|
|
الصفحة السابقةأسماء من قُتل من المشركين بسيف علیّ علیه السلام يوم أُحُدفصل: وقد ذكر أهل السير قتلي أُحُد من المشركين. وكان جمهورهم قتلي أمير المؤمنين علیه السلام. روي عبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله، عن محمّدبن إسحاق أ نّه قال: كان صاحب لواء قريش يوم أُحد طلحة بن أبي طلحةبن عبدالعزّيبن عثمان بن عبد الدار، قتله علیّ بن أبي طالب علیه السلام، وقتل ابنه أبا سعيد بن طلحة، وأخاه خالد بن أبي طلحة. وقتل عبداللهبن حميدبن زُهرة بن الحارث بن أسد بن عبدالعزّي، وأبا الحكمبن الاخنسبن شريق الثقفيّ، والوليد بن أبي حذيفة بن المغيرة، وأخاه: أُميّةبن أبي حُذَيْفة بن المغيرة، وأرْطاة بن شرَحْبيل، وهشامبن أُمَيَّة، وعمروبن عبدالله الجمحيّ، وبُشر بن مالك، وصواباً مولي بني عبدالدار. هؤلاء كلّهم قتلوا علی يد أمير المؤمنين علیه السلام وكان الفتح له يوم أُحُد. ورجوع الناس من هزيمتهم إلی النبيّ صلّي الله علیه وآله بمقامه علیه السلام يذبّ عنه دونهم. وتوجّه العتاب من الله تعإلی إلی كافّتهم لهزيمتهم يومئذٍ سواه علیه السلام ومن ثبت معه من رجال الانصار، وكانوا ثمانية نفر. وقيل: أربعة أو خمسة. وفي قتله علیه السلام من قتل يوم أُحُد، وعنائه في الحرب وحُسن بلائه يقول الحجّاج بن عِلاّط السُّلَميّ: لِلَّهِ أَيُّ مُذَبِّبٍ عَنْ حَرِيمِهِ أَعْنِي ابْنَ فَاطِمَةَ المُعِمَّ المُخْوِلاَ [1] جَادَتْ يَدَاكَ لَهُ بِعَاجِلِ طَعْنَةٍ تَرَكَتْ طُلَيْحَةَ لِلْجَبِينِ مُجَدَّلاَ وَشَدَدْتَ شِدَّةَ بَاسِلٍ فَكَشَفْتَهُمْ بِالسَّفْحِ إذْ يَهْوُونَ أَسْفَلَ أَسْفَلاَ وَعَلَلْتَ سَيْفَكَ بِالدِّمَاءِ وَلَمْ تَكُنْ لِتَرُدَّهُ حَرَّانَ حَتَّي يَنْهَلاَ [2] وأضاف ابن شهرآشوب إلی هؤلاء الذين ذكرهم الشيخ المفيد في « الإرشاد » في قتلي أمير المؤمنين علیه السلام أشخاصاً آخرين وهم: خالد، ومخلّد، وكَلدة، ومحالس أولاد طلحة بن أبي طلحة الاربعة، فصاروا مع ابنه الآخر أبي سعيد خمسة، والوليد بن أرطاة، ومُسافِع، وقاسِطبن شُرَيح العَبْديّ، والمغيرة بن المغيرة. ما عدا الذين قتلهم بعد الهزيمة. صمود علیّ علیه السلام وفرار أبي بكر وعمر وعثمان يوم أُحُدثمّ قال ابن شهرآشوب: لا إشكال في هزيمة عمر وعثمان. وإنّما الإشكال في أبي بكر هل ثبت إلی وقت الفرج أو انهزم ! [3] أجل، إنّ هدفنا من توسيع رقعة هذا البحث هو إفراد الخلفاء المدّعين بالخلافة نبيّهم، إذ تخلّوا عنه في أحرج اللحظات والدقائق بعدما أحدقت به كتائب العدوّ من كلّ جانب، وكانوا يريدون قتله بل أسره وتعذيبه، [4] فتركوه وحده واختاروا الفرار علی الصمود معه، ورأوا أنفسهم الملوّثة أكرم وأعظم وأعزّ وأحبّ من نفس النبيّ الاعظم صلّي الله علیه وآله. فَوَيْلٌ لَهُمْ ثُمَّ وَيْلٌ. قلنا: إنّ أبا بكر، وعمر، وعثمان لم يُجرحوا في هذه الغزوة، بل لميُخدَشوا. وهذا ديدنهم في سائر غزوات رسول الله كبدر، والاحزاب، وحُنَين. ولم نجد في التأريخ أ نّهم جُرحوا في غزوة من الغزوات في حين جُرح أميرالمؤمنين علیه السلام في غزوة أُحُد تسعين جُرحاً وهو القائل: كان ستّة عشر جرحاً منها عميقةً، وتلزمني الارض ويُغمي عَلَیَّ في كلّ منها، ولم أملك نفسي حتّي كان جبرئيل يأتيني ويرفعني وهو يقول: قم ياعلیّ، فليس لمحمّد غيرك معين ! ولمّا وضعت الحرب أوزارها، وعاد رسولالله وأمير المؤمنين بالمسلمين إلی المدينة، لازم أميرالمؤمنين علیه السلام الفراش. ووضعوا له فتيلة لمعاجلة جراحه، وذلك بسبب عمقها. الجراح التي ألمّت برسول الله صلّي الله علیه وآله يوم أُحُدوأمّا الرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله فقد ضُرب في وجهه بالحجر حتّي كُسر عظمه، وسال الدم، ولم ينقطع. وغرزت حلقات الدرع في عظم وجهه وعصت فلم تخرج. وضُرب علی شفتيه المباركتين بالسيف حتّي سقطت رباعيّاته. [5] وأُغمي علیه مرّات لشدّة ضغط الدرع الثقيل علیه، وسقط في الحفرة التي كان قد حفرها أبو عامر الراهب الفاسق في أرض أُحُد بمعاضدة المشركين، وأُغمي علیه، ولم يتمكّن من الخروج، وبلغ منه العطش مبلغاً أ نّه لمّا أُتي له بالماء بعد الحرب، وقرّبه من فمه، لميستطع أن يشرب. والله أعلم كم عاني من النبال والاحجار والحِراب والسيوف، ذلك أنّ كتائب من الخيّالة والرجّالة تتكوّن من ثلاثمائة أو مائتي رجل برئاسة خالدبن الوليد، وعكرمة بن أبي جهل، وضِرار بن الخطّاب، وعتبةبن أبيوقّاص، وعبداللهبن شهاب وابن قَميئة، وأُبيّ بن خَلَف، كانت تحمل بمجموعها حملة رجل واحد. ولكن لمّا كان صلّي الله علیه وآله متدرّعاً بدرعَين، وعلی رأسه مِغفر، [6] وكان أمامه عدد من أصحابه الاوفياء كأبي دُجانة، وسهلبن حُنيف، وقليل من الصالحين الملتزمين الباذلين مهجهم وهم يحوطونه. وكان أمير الولاية حيدر الكرّار يحمل علیهم كالليث الباسل وهو المدرّب علی العرفان والتوحيد، ويفرّق صفوفهم ويمزّقهم ويبعثرهم، ومن جهة أُخري كان الله تعإلی قد وعده بالنصر، وهو الحافظ لروحه المقدّسة، لذلك لم يستطيعوا قتله. قال الواقديّ في « المغازي »: وكان أربعة من قريش قد تعاهدوا وتعاقدوا علی قتل رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم وعرفهم المشركون بذلك، عبدالله بن شِهاب، وعتبة بن أبي وقّاص، وابن قَميئَة، وأُبيّبن خَلَف. ورمي عُتبة يومئذٍ رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم بأربعة أحجار، وَكَسَرَ رُبَاعِيتَه ـأَشْظَي بَاطِنَهَا اليُمْنَي السُّفْلَيـ وَشُجَّ فِي وَجْنَتَيْهِ [7] (حَتَّي غابَ حَلَقُ المِغْفَرِ فِي وَجْنَتِهِ) وَأُصِيبَتْ رُكْبَتَاهُ فَجُحِشَتَا. [8] وكانت حفر حفرها أبو عامر الفاسق كالخنادق للمسلمين. وكان رسول الله صلّيالله علیه وآله وسلّم واقفاً علی بعضها ولا يشعر به. قال الواقـديّ: والثبـت عنـدنا أنّ الـذي رمـي وجنتَـي رسـولالله صلّيالله علیه وآله وسلّم ابن قميئة، وهو يقول: دُلّوني علی محمّد، فوالذي يُحلَف به، لئن رأيته لاقتلنّه. فعلاه بالسيف، ورماه عتبة بن أبي وقّاص مع تجليل السيف. وكان علیه صلّي الله علیه وآله وسلّم درعان. فوقع رسولالله صلّي الله علیه وآله وسلّم في الحفرة التي أمامه فَجُحِشت رُكبتاه. ولميصنع سيف ابن قميئة شيئاً إلاّ وَهَن الضربة بثِقَل السيف، فقدوقع لها رسـول الله صلّي الله علیه وآله وسـلّم. [9] وانتهض رسولالله صلّيالله علیه وآله وسلّم وطلحة يحمله من ورائه، وعلیّ ] علیه السلام [ آخذ بيده حتّي استوي قائماً. [10] وقال الواقديّ أيضاً: وكان أبو سعيد الخُدريّ يحدّث أنّ رسولالله صلّيالله علیه وآله وسلّم أُصيب وجهه يوم أُحد فدخلت الحلقتان من المغفر في وجنتيه، فلمّا نُزِعتا جعل الدم يسرب كما يسرُب الشنّ. [11] نقول: في ضوء ما ذكرنا من الخصوصيّات والمواصفات، أليس من الإجحاف خذلان النبيّ الذي يزعم الإنسان أ نّه يفديه بروحه وماله وعرضه وناموسه وكلّ شيء في حياته ؟ وبلغ الامر أنّ الآية القرآنيّة المباركة الآتية تُنبي المسلمين بهذا الفرار وتعنّفهم علی ما ارتكبوه من خطيئة عظيمة: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُ و نَ عَلَی'´ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي´ أُخْرَب'كُمْ. [12] هذه هي قصّة المنهزمين الفارّين، إذ تخاطب الآية المسلمين قائلة: ترقون الجبلَ فارّين والرسول الاكرم صلّي الله علیه وآله يناديكم: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ ! أَنَا رَسُولُ اللَهِ ! إلَی، إلَی، فَلاَ يَلْوِي عَلَیهِ أَحَدٌ. قال الواقديّ في سياق الآيات النازلة في غزوة أُحد عند تفسير قوله تعإلی: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِين مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَی'´ أَعْقَـ'بِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَی' عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَهَ شَيْـًا وَسَيَجْزِي اللَهُ الشَّـ'كِرِينَ: [13] إنّ إبليس تصوّر يوم أُحُد في صورة جُعال بن سراقة الثعلبيّ فنادي: إنّ محمّداً قد قُتل، فتفرّق الناس من كلّ وجه. [14] إقرار عمر بفراره في غزوة أُحُديقول عمر: كنت أرقي في الجبل كأ نّي أُرْوِيّة [15] حتّي انتهيت إلی رسولالله صليّ الله علیه وآله وهو ينزل علیه: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ـ الآية. ومعني قوله: وَمَن يَنقَلِبْ عَلَی' عَقِبَيْهِ: يتولّي. وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَهِ كِتَـ'بًا مُّؤَجَّلاً. [16] وكذلك روي الواقديّ عن الضحّاك بن عثمان، عن ضمرة بن سعيد، قال: قال رافع بن خَديج: ] كنت يوم أُحُد [ إلی جنب أبي مسعود الانصاريّ وهو يذكر من قُتل من قومه ويسأل عنهم، فيُخبَر برجال منهم سعدبن ربيع وخارجةبن زُهير، وهو يسترجع ويترحّم علیهم، وبعضهم يسأل بعضاً عن حميمه، فهم يخبرون بعضهم بعضاً. فبينا هم علی ذلك، ردّ الله المشركين ليذهب بالحزن عنهم، فإذا عدوّهم فوقهم قد علوا، وإذا كتائب المشركين. فنسوا ما كانوا يذكرون. ونَدَبنا رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم وحضّنا علی القتال، وأ نّي لانظر إلی فلان وفلان في عُرض الجبل يعدون. فكان عمر يقول: لمّا صاح الشيطان: قُتِلَ مُحَمَّدٌ، أقبلتُ أرقي في الجبل كأ نّي أُرويّة، فانتهيتُ إلی النبيّ صلّي الله علیه وآله وسلّم وهو يقول: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ. [17] الآية. وأبوسفيان في سفح الجبل. قال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: اللَهُمَّ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْلُونَا. [18] فَانْكَشَفُوا. [19] ونقل الواقديّ أيضاً أنّ إبليس لمّا صاح: إنَّ مُحَمَّداً قَدْ قُتِلَ، تفرّق الناس، فمنهم من ورد المدينة، فكان أوّل من دخل المدينة يخبر أنّ رسولالله صلّي الله علیه وآله وسلّم قد قُتِل سعد بن عثمان أبو عُبادة. ثمّ ورد بعده رجال حتّي دخلوا علی نسائهم، حتّي جعل النساء يقلن: أَعَنْ رَسُولِ اللَهِ تَفِرُّونَ؟! قال يقول ابن أُمّ مكتوم: أعن رسول الله تفرّون ؟ ثمّ جعل يؤفّف بهم. وكان رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم خلّفه بالمدينة يصلّي بالناس. ثمّ قال: اعدلوني علی الطريق ـيعني طريق أُحُدـ فعدلوه علی الطريق. فجعل يستخبر كلّ من لقي عن طريق أُحُد حتّي لحق القوم، فعلم بسلامة النبيّ صلّي الله علیه وآله وسلّم ثمّ رجع. بعض المسلمين الفارّين في حرب أُحُدوكان ممّن ولّي فلان، [20] والحارث بن حاطب، وثَعْلَبة بن حاطب، وسوّادبن غَزيّة، وسعد بن عثمان، وعُقبة بن عثمان، وخارجة بن عامر بلغ مَلَل، [21] وأوس بن قيظيّ في نفر من بني حارثة بلغوا الشُّقْرة. [22] ولقيتهم أُمّ أيمن تحثي في وجوههم التراب، وتقول لبعضهم: هَاكَ المَغْزَلَ فَاغزِلْ بِهِ، وَهَلُمَّ سَيْفَكَ ! فوجّهت إلی أُحُد مع نُسَيَّات معها. [23] وروي الواقديّ أيضاً بسنده المتّصل عن نَمْلَة بن أبي نملة ـ واسم أبي نملة عبدالله بن معاذ وكان أبوه مُعاذ أخ للبراء بن معرور لاُمّه ـ فقال: لمّا انكشف المسلمون ذلك اليوم نظرتُ إلی رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم وما معه أحد إلاّ نُفَير، فأحدق به أصحابه من المهاجرين والانصار وانطلقوا به إلی الشِّعب، وما للمسلمين لواء قائم، ولا فئة، ولا جمع، وإنّ كتائب المشركين لتحوشهم مقبلة ومدبرة في الوادي، يلتقون ويفترقون. ما يرون أحداً من الناس يردّهم. فاتّبعتُ رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم فأنظر إليه وهو يؤمّ أصحابه. ثمّ رجع المشركون نحوعسكرهم وتآمروا في المدينة وفي طلبنا. فالقوم علی ما هم علیه من الاختلاف. وطلع رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم إلی أصحابه، فكأ نّهم لم يصبهم شيء حين رأوا رسول الله صلّيالله علیه وآله وسلّم سالماً. [24] وروي الواقديّ أيضاً بسنده المتّصل عن أبي سفيان مولي ابن أبي أحمد قال: سمعتُ محمّد بن مَسْلَمة يقول: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ وَقَدِ انْكَشَفَ النَّاسُ إلَی الجَبَلِ وَهُمْ لاَ يَلْوُونَ عَلَیهِ، وَإِنَّهُ لَيَقُولُ: إلَی يَا فُلاَنُ ! إلَيَّ يَا فُلاَنُ! [25] أَنَا رَسُولُ اللَهِ فَمَا عَرَّجَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ عَلَیهِ وَمَضِيَا. [26] كلام خالد بن الوليد في فرار عمروروي الواقديّ أيضاً عن ابن أبي سَبْرَة، عن أبي بكر بن عبداللهبن أبي جَهْم، واسم أبي جهم عُبَيد، قال: كان خالد بن الوليد يُحَدِّث وهو بالشام يقول: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانِي لِلإسلامِ ! لقد رأيتني ورأيت عمربن الخطّاب حين جالوا وانهزموا يوم أُحُد، وما معه أَحَد. وإنّي لفي كتيبة خشناء فما عرفه منهم أحد غيري. فنكبت عنه وخشيتُ إن أغريتُ به من معي أن يصمدوا له، [27] فنظرتُ إليه موجّهاً إلی الشِّعب. [28] وروي الطبريّ في تاريخه بسنده عن قاسم بن عبدالرحمن بن رافع أخو بني عدي بن نجّار، قال: انتهي أنس بن النضر ـعمّ أنس بن مالكـ إلی عمر بن الخطّاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والانصار وقد ألقوا بأيديهم. فقال: ما يجلسكم ؟ قالوا: قُتِلَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَهِ. قال: فَمَا تَصْـنَعُونَ بِالحَيَاةِ بَعْدَهُ ؟ قُومُـوا فَمُوتُـوا (كِرَاماً) عَلَی مَا مَـاتَ عَلَیهِ رَسُولُ اللَهِ صلّي الله علیه وآله وسلّم، ثمّ استقبل القوم فقاتل حتّي قُتل. وبه سُمّي أنس بن مالك. [29] والعجيب هنا أنّ بعض هؤلاء العديمي الغيرة الذين كانوا جالسين علی الجبل وقد أطلقوا العنان لانفسهم، قالوا: ليت لنا رسولاً إلی عبداللهبن أُبيّ فيأخذ لنا أَمَنَةً من أبي سفيان ! وذكر الطبريّ في تاريخه أيضاً أ نّه لمّا فشا خبر قتل رسول الله صلّيالله علیه وآله قال بعض الفارّين إلی الجبل وكانوا علی الصخرة: لَيْتَ لَنَا رَسُولاً إلَی عَبْدِ اللَهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَيَأْخُذَ أَمَنَةً مِنْ أَبِي سُفْيَانَ. يَا قَـوْمِ ! إنَّ مُحَمَّداً قَـدْ قُتِلَ ! فَارْجِـعُـوا إلَی قَـوْمِكُـمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتُـوكُـمْ فَيَقْتُلُوكُمْ. قال لهم أنس بن النضر: يَا قَوْمِ ! إنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ فَإنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ، فَقَاتِلُوا عَلَی مَا قَاتَلَ عَلَیهِ مُحَمَّدٌ. اللَهُمَّ إنِّي أعْتَذِرُ إلَيْكَ مِمَّا يَقُولُ هَؤلاءِ وَأَبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤْلاَءِ ! ثُمَّ شَدَّ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّي قُتِلَ. [30] وانطلق رسول الله صلّي الله علیه وآله يدعو الناس حتّي انتهي إلی أصحاب الصخرة ( وهم الذين اعتزلوا القتال وارتفقوا الصخرة )، فلمّا رأوه، وضع رجل سهماً في قوسه فأراد أن يرميه، فقال: أنا رسولالله. [31] إنّ أنس بن النضر ذلك الرجل الغيور الشهم الوجيه صاحب الحميّة والعزّة وذو المنطق الرزين، الذي ذكرنا كيفيّة استشهاده قد رُمي بالنبال وضُرب بالسيوف حتّي أنّ أُخته لم تستطع أن تعثر علی جسده بعد استشهاده، وما عرفته آخر الامر إلاّ من بنانه أومن ثناياه. وقيل: وجد به سبعون ضربة في جسده، ولم يسلم موضع من بدنه، وإنّما عرفته أُخته من بنانه أو من ثناياه. [32] فرار عثمان وإيواؤه معاوية بن المغيرةوأمّا عثمان فقد سمعتم الروايات المنقولة فيه عن تواريخ العامّة الموثّقة. ونذكر فيما يأتي وثيقة تأريخيّة مهمّة أُخري عن الطبريّ الذي يعدّ من المؤرّخين الموثّقين عند العامّة: قال أبو جعفر الطـبريّ: وقد كان الناس انهـزمـوا عن رسـولالله صلّيالله علیه وآله [يوم أُحُد] حتّي انتهي بعضهم إلی المنقي دون الاعوص. وفرّ عثمان بن عفّان، وعقبة بن عثمان، وسعد بن عثمان (رجلان من الانصار) حتّي بلغوا الجَلْعَب (وهو جبل بناحية المدينة ممّا يلي الاعوص) فأقاموا به ثلاثاً. ثمّ رجعوا إلی رسول الله صلّي الله علیه وآله فزعموا أ نّه قال لهم: لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضَةً. [33] ولم يفرّ عثمان فحسب، بل لمّا قدم المدينة آوي معاويةبن المغيرة ابن أبي العاص الذي كان من ألدّ أعداء رسول الله صلّي الله علیه وآله وقد اشترك في هذه الغزوة. وهو الذي زعم أ نّه مثّل بحمزة سيّد الشهداء علیه السلام وشقّ شفتي رسول الله وكسر رباعيّته. وكان رسول الله قد هدر دمه. ولمّا دلّت رقيّة بنت رسول الله الصحابة الذين كانوا يبحثون عنه علی مكانه في البيت، ضربها بعصا رحله حتّي اعتلّت ولزمت الفراش، ثمّ ماتت بعد ذلك. [34] ونحن نذكر هذه القضيّة عن مغازي الواقديّ الذي يعدّ من أقدم الوثائق التأريخيّة وأوثقها: قال الواقديّ: وكان معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قد انهزم يومئذٍ، فمضي علی وجهه، فنام قريباً من المدينة. فلمّا أصبح دخل المدينة فأتي منزل عثمان بن عفّان، فضرب بابه، فقالت امرأته أُمّ كلثوم ابنة رسولالله صلّي الله علیه وآله: ليس هو هاهنا. هوعند رسولالله صلّيالله علیه وآله. قال ] معاوية [: فارسلي إليه فإنّ له عندي ثمن بعير اشتريته عام أوّل فجئته بثمـنه، وإلاّ ذهبـتُ. قال: فأرسـلتْ ] أمّ كلثوم [ [35] إلی عثمان، فجاء. فلمّا رآه قال: وَيْحَكَ ! أَهْلَكْتَنِي وَأَهْلَكْتَ نَفْسَكَ. مَا جَاءَ بِكَ؟ قال: يابنعمّ ! لميكن لي أحد أقرب إلی منك ولا أحقّ ! فأدخله عثمان في ناحية البيت. ثمّ خرج إلی النبيّ صلّي الله علیه وآله يريد آن يأخذ له أماناً. وقد قال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم قبل أن يأتيه عثمان: إنّ معاوية قد أصبح بالمدينة فاطلبوه. فطلبوه فلم يجدوه. فقال بعضهم: اطلبوه في بيت عثمان بن عفّان. فدخلوا بيت عثمان، فسألوا أُمّ كلثوم، فأشارت إليه فاستخرجوه من تحت حِمارة [36] لهم، فانطلقوا به إلی رسولالله صلّيالله علیه وآله وعثمان جالس عند رسول الله صلّي الله علیه وآله فلمّا رآه عثمان قد أُتي به قال: والذي بعثك بالحقّ، ما جئتك إلاّ أن أسألك أن تؤمّنه ! فهبه لي يا رسول الله ! فوهبه له وأمّنه وأجّله ثلاثاً، فإن وُجدِ بعدهنّ قُتِل. قال: فخرج عثمان ] من دار الرسول الاكرم [ فاشتري له بعيراً وجهّزه. ثمّ قال: ارتحل. فارتحل. وسار رسول الله صلّي الله علیه وآله إلی حمراء الاسد. [37] وخرج عثمان مع المسلمين إلی حمراء الاسد ] أيضاً [. وأقام معاوية ] بن المغيرة في المدينة [ حتّي كان اليوم الثالث، فجلس علی راحلته وخرج حتّي إذا كان بصدور العقيق، قال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: إنّ معاوية قد أصبح قريباً فاطلبوه. فخرج الناس في طلبه، فإذا هو قد أخطأ الطريق، فخرجوا في أثره حتّي أدركوه في اليوم الرابع. وكان زيد بن حارثة، وعمّار بن ياسر أسرعا في طلبه. فأدركاه بالجمّاء. فضربه زيد بن حارثة. وقال عمّار: إنّ لي فيه حقّاً. فرماه عمّار بسهم فقتلاه. ثمّ انصرفا إلی النبيّ صلّي الله علیه وآله وسلّم فأخبراه. ويقال: أُدرك بثَنِيَّة الشَّريد علی ثمانية أميال من المدينة، وذلك حيث أخطأ الطريق. فأدركاه، فلم يزالا يرميانه بالنبل، واتّخذاه غرضاً حتّي مات.