|
|
المناجاة المشهورة لابن عطاء الإسكندريّ هي من تأليفهنعم، فإنّ هذه المناجاة والحِكَم المنقولة عن ابن عطاء الله هي في الحقيقة من تأليفه هو، وإسنادها إلی سيّد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام غير صحيح. فكيف يتسـنّي للمرحـوم السـيّد ابن طاووس، وهو المتـوفّي في 5 ذي القعدة سنة 664 هـ [1] أن يتصوّر أنّ هذه الفقرات من ابن عطاء الله، وهو المتوفّي في جمادي الآخرة سنة 709 [2]، وينسبها إلی الإمام عليه السلام؟ فالفاصل الزمنيّ بين وفاة هذين الشخصين هو 44 سنة وسبعة أشهر، وبذلك يكون السيّد خلال هذه المدّة، والتيتقرب من نصف قرن، قد توفّي قبل تأليف هذه الادعية، وعلي هذا، يمكن الجزم، بأنّ إلحاق هذه الفقرات بدعاء الإمام في يوم عرفة في كتاب ( الإقبال )، قد تحقّق بعد رحيل السيّد. وعليه، فإنّ الاحتمال الثاني للعلاّمة المجلسيّ رحمه الله سيكون يقيناً، وأمّا الاحتمال الاوّل الذي يقول فيه: ربّما يكون قد ورد في كتب البعض، ثمّ قام ابن طاووس بنقل ذلك بدون دراية، فهو غير صحيح. كلاّ، وحاشا أن يكون السيّد وهو الذي يمتلك تلك العظمة والمنزلة، قد اقتبس هذا الكلام من كتاب عارفٍ، وألحقه في آخر دعاء الإمام، ثمّ نسبه إلی الإمام. والدليل علی ذلك، عدم ذكر السيّد له في كتاب « مصباح الزاهر »، وعدم ورود ذلك في المخطوطات القديمة من كتاب « الإقبال »، أي أنّ هذه النسخ كانت موجودة في حياة السيّد، ونُسبت إليه بعد وفاته، إلاّ أنّ المجلسيّ، ولعدم علمه بكتاب « الحِكَم العطائيّة »، ولا بمؤلّفه، أو زمان تأليفه، قد أخطأ في إسناده هذا. وأمّا خطأ المحدّث القمّيّ، وهو الخبير في فنّ البحث والتأليف، فهو أ نّه، وبعد أن رأي كلام العلاّمة المجلسيّ رحمه الله القائل: لم نعثر علی هذه الفقرات من الدعاء في النسخ القديمة من كتاب « الإقبال »، قال في « مفاتيح الجنان »: ولكن ذكر السيّد ابن طاووس في « الإقبال » بعد كلمة يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبِّ هذه الزيادة؟ ذلك أنّ هذه العبارة، تؤكّد إسناد هذا الدعاء إلی السيّد ابن طاووس، وكان عليه أن يقول: وقد شوهدت هذه الإضافة في بعض نسخ كتاب « الإقبال ». وحصيلة الكلام، أنّ هذا الدعاء جيّد المضامين، ولطيف المعاني، وقراءته في كلّ وقت وحين مفيدة ونافعة. إلاّ أ نّه لا يجوز إسناده إلی سيّد الشهداء عليه السلام. وَالحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلاً وَآخِراً، وَظَاهِراً وَبَاطِناً. نعم، فإنّ العرفاء الافاضل يعبّرون عن التجلّي الذاتيّ المقرون بالجمال، بالطلعة البهيّة للمعشوق والمحبوب، أو إماطة الستار عن المحيّا، أو بإظهار الوجه. وفي ذلك يقول الخـواجة شـمـس الدين محمّد حافـظ الشـيرازيّ أعلي الله رتبته: ساقي بيا كه يار ز رخ پرده بر گرفت كــار چـراغ خــلوتيان بـاز در گـرفت آن شمع سر گرفته دگر چهره بر فروخت وين پير سالخورده جواني ز سر گـرفت آن عشوه داد عشق كه مفتي ز ره برفت وآن لطف كرد دوست كه دشمن حذر گرفت [3] بار غمي كه خاطر ما خسته كرده بود عيسـي دمي خدا بـفرسـتاد و بر گـرفت زنهار از آن عبارت شيرين دلفريب گوئي كه پستة تو سخن در شكر گـرفت هر سرو قد كه بر مه و خور، حسن ميفروخت چـون تـو درآمـدي پي كار دگر گـرفت زين قصّه هفت گنبد افلاك پر صداست كوته نظر ببين كه سخن مختصر گـرفت حافظ تو اين سخن ز كه آموختي كه يار تعويذ كرد شعر تُرا و به بر گـرفت [4] إزالة الله تعالي الحُجب عن عين الإنسان إثر سلوكه الحسنعلينا أداء كلّ العبادات بنيّة التقرّب إلی الله، وإلاّ، فإنّ تلك العبادات تكون باطلة، ولا قيمة لها، وإن كانت عظيمة. إنّ التقرّب إلی الله، ليس المقصود به تقرّباً مكانيّاً أو زمانيّاً أو غير ذلك، لانّ الله سبحانه وتعالي لا مكان محدّد له حتّي يتقرّب الإنسان منه. ولا هو واقع في زمان معيّن حتّي يقترب الإنسان إلی ذلك الزمان، إنّ المكان والزمان وسائر العوارض والجواهر، مخلوقات الله، وفي قبضة يمينه وَالسَّمَـ'وَ تُ مَطْوِيَّـ'تُ بِيَمِينِهِ. [5] إلاّ أنّ هناك حجباً كثيرة بين النفس الإنسانيّة وربّها، تزيد علی سبعين ألف حجاب، وعلي هذا، فإنّ أيّ عمل يقوم به الإنسان، سواء أكان طاعةً، أم ترك معصية، يؤدّي إلی إزالة حجاب من تلك الحجب، شريطة أن يكون هذا العمل بقصد التقرّب إلی الله، أي أنّ النفس الإنسانيّة تقترب مرحلة نحو الله، فيتوضّح لها صفاؤها ونقاؤها وتطرح عن داخلها القسوة والظلمة، حتّي تزول الحجب عن العبد رويداً رويداً، ولا يبقي أيّ بعدٍ نفسانيّ أو فاصلٍ مكانيّ بينه وبين ربّه. وحينها، سيري العبد بعين الله، ويسمع بأُذنه، وينطق بلسانه، فتكون عيناه عيني الله، وأُذناه أُذني الله، ولسانه لسان الله. وبعبارة أوضح، حتّي هذه اللحظة، كانت كلّ الصفات والافعال تنسب إلينا علی سبيل الاستقلال، وأمّا الآن، فصفة الاستقلال هذه قد انتفت، وطُرحت في أُتون النار، وتطاير رمادها في مهبّ رياح الفَناء، حيث لا يحمل العبد في وجوده وصفاته وأفعاله، غير الآيتيّة والمرآتيّة، ولهذا فالله تعالي يتلالا في مرآة هذا العبد، ويُظهر وجوده من نافذته، وينظر بعينه، ويسمع بأُذنه، وينطق بلسانه، ويمشي علی رِجليه، وعن أفكاره يعبّر، وبعقله يدرك، فإذاً، فالله موجود، ولا غيره، وهو يري ويسمع ويتكلّم ويمشي ويفكّر ويدرك، وكفي. ومن هنا يقول العارف القدير الشيخ محمود الشبستريّ أعلي الله مقامه: چو نيكو بنگري در اصل اين كار هم او بيننده هم ديده است و ديدار حديث قدسي اين معني بيان كرد فَبي يَسمَعْ وَبي يُبصِرْ عيان كرد [6] شرح اللاهيجيّ لحديث: «فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ»يقول الشارح المحترم لكتاب « گلشن »: وهو الشيخ محمّد اللاهيجيّ في شرحه لهذين البيتين: لانّ كلّ ما موجود إنّما هو موجود بحقيقة كلّ وجود الحقّ، ولا شيء غير، فهذا معني قوله: نصّ: چو نيكو بنگري در اصل اين كار هم او بيننده هم ديده است و ديدار فلانّ أصل الوجود هو الحقّ تعالي، ولا موجود غيره، فتفكّر وتأمّل