|
|
المراد من الأحرف السبعة لیس القراءات السبعويجب أن نبحث في هذا المجال في حديثين مشهورَين: أوّلهما: ما ورد في الحديث النبويّ: إنَّ هَذَا القُرآنَ أُنزِلَ عَلَی سَبْعَةٍ أَحْرُفٍ. وثانيهما: ما ورد عن الائمّة عليهم السلام: اقْرَأْ كَمَا يَقْرَأُ النَّاسُ. لقد بحث سماحة الاُستاذ الاكرم آية الله الخوئيّ مدّ ظلّه الشريف في تفسير « البيان » حول سند ومضمون الحديث الاوّل بالتفصيل. وقد قام أوّلاً ببحث ما تصوّره البعض خطأً من أنّ الاحرف السبعة التي نزل بها القرآن هي القراءات السبع، ثمّ تعرّض لبحث أمر عدم صحّة روايات الاحرف السبعة. أمّا في شأن الامر الاوّل فيقول: إنّ ذلك شيء لم يتوهّمه أحدٌ من العلماء المحقّقين... والاولي أن نذكر كلام الجزائريّ في هذا الموضع: قال: لم تكن القراءات السبع متميّزة عن بعضها، حتّي قام الإمام أبو بكر أحمد ابن موسي بن العبّاس بن مجاهد ـ وكانعلی رأس الثلاثمائة ببغداد فجمع قراءات سبعة من مشهوري أئمّة الحرمين ( مكّة والمدينة ) والعراقين ( البصرة والكوفة ) والشام، وهم: نافع، و عبد الله بن كثير، و أبو عمرو بن العلاء، و عبد الله بن عامر، و عاصم، و حمزة، وعلی الكسائيّ. وقد توهّم بعض الناس أنّ القراءات السبع هي الاحرف السبعة، وليس الامر كذلك... وقد لام كثيرٌ من العلماء ابن مجاهد علی اختياره عدد السبعة، لما فيه من الإيهام.... قال أحمد بن عمّار المهدويّ: لقد فعل مُسبّع هذه السبعة ما لا ينبغي له، وأشكل الامرعلی العامّة بإيهامه كلّ من قلّ نظره أنّ هذه القراءات هي المذكورة في الخبر، وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليُزيل الشبهة.... وقال الاُستاذ إسماعيل بن إبراهيم بن محمّد القرّاب في « الشافي »: التمسّك بقراءة سبعة من القرّاء دون غيرهم ليس فيه أثر ولا سُنّة، وإنّما هو من جمع بعض المتأخّرين، لم يكن قرأ بأكثر من السبع، فصنّف كتاباً وسمّاه كتاب السبعة، فانتشر ذلك في العامّة.... وقال الإمام أبو محمّد مكّي: قد ذكر الناس من الائمّة في كتبهم أكثر من سبعين ممّن هو أعلي رتبةً وأجلّ قدراً من هؤلاء السبعة... فكيف يجوز أن يظنّ ظانٌّ أنّ هؤلاء السبعة المتأخّرين، قراءة كلّ واحد منهم أحد الاحرف السبعة المنصوص عليها ـ هذا تخلّف عظيم ـ أكان ذلك بنصّ من النبيّ صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم أم كيف ذلك!! وكيف يكون ذلك؟[1] و الكسائيّ إنّما أُلحق بالسبعة بالامس في أيّام المأمون وغيره ـ وكان السابع يعقوب الحضرميّ فأثبت ابن مُجاهد في سنة ثلاثمائة ونحوها الكسائيّ موضع يعقوب.[2] وقال الشرف المرسيّ: وقد ظنّ كثير من العوامّ أنّ المراد بها ـ الاحرف السبعة القراءات السبع، وهو جهلٌ قبيح.[3] وقال القرطبيّ: قال كثيرٌ من علمائنا كالداوديّ وابن أبي سفرة وغيرهما: هذه القراءات السبع التي تُنسب لهؤلاء القرّاء السبعة ليست هي الاحرف السبعة التي اتّسعت الصحابة في القراءة بها، وإنّما هي راجعة إلی حرفٍ واحد من تلك السبعة، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف. ذكره ابن النَّحَّاس وغيره. وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أُولئك الائمّة القرّاء. [4] وتعرّض ابن الجزريّ لإبطال توهّم مَن زعم أنّ الاحرف السبعة التي نزل بها القرآن مستمرّة إلی إلیوم فقال: وأنت تري ما في هذا القول، فإنّ القراءات المشهورة إلیوم عن السبعة والعشرة، والثلاثة عشر بالنسبة إلی ما كان مشهوراً في الاعصار الاُوَل، قُلٌّ من كُثر، ونزر من بحر؛ فإنّ من له اطّلاععلی ذلك يعرف علمه العلم إلیقين، وذلك أنّ القرّاء الذين أخذوا عن أُولئك الائمّة المتقدّمين من السبعة وغيرهم كانوا أُمماً لا تُحصي، وطوائف لا تُستقصي، والذين أخذوا عنهم أيضاً أكثر وهلمّ جرّاً. فلمّا كانت المائة الثالثة، واتّسع الخرق وقلّ الضبط، وكان علم الكتاب والسنّة أوفر ما كان في ذلك العصر، تصدّي بعض الائمّة لضبط ما رواه من القراءات، فكان أوّل إمام معتبر جمع القراءات في كتاب أبو عُبَيد القاسم بن سلام، وجعلهم ـ فيما أحسب ـ خمسة وعشرين قارئاً مع هؤلاء السبعة... ثمّ ذكر ابن الجزري جماعة ممن كتب في القراءة. [5] قال أبو شامة: وظنّ قومٌ أنّ القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أُريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبةً، وإنّما يظنّ ذلك بعضُ أهل الجهل. [6] رفض مقولة: نزل القرآن علی سبعة أحرفوأمّا في أمر عدم صحّة إسناد هذه الروايات، فقد أورد بحثاً ناقش فيه إحدي عشرة رواية وردت عن طريق العامّة، ثمّ قال: هذه أهمّ الروايات التي رويت في هذا المعني، وكلّها من طرق أهل السنّة، وهي مخالفة لصحيحة زرارة عن أبي جعفر ( الباقر ) عليه السلام، قال: إنَّ القُرْآنَ وَاحِدٌ نَزَلَ مِنْ عِنْدِ وَاحِدٍ؛ وَلَكِنَّ الاختِلاَفَ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِ الرُّوَاةِ. وقد حكم الإمام الصادق عليه السلام بكذب الرواية المشهورة بين الناس في قولهم: نَزَلَ القُرآنُ عَلَی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وقال... وَلَكِنَّهُ نَزَلَ عَلَی حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْ عِنْدِ الوَاحِدِ. [7] ثمّ قال: وقد تقدّم إجمالاً أنّ المرجع بعد النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم في أُمور الدين، إنّما هو كتاب الله وأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ـ وسيأتي توضيحه مفصّلاً بعد ذلك إن شاء الله تعالی ولا قيمة للروايات إذا كانت مخالفةً لما يصحّ عنهم. ولذلك لا يهمّنا أن نتكلّم عن أسانيد تلك الروايات.