|
|
أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ وصلَّي اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِيِّ العَظِيمِ قال الله الحكيم في كتابه الكريم: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـ'ذَا الْقُرْءَانِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا.[1] قال سماحة الاُستاذ العلاّمة قدّس الله سرّه في تفسيره لهذه الآية الكريمة المباركة: « قال الراغب الإصفهانيّ في « المفردات »: الصَّرْف ردّ الشيء من حالةٍ إلی حالة، أو إبداله بغيره. قال: والتصريف كالصرف إلاّ في التكثير، وأكثر ما يُقال في صرف الشيء من حالةٍ إلی حالة، ومن أمرٍ إلی أمر. وتصريف الرياح هو صرفها من حالٍ إلی حال. قال تعالی: «وَصَرَّفْنَا الاْيـ'تِ» [2]، «وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ»[3]، ومنه تصريف الكلام وتصريف الدراهم ـ انتهي. فقوله وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـ'ذَا الْقُرْءَانِ لِيَذَّكَّرُوا معناه بشهادة السياق: وأُقسم لقد رددنا الكلام معهم في أمر التوحيد ونفي الشريك من وجهٍ إلی وجه، وحوّلناه من لحنٍ إلی لحن في هذا القرآن، فأوردناه بمختلف العبارات وبيّناه بأقسام البيانات ليتذكّروا ويتبيّن لهم الحقّ. وقوله وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا، أي: ما يزيدهم التصريف إلاّ انزعاجاً، كلّما استؤنف جيء ببيان جديد أورثهم نفرة جديدة » [4]. تفسیر آیة: سَنُرِيهِمْ ءَايَـ'تِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي´ أَنفُسِـهِمْ حَتَّي' يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَ نَّهُ الْحَقُّوقد استفاد الكتاب السماويّ الإلهيّ ـ القرآن الكريم ـ من نوعين من الآيات من أجل إجلاء الحقّ؛ أوّلهما الآيات الآفاقيّة، وثانيهما الآيات الانفسيّة. سَنُرِيهِمْ ءَايَـ'تِنَا فِي الاْفَاقِ وَفِي´ أَنفُسِـهِمْ حَتَّي' يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَ نَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ و عَلَي' كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلآ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلآ إِنَّهُ و بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ.[5] وتلوح في هذه الآيات عدّة نكات مهمّة: الاُولي: إنّ الآيات الإلهيّة التي تمثّل سبيل الوصول إلی ذات الله القدسيّة لا تتعدّي هذين النوعين من الآيات، أي الآيات الآفاقيّة والآيات الانفسيّة. الثانية:علی الرغم من كون الضمير في أَ نَّهُ الْحَقُّ للمفرد المذكّر، إلاّ أ نّه يفتقد المرجع الذي يعود إلیه؛ وذلك لعدم ورود ألفاظ الله، الربّ وأمثالهما ممّا يمكن أن يعود إلیه الضمير. ومن الضروريّ في هذا المجال أن يكون الضمير عائداً إلی معنيً تنطوي عليه كلمة آيات، وله عنوان الوحدة. وليس ذلك المعني إلاّ ذو الآية. ( لان شدّة ارتباط الآية بذي الآية من القوّة بحيث إنّ نفس الآيات تبدو في انطباقهاعلی ذات الحقّ القدسيّة، كأ نّها الحقّ بذاته ). والآيات الآفاقيّة والانفسيّة بكثرتها متّحدة في هذه الدلالة والإظهار، وهي بأجمعها حقّ؛ وليس الحقّ شيئاً سواها. الثالثة: جاءت جملة: أَلآ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ لتأكيد المطلب الاوّل، وهو تجلّي الحقّ في جميع الموجودات الآفاقيّة والانفسيّة، وأنّ كلّ ظهور هو عين المُظْهِر. ومن هنا فإنّ الآية تبيّن أنّ أعين الناس الرمداء المريضة تشكّ في رؤية الحقّ ولقائه، مع أنّها تراه في جميع الموجودات بلا استثناء. وأنّ تلك الاعين أينما توجّهت وإلی أيّ شيء تطلّعت، لما رأت في البحر العظيم المترامي لعالَم الإمكان شيئاً متجلّياً غير الحقّ المحيط بكلّ شيء، والحاضر الناظر الشهيد في كلّ مكان، إلاّ أنّ هؤلاء الناس ـ ويا للاسف مبتلون بالكثرة، ومجانين بالاعتباريّات والتقإلید، ومُمتحنون بالاوهام، فهم في شكٍّ وريب من لقاء جمال الحقّ في كلّ آية من آيات الآفاق والانفس، وهم يرونه في كلّ لحظة ويُنكرونه، ويسمعون حديثه كلّ آن ويُنكرونه. فما شيءٌ أشدّ من أمرهم غرابةً وإثارةً للعجب! يار نزديكتر از من به من است وین عجبتر كه من از وي دورم چكنم با كه توان گفت كه دوست در ميانِ من و من مهجورم [6] قال مولي الموحّدين أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات الله المَلِك المتعال: الَعَارِفُ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَأعْتَقَهَا وَنَزَّهَهَا عَنْ كُلِّ مَا يُبَعِّدُهَا. [7] سعدي حجاب نيست، تو آئينه پاكدار زنگار خورده، چون بنمايد جمال دوست؟ [8] وما أبدع وأروع هذه الحقيقة التي نقلها القاضي نور الله الشوشتريّ عن بعض العرفاء والموحّدين: يَا جَلِيَّ الظُّهُورِ وَالإشْرَاقْ كيست جز تو در أنفس وآفاق؟[9] لَيْسَ فِي الكَائِنَاتِ غَيْرَكَ شَيْءْ أَنْتَ شَمْسُ الضُّحَي وَغَيْرُكَ فَيْءْ دو جهان سايه است و نور توئي سايه را ماية ظهور توئي حرف ما و من از دلم بتراش محو كن غير را و جمله تو باش خود چه غير و كدام غير اينجا؟ هم ز تو سوي تست سير اينجا در بدايت زتست سير رجال وز نهايت بو سوي تست آمال [10] اللَهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ وَمِنْكَ السَّلاَمُ وَإلیكَ يَرْجِعُ السَّلاَمُ. [11] جمیع مراتب الحق لله تعالیوقد استنتج سماحة الاُستاذ قدّس الله نفسه بإشارةٍ عابرة استنتاجاً عميقاً ودقيقاً من إحدي الآيات القرآنيّة، وينبغي حقّاً الانحناء تبجيلاً لسعة نفسه وإدراكه البديع وذكائه العجيب في فهم دقائق الآيات القرآنية؛ فقد قال في شأن الآية المباركة: الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ.[12] « وهذا، أعني قوله: الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ من أبدع البيانات القرآنيّة، حيث قيّد الحقّ بـ «مِن» الدالّةعلی الابتداء دون غيره بأن يقال الْحَقُّ مَعَ رَبِّكَ، لما فيه من شائبة الشرك ونسبة العجز إلیه تعالی بحسب الحقيقة. وذلك أنّ هذه الاقاويل الحقّة والقضايا النفس الامريّة الثابتة كائنة ما كانت، وإن كانت ضروريّة غير ممكنة التغيّر عمّا هي عليه، كقولنا: الاربعة زوج، والواحد نصف الاثنين، ونحو ذلك؛ إلاّ أنّ الإنسان إنّما يقتنصها من الخارج الواقع في الوجود، والوجود كلّه منه تعالی، فالحقّ كلّه منه تعالی كما أنّ الخير كلّه منه. ولذلك كان تعالی لاَ يُسْـَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَلُونَ [13]، فإنّ فعل غيره إنّما يصاحب الحقّ إذا كان حقّاً، وأمّا فعله تعالی فهو الوجود الذي ليس الحقّ إلاّ صورته العلميّة » ـ انتهي. [14] دعوة القرآن للتفکر فی الاشیاء الخارجیة وفی صنع الله تعالیأمّا وقد علمنا أنّ منطق القرآن الكريم هو حقّيّة الوجود الخارجيّ وواقعيّته، وأ نّه بوحدته وبساطته وأبديّته وعدم تناهيه هو عين الحقّ، وأنّ جميع الآيات ـ الآفاقيّة أو الانفسيّة هي مظاهر للحقّ، وأنّ كلاّ من تلك الآيات تظهر تلك الحقيقة في حدود سعتها؛ فقد حان الوقت كي نعلم أيّ الآيات القرآنيّة تتحدّث عن هذه الآيات الآفاقيّة والانفسيّة. وتعني الآيات الآفاقيّة الموجودات الخارجيّة والاشياء الموجودة خارج ذات الإنسان؛ أمّا الآيات الانفسيّة فتعني مظاهر النفس وظهوراتها، والصفات والملَكات والاخلاق والاعمال المتعلّقة بالنفس الإنسانيّة، والواقعة في مقابل الآيات الآفاقيّة. والتفكّر في الآيات الآفاقيّة يتمثّل في طريقة المشاهدة والتجربة والالتفات إلی الطبيعة وإقامة الاستدلالات النظريّة والفكريّةعلی المحسوسات والاشياء الخارجيّة، الامر الذي يُتعارف عليه في المناهج المعاصرة، والذي يعدّ مؤسّسوه من أمثال بيكون و كانت و ديكارت هم الذين دفعوا عجلة التحقيق والعلوم البشريّة قُدماً في طريق التجربة والمشاهدة. بَيدَ أنّ الحقيقة هي أنّ القرآن الكريم هو حامل لواء هذا الفتح والمتقدّم في هذا المجال حين دعا الإنسان قبل أربعة عشر قرناً من خلال الكثير من الآيات القرآنيّة إلی التفكّر في الاُمور الخارجيّة، كتعاقب الليل والنهار واختلاف مقدارهما، وحركة الارض والسماء، ونموّ الاشجار والثمار والنباتات التي تُسقي بماءٍ واحد، وكون جميع الاُمور الطبيعيّة والمادّيّة مخلوقة من ذكرٍ وأُنثي، وحين دعاه إلی النظر في هبوب الرياح وحركة الغيوم، وهطول الامطار والثلوج، ونشوء الصاعقة والرعد والبرق، واختلاف شكل القمر في الليإلی المختلفة، وتكوّن الجنين وتكامله إلی هيئة إنسان كامل ذي روح، واختلاف الجبال، وسير السفن الشراعيّة في المياه، وطيران الطيور التي تخفق بأجنحتها أو تنشرها خلال طيرانها، واختلاف المياه في الطَّعم، وخلقة النساء اللاتي يسكن إلیهن الرجال، وندب الإنسان إلی البحث في النوم وإلیقظة، وفي الموت والحياة، وإلی كثير من المسائل الاُخري التي تشكّل القسم الاعظم من القرآن الكريم. بيد أنّ العلماء المعاصرين يصرفون أنظارهم واهتمامهم إلی الجوانب المادّيّة والطبيعيّة والعلائق الحسّيّة لتلك الاُمور؛ أمّا القرآن فهو أسمي من ذلك وأعلي، إذ يأمر بمشاهدة هذه الاُمور وملاحظتها بلحاظ ارتباطها المحض بالخالق العليم الحكيم القادر المتعال، ويعرّف جميع الموجودات الكثيرة بأ نّها مرايا مختلفة لجمال الواحد الحيّ الازليّ الابديّ، ويعتبر نور أحديّته تعالی شاملاً لجميع شبكات عالم الإمكان. ولذلك فإنّنا نشاهد أنّ هذا الاُسلوب من التفكير القرآنيّ قد ربّي علماء ومفكّرين موحّدين مؤمنين نبغوا في الاُمور التجريبيّة والطبيعيّة، فحفظوا البشر طوال القرون المتمادية في ظلّ هدوء البال وسكون الخاطر وتأمين العدل الاجتماعيّ والتمتّع بجميع المواهب الإلهيّة. أمّا الاجانب الذين ادّعوا أ نّهم أرأف بالابن من أُمّه الحنون، فقد افتقدوا مثل هذه النظرة الإلهيّة، وقطعوا الارتباط بين الحقائق والعلوم مع خالقها، فأحالوا الدنيا جهنّماً لا تُطاق، وساقوا البشريّة في خُطيً حثيثة إلی هذه النار العاجلة. نُقل عن غاندي أ نّه قال ما مضمونه: «لقد عرف الاُوروبّيّون الدنيا، ولم يعرفوا أنفسهم، لذا فقد أفسدوا أنفسهم وأفسدوا الدنيا معها». [15] مضامین متباینة لآیات القرآن الکریم فی اصل خلقة الانسا نوقد وردت في القرآن الكريم آيات ذات مضامين مختلفة تحدّثت عن أصل خلقة الإنسان، منها: 1 ـ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَي'´ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّي عِندَهُ.