مليّاً، فستعرف بأن لا وجود لغير الحقّ، فالناظر هو، والمنظور هو الإنسان، والنظرة هي للوجه الذي ينعكس في المرآة، فكلّهم الحقّ تعالي، وجميع الصور، إنّما هي مظاهر للحقّ، وقد تجلّي بكلّ صورة ومظهر، وتجلّيه الاقدس علی هيئة صور الاعيان الثابتة، والتيهي الصور المعقولة للاسماء الإلهيّة المخزونة في العلم. حيث ظهر بصفة القابليّة، والتجلّي المقدّس هو المراد به هو التجلّي الشهوديّ، والذي يظهر جليّاً علی صورة تلك الاعيان، وبحسب استعداداتها. عشق هر دم ظهور ديگر داشت زان كند نقش مختلف پيدا هر دم از كون سر برون آرد روي ديگر نمايد از هر جا [7] وهذا « مقام أحديّة الجمع » و « المقام المحمّديّ » صلّي الله عليه وآله وسلّم الذي تجلّت حقيقة الوحدانيّة في مظهر الفرديّة وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـ'كِنَّ اللَهَ رَمَي'. [8] إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَهَ [9]، لانّ استحكام المكشوفات ومتانتها بشهادة البراهين العقليّة، يقول: حديث قدسي اين معني بيان كرد فَبي يَسمَعْ وَبي يُبصِرْ عيان كرد والحديث القدسيّ هو أنّ ذلك المعني نزل علی النبيّ بدون واسطة [10]، ومعني عبارة الحديث القدسيّ التي جاءت في البيت السابق هيّ: لاَ يَزَالُ العَبْدُ يَتَقَرَّبُ إلَی بِالنَّوَافِلِ حَتَّي أُحِبَّهُ، فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَلِسَانَهُ وَيَدَهُ وَرِجْلَهَ. فَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَنْطِقُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَسْعَي. وفي رواية: وَبِي يَمْشِي. اعلم أنّ محبّة الله الصمد من قبل العبد، عند العارفين، هي تجلٍّ لنفحات الالطاف الربّانيّة من مهبّ البوادي في غمرة تلاطم أمواج بحر الإرادة، والتي هي برزخ الغيب والشهادة، الهابّة من أُسس وجود الاكوان ومفاتيح غيب الاعيان، والتي تخصّ المظاهر الظاهرة، والمجالي الزاكية، والتي هي مكمن الآثار القدسيّة، وحملة الاسرار الاُنسيّة، حيث تطهّر مرايا بواطن المستقبلين للفيض الجماليّ من كدورات الآثار المجاليّة الجسمانيّة، وظلمة الشهوات النفسانيّة، وعن طريق رفع حجاب العوائق والعلائق، ودفع عذاب القواطع والموانع، تقترب من بساط القُرب. وتُذيق متعطّشي زلال الوصال، لذّة شراب روح الاُنس. ومحبّة طالب الحقّ، هي انجذاب سرّ السالك المشتاق، نحو تحصيل هذه المعاني التي هي منشأ سعادة الطالبين، ومنع كمال الراغبين، وميل باطن الطالب لدرك نتائج هذه الحقائق، حيث جمال الطالبين منها محروم وبسبب فقدان هذه الثروة والسلطان، فهم تحت نير الذلّ والعار. شعر: اين سعادت هر كه را در بر گرفت خاك پايش را فلك بر سر گرفت هر كه او از خود به كلّي وا نرست نايدش درّي از اين دريا به دست خود محبّت فارغ از ما و من است هر كه او را دوست، خود را دشمن است [11] وما ذُكر في شرح المحبّة، هو بعينه عبارة قطب المحقّقين، الامير سيّد علی الهمدانيّ قدّس سرّه وعلي سبيل التبرّك والتيمّن نُقل بحذافيره بدون زيادة أو نقصان. فهذا الحديث القدسيّ، أنّ الله تعالي، بالحقيقة، هو الناظر والمنظور، حيث «بِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ» يوضّح هذا المعني، فالإنسان، في الواقع، هو تلك القوي والاعضاء والجوارح التي نسبها الله إليه، فإذاً كلّها هو. شطر بيت: * نامي است زمن بر من و باقي همه اوست *[12] وهو ما يُعرف بـ مَقَامُ الفَنَاءِ بَعْدَ البَقَاءِ وإشارة لمرتبة: أَطِعْنِي أَجْعَلَكَ مِثْلِي وَلَيْسَ كَمِثْلِي. [13] حديث: «كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ» متّفق عليه عند الفريقَينِنعم، فلهذا الحديث أهمّيّة قصوي من حيث المعني والدلالة، وأيضاً، من حيث سنده وطريقة روايته. يقول المرحوم آية الله وحجّته، العالم العظيم الشأن الحاجّ ميرزا جواد آقا الملكيّ التبريزيّ قدّس سرّه في كتابه القدير « لقاء الله »: « هذا الحديث القدسيّ، متّفق عليه من قبل جميع ملل الإسلام » [14]. أمّا عن طريق الشيعة، فقد روي الشيخ الثقة الجليل الاقدم أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ، والذي يتقدّم الشيخ الكلينيّ بالمنزلة، ومن جملة مشايخه في الإجازات، في كتابه « المحاسن » عن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ، عن عبد الرحمن بن حمّاد، عن حنّان بن سدير، عن أبي عبد الله عليه السلام، أ نّه قال: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: قَالَ اللَهُ: مَا تَحَبَّبَ إلَی عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إلَی مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ. وَإنَّهُ لَيَتَحَبَّبُ إلَی بِالنَّافِلَةِ حَتَّي أُحِبَّهُ. فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا. إذَا دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإذَا سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ. وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي فِي مَوْتِ مُوْمِنٍ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. [15] ونقل المجلسيّ رضوان الله عليه نفس هذا الحديث عن « المحاسن » في « بحار الانوار » سنداً ورواية. [16] ورواه الكلينيّ بمضمون مشابه، ولكن بسندين مختلفين: الاوّل: عن محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد بن عيسي، وأبو علی الاشعريّ عن محمّد بن عبد الجبّار: وجميعاً عن ابن فضّال، عن علی بن عقبة عن حمّاد بن بشير، قال: سمعت أبا عبد الله ( الصادق ) عليه السلام يقول: قال رسول الله صلّي الله عليه وآله: قال الله عزّ وجلّ: مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيَّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي. وَمَا تَقَرَّبَ إلَی عَبْدٌ بِشَيءٍ أَحَبَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ. وَإنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إلَی بِالنَّافِلَةِ حَتَّي أُحِبَّهُ؛ فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا. إنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ، وَإنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ. وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيءٍ أنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي عَنْ مَوْتِ المُوْمِنِ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. [17] الثاني: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القمّاط، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر ( الباقر ) عليه السلام أ نّه قال: لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ: يَا رَبِّ مَا حَالُ المُوْمِنِ عِنْدَكَ؟! قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيَّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالمُحَارَبَةِ! وَأَنَا أَسْرَعُ شَيءٍ إلَی نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي. وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي عَنْ وَفَاةِ المُوْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ. إنَّ مِنْ عِبَادِي المُؤْمِنِينَ مَنْ لاَ يُصْلِحُهُ إلاَّ الغِنَي وَلَوْ صَرَفْتُهُ إلَی غَيْرِ ذَلِكَ لَهَلَكَ. وَإنَّ مِنْ عِبَادِي المُوْمِنِينَ مَنْ لاَ يُصْلِحُهُ إلاَّ الفَقْرُ، وَلَوْ صَرَفْتُهُ إلَی غَيْرِ ذَلِكَ لَهَلَكَ. وَمَا يَتَقَرَّبُ إلَی عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إلَی مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ. وَإنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إلَی بِالنَّافِلَةِ حَتَّي أُحِبَّهُ؛ فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ إذاً سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا. إنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ؛ وَإنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ. [18] وقد ذكر العلاّمة المجلسيّ رضوان الله عليه، شرحاً مبسوطاً وجميلاً عند توضيحه وشرحه لهذه الرواية في كتاب « مرآة العقول » نورد هنا مقتطفات من ذلك الشرح ما يناسب هذا البحث: هذا الحديث صحيح السند. تحقيق الشيخ البهائيّ حول خبر «لاَ يَزَالُ العَبْدُ» حسب نقل المجلسيّقال الشيخ البهائيّ برّد الله مضجعه: هذا الحديث صحيح السند، وهو من الاحاديث المشهورة بين الخاصّة والعامّة. وقدرووهفيصحاحهمبأدنيتغييرهكذا.[19] وقد أطنب المرحوم الشيخ البهائيّ أعلي الله درجته، في مقام شرح وتفسير هذا الحديث، بعد ذِكر هذه الرواية هنا، مُورِداً مقتطفات من كلام الحكماء والصوفيّة. ثمّ قام بنقل كلام للمحقّق الشريف في حاشية تفسير « الكشّاف » وذلك في آخر البحث، إلی أن قال: وَإنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إلَی بِالنَّوَافِلِ حَتَّي أُحِبَّهُ: النوافل جميع الافعال غير الواجبة، وأمّا تخصيصها بالصلوات المندوبة فعُرفٌ طارٍ. ومعني محبّة الله سبحانه للعبد هو كشف الحجاب عن قلبه وتمكينه من أن يطأ علی بساط قربه، فإنّ ما يُوصف به سبحانه إنّما يؤخذ باعتبار الغايات لا باعتبار المبادي. وعلامة حبّه سبحانه للعبد، توفيقه للتجافي عن دار الغرور، والترقّي إلی عالم النور، والاُنس بالله، والوحشة عمّا سواه، وصيرورة جميع الهموم همّاً واحداً. وقال بعض العارفين: إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِيمَا أَقَامَكَ. وقد قال معلّقاً علی هذه الفقرة: «فإذا أحببته كنت إذاً سمعه الذي يسمع به» تمسّك بعض الصوفيّة والاتّحاديّة والحلوليّة والملاحدة بظواهر تلك العبارات وأعرضوا عن بواطن هذه الاستعارات، فضلّوا وأضلّوا، مع أنّ عقل جميع أُولي الالباب يحكم باستحالة اتّخاذ شيء مع أشياء كثيرة متباينة الحقائق ومختلفة الآثار، وأيضاً ما ذكروه من الكفر الصريح لا اختصاص بالمحبّين والعارفين، بل يحكمون باتّحاده تعالي بجميع أصناف الموجودات، حتّي الكلاب والخنازير والقاذورات، سُبْحَـ'نَهُ و وَتَعَـ'لَي' عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. نقل المجلسيّ رحمه الله أدقّ المعاني لمضمون خبر «لاَ يَزَالُ العَبْدُ»وهنا، يختم العلاّمة المجلسيّ كلام الشيخ قدّس سرّه، ثمّ يشرع هو بشرح وتفصيل هذا الحديث قائلاً: فهذه الاخبار نافية لمذاهبهم الفاسدة الخبيثة لا مثبتة لها، ولها عند أهل الإيمان وأصحاب البيان وأرباب اللسان معان واضحة ظاهرة تقبلها الاذهان ومبنيّة علی مجازات واستعارات شايعة في الحديث والقرآن، ومشتملة علی نكات بليغة استحسنها أرباب المعاني، ولا تنافي عقائد أهل الإيمان، وهي كثيرة نومي هنا إلی بعضها. الاوّل: ما ذكره الشيخ البهائيّ قدّس سرّه وإن داهن في أوّل كلامه حيث قال: لاصحاب القلوب في هذا المقام كلمات سنيّة وإشارات سريّة وتلويحات ذوقيّة تعطر مشامّ الارواح وتحيي رميم الاشباح، لا يهتدي إلی معناها ولا يطّلع علی مغزاها إلاّ من أتعب بدنه في الرياضات وعنّي نفسه بالمجاهدات حتّي ذاق مشربهم وعرف مطلبهم، وأمّا من لم يفهم تلك الرموز ولم يهتد إلی هاتيك الكنوز لعكوفه علی الحظوظ الدنيّة وانهماكه في اللذّات البدنيّة فهو عند سماع تلك الكلمات علی خطر عظيم من التردّي في غياهب الإلحاد والوقوع في مهاوي الحلول والاتّحاد، تَعالَي اللَهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوَّاً كَبيراً. وقال الشيخ البهائيّ رحمه الله عندها: فنقول: هذا مبالغة في القرب وبيان لاستيلاء سلطان المحبّة علی ظاهر العبد وباطنه وسرّه وعلانيّته، فالمراد والله اعلم: أ نّي إذا أحببت عبدي جذبته إلی محلّ الاُنس وصرفته إلی عالَم القدس وصيّرت فكره مستغرقاً في أسرار الملكوت وحواسّه مقصورة علی اجتلاء أنوار الجبروت، فيثبت حينئذٍ في مقام القرب قدمه ويمتزج بالمحبّة لحمه ودمه، إلی أن يغيب عن نفسه ويذهل عن حسّه فيتلاشي الاغيار في نظره حتّي أكون له بمنزلة سمعه وبصره كما قال من قال: جُنُـونِـي فِيـكَ لاَ يَخْفَـي وَنَارِي مِـنْـكَ لاَ تَخْـبُـو فَأَنْتَ السَّـمْـعُ وَالإبْصَـارُ وَالاَرْكَــانُ وَالقَــلْــبُ وقال رحمه الله: يَبْطُِشُ بِهَا، بالكسر والضمّ أي يأخذ بها، وأصل البطش الاخذ بالعنف والسطوة- انتهي كلام الشيخ رحمه الله. هنا يورد العلاّمة المجلسيّ رحمه الله مضافاً إلی هذا الوجه، خمسة أوجه أُخري غيرها، ويستحسن الوجه الخامس بالخصوص، ويقول في الوجه السادس: ما هو أرفع وأوقع وأحلي وأدقّ وألطف وأخفي ممّا مضي، وهو أنّ العارف لمّا تخلّي من شهواته وإرادته وتجلّي محبّة الحقّ علی عقله وروحه ومسامعه ومشاعره وفوّض جميع أُموره إليه وسلّم ورضي بكلّ ما قضي ربّه عليه يصير الربّ سبحانه متصرّفاً في عقله وقلبه وقواه، ويدير أُموره علی ما يحبّه ويرضاه، فيريد الاشياء بمشيّة مولاه كما قال سبحانه مخاطباً لهم: وَمَا تَشَآءُونَ إِلآ أَن يَشَآءَ اللَهُ.