بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب نورملكوت القرآن/ المجلد الاول / القسم الثانی: مفهوم آیة القصاص، تقسیر آیة الجهر بالسوء

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

الصفحة السابقة

شروط اجراء حکم قطع ید السارق

 أمّا من‌ جهة‌ خصوصيّات‌ وشروط‌ إجراء هذا الحدّ فيجب‌ العلم‌ أنّ هذا الحكم‌ لاينسحب‌ علي‌ كلّ سرقة‌ ، وبأيّ صفة‌ وكيفيّة‌ ، بل‌ إنّ قطع‌ يد السارق‌ إنّما يتمّ عند استيفاء اثني‌ عشرة‌ شرط‌ مجتمعة‌:

 الاوّل‌ :  أن‌ يكون‌ السارق‌ قد وصل‌  سنّ البلوغ‌، فلو سرق‌ الصبي‌ّ غيرالبالغ‌ لايحدّ، بل‌ يكتفي‌ الحاكم‌ الشرعيّ بتعزيره‌.

 الثاني‌ :  أن‌ يكون‌ السارق‌  عاقلاً، فالمجنون‌ إن‌ سرق‌ في‌ حال‌ جنونه‌ فلاحدّ عليه‌.

 الثالث‌ : الاختيار، فالمجبر علي‌ السرقة‌ لاتُقطع‌ يده‌.

 الرابع‌ :  أن‌ يكون‌ قد سرق‌ من‌  حِرز، أي‌ إذا دخل‌ موضعاً مقفلاً محرزاً، فلو سرق‌ شخص‌ من‌ صحراء وجادّة‌ وحمّام‌ ومسجد ونظيرها من‌ الاماكن‌ التي‌ يطرقها الناس‌ بغير إذن‌ فلايُقطع‌.

 الخامس‌ :  أن‌ يكون‌ الهاتك‌ للحرز نفس‌ السارق‌ ، كأن‌ يكسر قفلاً أو ينقب‌   جدار   بيت‌،   فإن‌   كسر   شخصٌ   آخر   القفل‌   فسرق‌   السارق‌   المال‌   فلا  قطع‌ علي‌ السارق‌.

 السادس‌ :  أن‌ لا يكون‌ السارق‌ في‌ معرض‌  شبهة‌ الملكيّة‌  والمأذونيّة‌ في‌ التصرّف‌، فلو توهّم‌ أنّ المال‌ الفلاني‌ّ ملكه‌ ، أو أنّ له‌ الاءذن‌ في‌ التصرّف‌ به‌، أو حصل‌ للحاكم‌ الظنّ بذلك‌ فلاحدّ عليه‌.

 السابع‌ :  أن‌ يكون‌ مقدار المال‌ المسروق‌  ربع‌ دينار من‌ الذهب‌ الخالص‌ المسكوك‌  أو ما يُعادله‌ ، فلو نقص‌ عن‌ ذلك‌ لم‌يُقطع‌.

 وربع‌ الدينار بالقيمة‌ الحاليّة‌ ـحيث‌ إنّ  ( سكّة‌ آزادي‌ )  [1] تعادل‌ ستّة‌ عشر [2]  ألف‌ توماناًـ يبلغ‌ ألفَي‌ تومان‌ ، إذ إنّ صاحب‌  « الجواهر »  في‌ كتاب‌ الزكاة‌ من‌ كتابه‌  « الجواهر »  قد ادّعي‌ الاءجماع‌ علي‌ أنّ الدينار الواحد ذهباً يزن‌ مثقالاً شرعيّاً واحداًـ انتهي‌[3].

 ومعلوم‌ لدينا أنّ المثقال‌ الصيرفيّ المتداول‌ في‌ أسواقنا أثقل‌ من‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ بمقدار الثلث‌ ، أي‌ أنّ المثقال‌ الصيرفيّ يعادل‌  ( 13+1 ) المثقال‌ الشرعي‌ّ، والمثقال‌ الشرعي‌ّ 34 المثقال‌ الصيرفي‌ّ، وباعتبار أنّ المثقال‌ الصيرفي‌ّ وزنه‌ 24 حمّصة‌ ، فيصبح‌ وزن‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ 18 حمصّة‌ ( من‌ الذهب‌ المسكوك‌ ) .

 ومن‌ جهة‌ أُخري‌ فقد عيّنوا [4]  الوزن‌ الدقيق‌ لـ ( سكّة‌ آزادي‌ )  25/36 حمّصة‌، أي‌ مثقالاً ونصف‌ المثقال‌ وربع‌ حمّصة‌ صيرفي‌ّ، وعلي‌ هذا فإنّ وزن‌  ( سكّة‌ آزادي‌ )  واحدة‌ يعادل‌ مثقالين‌ وربع‌ حمّصة‌ شرعي‌ّ.

 ( سكّة‌ آزادي‌ )  واحدة‌=25/2 مثقالاً شرعيّاً.

 وباعتبار المثقال‌ الشرعي‌ّ يزن‌ 18 حمّصة‌ ، لذا فإنّ:

 ( سكّة‌ آزادي‌ )  واحدة‌ = 2*18+25/0 حمّصة‌ أي‌ 36 حمّصة‌ تقريباً.

 وزن‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ = 2 ( سكّه‌ آزادي‌ )  = 362 = 18 حمّصة‌ تقريباً.

 قيمة‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ = 160002 = 8000 تومان‌.

 قيمة‌ ربع‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ  ( أي‌ ربع‌ دينار )  = 80004 = 2000 تومان‌.

 وعلي‌ هذا الحساب‌ فلو سرق‌ السارق‌ ما قيمته‌ أقل‌ من‌ هذا المقدار لايُحَدّ.

 الثامن‌ :  أن‌ تكون‌ السرقة‌  سرّاً، فلو سرق‌ السارق‌ شيئاً علناً بحضور مالكه‌ فلايُقطع‌.

 التّاسع‌ :  أن‌ لاتكون‌ السرقة‌ سرقة‌  أب‌ من‌ مال‌ ولده‌،  حيث‌ إنّ الحكم‌ لايُجري‌ في‌ هذه‌ الحالة‌.

 العاشر :  أن‌ لا تكون‌ السرقة‌ سرقة‌  عبدٍ من‌ مال‌ مولاه‌،  إذ لايُقطع‌ العبد في‌ هذه‌ الحالة‌.

 الحادي‌ عشر :  أن‌ يكون‌ إرجاع‌ السارق‌ للحاكم‌ بناءً علي‌  طلب‌ الغريم‌ أي‌ صاحب‌ المال‌ المسروق‌، فلو عفي‌ صاحب‌ المال‌ ولم‌يُرجع‌ السارق‌ للحاكم‌ لايُقام‌ عليه‌ الحدّ.

الثانی عشر : ام لاتکون السرقة فی عام مجاعة او قحط ، عندها لاحد علیه . هذه‌ هي‌ الشروط‌ التي‌ ذكرها الفقهاء في‌ كتبهم‌ الفقهيّة‌، لذا فإنّ قطع‌ يد السارق‌ إنّما يتحقّق‌ في‌ موارد نادرة‌ فقط‌ ، وذلك‌ حين‌ تجتمع‌ الشروط‌ الاثنا عشر وتثبت‌ سرقة‌ السارق‌ عند الحاكم‌ الشرعي‌ّ، أي‌ المجتهد الجامع‌ للشرائط‌ بإقرار السارق‌ واعترافه‌ ، أو بقيام‌ البيّنة‌ وشهادة‌ رجلين‌ عادلين‌، وإلاّ فإنّ الحاكم‌ لايُقيم‌ عليه‌ الحدّ.

 أمّا حكم‌ القطع‌ فعبارة‌ عن‌ قطع‌ أصابع‌ اليد اليمني‌ فقط‌: الخنصر والبنصر والوسطي‌ والمسبّحة‌  ( السبّابة‌ )، وتُترك‌ راحة‌ اليد والاءبهام‌.

 الرجوع الي الفهرس

 مناظرة شعریة بین المعرّیّ و علم الهدی فی قطع ید السارق

جاء في‌  « روضات‌ الجنّات‌ »  في‌ شرح‌ حال‌ وترجمة‌ أبي‌ العلاء المعرّي‌ّ أ  نّه‌ كان‌ يأتي‌ من‌ الشام‌ إلي‌ بغداد للحضور في‌ مجلس‌ عَلَم‌ الهدي‌ السيّد المرتضي‌، فاعترض‌ يوماً علي‌ السيّد المرتضي‌ رضوان‌ الله‌ عليه‌ وأنشأ يقول‌ بمقتضي‌ إلحاده‌ شعراً:

 يَدٌ بِخَمْسِ مَئينٍ عَسْجدٍ وُدِيَتْ                        مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي‌ رُبْعِ دِينارِ

 فأجابه‌ السيّد المرتضي‌ بهذا البيت‌:

 عِزُّ الاَمَانَةِ أَغْلاَهَا ، وَأَرْخَصَها              ذُلُّ الخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ   البَارِي‌[5]

 وفي‌ رواية‌:

 حَرَاسَةُ الدَّمِ أَغْلاَهَا وَأَرْخَصَهَا                        حَرَاسَةُ المَالِ فَانْظُرْ حِكْمَةَ البَارِي‌

 وأجابه‌ رجل‌ آخر من‌ أهل‌ المجلس‌ بقوله‌:

 هُنَاكَ مَظْلُومَةٌ غَالَتْ بِقِيمَتِهَا              وَهَا هُنَا ظَلَمَتْ هَانَتْ عَلَي‌ البَارِي‌

 وقال‌ رجل‌ آخر :  لَمَّا كَانَتْ أَمِينَةً كَانَتْ ثَمِينَةً ؛ فَلَمَّا خَانَتْ هَانَتْ.

