|
|
الصفحة السابقةُ
َعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمَ بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحيم وَصَلَّي اللَهُ علی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ وَلَعْنَةُ اللَهِ علی أعْدَائِهِمْ أجْمَعينَ مِنَ الا´نَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلیِّ العَظِيمِ
قَالَ اللَهُ الحَكِيمُ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ : فَتَعَـ'لَي اللَهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ . ( الا´ية 116 ، من السورة 23 : المؤمنون ) وتأتي الا´يتان التإلیتان بعد الا´ية المذكورة : وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَهِ إِلَـ'هًا ءَاخَرَ لاَ بُرْهَـ'نَ لَهُ و بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ و عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ و لاَ يُفْلِحُ الْكَـ'فِرُونَ * وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّ حِمِينَ خسروا گوي فلك در خم چوگان تو باد ساحت كون و مكان عرصة ميدان تو باد زلف خاتون ظفر ، شيفتة پرچم تست ديدة فتح ابد عاشق جولان تو باد [1] همه آفاق گرفت و همه اطراف گشاد صيت خُلق تو كه پيوسته نگهبان تو باد اي كه انشاي عطارد صفت شوكت تست عقل كل چاكر طغراكش ديوان تو باد طَيْرة جلوة طوبي قد چون سرو تو شد غيرت خلد برين ساحت بستان تو باد نه بهِ تنها حَيَوانات و نباتات و جماد هرچه در عالم امر است به فرمان تو باد حافظ خسته به اخلاص ثنا خوان تو شد لطف عام تو شفابخش ثنا خوان تو باد [2] ليس هناك اختلاف في مسألةٍ ما بقدر الاختلاف في الله تعإلیإنّه لامر جلل ، ومعضلة يكتنفها الغموض أن يكون وجود الله الرحمن الرحيم والحيّ العلیم والقدير موضع اختلاف وتباين في الافكار والعقائد بين الاُمم والشعوب إلی حدّ يمكن القول إنّه ليس هناك مسألة أو معضلة اختُلِفَ فيها إلی هذا الحدّ كما هو الحال مع هذه المسألة التي هي من أكثر المسائل بديهيّة ووضوحاً ، بل إنّ بداهة ووضوح جميع المسائل تنبع من بركات بداهة ووضوح هذه المسألة ، وقد وصل الحال ببعض الاُمم العريقة إلی إنكار أصل وجوده تعإلی . وقد أشار حكيمنا القدّوسيّ وعارفنا القدّيسيّ المرحوم الحاجّ الملاّ هادي السبزواريّ أعلی الله رتبته في كتابه « منظومة الحكمة » إلی أنّ سبب ذلك هو شدّة ظهوره تعإلی : يَا وَاهِبَ العَقْلِ لَكَ المَحَامِدُ إلَی جَنَابِكَ انْتَهَي المَقَاصِدُ يَا مَنْ هُوَ اخْتَفَي لِفَرْطِ نُورِهْ الظَّاهِرُ البَاطِنُ فِي ظُهُورِهْ بِنُورِ وَجْهِهِ اسْتَنارَ كُلُّ شَيءْ وَعِنْدَ نُورِ وَجْهِهِ سِوَاهُ فَيءْ وعلی هذا فلمّا كان الله العلی الاعلی هو الوجود المحض وكان ظاهراً بنفسه ، ولمّا كانت بقيّة الموجودات في الوجود ووجودها ظاهرة بوجوده ؛ فإنّ شدّة هذا الظهور وفرط هذا النور نيّر وساطع لدرجة أ نّه تسبّب في اختفاء ذواتها . وقد أنكر جماعة وجود الله من الاساس وقالوا : ليس هناك في العالم إله حيّ مدرك علیم قادر كبير متعال ؛ فالطبيعة محضة وصِرفة . والطبيعة والمادّة هما غير الحياة والعلم والقدرة . وهؤلاء هم المادّيّون والطبيعيّون . الشيخ أحمد الاحسائيّ لا يعتبر الله حتّي منشأ لانتزاع الصفاتوإذا تجاوزنا هؤلاء ، فإنّه حتّي القائلين بوجود الله والمؤمنين به والذين يُقال لهم الإلهيّون قد اختلفوا في ماهيّته ووصفه ؛ وفي صفاته وأفعاله ، وفي علاقة الموجودات به ، وكيفيّة إمكاننا ووجوبه . وقال بعضهم : ليس هناك أيّ تشابه أو تلائم بين الله وأيٍّ من الموجودات بأيّ وجه من الوجوه . وليست هناك أيّة رابطة وجوديّة ، بل أساساً لا يوجد أيّ تشابه . فأين الموجود المخلوق من الله الخالق ؟ إنّ ذات الله المقدّسة منزّهة عن كلّ ما يخطر ببال الإنسان من تصوّرات وأفكار ونسبتها إلیه . وذاته أطهر من أيّة صفة حتّي من صفة الوجود نفسها . بل إنّ نوع وحقيقة وجود الله يختلف عن ذلك الذي تملكه المخلوقات والموجودات الاُخري ، ويختلف في مفهومه أيضاً . وقد تقدّست وتنزّهت ذاته عن كلّ ما يتراءي للعيان ، وصفاته وأسماؤه وأفعاله عن كُلّ ما يُتصوّر . ولذا فلا يمكننا إقامة أيّة علاقة مع الله ، لا نّنا موجودات ممكنة الوجود ومخلوقات ضعيفة وفقيرة ، والعجز والجهل متأصّلان فينا ، أمّا هو ، فواجب الوجود والخالق القويّ الغنيّ وهو القادر المتمكّن والعالم والخبير ، بكلّ ما لهذه الكلمات من معانٍ . وتُدعي هذه الجماعة بأهل التنزيه ( المُنَزِّهة ) . أي يريدون أن ينزّهوا الله ويقدّسوه ويطهّروه إلی أبعد الحدود . وهم يبالغون في تنزيه الله وتقديسه إلی الحدّ الذي يقطعون أيّة رابطة للموجودات به ويُعلنون صراحةً : بأن ليس هناك سبيل لمعرفة الله ؛ لا إلی أفعال الله ولا إلی أسمائه أو صفاته أو ذاته . فلا سبيل لنا إلی ذلك المقام الاعلی والذروة الاسني ، حتّي أ نّنا لا يمكننا إطلاق كلمة الوجود علی الله انطلاقاً من وجهة نظر العقل ، فهؤلاء يشكّلون فرقة خاصّة بهم ، ومن المتأخّرين من ينتمي إلی هذه الفرقة أيضاً . ومن القائلين بهذا النوع من التنزيه بعض الافراد الذين يعتبرون أنفسهم من كبار العلماء ومن الطراز الاوّل ، في حين أ نّه ( أي التنزيه المذكور ) كان عقيدتهم المعلنة . ومن جملة هؤلاء ، الشيخ أحمد الاحسائيّ ، حيث إنّ عباراته التي كتبها في شرحه للزيارة الجامعة الكبيرة ( شرح الزيارة ) توضّح بجلاء انتمائه لهذه العقيدة . جاء في بداية رسالة « لقاء الله » للمرحوم آية الله الحاجّ الميرزا جواد آقا الملكيّ التبريزيّ قدّس الله تربته ، وتحديداً في المقطع الذي يقول فيه : « وخلاصة القول فإنّ المذاق الاوّل هو مذاق طائفة من متكلمي العلماء الاعلام . فهؤلاء قد استدلّوا بظاهر بعض الاخبار ، وقاموا بتأويل الا´يات والاخبار والادعية الواردة التي تخالف أهواءهم » . وهنا يكتب المرحوم الحاشية التإلیة بخطّ يده : « ويعبّر هذا المذاق عن صريح كلمات الشيخ أحمد الاحسائيّ وتابعيه . ولكنّهم يُأوِّلون أخبار اللقاء والمعرفة علی نحو آخر كما سيأتي ذكره ، ويفسّرون جميع الاسماء والصفات علی أساس أ نّها من أسماء وصفات مرتبة المخلوق الاوّل . بل إنّهم لا يعتبرون الذات القدسيّة منشأ انتزاع الصفات ، ويقولون بالتنزيه الصِّرف ـ منه عُفيَ عنه » . وقال البعض الا´خر : إنّ هناك تشابهاً بين الله وبين الموجودات من جميع الوجوه ؛ سواء أكان في ذاته أم في صفاته أم في أفعاله . إنّ للّه رابطاً مع مخلوقاته وللمخلوقات رابطٌ يربطها بالله . ومعني الرابط هو الوحدة والملائمة والمشابهة بين ذات العلّة وذات المعلول ، وصفات العلّة وصفات المعلول ، وأفعال العلّة وأفعال المعلول . إنّ عالم المُلك والملكوت برمّته هو مخلوق من قِبل الله . وعلیه فيجب أن يكون تشابه بين الله سبحانه وتعإلی وبين هذه المخلوقات من جميع النواحي . ويقال لهذه الجماعة أهل التشبيه (المُشَبِّهة) . أي أ نّهم يقارنون بين الله والموجودات في الذات والصفات . ولا نعلم أحداً من الشيعة علی هذا المذهب ، ولكنّه كانت هناك جماعة من العامّة ، وما تزال ، تنتمي إلی أهل التشبيه . هذه أيضاً عقيدة خاطئة ، لانّ الله خالق الموجودات لا يمكن أن يتشابه معها من جميع النواحي . فأيّ دليل يوصلنا إلی أ نّه يجب أن يكون هناك تشابه من جميع الجهات في علیة الخِلقة وعالم الوجود ؟ وذهبت هذه الجماعة إلی حدّ القول بجسميّة الله . لانّ الموجودات المُلكيّة هي أجسام . وبالطبع فإنّ هذه النظريّة والعقيدة باطلة . أصحاب التنزيه يعدّون الحقّ خإلیاً من الحياة والعلم والقدرةإذن فَالمُنَزِّهَةُ وَالمُشَبِّهَةُ كلاهما علی باطل . صحيح أ نّنا ننزّه الله ؛ لكنّنا ننزّهه من صفات النقص التي توجب الإمكان والحدوث ؛ ومن العيب والنقصان ، من العجز والفقر والضعف . فنقول : إنّ الله ليس بعاجز ولا ميّت ولا نائم ولا جاهل . فكلّ هذا صحيح . أمّا أن ننزّه الله إلی درجة أ نّنا ننزع عنه مفهوم الوجود بحيث لا تُطلق علیه كلمة موجود أصلاً أو كلمة حيّ أو قادر ومقتدر ، أو عالم وخبير ؛ فهذا خطأ . يقول هؤلاء : لا سبيل لنا إلی معرفة الله : لا إجمالاً ولا تفصيلاً ، لا مفهوماً ولا مصداقاً ، لا إلی ذاته ولا إلی صفته واسمه أو فعله . فمن شدّة التنزيه قد عميت إحدي أعينهم ، فهُم ينظرون إلی الله بعين واحدة ؛ أي كالاعور . فعينهم المُبصرة هي أ نّهم ينزّهون الله عن جميع صفات النقص والتقييد والتحديد ، أمّا عينهم العوراء فهم لا يَرَون أنّ للّه تأثيراً ووجوداً وقدرة وقوّة إفاضة في جميع عوالم الوجود والخِلقة ؛ فهم يُسقطون عنه كلّ الصفات العلیا والاسماء الحُسني . فهم يحصرونه ( أي الله ) في زاوية معيّنة من السماء ؛ إلهٌ مُنزّه وطاهر ليس له أيّة علاقة بعالم الوجود والإيجاد . والمشبّهة من ناحيتها تقول : إنّ خصائص الله هي نفس خصائص الموجودات . ولكنّ قول الحقّ هو أن لا التنزيه الصِّرف صحيح ولا التشبيه الصِّرف . فالذات المقدّسة منزّهة وطاهرة إلی ما شئتَ ، من القبائح والشنائع التي هي من لوازم الإمكان وتوجب تقييد الحقّ . أمّا إذا قلنا : إنّ مفاهيم العلم ، القدرة ، والحياة في الاسماء والصفات تكون بشكل بحيث لا نستطيع إطلاقها علیه وننزّهه كذلك عن دلالة هذه المعاني الراقية والمفاهيم السامية علیه ، ومن هذا المنطلق نقيم بينونة وعزلة بين صفات وأسماء الحقّ وبين مخلوقاته ؛ فهذا أيضاً خطأ . إنّ صفات الله العإلیة وأسماءه الحُسني قد ملات عالم الوجود كلّه ؛ فكلّ هذا الضجيج الذي يزخر به عالم المُلك والملكوت ، وعالم المادّة وما وراء المادّة ، كلّ ذلك ينطق بصفاته وأسمائه . فجبرائيل هو اسم الله ، وكذلك الانبياء هم أسماء الله ، وكذا الملائكة والبشر وكلّ الموجودات الاُخري من الحيوانات مثل : الطيور ، البهائم ، الزواحف ، الاحياء المائيّة وكلّ الجمادات هي أسماء الله . لكنّ هذا الاسم هو علی نوعين : اسم كلّيّ ، وهو الذي تمتلكه الموجودات الملكوتيّة والنوريّة ، واسم جزئيّ وهو ما للموجودات المُلكيّة والمادّيّة والظلمانيّة . فكلّ هؤلاء أسماؤه وصفاته وقد برزت في هذه المجالات والمظاهر . فعالم الوجود برمّته هو الحقّ وشؤونه المتمثّلة في ظهوره في شبكات الإمكان ، ولا شيء غير ذلك أبداً . عكس روي تو چو در آينة جام افتاد صوفي از خندة مِيْ در طمع خام افتاد حسن روي تو به يك جلوه كه در آينه كرد اين همه نقش در آئينة اوهام افتاد [3] اين همه عكس مي و نقش و نگاري كه نمود يك فروغ رخ ساقي است كه در جام افتاد غيرت عشق زبان همه خاصان ببريد كز كجا سرّ غمش در دهن عام افتاد آن شد اي خواجه كه در صومعه بازم بيني كار ما با لب ساقيّ و لب جام افتاد من ز مسجد به خرابات نه خود افتادم اينم از عهد ازل حاصل فرجام افتاد چه كند كز پي دوران نرود چون پرگار هر كه در دايرة گردش ايّام افتاد هر دمش با من دلسوخته لطفي دگرست اين گدا بين كه چه شايستة إنعام افتاد [4] زير شمشير غمش رقص كنان بايد رفت كآنكه شد كشتة او نيك سرانجام افتاد در خم زلف تو آويخت دل از چاه زنخ آه كز چاه برون آمد و در دام افتاد صوفيان جمله حريفند و نظر باز ولي زين ميان حافظ دلسوخته بد نام افتاد [5] التنزيه فاقد للدليل العقليّ والشهوديّ والشرعيّإذا قلنا بأنّ اسم الله سبحانه وتعإلی وصفته هما أساساً خارج هذا العالم ، وإنّه قد أوجد عالماً بينه وبين اسم الله وصفته وفعله حجاب ؛ ففي هذه الحالة لا يكون هناك أيّ رابط يربط هذا العالم مع الله ، وكذلك الله لن يربطه بهذا العالم أيّ رابط ؛ وعندها لن يكون هذا العالم مخلوق الله ومعلوله . وهكذا إذا قلنا بأن ليس لذاته المقدّسة أيّ اسم أو صفته ، لا إجمالاً ولا تفصيلاً ، لا مصداقاً ولا مفهوماً ، وإنّ جميع أسمائه وصفاته خارجة عنه ومنفصلة ؛ فكيف يمكن لهذا الإله المجرّد والمُفرغ من المحتوي العديم الحياة والعلم والقدرة أن يكون مبدأ عالم الخَلق ومبدعه ؟! وبناءً علی هذا ، تكون كلّ أنواع التنزيه الصِّرف للحقّ تعإلی بلا برهان عقليّ وشهود وجدانيّ ودليل شرعيّ . يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار بالنسبة للاسم أحد للحقّ تعإلی ، وحدانيّته وتجرّده من جميع النسب والإضافات ، ولكنّ الامر يكون علی العكس في اسم واحد ، يجب النظر إلی ذاته المقدّسة باعتبارها حاوية علی جميع الاسماء والصفات الكلّيّة منها والجزئيّة . فوحدانيّته المتمثّلة في الاسم ( أحد ) ، هو تجرّده من جميع شوائب التكثّر حتّي في المفاهيم التي تنطبق علیه ؛ وأمّا وحدانيّته المتمثّلة في الاسم ( واحد ) ، فهي استجماع لجميع الشؤون والا´ثار والخصائص التي تحتوي علیها واندراجها جميعها بما في ذلك عالما المُلك والملكوت مجتمعين تحت اسم الواحد . فَتَعَـ'لَي اللَهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ´ إِلَـ'هَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ . إنّ الاحديّة للحقّ تعإلی تعني بساطته الصِّرفة ومحوضته المحضة وتجرّده الخالص من أيّ مفهوم أو أيّ شيء تريد نسبته إلیه ؛ فهو طاهر ومنزّه من كلّ هذه الاشياء . أمّا واحديّة الحقّ تعإلی فتعني اعتبار ذاته باعتبار أسمائه وصفاته ، وكذلك اعتبار نشأة الكثرة وعوالمها النابعة من أسمائه وصفاته الكلّيّة واللابسة بها لباس الوجود . فكلّ جزء من هيكل عالم الوجود بما في ذلك العالم الظاهر والباطن وعالم المادّة والتجرّد ونشأة الطبيعة والمثال والعقل ، أي جميع أجزاء الدنيا وعالم البرزخ والقيامة كلّها تندرج تحت اسم الواحد للحقّ تعإلی . وعلی هذا فباعتبار واحديّة