[8] وكانت الرواية الثامنة من الروايات الإحدي عشرة التي ذكرها عن طريق العامّة هي: ... عن أبي هريرة أ نّه قال: قال رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم: إنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَأُوا وَلاَ حَرَجَ؛ وَلَكِنْ لاَ تَخْتِمُوا ذِكْرَ رَحْمَةٍ بِعَذَابٍ، وَلاَ ذِكْرُ عَذَابٍ بِرَحْمَةٍ. [9] وكانت الرواية العاشرة منها هي: وأخرج عن سعيد بن يحيي، بإسناده عن عاصم، عن زرّ، عن عبد الله بن مسعود، قال: تَمَارَيْنَا فِي سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ، فَقُلْنَا: خَمْسٌ وَثَلاَثُونَ، أَوْ سِتٌّ وَثَلاَثُونَ آيَةً. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا إلَی رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ فَوَجَدْنَا عَلِيَّاً يُنَاجِيهِ. قَالَ: فَقِلْنَا: إنَّمَا اخْتَلَفْنَا فِي القِرَاءَةِ. قَالَ: فَاحْمَرَّ وَجْهُ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلاَفِهِمْ بَيْنَهُمْ. قَالَ: ثُمَّ أَسَرَّ إلَی عَلِيٍّ شَيْئاً. فَقَالَ لَنَاعلی: إنَّ رَسُولَ اللَهِ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقْرَأُوا كَمَا عُلِّمْتُمْ. [10] ويذكر في تفسير وبيان مضمون هذه الطائفة من الروايات وجوهاً عشرة من كتب أهل السنّة، ثمّ يفنّد كلّ وجه من تلك الوجوه ويعتبره غير صحيح، ثمّ يعتبر في الخاتمة ـ كما سبق ذكره ـ أصل الروايات مرفوضاً. أمّا في نظر الحقير، فبناءًعلی أنّ كثرة القراءات في زمن رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم هيأمر مسلّم كما ذكرنا، وأنّ الشكّ لا يعترينا ـ وفقاً للسيرة النبويّة القطعيّة أنّ النبيّ كان قد أقرّ بعض تلك القراءات، فإنّ الوجه الثامن الذي ذكره القاضي عياض ومَن تبعه ـعلی فرض تسليم سند الروايات سيعدّ وجهاً مناسباً. والوجه الذي ذكره القاضي عياض هو: أنّ لفظ السبعة يُراد منه الكثرة في الآحاد ( وليس عدد السبعة ) كما يُراد من لفظ السبعين والسبعمائة الكثرة في العشرات والمئات.[11] وعلي هذا الاساس، فإنّ رسول الله قد أراد القول بأنّ القرآن قد نزل عليه بقراءات مختلفة، وأنّ أيّ طريق يصدر عنه ويقرّه يعدّ طريقاً صائباً وصحيحاً. كان هذا هو بحثنا في شأن الرواية الاُولي: إنّ القُرْآنَ نَزَلَ عَلَی سَبْعَةِ أُحْرُفٌ. فی حدیث: اقرأ القرآن کما یقرأ الناسوأمّا الرواية الثانية التي وردت عن المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين: إِقْرَأْ كَمَا يَقْرَأُ النَّاسُ؛ وورد أيضاً: اقْرَأُوا كَمَا تَعَلَّمْتُمْ. [12] فإنّهما يعنيان أنّ إمضاءً قد حصل بشكل قطعيّ مسلّم من الائمّة عليهم السلام للقراءات المشهورة المعروفة في زمنهم، وأ نّهم قد أمروا شيعتهم باتّباع تلك القراءات. ولم يصلنا ردع أو منع منهم، إذ لو صدر عنهم شيء من ذلك فرضاً لوصلنا حتماً. ولذلك فإنّ من الجائز قراءة القرآن تبعاً لايّة قراءة من القراءات المتواترة، سواء في ذلك القراءات السبع أو العشر. أجل، يُعتبر في الجواز، كما حُكي عن الثقات من علماء السنّة، إلاّ أن تكون تلك القراءة شاذّة أو مختلقة. ونعني بالقراءة الشاذّة أمثال قراءة مَلَكَ يَـوْمَ الدِّينِ بصـيغة الماضـي ونصـب كلمـة « يـوم »؛ أمّا المـوضـوع والمختلَق فمن أمثال قراءة: إِنَّما يَخْشَي اللَهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ، برفع كلمة اللَهُ ونصب كلمة العلماءَ حسب قراءة الخزاعيّ عن أبي حنيفة.[13] لكنّ هناك بحثاً في هذا الحديث، إذ كيف يمكن تعبّداً جعل قراءة القرآن تبعاً لقراءة الناس، مع أنّ ثبوت القرآن يجب أن يكون عن علم ويقين وتواتر، وليس بالتعبّد. ونقول هنا: إنّ ثبوت القرآن يجب أن يحصل بالتواتر، وكما سبق أن ذكرنا مفصّلاً، فإنّ مادّة القرآن وهيئته، أي متنه وعرضه من إعراب وحركات، يجب أن تكون قطعيّة يقينيّة. وفي هذه الحال فإنّ التعبّد لن ينفع، ولو بألف خبر ورواية. ولن يكون بإمكان خبرٍ ما، ولو كان صحيح السند وفي الحدّ الاعلي من الصحّة، أن ينفع شيئاً في هذه الحال. لكنّ كلامنا هنا هو أ نّنا لا نغضّ الطرف عن الاخبار المشكوكة تمسّكاً منّا بالقرآن، بل إنّ أئمّتنا عليهم السلام لمّا أمروا شيعتهم في كلّ عصر بإلیقين وبالقراءات المتواترة، وهي نفس القراءات المشهورة المتداولة