[38] وقال المؤرّخون: كان خلال الايّام الثلاثة التي أقامها في المدينة يتسقّط أخبار النبيّ والمسلمين ليوافي بها كفّار قريش. قصّة اعتقال معاوية بن المغيرةقال ابن أبي الحديد في « شرح نهج البلاغة »: روي البلاذريّ أنّ معاويةبن المغـيرة هذا هو الذي جدع أنف حمزة سـيّد الشـهداء ومثّل به يوم أُحد. روي ذلك عن الكلبيّ وقال: هو ابن عمّ عثمان لحّاً، إذ إنّ عثمان ابن عفّانبن أبي العاص، وهومعاوية ابن المغيرة بن أبي العاص. ولاعقب له إلاّ بنت تسمّي عائشة، تزوّجها مروان بن الحكم فولدت له ابنه عبدالملك. [39] مقتل رقيّة ابنة رسول الله بضرب عثمانوأمّا قصّة مقتل رقيّة بنت رسول الله صلّي الله علیه وآله علی ما نقله محمّدبن يعقوب الكلينيّ في كتاب « الكافي » فهي كما يأتي: روي بسنده عن يزيدبن خليفة الحاربيّ أ نّه قال: سأل عيسي بن عبد الله أباعبدالله علیه السلام ] الإمام الصادق [ وأنا حاضر فقال: تخرج النساء إلی الجنازة ؟! وكان متّكئاً فاستوي جالساً، ثمّ قال: إنّ الفاسق علیه لعنة الله [40] آوي ابن عمّه معاوية بن المغيرة بن أبي العاص وكان ممّن هدر رسول الله دمه. فقال لابنة رسولالله: لا تخبري أباكِ بمكانه ! كأ نّه لا يوقن أنّ الوحي يأتي محمّداً. فقالت ] رقيّة [: ما كنتُ لاكتم رسول الله صلّي الله علیه وآله عدوّه. فجعله بين مشجب له ولحفه بقطيفة. فأتي رسول الله صلّي الله علیه وآله الوحيُ فأخبره بمكانه. فبعث إليه علیاً علیه السلام، وقال: اشتمل علی سيفـك وائـت بيت ابنة عمّـك، فإن ظفـرتَ بالمغـيرة فاقتلـه. فأتـي ] أميرالمؤمنين علیه السلام [ البيت فجال فيه، فلم يظفر به، فرجع إلی رسولالله صلّيالله علیه وآله فأخبره. فقال: يا رسول الله ! لم أره. فقال ] رسولالله [: إنّ الوحي قد أتاني فأخبرني أ نّه في المشجب. ودخل عثمان بعد خروج علیّ علیه السلام فأخذ بِيَدِ ابن عمّه، فأتي به النبيّ صلّيالله علیه وآله وسلّم. فلمّا رآه أكبّ ولم يلتفت إليه. وكان نبيّ الله صلّيالله علیه وآله حيّياً كريماً. فقال ] عثمان [: يا رسول الله هذا ابن عميّ معاوية بن المغيرةبن أبي العاص، والذي بعثك بالحقّ ما آمنُه. فأعادها ثلاثاً. وأعادها أبو عبد الله علیه السلام ثلاثاً: كذب عثمان، والذي بعثه بالحقّ نبيّاً. كان عثمان يأتي عن يمين رسول الله، ثمّ يأتي عن يساره. فلمّا كان في الرابعة، رفع رأسه إليه فقال: قد جعلت لك ثلاثاً، فإن قدرتُ علیه بعد ثلاثة، قتلتُه. فلمّا أدبر وتولّي، قال رسول الله صلّي الله علیه وآله: اللَهُمَّ العَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ المُغيرةِ وَالعَنْ مَنْ يُؤْوِيهِ، وَالعَنْ مَنْ يَحْمِلُهُ، وَالعَنْ مَنْ يُطْعِمُهُ، وَالعَنْ مَنْ يَسْقِيهِ، وَالعَنْ مَنْ يُجَهِّزُهُ، وَالعَنْ مَنْ يُعْطِيهِ سِقَاءً أَو حِذَاءً أَو رِشَاءً أَو وِعَاءً! وهو يعدّهنّ بيمينه. وانطلق به عثمان وآواه وأطعمه وسقاه وحمله وجهّزه حتّي فعل جميع ما لعن علیه النبيّ صلّي الله علیه وآله من يفعله به. ثمّ أخرجه في اليوم الرابع يسوقه. فلم يخرج من أبيات المدينة حتّي أعطب الله راحلته ونقب حذاءه ودميت قدماه، فاستعان بيده وركبته، وأثقله جهازه حتّي وجّر به، فأتي سُمرة فاستظلّ بها. فأتي رسول الله صلّي الله علیه وآله الوحي فأخبره بذلك، فدعا علیاً علیه السلام فقال: خذ سيفك فانطلق أنت وعمّار وثالث لهم، فإنّ ] معاوية [ بن المغيرة بن أبي العاص تحت شجرة كذا. فأتاه أميرالمؤمنين علیه السلام، فقتله. [41] فضرب عثمان بنت رسول الله صلّي الله علیه وآله ] بخشبة المحمل ضرباً كثيراً [ وقال: أنتِ أخبرتِ أباكِ بمكانه. فبعثت إلی رسولالله صلّيالله علیه وآله تشكو ما لقيت. فأرسل إليها رسول الله صلّيالله علیه وآله: اقْنِي حَيَاءَكِ، فَمَا أَقْبَحَ بِالمَرْأَةِ ذَاتِ حَسَبٍ وَدِينٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَشْكُو زَوْجَهَا. فأرسلت إليه مرّات، كلّ مرّة يقول لها ذلك ] ويأمرها بالصبر والتحمّل [. فلمّا كان في الرابعة، دعا علیاً وقال: خذ سيفك واشتمل علیه ثمّ أئت بنت ابن عمّك فخذ بيدها فإن حال بينك وبينها فأحطمه بالسيف فأقبل رسولالله صلّي الله علیه وآله كالواله من منزله إلی دار عثمان. فأخرج علیّ علیه السلام ابنة رسول الله. فلمّا نظرت إليه، رفعت صوتها بالبكاء. واستعبر رسول الله وبكي، ثمّ أدخلها منزله. وكشفت عن ظهرها. فلمّا أن رأي ما بظهرها قال ثلاث مرّات: قَتَلكِ قَتَلَهُ اللَهُ. وكان ذلك يوم الاحد. وبات عثمان متلحّفاً بجاريتها. فمكثت الاثنين والثلاثاء وماتت في يوم الاربعاء. فلمّا حضر أن يخرج بها، أمر رسول الله صلّي الله علیه وآله فاطمة علیها السلام فخرجت ونساء المؤمنين معها. وخرج عثمان يشيّع جنازتها. فلمّا نظر إليه النبيّ صلّي الله علیه وآله وسلّم قال: من أطاف البارحة بأهله أو بفتاته فلا يتّبعن جنازتها. فلميخرج عثمان، وخرجت فاطمة علیه السلام ونساء المؤمنين والمهاجرين فصلّين علی الجنازة. [42] ونطالع في كتاب « الغدير » للعلاّمة الامينيّ ردّاً علی كتاب « حياة محمّد » للمستشرق أميل درمنغم، وقد ترجمه الاُستاذ الفلسطينيّ مُحَمَّد عَادِل زُعَيْتِر، إذ انتقد العلاّمة أصل الكتاب ومترجمه بشدّة. ذلك أنّ مؤلّفه يقول فيه: وكان صهرا النبيّ الامويّان ( عثمان وأبو العاص ) أكثر مداراة للنبيّ من علیّ. فقال العلاّمة في سياق جوابه عن هذا الموضوع: وإنّي لايسعني المجال لتحليل كلمة الرجل: وكان صهرا النبيّ الامويّان: وحسبك في مداراة عثمان حديث أنس عن رسول الله صلّي الله علیه وآله لمّا شهد دفن رقيّة ابنته العزيزة وقعد علی قبرها ودمعت عيناه فقال: أيّكم لميقارف الليلة أهله ؟! فقال أبو طلحة ] الانصاريّ [ [43]: أنا. فأمره أن ينزل في قبرها. قال ابن بَطّال: أراد النبيّ صلّي الله علیه وآله أن يحرم عثمان النزول في قبرها. وقد كان أحقّ الناس بذلك، لا نّه كان بعلها وفقد منها علقاً لاعوض منه. لا نّه حين قال صلّي الله علیه وآله: أيّكم لميقارف الليلة أهله ؟ سكت عثمان ولم يقل: أنا، لا نّه قد قارف ليلة ماتت بعض نسائه، ولميشغله الهمّ بالمصيبة وانقطاع صهره من النبيّ صلّي الله علیه وآله عن المقارفة. فحرم بذلك ما كان حقّاً له. وكان أولي به من أبي طلحة وغيره. وهذا بيّن في معني الحديث. ولعلّ النبيّ صلّي الله علیه وآله قد كان علم ذلك بالوحي، فلم يقل له شيئاً لا نّه فعل فعلاً حلالاً غير أنّ المصيبة لمتبلغ منه مبلغاً يشغله حتّي حرّم ما حرّم من ذلك بتعريض غير صريح. (« الروض الاُنُف » ج 2، ص [44] 107) اعتراف عثمان بفراره في حرب أُحُدوكان عثمان نفسه يعترف أ نّه فرّ في معركة أُحُد ثلاثة أيّام كما أنّ عمر كان يعدّه في الفارّين. قال الواقديّ: كان بين عبدالرحمنبن عوف وعثمان كلام. فأرسل عبد الرحمن إلی الوليد بن عُقبة فدعاه فقال: اذهب إلی أخيك فبلّغه عنّي ما أقول لك، فإنّي لا أعلم أحداً يبلّغه غيرك. قال الوليد: أفعل. قال: قل، يقول لك عبدالرحمن: شهدتُ بدراً ولم تشهد ! وثبتُّ يوم أُحُد وولّيتَ عنه ! وشهدتُ بيعة الرضوان ولم تشهدها ! فجاءه فأخبره. فقال عثمان: صدق أخي. تخلّفتُ عن بدر علی ابنة رسول صلّي الله علیه وآله وسلّم وهي مريضة. فضرب رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم. بسهمي وأجري فكنت بمنزلة من حضر. وولّيتُ يوم أُحُد فقد عفا الله ذلك عنّي. فأمّا بيعة الرضوان، فإنّي خرجتُ إلی أهل مكّة، بعثني رسولالله صلّيالله علیه وآله وسلّم فقال رسول الله صلّي الله علیه وآله وسلّم: إنّ عثمان في طاعة الله وطاعة رسوله، وبايع النبيّ صلّي الله علیه وآله وسلّم إحدي يديه الاُخري، فكانت شمال النبيّ صلّي الله علیه وآله وسلّم خيراً من يميني. فقال عبدالرحمن حين جاءه الوليد بن عُقبة: صدق أخي. وقال الواقـديّ: ونظر عمر بن الخطّـاب إلی عثمـان بن عفّان فقال: هذا ممّن عفا الله عنه، والله ما عفا الله عن شيء فردّه، وكان تولّي يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعَانِ. وقال أيضاً: وسأل رجل ] عبدالله [ بن عمر عن عثمان فقال: إنّه أذنب يوم أُحُد ذنباً عظيماً، فعفا الله عنه، وهو مِمَّن تَوَلَّي' يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعَانِ، وأذنب فيكم ذنباً صغيراً فقتلتموه ! [45] والآن ينبغي أن نعرف: هل عُفي عن عثمان ؟ وهل صفح الله عنه وغفر له كما استفاد ذلك عمر وابنُه من الآية القرآنيّة الكريمة ؟ أم لا. ليسكذلك، ولا يستفاد من الآية الكريمة المباركة أبداً أنّ الله قد عفا عنه وغفر له ؟ وعلینا أن نعرف سلفاً أنّ الفرار من ساحة القتال بلا عذر شرعيّ بيّنهالله كبيرة من الكبائر بعامّة، وهو من أشدّ أقسام المعاصي الكبيرة التي أوعد القرآن الكريم علیها جهنّم. قال تعإلی: يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الاْدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَنءِذٍ دُبُرَهُ و´ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مَتَحَيِّزًا إلَی' فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَهِ وَمَأْوَب'هُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. [46] خلوّ الآية القرآنيّة من الدلالة علی العفو عن عثمان بمعني الغفراننلاحظ في هذه الآية أنّ المسلم لا يحقّ له أن يولّي العدوّ دبره إلاّ في حالتين لا غير: الاُولي: إذا أراد مثلاً أن ينتقل من الميمنة إلی الميسرة أو من القلب إلی الجناح لمصلحة قتاليّة. الثانية: إذا أراد أن يلحق بطائفة من المسلمين أو غير المسلمين ليستمدّهم القوّة والعدّة والعُدّة للقتال. وفي غيرهاتين الحالتين لا يجوز الفرار من لقاء الكفّار. ومَن فعل فإنّه موعَد بغضب الله وناره. [47] وإذا تبيّن هذا الموضوع فانّا نقول: علی ماذا يحمل فرار عثمان ثلاثة أيّام في نقطة نائية عن المدينة غير البوء بغضب الله ومأواه جهنّم وبئس المصير ؟ كيف غفر الله له ؟ هل نُسخت الآية النازلة فيه وفي أترابه ؟ علماً أ نّه لميصلنا عن عثمان نفسه أ نّه قد خجل واستحيا من فعله وتاب إلی الله توبةً نصوحاً. وأمّا من استدلّ علی غفرانه بقوله تعإلی: وَلَقَدْ عَفَا اللَهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. فليعلم أنّ هذه الآية لا تدلّ علی غفران. فالعفو هنا يعني عدم المؤاخذة الدنيويّة، وعدم إجراء الكفّارة وعدم تنفيذ حكم الإعدام فيه. وإلاّ فإنّ حكم الإسلام في المتخلّف عن ساحة القتال مع الكفّار الإعدام. والله تعإلی لميطبّق هذا الحكم علی عثمان ونظائره، إذ ليس إلی ذلك من سبيل لا نّه لو طبّقه لاُعدم أكثر من نصف الجيش الذي شهد أُحُداً، وهذا ليس في مصلحة الإسلام الفتيّ، وإلاّ لا يبقي أحد من المسلمين. جاء حكم العفو الإلهيّ في آيتين من الآيات الواردة في سورة آلعمران ويختلف العفو في هاتين الحالتين: الاُولي: هذه الآيات: ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَهُ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْمُؤْمِنِينَ * إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُ و نَ عَلَی'´ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي´ أُخْرَب'كُمْ فَأَثَـ'بَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلَی' مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَآ أَصَـ'بَكُمْ وَاللَهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * ثُمَّ أَنزَلَ عَلَیكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَي' طَآنءِفَةً مِّنكُمْ. [48] ونري في هذه الآيات أنّ طائفة من الذين فرّوا رجعوا إلی النبيّ صلّيالله علیه وآله وكانوا عنده، فأثابهم الله غمّاً بغمّ، ثمّ غشاهم الاطمئنان والنعاس. وهؤلاء قد شملهم العفو بمعني الغفران. ويتأيّد هذا المعني بقوله بعد العفو: وَاللَهُ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْمُؤْمِنِينَ. أمّا الذين فرّوا ولم يرجعوا إلی النبيّ في ساحة القتال، فهم المعنيّون بقوله تعإلی: وَطَآنءِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَـ'هِلِيَّةِ. إلی قوله: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَي الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَـ'نُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. [49] ولم يرد غفران ورحمة للذين فرّوا ولم يرجعوا وكانوا يهتمّون بحفظ أنفسهم وحصانتها. والعفو يعني الصفح وعدم المحاكمة في الدنيا. والدليل علی ذلك قوله: إِنَّ اللَهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. وهو صبور علی أعمالهم، ولميقل: « رحيم »، أي: يرحمهم ويعطف علیهم. إذن، العفو الاوّل يشمل الذين ندموا علی فرارهم وعادوا إلی النبيّ صلّيالله علیه وآله وكان هذا في وقت فارق رسول الله صلّي الله علیه وآله فيه المشركين وجاء إلی الشِّعب، وإن كان رجوع هذه الطائفة من المؤمنين تدريجيّاً وبعد علمهم بأنّ رسول الله لم يُقتل. وفيهم قال تعإلی: وَاللَهُ ذُو فَضْلٍ عَلَی الْمُؤْمِنِينَ. أمّا العفو الثاني فيشمل الذين واصلوا فرارهم وظنّوا بالنبيّ سوءاً، وقالوا: لو كنّا علی الحقّ ما قُتِلنا. وفيهم قال سبحانه: إِنَّ اللَهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ. ومن الطبيعيّ أنّ الكلام يحوم حول المؤمنين من الصحابة إذ كانوا فريقين، ولاعلاقة له بالمنافقين، لانّ الله تبارك وتعإلی يبيّن حالة المنافقين كعبد الله بن أُبيّ وزمرته في آيات أُخري مستقلّة ستأتي. [50] واعترف عمر نفسه أ نّه فرّ يوم أُحُد. قال ابن أبي الحديد: [51] واحتجّ من روي أنّ عمر فرّ يوم أُحُد بما روي أ نّه جاءته في أيّام خلافته امرأة تطلب بُرداً من برود كانت بين يديه، وجاءت معها بنت لعمر تطلب بُرداً أيضاً، فأعطي المرأة وردّ ابنته، فقيل له في ذلك، فقال: إنّ أبا هذه ثبت يوم أُحُد، وأبا هذه فرّ يوم أُحُد ولم يثبت. [52] ارجاعات [1] ـ المعمّ: من كرم أعمامه، وكذلك المخول. والمراد هنا أنّ أعمام أمير المؤمنين عليه السلام وأخواله كلّهم كرماء النفوس ذوو مجد واعتبار وشأن. [2] ـ «الإرشاد» للشيخ المفيد ص 49، الطبعة الحجريّة. ونقل ابن هشام الابيات الثلاثة الاُولي في سيرته، ج 3، ص 655. وذكر مكان أَسْفَلَ أَسْفَلاَ: أَخْوَلَ أَخْوَلاَ. وقال ابن الاثير الجَزَريّ في «الكامل» ج 2، ص 157 و 158، طبعة