 ونظم‌ آخر هذا المعني‌ بقوله‌:

 خِيَانَتُهَا أَهَانَتْها وَكَانَتْ ثَمِينَاً عِنْدَمَا كَانَتْ أَمِينَا [6]

 وعلي‌ هذا البيان‌ فإنّ القوانين‌ الجزائيّة‌ ترادف‌ القوانين‌ العباديّة‌ والاجتماعيّة‌ والمدنيّة‌ في‌ ضرورتها ووجوبها للمجتمع‌، وواجب‌ الطبيب‌ أن‌ لايتخلّف‌ عن‌ مسؤوليّته‌ في‌ إجراء كلا القانونين‌ ، إذ إنّهما أشبه‌ بجناحَي‌ طائر لايمكنه‌ التحليق‌ إلاّ بهما سويّاً ، وسيعجز هذا الطائر عن‌ الطيران‌ بجناحٍ واحد ويصبح‌ غنيمةً باردة‌ للصياد وملهاةً لاطفال‌ الحارة‌، وستبدّل‌ حياته‌ موتاً وتفوّقه‌ وسعادته‌ شقاءً وذلاّ ومسكنة‌. [7]

 ومن‌ هنا فقد عبّر القرآن‌ الكريم‌ عن‌ القصاص‌ بكلمةٍ ما أعجبها من‌ كلمة‌ تأخذ بالالباب‌: الحياة‌.

 الرجوع الي الفهرس

فی مفهوم و لطائف آیة: وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ

 وقد قال‌ الاُستاذ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ الشريف‌ في‌ تفسير هذه‌ الا´ية‌ المباركة‌ القرآنيّة‌:  وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ يَـ'´أُولِي‌ الاْلْبَـ'بِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، [8]  قال‌ : إشارة‌ إلي‌ حكمة‌ التشريع‌، ودفع‌ ما ربّما يتوهّم‌ من‌ تشريع‌ العفو والدية‌، وبيان‌ المزيّة‌ والمصلحة‌ التي‌ في‌ العفو، وهو نشر الرحمة‌ وإيثار الرأفة‌ ، أنّ العفو أقرب‌ إلي‌ مصلحة‌ الناس‌، وحاصله‌ أنّ العفو ولو كان‌ فيه‌ ما فيه‌ من‌ التخفيف‌ والرحمة‌ ، لكنّ المصلحة‌ العامّة‌ قائمة‌ بالقصاص‌، فإنّ الحياة‌ لايضمنها إلاّ القصاص‌ دون‌ العفو والدية‌ ولاكلّ شي‌ءٍ ممّا عداهما، يحكم‌ بذلك‌ الاءنسان‌ إذا كان‌ ذا لبّ ، وقوله‌:  لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.  أي‌ القتل‌، وهو بمنزلة‌ التعليل‌ لتشريع‌ القصاص‌.

 وقال‌ أيضاً : وقد ذكروا أنّ الجملة‌ ، أعني‌ قوله‌ تعالي‌  وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ ـالا´ية‌، علي‌ اختصارها وإيجازها وقلّة‌ حروفها وسلاسة‌ لفظها وصفاء تركيبها من‌ أبلغ‌ آيات‌ القرآن‌ في‌ بيانها وأسماها في‌ بلاغتها، فهي‌ جامعة‌ بين‌ قوّة‌ الاستدلال‌ وجمال‌ المعني‌ ولطفه‌ ورقّة‌ الدلالة‌ وظهور المدلول‌. وقد كان‌ للبلغاء قبلها كلمات‌ في‌ القتل‌ والقصاص‌ يعجبون‌ ببلاغتها وجزالة‌ أُسلوبها ونظمها، كقولهم‌ :  قَتْلُ البَعْضِ إحْيَاءٌ لِلْجَمِيعِ، وقولهم‌:  أَكْثِرُوا القَتْلَ لِيَقِلَّ القَتْلُ ، وأعجب‌ من‌ الجميع‌ عندهم‌ قولهم‌: القَتْلُ أَنْفَي‌ لِلقَتْلِ،  غير أنّ الا´ية‌ أنست‌ الجميع‌ ونفت‌ الكلّ:  وَلَكُمْ فِي‌ الْقِصَاصِ حَيَو'ةٌ،  فالا´ية‌ أقلُّ حروفاً وأسهل‌ في‌ التلفّظ‌ وفيها تعريف‌ القصاص‌  وتنكير الحياة‌ ليدلّ علي‌ أنّ النتيجة‌ أوسع‌ من‌ القصاص‌ وأعظم‌، وهي‌ مشتملة‌ علي‌ بيان‌ النتيجة‌ وعلي‌ بيان‌ حقيقة‌ المصلحة‌ وهي‌ الحياة‌، وتتضمّن‌ إيصال‌ معني‌ حقيقة‌ غاية‌ وفائدة‌ القصاص‌، فالقصاص‌ هو المؤدّي‌ إلي‌ الحياة‌ دون‌ القتل‌، فإنّ من‌ القتل‌ ما يقع‌ عدواناً ليس‌ يؤدّي‌ إلي‌ الحياة‌، وهي‌ مشتملة‌ علي‌ أشياء أُخر غير القتل‌ تؤدّي‌ إلي‌ الحياة‌، وهي‌ القصاص‌ في‌ غيرالقتل‌، وهي‌ مشتملة‌ علي‌ معنيً زائد آخر ، وهو معني‌ المتابعة‌ التي‌ تدلّ عليه‌ كلمة‌ القصاص‌ بخلاف‌ قولهم‌  القتلُ أنفي‌ للقتل‌ ، وهي‌ مع‌ ذلك‌ متضمّنة‌ للحثّ والترغيب‌، فإنّها تدلّ علي‌ حياة‌ مذخورة‌ للناس‌ مغفول‌ عنها يملكونها فعليهم‌ أن‌ يأخذوا بها، نظير ما تقول‌ : لك‌ في‌ مكان‌ كذا، أو عند فلان‌ مال‌ وثروة‌، وهي‌ مع‌ ذلك‌ تشير إلي‌ أنّ القائل‌ لايريد بقوله‌ هذا إلاّ حفظ‌ منافعهم‌ ورعاية‌ مصلحتهم‌ من‌ غير عائدٍ يعود إليه‌ حيث‌ قال‌:  وَلَكُمْ ، فهذه‌ وجوه‌ من‌ لطائف‌ ما تشتمل‌ عليه‌ هذه‌ الا´ية‌ ، وربّما ذكر بعضهم‌ وجوهاً أُخري‌ يعثر عليها المراجع‌، غير أنّ الا´ية‌ كلّما زدتَ فيها تدبّراً زادتك‌ في‌ تجليّاتها بجمالها وغلبتك‌ بحُورُ نورها.  وَكَلِمَةُ اللَهِ هِيَ الْعُلْيَا.[9]

 وعلي‌ أيّة‌ حال‌ فقد كان‌ الكلام‌ بشأن‌ القصاص‌ وانتصاف‌ الحقّ حيث‌ اعتبر القرآن‌ الكريم‌ العفوَ والسماح‌ أُسلوباً مرضيّاً وشيمةً حسنة‌ حمدها وحثّ عليها، واعتبر ـفي‌ الوقت‌ نفسه‌ـ حقّ الانتقام‌ مقابل‌ المعتدي‌ علي‌ حياة‌ الاءنسان‌ أو ماله‌ أو شرفه‌ وكرامته‌ وعرضه‌ حقّاً طبيعيّاً مسلّماً، وقد عبّر بلفظ‌ الشهيد عمّن‌ يُقتل‌ في‌ طريق‌ الدفاع‌ عن‌ حقوقه‌ وإحقاقها واستعادتها.

 روي‌ السيوطيّ في‌  « الجامع‌ الصغير »  بسندٍ حسن‌ ، عن‌ سعيدبن‌ زيد، عن‌ كتاب‌  « مسند أحمد بن‌ حنبل‌ » ، و « صحيح‌ البخاري‌ّ »  و « صحيح‌ مسلم‌ » ، و « صحيح‌ الترمذي‌ّ » ، و « صحيح‌ ابن‌ حَبَان‌ » ، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أ  نّه‌ قال‌:

 مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ،  [10] وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. [11]

 الرجوع الي الفهرس

مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ

 روي‌ الكلينيّ في‌  « الكافي‌ »  في‌ باب‌  قتل‌ اللصّ  بسنده‌ عن‌ أبي‌ بصير قال‌: سألتُ أبا جعفر الباقر عليه‌ السلام‌ عن‌ الرجل‌ يُقاتِل‌ عن‌ ماله‌ فقال‌: إنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌ :  مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَهِيدٍـ الحديث‌. [12]

 وروي‌ الكليني‌ّ أيضاً في‌ باب‌  مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ  بسنده‌ المتّصل‌، عن‌ عبدالله‌بن‌ سـنان‌ ، عن‌ الاءمام‌ الصـادق‌ عليه‌ السـلام‌ أ  نّه‌ قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ،  مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.[13]

 وروي‌ بهذا الاءسناد ، عن‌ أبي‌ مريم‌ ، عن‌ أبي‌ جعفر الباقر عليه‌ السلام‌ قال‌: قال‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ :  مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ شَهِيدٌ.  ثمّ قال‌: يا أبا مريم‌ !  هل‌ تدري‌ ما دون‌ مظلمته‌ ؟

 قلتُ: جُعلت‌ فداك‌ . الرجلُ يُقتل‌ دون‌ أهله‌ ودون‌ ماله‌ وأشباه‌ ذلك‌.