بين الناس، ولما كان العلم وإلیقين قد حُصل عليهما عن طريق القرّاء، فإنّ الامر بقراءة القرآن بهذه القراءات هو إرشاد إلی أمر مسلّم وضروريّ في تحصيل إلیقين، وليس تعبّداً وتكليفاً بأمرٍ مشكوك. إنّ الائمّة عليهم السلام لم يختاروا لانفسهم قراءة غير القراءات المعروفة المشهورة، ولم يدعوا شيعتهم إلی غير هذا الطريق، وإلاّ لعُرف ذلك الطريق واشتهر، ولامتازت قراءة الشيعة عن قراءة غيرهم، ولبلغنا ذلك الطريق. لكنّنا نري أنّ قراءة بعض الشيعة من أمثال أبان بن تغلب[14] التي كانت خلافاً للمشهور قد ضاعت واندثرت. وندرك من خلال ذلك أنّ الردّ إلی المشهور وإلی القراءة المعروفة التي طريقها إلیقين والتواتر هو أمر مسلّم وضروريّ في كلّ عصر. وبناءًعلی ذلك، فإنّنا ـ قبل الامر بـ: اقْرَأْ كَمَا يَقَْرأُ النَّاسُ قد عملنا بقراءات القرّاء السبعة وبقراءات أُخري كقراءات خلف ويعقوب وأبي جعفر، لا نّنا وجدناها متواترة، كما أنّ العمل بمضمون هذا الحديث هو ممّا ثبت لدينا بالتواتر. ولو قيل: إنّ قراءات أُخري كانت في زمن الائمّة عليهم السلام، كقراءة أُبـيّ بن كعب وقراءة عبد الله بن مسعود وغيرهما، وينبغي أن تكون قراءة القرآن وفقاً لهذه القراءات أمراً ممكناً حسب مضمون الخبر، فإنّ جوابه سيكون: أنّ تلك القراءات قد سقطت عن حدّ التواتر، وأضحت نادرةً بحيث إنّ نقل القرّاء لها لم يكن بالذي يوجب لدينا علماً بصدورها. ولو قيل: إنّ هؤلاء القرّاء كانوا من المخالفين أو من الفاسقين! لاُجيب: بأنّ خلافهم لم يثبت لدينا، وكذا الحال بالنسبة إلی فسقهم. والوثوق كافٍ في قبول الخبر، ولو صدر من غير الشيعيّ الإماميّ. والخبر الموثّق في حكم الخبر الصحيح حائز لشرائط الحجّيّة؛ مضافاً إلی أنّ العدالة والإيمان ليسا في التواتر، لانّ التواتر الحاصل عن أيّ طريق هو حجّة عقليّة. كان هذا خلاصة كلامنا في باب تواتر القراءات، وقد فصّلنا القول فيه بعض الشيء لئلاّ يروج من جَديد كلام بعض الإخباريّين الذين لا يفهمون إلاّ التعبّد، حتّي في الاُمور إلیقينيّة والقطعيّة، والذين يقدّمون الخبر ـ مهما كان ظنّيّاً علی مائة دليل عقليّ؛ ولئلاّ يضيع كلام أعاظم فقهائنا في طيّات النسيان. الروایات المتظافرة للشیعة والعامة فی أن البسملة جزء من السورةويجب أن نذكر في هذا المجال جُملةً من المطالب بعنوان تنبيهات: التنبيه الاوّل: ورد في كتب الشيعة الفقهيّة روايات كثيرة عن الائمّة عليهم السلام تقومعلی أنّ البسملة: بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ هي جزء من كلّ سورة من السور عدا سورة براءة. وقد جري بحث هذا الموضوع مفصّلاً في بحث القراءة من كتاب الصلاة في « جواهر الكلام » و « مصباح الفقيه »، وعدّت قراءة سورة الحمد وسائر سور القرآن بدون ذكر هذه الآية قراءة غير مُجزية. حتّي أنّ هناك رواية عن الإمام الصادق عليه السلام يقول فيها: قَاتَلَهُمُ اللَهُ! عَمَدُوا إلَی أَعْظَمِ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَهِ؛ فَتَرَكُوهَا وَزَعَمُوا أَ نَّهَا بِدْعَةٌ. ونرغب هنا أن ننوّه بأنّ السيوطيّ قد ذكر في كتابه « الإتقان » أحاديث كثيرة عن طريق أهل السنّة جاء فيها أنّ بِسْمِ اللَهِ الرَّحَْمـ'نِ الرَّحِيمِ من القرآن، وأ نّها آية من آيات السور. وهذه الروايات كثيرة وجديرة بالتأمّل، ومضمونها مطابق لما أجمع عليه الشيعة، مثل ما أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم عن أُمّ سلمة أنّ رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم كان يُقَطِّع قراءته آيةً آية: بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَهِ رَبِّ الْعَـ'لَمِينَ الحديث. وفيه: وَعَدَّ «بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ» آيَةً؛ وَلَمْ يَعُدَّ عَلَيْهِمْ [15]، ( أي أنّ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم كان يعدّ بسم الله الرحمن الرحيم آية، ولا يعدّ غير المغضوب عليهم آيةً أُخري ). وفي هذه العبارة نكتة دقيقة يؤيّدها مذهب الشيعة والذين يعتبرون البسملة جزءاً من السورة، وبيان ذلك أنّ من المسلّم أنّ سورة الحمد هي سورة السَّبْعُ المَثَانِي، سواء عن طريق الشيعة أم عن طريق العامّة، أي أنّ آياتها سبع آيات، وأ نّها أُنزلتعلی النبيّ مرّتين. فإن عددنا بسم الله الرحمن الرحيم آيةً مستقلّة، أضحت آيات هذه السورة سبع آيات. أمّا لو لم نعتبرها آية، لاضحت آياتها الباقية ستّاً ولما انطبق في حقّها اسم السَّبعُ المثاني. ولقد لجأ المخالفون ـ فراراً من هذا الإشكال ـ إلی تجزئة آية: صِرَ طَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّـا´لِّينَ، فقالوا إنّ بداية الآية إلی قوله تعالی أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ هي آية، وإنّ التتمّة هي آية أُخري، من أجل إكمال عدد السبعة. ومن البديهيّ أنّ هذا العمل خطأ، لانّ جملة غير المغضوب عليهم هي صِفة إلی الَّذِين، ولا فاصلة بين الصفة والموصوف. المعوذتان