[20] كما ورد في تأويل هذه الآية في غوامض الاخبار عن معادن الحِكَم والاسرار والائمّة الاخيار. وروي عن النبيّ صلّي الله عليه وآله وسلّم: قَلْبُ المُوْمِنِ بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِـعِ الرَّحْمَنِ؛ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ. وكذلك، يتصرّف ربّه الاعلي منه في ساير الجوارح والقوي، كما قال سبحانه مخاطباً لنبيّه المصطفي: وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـ'كِنَّ اللَهَ رَمَي'.[21] وقال تعالي: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَهَ يَدُ اللَهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ. [22] فلذلك صارت طاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله، فاتّضح بذلك معني قوله تعالي: «كُنْتُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ» وَأَ نَّهُ بِهِ يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ. فكذا، ساير المشاعر تدرك بنوره وتنويره، وساير الجوارح تتحرّك بتيسّره وتدبيره، كما قال تعالي: فَسَنُيَسِّرُهُ و لِلْيُسْرَي'. [23] وقريب منه ما ذكره الحكماء في اتّصال النفس بالعقول المفارقة، والانوار المجرّدة علی زعمهم، حيث قالوا: قد تصير النفس لشدّة اتّصالها بالعقل الفعّال بحيث يصير العقل بمنزلة الروح للنفس، والنفس بمنزلة البدن للعقل، فيلاحظ المعقولات في لوح العقل، ويدبّر العقل نفسه كتدبير النفس للبدن، ولذا يظهر منه الغرائب التي يعجز عنها ساير الناس كإحياء الموتي وشقّ القمر وأمثالهما. تحقيق الميرزا رفيعا حول خبر «لاَ يَزَالُ العَبْدُ»قال صاحب « الشجرة الإلهيّة » [24]: كما أنّ في النفس في حال التعلّق بالبدن تتوهّم أ نّها هي البدن، أو أ نّها فيه وإن لم تكن هو ولا فيه، فكذلك النفس الكاملة إذا فارقت البدن وقطعت تعلّقها من شدّة قوّتها ونوريّتها وعلاقتها العشقيّة مع نور الانوار والانوار العقليّة، تتوهّم أ نّها هي فتصير الانوار مظاهراً لنفوس المفارقة كما كانت الابدان أيضاً، فهذا هو معني الاتّحاد لا بمعني صيرورة الشيئين شيئاً واحداً فإنّه باطل انتهي. نقل المجلسيّ لتحقيق المحقّق الطوسيّ وغيره حول حديث «لاَ يَزَالُ العَبْدُ»حتّي يصل المجلسيّ إلی قوله: قال المحقّق الطوسيّ قدّس الله سرّه القُدُّوسيّ: العارف إذا انقطع عن نفسه واتّصل بالحقّ رأي كلّ قدرة مستغرقة في قدرته المتعلّقة بجميع المقدورات، وكلّ علم مستغرقاً في علمه الذي لا يعزب عنه شيء من الموجودات، وكلّ إرادة مستغرقة في إرادته التي لا يتأبّي عنها شيء من الممكنات، بل كلّ وجود وكلّ كمال وجود فهو صادر عنه فائض من لدنه. فصار الحقّ حينئذٍ بصره الذي يبصر به، وسمعه الذي يسمع به، وقدرته التي بها يفعل، وعلمه الذي به يعلم، وجوده الذي به يجود، فصار العارف حينئذٍ متخلّقاً بأخلاق الله في الحقيقة. وقال بعض المحقّقين في شرح هذا الخبر أيضاً: معني محبّة الله كشفه الحجاب عن قلبه وتمكينه إيّاه من قربه، ومعني المحبّة من العبد ميل نفسه إلی الشيء لكمال إدراكه فيه بحيث يحمّلها علی ما يقرّبها إليه، فإذا علم العبد أنّ الكمال الحقيقيّ ليس إلاّ للّه، وأنّ كلّ ما يراه كمالاً من نفسه أو من غيره فهو من الله و بالله وإلي الله لم يكن حبّه إلاّ للّه و في الله. وذلك يقتضي إرادة طاعته والرغبة فيما يقرّبه إليه واتّباعه من كلّ وسيلة له إلی معرفته ومحبّته، قال الله تعالي لرسوله: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَهُ. [25] فإنّ متابعة الرسول في عبادته وسيرته وأخلاقه وأحواله ونوافله، يحصل القرب إلی الله، وبالقرب يحصل محبّة الله إيّاه. وقال بعض العارفين بزعمه: إذا تجلّي الله سبحانه بذاته لاحد يري كلّ الذوات والصفات والافعال متلاشية في أشعّة ذاته وصفاته وأفعاله، ويجد نفسه مع جميع المخلوقات كأ نّها مدبّرة لها وهي أعضائها ولا يلمّ بواحد منها شيء إلاّ ويراه ملمّاً به، ويري ذاته الذات الواحدة، وصفته صفتها، وفعله فعلها لاستهلاكه بالكلّيّة في عين التوحيد، وليس للإنسان وراء هذه الرتبة مقام في التوحيد. ولمّا انجذب بصيرة الروح إلی مشاهدة جمال الذات استتر نور العقل الفارق بين الاشياء في غلبة نور الذات القديمة، وارتفع التميّز بين القِدَم والحدوث لزهوق الباطل عند مجيء الحقّ. وقيل: إلی هذا المعني يشير ما ورد في الحديث النبويّ: علی مَمْسُوسٌ فِي ذَاتِ اللَهِ. ولعلّ هذا هو السرّ في صدور بعض الكلمات الغريبة من مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة البيان وأمثالها انتهي. ويقول المجلسيّ في ختام هذا البحث الذي ينتهي هنا: الاكتفاء بما أسلفنا وأومأنا، وترك الخوض في تلك المسالك الخطيرة أولي وأحوط وأحري، وَاللَهُ المُوَفِّقُ لِلْهُدَي. [26] الروايات المرويّة في كتب الخاصّة في حديث «لاَ يَزَالُ العَبْدُ»وقد اعتبر الشيخ بهاء الدين العامليّ رحمه الله هذه الرواية، واحدة من الروايات الاربعين الصحيحة في كتابه « الاربعين ». وقد نقلها بسند متّصل عن الكلينيّ، كما فعل المجلسيّ، ثمّ اختتمه بشرح جميل مرّت مقتطفات