 فقال‌:  يَا أَبَا مَرْيَم‌ ! إنَّ مِنَ الفِقْهِ عِرْفَانُ الحَقِّ.[14]

 وروي‌ السيوطي‌ّ أيضاً في‌  « الجامع‌ الصغير »  عن‌ سنن‌ النسائي‌ّ؛ وعن‌ ضياء، عن‌ سويدبن‌ مقرن‌ بسند صحيح‌ أنّ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ قال‌:  مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. [15]

 هذا من‌ جهة‌ ، ومن‌ جهةٍ أُخري‌ فقد أهدر الاءسلام‌ دمَ من‌ كان‌ بصدد الاعتداء علي‌ أموال‌ الناس‌ بسرقتها ، أو في‌ صدد الفجور بأعراضهم‌، وقد أعفي‌ في‌ حكمه‌ صاحب‌ البيت‌ الذي‌ يتصدّي‌ للسارق‌ دفاعاً عن‌ ماله‌ أو عرضه‌ فيقتله‌ في‌ صراعهما ، إذ إنّ دم‌ هذا المعتدي‌ مهدور لاقيمة‌ له‌. وقد روي‌ الكليني‌ّ بسنده‌ المتّصل‌ ، عن‌ الاءمام‌ أبي‌ الحسن‌ موسي‌بن‌ جعفر الكاظم‌ عليه‌ السلام‌ في‌ رجلٍ دخل‌ علي‌ دار آخر للتلصّص‌ أو الفجور فقتله‌ صاحب‌ الدار أيُقتل‌ به‌ أم‌ لا ؟  فقال‌:

 اعْلَمْ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ فَقَدْ أَهْدَرَ دَمَهُ ؛ وَلاَيَجِبُ عَلَيْهِ شَي‌ءٌ. [16]

 وقد أجاز القرآن‌ الكريم‌ ـ لهذا السبب‌ ـ للمظلوم‌ قول‌ السوء وبيان‌ عيوب‌ وسيّئات‌ الظالم‌ ، ورخّص‌ له‌ أن‌ يصرخ‌ جاهراً بسيّئات‌ الظالم‌ في‌ ظلمه‌ الذي‌ ألحقه‌ به‌ ، وأن‌ يحطّ من‌ شأنه‌ وكرامته‌ أمام‌ المجتمع‌، وهذا في‌ الواقع‌ المقام‌ الاكبر الذي‌ أقرّه‌ القرآن‌ الكريم‌ للمظلوم‌ لدفع‌ ظلم‌ الظالم‌، فقد أقرّ القرآن‌ الكريم‌ أن‌:

 لاَّ يُحِبُّ اللَهُ الْجَهْرَ بِالسُّو´ءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن‌ ظُلِمَ وَكَانَ اللَهُ سَمِيعًا عَلِيمًا* إِن‌ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن‌ سُو´ءٍ فَإِنَّ اللَهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا. [17]

 الرجوع الي الفهرس

تفسیر آیة : لاَّ يُحِبُّ اللَهُ الْجَهْرَ بِالسُّو´ءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن‌ ظُلِمَ

 قال‌ العلاّمة‌ الطباطبائي‌ّ قدّس‌ الله‌ سرّه‌ الشريف‌ في‌ تفسير هذه‌ الا´ية‌: يُستفاد من‌ الجملة‌ البَعديّة‌ التي‌ ترغّب‌ في‌ العفو عن‌ السوء أنّ قوله‌  إِلاَّ مَن‌ ظُلِمَ  استثناء منقطع‌ ، إذ يُستفاد من‌ المستثني‌ منه‌ أنّ الله‌ سبحانه‌ لايحبّ من‌ المظلوم‌ وغيرالمظلوم‌ الجهر بالسوء من‌ القول‌ للظالم‌ ولغير الظالم‌، وبشكل‌ كلّي‌ّ فلاينبغي‌ الجهـر بالسـوء من‌ الجميـع‌ ، ويسـتفاد من‌ هـذه‌ الجملة‌ عدم‌المحبوبيّة‌، ولانّ استثناءً قد ورد عليها فإن‌ كان‌ مفاده‌ استثناءً متّصلاً فإنّه‌ يفيد محبوبيّة‌ الجهر بالسوء من‌ المظلوم‌ فيمن‌ ظلمه‌، وباعتبار أنّ في‌ الا´ية‌ التي‌ تلتها قد ورد امتداح‌ ومحبوبيّة‌ العفو . الاءغضاء عن‌ كلّ سوء، فيُعلم‌ أنّ الاستثناء كان‌ منفصلاً ، ومفاده‌ الجواز وعدم‌ الحرمة‌ لاالمحبوبيّة‌ والاستحباب‌ أو الوجوب‌. وعلي‌ هذا فالجهر بالسوء غيرمحبوب‌ علي‌ الدوام‌ إلاّ ممّن‌ ظُلم‌ فلابأس‌ به‌.

 ويُستدلّ من‌ القرائن‌ المقاميّة‌ أنّ المراد بالجهر بالسوء من‌ القول‌: أوّلاً أن‌ يكون‌ في‌ خصوص‌ الظلم‌ الذي‌ ألحقه‌ الظالم‌ بالمظلوم‌ لامطلق‌ كلّ مساوي‌ الظالم‌. وثانياً أنّ هذا الجهر بالسوء يجب‌ أن‌ يكون‌ للدفاع‌ ومنع‌ الظلم‌ لامطلق‌ الجهر بالسوء وإظهار المساوي‌ والعيوب‌. [18]

 ورأينا في‌ زماننا أُنموذجاً بارزاً لهذا الجهر بالسوء من‌ القول‌ وبيان‌ وتعديد مساوي‌ وعيوب‌ الظالم‌ ، والذي‌ حكي‌ وجسّد علناً نداء المظلوم‌ وصرخته‌ أمام‌ عدوان‌ الظالم‌.

 تلك‌ هي‌ قصّة‌ النساء المؤمنات‌ اللاتي‌ هرعن‌ في‌ حجابهنّ ووقارهنّ إلي‌ الشوارع‌ عند سقوط‌ وانهيار حكم‌ العائلة‌ البهلويّة‌ الجائرة‌ التي‌ لم‌تتأبّ وتتورّع‌ عن‌ إلحاق‌ مختلف‌ أنواع‌ الظلم‌ والجناية‌ والخيانة‌ بأرواح‌ وأموال‌ ومقدّرات‌ وأعراض‌ الشعب‌ المسلم‌ ، ومن‌ بين‌ ذلك‌ إلغاؤه‌ حجاب‌ النساء المسلمات‌ وفرضه‌ ونشره‌ السفور والفحشاء والرذيلة‌ والاعمال‌ المنافية‌ للعفّة‌ والشرف‌ علي‌ الشعب‌ بالعنف‌ والقوّة‌.

 فلقد جاءوا بعدّة‌ من‌ النساء العاريات‌ المتهتّكات‌ من‌ اللواتي‌ عشن‌ في‌ الغرب‌ فبُهرن‌ به‌ وشُغفن‌، وقدّموهن‌ ـبنواياهم‌ وأفكارهم‌ الفاسدة‌ القذرة‌ـ باسم‌ أُنموذج‌ التحضّر ومثال‌ التحرّر ، ووضعوا تحت‌ تصرّفهنّ زمام‌ الاءعلام‌ في‌ المدارس‌، وأجهزة‌ الاتّصال‌ والاءعلام‌، وميزانيّة‌ الماليّات‌ والاوقاف‌، وقدّموهنّ علي‌ أ  نّهنّ نساء إيران‌ الاصيلات‌ المتحرّرات‌، وحاولوا عرض‌ إيران‌ علي‌ أ  نّها خالية‌ من‌ الحياء والعصمة‌ والعفّة‌، خاوية‌ من‌ العلم‌ والادب‌ والفنّ والدين‌ والاخلاق‌ ، وأنّ النساء المؤمنات‌ المتديّنات‌ المتعلّمات‌ المحجّبات‌ لايُمثّلن‌ إلاّ أقليّة‌ لا مكان‌ لها إلاّ قعر البيوت‌ ومجالس‌ العزاء وبعض‌ المحلاّت‌ الفقيرة‌ المستضعفة‌ والبعيدة‌ عن‌ الرقي‌ّ والتحضّر، وأنّ العلم‌ والادب‌ والثقافة‌ والتحضّر مختصّ بأُولئك‌ لايقاسمهنّ فيه‌ غيرهنّ.