سورتان من القرآنالتنبيه الثاني: جاء عن طريق أهل البيت أنّ مصحف ابن مسعود كان خإلیاً من المُعَوِّذَتَيْنِ ( بكسر الواو، وهما السورتان اللتان ورد فيها التعويذ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، و: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ). حيث يقول ابن مسعود: إنّ الحَسَنَيْنِ عليهما السلام مرضا، فهبط جبرائيل بهاتين السورتين ليعوّذهما بهما، فعوّذهما وعلّق المعوّذتين عليهما فشفيا. أمّا ما ورد في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام وسائر المصاحف والقراءات، فهو أ نّهما سورتان من القرآن نزلتاعلی النبيّ ضمن ما نزل عليه من القرآن، وختْم القرآن بدونهما يُعدّ ناقصاً. ولا منافاة لتعويذ رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم مع كونهما من القرآن، إذ يمكن أن يكون النبيّ الاكرم قد عَوّذ بهما بتعليم من جبرائيل. يقول العلاّمة الحلّيّ في « التذكرة »: وَالمُعَوِّذَتَانِ مِنَ القُرْآنِ، يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ بِهِمَا. ولاَ اعْتِبَارِ بِإنْكَارِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلشُّبْهَةِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَوِّذُ بِهِمَا الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ؛ إذْ لاَ مُنَافَاةَ، بَلِ القُرْآنُ صَالِحٌ لِلتَّعْوُّذِ بِهِ لِشَرَفِهِ وَبَرَكَتِهِ. وَقَالَ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اقْرَاَ المُعَوِّذَتَيْنِ فِي المَكْتُوبَةِ. وَصَلَّي المَغْرِبَ فَقَرَأَهُمَا فِيهَا». [16] ويقول السيوطيّ في « الإتقان »: ومن المشكلعلی هذا الاصل ( أصل التواتر ) ما ذكره الإمام فخر الدين ( الرازيّ ). قال: نُقِل في بعض الكتب القديمة أنّ ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفَاتِحَة والمُعَوِّذَتَيْنِ من القرآن؛ وهو في غاية الصعوبة. لا نّا إن قلنا: إنّ النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بكون ذلك من القرآن، فإنكاره يوجب الكفر. وإن قلنا: لم يكن حاصلاً في ذلك الزمان، فيلزم أنّ القرآن ليس بمتواتر في الاصل. قال ( الفخر الرازيّ ): والاغلبعلی الظنّ أنّ نقل هذه المذاهب عن ابن مسعود نقل باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة. إلی أن يقول السيوطيّ: قال ابن حَزْم في « المحلّي »: هذا كذبعلی ابن مسعود وموضوع، وإنّما صحّ عنه قراءة عاصم عن زُرعة، وفيهما المعوّذتان والفاتحة. وقال ابن حَجَر في شرح « صحيح البُخاريّ »: قد صحّ عن ابن مسعود إنكار ذلك، فأخرج أحمد ( بن حنبل ) و ابن حِبَّان عنه أ نّه كان لا يكتب المعوّذتين في مصحفه. وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند، والطبرانيّ وابن مردويه من طريق الاعمش عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعيّ، قال: كان عبد الله بن مسعود يحكّ المعوّذتين من مصاحفه، ويقول: إنّهما ليستا من كتاب الله. [17] فكيف يمكن نفي هذه النسبة عن ابن مسعود مع شهادات هؤلاء الاعلام، وستر الحقيقة بمجرّد الادّعاء بأنّ هذا النقل عنه مكذوب عليه؟! إلیس هذا الادّعاء نفسه كذباً وجعلاً؟ وإنّني مهما أمعنت النظر، وجدت أنّ هذه المشكلة التي سمّاها فخر الدين الرازيّ بالعُقدة والمشكلة العويصة ليست مشكلة قطّ، بل هي أسهل وأيسر من شرب الماء القُراح. لانّ اعتقاد ابن مسعود بعدم كون المعوّذتين من القرآن لا يشكّل ضرراً بتواتر القرآن لدي سائر الصحابة. فالقرآن بأجمعه ـ ومن ضمنه هاتان السورتان كان متواتراً لدي الجميع، بل بعدد أعلي من عدد التواتر. ويبدو أنّ ذلك الامر كان شبهة لدي ابن مسعود. افرضوا أنّ شأن ابن مسعود هو شأن الكثير الذين لم يبلغهم شيء من القرآن أصلاً إلی أن ارتحل رسول الله، وأنّ هاتين السورتين لم تطرقا سمعه، إذ إنّ ذلك لا يُلحق ضرراً ما، بل يرد الإشكال حين يكون ابن مسعود بمفرده مؤثّراً في تكميل نصاب الافراد الذين لا ينعقد التواتر إلاّ بتمامهم. التنبيه الثالث: يقول السيوطيّ: وممّا يشبه هذا التقسيم الذي لاهل الحديث، تقسـيم القرّاء أحوال الإسـناد إلی قراءة ورواية وطريق ووجه. فالخلاف إن كان لاحد الائمّة السبعة أو العشرة أو نحوهم، واتّفقت عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة. و إن كان للراوي عنه فرواية، أو لمن بعده نازلاً فطريق، أو لاعلی هذه الصفة ممّا هو راجع إلی تخيير القاري فيه، فوجه.