|
|
الصفحة السابقةو امّا المفسّرون: فقد ورد في تفسير "التبيان" لابيجعفر الطوسيّ (ره): "سبب نزول هذه الآية ما قاله الحسن و قتاده و ابنجريج و السدّي: ان رجلا لطم امراته، فجاءت الي النبيّ صلياللهعليهوآلهوسلم تلتمس القصاص، فنزلت الاية: الرجال قوّامون علي النساء. و المعني الرجال قوّامون علي النساء بالتاديب و التدبير لمافضّل الله الرجال علي النساء في العقل و الرأي. و كان الزهريّ يقول: ليس بين الرجل و المراة قصاص فيما دون النفس. و يقال: رجل قيّم و قوّام وقيّام، و معناه انّهم يقومون بامر المراة بالطاعة لله و لهم. و قوله: فالصالحات قانتات، قال قتاده و سفيان: معني" قانتات" مطيعات لله و لازواجهنّ. و اصل القنوت دوام الطاعة؛ و منه القنوت في الوتر لطول القيام. و قوله: حافظات للغيب بما حفظ الله معناه: قال قتاده و عطاء و سفيان: حافظات لما غاب عنه ازواجهنّ من ماله و ما يجب من رعايته و حاله و مايلزم من صيانتها نفسها له".[1] و في "مجمع البيان" للطبرسيّ: "يقال: رجل قيّم و قَيّام و قوّام و هذا البِناء للمبالغة و التكثير و اصل القنوت دوام الطاعة و منه القنوت في الوَتر لطول القيام فيه. قال مقاتل: نزلت الاية في سعد بن الربيع بن عمرو- و كان من النقباء- و في امراته حبيبة بنت زيد بن ابي زهير و هما من الانصار و ذلك انها نشرت عليه فلطمها فانطلق ابوها معها الي النبيّ فقال: افْرَشْتُه كريمتي فلطمها؛ فقال النبيّ: لتقتصَّ من زوجها. فانصرفتْ مع ابيها لتقتصَّ منه، فقال النبيّ: ارجعوا فهذا جبرائيل اتاني و انزل الله هذه الاية. فقال النبيّ صلياللهعليهوآلهوسلم: اردنا امرا و اراد الله امرا و الذي اراد الله خيرٌ؛ و رفع القصاص. و قال الكلبيّ: نزلت في سعد بن الربيع[2] و امراتِه خولة بنت محمد بن مسلمة. و ذكر القصّة نحوها. وقال ابوروق: نزلت في جميلة بنت عبدالله بن اُبيّ و في زوجها ثابت بن قيس بن شمّاس و ذكر قريبا منه. و المعني اي قيّمون علي النساء مسلّطون عليهنّ في التدبير و التاديب و الرياضة و التعليم. بما فضّل الله بعضهم علي بعض هذا بيان سبب تولية الرجال عليهنّ، اي انّما ولاهم الله امرهنّ لما لهم من زيادة الفضل عليهنّ بالعلم و العقل و حسن الراي و العزم".[3] و في "رَوْح الجِنان و رُوح الجَنان" لابي الفتوح الرازي بعد ان ذكر معني القوّام و شان نزول الآية علي نحو ما ذكره الطبرسيّ (ره) قال: "في ملاك التفضيل في قوله: فضل الله بعضهم علي بعض اقوال: ذ: ان المراد العقل. و قالوا: زيادة الدين و اليقين، حيث انّ المراة ناقصة عقلٍ و ناقصة دينٍ، لانها ممنوعة من الصلوة و الصيام ايّاما خاصة في كل شهر. و قالوا: بنقصان الشهادة حيث انّ شهادة امرتين بمثابة شهادة الرجل الواحد (فرجل و امرأتان).[4] و قالوا: بالتصرّف و التّجارات. و قالوا: بالجهاد، حيث انّ الرجال مخاطبون بقوله تعالي: انفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا باموالكم و انفسكم في سبيل الله.[5] و النساء مخاطبات بقوله تعالي: و قرن في بيوتكنّ.[6] و قال الربيع: بالجمعة و الجماعات. و قال الحسن البصريّ: بالنفقة حيث انّها علي عهدة الرجال دون النساء. و قالوا: بجواز تزويج الرجل اربع نساء في الشرع و لايجوز تزويج المراة بأزيد من رجل واحد. و قالوا: بالطلاق لاختصاصه بالرجال. قال عليهالسلام: الطلاق بالرجال و العدّة بالنساء. وقالوا: بالميراث و قالوا بالدية، حيث انّ دية المراة نصف دية الرجل و قالوا: بالنبوة و الامامة و الخلافة. قال رسول الله: المرأة مسكينة ما لم يكن لها زوج. قالوا: يا رسول الله! و ان كان لها مال؟ قال: وان كان لها مال. ثم قرأ: الرجال قوّامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض. و روي ابوهريرة: انّ رسول الله صلّياللهعليهوآلهوسلّم قال: خير النساء التي اذا نظرتَ اليها سرَّتك و اذا امرتَها اطاعتك و اذا غبت عنها حفظتْك في مالك و نفسها. ثم قرأ: الرجال قوّامون علي النساء"[7] و في "تفسير عليّ بن ابراهيم القميّ" قال: " يعني فرض الله تعالي ان ينفقوا علي النساء. ثم مدح النساء فقال: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله يعني بحفظ نفسها اذا غاب زوجها عنها. و في روايته ابي الجارود عن ابي جعفر عليهالسلام في قوله "قانتات" يقول: مطيعات".