|
|
الصفحة السابقةقصّة قول سيّد الشهداء لحبيب بن مظاهر: للّه درّك يا حبيب!ولقد كان حبيب بن مظاهر الاسديّ الكوفيّ الشيخ الكبير المتداعي، قاري القرآن وفقيه أهل البيت، وحين سقط علی الارض في معركة كربلاء في سبيل إعلاء القرآن، قال الإمام الحسين علیه السلام: لِلَّهِ دَرُّكَ يَا حَبِيبُ! لقد كنتَ فاضلاً تختم القرآن في ليلةٍ واحدة. [351] ولقد كان هؤلاء بلا شكّ من واجدي بعض المراتب القرآنيّة العالية، ومن الذين لمسوا حقائقه. قال سيّد الشهداء الحسين علیه السلام: كِتَابُ اللَهِ تَعَالَي عَلَی أَرْبَعَةِ أَشْيَاءٍ: عَلَی العِبَارَةِ وَالإشَارَةِ وَاللَطَائِفِ وَالحَقَائِقِ؛ فَالعِبَارَةُ لِلعَوَامِّ وَالإشَارَةُ لِلْخَواصِّ وَاللَطَائِفُ لِلاْوْلِيَاءِ وَالحَقَائِقُ للاْنْبِيَاءِ. [352] ويروي محمّد بن يعقوب الكلينيّ في « الكافي » بإسناده عن الإمام محمّد الباقر علیه السلام أ نّه قال: مَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِي أَنَّ عِنْدَهُ جَمِيعُ القُرْآنِ كُلَّهُ، ظَاهِرَهُ وَبَاطِنَهُ، غَيْرُ الاَوْصِيَاءِ. [353] وهم ] الاوصياء [ أمير المؤمنين وأولاده الاحد عشر الذين تحمّلوا مقام الوصيّة، وكانوا حُماة القرآن وحرّاسه واحداً بعد واحد، إلی الإمام صاحب الزمان عجّل الله فرجه الشريف. وأورد كذلك في « الكافي » عن الإمام الصادق علیه السلام في تفسير هذه الآية المباركة: بَلْ هُوَ ءَايَـ'تٌ بَيِّنَـ'تٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ:[354] هم الائمّة (الطاهرين). معني وتفسير الروايات الواردة في أنّ القرآن بيان لحقيقة الاءمامووردت رواية في « الكافي » عن الإمام الصادق علیه السلام قال: نَحْنُ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ؛ وَنَحْنُ نَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ. [355] وفي « الكافي » أيضاً رواية عن الإمام الصادق علیه السلام، قال: إنَّ اللَهَ جَعَلَ وِلاَيَتَنَا أَهْلَ البَيْتِ قُطْبَ القُرْآنِ وَقُطْبَ جَمِيعِ الكُتُبِ، عَلَيْهَا يَسْتَدِيرُ مُحْكَمُ القُرْآنِ، وَبِهَا نَوَّهَتِ الكُتُبُ؛ وَيَسْتَبِينُ الإيمَانُ. وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْتَدَي بِالقُرْآنِ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَقَّلَيْنِ: الثَّقَلَ الاَكْبَرَ وَالثَّقَلَ الاَصْغَرَ. فَأَمَّا الاَكْبَرُ فَكِتَابُ اللَهِ، وَأَمَّا الاَصْغَرُ فَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، فَاحْفَظُونِي فِيهِمَا فَلَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا. [356] وهذه الحقيقة تستند إلی علم الائمّة الاطهار سلام الله علیهم أجمعين بحقائق القرآن، ولورود أنفسهم الشريفة في عوالم الذات والصفات والاسماء وكيفيّة نزول الملائكة والتقديرات والتدبيرات في عوالم الكثرة علی يدهم، ولِلَمْسِهِم هذه المعاني عياناً. ولهذا فهم حقيقة القرآن. كما يحدِّث في كتاب « الامالي » الشيخ الطوسيّ عن أُمّ سَلِمَة أ نّها قالت: سمعتُ رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم يقول: إنَّ عَلِيَّاً مَعَ القُرْآنِ وَالقُرْآنَ مَعَ عَلِيٍّ. لاَ يَفْتَرِقَانِ حَتَّي يَرِدَا عَلَی الحَوْضَ. [357] آيات من القرآن وتأويلها بشأن الائمّةويتّضح ممّا قيل معني الاخبار الدالّة علی ورود جميع القرآن فيهم وفي أعدائهم. وفي الفرائض والسنن، كما نقل في « الكافي » بإسناده عن الاصْبغ بن نُبَاتة قال: سمعتُ أمير المؤمنين علیه السلام يقول: نَزَلَ القُرْآنُ أَثْلاَثاً: ثُلْثٌ فِينَا وَفِي عَدُوِّنَا، وَثُلْثٌ سُنَنٌ وَأَمْثَالٌ؛ وَثُلْثٌ فَرَائِضٌ وَأَحْكَامٌ. [358] والمعنيّ به تأويلات القرآن التي نزلت في تلك الذوات المقدّسة لاهل البيت وفي أعداء أهل البيت الذين هم في الحقيقة أعداء الحقّ وخصوم الإيمان والإسلام. وهذا المعني يُستحصل حتماً عن طريق التأويل، ودرك حقائق القرآن، وإرجاع ظواهر القرآن إلی بواطنها. وهناك في هذا الشأن روايات جمّة، حتّي أنّ جماعة من الاصحاب صنّفوا كتباً في تأويل القرآن جمعوا فيها الاحاديث التي وردت عن الائمّة علیهم السلام في تأويل آية آية، أمّا بهم علیهم السلام أو بشيعتهم، أو بعدوّهم، علی ترتيب سور القرآن وآياته. يقول العلاّمة المحدِّث الفيض الكاشانيّ أ علی الله مرتبته: وقد رأيتُ منها كتاباً كان يقرب من عشـرين ألف بيت؛ [359] ونبيّن عـدّة موارد منها لتتّضح حقيقة الامر. فقد روي الكلينيّ في كتاب « الكافي » عن الإمام محمّد الباقر علیه السلام في قوله تعالي: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ * عَلَي' قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ. [360] قال: هِيَ الوَلاَيَةُ لاِمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. [361] وفي « تفسير العيّاشيّ » أيضاً، عن عمر بن حنظلة، عن الإمام الصادق علیه السلام، يقول ابن حنظلة: سألتُه عن الآية: قُلْ كَفَي' بِاللَهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ و عِلْمُ الْكِتَـ'بِ. [362] قَالَ: فَلَمَّا رَآنِي أتَتَبَّعُ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ مِنَ الكِتَابِ، قَالَ: حَسْبُكَ، كُلُّ شَيءٍ فِي الكِتَابِ مِـنْ فَاتِحَتِهِ إلَـي خَاتِمَتِهِ مِثْلُ هَـذَا فَهُوَ فِي الاَئِمَّةِ، عُنُوا بِهِ. [363] وفي « تفسير العيّاشيّ » رواية عن محمّد بن مسلم عن الإمام محمّد الباقر علیه السلام: قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! إذَا سَمِعْتَ اللَهَ ذَكَرَ قَوْماً مِنْ هَذِهِ الاُمَّةِ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ هُمْ؛ وَإذَا سَمِعْتَ اللَهَ ذَكَرَ قَوْماً بِسُوءٍ مِمَّنْ مَضَي فَهُمْ عَدُوُّنَا. [364] وروي الشيخ الطبرسيّ عن ابن عبّاس: لمّا نزلت الآية المباركة: إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ. [365] قال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: أَنَا المُنْذِرُ، وَعَلِيٌّ الهَادِي مِنْ بَعْدِي. يَا عَلِيٌّ! بِكَ يَهْتَدِي المُهْتَدُونَ. [366] وعن أبي القاسم الحسكانيّ في كتاب « شواهد التنزيل » بإسناده عن إبراهيم بن حكم بن ظهير، عن أبيه، عن أبي بردة ] برزة [ الاسلميّ قال: دَعَا رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ بِالطَّهُورِ وَعِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَخَذَ رَسُـولُ اللَهِ بِيَدِ عَلِيٍّ بَعْدَمَا تَطَهَّـرَ فَأَلْزَمَهَا بِصَـدْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ»؛ ثُـمَّ رَدَّهَا إلَي صَـدْرِ عَلِيٍّ، ثُـمَّ قَالَ: «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ». ثُمَّ قَالَ: إنَّكَ مَنَارَةُ الاَنَامِ وَعَاقِبَةُ الهُدَي وَأَمِيرُ القُرَي! وَأَشْهَدُ عَلَی ذَلِكَ أَ نَّكَ كَذَلِكَ. [367] المراد بالصراط المستقيم، صراط علیّ بن أبي طالب علیه السلاموفي « تفسير الصافي » رواية في تفسير الآية المباركة: اهْدِنَا الصِّرَ طَ الْمُسْتَقِيمَ عن كتاب « معاني الاخبار » للشيخ الصدوق، عن الإمام الصادق علیه السلام قال: هِيَ الطَّرِيقُ إلَي مَعْرِفَةِ اللَهِ؛ وَهُمَا صِرَاطَانِ: صِرَاطٌ فِي الدُّنْيَا وَصِرَاطٌ فِي الآخِرَةِ. فَأَمَّا الصِّرَاطُ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ الإمَامُ المُفْتَرَضُ الطَّاعَة، مَنْ عَرَفَهُ فِي الدُّنْيَا وَاقْتَدَي بِهُدَاهُ، مَرَّ عَلَی الصِّرَاطِ الَّذِي هُوَ جِسْرُ جَهَنَّمَ فِي الآخِرَةِ؛ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فِي الدُّنْيَا زَلَّتْ قَدَمُهُ عَنِ الصِّرَاطِ فِي الآخِرَةِ؛ فَتَرَدَّي فِي نَارِ جَهَنَّمَ. [368] وبهذا يسـتبين بوضـوح مفهـوم ومراد الاحـاديث التي تقـول بأنّ الصراط في الآية السابقة هو صراط علیّ بن أبي طالب، أو نفسه المقدّسة، أو إنّ الائمّة هم الصراط المستقيم. وقد ورد في رواية أُخري: نَحْنُ الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ.[369] وفي بعض الاحاديث: هُوَ صِرَاطُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. [370] وورد عن الإمام الصادق علیه السلام: إنَ الصِّرَاطَ أَمِيرُ المُؤمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. [371] ولهذه الرواية معنيً دقيق وعجيب، فهي لا تقول بأنّ الصراط هو صراط أمير المؤمنين علیه السـلام، بل تقول إنّ الصـراط أمير المؤمنين، أي أنّ نفسه المقدّسة وأفعاله وأقواله هي نفس الصراط. وفي « تفسير علیّ بن إبراهيم » رواية عن الإمام الرضا علیه السلام في تفسير الآية المباركة: وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ، [372]قال: السَّـمَاءُ رَسُـولُ اللَهِ، رَفَعَـهُ اللَهُ إلَيْهِ؛ وَالمِيـزَانُ أَمِيـرُ المُؤْمِنِينَ صَلَواتُ اللَهِ عَلَيْهِمَا، نَصَبَهُ لِخَلْقِهِ. قِيلَ: «أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ»؟! قَالَ: لاَ تَعْصُوا الإمَامَ! قِيلَ: «وَلاَ تُخْسِـرُوا الْمِيـزَانَ»؟! قَالَ: لاَ تَبْخَسُـوا الإمَـامَ حَقَّهُ وَلاَ تَظْلِمُوهُ! [373] وفي « الكافي » و « معاني الاخبار » رواية في تفسير الآية المباركة: وَنَضَعُ الْمَوَ زِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَـ'مَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْـًا؛ [374]عن الإمام الصادق علیه السلام، أ نّه سئل عنها، فقال: هُمُ الاَنْبِيَاءُ وَالاَوْصِيَاءُ. [375] وفي روايةٍ أُخري: نَحْنُ المَوَازِينُ القِسْطُ. [376] وعن الإمام الصادق علیه السلام رواية في معني الصِّراط، قال: إنَّ الصُّورَةَ الإنْسَانِيَّةَ هِيَ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ إلَي كُلِّ خَيْرٍ وَالجِسْرُ المَمْدُودُ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ. [377] ويتّضح من هذين المعنيَين اللذين أوردناهما في تفسير الصِّراط و المِيزان، حقيقة معني التأويل في جميع الآيات التي أُوّلت فيهم وفي أعدائهم. و علیه، فيلزم أوّلاً التأويل الحتميّ في الآيات، لانّ التأويل هو مرجع ومفاد المعني الظاهريّ، وبدونه لا يُدرك المعني والمراد بالآية. وثانياً: تحفظ الآيات به عموميّتها وكلّيّتها وشـموليّتها، لتشـمل كلّ ما فيه من شـائبة في المعني الموَوَّل، وبهذا اللحـاظ فلم يُصَرَّح باسـم معيّن في آيات القرآن الكريم. وصار جليّاً بهذا البيان كيف أنّ أمير المؤمنين علیه السلام هو حقيقة القرآن. أبيات الاُزريّ في أنّ أمير المؤمنين علیه السلام حقيقة القرآنولكم أجـاد الشـيخ كاظـم الاُزريّ فـي إنشـاده قصـيدته الالفيّـة، رضوان الله الملك المتعال علیه: يَابْنَ عَمِّ المُصْطَفَي أَنْتَ يَدُ اللَهِ الَّـتِـي عَـمَّ كُـلَّ شَــيءٍ نَـدَاهَـا أَنْـتَ قُـرْآنُـهُ القَـدِيـمُ وَأَوْصَــا فُـكَ آيَـاتُـهُ الَّـتِــي أَوْحَــاهَـا حَـسْـبُـكَ اللَهُ فِـي مَآثِـرَ شَـتَّي هِيَ مِـثْـلُ الاَعْـدَادِ لاَ تَتَـنَـاهَـي إلی أن يقول: أَنْتَ بَعْدَ النَّبِيِّ خَيْرُ البَرَايَا وَالسَّمَا خَيْرُ مَا بِهَا قَمَرَاهَا لَكَ ذَاتٌ كَذَاتِهِ حَيْثُ لَوْلاَ أَ نَّهَا مِثْلُهَا لَمَا آخَاهَا قَدْ تَرَاضَعْتُمَا بِثَدْيِ وِصَالٍ كَانَ مِنْ جَوْهَرِ التَّجَلِّي غِذَاهَا يَا عَلِيَّ المِقْدَارُ حَسْبُكَ لاَ هُوتِيَّةٌ لاَ يُحَاطُ فِي عُلْيَاهَا أَيُّ قُدْسٍ إلَيْهِ طَبْعُكَ يَنْمَي وَالمَرَاقِي المُقَدَّسَاتُ ارْتَقَاهَا لَكَ نَفْسٌ مِنْ جَوْهَرِ اللُّطْفِ صِيغَتْ جَعَلَ اللَهُ كُلَّ نَفْسٍ فِدَاهَا هِيَ قُطْبُ المُكَوَّنَاتِ وَلَوْلاَ هَا لَمَا دَارَتِ الرَّحَي لَوْلاَهَا لَكَ كَفٌّ مِنْ أَبْحُرِ اللَهِ تَجْرِي أَنْهُرُ الاَنْبِيَاءِ مِنْ جَدْوَاهَا حُزْتَ مُلْكاً مِنَ المَعَالِي مُحِيطاً بِأَقَالِيمَ يَسْتَحِيلُ انْتِهَاهَا إلی قوله: يَا أَخَا المُصْطَفَي لَدَيَّ ذُنُوبٌ هِيَ عَيْنُ القَذَي وَأَنْتَ جَلاَهَا كَيْفَ تَخْشَي العُصَاةُ بَلْوي المَعَاصِي وَبِكَ اللَهُ مُنقِذٌ مُبْتَلاَهَا لَكَ فِي مُرْتَقَي العُلَي وَالمَعَالِي دَرَجَاتٌ لاَ يُرْتَقَي أَدْنَاهَا [378] إنّ المراد بتأويل القرآن ليـس المعني البعيد المنفصـل الذي يحتاج الإتيان به وتحصيله للتكلّف والتعسّف، بل هو المعني الحقيقيّ الواضح الذي يشير إلی المتن والحقيقة. فالمراد مثلاً من أُولو الاَمرْ في الآية المباركة: أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاْمْرِ مِنكُمْ، [379] هم أئمّة أهل البيت؛ وهذا المعني والمراد يختصّ بهم علیهم السلام، وهو ما يُستنتج من لحن الآيات ومن ضمّ بعض الآيات إلی بعضها. أمّا أُولئك الذين غصـبوا الخلافة فلم يشـاءوا القبول بهذا المعني، لتضادّه وتعارضه الكامل مع خطّ سـيرهم ومشـيهم، وقد صرّحوا لهذا بأنّ القرآن يجب ألاّ يُؤَوَّل للناس، وأ نّه ينبغي ألاّ يُفَسَّـر أو تُبيَّن حقائقه وأهدافه، من أجل أن يبقي الناس يتخبّطون في دياجير عماهم وضلالتهم، فيستطيع هؤلاء الوصول إلی أهدافهم ومقاصدهم في التسلّط علیهم. و علیه فقد منعوا الناس بقوّة وحزم من تفسير القرآن وبيان سبب نزوله وإيضاح مصاديق آياته. ولقد نظرتِ الاخبار الواردة عن أهل البيت علیهم السلام في شأن تحريف القرآن إلی هذا المعني، ففي الرسالة التي كتبها الإمام محمّد الباقر علیه السلام إلی سعد الخير والتي ذكرها الشيخ الكلينيّ، يقول في جملتها: وَكَانَ مِنْ نَبْذِهِـمُ الكِتَابَ أَنْ أَقَامُوا حُرُوفَهُ وَحَرَّفُوا حُـدُودَهُ. فَهُـمْ يَرْوُونَهُ وَلاَ يَرْعُونَهُ. وَالجُهَّالُ يُعْجِبُهُمْ حِفْظُهُمْ لِلرِّوَايَةِ وَالعُلَمَاءُ يُحْزِنُهُمْ تَرْكُهُمْ لِلرِّعَايَةِ الحديث. [380] وتبيّن هذه الرواية بوضوح أنّ المقصود بالتحريف هو التحريف بالحدود لا التحريف بالحروف، والتحريف في الرعاية لا في الرواية. لقد كان بنو أُميّة ـ الذين تسلّطوا علی الحكم هم أُولئك المشركين أنفسهم، وكان معاوية هو نفسه الذي وقف بوجه رسول الله في حرب بدر و أُحد و الاحزاب، لكنّه تستّر الآن بلباس الإسلام وظاهره، وعقد العزم في الباطن علی هدم الإسلام، فكان يقاتل حقيقة النبوّة والقرآن المتجلّية في الولاية، وكان يقول: لا تفسِّروا القرآن. إنّ التفسير بيان معني القرآن، فإن لم يتّضح معني القرآن فما الذي سيفهمه الناس تُري؟!