[18] التنبيه الرابع: يقول السيوطيّ: قال ابن الجزريّ في آخر كلامه: وربّما كانوا ( والضمير للسابقين ) يُدخلون التفسير في القراءة إيضاحاً وبياناً، لا نّهـم محقّقـون لما تلقّـوه عن النبيّ صلّي الله عليه ] وآله [ وسـلّم قرآناً، فهم آمنون من الالتباس، وربّما كان بعضهم يكتبه معه. وأمّا من يقول: إنّ بعض الصحابة كان يُجيز القراءة بالمعني، فقد كذب. وسأُفرد في هذا النوع ـ أعني بالمدرج تإلیفاً مستقلاّ. [19] وقد أورد السـيوطيّ هذا الكلام تحت تقسـيم القراءات إلی متـواتر و مشـهور وآحاد وشاذّ وموضـوع و مُدرَج. ونقله عن ابن الجزريّ ضـمن بيان المدرج. وضرب للمدرج مثلاً بقراءة سَعد بن أبي وقّاص: «وَلَهُ و أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ»؛ حيث إنّ مِنْ أُمٍّ مدرج؛ وبقراءة ابن عبّاس: لَيْسَ علَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فِي مَواسِمِ الْحَجِّ، حيث إنّ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ مدرج؛ أي أ نّها ليست من القرآن، وأ نّها زيدت في القراءاتعلی وجه التفسير.[20] المختارة: « مَلِك يَوْمِ الدِّينِ »، لا: « مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينِ »التنبيه الخامس: بحثٌ في قراءَتَي مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، و: مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينِ، حيث إنّ كِلا القراءتين متواترتين، وقراءة أيّة منهما في الصلاة مُجزية، ونريد أن نري هنا أيّة قراءة من هاتين القراءتين أفضل؟ ونحن مجبرونعلی تقديم بيان مختصر لهذه المسألة. مِلْك بمعني الاسـتيلاء والقـدرة وإذن التصـرّف في الامـوال؛ ويقال لصاحبه مَالِك بصـيغة فاعـل. أمّـا مُلْك فبمعني الاسـتيلاء والقـدرة وإذن التصرّف في النفوس، ويقال لصاحبه مَلِك بصيغة فَعِل وهي صفة مشبّهة. وبالطبع فإنّ كلاهما مشتقّ من مبدأ واحد ومن أساس مشترك، وهو مطلق التصرّف والقدرة والاستيلاءعلی شيء، ومبدأ الاشتقاق عبارة عن: مَلَكَ يَمْلِكُ مَلْكاً، و مُلْكاً، و مِلْكاً، ومَلَكَةً، و مَمْلَكَةً، و مَمْلِكَةً، مَمْلُكَةً الشَّيء: أَي احْتَوَاهُ قَادِراً عَلَی التَّصَرُّفِ وَالاسْتِبْدَادِ بِهِ. غاية الامر، أنّ مبدأ الاشتقاق هذا إن تعلّق بالمتاع والبضاعة الخارجيّة، أضحي بمعني المِلكيّة والاستبداد في التصرّف بها؛ وإن تعلّق بالإرادات والاختيارات والنفوس، فهو بمعني المُلكيّة والاستيلاء عليها في الامر والنهي. يُقال: مَلَكَ القَرْيَةَ: إذا استولي عليها؛ و مَلَكَ نَفْسَهُ، أي قدرعلی حبسها. ويُقال للاوّل: مَالِكَ. ويقال للثاني: مَلِك. فاختلاف معني مَالِك و مَلِك ناشي عن قرينة خارجيّة، وهي عبارة عن التزام الاستعمال والوضع التعيينيّ أو التعيّنيّعلی تعلّق هذا المعني بالمتعلَّق خارجاً. وعلي هذا الاساس نري أنّ مالك يضاف إلی الاشياء الخارجيّة، فيقال: مَالِكُ الدَّارِ، و: مَالِك الدَّابَّةِ، و: مَالِكُ العِقَارِ، كما يضيفون مَلِك إلی النفوس والاقوام فيقولون: مَلِكُ القَوْمِ، و: مَلِكُ العَرَبِ، و: مَلِكُ إلیمانِيِّينَ. ويقال: مَلِك العصر الفلانيّ والزمن الفلانيّ، ولا يقال: مالِك العصر الفلانيّ. وعلي هذا، فإنّ من الانسب في آية مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِِّينِ أن يُقال مَلِكِ، لا نّه ينسب إلی يَوْم، ولا تستحسن نسبة مالك إلی يوم، بخلاف نسبة ملك إلی يوم. يُقال: حاكم وسلطان وآمر ذلك إلیوم، ولا يُقال: مالك ذلك إلیوم. قراءة أکثر القراء ب«ملک»، و هی الأنسب و الأعمقال أُستاذنا آية الله العلاّمة الطباطبائيّ قدّس الله سرّه: وَقَدْ ذُكِرَ لِكُلِّ مِنَ القِراءَتَيْنِ: مَلِكِ وَمَـ'لِكِ وُجُوهٌ مِنَ التَّأْيِيد؛ غَيْرَ أَنَّ المَعْنَيْينِ مِنَ السَّلْطَنِةِ ثَابِتَانِ فِي حَقِّهِ تعالی. وَالَّذِي تَعْرِفُهُ اللُّغَةُ وَالعُرْفُ أَنَّ المُلْكَ بِضَمِّ المِيمِ هُوَ المَنْسُوبُ إلَی الزَّمَانِ يُقُالُ: مَلِكُ العَصْرِ الفُلاَنِيِّ، وَلاَ يُقَالُ: مَالِكُ العَصْرِ الفُلاَنِيِّ إلاَّ بِعِنَايَةٍ بَعِيدَةٍ. وَقَدْ قَالَ تعالی: «مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ». فَنَسَبَهُ إلَی إلیوْمِ. وَقَالَ أَيْضاً: «لِمَنِ الْمُلْكُ إلیوْمَ لِلَّهِ الْوَ حِدِ الْقَهَّارِ». ( الآية 16، من السورة 40: غافر ». وقال الزمخشريّ: وَمَلِكٌ هُوَ الاخْتِيَارُ، لاِ نَّهُ قِرَاءَةُ أَهْلِ الحَرَمَيْنِ، وَلِقَوْلِهِ: «لِمَنِ الْمُلْكُ إلیوْمَ»، وَلِقَوْلِهِ «مَلِكِ النَّاسِ»، وَلاِنَّ المُلْكَ يَعُمُّ وَالمِلْكَ يَخُصُّ. [21] ويقول الطبرسيّ في « مجمع البيان »: المَلِكُ: القَادِرُ الوَاسِعُ المَقْدِرَةِ الَّذِي لَهُ السِّيَاسَةُ وَالتَّدْبِيرُ. وَالمَالِكُ: القَادِرُ عَلَی التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَی وَجْهٍ لَيْسَ لاِحَدٍ مَنْعُهُ مِنْهُ.[22] وقال: قرأ عاصم والكسائيّ وخلف ويعقوب مالك بالالف، وقرأ باقي القرّاء ملك بغير ألف.[23] وتبعاً لذلك، فإنّ قراءة مَلِكِ أشهر، لانّ أربعة قرّاء من القرّاء العشرة قرأوا مالك، أمّا الباقون، وهم: نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر و حمزة وأبو جعفر، فقد قرأوا: ملك. أمّا القرّاء السبعة، فهناك قارئان فقط هما: عاصم والكسائيّ قرءا مالك، وأمّا الباقون، وهم: نافع وابن كثير، و أبو عمرو، و ابن عامر و حمزة فقرأوا: ملك. وقال الفيض الكاشانيّ في تفسير « الصافي »: « وقُري: مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ؛ روي العيّاشيّ أ نّه قرأه الصادق عليه السلام ما لا يُحصي.