الحقّ تعإلی ، أي كونه لطيفاً وخبيراً وبصيراً وسميعاً وهكذا إلی آخر أسمائه وصفاته ، فإنّه قد ملا جميع ذرّات عالم الوجود . فبصره بصر جميع الموجودات ، وسمعه سمعها ، وعلمه وحياته ، وهكذا حتّي نصل إلی آخر ذرّة تُري فإنّ الله يكون معها وبمعيّتها . هذا هو معني واحديّته تبارك وتقدّس . سيّد الموحّدين مَن يشبّه الله تعإلی في عين تنزيههفَإنْ قُلْتَ بِالتَّشْبِيهِ كُنْتَ مُحَدِّدَا وَإنْ قُلْتَ بِالتَّنْزِيهِ كُنْتَ مُقَيِّدَا وَإنْ قُلْتَ بِالاَمْرَيْنِ كُنْتَ مُسَدِّدَا وَكُنْتَ إمَاماً فِي المَعَارِفِ سَيِّدَا [6] وقد وردت أدلّة كثيرة في الا´يات القرآنيّة والاخبار الواردة عن مصادر الوحي تدلّ كلّها علی بطلان التنزيه الصِّرف بمعني تنزيهه عن أسمائه وصفاته كذلك ، وهي آيات وأخبار لا تعدّ ولا تحصي . ونفس الامر يُقال في مسألة التشبيه الصِّرف بالموجودات والمخلوقات . وبناءً علی هذا فإنّ هاتين المدرستين المعروفتين باطلتان . [7] بطلان منهج الحلول والاتّحادوهناك مدرسة أُخري تقول بالحلول يقول أصحابها إنّ ذات الله حالّة في كلّ الموجودات ، سواء حلّ الله في موجود آخر بعد موت الموجود الاوّل ، أم أ نّه يحلّ ابتداءً في موجودٍ ما . وهذه العقيدة باطلة كذلك ، لانّ ذاته المقدّسة ليست محدودة حتّي يستوعبه ظرف ذلك الوجود ، ولانّ الموجودات جميعاً هي مظاهر للّه ؛ وهي ليست غيره حتّي يصدق علیها عنوان الظرف والمظروف ، أو الحالّ والمُحلّ . وقد استنكر جميع الفلاسفة وكبار العلماء هذا الكلام واعتبروا بطلان هذه الدعوة من المسلّمات . ولكنّ النصاري كذلك تقول بهذا القول وتعتقد أنّ الله حالٌّ في الاقانيم الثلاثة : الاب والابن والروح القدس . وهم يقولون بأنّ الاب هو الذات والابن هو العلم والروح القدس ( جبرائيل ) هو الحياة ، ويقولون كذلك : إنّ لنا ثلاثة آلهة وإنّ الله حالٌّ في كلّ واحد من هذه الا´لهة . والحقّ أنّ فلاسفة النصاري في العالم وقفوا أمام هذه المشكلة خجلي ومطأطئي الرؤوس ، معترفين بأنّ هذا الشيء محال من وجهة النظر العقليّة ، إلاّ أ نّه يجب التسليم بها لا نّها وردت في الاناجيل . وهناك مدرسة أُخري تسمّي ب مدرسة الاتّحاد . ويقول أصحاب هذه المدرسة : إنّ الله يتّحد مع الموجودات ، بالرغم من حالة الثنائية الموجودة . فجبرائيل يصير واحداً مع الله ، والانبياء في بعض الاحايين يصيرون واحداً مع الله وهذا مغلوط أيضاً . لانّ تصوير الاتّحاد يستلزم تصوير إثبات الثنائيّة والاثنينيّة في أن يكون ذلكما الشيئان واحداً مع بعضهما . وليس لدينا في عالم الوجود شيئان ، فكلّ ما موجود هو ذات الله وأسماؤه وصفاته التي هي واحدة ، وجميع المخلوقات ، من تطوّرات وشؤونات وظهورات ومجإلی ، هي أسماؤه وصفاته المقدّسة . ولا يمكن تصوّر اتّحاد الثنائيّة . وعلی هذا ، فمذهب الاتّحاد هو باطل أيضاً كسابقه . جهات خطأ منهج الاعتزالوإذا تجاوزنا ذلك سنصل إلی مذهب الاشاعرة والمعتزلة . المعتزلة هم اصحاب واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصريّ . ولهؤلاء عقائد خاصّة في كثير من المسائل . فالمعتزلة تقول : إنّ طريق لقاء الله مسدود تماماً بوجه غير الله . أي أ نّه ليس بإمكان أيّ موجود أن يلقي الله بأيّ شكل من الاشكال ، سواء أكان في الدنيا أم في الا´خرة ، وسواء أكان بعين البصر أم البصيرة أم كان ذلك ظاهراً أم باطناً . ويقولون كذلك بتأويل جميع الا´يات والروايات التي تشير إلی لقاء الله ، وذلك بسلسلة من المعارف تكون مناسبة مع الله . مثل لقاء أسماء الله ونِعَمِه وصفاته ورضوانه وما شابه ذلك . ومن جملة عقائد المعتزلة قولهم : إنّ الله خالق الخير وإنّ الإنسان خالق الشرور والسيّئات ، بمعني أنّ الشرّ مصدره الإنسان والخير مصدره الله . وإنّ في العالم مبدأيْنِ خالقينِ : أحدهما الله وهو خالق الخيرات ، والا´خر هو الإنسان خالق الشرور . ومن عقائد المعتزلة الاُخري : أنّ الله سبحانه وتعإلی لمّا خلق الإنسان جعله مستقلاّ وحرّاً في أفعاله بكلّ معني الكلمة . مثله كمثل الساعة التي تُملا من قِبل الإنسان ثمّ تقوم بالعمل كذلك لوحدها فتُدير عجلاتها المسنّنة وعقاربها وتدفع جَرسها علی الدقّ في وقت مُعيّن . وكذا الحال مع الإنسان الذي خُلِقَ مِن قِبَل الله ، فهو يُؤدّي أفعاله باختياره وحرّيّته التامّة . إنّ الإنسان هو الفاعل لافعاله لا غير . ليس لله سبحانه أيّ دَخلٍ في أفعال الإنسان بأيّ شكل من الاشكال وهذه مدرسة ومذهب الا´خرين ، إذ ليس أحد من الشيعة معتزليّ ؛ وما يتوهّم به البعض بإدراج الشيعة في قائمة المُعتزلة أو اعتبار المُعتزلة شعبة منهم ، هو خطأٌ محض . فالمُعتزلة هم من أهل السنّة ، مَثَلهم كمَثل الاشعريّة ، وكلاهما يقفان في الصفّ المخالف للشيعة . وبالجملة ، فإنّ مذهب الاعتزال غير صحيح كذلك . أوّلاً : إنّ لقاء الله سبحانه مفتوح علی مصراعَيْه للجميع ، وهناك آياتٌ وروايات لا تُعَدّ ولا تُحصي تدلّ كلّها علی أنّ طريق لقاء الله ممكن لكلّ البشر . فالإنسان قادر علی التقاء الله وزيارته والتشرّف بمقابلته ؛ كلّ ما في الامر أ نّه لا يمكنه رؤيته بحاسّة بصره ، لا نّه تعإلی ليس بجسم . وعلی هذا فأفراد البشر قادرون علی رؤية الله سبحانه والتشرّف بلقائه بعين الفؤاد والحقيقة والبصيرة والإيمان الباطن ؛ وهم القادرون علی ذلك كما ذكرنا نتيجة تزكية النفس الامّارة بالسوء ؛ وبعد اجتيازهم للمراحل الاربع المذكورة والمدوّنة في كتب الاخلاق المعروفة وهي : التجلية ؛ التخلية ؛ التحلية ؛ الفَناء ، لن يقتصر الامر علی لقائهم الله تعإلی وحسب ، بل سيستقرّون في رحاب حرمه الا´من والمأمون ، ولن يُحرَموا طَرفة عين من شرف الحضور واللقاء والزيارة والفَناء والاندكاك في ذاته المقدّسة أبداً . وليس هناك سند أمتن ومستند أوثق علی ما ندّعي من الروايات المتواترة بهذا الخصوص ، وأدعية سيّد الموحّدين أمير المؤمنين ، ومناجاة الإمام زين العابدين ، والاخبار الواردة عن صادق آل البيت ، والإمام أبي الحسن الرضا علیهم آلاف التحية والسلام وغاية الصلوات والإكرام . ثانياً ، إنّ ما ذكروه من أنّ الله سبحانه خالق الخير والإنسان هو خالق الشرّ مغلوط هو الا´خر ، لقبح تصوير مَبدأيْن في عالَم الخَلق ، ولا اختلاف في هذا القُبح سواء أعتقد الإنسان بمبدأيْن هما « أهورامزدا » و « أهريمن » وبالتإلی الاعتقاد بمَبدأيْن في عالَم الوجود ، أم بالقول إنّ الله هو خالِق الخيرات والحسنات وإنّ الإنسان هو خالق الشرور والسيّئات ؛ فكِلا القولين يُشيران إلی وجود مَبدأيْن . إنّ الطريق الامثل والاوحد لحلّ مسألة ومعضلة الشرور هو ما فصّلناه في بحثنا لهذا الموضوع إلی الا´ن ، وما أجبنا فيه من بين الطرق الثلاثة التي كان أحدها مسألة عدميّة الشرور . ثالثاً ، قولهم إنّ الله خلق الإنسان وإنّ الإنسان هو الموجِد لافعاله ، خَطأٌ كذلك . ما كان الإنسان ولن يكون خالِق أفعاله مطلقاً ، قد يكون له دَخل في تعيين عنوان الفعل أو وضع حدود معيّنة له ، إلاّ أنّ أصل الإيجاد في الفعل بِيَدِ الله سبحانه . ولو كان الإنسان فاعلاً مستقلاّ ( لِفعله ) وقادراً علی أداء ذلك الفعل فهذا سيعني التفويض وهو أنّ الله خلق الإنسان ثمّ فَوّضَ أو وكّلَ أمرَ فِعله إلیه . وعلی هذا لن تكون لحياة الله وعلمه وقدرته وحكمته وبصيرته وبالتإلی ذاته سبحانه أيّ دخل في أفعال الإنسان التي يقوم بأدائها . فماذا يعني ذلك ؟ إنّ هذا الكلام يشير إلی انعزإلیة الله وعزلته وحبسه حاشا له في زاويّة من زوايا الكون . لا شكّ أنّ هذا الكلام مخالف لمذهب التوحيد الذي يقول : ليست أيّة ذرّة من ذرّات عالَم الوجود ، في أيّة لحظة من اللحظات تكون وفي أيّ مكان من الامكنة تعيش ، منفصلة وبعيدة عن الله ؛ لا في أصل خِلقتها ولا في بقاء واستدامة وجودها ؛ لا في الذات ولا في الاسم والصفة ولا في الفعل . إنّ أيّ فعل يصدر عن أيٍّ من الموجودات يكون تحت سيطرة الحقّ تعإلی وتقدّس ، وهيمنته ومعيّته الوجوديّة والاسميّة في نفس تلك اللحظة التي يصدر فيها ذلك الفعل . إنّ عِلم ذلك الموجود وقدرته وحياته ، كلّ ذلك مُندَكٌّ في عِلم الله وقدرته وحياته . ولن يكون بإمكاننا إيجاد أيّ مكان لايّة ذرّة ، لا في جميع عوالم الوجود ولا في المُلك والملكوت ولا في السماء أو الارض ولا في السماوات السبع والارضين السبع مستثني من هذه القاعدة الكلّيّة أو خارجاً عنها . إنّ هذا الكلام مخالف ، كما قلنا ، لمذهب التوحيد وتلك الراية التي رفرفتْ بِيَدِ سيّدنا إبراهيم علیه الصلاة والسلام واهتزّت بيمينه ، وهو ما استند علیه دين سائر الانبياء خصوصاً الرسول الاعظم محمّد بن عبد الله صلّي الله علیه وآله ورسالتهم وعقيدتهم وبُنيَ علیه أساسها ، حيث أكّدوا أن لا موجود غير الذات المقدّسة للواحِد الاحد والقاهر الصمد مُؤثّر في عالَم الوجود والخِلقة بأيّ شكل من الاشكال . وبناءً علی هذا فإنّ مذهب المعتزلة باطل كذلك . إنّ مَثَل هذه الفرقة كمثل الاعمي الذي يُغلق عَينَيْه ويقول مع نفسه : إنّنا ندور حول الارض ؛ وقد وهبنا الله القدرة والفعل الاختياريَّيْنِ ؛ فعلینا أن نعمل ولا شأن لنا مع الله . لنا أمرنا وللّه أمره ! لاحظوا ذلك وتأمّلوا جيّداً ! ولا تعتقدوا أنّ هذه المذاهب التي نبحث شؤونها ونُطالع تعإلیمها هي مذاهب مُنقَرِضة وبائدة ، أو هي مذاهب انفرطَ عِقدها ، كما يقال ، وصار أمرها فُرُطاً ؛ إنّها مذاهب لا تزال تعمل بنشاط ولها مَن يؤمن بها وسار علی طبق منهجها . إنّ جُلّ المساعي التي يبذلها حكماء الإسلام وفلاسفته الكبار تنصبّ في مجال استئصال هذه العقائد وقطع شريانها الحيويّ ، وهي مساع حميدة يُشكَرون علیها . إلاّ أ نّنا نري أنّ السواد الاعظم من الناس وخصوصاً الحشويّة من العلماء ومن الذين لا يفقهون معقولات الاُمور والقائلين : إنّ الرجوع إلی العقل في جميع الاُمور مغلوط ، وإنّ علی الناس التمسّك بظواهر الاخبار وآثار التعبُّد ؛ ساقطون في هذه الحفرة المُهلِكة وغارقون في وحلها حتّي قمّة رأسهم . وهم يقودون الناس نحو هذه العقيدة بصورة عمليّة قائلين : إنّ هذه هي عقيدة العوامّ ولسنا مُكَلّفون بما هو فوق ذلك . وقع عدد من علمائنا من أهل الحديث ـ لا الحكمة ـ في شِراك المعتزلةوقال بعض علماء الحديث والرواية ، لا أهلَ الحِكمة والدراية : إنّنا نمتلك القدرة ونحوز العِلم ، وتصدر عنّا أعمال تقع جميعها علی عاتقنا ومسؤوليّتنا ، دون دخل للحقّ تعإلی وتقدّس في ذلك ؛ ونحن إذ نقوم بهذه الاعمال لا سبيل لنا للقاء الله ؛ إنّ هذا الاعتقاد هو ما يؤمن به المعتزلة ، وإن ادّعي هؤلاء بأ نّهم شيعة اثنا عشريّة ، فهم يوالون عقائد المعتزلة ويؤمنون بها طبعاً وعملاً ، وقد أُشرِبوا في قلوبهم تلك العقيدة . لذلك يتوجّب علینا مهاجرة هذه العقيدة عمليّاً وأن لا نكتفي في فعل ذلك شفهيّاً ! إنّ الواجب يُحتّم علینا الانضمام تحت لواء التوحيد بالعمل لا باللفظ واللسان وحسب ، والسير علی هَدي خُطَب مولي الموحّدين أمير المؤمنين علیه أفضل صلوات المصلين ، وأقوال الإمام الصادق وكلمات الإمام الرضا علیهما السلام والبحوث التوحيديّة التي كانت له في مجلس المأمون وكانت بحقّ مَوضع فخر واعتزاز ! علینا أن نتّخذ المنهج الذي انتهجه فخر الفلاسفة المتقدّمين والمتأخّرين الملاّ صدرا الشيرازيّ قدوةً في الحوزة العِلميّة وصفوف التدريس حتّي يتسنّي لنا تقوية الا´صرة الموجودة بين الشرع من جهة والعقل والشهود من جهة أُخري ، وبالتإلی الخَطوَ نحو مرتبة الكمال بمصاحبة القوي العإلیة الثلاث وهي العِلم والوجدان والتعبُّد ؛ وإلاّ فإنّ رَكبنا ـ يا عزيزي سيظلّ متأخِّراً عن الركبان الاُخري إلی يوم الحشر ؛ وإنّي لاخشي ممّا هو أكبر من ذلك وأعظم مصيبة ؛ وهو أن يبقي رَكبنا هذا متأخّراً حتّي بعد الحشر ! علینا أن نخطو في طريق الادعية والسلوك والمنهاج والخُطَب والكلمات التي خطي فيها السابقون في الدين والائمّة المعصومون ، ونلاحظ كيفيّة معاملتهم مع المذاهب الباطلة المختلفة وقدرتهم علی محوها وإزالتها فعملوا جاهدين مخلصين علی إخراج الاُمّة من جميع مراتب الشرك ، وسلّموا أنفسهم بِيَدِ الله تعإلی وتوكّلوا علیه ، ولم يكلوا أنفسهم أو يستمدّوا قوّتهم من غير الله سبحانه ؛ فلنكن نحن كما كان أُولئك ! الاشاعرة قائلون بالجبر في المبدأ والخِلقة والإ نسانيقول الاشاعرة : إنّ الله سبحانه وتعإلی قد خلقَ العالم حرّاً يفعل ما يشاء . فالله أوّلاً في ذاته مقهور في عمله ، فهو غير مُخيّر ( لااختيار له ) . وما الاختيار الذي وهبه هو إلی الإنسان إلاّ صورة لا واقعيّة لها . فجميع أفراد البشر مجبورون ومضطرّون في أداء أفعالهم وأعمالهم . وعلی هذا فالجبر عنصر أساس في أعمال البشر ، والله كذلك مجبور في عمله ؛ سَواء ما يتعلّق بهذا الخَلق أم عمله في ما يتعلّق بعالَم الخِلقة . ويقول الاشاعرة إنّ جميع الاعمال التي يؤدّيها الإنسان علی أ نّها نابعة من اختياره ، من صلاة وصوم وحجّ وعُمرة وجهاد وكسب في جانب الطاعات ، وكذلك من زِناً ومُعاقرة الخمر والقمار والسرقة والاعتداء علی النواميس والقوانين والقتل والإغارة وسائر الجنايات وأعمال الخيانة التي تسمّي بالمعاصي ؛ كلّ تلك الاعمال تستند إلی الله ولم يكن الإنسان يوماً حُرّاً أو مختاراً في فعل أيّ من تلك الاعمال . إنّ الفعل حقّ وإنّ البشر مجبر علی أدائه والإتيان به وإن بدا له أثناء ارتكابه ذلك الفعل أ نّه حُرّ ومُخيَّر إلاّ أنّ هذا الاختيار أو تلك الحرّيّة ليست إلاّ ظنّ وخيال . ذلك أنّ كلّ شيء هو تحت قوّته القاهرة وسيطرته وهيمنته ويجب أن تتحوّل إلی حركة سواء أرَضِيَ أم لَم يَرضَ . ومن ناحية أُخري فإنّ الله نفسه غير مُخيّر في بعض الافعال التي قد تصدر عنه . وهذه الافعال هي عبارة عن ترشُّحات ذاته وهو أمرٌ مُلازِم لوجوده . ولهذا يجب القول : إنّ الله مجبور ومضطرٌ في خلق السماوات والارض وما بينهما وعالَم المُلك والملكوت ـ سواء أكان ذلك في بِدء الخليقة أم في بقائها واستدامتها ؛ وكذلك جميع الخلائق من ملائكة وجنّ وإنس وحيوانات وسائر الموجودات التي لم نتمكّن من تصوّرها لحدّ الا´ن ؛ كلّ أُولئك مجبورون مضطرّون في أعمالهم وتصرّفاتهم ، مَثلهم في ذلك كمثل عقرب الساعة الذي يتحرّك ويدور دون اختيار منه في ذلك ، أو كمثل حجر الطاحونة التي تعمل الرياح أو الماء علی تحريكها ودورانها ، أو كسائر الا´لات التي تعمل تلقائيّاً في المعامل والمصانع وتُؤدّي الغرض المرسوم لها والمبرمجة علی أدائه . هذه هي إحدي أهمّ النواحي التي يعتقد بها الاشاعرة وهو ما يميّزهم عن الإماميّة . وأمّا الناحية الاُخري في عقيدتهم فهي مسألة العدل . فهم يعتقدون أنّ الله والعياذ بالله ليس عادلاً ! ولا يمكن للعدل أن يكون صفة من صفاته . فهم يقولون : إنّ عدالته تتناقض مع صفته الاُخري التي تتمثّل في كونه فَعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ وَحَاكِمٌ لِمَا يُرِيدُ ، ومع الا´ية الكريمة : لاَ يُسْـَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْـَلُونَ . [8] ويقول الاشاعرة كذلك : إنّ الله ذاتٌ ، وإنّ جميع الموجودات مرتبطة بذاته ، وهو كذلك قائم بذاته . ولا أحد يقف في وجه ما يريد فعله أو القيام به أو منعه من ذلك ؛ ومن هنا لا يصحّ إضفاء صفة العدل علیه . إنّ كلّ ما يفعله هو صحيح وإن بدا لنا ظُلماً . ويجوز ارتكاب القبائح والشرور من قِبَل الله ، لانّ ذلك صادر عنه ولا إشكال أو بأس في ذلك . وتجدر الإشارة هنا إلی أنّ آية الله العلاّمة الحسن بن يوسف المطهّر الحلّيّ قدّس الله نفسه قد عالج بحوثاً وافية وكافية في مقالات واعتقادات الاشاعرة في كتابه الموسوم بـ « نهج الحقّ وكشف الصدق » [9] لإبطال عقائد سخيفة كهذه بهمّة عإلیة . وقد قُمنا بنقل بعض النصوص من الكتاب المذكور في سلسلة دروس « معرفة الإمام » [10] ، وندعو القرّاء الكرام إلی مراجعة كتاب « معرفة الإمام » وعلی الاخصّ الكتاب القيّم لسماحة العلاّمة ومطالعة ذلك . وأخيراً نقدّم المثال البديهيّ التإلی بصورة موجزة لإنهاء هذه المسألة : إنّ هناك فرقاً بين إنكار الاختيار ووجوده ، وعدم فعل القبيح والشرّ علی أساس المصلحة وقاعدة وأصل الحِكمة . والا´ن تَصوّروا أ نّنا جميعاً جالسون في مجلس بهيّ رائع تسيطر علینا سِمة الادب والدماثة فهل تعتقدون أنّ أيّاً منّا قادر في تلك الحال علی القيام وخلع ملابسه جميعاً حتّي الملابس الداخليّة ، ثمّ والدوران حول الحضور وهو بُطلق بعض الصفّارات ، ثمّ يختمها بالخروج مسرعاً من بين ذلك الجمع إلی الخارج ؟! هل يستطيع أيّ واحد منّا القيام بهذا العمل أم لا ؟! طبيعيّ أنّ ذلك ممكن الحصول ! إلاّ أ نّنا لا نجد أحداً يفعل ذلك أو كان قد فعله من قَبْل أو حتّي التفكير للقيام به . وليس ذلك من باب أ نّه لا يملك الحرّيّة أو الاختيار لفعله أو القدرة علی ذلك ، أو أنّ عمله مقتصر علی الجلوس جانباً في ذلك المجلس وعدم أدائه لذلك الفعل ؛ فهو ليس مجبراً علی الجلوس وتفادي القيام واللفّ والدوران حول الجالسين والركض وما إلی ذلك ، إلاّ أ نّنا نري ذلك محالاً علیه فعله ، لا نّه عاقل وحكيم ، وأفعاله لا تمتّ إلی العَبَث أو اللغو أو الباطل . فلو قتلوه وقطّعوه إرباً إرباً ما كان ليقوم بعملٍ كهذا وما كان لهذا العمل أن يصدر عنه . لا يعني عدم فعل الله تعإلی لكثير من الاُمور أ نّه مسلوب الإ رادةفهناك بَونٌ شاسع بين عدم الاختيار وفقدان القدرة علی الإتيان بعمل ما ، وبين عدم الإتيان بذلك العمل علی أساس المصلحة والتعقّل . ونري أنّ الحكيم العاقل لا يؤدي كثيراً من الافعال ولا يقوم بها في حين أ نّه قادر علی فعلها وله الحرّيّة الكاملة في أدائها ، وذلك لانّ قوّة العقل أو حسّ العاطفة والوجدان يحولان دون قيامه بها ، لكنّا لا نراه يفعلها . إنّ الله لا يقوم بكثير من الافعال ، كالظُّلم والجور والاعتداء ، ونقض العهد أو خُلفَ الموعد ، وهو حاشا له لايكذب ، ولا يأمر الناس بالفحشاء أو المنكر . كلّ ذلك ليس لا نّه والعياذ بالله مسلوب الإرادة أو محدود الاختيار ، بل لا نّه حكيم علیم قادر غنيٌّ حقٌّ غير حاقد ولا ضاغن . والله قادر علی أن يُدخِلَ جميع ملائكته في السماء وكلّ أنبيائه علی الارض وجملة أوليائه إلی جهنّم دُفعة ، فله الحرّيّة والاختيار علی فعل ذلك بالكامل ، فلا قدرته محدودة ولا اختياره مسلوب ؛ لكنّه لا يفعل ذلك ، بناءً علی إرادته وبمقتضي اختياره ؛ لانّ وجوده واسع وكبير ، لا تحدّه الحدود ولا تنتهي إلی باب مسدود ؛ ولذا نراه لا يُخلِف وعده لا نّه لا يحتاج إلی مثل هذا التصرّف . أضف إلی ذلك أنّ عمله هذا سيكون بمثابة ظُلم للمؤمنين مقابل وعوده التي قطعها لهم ، والله سبحانه لا يظلم ولا يجور ، ولهذا فهو يُدخل مَن يُريد إلی الجنّة باختياره وإرادته ، لا أن يكون مُجبراً علی إدخال أهل الجنّة إلی الجنّة وأهل النار إلی النار . إنّ الجبر والاضطرار لا معني لهما في مقام الواسع العلیم ذاك فلنتجاوز هذا ونسأل ، مَن الذي قال إنّ اختيارنا شيء موهوم ؟ إنّ لنا لاختياراً ، وهو اختيارٌ حقيقيّ كحقيقة سائر الاُمور الاصيلة غير الموهومة ، والتي هي في عداد بقيّة عالَم الوجود . إنّ إنكار الاختيار فينا ونفيه هو بمنزلة إنكار الاُمور الضروريّة والحتميّة ، ويجب نسبة اللاعقلانيّة إلی الاشاعرة ومذهبهم لا نّهم يصرّون علی عدم واقعيّة هذا الامر . ينبغي عدّ مَن يُنكر الرجوع إلی العقل من البهائمويجب إسقاط أيّ مذهب أو مدرسة لاهوتيّة تنفي الشهود والوجدان ، أو التفكّر والتعقّل ، أو العِلم والواقع من حيّز الاعتبار . فذلك المذهب أو تلك المدرسة باطل مدحوض . لقد جَبَلَ الله سبحانه وتعإلی جلّ شأنه وجودَ الإنسان وصاغه علی أساس أُصول معيَّنة بحيث تعتمد كلّ علومه الحقّة الحقيقيّة علی تلك الاُصول . فلو أنكرنا العقل واعتبرنا الرجوع إلیه أو إلی المسائل العقليّة باطلاً ، ونفينا امتناع اجتماع الضِّدَيْنِ أو النقيضَينِ ، ودَحضنا الوجود ؛ فلن يبقي في أيدينا شيء مهمّ يُعتَمد علیه ؛ لاعِلماً ولا مدرسةً لاهوتيّة ولا مذهباً ولا دراسة ... ! لن يبقي في أيدينا أيّ شيء إطلاقاً ! وحينئذٍ ستُعلّق علومنا ملابسها ( كما يقال ) علی شُجُب البطلان ! وذلك لانّ أساس جميع العلوم كائن علی استخدام العقل والقوي العاقلة باعتبارها آلات للاستفادة من تلك العلوم . فلو أنكرنا الوجود والاختيار والعقل