|
|
الصفحة السابقةنماذج من التواريخ الشمسيّة المختلفةناهيك عن أنّ هذه المناسبات ، والاحتفالات والاستشهادات ، والتأبينات لمّا كانت قد جرت علی أساس النهضة الدينيّة الإسلاميّة ، فمن الانسب أن يحتفل بذكراها باعتماد الشهور القمريّة وذلك لترسيخها وتخليدها في أذهان أبنإ الجيل المعاصر والقادم ، فاستشهاد العالم المظلوم الغريب المجاهد السيّد حسن المدرّس رضوان الله عليه بكاشْمَر في السابع والعشرين من شهر رمضان ، وهو صائم . وحيث كان قائماً بالصلاة عند غروب الشمس . فهل من الافضل أن نحيي ذكراه في هذا التأريخ أو في العاشر من آذر ؟[96] واستشهاد المرحوم الشيخ فضل الله النوريّ شهيد طريق الحقّ والعدالة الذي شنقوه يوم الثالث عشر من رجب ،[97] وهو يوم ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام فأيّهما أفضل إحياء ذكراه في هذا التأريخ أو في الشهر الشمسيّ الفلانيّ ؟ وعندما ثار الشعب بعد العاشر من المحرّم ، وأقام مجالس العزاء عشرة أيّام بتمامها ، وأحيي ذكر سيّد الشهداء عليه السلام في المجالس والمحافل من خلال الخطب والكلمات والمحاضرات التي ختمت بالخطاب التأريخيّ الذي ألقاه قائد الثورة في المدرسة الفيضيّة عصر العاشر من المحرّم ، ممّا أدّي إلی اعتقال كثير من العلماء والفضلاء في طهران والمدن الاُخري ، حيث نُقِلَ قائد الثورة إلی طهران لإعدامه ، ووثبة الشعب المسلم في طهران وقم ، فهل من الافضل أن نحيي هذه الذكري في اليوم الثاني عشر من المحرّم أو في الخامس عشر من خرداد ؟ ولمّا نهض أهإلی طهران في الليلة الاُولي من المحرّم واليوم الاوّل منه وكانوا قد لبسوا الاكفان وهم يردّدون شعار : الله أكبر ، إحياءً لذكري سيّد الشهداء عليه السلام وقام النظام البهلويّ السفّاح بقمع هذه الوثبة قمعاً دمويّاً ، فهل من الافضل أن نحيي هذه الذكري في الاوّل من المحرّم ، أو في الخامس من مِهر ؟ أجل ، فإنّ الشهور القمريّة هي ملاك التقويم للامّة الإسلاميّة ، لا غيرها ، وذلك وفقاً للادلّة الشرعيّة والتجربة التأريخيّة . وتعقد الندوات والجلسات هذه الايّام في أقطار العالم الإسلاميّ حسب التأريخ الميلاديّ ، والإيرانيّون يؤاخذون تلك الاقطار علی استعمال التأريخ الميلاديّ . ولو تساءلت تلك الاقطار عن التأريخ الذي ينبغي أن تتبنّاه وتشترك فيه مع الاقطار الاُخري ، فهل هناك تأريخ يوحّدها مع غيرها سوي التأريخ الهجريّ القمريّ ؟ وتؤاخذنا تلك الاقطار أيضاً أنّ السنين الشمسيّة غير إسلاميّة ، وأنّ فروردين وبهمن وغيرهما من الشهور الفارسيّة هي غير إسلاميّة أيضاً ، إذَنْ ينبغي أن نتلاحم ونتكاتف لإصلاح شؤوننا علی أساس قاعدة قرآنيّة صحيحة ، وذلك لتتضافر جهودنا ونساهم جميعنا في أوّل شيء يمثّل شرطاً لوحدة المسلمين . ونقول مرّة أُخري أيضاً : كيف لا يصحّ أن نؤرّخ ذكري استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام بالتأريخ الشمسيّ ، لانـّه سيقع في شوّال يوماً ، وفي ربيع الاوّل يوماً آخر ؟ وكيف لا يصحّ أن نجعل عاشوراء بالتأريخ الشمسيّ ، لانـّه سيقع في رجب مرّة ، وفي شوّال مرّة أُخري ؟ وكيف لا يصحّ أن نجعل النصف من شعبان حيث ولادة الامام صاحب الزمان عليه السلام بالتأريخ الشمسيّ ، لانـّه سيقع في محرّم يوماً ، وفي صفر يوماً آخر ؟ وبصورة عامّة تدور في السنة كلّها ، وكذلك لا تصحّ في سائر المناسبات السنويّة .[98] وهذا هو النسيء الذي نهانا عنه القرآن ، وحذّرتنا منه السنّة النبويّة بشدّة من خلال خطبة حجّة الوداع . ذلك لانّ السنين الشمسيّة تتأخّر عن السنين القمريّة . ولو قدّر أن نجعل التقويم علی أساس التأريخ الشمسيّ ، فقد أخّرنا أحد عشر يوماً كلّ سنة عن أوقات السنة السابقة ؛ إذَنْ لا سبيل لنا إلاّ تبنّي الشهور القمريّة ، وذلك لكي لا نبتلي بالنسيء ، ولنجعل كلّ فعل في موضعه وزمانه الخاصّ به . ولمّا ورد ذكر النسيء في خطبة رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم بمني ، ممّا اضطرّنا إلی شرحه وتفسيره ، جرّنا الحديث حول النسيء إلی بحث كامل وشامل حول الشهور القمريّة والسنوات الشمسيّة . فللّه الحمد وله المنّة علی تقديم هذا البحث النزيه لمطالعته من قبل القرّاء المحترمين لهذه الرسالة . فوائد ومنافع الشهور القمريّةتَذييل : السنة الشمسيّة عبارة عن دوران الارض حول الشمس . أي : من بداية وصول الارض إلی أوّل برج الحمل ، إلی وصولها ثانية في تلك النقطة ، وهو عبارة عن ثلاثمائة وخمسة وستّين يوماً وخمس ساعات وثماني وأربعين دقيقة وخمس وأربعين ثانية . ولمّا كان تقسيم هذا المقدار علی اثني عشر شهراً غير محسوس ، ويبقي كسراً ، لذلك كما أنّ محاسبة المنجّم ضروريّة لاصل تعيين هذا المقدار ، فهي من الاُمور الضروريّة والحتميّة أيضاً لكيفيّة تقسيم هذا المقدار علی الشهور الاثني عشر . ولمّا اختلف المنجّمون في كيفيّة التقسيم ، لذلك تتباين الشهور الشمسيّة علی أساس التواريخ المختلفة : الروميّ و الميلاديّ القيصريّ المعروف بتأريخ جولين ، و الميلاديّ الغريغوريّ ، و الهجريّ الشمسيّ ، و الشمسيّ اليزدجرديّ ، و الجلإلی الملكشاهيّ ، و الشمسيّ القديم .[99] ويختلف عدد أيّام الشهر في كلّ واحد من هذه التواريخ . وأمّا السنون القمريّة فلمّا كانت اثني عشر شهراً قمريّاً ، والشهر القمريّ محسوس ومشهود ، وهو عبارة عن الفترة بين مقابلتين متواليتين للشمس والقمر ، وبدايته ينبغي أن تتحقّق برؤية الهلال ، فلا حاجة إلی محاسبة المنجّم ، والتعديلات ، وضبط الكبائس ، وعلی الرغم من أنّ المنجّمين نظّموا لهم كبائس ، إلاّ أنـّها تعود إلی الشهور القمريّة النجوميّة ، لا إلی الشهور القمريّة الشرعيّة التي يجب أن تتمّ برؤية الهلال بعد خروجه من المحاق . ولمّا كان الدين الإسلاميّ المقدّس هو دين الفطرة : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَهِ ذَ لِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـ'كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ .[100] فلهذا ترتكز أحكامه وقوانينه كلّها علی قاعدة الفطرة والطبيعة والمشاهدة والرؤية وأمثالها . يقول : متي رأيت الهلال في أُفق السماء بعد المحاق فاجعله أوّل الشهر ! واستمرّ بهذا الشهر حتّي الرؤية الاُخري ! هذا تعليم بسيط ويسير وعامّ ولا يقبل التغيير والتحريف والزيادة والنقصان . وهذه الكيفيّة من محاسبة الشهر ، ورؤيته في أوّله ، ومشاهدة سيره في السماء ، لتعيين الوقت قضيّة عامّة يتساوي فيها العالم والجاهل ، والرياضيّ والاُمّيّ ، والمنجّم وغير المنجّم ، والحضريّ والبدويّ ، والحاضر والمسافر ، ولا يختلف فيها هؤلاء ، ولا يُشْتَبَه بها في الحساب . ولو بقي شخص علی ظهر السفينة الرأسيّة في الماء أعواماً كثيرة ، مثلاً خمسين سنة أو أكثر ، أو عاش علی سفوح الجبال وحده بعيداً عن أنظار الناس ، أو قضي عمره في القري والارياف منعزلاً عن مجتمعه ، أو أنقطع عن القافلة ، وظلّ في البوادي والفلوات سنيناً من عمره ، فإنّه يعرف شهره ، ويعرف اليوم الذي يعيش فيه . والإسلام الذي هو دين عامّ وعالَميّ وفطريّ قد قرّر لجميع الناس في العالم تنظيم السنين والشهور علی أساس رؤية الاهلّة والشهور القمريّة . وهذا الامر في غاية من الدقّة بحيث لو افترق شخصان من المجاهدين في سبيل الله ، أحدهما في شرق الكرة الارضيّة ، والآخر في غربها ، وظلاّ علی ذلك الافتراق أعواماً مديدة ليس معهما تقويم ، ولا منجّم ولا حاسب ، ثمّ التقيا ، فإنّهما يعلمان في أيّ يوم من أيّام السنة ، وفي أيّ شهر من شهورها يعيشان . ذلك لانّ عندهما حساب الشهور بواسطة رؤية الهلال ، وحساب السنين باثني عشر شهراً لكلّ سنة ، وكذلك عندهم حساب الايّام . وهذا قانون لا يعتريه النقصان والزيادة ، وهو غنيّ عن محاسبة المنجّم . ولا خلاف بين القائلين به وأتباعهم . ولا يحتاج إلی الجَعْل والحَدْس والتقريب والتخمين والوضع العرفيّ . وهذا قانون يتيسّر له توجيه الناس وإدارة شؤونهم . ويبثّ حكمه إلی شتّي أرجاء العالم مهما كانت الظروف والاحوال ، ويوحّد الجميع تحت راية واحدة وتأريخ واحد وتقويم واحد . وهذه هي الشريعة السهلة العامّة التي تحدّث عنها رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم ، إذ قال : بُعِثْتُ علی شَرِيعَةٍ سَمْحَةٍ سَهْلَةٍ . أمّا لو قدّر أن يكون التقويم الشرعيّ والإسلاميّ هو التقويم الشمسيّ ، فالله أعلم بالإشكالات التي ستحصل جرّاء ذلك . أوّلاً : الحاجة إلی الرَّصَد ، والمنجّم ، وتعيين نقطة الاعتدال الربيعيّ ، أو الخريفيّ ، والإسلام لا يقيّد أحكامه أبداً بالحاجة إلی أمر خارجيّ مجعول . ثانياً : أيّ شهر من الشهور الشمسيّة يمكن أن يكون معتبراً ؟ ذلك لانـّنا عرفنا أنّ مقدار الشهور الشمسيّة يتفاوت حسب التقاويم المختلفة . ثالثاً : لو خُوّل المنجّم صلاحيّة تعيين الشهور ، فإنّ كلّ واحد من المنجّمين ينظّم الشهور بشكل خاصّ حسبما يراه . ممّا يبعث علی نشوب الخلاف والاختلاف بين أبناء الاُمّة في التقويم والاحكام . ونحن نعلم أنّ المنجّمين لو لم يخطأوا في أصل حساب الكبيسة وتعيين مقدارها ، فإنّ الصلاحيّة في تعيين مقدار الشهور أمر مجعول وخاضع لنفوذهم . ولا يمكن تقديم رأي لمنجّم خاصّ علی رأي منجّم آخر مع حفظ أُصول الحساب . ورابعاً : يؤدّي هذا الامر إلی اختلاف المسلمين في بقاع مختلفة من العالم لتعذّر الحصول علی تقويم وتأريخ معيّنين . ويضيع أهل القري والارياف ، والقوافل، والمسافرون عبر البحر والجوّ ـ لو طال سفرهم حسابهم . وحينئذٍ لا يبقي مفهوم ومصداق لخلود الشريعة ، وَحَلاَلُ مُحَمَّدٍ حَلاَلٌّ إلَيَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحَرَامُّ مُحَمَّدٍ حَرَامٌ إلی يَوْمِ الْقِيَامَةِ . [101] ولـذا نـري كيف اعتبرت الآيـة الكريمـة : إِنَّ عِـدَّةَ الشُّـهُورِ عِندَ اللَهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَـ'بِ اللَهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَـ'وَ تِ وَالاْرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ : أوّلاً : ترتيب الشهور القمريّة منوطاً بالخلق ، وعددها الاثنا عشر مرتبطاً بأصل التكوين والفطرة ، وخلق السماوات والارض . مضافاً إلی أنـّها عرضت ذلك بوصفه الدين القيّم ، أي : الثابت . وبعبارة أُخري ، أنّ السنين القمريّة والشهور القمريّة هي دين الله القيّم الثابت وحكمه الذي لا يتغيّر ولا يقبل التحريف ما دامت السماوات والارض .[102] مرحباً بهذا الدين ذي التأريخ الدقيق والمنظّم إلی درجة أنّ هذا اليوم الذي نحن فيه ، وهو الرابع من ربيع الثاني سنة ألف وأربعمائة وخمس للهجرة ، هو نفسه في أرجاء العالم كافّة ، وبين المسلمين جميعهم بلا خلاف ، فاليوم هو نفسه ، وكذلك الشهر والسنة . والآن ندرك كيف حاول الاستعمار أن يخلخل هذا التأريخ القويم ، ويقطع وشائج الوحدة بين المسلمين ، ويقصّ هذا الحبل المتين علی أساس الشهور والسنين الشمسيّة ، مع أنّ بداية الهجرة محفوظة ، أو علی أساس استبدال التأريخ الهجريّ بالتأريخ الميلاديّ أو الشاهنشاهيّ . قَطَعَ اللَهُ أَيْدِيَهُمْ ، وَتَبَّتْ كَلِمَتَهُمْ ، وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا وَبِمَا عَمِلُوا ، وَثَبَّتَ اللَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِدِينِهِمُ الْقَوِيمِ وَصِرَاطِهِمُ الْمُسْتَقِيمِ ، وَعلی كَلِمَةَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهِيَ الْكَلِمَةُ الْعُلْيَا . ثانياً : من المنافع التي تدرّها السنون والشهور القمريّة ـ كما يبدو تطوّر أعمال المسلمين في جميع الفصول والاوقات المختلفة من السنة . مثلاً صيام شهر رمضان يدور في الفصول المختلفة . ويصوم المسلم في الشتاء ، والربيع ، والصيف ، والخريف دون أن يكون هناك أيّ تخلّف . وفي ضوء ذلك ، مضافاً إلی أنّ طبيعته في الفصول الاربعة تحتاج إلی الصوم في الفصول الاربعة ـ حسب فهم الاحكام والقوانين من أصل الفطرة ـ وأنّ الفوائد الصحيّة للصوم تعود إليه بنحو تامّ . فإنّه يهيّي طبيعته وإرادته للجوع في أوقات طويلة وحارّة أيضاً . وفي ضوء ذلك يتيسّر علی المسلم الجهاد في سبيل الله ، وهو الفريضة الواجبة والعامّة علی الشيوخ والشباب ولا تختصّ بفصل الشتاء واعتدال الجوّ . وربّما تقع في الصيف القائظ . إذ يلزم علی الاُمّة الإسلاميّة أن تنهض للجهاد ضدّ خصومها وتدافع عن حقوقها الحقّة سواء في الجوّ الحارّ الشديد والنهار الطويل أو في البرد القارص وشدّته . وكذلك الحجّ الذي يقام في ذي الحجّة ويدور في الفصول الاربعة فإنّه يعدّ الإنسان للجهاد ، والسفر في طرق نائية مهما كانت الظروف مضافاً إلی ما يقتطفه المسلم من ثمار الحجّ حتّي في البرد القارص والحرّ الشديد . وحصيلة القول : إنّه لمّا كانت طبيعة الإنسان تتغيّر في الفصول الاربعة