 ولقد حبسوا أنفاس‌ الناس‌ في‌ صدورهم‌ بالاءرعاب‌ والاءرهاب‌ وتشديد السياسة‌ الغربيّة‌ المقتدرة‌ ، بحيث‌ إنّ أحداً لم‌ يكن‌ ليجرؤ أن‌ يفوه‌ بكلمة‌؛ ولم‌يكن‌ لنساء إيران‌ المسلمات‌ اللاتي‌ ربّين‌ في‌ حجورهنّ لالف‌ سنة‌، ويتعاهدن‌ حاليّاً بنفس‌ النهج‌ والاُسلوب‌ الشجعانَ والعلماء والرجال‌ الناجحين‌ المثمرين‌، لم‌ يكنّ يمتلكن‌ مطلقاً حقّ الكلام‌ والمناقشة‌ والدفاع‌ عن‌ حقوقهنّ الاوّليّة‌ المسلّمة‌، وكانت‌ تلك‌ الزمرة‌ المتهتّكة‌ قد أمسكت‌ زمام‌ الاُمور لدرجة‌ التي‌ جعلت‌ المدارس‌ منحصرة‌ بين‌ أيديهنّ بالشكل‌ الذي‌ كان‌ يسوق‌ جميع‌ بنات‌ وحفيدات‌ تلكم‌ النساء الاصيلات‌ قهراً إلي‌ الجانب‌ الا´خر ويربّيهنّ ويُنشّئهنّ تنشأةً علي‌ أساس‌ المدنيّة‌ الغربيّة‌ والثقافة‌ الاستعمارية‌ الكافرة‌.

 لقد كان‌ هذا ظلماً ، وكان‌ عدم‌ السماح‌ للنساء المسلمات‌ بالدفاع‌ عن‌ حقوقهنّ ظلماً آخر يُضاف‌ إليه‌ ، فقد كان‌ عليهنّ أن‌ يتحملنّ هذه‌ المظالم‌ وأن‌ يُحرمنَ الحقّ في‌ التحدّث‌ والكملام‌ والدفاع‌ عن‌ الحقوق‌، وهكذا فقد تدفّقت‌ النساء المسلمات‌ إلي‌ الشوارع‌ والازقّة‌ في‌ ثورة‌ الناس‌ والنهضة‌ الشاملة‌ ضدّ الحكومة‌ الجائرة‌ ، وأعلنَّ بالصرخات‌ والاصوات‌ الخشنة‌ الغاضبة‌ مساوي‌ الحكومة‌ البهلويّة‌ ، وأزحن‌ الستار عن‌ الظلم‌ الذي‌ تجرّ عنه‌ غصصاً طيلة‌ السنين‌ الخمسين‌ الماضية‌ ، وأعلنّ بصفوفهنّ مُلائهنّ السوداء وحجابهنّ الوقور أنّ الغالبيّة‌ الساحقة‌ لنا ، وأنّ الدين‌ والاءيمان‌ والحياء والعفّة‌ والعلم‌ والادب‌ والتحمّل‌ والصبر في‌ تنظيم‌ أُمور البيت‌ وتربية‌ النسل‌ المسلم‌ من‌ شأننا.

 إنّ الاءسلام‌ لا يرتضي‌ صرخات‌ النساء ، ولا يسيغ‌ جهرهنّ بالسوء من‌ القول‌، ولايقرّ لهن‌ الخروج‌ من‌ البيت‌ وتشكيل‌ التظاهرات‌ والتجمّعات‌، والهتاف‌ بالشعارات‌، فهي‌ تمثّل‌ في‌ نظر الاءسلام‌ أعمال‌ إساءة‌ لطائفة‌ النساء.

 لكنّ التظاهر والهتاف‌ بالشعارات‌ في‌ حالة‌ الدفاع‌ عن‌ حقوقهنّ، أو لاستعادة‌ حقوقهنّ المهدورة‌، ولرفع‌ المظالم‌ التي‌ لحقت‌ بهنّ يصبح‌ مصداقاً حقيقيّاً  لـلاَ يُحِبُّ اللَهُ الْجَهْرَ بِالسُّو´ءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ، وتصبح‌ الضجّة‌ والصراخ‌ والغوغاء مقبولة‌ وأمراً جائزاً يقرّه‌ الاءسلام‌ ويُمضيه‌.

 وبشكلٍ عامّ ، فإنّ هذه‌ الا´ية‌ المباركة‌ هي‌ الدليل‌ القرآني‌ّ الافضل‌ علي‌ جواز التمرّد والانتفاض‌ علي‌ الحكومة‌ الظالمة‌ الجائرة‌ من‌ قبل‌ الرجال‌ والنساء برفع‌ الشعارات‌ وبالصرخات‌ القويّة‌ التي‌ تكسر شوكة‌ ظلم‌ الظالمين‌ وتردّ فساد المفسدين‌؛ لانّ الجهر كما يقول‌ الراغب‌ الاصفهاني‌ّ في‌ مادّة‌ ( جَهَرَ )  يُقال‌ لظهور الشي‌ء بإفراط‌ حاسّة‌ البصر أو حاسّة‌ السمع‌، أمّا البصر فنحو:  رَأيْتُهُ جهاراً ، قال‌ الله‌ تعالي‌:

 لَن‌ نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّي‌' نَرَي‌ اللَهَ جَهْرَةً،  [19] و أَرِنَا اللَهَ جَهْرَةً، [20]  إلي‌ أن‌ يقول‌: وأمّا السمع‌ فمنه‌ قوله‌ تعالي‌  سَوَآءٌ مِّنكُمْ مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ. [21]  و 

 لذا فإنّ أي‌ّ تظاهر وهتاف‌ بشعار لدفع‌ ظلم‌ الظالم‌ وعَدِّ تجاوزاته‌ ومظالمه‌ يمتلك‌ أساساً وأصلاً قرآنيّاً ، ولكن‌ يجب‌ العلم‌ فيما يخصّ النساء أنّ الحجاب‌ والعفّة‌ وإدارة‌ شؤون‌ البيت‌ والاءنجاب‌ وعدم‌رفع‌ الصوت‌ عند الاجنبي‌ّ تعدّ كلّها من‌ الاُمور الحسنة‌ المحمودة‌، وأنّ الجهر بالسوء من‌ قبلهنّ مع‌ أ  نّه‌ يندرج‌ تحت‌ عنوان‌ السوء والقبح‌ إلاّ أ  نّه‌ قد استثني‌ بشكل‌ خاصّ وارتفع‌ عنه‌ عنوان‌ القبح‌ والسوء إن‌ تعلّق‌ ببيان‌ مساوي‌ الظالم‌.

 أي‌ أنّ للمرأة‌ الحقّ ـبشكلٍ استثنائي‌ّ وبعنوانٍ ثانوي‌ّـ أن‌ ترفع‌ صوتها مقابل‌ الرجال‌ بشتم‌ الظالم‌ جهراً للظلم‌ الذي‌ ألحقه‌ بها، لاأن‌ يكون‌ لها الحقّ في‌ كلّ وقت‌ ومكان‌ ، وفي‌ مختلف‌ الظروف‌ والشروط‌ أن‌ تشارك‌ في‌ المسيرات‌ وأن‌ تلقي‌ الخطب‌ وأن‌ تخطو مع‌ الرجال‌ كتفاً لكتف‌، فهذا العمل‌ يُخالف‌ الاءسلام‌ ويتناقض‌ مع‌ بُنية‌ المرأة‌ وكيانها الخلقي‌ّ والفطري‌ّ ويتعارض‌ مع‌ مصالحها ومنافعها.

 إنّ جهر المرأة‌ بصورتها ـفي‌ الظروف‌ العاديّة‌ـ في‌ التحدّث‌ بين‌ الرجال‌، وإلقاء الخطب‌ ومشاركتها في‌ مجالس‌ الرجال‌ ومحافلهم‌، أو في‌ الحفلات‌ المختلطة‌، خلاف‌ النصوص‌ الصريحة‌ الواردة‌ في‌ الاءسلام‌. [22]

 الرجوع الي الفهرس

استثناء خطب الزهراء و زینب و فاطمة بنت الحسین بین الرجال

 ويجب‌ علينا الدقّة‌ والانتباه‌ كي‌ لا نخطو في‌ طريق‌ تقدّمنا وتكاملنا الاءسلامي‌ّ خطواتٍ ـلاسمح‌ الله‌ـ تعيدنا إلي‌ الوراء وتسوقنا القهقري‌ إلي‌ الجاهليّة‌، وبدلاً من‌ أن‌ نقتطف‌ معطيات‌ الحياة‌ الاءسلاميّة‌ الجميلة‌ وثمارها الحلوة‌ اليانعة‌، ونستريح‌ في‌ ظلّ شجرتها الغزيرة‌ الثمر، بدلاً من‌ ذلك‌ تظهر فينا ـلاقدّر الله‌ـ أعمال‌ وأساليب‌ الكفر والا´داب‌ الجاهليّة‌ والبربريّة‌ والغربيّة‌ تلك‌ باسم‌ الاءسلام‌ وباسم‌ القائدة‌ الرشيدة‌ الشجاعة‌، والمرأة‌ المتفرّدة‌ في‌ عالم‌ البشريّة‌، واللبوة‌ الشجاعة‌ في‌ ساحات‌ الجهاد مع‌ الكفر والاءلحاد، زينب‌ الكبري‌ سلام‌ الله‌ عليها ، وندفع‌ نساءنا في‌ الظروف‌ العاديّة‌ للمشاركة‌ في‌ مجالس‌ الرجال‌ للتربية‌ والتعليم‌ ، أو للتفسير والتأريخ‌، أو للموعظة‌ والخطابة‌ ثمّ نقول‌ : أي‌ّ مانعٍ في‌ هذا ؟  لقد ذهبت‌ فاطمة‌ الزهراء عليها السلام‌ إلي‌ المسجد وألقت‌ خطبتها أمام‌ الرجال‌، وخطبت‌ أيضاً ابنتها زينب‌ في‌ شوارع‌ الكوفة‌ أمام‌ جمع‌ من‌ الرجال‌ المحتشدين‌، ثمّ خطبت‌ في‌ الشام‌ في‌ مجلس‌ يزيد أمام‌ الرجال‌ وتكلّمت‌ وحاورت‌، وكذا الامر في‌ حفيدتها المكرّمة‌ فاطمة‌ بنت‌ الحسين‌ التي‌ خطبت‌ في‌ الكوفة‌.[23]

 وهو خطأٌ فادح‌ وخبطٌ لا يُعذر يرد علي‌ أذهاننا ، ونوع‌ من‌ المغالطة‌ أساسها تسلّط‌ هوي‌ النفس‌ والافكار الشيطانيّة‌ التي‌ تحتلّ مكان‌ البرهان‌ في‌ فنّ المخاطبة‌.