في عالَم الوجود هذا ، وأنكرنا كذلك كلّ البديهيّات والضروريّات الاوّليّة ، فإنّ جميع العلوم ، سواء أكانت علوماً تطبيقيّة أم طبيعيّة أم فلسفيّة ، وحتّي علوم التفسير والحديث والتأريخ والفلك والنجوم ... ، وما إلی ذلك ، والتي لا تقوم إلاّ علی أساس البديهيّات وإلیقينيّات والاوّليّات والحدسيّات والمشاهدات ، كلّها ستكون باطلة لا محالة . وعلی هذا لن يستقيم هناك عمود أو تثبت دعامة ، ولن يتأسّس في عالَم العلوم علمٌ يُذكَر . لن يُقبَل قول من أيّ أحد كان ، ولن يدوم أيّ عِلم أو تَعلُّم علی الإطلاق . إنّ نفي الاختيار عنّا وعن المبدأ تعإلی معناه إضفاء صفة الجبر علی الموجودات والممكنات وعلی المبدأ الواجب علی السواء . لذا فإنّ هذا باطل أيضاً . لا جَرَم أنّ الاشاعرة وكلّ الجبريّين في العالَم لم يعرفوا الله ؛ فهم قابعون في زاوية مُظلمة من زوايا بيوتهم يحاولون إصدار هُويَّتَيْنِ ، واحدة لهم وأُخري للّه سبحانه ؛ يا لها من هُويّة يصدرها عميان ! هم عُميٌ فظنّوا الله والعياذ بالله مغلولاً وأعمي وسجين وبائس مثلهم ، فشرعوا في إصدار هُويّة بائسة له كبؤسهم . وهُويّة كهذه لا تُقبَل حتّي في أتعس دائرة للاحوال المدنيّة ! إنّ هويّة الحقّ تعإلی جلّ شأنه هي سورة قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ . نعم ، لقد بيّن الله سبحانه هُويّته وسِجلّه الكامل علی لسان نبيّه في القرآن الكريم وبالصورة التإلیة : بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ * اللَهُ الصَّمَدُ * ( أي المقصود المصمود ؛ أو الذي لا جوف له ) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ و كُفُوًا أَحَدٌ . [11] إنّ معني الصمديّة يُبيّن بوضوح أنّ الله سبحانه له الاختيار التامّ وأ نّه ليس مجبوراً أو مضطرّاً . وقال شيخنا الاقدم والمُفسّر الاعظم أكبر علماء الإماميّة في القرن السادس الهجريّ أبو علی الفضل بن الحسن الطبرسيّ والمُلقّب بـ «أمين الإسلام» في تعلیقه علی هذه السورة ما يلي : «( هذه السورة ) مكّيّة . وقيل : مدنيّة . وسُميت سورة التوحيد ، لا نّه ليس فيها إلاّ التوحيد ، وكلمة التوحيد تُسمّي : الإخلاص . وقيل إنّما سُمّيت بذلك ، لانّ مَن تمسّك بما فيه اعتقاداً وإقراراً ، كان مؤمناً مخلصاً . وقيل : لانّ مَن قرأها علی سبيل التعظيم أخلصه الله من النار ، أي أنجاه منها . وتسمّي أيضاً : سورة الصمد . وتسمّي أيضاً : بفاتحتها . وتسمّي أيضاً : نِسْبَةُ الرَّبِّ . وروي في الحديث : لِكُلِّ شَيءٍ نِسْبَةٌ ، وَنِسْبَةُ الرَّبِّ سُورَةُ الإخْلاَصِ . وفي الحديث أيضاً أ نّه كان يقول لسورتَي : قُلْ يَـ'´أَيـُّهَا الْكَـ'فِرُونَ و قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ ، « المُقَشْقِشَتان » . سُمّيتا بذلك لا نّهما يُبرئان من الشرك والنفاق . يُقَالُ : تَقَشْقَشَ المَرِيضُ مِنْ عِلَّتِهِ ، إذَا أَفَاقَ وَبَرِيَ . وَقَشْقَشَهُ : أَبْرَأَهُ كَمَا يُقَشْقِشُ الهِنَاءُ [12] الجَرَبَ . [13] وقال البيضاويّ في تفسير هذه السورة : «قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ الضمير للشأن ، كقولك هُوَ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ ، وارتفاعه بالابتداء وخبره الجملة ، ولا حاجة إلی العائدة لا نّها هي هُوَ أو لما سُئل عنه ، أي الذي سألتموني عنه هو الله . إذ روي أن قريشاً قالوا : يَا مُحَمَّدُ ! صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَدْعُونَا إلَیهِ ! فَنَزَلَتْ . و أحَدٌ بدل أو خبرثانٍ يدلّ علی مجامع صفات الكمال ، كما دلّ الله علی جميع صفات الكمال ، إذ الواحد الحقيقيّ ما يكون منزّه الذات عن أنحاء التركيب والتعدّد [14] . بيان العلاّ مة في شأن هويّة الحقّ تعإلی وجنسيّتهرموز وإشارات سورة الإ خلاص في تفسير العلاّ مة قدّس سرّهوقال سماحة أُستاذنا الاكرم العلاّمة الطباطبائيّ قدّس الله سرّه في فصل « بيان » من هذه السورة : السورة تصفه تعإلی ب أحديّة الذات ورجوع ما سواه إلیه في جميع حوائجه الوجوديّة من دون أن يُشاركه شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله ، وهو التوحيد القرآنيّ الذي يختصّ به القرآن الكريم ويَبني علیه جميع المعارف الإسلاميّة . وقد تكاثرت الاخبار في فضل السورة حتّي ورد من طرق الفريقَيْن أ نّها تعدل ثُلث القرآن كما سيجيء إن شاء الله . والسورة تحتمل المكّيّة والمدنيّة ، والظاهر من بعض ما ورد في سبب نزولها أ نّها مكّيّة . قوله تعإلی : قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ ، هُوَ ضمير الشأن والقصّة يُفيد الاهتمام بمضمون الجملة التإلیة له ،[15] والحقّ أنّ لفظ الجلالة عَلَم بالغلبة له تعإلی بالعربيّة ، كما أنّ له في غيرها من اللغات اسماً خاصّاً به ، وقد تقدّم بعض الكلام فيه في تفسير سورة الفاتحة . و أحدٌ وصف مأخوذ من الوحدة كالواحد غير أنّ الاحد إنّما يُطلق علی ما لا يقبل الكثرة لا خارجاً ولا ذهناً ، ولذلك لا يَقبل العَدّ ولا يدخل في العدد بخلاف الواحد فإنّ كلّ واحد له ثانياً وثالثاً إمّا خارجاً وإمّا ذهناً بتوهّم أو بفرض العقل فيصير بانضمامه كثيراً ، وأمّا الاحد فكلّ ما فرض له ثانياً هوَ هوَ لم يَزد علیه شيء واعتبر ذلك في قولك : مَا جَاءَنِي مِنَ القَوْمِ أَحَدٌ . فإنّك تنفي به مجيء اثنين منهم وأكثر كما تنفي مجيء واحد منهم ، بخلاف ما لو قُلتَ : مَا جَاءَنِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ . فإنّك إنّما تنفي به مجيء واحد منهم بالعدد ولا يُنافيه مجيء اثنين منهم أو أكثر ، ولإفادة هذا المعني لا يُستعمل في الإيجاب مطلقاً إلاّ فيه تعإلی ، ومن لطيف البيان في هذا الباب قول علیّ علیه أفضل السلام في بعض خطبه في توحيده تعإلی : كُلُّ مُسَمَّيً بِالوَحْدَةِ غَيْرُهُ قَلِيلٌ . وقد أوردنا طرفاً من كلامه في التوحيد في ذيل البَحْثُ عَنْ تَوحِيدِ القُرْآنِ في الجزء السادس من الكتاب . قول تعإلی اللَهُ الصَّمَدُ الاصل في معني الصمد القصد أو القصد مع الاعتماد ، يُقال : صَمَدَهُ يَصْمُدُهُ صَمْداً من باب نصر أي قَصَدَهُ أَوْ قَصَدَهُ مُعْتَمِداً علیهِ . وقد فسّروا الصمد ـ وهو صفة بمعاني متعدّدة مرجع أكثرها إلی أ نّه السيّد المصمود إلیه أي المقصود في الحوائج . وإذا أُطلق في الا´ية ولم يُقيّد فهو المقصود في الحوائج علی الإطلاق . وإذا كان الله تعإلی هو الموجِد لكلّ ذي وجود ممّا سواه يحتاج إلیه فيقصده كلّ ما صدق علیه أ نّه شيء غيره ، في ذاته وصفاته وآثاره قال تعإلی : أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاْمْرُ . ( سورة الاعراف ، الا´ية 54 ) . وقال وأُطلقَ : وَأَنَّ إلَی' رَبِّكَ الْمُنتَهَي' . ( سورة النجم ، الا´ية 42 ) . فهو الصمد في كلّ حاجة في الوجود لا يقصد شيئاً إلاّ هو الذي ينتهي إلیه قصده وينجح به طلبته ويقضي به حاجته[16] . ومن هنا يظهر وجه دخول اللام في الصَّمَد وأ نّه لإفادة الحصر فهو تعإلی وحده الصمد علی الإطلاق . وهذا بخلاف « أحد » في قوله اللَهُ أَحَدٌ ، فإنّ أحداً بما يُفيده من معني الوحدة الخاصّة لا يُطلق في الإثبات علی غيره تعإلی ، فلا حاجة فيه إلی عهد أو حصر . وأمّا إظهار اسم الجلالة ثانياً حيث قيل اللَهُ الصَّمَدُ ولم يقل هُوَ الصَّمَدُ ولم يقل اللَهُ أحَدٌ صَمَدٌ ، فالظاهر أنّ ذلك للإشارة إلی كون كلّ من الجملتَيْن وحدها كافية في تعريفه تعإلی ، حيث إنّ المقام مقام تعريفه تعإلی بصفة تختصّ به ، فقيل : اللَهُ أَحَدٌ ، اللَهُ الصَّمَدُ إشارة إلی أنّ المعرفة به حاصلة سواء قيل كذا أم قيل كذا . والا´يتان مع ذلك تصفانه تعإلی بصفة الذات وصفة الفعل جميعاً ، فقوله : اللَهُ أَحَدٌ يصفه بالاحديّة التي هي عين الذات ، وقوله اللَهُ الصَّمَدُ يصفه بانتهاء كلّ شيء إلیه وهو من صفات الفعل . وقيل : الصمد بمعني المُصْمَت الذي ليس بأجوف فلا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يَلِد ولا يُولد ، وعلی هذا يكون قوله لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ تفسيراً للصمد . قَولُه تَعإلَی : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ و كُفُوًا أَحَدٌ ؛ الا´يتان الشريفتان تنفيان عنه تعإلی أن يَلِد شيئاً بتجزّيه في نفسه فينفصل عنه شيء سنخه بأيّ معني أُريد من الانفصال والاشتقاق ، كما يقول به النصاري في المسيح علیه السلام إنّه ابْنُ اللهِ ، وكما يقول الوثنيّة في بعض آلهتهم إنّهم أَبْنَاءُ اللهِ سبحانه . وتنفيان عنه أن يكون متولّداً من شيء آخر ومشتقاً منه بأيّ معني أُريد من الاشتقاق كما يقول الوثنيّة ، ففي آلهتهم مَن هو إله أبو إله ، ومَن هي إلهة أُمّ إله ، ومَن هو إله ابن إله . وتنفيان أن يكـون له كُفؤ يعدله في ذاته أو في فعله [17] وهو الإيجـاد والتدبير . ولم يقل أحد من الملّيّين وغيرهم بالكُفؤ الذاتيّ ، بأن يقول بتعدّد واجب الوجود عزّ اسمه ، وأمّا الكُفؤ في فعله ـ وهو التدبير فقد قيل به كآلهة الوثنيّة من البشر كفرعون ونمرود من المُدّعين للاُلوهيّة ، وملاك الكفاءة عندهم استقلال مَن يرون أُلوهيّته في تدبير من فوّض إلیه تدبيره ، كما أ نّه تعإلی مستقلّ في تدبير من يدبّره وهم الارباب والا´لهة ، وهو ربّ الارباب وإله الا´لهة . وفي معني كفؤ هذا النوع من الا´لهة ما يفرض من استقلال الفعل في شيء من الممكنات ، فإنه كفاءة مرجعها استغناؤه عنه تعإلی وهو محتاج من كلّ جهة والا´ية تنفيها . وهذا الصفات الثلاث المنفيّة ( الولادة ، التولّد ، امتلاك الكفؤ ) وإن أمكن تفريغ نفيها علی صفة أحديّته تعإلی بوجه لكن الاسبق إلی الذهن تفرّعها علی صفة صمديّته . وأمّا كونه لَم يَلِدْ ، فإنّ الولادة التي هي نوع من التجزّي والتبعّض بأيّ معني فسّرت لا تألو من تركيب فيمن يلد ، وحاجة المركّب إلی أجزائه ضروريّة ، والله سبحانه صمد ينتهي إلیه كلّ محتاج في حاجته ولا حاجة له . وأمّا كونه لَم يولد ، فإنّ تولّد شيء من شيء لايتمّ إلاّ مع حاجة المتولّد إلی ما ولد منه في وجوده وهو سبحانه صَمَد لا حاجة له . وأمّا أ نّه لا كُفْؤ له ، فلانّ الكفؤ سواء فرض كفؤاً له في ذاته أم في فعله لا تتحقّق كفاءته إلاّ مع استقلاله واستغنائه عنه تعإلی فيما فيه الكفاءة ، والله سبحانه صمد علی الإطلاق يحتاج إلیه كلّ من سواه من كلّ جهة مفروضة . فقد تبيّن أنّ ما في الا´يتين من النفي علی صمديّته تعإلی ، وما يتفرّع علیه إلی إثبات توحّده تعإلی في ذاته وصفاته وأفعاله بمعني أ نّه واحد لا يناظره شيء ولا يشبهه ، فذاته تعإلی «بِذاتِهِ لِذَاتِهِ» من غير استناد إلی غيره واحتياج إلی من سواه ، وكذا صفاته وأفعاله ، وذوات من سواه وصفاتهم وأفعالهم بإفاضة منه علی ما يليق بساحة كبريائه وعظمته . فمحصّل السورة وصفه تعإلی بأ نّه أَحَدٌ وَاحِدٌ . وممّا قيل في الا´ية أنّ المراد ب الكُفؤ الزوجة ، فإنّ زوجة الرجل كفؤه ، فيكون في معني قوله : تَعَـ'لَي' جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَـ'حِبَةً [18] ، وهو كما تري. الروايات الواردة في تفسير سورة الإ خلاصثمّ قال سماحة الاُستاذ قدّس سرّه في بحثه الروائيّ في تفسير هذه السورة ما يلي : في « الكافي » بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله علیه السلام قال : إن إلیهود سألوا رسول الله صلّي الله علیه وآله فقالوا : انْسِبْ لَنَا رَبَّكَ ! فلبث ثلاثاً لا يجيبهم ، ثمّ نزلت قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ إلی آخرها . أقول : وفي « الاحتجاج » . عن العسكريّ أنّ السائل عبد الله بن صوريا إلیهوديّ ، وفي بعض روايات أهل السنّة أنّ السائل عبد الله بن سلام سأله صلّي الله علیه وآله ذلك بمكّة ، ثمّ آمن وكتم إيمانه ، وفي بعضها أنّ أُناساً من إلیهود سألوه ذلك ، وفي غير واحد من رواياتهم أنّ مشركي مكّة سألوه ذلك ، وكيف كان فالمراد بالنسبة النعت والوصف . وفي « المعاني » لإسناده عن الاصبغ بن نباتة عن علی علیه السلام في حديث : نِسْبَةُ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ قُلْ هُوَ اللَهُ . وفي « العلل » بإسناده عن الصادق علیه السلام في حديث المعراج : إنَّ اللَهَ قَالَ لَهُ ـ أَيْ لِلنَّبِيِّ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ : اقْرَأْ قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ كَمَا أُنْزِلَتْ ، فَإنَّهَا نِسْبَتِي وَنَعْتِي ! [19] ثمّ قال العلاّمة : أقول : وروي أيضاً بإسناده إلی موسي بن جعفر علیه السلام ما في معناه . ... وفي « التوحيد » عن أمير المؤمنين علیه السلام : رَأَيْتُ الخِضْرَ علیهِ السَّلاَمُ فِي المَنَامِ قَبْلَ بَدْرٍ بِلَيْلَةٍ ، فَقُلْتُ لَهُ : عَلِّمْنِي شَيْئَاً أُنْصَرُ بِهِ علی الاَعْدَاءِ ! فَقَالَ : قُلْ : يَا هُوَ يَا مَنْ لاَ هُوَ إلاَّ هُوَ ! فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَصَصْتُهَا علی رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ فَقَالَ لِي : يَا علیُّ ! عُلِّمْتَ الاسْمَ الاَعْظَمَ ! فَكَانَ علی لِسَانِي يَوْمَ بَدْرٍ . وَإنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ علیهِ السَّلاَمُ قَرَأَ : «قُلْ هُوَ اللَهُ أَحَدٌ» . فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ : يَا هُوَ يَا مَنْ لاَ هُوَ إلاَّ هُوَ ، اغْفِرْلِي وَانْصُرْنِي علی القَوْمِ الكَافِرِينَ ! وفي « نهج البلاغة » : الاَحَدُ لاَ بِتَأْوِيلِ عَدَدٍ !
