|
|
لم يكن الهدف من تقسيم الاراضي تحقيق الإصلاح ، كما انّه لم يُثمر شيئًاامّا في بلدنا ، فقد عمد الشاه ءاريامهر؛ بدلاً من افادته من الاراضي الخصبة الصالحة البالغة ملايين الهكتارات ، و بدلاً من حفر الآبار الصناعية و القنوات و الآبار العميقة العادية و أمثال ذلك ، من أجل جعل أراضي المملكة تدرّ الغلاّت و المحاصيل ، عمد إلی تنفيذ الاوامر المؤكّدة لاسياده الامريكان ، فقام بتقسيم الاراضي ، و لم تنتج تلك الخطّة المشؤومة الاّ الخراب و الفساد ، و الاّ إلی اتلاف القري و الارياف[1].
قال للحقير
يوماً المرحومُ السيّد جلال الطهراني المنّجم المعروف و قد قال في جملة كلامه: «لم أقم بتقسيم الاراضي في ولاية خراسان، فقال لي صاحب الجلالة يوماً: يجب أن تبدأوا بتقسيم الاراضي في خراسان! فقلتُ: لا أفعل[3]! قال: و لِمَ ؟! قلتُ: لانّ جميع هذه الاراضي ملك أبي ، و لستُ بمضيّعٍ ملك أبي. ولو قيل لكم: قسّم ممتلكات أبيك ، أفكنتَ فاعلاً ؟ قال: كلاّ! فقلت: هذه الاموال جميعها موقوفات الامام الرضا عليه السلام ، والامام الرضا أبي ، فكيف أتصرّف في أمواله فأقسّمها ؟! و بغضّ النظر عن ذلك ، فانّ تقسيم الاراضي ليس في صالح البلد عموماً ، و لن يوجب عمراناً. أو كلوا لي هذه الاراضي البائرة من مشهد إلی شاهرود لاجعلها ، وفق الاسس الفنيّة و بحفر الآبار الفنّي ، خضراءَ يانعة مزورعة ، لتصبح عبرةً للجميع و مثاراً لإعجابهم ، و ليجعلنا المحصول الضخم من هذه الارض مكتفين بأنفسنا و يُغنينا عن العملة الصعبة الخارجيّة. و لم يجبني بشيء ، الاّ انّهم لم يقوموا بتقسيم أراضي محافظة خراسان زمن استلامي زمام مسؤوليّتي ، و ما إن أوكلوا اليّ عملاً ءاخر غير إدارة المحافظة و تولّي الموقوفات ، حتّي شرعوا بتقسيم الاراضي.» خطأ مقولة بعض الاجلاّء من الذين أيّدوا أمر السيطرة علی المواليدو عموماً فانّ الحقير لم يدّخر وسعاً ـ بحمدالله ـ عن تقديم المطالب والإعلان قدر الإمكان عن الوثائق و الاسناد التي كان يستلزما البحث في أمر تنظيم العائلة و تخفيض عدد السكّان ، حسبما بدا في نظري. امّا و قد نضحت أقلام بعض الاصدقاء القدامي و أصحاب الاقلام القديمة ، والمفكّرين ذوي العزّة و التمكين ، بعضَ المطالب التي نُشرت لهم ، وكانت بعض تلك العبارة غير موضوعة ـ حسب نظر الحقير ـ في محالّها المناسبة ، و لان هذه الرسالة قد جري تدوينها لمجرّد رفع الشبهات ، فلم أرَ من الصواب أن أتخطّاها. و لذلك ، و مع اعترافي بشخصيّة ذلك الصديق الحميم العلميّة و دوره الغإلی الراهن ، و لانّ جميع الادلّة و الشواهد التي ذكرها قد أجيب عليها ضمناً في طيّات هذه الرسالة ، فقد رأيت المبادرة إلی ذكر أمور عدّة لتكون تبصرةً لي و تذكرةً لغيري فقد تفضّل بالكتابة: «انّ الذين شاهدوا دولاً مثل الهند يقولون: انّ الانفجار السكّاني هناك إلی الحدّ الذي صار فيه ملايين الاشخاص يعيشون بلا مأوي ، علی أرصفة الشوارع و الطرق ، و في الانفاق و تحت الجسور ، ولادتهم علی تلك الارصفة ، و خاتمتهم و موتهم عليها أيضاً. و هناك الملايين من الاشخاص يموتون جوعاً في الهند و غيرها ، كما يهلك أكثر من هذا العدد بسبب أنواع الامراض و لفقدان الوسائل والدواء و العلاج. و الله سبحانه يأبي للمجتمع المسلم و لا يرضي له أبداً أن يلاقي مصيراً كهذا! و بغضّ النظر عن ذلك ، فانّ المشكلة ذات الاهميّة أي الدراسة والتربية و التكامل المعنوي ، التي تمثّل الهدف النهائي و الاساس للإسلام لن يمكن حلّها في أمثال هذه المجتمعات. و ما لم يحدّ من السكّان ، و ما لم تصحّح البرامج و تحلّ مشكلة الفقر و البطالة ، فانّ البرامج و الخطط التربويّة و الإنسانيّة لن تكون ممكنة ، و لا يمكن المبارزة مع الحقائق بشعارات مضلّلة!» و ما أقوله هو انّ مجاعة الهنود تختصّ غالباً بالهندوس دون المسلمين ، و يرجع سبب ذلك إلی عدّة أمور: الاوّل: انّ اولئك الهندوس يحترمون البقرة فلا يذبحونها و لا يطعمون من لحمها ، بينما تلك الابقار المحترمة تعدّ بنفسها مستهلكاً وتحتاج إلی طعام و غذاء. كما انّهم لا يقتلون الفئران ، فصارت الفئران تتحرّك بحريّة و بأعداد هائلة فتقضي علی طعام السكّان. أورد الدكتور أحمد زرفروشان في كتاب «جامعه شناسي عقب ماندگي» (= علم اجتماع التخلّف) ، ص 3: «بينما كان الناس في الهند يعيشون في عذاب سنة 1966 لعدم وجود الغذاء ، كان هناك ما يقرب من 6/1 مليار فأر يلتهم كلٌّ منها سنويّاً 10 پوندات [4] من الطعام ، بيد انّ الدولة لم تجرؤ ، و لا تجرؤ علی القضاء عليها. لانّ هناك اعتقاد ينشأ من كيان مذهبي يحمي الفئران و يحافظ عليها. كما انّ هناك في هذا البلد 80 مليون بقرة لايستفاد من حليبها و لا من لحمها ، حتّي ان لحمها لايمكن الاستفادة منه خلال القحط.» الثاني: انّ الهندوس يمتلكون عقيدة دينيّة خاصّة ، بحيث يعدّون الفقر و الجوع من القضاء و القدر مباشرةً ، و لا يعتبرون اي اختيار و تحرّك دخيلاً في ذلك ، لذا فانّهم يصبرون و يتحمّلون هذا القضاء الوارد من الالهة تعصبّاً و تقرّباً اليها. و باعتبار انّهم يعدّون غني اولئكم و تمكّنهم من جانب الالهة أيضاً ، فانّهم يشعرون مقابل الاغنياء بنوعٍ من خضوع النفس و التمكين الباطني. الثالث: انّ دولة الهند دولة منهوبة من قبل الاستعمار الانجليزي ، فما الذي يُتوقّع من بلدٍ منهوب ؟ يقال انّ غاندي حينما ذهب إلی انجلترا قال: انّني حائر كيف انّ هذه المملكة لم تغرق حتّي الآن ؟ قالوا: أَوَ كان يجب ان تغرق هذه الجزيرة ؟ قال: لقد حمل الاستعمار الانجليزي الذهب من الهند إلی هنا ، بحيث خُيلّ لي انّ ثقل ذلك الذهب قد جعل الجزيرة تغرق تحت الماء! الدراسة و التربية و التكامل المعنوي بالإيمان و الادب و الصدق و الهمّة و الإيثارامّا مشكلة دراسة الابناء: فينبغي العلم انّ الدراسة و التربية و التكامل المعنوي التي أشار اليها هي بالإيمان و الاسلام و الادب و الصدق و الهمّة والإيثار فكلّ شخص عليه ان يتحلّي بهذه المواصفات ، القروي و ابن المدينة، و ليس الهدف هو الذهاب إلی المدرسة الاعدادية أو الجامعة ، كما ليس الهدف امتلاك علوم لا تنفع للدين و لا للدنيا. انّ الجامعيّين يجب ان يكونوا أفراداً خاصّين لائقين فاهمين لتكون كمالاتهم مفيدة للمجتمع. و يجب ان يتعلّم القرويّون القراءة و الكتابة عند الإمكان ليمكنهم قراءة القرءان و الحصول علی أحكامهم الدينيّة. واذا ما تقرّر أن يذهب جميع القرويّين إلی الجامعة فانّ العالم سيفسد. فالبلد يحتاج إلی العمّال ، يحتاج إلی العامل و يحتاج إلی الفلاّح ، و البنّاء والمعمار، و يحتاج إلی العالم الديني ، كما يحتاج إلی الطبيب ، و أخيراً فهو يحتاج إلی كلّ شيء. و اذا ما تقرّر أن يتّجه جميع الافراد إلی الدراسات العليا مع فقدانهم الاستعداد الذاتي فلن يثمر الاّ اتلافهم لوقتهم و وقت عائلتهم ، و إلی اهدار نفقات المجتمع و تضييعها. انّ علی ابن الطبيب أن يكون طبيباً ، و علی ابن الكيمياوي ان يكون كيمياويّاً ، و علی ابن المزارع أن يكون مزارعاً ، و ابن البنّاء ان يكون بنّاءً ، و ابن المعمار معماراً؛ و الاّ لإنهار التوازن و إنفرط عقد المجتمع ، كما حصل في كندا التي تواجه اليوم ، بسبب اجراء سياسة الحدّ من المواليد مشاكل إلی درجة أن ليس هناك من أحد ليجمع الازبال من البيوت و يقوم بإبعادها. فليس هناك من عامل ليقوم بهذا العمل ، و لا وجود لعامل البلديّة ليقوم بوظيفته ، و صار الناس الوجهاء و اصحاب الشخصيّات و المناصب مجبورين ءانذاك علی القيام بتنظيف منازلهم و إبعاد النفايات بأنفسهم. و قد عاد في العام الماضي الصديق القديم ، الدكتور الحاج محمّد توسّلي قادماً من كندا ، فقال: «انّ الدولة مصمّمة في الوقت الحاضر علی استئجار أفراد من خارج البلد و استقدامهم للعمل بهذه الامور.» و لا أعلم الآن بأيّ وضع ابتلي الكنديّون اثر نكبة الحدّ من السكّان و قلّة الافراد الصالحين للاعمال المختلفة ؟ واجب الحكومة الاسلامية هو تعبئة الامّة في المسار الصحيحو تفضّل بالكتابة: «تقول جماعة في الإجابة علی ذلك: انّ لدينا بالقوّة إمكانات زائدة ، اذا ما وُظّفت فلن تكفي فقط للخروج من عهدة زيادة السكّان بل انّها ستجبر التخلّفات السابقة أيضاً. و هنا يرد السؤال: مَن يجب ان يوظّف هذه الإمكانات ؟! و هل أنّ توظيف هذه الإمكانات أمر عمليّ ، علی الاقلّ في الظروف الراهنة أم لا ؟! أيجب علينا الاعتماد علی الشعار فقط فتزحف الحشود السكّانيّة التي لم يسيطر عليها في طريقها إلی الامام مهاجمة ، و نتحرّك نحن خلف هذه القافلة بخطيً عرجاء في انتظار المصير ؟! ليس هناك من أحد ليقدّم إجابات واضحة لهذه الاسئلة!» أقول: هذا الامر يقع علی عاتق الحكومة الاسلاميّة فعليها ان تستمدّ العون من وزارة الحِسْبَة و وزارة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و من بيت المال ، فتقدم علی هذا العمل في الوضع الحإلی ، و تعطف العنان عن نهج اتباع مالتوس. و بدلاً من تحشيد الجهود في الحدّ من السكّان و عَقْم أفراد الشعب ، يجب ان تقوم بانفاق هذه الاموال الخطيرة في تحسين القوي و الاستعدادات و إيصالها إلی مرحلة الفعليّة ، و هو أمر سهل و يسير ، و هذا هو الواجب في الوضع الحإلی. و علی الحكومة الإسلاميّة أن لا تدع وضعاً خطيراً ليحدث ، بل كان حقاً عليها أن تعمل منذ زمن طويل علی ارجاع القرويّين إلی القري ، و أن تبذل الجهود في الاتّجاه الزراعي ، و في تربية الدواجن في الاراضي الصالحة ، فانّ الإهتمام بالتصنيع المحض للبلد ستكون له هذه العواقب و النتائج. انّ أحكام الاسلام دفعيّة و ليست رفعيّة ، أي أن عليها منع الخطر قبل حصوله ، لا أن تدعه يأتي ثمّ تكون في صدد رفعه و إزالته. هذه الاحكام تقول: لاتمرض! و ذلك برعاية الامور الصحيّة الصحيحة ، و بالاكل القليل. و لا تقول: راجع الطبيب بعد الإسراف في الاكل و بعد إهمال الامور الصحيّة. تقول: اغلق باب دارك لئلاّ يدخل اللص. و لا تقول: دع باب دارك مُشرعاً ، ثمّ لاحق اللص بعد مجيئه! عبارة عَلَيْكُمْ بِنَظْمِ أُمُورِكُمْ تتصدّر تعاليم النبيّ الاكرم وأميرالمؤمنين عليهما الصلاة و السلام ، فالإسلام يعالج الواقعة قبل حدوثها. و تفضّل بالكتابة: «انّ الآيات و الروايات الدالّة علی تكثير النسل مختصّة بزمان النبيّ ، و يجب في زماننا هذا تخصيص العمومات والإطلاقات الواردة فيها بالقرائن الحاليّة و المقاليّة ، و ذلك لانّ الفرد كان مطلوباً في ذلك الزمان من جهة الكميّة ، بينما هو مطلوب في هذا الزمان من جهة الكيفيّة. و قد وردت في ذلك الزمان ءاية: كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوَ ' لاً وَ أَوْلَـ'دًا.