 ألا يقول‌ أحد لاصحاب‌ الهراء هؤلاء ، الذين‌ يدّعون‌ فهم‌ الاءسلام‌ ودركه‌ إنّ خطابة‌ المرأة‌ وحديثها لو كان‌ جائزاً في‌ الظروف‌ العاديّة‌ فلِمَ لَمْتتحدّث‌ ابنة‌ رسول‌الله‌ الصدّيقة‌ الكبري‌ فاطمة‌ الزهراء سلام‌ الله‌ عليها في‌ حياة‌ أبيها رسول‌الله‌ في‌ المسجد مرّةً واحدة‌ ؟

 لِمَ لَمْ تعقد مجلساً للدرس‌ في‌ المسجد أو في‌ غير المسجد ؟

 ولماذا لم‌ تبيّن‌ للاصحاب‌ ـ رجالاً ونساءً ـ تفسير القرآن‌ وسيرة‌ أبيها المصطفي‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ ؟

 لِمَ لَمْ يُعهد عنها ، أو عن‌ غيرها من‌ نساء المدينة‌ حديث‌ واحد بين‌ الرجال‌ ؟

 ولماذا لم‌ يشاهد عنهنّ أو عن‌ نساء مكّة‌ أو نساء الكوفة‌ والبصرة‌ مجلس‌ درس‌ واحد للموعظة‌ والحديث‌ والتفسير ؟

 تبصّر أيّها العزيز ولا تُخدع‌ ، فلقد كان‌ من‌ المطالب‌ التي‌ اتّضحت‌ عند بحثنا وبياننا حول‌ الا´ية‌ القرآنيّة‌  لاَّ يُحِبُّ اللَهُ الْجَهْرَ بِالسُّو´ء مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن‌ ظُلِمَ.  إنّ خطبة‌ الزهراء سلام‌ الله‌ عليها في‌ المسجد كانت‌ فقط‌ للدفاع‌ عن‌ حقّها إثر الظلم‌ الذي‌ لحقها من‌ الحكم‌ المدّعي‌ لخلافة‌ أبيها رسول‌الله‌، ولقد جهرت‌ بصرختها وأثارت‌ الضجّة‌ والجَلَبة‌ في‌ المسجد علي‌ الظالم‌، وأدانت‌ أبابكر وعمر وفضحتهما يجعلنا ـبعد مرور أربعة‌ عشر قرناًـ حين‌ نقرأ كلمات‌ خطبتها في‌ كتب‌ المخالفين‌ أيضاً ، نُثني‌ علي‌ قدرها وعظمتها ومتانة‌ منطقها وبرهانها القويم‌.

 ولقد كان‌ عملها عملاً قرآنيّاً ، منبثقاً من‌ أساسٍ قرآني‌ّ، هو أنّ لكلّ أحد الحقّ ـرجلاً كان‌ أم‌ امرأة‌ـ حين‌ يلحقه‌ ظلم‌ أن‌ يتصدّي‌ لظالمه‌ ويعدّد جهاراً سيّئات‌ وقبائح‌ ظلمه‌ الذي‌ ألحقه‌ به‌ ، ولقد فعلت‌ هذا، وخطبت‌ خطبتها جهاراً، وأثبتت‌ دعواها ثمّ رجعت‌ إلي‌ بيتها ولم‌يُسمع‌ منها بعد ذلك‌ خطبة‌ أو يُعهد عنها أ  نّها جهرت‌ بصوتها بين‌ الرجال‌.

 فكيف‌ يمكن‌ لاحد أن‌ يتجرّأ علي‌ القول‌ إنّ هذا العمل‌ الاستثناني‌ّ لسيّدة‌ نساء العالمين‌ دليل‌ علي‌ جواز تحدّث‌ النساء في‌ محافل‌ الرجال‌ في‌ الظروف‌ العاديّة‌ غيرالاستثنائيّة‌ ؟

 وأمّا بالنسبة‌ إلي‌ ابنتها فخر نساء العالم‌ : زينب‌ التي‌ خطبت‌ وتحدّثت‌ في‌ الكوفة‌ في‌ محمل‌ الاسر بلهجة‌ شديدة‌ ، طليقة‌ اللسان‌، وعدّدت‌ مظالم‌ حكومة‌ بني‌ أُميّة‌ وذلّ وحقارة‌ وصَغار أهل‌ الكوفة‌ ، وكان‌ يتوجّب‌ عليها أن‌ تتكلّم‌ وتخطب‌ وتذيع‌ مساوءهم‌ علي‌ رؤوس‌ الاشهاد وتُثبّت‌ حقّ أخيها الرشيد وإمامها بالحقّ وتوصله‌ إلي‌ أسماع‌ العالم‌ ، وكان‌ هذا حقّاً أعطاها إيّاه‌ القرآن‌، ورسالةً كُلِّفت‌ بها من‌ قِبَل‌ أخيها في‌ هذا السفر الخطير المهول‌. [24]

 ثمّ يُراد مقايسة‌ هذا الموقع‌ الخطير العظيم‌ وهذا الدفاع‌ عن‌ الحقّ وفضح‌ العائلة‌ الامويّة‌ المعادية‌ للدين‌ والاءنسانيّة‌ والظلم‌ الذي‌ ارتكبوه‌ بذلك‌ الاُسلوب‌ الفظيع‌ المفجع‌ في‌ صحراء كربلاء ، يُراد مقايسة‌ هذا كلّه‌ ومقارنته‌ مع‌ حديث‌ وكلام‌ الجنس‌ النسويّ اللطيف‌ في‌ مجالس‌ الحفلات‌ بصوتهن‌ الرقيق‌ ولحنهنّ المليح‌ الذي‌ يختطف‌ الافئدة‌ !!

 أبداً أبداً  !  فهذا قياسٌ مع‌ الفارق‌ ، لكنّه‌ ليس‌ بفارقٍ واحد، بل‌ إنّ له‌ آلاف‌ الفوارق‌ والاختلافات‌.

 لقد كان‌ عمل‌ زينب‌ سلام‌ الله‌ عليها عملاً استثنائيّاً، أن‌ تتكلّم‌ في‌ الكوفة‌ وفي‌ الشام‌ في‌ مجلس‌ يزيد بسليط‌ القول‌ ، ولم‌يُعهد عن‌ زينب‌ ولم‌يُعرف‌ عنها قبل‌ ذلك‌ ولا بعده‌ كلام‌ وحديث‌ بين‌ الرجال‌، كيف‌ وهي‌ ربيبة‌ أسد الرجال‌ وابنة‌ معدن‌ العفّة‌ والحياء !

 كيف‌ وقد ارتضعت‌ من‌ ثدي‌ الزهراء الطاهر وكبرت‌ في‌ حجرها ! لقد كان‌ لزينب‌ الكبري‌ حين‌ حطّت‌ الرحال‌ في‌ صحراء كربلاء خمساً وخمسين‌ سنة‌، إذ كانت‌ تصغر سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ بسنتين‌؛ وباعتبار وفاتها في‌ شهر رجب‌ لسنة‌ اثنتين‌ وستّين‌ بعد واقعة‌ عاشوراء بسنة‌ ونصف‌، فقد عاشت‌ ما يقارب‌ عمر أخيها الحسين‌ عليه‌ السلام‌.[25]

 وقد عاشت‌ سلام‌ الله‌ عليها هذا العمر المديد في‌ المدينة‌ لم‌يرها أو يعهد عنها أ  نّها شاركت‌ في‌ مجالس‌ الرجال‌ أو تحدّثت‌ بينهم‌ أو تكلّمت‌ في‌ بيان‌ التفسير والحديث‌ في‌ مجالس‌ ضمّت‌ الرجال‌ والنساء، مع‌ كونها عالمة‌ أهل‌ البيت‌، فقد قال‌ لها السجّاد عليه‌ السلام‌:  يَا عَمَّتَاهُ! أَنْتِ بِحَمْدِ اللَهِ عَالِمَةٌ غَيْرُمُعَلَّمَةٌ وَفَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٌ.[26]

 لقد كان‌ لزينب‌ سلام‌ الله‌ عليها مجالس‌ معروفة‌ لتعليم‌ نساء المدينة‌ القرآن‌ والحديث‌ والتفسير والاخلاق‌ ، فإن‌ كانت‌ خطبتها حال‌ الاسر في‌ الكوفة‌ والشام‌ دليلاً علي‌ جواز مطلق‌ الكلام‌ والموعظة‌ والخطابة‌، فلِمَ لَمْيقع‌ لها نظيرٌ ومثيل‌ واحد في‌ تلك‌ المدينة‌ الكبيرة‌ التي‌ كانت‌ آنذاك‌ مركز العلم‌، ولو لمرّةٍ واحدة‌ ؟  وكذا الامر بالنسبة‌ لخطبة‌ فاطمة‌ بنت‌ الحسين‌ في‌ الكوفة‌ أمام‌ الا´لاف‌ بعد خطبة‌ عمّتها زينب‌.