ارجاعات [1] ـ يقول : «أيّها الملك ! إنّ الفلك المستدير مُسخّر بيدك وهو تحت أمرك ؛ وإنّ عالم الوجود كلّه أمامك وتحت سيطرتك . وإنّ ضفائر ملكة النصر تعشق بيرقك الخفّاق ؛ وعيون النصر والفتح مُغرمة بكرّاتك في الميدان» . [2] ـ يقول : «يا من كان سيّد الافلاك (عطارد) وصفاً لجلالك وبهائك ؛ ويا من وُضع عقل الكلّ وهو (مجمع العقلاء وأُولي الالباب) صاحب ديوان أختامه . ويا من طغي علوّه وسموّ منزلته علی جلال شجرة طوبي وبهائها ؛ ويا من بعثت ساحة بستانك الواسعة الحسد في نفس جنّة الخلد . إنّ كلّ شيء في عالم الامر بما في ذلك الحيوانات والنباتات والجمادات تأتمر بأمرك وسلطانك . لقد أصبح حافظ المنهك مادحك المخلص ؛ فليدم لطفك الشامل شفاءً لمادحك هذا» . «ديوان «حافظ الشيرازيّ» ص 74 ، الغزليّة رقم 164 ، طبعة حسين پژمان بختياري . [3] ـ يقول : «لمّا تجلّت صورتك في الكأس الزجاجيّة ، فقد طمع الصوفيّ ـ من ضحكة الخمرة في الشراب . وتجلّي جمال وجهك وحُسنُه في مرآة الوجود وكوّن ذلك التجلّي كلّ هذا التغيير والاختلاف في الخيال والظنّ» . [4] ـ يقول : «ما الصور الجميلة التي انعكست في مرآة قلوب العارفين إلاّ إشعاعة من جمال الساقي الازليّ والمنعكس في كأس الوجود . مع أنّ غيرة وحميّة العشق قد منعت المقرّبين والخواصّ من التحدّث ؛ لا أدري كيف عَلِمَ الجميع هذا السرّ . لقد مضت تلك الايّام التي كنتَ تراني فيها قابعاً في صومعتي أيّها الخواجة ! فقد صارت شفتا الساقي والكأس شغلي الشاغل . إنّي ما تركتُ الزهد والتقوي وتوجّهتُ إلي الخمّارة والسُّكْر برغبتي وملء إرادتي ؛ بل إنّ تقدير الخالق لي كان هكذا منذ اليوم الاوّل . إنّ كلّ واحد (من البشر) قد ابتُلي بصروف الدهر ؛ فإن لم يكن ملعبة الاقدار فماذا عساه أن يكون غير ذلك . إنّ كلّ نَفَس (من أنفاس الحبيب) بمثابة لطف ومنّة عَلَی أنا العاشق الولهان ؛ فيالي من مسكين حظيّ بكلّ تلك النعم» . [5] ـ يقول : «علی العاشقين أن يسلّموا رقابهم لسيف العشق بفرحٍ ووجد ؛ لانّ عاقبة كلّ مقتول وشهيد في سبيل المحبوب ستكون محمودة . لقد تعلّق القلب بضفيرتك لينجو من جبّ نحرك ؛ ويا للاسف فقد نجا من الجبّ ولكنّه سقط في الفخّ . إنّ لابسي المسوح كلّهم محترفين في شرب الخمر وعاشقين ؛ لكنّ حافظ وحده من بين هؤلاء الذي انكشف عشقه وبان أمره» . «ديوان شمس الدين محمّد حافظ الشيرازيّ» أعلی الله مقامَه ، ص 79 و 80 ، الغزليّة رقم 177 ، طبعة پژمان . [6] ـ ذكر المرحوم الحاجّ الحكيم السبزواريّ قدّس الله نفسه هذين البيتين في بحثه النفس الناطقة في تعلیقته . وجدير بالذكر أنّ أبياتاً أُخري ذكرها السبزواريّ في «منظومة الحكمة» في باب (غُررٌ في النفس الناطقة) وهي : النَّفْسُ فِي الحُدُوثِ جِسْمَانِيَّهْ وَفِي البَقَا تَكُونُ رُوحَانِيَّهْ فَأَعْوَرٌ جَسَّمَهَا شَبَّهَهَا كَمَا يَحِدُّهَا الَّذِي نَزَّهَهَا لَمْ تَتَجَافِ الجِسْمَ إذْ تَرَوَّحَتْ وَلَمْ تَجَافِ الرُّوحَ إذْ تَجَسَّدَتْ فَكُلُّ حَدٍّ مَعَ حَدٍّ هُوَ هُو وَإنْ بِوَجْهٍ صَحَّ عَنْهُ سَلْبُه وقال المرحوم الحاجّ بعد ذكر خطأ الذين شبّهوه تعالي بأجسام طبيعيّة أُخري : كَمَنِ اجْتَرَأَ بِنَحْوِ ذَلِكَ فِي المَبْدَإِ مِنَ المُشَبِّهَةِ . ثمّ قال في تعلیقه علی هذه العبارة : كالطباعيّة الذين لم يطر طاير وهمهم عن حضيض القوي والطبائع إلي أوج المفارقات النفسيّة والعقليّة فكيف إلي أوج التجرّد عن الماهيّة وذروة اللاهوت . والعارف يقول : فَإنْ قُلْتَ بِالتَّشْبِيهِ كُنْتَ مُحَدِّدَا وَإنْ قُلْتَ بِالتَّنْزِيهِ كُنْتَ مُقَيِّدَا وَإنْ قُلْتَ بِالاَمْرَيْنِ كُنْتَ مُسَدِّدَا وَكُنْتَ إمَاماً فِي المَعَارِفِ سَيِّدَا («شرح منظومة الحكمة» ص 304 ، طبعة منشورات دار العلم . [7] ـ يقول الخواجة نصير الدين الطوسيّ في خطبة كتاب «أوصاف الاشراف» : «لا يمكن تصوّر أيّ عبارة ترد في نعته أو أيّ بيانٍ يقوله اللسان في وصفه إن كان ثبوتيّاً أو غير ثبوتيّاً وخالٍ من شائبة التشبيه أو التعطيل . وفي هذا الخصوص قال سيّد الاصفياء وقدوة الاولياء وخاتم الانبياء محمّد المصطفي صلّي الله علیه وآله وسلّم : لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَیكَ ؛ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَی نَفْسِكَ ، وَأَنْتَ فَوْقَ مَا يَقُولُ القَائِلُونَ ! [8] ـ الآية 23 ، من السورة 21 : الانبياء وتسبقها الآية الشريفة القائلة : لَوْ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلاَّ اللَهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَـ'نَ اللَهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ . [9] ـ طبعة مؤسّسة دار الهجرة إيران ـ قم ، سنة 1407 ه . [10] ـ سلسلة العلوم والمعارف الإسلاميّة ، القسم ( 2 ) ، «معرفة الإمام» ج 16 و 17 ، الدرس 241 إلي 255 . [11] ـ تمام السورة 112 : الإخلاص . [12] ـ جاء في «أقرب الموارد» الهِنَاءُ بالكسر : القَِطْران . و : عِذْق النَّخلة ، لغةٌ في الإهان . و«يضَع الهِناءَ موضعَ النُّقْب» مَثلٌ يُضرَب لمن يضَع الشَّيءَ في موضعِه ويُطبِق مفصلَ الصَّواب في حُجَّته . وجاء أيضاً : القَِطْرَانُ بالفتح والكسر ، و القَطِرَانُ بفتح القافِ وكسر الطَّاء : سَيَّال دُهنيٌّ يؤخَذ من شجَرة الابْهَل والارْز ونحوِهما . [13] ـ «مجمع البيان» ج 5 ، ص 560 ، طبعة صيدا ، مطبعة العرفان . [14] ـ «تفسير البيضاويّ» ص 624 ، طبعة مطبعة بولاق ، سنة 1285 ه . [15] ـ وقال في تفسير «بيان السعادة» ص 327 ، الطبعة الرحليّة الحجريّة ، فيما يخصّ كلمة «أحد» : «هو ضمير الشأن أو ضمير يُشار به إلي مقام الغَيب ، لانّ لذلك المَقام تعيّناً في الاذهان أو ادّعاء التعيّن . أو أنّ «هو» عَلَم واسم لمقام الغيب . وعلی أساس هذين الاحتمالين الاخيرين يكون لفظ الجلالة إمّا بدلاً أو عطف بيان لذلك أو خبراً أو مبتدأً ثانياً فتكون كلمة «أحد» خبره والجملة خبر «هو» . ويعود عدم ذِكر الضمير العائد إلي أنّ المبتدأ مُتكرّر في المعني . وكلمة «أحد» إمّا أن تكون خبراً أو خبراً بعد خبر» . [16] ـ وقال في تفسير «بيان السعادة» ص 328 ، ضمن بيان الروايات الواردة في معني كلمة الصمد : روي عن الاءمام جعفر الصادق عليه السلام أ نّه ورد جماعة من فلسطين علي الاءمام محمّد الباقر عليه السلام وسألوه عن مسائل فأجابهم الاءمام ثمّ سألوا عن كلمة «صمد» فأجابهم الاءمام بجواب مُفصّل وطويل ، ثمّ قال في آخر كلامه : لَوْ وَجَدْتُ لِعِلْميَ الَّذِي آتَانِيَ اللَهُ عَزَّ وَجَلَّ حَمَلَةً لَنَشَرْتُ التَّوْحِيدَ وَالاءسْلاَمَ وَالاءيمَانَ وَالدِّينَ وَالشَّرَائِعَ مِنَ الصَّمَدِ ! وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ جَدِّي أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَمَلَةً لِعِلْمِهِ ، حَتَّي كَانَ يَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ وَيَقُولُ عَلَي المِنْبَرِ : سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي ، فَإنَّ بَيْنَ الجَوَانِحِ مِنِّي عِلْماً جَمَّاً ! هَاهِ هَاهِ ! أَلاَ لاَ أَجِدُ مَنْ يَحْمِلُهُ ! أَلاَ وَإنِّي عَلَيْكُمْ مِنَ اللَهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ ؛ «فَلاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَنءِسُوا مِنَ الاْ´خِرَةِ كَمَا يَنءِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَـ'بِ الْقُبُورِ» . [17] ـ لن نذكر الصفة لا نّها إمّا صفة الذات فهي عين الذات وإمّا صفة الفعل مُنتزعة عن الفعل ، منه . |
|
|