[24] أجل، فيستنتج من مجموع ما ذكر أنّ قراءة مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ أفضل وأجمل، وأنّ من الاولي أن يُقرأ بها؛ وقد كان سماحة الاُستاذ العلاّمة رضوان الله عليه، وأُستاذه العارف بالله الذي عجزت قرون الزمان أن تلد مثله: المرحوم آية الله الحاجّ الميرزاعلی القاضي قدّس الله سرّه يقرءآن مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ في صلاتهما. وأمّا ما ذكره الطبرسيّ في « مجمع البيان » عن أبي عليّ الفارسيّ شاهداًعلی مَـ'لِكِ ليس كاملاً. فقد نقل عنه أ نّه قال: يَشْهَدُ لِقِرَاءَةِ مَـ'لِكِ مِنَ التَّنْزِيلِ قَوْلُهُ تعالی: «وَالاْمْرُ يَوْمَنءِذٍ لِلَّهِ». لاِنَّ قَوْلَكَ: الاَمْرُ لَهُ، وَهُوَ مَالِكُ الاَمْرِ بِمَعْنيً. أَلاَ تَـرَي أَنَّ لاَمَ الجَرِّ مَعْنَـاهَا المِلْكُ وَالاسْـتِحْقَاقُ؟ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالی: «يَـوْمَ لاَ تَمْلِـكُ نَفْـسٌ لِنَفْـسٍ شَيْـًا»، يُقَـوِّي ذَلِـكَ.[25] إذ إنّ هـذا الاستشهاد من قبل الفارسيّ مخدوش، لانّ لام الجرّ في لِلَّهِ تفيد الاختصاص، ولكن بأيّة كيفيّة؟ أهوعلی نحو مِلك الذي يعني التسلّطعلی الاشياء في الخارج، أمعلی نحو مُلك وهو التسلّطعلی النفوس والارواح؟ ليس في لام الجرّ شيء من ذلك. مضافاً إلی ذلك أنّ المِلكيّة للنفس هي نفس معني المُلكيّة. ولا تستنتج خصوصيّة المِلكيّة من استعمال مادّة مَ لَ كَ التي ذُكر أ نّها فعل ومبدأ الاشتقاق، لانّ هذه المادّة أعمّ، وحين تتعلّق بالنفس، فإنّ المراد منها هو المُلكيّة. وعلي هذا، فإنّ جملة: لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْـًا،[26] لا تفيد المِلكيّة ولا المالكيّة. ولن ينفع هذا الاستشهاد أبا عليّ الفارسيّ شيئاً. مضافاً إلی ذلك أنّ بإمكاننا الاستدلالعلی أقربيّة مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ بثلاث جهات من القرآن الكريم: الاُولي: قوله تعالی: لِّمَنِ الْمُلْكُ إلیوْمَ لِلَهِ الْوَ حِدِ الْقَهَّارِ. [27] حيث نُسب المُلك فيه إلی إلیوم وجُعل للّه تعالی، وهو تماماً بمثابة مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، لانّ الالف واللام في إلیوْمِ بمعني العهد، وهو راجع إلی يوم القيامة. ذلك أ نّه يقول قبل ذلك: يَوْمَ هُم بَـ'رِزُونَ لاَ يَخْفَي' عَلَی اللَهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ. [28] الثانية: أنّ صيغة مالك قد وردت في القرآن الكريم في موضع واحد من القرآن الكريم في وصف الله تعالی: قُلِ اللَهُمَّ مَـ'لِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَي' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. [29] حيث جاء مالك هنا بمعني مَلِك، لا نّه نُسب إلی المُلك. وفي الحقيقة فإنّ مَـ'لِكَ الْمُلْكِ يمثّل القدرة والسيطرةعلی الحكومة والامر، وهو مساوق للمُلك ومتّحد معه. أمّا في المواضع الاُخري، فقد ورد فيها تعبير مَلِك، مثل قوله تعالی: فَتَعَـ'لَي اللَهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ. [30] ومثل: هُوَ اللَهُ الَّذِي لآ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَـ'مُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ. [31] وقوله: الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ.[32] وقوله: قُلْ أُعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَـ'هِ النَّاسِ. [33] والثالثة: أنّ القرآن الكريم قد نسب المُلك ـ وليس المِلك إلی الله تعالی، كقوله تعالی: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَهَ لَهُ و مُلْكُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ. [34] وقوله: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضِ. [35] وقوله: تَبَـ'رَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَي' كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. [36] ولم يُشاهد في أيّ موضع من القرآن الكريم أنّ المِلك قد نُسب إلی الله تعالی. والعلّة في ذلك ـ حسب قول الزمخشريّ أنّ: المُلْك يَعُمُّ والمِلْك يَخُصُّ. ويُستنتج من مجموع ما ذُكر أنّ قراءة مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ متعيّنة، بَيدَ أ نّه لمّا كان قارئان من القرّاء السبعة المشهورين قد قرءا بـ: مَـ'لِك، مضافاً إلی ذلك ما ورد في رواية الحلبيّ عن الإمام الصادق عليه السلام: إنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ «مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينِ»؛ فإنّ قراءة مَـ'لِكِ صحيحة أيضاً، خصوصاً وأنّ فقهاء الإسلام يعتبرون القراءات السبع المشهورة متواترةً، أي أنّ تلك القراءات قد وصلتنا عن رسول الله بالتواتر. فتكون النتيجة أنّ كلتا القراءتين صحيحة