[16] 2 ـ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ و نَسَبًا وَصِهْرًا.[17] 3 ـ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـ'´نءِكَةِ إِنِّي خَـ'لِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَـ'لٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ.[18] 4 ـ خَلَقَ الإنسَـ'نَ مِن صَلْصَـ'لٍ كَالْفَخَّارِ.[19] 5 ـ إِنَّا خَلَقْنَـ'هُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ. [20] 6 ـ إِنَّ مَثَلَ عِيسَي' عِندَ اللَهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ و مِن تُرَابٍ. [21] 7 ـ وَاللَهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ. [22] 8 ـ فَلْيَنظُرِ الإنسَـ'نُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. [23] 9 ـ أَيَحْسَبُ الإنسَـ'نُ أَن يُتْرَكَ سُدًي * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَي'. [24] 10 ـ الَّذِي´ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ و وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسَـ'نِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ و مِن سُلَـ'لَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ[25]. 11 ـ خَلَقَ الإنسَـ'نَ مِنْ عَلَقٍ. [26] 12 ـ خُلِقَ الإنسَـ'نُ مِنْ عَجَلٍ سَأُورِيكُمْ ءَايَـ'تِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ. [27] 13 ـ اللَهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً. [28] 14 ـ خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَ حِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الاْنْعَـ'مِ ثَمَـ'نِيَةَ أَزْوَ جٍ.[29] 15 ـ إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَـ'نَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ.[30] 16 ـ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَـ'نَ مِن سُلَـ'لَةٍ مِّن طِينٍ. [31] وتشكّل هذه التعبيرات ستّة عشر تعبيراً استنتجناه من القرآن الكريم فيما يتعلّق بأصل خلقة الإنسان، سواء من الجانب المادّيّ أو الاخلاقيّ، وهي عبارة عن: مَآء، مَآءٍ مَّهِينٍ، مَآءٍ دَافِقٍ، تُرَاب، طِين، طِينٍ لاَّزِب، سُلَـ'لَةٍ مِّن طِينٍ، صَلْصَـ'لٍ كَالْفَخَّارِ، صَلْصَـ'لٍ مِّن حَمَإٍ مَّسْنُونٍ، نُطْفَة، مَنِيٍّ يُمْنَي'، نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ، عَلَق، عَجَل، ضَعْف، نَفْسٍ وَ حِدَةٍ. وقد بحثنا في هذه الآيات في الجزء الثاني من هذا الكتاب « نور ملكوت القرآن » في القسم المتعلّق بعظمة القرآن، وسنبحث في الآيتين الاخيرتين نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ، و سُلَـ'لَةٍ مِّن طِينٍ إلی قوله: ثُمَّ أَنشَأْنَـ'هُ خَلْقًا ءَاخَرَ، بحثاً إجمإلیاً لإثبات إعجاز القرآن ونظرته في دعوة البشريّة إلی التفكّر في الخلقة وهيكل الوجود والآيات الآفاقيّة. أمّا فيما يتعلّق بالآية الاُولي: إِنَّا خَلَقْنَا الإنسَـ'نَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَـ'هُ سَمِيعًا بَصِيرًا»[32]؛ فقد قال سماحة أُستاذنا المكرّم في التفسير: « النطفة في الاصل بمعني الماء القليل، غلب استعماله في ماء الذكور من الحيوان الذي يتكوّن منه مثله. و أمشاج جمع مشيج أو المَشَج بفتحتين أو بفتحٍ فكسر، بمعني المختلط الممتزج. ووصفت بها النطفة باعتبار أجزائها المختلفة أو اختلاط ماء الذكور والإناث. و الابتلاء نقل الشيء من حالٍ إلی حال، ومن طورٍ إلی طور، كابتلاء الذهب في البوتقة، وابتلاؤه تعالی الإنسانَ في خلقه من النطفة هو ما ذكره في مواضع من كلامه أ نّه يخلق النطفة فيجعلها عَلَقة، والعلقة مُضغة إلی آخر الاطوار التي تتعاقبها حتّي ينشئه خلقاً آخر. وقيل: المراد بابتلائه امتحانه بالتكليف، ويدفعه تفريع قوله: فَجَعَلْنَـ'هُ سَمِيعًا بَصِيرًا علی الابتلاء؛ ولو كان المراد به التكليف، كان من الواجب تفريعهعلی جعله سميعاً بصيراً لا بالعكس. والجواب عنه بأنّ في الكلام تقديماً وتأخيراً، والتقدير: إنَّا خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا لِنَبْتَلِيَهُ، لا يُصغي إلیه ». [33] وعلينا أن نري ممّ يحصل اختلاط النطفة؟ ذلك أ نّنا نعلم أنّ نطفة الرجل تتكوّن من خلايا مجهريّة تدعي كلّ منها « اسبرماتوزوئيد »، وهي من الصغر المتناهي بحيث إنّ قطرة واحدة من النطفة تحوي عدّة ملايين من تلك الخلايا الخإلیة من التركيب. كما نعلم بأن نطفة المرأة تضم خليّة مجهريّة تدعي «أُوفل»، وأنّ الإنسان يوجد نتيجة لقاح حاصل بين « أسبرم » واحد مع بويضة « أوفل » واحدة. کلام الطنطاوی فی تفسیر الامشاجوقال الطنطاويّ في تفسيره بأنّ المراد بالامشاج في هذه الآية الموادّ العشر المحسوبة من أُصول التغذية. ويقول: «فَجَعَلْنَـ'هُ سَمِيعًا بَصِيرًا» ليتمكّن من مشاهدة الدلائل واستماع الآيات والتعقّل والتفكّر، ذلك أ نّنا خلقناه من النطفة، وهي تكون في الرجل وتكون في المرأة، فهاتان النطفتان باتّحادهما يتكوّن الجنين. ومن أين هاتان النطفتان؟ هاتان النطفتان مخلوقتان من عناصر مختلفة، وتلك العناصر آتية من النبات والحيوان الداخلين في طعام الآباء والاُمّهات، ومن الماء الذي يشربونه، والاملاح التي يتعاطونها، وجميع الموادّ التي دخلت في أُصول التغذية من الطعام والشراب عشرة، وهي: الاُوكسجين والهيدروجين والكربون والاوزوت والكبريت والفسفور والبوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم والحديد. فهذه هي العشرة التي تدخل في كلّ نبات، ومن بابٍ أولي في كلّ حيوان، لا نّها طعامه، وفي كلّ إنسان. فالنطفة إذاً مكوّنة من هذه الامشاج العشرة، فهي أخلاط كوّنت ومُزجت وصارت دماً فنطفة فعلقة... إلی آخره. [34] ويقول: اللطيفة الاُولي في قوله تعالی « إنّا خلقنا الإنسَـ'ن من نطفة أمشاج نبتليه فجعلنـ'ه سميعاً بصيراً » يقول الله: إنّ الإنسان مخلوق من نطفة، والنطفة مكوّنة من أمشاج، وما الامشاج في الإنسان إلاّ الاُوكسجين والهيدروجين والكربون والاوزوت والكبريت والفوسفور والبوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم والحديد. فهذه هي الامشاج والاخلاط التي كُوِّن منها الإنسان، والإنسان يتولّد فيه النطفة، والنطفة يتكوّن منها إنسان جديد، فهذا الإنسان مبدؤه من الحديد والفسفور والكبريت... إلی آخره ». [35] بَيدَ أنّ كلام الطنطاويّ لا يستند إلی دليل، مضافاً إلی أنّ لفظة أمشاج قد وردت في الآية المذكورة صفةً ل « نطفة »، لا أن تكون الامشاج هي أصل النطفة ومنشأ تكوّنها. واحـتـمـل البـعـض أن يكـون الكرومـوسـوم هـو عامـل الـوراثـة والشخصيّة [36]، أي أنّ مركز شخصيّة الإنسان ومحلّ تجمّع صفاته هي هذه الإلیاف الخاصّة المعدودة التي يبلغ عددها في الإنسان ستّة وأربعين كروموسوماً، وهي موجودة بهذا العدد في كلّ خليّة من خلايا البدن، عدا البويضة والسبيرم، حيث يبلغ عددها فيهما ثلاثة وعشرين كروموسوماً، منها اثنان وعشرون كروموسوماً اتوزوم ( غير جنسيّ ) وكروموسوماً واحداً جنسيّاً. ويمكن مشاهدة هذه الكروموسومات بعد التلقيح وبداية حركة النطفة. وعلي كلّ حال، فإنّ هذا الامر يعدّ من الاسرار العجيبة، بل من أعجب أسرار الخلقة، حيث تُوضع جميع شخصيّة الإنسان وصفاته الذاتيّة وزيادة أعضائه وأجزائه ـ مع حفظ وحدته ـعلی عاتق خليّة واحدة فقط. وإذا كانت هذه الخليّة بسيطة بتمام معني الكلمة، فكيف رُكِّز هذا البحر الخضمّ من الصفات والاخلاق والملكات، بل من الاعضاء والاجزاء المختلفة العمل والمتفاوتة الفعل في خليّة واحدة؟! وتعدّ قوانين الوراثة والمشاهدات التي أُنجزتعلی النطفة والخلايا الجنسيّة للرجل والمرأة (السبيرم والبويضة) شاهداً بيّناً ودليلاً بارزاًعلی تمركز الشخصيّة وتلخّصها في خليّة واحدة. كما تُشير التجارب والمعلومات العامّة التي نمتكلها إلی حقيقة مُذهلة، وهي أنّ عدداً لا يُحصي من صفات وخصال الاب والاُمّ تتكرر في أولادهما وأحفادهما، حتّي الخطوط الدقيقة في الوجه، وكيفيّة تحريك إلیدين، والاعين، ودقائق عادات الابوين، دون أن يكون للتأثيرات الخارجيّة كالتعليم والتربية ـ في كثير من الحالات ـ دخلاً في هذا الامر. وليست الواسطة الفاعلة في هذا الفضاء الفسيح المترامي من الكثرات، وفي هذا البحر الخضمّ الزاخر من الاختلافات المرئيّة، إلاّ خليّة واحدة متناهية في الصغر. ويعتقد أغلب علماء الوراثة أنّ عامل هذه الصفات الوراثيّة إنّما هي الكروموسومات الموجودة في الخلايا الجنسيّة، التي دخلت في النطفة بالمناصفة؛ ويعتقدون أنّ جميع الآثار الوراثيّة ناجمة من كيفية التقاء هذه الكروموسومات وازدواجها وانقسام أنصاف الكروموسومات مجدّداً، حيث إنّ كلّ نصف منها قابل للقسمة من جديد. أمّا بعض محقّقي علوم الحياة من أمثال إيتين رابوك، فلا يعتبرون الكروموسوم عاملاً للوراثة، ويقولون: إنّ الشخصيّة والوراثة ليسا معلولين لاثر خارجيّ خفيّ، أو لفعل داخليّ قائمعلی عوامل عائدة إلی الكروموسوم؛ بل إنّ العنصر المكوِّن للخليّة من ذكر وأُنثي ـ أي السايتوبلازم والنواة التي يتكوَّن كلّ منهما من أخلاط رقيقة ممتزجة من التراكيب الشبيهة بالعجين، والتي تشكّل محيط الخليّة أو مادّتها الحيويّة، وتلك الاخلاط الممتزجة المبهمة غير المشخّصة هي التي تتدخّل في بروز الصفات وفي تشكيل الشخصيّة الموجودة. وينبغي العلم طبعاً بأنّ الآثار الحيويّة والفعّإلیة الخارجيّة لخليّة حيّة واحدة ليست آثاراً ناجمة من فعل بعض هذه العناصر بصورة مستقلّة، بحيث إنّ الوظائف قد قُسِّمت فيما بينها كلٌّ حسب نسبته، بل إنّ كلّ عنصر من هذه العناصر يؤثّر ـ في كلّ لحظة ـعلی جميع العناصر الاُخري، ويتأثّر بدوره بسائر تلك العناصر، فتكون خلاصة فعل وانفعال كلّ عنصر من العناصرعلی بعضها الآخر وعلي المحيط الخارجيّ هي عمل الخليّة في الخارج. كما أنّ وضع موجود متعدّد الخلايا، ووضع جميع النباتات والحيوانات وأفراد البشر أشبه بوضع الخليّة الواحدة، حيث إنّ جميع العناصر الداخلة في تكوين الخليّة أو الموجود تشترك في الافعال الحيويّة لتلك الخليّة أو الموجود، كما يوجد في بدن الموجود الحيّ تعاون منظّم وكامل بين جميع الانسجة في ذلك الموجود، بحيث إنّ جميع الاجزاء تشترك وتتدخّل في كلّ عمل يبدر من ذلك الموجود. كما أنّ أيّ أثر وفعل يُوجَّه إلی