 ويبدو أنّ اكتشاف‌ جواز تحدّث‌ النساء في‌ محافل‌ الرجال‌ من‌ قبل‌ هؤلاء السادة‌ المتخصّصين‌ بعلوم‌ الاءسلام‌ قد جاء متأخّراً بعض‌ الشي‌ء، ولو جاء أبكر من‌ هذا لاورد النساء في‌ محافل‌ الرجال‌ ومجالسهم‌ ولانقذ الرجال‌ من‌ هذه‌ المحروميّة‌ !

 قيل‌ إنّ رجلاً ذهب‌ في‌ سفر ، فلمّا عاد وجد زوجته‌ علي‌ فراش‌ المرض‌ ووجد أُمّه‌ قد توفّيت‌ ، ونتيجة‌ المواصلة‌ والمضاجعة‌ تحسّن‌ حال‌ الزوجة‌، فكان‌ يتأسّف‌ ويتحسّر أن‌ : وصلتُ متأخّراً وإلاّ لكنتُ شفيتُ والدتي‌ أيضاً.

 ترسم‌ نرسي‌ به‌ كعبه‌ أي‌ أعرابي‌                        كين‌ ره‌ كه‌ تو ميروي‌ به‌ تركستان‌ است[27]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

ارجاعات


[1]  ـ (سكّة‌ آزادي‌) هي‌ السكّة‌ الذهبيّة‌ المتداولة‌ في‌ الجمهوريّة‌ الاءسلاميّة‌ في‌ إيران‌.

 [2]  ـ القيمة‌ خاصّة‌ بزمن‌ الكتابة‌. (م‌)

 [3]  ـ قال‌ في‌ «الجواهر» : الدينار الواحد ذهباً يزن‌ مثقالاً شرعيّاً واحداً ، لكنّ الدرهم‌ لايزن‌ مثقالاً، بل‌ يزن‌ سبعة‌ أعشار المثال‌ الشرعي‌ّ.

 والدرهم‌ ستّة‌ دوانيق‌ ، والدانق‌ ثمان‌ حبّات‌ من‌ أواسط‌ حبّ الشعير في‌ العظم‌ والصغر والرزانة‌ والخفّة‌، لذا فالدرهم‌ ثمان‌ وأربعون‌ حبّة‌ شعير ، والمثقال‌ الشرعي‌ّ ثمان‌ وستّون‌ شعيرة‌ وأربعة‌ أسباع‌ الشعيرة‌.

 لانّ :  48 * 7  10  =  7  4  68  أي‌ ثمان‌ وستّون‌ شعيرة‌ وأربعة‌ أسباع‌ الشعيرة‌.

 والبعض‌ القائل‌ إنّ الدرهم‌ نصف‌ المثقال‌ وخُمس‌ المثقال‌ ؛ وهو سواء ، لانّ  2  1 + 5  1 = 10  7  والمثقال‌ الشرعي‌ّ درهم‌ وثلاثة‌ أسباع‌ الدرهم‌ ، لانّ :  1  درهم‌ =  10  7  مثقال‌.

 س‌  1  مثقال‌.

 س‌  =  7  1*10*10  =  7  10  =  7  3  1

 وفي‌ زكاة‌ الذهب‌ ، فإنّ المثقال‌ الشرعي‌ّ هو المعتبر ، أي‌ أنّ النصاب‌ يجب‌ أن‌ يصل‌ عشرين‌ مثقالاً شرعيّاً ، وفي‌ زكاة‌ الفضّة‌ فإنّ الدرهم‌ الشرعي‌ّ هو المعتبر، أي‌ أنّ النصاب‌ يجب‌ أن‌ يصل‌ مائتي‌ درهم‌ شرعي‌ّ ، أي‌ ما يعادل‌  140  مثقالاً شرعيّاً ، لانّ  200 * 10  7 = 140 ؛ ولانّ المثقال‌ الصيرفي‌ّ يساوي‌  3  1  1  مثقالاً شرعيّاً ، والمثقال‌ الشرعي‌ّ  4  3  المثقال‌ الصيرفي‌ّ، لذا فإنّ نصاب‌ الذهب‌ يعادل‌  15  مثقالاً صيرفيّاً ونصاب‌ الفضّة‌ يعادل‌  105  مثقالاً صيرفيّاً.

 [4]  ـ عيّن‌ أحد الاصدقاء من‌ ذوي‌ الخبرة‌ الوزن‌ الدقيق‌ لـ(سكّة‌ آزادي‌) ما يُعادل‌  25/36 حمّصة‌. أي‌ مثقالاً ونصف‌ المثقال‌ وربع‌ حمّصة‌ ؛ ووزن‌ نصف‌ (سكّة‌ آزادي‌) واحداً وعشرين‌ حمّصة‌، ووزن‌ رُبعها  4/10  حمّصة‌.

[5]  ـ أورد هذه‌ القصّة‌ السيّد نعمة‌ الله‌ الجزائري‌ّ في‌ كتاب‌ «زُهَر الربيع‌» ص‌ 382 ، طبعة‌ انتشارات‌ ناصر خسرو، وذكر أنَّ البيت‌ *هناك‌ مظلومةٌ غالت‌ بقيمتها للشافعي‌ّ؛ ولايخفي‌ ما فيه‌؛ لانَّ الفترة‌ ما بين‌ الشافعي‌ّ والسيّد المرتضي‌ تتجاوز القرن‌، فقد عاصر الشافعي‌ّ هارون‌ الرشيد والاءمام‌ الكاظم‌ عليه‌ السلام‌ ، بينما عاش‌ علم‌ الهدي‌ بعد اختتام‌ زمن‌ الغيبة‌ الصغري‌.

 [6]  ـ «روضات‌ الجنّات‌» ج‌  1، ص‌  271، وهذه‌ القصّة‌ مذكورة‌ أيضاً في‌ «نامة‌ دانشوران‌ ناصري‌» (=رسالة‌ الحكماء الناصريّة‌) ج‌  2، ص‌  211، بالفارسيّة‌.

 وترجع‌ الاءجابات‌ التي‌ أُجيب‌ بها علي‌ اعتراض‌ أبي‌ العلاء بهذا البيان‌ إلي‌ أُمور ثلاثة‌ يمكن‌ اعتبار كلّ منها بصورة‌ منفصلة‌ سبباً لقطع‌ يد السارق‌ ، الاوّل‌ : قيمة‌ الامانة‌ وغلاؤها وحقارة‌ الخيانة‌ وتفاهتها.

 الثاني‌ : ردع‌ الظلم‌ ومقاومة‌ الاعتداء ، فلليد المظلومة‌ قدر وشأن‌ يُنتصف‌ من‌ ظالمها، أمّا اليد الظالمة‌ فجزاؤها القطع‌.

 الثالث‌ : من‌ أجل‌ إقرار قانون‌ حفظ‌ وحراسة‌ دماء الناس‌ وأموالهم‌ فإنّ مَن‌ قطع‌ يد شخص‌ وأراق‌ دمه‌ عليه‌ أن‌ يدفع‌ نصف‌ الدية‌ الكاملة‌ إن‌ كان‌ غير عامد، وكذا الامر إن‌ كان‌ عامداً ورضي‌ صاحب‌ اليد المقطوعة‌ بأخذ الدية‌ وأسقط‌ حقّه‌ في‌ القصاص‌، أمّا إذا سرق‌ شخص‌ فإنّ يده‌ يجب‌ أن‌ تُقطع‌.

 [7]  ـ يجب‌ العلم‌ أنّ قطع‌ أصابع‌ السارق‌ يحدث‌ عند تحقّق‌ جميع‌ الشروط‌ التي‌ ذُكرت‌، أمّا عند انتفاء بعض‌ تلك‌ الشروط‌ فإنّ الحاكم‌ يعاقب‌ السارق‌ بالتعزير، أي‌ بالجلد والسجن‌، وبشكل‌ كلّي‌ّ فكلّما امتنع‌ إجراء الحدّ لخللٍ في‌ شروط‌ إقامته‌ وكان‌ الجرم‌ بدون‌ ذلك‌ الشرط‌ ثابتاً عند الحاكم‌ فإنّه‌ يعزّر ذلك‌ الجاني‌.

 [8]  ـ الا´ية‌  179، من‌ السورة‌  2: البقرة‌ .

[9]  ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌  1، ص‌  433  و  434، وهذه‌ الا´ية‌ هي‌ الا´ية‌ 40 ، من‌ السورة‌ 9 : التوبة‌.

 [10]  ـ ونقل‌ هذه‌ الفقرة‌ في‌ «سفينة‌ البحار» مادّة‌ شهد ، ج‌  1، ص‌  720، عن‌ الاءمام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌، نقلاً عن‌ «البحار» للمجلسي‌ّ ج‌  4، ص‌  143، طبعة‌ الكمباني‌ّ القديمة‌.