ومُجزية، لكنّ قراءة مَلِكِ أحسن وأعمّ وأشمل وأنسب؛ والله العالم. أمّا ما رواه السيّد هاشم البحرانيّ عن داود بن فرقد، قال: سمعتُ أبا عبد الله ( الصادق ) عليه السلام يقرأ ما لا أحصي مَـ'لِكِ يَوْمِ الدِّينِ[37]، فليس صحيحاً، لانّ رواية داود بن فرقد هذه، هي التي أوردها العيّاشيّ في تفسيره ( ج 1، ص 22 )، ونقلناها هنا عن تفسير « الصافي » وفيها أنّ الإمام الصادق عليه السلام كان يقرأ كثيراً بـ مَلِكِ وليس مَـ'لِكِ؛ والظاهر أنّ تصحيفاً قد حصل في نسخة السيّد البحرانيّ، فتغيّر لفظ مَلِك إلی مَـ'لِكَ. خطبة « نهج البلاغه » فی نزول القرآن، و بیان الخیر و الشروقد أورد أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلّين خطبةً بديعة في « نهج البلاغة » في نزول القرآن الكريم وبيان سبيل الخير وسبيل الشرّ فيه، وفي العمل بالفرائض ورعاية حقوق العامّة، يقول فيها: إِنَّ اللَهَ تعالی أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِياً بَيَّنَ فِيهِ الخَيْرَ وَالشَّرَّ. فَخُذُوا نَهْجَ الخَيْرِ تَهْتَدُوا، وَاصْدِفُوا عَنْ سَمْتِ الشَّرِّ تَقْصِدُوا! الفَرَائِضِ! الفَرَائِضِ! أدُّوها إلَی اللَهِ تُؤَدِّكُمْ إلَی الجَنَّةِ إنَّ اللَهَ حَرَّمَ حَرَاماً غَيْرَ مَجْهُولٍ، وَأَحَلَّ حَلاَلاً غَيْرَ مَدْخُولٍ. وَفَضَّلَ حُرْمَةَ المُسْلِمِ عَلَی الحُرَم كُلِّهَا. وَشَدَّ بِالإخْلاصِ وَالتَّوْحِيدِ حُقُوقَ المُسْلِمِينَ فِي مَعَاقِدِهَا. فَالمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ إلاَّ بِالحَقِّ. وَلاَ يَحِلَّ أَذَي المُسْلِمِ إلاَّ بِمَا يَجِبُ. بَادِرُوا أَمْـرَ العَامَّـةِ وَخَاصَّـةَ أَحَدِكُـمْ، وَهُـوَ المَـوْتُ! فَإنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ؛ وَإِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ. تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا! فَإنَّمَا يُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُـمْ آخِرُكُـمْ. اتّقُوا الَلهَ فِي عِبَادِهِ وَبِلاَدِهِ! فَإِنَّكُـمْ مَسْـؤُولُـونَ حَتَّـي عَـنِ البِقَـاعِ وَالبَهَـائِـمِ. أَطِـيعُـوا اللَهَ وَلاَ تَعْصُوهُ. وَإذَا رَأَيْتُمُ الخَيْرَ فَخُذُوا بِهِ. وَإذَا رَأَيْتُمُ الشَّرِّ فَأَعْرِضُوا عَنْهُ.[38] ويقول ابن أبي الحديد في شرح هذه الخطبة: قوله: فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ... هذا لفظ الخبر النبويّ بعينه... وقد ورد في الاخبار النبويّة: لَيُنْتَصَفَنَّ لِلْجَمَّاءِ مِنَ القَرْنَاءِ. وقد جاء في الخبر الصحيح: إنَّ اللَهَ تعالی عَذَّبَ إنْسَاناً بِهِرٍّ حَبَسَهُ فِي بَيْتٍ وَأَجَاعَهُ حَتَّي هَلَكَ.[39] [1] ـ أورد سماحة الاُستاذ آية الله العلاّمة الطباطبائيّ قدّس الله سرّه في كتاب «قرآن در اسلام» (= القرآن في الاءسلام) ص 126 و 127 بعد هذه الفقرة تتمّة كلام مكّي وهو: «إنّ الذين صنّفوا القراءات من الائمّة المتقدّمين كأبي عبيد بن سلاّم، وأبي حاتم السجستانيّ وأبي جعفر الطبريّ وإسماعيل الطبريّ، قد ذكروا أضعاف هؤلاء. وكان الناس علي رأس المائتين بالبصرة علي قراءة أبي عمرو ويعقوب، وبمكّة علي قراءة ابن كثير، وبالمدينة علي قراءة نافع؛ واستمرّوا علي ذلك، فلمّا كان علي رأس الثلاثمائة أثبت ابنُ مجاهد اسمَ الكسائيّ وحذف يعقوب. قال: والسبب في الاقتصار علي السبعة ـ مع أنّ في أئمّة القرّاء مَن هو أجلّ منهم قدراً ومثلهم أكثر من عددهم أنّ الرواة عن الائمّة كانوا كثيراً جدّاً، فلمّا تقاصرت الهمم، اقتصروا ممّا يوافق خطّ المصحف علي ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلي مَن اشتهر بالثّقة والامانة وطول العمر في ملازمة القراءة والاتّفاق علي الاخذ عنه، فأفردوا من كلّ مصرٍ إماماً واحداً، ولم يتركوا مع ذلك نقل ما كان عليه الائمّة غير هؤلاء من القراءات ولا القراءة به، كقراءة يعقوب وأبي جعفر وشيبة وغيرهم. وقد صنّف ابن جُبير المكّيّ قبل ابن مجاهد كتاباً في القراءات، فاقتصر علي خمسة اختار من كلّ مصرٍ إماماً، وإنّما اقتصر علي ذلك لانّ المصاحف التي أرسلها عثمان كانت خمسة إلي هذه الامصار. ويُقال إنّه وجّه بسبعة، هذه الخمسة، ومصحفاً إلي اليمن، ومصحفاً إلي البحرين. لكن لمّا لم يُسمع لهذين المصحفين خبر، وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف، استبدلوا من غير البحرين واليمن قارئَينِ كمل بهما العدد، فصادف ذلك موافقة العدد الذي ورد الخبرُ به نَزَلَ القُرْآنُ عَلَي سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فوقع ذلك لمن لم يعرف أصل المسألة، ولم تكن له فطنة، فظنّ أنّ المراد بالاحرف السبعة القراءات السبع. والاصل المعتَمد عليه: في صحّة السند في السماع، واستقامة الوجه في العربيّة، وموافقة الرسم (في المصحف) ـ انتهي كلام مكّي. وانتهي كلام العلاّمة الطباطبائيّ قدّس الله سرّه. ويتّضح من هذا الكلام أنّ سرّ عدد