[8] و في "تفسير الصافي" للفيض القاسانيّ قال: "اي يقومون عليهنّ قيام الوُلاة علي الرعيّة، بسبب تفضيله (اي تفضيل الله) الرجال علي النساء بكمال العقل و حسن التدبير و مزيد القوّة في الاعمال و الطاعات- الي ان قال- وفي "العلل" عن النبيّ صلي الله عليه و آله، سئل: ما فضل الرجال علي النساء؟ فقال: كفضل الماء علي الارض، فبالماء تحيي الارض و بالرجال تحيي النساء، و لولا الرجال ما خلقت النساء. ثم تلا هذه الآية. ثم قال: الا تري الي النساء كيف يَحِضْن ولايمكنهنّ العبادة من القذارة و الرجال لايصيبهم شيء من الطمث".[9] و في "منهج الصادقين" لفتح الله القاسانيّ اكتفي بما نقلنا عن "الصافيّ" في معني الآية، و لمينقل الروايات الواردة في المقام.[10] و في تفسير "البرهان" اورد ما اورده الفيض في "الصافيّ" من الروايات، و اضاف اليها روايات اُخر غيرها واردة في المقام.[11] و في "تفسير الجواهر" للطنطاويّ: "الرجال قوّامون علي النساء، قال: فهم كالولاة، و النساء كالرعيّة".[12] و في "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" للطبريّ، قال في التفسير عن الآية: "و ذلك تفضيل الله تبارك و تعالي اياهم عليهنّ، و لذلك صاروا قوّاما عليهنّ، نافذي الامر عليهنّ فيما جعل الله اليهم من امورهنّ". ثم اورد ما روي بستة اسناد عن قتادة و حسن و ابن جريح و السديّ حكاية لطم الانصاريّ امرأته علي نهج ما نقلنا ههنا عن "مجمع البيان" و روي بثمانية اسناد عن سفيان و مجاهد و عليّ بن ابي طلحة و قتادة و السُديّ انّ المراد من الصالحات القانتات في قوله عزوجلّ: المطيعات لازواجهنّ؛ و روي بستة اسناد عن قتاده و السُديّ و عطاء و سفيان و ابي هُريرة انّ المراد من الحافظات للغيب: الحافظات لازواجهنّ لما غاب من شانهن من حفظ انفسهنّ و اموالهم.[13] و في "تفسير ابن كثير الدمشقيّ" "يقول تعالي: الرجال قوامون علي النساء، اي الرجل قيّم المراة، اي هو رئيسها و كبيرها و الحاكم عليها و مودّبها اذا اعوجَّتْ. بما فضّل الله بعضهم علي بعض، اي لانّ الرجال افضل من النساء و الرجل خير من المرأة، و لهذا كنت النبوّة مختصّة بالرجال و كذلك الملك الاعظم لقوله صلي اللهعليه(وآله)وسلّم: لن يفلح قوم ولّوا امرهم امرأة. رواه البخاريّ من حديث عبدالرحمن بن ابي بكرة، عن ابيه؛ و كذا منصب القضاء و غير ذلك. و بما انفقوا من اموالهم، اي من المهور و النفقات و الكُلّف التي أوجب الله عليهم لهنّ في كتابه و سنّه نبيّه صلي الله عليه و آله و سلّم؛ فالرّجل أفضل من المرأه في نفسه، و له الفضل عليها و الإفضال، فناسب أن يكون قيّما عليها، كما قال الله تعالي: و للرّجال عليهن درجه _ الآيه ». ثم ذكر حديث الانصاري و لطْمَه زوجته و شان نزول الاية فيهما عن البصريّ. ثم روي ما رواه ابوهريرة من حديث خير النساء الذي نقلناه عن "مجمع البيان". ثم ذكر حديثا عن الامام احمد، عن يحيي بن اسحق، عن ابن لهيعة، عن عبدالله بن ابي جعفر: انّ ابن قارظ اخبره انّ عبدالرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) و سلم: اذا صلّتِ المرأة خمسها، و صامت شهرها، و حفظتْ فرجها، و اطاعتْ زوجها، قيل لها: ادخلي الجنّة من ايّ الابواب شئت.[14] و في "تفسير الكشّاف" للزمخشريّ: "قوامون علي النساء، يقومون عليهنّ آمرين ناهين كما يقوم الولاة علي الرعايا، و سمّوا قُوّما لذلك. و الضمير في بعضهم للرجال و النساء جميعا، يعني انما كانوا مسيطرين عليهنّ بسبب تفضيل الله بعضهم و هم الرجال علي بعض و هم النساء. و فيه دليل علي انّ الولاية انما تستحق بالفضل، لا بالتغلّب و و الاستطالة و القهر. و قد ذكروا في فضل الرجال: العقل و الحزم و العزم والقوّة و الكتابة في الغالب و الفروسيّة و الرمي و انّ منهم الانبياء و العلماء و فيهم الامامة الكبري و الصغري و الجهاد و الاذان و الخُطبة و الاعتكاف و تكبيرات التشريق عند ابي حنيفة و الشهادة في الحدود و القصاص و زيادة السهم و التعصيب في الميراث[15] و الحمالة و القسامة و الولاية في النكاح و الطلاق و الرجعة و عدد الازواج و اليهم الانتساب و هم اصحاب اللحي و العمائم. و بما انفقوا، و بسبب ما اخرجوا في نكاحهنّ من اموالهم من المهور و النفقات." ثم ذكر قضيّة سعد بن الربيع و امرأته و نزول الاية و ذكر انه بعد ذلك رفع القصاص، ثم قال: "و اختلف في ذلك فقيل: لاقصاص بين الرجل و المرأة فيما دون النفس و لو شجّها و لكن يجب العقل و قيل: لا قصاص الا في الجرح و القتل و امّا اللطمة و نحوها فلا. قانتات: مطيعات قائمات بما عليهنّ للازواج. حافظات للغيب، الغيب خلاف الشهادة، اي حافظات لمواجب الغيب، اذا كان الازواج غير شاهدين لهنّ حفِظْنَ ما يجب عليهنّ حفظه في حال الغيبة من الفروج و البيوت والاموال."