 [11]  ـ «الجامع‌ الصغير» ج‌  2، ص‌  178، الطبعة‌ الرابعة‌ ، مطبعة‌ مصطفي‌ البابي‌ الحلبي‌ّ، مصر.

 [12]  ـ «الكافي‌» ج‌  7، ص‌  296، طبعة‌ المطبعة‌ الحيدريّة‌ .

 [13]  ـ «فروع‌ الكافي‌» ج‌  5، الحديث‌ الاوّل‌ .

 [14]  ـ «فروع‌ الكافي‌» ج‌  5، الحديث‌ الثاني‌ .

 [15]  ـ «الجامع‌ الصغير» ج‌  2، ص‌  178. أورد القاضي‌ القضاعي‌ّ في‌ ص‌  145  من‌ كتابه‌ «شرح‌ فارسي‌ شهاب‌ الاخبار» في‌ الكلمات‌ القصار لخاتم‌ الانبياء صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ، الذي‌ طُبع‌ مع‌ تقديم‌ وتصحيح‌ وتعليق‌ السيّد جلال‌الدين‌ الحسيني‌ّ الاُرقوي‌ّ المحدّث‌ ، وجمع‌ فيه‌  794  كلمة‌ من‌ كلمات‌ النبي‌ّ؛ أورد تحت‌ رقم‌  278 :  وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.

 وأورد تحت‌ رقم‌  280 :  وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.

 [16]  ـ «فروع‌ الكافي‌» ج‌  7، ص‌  294، كتاب‌ الديات‌ ، باب‌ مَن‌ لا دية‌ له‌ ، الرواية‌ 16 .

 [17]  ـ الا´يتان‌  148  و  149، من‌ السورة‌  4: النساء .

 [18]  ـ «الميزان‌ في‌ تفسير القرآن‌» ج‌  5، ص‌  129  ؛ مختصر كلام‌ العلاّمة‌ في‌ تفسير هذه‌ الا´ية‌.

 [19]  ـ مقطع‌ من‌ الا´ية‌  55، من‌ السورة‌  2: البقرة‌ :  وَإِذَا قُلْتُمْ يَـ'مُوسَي‌' لَن‌ نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّي‌' نَرَي‌ اللَهَ جَهْرَةً.

 [20]  ـ مقطع‌ من‌ الا´ية‌  153، من‌ السورة‌  4: النساء :  فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَي‌'´ أَكْبَرَ مِن‌ ذَ ' لِكَ فَقالُو´ا أَرِنَا اللَهَ جَهْرَةً.

 [21]  ـ مقطع‌ من‌ الا´ية‌  10، من‌ السورة‌  13: الرعد :  سَوَآءٌ مِّنكُمْ مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن‌ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِالَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ.انظر: «المفردات‌ في‌ غريب‌ القرآن‌» ص‌  110، طبعة‌ مطبعة‌ مصطفي‌ الباني‌ّ.

 [22]  ـ للتوسّع‌ في‌ هذا المطلب‌ يُراجع‌ كتاب‌ «رسالة‌ بديعة‌ في‌ تفسير آية‌ :  «الرجال‌ قوّامون‌ علي‌ النساء بما فضّل‌ الله‌ بعضهم‌ علي‌ بعض‌»  الذي‌ كتبه‌ المؤ  لّف‌ بالعربيّة‌ وتُرجم‌ كذلك‌ إلي‌ الفارسيّة‌.

 [23]  ـ اعلم‌ أنّ أصحاب‌ المقاتل‌ نقلوا لموكب‌ سبايا سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ ثلاث‌ خطب‌، واحدة‌ لزينب‌ سلام‌ الله‌ عليها ، وأخري‌ لفاطمة‌ الصغري‌ ، وثالثة‌ لاُمّ كلثوم‌ بنت‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ ، ويُعلم‌ من‌ هذا القول‌ وجود ابنتينِ لسيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ في‌ القافلة‌ باسم‌ فاطمة‌، الاُولي‌ فاطمة‌ الملقّبة‌ بالكبري‌ وقد زوّجها الاءمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ للحسن‌ المثنيّ ابن‌ الاءمام‌ الحسن‌ عليه‌ السلام‌ ، والاُخري‌ فاطمة‌ الملقّبة‌ بالصغري‌ التي‌ زوّجها الاءمام‌ عليه‌ السلام‌ للقاسم‌ بن‌ الحسن‌.

 وما ورد من‌ أحد العلماء من‌ قوله‌ (إنّ الاءمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ لديه‌ ابنة‌ واحدة‌ باسم‌ فاطمة‌ زوّجها للحسن‌ المثنّي‌ ، ولم‌ يكن‌ له‌ فاطمة‌ أُخري‌ ليزوّجها للقاسم‌) فإنّه‌ لم‌يكن‌ كاملاً، إذ إنّ لقب‌ الصغري‌ لفاطمة‌ دليل‌ وقرينة‌ علي‌ تعدّد اسم‌ فاطمة‌ في‌ ولد الحسين‌، إلاّ إذا قيل‌ إنّ لقب‌ الصغري‌ يمكن‌ أن‌ يكون‌ مقابل‌ فاطمة‌ الكبري‌ إحدي‌ بنات‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ والتي‌ كانت‌ أكبر عمراً وكانت‌ موجودةً في‌ القافلة‌، فلقّبت‌ هاتان‌ الاسيرتان‌ بالكبري‌ والصغري‌ تمييزاً بينهما.

 وهذا الاحتمال‌ مع‌ كونه‌ ممكناً لكنّ الاحتمال‌ الاوّل‌ أقوي‌ منه‌ ، لانّ المتعارف‌ أنّ الكبري‌ والصغري‌ كان‌ أوّلاً من‌ الالقاب‌ ، وثانياً لهما حكم‌ الاسم‌ والعَلَم‌ في‌ أهل‌ بيت‌ واحد ودار واحدة‌، ولانّ سيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ كان‌ يحبّ أُمّه‌ حبّاً جمّاً فقد أطلق‌ اسمها مكرّراً علي‌ بناته‌، كما كان‌ يحبّ والده‌ عليّاً عليه‌ السلام‌ فسمّي‌ أولاده‌ مكرّراً باسمه‌، فدعي‌ الابن‌ الاكبر علي‌ّ الاكبر ودعي‌ السجّاد عليه‌ السلام‌ الذي‌ كان‌ أصغر منه‌ بعلي‌ّ الاصغر (روي‌ في‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌  280، عن‌ «المناقب‌» عن‌ يحيي‌ بن‌ حسن‌ أنّ يزيد قال‌ لعلي‌ّبن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌: واعجباً لابيك‌ ؟ سَمّي‌ عليّاً وعليّاً.

 فقال‌ : «إنّ أبي‌ أحبّ أباه‌ فسمّي‌ باسمه‌ مراراً» ، ولذا فقد كانت‌ ابنتان‌ من‌ بناته‌ عليه‌ السلام‌ تُسمّيان‌ بفاطمة‌: الكبري‌ والصغري‌ ، وفاطمة‌ الصغري‌ هذه‌ لاتُقابل‌ فاطمة‌ الكبري‌ بنت‌ أميرالمؤمنين‌، إذ يؤتي‌ بلقب‌ الكبري‌ والصغري‌ للتمييز وعدم‌ الخلط‌ في‌ دار واحدة‌، أمّا إذا كان‌ الامر في‌ دارين‌ فلا خلط‌ ، والتسمية‌ هكذا ليست‌ متداولة‌.

 وأمّا علي‌ّ الاكبر وعلي‌ّ الاصغر ، فما يستخلص‌ من‌ التواريخ‌ أنّ سنّ علي‌ّ الاكبر قد تجاوز الخامسة‌ والعشرين‌ ، فقد ولد في‌ خلافة‌ عثمان‌ ، وكان‌ له‌ زوجة‌ ووَلَد ، والقرائن‌ علي‌ كونه‌ أكبر من‌ الاءمام‌ السجّاد عليه‌ السلام‌ كثيرة‌ ، فقد ذكر الشيخ‌ المحقّق‌ ابن‌ إدريس‌ في‌ كتاب‌ «السرائر» في‌ باب‌ الزيارات‌ ، في‌ آخر كتاب‌ الحجّ ، ونقل‌ المرحوم‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ كلامه‌ في‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 192  و 193 ، وأيّده‌ في‌ ردّه‌ بجملات‌ قارعة‌ شديدة‌ علي‌ قول‌ الشيخ‌ المفيد إنّ أوّل‌ قتيل‌ يوم‌ عاشـوراء كان‌ علي‌ّ الاصغر ، وقد نقل‌ ترجمتها المرحوم‌ آية‌الله‌ الشيخ‌ أبوالحسن‌ الشعراني‌ّ رضوان‌ الله‌ عليه‌ في‌ كتاب‌ «دمع‌ السجوم‌» ص‌ 163  إلي‌ 165  مع‌ إضافات‌ عليها.