موجود حيّ سيؤثّرعلی جميع أعضاء وأجزاء ذلك الموجود. وهذه الكيفيّة لاختلاط السايتوبلازم والنواة وامتزاجهما بحيث تكون منبعاً لمثل هذا التكاثر هي التي دُعيت في القرآن الكريم بالامشاج، التي تُبيِّن حال النطفة وهيئتها. والخلاصة، يبدو أنّ تحقيق هذه الطائفة القليلة من محقّقي علوم الحياة أقرب إلی النظر؛ والعلم عند الله. تصریح الآیة القرآ نیة با لحرکة ا لجوهریة التی یقول بها صدر المتألهینأمّا في شأن الآية الثانية الدالّة بصراحة علی أساس الحركة في الجوهر علی كون النفس جسمانيّة الحدوث، وروحانيّة البقاء، فسنقوم ببحثها بصورة إجمإلیة: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَـ'نَ مِن سُلَـ'لَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَـ'هُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَـ'مًا فَكَسَوْنَا الْعِظَـ'مَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَـ'هُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَهُ أَحْسَنُ الْخَـ'لِقِينَ. [37] يقول الله تعالی في هذه الآيات: لقد خلقنا الإنسان من طين خالص. ومن هنا فإنّ الطين هو أصل خلقة الإنسان، ومعلوم أنّ الطين جسم، فحدوث الإنسان ـ إذاً ـ قد شرع من الطين وهو جسم. ثمّ إنّنا بعد خلق الإنسان من طين، جعلنا ذلك الإنسان الطينيّ نُطفة. ويلاحظ هنا أ نّه قد تحوّل إلی جسم أيضاً، إذ إنّ النطفة جسم. أي أنّ جسماً قد تبدّل في هذه المرحلة إلی جسم آخر. ثمّ إنّنا جعلنا النطفة علقةً، وفي هذه المرحلة أيضاً تبدَّل جسمٌ إلی جسمٍ آخر. ثمّ إنّنا جعلنا العلقة مُضغة من اللحم. وهنا أيضاً حصل تبدّل جسم إلی جسم آخر. ثمّ جعلنا تلك المُضغة عظاماً. وتتكرّر هنا مقولة تبدّل جسم إلی جسم آخر. ثمّ إنّ الله كسي العظام لحماً، فقال: ثمّ أنشأنا الإنسان خلقاً آخر. أي أ نّنا جعلنا هذا الإنسان الجسميّ روحانيّاً، فتبدّلت حقيقة هذه الاجسام المادّيّة إلی نفس إنسانيّة ناطقة. فالمادّة إذاً تُزاح جانباً في ثُمَّ أَنشأْنَـ'هُ خَلْقًا ءَاخَرَ، وتتبدّل تلك المادّة إلی نفس مجرّدة. ويحصل هذا التغيّر بواسطة الحركة الجوهريّة فقط، حيث تحرّك جوهر سلالة الطين فصار نطفةً، ثمّ تحرّكت النطفة في جوهرها فأضحت علقةً، ثمّ تحرّكت العلقة في جوهرها فغدت مُضغة، ثمّ تحرّكت المغضة في جوهرها فاستحالت عظاماً، ثمّ إنّ العظام المكسوّة باللحم تحرّكت في ذاتها وجوهرها فصارت نفساً ناطقة وروحاً آدميّة. وفي جميع هذه المراحل كانت هناك حركة الجوهر في المادّة، وها هي المادّة قد تحرّكت فبلغت مرحلة التجرّد ومرحلة الروح. ولقد عمد صدر المتأ لّهين الشيرازيّ، الفيلسوف والنابغة الذي دافع عن حِمي القرآن والفلسفة القرآنيّة منذ أربعمائة سنة وإلی يومنا هذا، والذي تصاغر أمامه أساطين الفكر، إلی الاستعانة بهذا البحر القرآنيّ العميق نظير هذه الآية التي كانت مدار بحثنا الحإلی، فدحض فلسفة إلیونان والمشّائين، وأبدع من بنات أفكاره فلسفة قائمةعلی أساس التعقّل والإشراق والشرع الانور المقدّس. ولقد أثبت في كتابه الرفيع « الاسفار »: النَّفْسُ جِسْمَانِيَّة الحُدُوثِ وَرُوحَانِيَّةِ البَقَاءِ. وسار الحكيم الجليل المفكّر، التلميذ المبرّز لمدرسة صدر المتأ لّهينعلی هذا النهج، فقال: النَّفْسُ فِي الحُدُوثِ جِسْمَانِيَّة وَفِي البَقَا تَكُونُ رُوحَانِيَّة وتبعاً لهذا الاساس، قال العطّار: تن زجان نبود جدا، عضوي ازوست جان ز كُلّ نبود جدا، جزوي ازوست [38] ومن هنا فإنّ ما يُستنتج من هذه الآية الكريمة، أنّ ما قاله الحكماء القدماء من: أنّ الإنسان اذا وُجد، فإنّ وجوده الجنينيّ يتحقّق في الوهلة الاُولي، إلی أن يصل إلی الحدّ الذي يصبح فيه مستعدّاً لولوج الروح، فيوجد الله تعالی النفس حينذاك بلا تأخير، فيجعلها تتعلّق بالمادّة من العالم العلويّ المجرّد؛ هو مقولة تخالف مضمون الآية المباركة السالفة الذكر. لقد كان القدماء يقولون: إنّ الإنسان مركّب من روح وبدن؛ أمّا الآية المباركة فلا تدلّعلی « التركيب »، بل تُصرِّح بـ « التبديل ». ويكفي في عظمة القرآن وجلاله أنّ فلاسفةً ـ من أمثال ابن سينا الذين حلّقوا في سماء الفكر لم يُدركوا هذه النكتة، فكانوا يقتفون في مؤلّفاتهم إلی ما قبل ألف سنة أثر القدماء القائلين بتركيب الإنسان من روح وبدن، حتّي أزاح هذا الفيلسوف الشيرازيّ الستار عن سرّ القرآن، وبرهنعلی الحركة الجوهريّة بأدلّة جليّة متينة اعتماداًعلی هذه الآية الهادية البليغة. يقول الشيخ الرئيس ابن سينا في مطلع قصيدته المشهورة بالقصيدة العينيّة الورقائيّة: هَبَطَتْ إلیكَ مِنَ المَحَلِّ الاَرْفَعِ وَرْقَاءُ ذَاتُ تَعَزُّزٍ وَتَمَنُّعِ مَحْجُوبَةٌ عَنْ كُلِّ مُقْلَةِ عَارِفٍ وَهْيَ الَّتي سَفَرَتْ وَلَمْ تَتَبَرْقَعِ [39] خلق الله تعالی جمیع الموجودات أزواجاومن الآيات القرآنيّة الكريمة التي تدعو إلی الالتفات إلی الموجودات الآفاقيّة، والتي ينبغي ـ حقّاً أن تُعدّ من معجزات القرآن، الآية التإلیة: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.