[16] و في "تفسير الدّرّ المنثور" للسيوطي اورد في قوله تعالي: و لاتتمنّوا ما فضل الله به بعضكم علي بعض- الآية: "اخرج عبدالرزّاق و عبدُبنحميد و الترمذيّ و الحاكم و سعيد بن منصور و ابن جرير و ابن المنذر و ابن ابي حاتم من طريق مجاهد عن امّ سلمة، انّها قالت: يا رسول الله! تغزو الرجال و لانغرو و لانقاتل فنستشهد، و انما لنا نصف الميراث؟ فانزل الله: و لاتتمنوا ما فضل الله بعضكم علي بعض و انزل فيها: ان المسلمين والمسلمات. و اخرج ابن ابي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: اتت امرأةٌ النبيّ صلياللهعليه(وآله)وسلّم فقالت: يا نبيّ الله! للذّكر مثل حظّ الاُنثيين، و شهادة امراتين برجل؛ افنحن في العمل هكذا؟ ان عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حَسنة؟ فانزل الله: و لاتتمنّوا فانّه عدلٌ منّي و انا صنعته. و اخرج سعيد بن منصور و ابن منذر عن عكرمة قال: انّ النساء سألن الجهاد فقلن ودِدْنَ انّ الله جعل لنا الغزو فنصيب من الاجر ما يصيب الرجال فانزل الله: و لاتتمنّوا ما فضّل الله به بعضكم علي بعض"[17] و اورد في قوله تعالي: الرجال قوّامون- الآية، عدّة روايات في شأن نزول الآية في لطم الرجل الانصاريّ امراته، فحكم رسول الله بالقصاص، فنزلت الآية. و في بعضها: نزلت: ولاتعجل بالقرآن من قبل ان يقضي اليك وحيه.[18] و اخرج عبدالرزّاق و البزّار و الطبرانيّ عن ابن عباس قال: جاءت امرأة الي النبيّ صلياللهعليه(وآله)وسلّم فقالت: يا رسول الله! انا وافدة النساء اليك؛ هذا الجهاد كتبه الله علي الرجال فان يصيبوا اُجروا و ان قتلوا كانوا احياء عند ربهم يرزقون و نحن معاشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ فقال النبيّ صلياللهعليه(وآله)وسلّم: ابلغي من لقيت من النساء انّ طاعة الزوج و اعترافها بحقه تعدل ذلك و قليل منكنّ من يفعله.[19] و اخرج ابن ابي شيبة و احمد عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلياللهعليه(وآله)وسلّم: لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة ان يسجد لزوجها. و اخرج البيهقيّ في "شعب الايمان" عن جابر قال: قال رسول الله صلياللهعليه(وآله)وسلّم: ثلاثة لاتقبل لهم صلاة و لاتُصعد لهم حسنة: العبد الآبق حتي يرجع الي مواليه، و المرأة الساخط عليها زوجها، و السكران حتي يصحو. و اخرج ابن ابي شيبه و الحاكم و صحّحه و البيهقيّ عن امّ سلمة قالت: قال رسول الله صلياللهعليه(وآله)وسلّم: ايّما امرأة باتت و زوجها عنها راض دخلت الجنّة. و اخرج البيهقيّ عن انس قال: جِئنَ[20] النساء الي رسول الله صلي اللهعليه (وآله) و سلّم، فقلن: يا رسول الله! ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله، افما لنا عمل ندرك به عمل المجاهد في سبيل الله؟ قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) و سلّم: مهنة احداكنّ في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله21] اتمّ هذه الروايات مفادا و اكملها معني هو ما ذكره السيوطي في هذا المقام؛ و كذا نقله عنه سيدنا الاستاذ العلامة الطباطبائي- مدّ ظله العالي- في "الميزان في تفسير القرآن"، و هو ما اخرجه البيهقيّ عن اسماء بنت يزيد الانصاريّة انّها اتت النبي صلياللهعليه(وآله)وسلّم و هو بين اصحابه؛ فقالت: بابي انت و امّي، انّي وافدة النساء اليك و اعلم –نفسي لك الفداء- انّه ما من امرأة كائنة في شرق و لا غرب سمعت لمخرجي هذا الا و هي علي مثل رأيي. ان الله بعثك بالحق الي الرجال و النساء فآمنّا بك و بإلهك الذي ارسلك؛ و انا معاشر النساء محصورات مقسورات قواعد بيوتكم و مقضي شهواتكم وحاملات اولادكم و انكم معاشر الرجال فُضّلتم علينا بالجمعة و الجماعات و عيادة المرضي و شهود الجنائز و الحج بعد الحجّ و افضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، و انّ الرجل منكم اذا خرج حاجّا او معتمرا او مرابطا حفظنا لكم اموالكم و غزلنا اثوابكم و ربّينا لكم اموالكم، فما نشارككم في الاجر يا رسول الله؟ فالتفت النبيّ صلياللهعليه(وآله)وسلّم الي اصحابه بوجهه كلِّه ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قطّ احسن من مسالتها في امر دينها من هذه؟ فقالوا: يا رسول الله! ما ظننّا انّ امرأة تهتدي الي مثل هذا. فالتفت النبيّ صلياللهعليه(وآله)وسلّم اليها، ثم قال لها: انصرفي ايّتها المرأة و اعلمي من خلفك من النساء انّ حُسن تبَعُّل احداكنّ لزوجها و طلبها مرضاته و اتّباعها موافقته تعدل ذلك كلّه. فادبرت المرأة و هي تهلّل و تكبّر استبشارا.[22] و في "تفسير البيضاويّ": "الرجال قوّامون علي النساء يقومون عليهنّ قيام الولاة علي الرعيّة و علّل ذلك بامرين: وهبيٌّ و كسبيٌّ. فقال: بما فضّل الله بعضهم علي بعض، بسبب تفضيله تعالي الرجال علي النساء بكمال العقل و حسن التدبير و مزيد القوّة في الاعمال و الطاعات، و لذلك خُصّوا بالنّبوّة و الامامة و الولاية و اقامة الشعائر و الشهادة في مجامع القضايا و وجوب الجهاد و الجمعة و نحوها و التعصيب و زيادة السهم في الميراث و الاستبداد بالفراق. و بما انفقوا من اموالهم في نكاحهنّ كالمهر والنفقة- ثم ذكر قصّة سعد و زوجته ثم قال- فالصالحات قانتات مطيعات لله، قائمات بحقوق الازواج. حافظات للغيب لمواجب الغيب اي يحفظن في غيبة الازواج ما يجب حفظه في النفس و المال. و عنه عليهالصلوةوالسلام: خيرُ النساء امرأة ان نظرتَ اليها سرّتك و ان امرتها اطاعتك و ان غبت عنها حفظتك في مالها و نفسها و تلا الآية. و قيل لاسرارهم."[23] و في حاشية الشيخ زاده علي "تفسير البيضاوي" ذكر عند قول البيضاوي: "يقومون عليهنّ قيام الولاة علي الرعيّة": "مستفاد من صيغة القوّام فانّه اسم لمن يكون مبالغا في القيام بالامر مسلّطا عليه نافذ الحكم في حقّه ليصير كانّه امير عليه؛ والقوَّام و القیِّم بمعنیً واحد، والقوَّام أبلغ وهو القَیِم بالمصالح و التَّدبیر، والهتمام بالحفظ». و ذکر عند قوله: «قَانتاتٌ أی مطِیفاتٌ»: «والطَّاعة عامٌّ فی طاعة اللَه و طاعة الأزواج. والصَّالحات جمعٌ محَلًّی باللَّام فیحمل علی الستغراق، فیدلُّ علی أنَّ کلَّ امرأةٍ صالحة لابدَّ أن تکون مطیعةً للَه تعالی دائماً، ولزوجها کذلک، وأن تکون عند غیبة الزَّوج حافظة لموجب الغیبة. وظاهر الآیة إخبارٌ والمراد الأمر، فعلم منه أنَّ المرأة لا تکون صالحةً إلًّا أذا کانت مطیعةً لله تعالی و لزوجها حالَ حضوره، و حافظةً لحقِّ الزَّوج و حرمته حال غیبته». وفی حاشیة الشّهاب المسمَّاة بـ « عنایة القاضی و کفایة الرَّاضی علی تفسیر البیضاویِّ»: « قوله: « قیام الوُلاة علی الرعیَّة ـ الخ » أی کقیامهم علیهم بالأمر و النَّهی و نحوه، و لیس مراده أنَّه استعارة. والوَهبیُّ ما فضَّلهم الله، و الکسبیُّ الانفاق الآتی. و قوله « بسبب ـ الخ » إشارة الی أنَّ الباءَ سببیَّةٌ، و ما مصدریَّةٌ. وقوله « بالنُّبوَّة » علی الأشهر، أو المراد الرِّسالة. و«الإمامة» تشمل الصُّغری و الکُبری. و « الولایة» تولِّی أمرهنَّ فی النکاح،أو المراد ولایة القَضاءِ و نحوه. و « أقامة الشَّعائِر» کالأذان و الإقامة والخطبة والجمعة و تکبیرات التَّشریق عند أبی حنیفة. و المراد بـ « الشَّهادة فی مجامع القَضایا » مهمَّاتُها الَّتی من شأنها أن تفصل فی المحافل کالحُدود و نحوها ممَّا لا تقبل فیه شهادة النِّساءِ. ومنهم من فسَّره بجمیع الأُُمور، ولا وجه له ».[24] وفی « تفسیر مفاتیح الغیب » للإمام الفخر الرَّازیِّ، بعد ذکره معنی القوَّام و إیراده القصَّة المعروفة قال: « اعلَم أنَّ قضل الرِّجال علی النِّساءِ حاصلٌ من وجوهٍ کثیرةٍ، بعضها صفاتٌ حقیقیَّة و بعضها أحکام شرعیَّة. أمَّا الصِّفات الحقیقیَّة، فاعلم أنَّ الفضائل الحقیقیَّة یرجع حاصلها إلی أمرین: إلی العلم و إلی القُدرة؛ ولا شکَّ أنَّ عقولَ الرِّجال وعلومَهم أکثر، و لا شکَّ أنَّ قدرتَهم علی الأعمال الشَّاقَّة أکمل؛ فلهذین السَّببین حصلت الفضیلة للرِّجال علی النِّساءِ فی العقل و الحزم و القدرة و الکتابة فی الغالب و الفروسیَّة و الرَّمی، وأنَّ منهم الأنبیاءَ و العلماءَ، وفیهم الإمامة الکُبری و الصُّغری، والجهاد، والأذان، و الخطبة، و الإعتکاف، و الشَّهادة فی الحدود، و القصاص بالاتِّفاق، و فی الأنکحة عند الشَّافعیّ، و زیادة النَّصیب فی المیراث، والتَّعصیب قی المیراث، وفی تحُّمل الدِّیة فی القتل الخَطَأ، و فی القَسامة، و الولایة فی النِّکاح و الطَّلاق، و الرَّجعة، وعدد الأزواج، وإلیهم الانتساب. فکلُّ ذلک یدلُّ علی فضل الرِّجال علی النِّساءِ».