من السورة 54: القمر. [8] ـ مقطع من الآية 77، من السورة 16: النحل. [9] ـ ومن أراد المزيد فليراجع كتابَي أينشتين: «تكامل الفيزياء» و«النسبيّة ومفهوم النسبيّة». أذكر أ نّه نُقل لي قبل عشرين سنة مطلب عن أينشتين جدير بالتأمّل، وأري من المناسب نقله في هذا المجال. وناقل القصّة هو سماحة العالم المحترم العزيز أحمد الانصاريّ زيد توفيقه، النجل الاكبر لسماحة آية الحقّ واليقين جمال العارفين المرحوم ، ،آيةالله الحاجّ الشيخ محمّد جواد الانصاريّ الهمدانيّ رضوان الله عليه؛ وموضوع القصّة أنّ أينشتين كان يتمنّي الاطّلاع علی اللغة الفارسيّة لقراءة كتب الملاّ الروميّ وحافظ الشيرازيّ اللذين توصّلا إلي معرفة قدرة الباري العظيمة المحيطة بالموجودات. وقد أرسلتُ إلي الاخ الانصاريّ رسالة شفويّة ليكتب لي نصّ كلام أينشتين من أجل أن أنقله في هذا المجال بحذافيره، فتفضّل مشكوراً بإرسال رسالة مفصّلة أوردها بعباراتها (مُترجمةً). ـ «أبلغ هذا الحقير برسالتكم الشفويّة الكريمة في تقديم ترجمة كتاب: «The World as I See it» (=العالم كما أراه)، وقد بذلت قصاري وسعي امتثالاً لاوامركم في استنساخ عين الترجمة وإرسالها، إلاّ أ نّي لم أُوفّق بالعثور عليها علی الرغم من بحثي عنها، لذا أُقدّم اعتذاريّ لسماحتكم، وأدوّن ما بقي في ذهني من ذلك الموضوع علی أمل أن ينال ذلك رضاكم. وكما ذُكر فإنّ مؤلّف الكتاب هو إلبرت أينشتين، وقد وقعت بيدي نسخة من الكتاب المذكور قبل ما يقارب ثلاثين سنة، وكنت إذ ذاك أدرس في الجامعة. وكان الكتاب موجوداً في المكتبة الامريكيّة الواقعة في طهران، شارع نادري، حيث حاز اهتمامي الشديد. وباعتبار أ نّهم لم يكونوا يسمحون بإخراج الكتاب من المكتبة، فقد شرعت بترجمته في نفس المكتبة، وترجمت منه فعلاً ثلاثين صفحة (أصل الكتاب بالحجم الجيبيّ (كرّاسة) في حدود 150 صفحة). وأقدّم فيما يلي خلاصة ما ترجمته منه: لقد اطّلع أينشتين علی أن أصغر جزء من المادّة لايقبل التجزئة يُدعي بالذرّة، وعلم أنّ الذرّة مكوّنة من عدّة أجزاء، الاُولي: مدارات خارجيّة تحوي أعداداً مختلفة من الاءلكترونات التي تدور بشكل منتظم وسرعة ثابتة. الثانية: نواة مركزيّة تحتوي علی البروتونات والنيوترونات. والبروتونات تماثل الاءلكترونات في العدد. ووفقاً لرأي أينشتين فإنّ اختلاف أعداد هذه الاءلكترونات هو الذي أرسي الاساس الذي يدور عليه عالم الوجود، والذي تسبّب في نشوء الاختلاف بين الموجودات المادّيّة. وقال: لقد حاولتُ ـ بلا نتيجة ـ أن أعثر علی السبب الاساسيّ في دوران إلكترونات المدارات الخارجيّة، ثمّ أدركتُ بعد مطالعات وتحقيقات عمليّة كثيرة أنّ هذا الدوران المنتظم السريع لاءلكترونات المدارات الخارجيّة المختلفة ليس له عامل مادّيّ. وتبعاً لرأي بعض العلماء السابقين فإنّ هذه الحركة المنتظمة تخضع لقدرة عاملٍ غيرمادّيّ. وقد اسـتطاع البعض الاتّصـال بهذا العامل المقتـدر الحاكم والسـاري في دوران عالم ، ،الوجود، ومنهم الملاّ الروميّ وحافظ. وكان يقول: أتمنّي لو كنت أعرف اللغة الفارسيّة لاُطالع كتب هذين العظيمينِ لاتمكّن أن أجد ـمثلهماـ السبيل المنتهي بمعرفة القدرة الكبيرة الجارية والمحيطة بموجودات العالم. وقد سردت هذه العبارات بمضمونها باختلاف يسير في الالفاظـ انتهي مورد الحاجة من الرسالة الكريمة للصديق العزيز الانصاريّ أمدّ الله في عمره الشريف. [10] ـ «أسرار الصلاة» للملكيّ التبريزيّ ص 198، الطبعة الحروفيّة. [11] ـ يقصد أمير المؤمنين عليه السلام. [12] ـ «أسرار الصلاة» ص 198. [13] ـ «ديوان فروغي بسطامي» ص 1، طبعة انتشارات جاويدان. يقول: «لو تعلّقت يدي بذؤابتيك الشبيهتين بالصليب، لاوثقتُ قدميَّ بسلاسلها الالوف. ولو أُعطيت يوم القيامة شجرة طوبي والسِّدرة، لفديتها دفعةً واحدة لقامتك الجميلة! سأسفر النقابَ عن وجهك ليلةً وأجعلك شمساً للكعبة وقمراً للكنيسة!». [14] ـ الآيتان 92 و 93، من السورة 15: الحجر. [15] ـ الآية 9، من السورة 86: الطارق. [16] ـ الآية 28، من السورة 6: الانعام. [17] ـ الآية 284، من السورة 2: البقرة. [18] ـ الآية 32، من السورة 53: النجم. [19] ـ أورد العلاّمة الطباطبائيّ هذا المطلب في «رسالة المعاد» المخطوطة، ص 50؛ إلاّ أ نّه قد نُقلت روايات في تفسـير «الميزان» وفي التفاسـير الاُخـري ذيل الآية 284، من السورة 2: البقرة بأنّ هذه الآية منسوخة بآية: «لا يكلّف الله نفسًا إلاّ وسعها». [20] ـ الآية 93، من السورة 16: النحل. [21] ـ الآية 56، من السورة 16: النحل. [22] ـ الآية 6، من السورة 7: الاعراف. [23] ـ الآية 24، من السورة 37: الصافّات. [24] ـ الآية 34، من السورة 17: الاءسراء.
|
|
|