علی امتداد السنة ، فإنّ الإسلام المرتكز علی قاعدة الفطرة البشريّة قد وضع أحكامه وتعاليمه لتلائم طبيعة الإنسان في دورة الفصول الاربعة . وأمّا ما تناقلته الالسن ولاكته الافواه عن عيد النوروز ، وأنّ الإسلام أيّده ، ورغّب في الغسل والصلاة والدعاء عند تحويل الشمس في برج الحمل ، فهو كلام عار عن الصحّة ومجرّد من الحقيقة . فلم يرغّب الإسلام في هذا المجال قطّ ، بل رفضه واعتبر الاحتفال بهذا العيد كتقليد قوميّ بدعة من البدع . والرواية الواردة في هذا الباب عن المُعلی بْنِ خُنَيْس ضعيفة السند . والروايات والاحاديث الاُخري علی هذا المنوال . والغسل والدعاء أيضاً علی أساس أدلّة التسامح في السنن في ضوء روايات : مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ علی شَيْءٍ فَأَتَي بِهِ الْتِمَاسَ ذَلِكَ الثَّوَابِ أُوتِيَهُ وَإن لَمْ يَكُنْ كَمَا بَلَغَ ، فليس مشرّعاً للحكم ، ولا أساس للتمّسك بتلك الروايات في هذا المجال . وفي نيّتنا تأليف رسالة شاملة وكاملة حول عيد النوروز وعدم جواز التمسّك بأدلّة التسامح في السنن في هذا المجال بحول الله وقوّته ، ولا حول ولا قوّة إلاَّ بالله العلی العظيم . وكذلك ورد النهي عن المهرجان وهو (عيد مهركان) . واعتبر الشارع أنّ التمسّك بالنوروز والمهرجان من آداب الجاهليّة . ونأمل أن تظهر حقائق أكثر من خلال تأليف هذه الرسالة إن شاء الله تعإلی . إلی هنا ننهي حديثنا عن الشهور والسنوات القمريّة والشمسيّة ، وعن تفسير النسيء الوارد في الآية الكريمة ، وفي الحديث النبويّ الشريف المأثور في حِجَّة الوداع ؛ سائلاً الله أن يوفّقني وجميع المؤمنين والمؤمنات ويمنّ علينا بالعلم والعمل . السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ ارجاعات [96] استشهد المرحوم المدرّس في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 1356 ، الموافق 10 آذر 1316 [97] استشهد المرحوم الشيخ فضل الله النوريّ في 13 رجب 1327 شنقاً في ميدان سبه ] ساحة الجيش [ بطهران . [98] جاء في «فروع الكافي» طبعة مطبعة حيدري ، ج 4 ، ص 149 حول عيد الغدير : أنّ محمّد بن يعقوب الكلينيّ روي عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن ابن سالم ، عن أبيه ، قال : سألت جعفر بن محمّد عليهما السلام : هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والاضحي والفطر ؟ قال : نعم ، أعظمها حرمة ! قلت : وأيّ عيد هو جعلت فداك ؟ قال : اليوم الذي نصب فيه رسولُ الله صلّي الله عليه وآله وسلّم أميرَ المؤمنين عليه السلام وقال : مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ ! قلتُ : وأيّ يوم هو ؟! قال : وما تصنع باليوم ؟ إنَّ السَّنَةَ تدور ؛ ولكنّه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة ... إلی آخر الرواية التي تحدّثت عن أعمال يوم العيد من ذكر الله ، والصوم ، والعبادة ، وذكر محمّد وآل محمّد . ولمّا أراد السائل أن يعرف يوم الغدير حسب الفصول والشهور الشمسيّة ، منعه الإمام وقال : إنّ المدار في تعيين الايّام والاعياد وغيرهما هو الشهور القمريّة لا الشمسيّة . وعيد الغدير هو في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة . وهو غير معروف حسب الشهور الشمسيّة ، لانّ الايّام تدور في السنّة ، وكلّ يوم من الشهر القمريّ لا يوافق يوماً خاصّاً من الشهر الشمسيّ ، بل هو يدور باستمرار . علی سبيل المثال ، يقع عيد الغدير في الربيع وبرج الحمل مرّة ، وفي الصيف وبرج السرطان مرّة أُخري ، وفي الخزيف وبـرج القوس مـرّة ثالثة ، وهكـذا . ولمّا كان المـدار في الاُمور الشرعيّة والحساب هو الشهور القمريّة ، فلا جدوي من معرفة الشهور الشمسيّة وانطباق الاُمور والحساب عليها . ولذلك قال للسائل : وما تصنع باليوم ؟! إنّ السَّنة تدور ، ولكنّه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة . [99] تتألّف السنون الروميّة من اثني عشر شهراً هي : تشرين الاوّل 31 يوماً ، تشرين الثاني 30 يوماً ، كانون الاوّل 31 يوماً ، كانون الثاني 31 يوماً ، شباط 28 يوماً وفي الكبيسة 29 يوماً ، آذار 31 يوماً ، نيسان 30 يوماً ، أيّار 31 يوماً ، حزيران 30 يوماً ، تمّوز 31 يوماً ، آب 31 يوماً ، أيلول 30 يوماً . تعديل التأريخ الروميّ بتعديل تأريخ جولين ، وكبيسته أيضاً مرّة واحدة في كلّ أربع سنين تضاف في آخر شباط . ولذلك فإنّ السنين الكبائس تتألّف من 366 يوماً . والسنون الميلاديّة القيصريّة تشبه السنين الروميّة تماماً من حيث مقدار الشهور والكبائس ، إلاّ أنـّها تفترق عنها في أنّ بداية السنة فيها هي الاوّل من كانون الثاني سنة 754 من بناء مدينة روما ، وأنّ ولادة السيّد المسيح في الخامس والعشرين من كانون الاوّل . وتجري سنون هذا التأريخ كسنين التأريخ الروميّ ، ويعرف هذا التأريخ بتأريخ جولين . وشهوره هي : يناير 31 يوماً ، فبراير 28 يوماً وفي الكبيسة 29 يوماً ، مارس 31 يوماً ، أبريل 30 يوماً ، مايو 31 يوماً ، يونيو 30 يوماً ، يوليو 31 يوماً ، آغسطس 31 يوماً ، سبتمبر 30 يوماً ، أُكتوبر 31 يوماً ، نوفمبر 30 يوماً ، ديسمبر 31 يوماً . وكما يلاحظ هنا فإنّ أسماء الشهور تختلف عن أسماء الشهور الروميّة فقط وأمّا مقدارها فهو متساو ، لانّ يناير الواقع بين الشهر الاوّل والشهر الثاني من الشتاء ، يطابق كانون الثاني . وفبراير هو شباط نفسه ، وهكذا بقيّة الشهور . في هذا التأريخ المعروف بتأريخ جولين تتألّف السنة ـ كما في التأريخ الروميّ ، من ثلاثمائة وخمسة وستّين يوماً وستّ ساعات 25/365 . فلهذا تكون السنة كبيسة مرّة واحدة في كلّ أربع سنوات . أمّا التأريخ الميلادي الغريغوريّ ، فلمّا كانت السنة الحقيقيّة فيه شمسيّة فإنّه يفترق عن السنة الشمسيّة في تأريخ جولين . لذلك فإنّ التأريخ فيه يتأخّر يوماً واحداً في كلّ 120 سنة . فلهذا صحّحه البابا غريغوريوس بمساعدة المنجّم الإيطإلی ليليو ، فمضافاً إلی أنـّهم يجعلون السنة كبيسة مرّة واحدة في كلّ أربع سنوات ، كانوا ينقصون ثلاثة أيّام في كلّ أربعمائة سنة . وذلك علی النحو التالی : يفترض أنـّهم يجعلون السنة كبيسة في رأس كلّ مائة سنة ، إلاّ أنـّهم لا يفعلون ذلك ، ولا يكبسون ثلاث مرّات ، أي : في رأس ثلاثمائة سنة ، ويكبسون عادة في رأس القرن الرابع . وكان التأريخ قد تأخّر عشرة أيّام حتّي عصر غريغوريوس ، فكان الناس