منه. [27] وقد ذكر أيضاً، السيّد علی خان الحسينيّ الحسنيّ المدنيّ الشيرازيّ المعروف بالكبير، هذه الرواية في « شرح الصحيفة المباركة الكاملة السجّاديّة » [28]. وكذا فعل السيّد حسن الشيرازيّ في كتابه « كلمة الله ». [29] وأورد ذلك أيضاً، الغزّاليّ في كتابه « إحياء العلوم » في باب المحبّة والشوق إلی الله. [30] واستشهد السيّد حيدر الآمليّ بهذا الحديث في كتاب « جامع الاسرار ومنبع الانوار » الذي طُبع بتصحيح هنري كوربن، في أربعة مواضع: الاوّل: في صفحة 204، برقم ( 393 ): أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَي فِيهِ (أَيْ مَقَامِ الوَحْدَةِ الذَّاتِيَّةِ) فَكَقَوْلِهِ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: لاَ يَزَالُ العَبْدُ إلی آخره. الثاني: في صفحة 249، برقم ( 495 ): قُلْنَا: جَوَابُكَ فِي هَذَا السُّؤَالِ مِنْ طُرُقِهِمْ (هُوَ) فِي غَايَةِ الوُضُوحِ؛ وَهُوَ أَ نَّهُمْ يَقُولُونَ: نَحْنُ إذَا أَثْبَتْنَا أَنَّ الإمام يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْصُوماً وَمَنْصُوصاً (عَلَيْهِ) إلی آخره. الثالث: في صفحة 605، برقم ( 1269 ): وَحَقُّ اليَقِينِ هُوَ أَوَّلُ دُخولِهِمْ فِي البَقَاءِ الحَقِيقِيِّ الحَاصِلِ بَعْدَ الفَنَاءِ الكُلِّيِّ المُسَمَّي بِالفَرْقِ بَعْدَ الجَمْعِ، الَّذِي هُوَ مَقَامُ التَّكْمِيلِ وَالرُّجُوعِ إلَی الكَثْرَةِ بِاللَهِ لاَ بِهِ؛ لِقَوْلِ اللَهِ تَعَالَي: «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـ'كِنَّ اللَهَ رَمَي'». وَلِقَوْلِهِ فِي الحَديثِ القُدْسِيِّ إلی آخره. الرابع: في صفحة 675، برقم ( 119 ): وَهَذَا هُوَ مَقَامُ مُشَاهَدَةِ العَبْدِ نَفْسَهُ مَعَ كَثْرَتِهَا فِي مِرْآةِ الحَقِّ وَاحِدَةً إلی آخره. وهؤلاء هم من الخاصّة الذين نقلوا هذه الرواية في الكتب المذكورة، ويتّضح من كتاب « سرّ العالمين »، أنّ الغزّاليّ كان قد تشيّع في آخر عمره، وقد استوفينا البحث في هذا الامر في الجزء الثامن من « معرفة الإمام » من سلسلة العلوم والمعارف الإسلاميّة. [31] وقد تمّ بحث هذا الحديث المبارك من قبل العبد الحقير، مؤلّف هذا الكتاب « معرفة الله » في أماكن عدّة في سلسلة العلوم والمعارف الإسلاميّة هذه: الجزء التاسع من « معرفة الإمام »[32] والجزء الثاني من « معرفة المعاد »[33] وكذلك في « مهر تابان » ( = الشمس الساطعة [34])، و « التوحيد العلميّ والعينيّ »[35]. الروايات المرويّة في كتب العامّة في حديث: «لاَ يَزَالُ العَبْدُ»ومن العامّة، رواه البخاريّ في كتاب « الرقاق »، باب التواضع. [36] وذكره أيضاً الراغب الإصفهانيّ في « المفردات » في كتاب القاف، في مادّة قرب بقوله: وعلي هذا القرب، نبّه عليه الصلاة والسلام فيما ذكر عن الله تعالي: مَنْ تَقَرَّبَ إلَی شِبْراً، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِرَاعاً. وعنه قوله أيضاً: مَا تَقَرَّبَ إلَی عَبْدٌ بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ إلی آخر الخبر. [37] وقد رواه أحمد بن حنبل عن عبد الواحد، مولي عروة، عن عروة، عن عائشة،[38] وقد بحث الشيخ عزيز الدين النسفيّ هذا الحديث في ثلاثة مواضع من كتاب « الإنسان الكامل »: الاوّل: خلال بحثه في العقل ودرجاته، فهو يعتبر أنّ العقل الاعلي والارقي موجود لدي مَن تحقّق في شأنه الحديث القدسيّ: كُنْتُ لَهُ سَمْعاً وَبَصَراً وَيَداً وَلِسَاناً، بِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَنْطِقُ. الثاني: وخلال بحثه في المشكاة، فهو يطنب في الشرح حتّي يصل إلی هذا الحديث. الثالث: وخلال بحثه في لقاء الله، يستشهد بهذا الحديث. [39] ويقول الملاّ حسين الواعظ الكاشفيّ في « الرسالة العليّة » عند ذكره لمقام القرب: قال الله تعالي: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. وعندها يذكر هذا الحديث القدسيّ.[40] شرح وتفسير حديث «لاَ يَزَالُ العَبْدُ» في كتب أعلام العرفانويذكر الملاّ عبد الرزّاق الكاشانيّ في « شرح منازل السائرين » في قسم الحقائق، في باب الحياة: « وأصل المحبّة هو العلم بالآيات والاخبار الواردة في المحبّة والشوق والإرادة كما في قوله تعالي: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ. ] 5/54 [ وَالَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ. ] 2/165 [ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَهُ. ] 3/31 [ وعن الرسول الاكرم صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم حاكياً عن ربّه عزّ وجلّ: لاَ يَزَالُ العَبْدُ يَتَقَرَّبُ إلی آخر الحديث، وَإنَّ أَحَبَّ العِبَادِ إلَی اللَهِ الاَخْفِيَاءُ الاَتْقِيَاءُ. [41] مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَهِ، أَحَبَّ اللَهُ لِقَاءَهُ. [42] وقد تطرّق أبو مظفّر منصور السمعانيّ في كتاب « روح الارواح » إلی ذكر وشرح هذا الحديث القدسيّ في ثلاثة مواضع: في باب « الحقّ المبين » و « الواجد » و « المنتقم » [43]. واستشهد الشيخ نجم الدين الرازيّ به في موضعين من كتاب « مرصاد العباد »، وقال في الموضع الثاني في مقام تجلّي الاُلوهيّة: « إنّ محمّداً عليه الصلاة هو مصداق لتجلّي الاُلوهيّة، حتّي أضحي الوجود المحمّديّ إثباتاً لوجود الذات الإلهيّة حيث يقول تعالي: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَهَ يَدُ اللَهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ. لم ينل أحد من الانبياء عليهم السلام هذا الشرف والمنزلة الرفيعة، ولكن كلّ من عزم علی أن يأكل من هذه المائدة، فله أن يسعي للدنو من مضيّفه، والتقرّب إليه أكثر فأكثر كما في قوله سبحانه لاَ يَزَالُ العَبْدُ يَتَقَرَّبُ إلَی بِالنَّوَافِلِ. ] حتّي آخر الحديث [. وهذه السعادة إنّما هي من خاصّيّة تجلّي الذات الإلهيّة » [44]. واستشهد كذلك الشيخ نجم الدين الرازيّ بهذا الخبر في أحد المواضع في رسالة « العشق والعقل »، حيث يستدلّ علی