، كما أنّ الإمام هو التحقّق الخارجيّ للقرآن، والإمام هو معلّم القرآن، فما الفائدة من قرآنٍ بلا إمام ومعلِّم؟! القرآن بلا إمام ومعلِّمٍ مدركٍ ومحيـط بأسـراره ودقائقه، ليـس إلاّ صفراً، ذلـك لانّ الديـن قائـم علی أسـاس من البصـيرة والعمل، فكيف يمكن للإنسان بلا إمام أن يعمل بالقرآن؟ تماماً كوصفة دواء تأخذها من طبيب، فيفسّـرها كلّ علی ذوقـه بدواء خاصّ وكيفيّة معيّنة، فهو عين الهلاك والفَناء. معني كفانا كتاب الله: نقض كتاب الله وعدم القبول بهلقد قال النبيّ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَينِ: كِتَابَ اللَهِ وَعِتْرَتِي، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَی الحَوْضَ. [381] فالإمام لا ينفـك عن القرآن أسـاسـاً، كما أنّ القرآن لا ينفـك عن الإمام، ومَن قال: كَفَانَا كِتَابُ اللَهِ، لم يرمِ إلاّ إلی نفي كتاب الله ونقضـه، لا إلی الاخذ به، لانّ كتاب الله بدون الإمام ليس كتاب الله، بل كتاب الآراء والاهواء والتأويلات المنحرفة. أوَ لم يكن الحجّاج بن يوسف الثقفيّ، الذي سوّدت جناياته صفحات التأريخ يقرأ كتاب الله؟! أوَ لم يكن يأوّله علی نفسه ولمصلحته؟ أوَ لم يعتبر نفسه أولي الامر؟ لقد كان حافظاً للقرآن، وكان يعدّ نفسه أُولي الامر، وكان يستشهد ويستدلّ بكتاب الله علی من يقتله. فالقرآن بدون الإمام في حكم الاصفار الكثيرة المتراكمة جنب بعضها، هي جميعاً صفر ولا شيء، ولا تشكّل عدداً ما ولا تُظهر ميزةً أو خاصّيّة ما، لكنّها حين توضع جنب عدد (1) تكتسب الحياة والفعّاليّة، وتمتلك الميزة والخاصّيّة، وتمثّل عدداً كبيراً ووزناً ثقيلاً. لو وضعتم أصفاراً تتراكم علی بعضها من سطح الارض إلی سطح القمر لبقيت بلا أثر، أمّا لو وضع جنبها عدد (واحد) لصار لها كثرة، وأيّة كثرة! وأيّة قوّة، وأيّة شوكة! وأيّة تأثيرات خارجيّة! فهذا هو معني وخاصّيّة وأثر الإمام في تحقيق مفاد القرآن ومراده، ولذلك نقول بأنّ الإمام هو روح القرآن وحياته وحقيقته. القرآن بلا إمام كالجسد بلا روح، وكالقربة اليابسة بلا ماء؛ أمّا حين يمسك الإمام بالقرآن فيمنحه دوره في المجتمع، فإنّ الروح ستُنفخ في هذا الجسد الهامد، وسينساب ماء الحياة في هذه القِربة الخالية، وستروي ظمأ العطاشي من معينها. الروايات الواردة في اتّحاد نفس النبيّ بأمير المؤمنين في التحقّق بالقرآنيقول رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّي. [382] ويقول أمير المؤمنين علیه السلام: وَأَنَا مِنْ رَسُولِ اللَهِ كَالصِّنْوِ مِنَ الصِّنْوِ وَالذِّرَاعِ مِنَ العَضُدِ. [383] نعم، لقد كان الذين حملوا لواء الخلاف علیه هم مشركي الجاهليّة وعبدة الاصنام أُولئك، تظـاهروا بهذا الشـكل والمظـهر، والذين رأوا حكومتهم ورياسـتهم المادّيّة والشـهويّة ضـمن التلبّـس بظـاهر الإسـلام وردائه، لكنّهـم كانوا كالذئـاب التي ارتدت جلد الحمل، يملؤهم العزم والإرادة علی إفناء وتمزيق وهدم كيان الإسلام وابتلاعه. أوَ لم نقرأ أنّ رسول الله قال: يَا عَلِيُّ! أَنَا قَاتَلْتُهُمْ عَلَی التَّنْزِيلِ وَأَنْتَ تُقَاتِلُهُمْ عَلَی التَّأوِيلِ! [384] ولقد كان النداء الملكوتيّ لسيّد الشهداء الحسين بن علیّ علیه السلام، الذي كان يبعـث الحيـويّة والنشـاط في الارواح، هو الذي أتـي بالشـيخ المتداعي الكوفيّ الاسديّ: حبيب بن مظاهر ـ وكان من القرّاء والفقهاء المشهورين إلی أرض كربلاء: أرض عشق الله والشهادة في سبيله، فكان أمام أنوار إمامه القدسيّة التي تجلّت فيه من الذات الاحديّة، أشبه بأوراق الورود حين تتناثر، وصفحات المصحف حين تتفرّق عن بعضها، وفي هذه الحال تهاوي علی أرض المعركة. لقد امتلـك حبيب بن مظاهر روحـاً ملكوتيّة لتشـيّعه الاصـيل، ولممارسته قراءة القرآن وانشغاله به، ولقد ظهرت فيه أسرار الحقّ، وكان له اطّلاع علی الغيب، وأشبه قلبه مركز إشعاع اللمعات الإلهيّة. يقول المحدِّث القمّيّ: وَيَظْهَرُ مِنَ الرِّوايَاتِ أَ نَّهُ كَانَ مِنْ خَاصَّةِ أَمِيرِ المؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَحَمَلَةِ عِلْمِهِ. [385] وروي الشيخُ الكَشِّيُّ عن الفُضيل بن الزبير قال: مرّ ميثم