يظنّون أنّ التأريخ هو ( 5 ) أُكتوبر فأمر أن يجعلوه ( 15 ) أُكتوبر ، فاشتهر التأريخ الغريغوريّ منذ ذلك الحين ، ونسخ تأريخ جولين . ويستعمل النصاري كلّهم هذا اليوم التأريخ الغريغوريّ ويتعاملون به . وأمّا التأريخ الهجريّ الشمسيّ الذي يبدأ بهجرة النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم وسنونه شمسيّة حقيقيّة ، وشهوره المتمثّلة بالبروج الشمسيّة قد نظّمت مطابقة لحركة الارض في البروج الاثني عشر بحيث لا تزيد علی 32 يوماً ، ولا تنقص عن 29 يوماً ، فشهوره علی النحو التالی : الحَمَل 31يوماً ، الثَوْر 31 يوماً ، الجَوزاء 32 يوماً ، السَرَطان 31 يوماً ، الاسَد 31 يوماً ، السُنْبَلَة 31 يوماً ، الميزان 30 يوماً ، العَقْرَب 30 يوماً ، القَوْس 29 يوماً ، الجَدْي 29 يوماً ، الدَّلْو 30 يوماً ، الحوت 30 يوماً . وأوّل السنة الهجريّة الشمسيّة هو أوّل الاعتدال الربيعيّ دائماً . وتعديل هذا التأريخ لضبط الكبائس هو تعديل التقويم الملكشاهيّ نفسه الذي سيأتي فيما بعد . وأمّا التأريخ الشمسيّ اليزدجرديّ فإنّه يبدأ بجلوس يزدجرد الثالث آخر الملوك الساسانيّين علی العرش ، وكان ذلك في سنة 11 ه . وسنون هذا التقويم تقريبيّة . لانّ السنة حسبت ( 365 ) يوماً ، فلهذا يتأخّر التأريخ يوماً واحداً في كلّ أربع سنوات علی النحو التالی : فروردين30 يوماً ، أُرديبهشت 30 يوماً ، خُرداد 30 يوماً ، تِير 30 يوماً ، مُرداد 30 يوماً ، شَهريور 30 يوماً ، مِهر 30 يوماً ، آبان 30 يوماً ، آذر 30 يوماً ، دي 30 يوماً ، بهمن 30 يوماً ، إسفند 30 يوماً . وكانوا يضيفون خمسة أيّام باسم (اندركاه) إلی آخر إسفند أو آبان ، وهي الخمسة المسترقّة نفسها . وأمّا التأريخ الجلإلی الملكشاهيّ فهو التقويم الذي تمّ تنظيمه بمساعدة الحكيم عمر الخيّام . والسبب في ذلك هو أنّ التأريخ الشمسيّ اليزدجرديّ كان متداولاً حتّي ذلك الحين وهو عصر حكومة ملكشاه . ولمّا كان التأريخ يتأخّر يوماً واحداً في كلّ أربع سنوات بواسطة النقص في الحساب ، فلهذا جعلوا عدد الشهور مثل التأريخ اليزدجرديّ ، وأضافوا خمسة أيّام في آخر إسفند . وقالوا بدور 33 سنة لنقص الكبائس وضبطها ، إذ يكبسون ثماني سنوات في كلّ 33 سنة ، أي ، مرّة واحدة في رأس كلّ سنة رابعة ، وأربع سنوات متوالية بسيطة ، ويكبسون في رأس السنة الخامسة . وبهذا التقويم لا يرد نقص حتّي ستّة آلاف سنة . وأمّا التأريخ الشمسيّ القديم الذي أصبح رسميّاً في الدورة الخامسة لمجلس النوّاب ، فشهوره الستّة الاُولي التي تبدأ بشهر فروردين كلّ واحد منها 31 يوماً ، والخمسة التي تليها 30 يوماً ، والشهر الاخير ، إسفند 29 يوماً ، وجعلوه في الكبيسة30 يوماً . [100] الآية 30 ، من السورة 30 : الروم . [101] حديث نبويّ رواه الشيعة والسنّة . [102] في ضوء ذلك يقول الشيخ الطبرسيّ في تفسير «مجمع البيان» طبعة صيدا ج 3 ، ص 28 بعد تفسير هذه الآية المباركة : وفي هذه الآية دلالة علی أنّ الاعتبار في السنين بالشهور القمريّة لا بالشمسيّة ، والاحكام الشرعيّة مُعَلَّقَةٌ بها . وذلك لِمَا علم الله سبحانه فيه من المصلحة ، ولسهولة معرفة ذلك علی الخاصّ والعامّ . |
|
|