[25] وفی « تفسیر الخازن » لعلاءِ الدِّین البغدادیِّ، أورد المعنی و شأن النُّزول علی نحو ما أورده الرازیُّ فی تفسیره.[26] وفی « تفسیر غرائب القرآن ورغائب الفرقان » لنظام الدِّین النِّیسابوریِّ، ذکر فی شأن نزول آیة وَلَا تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَکُم عَلَی بَعضٍ، أقوالاً: «منها ما عن المجاهد: قَالَت أُمُّ سَلَمَةَ: یا رَسولَ اللهِ یَغزُو الرِّجالُ وَ لا نَغزو، وَ لَهُم مِنَ المیراثِ ضِعفُ مَا لَنَا؟ فَنَزَلَت. منها ما عن قتادة والسدّیّ: لمَّا نزل قوله: « لِلذَّکَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَیَینِ » قالَ الرِّجالُ: نَرجو أن نُفَضَّلَ عَلَی النِّساءِ فی الآخِرَةِ کَما فُضِّلنا فی المیراثِ، و قالَتِ النِّساءُ: نَرجو أن یَکونَ الوِزرُ عَلَینا نِصفَ ما عَلیَ الرِّجالِ. و فی روایة: قُلنَ: نَحنُ أَحرَجُ، لِأَنَّ ضُعَفَاءَ هُم أقدَرُ عَلَی طَلَبِ المَعاشِ، فَنَزَلَت. ومنها قیل: أَتَت وافدةُ النِّساءِ إلی الرَّسول و قالَت: رَبُّ الرِّجالِ والنِّساءِ واحدٌ، وَ أنتَ الرَّسول إلینا و إلیهم، و أبونا آدمُ و أُمُّنا حَوّاءُ، فَمَا السَّبَب فی أنَّ اللهَ یذکُر الرِّجالَ و لا یَذکُرنا؟ فَنَزَلَتِ الآیة. فقالت: و قد سَبَقَنَا الرِّجالُ بالجِهاد، فَمَا لَنَا؟ فقال صَلَّی الله علیه(وآله) وسلَّم: إنَّ لِلحَامِلِِ مِنکُم أجرَ الصَّائِمِ القَائِمِ، و إذا ضَرَبَهَا الطَّلقُ لَم یَدرِ أحَدٌ مَا لَهَا مِنَ الأجر؛ فإن أرضَعَت کَانَ لَهَا بِکُلِّ مَصَّةٍ أجرُ إحیَاءِ نَفسٍ». وذکر فی تفسیر آیة الرِّجال قَوَّامُونَ: «یقال: هذا قَیِّم المرأةِ وَ قوَّامها بناء مبالغة الَّذی یَقوم بأمرها و یَهتمُّ بحفظها، کما یقوم الوالی علی الرَّعیَّة، و منه سُمِّی الرِّجال قُوَّاماً. والضمیر فی بَعضَهُم للرِّجال و النِّساءِ جمیعاً، أی إنَّما کانوا مُسَیطرین علیهنَّ بسبب تفضیل الله بعضَهم و هم الرِّجالُ علی بعضٍ و هم النِّساءُ». ثمَّ ذکر حمیع ما نقلناه عن الرَّازیِّ فی وجه تفضیل الرِّجال علی النِّساءِ، الَّذی یرجع محصَّله إلی العلم و القُدرة، ونسبه إلی القیل. ثمّ روی عن مقاتل حکایةَ سعد بن الرَّبیع و زوجته فی شأن النُّزول. ثمّ أفاد أنَّ معنی القانتات هو المطیعاتُ لله و للزّوج، و الحافظات للغیب: القائمات بحقوق الزَّوج فی غیبته، و الغیبُ خلافُ الشَّهادة، و مواجبُ حفظ غیبة الزَّوج أن تحفظ نفسَها عن الزِّنا لئلَّا یَلحق الزوجَ العارُ بسبب زناها، و لئلَّا یَلحق به الولدُ الحاصلُ من نطفة غیره، و أن تَحفَظ أسراره عن الإفشاءِ، و مالَه عن الضِّیاع، و منزلَها عمّا لا ینبغی شرعاً و عرفاً. وفی «تفسیر الجامع اأحکام القرآن» للقرطبیِّ، قال: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ، ابتداءٌ و خبرٌ، أی یقومونَ بالنَّفقة علیهنَّ، والذَّبِّ عنهنَّ؛ و أیضاً فإنَّ فیهم الحکّامَ، و الاُمراءَ، ومن یَغزو؛ ولیس ذلک فی النِّساءِ. یقال: قَوَّام و قَیمِّ». ثمَّ قال: « نزلت الآیة فی سعدبن الرَّبیع» و حکی القصَّة إلی آخرها. ثمَّ ذکر أقوالاً اُخر فی سبب نزول الآیة و هی ما ذکره أبوالفتوح الرَّازیُّ فی تفسیره. ثمّ ذکر فی وجه تفضیل الرِّجال: «أنَّه یقال: إنَّ الرِّجال لهم فضیلة فی زیادة العقل و التَّدبیر فجُعل لهم حقُّ القیام علیهنَّ لذلک. و قیل للرجِّال زیادة قوَّة فی النَّفس و الطَّبع ما لیس للنِّساءِ؛ لأنَّ طبع الرِّجال غلب علیه الحرارة و الیبوسة، فیکون فیه قوَّة و شدَّة، و طبع النِّساءِ غلب علیه الرُّطوبة و البُرودة، فیکون فیه معنی اللِّین و الضَّعف؛ فجُعل لهم حقُّ القیام علیهنَّ بذلک، وبقوله تعالی: وَبِما أنفَقوا مِن أموالِهِم».