|
|
الصفحة السابقةکارل : رجال العلم یجهلون ابتداء ما ستوول الیه ابحاثهمونري من المناسـب أن نورد مطـلباً نقلاً عن الدكتـور كارِل ، هذا الرجل الاجنـبيّ المسـيحيّ الملتـزم الذي لازم الصـواب في الكثـير من المطالب ، فهو يري رأي العين أنّ هذه المدنيّة العجيبة لم تقدّم من هديّة للمجتمع البشريّ إل المتاعب والمشكلات وإهدار الطاقات الاءنسانيّة ؛ يقول : لو كان غاليلو [40] ، و نيوتن [41] ، و لافوازية[42] ، قد صرفوا قواهم الفكريّة في المطالعة بشأن بدن الاءنسان وروحه ، فلربّما اختلفت دنيانا اليوم عن أمسها . يجهل رجال العلم وأتباع طريق الفكر ما ستؤول اليه أبحاثهم ابتداءً ، وما هي النتائج التي سيحصلون عليها ، وما يسوقهم في مسيرتهم هو الصدفة و التعقّل وبعض وضوح البصيرة . لكأنّ كل منهم له عالمه الخاصّ الذي يُدار بقوانينه الخاصّة ، فهم يرون أحياناً بوضوح المسائل التي تبدو لغيرهم غامضة عويصة . وعموماً فقد جاءت اكتشـافاتهـم دون أيّ تصـوّر مسـبق لعـواقبـها ونتائجها ، ولكنّ النتائج هي التي عكست صورتها عمليّاً علي المدنيّة الحديثة . لقد اخترنا وانتقينا من بين الاكتشافات العلميّة الكثيرة ، لكنّنا لم نُعنَ في اختيارنا أو نلحظ المصالح السامية للاءنسانيّة ، بل تبعنا فقط منحدر رغباتنا وهوسنا ، وكان همّنا الدائميّ الربح الاوفر بالجهد الاقلّ والسرعة في العمل وتلوّن الحياة وتنوّعها .[43] نعم . كانت هذه المطالب في شأن العلم وحقيقته ، والفرق بين العلم والفنّ ، وبين العلوم الحقيقيّة والتصوّرات الحسّيّة والوهميّة والخياليّة ؛ وعظـمة العلم الحقـيقيّ وحقارة العلـوم والتصـوّرات الحسّـيّة والوهمّـيّة والخـياليّة . وقيمة الاءسلام والقرآن في العلوم الاصيلة لا العلوم الحسّـيّة والخياليّة . عله تشکیل الحوزات العلمیه : الوصول للاهداف القرآنیه السامیهوأمّا المطلب الثاني ، وهو الاساس الذي شكّلت عليه الحوزات العلميّة الدينيّة ، فالمقصود بالحوزة العلميّة : الدراسة العلميّة والعمليّة للقرآن الكريم ، وفهم القرآن والعمل به . ولتحـقّق هذا الهـدف يجـب اكتسـاب علوم المعارف بالمسـتوي الرفيـع ، واكتسـاب العقائـد والاخلاق بالمسـتوي الجـيّد اللائق ؛ وينـبغي ـ وصولاً لذلك الاستعانة بعـلم تفسـير القرآن ، والحـديث ، والدراية ، والرجال . إنّ سبيل الوصول للعلم الصحيح والعمل الصحيح هو علم الفقه ، ومن لوازمه علم الاُصول والكلام والحكمة والعرفان ؛ ولا تحقّق هذه المعاني إل حين يكون لدينا فهم واطّلاع كامل وصحيح علي لسان القرآن ولسان النبيّ الاكرم وأوصيائه الكرام عليهم الصلاة والسلام ، والوقوف علي السيرة والسنّة والاُسلوب العلميّ والعلميّ لهم . لذا ، ينبغي أن نمتلك اطّلاعاً واسعاً علي علوم العربيّة وآدابها من الصرف والنحو واللغة والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والمحاورات النثريّة والشعريّة ، وعن سيرتها وتأريخها . وهذه الفروع السابقة بأجمعها مهمّة جدّاً ، ولابدّ أن يلمّ بها المرء جميعها بشكل جيّد ليمكنه الوصول إلي الاجتهاد الصحيح ، وإل فالنتيجة تتـبع أخـسّ المقدّمتـين ، وسيصـبح ـ عملاً مقلِّداً بالرغـم مـن ادّعائه الاجتهاد . لقد كان لكلِّ واحد من علمائنا الاجلء من صدر الاءسلام وحتّي يومنا هذا مقامه في عالم العقل والعلم والدراية ، فقد نشأوا في هذه الحوزات وأناروا مساحات واسعة بأنوارهم ، سواء في حياتهم أو بعد مماتهم . ولكي يصبح الطالب عالماً أو أخصّائيّاً في العلوم التي ذكرناها ، فعليه بالجدّ الدؤوب . وعلي ذي الفهم والقابليّة والذكاء الجيّد والقوي الفكريّة والذاكرة الجيّدة أن يقضي عمراً لينال هذه الدرجة بشغف ورغبة وقّادة للتعلّم ، وبالصبر والثبات أمام المشكلات ، وبالتوجّه إلي الله تعالي والاستعانة بفيوضاته الربّانيّة . علي الطالب أن يحلّق بجناحَي العلم والعمل ويسمو علي الدنيا الدنيّة الفانية ، وأن يخنق في المهد حبّ الرئاسة والسيادة والاستعلاء في كيانه ، وأن يدير ظهره لجميع الاعتباريّات والتعيّنات المانعة من وصول الغاية ، ليصل ـ بحول الله وقوّته لتلك التطلّعات . علي أنّ أفراداً قلائل فقط من بين عشرات ومئات الطلبة سيمكنهم طيّ هذا الطريق إلي نهايته والفوز بالجامعيّة والكمال . وينبغي كذلك لمدارس العلوم الدينيّة أن تكون بعيدة عن الضوضاء والصـخب وجَلَبة الاسـواق وطلب الدنـيا ، وبعـيدة عن مظاهر الحـياة وظواهرها وترفها وعن النزوع إلي الراحة وقضاء الوقت ، ليتيسّر للطلبة أجواء دراسيّة مناسبة . وقد اختاروا لهذه الاسباب مدن النجف الاشرف وكربلاء المقدّسة والكاظميّة وسامراء ومشهد المقدّسة وقم المقدّسة لتُقام فيها مثل هذه المدارس ، وسعوا أن تكون قريبة من الصحن المطهّر ليمكن للطلبة ، بقربهم من المركز المعنويّ والروحيّ ، أن يستمدّوا الفيض منه بنحو أفضل . وفي الحقيقة ، فإنّ من يسعي لتكون دراسته أساسيّة وأُصوليّة متينة ، سوف لن يمتلك في اليوم الكامل فراغاً لخمس دقائق يُطالع فيها الكتب الخارجة عن متن الدروس أو ينشـغل بأعمال أُخـري ، وإل صار درسه سطحيّاً ومهزوزاً غير أصيل . لذا فلن يعود أمر إدخال دروس جديدة في الحوزة العلميّة أو ضمّ الفلسفة الغربيّة إلي الحكمة الاءسلاميّة الاصيلة إل بالضرر والفساد . فمن أين يتأتّي لهذا الطالب الذي لا يكاد وقته يسعه لدروس المتن ، أن يهتمّ بهذه الدروس الاءضافيّة ؟! الدروس التي صيغت علي أساس التخيّلات والتصوّرات مقابل الافكار الحقّة الواقعيّة ، والتي لا تمتلك من المعنويّات إل قليلاً ؟ وسيبقي الطالب في هذه الحال لا ظهراً أبقي ولا أرضاً قطع ، وستؤول علومه حفظاً سطحيّاً لا ثراء فيه ؛ وعندها ستعجز الحوزات عن إنجاب العلماء المحقّقين ، وعن تربية وتنشئة الاساطين ، كما هي الحال فعلاً في الجامعات ، التي نري عدم تنشئتها للمحقّقين من ذوي الخبرة والبصيرة ، فأيّة خسارة عظيمة هذه ! وأنّ كبار المحقّقين المقتدرين ، الذين كان كلٌّ منهم مفخرة من مفاخر الاءسلام ، وممّن سطعت أنوارهم في عالم التشيّع في الفترة الاخيرة ، كالشيخ جواد البلاغيّ النجفيّ ، والسيّد شرف الدين من جبل عامل ، والسيّد محسن العاملي ، والعلمة الشيخ عبد الحسين الامينيّ ، والعلمة الشيخ آغا بزرك الطهرانيّ ، والمحدّث الكبير الشيخ عبّاس القمّيّ ، وسماحة أُستاذنا آية الله العلمة الطباطبائيّ قدّس الله أسرارهم جميعاً ، قد كانوا ممّن تربّوا في هذه الحوزات ، وكانوا أصحاب نظر وتحقيق في الفنون والعلوم التي برعوا فيها . وكان العلمة الطباطبائيّ محقّقاً عظيماً وصاحب نظر في الفقه والتفسير والفلسفة ، وكان يناقش آراء السابقين ويحقّق فيها ، ثمّ يبدي نظره الخاصّ . وكان ينظر الي كتاب « الحكمة المتعالية » للمل صدرا باحترام وإجلال ، لكنّه ـ مع كلّ ذلك كان يرفض بعض ما فيه ويبدي رأيه تجاهه . أمّا أساتذة الجامعات الذين انصرفوا إلي ترجمة كتب الاجانب للطلاب ، فهل شاهدتم فيهم أُستاذاً قد أجري تحقيقاً في تلك المطالب ، وتوصّل إلي اكتشاف ما ؟ وهل شاهدتم فيهم من كان له في مجال الطبّ رأياً خاصّاً يخالف آراء تلك الكتب ؟ أو هل شاهدتم أحداً يبدي رأيه في الفيزياء بخصوص قاعدة نيوتن للجاذبيّة ؟ أو يعترض علي آراء أينشتَين ؟ أو يتوصّل إلي اكتشاف بديع أو اختراع جديد في العلوم الطبيعيّة والحياتيّة ؟ أبداً ، أبداً ! فليس في الجامعات من حديث عن اكتشاف أو اختراع جديد أو متابعة لهذه الاُمور ، بل ينحصر الكلام في قاعات الدرس في بيان اختراعات الاجانب واكتشافاتهم والحديث عنها يوميّاً . لا نريد أن نقول : إنّ إيران خالية من النبوغ والتحقيق ، فهي مشحونة بذلك أكثر من غيرها ، ألم يكن أمثال أبي ريحان البيرونيّ وزكريّا الرازيّ وابن سينا والعلمة الطباطبائيّ إيرانيّين ؟ بل نريد القول بأنّ الاستعمار المتأهّب لا يريد للجامعات أن تربّي طلبة محقّقين ، ولذلك فقد وضع أُسلوب تعليم وتعلّم وتربية الاساتذة في الجامعات الاجنبيّة علي نحو لا يربّي محقّقين ذوي نظر مستقلّ ، ولهذا السبب ، فقد اكتفي بهذه الدروس السطحيّة المحفوظة التي تعتمد علي ترجمة الكتب الاجنبيّة . لقد عمد الاستعمار ـ من أجل دحر حركة العلم والتحقيق إلي فتح الجامعات في مقابل المدارس العلميّة ، وعمد في محاولته لاقتلاع جذور التحقيق إلي إغلاق المدارس العلميّة من جهة ، وإلي إشغال طلبة الجامعات بحفظ الصيغ وكتابة الكرّاسات علي أيدي أساتذة غير أخصّائيّين ، بهدف الحصول علي الشهادة الجامعيّة لا أكثر ، وقد أُسّس أمثال كلّيّات الآداب والاءلهيّات والفلسفة ومعهد التعليم العالي بهدف تخريب الحوزات وصولاً إلي صرف الشباب عنها ، والسيطرة الفكريّة عليهم وتغذيتهم بالافكار المنحرفة تحت غطاء الفلسفة والادب الاءيرانيّ ، وسَوق أفكارهم بعيداً عن أصالة القرآن والاءسلام وتوجيهها إلي النزعات القوميّة والوطنيّة وحبّ إيران باسم مواجهة العرب ، والذي ليس هو في الواقع إل مواجهة الاءسلام . ولقد أسّسوا كلّيّة باسم كلّيّة الوعظ والخطابة لتخريج علماء تابعين للنظام مؤتمرين بأمره ، ثمّ سمّوها كلّيّة المعقول والمنقول ، ومنعوا الكلامَ من علي المنابر لغير علماء هذه الكلّيّة ، ثمّ رأوا انتفاء الحاجة إلي المعقول والمنقول بعد تشكيل كلّيّة الاءلهيّات والفلسفة فعمدوا إلي إلغائها . فماذا يُنتـظر مـن كلّيّة الاءلهـيّات والفلسـفة حين يُسـمح لاساتـذتها بالتدريس وإن كانوا من الشيوعيّين والاشتراكيّين والماركسيّين ؟ فالشرط الوحـيد الذي كان يشـترط في هؤلاء المدرّسـين أن لا يكـونوا مسـلمين حقيقيّين ملتزمين ! وندرك هنا جيّداً كلام المرحوم السيّد حسن المدرّس رحمة الله عليه حين سأله المرحوم آية الله البروجرديّ رضوان الله عليه : ما الذي ينبغي عَلَيَّ عمله لتكون خدمتي للدين مؤثّرة ؟ فأجابه وهو يرفع سبّابتَي يديه إلي الاعلي ثمّ ينزلهما إلي الاسفل مراراً : اصنع طلبة ! فالاستعمار لا يخشي من أيّة قوّة ، ولكن يخشي هؤلاء الطلبة ذوي القامات المنتصبة . ولقد أظهر التأريخ بجلاء أنّ المعاهدات الاستعماريّة والامتيازات والاتّفاقات المجحفة التي كانت في صالح أعداء الاءسلام وفي ضرر الشعب الاءيرانيّ المسلم ، من زمن الاستعمار الاءنجليزيّ ثمّ الامريكيّ ، سواء في العهد القاجاريّ أم في النظام البهلويّ ، كلّها قد أمضاها ومرّرها دعاة الثقافة من المتربّين في الغرب ، والمهندسون والاطبّاء المبهورون بأضواء الغرب ومباهج الكفر ؛ أَوَ رأيتم أنّ واحداً منها قد نفّذ علي يد عالم دينيّ ؟! ونفهم جيّداً ؛ من هذه الاُمور ؛ السبب في الخراب الذي كان يتسرّب زمن الطاغوت إلي المدارس الدينيّة فتغلق غرفها ، أو تصبح أقساماً داخليّة لطلبة الجامعات ، أو مخازناً لامتعة الدكاكين المجاورة للمدرسة ، أو حتّي محل للازبال والقمامة . لقد أسقط جمال عبد الناصر الحكم الملكيّ للملكَين فؤاد وفاروق ، وهيمن علي مصر وأخضعها لنفوذه ، فكانت باكورة أعماله أ نّه بني في جوار الجامع الازهر كلّيّة باسم جامعة الازهر بطراز حديث وجميل ذات طوابق متعدّدة ، وشجّع الطلب علي الانتماء إليها ، وأضاف دروس الفيزياء والكيمياء واللغة الاءنجليزيّة وغيرها من الدروس الحديثة إليها . وسمح ـ فوق ذلك للطالبات بالانتماء إليها ، فجعل صفوفها مختلطة للجنسَين ؛ في حين بقي ـ في المقابل الجامع الازهر الواسع علي حاله ، إذ لم يكن في الوسع تخريبه باعتباره بأجمعه من الآثار القديمة ، لكنّ عبد الناصر ببنائه جامعة الازهر ( كلّيّة الازهر ) هذه قد أمات كيان جامع الازهر وجعله مجرّد أثر من الآثار القديمة . فلقد استخدموا منصّة الخطابة في هذه الجامعة الحديثة بدلاً من المنبر ، وكان لديهم صالات وقاعات دراسيّة مجهّزة حديثة بدل المسقّفات الدراسيّة . وكان هذا ما يتمنّاه الاستعمار ويسعي إليه ، وهذا هو الاُسلوب المقبول والمرضيّ لديه ، فلقد أُزيح القرآن جانباً وفق هذه الخطّة بشكل واضح وعلنيّ ، وحلّت الفيزياء والكيمياء واللغة الاءنجليزيّة محلّ بعض الدروس التفسيريّة والحديثيّة . لقد وضع غلادستون رئيس وزراء بريطانيا الاءنجليزيّ اليهوديّ ذوالنزعة الصهيونيّة ، الذي بعث الروح في الاستعمار الاءنجليزيّ ، القرآن بقوّة علي منصّة الخطابة في مجلس الاعيان في غضب ، وقال : ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن يستطيع الاستعمار الاءنجليزيّ السيطرة علي البلاد الاءسلاميّة ، ولا أن يكون نفسه في أمان . [44] فالقضاء علي القرآن ليس بإحراقه أو إغراقه ، ولم يفعل ذلك الاءنجـليز وتحاشـوه ، بل بعزله عن التأثـير بعدم تعـلّمه وتعـليمه ، وإهمال تلاوته ، وعدم الرجوع إلي تفسيره ، وترك العمل بأحكامه ، ولقد وفّقوا في هذا العمل أيّما توفيق ، وأزاحوا القرآن خارجاً عن ساحة العمل والتأثير . فإذا ما شاهدنا اليوم أنّ هناك في الحوزات ـ مثلاً قدراً من الاءغراق الزائد في دراسة أبحاث الاُصول ، فينبغي أن نستبدل بعض ذلك بدرس التفسير ، ودرس « نهج البلاغة » ، ودرس المعارف العالية بشكل رسميّ منتظم ، لا أن نستبدله بعلوم الحياة والطبيعة واللغة الاجنبيّة ؛ إذ إنّ علينا أن نكون متمرّسين في العربيّة للحدّ الذي تصبح فيه كأ نّها لغتنا الاُمّ ؛ وعلي هذا فكم هو جميل أن نضع درساً للبحث والتدقيق في لغات القرآن و « نهج البلاغة » ، ونخرج القرآن إلي حيّز العمل ، فهذه هي الطريقة المثلي للرقيّ والتكامل . وإل نكون قد فعلنا كما فعل عبد الناصر حين بني جامعة الازهر ، وبدأ تدريس الطلبة الفيزياء والكيمياء في صفوف مختلطة ، وهو بعينه ما كان يطمح إليه غلادستون ، ولو كنّا عنه غافلين . ماذا تنتظر الحوزه العلمیه من اساتذتها و القائمین علی ادارتهاوأمّا المطلب الثالث ، وهو : ماذا تنتظر الحوزة العلميّة من الخرّيجين والمجتهدين والاساتذة والقائمين علي إدارتها ؟ وما الذي ينبغي أن يكون عليه نهجهم ومستواهم العلميّ والعمليّ ، ليمكنهم النهوض بأعباء هذه المسؤوليّة الخَطيرة ؟ والجواب علي هذا السؤال يسير غير عسير ، لانّ انتظار الناس من بائع الخضر أن لا يعرض الخضر التالفة الفاسدة للبيع ، وأن يأتيهم بها طريّة سالمة ؛ وتوقّعهم من الشرطة أن تعيّن لحفظ أعراض الناس وأموالهم الحرّاس النشطين المتديّنين الواعين ... وهكذا . فهم يتوقّعون كذلك من الحوزة التي تمثّل الروحانيّات والمعنويّات والحافظة لحياة وأعراض وأموال الناس وكرامتهم ، ودينهم ودنياهم ، في بلد مسلم ينهل شعبه من معين مدرسة التشيّع ؛ أن تخرّج طلباً لائقين نزيهين ينعكس في سيمائهم مظهر القرآن وعلائم روح رسول الله ، وتتلالا وجوههم من إشراق أنوار أئمّة الهدي ، طلبةً يمكنهم في زمن الغيبة هذا ، حيث حُرم عامّة الناس من الاتّصال بإمام زمانهم المعصوم ، أن يعملوا في حدودهم بذلك النهج ويقدّمونه للناس ؛ طلبةً قادرين علي أن يبيّنوا للناس المعارف الحقيقيّة الاءلهيّة ، وأن يكونوا مربّيهم وقادتهم في الاخلاق والعمل في طريق الوصول إلي قمّة التوحيد وأعلي ذروة كمال الشـخصيّة الاءنسانيّة ؛ طلبةً يمكنهم إدارة دين الناس ودنياهم ، ليس فقط من الناحية الظاهريّة ، بل بفهمهم لوجهة نظر الولاية الباطنيّة وإرشادهم الناس علي ضوء هُداها . ينتظر الناس أن تقدّم لهم الحوزة أُناساً يمكنهم فهم العلم الذي وصفه رسول الله بأ نّه : آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَوْ فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ علي النحو الاحسن والاكمل ، ثمّ يقومون في المرتبة الثانية بتوسيع شعاع وجودهم فيقودوا معظم الطبقات من أتباعهم ، بعيداً عن الغش والغلّ ، في موكب تلفّه السعادة والظفر والعافية والنصر ، ضاحكين مستبشرين ، إلي الجنّة التي وُعد المتّقون ؛ فيكونوا قد عمروا دنياهم وآخرتهم . وينتظر الناس أن يكون هؤلاء أمينين مأمونين ، مضحيّن متفانين ، متجرّدين عن العلائق مع غير الله عزّ وجلّ ، يلفّهم سكون حرم العزّ والوقار ، وينهض بهم النظر الثاقب والهمّة العالية ، شكورين صابرين ، قانعين متواضعين ، شجعان سمحاء ، طووا مراحل العلم ومدارجه من فقه