[40] حيث إنّ هذه الآية صريحة في أنّ الله تعالی خلق من كلّ شيء زوجين اثنين، وأ نّه تعالی لم يخلق شيئاً فرداً لا زوج له. ويستنتج من عموميّة هذه الآية أنّ أمر خلق الزوجَين لا تختصّ بالإنسان والحيوانات، بل تتعدّي ذلك إلی النباتات والجمادات. وهو أمر يبدو مشكلاً في النظر العاديّ السطحيّ، إذ ليس هناك من معني لوجود زوجين في المطر والثلج والغيوم والصاعقة والريح والحجر والطين إلیابس والجواهر المعدنيّة. ولهذا فقد اكتفي بعض المفسّرين بالآية الواقعة في سورة يس التي تقول بأنّ الله تعالی خلق أزواجاً ممّا لا تعلمون: سُبْحَـ'نَ الَّذِي خَلَقَ الاْزْو جَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الاْرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ.[41] وباعتبار أنّ هؤلاء المفسّرين عدّوا معني الزوجين الذَّكَر والاُنثي، لذا فقد قالوا بوجود زوجين في الإنسان من ذكرو أُنثي «وَمِن أَنْفُسِهِمْ» وبوجود زوجين في الحيوانات، وفي النباتاتعلی أكثر تقدير، سواء في ذلك الاشجار أو الاعشاب؛ واستشهدواعلی وجود ذكر وأُنثي في جميع النباتات بالآية المباركة: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَـ'حَ لَوَ قِحَ[42]؛ حيث تعمل الرياحعلی نقل غبار الطلع من أزهار الاشجار الذكور ونشره في الفضاء، وإيصاله إلی الاشجار الإناث، فيحصل بذلك تلقيح تلك الاشجار وإثمارها. وأفضل مثال لذلك هو شجرة النخيل، التي ما لم تلقّح بطلع النخل «طَلْحٍ مَّنضُودٍ» فإنّها لن تُثمر. أمّا معني الزوج، فليس الذكر والاُنثي؛ كما أنّ معني الزوجين ليس مجموع الذكر والاُنثي، بل الزوج بمعني القرين المقابل. فكلّ ما يقع زوجاً لشيء، كالحصان المربوط إلی عربة النقل، وكفّة الميزان، وزجاجة النظّارات وأمثال ذلك يُدعي زوجاً، كما يُدعي كلاهما زوجين. وهذا هو المعني الحقيقيّ للزوج؛ وإذا ما استُعمل أحياناً بمعني الذكر والاُنثي، فبملاحظة حقيقة كونهما زوجاً، لانّ كلاّ من الذكر والاُنثي، أو الرجل والمرأة هو عِدْل للآخر. تفسیرآیة: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَأمّا وقد ثبت أمر وجود زوجين في جميع ذرّات عالم المادّة، فإنّ معني الآية الكريمة الشريفة: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، سيتّضح جليّاً. وبيان ذلك أنّ هناك في كلّ ذرّة من الذرّات نواة مجهريّة ذات شحنة كهربائيّة موجبة وتدعي « بروتون »، وفي أطرافها مجموعة من الإلكترونات الدوّارة ذات شحنة كهربائيّة سالبة. وباعتبار تساوي شحنة جميع الإلكترونات مع شحنة النواة، فإنّ الذرّة ستبقي في موضعها، لانّ الشحنتين الموجبتين والشحنتين السالبتين التي تشترك في الجنس تتنافر مع بعضها وتبتعد عن بعضها بتعجيل معيّن. أمّا الشحنة الموجبة المختلفة في الجنس مع الشحنة السالبة فتقترب منها لحصول التجاذب بينهما. وهذا العمل مشهود في تجارب الكرات المعلّقة ذات الشحنات الموجبة والسالبة. وبناءًعلی هذا فإنّ هناك قوي جذب وطرد في جميع الموجودات، حتّي في الشمس والسيّارات، وهذه الحركات المنظّمة قائمةعلی أساس هذا الجذب والطرد بين القوي اللذين أوجدا الزوجيّة فيها. وأوّل مَن أزاح الستار عن هذا السّر القرآنيّ، وأسفر للبشريّة عن جماله الذي يشغف القلوب هو أمير المؤمنين عليه السلام الذي أورد خطبة غرّاء بديعة في إثبات التوحيد، تحدّث فيها عن التجاذب والتنافر، وتآلف الاشياء وتفرّقها؛ واستند فيهاعلی هذه الآية المباركة. روي الشيخ الكلينيّ في كتاب « الكافي » عن محمّد بن أبي عبد الله مرفوعاً، عن أبي عبد الله عليه السلام خطبةً مفصّلة لامير المؤمنين عليه السلام يقول فيها: ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَإلیبْسَ بِالبَلَلِ، وَالخَشْنَ بِاللِّينِ، وَالصَّرْدَ بِالحَرُورِ؛ مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، وَمُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا؛ دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَی مُفَرِّقِهَا، وَبِتَإلیفِهَا عَلَی مُؤَلِّفِهَا؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالی: «وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ».[43] وفي هذه الخطبة الشريفة إشارة إلی أنّ جميع الموجودات لها حالتا تضادّ: فهي متآلفة حال افتراقها وتعاديها، ومفترقة حال اتّحادها وائتلافها؛ وهذا هو المراد من الزوجيّة الواردة في الآية الكريمة. أي أنّ المراد والمقصود من كلمة زَوْجَيْن هو التعادي والتآلف الموجود في كلّ ذرّة، وصولاً إلی السماوات والمنظومة الشمسيّة والمجرّات. تدور الإلكترونات حول النواة المركزيّة التي تضمّ البروتونات؛ فتكون النواة بمنزلة زوج، والإلكترونات الدائرة الزوج الآخر؛ وتركيب الاجسام إنّما يحصل من هذه الازواج. ونظم وترتيب وحركة جميع المنظومة الشمسيّة قائمعلی هذا الاساس. فهي في حال تآلفها، دالّة بالافتراق الحاصل بينهاعلی الله المفرّق بينها، لانّ التآلف إن كان طبيعةً لها، لما حصل بينها تنافر وافتراق، فـ الطَّبِيعَةُ لاَ تَتَغَيَّرُ وَلاَ تَتَثَنَّي. وهي حال افتراقها، دالّة بالتآلف بينهاعلی الله تعالی المؤلّف بنفس الدليل، ولذلك فإنّ الله سبحانه هُوَ المُؤَلِّفُ وَالمُفَرِّقُ. ولقد ترنّم ثامن الحجج عليّ بن موسي الرضا عليه السلام بهذه العبارات، واستشهد