[27] وفی « روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم و السَّبع المثانی » للسیِّد محمود الآلوسیّ، قال: « ذکر الواحدیُّ فی سبب آیةِ و لا تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعضَکُم عَلَی بَعضٍ، ثلاثةَ أخبار: الأوَّل: ما أخرجه عن مجاهد قال: قالت اُمُّ سَلَمة: یا رسول الله ! تَغزو الرِّجال و لا نَغزوا، و إنما لنا نصفُ المیراث؛ فأنزل اللهُ تعالی الآیة. و الثّانی: ما أخرجه عن عِکرَمَة: إنَّ النِّساءَ سألنَ الجِهادَ فقُلن وَدِدنَ أنَّ اللهَ جَعَلَ لَنَا الغَزوَ فَنُصیبُ مِنَ الأجر ما یُصیب الرِّجالُ، فَنَزَلَت. و الثَّالث: ما أخرجه عن قتادة و السّدیّ، قالا: لَمَّا نزل قولهُ تعالی: « لِلذَّکَرِ مِثلُ حَظِّ الاُنثَیَینِ قال الرِّجال: إنَّّا لَنَرجوُ أن نُفَضَّلَ عَلَی النِّساءِ بحسناتنا کما فُضِّلنا علیهنِّ فی المیراث، فیکون أجرنا علی الضِّعف من أجر النِّساءِ. و قالت النِّساءُ: إنَّا لنرجو أن یکون الوِزرُ علینا نصفَ ما علی الرِّجال فی الآخرة کما لنا المیراث علی النِّصف من نصیبهم فی الدُّنیا؛ فأنزل الله تعالی « ولا تَتَمَنَّوا » إلی آخرها». و قال فی معنی الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ: « أی شأنهم القیام علیهنَّ قیام الولاة علی الرَّعیَّة بالأمر و النَّهی و نحو ذلک. و اختیار الجملة الاسمیَّة مع صیغة المبالغة للإیذان بعراقتهم ورسوخهم فی الاتِّصاف بما اُسند إلیهم. وفی الکلام إشارة إلی سبب استحقاق الرِّجال الزیادةَ فی المیراث کما أنَّ فیما تقدَّم رمزاً إلی تفاوت مراتب الاستحقاق ــ إلی أن قال ــ و ضمیر الجمع لکلا الفریقین تغلیباً، أی قوِّامونَ علیهنَّ بسبب تفضیل الله تعالی إیَّاهم علیهنَّ، أو مستحقِّین ذلک بسبب التَّفضیل، أو متلبِّسین بالتَّفضیل».[28] و فی « تفسیر لَطائِف الإشارات » للإمام القُشَیریِّ، عند قوله تعالی: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ، قال: « خُصَّ الرِّجَالُ بالقُوَّة فزید بالحمل علیهم؛ فالحمل علی حسب القوَّة؛ والعِبرةُ بِالقُلُوبِ وَ الهِمَمِ لاَ بِالنُّفُوسِ وَ الجُثَثِ».[29] و فی «تفسیر بیان السَّعادة فی مقامات العبادة» قال عند هذه الآیة: «قائمون علیهنَّ قیامَ الوُلاة علی رعیَّتهم، مراقبون أحوالهنَّ، مقیمون اعو جَاجَهنَّ». و قال عند قوله تعالی: بمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَی بَعض: «بتفضیله الرِّجال فی الجُثَّة و القُوَّة والإدراک وحسن التَّدبیر وکمال العقل. وَبِمَا أنفَقُوا مِن أموَالِهِم یعنی لهم فضیلة ذاتیَّة وفضیلة عرضیَّة، بکلٍّ یستحقُّون التَّفضیل والتَّسلُّط؛ فعلیهم مراقبتهنَّ، وسدُّ فاقتهنَّ، وقضاءُ حاجتهنَّ؛ وعلیهنَّ الانقیادُ، وقبول نُصحهم، وحفظ غیبهم. فالصَّالِحاتُ منهنَّ لا یَخرجن ممَّا هو شأنهنَّ وحکمهنَّ بل هنَّ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لأنفُسهنَّ وأموال أزواجهنَّ، لِلغَیبِ أی فی غیبهنَّ عن الأزواج، أو غیب الأزواج عنهنَّ، علی أن یکون اللَّام بمعنی فی، أو حافظاتٌ للأشیاء الغائِبة عن نظر أزواجهنَّ من أموالهم وأنفسهنَّ بما حفظ اللهُ».[30] وفی «إرشاد العقل السَّلیم إلی مزایا الکتاب الکَریم» المُسمَّی بـ«تفسیر أبی السُّعود» أورد فی معنی الـآیة ما أورده الآلوسیُّ فی «روح المعانی»[31]، والظَّاهر أنَّ الآلوسیَّ اقتبس منه، لا عکس، حیث إنَّ الآلوسیَّ توفِّی فی سنة 1270، وأبا السُّعود توفِّی فی سنة 980. وفی «تفسیر الجَلالین» قال جلال الدِّین المحلّی: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ مُسلِّطون عَلَی النِّساءِ یُؤدّبونهنَّ ویأخذون علی أیدیهنَّ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَی بَعضٍ أی بتفضیله لهم علیهنَّ بالعلم والعقل والولایة وغیر ذلک وَبِمَا أنفَقُوا علیهنَّ مِن أموَالِهِم فَالصَّالِحَاتُ منهنَّ قَانِتَاتٌ مطیعاتٌ لأزواجهنَّ بِمَا حَفِظَ لهنَّ الله حیث أوصی علیهنَّ الأزواج».[32] وفی «فی ظلال القرآن» للسَّیِّد القطب شرح فی معنی الآیة شرحاً واسعاً وفصَّل تفصیلاً شاملاً؛ وبَرهَنَ علی أنَّ الحیوةَ الإنسانیَّةَ فی المجتمع الإنسانیِّ لا تدومُ إلَّا علی منهج قیمومة الرِّجال علی النِّساءِ بما أودع اللهُ فی فطرة کلٍّّ منهما ما هو الأحسن والأصلح بنظام التَّکامل فی الوجود. ونحن لم نورد بیانَه ههنا بعین عباراته، مخافة الإطالة فی الکلام. قول العلاّمة الطباطبائي رضوان الله عليه وفی«المیزان فی تفسیر القرآن» لاُستاذنا العلّامة الآیة الباهرة الإلهیَّة الطباطبائیِّ ــ مدّ ظلُّه ــ قال: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعضَهُم عَلَی بَعضٍ وَبِمَا أنفَقُوا مِن أموَالِهِم، القَیِّم هو الَّذی یقوم بأمر غیره، وَالقَوَّام وَالقَیَّام مبالعةٌ منه.