[5] و ءاية: وَ قَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَ ' لاً وَ أَوْلَـ'دًا [6]. لعدّ كثرة الاولاد بعنوان زيادة القوة. و في زماننا فإن الظروف الاقتصادية و الصناعيّة و حتّي العسكريّة مرهونة بتخصّص الافراد و وعيهم لا كثرتهم. و كذلك فانّهم اليوم يزرعون المساحات الشاسعة من الاراضي باستخدام الوسائل الصناعيّة ، و ينتجون المصنوعات الكثيرة بواسطة المعامل الانتاجيّة ، كما يقوم شخص واحد في ساحة القتال بالاستفادة من الاسلحة المتطوّرة بدور ءالاف الاشخاص.» أقول: انّ محطّ سياق الروايات الكثيرة المستفيضة ، التي هي محطّ اتّفاق و اجماع العلماء في باب النكاح و فضيلته و زيادة الاولاد ، هو تكثير نسل المسلمين الذين يقولون و يقرّون بـ (لا إله إلاّ الله). أي انّ الشرف والكرامة مقابل جميع الموجودات و جميع أفراد الانسان بالتوحيد ، فمن تلفّظ به كان من أشرف المخلوقات. و عليه فانّ الهدف من الخلقة قد تحقّق في أمّة نبيّ الاسلام صلّي الله عليه و ءاله ، التي تقرّ بمقام التوحيد وتعترف به ، كما أثمر و تحقّق فيها فعلاً كون الانسان أشرف المخلوقات بالقوّة. و لذلك فانّ كلّ فرد مؤمن يمتلك شرفاً و كرامة بما هو مؤمن ، و هذه الثمرة الوجوديّة ظهرت في أمّة النبيّ الموحِّد و واضع أسس التوحيد ، لا في سائر الامم. و هذا هو مفاد تكثير الاولاد! و هذه هي علّة ايجاد العالم! وهذه هي ثمرة تشريع النبوّة! تَزَوَّجُوا فَإنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الاْمَمَ غَدًا فِي الْقِيَامَةِجاء في رواية الصدوق ، عن عليّ بن رئاب ، عن محمّد بن مسلم ، عن الامام جعفر الصادق عليه السلام انّ الرسول الاكرم صلّي الله عليه و ءاله قال: تَزَوَّجُوا فَإنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الاْمَمَ غَدًا فِي الْقِيَامَةِ ، حَتَّي إنَّ السِّقْطَ يَجِيءُ مُحْبَنْطِيًا علی بَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ: لاَ حَتَّي يَدْخُلَ أَبَوَايَ الْجَنَّةَ قَبْلِي! [7] و هي رواية جاءت عن النبيّالاكرم صلّي الله عليه و ءاله بالسند الصحيح ، و النبيّ لا يقول هجراً! و لو لم يكن في السقّط من المسلمين جانب الاسلام و الإيمان و خلافة الله ، و استعداد القرب و نور التوحيد وتلالؤ و نورانيّة عالم التجرّد ، لما باهي به النبيّ. و عليه ، فلو لم تكن كثرة الاولاد منحصرة فقط بجهة زيادة المؤمنين و المسلمين و المقرّين بالتوحيد علی الارض ، لكان هذا التعبير بهذه الكيفيّة من العقل الكلّي و هادي السُبل عجيباً! كما روي الصدوق ، باسناده عن عَمْرو بن شِمْر ، عن جابر ، عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام ، عن رسول الله صلّي الله عليه و ءاله قال: مَا يَمْنَعُ الْمُؤْمِنَ أَنْ يَتَّخِذَ أَهْلاً لَعَلَّ اللَهَ يَرْزُقُهُ نَسَمَةً تَثْقُلُ الاْرْضَ بِلاَ إلَهَ إلاَّ اللَهُ ؟! [8] الروايات غير مختصّة بزمان النبيّ ، و سياقها يأبي التخصيصو نلحظ هنا كيف يعتبر رسول الله وزنَ الارض و قدرها بالفرد المؤمن القائل (لا إله إلاّ الله) ، و كيف يحثّ المؤمنين بألطف عبارة وأوقعها فيالقلوب علی اتّخاذ زوجة ، لسبب وحيد و هي أن تنجب طفلاً ، فيكون ذلك الطفل ذو النفس و الروح علی الارض شرفَ أهلها ، و يحصل ـبوصوله إلی التوحيد ـ علی الافضليّة علی سائر الكائنات. أفيبقي لنا في هذه الحال مجال للشكّ في انّ الهدف من الروايات هو الكثرة من جهة نور التوحيد ، لا أن يصبح المرء دكتوراً أو مهندساً أو عسكرياً ، أو ملكاً أو رئيساً ؟! تلك الامور الاعتباريّة التي نتيجتها مقدّمة كمال النفس ، و التي لا يترتّب عليها أصالةً أيّ ثمرة و فائدة. و من المحال حسب هذا السياق ، و هذا المفاد من المضمون ، أن يكون للروايات اختصاص بزمن دون ءاخر. و أيّ مخصّص أو مقيّد يمكن العثور عليه لتخصيص عمومات الروايات أو تقييد إطلاقاتها ؟! امّا القرائن المقاميّة من ضعف المسلمين و قوّة الكفّار في ذلك الزمان ، بعد السياق الذي أوضحناه ، فلا يمكن الاستشهاد بها؛ مضافاً إلی انّ ضعف المسلمين وقوّة الكفّار قد بقيت اليوم بنفس تلك الكيفيّة أو أشدّ منها. و أمّا القرائن المقاليّة غير الروايات ، فليست شيئاً ، بل انّ دلالتها عكس المطلوب ، لانّها تدلّ جميعاً علی لزوم زيادة الاولاد ، و ليس هناك من شكّ في ان مطلوبيّة كثرة الاولاد في الإسلام من المسلّمات ، حتّي للملل و النحل الخارجة منه. كما انّه تفضّل بالكتابة: «لذا يجب التصديق بأنّ الظروف الموجودة في عصرنا متفاوتة كثيراً عن الظروف الموجودة في عصر النبيّ صلي الله عليه و ءاله. فقد