عدم قدرة العقل في متابعة هذا الطريق، إلی أن يقول: « ومن هنا، فلا سبيل إلاّ بطيّ طريق العشق، حيث يتجرّد العشق من الحروف، ويرتدي حلّة الجذبة، فيجتاز السالك بجذبة واحدة مقام قاب قوسين ليصل به إلی مرتبة الوجود، وتضعه في مقام أَوْ أَدْنَي' وعلي بساط القرب، حيث: جَذْبَةٌ مِنْ جَذَبَاتِ الحَقِّ تُوَازِي عَمَلَ الثَّقَلَيْنِ. أي أ نّه لا يمكن الوصول إلی ما يوازي عمل الثقلين إلاّ بالجذبة. وأن ينسلخ من مرحلة فَاذْكُرُونِي، ويتجلّي جمال مرحلة أَذْكُرْكُمْ، فيكون الذاكر مذكوراً، والعاشق معشوقاً، وحينما يوصل العشق العاشق بمعشوقه، فإنّ العشق يبقي بصفة ( الدلاّلة ) علی الباب والعاشق يَقْدِم إلی حضرة وصال المعشوق بصفة الفَرَاشة، ووجوده يسكبه علی قدم شعلة شمع جلال المعشوق حتّي يُضيّف المعشوق العاشقَ المحترقَ بنور جماله. فيتجلّي الوجود المجازيّ للعاشق، والوجود الحقيقيّ للمعشوق من مكمن كُنْتُ كَنْزاً مَخْفِيَّاً فلا يبقي من العاشق إلاّ اسمه. شعر: عشق آمد و شد چو خونم اندر رگ و پوست تا كرد مرا تهيّ و پر كرد ز دوست اجزاي وجود من همه دوست گرفت نامي است ز من بر من و باقي همه اوست [45] فيكون هذا هو معني لاَ يَزَالُ العَبْدُ يَتَقَرَّبُ إلَی بِالنَّوَافِلِ حَتَّي أُحِبَّهُ ]حتّي آخر الرواية [» [46]. وقد استند الهجويريّ الغزنويّ في كتابه « كشف المحجوب » إلی هذا الخبر في موضعَيْن اثنين. [47] واستدلّ الملاّ مسكين في تفسير « حدائق الحقائق» بهذه الرواية في موضع واحد. [48] وذكر كلّ من عبد الحليم محمود ومحمود بن شريف هذا الحديث القدسيّ في مقدّمتهما في شرح « الحِكَم العطائيّة » للشيخ أحمد زرّوق خلال بيان وتعداد مدارج الإنسان.[49] إرجاعات [1] ـ «طبقات أعلام الشيعة» الانوار الساطعة في المائة السابعة (القرن السابع) تأليف سـماحة العلاّمة الشـيخ آغا بزرك الطهـرانيّ، ج 7، ص 117، دار الكتب العربيّة بيروت، عند ذكر أخبار علی بن موسي بن طاووس. [2] ـ «كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون» لحاجي خليفة كاتب الجلبيّ: ج 1، ص 675، العمود الايمن؛ ومقدّمة «شرح الحِكَم العطائيّة» ص 13. [3] ـ يقول: «هلمّ يا ساق وأسقنا فقد أزال الحبيب الحجاب وبان، وأضاء فَرط جماله وحُسنه سراج خلوة العشّاق. وازدادَ شمع محيّا الحبيب المشتعل ضياءً ونوراً وأضحي هذا الشيخ العجوز شابّاً يافعاً من جديد. وقد غمز العشق غمزة وأغري إغراءً بحيث وقع قاضي الشرع كذلك في شباكه واحتار في المحبوب، وأغدق الحبيبُ علينا من حبّه حتّي هَجَرَنا الاعداء وفارقونا». [4] ـ يقول: «إنّ الله سبحانه أرسل أنفاراً مُستعدّين للتضحية بأنفسهم كعيسي ابن مريم عليهما السلام، لكي يُزيل عنّا إصر الهجر والفراق الذي أثقل كاهلنا ولوّع قلوبنا، ويُخلّصنا من الغَمّ. فاحذر العبارات الرنّانة والكلام المعسول الخادع، كأنّ ثغره فُستقةً ضاحكة معجونة بالسكّر. إنّ كلّ مَن اعتاد علی الدلال والاغترار بقامته وقوامه في مقابل القمر والشمس، جلس جانباً وكسدت بضاعته وامتهن مهنة أُخري بعد أن خرجتَ أنت علينا وبدا جمالك وحُسنك. لقد دوّي صوت العشق وملا صداه أركان السماوات السبع، فانظرْ إلی السفيه القليل العقل الذي اعتبر هذه القصّة حكاية عابرة لا أهمّيّة لها. يا حافظ! مَن ذا الذي علّمك هذا النمط من الحديث السماويّ والشِّعر الراقي، اللذان حرزا محبوبك وحفظا معشوقك فطفق يحملهما معه كالتميمة؟». «ديوان حافظ» ص 119، الغزليّة رقم 86، طبعة منشورات صفي عليشاه، سنة 1376 شمسيّة ( 1997 م). [5] ـ مقطع من الآية 67، من السـورة 39: الزمـر، وتمام الآيـة: وَمَا قَـدَرُوا اللَهَ حَـقَّ قَدْرِهِ وَالاْرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ و يَوْمَ الْقِيَـ'مَةِ وَالسَّمَـ'وَ تُ مَطْوِيَّـ'تُ بِيَمِينِهِ سُبْحَـ'نَهُ وَتَعَـ'لَي' عَمَّا يُشْرِكُونَ. [6] ـ يقول: «فلو نظرتَ جيّداً في الامر هذا لرأيت أ نّه الباصر والبصير والاءبصار. بان في الحديث القدسيّ وظهر أنّ المؤمن بي يسمع وبي يبصر». «گلشن راز» ص 14، بخطّ النستعليق لعماد الاردبيليّ، سنة 1333 شمسيّ، المصادف سنة 1374 هـ.ق. [7] ـ يقول: «لقد كان للعشق في كلّ آن ظهور آخر، ويُبدي من ذلك صورة مختلفة عن الاُخري. وكلّما ظهر في ناحية من نواحي الكون، ظهر بوجه آخر من مكان آخر». [8] ـ مقطع من الآية 17، من السورة 8: الانفال، وتمام الآية: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـ'كِنَّ اللَهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إذْ رَمَيْتَ وَلَـ'كِنَّ اللَهَ رَمَي' وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلآءً حَسَنًا إِنَّ اللَهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. [9] ـ صدر الآية 10، من السورة 48: الفتح، وتمام الآية: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَهَ يَدُ اللَهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَي' نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَي' بِمَا عَـ'هَدَ عَلَيْهُ اللَهَ فَسَيُوْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا. [10] ـ وللحديث القدسيّ ميزة أُخري هي أ نّه لا يجب اعتباره معجزة للنبيّ، ولذا فإنّ القرآن الكريم لا يُعتَبر من الاحاديث القدسيّة. [11] ـ يقول: «فمن حصل علی هذه السعادة كان تراب قدمه للفَلَك وسادة فمن لم يجتز النفس جميعاً كلّها لم ينل شيئاً منها ولا من درّها هي تخلو من (أنا) و(نحن) فمن أحبّها عادي نفسه علی عَلَن» [12] ـ يقول: «هو اسمٌ منّي علی، والباقي كلّه هو». [13] ـ أورد السيّد حيدر الآمليّ هذا الحديث في «جامع الاسرار» ص 204؛ «شرح گلشن راز» بتصحيح وتنقيح كيوان سميعي، ص 113 إلی 115. [14] ـ «لقاء الله» ص 24. [15] ـ «المحاسن»، ج 1، ص 291، برقم 443، كتاب مصابيح الظُّلَم؛ وقد ردّ القاضي نور الله الشوشتريّ في كتاب «مصائب النواصب» علی المعاند الذي ادّعي أنّ كُتب الشيعة مُقتصرة علی الكُتب الاربعة المشهورة «الكافي»؛ «الفقيه»؛ «التهذيب» و«الاستبصار»، قائلاً ما مفهومه: «وأمّا ثالثاً فلانّ حصر كتب الإماميّة في أربعة غير صحيح، لانّ كتبهم تبلغ الستّة وخامسـها «المحاسـن» من تأليف أحمد بن محمّد بن خالـد البرقيّ، وسـادسـها «قرب الاءسناد» من تأليف محمّد بن عبد الله جعفر الحميريّ». وذكر الملاّ محمّد تقي المجلسيّ طيّب الله مضجعه في شرحه بالفارسيّة علی كتاب «من لا يحضره الفقيه» (الطبعة الحجريّة، ج 1، ص 61 ) في شرح قول الصدوق رحمه الله فيما يتعلّق بكتاب «المحاسن» لاحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ما قوله: «وهذا الكتاب موجود وفي متناول أيدينا، وهو كما نقل عنه المشايخ كبير وثقة ومُعتَمَد عليه. وما موجود لدينا اليوم ربّما كان ثُلث الكتاب المذكور. وقد صنّف المؤلّف ثلاث وتسعين مُصنّفاً آخر غير هذا الكتاب في فنون العلوم. وقد ورد ذِكر أسماء هذه الكتب وسائر كتب العلماء الاُخري في فهارس أصحاب الرجال». وقال العلاّمة المجلسيّ قدّس الله تربته في مقدّمة كتاب «بحار الانوار» في الفصل الثاني في كلامه في أنّ الكتب التي استند إليها في تأليف كتابه «بحار الانوار» وروي عنها، هل هي كتب معتبرة أم لا، ما معناه: «ويعتبر كتاب «المحاسن» للبرقيّ من الاُصول المعتبرة وقد نقل عنه الكلينيّ وجميع مَن تأخّرَ عنه». وقال العلاّمة السيّد مهدي بحر العلوم رحمه الله في رجاله (الطبعة الحروفيّة، ج 1، ص 331 ): «بنو خالد البرقيّ: أبوهم: خالد بن عبد الرحمن بن محمّد بن علی، كوفيّ من موالي أبي الحسن الاشعريّ. وقيل: مولي جرير بن عبد الله. قتل يوسف بن عمر ـ والي العراق جَدّه محمّد بن علی بعد قتل يزيد ـ رضي الله عنه فهرب خالد ـ وهو صغير مع أبيه عبد الرحمن إلی برق رود قرية في سواد (قم) علی وادٍ هناك يُعرَف بذلك ـ فنُسبوا إليها». حتّي يصل العلاّمة إلی قوله: «وذكرَ البرقيّ في (رجاله) أباه محمّداً في أصحاب الكاظم، والرضا والجواد عليهم السلام. وذكرَ نفسه في أصحاب الجواد والهادي عليهما السلام وكان في زمان العسكري عليه السلام، وذكرَ أصحابه، ولم يعدّ نفسه فيهم وكأ نّه لم يلقه أو لم يتّفق له الرواية». وأورد الشيخ الجليل النجاشيّ رحمه الله في رجاله (الطبعة الحجريّة، ص 56 ) عن أحمد بن الحسين في تأريخه: «أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن بن محمّد بن علی البرقيّ... توفّي أحمد بن أبـي عبد الله البرقـيّ في سـنة أربـع وسـبعين ومائتيـن. وقال علی بن محمّد ماجيلويه: توفّي سنة ثمانين ومائتين». [16] ـ «بحار الانوار» ج 15، ص 29، باب حُبّ الله تعالي، طبعة الكمبانيّ القديمة؛ وطبعة الإسلاميّة: ج 70، ص 22، حديث رقم 21. [17] ـ «أُصول الكافي» ج 2، ص 352، حديث رقم 7، من كتاب الاءيمان والكفر، باب من آذي المسلمين واحتقرهم. [18] ـ «أُصول الكافي» ج 2، ص 352، حديث رقم 8. وروي هذا الحديث كذلك بدون سند ثقة الإسلام الشيخ أبو الفضل علی الطبرسيّ المتوفّي أوائل القرن السابع الهجريّ، في كتاب «مشكاة الانوار في غُرر الاخبار» الطبعة الثانية، المطبعة (الحيدريّة) ـ النجف الاشرف، في ص 146 و 147، عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام. وقد ذكر الحقير المسكين هذا الحديث أيضاً في كتاب «التوحيد العلميّ والعينيّ» ص 299، مع ذِكر أسناد عدّة له في التعليقة. [19] ـ قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إنَّ اللَهَ تَعالَي قَالَ: مَنْ عَادَي لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ. وَمَا يَتَقَرَّبُ إلَی عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إلَی مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ. وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَی بِالنَّوافِلِ حَتَّي أُحِبَّهُ؛ فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا. إنْ سَأَلَني لاَعْطَيْتُهُ، وَإنِ اسْتَعَاذَنِي لاَعِيذَنَّهُ. وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدي فِي قَبْضِ نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلاَبُدَّ لَهُ مِنْهُ. [20] ـ صـدر الآية 30، من السـورة 76: الإنسان. وتمام الآية: وَمَا تَشَـآءُونَ إِلآ أَن يَشَآءَ اللَهُ إِنَّ اللَهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا. [21] ـ مقطع من الآية 17، من السورة 8: الانفال. وتمام الآية: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـ'كِنَّ اللَهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـ'كِنَّ اللَهَ رَمَي' وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلآءً حَسَنًا إِنَّ اللَهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. [22] ـ صدر الآية 10، من السورة 48: الفتح. وتمام الآية: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَهَ يَدُ اللَهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَي' نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَي' بِمَا عَـ'هَدَ عَلَيْهُ اللَهَ فَسَيُوْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا. [23] ـ الآيات 5 إلی 7، من السورة 92: الليل. وتمام الآية: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَي' وَاتَّقَي' * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَي' * فَسَنُيَسِّرُهُ و لِلْيُسْرَي'. [24] ـ وجاء في «الذريعة» ج 13، ص 28، برقم 89 أنّ: «شجرة الهيّه» هو كتاب بالفارسيّة في أُصول الدين للحكيم المتكلِّم السيّد رفيع الدين محمّد بن حيدر الحسنيّ الطباطبائيّ المعروف بـ (ميرزا رفيعا)، وهو من شيوخ المجلسيّ. توفّي في سنة 1082 أو 1099 ه. وكان المشار إليه قد أ لّف ذلك الكتاب للشاه صفيّ الصفويّ سنة 1047 ه ». [25] ـ صدر الآية 31، من السورة 3: آل عمران. وتمام الآية: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. [26] ـ «مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول» ج 10، ص 