بهذه الآية في خطبة أنشأها في حضور المأمون. يروي الشيخ الصدوق في كتابه « التوحيد » بسنده المتّصل عن محمّد ابن يحيي بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: سمعتُ أبا الحسن الرضا عليه السلام يتكلّم بهذا الكلام عند المأمون في التوحيد. قال ابن أبي زياد: ورواه لي أيضاً أحمد بن عبدالله العلويّ مولي لهم وخالاً لبعضهم عن القاسم بن أيّوب العلويّ أنّ المأمون لمّا أراد أن يستعمل الرضا عليه السلامعلی هذا الامر، جمع بني هاشم فقال: إنّي أُريد أن استعمل الرضاعلی هذا الامر من بعدي، فحسده بنو هاشم [44] وقالوا: أتولّي رجلاً جاهلاً ليس له بصر بتدبير الخلافة؟! فابعثْ إلیه رجلاً يأتنا فنري من جهله ما يُستدلّ به عليه، فبعث إلیه فأتاه، فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن! اصعد المنبر وانصِبْ لنا عَلَماً نعبد الله عليه! فصعد عليه السلام المنبَر، فقعد مليّاً لا يتكلّم مُطرقاً، ثمّ انتفض انتفاضةً واستوي قائماً، وحمد الله وأثني عليه وصلّيعلی نبيّه وأهل بيته. ] ثمّ أورد خطبة مفصّلة جمعت أسرار التوحيد وعجائب أدلّة الحضرة الاحديّة، غدت حقّاً جوهرة متلالئة في كتاب التوحيد، وكان أوّل كلامه، قوله: [ أَوَّلُ عِبَادَةِ اللَهِ مَعْرِفَتُهُ؛ وَأَصْلُ مَعْرِفَةِ اللَهِ تَوْحِيدُهُ؛ وَنِظَامُ تَوْحِيدِ اللَهِ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ. حتّي يصل إلی هذه الجملات: وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الاُمُورِ عُرِفَ أَنْ لاَ قَرِينَ لَهُ. ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ، وَالجِلاَيَةَ بِالبُهْمِ، وَالجَسْوَ بِالبَلَلِ، وَالصَّرْدَ بِالحَرُورِ. مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا، مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا، دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلَی مُفَرِّقِهَا، وَبِتَإلیفِهَا عَلَی مُؤَلِّفِهَا؛ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» الخطبة.[45] معنی« زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ » فی« وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ»وينبغي العلم أنّ « زوجين » الواردة في الآية مورد البحث، هي غير « زوجين » الواردة في سورة الرعد: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الاْرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَ سِيَ وَأَنْهَـ'رًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَ تِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي إلیلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَ لِكَ لاَيَـ'تٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.[46] قال سماحة الاُستاذ قدّس الله سرّه في تفسير زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ في هذه الآية: أي: ومن جميع الثمرات الممكنة الكينونة، جعل في الارض أنواعاً متخالفة، نوعاً يُخالف آخر، كالصيفي والشتوي، والحلو وغيره، والرطب وإلیابس. هذا هو المعروف في تفسير « زوجين اثنين »؛ فالمراد بالزوجين: الصنف يخالفه صنفٌ آخر، سواء كانا صنفَين لا ثالث لهما أم لا، نظير ما تأتي فيه التثنية للتكرير، كقوله تعالی: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ[47]، أُريد به الرجوع كرّةً بعد كرّة وإن بلغ من الكثرة ما بلغ. ثمّ قال: وقال في « تفسير الجواهر » في قوله زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ: جعل فيها من كلّ أصناف الثمرات زوجين اثنين ذكر وأُنثي في أزهارها عند تكوّنها، فقد أظهر الكشف الحديث أنّ كلّ شجر وزرع لا يتولّد ثمره وحبّه إلاّ من بين اثنين ذكر وأُنثي. فعضو الذكر قد يكون مع عضو الاُنثي في شجرةٍ واحدة كأغلب الاشجار، وقد يكون عضو الذكر في شجرة والآخر في شجرة أُخري كالنخل، وما كان العضوان فيه في شجرة واحدة إمّا أن يكونا معاً في زهرةٍ واحدة، وإمّا أن يكون كلّ منهما في زهرة وحده، والثاني كالقرع، والاوّل كشجرة القطن، فإنّ عضو التذكير مع عضو التأنيث في زهرة واحدة. ثمّ يرد الاُستاذعلی هذا الكلام فيقول: وما ذكره وإن كان من الحقائق العلميّة التي لاغبار عليها، إلاّ أنّ ظاهر الآية الكريمة لا يساعد عليه، فإنّ ظاهرها أنّ نفس الثمرات زوجان اثنان، لا أ نّها مخلوقة من زوجين اثنين، ولو كان المراد ذلك لكان الانسب به أن يقال: وَكُلُّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا مِنْ زَوْجَيْنِ اثْنَينِ. ثمّ قال: نعم، لا بأس أن يستفاد ذلك من مثل قوله تعالی: سُبْحَـ'نَ الَّذِي خَلَقَ الاْزْوَ جَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الاْرْضُ.