صار مهمّاً في عصرنا أمر كيفيّة الافراد لا كميّتهم. لذا نري بهذا الدليل انّ اسرائيل الغاصبة مثلاً ، بسكّانها الملايين الثلاثة ، قد صارت تتبجحّ أمام مائة مليون عربي و مليار مسلم في العالم. و ذلك لان هؤلاء الافراد القلّة يمتلكون تعليماً عالياً ، و يمتلكون تحت تصرّفهم وسائل عسكرية و صناعيّة مهمّة. فهم في مسألة الزراعة يحصدون أحياناً من كلّ هكتار من الارض خمس أضعاف ما نحصد ، كما انّهم صاروا يقاومون في ساحة الحرب بالاسلحة المتطوّرة التي يمتلكونها مع هذا العدد القليل. وعلی الرغم من انّ المسلمين اذا ما اتّحدوا و تيقّظوا و اتّفقوا ، فانّ استئصال هذه الغدّة السرطانيّة لن يكون أمراً صعباً ، الاّ انّ الهدف هو إظهار هذه الحقيقة في انّ المسألة المهمّة في الظروف الحاليّة هي الكيفيّة العالية للافراد لا كميّتهم.» قدرة الاستعمار و خيانة الحكّام المسلمين أقامت اسرائيل ، لا مهارة شعبهاأقول: انّ اسرائيل هي قطعة من انجلترا و من أمريكا صارت في هذا المكان ، لذا فانّ عدد سكّانها ليس 3 ملايين نفر ، بل انّه يمثّل عدد سكّان انجلترا (56 مليون) مضافاًاليه عدد سكان امريكا (250 مليون) مع سكّانها الثلاثة ملايين أنفسهم. 56 + 250 + 3 = 309 كما انّ اسرائيل هي من جميع الجهات الجزء الذي لا يتجزّأ لتلك الدولتين و ليدهما و قرّة أعينهما ، و لربّما كانت عناية ذينك البلدين بها ورعايتها لها أكثر من عنايتها و رعايتهما لدولتيهما ، لانّ الاب والامّ يحبّون أولادهم أكثر من حبّهم لانفسهم. كما انّ علّة سيطرتها الصورية علی أراضي فلسطين ليست ناشئة من قوّة و دراية أفرادها ، بل ناشئة فقط من خيانة و جناية الحكّام المسلمين. ففي الحرب الاولي مع اسرائيل ، التي أرسل فيها نوري السعيد رئيس وزراء العراق جيشاً للحرب ، عمد إلی ابقاءه في الاراضي الواقعة قبل فلسطين لعدّة أشهر دون أن يصدر أمراً بالهجوم ، و أدّي ذلك إلی إنهاك الجيش و إتعابه ، و كانت الضجّة و الشكوي تتصاعد من كلّ صوب وحدب، ثم انّه أصدر أخيراً أمراً بالهجوم ، و صار الجنود الذين عُبّئت بنادقهم بقطع الفلّين بدل الرصاص هدفاً لهجوم و نيران الجنود الاسرائيلييّن، فسقط العديد منهم قتلي. امّا وضع الملك حسين و شريط غزّة و الضفة الغربيّة لنهر الاردن ، والقتل الجماعي للجنود المجاهدين المسلمين الفلسطينيين علی يده ، فقد سوّد وجه التأريخ. و في حرب التي قام بها المصريّون في شهر رمضان و حطّموا فيها خطّ بارليف ، ذلك السدّ المرصوص الذي لم يكن أحد ليتصوّر ان هناك قدرة و قوّة يمكنها تحطيمه ، فقد كان الانتصار علی اسرائيل حتميّاً ، بيد انّ الانجليز و الامريكان عمدوا فجأة بأقمارهم الصناعية إلی إرشاد اسرائيل إلی اختيار نقطة فارغة و خالية من البحر لتقوم من هناك بإنزال الجنود الاسرائيليين في صحراء سيناء علی هيئة جنود مصريين يرتدون نفس الملابس. ولقد كان الجنود المصريّون يوجّهون مدفعهم ليل نهار إلی تل أبيب ، لا تأخذهم غفلة أو سِنة لحظةً واحدة ، و استمرت الاحداث إلی ان اغتيل أنور السادات بعد عودته من إسرائيل و عقده اتفّاقيّة كامب ديفيد المشؤومة و صلحه مع اسرائيل ، فصارت نتائج تلك الخيانة مشهودة للخاصّ و العام حتّي يومنا هذا. أو يمكن نسيان المساعدات اللامحدودة لشاه ايران «محمد رضا بهلوي» طوال مدّة حكمه المديدة ، و دفاعه الحار المخلص عن حريم اسرائيل؟! و بينما كان المسلمون المصريّون و السوريّون يجاربون اسرائيل في حرب رمضان ، كانت الطائرات الامريكية و الاسرائيليّة تتزوّد بالبنزين من قواعدها في ايران ، فتلقي قنابلها علی رؤس المسلمين المحاربين لاسرائيل. و قد ظهر ياسر عرفات منذ البداية لمساعدة اسرائيل و الدفاع عن حريمها ، و لدحر الفلسطينين المسلمين و المؤمنين الملتزمين الذين يحاربون اسرائيل في قالب و شكل و شمائل حزب اسلاميّ بارز و محارب لاسرائيل العدوّة ، و كانت مساعدات و إعانات العالم التي تنهال علی فلسطين من أجل دعم جهاد الفلسطينين لتحرير فلسطين تحت عنوان الفتح تسلّم اليه ، و كان يُنفق تلك المساعدات العظيمة المرسلة بإسم إعانة المجاهدين الفلسطينين المحاربين لاسرائيل ، في إعداد القوي ضدّ المسلمين و لصالح اسرائيل ، و يستخدمها لدحر الحزب الحقيقي المدافع عن حريم الاسلام. و لقد كان يعمد ـ بلباس النفاق ـ إلی وضع الدواء في يد العدوّ ، و إلی صبّ السمّ النقيع في فم الصديق ، و لايزال هذا الوضع مستمرّاً إلی يومنا هذا ، و شهدنا أخيراً انّه صار يُقيم صلاة الجمعة!! لقد انهار الاسرائيليّون في حرب رمضان بحيث شارف أمرهم علی الزوال. و لقد كنّا نري في الجرائد بأنفسنا صورَ الطيّارين و قد أوثقت أرجلهم بالاغلال كي لايتركوا طائراتهم رعباً من المسلمين و يقفزوا بالمظلّة في المواقع الخطرة حفظاً علی حياتهم. هؤلاء اليهود الخائفون ذوو القلوب المحزونة و الصدور الهمومة هم الذين وصفهم الله سبحانه في القرءان: لاَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَهِ ذَ ' لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ * لاَ يُقَـ'تِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلاَّ فِي قُرًي مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّي' ذَ ' لِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ.[9] فقارنوا هؤلاء الصهاينة الجبناء الخائفين المرعوبين باولئك الطيّارين المسلمين المظفّرين الذين اجترحوا البطولات في الحرب المفروضة ، وكانوا يذهبون لتنفيذ مهامهم في أقصي نقاط العراق الذي قام باعتداءه تنفيذاً لاوامر أسياده الانجليز ، فينجزون تلك المهام علی أحسن وجه ، وإلی هذه الاواخر حيث صارت الدفاعات الجويّة العراقية في غاية التجهيز ، بحيث انّ احداً لم يمتلك الجرأة علی تخطّي الحدود ، فقد كانوا يُسقطون الطائرة بدفاعات جويّة مختلفة وُضعت في سبعة أطواق مختلفة مجهزّة بئاخر مبتكرات الاسلحة الالكترونية ، و لم يكن هناك طريق متصوّر لقصف بغداد فضلاً عن تحقّق ذلك فعلاً! و في تلك الحال يختار أحد الضباط من ذوي الرتب الرفيعة أن ينفّذ بنفسه مهمّة قصف بغداد ، فيعمد إلی إعمال جميع فنونه و أساليبه الخفيّة ، فيجتاز في النهاية هذه الاطواق السبعة من المضادّات ، و يصل بغداد فيقوم بقصفها مع انّها كانت قد تحوّلت إلی قلعة محكمة من الدفاعات الجويّة ، ثم انّهم أصابوا طائرته عند العودة ، لكنّة ظلّ يقودها بمهارةٍ عجيبة تفوق الوصف لعلّه يهبط بها في أراضينا ، الاّ انّه لم يُفلح ، و سقطت طائرته في الاراضي العراقيه. و هناك الكثير من هؤلاء الطيّارين ممّن تلقّوا تدريبات عسكرية عالية ، و لم يكونوا حسب الاصطلاح من الناس العاديّين أو قوي التعبئة الشعبية غير المتمرّسين بفنوف الحرب و الطيران. الاّ انّ هؤلاء كانوا يبزّون في فنّهم و أدائهم أقرانهم و نظائرهم العسكريّين. و ها هو الاستعمار الكافر في حركته الدائبة محاولاً قطع نسلهم ، من أجل ان لا يوجد هناك صبيّ ذو ثلاث عشرة سنة ليتطوّع بالعبور علی الارض المُلْغمة فيفتح طريق المسلمين لمحاربة عدوّهم القديم: الصهيونيّة الانجليزيّة و عميلهم صدّام الكافر ، و ليجيء لهم بكلتا يديه بالفتح و الظفر و النصر. و يتضّح ممّا ذكر انّ عزو تفوّق اسرائيل إلی «التدريب الرفيع» ربّما كان محلّ تأمّل. كما انّه تفضّل بالكتابة: « انّ أحد طرق منع الحمل هو المواد الكيميائية (بالابر أو الاقراص) ، و أحدها المنع بالطرق الفيزيائيّة و نصب جهاز I. U. D. ، و أحدها اغلاق الانابيب لدي الرجال و النساء.» ثم تفضّل بالقول في أمر الاستفادة من المواد الكيميائيّة: «لا اشكال شرعي في ذلك ، بشرط الاستفادة من الادوية المأمونة التي أيّد الاطبّاء عدم ضررها. استعمال اللوالب فيه إشكالان: اسقاط الجنين ، و لمس و نظر الاجنبيامّا في شأن الاستفادة من الجهاز الخاصّ I. U. D. ففيه مشكلتان: الاولي: انّ اهل الاطّلاع يقولون: انّ هذا الجهاز لا يمنع انعقاد النطفة، إذ انّ النطفة تنعقد إلی جانبه ، لكنّها لا تجد طريقاً للوصول إلی قرار الرحم ، لذا فانّها تموت. و يردهنا السؤال: هل انّ هذا العمل في حكم إسقاط الجنين ؟ و يمكن حلّ هذه المشكلة بأنّ النطفة في تلك الحال علی هيئة موجود مجهري ، و ليس هناك من شي يصدق عليه عُرفاً اسم الجنين أو حتي النطفة. و بغضّ النظر عن ذلك ، فلم يجر هناك من إقدام معيّن للقضاء عليه ، بل انّه يموت تلقائيّاً حين لا يجد طريقاً إلی المستقرّ الاصلي ، و بهذا الترتيب فانّ من المسلّم انّ أحكام إسقاط الجنين (بما فيها الاحكام التكليفيّة أو الوضعيّة) سوف لن تنطبق عليه. و المشكلة الثانية ، و هي أهم من الاولي ، مسألة نظر أو لمس الاجنبي عند نصب هذه الجهاز ، حتّي لو قامت امرأة بنصبه ، لانّ النظر إلی الجهاز التناسلي للمرأة أو لمسه لا يجوز لامرأة أخري. أمّا في أمر اغلاق الانابيب بواسطة عمليّة جراحيّة بسيطة ، فهو جائز اذا لم ينجرّ إلی نقص عضوي. و تبقي مشكلة النظر و اللمس في محلّها كذلك.» جميع الادوية المضادّة للحمل ضارّةأقول: انّ الادوية المتناولة لمنع الحمل عند النساء المخدّرات ، والتي يدعونها بـ (Oral Contraceptive) O. C عبارة عن: 1 ـ أقراص تحوي 35 ميكروغرام او أكثر من مادّة (اثينيل استراديول). 2 ـ أقراص تحوي 50 ميكروغرام أو اكثر من مادّة (مسترانول). 3 ـ أقراص تحوي 35 ميكروغرام أو أقلّ من مادّة (اثينيل استراديول). 4 ـ أقراص تحوي مادة (پروجسترول) فقط. كما انّ أدوية منع الحمل علی هيئة أبر للرزق عبارة عن: 1 ـ أبر شهريّة 2 ـ أبر ميكروكبسول و صفحات صغيرة تمنع الحمل لمدّة شهر إلی ستّة أشهر. 3 ـ (Implants) كبسول قابل للجذب: كبسول تحت جلد الذراع يؤثّر لمدّة 12 ـ 18 شهر. امّا الادوية المتناولة لمنع الحمل و التي يستعملها الرجال (والمستعملة بدرجة أقلّ) فأشهرها عبارة عن Gossypol الذي يستخرج من زيت بذور نوع من الكتّان يدعي Gossypium ، و بعد استخدام الدواء لعدّة أشهر يظهر مفعوله في منع الحمل ، ذلك المفعول الذي يستمرّ إلی عدّة أشهر بعد الانقطاع عن صرف الدواء. و الادوية الاخري للرجال عبارة عن: 1 ـ استروجين و بروجسترون 2 ـ استروجين و اندروجين 3 ـ اندروجين مع بروجستين سويّاً و ينقسم الاطباء