 أمّا سنّ الاءمام‌ زين‌ العابدين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ يوم‌ عاشوراء فكان‌ ثلاثاً وعشرين‌ سنة‌، وأمّا الطفل‌ الرضيع‌ للحسين‌ عليه‌ السلام‌ والذي‌ استشهد بالسهم‌ ، فإنّ الحقير لم‌يعثر في‌ كتب‌ المقاتل‌ علي‌ أنَّ اسمه‌ كان‌ «علي‌ّ» ، كان‌ ما ذُكر وفقاً للنظر البدوي‌ّ، ثمّ اتّضح‌ فيما بعد أنّ بعض‌ المقاتل‌ سمّت‌ ذلك‌ الطفل‌ عليّاً ؛ ومن‌ جملتها : «روضة‌ الشهداء» للملاّ حسين‌ الكاشفي‌ّ، طيعة‌ المكتبة‌ الاءسلاميّة‌ ، سنة‌  1341 ه ، ص‌  343  ؛ «كشف‌ الغمّة‌» تبعاً لنقل‌ «نفس‌ المهموم‌» ص‌ 338 ؛ هامش‌ «مقتل‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌» للمقرّم‌ ، نقلاً عن‌ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌ و«الاءقبال‌» للسيّد؛ «المناقب‌» لابن‌ شهرآشوب‌ ، ج‌  4، ص‌  109، الطبعة‌ الحروفيّة‌، انتشارات‌ علاّمة‌ـقم‌؛ «مقتل‌ الحسين‌» للخوارزمي‌ّ ، ج‌  2  ص‌  32، طبعة‌ مطبعة‌ الزهراء، النجف‌، سنة‌ 1367 ه؛ «تاريخ‌ ابن‌ أعثم‌ الكوفي‌ّ» ص‌  384، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ «منتخب‌ التواريخ‌» ص‌ 275 ؛ كما ذكره‌ باسم‌ علي‌ّ أو عبد الله‌ ، السيّد هبّة‌ الله‌ الشهرستاني‌ّ في‌ «نهضة‌ الحسين‌» ص‌ 100 ، طبعة‌ مطبعة‌ مهرـقم‌، سنة‌  1245 ه. ذكره‌ فقط‌ بعنوان‌ طفل‌ رضيع‌ ، نعم‌ كان‌ لسيّد الشهداء عليه‌ السلام‌ طفل‌ له‌ أربع‌ سنوات‌ واسمه‌ عبد الله‌ وأُمّه‌ أُم‌ إسحاق‌ بنت‌ طلحة‌، وقد استشهد في‌ كربلا.

 [24]  ـ ونجد ـ مع‌ كلّ هذه‌ الاُمور ـ أنّ زينباً قد وبّخت‌ يزيداً في‌ خطبتها المعروفة‌ بعبارات‌:  قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ  وأمثال‌ ذلك‌.

 [25]  ـ في‌ موسوعة‌ آل‌ النبي‌ّ عليه‌ السلام‌ كتاب‌ «السيّدة‌ زينب‌» ص‌  756، تقول‌: ماتت‌ السيّدة‌ زينب‌ عشيّة‌ يوم‌ الاحد لاربع‌ عشرة‌ مضين‌ من‌ رجب‌ عام‌  62  ه علي‌ أرجح‌ الاقوال‌.

 [26]  ـ هذا القول‌ للاءمام‌ زين‌ العابدين‌ عليه‌ السلام‌ بعد أن‌ أزاحت‌ زينب‌ سلام‌ الله‌ عليها الستار في‌ خطبتها المفصّلة‌ عن‌ قبائح‌ بني‌ أُميّة‌ ونقض‌ أهل‌ الكوفة‌ ميثاقهم‌ وعهدهم‌ حتّي‌ وصلت‌ في‌ خطبتها إلي‌ أن‌ أنشدت‌ هذه‌ الابيات‌:

 ماذا تقولون‌ إذ قال‌ النبي‌ّ لكم‌          ماذا صنعتم‌ وأنتم‌ آخر الاُممِ

 بأهل‌ بيتي‌ وأولادي‌ وتكرمتي‌         منهم‌ أساري‌ ومنهم‌ ضرّجوا بدمِ

 ما كان‌ ذاك‌ جزائي‌ إذ نصحتُ لكم‌         أن‌ تُخلِفوني‌ بسوءٍ في‌ ذوي‌ رحمِ

 إنّي‌ لاخش‌ عليكم‌ أن‌ يحلّ بكم‌         مثل‌ العذاب‌ الذي‌ أودي‌ علي‌ إرَمِ

 فقال‌ علي‌ّ بن‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ : يا عمّتاه‌ اسكتي‌ ! ففي‌ الباقي‌ من‌ الماضي‌ اعتبار؛ وأنتِ بحمد الله‌ عالمةٌ غير معلّمة‌ وفهمة‌ غير مفهمّة‌ ، إنّ البكاء والحنين‌ لايردّان‌ من‌ قد أباده‌ الدهر. فسكتت‌، ثمّ نزل‌ عليه‌ السلام‌ وضرب‌ فسطاطه‌ وأنزل‌ نساءه‌ ودخل‌ الغسطاط‌. («نفس‌ المهموم‌» ص‌ 247  و 248 ).

 وروي‌ المرحوم‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ هذه‌ الابيات‌ الاربعة‌ في‌ «نفس‌ المهموم‌» عن‌ زينب‌ سلام‌الله‌ عليها في‌ خطبة‌ الكوفة‌ ، وذكر مصدرها «الاحتجاج‌» للشيخ‌ أبي‌ منصور الطبرسي‌ّ.

 وقد نسب‌ الشيخ‌ المفيد في‌ «الاءرشاد» ص‌  270، الطبعة‌ الحجريّة‌ ، الابيات‌ الثلاثة‌ الاُولي‌ إلي‌ أُمّ لقمان‌ بنت‌ عقيل‌ في‌ المدينة‌ فقال‌:

 فخرجت‌ أُمّ لقمان‌ بنت‌ عقيل‌ بن‌ أبي‌ طالب‌ رحمة‌ الله‌ عليهم‌ حين‌ سمعت‌ نعي‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ حاسرةً ومعها أخواتها أُمّ هاني‌ وأسماء ورملة‌ وزينب‌ بنات‌ عقيل‌بن‌ أبي‌ طالب‌، تبكي‌ قتلاها بالطفّ وهي‌ تقول‌ : ماذا تقولون‌ إن‌ قال‌ النبي‌ّ لكم‌ـ إلي‌ آخر الابيات‌ الثلاثة‌.

 وروي‌ المحدّث‌ القمّي‌ّ رواية‌ المفيد هذه‌ في‌ «منتهي‌ الا´مال‌» ج‌  1، ص‌ 302 . وقال‌ الطبري‌ّ في‌ تأريخه‌ ج‌  5، ص‌  466  و  467، الطبعة‌ الثانية‌ ، دار المعارف‌ مصر، وكذلك‌ ابن‌ الاثير في‌ «الكامل‌» ج‌ 3 ، ص‌  300، الطبعة‌ الاُولي‌ ، وفي‌ الطبعة‌ الثانية‌ ، بيروت‌ سنة‌ 1385 ه، ج‌ 4 ، ص‌ 88  و 89 ، قال‌ : حين‌ نعي‌ بشير الاءمام‌ الحسين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ المدينة‌ صاحت‌ نساء بني‌ هاشم‌، وخرجت‌ ابنة‌ عقيل‌ بن‌ أبي‌ طالب‌ ومعها نساؤها حاسرةً تلوي‌ ثوبها وهي‌ تقول‌ (الابيات‌ الثلاثة‌).

 أمّا ابن‌ كثير في‌ «البداية‌ والنهاية‌» ج‌  8، ص‌  197  و  198  فقد روي‌ عن‌ هشام‌ عن‌ أبي‌ مخنف‌: ثمّ حملهم‌ (أسري‌ أهل‌ البيت‌) إلي‌ المدينة‌ ، فلمّا دخلوها خرجت‌ امرأة‌ من‌ بني‌ عبدالمطلب‌ ناشرةً شعرها واضعةً كمّها علي‌ رأسها تتلقّاهم‌ وهي‌ تبكي‌ وتقول‌...الابيات‌ الثلاثة‌.

 وقد روي‌ أبو مخنف‌ عن‌ سليمان‌ بن‌ أبي‌ راشد ، عن‌ عبد الرحمن‌ بن‌ عبيد أبي‌ الكنود أنّ بنت‌ عقيل‌ هي‌ التي‌ قالت‌ هذا الشعر ، وهكذا حكي‌ الزبير بن‌ بكار أنّ زينب‌ الصغري‌ بنت‌ عقيل‌بن‌ أبي‌ طالب‌ هي‌ التي‌ قالت‌ ذلك‌ حين‌ دخل‌ آل‌ الحسين‌ المدينة‌ النبويّة‌.

 وروي‌ أبو بكر الانباري‌ّ بإسناده‌ أنّ زينب‌ بنت‌ علي‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ من‌ فاطمة‌ ـوهي‌ زوج‌ عبدالله‌بن‌ جعفر وأُمّ ابنيه‌ـ رفعت‌ سجف‌ خبائها يوم‌ كربلا يوم‌ قتل‌ الحسين‌ وقالت‌ هذه‌ الابيات‌، فالله‌ أعلم‌.

 [27]  ـ يقول‌ : «أخشي‌ أن‌ لا تصل‌ إلي‌ الكعبة‌ إيّها الاعرابي‌ّ ، فطريقك‌ الذي‌ تسلكه‌ يؤدّي‌ إلي‌ موطن‌ الاتراك‌».

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

الصفحة الاولي للموقع فهرس الكتب الفهرس الموضوعي الفحص

 

.

معرفي و راهنما

كليه حقوق، محفوظ و متعلق به موسسه ترجمه و نشر دوره علوم و معارف اسلام است.
info@maarefislam.com