[48] وقوله: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ. [49] وقوله: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. [50] يقول الحقير: استفادة معني الذكر والاُنثي من الآيتين الاُولتين استفادة جيّدة، أمّا في الآية الاخيرة التي كانت مورد بحثنا، والتي شاهدنا عموميّتها من قوله تعالی وَمِن كُلِّ شَيْءٍ، فإنّ حصر ذلك في النباتات والاشجار أمر غير مناسب، وعلي الاخصّ مع الروايتين الرفيعتي المضمون اللتين عمّمتا ذلك لكلّ شيء من الموجودات المادّيّة والطبيعيّة، حيث انتفي معهما كلّ شبهة وإشكال. إرجاعات [1] ـ الآية 41، من السورة 17: الاءسراء. [2] ـ مقطع من الآية 27، من السورة 46: الاحقاف. [3] ـ مقطع من الآية 113، من السورة 20: طه. [4] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 13، ص 110 و 111. [5] ـ الآيتان 53 و 54، من السورة 41: فصّلت. [6] ـ يقول: «الحبيب أقرب إليّ من نفسي، وأعجب من ذلك أنّي عنه بعيد. فما العمل والحيلة؟ مع أ نّه يُمكن القول إنّ الحبيب في كياني وأنا مُبعد مهجور». [7] ـ «شرح الغرر والدرر» ج 2، ص 48، طبعة دانشگاه ( = الجامعة). [8] ـ يقول: «ليس هناك مِن حجاب يا «سعدي»، فاجْلِ المرآة؛ إذ أ نّي للمرآة الصَّدِئة أن تُظهر جمال الحبيب؟». [9] ـ يقول في العجز: «مَن سواك في الانفس والآفاق؟». [10] ـ يقول في البيت الثالث وما بعده: «أنت النور، وكلا العالمين ظلّ؛ والظلّ معدنٌ لظهورك. فاقلعْ من قلبي لفظ «نحن» و«أنا»، وأمحُ ما سواك وكُن وحدك في القلب. ومَن هو الغير يا تري؟ ومَن سواك في القلب؟ إذ السير هنا منك وإليك. في البدء كان منك سيْر الرجال، وفي النهاية إليك تنزع الآمال». [11] ـ «مجالس المؤمنين» ص 284، المجلس السادس، الطبعة الحجريّة. [12] ـ الآية 60، من السورة 3: آل عمران. [13] ـ الآية 23، من السورة 21: الانبياء. [14] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 3، ص 232 و 233. [15] ـ نقل مؤلّف كتاب «ارتباط إنسان و جهان» (= علاقة الاءنسان بالعالم) ج 3، ص 100، عن سقراط الحكيم ما يشبه هذه القول، ثم قال: «وكان سقراط الذي ولد سنة 470 قبل ميلاد المسيح من رؤساء الفلاسفة المتأ لّهين القدماء، وكان أعظم فيلسوف جعل البحث في النفس الاءنسانيّة في المرحلة الاُولي من مراحل الفكر والفلسفة. وكانت آخر كلماته في تعليم تلامذته بعد تناوله السمّ: أعرفْ نفسك لتعرف كلّ الطبيعة وماوراء الطبيعة! ويقول مؤلّف كتاب «راه سعادت» (= طريق السعادة) ص 63: «يقول سقراط: لا تتعب نفسك عبثاً في معرفة الموجودات الجامدة التي لا روح لها؛ بل اعرف نفسك، لانّ معرفة النفس الاءنسانيّة هي أعلی من معرفة أسرار الطبيعة». [16] ـ صدر الآية 2، من السورة 6: الانعام. [17] ـ صدر الآية 54، من السورة 25: الفرقان. [18] ـ الآية 28، من السورة 15: الحجر. [19] ـ الآية 14، من السورة 55: الرحمن. [20] ـ ذيل الآية 11، من السورة 37: الصافّات. [21] ـ صدر الآية 59، من السورة 3: آل عمران. [22] ـ صدر الآية 11، من السورة 35: فاطر. [23] ـ الآيتان 5 و 6، من السورة 86: الطارق. [24] ـ الآيتان 36 و 37، من السورة 75: القيامة. [25] ـ الآيتان 7 و 8، من السورة 32: السجدة. [26] ـ الآية 2، من السورة 96: العلق. [27] ـ الآية 37، من السورة 21: الانبياء. [28] ـ صدر الآية 54، من السورة 30: الروم. [29] ـ صدر الآية 6، من السورة 39: الزمر. [30] ـ صدر الآية 2، من السورة 76: الاءنسان. [31] ـ الآية 12، من السورة 23: المؤمنون. [32] ـ الآية 2، من السورة 76: الاءنسان. [33] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 20، ص 209 و 210. [34] ـ «الجواهر في تفسير القرآن الكريم» للشيخ الطنطاويّ الجوهريّ، ج 24، ص 320. [35] ـ «الجواهر في تفسير القرآن الكريم» للشيخ الطنطاويّ الجوهريّ، ج 24، ص 323 و 324. [36] ـ يقول مؤلّف «لغت نامة دهخدا» (= المعجم اللغويّ دهخدا) في كتابه: «الكروموسومات (chromosomes) قطعات منظّمة داخل نواة الخلايا. وتنقسم سلاسل الكروماتين داخل نواة الخليّة في المرحلة الاُولي انقساماً غير مباشر Kinese) Karyo أو (Mitose إلي قطعات قصيرة وسميكة منظّمة، يُدعي كلٌّ منها كروموسوماً. وعدد الكروموسومات في الحيوانات والنباتات عدد غير كبير، ويمكن معرفته بسهولة. وهذا العدد ثابت في كلّ جنس من أجناس النبات (والحيوان)». [37] ـ الآيات 12 إلي 14، من السورة 23: المؤمنون. [38] ـ «شرح المنظومة السبزواريّة» ص 298، طبعة ناصري، في حاشية غرر النفس الناطقة. يقول: «ليس البدن منفصلاً عن الروح، بل هو عضوٌ منها؛ وليست الروح منفصلة عن الكلّ، بل هي جزء منه». [39] ـ وردت هذه القصيدة بتمامها في «لغت نامة دهخدا» مادّة «أبوعلي سينا» ص 653؛ وذكرها أيضاً الدكتور ذبيح الله صفا في كتاب «جشن نامة ابن سينا» ج 1، ص 116 و 117. [40] ـ الآية 49، من السورة 51: الذاريات. [41] ـ الآية 36، من السورة 36: يس. [42] ـ صدر الآية 22، من السورة 15: الحجر. [43] ـ «أُصول الكافي» ج 1، ص 139. [44] ـ المراد ببني هاشم هنا خصوص بني العبّاس، إذ ينقسم بنو هاشم إلي فرقتين، هما: العبّاسيّون والعلويّون. ومخالفو حكومة الاءمام الرضا عليه السلام هم أقارب المأمون من بني العبّاس وليس العلويّون. [45] ـ «التوحيد» للصدوق، ص 34 و 37 و 38. [46] ـ الآية 3، من السورة 13: الرعد. [47] ـ الآية 4، من السورة 67: الملك. [48] ـ الآية 36، من السورة 36: يس. [49] ـ مقطع من الآية 10، من السورة 31: لقمان. [50] ـ «الميزان في تفسير القرآن» ج 11، ص 320 و 321، والآية هي 49، من السورة 51: الذاريات. |
|
|