السبعة في القرّاء، موافقة عدد المصاحف السبعة التي أرسلها عثمان إلي البلاد المختلفة. ولذلك فلا مجال لانتقاد أحمد بن عمّار المهدويّ لابن مجاهد في عدم انقاصه أو زيادته عدد القرّاء رفعاً للتوهّم السيّي. [2] ـ «التبيان» ص 82، (التعليقة). [3] ـ «التبيان» ص 61، (التعليقة). [4] ـ «تفسير القرطبيّ» ج 1، ص 46، (التعليقة). [5] ـ «النشر في القراءات العشر» ج 1، ص 33 إلي 36، (التعليقة). [6] ـ «الإتقان» ج 1، ص 22 إلي 27؛ ص 138 (التعليقة)؛ «البيان في تفسير القرآن» ص 112 إلي 115، الطبعة الاُولي [7] ـ «الوافي» ج 5، ص 272، باب اختلاف الروايات، الطبعة الحجريّة. [8] ـ «البيان» ص 123. [9] ـ «تفسير الطبريّ» ج 1، ص 9 و 10، (التعليقة). [10] ـ «تفسير الطبريّ» ج 1، ص 9 إلي 15، (التعليقة). [11] ـ «البيان» ص 133. [12] ـ «الوافي» ج 5، ص 273، باب اختلاف القراءات، (التعليقة). [13] ـ «البيان» ص 118؛ و«الاءتقان» ص 76، الطبعة الثانية. [14] ـ يقول آية الله السيّد حسن الصدر في كتاب «الشيعة وفنون الاءسلام» ص 51: وأوّل من صنّف في القراءة ودوّن علمها هو أبان بن تغلب الربعيّ. وقيل: أبو أُميمة من أهل الكوفة، ويقول النجاشيّ في «فهرست أسماء مصنّفيّ الشيعة»: أبان رحمة الله عليه، كان مقدّماً في كلّ فنٍّ من العلم، في القرآن والفقه والحديث. ولابان قراءة مفردة مشهورة عند القرّاء. ثمّ أوصل إسناد رواية هذا الكتاب إلي محمّد بن موسي بن أبي مريم صاحب «اللؤلؤ». ويقول: وأوّل الكتاب: إنّما الهمزةُ رياضَةٌ... إلي آخره. وذكر ابن النديم في «الفهرست» تصنيف أبان في القراءة وقال: أبان بن تغلب، وله من الكتب كتاب «معاني القرآن» لطيف، كتاب القراءات، كتاب من الاُصول في الرواية علي مذهب الشيعة انتهي. وبعد أبان، حمزة بن حبيب أحد القرّاء السبعة، صنّف كتاب «القراءة». يقول ابن النديم في «الفهرست»: كتاب «القراءة» لحمزة بن حبيب، وهو أحد (القرّاء) السبعة؛ من أصحاب الصادق عليه السلام ـ انتهي. وعدّه الشيخ أبو جعفر الطوسيّ في كتاب «الرجال» من أصحاب الصادق. قرأ الكسائيّ القرآن علي حمزة، وقرأ حمزة علي أبي عبد الله (الصادق)، وقرأ (الصادق) علي أبيه، وقرأ علي أبيه، وقرأ علي أبيه، وقرأ علي أمير المؤمنين، كذا وُجد بخطّ شيخنا الشهيد محمّد بن مكّيّ نقلاً عن الشيخ جمال الدين أحمد بن محمّد بن الحدّاد الحلّيّ. ويقول السيّد حسن الصدر: وقرأ (حمزة) علي الاعمش وعلي حمران بن أعين أخو زرارة، والكلّ من شيوخ الشيعة. وقد وهم الحافظ الذهبيّ حيث قال: أوّل من صنّف في القراءات أبو عُبَيد القاسم بن سلام، لا نّه مات سنة أربع وعشرين ومائتين بالاتّفاق، وأبان ابن تغلب مات قبله بثلاث وثمانين سنة، لا نّه مات سنة إحدي وأربعين ومائة كما في «طبقات النحاة» للسيوطيّ وغيره. اللهمّ إلاّ أن يريد الذهبيّ الاوّل من أهل السنّة لا مطلقاً، فإنّ الاوّل أبان ثمّ بعده حمزة بن حبيب. ومات حمزة سنة ستّ أو ثمان وخمسين ومائة، فحمزة متقدّم علي أبي عُبَيد بن القاسم بستّ وستّين سنة علي الاقلّ... فالشيعة أوّل مَن جمع القراءات، وأوّل من صنّف في القراءة. (وقد خفي هذا الامر علي الحافظ الذهبيّ وعلي السيوطيّ حافظ الشام: إلاّ أن يكونا أرادا أوّل من صنّف في القراءات من أهل السنّة لا مطلقاً). [15] ـ «الاءتقان» ج 1، ص 98 و 99، الطبعة الاُولي. [16] ـ «تذكرة الفقهاء» كتاب الصلاة، البحث الرابع في القراءة، الطبعة الحجريّة. [17] ـ «الاءتقان» ج 1، ص 99، الطبعة الاُولي. [18] ـ «الاءتقان» ج 1، ص 93، الطبعة الاُولي؛ وص 74، الطبعة الثالثة. [19] ـ «الاءتقان» ج 1، ص 97، الطبعة الاولي؛ وص 77، الطبعة الثالثة. [20] ـ «الاءتقان» ج 1، ص 97، الطبعة الاولي؛ وص 77، الطبعة الثالثة. [21] ـ «تفسير الكشّاف» ج 1، ص 8، الطبعة الاُولي. [22] ـ «تفسير الكشّاف» ج 1، ص 8، الطبعة الاُولي. [23] ـ «مجمع البيان» ج 1، ص 23، طبعة صيدا. [24] ـ تفسير «الصافي» ج 1، ص 53، طبعة الإسلاميّة، سنة 1384. [25] ـ «مجمع البيان» ج 1، ص 24. [26] ـ مقطع من الآية 19، من السورة 82: الانفطار. [27] ـ من الآية 16، من السورة 40: غافر. [28] من الآية 16، من السورة 40: غافر. [29] ـ الآية 26، من السورة 3: آل عمران. [30] ـ صدر الآية 114، من السورة 20: طه؛ وصدر الآية 116، من السورة 23: المؤمنون. [31] ـ صدر الآية 23، من السورة 59: الحشر. [32] ـ ذيل الآية 1، من السورة: 62: الجمعة. [33] ـ الآية 1 إلي 3: من السورة 114: الناس. [34] ـ صدر الآية 107، من السورة 2: البقرة؛ وصدر الآية 40، من السورة 5: المائدة. [35] ـ صدر الآية 189، من السورة 3: آل عمران؛ وسبع آيات قرآنيّة غيرها. [36] ـ الآية 1، من السورة 67: الملك. [37] ـ تفسير «البرهان» ج 1، ص 33: الطبعة الحجريّة. [38]. ـ «نهج البلاغة» الخطبة 165؛ وفي طبعة مصر، تعليق الشيخ محمّد عبده ج 1، ص 314 و 315. [39] ـ «شرح النهج» ج 9، ص 289 و 290، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة. |
|
|