[33] والمراد بما فضَّل اللهُ بعضَهم علی بعض هو ما یفضل ویزید فیه الرِّجال بحسب الطَّبع علی النِّساءِ وهو زیادة قوَّة التَّعقُّل فیهم، وما یتفرَّع علیه من شدَّة البأس، والقوَّة والطَّاقة علی الشََّدائِد من الأعمال ونحوها؛ فإنَّ حیوةَ النَّساءِ حیوةٌ إحساسیَّةٌ عاطفیَّة مبنیَّة علی الرِقَّة واللِّطافة. والمراد بما أنفَقُوا مِن أموالهم ما أنفَقوه فی مُهورهنَّ ونفقاتهنَّ. وعموم هذه العلَّة یعطی أنَّ الحکم المبنیَّ علیها أعنی قولَه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ، غیر مقصور علی الأزواج بأن یختصَّ القوَّامیَّة بالرَّجل علی زوجته؛ بل الحکم مجعول لقبیل الرِّجال علی قبیل النِّساءِ فی الجهات العامَّة الَّتی ترتبط بها حیوة القبیلتین جمیعاً. فالجهات العامَّة الاجتماعیَّة الَّتی ترتبط بفضل الرِّجال کَجَهَتی الحُکومة والقَضاءِ مثلاً اللَّذَینِ یتوقَّف علیهما حیوة المجتمع، وإنَّما یقومان بالتعقُّل الَّذی هو فی الرِّجال بالطَّبع أزید منه فی النِّساءِ؛ وکذا الدِّفاع الحَربیّ الّذی یرتبط بالشِّدَّة وقوَّةالتَّعقُّل. کلُّ ذلک ممَّا یقوم به الرِّجال علی النِّساءِ. وعلیهذا فقوله: الرِّجال قَوَّامُونَ عَلَی النِّساءِ ذو إطلاق تامٍّ. وأمَّا قوله بعدُ: فَالصَّالِحََاتُ قَانِتَاتٌ ــ الخ، الظَّاهر فی الاختصاص بما بین الرَّجل و زوجته علی ما سیأتی، فهو فرعٌ من فروع هذا الحکم المطلَق، و جزئِیٌّ من جزئِیَّاته، مستخرَج منه، من غیر أن یَتَقَیَّدَ به إطلاقه. قوله تعالی: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلغَیبِ بِمَا حَفِِظَ اللهُ، المراد بالصَّلاح معناه اللُّغویُّ وهو ما یُعَبَّر عنه بلیاقة النَّفس. و القُنوت هو دوام الطَّاعة و الخُضوع. و مقابلتها لقوله: وَ اللَّاتی تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ تُفید أنَّ المراد بالصَّالِحَاتِ، الزَّوجَاتُ الصَّالِحَاتُ، و أنَّ هذا الحکم مضروبٌ علی النِّساءِ فی حال الإزدواج لا مطلقاً. و أنَّ قوله قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ ــ الَّذی هو إعطاءٌ للأمر فی صورة التَّوصیف ای لِیَقنُتنَ و لیحفظن ــ حکمٌ مربوط بشؤون الزَّوجیَّة و المعاشرة المنزِلیَّة، و هذا معذلک حکم یَتبع فی سعته وضیقه عِلَّته، أعنی قیمومةَ الرَّجل علی المرأة قیمومة زوجیَّة؛ فعلیها أن تقنت له و تحفظه فیما یرجع إلی ما بینهما من شؤون الزَّوجیَّة. و بعبارة اُخری کما أنَّ قیمومة قبیل الرِّجال علی قبیل النِّساءِ فی المجتمع إنَّما تتعلَّق بالجهات العامَّتة المشترکة بینهما المرتبطة بزیادة تعقُّل الرَّجل وشدَّته فی البَأسِ، وهی جهاتُ الحکومة والقَضاء والحرب من غیر أن یَبطل بذلک ما للمرأة من الاستقلال فی الإرادة الفردیَّة وعملِ نفسها بأن ترید ما أحَبَّت وتفعل ما شاءت من غیرِ أن یَحِقَّ للرَّجل أن یعارضها فی شیءٍ من ذلک فی غیر المنکر فلا جناح علیهم فیما فعلنَ فی أنفُسهنَّ بالمعروف؛ کذلک قیمومة الرَّجل لزوجتهِ لیست بأن لا تَنفُدَ للمرأة فیما تملکه ارادةٌ ولا تصرفٌ، ولا أن لا تستقلَّ المرأةُ فی حفظ حقوقها الفردیَّة والاجتماعیَّة والدِّفاع عنها والتوسُّل إلیها بالمقدِّمات الموصلة إلیها؛ بل معناها أنَّ الرَّجل إذا کان یُنفق ما ینفق من ماله بإزاءِ الاستمتاع، فعلیها أن تطاوعَه وتُطیعَه فی کلِّ ما یرتبط بالاستمتاع والمباشرة عند الحضور وأن تحفظه فی الغیب، فلا تَخُونه عند غَیبته، بأن تُوطیءَ فراشَه غیرَه، وأن تُمتِّع لغیره من نفسها ما لیس لغیر الزَّوج التمتُّع منها بذلک، ولا تَخونه فیما وضعه تحت یدها من المال، وسلَّطها علیه فی ظرف الإزدواج والاشتراک فی الحیوةِ المنزلیَّة. فقوله: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ أی ینبغی أن یَتَّخِذنَ لأنفسهنَّ وصفَ الصَّلاح. وإذا کنَّ صالحاتٍ فهنَّ لا محالة قانتاتٌ أی یجب أن یَقنُتنَ ویُطِعنَ لأزواجهنَّ إطاعةً دائمةً فیما أرادوا منهنَّ ممَّا له مساسٌ بالتَّمتُّع، ویجب علیهنَّ أن یحفظنَ جانبَهم فی جمیعِ ما لهم من الحُقوق إذا غابُوا. وأمَّا قوله: بما حَفِظ اللهُ، فالظَّاهر أنَّ «ما» مصدریَّةٌ، والباءُ للآلة، والمعنی: إنهنَّ قانتاتٌ لأزواجهنَّ حَافِظَاتٌ لِلغَیبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ لَهم من الحقوق حیث شرَّع لهم القیمومةَ، وأوجب علیهنَّ الإطاعة وحفظَ الغیبِ لهم. ویمکن أن یکون الباءُ للمقابلة، والمعنی حینئذٍ: إنَّه یجب علیهنَّ القُنوت وحفظُ الغیب فی مقابلة ما حَفِظَ اللهُ من حقوقهنَّ،حیثُ أحیَا أمرهنَّ فی المجتمعِ البشریِّ، وأوجب علی الرِّجال لهنَّ المَهرَ والنَّفقةَ؛ والمعنی الأوَّل أظهر».