383 إلی 396، حديث 8، كتاب الاءيمان والكفر، باب من آذي المسلمين واحتقرهم، الطبعة الثانية، سنة 1404 ه. [27] ـ كتاب «الاربعين» ص 295 إلی 303، الحديث 35، الطبعة الحجريّة (ناصري)، سنة 1272 ه. [28] ـ «رياض السالكين» ج 6، ص 157، في شرح الدعاء الخامس والاربعين، طبعة رابطة المدرّسين. [29] ـ «كلمة الله» ص 68، حديث رقم 67، تحت عنوان (زُلفي المؤمن)، وذكر مصادره في ص 519 عن «المحاسن» للبرقيّ، و«الكافي» للكلينيّ في ثلاثة مواضع. [30] ـ «إحياء العلوم» ج 4، ص 263، طبعة دار الكتب العربيّة الكبري، مطبعة ميمنة مصر، سنة 1334. [31] ـ «معرفة الإمام» ج 8، من الدرس 118 إلی 120. [32] ـ «معرفة الإمام» ج 9، من الدرس 131 إلی 134. [33] ـ «معرفة المعاد» ج 2، المجلس 9. [34] ـ انظر: «الشمس الساطعة» البحث الفلسفيّ. [35] ـ خلال التذييل علی المكتوب السادس للمرحوم السيّد، ص 299. [36] ـ «صحيح البخاريّ» ج 8، ص 105، طبعة بولاق. [37] ـ «المفردات في غريب القرآن» ص 399، العمود الايسر، تحقيق السيّد محمّد سيّد الجيلانيّ، مطبعة مصطفي البابيّ الحلبيّ. [38] ـ «مسند أحمد بن حنبل» ج 6، ص 256، دار صادر، المكتب الإسلاميّ بيروت. [39] ـ «الإنسان الكامل» للنسفيّ، بتصحيح ومقدّمة فرانسوا ماريجان موله، طبعة تابان، سنة 1341، الصفحات: 136 و 285 و 305 علی التوالي. قال بخصوص الموضع الثالث هذا ما ترجمته: «(21) يا أيّها الدرويش! لن يكون بإمكان السالك معرفة أيّ شيء ورؤيته كما هو ما لم يتشرّف بلقاء الله. وليس للسالك شغلاً شاغلاً غير معرفة الله ورؤيته، ومعرفة صفاته ورؤيتها. فمَن لم يري الله ولم يعرف صفاته فهو كمَن جاء (إلي الدنيا) أعمي وخرج (منها) أعمي. فإذا وصل السالك إلی نور الله فقد خلّف وراءه كلّ الرياضات والمجاهدات الصعبة، ووصل إلی المقام الذي يقول عنه الله: كُنْتُ لَهُ سَمْعاً وَبَصَراً وَيَداً وَلِسَاناً، وَبِي يَسْمَعُ وَبِي يُبْصِرُ وَبِي يَبْطِشُ وَبِي يَنْطِقُ. وكذا فقد وصل إلی المقام الذي قال عنه رسول الله عليه السلام: اتَّقُوا فَرَاسَةَ المُؤْمِنِ، فَإنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَهِ. وعند وصول السالك إلی نور الله فهو حينئذٍ سائر في طريق نور الله. فقد كان حتّي تلك اللحظة سائراً في طريق نور العقل؛ وهو ذا عمل العقل قد انتهي؛ وهو الآن سائر في طريق نور الله. ويسير طوراً في طريق نور الله حيث تزال كلّ الحُجُب النورانيّة والظلمانيّة من أمام السالك، فيري الاخير الله ويعرفه. إذن فلا يمكن رؤية نور الله أو معرفته إلاّ بنور منه أيضاً». [40] ـ «الرسـالة العليّة في الاحاديث النبويّة» (شـرح أربعين حديثاً نبويّاً بتصـحيح السيّد جلال الدين الاُرمَويّ المحدِّث). هذا وقد توفّي الكاشفيّ سنة 910. نعم، فهذه الرواية موجودة في ص 170 و 171 من هذه الرسالة. وجاء في كتاب «تشيّع وتصوّف (= التشيّع والتصوّف) تأليف الدكتور كامل مصطفي الشيبيّ، وترجمة ذكاوتي القراكوزلو، ص 325، ضمن بيان ترجمة أحوال الكاشفيّ ما يلي: «ويبدو أنّ الواعظ الكاشفيّ كان من الافذاذ النوادر الذين لم يجد المذهب أو الطريقة أو التعصّب سبيلاً إلی أنفسهم فكان طرازاً غريباً من الرجال، شبيهاً برجل من الشيعة اشتهر بتلك السماحة أيضاً هو بهاء الدِّين العامليّ. ومع أنّ الواعظ الكاشفيّ كان صوفيّاً نَقشبَنديّاً وفقيهاً حنفيّاً أ لّف في الفقه الحنفيّ رسالة برأسها («هديّة العارفين» ج 1، ص 316 التعليقة)، كتب سنة 908 أوّل وأهمّ رسالة في مجالس العزاء الحسينيّ سمّاها «روضة الشهداء في مقاتل أهل البيت». [41] ـ «سنن ابن ماجة» (كتاب الفتن، الباب 16، من ترجّي له السلامة من الفتن: 2/1321 ) عن الرسول الكريم... إنَّ اللَهَ يُحِبُّ الاَبْرَارَ الاَتْقِيَاءَ الاَخْفِيَاءَ، الَّذِينَ إذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإذَا حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا - التعليقة). [42] ـ «الجامع الصغير» للسيوطيّ (باب الميم: 2/160 ) و«معاني الاخبار» باب معني ما روي أنّ من أحبّ لقاء الله.(التعليقة)؛ وشرح الكاشانيّ لـ «منازل السائرين» للخواجة عبد الله الانصاريّ، ص 528، منشورات بيدار. [43] ـ «رَوح الارواح في شرح أسماء الملك الفتّاح» بتصحيح نجيب مائل الهرويّ، ص 442، 499، 552، «انتشارات علمي و فرهنگي» (= المنشورات العلميّة والثقافيّة). [44] ـ «مرصاد العباد» ص 208، 320، و 321، طبعة بنگاه ترجمه ونشر كتاب. [45] ـ يقول: «جاء الحبّ وصار دمي في عروقي فأفرغني ثمّ ملاني من حبّ صَدوقِ وصار الحبيب كلّ همّي ووجودي فما أبقي لي غير اسمي دون وجودي» [46] ـ رسالة «عشق و عقل» ص 64 إلی 66، و 117 و 118، (معيار الصدق في مصداق العشق)، طبعة بنگاه ترجمه ونشر كتاب. ويقول معلّق الكتاب: «حديث قدسيّ مشهور مرويٌّ علی وجوه مختلفة. ذكره الهُجويريّ في «كشف المحجوب» ص 393، طبعة لينينغراد، وجاء ذِكره في «إحياء العلوم» و«الجامع الصغير» و«إتحاف السادة المتّقين». وقد أشار مولانا جلال الدين إلی مضمون هذا الحديث في «المثنويّ» حيث قال: رو كه بي يَسمَع و بي يُبصِر توئي سرّ توئي چه جاي صاحب سرّ توئي آنكه بي يَسمَع و بي يُبصِر شده است در حقِ اين بنده آن هم بيهُده است يقول: «اذهَبْ، فأنتَ مَن قيل عنه (بي يَسمَع وبي يُبصر)، وأنتَ السرّ لا نّك أنت صاحب السرّ. إنّ مَقام (بي يَسمَع وبي يُبصر) لا يمكن إطلاقه علی هذا العبد جزافاً». [47] ـ «كشف المحجوب» تصنيف أبو الحسن علی بن عثمان الجُلابيّ الهُجويريّ الغزنويّ، بتصحيح و.جوكوفسكي، ص 326 و 393، طبعة مكتبة طهوري. [48] ـ تفسـير «حدائق الحقائق» لمعين الدين الفَـراهي الهَـرَويّ، ص 278، منشـورات أمير كبير. [49] ـ «حِكَم ابن عطاء الله» شرح الشيخ أحمد زرّوق، ص 4، طبعة طرابلس الغرب، مكتبة النجاح، حيث يقول: وفي حديث قدسيّ يقول سبحانه: عَبْدِي! اعْبُدْنِي أَجْعَلْكَ رَبَّانِيَّاً، تَقُولُ لِلشَّيءِ كُنْ فَيَكونُ. وفي حديث قدسيّ آخر يقول (الحديث إلی آخره). |
|
|