في أمر جميع موارد استعمال هذه الادوية إلی مجموعتين: الاولي ، الاطبّاء المناصرون للحدّ من السكّان و تقليلهم (مناصرو مدرسة مالتوس) ، و الذين يقولون بصراحة: لا إشكال هناك أبداً ، فأيّ دواء استُعمل و بأيّ كميّة كانت ، لن يكون له ضرر. امّا المحقّقون من الاطبّاء ، و هم الذين يشكّلون المجموعة الثانية ، فيقولون: انّ جميع أقسام استعمال هذه الادوية للرجال و النساء سيكون لها ءاثار و عواقب وخيمة. و أمّا ماتفضّل بكتابته في أمر استعمال الجهازالخاص بإسم I. U. D ، و هو اختصار إسم (Intra Uterin Device) ، من انّه يسبّب موت النطفة بعد انعقادها فهو أمر صحيح [10] ، الاّ انّه تشبّث في أمر عدم صدق الانعقاد وعدم الحرمة ، و عدم الكفّارة فيه بوجهين ، كلاهما ناقص. الاوّل: قوله: «انّ النطفة في تلك الحال في هيئة موجود مجهري ، وليس هناك من شيء يصدق عليه عُرفاً إسم الجنين أو حتّي النطفة.» أقول: انّ المقصود بالإنعقاد ، هو وصول مادّة الذكر إلی البويضة (وصول الحويمنات المنويّة «السپيرمات» إلی المبيض) و تداخلهما معاً. و هذا هو معني الانعقاد ، و هو ما يصدق عليه الجنين (في المرحلة الاولي) الذي يمتلك دية عشرين مثقالاً شرعيّاً من الذهب ، سواءً كان مرئيّاً أو لم يكن ، لانّ حكم الشرع تابع لموضوع الانعقاد ، لا القابليّة للرؤية الخارجيّة. و معلوم انّ ترتّب الحكم منوط بصدق الموضوع ، و حين يصدق الانعقاد في نظر العرف الخاصّ ، فانّ حكم الحرمة و الإسقاط و الدية سيتعلّق به. لايمكن للفقيه إلقاء أمر تشخيص حصول العقم عند إغلاق الانابيب علی عاتق العوامو بيان ذلك ان ترتّب الحكم هنا ، و في كثير من الموارد الاخري ، ليس منوطاً بصدق تحقّق الموضوع في الخارج عند العرف العام ، لانّه ليس للعرف العام من سبيل أصلاً لمعرفة و تشخيص هذه الامور ، و قد يمرّ شهر أو أكثر أحياناً دون أن تعرف نفس المرأة انّها صارت حاملاً ، فكيف بالآخرين ؟ لذا فانّ مناط الحكم سيصبح هنا تشخيص العرف الخاصّ ، اي الاطبّاء، و هؤلاء يحكمون بالإنعقاد بمجرّد دخول الحويمن المنوي (الاسبرم) في البويضة ، و علی العرف العام أن يرجع إلی العرف الخاصّ في أمثال هذه الموارد ليفهم هل يصدق حكم الإسقاط أو الدية في هذه الحال التي لايمكن فيها رؤية الحويمن الموي (الاسبرم) أم لا ؟ و كم لذلك من نظير! فالشرع يحكم ـ مثلاً ـ بوجوب إفطار المريض في شهر رمضان ، فلا يستطيع المرء تشخيص انّه مريض أم لا بالرجوع إلی العرف العام ، إذ ما أكثر من سيقول له: أنتم أكثر سلامةً وصحّة منّي! و بدنك أكثر سمنة وامتلاءاً! امّا الطبيب الذي يعتبر محطّ موضوع تشخيص المرض من حركات النبض و بعض الآثار الاخري ، فسيقول له: لا يجوز لك الصيام ، لانّ قلبك ضعيف و الصيام يُهلكك. و ما تفضّلتم به «و بغضّ النظر عن ذلك ، فلم يجرِ هناك من إقدام معيّن للقضاء عليه ، بل انّه يموت تلقائّياً حين لا يجد طريقاً إلی المستقر الاصلي ، و بهذا الترتيب فانّ من المسلّم انّ أحكام إسقاط الجنين (بما فيها الاحكام التكليفيّة أو الوضعيّة) سوف لن تنطبق عليها.» أقول: نظراً لانّ عملاً إراديّاً لم يتخلّل لموت النطفة ، بعد وضع الجهاز ، فانّ إسقاط الجنين منسوب إلی الإنسان بمجرّد وضع ذلك الجهاز. وَ الإيجابُ بِالإختيارِ لاَيُنافي الإختيارَ ، كَما أنَّ الإمتناعَ بالإختيار لاَ يُنافي الإختيارَ. عيناً كمسألة الإلقاءِ بالنفس مِن شاهِق ، التي ينسب الموت فيها إلی الشخص بمجرّد إلقائه بنفسه باختياره ، و لن يكون بإمكانه ان يدّعي في سقوطه بين السماء و الارض: انّ موتي ليس اختياراً ، و أن لا تقصير لي في الامر ، لانني لا أستطيع منع حصول سقوطي و موتي. و جوابه: انّ هذا السقوط و الموت منسوب اليك ، لانّك ألقيت بنفسك من شاهق باختيارك ، بالرغم من انّك فقدتَ زمام إرادتك و اختيارك بعد سقوطك. و نظير رمي السهم من القوس ، حيث يُعزي قتل المصاب بالسهم إلی الشخص الرامي بالرغم من انّ السهم خرج من اختياره بعد رميه. و نظير حفر بئر عميقة في طريق إنسانٍ ما و تغطيتها؛ فالوقوع في هذه الهلكة ستُنسب في هذه الحال إلی حافر البئر ، و عليه أن يدفع الديّة أو أنّ يقتصّ منه إذا كان عامداً. و هكذا فانّ نصب جهاز I.U.D ، في الرحم اختياراً موجب لعزو الإسقاطات المتعدّدة اللاحقة اللا إختياريّة إلی الشخص القائم بالنصب ، وإلی ترتّب جميع الاحكام التكليفيّة و الوضعيّة عليه. و عليه فانّ ما تفضّلتم به من انّ المشكلة الثانية ، اي نصب الجهاز من قبل أجنبيّ و لو كان امرأة ، هي أهم من المشكلة الاولي ، اي اسقاط الجنين، هو أمر يُثير هذا السؤال: بأيّ دليل يعدّ النظر إلی عورة المرأة ، ولو من قِبل رجل ، أهمّ من إسقاط الجنين و لو في حال انعقاده ؟! و امّا ما تفضّل به في أمر اغلاق الانابيب من انّه اذا جري «بواسطة عمليّة جراحيّة بسيطة ، فهو جائز اذا لم ينجرّ إلی نقص عضوي.» [11] فأقول: انّ نقص العضو هو من لوازمه الدائميّة ، لانّه ـ و كما ذكرنا من قبل ـ لم يُشاهَد حصولُ حمل امرأة أعيد فتح الانابيب لديها ، و كان احتمال حصول الحمل مجدّداً معادلاً