التمّار ـ وهو من خواصّ أصحاب أمير المؤمنين علی فرسٍ له، فاستقبله حبيب ابن مظاهـر الاسـديّ عند مجلـس بني أسـد، فتحـدّثا حتّي اختلفت أعناق فرسَيْهما، ثمّ قال حبيب: فَكَأَ نِّي بِشَيْخٍ أَصْلَعَ ضَخْمِ البَطْنِ يَبِيعُ البَطِّيخَ عِنْدَ دَارِ الرِّزْقِ قَدْ صُلِبَ فِي حُبِّ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ، وَيُبْقَرُ بَطْنُهُ عَلَی الخَشَبَةِ. [386] فقال ميثم: وَأَ نِّي لاَعْرِفُ رَجُلاً أَحْمَرَ لَهُ ضَفِيرَتَانِ، يَخْرُجُ لِنُصْرَةِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّهِ فَيُقْتَلُ وَيُجَالُ بِرَأْسَهِ فِي الكُوفَةِ. ثمّ افترقا؛ فقال أهل المجلس: ما رأينا أكذب من هذين. قال: فلم يفترق أهل المجلـس حتّي أقبل رُشَيْدُ الهَجَرِيُّ فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما، فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا. فقال رُشيد: رَحِمَ اللَهُ مِيْثَماً، أَنْسَي: وَيُزَادُ فِي عَطَاءِ الَّذِي يَجِيءُ بِالرَّأْسِ مَائَةُ دِرْهَمٍ! ثُمَّ أَدْبَرَ. فقال القوم: هَذَا وَاللَهِ أَكْذَبُهُم. فقال القوم: وَاللَهِ مَا ذَهَبَتِ الاَيَّامُ وَاللَيَالِي حَتَّي رَأَيْنَا مَيْثَماً مَصْلُوباً عَلَی بَابِ عَمْرِو بْنِ حَرِيثٍ؛ وَجِيءَ بِرَأْسِ حَبِيبِ بْنِ مَظَاهِرٍ وَقَدْ قُتِلَ مَعَ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَرَأَيْنَا كُلَّ مَا قَالُوا. [387] وكان حبيب بن مظاهر من بين السـبعين نفراً الذين اسـتشـهدوا في ركاب سيّد الشهداء علیه السلام. يقول أَبُو عَمرو الكَشِّيُّ: وَكَانَ حَبِيبٌ رَحْمَةُ اللَهِ عَلَيْهِ مِنَ السَّـبْعِينَ الرِّجَالِ الَّذِينَ نَصَرُوا الحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلَقَوْا جِبَالَ الحَدِيدِ وَاسْـتَقْبَلُوا الرِّمَـاحَ بِصُـدورِهِمْ وَالسُّـيُوفَ بِوُجُـوهِهِـمْ وَهُمْ يُعْـرَضُ عَلَيْهِمُ الاَمَـانُ وَالاَمْوَالُ فَيَأْبَوْنَ وَيَقُولُونَ: لاَ عُذْرَ لَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إنْ قُتِلَ الحُسَيْنُ وَمِنَّا عَيْنٌ تَطْرَفُ! حَتَّي قُتِلُوا حَوْلَهُ انتهي. [388] حبيب بن مظاهر، قام يوم عاشوراء وهو يضحك، فقال له يَزِيدُ بْنُ حُصَـيْنِ الهَمْدَانِيّ ـ وكان يُقال له سَيَّدُ القُرَّاءِ: يَا أَخِي لَيْـسَ هَذِهِ سَاعَةُ ضِحْكٍ! قَالَ حَبِيبُ: فَأَيُّ مَوْضِعٍ أَحَقُّ مِنْ هَذَا بِالسُّرُورِ؟ وَاللَهِ مَا هُوَ إلاَّ أَنْ تَمِيلَ عَلَيْنَا هَذِهِ الطُّغَاةُ بِسُيُوفِهِمْ فَنُعَانِقُ الحُورَ العِينَ. [389] وروي أبو مخنف: لَمَّا قُتِلَ حَبِيبُ بْنُ مَظَاهِرٍ، هَدَّ ذَلِكَ حُسَيْناً وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: أَحْتَسِبُ [390] نَفْسي وَحُمَاةَ أَصْحَابِي! [391] حبيب بن مظاهر كان يختم القرآن كلّ ليلةوجاء في بعض كتب المقاتل أنّ الحسين علیه السلام قال: لِلَّهِ دَرُّكَ يَا حَبِيبُ! لقد كنتَ فاضلاً تختم القرآن في ليلةٍ واحدة. [392] وحمل حبيب كالاسد الغضوب، وبعد أن اخترق سـيفه وجه فرس الحصين بن تميم الذي سـقط علی إثرها إلی الارض فأسـرع إليه أصـحابه لنجدته ـ و علی رواية أنّ حبيباً نال شرف الشهادة الرفيع بعد أن قتل منهم اثنين وستّين رجلاً. ولقد ثقلت شـهادة هذا الشـيخ الناسـك، العابد الزاهد، الفقيه قاري القرآن ـ الذي كان مـن أصـحاب البلايا والمنايا ومن خـواصّ أصـحاب أمير المؤمنين علیه السلام علی سيّد الشهداء علیه السلام، فبان الانكسار في وجهه، فقال زُهَيْرُ بْنُ القَيْنِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَهِ! أوَلسنا علی الحقّ؟ قال: بلي! هؤلاء هم الصحابة الذين خطبهم الحسين علیه السلام ليلة عاشوراء، فقال عنهم: اللَهُمَّ إنِّي أَحْمَـدُكَ عَلَی أَنْ أَكْرَمْتَنَا بِالنُّبُـوَّةِ وَعَلَّمْتَنَا القُرْآنَ وَفَقَّهْتَنَا فِي الدِّينِ وَجَعَلْتَ لَنَا أَسْمَاعاً وَأَفْئِدَةً، فَاجْعَلْنَا مِنَ الشَّاكِرِينَ. أَمَّا بَعْدُ؛ فَإنِّـي لاَ أَعْلَمُ أَصْـحَاباً أَوْفَـي وَلاَ خَيْـراً مِنْ أَصْـحَابِي، وَلاَ أَهْلَ بَيْتٍ أَبَرَّ وَلاَ أَوْصَلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي؛ فَجَزَاكُمُ اللَهُ عَنِّي خَيْراً. ومن هذا المنطلق هاجروا جميعاً كالعشّـاق يوم عاشـوراء، فنصـبوا مخيّمهم وسرادقهم خارج هذا العالم، وبقي الحسـين علیه السلام وحيداً، لا ناصـر له ولا معين، بقي متّكئاً علی رمحه، فنـادي في آخـر لحظـات الانقطاع والوجد: يَا مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ! وَيَا هَانِيَ بْنَ عُرْوَةَ! وَيَا حَبِيبَ بْنَ مَظَاهِرٍ! حتّي يصل إلی هذه الجملة الخطابيّة: يَا أَبْطَـالَ الصَّـفَا! وَيَا فُرْسَـانَ الهَيْجَاءِ! ما لي أُناديكم فلا تجيبون؟ وأدعوكم فلا تسمعون؟ أأنتم نيام؟! أرْجُوكُمْ تنتبهون، أم حالت مودّتكم عن إمامكم فلا تنصروه؟ ولقد أثار قرّاء القرآن الشـيوخ هؤلاء الاضطراب في سـاحة كربلاء علی قلّتهم، ممّا جعل الارض تضيق برحبها علی تلك الجماعة الكثيرة من الجيش المحارب للقرآن، مع أنّ هؤلاء كانوا اثنين وسبعين نفراً وأُولئك ثلاثين ألفاً. نقل ابن أبي الحديد في أنّ أصحاب الإمام الحسين كانوا كالاُسود الضاريةوقد نقل عن أبن أبي الحديد في « شرح نهج البلاغة » قال: قِيلَ لِرَجُلٍ شَهِدَ يَوْمَ الطَّفِّ مَعَ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ: وَيْحَكَ! أَقَتَلْتُمْ ذُرِّيَّةَ رَسُولِ اللَهِ؟! أجاب: عَضَضْتَ بِالجَنْدَلِ! لَوْ شَهِدْتَ مَا شَهِدْنَا لَفَعَلْتَ مَا فَعَلْنَا؛ ثَارَتْ عَلَيْنَا عِصَابَةٌ أَيْدِيهَا فِي مَقَابِضِ سُيُوفِهَا كَالاُسُودِ الضَّارِيَةِ، تَحْطِمُ الفُرْسَـانَ يَمِيناً وَشِـمَالاً وَتُلْقِي أَنْفُسَـهَا عَلَی المَـوْتِ؛ لاَ تَقْبَـلُ الاَمَـانَ وَلاَ تَرْغَـبُ فِي المَالِ، وَلاَ يَحُـولُ حَائـلٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الوُرُودِ عَلَی حِيَاضِ المَنِيَّةِ أَوِ الاسْتِيلاَءِ عَلَی المُلْكِ. فَلَوْ كَفَفْنَا عَنْهَا رُوَيْداً لاَتَتْ عَلَی نُفُوسِ العَسْكَرِ بِحَذَافِيرِهَا؛ فَمَا كُنَّا فَاعِلِينَ لاَ أُمَّ لَكَ؟ [393] لِلَّـهِ مِـنْ فِـتْـيَـةٍ فِـي كَـرْبَـلاَءَ ثَـوَوا وَعِنْدَهُـمْ عِلْـمُ مَا يَجْـرِي عَلَی القَدَرِ صَالُـوا وَلَوْلاَ قَضَـاءُ اللَهِ يُمْـسِـكُهُـمْ لَمْ يَتْـرُكُـوا مِـنْ بَنِـي سُـفْيَانَ مِـنْ أَثَرِ سَلْ كَرْبَلاَ كَمْ حَوَتْ مِنْهُمْ هِلاَلَ دُجَيً كَـأَ نَّـهَـا فَـلَــكٌ لِـلاَنْـجُــمِ الزُّهَـرِ [394] اي حمد تو از صبح أزل هم نفس ما كوتاه ز دامن تو دست هوس ما ما قافلة كعبة عشقيم كه رفته است سر تا سر آفاق صداي جرس ما در پاي تو آلوده لب از مي چه بيفتيم رانند ملائك به پر خود مگـس ما [395] لِلَّهِ دَرُّهُـمْ مِـنْ فِـتْـيَـةٍ صَـبَـرُو ا مَا إنْ رَأَيْتَ لَهُمْ فِي النَّاسِ أَمْثَالاَ ارجاعات [351] ـ «منتهي الآمال» ج 1، ص 263. [352] ـ «جامع الاخبار» ص 48، الباب 21. [353] ـ «تفسير الصافي» المقدّمة الثانية، ج 1، ص 12، نقلاً عن «الكافي». [354] ـ الآية 49، من السورة 29: العنكبوت. [355] ـ المقدّمة الثانية لـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 12، طبعة الاُوفسيت، نقلاً عن كتاب «الكافي». [356] ـ المقدّمة الثانية لـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 12، طبعة الاُوفسيت، نقلاً عن كتاب «الكافي». [357] ـ «سفينة البحار» ج 2، ص 414. ويقول في هامش كتاب «الشيعة في الاءسلام» للعلاّمة الطباطبائيّ قدّس الله سـرّه بعد نقل هذا الحديث: وقد نُقلت هذه الرواية بـ (15) طريق من العامّة و(11) طريق من الخاصّة، ومن رواتها أُمّ سَلِمَة وابن عبّاس وأبو بكر وعائشة و علیّ علیه السلام وأبو سعيد الخدريّ وأبو ي علی وأبو أيّوب الانصاريّ («غاية المرام» للبحرانيّ، ص 539 و 540). [358] ـ «تفسير الصافي» المقدّمة الثالثة، ج 1، ص 14، نقلاً عن «الكافي». ويقول في «ينابيع المودّة» ص 126، طبعة إسلامبول: ورد في كتاب «المناقب» عن الاصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين علیه السلام قال: نَزَلَ القُرْآنُ عَلَی أَرْبَعَةِ أَرْبَاعٍ: رُبْعٌ فِينَا، وَرُبْعٌ فِي عَدُّوِنَا، وَرُبْعٌ سُنَنٌ وَأَمْثَالٌ، وَرُبْعٌ فَرَائِضٌ وَأَحْكَامٌ. وَلَنَا كَرَائِمُ القُرْآنِ. وقد ذكر هذه الرواية الاخيرة الفيض في المقدّمة الثالثة من «تفسير الصافي» ج 1، ص 14، طبعة الاُوفسيت، عن العيّاشيّ. [359] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 14، المقدّمة الثالثة. [360] ـ الآيات 193 إلی 195، من السورة 26: الشعراء. [361] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 14. [362] ـ الآية 43، من السورة 13: الرعد. [363] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 14 و 15. [364] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 14، المقدّمة الثالثة. [365] ـ الآية 7، من السورة 13: الرعد. [366] ـ تفسير «مجمع البيان» ج 3، ص 278، طبعة صيدا. [367] ـ «مجمع البيان» ج 3، ص 278، طبعة صيدا. . [368] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 54، تفسير سورة الحمد [369] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 54، تفسير سورة الحمد. [370] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 54، تفسير سورة الحمد. [371] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 54، تفسير سورة الحمد. [372] ـ الآية 7، من السورة 55: الرحمن. [373] ـ «تفسير الصافي» ج 2، ص 639. [374] ـ الآية 47، من السورة 21: الانبياء. [375] ـ «تفسير الصافي» ج 2، ص 94. [376] ـ «تفسير الصافي» ج 2، ص 94. [377] ـ «تفسير الصافي» ج 1، ص 55. [378] ـ «ديوان الاُزريّ» المطبوع مع تخميسه، ص 151. وقد أوردنا قدراً من هذه الابيات في سلسلة «معرفة المعاد» ج 7، المجلس 50، وذكرنا في هامشه أنّ الشيخ كاظم الاُزريّ التميميّ البغداديّ المتوفّي في غرّة جُمادي الاُولي سنة 1211 ه. ق هو من شعراء أهل البيت علیهم السلام ومادحيهم، ويكفي في جلالة شعره وبلاغته قصيدته الهائيّة * لمن الشمس في قباب قباها * لتضعه في مصافّ شعراء أهل البيت من الطراز الاوّل، حُكي أنّ العلاّمة بحر العلوم كان يجلّه ويعظّمه كثيراً لمناظراته الجيّدة مع الخصوم. وروي عن المرحوم آية الله السيّد حسن الصدر أ نّه قال: إنّ القصيدة الهائيّة الاُزريّة كانت تزيد علی ألف بيت، وكان قد كتبها في طومار فأتت الارضة علی بعضها ووقع باقي الطومار بيد المرحوم آية الله السيّد صدر الدين العامليّ؛ فاستخرج منه هذه الابيات التي خمّسها الشيخ جابر الكاظميّ. وقال صاحب «مستدرك الوسائل» في كتاب «شاخة طوبي»: كان العلاّمة المحقّق الشيخ محمّد حسن صاحب «الجواهر» يتمنّي لو أنّ القصيدة الهائيّة الاُزريّة دُوّنت في صحيفة أعماله وأنّ كتاب «الجواهر» دُوّن في صحيفة أعمال الشيخ الاُزريّ (ملخّصاً عن «الكني والالقاب» ج 2، ص 19، طبعة صيدا). [379] ـ الآية 59، من السورة 4: النساء: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاْمْرِ مِنكُمْ. [380] ـ «روضة الكافي» ص 82. [381] ـ أورد في «غاية المرام» ص 211، عن طريق العامّة تسعة وثلاثين حديثاً، وعن طرق الخاصّة اثنين وثمانين حديثاً. ويعدّ هذا الحديث من الروايات المتواترة عند الشيعة والعامّة، حيث يقرّ العامّة أيضاً بتواتره. وهو من أهمّ وأوثق وثائق الشيعة في احتجاجهم علی العامّة، وله دلالة علی غاصبيّة الخلفاء الاوائل. ينقل أحمد بن حنبل عن زيد بن ثابت بطريقَين صحيحَين، الاوّل في بداية ص 182، والثاني في نهاية ص 189، من الجزء الخامس من مسنده: قَالَ النَبِّيُّ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ وَأَهْلَ بَيْتِي، وَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ جَمِيعاً. وكذلك نقله أحمد في مسنده والطبرانيّ في «المعجم الكبير»، وفي «كنز العمّال» ج 1، ص 47 و 48، بهذه الكيفيّة: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ خَلِيفَتَيْنِ: كِتَابَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالاَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي؛ وَإنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ. ويقول السـيوطيّ في «الدرّ المنثـور» ج 6، ص 7: أخـرج الترمـذيّ هـذا الحديـث وحسّـنه. وذكره أيضاً ابن الانباريّ في «المصاحف» عن زيد بن أرقم، بهذه العبارة: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، أَحَدُهُمَا أَعْظَـمُ مِنَ الآخَرِ: كِتَابُ اللَهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّـمَاءِ إلَي الاَرْضِ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، وَلَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّي يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ؛ فَانْظُرُوا كَيْفَ تُخْلِفُونِي فِيهِمَا. وقد أفرد العلاّمة الجليل المير حامد حسين الهنديّ مجلّداً من كتابه القيّم لذكر أسناد هذا الحديث المبارك، وخصّص المجلّد الآخر في دلالته. وكتب العلاّمة الخبير الميرزا نجم الدين الشريف العسكريّ (ابن خال المؤلِّف لابيه، وهو الولد الاكبر لآية الله الميرزا محمّد الطهرانيّ رضوان الله علیهما) كتاباً باسم «محمّد و علیّ وحديث الثقلين وحديث السفينة» ذكر فيه طرق الحديث العديدة مفصّلاً. [382] ـ «ينابيع المودّة» ص 235، طبعة إسلامبول، ونقله في ص 256 بكيفيّتَين عن كتاب «مودّة القربي». ويقول في ص 179: أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَالنَّاسُ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي. أورده عن الديلميّ والطبرانيّ في الكتاب «الاوسط». ويروي في ص 256، عن كتاب «مودّة القربي» عن ابن عبّاس مرفوعاً: خُلِقْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَالنَّاسُ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي. وجاء في رواية أُخري عنه: خَلَقَ الاَنْبِيَاءَ مِنْ أَشْجَارٍ شَتَّي وَخَلَقَنِي وَعَلِيَّاً مِنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَنَا أَصْلُهَا وَعَلِيٌّ فَرْعُهَا وَالحَسَنُ وَالحُسَيْنُ أَثْمَارُهَا، وَأَشْيَاعُنَا وَرَقُهَا. فَمَنْ تَعَلَّقَ بِهَا نَجَي، وَمَنْ زَاغَ عَنْهَا هَوَي. [383] ـ «نهج البلاغة» الرسالة 45، ضمن رسالة أرسلها علیه السلام إلی عثمان بن حُنيف الانصاريّ عامله في البصرة، وجـاءت في طبعة مصر، هامـش الشـيخ محمّد عبده: ج 2، ص 73. [384] ـ نقل في «بحار الانوار» ج 8، ص 455 و 456، طبعة الكمبانيّ، روايات مستفيضة بهذا الشـأن، وأورده في «غاية المرام» عن طريق العامّـة عن موفّق بن أحمـد الخوارزمـيّ ص 33 تحت العنوان العاشر، ضمن حديث طويل. ويقول العلاّمة الامينيّ في «الغدير» ج 7، هامش ص 131: وبهذا عرّف النبيّ صلّي الله علیه وآله مولانا أمير المؤمنين بقوله: إنَّ فِيكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَی تَأْوِيلِ القُرْآنِ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَی تَنْزِيلِهِ! قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَهِ! قَالَ: لاَ! قَالَ عُمَرُ: أَنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَهِ؟ قَالَ: لاَ! وَلَكِنْ خَاصِفَ النَّعْلِ، وَكَانَ قَدْ أَعْطَي عَلِيَّاً نَعْلَهُ يَخْصِـفُهَا. أخرجه جمـعٌ من الحفّـاظ، وصحّحه الحاكـم والذهبيّ والهيثمـيّ كما يأتـي تفصيله. وأورد ابن عساكر الدمشقيّ فيتأريخ أمير المؤمنين علیّ بن أبي طالب علیه السلام، ج 2، ص 485 و 486، الحديث 1004، بسنده المتّصل عن أمير المؤمنين علیه السلام: قَالَ: كُنْتُ إذَا سَأَلْتُهُ أَجَابَنِي، وَإنْ سَكَتُّ عَنْهُ ابْتَدَأَنِي وَمَا نُزِّلَتْ عَلَيْهِ آيَةٌ إلاَّ قَرَأْتُهَا وَعَلِمْتُ تَفْسِيرَهَا وَتَأْوِيلَهَا، وَدَعَا اللَهُ لِي أَنْ لاَ أَنْسَي شَيْئَاً عَلِّمَنِي إيَّاهُ، فَمَا نَسِيتُ مِنْ حَرَامٍ وَلاَ حَلاَلٍ، وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ، وَطَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ. وَلَقَدْ وَضَعَ يَدَهْ عَلَی صَدْرِي وَقَالَ: اللَهُمَّ امْلاَ قَلْبَهُ عِلْماً وَفَهْماً وَحُكْماً وَنُوراً. ثمّ قال لي: أَخْبَرَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَ نَّهُ قَدِ اسْتَجَابَ لِي فِيكَ. [385] ـ «سفينة البحار» ج 1، ص 203. [386] ـ إنّ المعهود في زماننا أنّ من يُراد إعدامه شنقاً يُلقي في عنقه حبل فيُعلّق منه، ومثل هذا الشخص يختنق ويموت علی الفور، أمّا من كان يُصلب سابقاً فكانوا يثبّتون بدنه بالحبال أو المسامير علی خشبة بشكل صليب، فتكون قامته ممتدّة علی استقامة الخشبة العموديّة وتكون ذراعاه ممدودتين علی الخشبة الاُفقيّة، ثمّ يوقفون هذه الخشبة في مكانٍ عالٍ، كشـجرة أو عمود أو بناء فيتركـونه ليموت شـيئاً فشـيئاً جوعاً وعطشـاً، أو من نزف الدماء الجارية من مواضع التسمير، وربّما انجرّ عذابه إلی يومين أو ثلاثة، ويحصل أحياناً أن يُطعن بحربة ـ كما فعلوا بميثم ليزداد عذابه ويعجّلوا بموته. [387] ـ «سفينة البحار» ج 1، ص 203. [388] ـ نقله في «سفينة البحار» ج 2، ص 11. وذكره كذلك في «السفينة» ج 1، ص 203. [389] ـ «سفينة البحار» ج 1، ص 204. [390] ـ احْتَسَبَ وَلَداً لَهُ: فَقَدَهُ. وباعتبار الواو في وَحُمَاةَ أَصْحَابِي للمعيّة، فالاءمام علیه السلام يريد القول بأ نّه يفقد نفسـه بموت أصحابه، أي: ليتني يا إلهي عدمت الحياة بعد موت أصحابي وحماتي هؤلاء. [391] ـ «سفينة البحار» ج 1، ص 203 و 204. [392] ـ «منتهي الآمال» ج 1، ص 263 (بالفارسـيّة)، وأوردنا العـبارة مـن مقتـل أبـي مخنف (م). [393] ـ «سفينة البحار» ج 2، ص 11. [394] ـ نقل الحقير هذه الابيات في كشكولي الخطّي «جُنگ خطّي» (= الدفتر الخطّيّ)، رقم 8، ص 74، ضمن الفقرات الاثني عشر المعروفة للسيّد بحر العلوم، لكنّ المرحوم المحدِّث القمّيّ نسبها في «نفس المهموم» ص 326، طبعة إسلاميّة، 1338 هجريّة قمريّة، إلی الشيخ كاظم الاُزريّ. [395] ـ يقول: «تردّد مديحك منذ الازل مع أنفاسنا، وقصُر خيالنا عن مسّ فاضل ردائك. نحن قافلة كعبة العشق الذاهبة، طبق جرس مسيرنا الآفاق أجمع. لو تهالكنا علی قدميـك بشـفاه مدنّسـة مخمـورة، لطـردتنا عنك ـ كطـرد الذباب بأجنحتها الملائكةُ». |
|
|