[34] هذا کلُّه ما أردنا إیرادَه من بیان بعض اللُّغویِّینَ والمُّفسِّرین اللَّذَینِ تَمکَّنَّا من مراجعة کتبهم عاجلاً؛ نَعم لم نذکر ما فی تفسیر المولی عبدالرَّزَّاق القاسانیِّ، وما فی تفسیر «روح البیان» للشَّیخ إسماعیل الحقِّیِّ، وما فی تفسیر «عَرائِس البَیان» لأبی محمَّد روزبهان؛ لِما أنَّهم اقتصروا فی تفسیر القرآن علی المعانی الباطنیَّة، والتَّأویلات الَّتی خارجة هی عمَّا نحن بصدده فعلاً من استخراج الحکم الشَّرعیِّ. وهؤلاءِ الَّذین نقلنا کلامَهم فی المقام، من أساطین العلم والکلام،وجَهابذة الفِقه والحدیث والتَّفسیر، وأعاظم أهل اللُّغة والاشتقاق وسایر الفُنون العَربیَّة. وقد نقلنا کلامَهم لما فیها من الفَوائِد الهامَّة فی معنی الآیة، وسبب نزولها، وما یستخرج منها من الأحکام الفقهیَّة. ارجاعات [1] "التبيان"، المجلد الاول من الطبع علي الحجر، ص424. [2] قال في "اسد الغابة": "سعد بن الربيع بن عمروبن ابي زهير بن مالك بن امرئ القيس الخزرجيّ: عقبيّ بدريّ، و كان احد فقهاء الانصار و كان له زوجتان." [3] مجمعالبيان، طبع صيدا، المجلد الثالث،ص43 [4] الاية282 من سورة2: البقره [5] الاية41 من سورة9: التوبة [6] الآيه 33 من سورة33: الاحزاب [7] "تفسير ابي الفتوح"، الطبع المظفريّ، ج1، ص760و 761 [8] التفسير، الطبع علي الحجر في سنة1311، ص125 [9] "تفسير الصافي"، طبع الاسلاميّة سنة1348، ج1 ص353 [10] "المنهج"، الطبع علي الحجر سنة1296، ج1، ص381 [11] "البرهان"، الطبع علي الحجر سنة1295، ج1، ص226 [12] "الجواهر" طبع مصر سنة1350، ج3، ص39 [13] "جامع البيان" طبع مصر سنة1373، المجلّد الخامس، من ص57 الي ص60 [14] "تفسير ابن كثير" طبع دارالفكر، ج2، ص275 الي ص277 [15] مما تقرّد به العامّة في مسائل الارث هو مسالة العول و التعصيب. العول فيما اذا زادت الفرائض الستة (النصف و انصفه و نصف نصفه و الثلث وضعفه و نصفه) علي التركة. فالعامة يردّون النقص علي الجميع و اما الخاصّة فلايردّون النقص علي من يكون له فرضان علي تقديرين بل علي من كان له فرض واحد. و التعصيب فيما اذا نقصت الفرائض عند التركة. فالعامة يجعلون الفضل للعَصَبة و اما الخاصّة فيردّون الفضل ايضا علي صاحب الفرائض بنسبة سهامهم بالقرابة. و ليس في مسائل الارث خلاف يعتدّ به بين الشيعة و بين جمهور علماء السنة الا في هاتين المسالتين و قد تواتر عند الشيعة عن ائمة اهل البيت عليهمالسلام انه لا عول و لا تعصيب. و لهم علي نفيهما ادلة من الكتاب و السنة مدوّنة في مواضعها من الكتب المفصّلة: فاذن حيث لا تعصيب عند الشيعة لا فضل للرجال علي النساء من هذه الجهة. و اما الاعتكاف و تكبيرات التشريق فهما ايضا مشتركان عندهم بين الرجال و النساء و هكذا الولاية في النكاح في بعض الصور. [16] "الكشاف"، الطبعة الاولي بمصر الشرقيّة، ج1، ص204 و ص205. [17] "الدرّ المنثور"، طبع الافست بطهران سنة1377، ج2،ص149 [18] "الدرّ المنثور"، ج2، ص151. و الآية في سورة20: طه: 114 [19] "الدرّ المنثور"، ج2، ص152 [20] هذا الاسناد انّما هو علي لغة "أكلوني البراغيث" او تاكيدا [21] "الدرّ المنثور"، ج2، ص153 [22] "الدرّ المنثور"، ج2، ص153 [23] "تفسير البيضاوي" المطبوع في متنه القرآن و هو في الهامش، ص121 [24] « حاشیة الشهاب » طبع دار صادر بیروت، ج 3،ص 133. [25] « مفاتیح الغیب » الطبعة العثمانیة، ج 3،ص 316. [26] « تفسیر الخازن » طبعة مصر، مطبعة مصطفی محمد، ج1، ص 432. [27] « بفسیر القرطبی » طبعة دار الکاتب العربی، للطباعة و النشر بقاهرة سنة 1387،ص 169. [28] «تفسیر الآلوسی» طبغ دار التراث العربی، ج 5، ص 20 و ص 23. [29] « تفسیر القشیری» طبع دار الکاتب العربی، للطباعة و النشر بقاهرة ج 2، ص 25. [30] «بیان السعادة» الطبع علی الحجر سنة 1314، ص 197. [31] «تفسیر ابی السعود» طبعة الریاض، ج 1، ص 691و ص 692. [32] «تفسیر الجلالین» طبع دار الکتاب العربی، بیروت، لبنان ص 110. [33] «فی ظلال القران» طبع دار احیاء التراث العربی، الجزء الخامس، ص 57 الی ص 62. [34] «تفسیر المیزان» طبع الحیدری سنة 1376، ج 4، ص 365 إلی ص 367.
|
|
|