لاثنين او ثلاثة من كلّ ألف ، كما انّ جميع القائلين بأنّ ذلك أمر يمكن إلغاؤه و العودة عنه و انّه لا يسبب فساد العضو ، كانوا يكذبون في ادّعائهم و بغضّ النظر عن هذا كلّه ، التشخيص في الموضوعات المستنبطة في عهدة الفقيه لا العرففانّ الفقيه لايمكنه أساساً أن يُفتي بحرمة اغلاق الانابيب في حال حصول العقم ، و بجوازه في حال عدم حصول العقم. و إيضاح هذا الامر ، هو انّ الموضوعات التي تترتّب عليها الاحكام الشرعيّة علی ثلاثة أقسام: الاول: الموضوعات الخارجيّة الصرفة ، كموضوع «البيع» الذي يترتّب عليه حكم «أَحَلَّ اللَهُ الْبَيْعَ». الثاني: الموضوعات الشرعية الصرفة ، كموضوع «الصلوة» الذي يترتّب عليه حكم «أَقِيمُوا الصَّلَو'ةَ». و الثالث: الموضوعات المستنبطة ، و هي تلك الموضوعات التي يجري استنباطها علی يد الفقيه و لامجال للعرف في تشخيصها ، مثل «الكحول» الذي يترتّب عليه حكم «النجاسة» ، و ذلك لانّ الكحول شيء حادث ، و في عهدة الفقيه أن يحقّق في مدي صدق عنوان المُسكر عليه. انّ ما ورد في الشرع هو حُرمة المُسكر لا حُرمة عنوان الكحول ، لذا فلا يمكن للفقيه أن يقول للمقلِّد: اذا كان الكحول مُسكراً فهو حرام ، و الاّ فهو جائز! لانّ الكحول هو موضوع عامّ كلّي ، و لا يمكن إيكال هذه الكليّة بيد العوام كي يقول أحدهم: هو مُسكر؛ و يقول الآخر: ليس بمُسكر! فيكون الفقيه قد ألقي الناس في المفسدة. و مثل «الكولونيا» التي لا يمكن للفقيه أن يقول بشأنها للمقلِّد: إن علمتَ نجاستها فلا تستعملها ، و إن كنت لاتعلم هل تحتوي علی الكحول أم لا ، فانّ بإمكانك استعمالها! لانّ الكولونيا موضوع يمثّل الكحول أحد أجزاءه الاصليّة ، و حين يعلم الفقيه بذلك فانّه يُفتي عموماً بنجاستها. و مثل «الجليسرين الخارجي» لان أحد المواد التركيبيّة للجليسرين هو الشحم الحيواني ، و الشحم المستخرج من حيوان غير مذكّي نجس. الاّ ان الجليسرين الداخلي طاهر. و تصدق هذه المسألة علی جميع الامور الاجتماعيّة و الصناعيّة و الطبيّة و العسكريّة و ماشابهها. فمثلاً لايمكن لقائد الفرقة العسكرية ان يقول لجنوده: يمكنكم أن تسلكوا أيّ طريق تشاءون ، الاّ اذا علمتم انّ في ذلك إلقاء للنفس في التهلكة! لانّه سيكون بذلك قد أغري الجنود بالجهل. ففي عهدة قائد الفرقة أن يحقّق بنفسه فيعلم هل انّ في سلوك هذا الطريق إلقاءٌ للنفس في التهلكية أم لا ؟ فإن علم خلاف ذلك ، أَمَر جميع الجنود بالعبور. و من هذا القبيل موضوع بحثنا في حرمة اغلاق الانابيب ، فالفقيه يعلم انّ العَقْم حرام ، و هذا الحكم الشرعي مترتّب علی موضوع خارجي ، امّا انّ ربط الانابيب سيكون داخلاً تحت عنوان العَقْم أم لا ، فهو من الموضوعات المستنبطة التي يقع استنباطها علی عاتق الفقيه ، فيجب عليه ان يحقّق بنفسه فيعلم أن اغلاق الانابيب يسبب العقم بشكل كلّي ، و انّ احتمال انفتاح الانابيب مجدّداً لدي النساء هو 2 إلی 3 في كلّ ألف. و عليه فانّه يُفتي بصراحة بالحرمة و عدم الجواز مطلقاً ، الاّ في حال وجود خطر يهدّد حياة المرأة. امّا اذا لم يفعل ذلك و قال: انّ اغلاق الانابيب حرام اذا ادّي إلی العقم ، فانّه سيكون قد ألقي الشعب في الجهل و أغراهم بالمفسدة ، و ذلك لانّ أثر هذا الامر ليس واضحاً للعامّة ، و الكثيرون يقولون: انّه يمكن العودة عنه حتماً؛ و هؤلاء من أمثال المغرضين والمفسدين في الارض الذين خدعوا النساء بهذا الكذب و الخداع. و البعض الآخر يقولون: انّه يمكن العودة عنه بنسبة 5 فيالمائة ، و حسب التحقيقات الاكثر عمقاً بنسبة 2 إلی 3 في الالف. لذا لا يجوز للفقيه ، رفعاً لاضطراب العامّة وحيرتهم ، أن يقول: هو حرام إن ادّي إلی العقم. مع ان المرأة اذا ما احتملت حصول العقم بنسبة 5 في المائة ، فانّ ذلك العمل سيكون حراماً ، لانّ 5% خطر عقلائي ، مثل شرب السمّ مع احتمال للموت قدره 5%. بلي ، لو قدّرت المرأة انّ احتمال حصول العقم يمثّل واحداً او اثنين في كلّ خمسمائة أو في كلّ ألف ، فسيكون الامر بلا إشكال ، لان هذا القدر احتمال يمكن قبوله لدي العقلاء ، وفي هذه الحال فانّهم يحكمون بالجواز. [1] ـ أوردت مجلّة «دانشمند» ، العدد 6 ، بتاريخ شهريور 1372 ، ص 61: «و بتعبير ءاخر ، فبينما كان ينبغي في سنة 1335 انتاج الطعام من كلّ هكتار من أراضي البلد الزراعيّة الي 6 / 1 نفر من السكّان ، فقد ازداد عدد الافراد الذين ينبغي إطعامهم سنة 0 137 من انتاج كلّ هكتار الي ما يعادل 0 3 / 2 نفر (أي الي ضعفين)». و قد أورد هذا الكلام المهندس رسولاف معاون المشاريع و التخطيط في وزارة الزراعة. ثم قالت المجلّة نفسها في بيان هذا الكلام: «و بالطبع فلا يخفي علي أحد انّ المصادر الطبيعيّة غير المستغلّة في بلدنا هي الي الحدّ الذي يمكننا فيه ، باصلاح التكنولوجيا (اساليب التقنية) و النظام الزراعي ، أن نحصل علي استغلالٍ أفضل للمصادر التي نملكها بالقوّة. ولكن ، و كما قال المهندس رسول اف ، فانّ زيادة عدد السكّان سيجرّ البلد الي مفترق طريق مشؤوم بحيث انّنا مهما اخترنا من سبيل، فانّ نهايته ستكون سقوطنا في الهاوية.» «انّ زيادة السكّان إن لم يقترن بزيادة الانتاج ، فانّه سينجرّ الي الفقر و القحط و المجاعة و الفساد ، و اذا ما جري السعي لزيادة ميزان الانتاج بشكل يتناسب مع زيادة السكّان ، فانّه سينجرّ ـ تبعاً للتجارب العلميّة الموجودة ـ الي تخريب شديد لمحيط البيئة ، و ستسقط ـبهذا الطريق ـ كلّ الحياة الموجودة علي الكرة الارضيّة في الخطر.». ان كلامنا هو نفس هذا الكلام أيضاً لا شيء سواه ، الاّ انّنا نقول: لماذا تنزوون ، كثكلي فقدت طفلها ، لا تريمون حراكاً ؟ لماذا لاتستغلّون المصادر الغنيّة التي لا تُحصي في هذا البلد ؟ لماذا تزيدون القري خراباً يوماً بعد يوم و تزيدون في تصنيع المدن ؟ لماذا تشغلون الشباب و الدارسين كلّ الوقت بالعروض التلفزيونيّة الشيّقة ؟ لقد عمدتم الي اختصار الطريق من أجل التخلّص من المسؤولية فقلتم: انّنا سنقوم بسهولة بعَقْم الشعب و بتسيير أمر القضاء علي النسل فنرتاح من جميع هذه الامور. فيا عزيزي! انّ هذا السبيل سبيل خاطيء و غير صحيح ، و الامر لا يُحلّ بالقضاء علي النسل. بل انّكم مجبرون لدفع القوّة الفاعلة في البلد الي الانتاج في مستويٍ عال ، و الي الزراعة و تربية الدواجن في مستوي عال ، و الاّ فانّ وصمة ذلّ العبوديّة ، و التبعيّة للاستعمار ستصم جبينكم الي يوم القيامة! اذكر انّني قرأتُ في كتاب انّ أحد الرجال المعروفين من دولة فرنسا ـ علي الظاهر ـ جاء الي ايران ، ثم قال عند عودته: «انّ مملكة ايران في مستوي أفضل دول العالم بلحاظ جميع الاءمكانات المعدنيّة و الصناعيّة و الزراعيّة ، و يمكنها من إعاشة مائتي مليون نفر في كفاف وغنيً ، الاّ اننا نري ـ مع الاسف ـ انّ خمسة عشر مليون فرد فقير جائع يجلسون الي هذه المائدة.» أو لم تقرأء في مجلّة «برزگر» (= الزارع) ، العدد 0 68 بتاريخ الاول من مرداد 1373 مقالة قيمّة تحت عنوان: «تنمية صناعية أو توسعة زراعية» ، و التي شملت صفحات 51 الي 53 ؟ و نكتفي بالاءشارة الي عناوينها المهمّة فقط التي طبعت بخطّ كبير: * بحساب انّ كلّ هكتار من الارض الصالحة للزراعة يكفي لاءعاشة 10 اشخاص ، يتّضح بدقّة اننا نستطيع تأمين طعام 300 مليون شخص في ايران. * اننا نلاحظ بقليل من التأمّل انّ العلل الاصليّة لا نخفاض مردود عملنا في هكتار الارض؛ أي عدم القيام بصورة صحيحة بأعمال الغَرْس و تعاهد المحصول و جنيه وحصاده؛ تعود الي عملنا و سعينا و تخطيطنا. * ان محاصيلنا الزراعيّة ، علي العكس تماماً من المنتجات الصناعية ، من أكثر المحاصيل المرغوبة في الكرة الارضيّة. * لقد وُضعت برامج الدولة في هذا السنوات ـ مع الاسف ـ علي أساس منح الاولويّة الي توسعة الصناعة ، و كانوا يولون أمر تصنيع البلد أهميّة أكبر من أمر توسعة الزراعة. [2] ـ و قد قال لي: «كنتُ سناتوراً **، و عندما أرادوا تنصيب أمير عبّاس هويدا لرئاسة الوزراء ، سلّمت ورقةً زرقاء و قلتُ: لا أُعطي موافقتي لابن البهائي هذا! و لذلك فقد وضعوني جانباً ، فصرتُ جليس الدار حتي يومي هذا. ** اي عضواً في مجلس الشيوخ. م. [3] ـ و كان رجلاً صريح اللهجة ، حصل يوماً أيّام تصدّيه لتولية الاوقاف في مشهد المقدّسة ، و في مجلس رسميّ منعقد ، أن قال له أحد العلماء ، مراءآةً و اظهاراً للشخصيّة: مُرُوا بأن يزيدوا قدراً في القطعة المفروشة في زاوية الحرم المطهّر ، ليتّسع محلّ الزّوار الراغبين في الصلاة في نفس الحرم! فردّ عليه فوراً: انّ داخل الحرم محلّ للزيارة لا للصلاة! وهذا البساط زائد في حدّ نفسه ، و سئامر بجمعه! ثم أصدر أمراً في نفس اليوم فأزالوا ذلك البساط. هذا و قد كان هو الشخص الذي أوكلت اليه رئاسة المجلس الاستشاري للحكم بعد فرار محمّد رضا بهلوي من ايران ، و حين ذهب الي باريس للالتقاء بسماحة القائد الكبير للثورة: ءاية الله الخميني (قدّه) ، شرط عليه الاستقالة من المجلس الاستشاري للحكم ليقبل لقاءه. فقدّم استقالته و حظي بلقاءه. [4] ـ الپوند هو وحدة الوزن الانجليزية ، و يعادل 0 45 غراماً [5] ـ مقطع من الا´ية 69 ، من السورة 9: التوبة [6] ـ مقطع من الا´ية 35 ، من السورة 34: سبأ [7] ـ «وسائل الشيعة» طبع اسلاميّة ، ج 14 ، ص 3 ، الرواية 2 [8] ـ نفس المصدر ، الرواية 3 [9] ـ الا´ية 13 و 14 ، من السورة 59: الحشر [10] ـ و من هنا يظهر عدم صواب ما ذكرته الدكتورة معصومة فلاّحيان في «مجلّة دانشكدة پزشكي» العدد 3 و 4 ، من السنة الثالثة عشرة ، شهر مهر و اسفند 1368 ، ص 56 و 57. فقد كتبت تقول حول جهاز ءاي. يو. دي: «انّ ميكانيكيّته تقوم احتمالاً علي الطرق الا´تية: 1 ـ منع ذهاب الاسبرم (الحويمن المنوي) الي الاجزاء العليا للجهاز التناسلي. 2 ـ منع التلقيح. 3 ـ منع انتقال البويضة. 4 ـ و أخيراً منع زرع البويضة في «اندومتر» ، و هذه النظريّة يقلّ طرحها هذه الايّام.» [11] ـ المطالب السابقة لسماحته المُبجّلة نُقلت من «مجموعة مقالات سمينار ديدگاههاي اسلام در پزشكي» جمع و تنظيم الدكتور السيد حسين فتّاحي معصوم ، فروردين 1371 ، مؤسسه طبع و نشر جامعة الفردوسي ـ مشهد ، ص 417 الي 428. |
|
|