بيروت: وقاتل رسول الله صلّيالله عليه وآله وسلّم يوم أُحُد قتالاً شديداً، فرمي بالنبل حتّي فني نبله، وانكسرت سِيَةَ قَوسه وانقطع وتره. ولمّا جُرح رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم جعل عليّ ] عليه السلام [ ينقل له الماء في درقته من المهراس ويغسله، فلم ينقطع الدم. فأتت فاطمة وجعلت تعانقه وتبكي، وأحرقت حصيراً وجعلت علي الجرح من رماده، فانقطع الدم. [3] ـ «المناقب» ج 2، ص 82، طبعة قم ؛ وفي «روضة الصفا» ذُكرت أسماء بعض المقتولين بيده عليه السلام ؛ والواقديّ في «المغازي» ج 1، ص 307 و 308، مقتل طلحةبن أبي طلحة، وأرطاة بن شرحبيل، وأبي الحكم بن الاخنس بن شريق، وأُميّة بن أبي حذيفة ابن المغيرة بِيَدِ سيّد الشجعان عليّ بن أبي طالب عليه السلام. [4] ـ قال الواقديّ في «المغازي» ج 1، ص 260: وكان كعب بن مالك يقول: أصابني الجراح يوم أُحُد. فلمّا رأيت مَثْلَ المشركين بقتلي المسلمين أشدّ المثل وأقبحه، قمتُ فتجاوزت عن القتلي حتّي تنجّيت، فإنّي لفي موضعي، إذ أقبل خالد بن الاعلم العُقيليّ جامع اللامَة يحوز المسلمين يقول: استوسقوا كما يُستوسق جُربُ الغَنَم مدجّجاً في الحديد يصيح: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ! لاَ تَقْتُلُوا مُحَمَّداً ائْسِرُوهُ أَسِيراً حَتَّي نُعَرِّفُهُ بِمَا صَنَعَ. ويصمد له قُزمان، فيضربه بالسيف ضربة علي عاتقه رأيت منها سَحْرَه. [5] ـ تسمّي الاسنان الاربع الاماميّة: ثنايا. وهما اثنتان في الفكّ العلويّ واثنتان في الفكّ السفليّ. وتسمّي الاسنان الاربع المتّصلة بها: أنياب. اثنتان في الاعلي واثنتان في الاسفل، وتسمّي الاسنان الاربع المتّصلة بها: رُباعيّات. اثنتان في أعلي الفم واثنتان في أسفله. [6] ـ قال العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين العامليّ في كتاب «النصّ والاجتهاد» ص 254، الطبعة الثانية: حين رأي خالد بن الوليد قلّة من بقي من الرماة ] من أصحاب النبيّ [، حمل عليهم فقتلهم. وشدّ بمن معه علي أصحاب رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم من خلفهم. وتبادر المنهزمون من المشركين حينئذٍ بنشاط مستأنف لقتال المسلمين حتّي هزموهم بعد أن قتلوا سبعين من أبطالهم فيهم أسد الله و ] أسد [ رسوله حمزةبن عبدالمطّلب. وقاتل رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم يومئذٍ قتالاً شديداً. فرمي بالنبل حتّي فني نبله، وانكسرت سية قوسه، وانقطع وتره، وأُصيب بجرح في وجنته، وآخر في جبهته، وكُسرت رباعيّته السفلي، وشقّت ـبأبي هو وأُمّيـ شفته، وعلاه ابن قمئة بالسيف. [7] ـ وَجْنَة، وِجْنَة، وُجْنَة، وَجَنَة، وَجِنَة، أَجَنَة، إجَنَة، أُجْنَة: ما ارتفع من الخدّين. [8] ـ جَحَشَ الجِلْدَ: قَشَرَهُ وَخَدَشَهُ. [9] ـ قال الطبرسيّ في «إعلام الوري»، ص 92: وقيل له في غزوة أُحد: ألا تدعو عليهم؟! قال: اللَهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. ورمي رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم ابن قميئة بقذّافة فأصاب كفّه حتّي ندر السيف من يده وقال: خُذها مِنِّي وَأَنَا ابنُ قميئة، فقال رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم: أَذلّك الله وأقمأك. وضربه عتبة بن أبي وقّاص بالسيف حتّي أدمي فاه، ورماه عبد الله بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه. [10] ـ «المغازي» ج 1، ص 243 و 244. [11] ـ «المغازي» ج 1، ص 247. [12] ـ الآية 153، من السورة 3: آل عمران. [13] ـ الآية 144، من السورة 3: آل عمران. [14] ـ حكي آية الله السيّد شرف الدين العامليّ في كتاب «النصّ والاجتهاد» ص 254، الطبعة الثانية، عن «الكامل» لابن الاثير (أنّ الناس لمّا جعلوا يقولون: قُتِل محمّد، قُتِل محمّد، فأوغل المسـلمون في الهرب علي غير رشـد). وكان أوّل من عرف رسـولالله صلّيالله عليه وآله وسلّم كعب بن مالـك، فنادي بأعلي صوته: يا معشـر المسـلمين! أبشروا، هذا رسولالله حيّ لم يُقْتَل. فأشار إليه ] رسول الله [ أن أنصت. (مخافة أن يسمع العدوّ فيهجم عليه). وقال في ص 255: بعد غلبة الكفّار واستشهاد حمزة والتمثيل به، أشرف أبوسفيان علي المسلمين فقال: أفي القوم محمّد ؟ ثلاثاً. فقال رسولالله: لا تُجيبوه! فقال أبوسفيان: أُنشدك الله يا عمر أقتلنا محمّداً ؟ قال عمر: اللهمّ لا وإنّه ليسمع كلامك ! نري هنا أنّ عمر خالف رسول الله بصراحة، وقد أعلن للعدوّ أ نّه حيّ في وقت كانت حياته صلّيالله عليه وآله في خطر. [15] ـ قال في «صحاح اللغة» ص 2363: الاُرْوِيَّة: الاُنْثَي مِنَ الوُعُولِ. [16] ـ الآية 145، من السورة 3: آل عمران. [17] ـ الآية 144، من السورة 3: آل عمران [18] ـ وقال الطبريّ في تاريخه، ج 2، ص 521، الطبعة الثانية: لمّا أشرف أبوسفيان علي رسولالله والمسلمين وهو يهمّ بهم، قال رسول الله صلّي الله عليه وآله: ليس لهم أن يعلونا. اللهمّ إن تقتل هذه العصابة لا تُعبَد. ثمّ ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتّي أنزلوهم. [19] ـ «المغازي» للواقديّ، ج 1، ص 295. [20] ـ قال في التعليقة: في ح: «عمر وعثمان». وذكر البلاذريّ، عن الواقديّ، عثمان ولميذكر عمر. («أنساب الاشراف» ج 1، ص 326 ). [21] ـ مَلَل موضع في طريق مكّة بين الحرمين. قال ابن السكّيت: هومنزل علي طريق المدينة إلي مكّة عن ثمانية وعشرين ميلاً من المدينة. («معجم البلدان» ج 8، ص 153 ). [22] ـ الشُّقْرَة موضع بطريق فَيد بين جبال حمر علي نحو ثمانية عشر ميلاً من النخيل وعلي يوم من بئر السائب، ويومين من المدينة («وفاء الوفا» ج 2، ص 330 ). [23] ـ «المغازي» للواقديّ، ج 1، ص 277 و 278. [24] ـ «المغازي» للواقديّ، ج 1، ص 238. [25] ـ قال ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» ج 15، ص 23، طبعة دار إحياء الكتب: حضرتُ عند محمّد بن معد العلويّ الموسويّ الفقيه علي رأي الشيعة الإماميّة رحمهالله في داره بدرب الدواب ببغداد في سنة ثمان وستمائة وقاري يقرأ عنده «مغازي الواقديّ» فقرأ: حدّثنا الواقديّ. وتلا هذا الحديث. فأشار ابن معد إليّ أن أسمع ! فقلتُ: وما في هذا ؟ قال: هذه كناية عنهما. فقلتُ: ويجوز ألاّ يكون عنهما، لعلّه عن غيرهما. قال: ليس في الصحابة من يحتشم ويُستحيا من ذكره بالفرار وما شابهه من العيب، فيضطرّ القائل إلي الكناية إلاّ هما. قلتُ له: هذا وهم فقال: دعنا من جدلك ومنعك. ثمّ حلف أ نّه ما عني الواقديّ غيرهما وأ نّه لوكان غيرهما، لذكره صريحاً وبان في وجهه التنكّر من مخالفتي له. [26] ـ «المغازيّ» للواقديّ، ج 1، ص 237. وروي الطبريّفي تأريخه، ج 2، ص 519، و 520، الطبعة الثانية، بسنده عن السُّدِّيّ قال: أتي ابن قمـيئة الحارثـيّ أحـد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة فرمي رسولالله صلّيالله عليه وآله وسلّم بحجر فكسر أنفه ورباعيّته، وشجّه في وجهه فأثقله وتفرّق عنه أصحابه. ودخل بعضهم المدينة وانطلق بعضهم فوق الجبل إلي الصخرة فقاموا عليها. وجعل رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم يدعو الناس: إليّ عباد الله، إليّ عباد الله. فاجتمع إليه ثلاثون رجلاً فجعلوا يسيرون بين يديه. فلميقف أحد إلاّ طلحة وسهلبن حنيف. [27] ـ عمربن الخطّاب ابن عمّة خالد بن الوليد. (السيرة الحلبيّة ج 3، ص 220 ؛ و«تاريخ أبو الفداء» ج 7، ص 115 ). [28] ـ «المغازي» للواقديّ، ج 1، ص 237. ذكر الشيخ الطبرسيّ في «إعلام الوري» ص 90، ما نصّه: فخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد فانتهي إلي عبد الله بن جبير فقتله. ثمّ أتي الناس من أدبارهم، ووضـع في المسـلمين السـلاح فانهزموا. وصاح إبليـس لعنهالله: قُتِلَ مُحَمَّدُ. ورسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم يدعوهم في أُخراهم: أَيُّهَا النَّاسُ ! أَنَا رَسُولُ اللَهِ وَإنَّ اللَهَ قَدْ وَعَدَنِي النَّصْرَ فَإلَيَّ، أَيْنَ الفَرَار ؟ فيسمعون الصوت ولايلوون علي شيء. وذهبت صيحة إبليس حتّي دخلت بيوت المدينة. فصاحت فاطمة عليها السلام ولم تبق هاشميّة ولا قرشيّة إلاّ وضعت يدها علي رأسها وخرجت فاطمة تصرخ. [29] ـ «تاريخ الاُمم والملوك» للطبريّ، ج 2، ص 517، الطبعة الثانية، دار المعارف بمصر؛ ونقلها أبو الفداء أيضاً في تاريخه ؛ وكذلك أوردها ابن كثير الدمشقيّ في «البداية والنهاية» ج 4، ص 34. [30] ـ ذكرها ابن الاثير أيضاً في «الكامل» ج 2، ص 156 و 157. وجاء في كتاب «النصّ والاجتهاد» ص 248، الطبعة الثانية: أنّ أنس بن النضر سمع نفراً من الفارّين ـوفيهم عمر وطلحةـ يقولون لمّا سمعوا أنّ النبيّ صـلّي الله عليه وآله وسـلّم قُتِل: ليت لنا من يأتي عبداللهبن أُبـيّ بن سـلّول ليأخذ لنا أماناً من أبي سـفيان قبل أن يقتلـونا. فقال لهم أنـس: ياقوم! إن كان... إلي آخره. [31] ـ «تاريخ الطبريّ» ج 2، ص 520، الطبعة الثانية. [32] ـ قال الواقديّ في «المغازي» ج 1، ص 280: وقالوا: أتينا عمر بن الخطّاب في رهط من المسلمين قعوداً، ومرّ بهم أنس بن النضر بن ضمضم عمّ أنس بن مالك فقال: ما يقعدكم؟ قالوا: قُتل رسول الله. قال: فما تصنعون بالحياة بعده ؟! قوموا فموتوا علي ما مات عليه. ثمّ جالَد بسيفه حتّي قُتل. فقال عمر بن الخطّاب: إنّي لارجو أن يبعثه الله أُمّة وحده يوم القيامة. ووجد به سبعون ضربة في وجهه. ما عرف حتّي عرفتْ أُخته حُسن بنانه أوحُسن ثناياه. وذكر ابن الاثير قصّته في «الكامل» ج 2، ص 156. [33] ـ «تاريخ الطبريّ» ج 2، ص 522، الطبعة الثانية. وجاء في الجزء الاوّل من «السيرة الحلبيّة»، ص 240 أيضاً: ومن المنهزمين عثمان بن عفّان، والوليد بن عقبة، وخارجةبن زيد، ورفاعة بن المعلّي، أَقَامُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رَجَعُوا إلَي رَسُولِ اللَهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَهِ: ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضَةً. [34] ـ أورد ابن الاثير الجزريّ قصّة معاوية بن المغيرة مفصّلاً في «كامل التواريخ» ج 2، ص 165، طبعة بيروت. ونصّ علي أ نّه هو الذي جدع أنف حمزة ومثّل به. [35] ـ ـ الصحيح رقيّة. ذلك أنّ عثمان تزوّج أُمّ كلثوم بعد وفاة رقيّة. وكانت وفاتها في سنة 9 ه. ونقل المؤرّخون، وكذلك نصّ عليه المجلسيّ في «بحار الانوار» ج 6، ص 707 و 708، طبعة الكمبانيّ، أنّ رقيّة تزوّجها عتبة، وأُمّ كلثوم تزوّجها عتيق ـوهما ابنا أبي لهبـ قبل الإسلام. ثمّ طلّقاهما قبل زفافها بأمر أبي لهب. فتزوّج عثمان رقيّة بالمدينة وولدت له عبدالله صبيّاً لميجاوز ستّ سنين، وكان ديكٌ نَقَرَهُ علي عينه فمات. وتزوّج بعدها أُمّ كلثوم. وماتت في السنة التاسعة من الهجرة. [36] ـ جاء في نهاية ابن الاثير، ج 1، ص 258: الحمارة ثلاثة أعواد يشدّ بعض أطرافها إلي بعض ويخالَف بين أرجلها وتعلّق عليها الإداوة ليبرد الماء. [37] ـ قال في «شرح المواهب اللدنّيّة» ج 2، ص 70: حمراء الاسد علي ثمانية أميال ـ قيل عشرةـ من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة. [38] ـ «المغازي» للواقديّ»، ج 1، ص 333 و 334. [39] ـ «شرح نهج البلاغة» ج 15، ص 46 و 47، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة. [40] ـ المراد عثمان. وجاء في الرواية: عمّه المغيرة. ولعلّها من إسقاط النسّاخ، ونحن ذكرنا في النصّ أعلاه: ابن عمّه معاوية بن المغيرة. [41] ـ روي المجلسيّ رضي الله عنه في «بحار الانوار» ج 6، ص 516 عن الكازرونيّ في «المنتقي»، عن ربيعة بن الحارث في غزوة حمراء الاسد قال: وظفر رسول الله صلّيالله عليه وآله في طريقه بمعاوية بن المغيرة بن أبي العاص وبأبي غِرَّة الجمحيّ. وكان أبو غِرَّة أُسر يوم بدر فأطلقه النبيّ صلّي الله عليه وآله لا نّه شكي إليه فقراً وكثرة العيال، فأخذ رسولالله صلّيالله عليه وآله عليه العهود أن لا يقاتله ولا يعين علي قتاله. فخرج معهم يوم أُحد وحرّض علي المسلمين. فلمّا أُتي به رسول الله قال: يَا مُحَمَّد ! امْنُنْ عَلَيَّ. قال: المُؤمِنُ لاَيُلْدَغُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ. وأمر به فقتله. وأمّا معاوية وهو الذي جدع أنف حمزة ومثّل به مع من مثّل به، وكان قد أخطأ الطريق ] في رجوعه إلي مكّة [، فلمّا أصبح أتي دار عثمانبن عفّان. فلمّا رآه، قال له عثمان: أَهْلَكْتَنِي وَأَهْلَكْتَ نَفْسَكَ. فقال: أنت أقربهم منّي رحماً وقد جئتك لتجيرني. فأدخله عثمان داره وصَيّره في ناحية منها. وعرض المجلسيّ هذا الموضوع عن الكازرونيّ مفصّلاً بالصورة التي نقلناها عن الواقديّ. وقال في آخره: وروي هذا الخبر ابن أبي الحديد أيضاً وأكثر اللفظ له. ثمّ قال: ويقال: إنّه أُدرك علي ثمانية أميال مـن المدينة. فلـم يـزل زيد وعمّار يرميـانه بالنبـل حتّـي مات. وهـذا كان جـدّ عبدالملك ابنمروان لاُمّهـ انتهي كلام الكازرونيّ. قال المجلسيّ: هذه القصّة كانت سبب قتل عثمان ابنة رسول الله صلّي الله عليه وآله، كما سيأتي شرحه إن شاء الله في مثالبه، وباب أحوال أولاد رسول الله صلّي الله عليه وآلهـ انتهي كلام المجلسيّ. وأنا أقول: لم تقتصر جرائم عثمان علي إيوائه معاوية. قال المسعوديّ في «التنبيه والإشراف» ص 232 و 233: وأمر رسول الله صلّي الله عليه وآله ] في فتح مكّة [ بقتل ابن الاخطل، وعبداللهبن سعد بن أبي سَرْح، ومِقْيَس بن حبابة. وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخا عثمان لاُمّه وأحد كتّاب الوحي فارتدّ مشركاً ولحق بمكّة. فلمّا أمر النبيّ صلّيالله عليه وآله وسلّم بقتله أخفاه عثمان ثمّ أتي به النبيّ صلّي الله عليه وآله سائلاً فيه. فصمت النبيّ صلّيالله عليه وآله وسلّم طويلاً ثمّ قال: نعم ! فلمّا انصرف به عثمان قال رسولالله صلّيالله عليه وآله وسلّم لمن حضره من أصحابه: أمَا والله لقد صمتُّ ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الانصار: فهلاّ أومأتَ يا رسول الله ؟ فقال: إنَّ النَّبِيَّ لايَقْتُلُ بِالإشَارَةِ. ويمكن أن نفهم من هذا الحديث أيضاً حرمة الاغتيال في الإسلام. وعبداللهبن سعدبن أبي سرح هذا هو الذي عزّزه عثمان وكرّمه أيّام حكومته الغاصبة ثمّ ولاّه علي مصر. [42] ـ ذكر المرحوم المجلسيّ هذا الحديث في «بحار الانوار» ج 6، ص 709 و 710، طبعة الكمبانيّ، في باب أحوال أولاد النبيّ الاكرم صلّي الله عليه وآله، نقلاً عن الكلينيّ. وكذلك أورد في الكتاب نفسه وفي هذا الموضع، وأيضاً في ج 8، ص 215، باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم، رواية قريبة من هذا المضمون عن «الخرائج والجرائح» للراونديّ. [43] ـ جاء في «أسد الغابة» عند ترجمة أبي طلحة،ج 6، ص 181، رقم 6029: هو زيد ابن سهيلبن الاسود بن حرام الانصاريّ الخزرجيّ. شهد بدراً وله يوم أُحد مقام مشهود وكان يقي رسول الله صلّي الله عليه وآله بنفسه، ويرمي بين يديه ويتطاول بصدره ليقي رسولالله ويقول: نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ وَنَفْسِي دُونَ نَفْسِكَ. وكان رسول الله يقول: صوت أبي طلحة في الجيش خير من مائة رجل. آخي رسول الله بينه وبين أبي عبيدة بن الجرّاح وشهد المشـاهد كلّها مع رسـول الله صلّي الله عليه وآله. وكان زوج أُمّ سـليم أُمّ أنـسبن مالك. [44] ـ «الغدير» ج 3، ص 24. [45] ـ انظر «المغازي» للواقديّ، ص 278 و 279. وذكر ابن أبي الحديد هذه الروايات الثلاث في «شرح نهج البلاغة» ج 15، ص 21 و 22، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة. وقال ابن الاثير الجزريّ في «الكامل» ج 2، ص 158، طبعة بيروت: وانتهت الهزيمة بجماعة المسلمين، فيهم عثمان بن عفّان وغيره إلي الاعوص. فأقاموا به ثلاثاً ثمّ أتوا النبيّ صلّيالله عليه وآله فقال لهم حين رآهم: لَقَدْ ذَهَبْتُمْ فِيهَا عَرِيضَةً. [46] ـ الآيتان 15 و 16، من السورة 8: الانفال. لا تقتصر خيانات عثمان وجناياته علي الفرار من الزحف، وإيواء معاويةبن المغيرة الذي مثّل بحمزة. وقتل السيّدة رقيّة بالضرب. فمن جناياته الاُخري إيواؤه (خفيةً) أخاه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح وجلبه إلي المدينة. قال الطبريّ وابن الاثير في تاريخهما في باب خلافة عثمان: لمّا زادت المعارضات علي عثمان بن عفّان، وأنكر عليه الناس كثيراً من أُموره، استشار مروان بن الحكم، ومعاوية. فأشارا عليه بإنفاذ عسكر لفتح إفريقية حتّي ينشغل الناس به، ولا يجدوا مجالاً للكلام فيه، فَلاَ يَكُونُ هِمَّةُ أَحَدِهِمْ إلاَّ دُبَرة خَيْلِهِ وَالقُمَّلُ يَجْرِي عَلَي ظَهْرِهِ. وكذلك ذكر الطبريّ، وابن الاثير، وصاحب «الاستيعاب» في ترجمة عبد الله بن سعد بن أبي سرح أنّ عثمان سرّح جيشاً إلي إفريقية وعليهم عبداللهبن سعدبن أبي سرح.ولمّا فتح عبدالله إفريقية،دفعإليه عثمان خراجها كلّه لميُشرك معه أحداً. وعبد الله هذا هو الذي ارتدّ وكفر بعد إسلامه فهد رسولالله صلّيالله عليه وآله دمه. ولمّا سار رسول الله إلي فتح مكّة، أوصي صحابته بقتله حيث وجدوه حتّي لو كان متعلّقاً بأستار الكعبة. لكنّ عثمان أخفاه في مكّة. ولمّا تمّ فتح مكّة، أتي به عثمان إلي رسولالله مستشفعاً. فلم يقل رسول الله شيئاً، وانتظر حتّي يقوم أحد أصحابه فيقتله. فقال عمر: هلاّ أومأت يا رسول الله بقتله ؟! فقال: نَحْنُ مَعَاشِرَ الاَنْبِيَاءِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لَنَا خَائِنَةُ الاَعْيُنِ. [48] ـ من الآية 152 إلي قسم من الآية 154، من السورة 3: آل عمران. [49] ـ قسم من الآية 154 والآية 155، من السورة 3: آل عمران. [50] ـ استهدينا في هذا الموضوع بكتاب «الميزان في تفسير القرآن» ج 4، ص 43 إلي 54. وقد عرضناه ملخّصاً. [51] ـ نقل ابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» ج 11، ص 100، طبعة دار إحياء الكتب العربيّة، رواية عن فضيل بن عياض في عمر، قال فيها: أعطي رجلاً عطاءه أربعة آلاف درهم ثمّ زاده ألفاً. فقيل له: ألا تزيد ابنك عبد الله كما تزيد هذا ؟ قال: إنّ هذا ثبت أبوه يوم أُحُد، وإنّ عبد الله فرّ أبوه ولم يثبت. [52] ـ ومن الادلّة علي فرار عمر وعثمان التشيّع الذي نسبه البعض إلي الواقديّ لا نّه لميجعلهما في مكانتهما المعهودة كما جاء في كثير من مواضع كتابه، ومن ذلك أ نّه سمّي في كتابه عثمان وعمر، أو عمر، أو عثمان، وعدّهما من الفارّين في غزوة أُحُد. قال الدكتور مارسدن جونس في ص 18 من مقدّمته علي كتاب «المغازي» للواقديّ: مثلاً في المخطوطة التي اتّخذناها أصلاً لهذه النشرة، نري قائمة بمن فرّ عن النبيّ يوم أُحُد، تبدأ بهذه الكلمات: وكان ممّن ولّي فلان، والحارث بن حاطـب، وثعلبة بن حاطـب، وسواد بن غزية، وسعد ابنعثمان، وعقبة بن عثمان، وخارجة بن عامر، بلغ ملل، وأوس بن قيظي في نفر من بني حارثة، بينما نري النصّ عند ابن أبي الحديد عمر وعثمان بدلاً من فلان. ويروي البلاذريّ عن الواقديّ عثمان، ولا يذكـر عمر. ويظهر بوضـوح أنّ النصّ في المخطـوطة الاُمّ كان يذكر عثمان وعمر، أو عمر وحده، أو عثمان وحده ممّن ولّوا الادبار يوم أُحد. ولكنّ الناسخ لميقبل هذا في حقّ عمر أو عثمان، فأُبدل اسميهما أو اسم أحدهما بقوله: فلان. ولاشكّ أنّ نصّ الواقديّ الاصليّ وقع في أيدي طائفة من الشيعة وقرؤوا فيه هذه الاخبار التي أوردها في حقّ عمر وعثمان مثلاً، فاعتقدوا أ نّه شيعيّ قطعاً. انتهي موضع الحاجة من كلام الدكتور مارسدن جونس. وقال الواقديّ في مغازيه، ج 1، ص 271: حدّثنا يعقوب بن محمّد، عن موسيبن ضمرةبن سعيد، عن أبيه، قال: أُتِيَ عمرُ بن الخطّاب بمُروط (المِرط كساء من خزّ أو كتّان)، فكان فيها مرط واسع جيّد. فقال بعضهم: إنّ هذا المِرط لثمن كذا وكذا (المرط يُشبه الدِّثار في يومنا هذا) فلو أرسلتَ به إلي زوجة عبد الله بن عمر صفيّة بنت أبي عُبَيد ـوذلك حِدثان ما دخلت علي ابن عمرـ فقال: أبعث به إلي من هو أحقّ منها، أُمّ عُمارة نُسَيبة ابنة كعب. سمعتُ رسولالله صلّي الله عليه وآله وسلّم يوم أُحُد يقول: ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً إلاّ وأنا أراها تقاتل دوني. وهذه القصّة تماثل القصّة السابقة أيضاً. |
|
|