وأُصول وحكمة وفلسفة وتفسير وحديث وتأريخ وغيرها ، وتتلمذوا زمناً في المعارج العمليّة والعرفان الاءلهيّ علي يد أُستاذ موحّد فاهم واصل كامل ، وتربّوا السنين الطوال في رعايته ، فجمعوا بين الحكمة النظريّة والعرفان العمليّ ، وصاروا في الفقه خبيرين بصيرين ، واطّلعوا الاطّلاع التامّ علي سيرة رسول الله ونهج أئمّة الدين ، وفهموا كتاب الله وقرآنه الكريم ، وعرفوا شأن نزول آياته وتفسيرها ، وحفظوا كلّ آياته أو معظمها . أفيجوز لمن يعتبر نفسه إماماً في دين الله ودليلاً علي الطريق إليه ، أن يكون فاقداً لمعرفة الله ، فيقول إنّ المعرفة إنّما هي المعرفة الاءجماليّة بأنّ الله واحد وكفي ! فما تلك ال معرفة العجائز . إنّ إمامنا الصادق عليه السلام لم يقل هكذا ؛ لابد للعلوم الدینیه ان تصب فی عرفان الله لتضاء بنور اللهفقد ورد في «الوافي» عن «الكافي» عن محمّد بن سالم بن أبي سلمة ، عن أحمد بن ريّان ، عن أبيه ، عن جميل بن دُرّاج ، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : قَالَ : لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي فَضْلِ مَعْرِفَةِ اللَهِ تَعَالَي ، مَا مَدُّوا أَعْيُنَهُمْ إلَي مَا مُتِّعَ بِهِ الاَعْدَاءُ مِنْ زَهْرَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَنَعِيمِهَا ، وَكَانَتْ دُنْيَاهُمْ أَقَلَّ عِندَهُمْ مِمَّا يَطَؤُونَهُ بِأَرْجُلِهِمْ ، وَلَنُعِّمُوا بِمَعْرِفَةِ اللَهِ تَعَالَي ، وَتَلَذَّذُوا بِهَا تَلَذُّذَ مَنْ لَمْ يَزَلْ فِي رَوْضَاتِ الجِنَانِ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَهِ . إنَّ مَعْرِفَةَ اللَهِ أُنْسٌ مِنْ كُلِّ وَحْشَةٍ ؛ وَصَاحِبٌ مِنْ كُلِّ وَحْدَةٍ ؛ وَنُورٌ مِنْ كُلِّ ظُلْمَةٍ ؛ وَقُوَّةٌ مِنْ كُلِّ ضَعْفٍ ، وَشِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُقْمٍ . ثُمَّ قَالَ : قَدْ كَانَ قَبْلَكُمْ قَوْمٌ يُقْتَلُونَ ، وَيُحْرَقُونَ ، وَيُنْشَرُونَ بِالمَنَاشِيرِ ، وَتَضِيقُ عَلَيْهِمُ الاَرْضُ بِرُحْبِهَا ، فَمَا يَرُدُّهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ شَيءٌ مِمَّا هُمْ فِيهِ ، مِنْ غَيْرِ تِرَةٍ وَتَرُوا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ، وَل أَذَي مِمَّا نَقَمُوا مِنْهُمْ إل أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ . فَسَـلُوا رَبَّكُمْ دَرَجَاتِـهِمْ ! وَاصْبِرُوا عَلَي نَوَائِـبِ دَهْرِكُمْ تُدْرِكُـوا سَعْيَهُمْ! [45] ونلحظ في هذه الرواية كيف يبيّن الاءمام عليه السلام همّة وثبات العرفاء بالله ، وكيف يدعو تلاميذه إلي الاستقامة والصبر حفاظاً علي العلم والاءيمان ومعرفة الله . هؤلاء هم الذين تعاقبوا في الازمنة السالفة ، وكانوا بطلوع وإشراق أنوار الحقّ وصفاته في قلوبهم حفظةً لدين الله وشريعته ، وحماةً لقرآنه وكتابه . خلق را چون آب دان صاف وزلال اندر او تابان صفاتِ ذو الجلال علمشان و عدلشان و لطفشان چون ستارة چرخ در آب روان قرنها بگذشت و اين قرن نويست ماه آن ماهست و آب آن آب نيست عدل آن عدلست و فضل آن فضل هم ليك مستبدل شد آن قرن و اُمَم قرنها بر قرنها رفت اي همام وين معاني بر قرار و بردوام آب مُبْدَل شد در اين جو چند بار عكس آن خورشيد دائم برقرار جهان مرآت حسن شاهد ماست فَشَاهِدِ وَجْهَهُ فِي كُلِّ مِرْءَاتِ[46] وها هو اليوم سيل طلبة العلوم الدينيّة يتدفّق علي الحوزات العلميّة من كلّ صوب وحدب ، فإنّهم ينبغي أن يحسّوا في قرارة أنفسهم وأعماق وجودهم ويلمسوا حقيقة أنّ العلوم الدينيّة إن اتُّخذت وسيلةً للعيش ونُظر إليها كثروة دنيويّة فقط ، فإنّها لن تختلف عن سائر الحرف والفنون ، أمّا فيما لو اتُّخذت طريقاً إلي الله وعرفانه ، وللتحقيق عن سرّ عالم الكون ونيل العلوم الحقّة الحقيقيّة فإنّ الله الرحيم سيُمطر فيض رحمته عليهم ، ويملا قلوبهم بأنوار جماله وجلاله المتلالئة . قال مولانا في الدفتر الثاني من « المثنوي » : هر كجا دردي دوا آنجا رود هر كجا فقري نوا آنجا رود هر كجا مشكل جواب آنجا رود هركجا پستي است آب آنجا رود آب كم جو تشنگي آور بدست تا بجوشد آبت از بالا وپست تا سَقَاهُمْ رَبـُّهُمْ آيد خطاب تشنه باشد اللَهُ أَعْلَمْ بِالصَّواب[47] وقال أيضاً في الدفتر الثالث مع تكرار الابيات الثلاثة الاُولي : هر چه روئيد از پي محتاج رُست تا بيابد طالبي چيزي كه جُست حقّ تعالي كاين سماوات آفريد از براي رفع حاجات آفريد هر كه جويا شد بيابد عاقبت مايهاش درد است واصل مرحمت هر كجا دردي دوا آنجا رود هر كجا فقري نوا آنجا رود هر كجا مشكل جواب آنجا رود هر كجا پستي است آب آنجا رود آب كم جو تشنگي آور بدست تا بجوشد آبت از بالا وپست [48] وكم هو جميل ومعبّر تعبير السنائيّ الحكيم عليه الرحمة والرضوان حين صاغ هذاالواقع في قالب النظم : دل آنكس كه گشت بر تن شاه بود آسوده ملك ازو وسپاه [49] بد بود تن چه دل تباه بود ظلم لشكر ز ضعف شاه بود اين چنين پر خلل دلي كه تو راست دد وديوند با تو زين دل راست پاره گوشت نام دل كردي دل تحقيق را بحِل كردي اينكه دل نام كردهاي به مجاز رو به پيش سگان كوي انداز از تن ونفس وعقل وجان بگذر در ره او دلي بدست آور آنچنان دل كه وقت پيچاپيچ اندرو جز خدا نيابي هيچ[50] ولهذا الامر فقد عدّت أحاديث كثيرة العلمَ منحصراً بالعلم الحقيقيّ المستقرّ في القلب والملازم للعمل . وجاء في « مصباح الشريعة » قَالَ الصَّادِقُ عَلَيهِ السَّلمُ : ل يَحِلُّ الفُتْيَا لِمَنْ ل يَسْتَفْتِي مِنَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ بِصَفَاءِ سِرِّهِ ؛ وَإخْلصِ عَمَلِهِ ؛ وَعَلنِيَتِهِ ؛ وَبُرْهَانٍ مِنْ رَبِّهِ فِي كُلِّ حَالٍ . لنَّ مَنْ أَفْتَي فَقَدْ حَكَـمَ ؛ وَالحُـكْمُ ل يَصِحُّ إل بِإذْنٍ مِنَ اللَهِ وَبُرْهَانِهِ . وَمَنْ حَكَمَ بِخَبَرٍ (بَالخَبَرِ ـ خ ل) بِل مُعَايَنَةٍ فَهُوَ جَاهِلٌ مَأخُوذٌ بِجَهْلِهِ ، وَمَأثُومٌ بِحُكْمِهِ . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ : أَجْرَؤُكُمْ عَلَي الفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَي اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ . أَوَ ل يَعْلَمُ المُفْتِي أَ نَّهُ هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ اللَهِ تَعَالَي وَبَيْنَ عِبَادِهِ ، وَهُوَ الجَائِزُ (الحَائِرُ ـ خ ل) بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ [51]. الفقهاء الذین یجمعون علم الظاهر و الباطن هم معلمو الحوزات الحقیقیونإنّ فقهاءً كهؤلاء يجمعون بين علم الظاهر والباطن ، وبين العلم والعمل ، هم الذين ينبغي أن يعلّموا وينشّئوا الطلبة والحوزات ، فهم يكتسبون العلم الحقيقيّ من جانب الربّ تعالي فيعكسونه علي المتعلّمين ؛ وهم القائمون ليلاً في محراب العبادة ، والصافّون الاقدام في الدعاء والتضرّع والتعظيم لمقام الربّ المعبود ، قلوبهم مجذوبة للجذوات الاءلهيّة والسبحات الربّانيّة ، فهم يفيضون نهاراً ما اكتسبوه في المحراب ليلاً ، ويسبحون في هذا العالم الواسع ويفيضون فيوضاتهم إلي العالم : إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْـًا وَأَقْوَمُ قِيل * إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيل .[52] هذا السبح الذي تمنح فيه وتنفق وتفيض ممّا مُنحته ليلاً في محراب عبادتك . العلم المجازی کالمیزاب المفتوح و العلم الحقیقی کماء الحیاهلذا فإنّ الاجتهاد القائم علي القواعد فقط هو اجتهاد شكليّ ليس إل ، واجتهاد كهذا أشبه بالميزاب منه بماء الحياة ، فلو فُرض أن جري فيه الماء وانساب ، واتّفق مطابقة الحكم للواقع ، فإنّه لن يكون إل وعاءً ووسيلة لعبور ماء الحياة وتدفّقه ؛ ولو قدّر لا سمح الله أن كُسر هذا الميزاب أو أصابه العيب والخلل ، لادّي ذلك إلي أضرار ومفاسد لا تُحصي . يقول مولانا في الدفتر الخامس للـ « مثنوي » : علم چون در نور حقّ پرورده شد پس زعلمت نور يابد قوم لُدّ هر چه گوئي باشد آنهم نور پاك كاسمان هرگز نبارد سنگ وخاك آسمان شو ابر شو باران ببار ناودان بارش كند نبود بكار آب اندر ناودان عاريّتي است آب أندر ابر و دريا فطرتي است فكر و انديشه است مثل ناودان وحي مكشوفست ابر و آسمان آب باران ، باغ صد رنگ آورد ناودان همسايه در جنگ آورد[53] ويقول كذلك في الدفتر الثاني : علم تقليدي بود بهر فروخت چون بيابد مشتري خوش بر فروخت مشتري علم تحقيقي حق است دائماً بازار او با رونق است لب ببسته مست در بيع و شري مشتري بيحد كه اللهُ اشتَرَي درس آدم را فرشته مشتري محرم درسش نه ديو است وپري آدَم أنْبِئْهُمْ بأَسْمَا درس گو شرح كن أسرار حق را مو به مو[54] روایات حول اصحاب العلوم الظاهریه و المجازیهوقد وردت رواية عجيبة عن الصادق عليه السلام توجب الحذر والتيقّظ حقّاً : في «الوافي» عن «الكافي» ، عن محمّد ، عن ابن عيسي ، عن ابن فضّال ، عن عليّ بن عقبة ، عن عُمَر ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال الراوي : قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ : تَجِدُ الرَّجُلَ ل يُخْطِيُ بِلمٍ وَل وَاوٍ خَطِيباً مِسْقَعاً [55] وَلَقَلْبُهُ أَشَدُّ ظُلْمَةً مِنَ الَّليْلِ المُظْلِمِ ، وَتَجِدُ الرَّجُلَ ل يَسْتَطِيعُ تَعْبِيراً عَمَّا فِي قَلْبِهِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبُهُ يَزْهَرُ كَمَا يَزْهَرُ المِصْبَاحُ . [56] روي في « أُصول الكافيّ » ج 2 ، ص 214 بإسناده عن ابن أُذَيْنَة ، عن الاءمام جعفر الصادق عليه السلام قال : إنَّ اللَهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ قَوْماً لِلْحَقِّ فَإِذَا مَرَّ بِهِمُ البَابُ مِنَ الحَقِّ قَبِلَتْهُ قُلُوبُهُمْ وَإنْ كَانُوا ل يَعْرِفُونَهُ ؛ وَإذَا مَرَّ بِهِمُ البَابُ مِنَ البَاطِلِ أَنْكَرَتْهُ قُلُوبُهُمْ وَإنْ كَانُوا ل يَعْرِفُونَهُ . وَخَلَقَ قَوْمَاً لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإذَا مَرَّ بِهِمُ البَابُ مِنَ الحَقِّ أَنكَرَتْهُ قُلُوبُهُمْ وَإنْ كَانُوا ل يَعْرِفُونَهُ ؛ وَإذَا مَرَّ بِهِمُ البَابُ مِنَ البَاطِلِ قَبِلَتْهُ قُلُوبُهُمْ وَإنْ كَانُوا ل يَعْرِفُونَهُ . ولقد كان المرحوم صدر المتأ لّهين قدّس الله سرّه يئنّ ويتأ لّم من أفراد كهؤلاء ، من الانانيّين وعبدة الدنيا وطلب الرئاسة ، فيقول : وَالعَجَبُ أَ نَّهُ مَعَ البَلءِ كُلِّهِ وَالدَّاعِ جُلِّهِ تَمَنَّي نَفْسُهُ العَثُورَ وَتُدَلِّيهِ بِحَبْلِ الغُرُورِ أَنَّ فِيمَا يَفْعَلُهُ مُرِيدُ وَجْهِ اللَهِ ؛ وَمُذِيعُ شَرْعِ رَسُولِ اللَهِ ؛ وَنَاشِرُ عِلْمِ دِينِ اللَهِ ؛ وَالقَائِمُ بِكِفَايَةِ طُلبِ العِلْمِ مِنْ عِبَادِ اللَهِ . وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ضُحْكَةً لِلشَّيْطَانِ وَسُخْرَةً لعْوَانِ السُّلْطَانِ ؛ لَعَلِمَ بِأَدْنَي تَأَمُّلٍ أَنَّ فَسَادَ الزَّمَانِ ل سَبَبَ لَهُ إل كَثْرَةُ أَمْثَالِ أُولَئِكَ الفُقَهَاءِ المُحَدِّثِينَ المُحْدِثِينَ فِي هَذِهِ الاَوَانِ ، الَّذِينَ يَأْكُلُونَ مَا يَجِدُونَ مِنَ الحَللِ وَالحَرَامِ ، وَيُفْسِدُونَ عَقَائِدَ العَوَامِّ بِاسْتِجْرَائِهِمْ عَلَي المَعَاصِي اقْتِدَاءً بِهِم وَاقْتِفَاءً ل´ثَارِهِمْ ، فَنَعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الغُرُورِ وَالعَمَي فَإنَّهُ الدَّاءُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ . [57] وقد برهنتُ في مباحث الاجتهاد والتقليد علي أنّ من الشروط الحتميّة للاءفتاء والحكم ، العدول عن الجزئيّة والارتباط والتعلّق بالكلّيّة ، وأنّ هذا الشرط لا يتحقّق إل بتخطّي عالم النفس ومعرفة حضرة الربّ تعالي . وقد أوردتُ في بحث ضمنيّ مسألة ولاية الفقيه بشكل مجمل في كتاب « الرسالة البديعة في تفسير آية : الرِّجَالُ قَوَّ مُونَ عَلَي النِّسَآءِ » ؛ وهذا المعني مشهود في حديث « نهج البلاغة » وخطاب أمير المؤمنين عليه السلام لكميل ، وفي رسالته عليه السلام إلي مالك الاشتر وشواهد أُخري جري ذكرها هناك ؛ لكنّ البحث المفصّل عن هذه المسألة يحتاج إلي كتاب مستقلّ في الاجتهاد والتقليد ، وشروط المفتي والحاكم ، وهو منوط بمجال أوسع وتوفيق أكثر واستعانة بحول الخالق المتعال وقوّته .[58] لَهُ الْحَمْدُ فِي الولَي' وَالخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . [59] لطائف الاشارات فی اشعار حافظ الشیرازی الغزلیهوللخواجة حافظ الشيرازيّ غزل في هذا المقام يحوي عالماً من لطائف الاءشارات : مرابه رندي و عشق آن فَضُول عيب كند كه اعتراض بر اسرار علم غيب كند كمال سرّ محبّت ببين نه نقص گناه كه هر كه بي هنر افتد نظر به عيب كند ز عطر حور بهشت آن نَفَس برآيد بوي كه خاك ميكدة ما عبير جَيب كند چنان بزد ره اسلام غمزة ساقي كه اجتناب ز صَهْبا مگر صُهَيب كند كليد گنج سعادت قبول اهل دلست مبادكس كه در اين نكته شكّ و ريب كند شبان وادي أيمن گهي رسد به مراد كه چند سال به جان خدمت شعيب كند[60] زديده خون بچكاند فسانة حافظ چون ياد وقت و زمان شباب و شيب كند[61] الارجاعات: [40] ـ Galilee عالم رياضيّ ومنجّم وفيزيائيّ إيطاليّ مشهور ( 1564 إلي 1642 ميلاديّة) . [41] ـ Newton عالم فيزياء إنجليزيّ ( 1642 إلي 1727 ميلاديّة) . [42] ـ Lavoisier عالم كيميائيّ فرنسيّ ومن مؤسّسي الكيمياء الحديثة ( 1743 إلي 1794 ميلاديّة) . [43] ـ «انسان موجـود ناشـناخـته» (= الاءنسان ذلـك المجـهول) ص 26 و 27 الطـبعة السادسة . ويقول أحمد أمين في كتاب «يوم الاءسلام» الذي أ لّفه في أواخر حياته ، ص 46 و 47 ، طبعة سنة 1952 م : ولو بُنِيَ الاءسلام علي أساس متين لطار كما طار غيره . نعم ، إنّ الصين بقيت زمناً أطول منه علي وثنيّتها . ولكن ، يُلاحظ أنّ الصين كانت قارّة واحدة ، بينما كان الاءسلام في ثلاث قارّات ، وأ نّها لم تحط بالاعداء من حولها كما أُحيط هو ، ففي وقت واحد كانت ضربات التار وضربات الصليبيّين وغيرهم . إنّ العلم الحديث مع تقدّمه الباهر لم يستطع أن يفسّر أسرار الحياة ، إل نتفاً هنا ونتفاً هناك ، وعجز عجزاً تامّاً عن تفسير الباقي . أمّا الاءسلام فقد استطاع أن يحيي في الاءنسان الضمير الدينيّ ، ويحلّ به المشاكل كلّها بحذافيرها . واستطاع أن يفهم ضمّ الحياة الاُخري إلي الحياة الدنيا ، فيفهم من ذلك أنّ مجرماً يسعد ، ومستقيماً يشقي ، لانّ هنالك ضميمة أُخري إلي الحياة الدنيا تحدث التعادل بين حياة المجرم والمستقيم . لكلّ هذه الاسباب ، نرجو أنّ إحساس الغربيّ بالشقاء وبالعجز وبالحيرة عن فهم سرّ الحياة ، يلجئه أخيراً إلي أن يري المنقذ من كلّ ذلك ، ولعلّه لا يجد غير الاءسلام . [44] ـ نقل في كتاب «نهضت هاي اسلامي در صد سالة أخير» (= الحركات الاءسلاميّة في القرن الاخير) ص 30 ، عن كتاب «سيري در انديشه سياسي عرب» (= جولة في النظريّات السياسيّة العربيّة) للدكتور حميد عنايت ، قوله : يري الاُوروبّيّون أنّ المعتقدات الدينيّة هي أوثق الروابط بين المسلمين ، وقد سعوا باسم الانفتاح ومحاربة التعصّب إلي تحطيم هذه الرابطة ، لكنّهم أكثر من غيرهم ابتلاءً بالتعصّب الدينيّ ، فقد كان غلادستون ترجمةً حيّة لبطرس الراهب ، أي صورة مكرّرة للحروب الصليبيّة ـ انتهي . ثمّ يقول بعد هذا الموضوع : ولقد ظهرت الرؤية الواقعيّة للافغانيّ (جمال الدين الاسدآباديّ) واضحة للعيان بعد نصف قرن ، فحين احتلّ الجيش الاءسرائيليّ بقيادة ضابط أُوروبّيّ مدينة القدس في الحرب الاُولي بين العرب واليهود وسلّمها لليهود وتشكّلت دولة إسرائيل الصهيونيّة ، عندها قال : الآن انتهت الحروب الصليبيّة ! [45] ـ «الوافي» ج 1 ، ص 42 و 43 ، الطبعة الحجريّة . [46] ـ ديوان «مثنوي معنوي» للمل الروميّ ج 6 ، ص 607 ، السطر 22 ، و ص 608 ، السطران 1 و 2 . يقول : «الخلقُ أشبه بقطرات ماءٍ صافٍ زلال ، تشعّ داخلها صفات الربّ ذي الجلال . فعلمه ولطفه وعدله تبرق كنجوم السماء في الماء المنساب . وتمرّ القرون ، ويأتي قرن جديد ، ويبقي القمر نفسه ذاك القمر ، لكنّ الماء لم يعد ذلك الماء . ولم يزل العدل هو ذلك العدل ، وكذا الفضل هو ذاك الفضل . لكنّ القرون والاُمَم قد استبدلت ، ولقد تعاقبت القرون أيّها الهمام وهذه المعاني راسخة لا تتغيّر . وتبدّل الماء في هذه الساقية مرّات ومرّات ، لكنّ الشمس ظلّت تسطع عليه دوماً . وهذا العالم كالمرآة خير شاهد لمدّعانا ، فشاهد وجهه في كلّ مرآة» . [47] ـ «ديوان مثنوي» ج 2 ، ص 153 ، السطران 9 و 10 . يقول : «حيثما كان الداء كان الدواء ، وحيثما كان الفقر كان الغني والثراء . وأينما كان السؤال لحقه الجواب ، وحيثما انخفضت الارض انساب إليها الماء . فأقلّ من طلب الماء ليهزّك العطش ، فتفور مياهك من الاعالي والمنحدرات . فكن عَطِشاً حتّي يأتي خطاب «سقاهم ربّهم» ، لانّ الباري الحكيم أعلمُ بالصواب» . [48] ـ «ديوان مثنوي» ج 3 ، ص 283 ، الاسطر 6 إلي 9 . يقول : «كلّما نما في الارض فلاجل المحتاج المفتقر ، كي يجد طالبٌ ما ابتغي . فلقد خلق الحقّ تعالي هذه السماوات والارضين لرفع حاجات عباده . فمن جدّ في البحث وجد ، وهو أمرٌ ظاهره الالم وباطنه الرحمة . فحيثما كان الداء كان الدواء ، وحيثما كان الفقر كان الغني والثراء . وأينما كان السؤال لحقه الجواب ، وحيثما انخفضت الارض انساب إليها الماء . فأقِلَّ من طلب الماء ليهزّك العطش ، فتفور مياهك من الاعالي والمنحدرات» . [49] ـ «سفينة البحار» ج 2 ، ص 441 . يقول : « إنّ من صار قلبه مَلِكاً علي بدنه ، صارت الملكة والجيش منه في راحة وأمان . [50] یقول: وإن فسد القلب فسد معه البدن ، وإنّ ظلم الجيش عائد إلي ضعف الملك . لكنّ قلبك يا صاح مليء بالضعف والوهن ، فصار الوحش والشيطان شريكيك فيه . أتسمّي مضغة لحمٍ قلباً ؟ لقد فقدتَ إذاً القلب الحقيقيّ . وعليك أن تذهب فتلقي إلي كلاب الحارة ما سمّيته مجازاً بالقلب ! وتَخَطَّ البدن والنفس والغقل والروح ، واكتسب في سبيله (هو) قلباً . قلباً لا تجد فيه عند الشدائد والمنعطفات سوي الله تعالي» . [51] ـ «مصباح الشريعة» ص 41 و 42 ، الباب 63 من طبعة نشر كتاب مصطفوي ؛ وج 2 ، ص 67 إلي 71 ، وبرقم تسلسل ص 351 إلي 355 من الشرح الفارسيّ لـ «مصباح الشريعة» للمل عبد الرزّاق الگيلانيّ (الجيلانيّ) ، وتصحيح المحدِّث الارمويّ . و«بحار الانوار» ج 1 ، ص 101 ، باب النهي عن القول بغير علم ، طبعة الكمبانيّ . و«مستدرك الوسائل» ج 3 ، ص 194 ، باب ما يتعلّق بأبواب صفات القاضي وما يجوز أن يقضي به ، الطبعة الحجريّة ، و«المحجّة البيضاء» ج 1 ، ص 147 و 148 . وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : كَيفَ يَنْتَفِعُ بِعِلْمِي غَيْرِي وَأَنَا قَدْ حَرَمْتُ نَفْسِي ؟ وَل تَحِلُّ الفُتْيَا فِي الحَللِ وَالحَرَامِ بَيْنَ الخَلْقِ إل لِمَنِ اتَّبَعَ الحَقَّ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ وَنَاحِيَتِهِ وَبَلَدِهِ بِالنَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ (إل لِمَنْ كَانَ أَتْبَعَ الخَلقِ مِنْ أَهلِ ... بِالحَقِّ ـ خ ل) وَعَرَفَ مَا يَصْلَحُ مِنْ فُتْيَاه ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ : وَذَلِكَ لَرُبَّمَا وَلَعَلَّ وَلَعَسَي ، لنَّ الفُتْيَا عَظِيمَةٌ . قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلمُ لِقَاضٍ : هَلْ تَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ المَنْسُوخِ ؟! قَالَ : ل ! قَالَ : فَهَلْ أَشْرَفْتَ عَلَي مُرَادِ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَمْثَالِ القُرْآنِ ؟ قَالَ : ل ! قَالَ : إذَاً هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ . وَالمُفْتِي يَحْتَاجُ إلَي مَعْرِفَةِ مَعَانِي القُرْآنِ وَحَقَائِقِ السُّنَنِ وَمَوَاطِنِ (بَوَاطِنِ ـ خ ل) الاءشَارَاتِ وَالآدابِ وَالاءجْمَاعِ وَالاخْتِلفِ ، وَالاطِّلعِ عَلَي أُصُولِ مَا اجْتَمَعُوا عَلَيهِ وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ، ثُمَّ إلَي حُسْنِ الاخْتِيارِ ، ثُمَّ إلَي العَمَلِ الصَّالِحِ ، ثَمَّ الحِكْمَةِ ، ثُمَّ التَّقْوَي ، ثُمَّ حِينَئِذٍ إنْ قَدَرَ ! يقول محيي الدين بن عربي في «الفتوحات المكّيّة» ج 3 ، ص 69 ، الباب 318 : فَمَا ثَمَّ شَارِعٌ إل اللَهُ تَعَالَي . قَالَ اللَهُ تَعَالَي لِنَبِيِّهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ : «لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَآ أَرَب'كَ اللَهُ» ، وَلَمْ يَقُلْ بِمَا رَأَيْتَ ، بَلْ عَتَبَهُ اللَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي لَمَّا حَرَّمَ عَلَي نَفْسِهِ بِاليَمِينِ فِي قَضِيَّةِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ ، فَقَالَ تَعَالَي : «يَـ'´أَيُّهَا النَّبِيٌّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اللَهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَ جَكَ» . فَكَانَ هَذَا مِمَّا أَرَتهُ نَفْسُهُ ، فَهَذَا يَدُلُّك أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَي : «بِمَآ أَرَب'كَ اللَهُ» أَ نَّهُ مَا يُوحَي بِهِ إلَيْهِ ل مَا يَرَاهُ فِي رَأْيِهِ ، فَلَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْي لَكَانَ رَأيُ النَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ أَوْلَي مِن رَأْيِ كُلِّ ذِي رَأْي ؛ فَإذَا كَانَ هَذَا حَالَ النَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ فِيمَا أَرَتْهُ نَفْسُهُ ، فَكَيفَ رَأيُ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ ؟ وَمَنِ الخَطَأُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنَ الاءصَابَةِ . فَدَلَّ أَنَّ الاجْتِهَادَ الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَي تَعْيِينِ الحُكْمِ فِي المَسْأَلَةِ الوَاقِعَةِ ل فِي تَشْرِيعِ حُكْمٍ فِي النَّازِلَةِ ، فَإنَّ ذَلِكَ شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَهُ إلي آخر بحثه في هذا الباب . وقد نقل المل السيّد صالح المولويّ الخلخاليّ التلميذ المبرّز للميرزا السيّد أبي الحسين جلوه الاءصفهانيّ الذي شرح «المناقب» المنسوب إلي محيي الدين في صفحة 29 ، عين عبارات محيي الدين هذه عن المحدّث النيشابوريّ ، وذكر نقل باب آخر في «الفتوحات» : ل يَجُوزُ أَنْ يُدَانَ اللَهُ بِالرَّأْي وَهُوَ القَوْلُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ مِن كِتَابٍ وَل سُنَّةٍ وَل إجْمَاعٍ . وَأَمَّا القِيَاسُ فَل أَقُولُ بِهِ وَل أُقَلِّدُ فِيهِ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، فَمَا أَوْجَبَ اللَهُ عَلَينَا الاَخْذُ بِقَوْلِ أَحَدٍ غَيْرِ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ . ثمّ أورد شرحاً علي دلالة هذا المرام علي تشيّعه . [52] ـ الآيتان 6 و 7 : من السورة 73 : المزّمّل . [53] ـ «ديوان مثنوي» للمل جلال الدين الروميّ ، ج 5 ، ص 485 ، الاسطر 2 إلي 4 . طبعة مير خاني . يقول : «لو ترعرع علمك في نور الحقّ ، فسيجد حتّي أعداؤك النور والهدي فيه . فمهما نطقتَ كان نوراً منزّهاً ، لانّ السماء لا تمطر تراباً وحجارة أبداً . كن سماءً وغيماً فأمطر ما وسعك ، ولا تكن كالميزاب لا يُنتفع بمائه المنهمر . لانّ الماء المنسكب من الميزاب عارية زائلة ، وماء الغيوم والبحر فطرة أصيلة . كذاك العلم والفكر شأنهما كالميزاب ، والوحيُ إنّما هو كالغيم والسماء . فانظر لماء المطر كيف اينعت منه الروضة ألواناً زاهية ، وانظر لماء الميزاب كيف تنازع بشأنه الجيران» . [54] ـ «ديوان مثنوي» ج 2 ، ص 185 ، السطران 22 و 23 . يقول : «العلمُ إن كان تقليديّاً كان جاهزاً للبيع ، إن صادف من يشتريه بِيعَ . لكنّ العلم الحقيقيّ له مشترٍ هو الحقّ ، لذا كان سوقه زاهياً كلّ آن . تراهم سكوتاً سكري في البيع والشراء ، إذ المشتري لا حصر له ، إذ «الله اشتري» . وكانـت الملائـكة طلباً لدرس آدم مشـترين ، وكان درسـه سرّاً محـرّماً علي الجـنّ والملائكة . فقل لهم يا آدم الدرس «آدم انبئهم بأسمائهم» ، واشرح لهم تفصيل أسرار الحقّ» . ويقول الغزّاليّ في «إحياء العلوم» ج 1 ، ص 17 : قال رسول الله صلّي الله عليه وآله لوابصة : اسْتَفْتِ قَلْبَكَ ، وَإنْ أَفْتَوكَ ، وَإنْ أَفْتَوكَ ، وَإنْ أَفْتَوكَ ! [55] ـ قال المحقّق الفيض : المِسْقَع صحيح بالسين والصاد أيضاً ، ومعناه البليغ أو مَن كان صوته جهـوريّاً ، أو الخطـيب المفـوّه الذي يتكلّم باستمرار ، فلا يعـتري كلامه لكنة أو رجفة . [56] ـ «الوافي» ج 1 من الطبعة الحجريّة ، الجزء الثالث ، ص 51 باب أصناف القلوب تنقّل أحوال القلب . [57] ـ «الواردات القلبيّة في معرفة الربوبيّة» ص 258 ، الفيض الثالث والعشرون ، الطبعة الحجريّة ، المطبوع في جزء واحد مع سبع رسائل أُخري لصدر المتأ لّهين ورسالة أُخري للسيّد صدر الدين الشيرازيّ . وقد صحّح الدكتور أحمد شفيعيها هذه الرسالة وطبعها مستقلّة ، حيث ورد هذا القول في ص 88 ، الفيض الثالث والعشرون . [58] . ـ وقد تمّ بحمد الله بعد تأليف هذا الكتاب تدوين بحوث تحت عنوان «ولايت فقيه در حكومت اسلام» (= ولاية الفقيه في حكومة الاءسلام» في أربعة أجزاء ، ضمّت بحثاً تفصيليّاً عن شرائط تحقّق ولاية الفقيه في زمن غيبة إمام العصر عجّل الله فرجه الشريف ، وحدودها وثغور أوامرها ، وعن دورها في المجتمع الاءسلاميّ ، والتزام المسلمين تجاه تنفيذ نوايا حاكم الشرع . [59] ـ الآية 70 ، من السورة 28 ، القصص [60]. ـ «ديوان الخواجة حافظ الشيرازيّ» ص 57 ، الغزل رقم 125 ، طبعة پژمان . يقول : «يعيب ذاك الفضوليّ عَلَيَّ جرأتي وعشقي ، معترضاً بذاك علي أسرار علم الغيوب . فانظر ، فليس كمال سرّ المحبّة هو النقص من الذنوب ، فمن شيم من لا فضل له تقصّي العيوب . وهناك عبير ذكيّ يفوح من عطر الحور في الفراديس ، لا نّها تعطّر جيب ردائها بتراب حانتنا النفيس . وغمزات الساقي تنهال علي طريق الاءسلام ، فلا يستطيع «صهيب» ـ أحد الصحابة أن يتجنّب الصهباء والشراب . وقبول أهل القلوب هو مفتاح السعادة ، فلا تجعل الحبيب يا ربّ في شكّ وريبة من هذه النكتة المعادة . فلربّما نال راعي الوادي الايمن مراده بعد ما يقدم علي خدمة شعيب سنيناً بفؤاده . [61] یقول: وحكاية حافظ تجعل الدم يقطر من العيون ، حينما يتذكّر زمان الشباب ووقت المشيب» . |
|
|